أخر الاخبار

رواية بيت السلايف الفصل الاول 1بقلم خديجة السيد

 


رواية بيت السلايف

الفصل الاول 1

بقلم خديجة السيد


عندما لا يمتلك الانسان حق تقرير المصير

عندما تصبح احلامه مجرد رماد تذروه الرياح.

عندما تجبرك الظروف ان تقمع نداء القلب خلف استار التقاليد البالية، عندما يصير مجرد بيدق في لعبة شطرنج كل وظيفته هي حماية الملك. 

***


في تلك الليلة الصيفية الحارة تلألأت الأضواء الساطعة داخل حديقة منزل صغير ، وكانها تنافس سماء يوليو المغطاة بالاف النجوم حيث تعالت ضحكات شابين صغار يلعبون بالكره لم يتجاوز عمرهما الثالث عشر واختلطت الهمهمات بين اباهم، ثلاث اخوه من بعيد الذي كانوا يجلسون بالقرب منهم ليتحدث حماد الجبالي : 

-مالك يا اخويا اللي شاغل بالك 

اجاب حسنين الجبالي متنهدا بحرارة كبيرة:

- اخر ايچار للارض السبوع الچاي واني معيش القرشينات دلوج واني تعبت علي ما اشتريت حاچه تسند العيال لما يشدوا حيالهم . انا ما صدجت اشتريت الارض ديه وتعبت عقبال ما قدرت اجمع تمنها، انا بافكر ابيع المواشي اللي عندي 

صاح حماد بحده يعاتب اخيه :                      -انت اتچنيت يا حسنين عاوز تبيع المواشي ديه هي اللي فاتحه بيتك وعتصرف علي عيالك منها 


_ اعمل ايه اديتهم كلمه جبل سابج  عاوزني ابجي مش جد كلمتي يا حماد رايد اخوك يكون مسخره وسط الخلج دول خمس تلاف عجيبهم منين بس

هز راسه برفض وبسرعة قائلا: 

-لاه ولا عاش ولا كان يا اخوي لو حصول اكده اني ممكن اسلفك المبلغ و لما يبقى معاك يبقى سدده براحتك 

اجاب حسنين بهدوء :

- تسلم يا اخويا  شايلك لوقت عوزه  

قال حماد باصرار :

- اني عتحدد چد يا حسنين خد القرشينات وابقى ردهم بعدين 

نظر اليه بدهشة :

- حديد ايه ديه يا اخويا بس  انت وراك مصاريف انت كمان وبيت 

حماد بعدم مبالاة : 

-ما لكش صالح بيا وجول موافج 

هز راسه برفض تاما :

- ما عينفعش يا حماد .ما بحبش ابقى ليا دين لي حد  وانا مامعرفش اسدد الدين امتى

نظر لهم صلاح لـشقيقه و احتدت عينـاه السوداء ليقول مقترح :

- طب اني عندي حل ايه رايك يا حسين تكتب الارض باسم حماد لحد ما تردله الدين  

هز راسه هاتفا حماد : 

-عتجالو ايه يا صلاح  انا مش عاوز حاچه ديه اخويا مش ضمنه ولا ايه 

تطلع الي حسين قائلا بقصد :

- وهو يعني مش ضامنك انت كمان  ده مجرد ورقة و هتتقطع بعد ما يردلك الدين  ولا انت مش واثچ (واثق) فى اخوك يا حسنين 

هتف بدون تفكير : 

-لا طبعا واثچ فيه 

ابتسم صلاح بخفه قائلا :                             -طب يلا خذ القرشينات من اخوك ونادي علي عديله مرتك تچيب ورقه وقلم عشان تكتب العقد  مش لازم يبقى ضامن حجه

ليوافق بعد الحاح كبيرا من أشقائه الطويل! هاتفا: عندك حج (حق) يا صلاح 

- خلاص اكده يا حماد الارض باجيت ارضك دلوج 

استمع هذه الكلمات ابن حماد وهو ياخذ الكوره التي طاحت وهم يلعبون بها ليهتف ابن عمه قائلا: 

-يلا يا دياب هات الكوره بسرعه عوجت ليه 

تطلع الي والده مطولاً ثم التفت اليه وهو يركض تجاه : 

-حاضر يا عيسي چاي 


لوت عديله فمها بحنقه شديدة من فعل زوجها بأنه يكتب الارض باسم اخيه حماد فهي لا ترتاح أبدا الي اخواته الاثنين حماد وصلاح ودائما ما تحذر زوجها لكنه يثور عليها فهو ذو قلب طيب و يحب اخواته ويثق بهم ثقه عمياء .! 

