أخر الاخبار

رواية مرسال كل حد الفصل السادس والسابع والثلاثون بقلم اية السيد


رواية مرسال كل حد 
الفصل السادس والسابع والثلاثون
بقلم اية السيد




الكل بص باستغراب وابتسموا كتفسيرًا للي حصل، ابتسم حد بيقول لجواهر: ليه قولتها بالسرعة دي كنت عايزها تتعصب أكتر... بصت مرسال يمين وشمال علشان ترميه بحاجة بس مقلتيش بصتله بنرفزة بتقول: انت مزعج اصلا
ابتسم بيناغشها: اصلا اصلا يعني أنا عارف
كشرت في وشه ومتكلمتيش وقعدت جمب باباها، ابتسم وبص لجواهر بيقول: انا حقيقي مش مصدق اني شوفتك بعد السنين دي كلها
"ولا انا كمان حقيقي.. دورت عليك كتير بعد ما سبت البيت بس معرفتش روحت فين ولما حاولت اسأل جدي قالي انه معرفيش.. اربعة عشر سنة من غير ما أشوفك.. حقيقي مش مصدقة"
ابتسم حد: مش مهم كام سنة المهم إننا في الأخر اتقابلنا.
ابتسمت جواهر ومعقبتيش, حس محمد إنهم محتاجين يقعدوا مع بعض أكتر علشان يتكلموا بكل أريحة فاستئاذن إنه يقوم هو وباقي العيلة وكلهم قاموا إلا مرسال أصرت علي الجلوس ومرضتيش تقوم, وطبعا استسلاما لعنادها محمد مكنش قدامه غير إنه يسبها , ابتسملها حد بيقول: ايه العبرة من جلوسك؟ محرم أنت كدا مثلا؟
"أنت عايزني أقوم بقى؟"
"الحقيقة كلك نظر"
بصتله متجهمة ومردتيش فتابع بيضحك: مرسال أنت شاكة إن جواهر أختي أصلا علشان كدا قاعدة معنا
"اه ..لا.. لا اه ..انت مضايق ليه من وجودي أصلا؟"
"لا أنا مش مضايق من وجودك أنا بضحك علي تصرفاتك مش أكتر."
"قصدك أني مهزأة يعني؟"
" ابتسمت جواهر بتقول: هرمونات قمر؟
ضحك حد بيقولها: بالملي.. بس الى عند مرسال متطورة شوية
ردت مرسال على انزعاج: انت كمان بتتنمر علي؟
ضحك حد وحاول يغير الموضوع وقال:تعرفي إني وجواهر نعتبر توأم لأن ماما جواهر وأمي ولدوا في نفس اليوم..
كملت جواهر كلامه: بس للاسف ماما ماتت في نفس اليوم الي اتولدت فيه علشان كدا ماما حد اخدتني واتولت مسؤولتي ومن يومها وانا وحد بنكبر سوا مع بعض يمكن هو كان مرتبط اكتر بجده وجدته وانا كنت مرتبطة اكتر بمامته علشان كدا في اليوم الي انفصلت فيه عن باباه وبعدت عنا دخلت في حالة اكتئاب شديد بس هي كانت على تواصل معي يمكن كان كل فترة وفترة بسبب مشاغلها بس كان كفيل بالنسبالي انها بتكلمني وبصراحة حد كان ديما بيقضي معي معظم الوقت هو وقمر وجدو هاديء ويمكن ده الي قلل من الي عشته الفترة الي غابت فيها عني جميلة بس فجأة جه جدي ودمر كل حاجة انا حقيقي مش مسامحاه عن الي عمله فيه ولا في جده هادي بس انا قررت أصلح الي عمله..
بصتلها مرسال باستغراب: جدك؟ ليه هو انت حفيدة مين؟
اتنهدت: للأسف توفيق
قالت مرسال في صدمة وهي بتبص لحد: توفيق توفيق نفسه؟
هز حد راسه انه ايوة وبعدين بص لجواهر بيقول: مش لازم اننا نتكلم في الي فات يا جواهر ثم المهم ان انتي هنا والمهم اني قابلتك
"لا يا حد مهم اننا نتكلم.. جدي مش بس بعدني عنكم ١٤ سنة هو كمان سلبكم الحياة لمدة ١٤ سنة.."
