أخر الاخبار

رواية ظل الاثم الفصل الاول 1بقلم رانيا البحراوي


 رواية ظل الاثم 
الفصل الاول 1
بقلم رانيا البحراوي 


حين تفكر في مستقبلك عليك أن تصدق العهد مع الله وإذا طال بك الأجل لا تيأس أبدا من روح الله، لاتتخذ من الحزن عدو لك فيفتك بك، اعتاد عليه واتخذ منه صديقا.

وهل يصادق الإنسان ألامه؟ نعم لابد وأن يفعل فالاحزان بنهاية كتبت على الإنسان فمثلما للجسد ظل يشبهه
فالحزن هو ظل القلب وانعكاس الروح لايمكن لانسان أن يهرب منه.

الصبر هو دواء الأحزان والحمد هو مسكن الألم وكلاهما يثاب عليه الإنسان.

مريم شابة جميلة الروح والخلق والخُلق لديها إبتسامة جميلة تخفي بها أحزان قلبها.

فقدت مريم كلا من والديها عندما كانت بنهاية المرحلة الاعدادية وانتقلت للعيش مع خالتها.

خالة مريم تدعى صفاء تؤام لوالدة مريم، تشبهها تماما في الشكل ولكن تختلف عنها في الصفات، من بين كل اقارب مريم فضلت مريم العيش مع خالتها لأنها تشبه والدتها وبذلك ستشعر مريم بالراحة كلما نظرت لخالتها والحقيقة ان مريم تشبه كلاهما وتحب خالتها جدا، برغم من تشابه الاختين إلا أن صفاء كانت أشد صرامة من والدة مريم. 

بمنزل خالة مريم لايعيش غير إبنها عاصم،والدة عاصم تحب الإناث جدا وتمنت كثيرا أن ترزق بأبنة بعد عاصم ولكنها في كل مرة كانت تحمل كانت تجهض حملها لاسباب غير معروفة.

كانت دائما كلما ازعجها عاصم بسبب انطوائه وقلة حديثه معها قالت ليتني أنجبت إبنة تخفف من وحدتي  ولكنها توقفت عن قول ذلك بعدما انتقلت مريم للعيش معها كانت تنام معها بنفس الغرفة ويظلا يتحدثا ويمزحا سويا كل منهما تجد في الأخرى صبرها على فقدان والدة مريم صفاء تجد في مريم انها امانة اختها وقطعة من روحها لذلك لم تعامل صفاء مريم بتلك الشدة التي كانت تعامل بها ابنها ولذلك كانت مريم تجد العوض وحنان الأم في خالتها التي تشبه امها تماما. وقت أذان الفجر تيقظ صفاء ابنها كي يأم الصلاة بهن، ثم يعود للنوم ثانية حتى ختام الصلاة كان يذهب لختمها بغرفته ولايجلس معهن.

عاصم كان يكره خالته والدة مريم قبل وفاته وانتقل هذه الكره لمريم بل تضاعف كرهه لمريم بعد أن انتقلت الى العيش معهم بعد أن سرقت منه والدته. 

ذات يوم بينما يذهب آدم ليطلب من والدته تحضير الطعام سمعها تقول. 
صفاء بسخرية :يشبه والده بصغره ولكن بعد زواجنا تغير كثيرا أما ابني لااظن انه سيتغير يوما.

مريم :لا تزعجيه هكذا ياصفاء، هكذا تناديها مريم بسرية عندما يكونوا بمفردهما لان عاصم لايسمح لها بذلك.

شعر عاصم بالضيق منذ انتقال مريم فهناك اشياء كثيرة تغيرت بعد قدومها فوالدته كانت تعد الطعام الذي تشتهيه مريم بغض النظر ان كان هذا الطعام يفضله عاصم ام لا. 

مريم كانت تترك الحمام غارق بالمياه بعد أن تغتسل ولم تجبرها صفاء يوما على تجفيفه مثلما كانت تطلب من عاصم في صغره ولذلك كان يغضب كلما أراد الذهاب إلى الحمام بعد خروج مريم. 

منعت صفاء عاصم من الدخول إلى غرفتها طالما مريم بالغرفة تخشى ان تتكشف ثياب مريم وهي نائمة فاخبرت عاصم ان يستدعيها كلما احتاج إليها ولا يدخل الغرفة. 

عاصم لم يكن له أي اصدقاء سوى والدته وشعر ان مريم استولت على قلب أمه ولم تترك له شيئا من اهتمامها. 

مريم كانت تكره زيارة أهل والدها كثيرا بسبب زوجة عمها التي كانت دائما تتطلب من أولادها ألا يلعبوا مع مريم وعندما كان ينزعج عمها ويحاول الدفاع عن مريم 
كانت تهمس بأذنه :البنت وريثة أمها. 

كانت تبكي مريم بهذه اللحظات وسرعان ماتطلب من عمها أن يعيدها إلى منزل خالتها. 

