أخر الاخبار

رواية مذكرة فيروزة الفصل الثالث عشر13والرابع عشر14بقلم شيماء الشعراوي


 رواية مذكرة فيروزة الفصل الثالث عشر13والرابع عشر14بقلم شيماء الشعراوي


بعد منتصف الليل كانت مستلقية على الفراش نائمة نوم قلق، بعد لحظات شعرت فجأة بثقل بجانبها جعلها تنفض من على السرير فزعاً أوقدت النور لكنها لم ترا شيئاً ثم أخذت تستعيذ من الشيطان الرجيم، بعد مرور بضع دقائق عادت تستلقى مرة أخرى وما أن أغمضت عينيها وبدأت فى النوم شعرت بأنفاس ساخنة تداعب رقبتها ويد كبيرة تتحسس جسدها، فتلك اللحظة قذف قلبها رعباً وأزدادت نبضاته عنفاً، فتحت عينيها ببطء شديد وهى خائفة ليزيد رعبها أكثر وهى تجد شئ مخيف على هيئة جسد بنادم لكن لونه أسود دامس يجلس فوقها ويغطى وجهه شعره الغزير فبدأت  تتساقط من عيناه قطرات دماً على وجهها، حاولت أن تتحرك لكنها لا تقوى على ذلك فشعرت بأن جسدها كله مخدر ومقيد، و كلما حاولت أن تصرخ فلا يصل صوتها إلى حنجرتها..
بينما ذاك المخيف ظل أن يضغط بيديه على عنقها محاولاً أخذ روحها بيديه الغريبة التى تشبه يد الأشباح.
بينما هى تحول لون وجهها للزرقان من الاختناق ولم تستطيع أن تتنفس فشعرت بأن روحها على وشك أن تفارق الحياة.
أستيقظت من النوم وهى تشهق بفزع وظلّت تتنفس بصعوبة وهى تنظر حولها بذعر، ثم هدأت قليلاً عندما علمت بأنه كان مجرد حلم فبدأت تستعيذ وتقرأ المعوذتين، فنظرت بجانبها لتجد الساعة الخامسة ونصف صباحاً نهضت من على الفراش بخمول لتتجه إلى الحمام حتى تتوضأ وتصلي الفجر..
 بعد لحظات كانت "فيروزة" جالسة على سجادة الصلاة تحدث ربها قائلة بحزن:
- ياالله لقد أرهقتني متاعب الحياة ف أنا فتاة ضعيفة لا تقوى على شئ ..أعلم أنك لن تنساني ولن تتخلى عني ولن تنسى تلك الدموع التى أنهمرت من عيني كالطوفان وأعلم أن جبرك أتي لا محال ..فكل شئ مكتوب ميعاده لن يتأخر ساعة ولن يتقدم...وكل ما أن عليه سيمر بالتأكيد وسيحل مكان تلك التعاسة فرح وسرور وعوض لن يُنسى..وأعلم أنك ستستجيب لندائي ودعائي
فاللهم الصبر حتى تأذن لىّ بالفرج لما أنا عليه.
ظلتّ مكانها تقرأ بعض آيات القرآن حتى شعرت بالسكينة والراحة فكل الأشياء فى جوار الله هادئة ودافئة مليئة بالرضا والسكينة الدائمة..

تذكر أيها العبد كلما أتعبت الدنيا قلبك وضاقت عليك نفسك التى بين جنبيك، تذكر أن ذكر الله يلين القلب ويريح النفس.♥️
أشرقت الشمس بنورها لتطلّ ببهائها الجذاب فتنبعث أشعتها لتبعث بالدفء فى كل الوجود حينها تغرد كل الطيور على غصن الأشجار..
ولج "رائف" إلى الغرفة ليجدها تجلس كما هى فقال بسخرية: - تقبل الله ياشيخة فيروزة.
أغلقت المصحف ووضعته على الحامل وقامت بخلع الاسدال كل هذا تحت أنظاره التى تتفحصها فقال:
- لو خلصتى ياهانم ياريت تروحى تحضريلي الفطار.
