أخر الاخبار

رواية ظل الاثم الفصل التاسع 9بقلم رانيا البحراوي

          

 رواية ظل الاثم 
الفصل التاسع 9
بقلم رانيا البحراوي



اشفقت مريم عليه بعد سماع صوته يملأه الشجن وكأنه يريد أن يبكي.
عاصم :كنت أبحث بهاتفي عن أحدهم كي اتحدث معه منذ ساعة وأنا ابحث دون جدوى بعد أن تجاوزت العشرينات بسنوات عديدة واقترب عمري من الثلاثين اكتشفت ان ليس هناك صديق واحد استطيع ان التجأ إليه وقت ان تصيبني الهموم.

مريم بحزن :مابك اخبرني؟
عاصم :تعلمين انه من الصعب علي التحدث بما في قلبي وكأن هناك حاجز بين قلبي ولساني يعجز لساني عن التحدث عن ما في قلبي.

مريم :أعلم ذلك، قد تكون الآن جالسا بمكان بعيد جدا عن أعين الناس هاربا فيه من النظرات والاستفسارات منفردا بحزنك.

عاصم :نعم هذا ماحدث بالفعل، كيف عرفتِ ذلك؟
مريم :اعرفك جيدا، حتى وإن لم تنتبه لذلك، لا يوجد من يفهمك بهذا العالم بعد صفاء سواي.

عاصم :عندما رأيت إسمك كنت سأرفض المكالمة واعتذر لكِ برسالة ولكن فكرت انني حتى وإن لم استطع التحدث الآن ولكن كي يفيدني السماع لغيري، تحدثي يامريم حتى اشتت ذهني.

مريم :لن اضغط عليك سانتظر حتى تستطيع التحدث.
سكت مريم قليلا فسالها عاصم عن سبب صمتها.

مريم :أخشى أن اتحدث بحرية فأنت لاتحتمل الثرثرة بالكلام.

عاصم :تحدثي لن يحدث هذه المرة، لن اغضب أو اغلق الهاتف.

مريم بضحك :ولكنه مر عامان دون أن نلتقي او نتحدث ألا تخشى أن اندفع في الكلام ولن تستطع ايقافي.

عاصم :لا، تحدثي بما شئتِ لن اوقفك.
مريم :أريد البدء بسبب اتصالي بك اليوم، اتصلت كي اطلب منك الأذن بالسفر إلى محافظة اخري ليوم واحد فهناك بطولة لكرة اليد ستقام بالاسكندرية وقد تأهل فريقي.

عاصم :مبروك، بالطبع اذهبي للمشاركة لاتحتاجين اذن مني.

مريم :كيف وقد اصبحت زوجتك.
تنهد عاصم وقال :اه نعم زوجتي.
مريم :هل نسيت ذلك.

عاصم بخجل :اعتذر منكِ، كثرة المشاكل التي وقعت بها انستني ذلك.

مريم بحزن :حقا نسيت! وهل ينسى الإنسان عقد قرانه؟
عاصم :اعتذر مرة أخرى وارجو الا تحزني.

سكتت مريم كثيرا وعندما تحدثت ضاعت البهجة من صوتها وامتلأ صوتها بالحزن.

عاصم :لهذا أنا بعيد عن العالم بأسره، فالحزن الذي اعيش به ينتقل لكل من يقترب مني.

تظاهرت مريم أنها بخير حتى لاتزعجه فيكفيه مااصابه من الحزن.

عاصم :أين ثرثرتك المعتادة، تحدثي معي.
مريم :اخبرت صديقاتي بعقد القران واحتفلن بي على طريقتهن واشتروا لي بعض الهدايا وطلبوا مني رؤية صورة لك، اريتهم تلك الصورة التي بجواز سفرك، بحثت كثيرا ولم أجد لك بالمنزل أو على الهاتف صورة غيرها.