***


بغرفه مظلمه لا يدخل لها الا شعاع نور متمرد من نافذه صغيره باعلى الحائط فهى غرفه بداخل فيلا احمد السيوفي تجلس فتاه بملامح جميله بزاويه الغرفه اعلي الفراش تضم قدميها وتخفى وجهها بينهم وتبكي وتفكر ماذا تفعل هى ليست مذنبه بشئ ،فكل ما فعلته انها احبت بصدق و تزوجت من احبته لكن هو لا يبدلها هذا الحب، لم يكن سوا احمد السيوفي الذي وافق على الزواج بعد اصرار كبير من والده حتي يتزوجها فهي حياه المهدي والدها صديقه الذي توفي بعد صراع مع المرض الخبيث وقبل ان يتوفي بعدة لحظات وصي والد احمد السيوفي علي ابنته ولم يكن من السيوفي حل غير ان يزوجها الي ابنه احمد الذي رفض بشده لانه يحب فتاة اخري ، لكن دائما يعاملها بجفاء وعدم اهتمام وأحياناً يعترف لها بانه تزوجها بالاجبار بسبب والده ويحب فتاه اخري !! هو هكذا وسيظل هكذا قاسي. 


افاقت حـيـاه من شرودها على صوت رفيقة دربها ريم وهي تهزها برفق متمتمة باشفاف عليها :     

-بس يا حـيـاه بطلي عياط انتي ليه تاعبه نفسك على شخص بارد زي ده مش حاسس بيكي على طول بيهملك انتي وبنتك 

هـزت راسها ببطء ليخرج صوتها مبحوحًا لينًا كخشبة رقيقة لا تستطيع ان تغرق وسط المياه ولا حتى تنقذ نفسها من موجاتها : 

-مش قادرة يا ريم فكرة انه يكون بيعرف واحده عليا ويحبها بتوجع قلبي

عضت ريم على شفتاها باسى:

- ما انتي اللي غاويه تتعبي نفسك  من اول يوم جواز كمان ومن ساعه لما حكيتلي اللي حصل بينكم ومعاملته معاكي وسابك بعد الفرح واختفي أسبوع وجاي بعد كده وانا قلت لك اني شكه انه بيحب واحده ثانيه  بس انتي ما صدقتنيش 


شردت قليلا في تلك الليلة الماساوية التي حولت حياتها في ليله وضحاها لتصبح سوطًا يجلد تلك الفتاة بلا رحمة ! بينما هتفت ريم :

- اديكي المره دي سمعتي بنفسك وهو عمال يحب فيها في تليفون ؟! 

استطردت حـيـاه بنبرة ليست هنا بل شاردة تصف تلك الضجة التي تسيطر على ما بداخلها : 

- ما دا اللي تاعبني وتاعب قلبي ان سمعته مش حد قال لي عشان اكدبه وانه على طول يقول لي انا مش بتاع الحاجات دي كلها كلام فاضي بالنسبة لي ومجرد هبله. بس الكلام اللي سمعته وهو بيكلمها في التليفون كان صعب قوي عليا دي بيقولها اد ايه انه بيكرهني و اتجوزني غضب! 

قـالـت ريـم بصـوت حـازم :

- انتي لازم تتطلقي منه  ده واحد ما عندوش دم مش بيحترم مراته ولا بيته ولا حتي بنته اللي على طول عمال يهمل فيكم و رايح يحب واحده ثانيه 

هزت راسها نافية لتجيب بقلب متمني متوجع بقدر تمنيه :

- مش هقدر يا ريم انا بحبه اوي . 

تطلعت بحزن الي بنتها تتساءل ما ذنبها بمعاناة امها التي لم تتجاوز السابعة من عمرها وهي تجلس بزاويه بعيده عنهم لكنها استمعت الى حديثهما ، بالطبع لم تفهم جميع الكلمات لكنها ادركت حزن وبكاء والدتها كل يوم بسبب والـدهـا .! 

ثم هتفت حـيـاه الي ابنتها فهي تحاول بكافة الطريق ان لا تحس بشئ .! 

- اطلعي يا حبيبتي العبي بره 


رحلت الطفلة بطاعه ثم اردفت ريم باستنكار :  -يبقى هتفضلي عايشه في العذاب ده طول عمرك هو انتي قلتيله انك. 

قاطعتها حياه بصعوبة وهي تحاول التماسك :

- لا و اياكي تقولي لي حاجه عن الموضوع ده يا ريم

عقدت ريم ما بين حاجباهـا هامسة ببحة متاثرة : 

-انتي كده بتموتي بالبطيء يا حـيـاه لازم يعرف يمكن تصعبي عليه حتي لما يعرف .! 


**


كانت عـديلـه جالسه بخارج مـنزلها متربعه بقدميها ارضـا وعلي حـجرهـا صحن كبير بـداخـله حبات ارز ابيض تلتقط حصى اسود منه وهي شارد الذهن بزوجها الذي سافر الليله في الصباح الباكر مع اخوه حماد الي مصر بسيارته النقل الخاصه به حتي يبيع حسنين زوجها محصول الارض، لاتعرف لماذا أصر حماد علي الذهاب معه وهي دائما لا تثق في أخواته و تري في عينيهم الحقد والغيره وتريد ان يخلص حسنين من هذا الدين بسرعه. 


قطع تفكيرها السيده زيـنـب جارتها وهي تصرخ بقوه و فزع :   

-اللحچي يا عـديلـه الـعربيـة انـچلبت بـچوزك واخـوه حـمـاد ونـجلـوهم المشـفي . 


