أخر الاخبار

رواية قريبا ستفرج الفصل السادس عشر 16 والاخير بقلم شيماء عبد الله

         

 رواية قريبا ستفرج

الفصل السادس عشر 16 والاخير 

بقلم شيماء عبد الله



استمروا في تبادل الأحاديث، وكل واحدة تقص على الثانية قصتها، ولم يشعروا بالوقت الذي يمضي سريعا، إلى أن أتى ناحيتهم نصر الدين هاتفا :هل أبارك لكما الان. 


ابتسمت له صفاء مردفة: شكرا لك يا نصر بسببك اجتمعت مع إبنتي. 


نصر الدين :هذا واجبي. 


صفاء :تأخرنا في الحديث، لا بد أن ينشغل عقل عائلاتكم بهذا التأخر. 


نصر الدين :أنت محقة هيا بنا لنقلك معنا. 


صفاء :لا داعي لأن أتعبك. 


نصر الدين :لا يوجد أي تعب، هذه فرصة لتتعرف إيمان على إخوتها. 


صفاء :وإذا غضب عبد الرحمان عن هذا التأخير. 


إيمان :لا تخافي يا أمي سأخبر خالتي أمل كي تتصرف. 


صفاء :ما دام الموضوع هكذا، هيا بنا إذن. 


خرجوا من تلك الحديقة، ليستقلوا سيارة نصر الدين، وما هي إلا دقائق حتى توقفوا أمام منزل صفاء، فنزلوا وفتحت لهم باب المنزل ليصل إلى مسامعهم صوت ضجيج الأولاد. 


إيمان :أيوجد مشكل ما. 


صفاء :لا تقلقي هذا حال إخوتك دائما يتناقشان ثم يتصالحان مجددا.. نصر الدين هل أستطيع طلب شيء منك. 


نصر الدين :بالتأكيد تفضلي. 


صفاء :أيمكنك إصدار صوت عال قليلا. 


عقد نصر الدين حاجبيه غير عالم بالسبب وراء هذا الطلب، إلا أنه حمحم وفي ثواني قليلة عم صمت غريب في المنزل، ليلجوا للداخل وجدوا أبناء صفاء بجانب بعضهم، وقد كان الأكبر ذكرا في الخامس عشرة سنة، والثاني فتاة في الحادي عشرة سنة. 


صفاء :ما شاء الله عليكما حولتم المنزل لمحلبة مصارعة. 


الفتاة :أمي هل سمعنا والدي، اليوم لن نفلت من يديه. 


صفاء :تخافون لكنكم لا تخجلون، غريب أمركم أيها الأولاد. 


الولد :هذا أمر الله. 


صفاء :شاركتكم الحديث ونسيت من أتوا معي. 


الفتاة :من أتى. 


صفاء :إيمان تفضلوا.


ولجت إيمان للداخل رفقة نصر الدين، وفور رؤية إخوتها لها فتحوا أعينهم مندهشون من الشبه الذي بينها وبين والدتهم، لتقول الفتاة :هل هذه هي. 


ابتسمت صفاء هاتفة: أجل، إنها أختكم إيمان. 


كانت إيمان تنظر لنصر الدين كي يطمئنها من خوفها أن تنبذ مجددا من إخوتها، إلا أنها صدمت بإحتضانهم لها سعيدين بلقائها. 


الفتاة :وأخيرا التقينا وأصبحت لدي أنا أيضا أخت كبرى. 


ارتسمت بسمة واسعة على شفاه إيمان، لتبادلهم الحضن وتستشعر إحساس المسؤولية ناحيتهم، فهتفت: سعدت بلقائي بكم. 


ابتعد عنها الفتى هاتفا :اسمي قريب من إسمك وأنا سعيد بهذا. 


إيمان :حقا ! ما إسمك. 


الفتى :اسمي أيمن وأختي إسمها ياسمين. 


إيمان :أسماءكم جميلة مثلكم. 


صفاء :اجلسوا و تحدثوا على راحتكم. 