عاصم :وماذا كان وَرأيهن، هل طلبن منكِ ان تبعتدي عن هذا البأس؟

مريم :لا بالعكس، مدحن بك كثيرا، وهل تظن انني سأسمح لاحدهن ان تخطأ بحقك بالكلام.

عاصم :حقا! ستدفعين عني ضد صديقاتك.
مريم :نعم ولو ضد اقربهن إلى قلبي، لن ادع المجال لأي إنسان ان يتحدث عنك بالسوء.

عاصم :أشكرك بشدة على موقفك هذا.
مريم :لا تشكرني هذا واجبي.

سألته مريم عن حاله الآن؟
عاصم :اصبحت بخير.

مريم :هل تناولت طعام العشاء؟
عاصم :لم اتناول طعام الافطار، منذ أن استيقظت وانا بغرفتي لم اغادرها اتوضأ واصلي فقط واشرب بعض الماء، لا اشتهي الطعام مطلقا.

مريم :هذه ايضا من عاداتك عندما تحزن ولكنني بهذا الوقت كنت اذهب واعد لك شوربة الكريمة بالفراخ التي تحبها.

عاصم :لحظة، لحظة، ألم تكن والدتي هي التي تعد هذه الشوربة؟
مريم :هكذا كانت تخبرك كي تتناولها، ولكنني كشفت السر الآن.

عاصم :يبدو انني كنت اسبب الازعاج لكن في بعض الأحيان.

مريم بضحك :بعض الأحيان فقط أم دائما؟
عاصم :هكذا إذن، ومالذي دفعك على الزواج بهذا المزعج من وجهة نظرك؟

مريم :لن اسمح لك، ألم اخبرك منذ قليل انني لن اسمح لأحد أن يسئ لك ولو حتى أنت.

اكملت مريم حديثها :هي اذهب الى المطبخ ودعني اخبرك كيف تعد هذه الشوربة التي تعشقها كثيرا.

عاصم :أنا لست بالمنزل، كم تمنيت أن اكون معكم الآن، اكتشفت انني عندما كنت معكم كنت اجد من يعاونني على تخطي احزاني ولكنني الان وحيد مغترب بعيد عنكم لا استطيع مواجهة احزاني. 

طال الحديث بينهم، مضى ساعة تقريبا دون أن يشعر اي منهما. 

عاصم :افادني الحديث معكِ كثيرا، شكرا. 

صمتت مريم ولكنها تمنت لو أخبرته أن الحديث معه اسعد قلبها كثيرا للمرة الأولى تتحدث معه دون أن تخاف او تنزعج بكلماته القاسية. 

في الصباح 
لاحظت صفاء ابتسامة مريم تضئ وجهها بسبب ودون سبب سير بالمنزل مبتسمة الوجه لامعة العينين. 

طلبت منها صفاء ان تجلس أمامها ونظرت بعينها وسألتها عن سبب ابتسامتها. 

احمرت وجه مريم خجلا وظلت تتوراى بوجهها عن خالتها يمينا ويسارا. 

صفاءبفرحة شديدة :هل ماافكر فيه حقيقة؟ 
مريم بفرحة :نعم تحدث معي بالأمس لمدة ساعة تقريبا وسمع حديثي دون أن يمل أو ينزعج من كثرة كلامي. 

صفاء:الحمد لله، لا اريد شيئا بهذه الحياة سوى سعادتكم. 
وسألتها صفاء :ألم يخبرك بموعد عودته أو متى يستطيع اخذك لعنده. 

مريم :لن اتركك، ولن اذهب له إلا في حالة إذا ارسل لكلانا. 

صفاء :رغم صعوبة الأمر علي ومشقة الطريق لكنه لو ارسل لكلانا لذهبت بالفعل فانا لن استطيع مفارقتك مثلما اشتقت له سأشتاق لكِ وأيضا هو بأرض مباركة بها الكعبة المشرفة ومسجد الرسول ليته يتركني بمكة أو المدينة. 