" وليه نتكلم في حاجة انت مالكش ذنب فيها؟ "
" ذنبي اني سكت ومعملتش حاجة علشان كدا جه الوقت الي كان لازم أرجعلك فيه كل حاجة."
بصلها باستغراب: مش فاهم.
ابتسمت وطلعت ورق من شنطتها وهي بتقدمه لحد بتقول: الشركة والقصر بقي ملكك أنت وهادي تاني.
بصلها باستغراب: ازاي يعني؟
ردت جواهر بتقول: بنفس الطريقة الي اتاخد منكم القصر رجعلكم تاني.. جدي بقاله مدة حاسس إنه خلاص هيودع فقرر إنه يكتبلي وصيته ويكتب كل حاجة باسمي بس انا لعبت في الاوراق وخليت كل حاجة باسمك أنت وهادي وهو مضي وهو مش فاهم إنه بيمضي بتنازل عن كل حاجة لكم انتوا ال2 مش لي.. الاوراق دي معي من ست شهور, ست شهور وأنا فعلا بدأت أدور عليك بجد علشان أعرف ارجعلك حقك لحد ما ابني كان بيتفرج امبارح على حلقة رماح لأنه مهوس به رغم إنه ست سنين لسه بس ديما بيتايعه وانا مش عارفة ليه قعدت معه وكأني كنت حاسة لحد ما فجأة لقيت مرسال بتقول اسمك والي كنت واثقة إنه في العالم كله مفيش حد اسمه حد غريب والي أكدلي أكتر خاتم قمر."
مرسال لاحظت على حد الانزعاج, اخد حد الورق من جواهر وهو بيقول: ليه كدا يا جواهر؟
"ليه ايه يا حد ده حقك."
"ده مش حقي يا جواهر ده اسمه نصب ولو قبلت به أبقي أنا كمان قررت أشاركك في الجريمة دي.. قال الكلمات الاخيرة ومسك الورق وقطعه وهو بيقول: أنا يمكن بحقد على توفيق بسبب الي عمله بس عمري ما هفكر ارجع حقي بالطريقة الي سلب فيها حقوقنا وإلا ايه الفرق بيني وبينه بصي يا جوهر أنا مقدر نيتك وحبك لي ولجدي بس أنا وجدي خلاص نسنا أمر القصر والشركة أنا حقيقي مش عاوز اي حاجة وأظن جدي عنده نفس الرغبة بردو، احنا سامحنا توفيق من زمان يا جواهر واتنازلنا عن كل املاكنا من زمان علشان كدا عمري ما فكرت أرجعها."
بصتله جواهر بانفعال: حد انت مجنون؟ أنت عارف أنت بتتخلي عن ايه؟ انت بتتخلي عن حقك وعن حق جدك والي هيعشكم الباقي من حياتكم في نعيم تعويضًا عن كل الجحيم الي مرتوا به."
ابتسم حد ابتسامة هادية وقال: يمكن مش هتصدقيني بس أنا ممتن لتوفيق وممتن للجحيم ده وعمر الفلوس ما هتعشني في النعيم الحقيقي الي بعيشه أنا دلوقتي."
"لا مش فاهماك ازاي يعني؟"
"لوما إن توفيق سلب مننا القصر وشغلني عنده عمري ما كنت هقابل أستاذ أحمد الي فتحلنا بيته كأنه بيتنا بالظبط وأسرته الي كانت لينا أسرة حقيقية وعمري ما كنت هخرج للحياة وأواجهها بقسوتها علشان تضيف لي زي ما الكتب بتضفلي والأحسن من الكل الي فات ده إني عمري ما كنت هلاقي توأم روحي.. ابتسم وبص لمرسال: هي مجنونة شوية شويتين خمسة , بس هي النعيم الحقيقي الي حاسس إن ربنا عوضني به بعد كل السنين دي.. أنا مش محتاج القصر خلاص وبعدين هو في الاخر هيكون لمين هيكون لأختي في النهاية والي يهمني إنك تعيشي إنتي كمان مرتاحة ولو عايزاني فعلا أكون مبسوط عيشي مع جدك أيامه الاخيرة بدون خداع هو أه خدعني أنا وجدي بس هو عمره ما كان مخادع في حبه لك يا جواهر مينفعش تأذي انسان مأذيكيش وخصوصا لو كان بيحبك.