أيمن :أختي لم تعرفينا على الرجل الذي أتى معك. 


إيمان :هذا زوجي نصر الدين. 


سعد نصر الدين كثيرا بكلمة زوجي التي هتفت بها، وظهر ذلك جليا في عينيه، ليقول أيمن :تشرفت بمعرفتك يا أخي. 


نصر الدين :الشرف لي. 


قضت معهم إيمان القليل من الوقت، وتعرفوا على بعضهم البعض، ثم عادت إيمان لمنزل والدها وأصبحت تزور والدتها بين الحين والآن، وأحيانا تنام عندها، ورغم حنق عبد الرحمان لما يحدث، ورفضه لهذا، إلا أن نصر الدين كان يقف له بالمرصاد. 


عادت إيمان بذاكرتها للواقع، وخرجت للقاعة حيث استقبلتها النساء بالصلاة والسلام على نبي الله والزغاريد، فبدأت صفاء تقرأ عليها سورة الفلق والناس كي تحفظها من العين، فقاموا بإجلاسها في المقعد المخصص لها، واستغربت النساء سبب ارتداءها الحجاب في هكذا يوم، خاصة من سبق لهم ورأوا شعرها الجميل، لكن هذا كان اختيارها، ليس كون شعرها قصير، وإنما كانت هذه رغبتها أن تظل مستورة حتى يوم زفافها. 


صفاء :تبارك الله ما شاء الله، أدعو الله أن يحفظك من العين. 


أمل: آمين، لقد أتت الفتاة التي ستضع لك الحناء. 


جلست تلك الفتاة بجانب إيمان، وبدأت عملها في رسم نقوش الحناء على يدها، بينما الجميع يستمتع بلذة ذلك الزفاف المختلف، رغم عدم وجود الموسيقى إلا أن المتعة في ذلك الزفاف كانت مميزة. وهكذا مضى الوقت، و ارتدت إيمان آخر بدلة لتمر بين الطاولات ترحب بالحضور بنفسها، والجميع يبارك لها، وكانت ترافقها عائشة في تلك اللحظة. 


عائشة :فلتجلسي الأن، زوجك على وشك الدخول. 


إيمان :حسنا. 


جلست إيمان في مقعدها، وهتفت أمل بصوت عال أن نصر الدين سيدخل كي ترتدي النساء حجابهن والنقاب، وبعد دقائق دلف نصر الدين وتبث نظراتهم على إيمان التي سلبت قلبه للمرة المئة. 


توجه ناحيتها، ليجلس بجانبها ويطبع قبلة على جبينها هاتفا :أنت جميلة جدا اليوم، أتمنى أن يرعاك الله ويحفظك من عيون الناس. 


ابتسمت إيمان هاتفة: شكرا لك، وأنت أيضا لاق عليك اللباس التقليدي. 


عدلت صفاء من وضعية القفطان الذي ترتديه إيمان، وبدأت المصورة تلتقط لهم بعض الصور، ليتناولوا الحليب والتمر كل واحد منهم من يد الأخر حسب العادات، وعم صوت الزغاريد الأرجاء، و ارتسمت الضحكة على شفاه الجميع مظهرة سعادتهم. 


ياسمين :أيها العريس يبدو أن اعتدت، إذهب لإخوتك ودعنا نحن نرقص. 


نصر الدين :سأذهب شرط أن أخذ إيمان معي. 


ياسمين :لا لسنا متفقين على هاته النقطة، كيف ستأخذها بهذه السهولة، أتعتقد أنها رخيصة، لا تحلم لم تأخذها دون مقابل. 


أخرج نصر الدين ورقة نقذية من فئة مئتي درهم، وقدمها لها مردفا: والان. 


ارتسمت بسمة واسعة على شفاه ياسمين هاتفة: فلتأخذها فورا وأنا سأحضر لك ثيابها حتى المنزل. 


ضحكت النساء وشاركتهم إيمان الضحكة هاتفة :قمت ببيعي مقابل مئتي درهم. 


