أخر الاخبار

رواية ولما قالوا دي صبية الفصل الحادي عشر11بقلم ميمى عوالى

  

 رواية ولما قالوا دي صبية
 بقلم ميمى عوالى
الفصل الحادي عشر





لتنتفض ليلة برعب و هى تحتضن رأس ابنتها و تقول : لا يا كامل حرام عليك ، بنتى مالهاش ذنب ، و انا واقعة فى عرضك تنقذها ، دى مريضة و محتاجة مساعدتك

كامل بجمود : انا مابتعاملش مع نصابين يا ليلة ، و لازم تعرفى انى هبلغ عنك البوليس 

ليلة بفزع : بوليس ليه يا كامل 

كامل بسخرية : انتى ناسية البيانات المزورة اللى كتبتيها فى استمارة الدخول بتاعة بنتك ، و جوزك اللى مات من سنين 

ليلة و هى تنحنى على يد كامل لتقبيلها : ابوس ايدك يا كامل ، انا عمرى ما اذيتك ، انا عملت كده عشان نفسى ان بنتى تعيش زى باقى العيال و تخف و ترجع تضحك من تانى من غير ماتنهج من الوجع

ليدير كامل رأسه بعيدا عنها قائلا : و انا مش هعمل لبنتك العملية 

لتقف ليلة امامه مرة اخرى و هى تنشج بالبكاء و كان احمد متشبثا بثيابها و هو يردد اسمها بقلق ، و قالت : انت عمرك ماكنت قاسى كده ، ايه اللى حصل لك  

كامل و هو يربت على وجهها ببعض العنف : اللى حصل انى مابقيتش اثق فيكى يا مراة سيد 

لتسمع ليلة نداء احمد و هو يقول بصوت عالى : يا ماما ، اصحى فى ايه 

لتفتح ليلة عينيها و تتلفت حولها بفزع لتجد نفسها على الفراش المقابل لفراش مى و تنام بجوار احمد الذى يربت على وجهها بقوة و هو يقول بقلق : مالك يا ماما 

ليلة و هى تضع يدها على صدرها براحة : أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسول الله

احمد : فيه ايه

ليلة و هى تضم احمد لصدرها و عيناها تترقرق بالدموع : ابدا يا حبيبى ، انا بس كنت بحلم 

احمد : انتى كنتى عمالة تعيطى جامد ، فكرت فى حاجة بتوجعك 

ليلة و هى تزدرد لعابها : اختك هى اللى واجعانى يا ابنى ، خير يارب ، اللهم اجعله خير ، اكيد ربنا بيدينى انذار ، يا ترى الدنيا هتعمل فيكى ايه تانى يا ليلة 

………………

فى احدى المخازن التابعة لمنصور ، كان سيد يقوم بترتيب البضاعة المستلمة و رصها بعناية ليسمع صوت منصور من خلفه و هو يقول : الله ينور يا سيد 

ليلتفت سيد الى منصور قائلا بامتنان : الله يباركلنا فيك يا حاج

منصور و هو يتابع العمل بعينيه : و بنتك اخبارها ايه دلوقتى ، بيكلموك

سيد و هو يحك رأسه بكف يده : ايوة ياحاج نحمد ربنا ، بس البت ليلة قالتلى حاجة غريبة كده و مش عارف هى فهمت صح و اللا غلط

منصور : حاجة ايه دى 

سيد : ان يعنى المستشفى اللى اديتنا عنوانها دى ، تبقى بتاعة الدكتور كامل ابن الحاج ابراهيم اخوك 

منصور بعدم مبالاة : ااه و فيها ايه

سيد : يعنى يا حاج ، اللفة اللى لفيناها دى ، كان بتليفون صغير منك لابن اخوك ، كان ….. 

