أخر الاخبار

رواية الكاتبة والفتوة الفصل الثلاثون 30 بقلم الهام عبدالرحمن الجندي

          

رواية الكاتبة والفتوة

الفصل الثلاثون 30

بقلم الهام عبدالرحمن الجندي 


هدى بهمس ودموع متحجرة:« بلال!»


التفتت سلوى ودينا إلى الاتجاه الذي تنظر إليه هدى فوجدوا بلال يقف حاملا بيده باقة من الورد الجوري الأحمر وينظر لهدى بكل اشتياق ثم بدأ يتحرك في اتجاههم. 

عادت سلوى بنظرها مسرعة باتجاه هدى وأمسكتها من يدها لكي تمدها بالدعم، ثم قالت بصوت هامس.


سلوى بهمس:« إهدي يا حبيبتي خليكى قوية وأوعي تضعفي قدامه.»


دينا بتحذير:« عارفة يا هدى لو شوفت دمعة واحدة من عينيكى أنا هفرمك أوعي يحس إنك باقية عليه أو لسة بتفكري فيه.»


وصل بلال إليهم، ثم وقف قبالة هدى وقبل أن يتحدث هاجمته دينا بحديثها وهي تقف حائلا بينه وبين هدى. 


دينا بحدة:« انت جاي تاني ليه يا كابتن؟ هو مش حضرتك خلاص طلقتها لو انت مفكر إنك ممكن تضحك عليها بشوية الورد بتوعك دول عشان ترجعلك تبقى غلطان.»


سلوى وهي تجذبها للخلف:« ما لوش لزوم الكلام ده يا دينا معلش يا كابتن اعذرنا بس هدى مش مجرد صديقة دي أختنا وانت جرحتها أوي.»


بلال بهدوء أقرب إلى الرجاء:« أنا مش جاي عشان أأذيها أنا بس عاوز أتكلم معاها شوية.» 


هدى بصوت قوي بعد صمت طال:« وأنا مفيش بيني وبينك كلام يا سيادة الرائد وأظن إنك نهيت كل الكلام بينا يلا ياسلوى انتى ودينا خلينا نمشي إحنا ما عندناش وقت نضيعه.» ثم استدارت لكي تذهب.


بلال برجاء:« أرجوكي يا هدى خلينا نتكلم شوية بلاش تقسي عليا بالشكل دا.» 


هدى بصدمة:« قسوة! أنا... أنا اللي قاسية؟ أنا اللي سبتك في عز ما كنت محتاجلي؟ أنا اللي اتخليت عنك؟ أنا مش تحت أمرك يا سيادة الرائد وقت ما تحب تسيبني تسيبني ووقت ما تحب ترجعلي تلاقيني مستنياك إحنا حياتنا مع بعض انتهت من قبل ما تبدأ أصلاً وانت السبب مش أنا ولحد هنا والكلام انتهى.»


ثم استدارت وأسرعت في خطاها ولحقتها سلوى ودينا وظل بلال ينظر في إثرها بحزن وسقطت باقة الورد من يده أرضا ثم ذهب واستقل سيارته وحدث نفسه بتنهيده يأس. 


بلال:«شكلي هعاني كتير عشان أقدر أرجعك ليا تاني يا هدى بس انتى عندك حق تعملي أكتر من كدا لكن أنا مش هيأس وهفضل أراضي فيكى وأعمل أي حاجة تخليكي تقبليني في حياتك من تاني لأنك تستحقي إني أحارب الدنيا كلها عشان أفوز بحبك وثقتك تاني.»


ثم أدار محرك سيارته واتجه إلى مقر عمله حتى يقطع إجازته ويعود إلى مباشرة عمله فمنذ انفصاله عن هدى وهو لم يعد لديه الشغف للعمل وأخذ إجازة حتى يستعيد صفاء ذهنه واليوم قرر أن يعود بلال العوضى مرة أخرى الذي لقب بتعلب الداخلية.