عائشة :إيمان محقة يا ياسمين. 


إيمان :أرأيت الأخوات كيف يكونون. 


استرسلت عائشة حديثها هاتفة :كان يجب عليك طلب خمس مئة درهم، أو أكثر كي نقسمها فيما بيننا ونشتري بها شيئا لنا. 


إيمان :انظروا للأخوات يستغلنني كي يجمعوا النقود، ربما نسيتم أنني أختكم. 


كانت الضحكات تعم الأرجاء، وفي نفس الوقت مستغربين من روح الدعابة في العريسين، فاستغل نصر الدين الفرصة هامسا لإيمان في أذنها :حتى لو نسيكِ كل من على الأرض قلبي المتيم بعشقك سيظل يتذكرك. 


صمتت إيمان فجأة رغم أنها وطيلة الشهر تسمع منه تلك العبارات، إلا أنها تخجل كل مرة وتصدم منه. 


صفاء :ابني نصر اخرج الان، لا زالت سترتدي بدلتين بعدها خذها معك. 


ابتسم لها نصر الدين هاتفا :حسنا يا سيدتي سأتحمل قليلا. 


فسحت له النساء المجال ليمر، فتحرك دون أن ينظر لأحد، ولم يهتم بنظراتهم التي تركزت عليه، وعاد عند الرجال مستمتعين بصوت القرآن الكريم الصادح في الأرجاء، وزاد ذلك الهدوء من جمالية اللحظة. 


مضى الوقت سريعا، وانتهى الزفاف ليغادر الجميع، وودعت إيمان إيمان بدموع تسيل على خدها، إلا والدها الذي ما إن قبلت يده حتى ابتعد عنها لتفعل المثل. 


نصر الدين :إيمان هل نذهب.


أماءت له برأسها، وصعدت برفقته للسيارة ليصعد بجانبها بعد أن تأكد أن أشرف سيقل والده، و اتجه ناحيته بيته وهو يمسك في يدي إيمان ليدعمها. 


نصر الدين :كفاك بكاءا يا إيمان، ستؤلمك عيناك، وعائلتك لن أحرمك منهم وفي أي وقت تستطيعين زيارتهم وهم أيضا مرحبا بهم لدينا في أي وقت. 


إيمان :أعلم لكن غصبا عني. 


ابتسم لها نصر الدين يتفهم حالها، فليس بالسهل أن تبتعد عن عائلتها التي قضت معهم فترة طويلة، وبعد دقائق وصلوا أمام المنزل ليتلقى نصر الدين رسالة من أشرف مفادها أن والده سيبيت عنده الليلة. 


نصر الدين :أيتها العروس مرحبا بك في بيتك. 


سمن إيمان الله، وقرأت دعاء دخول البيت، لتلج لرجلها اليمنى وهي تدعو الله داخلها أن تسعد في هذا المنزل الجديد. لحقت إيمان بنصر الدين الذي أراها غرفتهم، وتركها تغير ملابسها بينما هو ذهب ليتوضأ، وحينما انتهت ذهبت هي الأخرى لتتوضأ، ثم صلوا معا وغاصوا في عالمهم الخاص، لتصبح إيمان زوجة نصر الدين شرعا وقانونا. 


أشرقت شمس يوم جديد على إيمان، وعلى عكس الأيام الماضية، استيقظت في منزل وحضن زوجها، ففتحت عينيها على أشعة الشمس، فنظرت للساعة لتجدها تشير للتاسعة والنصف، فحاولت التحرك ليستيقظ نصر الدين. 


نصر الدين :صباح الخير.


إيمان بابتسامة :صباح النور.


نصر الدين :ما بك استيقظت باكرا، هيا نامي. 


إيمان :يجب أن أقوم، ستأتي النساء بعد قليل. 


قام نصر الدين، ليمد يده يعبث بشعرها الذي رغم قصره، إلا أنه ناسب مظهرها، فقال: هل سيلاحقوني النساء حتى هذا اليوم؟ ألا تملكن رجال لينامون بجانبهم وتنامي أنت بجانبي. 