منصور مقاطعا : و انت فاكر ان ابن اخويا نسيلى انى حرمته من مراتك

سيد ببعض الغضب : كلام ايه ده يا حاج اللى بتقوله

منصور : بقول ان من ساعة ماحصل اللى حصل زمان و انا و ابن اخويا مافيش مابيننا عمار ، و لو كنتو روحتوله عادى كده ماكانش هيقبل ياخد البت و لا يعالجها و اللا كان ممكن يبنجها و يموتها فى العملية عشان ينتقم منك و من امها

سيد برعب : كلام ايه ده يا حاج ، ليه ، هى البلد مافيهاش قانون

منصور : قانون ايه ، عيلة صغيرة و حالتها حرجة و ماتت فى العملية ، ايه دخل القانون بقى ، انما لما مراتك تقول انها ارملة و انها اتبهدلت من بعدك هى و عيالك ، هتصعب عليه و هيعمللها اللازم كله و من غير و لا مليم 

سيد باقتناع : انا كده فهمت ، انا برضة استغربت لما البت ليلة حكيتلى و مابقيتش فاهم ليه اللفة دى كلها ، بس كده انت عندك حق ، و جميلك على راسى من فوق كمان 

منصور بسخرية قبل ان ينصرف  : خليه على راسك ، و خد بالك من المخزن ، اوعى تسهى عنه

………………….

سيد بنبرة غضب و هو يحادث ليلة على الهاتف : ماقلتلك على اللى فيها ، انتى ليه مش عاوزة تفهمى

ليلة : انا فهمت ، بس مش مقتنعة ، طب لو اللى قاله ده حقيقى ، ماقالش لبنته ليه ، ماكان ممكن يبعتنا لبنته و كانت الليلة برضة هتخلص من غير كل الكدب ده ، انا من ساعة الحلم اللى حلمته و انا مش متطمنة يا سيد

سيد بتنهيدة : استهدى بالله يا بنت الحلال واهدى كده ، و بعدين يعنى احنا مش شيوخ يا ليلة عشان احلامنا تتحقق

ليلة : يمكن ماتتحققش بحذافيرها يا سيد ، بس انا بقلق من الاحلام بتاعتى ، و حاسة انى بعمل حاجة غلط ، مخنوقة ياسيد ، و حاسة انى متكتفة و مش عارفة اتصرف

سيد : انتى بس ركزى مع البت و مصلحتها و بطلى قلق مامنوش داعى 

ليلة بقلة حيلة : حاضر يا سيد ، حاضر ، و ربنا يسترها علينا من عنده و مايفضحناش

……………..

فى منزل ابراهيم ، كان ابراهيم جالسا حين اتى عليه كامل و هو يحمل كوبين من الشاى و وضعهما على منضدة صغيرة امامهما و قال : كوبايتين شاى بقى انما ايه .. وصاية

ابراهيم بحب : تسلم ايدك يا ابنى ، عقبال ما اشربه فى بيتك كده من ايد مراتك ان شاء الله

كامل بابتسامة : ان شاء الله يا بابا 

ثم قال بفضول : الا قولى يا بابا ، فاكر حضرتك ليلة اللى كانت شغالة معاك زمان 

ابراهيم بدهشة : و دى ايه اللى فكرك بيها دلوقتى يا ابنى 

كامل : هو لما جوزها مات ، مات فى شغل مشترك بينك و بين عمى و اللا شغل يخص عمى لوحده

ابراهيم باستغراب : هو سيد مات .. لا إله إلا الله ، امتى حصل الكلام ده

كامل باستغراب : هو حضرتك ماكنتش تعرف و اللا ايه

ابراهيم : ابدا يا ابنى ، انا اول مرة اسمع الكلام ده ، انما انت عرفت منين الكلام ده

كامل و هو يرتسف الشاى : من ليلة 

ابراهيم : و انت شفتها فين

ليقص كامل على ابيه ماحدث ، ليقول ابراهيم : لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم ، و الله يا ابنى لو كنت اعرف كنت اتكفلت بيها هى واولادها و ماسيبتهاش فى الضيقة دى ابدا ، بس يعنى عمك اقتنع اهو بقيمة بنته و شطارتها

