أخر الاخبار

رواية سكرتيره ولكن الفصل الخامس عشر15بقلم هدي عبد المقصود

رواية سكرتيره ولكن 

الفصل الخامس عشر15

بقلم هدي عبد المقصود

كيف يندمل جرح القلب؟ كيف يقنع العقل القلب بتقبل الأمر الواقع؟ كيف نعيد برمجة حياتنا مرة آخرى بعيدا عن ضمة الحبيب؟ كيف يعمل العقل في إتجاه و يعمل القلب في إتجاه معاكس تماما؟.. هكذا حدثت منى نفسها وهي تجلس في حجرة طارق تنتظر إنتهاء إجتماعه مع أحد العملاء.

من يراها يظنها تجلس بإستهتار غير مباليه بشئ جامدة الملامح. تلوح على شفتيها إبتسامة مرسومة بدقه. مستعدة لإطلاق ضحكة مجلجلة إن إستلزم الأمر. نحتاج أن نقترب منها لكي ترى تيبس يدها على المقعد. قدمها التي ترتعش خلف المكتب. نبضات قلبها التي تدوي بعنف معلنة إعتراض هذا القلب على التعامل بانفعالين مختلفين في وقت واحد تلمس كتفها بيدها لتهدئة نفسها. كلما أقتربت من طارق بأية صورة من الصور يرتجف جسدها وهي تتذكر حديثه العاشق. ترغب في إلقاء جسدها بين زراعيه لعلها تهدء. ترتجف شفتيها شوقا لقبلة وعدها بها وأخلف. ما كانت يوما إمرآه تهوى الرجال. ما أشتاقت يوما إلى يد تتجول على جسدها فينبض قلبها رغبة.

لكنه أيقظ فيها أنثى لا تعرف كيف تعيدها إلى موتها مرة آخرى. فقط تعلمت التعايش معها. 

يتمنى قلبها أن يعود لها طالبا حقه في عشقها له.

وينتفض عقلها يقسم بكل غالي أن تهينه إن فقط تجرء وفكر في هذا.

تفكر في أن تجعله يذوق كأس الألم الذي جرعها إياه حتى تشمت في عذابه. ولكن في زاوية ما بقلبها. تتمنى أن يعود لها راجيا حبها فينتهي كل شيء.

قطع أفكارها ولوج طارق إلى الحجرة. لم يكن يعلم بوجودها داخل المكتب. فهند أجازه منذ يومان. تفاجأ بها ليبتلع دهشته سريعا ويرسم على شفتيه إبتسامة مرحبه وهي يسألها عن حالها.

_الحمد لله بخير

* بس إيه المفاجاه الحلوة دي. مبقيتيش تيجي مكتبي كتير.

_أولا أنا عارفة إنها مش مفاجأة حلوة ولا حاجة.

ثانياً انا جاية أسألك سؤال محدد. ممكن ميكونش ليه أهميه بس طق في دماغي أسألك.

* خير

_ هو انت متوقع مني إيه. وقبل ما تعمل نفسك مش فاهم وتسألني يعني إيه. انا بقصد متوقع مني إيه بصفه عامة. هل شايف أن خلاص كانت حدوتة وخلصت وانت راجل متجوز وانا لازم أنسى وأستسلم.

* تستسلمي!!منى انا مش عارف ليه بنفتح الموضوع ده تاني. اللي كان بينا حاجة حلوة وخلصت. لا أنا ولا أنت كنت متوقعين إنها تكمل 

_ بس أنا حذرتك بدل المرة عشرة. إنك تاخد القرار لوحدك وانك تبعد عني من غير ما تتكلم معايا. قلتلك ألف مرة مبحبش حركات التجاهل والبعد التدريجي ده لكن انت أعتبرتني كم مهمل وإتعاملت بأقذر طريقه ممكن راجل يتعامل بيها مع ست عارف إنها بتحبه والمفروض إن هو كمان مفهمها إنه ببحبها.