***


في منزل صلاح الجبالي داخل الصالون يتوسط الجلسه براحه و يجلس علي يمينه زوجته نعمه وهو يرتسم فوق وجهه هو يتابع ثرثرة زوجته بعدم اهتمام فكل ما يشغله ما سوف يحدث الان وهو بانتظار الاخبار من اخيه علي حد الجمر .

انفجر حماد بقهقه عالية قائلا :

- هيفضل طول عمره اخوك حسنين غبي اديني خدنا منه الارض وبقيت باسمي                         

هز صلاح راسه ببطء قائلا ببرود: 

-ما تفرحش چوى اكده ده مجرد عقد ابتدائي ولا يعمل حاجه لازم العقد يكون متسجل في الشهر العقاري 

ابتلع حماد لعابه بصعوبة لينهض من فوق مقعده قائلا:

- ايه ؟ طب والعمل هنعمل ايه لازم ناخذ الارض مقابل حچنا اللي ابوك كتب البيت باسمه هو لوحده، چال ايه عشان يعوضه على فراج (فراق) امه عشان هو الوحيد اللي فينا كان يتيم الام . 

نظر إليه صلاح قائلا بحدة: 

-اسمعني زين لازم العقد يكون متسجل في الشهر العقاري خلال اسبوع . انا عرفت انه مسافر بعد يومين لمصر  شفلك اي حجه وسافر معاه وحاول تجنعه وهو لوحده بعيد عن مراته اديك شايف مش بطيج حد فينا 

التمعت عيناه حماد بخبث هاتفا :

- فكره زينه حاضر عسافر امعاه وعحاول اخلي يسجل الارض باسمي وهفضل ازن فوج دماغه .

ابتسم بمكر ذئب صلاح وهو يتذكر حواره مع حماد ليدخل مسرعا الغفير قائلا: 

-الحج يا صلاح بيه حسنين وحماد بيه اخواتك تعيش انت  

شحبت ملامـح صـلاح بصدمه من كلمات الغفير الهازئة به فاخر شئ كانه يتوقع موته اخواته الإثنين معا . 

***


مرت مراسم العزاء والمواساة بصعوبه وثقل علي الجميع، هتفت فـاطـمه زوجة حماد هاتفا : 

-باجولك ايه يا عديله انا عارفه ان مش وجته بس في حاجه عاوزه اسالك عليها  انا لچيت الورقه دي في اوضه نومي انا و حماد الله يرحمه معنى ايه الحديد ديه 

لم تتردد وهي تجيب بجمود:

- مالوش معنى يا فاطمة دي مجرد ورقه حسنين الله يرحمه كتابها بحس نيه عشان استلف من حماد 5000 الف لكن دي ارض جوزي وعيالي، ما تچول حاچه يا صلاح ما انت كنت قاعد وشاهد على كل حاچه 

تلوى ثغره بابتسامة ساخرة ثم سرعان ما يخبرها:

-ما كنتش اعرف انك خبيثه اكده يا عديله  الكلام ده ما حصلش و الارض بتاعه حماد اشتريها منه ودفعله فلوسه جبل ما يموت. 

تطلعت فاطمه بها بعتاب :

-اكده يا عديله عاوزه تاكلي حج عيالي 


لتصرخ عديله بهم بصياح قوه :                    - كدااااب الحديت ديه ما حصلش الارض ارض جوزي وعيالي ومن حجي انا .. طول عمرك سماوي وشيطان يا صلاح و مالكوش حاچه عندي 

صاحت فاطمه هي الاخري : 

-يعني ايه ما ليش حاچه، طب انا مش خارجه من  اهنيه لما اخذ حجي حتي لو علي موتك.


علي الجانب الاخر كانوا ينظرون اليهم بحزن وصمت دياب و عيسي حتي تحدث عيسي هامسًا بلوم : 

-شايف امك بتعمل ايه يا دياب الارض دي بتاعه ابويا كان بيحوش من زمان عشان يشتريها         


قال دياب بنبرة اجشة :                              -انت اللي كداب يا عيسى انت وامك  انا سمعت ابوك وهو بيقول لابويا ان الارض بجيت بتاعه 

اندفع عيسي يضربه بعنف : 

-اخررررس يا كلب انا امي مش كدابه .

جزت عديله علي اسنانها بعنفوان :

- طب لو كلامك صوح فين الفلوس اللي حماد عطاهاله

تطلع فيها ببرود فهو يحاول بشتى الطريقه ان ياخذ الارض اليه ويستخدم فاطمه زوجة حماد وسيله حتي يحصل على ما يريده ليتحدث بصوت ساخراً :

- شوفي انتي بقى يمكن يكون حسنين طفش منك و اتجوز عليكي                                               

نظرت اليه بغضب شديد فهي تعرف كره تجاه اخوه حسنين دائما الغيره والحقد لانه ناجح في عمله، لمحت ابنها عيسي وهو يتشاجر مع ابن عمه دياب وخرجت صوتها مبحوحًا وهي ترجوه:

- بـس يـا عيــســى ما تضربش واد عـمـك 

***


حاول صلاح الجبالي بكل الطرق ان ياخذ الارض من عديله و دائما يسلط عليها فاطمه المراه الساذجة التي تطمع مثله لكنها لم تفلح معها حتي فكره ايضا ان يعرض عليها الزواج لكنها بالطبع تعرف نواياه لذلك رفضت بشده مما اثار غضبه من هذه المراه التي لا تتعب ولا تمل عندما علم انها نزلت لتعمل في البيوت و تبيع خضار الارض الذي يزرعه ابنها عيسي الذي تحمل الحمل معها فهو الكبير الان وسط اخواته مما اشفقت عليه كثيرا عديله...