كامل بسخرية : ما اعتقدش يا بابا

ابراهيم : ماتعتقدش ايه بقى ، ماهو باعتلها الناس على اسمها اهو

كامل : الحقيقة يا بابا انا مش هاضم الحكاية دى و لا عارف ابلعها ، و متأكد ان عمى له هدف تانى خالص من ورا الحكاية دى 

ابراهيم : ماتبقاش شكاك زيادة عن اللزوم ، و مش كل ما هيعمل حاجة هنسئ الظن بيه

كامل ضاحكا : انت اللى طيب بزيادة يا عم ابراهيم 

ابراهيم : اصله يعنى هيستفيد ايه مش فاهم

كامل بشرود : مش يمكن بيحاول يكسب بنط عند فرح

ابراهيم : و لو .. مش وحش برضة

كامل : و لما ليلة تحكى اللى حصل معاها بطريقة تتفهم ان المقصود منها انها تفهمك انها لوحدها 

ليعتدل ابراهيم بانتباه قائلا : لوحدها ازاى مش فاهم 

كامل : يعنى ، انها اترملت و اتبهدلت هى و ولادها و ان مابقالهاش حد و ان الدنيا جاية عليها بزيادة

ابراهيم بعتاب : جرى ايه يا كامل ، اوعى تكون دماغك بتوزك انك ……

كامل مقاطعا : بتوزنى لايه بس يا بابا 

ابراهيم : يعنى يا ابنى انك توصل القديم من تانى 

كامل : انا مابقيتش خالى يا بابا عشان اعمل كده

ابراهيم : و انت لو كنت خالى كنت هتعمل ايه

كامل بتنهيدة : برضة ماكنتش هعمل غير اللى عملته ، صدقنى انا شيلت ليلة من حساباتى من زمان ، بس لما تجيلى المستشفى بحالتها دى و بعد ما خطبت فرح و يبقى عمى اللى باعتها يبقى الحكاية فيها ان

ابراهيم : مش فاهم 

كامل : مفكر انى لما هشوف ليلة هحنلها ، و ده طبعا المفروض انه هيبوظ صورتى قدام فرح فنسيب بعض

ابراهيم : ياااااه على دماغك ، ايه يا ابنى اللفة دى كلها ، لا طبعا ما اعتقدش 

كامل بسخرية : طب ممكن تفكرنى اخر مرة عمى اهتم بحد غلبان و اللا عيان عشان يعمل معاه كده ، بلاش … يعنى الراجل يموت فى حادثة تبع الشغل و بدل ما يعوض اهله لانها اصابة عمل ، يقوم يستغل جهلهم و حوجتهم ، و يمرمط مراته و ابنه اللى لسه عيل و يشغلهم عنده عشان يعرفوا يلاقوا لقمة ياكلوها ، يقوم دلوقتى الحنية دى فجأة كده ليه ، رغم ان البنت مريضة من زمان 

ابراهيم : ايوة يا ابنى ، بس مش يمكن يكون بس بيحاول يعمل حاجة كويسة يقرب بيها من فرح

كامل بتنهيدة : و الله يا بابا اتمنى ، بس زمن المعجزات خلص من زمان 

…………………….

فى منزل منصور … كان نبيل يجلس مع اخيه فى غرفتهما و هما يرتبان سويا خطواتهما القادمة فى الجامعة ، بعد ان تم قبولهما بكلية التجارة 

نادر : طب هنروح نجيب الجدول من اول يوم ، و اللا نصبر شوية و اللا ايه

نبيل بهدوء و هو يستند برأسه الى حافة الفراش من ورائه مغمض العينين و يدلك جبهته برفق : احنا هنبتديها صبر من اولها ، ايه ، انت غيرت رأيك و مابقيتش عاوز تدرس فى الجامعة زى ماكنت بتقول و اللا ايه