قامت جواهر من مكانها منفعلة: انت ازاي كدا؟ دي مثالية أوفر ولا برود ولا تناحة ولا انت ايه بالظبط بالسرعة دي لحقت تنسي هو عمل فيك ايه.
"محدش فينا بينسي الالم، إحنا بنسامح مش علشان نسينا احنا بنسامح علشان نقدر نعيش, شيء سيءأوي إنك تفضل طول حياتك عايش بحمل فوق كتافك وانت بتكره حد.. وافتكري ديما ان فيه ربنا مش بينسى وتوفيق حسابه بقي على ربنا، مش احنا الي هنحاسبه علشان كدا اياكي تحط نفسك قاضي وتحللي لنفسك الخديعة بحجة انك كدا بتجيب حق حد وبتعاقبي شخص ما علي جريمته، انت كدا انت كمان ارتكبتي نفس الجريمة...
اتعصبت جواهر بتقول: انت اكيد مجنون ماهو الي انت بتقوله ده مالوش اي تفسير تاني غير انك مجنون، وبصراحة انا معنديش قدرة اتحمل فيها جنانك ده انا همشي.. قالت جملتها الاخيرة واخدت شنطتها ومشيت، ثبت حد في مكانه متحركش بدون ما يبص عليها بصتله مرسال باستغراب: انت مش هتروح وراها؟!
"سبيها علي راحتها لحد ما تهدى".
"ليه؟!"
"لانها مش هتسمع من حد وهي متعصبة.. انا حاسس بمشاعرها ونيتها فانها تساعدني بس هي لازم تفهم ان الي بتعمله ده غلط.. ولما تهدا وتروق مع نفسها هتدرك معني الي بقوله."
بصتله مرسال باستفهام: هو انت مش مدرك ان كمان الي بتقوله صح اصل الي انت بتقوله ده ياما مثالية اوفر مش موجودة ياما كلام واحد مجنون بعيدا عن القصر والشركة انت ناسي تعذيب توفيق لك ناسي كل الاهانات والذل الي ذولهك ناسي قهرة جدك..
"هترجعيني لنفس الاجابة الي جوابتها لجوهر محدش بينسي الالم بس قولي كدا ايه الي هستفيده من الانتقام من واحد عدى ال90 وداخل يمكن علي المية سنة.. لا والادهى مين الي بيخدعه حفيدته مرسال انت متتصوريش توفيق بيحب جوهر ازاي، توفيق كان متعمد يجبني بليل علشان جوهر متشوفنيش لانه كان عارف انا ايه بالنسبالها وكونها تشوفني كدا كان هيخلق بينهم خصام للابد علشان كدا كان حريص كل الحرص انها متعرفيش حاجة..يمكن انا مش عارف هي عرفت ازاي بس الي واثق منه ان توفيق لو عرف بالي جوهر عملته ممكن يروح فيها...
قاطعته مرسال علي مضض : وهو انت مش عايزه يروح فيها ؟!
"مش الفكرة لان كلنا هنموت بس موت عن موت يفرق بس تخيلي كدا اني اموت بقهرتي بسبب انك خدعتني مثلا موتي موت عادي ولا اني اكتشف خديعتك؟!
"ماهو كمان خدعك انت وهادي وكان متعمد ده؟!