  

كان عيسي يضرب بالفاس بقوه رغم صغر سنه بالارض و رغم تعبه لكنه يعلم لابد ان يجمع المال الذي تراكم عليها و بجانبه عديله تساعده اقتربت فاطمه وهي تسحب ابنتها الصغيرة لتلوي شفتها بسخرية هاتفه :

- من ميتي الحريم بتجلع في الارض يا عديله 

تركت ما بيدها ونظرت لها بحنق : 

-يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم . خير يا فاطمه عاوزه ايه تاني 

ابتسمت بتسليه لتهتف بخبث :

- هو انتي مش بتقولي ان جوزك استلف من جوزي 5000 انا بقى عاوزاهم دلوج 


نظرت بغضب اليها فهي حتي لا تشفق علي ظروفها لكن بالتاكيد هذا تفكير الماكر صلاح :   -حاضر يا فاطمه اسبوع بالكثير وهيكون عندك 


احمرت عينـاه عيسي بغضب ثم حدق في الطفله الصغيره التي تدعي فـرحـه وهي تـملي عيناها منه مطولا ثم اشاح وجهه عنها بقرف من هذه العائلة ضحكت بسخرية وهي تسحب ابنتها : 

-يلا يا فرحه                                                         

تسال عيسي بتردد : هتچيبي القرشينات منين يا اما 

هتفت بيأس: 

-هاشتغل يا ابني هعمل ايه يعني  منهم لله ال بعده

قال عيسي بخشنـة مغموسة بقوه ورفض : 

-لاه يامه مش هتشتغلي ثاني عند حد  انا اللي هاشتغل وعچمع الفلوس واخواتي كمان هيكملوا تعليمهم  

ابتسمت بحب عديله وهي تضم ابنها اليها ثم صدرت ضحكه قويه من شخص بعدها يردد بشماته واضحة : 

- ايه يا عديله من جله الرچاله بتشتغلي انتي  طب ما انا جلتلك اللي فيها يا بنت الناس 

أبتعدت عن ابنها لتنظر اليه بضيق شديد و فهمت تلمحه عرض الزواج : 

-ربنا ما يحوجني لي اللي زيك.. انا عندي بدل الراچل ثلاثه يا صلاح الدور و الباقي علي اللي عنده راجل بس ذي عدمه 


حاول تمالك اعصاب وهو يمد اليها اكياس بانواع مختلفة من الطعام الطازج و الملابس:

- طب خذي الوكل ديه وبطل حديتك الماسخ ده 

احدت عيناه السواد الهائجة وبجنون يرمي حروفه على هيئة شرارات ويرفع الفاس للاعلي: احنا مش عاوزين حاچه منك، حتى لو عنموت من الچوع و غور من هنا يلا 

تراجع للخلف بذعر واضح رغم صغر سن الطفل وقال بنبرة ساخره:

-لا شكلك عرفتي تربي صوح يا عديله 

***


الام كلمة صغيرة وحروفها قليلة لكنّها تحتوي على اكبر معاني الحبّ والعطاء والحنان والتّضحية، وهي انهار لا تنضب ولا تجفّ ولا تتعب، متدفّقة دائما بالكثير من العطف الذي لا ينتهي، وهي الصّدر الحنون الذي تُلقي عليه راسك وتشكو اليه همومك ومتاعبك. الام هي التي تعطي ولا تنتظر ان تاخذ مقابل العطاء، وهي التي مهما حاولتَ ان تفعل وتقدّم لها فلن تستطيع ان تردّ جميلها عليك ولو بقدر ذرة صغيرة؛ فهي سبب وجودك على هذه الحياة، وسبب نجاحك، تُعطيك من دمها وصحّتها لتكبر وتنشا صحيحا سليما، هي عونك في الدّنيا، وهي التي تُدخلك الجنّة.


السيده (عديلة ) سيده بسيطة ربه منزل درجة اولي من اصول الصعيد غير متعلمه تزوجت رجل بسيط يدعي (حسنين الجبالي) وهي في سنه ١٥ من عمرها وهو في العشرون من عمره وانجبت منه ثلاث ابناء، راجل بسيط جدا لا يعرف شئ في حياته غير الزراعة لديه قطعه ارض كبيره لقمه عيشه جمع المال لشراء الارض بصعوبة من ماله الخاص بيه بالحلال وكانت حياته عاديه حتى انجبت لهُ عديله ثلاثة اولاد ،ورثن عنـه كُل شيء من الطيبه والشهامه وكانوا الأب حريصين علي تعليم أولاده ولم يحرمهم من اي شئ كانت الحياة بين الجميع هادئه وجميله،حتي في يوم توفي بعد ذلك في حادث وترك أبناءه صغار واصبح الحمل ثقيل كله عليها بمساعدة ابنها البكري وترك الحمل كله علي السيده (عديلة ) ومع ابنها البكري عيسي .