نادر : لا طبعا ماغيرتش رأيى و لا حاجة ، بس اقصد ان اول يوم بتبقى الدنيا فوق بعضها و احنا لسه مانعرفش حد هناك

نبيل : ما هو عشان مانعرفش حد فلازم نعتمد على نفسنا من اولها 

نادر : هو انا ليه حاسك مش مظبوط ، انت تعبان ؟

نبيل : عندى صداع جامد اوى 

نادر : طب ما تاخد مسكن 

نبيل : اخدت و ماعملليش حاجة 

نادر بقلق : ايه ، محتاج نروح لدكتور 

نبيل : لو ما راحش لبكرة هبقى ………..

وفجأة نهض نبيل مسرعا الى الحمام و قام بافراغ جميع ما بمعدته وسط ارهاق و توجع شديد ، و نادر يقف بجواره و هو يسند كتفيه و يربت على ظهره بحنان ممتزج بقلق و عندما انتهى نبيل ، قام نادر بمساعدته فى غسل فمه و وجهه و هو يقول : الدنيا ابتدى يبقى فيها لسعة برد ، لا تكون خدت برد ، و اللا تقلت فى الاكل و اللا ايه

نبيل باعياء : مش عارف

نادر بفضول : طب هو انت اول مرة يحصل كده و اللا حصلت و انت ماقلتش

نبيل : حصلت اكتر من مرة بعد ما خلصنا امتحانات المعهد

نادر بعتاب : طب و ليه ماقلتش يا نبيل ، المفروض كنت قلت طالما اتكررت ، و كنا روحنا لدكتور ، او حتى كنت قلت لاختك و اللا لكامل عشان نتطمن على الاقل

نبيل : مش عاوز ، انا تعبت ، و زهقت من دايرة الدكاترة و الادوية دى ، مش هقدر ادخلها تانى 

نادر : و هو انت عشان مصدع شوية يبقى لازم فى حاجة وحشة ، بس احنا برضة لازم نتطمن ، و بعدين ما انت كنت لسه بتقول لو الصداع ماراحش لبكرة هتروح للدكتور

نبيل : انا ماقلتش كده ، انا بس كنت هقول انى هغير نوع المسكن

نادر ببعض الحدة : تبقى بتهزر ، احنا هنروح للدكتور يا نبيل ، الكلام ده ما ينفعش يتسكت عليه

نبيل : ممكن تسيبنى انام يا نادر ، يمكن اروق شوية 

نادر : طب اعمللك حاجة سخنة تشربها 

نبيل : لا ، مش عاوز ، انا هحاول انام ، اطفى انت بس النور و سيبنى لوحدى شوية ، يمكن انام 

نادر بتنهيدة : ماشى .. انا هخرج اقعد برة شوية ، لو احتجت حاجة انده عليا انا مش هنزل 

ليخرج نادر مغلقا الباب وراءه بعد ان اظلم الغرفة ، ليجد والده و والدته يجلسان سويا امام التلفاز فالتفتت اليه والدته قائلة : اومال نبيل نام و اللا ايه

نادر : ااه ، قال انه مصدع شوية و هيحاول ينام

دولت : طب كويس ، شكله مش عاجبنى بقاله كام يوم 

منصور : و انت قررت هتعمل ايه فى الكلية ، هتروح و اللا ايه

نادر : ااه يا بابا ان شاء الله 

منصور و هو يدعى عدم الاهتمام : بتشوف اخواتك البنات اليومين دول و اللا مابقيتوش تروحوا عندهم

نادر : لا بشوفهم ، كنا معزومين على العشا عند مامتهم من كام يوم 

منصور بانتباه : و مين اللى كان عازمكم

نادر : احمد 

دولت : هم على طول بيعزموكم يا نادر ، ماتبقى يا ابنى تعزمهم عندنا مرة 

نادر بتردد : ماينفعش يا ماما ، و بعدين عادى يعنى ، دول اخواتنا ، و ان كان على احمد ، انا و نبيل بنعزمه برة ، و ساعات بنروح النادى ، بنتصرف يعنى