إيمان :لا يا نصر هذا لا يصح، إضافة لذلك حتى عمي لم ينم الأمس بالبيت وقد يأتي الآن. 


نصر الدين :يبدوا أنك مصممة على رأيك، إذن إذهبي أنت أنا سأنام. 


إيمان :فلتنم فور أن أعد الإفطار سأوقظك. 


نصر الدين :عن أي إفطار تتحدثين! أنسيت أنك عروس جديدة. 


إيمان :وما الغريب في الموضوع، أم أنك أنت من سيحضر الإفطار. 


قام نصر الدين وقال: بطبيعة الحال سأحضره، أنت لن تفعلي شيئا هذه الأيام. 


إيمان :لا يصح هذا يا نصر الدين، أنا سأحضر الإفطار ما دمت موجودة في المنزل. 


نصر الدين :جهزي أنت نفسك أنا سأحضره.. في حياتي لم أرى عروسا تدخل المطبخ في يومها الأول في منزل زوجها. 


راقبته إيمان بعينيها حتى خرج، فظلت مصدومة من أفعاله، وفي الوقت ذاته سعيدة أن الله رزقها بشخص متفهم، فأخذت ثيابها، ثم استحمت وصلت صلاتها، بعدها اتجهت للمطبخ لتجد نصر الدين أوشك أن ينهي كل شيء. 


إيمان :سلمت يداك. 


نصر الدين :شهية طيبة. 


جلسوا معا يفطرون، فتذكر نصر الدين ذلك المنزل الذي اشتراه حينما كان مع دعاء، فقال:نسيت أن أخبرك يا إيمان، أنا أملك منزلا خاصا بي، ما رأيك أن نقطن فيه. 


إيمان :لم تخبرني من قبل. 


نصر الدين :لأكون صريحا معك أنا اشتريت المنزل حينما خطبت دعاء لأن المنزل كان رغبتها، فأخذت دينا من أشرف كي أتمم تجهيز المنزل. 


توقفت إيمان عن الأكل وقالت :وأنت كنت ترغب في العيش في ذلك المنزل. 


نصر الدين :أنا لايهمني أن أعيش هنا أو في ذلك المنزل، فقط اختاري أنت أين سترتاحين. 


صمتت إيمان قليلا ثم قالت بجدية :إذا قلت لك بعها هل ستفعلها. 


نظر لها نصر الدين مستغربا وقال: لما سأبيعها. 


صمتت إيمان مجددا قبل أن تهتف: في الحقيقة أنا أريد أن نمكث في هذا المنزل مع عمي عمر، والمنزل أساسا كبير ويكفينا. 


سعد نصر الدين باهتمامها بوالده عكس دعاء التي رفضت مكوثه معهم، فقال :وإذا رزقنا الله بالأطفال وقتها سيحتاجون غرفا لهم.


إيمان :بنقود المنزل تستطيع بناء طابق فوق  هذا المنزل، وتعيد النقود التي يدين بها لك صديقك، وفي الوقت ذاته إذا تبقى لديك شيء تستطيع القيام بمشروع يفيدك بعد التقاعد. 


نصر الدين :لم أفكر يوما في هذا، لكنني سأستطيع جمع المال فيما بعد للمشروع. 


إيمان :لا أتفق معك في هذه النقطة، إذا لم تفعل شيئا الان احتمالية فعله في المستقبل ستقل، لأنه وبكل بساطة مصاريفنا ستتزايد إذا رزقنا بأطفال، وقتها ستقول أن النقود تطير بسرعة، إضافة لذلك لذلك لا فرق بين هذا المنزل وذاك، لكن حينما تقطن مع عائلتك أفضل مئة مرة من العيش في منزل بمفردك. 


ابتسم نصر الدين هاتفا: أكثر ما يعجبني فيك هو تفكيرك المسبق بالمستقبل، و تخطيطك الرائع له. 