في مقر الداخلية كان يجلس مصطفى بمكتبه يباشر عمله بكل همة ونشاط حتى سمع دقات على باب مكتبه فسمح للطارق بالدخول ولم يكن سوى بلال فنظر له مصطفى بلامبالاة وتحدث برسمية.


مصطفى برسمية:« خير يا سيادة الرائد في حاجة؟»


بلال:« أنا قطعت أجازتي ورجعت الشغل تاني.»


مصطفى:«والمطلوب إيه أقوم أضربلك تعظيم سلام؟!»


بلال:« لا عاوزك تساعدني أرجع هدى تاني.» 


مصطفى بدهشة من جرأته:«نعم! انت جاي هنا تهزر اتفضل يا سيادة الرائد على مكتبك واللي في دماغك دا تنساه خالص.» 


بلال برجاء:« مصطفى أرجوك انت أكتر واحد عارف أنا بحب هدى قد إيه ومش معنى إني غلطت يبقى يتحكم عليا بالاعدام أنا من غير هدى هموت ربنا وحده اللي يعلم أنا كنت عايش ازاي الفترة اللي فاتت أنا ما كنتش عايش أنا كنت شبه ميت أرجوك ساعدني أسترد حبها ليا من تاني.»


مصطفى بحزن:«أنا مش ناوي أعيد غلطتي تاني وأخلي واحدة زي هدى تدخلك فى حياتها مرة تانية ولو فاكر إنك فقدت حب هدى بس تبقى غلطان انت فقدت ثقتها فيك الحب سهل إنك تستعيده لكن إنك تستعيد ثقتها فيك دا تقريبا شبه مستحيل الثقه دي بتتبني على أساس المواقف وانت مع أول موقف اتخليت عنها وما كنتش قد ثقتها فيك.» 


بلال بندم:«أنا عارف إن ذنبي كبير ومهما عملت مش هقدر أكفر عنه أنا غيرتى عامتني وشيطان نفسي اتحكم فيا كنت مفكر إن بطلاقى ليها إني بستعيد كرامتي لكن كنت غلطان أنا الوحيد اللي طلعت  خسران في الموضوع دا وعشان كدا جيتلك النهاردة وكلى أمل إنك تقف جنبي وتساعدني زي ما انت طول عمرك بتعمل انت طول عمرك أخ وسند ليا يا مصطفى وأنا بجد محتاجلك محتاج أخويا وسندي وضهري يردلي حياتي يا ترى يا مصطفى هيبقى في إيدك دوايا وهتبخل بيه عليا؟!» 


نظر له مصطفى نظرة ثاقبة فاليوم يقف أمامه بلال ذليلاً مكسوراً وهو لم يتعود عليه هكذا فأين بلال القوي الصارم الذي لم يكن يوما ما في قاموس حياته كلمة حب أو عاطفة فقد كان يسخر دائما من أي شخص يعيش قصة حب فها هو اليوم يطلب المساعدة لكي يستعيد حبه الضائع تبا لك أيها العشق فقد أنهكت القلوب وأضنيتها أنينا وجعلت أعتى الرجال تستسلم وترفع رايتها. رأف مصطفى بحال بلال وقرر مساعدته لإستعادة هدى ولكن لابد أن يتأكد أولا من أن هدى تريده هي الأخرى.


مصطفى:«خلصت الفقرة اللى كنت بتقدمها  يا ريت بقا تتفضل على مكتبك عشان عندك شغل كتير متعطل بسبب غيابك الفترة اللي فاتت.»


نظر له بلال نظرة يأس،ثم استقام واقفا واستدار ناحية الباب يجر أذيال الخيبة فاليوم لم يكن يوم حظه فقد فَقَدَ الأمل في معاونة مصطفى له ولكنه توقف فجأة حينما استمع لصوت مصطفى الصارم.


مصطفى بصرامة:« آخر فرصة يا بلال بس صدقني لو ما قدرتش تستغلها صح المرة دي محدش هيقف قصادك غيري.»


التفت له بلال وقد تهللت أساريره و عاد مسرعًا باتجاه مصطفى وتحدث بلهفة.