مرت الايام والشهور و السنوات سريعا وبالفعل استطاع عيسي بمساعدة امه عديله بتجاوز كل هذه المشاكل وسداد الدين للجميع و ايضا تعليم اخواته وتخرجهم من كليه زراعه الجميع باقتراح الأم واصرارها ورفضت ان يتعلموا او يتخرجوا من جامعه اخري حتى لا يبعدوا عن بعض وعن اصلهم الزراعه والفلاحه واصبح عمود المنزل عيسي وامه واصبح لهم إسم كبير وسط الجميع و دائما الراي الاول و الاخير لعديله مصباح المنزل كما يلقبها أبنها عيسي . 


وفي ذات يوم اقترحت عديله علي عيسي لابد ان يتزوج حتي يصبح له اسره وترى احفاده و اختارت له ابنه خالته و رغم انه كان لايريد الزواج الان ولا حتي من إبنه خالته ورد فهو يعتبرها مثل اخته تماما لكن لا يستطيع ان يرفض طلب لامه مهما حدث حتي لو علي حساب نفسه؟ او هذا الإختيار لا يسعده .

***

بــعــد عــده شــهــور طــويــلــة 


اندفع عيسي يركض بشده بانفاس الاهثه فقبل قليل اتي احد من طرف امه يقول له بان زوجته ورد تولد الان وهي بحاله حرجه راى امه تقف وهي تحمل لفه صغير توقع دون تفكير بان ابنه ابتسمت عديله بلهفه : 

-عيسي مبروك ما جاء لك يا ولدي 

ابتسم بحب ثم قال متسائلا :

- ورد  ..ورد فيـن 

اخفضت راسها بحزن وصمتت عقد حاجبيه ليدلف غرفه المشفي كانت ورد فوق الفراش ازاحت دمعاتها عن عينيها و قالت بصوت خافض مؤلم يخرج من ثغرها بفرحه :

- عـ عـيسي


اقترب منها سريعا عندما لاحظ شحوب وجهها وضعفها اترمت بين احضان عـيسي الذي استقبلها علي الفور فتحدث بلهفه مرادفا: 

-ورد كيفك يا بنت عمي حاسه بوچع 

ورد بتعب شديد وصوت متقطع:

- حاسه انها خلاص النهايه يا عيسى  بس مبسوطه جوي اني شفتك جبل ما اروح عند اللي خلجني 

فهو حبيب عمرها اول رجل بقلبها اعطها اهتمام شديد عاملها بطيبه ولكن رغم ذلك لم يمنحها حب تابعت حديثها :

- والله العظيم ما حبيت حد غيرك صدجني انت روحي وانا مبسوطه اني هموت واني في حضنك وعارفه انك عمرك ما حبتني يا عيسى 

عيسى بلهفه:

- لا لا متسبنيش يا ورد انا بحبك ولله و انتي مش هتموتى هتعيشي وعاتربي ابننا او بنتنا .! 

ابتسمت وسط دموعها وقالت بضعف :

- ما تكدبش يا عيسى طول عمرك صادج يا ولد خالتي وما بتحبش الكدب ،انا عارفه ان مرات عمي هي اللي طلبت منك تتچوزني . انا مش عاوزك تزعل عـلى موتي واتجوز بعدي اللي ما عرفتش تطلعها من جلبك لو عنديك الفرصه

ضغط علي شفتيه السفلي و الغضب يملئ عينيه من حديثها الواضح بضيق فهي تعتقد أن قلبه متعلق بغيرها: 

-حديت ايه ديه انا محبتش حد وقلبي مش متعلق بحد يا ورد غيرك انا مشـ ..

وفجاه أغمضت عينيها ورد ولم تعد تنطق فتحدث عيسي بصدمه مرادفا:

- ورررررررد .. انا لله وانا اليه راجعون


الحياة عبارة عن قدر ونصيب نتعايش مع، سواء بإرادتنا أو بغير إرادتنا، وقد يكون القدر لصالحنا أو لا. وقد نكره أن نعيشه، لكن بعد فترة يتبين لنا أننا أخطأنا في تقديره و إنه القدر المناسب لنا، ونحن نتأقلم معه، ونسلم أنفسنا لا إرادياً لله، ونتذوق حلوه ومره، ونتقبل كل سلبي قبل إيجابيته.