"ومن منا بلا خطيئة يا مرسال، كوني شخص مخطئ واجرمت في حق ناس معينة ده مش بيسلب مني مشاعري والي ممكن تكون نقطة ضعفي يعني انا ممكن اتحمل اي عقاب في العالم الا ان العقاب يكون خديعة منك انت كذلك توفيق مستحيل يتحمل خديعة جوهر ولما توفيق يموت جوهر هتعيش الباقي من حياتها في تعاسة وهي مفكرة انها الي قتلت توفيق فليه من الاول كل ده واخليها تعيش الالم ده
سألته مرسال: هو انت بجد مش عايز ترجع تاني لحياتك القديمة والترف الي كنت عايش فيه؟!
"لا.. وعمري ما فكرت"
"ليه"
"مش عارف بس يمكن لاني كنت حاسس بالاكتفاء ..يعني هحتاج ايه اكتر من كون جدي معي وعايش في وسط كتبي وبشتغل لقوت يومي وبصراحة بالنسبالي الحياة دي كانت كافية، عمري ما فكرت اجمع ثروة يمكن الحاجة الي كنت بجمع ليها هو علاج جدي مش اكتر ."
"يعني عمر ما كان عندك طموح تجاه اي شيء؟!"
"ده قبل ما اشوفك ولا بعد؟!"
"وهي هتفرق؟! "
"في بداية معرفتي بك مكنتش تفرق اوي بس لما بقيتي شيء بالنسبالي فرقت جدا علشانك. "
"ازاي؟!"
" بقي كل طموحي في الحياة ازاي اقدر اسعدك باي شكل.. ويمكن ده السبب الي بيخلني اكرس وقت للشغل. "
ابتسمت مرسال فكمل حد كلامه: مرسال؟
اممم"
"هو انا كنت اناني لما فكرت ارفض بدون ما اراعي رغبتك او حتي افكر فإن ممكن تكون لك رغبة فانك تعيشي في القصر؟"
"وهو انت ليه بتحكم علي بأني عندي رغبة فأني اكون سيدة قصر أو أعيش فيه؟!، انا ميهمنيش مستواك المادي ولا حالتك الاجتماعية ايه انا المهم بالنسبالي الشخص الي هعيش معه هو ايه وبصراحة انا مستعدة اعيش معاك في اي مكان..حد أنت عارف اني بحبك صح؟!
بصلها باستغراب ممزوج بالسعادة: لا قولي كدا تاني علشان مش عارف
خبت وشها من الخجل بدون ما تراعي هي قالت ايه وقامت من مكانها بتقول: ماما بتنده علي سلام.. جات مرسال تمشي كانت هتقع علي وشها علشان كانت مغطيه بأيدها فسندها حد بيمسك ايدها، بعدت ايده وهي بتقول: سبني انا عارفة طريقي كويس
ابتسم حد ومعقبيش ودخل محمد في الوقت ده بيقول: هي فين الاستاذ جوهر احنا خلاص حضرنا العشا
ابتسم حد بيقول: جوهر مشيت وانا كمان استئاذنك بالمشي يا عمي
بصله محمد باستغراب: مشيت؟! ليه؟!
"يمكن الوقت أتأخر"
"طب والعشا؟!"
"في وقت تاني بعد اذنك يا عمي.. "
قال حد جملته الاخيرة ومشي عدى اليوم وجه الصبح بيإذن عن بزوغه قام حد كالعادة علشان يستعد لتوصيل مرسال بس قبل ما يروح لمرسال راح لدينا الاول الي لاقيها قاعدة في استراحة القهوة بتقرا اتقدم ناحيتها وقعد قصدها وهو بيعدل الايس كاب بيقول: بس حلو الايس كاب ده بيدفي
انتبهت له دينا ورفعت راسها، ابتسمت بتقول: صباح الخير يا حد
"اه ماهو لازم يكون خير علشان شوفتني."
ابتسمت دينا ومعقبتيش فتابع حد بيقول: دينا
بصتله منتظراه يكمل فكمل: انت ممكن متسافريش؟!
"تاني يا حد؟! يعني لسه محتفظ بانانيتك بعد ما قولتك على الي فيها؟!
