أخر الاخبار

رواية سكرتيره ولكن الفصل الحادي عشر11بقلم هدي عبد المقصود

رواية سكرتيره ولكن 

الفصل الحادي عشر11

بقلم هدي عبد المقصود

لكل منا سجن خاص به هو فقط من يدرك حدوده وهوية سجانه..  تخطى عمري الاربعون بل وأقترب من الخمسون. ومازلت أحيا داخل سجن لا يرى جدرانه أحد. أدعي أنني إمرآه شجاعه؛ قويه؛ ذات عقل راجح؛ لا أهاب أحدا. الحقيقة أني ضعيفة؛ كاذبه؛ مدعية المثاليه. لو كانت لدي موهبة ستكون التمثيل.... بكل جدارة أمثل دور الزوجه المخلصه. السيدة الحكيمة البارة ببيتها وزوجها. 
زوجي... هذا الرجل المغلوب على أمره. هذا الرجل الذي يظن أني أحفظ سره وأصون كرامته. يحيا معي كسير العينين.. يعتقد أنني ضحيت بحقوقي كإمرآه وبحقي في الأمومة  حتى لا أفضحه أمام العائله. يحمل لي جميل موافقتي على تبني فتاة ليحفظ ماء وجهه أمام الناس. فيرونه زوج وأب..
لو علم الحقيقة. لو علم بخيانتي. لو علم أن ثمرة تلك الخيانه فتاة ضحيت بها حتى لا أخسر كل شي... ضعيفة أنا أمام المال. مجرد تخيل الفقر يصيبني بالرعب.
لكن من قال أن خيارتنا دائما صحيحة. ضحيت بأمومتي في مقابل المال. بالغت في إغداق مشاعر الحب على فتاه متبنانه عوضا عن من تستحق تلك المشاعر. لكن مرت الأعوام لتثبت أن القلب غير ملزم إطلاقا بإختيارات العقل. فلا أنا تمكنت من نسيان إبنتي. ولا من إحلال غزل في قلبي محل فلذة كبدي. ولا حتى من نسيان زاهر. سكين حاده غرست في قلبي يوم علمت بموته بعد شهرين كاملين من حدوث الوفاه. ما شعرت بحاجتي إلى إحتضان هند قدر حاجتي في تلك اللحظه... قاسية أنا. ما أدعيت يوما أن مشاعري جياشة أو أن قلبي رقيق. بررت حرماني لإبنتي من أمومتي دائما بأن الأمان المادي هو الأهم. حتى لحظة إحتياجي تلك لم تكن هدفها رغبتي في مواساتها بمصيبتها بفقد الأب ومن تعتقد أنها الام. فقط رغبت في إحتضان زاهر فيها. قررت التوجه لزيارتها وتقديم نفسي لها كصديقه لزهرة. ما أن أقتربت من البيت حتى لمحت طارق على الجانب الآخر من الطريق يعبر تجاه المنزل. أصابني الذهول ووجدتني أهرول مغادرة لا أفهم شيئا. وعندما بحثت. علمت أن هند  هي خطيبة طارق التي قام بخطبتها وقت أن كنت أنا وغزل خارج البلاد مرافقتين لزوجي لاجراءه عمليه جراحيه خطيرة. ولم تتهيأ الظروف قط للتعرف عليها. منذ فترة قريبه أقترحت على شقيقتي توحة أن أقوم بدعوة طارق وخطيبته لتناول الغداء في منزلنا لنتعرف عليها. لتخبرني أن خطيبته فقدت والديها في حادث سير. وان علينا أن ننتظر قليلا حتى تنتهي فترة الحداد.
ما هذه الصدفه غير المنطقية. كيف أجتمع طارق وهند معا. أية ظروف تلك التي تهيأت لهما ليرتبطا ببعضهما البعض. طارق تحديدا أكثر شباب العائلة غرابة بالنسبة لي. وأبعدهم عني. في وقت من الأوقات كان أقرب أطفال العائله إلى قلبي ولكنه فجأه أصبح لا يأتي لمنزلي. في البداية أعتقدت أن غزل ضايقته.ولكن مع الوقت وجدته يتلاشاني أنا. لأتسائل هل صدر مني ما ضايقه فيجيب على تساؤلاتي بالتجاهل بل وإن صدقت نفسي لقلت أن تجاهله كان ممزوجا بالإذدراء. مرت الأيام وعلاقتي بابن إختي بعيده باردة. حتى أنني شعرت أنه رتب لإقامة حفل الخطوبة أثناء غيابنا حتى لا نحضر.
                »»»»»»»»»
تأتينا هدايا الأقدار دوما في غير موعدها.
لكم تاقت هند إلى طفل يخرج من رحمها يربط بينها وبين طارق. كم حلما معا ببيت يجمعهما ووليد يجتمعا على حبه. حالة الأقدار دون تحقيق الحلم عندما وضعت أمامها خيانته. ذهبت تنوي هجره وهجر الزواج والإنجاب لتستيقظ على نطفة تسكنها... كيف نبكي ونضحك في نفس اللحظه كيف نسعد ونحزن لنفس السبب كيف يسكننا الامل وتغادرنا الطمأنينة.
قرار الإجهاض كان الأقرب للمنطق ولكن إين هي والمنطق. أين هي والصواب. أكان إغراءها لطارق صواب. أكان إستسلامها لحاجة جسدها صواب. أكان قرارها بهجره صواب. 