منصور : و مين بقى كانوا معاكم فى العزومة دى 

نادر : كلهم ، حتى كمان عمى و كامل 

منصور : و ايه المناسبة بقى للمة دى 

نادر بحمحمة : كامل كان عاوز بحدد معاد الجواز

منصور و هو يومئ برأسه باستهزاء : امممم ، ربنا يهنى سعيد بسعيدة 

نادر : انا هقعد فى البلكونة شوية 

منصور بسخرية : ااه و ماله ، ماهو انت مابقيتش تقدر تقعد معانا 

ليذهب نادر الى الشرفة دون ان يعلق بأى كلمة و ما ان جلس بمفرده حتى قام بالاتصال على فرح و ما ان اجابته حتى قال : ازيك يا فرح

فرح : اهلا يا نادر ، ازيك عامل ايه و ازى نبيل 

نادر و عينه تراقب مدخل الشرفة خشية ان يسمعه اى من والديه : مانا بكلمك عشان عاوز اسألك على حاجة تخص نبيل 

فرح بفضول : ماله نبيل

نادر : انا اكتشفت النهاردة انه بقاله فترة بيعانى من صداع و كمان بيرجع

لتصمت فرح و عندما طال صمتها قال نادر : فرح انتى معايا

فرح ببهوت : الكلام ده من امتى يا نادر 

نادر : اللى عرفته انه من واحنا فى الامتحانات 

فرح : و ازاى ماتقولوش حاجة زى كده ، ده الدكتور محذر و منبه ، و بعدين هو عمل الفحوصات الدورية اللى الدكتور كان كاتبها و اللا لا

نادر : عملها و المفروض ان النتيجة كمان طلعت

فرح : يعنى ايه المفروض ، ماهو يا طلعت يا ماطلعتش

نادر بامتعاض : اصلى ما روحتش معاه و هو بيستلم النتيجة ، يومها انا روحت اخلص اجراءات فى الكلية عشانى انا و هو ،  و هو راح عشان يستلم النتيجة لوحده ، و بعدها لما سألته ، قاللى كله تمام 

فرح بلهجة اصرار : تجيبهولى و تبجوا المستشفى حالا ، انا عندى نبطشية

نادر : بس هو مش راضى يكشف 

و قص عليها نادر الحوار الذى دار بينه و بين نبيل فقالت فرح : خلاص .. سيبنى انا اتصرف

نادر : طب ممكن ماتقوليلهوش انى قلتلك حاجة ، مش عاوزه ياخد منى موقف و لا يخبى عليا تعبه ، ده لولا انى كنت موجود و لاحظت انه تعبان و كمان رجع قدامى ، يمكن ماكانش قاللى حاجة 

فرح بتنهيدة : ماشى يا نادر ، انا هشوف هعرف اتصرف ازاى ، بس هى التحاليل كانت فى نفس المستشفى و اللا فى حتة تانية

نادر : ايوة 

فرح : خلاص ، انا هتصرف

بعد انتهاء المكالمة ، اتجهت فرح على الفور الى مكتب كامل الذى يصر على تواجده بالمستشفى اثناء نوبات العمل الليلية التى تكون من نصيبها ، و ما ان وصلت لمكتبه حتى طرقت الباب بلهفة و دخلت فور سماعها السماح بالدخول ، و ما ان رآها كامل حتى هب من مكانه بقلق قائلا : ايه يا فرح .. مالك ، وشك اصفر كده ليه ، ايه اللى حصل 

لتقص عليه المحادثة التى تمت مع شقيقها ليقول كامل : لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ، تفتكرى الفحوصات كان فيها حاجة و نبيل عارف و مخبى 

