رواية اسيرة الماضي الفصل الرابع عشر 14 بقلم رانيا البحراوي

 

 رواية اسيرة الماضي 

الفصل الرابع عشر 14

بقلم رانيا البحراوي


صدمت منة بصراخ مريم وظنت أن رأت حشرة أو سكب شيئا عليها وكان بيدها سكين تاخذها إلى الغرفة كي تقوم بتقشير بعض الفواكه لجدتها.


استغلت مريم ذلك ووقفت أمامها تتهمها بمهاجمتها بالسكين حتى تتخلص منها ومن المقارنة بين كلاهما يوميا.


نزل جميع من بالمنزل واسرعت مريم تعانق والدتها وتتظاهر بالخوف الشديد.


منة مازالت لا تفهم ما الخطأ الذي اقترفته لتواجه هذه النظرات الغاضبة من حسن وزوجته ومريم فمن صدمتها تقف عقلها عن التفكير خاصة وانها كانت منذ لحظات تمزح مع مريم حتى ان مريم طلبت منها بعض الفواكه المقشرة.


انتظرتها مريم حتى اخرجت السكين من الدرج وبدأت بالصراخ.


حمزة يتابع مايحدث في صمت دون تعليق نظرت منة إليه بحزن وقالت :لم افعل شيئا.


والدة حمزة :لا أريد هذه الفتاة بمنزلي بعد اليوم.

حمزة :اهدأي ياأمي قليلا حتى نفهم ماحدث.

الأم :لا وكيف اهدأ بعد تعرض ابنتي للقتل، أنا أخطأت عندما وافقت على مجيئها من الأساس وغدا سأقوم بتصحيح هذا الخطأ وسوف ارسلها الى والدها.


حسن :نعم لابد وأن تذهب للعيش مع والدها وبالنسبة لاختي أرى أن نعيد تلك الممرضة التي كانت ترعاها.


نظر حمزة بغضب شديد حين ذكر والده الممرضة.


حمزة :لحظة من فضلكم جميعا تحدثي يامريم اخبرينا ماالسبب الذي جعل منة توجه نحوك السكين؟


ارتبكت مريم وقالت :لم افعل لها شيئا ثم فكرت

 وقالت:طلبت منها تقشير بعض الفواكه فغضبت

وهاجمتني انظروا مازالت توجه السكين نحوي.


صفعت والدة حمزة منة بقوة وطلبت منها أن تعيد السكين بمكانه.


لم تبكي منة من تلك الصفعة وإنما بكى قلبها حزنا على من شدة الظلم.


ثار حمزة غاضبا وقال :لا هذا ظلم بين، واضح ان مريم تدعي عليها ذلك.


الاب :أخرس اتتهم والديك بالظلم واختك بالكذب من أجل تلك الفتاة المجرمة خريجة دار الرعاية (الأحداث)


توجهت منة إلى غرفة جدتها سألتها جدتها على الصراخ.

منة بحزن :لا شئ يبدو أن مريم رأت فأر بالمطبخ وصرخت فنزل الجميع.


الجدة :وهل خفتي أنتِ ايضا؟

منة :لا الفئران كانوا يعيشون معنا بالدار.


لم تنم منة طوال الليل والغريب انها لم تذرف دمعة واحدة وكأن الدموع تحجرت بأعينها محتارة لأي سبب تبكي اتبكي على الظلم التي تعرضت له أو مفارقتها لجدتها ام الذهاب إلى والدها الذي لا يريدها ام تبكي على فراق الشخص الوحيد الذي يشعرها أنها إنسانة. 


في الصباح 

استيقظ حمزة وايقظ والدته وطلب منها أن تتراجع عن طرد منة وإلا سيتخذ لها مسكنا بجانب شركته هي وعمته. 


تراجعت الأم على الفور عن قرارها ولكن يبدو أنها تظاهرت بذلك وانها لم تتراجع عن قرارها بينما قامت بتأجيله لحين ذهاب حمزة إلى الجيش. 


اسرع حمزة بسعادة إلى منة كي يخبرها أن والدته تراجعت عن قرارها فوجدها تعانق جدتها وكأنها تودعها. 


أشار حمزة لمنة كي تلحق به إلى الحديقة واخبرها بقرار والدته فهزت رأسها بهدوء وقالت :شكرا على مساعدتك لي ولكنني لا أريد البقاء بهذا المنزل. 


حمزة :لن تذهبي إلى أي مكان، وأريد أن اخبرك ان مريم طيبة القلب فلا تنزعجي مما حدث يبدو أنها غارت من تفوقك ولكنها بالأساس عطوفة ومتأكد أنها ستتفهم خطاؤها بحقك وستعتذر منك، أعلم مدى حزنك وألمك واحساسك بالظلم، اعتذر منك نيابة عنها.


نظرت منة له بأعجاب شديد وسألته :كيف تأكدت هكذا من برائتي وتصدقني وتكذب أختك.


حمزة :الفتاة التي تلقي بنفسها أمام كلب كي تنقذ طفلة صغيرة لا تعرفها لا يمكن أن تؤذي أحدا، متأكد من صدقك وستظهر الحقيقة كاملة أمام الجميع.


