أخر الاخبار

رواية سكرتيره ولكن الفصل الثامن عشر18بقلم هدي عبد المقصود

رواية سكرتيره ولكن 

الفصل الثامن عشر18

بقلم هدي عبد المقصود

روح وريحان وجنات نعيم لروحك يا زاهر. عذبتك حيا وميتا. كم تأملت أن نصلح خطأنا. حتى أنك كنت تريد الوقوف بين يدي زوجي والإعتراف بخطأنا وتقبل ما يحكم بيه. بعد أن وقفت بين يدي الله كثيرا تطلب غفرانه. كم حلمت أن تنشأ إبنتنا بيننا.

لكني خذلتك مرات ومرات حتى يأست مني وأضطررت لقبول الأمر الواقع. أراحك الله سريعا من مواجهة إبنتك وقد علمت أن نسبها غير ما تعلم. تركتني أدفع ثمن أخطائي بمفردي.

في الماضي جبنت عن المواجهة. لكن اليوم لم يبقى أمامي خيار آخر إبنتي تموت أمامي ببطء. ما رفضته في حياتك سأقبل به الآن. فلتهدم القلاع وتحترق السفن لكن ليرتاح ضميري. اليوم سأواجه هند وأحمد وغزل ويليهم طارق. لن أدع إبنتي فريسة الحياة تواجهها بدون أم. ولن أموت قبل أن أطلب عفوها. وعفو أحمد. أحمد الذي أؤمن تماما أنه لن يتفاجأ كما أؤمن أنه لن يغفر. غزل أيضاً تستحق أن أطلب منها السماح. تلك الفتاة الطيبة المسالمة تستحق أن أجيبها على سؤال تنطق به عينيها وإن منعتها كرامتها من النطق به. لماذا لم أحبها كما يحبها أحمد ؟.

           »»»»»»»»»

أستيقظت يارا من النوم قبل طارق. يبدو اليوم وكأنه أول صباح لها بعد زواجها فهي للمرة الأولى تستيقظ لتجد نفسها تغفو بجوار طارق. بل أنها تغفو بين زراعيه. لو حدث هذا أمس. لو جاءها طارق مصرحاً بحبه أمس وأخذها. لو لم تذهب إلى الطبيب وتطلع على الحقيقة. لحلقت في الهواء من فرط سعادتها. لكن بعد ما حدث فإن في قلبها غصة. في عينيها دموع تخنقها. حقا رد فعله أمس أكد لها حبه. هذا الحب الذي أتضح أنه يملأ قلبه لها ولكن هو نفسه لم يكن يدرك. ضمته لها. طريقته في إلتهام شفتيها أبدا لا تتفق مع شخص تزوج لهدف ما. إنها مشاعر عاشق. ولكن بعد ما حدث فهذا لا يكفيها لتشعر بالسعادة والأمان معه. كيف تأمن لشخص خطط ودبر كي يدمرها. كيف تغفر له كل تلك الليالي التي قضتها تنتحب في فراشها على أنوثتها المهانه وعلى حرمانها من الحياة الطبيعية. لا تنكر أنها أمس عندما رأت الحزن في عينيه لانه سيفقدها. عندما شعرت برعشته وهي تقف أمامه. نسيت كل شئ. فقط أرادته كما أرادها وتفاعلت معه بكل جوارحها. أما الآن بعد أن ذهبت سكرة الحب. جاءت فكرة المرارة والألم. تحاملت على نفسها وقامت متثاقلة تتناول ملابسها وحقيبتها وتخرج إلى الحمام الخارجي. لتخرج بعد وقت يسير وقد ارتدت ثيابها وتغادر الفيلا وهي ترسل لطارق رسالة مقتضبة تخبره بإضطرارها الذهاب لوالدتها وأنها ستعود ليلا. 

لم تستطع مواجهته أرادت لنفسها وقتا لترتيب أفكارها وتحديد ما إن كانت قادرة على مشاركته الحياة بعد الآن.

               »»»»»»»»»»

* صحيح يا بت يا منى إيه الصور دي. أنت لو مقلتيش إن دي خالة طارق الموكوس بتاعك ده كنت قلت أنها أمها والولد الصغير ده شكله إبنها 

_ لا ده كمان انت لسه مشفتيش الرسائل اللي بينهم وهي بتطمنها على الولد وبتقولها أديتله الدوا وأكلته. 

وهند مرة تقولها انا جايه انهاردة. ومرة تقولها مضطرة أروح لأخواتي علشان ميحسوش بحاجه. 