فرح : مش عارفة ، بس احنا عشان نفهم لازم نعرف نتيجة الفحوصات الاخرانية 

كامل : دى بسيطة ، انا ممكن اكلم دكتور المعمل و اعرف منه

فرح : و هو ممكن يقول لك 

كامل : انا هكلم الدكتور الجراح بتاعه ، و هو هيتصرف ، اعتقد اننا كوننا علاقة مش بطالة وقت العملية ، و لو لا قدر الله فيه حاجة اكيد مش هيخبى 

فرح بدموع : لو طلع فيه حاجة ، المرة دى مش هتبقى سهلة ابدا يا كامل ، ده كده المخ

كامل بمواساة : اهدى شوية و اجمدى حبة ، احنا مش هنبنى نتايج على احتمالات و غير اكيدة كمان و نقوم الدنيا من غير دليل

فرح : طب اتصل بالدكتور دلوقتى ، على الاقل لو فى حاجة نقدر نتصرف بسرعة 

………………..

بعد مرور ساعة من الزمن و بمنزل منصور ، كان يعلو صوت جرس الباب ، ليذهب نادر مستطلعا الزائر ليتفاجئ بكامل و فرح أمامه فيقول بصدمة : فرح .. اهلا يا فرح اتفضلى 

فرح بلهفة : فين نبيل 

نادر و القلق يعلو ملامحه : ايه اللى حصل 

فرح و هى تتقدم لداخل المنزل : نبيل لازم ييجى معانا المستشفى حالا

نادر بفزع و هو يجول بعينيه بين فرح و كامل : ليه يا فرح ، انتو عرفتوا حاجة 

ليأتى منصور من الداخل على صوت الجلبة التى حدثت و عندما يرى فرح و كامل سويا يقول بسخرية : ايه ده ، الدكتورة و الدكتور جايين بنفسهم لحد بيتى ، يا ترى خير 

ليتقدم كامل الى منصور و يقول بهدوء : احنا جايين لنبيل يا عمى 

منصور باستغراب : و اشمعنى يعنى ، ماله نبيل 

كامل : للاسف يا عمى ، احنا عرفنا ان نبيل تعب تانى و مخبى عن الكل ، و ده طبعا بيأخر فى العلاج و عشان كده انا و اخته جايين ناخده معانا عشان نقدر نلحق الموضوع 

منصور بعدم تصديق : ايه الكلام الفارغ ده ، ما خلاص .. عمل العملية و خف و بقى زى الفل ، انتو هتبشروا عليه ليه تانى 

دولت بأسى و لهفة وهى تضع يدها على صدرها : لا يا منصور ، نبيل مش طبيعى خالص بقاله فترة ، حتى اللقمة مابقاش ياكل عدل ، و وشه متغير و دبلان ، و كل ما اسأله يقوللى مصدع و مابنامش كويس

ليلتفت اليها منصور قائلا بحدة : و ماقولتيليش الكلام ده ليه قبل كده ، و افرضوا حتى ان ده حصل ، مش معنى كده ابدا انكم تيجوا و عاوزين تاخدوه زى اللى قابضين عليه

كامل بتعقل : نبيل عارف انه تعبان و مخبى و كمان عرفنا من اخوه انه رافض العلاج 

منصور و هو ينظر لنادر : و انت كمان كنت عارف ، و هو انا يعنى اخر من يعلم ، ازاى تخبوا عليا حاجة زى كده ، بقى رايح تقول للدكتورة و الدكتور اللى عامليننى عدو ليهم و تخبى عليا انا ابوك و ابوه

نادر و الدموع تملأ عيناه : انا ماعملتش غير انى قلقت على اخويا و حبيت اعرف هو ماله و اتطمن عليه ، و ربنا قال .. و اسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون .. و هم اهل الذكر مش انت 

فرح موجهة كلامها لنادر : لو سمحت يا نادر ، احنا كده بنضيع وقت ، فين نبيل اندههولى 

منصور بغضب : انتى اتجننتى ، و مين قاللك انى هسمحلك انتى و اللا هو انكم تاخدوه منى 