نظر حمزة لوجهها ورأى أثار اصابع والدته مازالت على وجهها من قوة الصفعة وقال بحزن :أنا من تلقيت هذه الصفعة لأنني كنت بجانبك ولم استطع حمايتك اعتذر

عن تقصيري في الدفاع عنكِ.


منة :لم تقصر بشئ بدليل أنك تقف أمامي الآن لتخبرني أنك اقنعت والدك بالعدول عن قرارها وتطلب مني البقاء.


حمزة :وستبقين أعلم انكِ لن ترفضي اول طلب أطلبه منكِ.


هزت منة رأسها بابتسامة اي أنها ستبقى.


ذهب حمزة إلى الشركة ولم تحتمل منة الجلوس بالمنزل فأطعمت جدتها واعطتها الدواء ثم استأذنت منها كي تذهب إلى الشاطئ.


ذهبت منة وجلست كعادتها تنظر للبحر دون أن تنطق بكلمة واحدة، تتحدث دموعها نيابة عنها وتخبر البحر بحزنها وتأتي نسائم البحر لتواسي جراحها وتجفف دموعها.


البحر اليوم لم يكن لها بمفردها فالشاطئ مزدحم كلما نظرت حولها تجد أطفال بصحبة والديهم، بجانبها طفلة سقطت على الرمال وفزعت والدتها لسقوطها واسرعت إليها تعانقها والعجيب أن الطفلة توقفت عن البكاء بمجرد أن لمست أمها جرحها وكأن يد الأم هي دواء لجراح أبنائها.


فهمت منة أنها لاتملك الدواء لألمها وأن كل نسائم البحر تستطيع فقط مواساتها أما الآلام فلا طبيب لها.


بينما منة منشغلة بالتفكير شاردة كحالتها المعتادة مرت ايسل بجانبها ترتدي ملابس البحر برفقة والدها ولكنها عندما رأت منة تركت يد والدها واسرعت إلى منة ولحق بها والدها خوفا عليها دون أن يعلم ماالذي دفعها لترك يده والجري بعيدا رغم أنه حذرها من ذلك قبل الخروج من المنزل.


فرحت منة برؤية ايسل ومدحت جمالها بملابس السباحة.


عمر بفزع :لماذا تركتِ يدي ألا تري شدة الزحام.


وقفت منة عندما رأته ولكنها لم تلقي عليه التحية فمازالت تتذكر مافعله بها.


عمر :كيف حالك؟

منة عابسة الوجه :بخير.


عمر لابنته :هيا كي نجلس بأي مكان.

ايسل :أريد الجلوس مع منة. 


عمر بضيق :هيا وإلا سأعيدك إلى المنزل. 

ايسل بحزن :حاضر. 


أشارت ايسل بيدها وذهبت برفقة والدها. 


جلس عمر على الشاطئ على طاولة قريبة من المقعد الذي تجلس عليه منة لأنه لم يجد مكان آخر. 


جلست ايسل بجانب والدها عابسة الوجه لا تفعل شيئا. 


عمر :اذهبي واسبحي قليلا حتى نعود إلى المنزل. 

ايسل :لا أريد. 

عمر :ألعبي إذن على الرمال. 

ايسل :لا أريد. 

عمر :ماذا تريدي إذن؟

ايسل :أريد اللعب مع منة. 

عمر :وهل هي تريد اللعب معك؟ 

ايسل :نعم هي تحبني وستلعب معي. 


ألحت ايسل كثيرا على والدها حتى سمح لها بأن تذهب إلى منة وتسألها عن رأيها في اللعب معها. 


وافقت منة وجلست على الرمال مع ايسل يبنون قلاع رملية والعجيب ان منة كانت متحمسة للعب أكثر من ايسل. 


جلس عمر يراقب كلاهما ومر بعض الوقت دون أن يشعر طلب طعام له ولابنته ولمنة أيضآ. 


طلب من ايسل أن تغسل يدها حتى تتناول الطعام بينما تنفض منة الرمل عن ملابسها كي تستعد للعودة إلى المنزل أخبرها عمر أن تتناول الطعام معهم. 


منة :شكرا، لا أستطيع. 

عادت ايسل ورأت أن عمر قام بطلب ثلاث وجبات فأصرت على منة كي تبقى وتتناول الطعام معهم. 


منة :اقترب موعد دواء جدتي ولابد أن اقدم لها الطعام والدواء بموعده. 


عمر :تناولي الطعام سريعا واذهبي إلى جدتك. 


وافقت منة على الجلوس معهم وقبل أن تتناول الطعام فتحت الطعام لايسل أولا وساعدتها في تناول الطعام. 


عمر :كيف لفتاة بسنك ومسئولة هكذا وترعى غيرها بعض الفتيات هذه الأيام عاجزين عن رعاية أنفسهم ويحتاجون إلى من يرعاهم. 


منة بحزن :لأن لديهم من يراعهم أما أنا فلا. 


اشفق عمر عليها واخبرها أنه منزعج منذ أن طردها من المركز وخاصة بعدما علم بتفوقها وانها الأولى على المدرسة. 