* يعني كده أخواتها كمان ميعرفوش أن عندها عيل. ده إيه الهبل ده هو ياختي الحمل والولاده دول بالساهل. يعني بطنها مبانتش. وبعدين قالتلهم إيه لما ولدت. أكيد أضطرت تبعد عن البيت كام يوم. لا واللي أكتر من كده. إن كانت بتسيب الواد دلوقتي علشان كبير وهو صغير كانت بتعمل فيه إيه. ده في مية سؤال وسؤال.

_ والنبي ما أعرف يا رانيا. حتى لو قلنا دارت بطنها ولبست واسع. طيب عملت إيه بعد كده 

* طيب متقلبي كده في الموبايل شويه. اقولك أرجعي بصي على الصور القديمه أوي. ممكن كمان تنزلي برنامج من اللي بيرجع الحاجات المحذوفة وأوعي تنسي تمسحيه بعد كده. بس شهلي علشان ترجعيه بأي طريقه مبقاش غير السرقه كمان.

                »»»»»»»»»»

* أنت فين يا هند بتصل بيكي من الصبح تليفونك مقفول.

أغلقت هند باب المنزل خلفها وهي تتصبب عرقا. وجلست على أول مقعد قابلها وهي تتمتم: سيبيني بس خمس دقايق ارتاح. وبعدين هحكيلك

*خدي نفسك طيب وانا هروح اجيبلك كوباية مية

»»»

* انا مش عارفه الدنيا ملغبطه معايا كده ليه. روحت الشغل الصبح والتليفون كان معايا. مش عارفه سيبته من ايدي فين وبعدين بدور عليه في كل حته مش لاقياه. هتجنن راح فين. لو كان ضاع في الشارع كنت خلاص هستعوض ربنا. بس ده كان معايا في المكتب. ومعندناش حد أيده طويله 

_ يمكن أتزحلق وقع تحت المكتب ولا نسيتيه في الحمام

* دورت. المشكله كمان اني كنت عملاه صامت فمش عارفه ارن عليه.

التليفون ده مينفعش يضيع مني ده عليه كل ذكرياتي معاكي ومع آسر.

_ مش ده اللي اشتريناه لما كنا في العريش.

* ايوه هو. التليفون ده شاف معايا أحلى واتعس أيام حياتي. أيام بعدي عن أخواتي وشحططك من العريش للقاهره كل يوم والتاني علشان تشوفي طلباتهم وترجعيلي تساعديني في رعاية آسر.

فاكره أشتريته وإحنا راجعين من سجل مدني العريش لما قابلنا الراجل معرفتك اللي ساعدنا نسجل آسر بإسم طارق. اللي لحد دلوقتي معرفش انت ازاي عرفتي تجيبي صورة بطاقته.

_ ياه يا هند دي كانت فعلا أحلى واصعب أيام. مش قادرة أنسى حالتك وانت بتعيطي ليل ونهار مرة علشان خوفك على أخواتك. بالرغم من إنك كنت بترعيهم وبتشوفي مصالحهم حتى وانت بعيد.

ومرة علشان خاطر آسر اللي أتولد من غير ما يكون أبوه جنبك.

* كل حاجه عدت بفضلك وبفضل وجودك جنبي. أنت ملاك ربنا بعته ليا. مين يقول أن بعد شهور من تعرفنا على بعض. تعملي علشاني كل ده.

في الاول أخدتي شقة العريش وأخدتيني أعيش هناك وأهتميتي بأخواتي وكنت بتروحيلهم كل شهر وتديهم فلوس على أساس إن ده مرتبي من الشركة اللي فاهمين إني منتدبه فيها لمدة سنه.

واهتميتي بيه وعملتي معايا أكتر بكتير من اللي ممكن كنت أتخيل إني أستاهله. ولما رجعنا القاهرة أجرتيلي شقه جنبك وكمان جبتيلي مربيه لأسر

_ وهو انت سيبتني اعمل حاجه. أنت أصريتي تنزلي تشتغلي اول ما رجعنا وبتدفعي إيجار الشقه ومرتب المربيه بنفسك. وكما بتسدديلي كل شويه جزء من الفلوس اللي اتصرفت في العريش.  

* فلوس ايه بس يا طنط شهد. اللي عملتيه معايا عمره ما يتقدر بمال و لا عمري تخيلت حد في الدنيا ممكن يعمل معايا كده. انا نفسي أردلك جزء بسيط من كل مساندتك ودعمك ليا.

سكنت شهد لحظه وازدردت لعابها بصعوبه وهي تنظر لهند : في طريقه ترديلي بيها كل حاجه

_ ايه يا حبيبتي أؤءمريني

* إنك تسامحني

              »»»»»»»»»»

جلس طارق في مكتبه بعد إنصراف معظم الموظفين. يحاول مهاتفت يارا ولكن هاتفها مغلق دائما. حتى هاتف والدتها أيضا مغلق. ليس طفلا صغيرا. يعلم تماما ما يدور بعقلها الآن. يدرك الصراع الدائر بين جنبات قلبها بين حبها لها وحنقها أو لنقل كرهها..

