أخر الاخبار

رواية سكرتيره ولكن الفصل السادس عشر16بقلم هدي عبد المقصود

رواية سكرتيره ولكن

 الفصل السادس عشر16

بقلم هدي عبد المقصود

ماذا إن تمكنا من رؤية المستقبل. ماذا إن أعدنا التفكير مرات ومرات في إختياراتنا. نقول دائما أن كل إنسان سيجني نتيجة خياراته ولكن للأسف عندما تضعنا الحياة موضع إختيار نضن على أنفسنا بالتفكير. فقط تتغلب علينا أهدافنا ونختار ما يوافق أهوائنا.

ونسوق الحجج لنبرهن على حكمتنا ونباغتنا في تقرير ما هو صحيح ومنطقي... 

حدثت شهد نفسها بهذا و قلبها يبكي ألما على غبائها. كيف خانها ذكائها إلى هذه الدرجة. منذ استسلمت لرغبتها في إثبات كونها أنثى قادرة على إثارة رجل يراها حلما يتمناه ويرى في جسدها ما يشعل رغبته. لم تعطي عقلها فرصة ليمنعها من الوقوع في الخطأ. إنساقت وراء شهوتها بدون تفكير. ما يؤلمها أكثر أن إنسياقها كان وراء رغبة جسديه وليس وراء قلبها. في كل الأحوال هي مخطأه ولكن الخطأ بسبب الرغبة شيء مهين. تعترف بأنها كانت تميل لزاهر قبل زواجها من أحمد. ولكن بعد الزواج وبعد إقترابها من أحمد ولد في قلبها شئ ما تجاهه. قد لا يكون حبا ولكنها شعرت أن حياتها أرتبطت به بطريقة ما. لم تستطيع مصارحة زاهر بهذا عندما طلب منها أن تنفصل عن أحمد وتشاركه تربية طفلتهما. كان أمامها فرصة لإصلاح خطأها. أو على الأقل وقف سلسلة الكذب والخداع المستمرة حتى الآن لكنها لم تستغلها.. هي حقا كما أخبرت زاهر. ترى الأمان المادي أحد الأهداف المهمة في حياة الإنسان إن لم يكن الأهم على الإطلاق. كانت تريد أن تظل تحيا في نفس المستوى الذي إعتادت عليها وأن تحفظ حقها لإبنتها عندما تكبر. ولكن أيضاً في ركن ما من قلبها كان أحمد يسيطر عليها. هل حبا؟ هل شعور بالذنب تجاهه جعلها تحرم على نفسها السعادة التي سينكسر قلبه إن هي حصلت عليها. لا تعلم. كل ما تعلمه أن قرار الانفصال عنه بدا لها الأبعد عن تفكيرها. شعرت يوم عودتها أن قلبه أخبره بصورة ما بخيانتها. لا تعلم كيف ولكن هذا التعبير المؤلم المصدوم المرسوم على وجهه لا يفسره سوى أن خيانتها وصلت إلى قلبه. تمنت أن قرارها بالاستمرار معه يجعله يكذب نفسه أو أن يسامحها على الأقل.

عندما قرر تبني غزل وأحضرها للمنزل. شعرت بنصل سكين ينغرس في قلبها لإضطرارها للقيام بدور الأم لفتاة ليست من رحمها ومن خرجت من أحشائها تبعد عنها ألاف الأميال يتيمة الأم. حرصت دائما على تتبع أخبار هند كانت تذهب لتقف بالساعات أمام باب مدرستها أو منزلها لتراها. قبضة باردة كانت تعتصر قلبها وهي تراها تتعلق بيد زهرة. زهرة الفتاة الطيبه الرقيقه صديقة زاهر في الغربة والتي كانت تحبه في صمت ولكن عيناها كانت تفضحها. تجاهلها زاهر دائما حتى لا تتمسك بأمل كاذب. كان يأمل أن يكمل حياته معها هي. كان يأمل أن تحيا فتاته الصغيرة بين كنفي والديها. ولكن خذلته شهد. فلجأ لزهرة الطيبة التي أحتضنت إبنته  وعندما أنجبت لم تفرق يوما بينها وبين ولديها. مرت بها أحايين كثيرة تمنت أن تعترف لأحمد بالحقيقة وان تهرول لمنزل زاهر لتأخذ هند بين وراعيها وتخبرها أنها من أنجبتها. تمنت أن تمسك بيدها الصغيرة لتخرج بها أمام العالم أجمع متباهية بها كإبنة خرجت من بين أحشائها وليست إبنه متبناه.ولكنها جبنت عن الاعتراف بكذبها.

