أخر الاخبار

رواية ظل الاثم الفصل الرابع عشر 14بقلم رانيا البحراوي

        

 رواية ظل الاثم 
الفصل الرابع عشر 14 
بقلم رانيا البحراوي



عادت مريم لتسأله :من هذه السيدة؟
عاصم :سأخبرك بكل شئ ولكن ارجو ان تجلسي لكي نتحدث بهدوء فهي مريضة جدا ولا أريد أن تسمع حديثنا.

جلست مريم وهي تحدق بوجهه ارتجف قلبها خوفا عندما اطلعت على وجهه المتوتر يلتفت يمينا ويسارا.

للحظة فكرت ان تطلب منه الا يخبرها بشئ ولكن الخبر
لامفر ولامهرب منه.

مازالت مريم تنظر إليه وقلبها يخفق بقوة وضعت يدها على قلبها وطلبت منه أن يتحدث.

عاصم :إسمها زهرة مهندسة ماليزية زميلتي.

اغمضت مريم عينها واشارت له بيدها أن يتوقف عن الكلام ثم التقطت نفسا عميقا وقالت :تزوجت زميلتك؟

عاصم وهي محني الرأس :نعم تزوجتها والطفل الذي بيدها ابننا محمد.

انطفأت مريم، ذلك البريق الذي كان يتلألأ بعينها اختفى وتحول إلى دموع تحاول حبسها ولكن عجزت عن ذلك فتساقطت فأغرقت وجنتيها شفتيها ترتجف واختنق صوتها بالبكاء فلم تعد لديها القدرة على الكلام.

عاصم :كنت اراكِ بمثابة أخت لي وتزوجت بكِ ارضاءا لوالدتي أما هي فتزوجتها ارضاءا لقلبي حاولت أن اوازن بين نفسي وأمي ولذلك قررت الزواج منكِ بعد أن تزوجت بها لم افكر للحظة أنني اخدعك بأخفاء هذا السر عنكِ لأننا من الاساس لا يوجد شئ بيننا.

مريم مازالت تبكي، أشفق عاصم عليها وتوقف عن الكلام ولكنها طلبت منه أن يسرد لها باقي الحكاية حتى ترى ماذا ستفعل.

عاصم :اكتشفت بعد زواجنا انها مريضة قلب مثل امي ولكن مرضها اشد خطرا نصحها الطبيب بمجرد أن علم بحالتها ان تجهض ابننا ولكنها رفضت ذلك وتمسكت برأيها، منذ أن وضعت محمد وهي لا تقوى على الحركة
تزرق شفتيها وتتقطع انفاسها مع اقل مجهود تقوم به.

اصبحت لاتفارق المستشفى إلا قليلا، كنا نسكن سويا بالموقع بحكم عملنا بعد الزواج ولكن تم استبعادها من المشروع بسبب مرضها.

مريم :لماذا طلبت مني المجئ إلى هنا.
عاصم :خوفا على اسمي.

هنا طلبت منه مريم التوقف عن الكلام وقامت بوضع النقاب على وجهها وغادرت الشقة.

ذهبت مريم وجلست بالمسجد وظلت تبكي كثيرا بمصلى النساء.

مر وقت كثير شعر عاصم بالقلق عليها واراد أن يبحث عنها ولكنه لم يستطع مغادرة المنزل وترك زهرة بمفردها

اتصل عاصم بشقيق زهرة عبد القادر وطلب منه أن يأتي ليجلس مع زهرة قليلا لان قريبته التي أتت من مصر خرجت ولم تعد إلى الآن (هكذا أخبر عاصم وزجته ان مريم قريبته اليتيمة والتي بمثابة اخته ولم يخبرهما انها زوجته)

عبد القادر :أنا بالمسجد ولست بالماركت طلب مني شيخ المسجد ان انظم المكتبة بعد انتهاء درس القرآن ومازالت اعمل.

حمل عاصم ابنه كي يصطحبه معه ويترك زهرة نائمة ولكنه تفاجئ بأنها استيقظت وبدأت تسعل فشعر بالقلق عليها.