بلال بلهفة:« وأنا والله أوعدك إنى  هستغل الفرصة دي وهحاول بكل طاقتي إن أرضي هدى وأستعيد ثقتها فيا تاني.» 


قاطعه مصطفى قائلا:« إهدى بس وبلاش الحماس بتاعك دا دلوقتي أنا صحيح قررت أساعدك بس لما أتاكد إن هدى لسة ما زالت عاوزاك.» 


بلال بتساؤل:« قصدك إيه؟!»


مصطفى:« يعني لو هدى لسة بتحبك وعاوزاك بس غضبها منك اللي مخليها رفضاك ساعتها أنا هساعدك عشان ترجعوا لبعض تاني لكن لو هي فعلا تخطتك ومبقاش في قلبها مشاعر ليك يبقى أحسن ليك إنك تنسحب من حياتها بهدوء.»


بلال:«طيب وأنا هعرف ازاي إنها لسة بتحبني ولا لا وهي مش مدياني فرصة حتى أكلمها؟» 


مصطفى:« ملكش دعوة انت بالموضوع دا أنا هعرف بطريقتي ودلوقتي من غير مطرود يلا على مكتبك وماألمحكش قدامي لحد ما أتأكد من مشاعرها ناحيتك.» 


ذهب بلال وقبل أن يفتح الباب  استدار لمصطفى مرة أخرى ثم تحدث بامتنان.


بلال:« شكراً يا مصطفى بجد كل مرة بتثبتلي قد إيه انت سند بجد.»


ثم ذهب مسرعا قبل أن يتلقى أي جواب من مصطفى فلطالما كان يكره تلك اللحظات المؤثرة حتى لا يشعر بأنه إنسان ضعيف.


في المساء كانت تجلس هدى بحجرتها شاردة يغلب على ملامحها الحزن حينما دخلت عليها فاطمة وجلست بجوارها على الفراش.


فاطمة بحنان:« هدهدتي القمر قاعدة لوحدها ليه من ساعة ما رجعتى من الشغل وانتى حابسة نفسك في الأوضة حتى الأكل أكلتي حاجة بسيطة وأنا متأكدة إنك عملتى كدا بس عشان ما تزعليناش قوليلي في إيه بقا إيه اللي مغيرك كدا النهاردة؟ انتى كنتى امبارح مبسوطة ومزاجك كويس وبردو خارجة النهاردة الصبح كويسة في حاجة حصلت في الشغل ضايقتك؟!»


هدى بحزن:« بلال جالي النهارده بعد الشغل.» 


حاولت فاطمة أن تسيطر على أعصابها وجاهدت بأن يخرج صوتها طبيعي وهادئ. 


فاطمة:« وبعدين إيه اللي حصل؟!»


قصت هدى على والدتها ما حدث ثم صمتت وانتظرت رد فعل والدتها فقد توقعت أن تثور ويعلو صوتها ولكنها تفاجأت بهدوءها التام. 


فاطمة:« أنا مش مهم عندي هو عمل إيه أو لسة حتى هيعمل إيه المهم دلوقتي انتى مشاعرك إيه لسة عاوزة بلال ولا خلاص طويتي صفحته وهتنسيه؟»


هدى بتوتر وحده قليلا:«بلال انتهى من حياتي يا ماما خلاص من يوم ما طلقني وهو خسر ثقتي فيه ما بقتش خلاص مصدقة إن هو لسه بيحبني أنا خلاص نسيته وطويت صفحته فعلاً.» 


فاطمة بسخرية:« بأمارة ما انتى قافلة على نفسك وقاعدة حزينة، و لاعصبيتك اللي انتي فيها دلوقتي والرعشة اللي في جسمك دلوقتي لمجرد إنك قولتي اسمه ولا شغفك للكتابة اللي راح ولحد دلوقتي ما كتبتيش أي حاجة جديدة انتى بتضحكي عليا ولا على نفسك يا بنت بطني دا انتى حب بلال بينط من عينيكى دا أنا خايفة بعد شوية ألاقي في قلوب طالعة من عينيكى زي توم وجيري.»