"أنا فعلا أناني نوعا ما لاني عايز حاجتين في نفس الوقت بس ما علينا ده مش موضوعنا انا بس كنت عايز اقولك انه متسافريش وخليك في مصر وانا وجدي كدا كدا كنا هنسيب الاوضة دي سواء دلوقتي او بعدين
"انت قصدك انك هتسيب بيتنا؟!"
" بيتك... احنا في النهاية كنا مجرد مستأجرين زي ما قولتي. "
"حد انت عارف اني مكنتش اقصد وانت فاهم ده كويس وان..."
"قاطعها بيقول : انا فاهم كل ده وفاهم انك اكيد متقصديش بس دي حقيقة في النهاية يا دينا ومينفعيش نتجاهل.. علي اي حال هننقل انا وجدي بعد اسبوع تكون الشقة خلصت.. "
قال جملته الاخيرة ومستناش حتى ردها وقام ومشي لمرسال، ولما وصل لاقيها مستيناه هي وباباها عند باب العمارة كالعادة. وبمجرد ما شافته ابتسمت، وركبت هي وباباها، ومشي حد بالتاكسي بس فجأة بدأت مرسال تحس ان الطريق الي ماشية فيه غير طريق الجامعة، فبصت لحد باستغراب بتقول: احنا رايحين فين؟
ابتسم حد بيقول: لما نوصل هتعرفي..



الفصل السابغ الثلاثون
وقف حد بالتاكسي عند بيت لا هو بالكبير أو بالصغير ومحفوف بحديقة صغيرة, نزلت مرسال مستغربة ليه وقف هنا, ابتسم بيقول: ده بيتنا.
بصتله باستغراب: بيتنا؟!
ابتسم بيقول: كنتي ديمًا بتحكيلي, إنك بتتمني مكان معزول عن الناس بس مرتبط بالطبيعة أكتر علشان ده بيلهمك السكينة أكتر.
ابتسمت مرسال, ودخل حد للبيت وهو بيقول: بصراحة البيت كان خلاص خلص بالزيت لأني بحب الأوف وايت أو الاسود كلون مالوش صوت بس غيرته تاني وخليت كل جدران البيت بيضة بما فيهم وجهة البيت.
ابتسمت مرسال بتسأله: ليه؟
"بصراحة من كتر ما بتحكلي عن الجدران البيضة وحبك ليها وازاي بتغريك للرسم حسيتك إنك بتحبيها أكتر مني بس عمومًا خليتلك الدنيا أبيض في أبيض أهو علشان ترسمي براحتك..
نطت مرسال في مكانها من السعادة بتقول: أنت بتتكلم جد؟
"أه ." 
مرسال كانت مبسوطة جدا وانتبهت على علب الدهان ومعظم الادوات الي كانت بتحتاجها, ابتسمت مرسال ابتسامة واسعة بتقول: هو أنا ينفع أبدأ دلوقتي
ابتسم محمد بيقول: أنا كنت عامل حسابي علي كدا علشان كدا أخدت اليوم إجازة , أهي فرصتك ترسمي أربع وعشرين ساعة في الاربعة وعشرون
ابتسمت مرسال بتضم باباها: شكرًا.. شكرا شكرا كتير.
اتقدمت مرسال ناحية الحيطة واتنهدت بتبص عليها من كل الجوانب بتشوف هترسم ايه, فتحت علبة الدهان وقبل ما تحط ايدها بصت لحد بتقوله: بس أنا لما هلون البيت كله كدا مش هيبقي فيه جدان اوف وايت أو سودة لأني بحب الالوان جدا
ابتسم بيقول: مش مهم أوف وايت أو أسود أنا واثق إن البيت هيكون مبهج.
ابتسمت وبصت تاني على الحيطة وبعدين بصتله بتقوله: أكيد فيه مكتبة مش كدا؟
"دي الحاجة الوحيدة الاساسية في البيت يمكن أهم من البيت نفسه."
ضحكت مرسال بتقول: كنت واثقة.. بعدين كملت: أنا خلاص قررت أبدأ بالمكتبة.