نظرت إليه بضيق قائلة:
- ممكن تخرج برا وأنا شوية وهاجي أحضرلك الفطار.
مرت بضع دقائق ..
على سفرة الطعام كانت تجلس بجانبه تنظر إليه بأشمئزاز فهى لا تطيقه بتاتاً..رفعت كأس العصير وأرتشفت منه، نظر إليها مقتطباً حاجبيه متعجباً فقال بتسأل وهو يضع الطعام فى فمه:
- مش بتأكلى ليه شكلك حاطه في الفطار سم علشان تقتليني وتخلصى منى.
هتفت "فيروزة" بضيق: هحطلك سم ليه هو أنت فاكرني زيك قتال قتله.
بينما هو وضع شريحتين من الجبنة الرومى فى عيش التوست وأقترب منها قائلاً: خدى أطفحى لأحسن تموتى من قلة الاكل وأنا لسه مخلصتش اللى عاوزه منك.
دفعت يديه بعيداً عنها بأشمئزاز قائلة: ابعد عني مش عايزة أكل أنا. 
أمسك فكها بقوة ليضع الطعام بداخل فمها ليقول ببرود: 
- يلا زى الشاطرة كدا أبلعى الأكل.
نظرت إليه بعدم تصديق لتلعنه بسرها فهو حقاً شخص غير عاقل بأفعاله، حاولت مضغ الطعام وبلعه لكنها شعرت بالغثيان يقتحمها فجأة فهرولت تركض إلى الحمام، بعد ثوانٍ وصل صوته إلى مسمعها يقول:
- من الأول وأنا شاكك فيكى وقولت أن الأكل ده فيه حاجة .
أخذت تسبه وتلعنه بصوت منخفض حتى لا يسمعها، رمت المنشفة على الحوض وهى تقول بتعب:
- انسان متخلف ومابيفهمش ربنا ينتقم منك يارائف أو تعمل حادثة وأنت سايق العربية أو يدوسك سواق قطر أعمى ويخلصني من قرفك. 
ثم وضعت يديها على بطنها تتحسس موضع طفلها فقالت بألم: - كان نفسي فى طفل بس ميكونش جاي بالطريقة دى مش عارفة أحبك ولا أكرهك ..مش قادرة أتقبل وجودك لأنك حته من أكتر أنسان بكرهه فى الدنيا يمكن لو كنت جيت فى ظروف أحسن من كدا أو كنت أبن شخص تانى كنت هحبك سامحني يابني لان أمك مش حابه وجودك ولو بأيدي كنت نزلتك لكن مش هقدر أعمل حاجة بشعة زى دى وأقتل روح جوايا ملهاش ذنب مش هستحمل أني أتحاسب عليك قدام ربنا ويسألني ليه قتلتي ابنك علشان كدا مضطرة استحمل وجودك يمكن ربنا يجعلك سبب فى فرحي فى يوم من الأيام.
ناداها "رائف" من الخارج فخرجت إليه قائلة بأرهاق:
-نعم يارائف عايز ايه مني.
لمس خدها برفق ليقول بهدوء: عايزك تروحى لأبوكى وتخليه يمضى على الأوراق دى..مد يديه بملف مليئ بالأوراق..أخذته منه وهى تنظر بداخلهم ثم رفعت بصرها إليه لتقول بأستغراب: 
- دى أوراق الصفقة اللى كنا شغالين عليها بس مش فاهمة أنت عايز ايه منها.
تحدث "رائف" وهو يقول: هتلاقى مابينهم أوراق خاصة ومحتاج أمضاء سيادة اللواء عليها ف أنتى زى الشاطرة هتروحيله على الشغل وهتقوليله أن دى أوراق مهمه كانت محتاجة توقيعه.
تحدثت إليه "فيروزة" متسائلة:
- وأنا مش هعمل حاجة غير لما أعرف الأوراق دى عبارة عن ايه.
نظر إليها بتفكير ثم قال بحذر :- تمام أوى كنت عارف أنك هتقولى كدا بس مش مشكلة دى تصريح بسماح مرور شحنة فى الميناء جاية من برا ومحتاج أمضاء من اللواء  عليها .