ارتمت هدى بين أحضانها وبكت بشدة ثم تحدثت بروح مشتعلة.


هدى:«غصب عني يا ماما مش بإيدي أنا لسة بحبه يمكن غلطت لما اديته مشاعري بدون حساب أنا مش عارفة ليه حبه في قلبي عامل زي الزرعة اللي جذورها متبتة في أرضها ومش راضية تتقلع حبه عامل زي اللعنة مش عارفة أخلص منه.»


فاطمة بحنان:«عشان دا أول حب في حياتك ولما بقا حلالك اطمنتي واديتيله كل مشاعرك بكرم زايد ودا خلاكي تتعلقي بيه وهو كمان حبه كان كبير لدرجة إنه احتواكي جواه لكن ضعف وارتكب أكبر غلطة لما بعد عنك بس هو دلوقتي بيحاول يصلح الغلطة دى وربنا غفور رحيم يابنتى.» 


هدى بدهشة:«يعنى انتى عوزانى أسامحه ياماما؟!» 


فاطمة:«أنا مش بملك مشاعرك يابنتى عشان أقولك تسامحيه ولا لا انتى الوحيدة اللى تقدرى تقررى اذا كنتى عاوزة تسامحيه أو لا بس أنا عوزاكى تكونى صريحة مع نفسك انتى حابة تديله فرصة تانية زى ماهو كمان بيحاول يديكى فرصة تانية دلوقتي؟» 


هدى باستغراب:« هو اللي بيديني فرصة تانية؟!»


فاطمة بعقلانية:« أيوا طبعا زي ما بلال غلط انتى كمان غلطتي وأوعي تنكري دا صحيح عقاب بلال كان قاسي لكن كل واحد له طريقته في تنفيذ عقابه زي بردو ما في ناس بتسامح بسرعة وناس ة ما بتقدرش تسامح.»


صمتت هدى قليلا ولم تستطع مجاراة والدتها في الكلام وظلت حائرة أحقا تريد إعطائه فرصة أم جرحها منه أكبر من تلك الفرصة التي يسعى لها فانتشلتها أمها من بحر أفكارها وجاوبت بالنيابة عنها.


فاطمة:« بصي يا حبيبتي أنا دلوقتي متأكدة مليون في المية إنك عاوزاه ومش عاوزة غيره والدليل على كدا أيمن زميلك اللي انتى رفضتيه من غير حتى ما تديله وتدي لنفسك فرصة فالحل دلوقتي إنك تعلميه الأدب بس بحكمة وعقل يعني أول حاجة لازم ترجعي تكتبي تاني وتفوقي لنفسك وصحتك اللي أهملتيها لازم يشوفك قوية مش ضعيفة ومستسلمة واصبري لحد ما تقدري تستعيدي ثقتك فيه تاني أوعي تستعجلي للرجوع ليه عشان ما تفضليش تأنبي في نفسك العمر كله فكري كويس وشوفي ناوية تعملي إيه لكن الأهم أوعي توقفي حياتك على حد عشان انتي تستاهلي إنك تعيشي وتفرحي.»


تركتها فاطمة حتى تستطيع لم شتات نفسها وبينما كانت تفكر في كلام والدتها أتتها رسالة من نوسة تعلمها بموعد زفافها على فهد وتدعوها للحضور ولكنها اعتذرت بلباقة وكانت حجتها أن موعد زفافها يأتي في موعد الامتحانات الخاصة بالطلاب في مدرستها وكل المعلمين يمنعوا من أخذ أي إجازات في ذلك الوقت شعرت نوسة بالحزن فقد كانت ترغب في حضور هدى بشدة فقد أحببتها كأخت لها ولم لا وهي السبب في حصولها على فهد والفوز بقلبه وحبه بعد ذلك ظلت تتحدث معها عن أحوالها في محاولة منها للاطمئنان عليها وتتطرقت في حديثها حتى ذكرت بلال ولكن هدى أغلقت الحديث عنه بلباقة فأخبرتها بأنه لا يوجد نصيب وكل شيء انتهى وأنها راضية بقضاء الله فليختار الله لها ما يريد فرب الخير لا يأتي إلا بالخير. 