ابتسم: ماااشي
وفجأة الفون رن, رد حد علي الفون وقبل ما يتكلم سمع صوت دينا بتقول بخوف: حد تعالي بسرعة, هادي تعبان جدا."
اتفزع حد من مكانه وسألها: ايه؟ طب أنتي فين دلوقتي؟
"أنا أخدته وفي طريقي للمستشفي دلوقتي.. هبعتلك اللوكشن علي الواتساب.. تعالي بسرعة أرجوك."
قفل حد الفون واستأذن من محمد بيقول: آسف يا عمي بس أنا مضطر أمشي دلوقتي
"فيه حاجة حصلت يا ابني؟"
"لا مفيش مشكلة بسيطة وهتتحل إن شاء الله أنا آسف بستأذنك بس."
بصتله مرسال بتسأله: هو هادي حصله حاجة؟
سكت حد وبصلها بتردد, فسأله محمد : هادي حصله حاجة فعلا؟"
اتنهد حد بيرد: مش عارف حقيقي يا عمي, دينا اتصلت بي وقالتي لي إنه تعبان وأنا رايح دلوقتي المشفي ومتقلقوش لما أوصل هطمنكم
ردت مرسال وهي بتخرج من البيت: وأنا لسه هستناك أنا هجي معك... قالت الاخيرة وركبت التاكسي, اتقدم حد ناحيتها بيقول: أنا هوصلك البيت وصدقيني لما أوصل هطمنك.
"هو أنا مقلتكيش قبل كدا إن مفيش حد أعند مني؟"
ربت محمد على كتفه بيقول: مرسال معها حق لازم نطمن عليه بنفسنا." قال محمد جملته الاخيرة وركب هو كمان, مكنش قدام حد غير إنه يستسلم لطلبهم. ركب حد وهو طول الطريق شارد بمشاعر قلق وخوف ودقات قلبه كانت سريعة على غير المعتاد للدرجة إنه كان بيلتقط أنفاسه بصعوبة, وصل المشفي ونزل من التاكسي بيسابق خطواته لحد ما شاف دينا الي كانت قاعدة قدام العناية المركزة بتعيط, اتقدم حد ناحيتها بيسألها: هادي فين؟
ردت وهي بتعيط الدكاترة نقلوه على العناية المركزة أول ما شافوه لأنه كان قاطع النفس.
"طب هو ايه الي حصله فجأة؟"
"مش عارفة بجد أنا فضلت مستينة كالعادة إنه يخرج لاستراحة القهوة قبل ما امشي على الشغل ولما لقيته ما خرجش روحت الاوضة وخبطت بس مفيش حد فتح, قلقت وفتحت الباب لقيته واقع علي الارض ومفيش نفس, طلبت من الخدم يساعدوني ونقلته في العربية واتصلت بك."
سكت حد ووقف علي باب الاوضة في صمت تام كأن الهر أكل لسانه, بعد مدة خرج الدكتور من الاوضة, انتبه له حد فسأله بلهفة: جدي عامل ايه دلوقتي؟
"للاسف.. لسه متعادش مرحلة الخطر."