إيمان :أنا قلت لك وجهة نظري في الموضوع، والقرار الأخير لك أنت. 


نصر الدين :في أقرب وقت سأبحث عن شاري وأبيع المنزل. 


ابتسمت له إيمان فعادوا لتناول إفطارهم، ليضحك نصر الدين بعد دقيقتين، فعقدت إيمان حاجبيها هاتفة: ما الذي أضحكك. 


نصر الدين :أضحك علينا.. أقصد لقد قمنا بالزفاف بالأمس فقط، وبدل أن نتحدث عنه، ونتحدث في المواضيع التي يتحدث عنها المتزوجين حديثا، بدأنا نتحدث عن الأطفال والمشاريع، لو سمعنا أحد لضحك علينا. 


شاركته إيمان الضحك، ثم قامت وغسلت الأواني بعد أن أصرت على ذلك، ليسمعوا صوت طرقات على الباب، فذهب نصر الدين ليفتح، ووحد صفاء وأمل والفتيات أتين وفور دخولهم للمنزل على صوت الزغاريد. بينما إيمان كانت تمسح يديها في المنشفة، لتخرج فور سماعها لصوت الزغاريد. 


صافحت النساء ثم جلسوا، ليخرج نصر الدين وتركهم يتصرفون بحرية، فبدأت النساء تحضرن ليباركن لها، وأتت سميرة هي الأخرى لتجلس بجانب إيمان. 


سميرة :أخبريني يا إبنتي هل درست. 


ابتسمت لها إيمان قائلة: أجل لقد حصلت على شهادة البكالوريا. 


شهقت سميرة ثم هتفت: كيف تزوج لك نصر الدين وهو أستاذ، على الأقل ابنتي حصلت على شهادتها الجامعية حينما خطبها وكانت تشرفه.


إيمان :لكنه قدر علي أن أتزوج أنا به، وإن شاء الله سيوفقنا الله في حياتنا، ولقد حدثني عنك نصر الدين وعلمت أنه يضعك في مقام والدته، ودعاء أصبحت في مقام أخته. 


صمتت سميرة تنظر لإيمان التي تعلمت من نصر الدين أن تجيب أي شخص يحاول التقليل منها، أو إيذائها، وفي الوقت ذاته يجب أن تحافظ على أخلاقها. 


مضى شهر على زواجهم، حيث قام نصر الدين ببيع ذلك المنزل وأعاد لأشرف نقوده، وحاول إقناع إيمان للقيام بعملية جراحية لرجلها، فنجح أخيرا في إقناعها، واليوم يقف أمام غرفة العمليات ينتظر الطبيب ليخرج ويريح قلبه. 


في مكان أخر خارج البلاد، كانت دعاء جالسة في منزلها وحيدة بعدما تغير تعامل سليمان معها، إضافة لذلك عدم وفائه بوعده لها بخصوص زفاف ثاني كما كانت تتوقع، وفي كل مرة يقدم لها عذرا مختلفا إلى أن ملت.


دعاء :لا يمكن أن العلي هذا الحال، لم أتزوج بسليمان لأظل محبوسة في المنزل، سأخرج للتسوق كي أرتاح وتتحسن نفسيتي. 


ذهبت لغرفتها فغيرت ملابسها، ثم غادرت متجهة للمركز التجاري حيث صرفت النقود دون أن تأبه لمبالغتها في صرف الأموال، فعادت بعد ساعات للمنزل حيث كان سليمان في انتظارها وهو في قمة غضبه. 


سليمان :الحمد لله على سلامتك أيتها العروس، لما عدت باكرا. 


دعاء :ما بك غاضب مجددا، لقد ذهبت للتسوق فقط، هل كنت تظن أنني سأبقى طيلة اليوم في المنزل.


جذبها سليمان من شعرها هاتفا: ولما هاتفك مغلق، ولما خرجت أساسا دون إذن مني. 


دعاء :اتركني وشأني، لما تفعل بي هذا. 