***


وضعت طبق الفول اعلي طاولة الطعام امامهم لتتذوق غاده قائله بحنق : 

-الفول ناجص ملح

لتقول نعمه بقرف:

- وميته (مياه) كتيره كمان                               

غاده بضيق: 

- انا نفسي اعرف طالما ما تعرفيش تتدمسي فول بتعملي لي . ما نشتري من بره بدل الجرف اللي بناكله كل يوم ديه 

هتفت فرحه بنفاذ صبر من تصرفاتهم الدائمه بصوت منخفض :

- والله ما حد مقرف غيرك انت وامك اللي جنبك  انا عرفت ليه دلوج كل شويه تغضبي مع جوزك و تيجي اهنيه 

غاده وهي تهتف بحده:

- بتچولي ايه بصوت واطي ما تعلي صوتك وخلينا نسمع                                                                  

ابتسمت فرحه ابتسامه صفراء قائله:

- بجولك يا غاده بدل النوم لوش العصر تجومي وتشمللي وتعملي انتي احسن مني

جزت على اسنانها بضيق: 

-شايفه جله ادبها ياما 

هتفت امها بغضب : 

-هو انتي يا بت ما تعرفيش تحطي لسانك في خشمك خالص لازم تردي الكلمه بعشره معلش يا بنتي ليها جوز يترد عليه 

وقفت امامهم ببرود قائله لاستفزاز:

- جوزي فوج نايم ابقى اطلعيله انتي وبنتك وبخي سمك في ودنه جدامي بدل من ورايا 

انتفضت ام غاده تصرخ بغضب:

- لاه ديه انتي زودتيها قوي يا بنت حماد . اشحال معيوبه وساكتين راضيين بيكي 

لتقول بخبث هاتفة بهدوء:

- سيبيها ياما اصلاها ما تعرفش اللي فيها 

هتفت فرحه بحدة وهي تكتف يديها فوق صدرها: طب ما تعرفيني انتي يا ام العريف 

ابتسمت غاده لها بخبث : 

-حالا هتعرفي 


نزلت اعلي السلالم عامر متمتم بضيق متسائلا: 

-في ايه يا ياما، ايه يا غاده في ايه؟؟ وانتي يا فرحه صوتكم عالي ليه مش عارف انام شويه هو ابويا راح فين 

اجابت نعمه بهدوء وهي تنظر الى فرحه بحقد:    

-سبججك علي الشغل.. روحي شوفي مين علي الباب يا فرحه يمكن يكون حد عاوزك 

تنهدت فرحه بضجر لتذهب تفتح الباب لتتفاجا بفتاه جميله بملابس مصريه تضع مساحيق تجميل كثيرة نظرت اليها مطولا متسائلة باستغراب : 

-نعم خير اؤمريني 


أبعدت الفتاه فرحه من امام الباب لتدخل بجراءة: يا اختي اوعى كده هو في حد بيسال صاحبة البيت رايحه فين 

عقدت حاجبيها بدهشة:

- صاحبت البيت ؟! 

اتنفض قلب عامر بخوف متمتم بارتباك واضح: مروه انتي اللي چابك اهنيه

احتضنت ذراعيه العريضة بدلع :

- اخص عليك مش عايزني اجي و اشوفك ما وحشتكش مرمر حبيبتك يا عمور 

ابتسمت نعمه لها وهي تنظر الى وجه فرحه بشماته :

- ادخلي يا مرات ابني 

وهتفت غاده مثلها :

- ادخلي يا مرات اخويا 

مروه بابتسامة عريضة: 

-تسلمي يا حماتي ! 

هتفت نعمه بغل وهي ترمقها بنظرات حاده متهمة:

- مالك يا فرحه ساكته ليه مش هتيجي تسلمي على مروه مرات عامر 

هتفت غاده بسخرية لاذعه وهي تنظر اليها بازداراء:

- سيبيها ياما تاخذ نفسها من الصدمه اصلها خبطه واعره عليها جوي 

هتفت نعمه بغل :

- اوعي تزعلي يا فرحه من عامر هو معملش حاجه غلط اه ده شرع ربنا وبعدين من حجه يخلف ويكون عنده عيال 

لتكمل غاده وهي تهتف بشماته:

-و انتي يا حبيبتي مش بتخلفي .و بشهاده كل الدكاتره وعامر عمل اللي عليه و زياده  هيستنى اكثر من كده ايه ده انتم بجلجم تلات سنين متجوزين وما فيش خلف ! و ان شاء الله مروه تجيبلنا ولي العهد

تحدثت مروه وهي تضع يدها علي بطنها بانتصار: 

-لا يا غاده ما انا حامل .. ما فيش مبروك يا عامر

قالت نعمه بسعادة:

- بجد يا بنتي مبروك 


تحدثت نعمه بضيق شديد من صمتها فهي تريد ان تثور علي مروه حتي تتشفي فيها بشماته تفكيرها من اول يوم لانها تعرف بان زوجها صلاح كان يريد ان يتزوج امها من اجل الارض التي لم يحصل عليها حتي الان :

- ساكته ليه يا فرحه مش سامعلك حس يعني 

اقترب منها عامر محاولا الحديث معها رغم صمتها لكنه خائف من رد فعلها :

- فرحه اهدي و اسمعيني انا . 

صاحت نعمه فيه بشراسة:

- انت هتتحايل عليها يا روح امك ولا ايه  خليكي انت الكبيره يا مروه وابدا بالسلامه انتي يا حبيبتي

هزت راسها قائله بطاعه :

- حاضر يا حماتي انا. 