عادت مريم ذات يوم وسألت خالتها ببكاء:لماذا زوجة عمي تكرهني هكذا وتمنع أولادها من اللعب معي؟ 

ارتبكت خالتها صفاء ولم تجيبها. 

مريم وهي تمسح دموعها بيدها :لماذا قالت لعمي :أنني وريثة أمي؟ 

سمع عاصم الحوار :واراد أن يتدخل وقال :ستكونين مثلها ذات يوم وقتها فقط ستعلمين أن زوجة عمك لم تكن مخطئة أبدا في خوفها على اولادها منكِ. 

صفاء لابنها :عاصم لاتنطق بكلمة واحدة وادخل غرفتك فورا. 

نظرت مريم إلى خالتها دون أن تتحدث ولكن الدموع تتسابق من عينها تخبر بألم قلبها ذلك القلب الصغير الذي امتلأ بالأحزان ورغم حزنها من خالتها لأنها تخفي عنها حقيقة والدتها إلا انها ليس لها ملجأ إلى حضنها عانقتها ثم نظرت إليها وقالت :لاتظني أن ذلك العناق يعني الصلح بيننا مازال الخصام مستمر بيننا لحين أن تخبريني كل شئ تخفيه عني. 

رسبت مريم بالاعدادية بسبب ماتعانيه من كره من حولها   واضطرت لاعادة السنة، عاصم طالب متفوق جدا وحاليا يدرس الهندسة المعمارية ومن اوائل دفعته دائما.

بالعشرين من عمره ولكن لايشبه مطلقا الشباب بسنه فروحه روح رجل بالستين من عمره لايفعل بحياته سوى الدراسة والاكل والصلاة والذهاب إلى الجامعة وبالاجازة يتفرغ لقراءة الكتب.

طلبت منه أمه أن يساعد مريم بالدراسة حتى تستطيع تخطي السنة رغم الحزن والألم. 

عاصم :ليس لدي وقت لذلك، ابحثي لها عن معلمة بالجوار.

الأم :تعلم يابني تكلفة الدروس باهظة هذه الأيام ومعظم المدرسين بدأوا الدروس من شهرين أو اكثر اي اذا استطعت توفير المال لن أجد مدرس يبدأ معها دراسة من بداية المنهج.

وافق عاصم على مضض واشترط ان يدرسها يومي الاجازة فقط وأنه سيترك مساعدتها في حال عدم استعايبها سريعا أو اهمالها.

وافقت الأم على شرطه فليس أمامها حلول أخرى ولكنها في كل مرة كانت تطلب منه شيئا يجعلها تندم من عبوس وجهه ورده القاسي ولكن ابتسامة مريم كانت تعوضها عن ذلك دائما.

طلبت منه صفاء ان يوعدها بأنه لن يخبر مريم عن اثام والدتها واكدت عليها أن مريم ليس لها ذنب في ان يحاسبها على أخطاء والدتها. 

مريم كانت تخاف عاصم وتتجنب رؤيته والحديث معه.
عندما علمت مريم انه سيدرسها مرتين بالأسبوع انزعجت جدا وكانت تفكر كيف سيمضي هذا الوقت بجانبه.

عندما حان موعد اول درس تظاهرت مريم بأنها مريضة ولديها تقلصات حادة بمعدتها واستطاعت التهرب هذه المرة، ولكن بالمرة الثانية طلبت من خالتها أن تجلس على مائدة الطعام تنتظر عاصم حتى يعود من صلاة الجمعة.

جلست مريم ومعها كل ادواتها وكانت بحالة جيدة وهادئة لان خالتها كانت تجلس على مقربة منها وبمجرد ان جاء عاصم وجلس على المائدة واخبرها أنه سيبدأ تدريسها بمادة الرياضيات لانه يحبها ولكن هذه اكثر مادة تكرهها مريم.

بدأ عاصم يشرح ولكنها هذه المرة شعرت بتقلصات حقا هذه المرة ولكنها لم تستطع البوح بألمها وكتمت الألم
بداخلها وظل عاصم يشرح ومن شدة الألم لم تستوعب مريم اي شئ وبالنهاية وضع عاصم امامها مسائلة بسيطة جدا كي تطبق عليها ماشرحه ولكنها عجزت عن حلها.

اطاح عاصم بالكتاب في وجهها فأسرعت والدته تحول بينه وبين مريم.

عاصم بغضب:لاتطلبي ان اضيع وقتي مع هذه الغبية مرة ثانية ودخل غرفته وجلست مريم تبكي وتتألم على مائدة الطعام.

عانقتها خالتها وعندما علمت بحالتها دخلت تطلب من عاصم ان يذهب لإحضار دواء للتقلصات من الصيدلية

عاصم:أنها تتظاهر حتى تتهرب من المذاكرة لن احضر لها شئ ولاتطلبي مني اي شئ لها.

الأم :إنها يتيمة وامانة لدينا.
عاصم :لدينا! كيف؟ لاتقولي لدينا أمانة لديكِ فقط لاتلقي بأعبائها علي.
الأم :لو ان قدمي لا تؤلمني كنت ذهبت بنفسي لشراء الدواء لها.