انتهى عبد القادر من تنظيف المكتبة وعندما اراد ان يغلق المسجد سمع صوتا من مصلى النساء ظل ينادي هل هناك أحدا بالداخل؟

لم ترد مريم واختبأت حتى تنام بالمسجد.

عندما لم يرى عبد القادر اي احد بالداخل قام بغلق اضواء المسجد فشعرت مريم بخوف شديد وقالت :انا بالداخل من فضلك اعد اضاءة المصلى.

اضاء عبد القادر المصابيح مرة أخرى ودخل ينظر من بالداخل.

رأى عبد القادر مريم وتعرف عليها (يعرف عبد القادر انها قريبة عاصم ولكن سبق وهمس له عاصم بأنها لاتعرف ان عاصم متزوج من فتاة اجنبية ولذلك لم يعرفها عبد القادر بنفسه ولم يتحدث معها عن عاصم عندما رأها بشقة عاصم من قبل)

اتصل عبد القادر بعاصم واخبره انه وجد قريبته بالمسجد فطلب منه عاصم ان يعطيها الهاتف.

عاصم :اعتذر من فضلك عودي الي المنزل فقد تأخر الوقت كثيرا، قبل أن يغلق عاصم طلب منها الا تتحدث مع عبد القادر عن مشاكلهم الخاصة.

لاحظ عبد القادر انها تبكي فسألها عن سبب بكائها وتركها للمنزل بهذا الوقت.

مريم :لا اريد التحدث الآن.
عبد القادر :هيا كي تعودي إلى المنزل اوصاني عاصم ألا اتركك واخبرني انكِ بمثابة اخته ولست مجرد قريبته.

انهارت مريم بالبكاء وقالت :هكذا اخبرك؟
عبد القادر :حدثتي عنكِ كثيرا انا واختي وعن والدته وكيف اعتنيتي بوالدته في غيابه.

مريم :لا اريد العودة الان.
عبد القادر :لن اتركك بمفردك في مثل هذا الوقت.

ذهبت مريم برفقته إلى المنزل وصعد عبد القادر معها كي يطمئن على اخته، بمجرد أن دخلت مريم من الباب لم تنطق بكلمة واحدة وجلست وبالريسبشن.

الشقة عبارة عن غرفة صغيرة وريسبشن فقط ولذلك لم تعرف مريم أين ستبقى بعد ذلك.

اطمئن عبد القادر على أخته وخرج من الغرفة وجلس بالريسبشن.

عبد القادر لعاصم :مالذي ازعج ضيفتنا واحزنها هكذا.

ردت مريم وقالت:تذكرت صفاء.
عبد القادر :والدة عاصم؟
مريم :نعم تذكرتها حين رأيت اختك فمرضهما واحد.

نظر عاصم لمريم نظرة امتنان وشكر لأنها لم تكشف سر زواجهم.

انصرف عبد القادر بعد قليل وعندما أراد عاصم أن يشكر مريم ردت غاضبة :الذي ينكر زواجنا ويتنصل منه لايستحق ان ادعوه زوجي، مثلما انكرت زواجنا سانكره انا ايضا.

عاصم :اعتذر منكِ لانني كنت السبب في حزنك، صدقا لم اتخيل انكِ ستحزنين هكذا فالطالما لايوجد حب بيننا من أين يأتي الحزن.

مريم :لايوجد حب بيننا من طرفك.

صدم عاصم بشدة وادار وجهه لها مرة أخرى وسألها :ماذا تقولين.

مريم ببكاء:الكره والغضب والكذب من طرفك فقط اما الحب فلا يحق لك التحدث عنه فهذا طرفي أنا.

جلس عاصم بجانبها وسألها :هل تحبيني؟

مريم :كنت أحبك.

انزعج عاصم بشدة عند معرفته انها كانت تحبه وأنه كان يقسو عليها هكذا في الوقت الذي كانت تحبه واخفي عنها زواجه واتهمها بالباطل رغم حبها له.