ازدرد طارق لعابه وصمت لحظات قبل أن يواجهها : يا منى انت نفسك فاهمة إن نهاية علاقتنا طال الوقت أو قصر كان البعد. حتى لو طريقتي كانت غلط. فأعتقد إني إعتذرت كتير وأنت بردو رد فعلك كان عنيف. وعدى وقت كتير..

قاطعته منى : أه عدى وقت كتير وانت خلاص إرتحت من ناحيتي.

* لا يا منى مرتحتش من ناحيتك ولا حاجه. مش الرد ده اللي هيريحك. وانت لا تدخري جهدا إنك توصليلي ده. نظراتك وتلميحاتك طول الوقت بتوصليلي أنك مش ناوية على خير.

_ هو انت بارد كده ليه. مستهيفني مثلا. 

* لا خالص بس عارف إنك ذكية ومش هتخطي خطوة إلا وأنت حسباها كويس. أكيد متحبيش تشوفي وش طارق التاني. لو فهمتي من نفسك أن خلاص مش باقي بيني وبينك غير ذكرى أيام حلوة كانت بينا يبقى تمام. مفهمتيش وأصريتي تهددي وتنكشي ورايا. براحتك استحملي نتيجة أفعالك. ده غير إني معنديش حاجة أقلق منها. وبالنسبة للتسجيلات اللي معاكي. بليها واشربي ميتها. أنت اللي عامله أن يارا صاحبتك وانا سايبك بمزاجي لو عايزه من بكرة أبعتيلها اللي معاكي انت اللي هتخسريها وانا هصلح أموري معاها أصلا. ولو متصلحتش يارا نفسها مش هتفرق. ومفيش حاجه هتحصل حتى لو نشرتي التسجيلات بين الموظفين وبين العملاء ولا شعرة فيا هتتهز في الاول وفي الآخر أنا راجل والموضوع هيعدي وهيتنسي. الحاجة الوحيدة اللي كنت عامل لها حساب في الاول هي هند. وهند خلاص بخ... إذا كنت صابر عليكي كل السنين دي فده إكراما لحاجه حلوة كانت بيني وبينك مش علشان خايف منك.

_ ابتسمت منى بسخرية ما شاء الله عليك ده انت فاهم كل حاجه أهوه. بس سؤال لولبي هو مين اللي قال إن هند خلاص بخ.

* مش فاهم.

_ طيب حاول تفهم لوحدك. هو انا كل حاجة هفهمهالك. واتبعت حديثها بوضع يدها على فمها والقاء قبله في الهواء. وهي تستدير مغادرة بمياعه..

              »»»»»»»»»

_ مش قدرة أخد نفسي خالص يا دكتور بحس أن في حاجة طابقة على صدري. وكشفت عند دكتور صدر قالي الأمور مستقره ومفيش حاجه. ونصحني أجي لحضرتك. لأن ممكن تكون المشكله في المعده ومسمعه في صدري.

* طيب إحنا هنعمل شوية فحوصات قبل ما نقرر أي علاج مفيش داعي للأدوية الكتير نفهم الأول وبعدين نحدد العلاج المناسب.

_ تمام بس علشان حضرتك تبقى عارف برضو انا عندي مشكلة في الرحم. مش عارفه ده ممكن يكون ليه تأثير ولا لأ.

* غالبا الشكوى اللي عندك ملهاش علاقه بالرحم.

_ خلاص لما أخلص الفحوصات هجيب النتيجة لحضرتك.

                   »»»»»»»»»

* يا باشا الدنيا صعبة وغاليه وانت كلك نظر.

_ إيه نظام الشحاتة ده. رغي كتير مش عايز. انت عملتلي خدمه وأخذت ثمنها. أقفل بقى علشان انا عندي إجتماع هيبدء بعد دقيقتين.