فيروزة: والشحنة دى فيها ايه. 
أردف "رائف" قائلاً ببرود: أنا مابحبش الأسئلة الكتير وياريت تحطى لسانك جوا بوقك ومسمعش منك أى أعتراض وإلا هتشوفى مني حاجة مش هتعجبك والمرادى مش هتبقى مجرد أصابة لا هيبقى قتل على طول.
بلعت ريقها بخوف قائلة بتوتر: - طب هخليه يمضى ازاى وأنا أصلا من ساعة ماأتجوزتك وأنا سايبة الشركة.
سار بخطوات إلى الأمام ثم استدار بجسده إليها وقال:
- بسيطة لو سألك هتقوليله أنك نزلتى الشغل ولاقيتى ملف محتاج توقيعه لانه المالك الأساسي للشركة وبس وهو مش هيركز معاكى فاهمة ويلا علشان أوصلك.

بعد ساعة كانت تقف أمام مقر الداخلية حولت بصرها للخلف لتجده ذهب بسيارته وتركها بمفردها، تنفست بهدوء وقد عزمت بداخلها بأنها ستقول لوالدها اليوم على كل شئ، ولجت للداخل وهى تتلفت يميناً ويساراً فكان المبنى ضخم للغاية.
أوقفها صوت شخص متسائلاً: - أستنى عندك أنتى مين وازاى دخلتى هنا.
التفتت إليها "فيروزة" الذى قالت بأرتباك :
- أنا كنت محتاجة أعرف فين مكتب اللواء عامر الراشد.
تحدث الظابط بحده: - وأنتى عايز ايه منه.
أرجعت خصلة من شعرها خلف أذنيها، وقالت:
- أنا بكون بنته وعايزة أقابله فلو سمحت تقولى مكتبه فين.
أجابها الظابط بأحترام: للأسف والد حضرتك بيمر دلوقتى على السجون ومش هتعرفى تقابليه دلوقتى.
تحدثت بصوت خافت لا يصل إلى مسمعه:
- هو ده وقته الله يحرقك يارائف بجاز وسخ.
الظابط:  بتقولى حاجة حضرتك.
نظرت إليه "فيروزة" لتقول: لا طب هو الرائد أدم هنا.
الظابط: أدم مجاش النهاردة.
تحدثت "فيروزة" بضيق قائلة بهمس: نحس أنا عارفة أني نحس من يومي. 
ثم وجهت بصرها إليه لتقول: -شكرا لحضرتك.
جاءت أن تذهب لكن أوقفها "عمران" الذى قال بسعادة:
- بجد أنتى هنا ولا أنا بحلم لا شكلي بحلم.
ضحكت بخفة وهى تقول: - عمران أخبارك ايه.
سار بخطوات واثقة أتجاهها وهو ينظر لها بحب فخفق قلبها ينبض بعنف فقد ذابت فى طلته المشرقة التى تسعدها فهى تشعر بشعور لطيف يسكن روحها عند رؤيتة.
أردف "عمران" بأبتسامة هادئة: - الحمدلله بأفضل حال.
نظرت إليه بعيون لامعه فأبتسمت بحياء لتقول: - يارب دايما تبقى بخير ياعمران.
اتسعت ابتسامته  فهو يشعر بسعادة غامرة فى قربها: يارب ...بتعملى ايه هنا فى حاجة حصلت معاكى ولا حاجة وجاية تقدمي شكوي أو عايزة تطلقى وتخلصي من قرف جوزك مثلا صدقيني أنا معاك وهعملك كل اللى يريحك جربيني مش هتخسرى.
ضحكت على حديثه ثم إجابته "فيروزة" قائلة:  جاية أشوف بابا بس فى حد منكم قال أنه عنده مرور.
عمران: هو قدامه نص ساعة ويخلص ممكن تيجي تقعدى فى المكتب بتاعى لحد مايخلص واهو  نشرب مع بعض قهوة ايه رأيك.
فيروزة: تمام مفيش مشكلة لو مش هتقل عليك.