لو كان في موضعها لما سامح إطلاقا ولكن يارا ذات قلب نقي ونفس صافية تجعله يأمل كثيرا أن تتفهمه.

تتفهمه!!! كيف تتفهمه إن كان هو نفسه لا يفهم نفسه. ثلاث نساء يدورون في فلك حياته. لا يعلم من يحب منهن. فقط يعلم أن هند لم تحبه. والآن بعد حالة الخوف التي أصابته عندما شعر أن يارا سوف تتركه. علم تماما أنه هو أيضاً لم يحب هند فقط تعاطف معها. قد يكون أحب الطفله الصغيره التي رآها تمسك بيد أبيها منذ خمس وعشرون عاما. حفر هذا المشهد في قلبه وعقله دونه بين أوراقه. عاهد نفسه وهو غض برئ بعد أن ينتقم لها. وأن يصبح حضنه بديلا لها عن حضن أم تخلت عنها. ولكن عندما رآها فتاة يافعه حيرته مشاعره هل هي حب أم شفقه. عندما مات والدها ومن تظنها والدتها. ظن أن مشاعره نحوها هي حب لا محاله. وأقنع نفسه بهذا.حتى دعته إلى جسدها. فلبى الدعوة. هل كانت تلبية حب أم تلبية رغبه؟ لا يعلم فقط سيطر على فكره بعد ذلك أن إقترانه بهند صار لا مفر منه سواء سيصارحها بالحقيقه أم لا. لن يتركها تعاني طفله من تخلي الام وشابه من تخلي الحبيب. لكن ما حدث أنها هي من تخلت عنه. تخلت عنه رغم هجره لمنى من أجلها.

منى تلك الفتاه التي أقتحمت حياته بدون مقدمات لتبثه حبها. لم تواتيه الشجاعه ليصدها. من يقدر على صد حب كهذا. من يتحمل أمام نفسه عبئ حرمان نفسه من مشاعر جياشه كتلك. يعترف بينه وبين نفسه أنه ما صادف كرجل أنثى تعلو به هكذا كمنى. ولكن رغم ذلك تخلى عنها بعد ذلك من أجل هند. 

وصل إلى سمعه صوت جلبة تأتي من الخارج فقام متثاقلا ليفتح باب المكتب مستكشفا سبب الجلبه. ليتفاجأ بمنى تجلس على مكتب هند وتوليه ظهرها. كانت شاردة تماما فلم تشعر به حتى حدثها.

_ خير يا منى مش كنتي مشيتي.

* انتفضت منى وهبت واقفة حتى كادت تتعثر فأسرعت بالإتكاء على المكتب وهي تنظر له بدهشة.

_ انت لسه هنا انا بقالي ربع ساعه قاعده على المكتب إزاي مأخدتش بالي أنك جوه.

* كنت بخلص شوية شغل وانت رجعتي ليه.

_ أبدا لما روحت لقيت موبايل هند معايا في الشنطه. يظهر أخدته غلط فقلت أرجع أسيبه في الدرج لأني أجازه بكرة 

* أجازة ليه.

أبتسمت منى بسخرية: وبتسأل ليه كده هيبان أنك مهتم واكيد دي مش الحقيقة.

_ لا يا منى انا فعلا مهتم.

عادت منى لتجلس صامتة لا تريد النظر إليه. ذكرها سؤاله بتلك الايام التي كان يسأل عنها فيها كل يوم. وقت كان يتابع حياتها كلها معها. شعرت بشوق شديد جعلها تداري عينيها عن وجهه حتى لا تفضحها. 

عادت للوقوف مرة آخرى وهي تنشغل بتناول حقيبتها

التزم هو الآخر الصمت ينتظر ما ستتفوه به. لكن ما لم يعلم به أن صوتها خانها فلم تستطع التحدث حتى لإلقاء التحية. حاولت العبور من جانبه للمغادرة وما زالت عيناها تبتعد عن عينيه.

أغلق عليها الطريق.ومد يده ليرفع وجهها إليه متأملا دمعا حبيس عينين تنطقان عشقا وشفتين ترتجفان شوقا.

هذه هي منى الحقيقيه أبدا ليست تلك التي تقف أمامه منتصبه ثائرة غاضبه. الأخرى هو من خلقها أما هذه فمن أحبها. كلما التقت عيناه بعينها يرى آخرى مختلفه عن تلك الغاضبة المتوعده. يرى وجه مختلف وشفتين تدعوه ليروي ظمأه منها 

مال بجسده عليا متناسيا أين هو



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close