* ماشي يا باشا انا هقفل واسيبك لإجتماعك. بس هكلمك تاني. وبرضو هتراضيني علشان الخدمة اللي خدمتهالك مش أي خدمة. ده إحنا دمرنا حياة ناس. وده مش ثمنه الفتافيت اللي رميتهالي.

               »»»»»»»

_ أنت هتدمري نفسك وابنك علشان أوهام في دماغك

* أوهام إيه. بعد كل ده بتقولي أوهام. أنا وابني حياتنا متدمرة. 

كل حاجه بتثبت إن نسبي في حاجه غلط. انا سمعت بابا. وهو بيقول لأمي أن الدكتور قال أنها محتاجه تاخد حقنة " أنتي أر إتش " لو عايزه تخلف تاني ومكانتش فاهمه كلامه ولا فاهمه إيه المشكله اللي عندها. وانا وقتها مفهمتش لكن دلوقتي أخدت بالي رد فعل أمي كان رد فعل واحدة أول مرة تسمع الكلام ده. ولو كان ده تاني حمل ليها كان طبيعي هتبقى فاهمة وعارفة. عمري ما كنت شكلها ولا طبعي في حاجه من طبعها عمرها ما كلمتني عن طفولتي ولا أمتى سننت؛ إمتى مشيت. كنت بتعب كتير؛ كنت طفلة مريحة؛ كنت طفلة متعبة. دايما  كانت بتسكت لو أي حوار عن طفولتي أتفتح مع أي حد وانا مكنتش بركز وكمان حوار القسيمه    

_ بس ده بالنسبة لامك مفيش حاجه تخص أبوكي.

* مفيش حاجه تخص أبويا!! يعني دي حاجه كويسة ولا إيه مش  فاهمة. يعني لما أشك أن أمي مش هي أمي. ده ميخلينيش أشك في أصلي كله. أنا دماغي هتنفجر. اللي أعرفه أن الناس بتشك في أبوها مش في أمها. زي اليوم الاسود اللي أن مستنيه أسر يكبر فيه ويسألني فين أبوه..

_ أهدي يا هند أنت ليه بتكركبي الدنيا فوق دماغك كده..

* هي مكركبة اصلا. انا واحده مشكوك في نسبي  أخواتي اللي بوظت حياتي علشانهم. ممكن أصلا ميطلعوش ليهم علاقه بيا. وانا كمان طلعت بني أظنه غبيه خدتني الجلالة ووجعتني كرامتي وقررت أعتقل طارق على خيانته بحرمانه من إبنه. ولولا مساعدتك ليا ومعارفك. مكنتش هعرف اسجل أبني باسم أبوه. دلوقتي لا وكمان فهمته إني إتجوزت وأطلقت.. انا كده عاقبته علشان خاني ولا عاقبت نفسي وحطيت أبني موضع شبهه. باي منطق طارق هيصدقني لما أروح أقوله أن ليك إبن حرمتك منه عقابا ليك.

_ يا بنتي في دلوقتي تحليل ممكن يعمله بسهوله ويتاكد.

* وتفتكري لو أتأكد هيسامحني.

أنا تعبت من غبائي ومن تهوري.

نفسي حد يحضني ويطبطب عليا. نفسي في أم تضربني قلمين تفوقني.

أنا تعبتك معايا من يوم ما قابلتيني وصعبت عليكي وانت محتضناني. مسيبتنيش لحظة. أنت بتاخدي بالك من إبني أكتر مني. وكمان بتدفعيلي إيجار الشقه دي. بس أنا فعلا تقلت عليكي أوي وانت ملكيش ذنب في حاجه. أنا واحدة بنت حرام ومخلفة في الحرام ومستاهلش عطفك ولا قلبك الكبير.

أنهت هند حديثها بالقاء نفسها على المقعد المجاور ودفن وجهها بين كفيها. لتنظر لها شهد بمزيج من الشقه والحزم والمرارة..



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close