الدكتور قال كلمته الاخيرة ومشي, مستناش حتى يشرح حالة المريض ايه, استمر الحال لمدة تلاتة ايام, ماتحركش فيها حد من قدام الاوضة, كان قاعد في الارض ملاصق لجدار الاوضة زي الطفل التايه الي مستني مامته تجي تاخده, محدش كان بيحاول يقرب منه لأنهم عارفين إنه في مرحلة عدم الاستعياب, ومش سامع ولا شايف حد قدامه, ولا منتبه على مين جه ومين راح وحتى لما عمار حاول يكلمه, مانتبهيش على وجوده كل الي كان بيعمله, إنه بيسمع الآذن من هنا يصلي ويجي يقعد علي الارض جمب الاوضة , مرسال كانت ديما على زيارة ليه وكانت بتمشي لحد ما الليل بيكون ليلي اضطرار علشان باباها, مكنتش عارفة تعمل ايه, هو لا بيتكلم مع حد ولا بياكل ولا بيشرب, والمشكلة إن الدكاترة مش عايزة توضح أو تفسر حالته بالظبط كأنهم مش عارفين يشخصوه, أو مش عايزين يقولوا حالته ايه بالظبط ديما كانوا بيوغوشوا بالكلام بشكل غير مفهوم, ولما دينا حسيت إن مفيش نتيجة, وإن تلات أيام عدوا وهو لسه في العناية, قررت إنها تنقله لمشفي تانية بس للأسف الدكاترة رفضوا لأن حالته الصحية لا تسمح إنه يسافر بر ولا إنه يتنقل حتى جوه البلد, دينا كانت حاسة بالعجز تجاه هادي وتجاه حد الي غاب عن الدنيا تماما في عالم تاني كأنه جسد بلا روح, عدت الايام تاني لحد ما كملت اسبوع, وحد زي ما هو في نفسه مكان, لا حاسس على حد ولا واعي مين حواليه ولا أكل ولا شرب ولونه بدأ يميل للصفرة وجسده بقي هزيل جدا, دينا من ناحية كانت بتحاول إنها تقنع المشفى بوجود دكاترة من بر بس للاسف لا قوانين المشفي بتنص على كدا ولا فيه دكاترة موافقة او مستعدة لده, ومرسال من ناحية تانية, كانت معه, بتجي اول النهار وتفضل ساكتة بتراقبه لحد ما تجي الساعة 9 بليل, هي كمان كانت حاسة بالعجز مفيش شيء تقدمه, غير وجودها وصمتها الدائم, لحد فجأة خرج الدكتور من العناية المركزة بيقول: اظن إنه بقي مستعد إننا نعمله العملية."
قام حد من مكانه بيسأله: يعني جدي هيرجع تاني؟
"في الحقيقة مقدريش أكدب واقولك اه احنا يدوب عدينا مرحلة الخطر الي تسمحلنا نعمل العميلة دلوقتي, احنا مفيش في ايدينا حل غير إننا ندعي ربنا إن العملية تنجح."
دينا كانت حاسة بإن الدوك بيحاول يخفي حاجة, بس قبل ما تتكلم انتبهت على حد بيقول للدوك بنبرة لهفة: هو أنا ينفع أشوفه؟
"في الوقت الحالي مينفعيش خالص."
"صدقني مش هعمل صوت.. أشوفه بس مرة واحدة مش أكتر."
"وجودك ممكن يرهق المريض أكتر."
"صدقني مش هتكلم خالص ومش هخليه حتى يحس على وجودي بس أرجوك أشوفه بس."
استسلامًا لتوسلات حد الدكتور أذنله بدقيقة بس, دخل حد الاوضة وهو مش مصدق إنه شاف جده, ابتسم ابتسامة كأن الروح ردت فيه, اتقدم ناحيته وهو محاط بالاجهزة الي مقيدة ايدها ومعظم جسده, جث حد على ركبته بيحط راسه عند رجله, وحط ايد جده على شعره وضمه جامد بيعيط كأنه كان خايف يسيبه يروح بلا رجعة, بس فجأة قطع عليه وجوده مع جده الدكتور وهو بيقول: الدقيقة خلصت.
 حد كان مكلبيش في جده جامد مكنش عايز يسيبه بس كان مضطر إنه يسيبه, خرج حد وانتبه على الدكتور بيقول لدينا: ممكن استئاذن حضرتك بس في كلمتين؟
استغرب حد وكان حاسس إنه أكيد مخبي حاجة عنه, راحت دينا مع الدكتور والي بدأ بالكلام بيقول: بصراحة يا أستاذة دينا أنا مردتيش أقول لاستاذ حد على حاجة لأنه مش هيستوعب الي هقوله ويمكن حالته تسوء لأنه واضح إنه مرتبط بجده جدا
"هو فيه ايه يا دكتور؟ هادي ماله؟"
"بصراحة الواضح إنه مفيش أمل في علاجه والعملية احتمال تنجح بنسبة واحد في المية وحتى لو نجحت فصعب جدا إنه يعيش مرتاح ويمكن يموت نتيجة المضاعفات بتاع العميلة, نظرا إنه تخطى حاجز المية سنة وأجهزته مبقتيش قد كدا, لو عايزة رائي ونصيحتي وفروا فلوس العملية وتكاليف المشفي لأنه كدا كدا ميت بس عموما لو مصرين علي إنكم تكملوا في إجراءات العميلة فلازم على الاقل تحطي نص المبلغ تحت الحساب والنص التاني بعد العميلة, للاسف تكاليف العميلة كبيرة في حدود مليون جنيه ده طبعا مصاريف العميلة بس خارج الادوية والاقامة والخدمة."