أجتاحتها مشاعر الأمومة كالحمه تسكن جسدها. خرجت إلى الطريق تبكي. طافت على عيادات أطباء النساء والتوليد تصل إلى باب العياده ولا تطرقه تهرب سريعا كمن تطاردها شياطين الأرض.  صالت وجالت تبحث عن حجة تجعلها تحتفظ بنطفتها ولكن خذلتها جميع الحجج. واخيرا تشجعت وأتجهت لواحده من تلك الابراج المتخمة بعيادات الأطباء. بحثت بعينيها في قائمة الأطباء المعلقة في مدخل البرج لتقع عينيها على اسم طبيب وطبيبة في تخصص النساء. أختارت الطبيبة علها تجد فيها ضالتها وتستطيع مساعدتها. خاب أملها لتطردها الطبيبة من العيادة شر طردة موبخة إياها على جرأتها التي جعلتها تتوسم فيها القيام بهذا العمل الإجرامي. غادرت العيادة لتلقي بجسدها على أقرب مقعد في مدخل البرج. تلتقط أنفاسها بصعوبة. وهي تضع وجهها بين كفيها. طال بها الوقت لا تستطيع المغادرة دون تنفيذ ما عزمت عليه. خشيت أن ترجع في قرارها إن منحت قلبها فرصة آخرى. ولكن ماذا ستفعل ليس أمامها إلا الذهاب. قبل أن تنهض لامست كتفها انامل رقيقه جعلتها تقفز كوتر مشدود تم تركه فجأه. رفعت عينيها لتصطدم بإمرآة خمسينيه أنيقه تراجعت وهي تنظر لها بتساؤل فترتبك هي الأخرى وهي تجيب على نظرتها بخجل : انا اسفه خضيتك بس انا واقفه بقالي شويه وشيفاكي على نفس الوضع. قلقت لتكوني تعبانه ولا حاجه. 
هدءت هند نوعا وهي تتمتم : اشكرك انا كويسه الحمد لله
تأملها السيده لحظه ثم ازدردت لعابها وهي تتراجع: الحمد لله أسفه تطفلت عليكي.
استدارت السيده تنوي الانصراف. فتسألها هند بصوت واهن : هو حضرتك كنت جايه لدكتور هنا في البرج
تجيب السيده وهي تكمل طريقها: لا انا دكتورة مش مريضه.
هرولت هند خلفها: طيب لو سمحتي ممكن اسالك عن حاجه
تستدير لها السيده بنظرة تساؤل تجيب عنها هند: انا واقعه في مشكلة وعايزه دكتورة امراض نسائيه تساعدني.
سالتها السيده بتوجس حذر : مشكلة إيه.
تخفض هند عينيها وهي تجيب بصوت خافت : عايزه أعمل عملية إجهاض.
كانت هند تتكلم بخجل شديد. توقعت أن تنظر لها السيده باحتقار. أو أن تتركها وتمضي. ما توقعت ابدا هذا المزيج من الذهول والصدمة والإنكار الذي أرتسم على وجه السيده التي لم تتعرف عليها إلا من لحظات قليلة.
لم تستطع السيده التماسك. فألقت بجسدها على أقرب مقعد ذاهلة لا تنطق.
نفضت هند عنها دهشتها لرد فعل السيدة:  واقتربت منها تسألها : حضرتك كويسه.
أحتاجت السيده لبعض الوقت لتجييها: انا اسفه اصل ضغطي اوقات بيعلى وبحتاج أقعد. انا كويسه. صمتت لحظه لاستكمال حديثها : عايزه تجهضي ليه هو جوزك مش موافق على الخلفه.
خفضت هند عينيها مرة آخرى ثم رفعتها تتأمل تلك السيده  ذات العينين الفيروزية بلون السماء  والبشرة البيضاء الصافيه المزينه بفم مرسوم تحاط به تجاعيد خفيفه تزيده جمالا على غير العاده. ويعلوه انف صغير. يحيط بوجهها شعرها الأسود القصير الذي قامت بتسريحه ليبدو كأنه تاج يحيط بكامل الوجه وتتساقط بعض خصلاته على وجهها  فيجعل من ينظر إليها يحتار هل تقترب من الخمسين كما ينبئ وجهها ام أنها أصغر من ذلك بكثير.
لا تدري هند لماذا شعرت برغبة عارمة في مشاركة تلك السيده مأساتها. كانت وحيدة بائسة لا تجد حولها من يصلح لمشاركته ما يحدث في دنياها. لعل الله أرسل لها تلك السيده في تلك اللحظه. لتكون عون لها. جلست بجوارها. اعتذرت لها عن تطفلها عليها. أخبرتها أنها يتيمه وحيده كسيرة القلب. أخبرتها أن في أحشائها نطفة تتمناها ولكن المجتمع والدين يرفضها.
تجاوبت معها السيدة وحثتها على الحديث أكثر. روت لها كل شي. طلبت نصيحتها ومساعدتها. استمعت لها وصمتت كثيرا وتاملتها أكثر ثم وعدتها أنها لن تتركها ولكن عليها العودة لمنزلها الآن وهي سوف تهاتفها.
غادرتها السيده بعد أن طلبت رقم هاتفها.لتستوقفها هند قبل أن تخرج من بابا البرج متسائلة عن إسمها.
فتستدير لها السيدة تتأملها لحظه ثم تجيب

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close