أبتسم بخفه ليقول بحب:  أبدا.. ياريت لو تتقلى عليّ كل يوم دى هتبقى احلى حاجة بتحصلي فى يومي.
أخفضت رأسها بخجل قائلة برقة: عمران.
نظر إليها بهيام ليقول: قلبه..ثم تدارك نفسه ليعدل من وقفته وقال بتوتر: المكتب ..قصدي هو المكتب من هنا تعالى ورايا. ليسير بخطوات سريعة فنظرت إليه بدهشة لتتجه خلفه وهى تشعر بأن الهواء يقل من حولها مع تزايد خفقان قلبها.
فى المكتب قدم لها كوب من العصير المثلج ليقول بمرح:
- أهو ياستي عصير البرتقال اللى طلبتيه بس أعملى حسابك المرة الجاية هتشربى قهوة معايا..اه ما أنا مش هشربها لوحدي زى النهاردة كدا تمام.
نظرت إليه بعيون لامعه وقالت بسعادة: تمام.
جلس على المقعد أمامها ليحتسى فنجان قهوته ثم قال: 
- بجد والله شرفتينا بزيارتك الجميلة دى متعرفيش شوفتك فرحتني قد ايه.. أبقى تعالى زورينا هنا على طول ولا اقولك نبقى نتقابل برا أحسن من هنا.

نظرت إليه مستعجبة حديثه ومن عيناه البنية الساحرة التى تشبه حبات القهوة جعلتها تتوه بداخلهم، فكان بريق لونهم يلمع بشدة وكأنه عاشق لها أو كأنه رأى كنز ثمين أمامه، تسألت بداخلها هل هو حقاً كما قال رويتها أسعدته .. لكن نظراته إليها جعلتها ترتبك وتفكر كثيراً ف تلك النظرة التى لم ترى أحد ينظر إليها هكذا من قبل
فمن يرى "عمران" الان يظن أنه حقاً يحبها..
لكنها لا تعلم بأنه فعلا يعشقها بكل كيانه.
أشار بيديه إليها قائلاً :فيروزة مالك سرحتى فى ايه.
تحدثت الأخرى بهدوء: ولا حاجة هو بابا هيتأخر.
أجابها "عمران" قائلاً: لا مش هيتاخر هتلاقيه قرب يخلص المرور. 
هز رأسها بالإيجاب ثم نظرت أمامها بشرود مسلطة بصرها على الباب تنتظره قدوم والدها، بينما هو ظل يتأمل ملامحها البريئة قائلاً بداخله: 
- منذ أن التقينا سكنت عيونك خاطري ووعدتني برحلةٍ طويلةٍ فى ربوع الجمال..فأن جمال عينيكِ البريئتين يفوق الجمال جمالاً..فقد عشقك قلبي منذ أن رأى ظلكِ ليتكِ تعرفين ماأملكه لكِ من حب.
بعد لحظات دلف "عامر" إليهم فكان منشغلاً بالجهاز الذى يحمله ليديه، تحدث دون أن يرى أبنته قائلاً:
- عمران أنا عرفت جميع تحركات الوسخ رائف  والمقابلات السرية اللى بيجتمع فيها مع شركائه وطلع أن هو زعيم المافيا التانى ليهم دا غير الرأس الكبيرة وده كمان غير أن فى أخبار جتلنا عن شحنة أسحلة غير مرخصة  بيخطط يدخلها اليومين دول البلد مع شحنة المخدرات عن طريق البحر ودلوقتى عيزك تجهز قوة وتبقى مستعد للمأمورية فى أى وقت.
رفع رأسه نحو "عمران" لينصدم برؤية "فيروزة" التى تظهر على ملامحها الدهشة، فقال بتوتر:
- روزا حبيبتى بتعمل ايه هنا.
نظرت إليه بصدمة فأقتربت منه متسائلة:
- هو حضرتك قولت ايه أول مادخلت..مين ده اللى  زعيم مافيا وبيتاجر فى الأسحلة والمخدرات.