قاطعتها فرحه متسائلة بحماس :

- بتعرفي تعملي فول مدمس يا مروه

مروه بصدمه مرادفا:

- نعم اه بعرف طبعا بس ليه

تمتمت نعمه وهي تجز علي اسنانها بحده: 

-انتي هبله يا بت جوزك اتجوز عليكي وانتي بتسالي علي الفول مدمس 

تجاهلت حديثها و رفعت فرحه راسها قائله ببرود:

-طب كويس انك بتعرفي يا مروه  اصل غاده بتحب الفول المدمس ملح زيادة وموتها وسمها لو الملح ناجص زيها اكده بالظبط و طول اليوم مچضيها نوم واكل ومش بتساعد خالص . وحماتك تچلل مياه الفول وعلى طول عندها امراض الدنيا حچه يعني 

لتكمل وهي تهتف بحدة عندما نظرت الي عامر بصوت غاضب: 

-اما عامر بقي فانتي اكيد عارفه اكثر مني  بس النهارده عرفت حاچه زياده  انه قليل الاصل زي اللي وراكي دول بالضبط . 

ابتسمت بابتسامة مشرقة وهي تنظر الى غاده الذي تطلع فيها بغضب لتقول ببرود : 

-اصل انا هعمل زيك بالظبط كده يا غاده مش انتي بتتلككي لجوزك عشان تسيب البيت لي  وتسيبي عيالك و تچي هنا عشان اخدمك انا، وانا عندي بدل مرات الاخ اتنين يخدموني  بس اوعى تضحك عليكي يا غاده وتتحچچ بالحمل وتخليكي انتي وامك اللي خدامين عندها مش هي.


كانت كلمات فرحه تكفي واكثر لاشعال النار بداخل الجميع فالوضع اصبح معكوس هـي من استغلت الوضع لتشمت فيهم. 

هتفت نعمه بحدة وقد اشتعلت عينيها بالغضب :   

-انتي بتجولي ايه يا جليله الربايه انتي هتنسى نفسك يابت ده انا في مجام مرات عمك وحماتك 

نظرت اليهم فرحه بتحدي قائلة ببرود: 

-لاه عارفه بس الظاهر انكم انتم اللي نسيته  انا فرحه حماد الجبالي يعني حديتكم ده ولا يفرق معايا ببصله ولا ضعيفه ولا مكسورة ولا مسكين عليا ذله يا مرات عمي عشان اطاطى واسكت وارضي بانه يتجوز عليا وبعدين هو انتي خليتي فيها مرات عم 

لتكمل بازدراء وهي ترمقهم بنظرات نافرة وهي تهتم بالرحيل : 

-وحاجه كمان انتي مرات عمي اه بس من اهنيه ورايح مش حماتي عشان هطلج من ابنك 

نعمه بشراسة وقد التمعت عينيها بغضب : 

-يا بنت الكلب بدل ما احرج دمها حرجت دمي  ماشي يا بنت حماد 

***


اغلقت الباب خلفها لقد انتهت المسرحيه و أنطلق الدموع والحزن والحسره و الالم بداخلها فهي ليست قويه مثل ما يتحدثون الجميع عنها، انتفضت تمسح وجهها بكف يدها تزيل الدموع التي تغرق وجهها عندما سمعت طرقا خفيفا فوق باب غرفتها لتأذن للطارق بالدخول لكنها انتفضت واقفة عندما رات عامر زوجها يقول بتوتر: 

-فرحه .. انتي رايحه فين 

ارتدت الحجاب الشرعي لم تعد تتحمل لتصيح به غاضبه : 

-ما لكش صالح بيا من اهنيه ورايح 

جز علي اسنانه بغضب:

- يعني ايه مليش صالح انتي مراتي يا فرحه . هو انا يعني كنت عملت ايه انا اتجوزت على سنه الله ورسوله  كنت كفرت يعني ولا كفرت 

اخذت نفس عميق محاولة كتم دموعها التي سكنت علي وجنتيها الناعمة البيضاء الممتزجة بـلون الوردي الرقيق الذي يعد ترابط ساحر، امتصت شفتيها السفلي و اعتدلت جالسة تسحب حقيبة ملابسها وجميع اغراضها :

- انا رايحه بيت ابوي وانت يومين بالكثير وتبعتلي وقت طلاجي بهدوء  بدل ما ابعت ليك اخويا دياب وانت عارف دياب حماد الجبالي مليح وعارف مش هيسكت                                                            

ابتلع ريقه بخوف من دياب وهو ينظر اليها بصدمه قائلا بحب ممسك بيدها متحدث بلين فبعد كل ما حدث يحبها: 

-عاوزه تسبيني يا فرحه ده انا عامر جوزك حبيبك  طب خليكي وانا هطلجها 

انتفضت فرحه مبتعده عنه تزيح بحده يده التي كانت لتهمس بغضب :

- بعد عني واياكي تلمسني تاني خلاص كل حاجه بينا انتهت . وخليك جد مسؤوليتك طالما اتجوزت كمل و خليك جد كلمتك 

تضايق من اسلوب امرها الملئ بالتكبر تلك  القطة مشابهة لاخيها دياب وعزت نفسها ليصيح بحزن: يا فرحه كان غصب عني امي فضلت تزن عليا عايزه حفيد قبل ما اموت ما جدرتش اجول لها لاه وبعدين اكده انتي اللي ظالمه انا صبرت كثير ولفينا علي دكاتره الصعيد وبره الصعيد ومصر ومخدناش عجاد نافع منهم  يبقى حجي ولا مش حجي 