عاصم:لا تستطعفيني فلن أذهب.

سمعت مريم حوارهم من خارج الغرفة وتحملت الألم حتى لاتحزن خالتها وذهبت كي تنام قليلا.

لم تنم مريم من شدة الألم وكانت تبكي بينما تعد خالتها طعام الغداء، عندما اشتد على مريم الألم حاولت الخروج من الغرفة لكي تخبر خالتها ولكنها لم تحتمل وسقطت امام غرفة عاصم وارتطمت رأسها بالباب وفقدت وعيها.

فتح عاصم باب غرفته ليجد مريم ساقطة أمامه حاول الإتصال بالاسعاف أو أي سيارة اجرة ولكنه لم يجد فأضطر لحملها والجري بها بالشارع لم تدركه أمه من شدة سرعته، ذهب عاصم بها إلى اقرب مستشفى وبقسم الطوارئ تم إسعاف مريم واستعادت وعيها وتفاجئت بأن الطبيب يخبر عاصم بأنها تحتاج لجراحة عاجلة وأنها إذا تأخر قليلا لنفجرت الزائدة بجسدها وانها نجت من خطر الوفاة بسبب حسن تصرفه.

شعرت مريم بأمتنان شديد نحو عاصم ولم تنزعج حين سأله الطبيب هل هي اختك فأجاب عاصم بغضب :ليست اختي.

اتصل عاصم بوالدته واخبرها بحالة مريم واسرعت نحو المستشفى وقامت بأبلاغ اعمام مريم وهي بطريقها إلى المستشفى ولكن لم يأتي اي منهما.

بقيت صفاء بجانب مريم ولم تتركها ابدا وطلبت من عاصم أن يذهب ويحضر الأموال التي ادخرتها طيلة الاشهر الماضية لسداد مصروفات عاصم الجامعية لكي تدفع فاتورة المستشفى.

غضب عاصم بسماع ذلك وقال :ولماذا علينا أن نتحمل مصروفات علاجها اتصلي بعمها الكبير أو الصغير ليقوم اي منهم بدوره ولو لمرة واحدة.

صفاء بهمس :اخبرت كلاهما ولكن كما ترى لم يأتي أي منهما أو يتصل للأطمئنان عليها.

ذهب عاصم وهو غاضبا بشدة واحضر المال وقام بدفعه وجلس بإحدى زوايا المستشفى حزينا يفكر كيف يستطيع تدبير مصروفات الجامعة بهذا الوقت القصير.

فتحت مريم عينها وكانت مازالت تحت تأثير التخدير وظنت تردد إسم شكرا عاصم.

استدعته والدته ليسمع بأذنه ويرى نتيجة الخير الذي قام به إذ كان سببا في نجاة هذه الصغيرة.

سمع عاصم حديثها ومازال غاضبا عابسا الوجه وسأل والدته إلى متى ستعيش هذه معنا؟

استيقظت مريم بهذه اللحظة وسمعت كلماته القاسية.
ورغم ذلك لم تنزعج منه أبدا فهو منقذها مثل الأبطال بالحكايات.

مريم بصوت خافت:ليتني لي مكان آخر أذهب إليه.
صفاء:لا تتحدثي يامريم ولاتنزعجي من كلماته اصبحتِ تعرفين قسوة قلبه.

عاصم بغضب :سأعود إلى المنزل كي اتركك مع مدللتك الغالية.

صفاء:إذهب، إذهب لاتدعني أرى وجهك.

ذهب عاصم ولكنه أثناء خروجه استدعاه الطبيب واعطى له قائمة الأدوية التي تحتاجها مريم.

ذهب عاصم وقام بشراء الدواء بآخر نقود معه وعاد إلى والدته بعد قليل والدواء بيده.

باقي الجزء الأول
ابتسمت صفاء وقالت هكذا هو ابني الغالي رغم قساوة قلبه إلا أن الخير بداخله مازال يتغلب على تلك القسوة.

مريم بصوت خافت :شكرا ياابيه عاصم.

هذه المرة الأولى التى تناديه هكذا فهي كانت تخشى النطق بحرف واحد من حروف إسمه ولكن شعورها نحوه بالامتنان تغلب على خوفها الشديد منه.

مرت عدة أيام وشفيت مريم واصبحت هي من تطلب منه أن يدرسها حتى تنهي دراستها سريعا ولاتحمل خالتها اعباء جديدة.

يوم الجمعة انتظرت مريم عودة عاصم من الصلاة وقامت بتجهيز كافة مايلزم من كتب واقلام وأوراق
وبينما هي تنتظره على طاولة الطعام دق جرس الباب
واسرعت مريم لتفتح الباب فوجدت ان هناك خطاب مسجل بعلم الوصول وطلبت من خالتها الخروج من المطبخ للتوقيع بالاستلام.

صدمت صفاء من محتوى الخطاب وسقط من يدها أخذت مريم الخطاب وقرأته..........


                   الفصل الثاني من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close