مريم :وماذا عن دراستي إذن؟ 
صفاء :مارأيك ان يرسل لنا بورق الزيارة كل اجازة صيفية لكِ؟

مريم :فكرة جميلة تحدثي معه بذلك؟ 

بالمساء اتصلت صفاء بعاصم واخبرته بما تفكر به واخبرها انها فكرة جميلة وسيسعي لتحقيقها ولكنه إذا استطاع ذلك لن يبقى معهم طوال الاسبوع وانما يومين فقط لانه يظل بالموقع باقي الاسبوع. 

لم تعترض صفاء رغم ذلك لأنها تخشى ان تموت وهي بعيدة عنه ولأنه صارحها بأن مدة عقده مع الشركة قد تستمر لسنوات. 

رغم مايخفيه عاصم الا انه شعر ان وجود والدته قد يخفف عنه احزانه، كل ماشغل تفكيره كيف يخفي السر عن والدته ومريم إذا حدث وجاءوا للعيش معه بالسعودية، بعد تفكير قرر عاصم أن يقوم بعمل الإجراءات اللازمة لاستضافتهم. 

مر يومان منذ أن تحدث عاصم مع مريم وهي مازالت منشغلة بالتفكير به وبما يمر به وظلت مترددة مابين ان تسأل عنه وبين ان تتركه حتى يتصل بها إذا احتاج لها. 

بينما تخرج مريم من غرفتها ترتدي ملابس قصيرة سمعت صوت خالتها توجه كاميرا الهاتف نحوها وهي تقول لمريم :عاصم يتحدث هيا تحدثي معه. 

خجلت مريم وعادت إلى غرفتها وأغلقت الباب. 

صفاء بضحك :خجلت لأنها ترتدي هكذا لم تعتاد بعد عليك بصفتك زوجها. 

ضحك عاصم وقال :طمئنيها ياأمي لم أرى شيئا، لاتحرجيها هكذا مرة أخرى. 

صفاء :اخبرتني انك تحدثت معها من يومين لمدة ساعة، هل تحدثت معك بالحجاب ام ماذا؟ 

عاصم :لا لم افتح الكاميرا. 
صفاء:لم تراها مطلقا منذ أن سافرت، لم يكن لديك الفضول لتعرف كيف اصبحت. 

عاصم :اعرفها منذ ولدت مالذي سيتغير الآن؟ 
صفاء :تغير الكثير اصبحت جميلة جدا. 

عاصم :سأتحدث معها عبر الكاميرا في المرة المقبلة ولكن مضطر لان اغلق الهاتف الآن لأنني مجهد جدا. 

بينما يغلق عاصم الهاتف قربت والدته يدها على وجهه بالشاشة ثم قبلت يدها وقالت :اشتقت لك كثيرا. 

عاصم :انا ايضا ولذلك ساسرع بعمل الإجراءات حتى أراكِ سريعا المهم ألا تشتكي وقت مجيئك هنا من كثرة غيابي. 

مرت الأيام وقام عاصم بتجهيز اوراقهن ومسكن لهن وارسل لهم موعد رحلة الطيران وقد تحدد بعد اسبوع. 

اشترت صفاء لمريم ملابس جديدة وقامت بتجهيزها مثلما تجهز الأم ابنتها العروس وقامت بطلب غرفة نوم جديدة من النجار واخبرته ان يقوم بتنفيذها قبل عودتها من السعودية لأنها تريد مفاجأة مريم. 

والمفاجأة الكبرى حين أخبرت مريم أنها تحدثت مع مصممة فساتين زفاف عبر الهاتف وارسلت لها صورا وطلبت من مريم ان تختار من بينهم مايعجبها. 

مريم :فستان لماذا؟ 
صفاء :هكذا قررت لن يراكِ إلا بفستان الزفاف. 

مريم :كيف؟ ساشعر بالخجل كثيرا من نظرات الناس بالمطار والطائرة. 

صفاء:لن اتراجع عن قراري هذا، ستذهبين بالفستان وسأذهب معك مرتدية لبس الأحرام انتِ لعريسك وأنا لعمرتي. 