جبنت عن الاعتراف بخيانتها.

جبنت عن الاعتراف بجحودها تجاه إبنتها.

جبنت عن الاعتراف بطمعها.

هي كذبة واحده ينساق إليها الإنسان تسحب وراءها أكاذيب وأكاذيب. أصبحت تعيش داخل عقلها حياة وأمام أسرتها والمحيطين بها حياة آخرى...

بعد أن علمت بموت زاهر ظلت تقتفي آثر هند وعندما علمت أنها هي خطيبة طارق التي لم تلتقي بها أصابها الذهول. لم يقتنع عقلها ابدا بمثل تلك المصادفه. ولكن أيضاً لم تستطع إيجاد تفسير منطقي.  فمن أين لطارق أن يعلم شيئا عن علاقتها بهند. مرت الشهور وهي غارقة في حيرة لا تستطيع مشاركتها مع أحد. حتى حدثتها شقيقتها في أحد الأيام لتخبرها أن خطيبة طارق قد إنفصلت عنه. عاودها القلق مرة آخرى وشعرت بحنين قاتل لتضم إلى صدرها إبنتها ذهبت بالقرب من منزلها أنتظرت بالساعات في سيارتها تنتظر أن تراها. وعادت كل مرة خاوية اليدين. 

لم تيأس وأصبحت تمر من أمام منزلها مرتين أو ثلاثة يوميا ترجو من الله أن يمنحها نظرة واحدة إلى وجهها. أخطأت هي. بل أجرمت. من يسمع بما بدر منها لا يرى إلا الجحود والانانيه. ولكنها تحب إبنتها رغم كل شي. تشتاق إليها رغم كل شيء.

لمحت ظلها في أحد الأيام وهي تخرج من باب عمارتها رقص قلبها فرحا ثم أنسحبت إبتسامتها سريعا عندما وقعت عيناها على وجهها. إين هند الجميله المتألقه. ما حال هاتين العينين المنتفختين.ما حال هذا الوجه الذابل.

هالها ما رأته حتى أنها كادت تندفع إليها. لكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة وسارت خلفها تتبعها.علها تصل لشئ ولكن هند لم تذهب لمكان. فقط ظلت تهيم على وجهها في الطرقات وأحيانا ترفع عينيها لاعلى ثم تخفضها وهي مليئة بالدموع. ثم ما لبثت أن عادت إلى منزلها تجر قدميها جرا. لم يستوعب عقلها هذه الحالة الغريبة التي تبدو عليها هند. عادت لمنزلها منهكة خائفة حائرة لتقضي ليلتها تحدق في سقف غرفتها. التي تقيم فيها بمفردها منذ أكثر من عشرون عاماً عندما أصر أحمد أن يقيما في غرفتين منفصلتين بعد عودتها من السفر. ما إن ولج الصباح حتى غادرت المنزل لتذهب إلى منزل هند لعل الحظ يحالفها وتراها اليوم أيضاً. ولكن مر اليوم وهي تغدو وتروح حول المنزل ولا تراها فذهبت في اليوم التالي وعندما كادت أن تفقد الامل. إذا بهند. تظهر أمامها فجأه عن مخرج شارعها وهي تعبر الطريق إلى الجانب الآخر. أنتبهت سريعا وسارت خلفها. حدث كالمرة الاولى تماما. تسير كالمغيبة تتلفت حولها. وقفت أكثر من مرة أمام بعض العمارات ترفع راسها لاعلى ثم تخفيضها وهي تخطو تجاه باب العمارة ثم تتراجع سريعا وتهرب. لاحظت شهد أن كل العمارات التي وقفت أمامها هند يوجد بها أطباء تحتل يافطتهم واجهة العمارة. هل تبحث هند عن طبيب؟ وإن كان الأمر كذلك لماذا تبكي ولماذا تهرب هكذا وكأنها تخاف من الذهاب إلى ضالتها؟ هل أحد أشقائها مريض أم هي نفسها تعاني من معضلة ما؟ 