الي هنا لم تعد تحتمل لتترك للدموع سبيل لعينيها كانت ملقاه بضعف :

صوح حجك زي ما انا حجي اطلج منك يا ابني عمي  

***


بعد مرور اربع شهور دخل عيسي الي المنزل بعد يوم طويل ومهموم عـلى ابنه الذي تيتم الام بعد مولده ليدخل الي منزله كعادته كل يوم ليسمع صوت خلفه التفت و تفاجأ :

- فرحه خير في حاچه حصلت عندكم 

قالت فرحه وسط دموعها الشديدة : 

-امي عتموت يا عيسي واخواتي مسافرين مصر لشغل  و هي اللي عليها عاتيلي عيسى  ابوس يدك يا عيسى انسى اي خلاف بيناتكم زمان و تعالي طل عليها.

***


في منزل حماد الجبالي كانت راقدة علي الفراش وتقدم منها عيسي : 

-خير يا مرات عمي  مالك

ابتسمت وسط تعبها : 

-طلعت احسن مني يا عيسى  سامحني يا ولدي انا كنت عارفه و متاكده ان الارض ارض ابوك مش ارض جوزي بس الطمع ملى عيني 

أتسعت فرحه عينيها بدموع الصدمه مما تسمعه فهي دائما كانت تقول لاخواتها والجميع ان هذه الارض اليهم افرطتها في البكاء ليقول عيسي بهدوء :     

-جومي انتي بالسلامه يامرات عمي وانا اسامحك 

هزت راسها فاطمه باصرار:

- لا يا ولدي خلينا اروح وانا مرتاحه  انطجها وريحني ابوس يدك يا ولدي 

تنهد مجيب :

- انا مسامحك مرات عمي 

ابتسمت بخفه قائله بصعوبة شديدة:

- تسلم يا ولدي حاچه كمان بس ورحمه ابوك ما تكسفنيش 

عقد حاجبيه متسائلاً باهتمام : 

-خير يا مرات عمي 

فاطمه بجدية : 

-متجلجش يا ولدي ان شاءالله خير اني بس رايده اوصيك علي بت عمك فرحه عاوزاكٍ تعقد عليها وتتجوزها 

عيسى بدهشه :

- كيف يعني .هي مش متجوزه 

ازاحت فرحه دمعاتها عن عينيها و قالت بصوت خافض مؤلم يخرج من ثغرها بصدمة : 

-عتجولي ايه ياما

فاطمه بحذر وتعب :

- كح كح بس يا فرحه اسكتي انا بعمل الصوح ليكي هي اطلجت يا ولدي من اربع شهور عشان مش بتخلف وانا سمعت ان مراتك ماتت وسابتلك عيل اصغير اهي تربهولك جولت ايه يا ولدي 

اغمض عيناه بضيق وحيره فقد احس بانه اصبح في مأزق ليهتف بخشونة متردد:

- احم حاضر                                               

فاطمه بابتسامه حنونه : 

-عاملها بشرع الله يا ولدي ومتجييش عليها واصل ماهي بردك دمك ولحمك جبل ما هتكون مرتك ومتجساش عليها  و اوعي تاخذها بذنبي يا ولدي 

عيسى بهدوء:

- ان شاء الله

فاطمه بصوت متقطع:

- فرحه طيبه، و دياب و ضاحي كان نفسي يكونوا موچودين عشان اعرفهم حجيجة موضوع الارض  بس الظاهر هفضل شايله الذنب حتى بعد ما اموت هات المأذون دلوج يا ابني بالله عليك.                


في الخارج كانوا الناس يمرون بهدوء امام المنزل حتي سمعه صرخه قويه اطلقتها فـرحه بقهر و بنواح مصاحبه صوت بكاءها المرير الذي يشكل اثر درامي حزين على فراق امها وقبل منها بدقائق تم كتب كتاب فرحه و عيسي. 

***


- ادخلي يا فرحه الدار بجيت دارك


قالها عيسي وبجانبه تسير فـرحه بهدوء مرتديه حجابها القطني وعباتها السوداء وجهها الشاحب بحزن عميق ودموعها لم تجف اعتدلت عديله بعدم رضا وكانت تحمل ابن عيسي ناظره لها بتفحص لتقول و اشارت بكفها بطريقة امر:

-استني 

عيسى وهو عاقد حاجبيه بقوه و بحده: 

-خير يا ياما 


تقدمت منها لتقف امامها لتنظر فـرحه اليها باستغراب وقلق لتقول عديله بصوت قوي وحازم: قبل ما تخطي خطوه واحده اهنيه في الدار لازم تعرفي حاچه مهمه ده صالح ابن عيسي هتعامليه بحنيه وحب هتلاقي حنيه وحب مني برده! ومن اخوات عيسي انما هتعامليه وحش او واعره وياه و تعصيني في شيء او تكسري حديتي هتكوني بتكتبي نهايتك في الدار دي يا بنت فاطمه انتي اللي هتحدد مصيركٍ هيكون اهنيه ايه في الدار. 


                     الفصل الثاني من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close