فرحت مريم كثيرا وذهبت واختارت الفستان الذي اعجبها كثيرا وبينما تجرب الفستان تذكرت أنها عروس بلا والدين لن يأخذها ابيها ليسلمها بيده إلى عريسها وحتى عمها الذي كان يعوضها فقدان ابيها فقدته حيا. 

شعرت مصممة الفستان بحزنها فقامت بتجميع الفتيات الائي يعملن لديها والتفو جميعهن حول مريم ونست مريم بذلك حزنها. 

بيوم السفر تجهزت مريم واصبحت عروس جميلة جدا 
واصطحبت خالتها بيدها وبدأ الجيران في مساعدتها في تنزيل الحقائب ثم خالتها. 

بينما تنزل مريم تفاجئت بعمها في انتظارها برفقة بلال. 

بكت مريم كثيرا فور رؤيته ولم تستطع منع نفسها من ان تلقي بنفسها بحضنه. 

العم :اتسافرين هكذا دون أن تودعين عمك. 
مريم :سامحني ياعمي احرجتك واحزنتك أمام المدعويين في عقد القران. 

العم :انتِ ابنتي ولن ينزعج الاب من افعال ابنائه. 
نظرت مريم إلى صفاء وقالت :هذه ايضا مفاجأة من مفاجأتك. 

اقترب بلال وعيناه مليئة بالحزن وقال :الف مبروك ياابنة عمي. 

مريم :العقبي لك ياابن عمي. 
قام بلال بفتح الباب الخلفي لمريم والحزن يرافقه كما يرافقها إلى السيارة. 

حين تسللت السعادة إلى قلب مريم شعرت وكأنها كفراشة تستطيع الطيران واذا لوحت بجناحيها لاخذتها سعادتها لتطلع على العالم أجمع ستحلق وتحلق وترى مافاتها من أيام لم تعيشها ودنيا لم تفتح لها ذراعها. 

اليوم فقط شعرت مريم ان الحب من حقها والسعادة ضيفا عليها وتتمنى لو حبست هذه السعادة بقلبها. 

بالطريق لم يتحدث بلال بكلمة واحدة. 
العم :هل عاصم يعلم ان كلاكما ترتدين الابيض هكذا؟ 

مريم بخجل :لا لم يعلم ارادت صفاء ان تفاجئه ولا أعلم كيف سيتصرف حين يراني هكذا؟ 

بلال وهو ينظر لها بالمرآة :سيفرح كثيرا. 

صفاء :سيفرح بالطبع. 

باقي ج٩
اوصلهم بلال إلى المطار وظل معهم هو ووالده إلى أن توجهوا للصالة الداخلية للمطار بعد انتهاء كافة الإجراءات وتسليم الحقائب.

ودعهم بلال ووالده وانصرفوا.

بينما تجلس مريم بجانب صفاء وهي في غاية الخحل لانه لم يمر احد دون أن ينظر لها وهي بفستان الزفاف. طلبت صفاء منها أن تحضر لها زجاجة مياه نظرت مريم بحقيبة يدها فلم تجد زجاجة المياه وقالت سأشتري زجاجة سريعا يبدو انني نسيت زجاجتك بسيارة بلال

صفاء :لا داعي كيف ستتحركين هكذا بالفستان.
مريم :لاجلك افعل اي شئ ووقفت مريم وقبلت رأسها وقالت امسكي هذه الحقيبة سأعود سريعا.

تحركت مريم ولم يكن الأمر سهلا ابدا بين مقاعد الصالة التحرك صعب جدا ومع ذلك اكملت وتغاضت عن النظرات التي تحيط بها في سبيل جلب المياه لصفاء.

عادت مريم والزجاجة بيدها ترى مالذي رأته مريم.

بعتذر عن التأخير ثلاث ايام
يوم خرجت مع زوجي
الثاني زارتني اختي واولادها حبايب قلبي
الثالث طلبت مني والدتي شراء بعض الاغراض


                الفصل العاشر من هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close