مد عاصم يده لكي يمسح دموعها فبعدت يده وقالت لا احب الشفقة، اذهب الى زوجتك واهتم بها.

عاصم :أنتِ ايضا زوجتي.
مريم :لاتنطق هذه الكلمة مرة أخرى، اخبرت الجميع انني بمثابة اختا لك فعليك ان تبقى على كلمتك ومن الغد احجز لي تذكرة للعودة إلى مصر وسأعود وانتظر وثيقة الطلاق.

عاصم :لن يحدث ذلك لن اطلقك انتِ وصية امي.
مريم :سأطلق نفسي منك بالقانون.

طلب عاصم منها أن تهدأ وتدخل لتنام.
مريم :لن ادخل هذه الغرفة مرة أخرى، اذهب أنت سابقى هنا.

عاصم :كيف اتركك هنا؟
مريم :ايحق للقاتل ان يشفق على قتيله من ظلام المقبرة التي سيوضع بها.

خجل عاصم وتركها بمفردها كي تهدأ، بينما يتجه عاصم إلى الغرفة التي بها زوجته شعرت مريم بأن قلبها سيخرج من صدرها ليلحق به ويمنعه من البقاء مع غيرها.

بمجرد أن اغلق عاصم الباب سقطت مريم تبكي حزنا على احلامها وحدادا على قلبها الذي يحتضر حزنا على الحب.

في اليوم التالي
مرت زهرة بأزمة وصرخ عاصم يستنجد بمريم كي تساعده وتناوله الأدوية، سدت مريم اذنيها وجلست تبكي بالمطبخ فهي لن تستطع رؤية خوفه عليها معانقته لها او ضمها لصدره.

توقف عاصم عن النداء بأسمها وظل يسعف زهرة بنفسه ولكن بهذه اللحظات استيقظ الطفل وظل يبكي ويصرخ ولم تحتمل مريم وذهبت إليه وحملته ورأت عاصم وهو يبكي حزنا على مرض زوجته.

هدأت زهرة ونامت وخرج عاصم يبكي بالخارج.

حملت مريم الطفل وغادرت الغرفة وظلت تنظر لدموع عاصم التي يبكيها حزنا على أخرى والعجيب في الأمر انها حزنت لحزنه، ألم تدعو أمه ان تتخذ مريم من عاصم الزوج والابن والصديق والحبيب يبدو أن دعوتها قد استجيبت فتنحت مريم عن دورها كزوجة وقررت مساعدته كأخ وصديق وبذلك عليها أن تقتل حبها وغيرتها بقلبها وتسانده وتقوم بدورها في تنفيذ وصية خالتها صاحبة الفضل عليها والتي كانت الجدار الذي حماها من ألسنة القريب والغريب وكما اتخذت منها ابنة
قررت مريم انها ستكون السند له.

وضعت مريم الطفل بجانب امه وخرجت تواسي عاصم في حزنه وجدته يجلس بالأرض باكيا بعد أن فشل في تجهيز الطعام لابنه.

رتبت مريم على كتفه وأخذت الخضروات التي كان يريد أن يسلقها ليطعم ابنه وجهزت الطعام واعطته له وطلبت منه أن يعود ليطعم ابنه أمسك بيدها وشكرها كثيرا.

بينما يطعم عاصم ابنه بالداخل دق الباب وفتحت مريم دون نقاب.

عبد القادر صعد لكي يرى اخته ويأخذ الطفل كي يبقى معه بالماركت.

جلس عبد القادر في انتظار الطفل، خرج عاصم وانزعج بشدة حين رأى مريم تجلس أمام عبد القادر دون نقاب.

طلب عاصم من عبد القادر ان ينزل لمباشرة عمله وأنه سيحضر له الطفل بعد قليل رفض عبد القادر واخبره انه سينتظره.

تفاجئ عاصم بأن عبد القادر نطق كلمة بالعامية وقال (مش هنزل)

عبد القادر :تعلمتها من مريم فكلما ارادت ان يحضر لها الصبي شيئا لأعلى قالت من فضلك ارسل لي هذه الاغراض لاني مش هنزل اليوم.