نظر "عامر" إلى "عمران" بأرتباك كى ينقذه من هذا الموقف فأشاح الأخر ببصره بعيداً عنه لينظر بأتجاه "فيروزة" فرأئها تضع يديها على بطنها بألم فقال بقلق:
- فيروزة أنتى كويسة.
نظرت إليه بدموع بدأت تجتمع فى فيروزتها لتقول:
- متقلقش أنا كويسة لكن حد منكم يرد عليا ويقولي الحقيقة.
أجابها "عامر" بهدوء: الكلام اللى سمعتيه كله حقيقة يافيروزة ف مش محتاجة اقولك اكتر من كدا لان كل حاجة أنتى سمعتيها.
ضحكت بخفة ثم بدأ تضحك بصوت مرتفع ثم بكت فنظروا إليها بتعجب من أمرها، هدأت قليلاً ثم قالت بحسرة:
- جوزي فى الأخر طلع زعيم مافيا يعنى كنتى يافيروزة متخيلة أن هو مثلاً هيكون ايه بعد اللى عمله فيكي واحد زى ده أكيد لازم يطلع كدا .
أقترب منها "عمران" بخوف عليها ليقول: 
- فيروزة أنا عارف أن اللى سمعتيه صدمة ليكى ف لازم تكونى قوية ومتخافيش من أى حاجة أنا جنبك وأوعدك بأن أنا هخلصك منه.
أردفت باستهزاء وهى تنظر لوالدها: هو أنتو كنتوا عارفين من أمتى يابابا بالموضوع ده بعد ما أتجوزت ولا قبل .
نظر إليها ولم يعرف بماذا يجيبها هل يقول لها بأنه كان يعرف قبل أن تتزوج به وهو من وافق على تلك الزيجة من أجل شغله وعرضها لهذا الوضع فماذا ستكون رددت فعلها فهو يخشى أن تكرهه او ان يقل فى نظرها قاطعت تفكيره قائلة بقلق من أجابته:
- يااااه للدرجاتى الأجابة صعبة مش عارف تقولها يبقى حضرتك كنت عارف من قبل ما أتجوزه مش كدا.
أخفض رأسه ينظر إلى الأرض خجلاً منها، فقالت بحزن:
- مدام حضرتك بصيت فى الأرض كدا يبقى أنت كنت عارف. ثم حولت بصرها "لعمران" وأكملت: وأنت ياعمران كنت عارف من بدرى مش كدا.
تحدث "عمران" بثبات لكن داخله كان يغلي غضباً فقال:
- عرفت يوم لما قابلتك أول مرة فى بيتكم ساعتها أتصدمت زيك لو كنت أعرف من بدرى مكنتش وافقت على الوضع ده.
ترقرقت الدموع بعينيها البريئتين فهى تشعر بالخذلان للمرة  الالف من أبيها لكن اليوم الشعور حقاً كان أكثر الماً عن ذى قبل فقالت بحزن وبكاء:
- أزاى ده حصل أزاى حضرتك تعمل كدا فى بنتك هو أنت مخوفتش عليا وأنا قاعدة فى بيت واحد مجرم زى ده ونايمة فى حضنه مكنتش خايف عليا لما هو كان بيقرب مني ليه عملت فيا كدا ليه رميتني الرمية السوده دى أنت كل مرة بتاكدلي بأفعالك أنك فعلا مش أبويا وأنك مجرد راجل غريب عني .. أقتربت منه لتنظر إلى عيناه بقهر قائلة: 
- هسالك سؤال واحد لو كانت لارين هى اللى مكاني كنت هتعمل ايه معاها كنت هتستغلها زيي كدا وتجوزها لرائف ولا كنت هتبقى خايف عليها.
رفع رأسه نحوها ليقول بندم: أنا آسف على عملته فيكى سامحيني يابنتي.