واخيرا وقفت تتأمل أحد الأبراج المكدسة بعيادات الأطباء ثم بدا وكأنها قد أستجمعت شجاعتها. فولجت إلى البرج. لحقتها شهد إلى الاسانسير لتقف خلفها وتعرف أي دور ستقصد. لكن للأسف أستقل معها الأسانسير بعض الأشخاص فلم تستطع الحصول على معلومة. خرجت تقف أمام المدخل لا تعرف ماذا تفعل. لم يمر وقت طويل حتى لمحتها تخرج من الاسانسير أبتعدت عن المدخل قليلا تنتظر خروجها وعندما طال إنتظارها أقتربت ببطء لتراها تجلس على مقعد يحتل مدخل البرج. لم تستطع المقاومة فاقتربت منها تلمس كتفها برفق لتقفز هند هلعا. فتعتذر معللة تصرفها بخوفها أن تكون مريضة وتحتاج للمساعدة. بدت هند كمن وجدت فيها طوق نجاة. فاندفعت تطلب منها المساعدة. بدا جليا أن هند وصلت لمرحلة متقدمة من إنعدام الحيلة واليأس....

المرارة والغضب والألم والدهشة هي مفردات مشاعر شهد في تلك اللحظة. كادت قدماها أن تخونها. لكنها تماسكت قدر إستطاعتها وأوصلت هند إلى منزلها بعد أن وعدتها بكلمات خرجت بصعوبة أنها سوف تعتبرها كإبنتها وتمد لها يد المساعدة.

 لا تعرف كيف مرت ليلتها. هل بكت. هل صرخت. هل تعجبت كيف أن إبنتها أصبحت مثلها وهي التي لم تنشأ في كنفها. كرهت طارق وكرهت نفسها. لم تعرف ماذا تفعل. هل تبتعد مرة آخرى وتنسى كل ما حدث وتحيا كما كانت قبل أيام قليلة. هل تذهب لتضم إبنتها إلى صدرها تطلب عفوها. أعياها التفكير ولم تصل لنتيجة. فغابت في نوم أشبه بالمعركة الطاحنة بينها وبين عقلها وقلبها .

               »»»»»»»»

_ ما شاء الله كل فحوصاتك ممتاذه مفيش أي مشكلة ملموسه ممكن تسبب التقلصات اللي بتحصلك. غالبا هو قاولون عصبي 

حاولي بقدر الإمكان تبعدي عن التوتر. وعن أي طعام ممكن يثير القاولون يعني مسبكات؛ بقوليات؛ زيوت؛ أي مخبوزات بالدقيق الأبيض. وحذاري من الكاتشب والمايونيز. مع الأقراص اللي كتبتهالك. إن شاء الله هتبقي تمام.

*شكرا يا دكتور. إن شاء الله همشي على تعليمات حضرتك. بس أسفة هسأل حضرتك على حاجة.

_أتفضلي

* هي المشكلة اللي موجوده عندي في موضوع الخلفة ممكن يبقى ليها أي مضاعفات في المستقبل

_ انت موضحتيش أيه هي المشكلة. بألإضافة إن كل فحوصاتك طبيعية جدا حتى الرحم واضح في السونار مفيش في أي مشكلة. لو سألتيني رأيي انا شايف أن مفيش عندك أي مشكلة.

ممكن أعرف إيه الفحوص اللي عملتيها وعلى أساسها بتقولي إن عندك مشكلة وايه هي المشكلة.

نظرت إليه يارا بحيرة لم تلبس أن تحولت إلى حالة من التوهان وعدم التركيز وهي تجيب متلعثمة : أنا مش عارفة. جوزي بس هو اللي عارف... يعني إيه معنديش مشكلة

صمت الطبيب لحظة يتأمل وجهها. ثم طلب منها أن تنصرف الآن وتتناول أدوية القاولون. ومد إليها يده بكارت مخبرا إياها أن هذا الطبيب هو صديق له متخصص في النساء والتوليد والعقم. وطلب منها زيارته للوقوف على حقيقة الأمر.

إنصرفت يارا وقد تلاعبت بها الظنون. فسارت لا تكاد ترى معالم طريقها



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close