فرح بجمود يعتليه الغضب : نبيل ماهواش محل نزاع اصلا مابيننا ، انا مش عاوزة غير انه يقتنع انه يتعالج ، عاوزين نلحقه و على الاقل نعرف الورم وصل لانهى مرحلة 

منصور و كأنه لم يستوعب الحدث : هو عشان تعبان شوية يبقى الورم رجعله تانى ، و اللا انتى بس اللى عاوزة تبانى انك فاهمة و عارفة كل حاجة و تعملى كبيرة عليا

كامل بغضب : هو انت مافيش فايدة فيك ، بنقوللك ابنك تعب تانى ، ده بدل ماتساعدنا اننا نعالجه و اقف ترازى فينا و تعاند و خلاص

منصور بغضب : مش اما اعرف الاول انتو جيبتوا الكلام ده منين 

كامل : من الفحص الاخير اللى عمله و خبى نتيجته عن الكل 

منصور : و لما هو خبى نتيجته ، سيادتكم بقى جيبتوا الكلام ده منين

كامل بفروغ صبر : لما نادر شك فى التعب اللى جاله و كلم اخته بلغها ، كلمنا الدكتور المعالج بتاعه ، و اللى عرفنا منه النتيجة 

منصور بصدمة : و ازاى الدكتور مايبلغنيش حاجة زى كده 

كامل و هو يزفر انفاسه : لان نبيل اقنعه انه هيسافر برة يعيد الفحوصات دى من تانى و هيعرض النتايج على دكاترة متخصصين هناك ، يعنى مبيت النية انه مايتعالجش من اساسه

ليهتز منصور بوقفته ليتهاوى متكئا على الجدار قائلا ببهوت : يعنى ايه ، المرض الخبيث رجعله من تانى 

كامل بحزن : للأسف المرة دى الاحتمال الاكبر انه فى المخ 

لتشهق دولت شهقة عالية و هى تضع احدى كفوفها على فمها و تقول : ابنى .. ابنى يا كامل ، ازاى كده ، ازاى بسرعة كده ، احنا مالحقناش نفوق 

كامل باشفاق على دولت : ان شاء الله لو بدأنا العلاج بسرعة يمكن الحالة ماتتأخرش و تستجيب للعلاج 

فرح بفروغ صبر : فين اوضته يا نادر ، عاوزة اتكلم معاه 

نادر و هو يمسح عينيه من أثر البكاء : تعالى يا فرح اتفضلى ، انا مش عارف ازاى ماخرجش على الدوشة دى كلها 

ليأخذها متجها الى غرفته مع اخيه و يقوما بالدلوف الى الحجرة ، و ما ان اضاء الانوار حتى تفاجئوا بنبيل ملقى ارضا دون حراك و وجهه ملئ بالدماء ، لتهرع فرح اليه و هى تصرخ على كامل لنجدتها ، ليقوم كامل و نادر بحمله من الارض و وضعه على الفراش مرة اخرى و هو غائب عن الوعى ، لتسرع فرح بتنظيف وجهه من الدماء لتكتشف انها نزيف من الانف  ، و بعد جس نبضاته ، رفعت وجهها لكامل و قالت بصوت يخنقه العبرات : محتاجين الإسعاف تيجى تنقله بسرعه ، النبض ضعيف اوى 

و قبل ان تمر نصف ساعة ، كانت سيارة الاسعاف تحمل نبيل متجهة به الى المشفى المتخصص و الذى قد قام نبيل باجراء الجراحة السابقة بداخله ، و كان فى استقبالهم الطبيب المتابع لحالة نبيل ، و الذى اسرعوا بادخاله الى قسم الحالات الحرجة بالرعاية المركزة 

و كانت فرح و كامل قد اصرا على الدلوف معه الى الداخل للوقوف على حقيقة التطورات الخاصة بالحالة ، ليقول كامل موجها حديثه للطبيب : انا مش عارف ازاى يكون الورم بالحجم اللى اكتشفتوه ده و ما حدش اكتشفه قبل كده