دفعها سليمان وقال: بسببك أحرجت أمام الضيوف الذين أتوا لزيارتنا، وكنت أعتقد أنني سأجد زوجتي في المنزل تنتظر، لأصدم بحقيقة أنها خرجت دون أن ترسل لي رسالة حتى. 


دعاء :أنت المخطأ حينما لم تخبرني مسبقا. 


سليمان :كأن هاتفك مشغل كي أستطيع التواصل معك. 


دعاء :لا تبالغ رجاءا، تستطيع دعوة ضيوفك في أي يوم آخر، هذا ليس بالصعب عليك. 

صفعها سليمان هاتفا :بسببك أضعت الكثير من النقود. 


ظل يضربها دون رحمة أو شفقة، وجعل جسدها مشوها من شدة ضربه، بينما هي لا حول لها ولا قوة، ولم يتوقف عن ضربها سوى حينما تعب، ليغادر المنزل وتركها غائبة عن الوعي، و جسدها يئن من شدة الألم.

عند نصر الدين، وبعد طول إنتظار، خرج الطبيب عنده ليهتف: هل من أخبار جيدة أيها الطبيب. 


الطبيب :الحمد لله نجحت العملية، وسننقل المريضة لغرفتها بعد قليلا، لكن سيلزمها حصص الترويض الطبي فيما بعد كي تستطيع التعود على وضعها الحالي. 


تنهد نصر الدين براحة، وهتف مبتسما :الحمد لله..شكرا لك أيها الطبيب وسننفذ ما قلته بإذن الله. 


مضت الأيام وتحسن وضع إيمان، وبعد حصص الترويض الطبي تمكنت أن تتحرك بشكل طبيعي، ودون أن تشعر أن نظرات الناس تلاحقها، بينما دعاء كانت تعاني معاملة سليمان السيئة، وصدمت حينما علمت أنه تزوج بها كي يبيعها، واتضح في الأخير أنها إحدى ضحاياه الكثر، إلا أن القدر كان في صفها، وتمكنت من الهروب منه لترفع عليه دعوة قضائية، وقدمت تسجيلا له وهو يضربها، فنجت منه وفضحت أفعاله، لتعود في الأخير إلى بلادها كوردة ذابلة بعد أن غادرتها وهي متفتحة. 


مضت سنوات بحلوها ومرها، وفي بيت نصر الدين كان نائما في إحدى غرف الطابق العلوي الذي بناه بعد عودته من العمل، وكان يرغي بقسط من الراحة إلا أنه شعر بأحد يجذب شعره، ففتح عينيه ليجد أمامه طفلا في الثالثة من عمره يضحك وهو يجذب شعره أكثر. 


نصر الدين :دعني أيها القرد. 


الطفل: أبي أبي. 


حمله نصر الدين يلاعبه، ليسمع بعد قليل صوت إيمان تنادي وتقول :بدر.. بدر أين أنت. 


نصر الدين :إنه معي. 


دخلت إيمان تحمل طفلتها ذات الشهرين قائلة: أنت هنا أيها العفريت وأنا أبحث عنك في الأسفل. 


نصر الدين :ما هذا يا ابني؟ هل هربت من أمك مجددا. 


بدر: بدر لا يريد الأكل. 


ابتسمت إيمان بمكر هاتفة: حسنا ما دام بدر لا يريد الأكل، سأذهب أنا وأتناول حقه في الحلوى. 


ما إن سمع كلمة حلوى حتى قفز هلي بطن أبيه قائلا :بدر سيأكل لأنه جميل. 


إيمان :هيا بنا إذن جدك ينتظرك. 


نصر الدين :أعطني خديجة أنا سأهتم بها. 


أخذ خديجة التي فتحت عينها الشبيهة بعيني والدتها، ليبتسم لها نصر الدين وهو يحمد الله على عائلته الصغيرة، وعلى ذلك الهدوء الذي حصل عليه، وأحيانا يمتزج بصراخ وضحكات أبنائه. 

                      تمت بحمد الله 

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close