أنهت هدى حوارها مع نوسة ولكنها شعرت ببعض السرور فنعم هي خسرت بلال ولكنها ساعدت أخرى على الفوز بحبها وهذا يعد انتصاراً رائعا. في مساء اليوم التالي كان مصطفى يجلس مع زوجته ميادة يتبادلان أطراف الحديث ثم بدأ في السؤال عن أحوال هدى.


مصطفى:« أخبار هدى إيه دلوقتي يا حبيبتي كنت عاوزك تعزميها على الغداء هنا أهو تغير جو وتيجي تقعد مع الأولاد شوية.»


ميادة:«والله يا مصطفى انت دايمًا بتقرأ أفكاري هي فعلاً محتاجة تختلط بالناس وتخرج بره القمقم اللي هي حابسة نفسها فيه وخصوصا إن نفسيتها متأثرة شوية من ساعة ما بلال راحلها امبارح.»


مصطفى:« انتى اتكلمتي معاها في حاجة يعني عرفتى هي حابة ترجعله ولا لا؟» 


مياده:«ماما وهي بتكلمني النهاردة الصبح قالتلي إنها اتكلمت مع هدى وهي فهمت إن هدى لسة بتحب بلال بس ما بقتش تثق فيه وخايفة إنها لو رجعتله ممكن يتخلى عنها في أي لحظة ودا اللي مخليها مش قادرة تسامحه لحد دلوقتي.»


مصطفى:« طيب وانتي إيه رأيك يا ميادة تحبي إن هدى ترجع لبلال؟!» 


ميادة بعد تفكير:« أنا شايفة إن بلال بيحب هدى وإن حبه كبير لدرجة إنه هيقدر يستعيد ثقتها بس المسألة مسألة وقت مش أكتر واللي هيساعده هو حبها الكبير ليه هو صحيح حبه عمل زي الدبة اللي قتلت صاحبها بس كفاية إنه اعترف بغلطه وعاوز يصلحه وكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابين.»


مصطفى بفخر:« الله عليكي يا ميمو يا حبيبة قلبي انتى يبقا كدا  إحنا لازم نساعدهم عشان يرجعوا لبعض ويعيشوا حياتهم بدل ما هم عاملين زي الأرواح اللي مش عارفة تلاقي خلاصها.»


ميادة:«وانت ناوي تعمل إيه عشان تخليهم يرجعوا لبعض تاني؟!» 


مصطفى بتفكير:« لا دا بقا عاوز تخطيط جامد عشان نقدر نلين دماغهم الناشفة دى.»


مرت عدة أيام كان يأتي خلالها بلال حاملاً باقة من الورود ويقف أمام المدرسة التي تعمل بها هدى وينتظرها حتى تخرج ويحاول التحدث معها والتأثير على مشاعرها بأسلوبه حتى ينال ثقتها مرة أخرى ولكنها دائما كانت تأبى الإستماع إليه وتتحدث معه بحدة وتنهره ثم تتركه خائب الرجا وفي ذلك اليوم كان بلال ينتظرها كالعادة حاملاً ة الورد ولكنه تفاجأ بعد خروجها باقتراب أحد الرجال منها والغريب أنها كانت تمنحه ابتساماتها التي حرمتها عليه فغلي الدم في عروقه وألقى باقة الورد أرضاً وذهب مسرعاً في اتجاهها ثم وقف بجانبها ونظر إلى ذلك الرجل بحقد بالغ وتحدث من بين أسنانه.


بلال:«مين الأستاذ دا يا هدى مش تعرفينا؟»


أيمن:«حضرتك اللى مين؟!»


بلال:«أنا الرائد بلال العوضي خطيب الآنسة هدى انت مين بقا يا أمور؟» 


أيمن بتهكم:«قصدك اللي كان خطيبها ءنا بقا أيمن زميلها في الشغل وإن شاء الله هبقى خطيبها رسمي لما أطلب إيدها النهاردة من والدها.»