ضحكت مريم على كلماته وكيف اصبح يتحدث بالعامية.
عاصم ينظر لكلاهما بغضب وطلب من مريم ان تعد شاي.

شكره عبد القادر وقال :لا اريد.
مريم :اسمها مش عايز.

ظل عبد القادر يردد الجملة وكأنه يحفظها انزعج عاصم وذهب مسرعا ليحضر الطفل فوجده مازال نائما.

عبد القادر :ماذا عن طعامه فأنت لا تستطيع اطعامه أو تبديل ملابسه.

عاصم :قامت مريم بذلك.
ابتسم عبد القادر لها وقال :ستكونين ام رائعة.

فرحت مريم بمدحه لها وشكرته.

عاصم يشتعل غضبا من حديثهما سويا وطلب من مريم ان تجهز الطعام لانه جائع.

دخلت مريم المطبخ وغادر عبد القادر، دخل عاصم خلفها وأمسك بيدها بقوة وقال اليست هذه العين التي كانت تبكي حزنا على حبي بالأمس، اليوم تبتسم وتنظر لغيري.

مريم :عن اي حب تتحدث؟
عاصم :عن حبك لي.

مريم :تبدلت الأمور، قررت أن ابقى معك حتى تنتهي من محنتك وتشفى زوجتك، بعد أن تجري زوجتك العملية الجراحية لن ابقى معك يوما واحد.

اقترب عاصم منها فصرخت وسألته ماذا تفعل :ابحث حب الأمس بعينك.

مريم :مات الحب بالأمس ولم يبقى اليوم سوى رد الجميل.

سمعت مريم بكاء محمد بينما تحمله مريم من جانب والدته امسكت زهرة بيدها وقبلتها وكأنها تشكرها لانها تهتم بابنها ولاتقدر على النطق بذلك.

اشفقت مريم على حالتها وأصبحت تهتم بها وعندما اراد عاصم العودة إلى الموقع اخبرته مريم انها ستكون قادرة

باقي الجزء
اشفقت مريم على حالتها وأصبحت تهتم بها وعندما اراد عاصم العودة إلى الموقع اخبرته مريم انها ستكون قادرة
على الاهتمام بكلاهما.

شكرها عاصم واعجب جدا بموقفها وندم كثيرا على كرهه لها والاساءة إليها بالماضي.

بعد ذهاب عاصم للموقع
اتصل بالمنزل لكي يطمئن على زهرة ومحمد طلب عاصم من مريم ان تضع الهاتف على اذن زوجته كي يتحدث معها رغم أنها لن ترد عليه ولكنه أراد أن يسمعها صوته.

رأت مريم زوجته نائمة ولكنها لم تخبره بذلك اخبرته انها ستضع الهاتف وطلبت منه التحدث.

لم تضع مريم الهاتف على اذن زوجته كما افهمته وبقيت تسمع كيف يتحدث معها.

عاصم :بحبك اشتقت اليكِ كثيرا.
لاحظت مريم تغير نبرة صوته فالحب الذي يتحدث به مع زوجته جعلت صوته ناعما وقلبه نابضا، تستمتع مريم لكلماته والدموع تتساقط من عينها تعلم أن هذه الكلمات ليست لها والحب بقلبه ليس من نصيبها ورغم تؤلمها الشديد وهي تستمع بكلمات لا تقال لها إلا أنها ارادت ان تسمع كلاما جميلا منه وحتى لو لم تكن من نصيبها.

اكمل عاصم حديثه :كم اشتقت لعناقك وضمك كي ازيل آلامك والنظر لعينك دون أن اشعر بالملل. واذا تألم قلبك
بكى قلبي حزنا عليه.

شعر عاصم بغرابة شديدة لان اتفاس زوجته تكون سريعة متلاحقة بصوت عالي ولكنه لم يشعر بصوت انفاسها.

تسائل عاصم :مريم معي. 

ارتبكت مريم وسقط الهاتف من يدها. 


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close