بدون كلام كتير قاطعته دينا بتسأل: مكان الدفع فين؟
"في الطابق التاني."
قامت دينا من مكانها بدون ولا كلمة وهي مشمئزة من جمود قلبه, فتحت الباب ولسه هتخرج, اتفأجات بحد واقف ساند علي الجدار, بصتله في دهشة بتقول: حد؟
سكت ومردتيش فكملت: هو أنت سمعت كل حاجة؟
رد في جمود من الملامح: مش محتاجة تدفعي حاجة؟
"يعني ايه؟ أنا لو مدفعتش دلوقتي هيأخروا العميلة."
"العملية مش هتتأخرأنا الي هدفع الفلوس."
"وأنت هتجيب منين نص مليون دلوقتي؟"
مردش عليها وطلع الفون اتكلم مع البنك علشان يحولوا كل رصيده للمشفي والي كمل بالعافية 300 ألف، هو مكنش متوقع اليوم ده يجي بالسرعة دي بس هو من زمان جدا كان مخصص جزء من مرتبه لعلاج جده في اي يوم من الايام لو حصله حاجة, نزل حد من غرفة الحساب بعد ما اتاكد إن الحساب وصل للمشفي, خرجت دينا معه وبصتله بتسأل: وأنت هتجيب الباقي منين بقي إن شاء الله
"مالكيش دعوة دي حاجة تخصني."
"نعم؟ ماليش دعوة؟ حد أنت ملاحظة إنك بتكلمني أنا؟ ثم ازاي ماليش دعوة؟ هادي يبقي جدي زي ماهو جدك؟"
"مفيش أي حاجة بتربطك بهادي ومفيش أي حاجة بتربط أي حد بهادي غيري أنا وبس.. هادي يبقي جدي وكل شأنه يبقى شأني أنا وبس مش شأن حد تاني."
"يعني ايه؟ يعني هتسيبه يموت بسبب عنادك؟"
سكت وتجاهلها, كملت كلامها: ماهو أنا مش فاهمة هتجيب باقي المليون منين وأنت دفعت كل جنيه معاك دلوقتي؟"
سكت ومردش فكملت كلامها: طب بص اعتبرهم سلف ولما يتسر حالك ابقي رجعهملي."
"محدش هيدفع جنيه واحد في مصاريف جدي الكلام خلص."
"يعني ايه الكلام خلص؟ حد أنت مدرك إنك لسه فاضلك 200 ألف علشان بس يدوب تبدأ العملية."
"متشغليش بالك بمشكلة مش مشكلتك ومن رائي إنه كفاية عليك كدا ممكن تروحي أو تسافري زي ما كنت عايزة تعملي اعملي؟"
"حد انت اتجننت؟ انت مبقتيش طبيعي؟"
تجاهلها وخرج من المشفى, في نفس الوقت الي دينا كانت بتكلم فيه حد، مرسال كانت واقفة وسمعت كل حاجة, مكنتش عارفة تعمل ايه أو هتجيب مبلغ زي ده منين في وقت قصير, لحد ما جه في بالها حل ومكنش قدامها غيره, مسكت التلفون وبصت عليه بتردد وبعد دقايق من التفكير أخذت على نفسها العزم ومسكت الفون ورنت علي شخص ما وأول ما فتح ردت: ألو رماح؟





تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close