جحظت عينا هدى  وحاولت التحدث ولكن انعقد لسانها فلم تستطع الكلام وخصوصا بعد أن أعطاها أيمن إشارة في مجاراته.»


بلال بحدة وهو يمسكه من ملابسه:« خطيب من يا روح أمك انت اتجننت هدى دي لو فكرت تقرب منها أنا همحيك من على وش الأرض، ثم دفعه والتفت إلى هدى وتحدث بحدة: وانتى بقا موافقة على كلام البني آدم دا انتى بجد هتتخطبي ليه؟!» 


هدى بثقة:« أظن دي حاجة ما تخصكش دي حياتي وأنا ة فيها وبعدين إحنا مفيش حاجة بتربطنا ببعض عشان تيجي وتقولي أعمل إيه وما أعملش إيه.»


أيمن باستفزاز:«أظن حضرتك عرفت الرد ودلوقتي بقيت شخص غير مرغوب في وجوده يا ريت كفاية شوشرة لحد كدا واتفضل من هنا.» 


حاول بلال جاهداً السيطرة على أعصابه حتى لا يحرق الأخضر واليابس ويقدم على تصرف متهور ينهي به الأمل في الحصول على هدى فقرر الإنسحاب ورأسه كالبركان الثائر دون أن يتفوه بكلمة أخرى ولكنه اكتفى بتوجيه نظرات نارية لأيمن لاحظتها هدى فذهب واستقل سيارته وقادها بجنون حتى شعرت هدى بالخوف عليه من أن يحدث له شيئا سيئا. 


أيمن:«وآخرتها يا هدى لما انتم الاتنين بتحبوا بعض بالجنون دا لازمته إيه العند؟ ليه ما تغفريش ليه وترجعيله؟»


هدى:«انت ليه عملت كده؟ ليه قولتله إنك هتتقدملي النهاردة؟!»


أيمن بهدوء:« كنت عاوز أتأكد اذا كان يستاهل إنك توقفي حياتك عشانه ولا لا والظاهر فعلاً إنه يستحق الحب الكبير اللي في قلبك ليه.»


هدى:« بس بلال مش غبي عشان يصدق كدبة تافهة زي دي والدليل إنه مشي حتى من غير ما يتأكد.» 


أيمن بضحك:«ومين قالك إنه مش هيحاول يتأكد.»


هدى باستغراب:« قصدك إيه؟!»


أيمن:« هتعرفي بالليل بس دلوقتي لازم تفهمي إن هو مشى من غير ما يتكلم رغم غيرته المميتة اللي كانت واضحة زي نور الشمس عشان بس ما يخسركيش ويعيد نفس غلطته اللي فاتت.»


هدى:«انت ازاي عارف كل التفاصيل دي؟!»


أيمن بأمل مفقود:«اللي بيحب حد يا هدى بيعرف عنه الصغيرة قبل الكبيرة وانتى هتفضلي الجزء النقي اللي في حياتي اللي عمري ما هقدر أمتلكه بس كفاية إني أعرف إنك سعيدة في حياتك.»


في المساء ظلت هدى منتظرة على أحر من الجمر لمعرفة ما سيحدث من أيمن وكيف سيجعل بلال يصدق بأنه سيتقدم لخطبتها كانت تنظر إلى ساعة هاتفها بقلق ولكن مر الوقت دون أن يحدث شيء وها هي الآن الساعه 10:00 ولم تحصل على إجابة لسؤالها ظل التفكير ينهش عقلها حتى استمعت إلى رنين هاتفها فأمسكته مسرعة فوجدت أيمن هو المتصل وما أن فتحت الهاتف حتى أصابتها الدهشة فقد كان أيمن لا يستطيع السيطرة على ضحكاته.


أيمن بضحك:« أنا ما كنتش عارف إن في مجنون هدى زي ما كان في مجنون ليلى زمان هههههه.


هدى:«قصدك إيه؟ إيه اللي حصل؟»


أيمن بضحك:«بلال خطفني يا ست هدى هههههه.»  


               الفصل الواحد والثلاثون من هنا 

لقراءة باقي الفصول من هنا

 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close