الطبيب : للاسف نبيل الحالة اللى كان الكبد بتاعه بيمر بيها خلانا ربطنا كل الاعراض بيه و بس ، لكن لما بعد العملية الفحوصات كانت لسه بتطلع ان الجسم فيه اورام ، ابتدينا نفحص الجسم بالكامل ، لحد ماحددنا مكان الورم

و خصوصا ان نبيل ماكانش متعاون معانا ابدا فى الفحوصات الاخرانية ، لدرجة انه كان رافض انه يعملها اصلا ، لحد ما قلت له .. خلاص براحتك ، بس انا لازم اكلم منصور بية عشان اخلى مسئوليتى قدامه ، لولا كده ماكانش عمل الفحوصات من الاساس

فرح : و النزيف اللى جاله من مناخيره ده بسبب الورم مش كده

الطبيب : للاسف ايوة ، الورم ضاغط بشده على المخيخ و حجمه مش صغير ابدا زى ما الأشعة موضحة ، و نزيف الانف ده مش اول مرة تحصل له ، لكن يمكن تكون دى اول مرة يصاحبها فقدان وعى ، و ده رحمة من ربنا لان الالم المصاحب ليه بيبقى شديد جدا

كامل : طب حضرتك هو الورم من انهى درجة 

الطبيب باسف : للاسف من الدرجة الاولى 

فرح بصدمة : يعنى ايه ، مافيش علاج ، مافيش عملية 

الطبيب : طبعا العملية موجودة ، لكن للاسف فى حالة نبيل .. نسبة نجاحها مابتتعداش تلاتين فى المية 

لتنشج فرح بالبكاء وسط مراقبة منصور و دولت و نادر من خلف الزجاج الفاصل بينهم بقلق بالغ ، لتقول دولت ببكاء : اخته بتعيط اوى ليه كده ، ابنى ماله ، حد يطمنى عليه

و بعد مشاورات و مداولات بين كامل و فرح و الطبيب ، تخرج فرح و دموعها مازالت تملأ عينيها ، و ما ان تلاقت عينيها مع منصور حتى قالت بقهر : طول عمرى بكرهك و مش مسامحاك على اللى عملته معايا ، لكن النهاردة كرهى ليك زاد اضعاف ، حرمتنا من بعض و لما افتكرتنى عشان مصلحتك اللى مامشيتش زى ما انت عاوز ، حاولت انك تفرقنا من تانى بغلك و عنجهيتك ، و ادينا هنفارق غصب عننا كلنا 

منصور ببهوت : اخوكى ماله يا بنتى

فرح بغل وهى تحاول خفض نبرة صوتها : بقى اخويا دلوقتى ، و بقيت بنتك كمان ، انا عمرى ماكنت و لا هكون بنتك ، حاولت تسرق حتة من كبدى قبل كده من غير ما تفكر حتى فى مستقبلى و لا رد فعلى ، و النهاردة ، النهاردة الحارة سد ، بس لو كنت اقدر اديله حتة من مخى كنت اديتهاله عن طيب خاطر ، بس اكيد مش عشانك ، لأ ، عشانه هو ، عشان حبيته و حبنى ، عشان نضيف مش شيطان زيك 

كان نادر يراقب ردود افعال والده و هو يخشى ان ينال من فرح ، و لكنه تفاجئ بوالده و هو يتلفت حوله بتيه ثم استقر بصره مرة اخرى على نبيل من خلف الزجاج و قال : كان خف ، كان بقى كويس ، و خلاص الغمة اتزاحت ، ليه كده ، ليه تانى ، ولادى ….

ليسقط منصور ارضا و هو يمسك صدره بالم واضح على وجهه ليسرع كامل و نادر و دولت اليه بينما تنظر له فرح باستياء و كره و تتركهم عائدة الى الداخل مرة اخرة لتظل بجوار نبيل


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close