عمر :ستبدأ الدروس بالمركز بداية من الشهر القادم مارأيك في الانضمام إلى المركز مرة أخرى. 


منة بفرحة :أريد بالطبع فأنا عانيت الكثير عندما كنت اذاكر دروسي بمفردي بالمنزل. 


عمر :ولكنك استطعتي تحقيق ما لم يحققه طلاب المركز. 

منة :يبدو أنها دعوات جدتي.


عمر :الا يوجد من يرعى جدتك غيرك؟ 

منة :نعم أنا اعد لها الطعام واعطي لها الدواء بموعده لأنها مريضة جلطة. 


عمر :بارك الله في امثالك، اتمنى أن أرى ابنتي مسئولة هكذا في يوم من الأيام. 


تناولت منة القليل واستأذنت منهم حتى تعود إلى المنزل. 


حزنت ايسل كثيرا بمغادرة منة ولكن عمر اخبرها ان منة ستعود للمركز مرة أخرى وستراها قريبا. 


عادت منة لتجد جدتها قلقة عليها بسبب تأخرها فحكت لها منة ماحدث، فرحت جدتها بذلك لأنها تعلم مدى حب منة للدراسة وانها ستجد من يساعدها. 


لم تتحدث منة مع أي من أفراد المنزل وتجنبت رؤيتهم وعندما عاد حمزة مساءا لم يمر على غرفة عمته وأنما صعد إلى مريم اولا كي يقنعها بالاعتذار إلى منة. 


انزعجت مريم لأنه مازال يصدق منة ويكدبها وأخبرته ان هي التي تستحق الاعتذار وليس منة. 


بدل حمزة ملابسه ونزل إلى الاسفل كي يتناول الطعام لم يستطع تناول الطعام بمفرده وكأنه اعتاد على تناول الطعام مع عمته ومنة. 


طرق الباب ودخل يسألهم هل تناولوا العشاء؟


العمة :لا لم نتناول الطعام إلى الآن ننتظرك. 

منة :سمعت صوت السيارة منذ قليل ظننت أنك ستمر علينا كعادتك ولكن عندما صعدت إلى غرفتك ظننت أنك لن تمر اليوم. 


حمزة :لا أنام قبل أن أرى عمتي واطمئن عليها. 

العمة :بارك الله بك يابني. 


حمزة لمنة :اتصلت نهارا بعمتي وعلمت منها أنك بالخارج أين ذهبتي. 

منة :إلى أين برأيك؟ 

حمزة :البحر؟ 

منة :وهل لي مكانا اخر اذهب إليه؟ 

حمزة :ماذا فعلتي؟ 

منة :ناجيته كفتاة كبيرة ثم لعبت على الرمال كطفلة صغيرة. 

حمزة :كيف؟ 


ساذهب لتجهيز الطعام وسأحكي لك ماحدث أثناء تناول الطعام. 


حمزة :سأساعدك. 


ذهب حمزة خلفها إلى المطبخ ورأته مريم وذهبت لتخبر والدتها بذلك. 


انزعجت الأم ولكنها لم تتخذ أي خطوة يبدو أنها تخطط لأمر آخر. 


حمزة :كيف اساعدك؟ 

منة :مالذي تجيد طهيه؟ 

حمزة :لا أجيد الطبخ أنا فقط مساعد الشيف ولست الشيف. 


منة :قطع خضروات السلطة ولا تقترب من شيئا اخر. 

حمزة :تمام ياشيف. 


منة تشاهده وهو يقطع الخضروات وأشفقت على الخضروات وهو يقسمها إلى قطع كبيرة جدا. 


منة :أرى أنك تذهب وتجلس مع جدتي. 

حمزة :لماذا؟ 

منة :لماذا! لو نطقت هذه الخضروات لاستغاثت لانقذها من بين يديك، ضحك حمزة حتى دمعت عيناه من كثرة الضحك والأهم أنه كان سعيد لأن منة تجاوزت حزنها وتضحك معه.


جهزت منة الطعام وجلسوا الثلاثة يتناولون طعامهم وحكت منة لحمزة عن ما حدث بالشاطئ.


حمزة :كنت أشعر أن هذا الاستاذ إنسان جيد وسيراجع نفسه ويعيدك إلى المركز.


نظرت جدة منة إلى ابن اخيها وأوصته على منة.


حمزة :لاتقلقي أنا لا احتاج لتوصية عليها فمنذ أن جائت إلى المنزل وهي بمثابة شقيقتي الصغيرة.


توقفت منة عن تناول الطعام واسرعت إلى الحمام حتى لاتكشف دموع عينها سر قلبها.


لاحظ حمزة انزعاجها ونظر إلى عمته يسألها :ماذا فعلت الآن؟


العمة :امازلت لا تفهم فقد ادركت ذلك منذ فترة ولم احدثها في الأمر حتى لاتخجل.

حمزة :لا أفهم عن أي شئ تتحدثين؟

العمة :منة تحبك. 


                 الفصل الخامس عشر من هنا 

تعليقات