ضحكت بألم وسط تلك الدموع التى تتساقط بحرقة على وجنتيها قائلة : 
- بنتك بس أنا مش بنتك يا سيادة اللواء لان مفيش أب يعمل كدا فى بنته حتى لما سألتك لو لارين هى اللى مكاني كنت هتعمل أيه مردتش عليا عارف ليه لان انت مش هترضها ليها لان هى من لحمك ودمك لكن أنا مجرد واحدة جيبها من الشارع وعملتها بنتك وأتكرمت صرفت عليها وأنا مش هنسالك فضلك بردو عليا لكن ليه تستغلني بالطريقة دى أنا عمري ما عملت حاجة وحشه فيكم وكنت دايما البنت المطيعة لأهلها ومابحبش أزعلك مني لكن أنت كنت أنا أكتر حد بتيجي عليه ... صمتت لثواني حتى تاخذ نفسها الذى أوشك على الانقطاع فأمسك "عمران" يديها المرتجفة بحزن ليقول: - فيروزة بس أهدى واسكتي ايه الكلام اللى بتقوليه ده.
نظرت إليه بعيون ممتلئة بالدمع لتقول بحرقة:
- مش قادرة أسكت ياعمران أنا جوايا كلام كتير بيوجعني وعايزة أقوله يمكن أرتاح من العذاب اللى أنا فيه هو ليه محدش حاسس بيا هو ليه أنا معنديش أهل يحبوني زى بقية الخلق ولا هو ربنا حرم عليا أن يكون ليا أب يحبني ويخاف عليا من الهوا..أنا بجد تعبت من الحياة دى ياعمران أنت متعرفش أنا عنيت قد ايه وكل ده بسببه هو ..قالت هذة الجملة وهى تشير على والدها الذى نكس رأسه حزناً من حديثها الذى ألمه.
ظلّت تحدق ب"عامر" لمدة طويلة تحت نظرات "عمران" القلقة، جففت بقايا الدموع من على خديها ثم قالت بجمود: 
- عارف ياسيادة اللواء أنا متصدمتش فى رائف أكتر ما أتصدمت فيك أنت لان أنا كنت بعتبرك كل حاجة فى حياتي برغم قسوتك فى بعض الاوقات عليا وحبيتك أوى لان فعلا كنت بعتبرك أبويا ومثلي الأعلى فى الحياة لكن دلوقتى كل حاجة أتغيرت ..وعلى العموم أنا كنت جاية أقابل حضرتك النهاردة علشان أوريك أوراق تخص رائف كان عايزك تمضى عليها يمكن تلاقوا فيها حاجة تخصكم أتفضل شوفها.أخذها منها ثم تفحص الأوراق ليقول:
- بس دى أوراق صفقة تخص الشركة.
أردفت "فيروزة" بأرهاق : قلب الصفح دى وهتلاقى بداخلهم أوراق خاصة بشغله.
عامر: بس أنا مش فاهم حاجة.
نظرت إليه ثم بدأت تقص عليه الحوار الذى دار بينها وبين "رائف"......بعد مرور بضع دقائق .
تحدث "عامر" بهدوء: تمام يافيروزة تقدرى دلوقتى ترجعى شقتك.
نظرت إليه بعدم تصديق لتقول: هو حضرتك بتهزر صح.
عامر بجمود: لا مش بهزر هترجعى لعند رائف وهتديله الأوراق دى فاهمة وإياكى أن هو يعرف بالكلام اللى دار مابينا.
نظرت إلى "عمران" ثم حولت النظر "لعامر" وقالت بخوف ينهش بقلبها: 
- بس أنا خايفة أرجع عنده تانى حضرتك متعرفش هو لو شم خبر باللى حصل دا ممكن يقتلني فيها.
أغلق الملف الذى بيديه وأعطاه لها قائلاً: لازم ترجعي علشان ميشكش فيكي.
التمعت عيناها بالخوف فأمسكت يديه قائلة: 
- أرجوك أتصرف وأعمل أى حاجة ومتخلنيش أرجع أنا بجد خايفه منه ليأذيني.
ربت على يديها بحنان وقال: متخافيش مش هيأذيكي لكن دلوقتى قومى روحى على البيت واتعاملى معاه عادى لحد  ما نخلص شغلنا وتخلصى منه.
تنهد "عمران" بضيق ليقول: ياسيادة اللواء بلاش ترجعها خليها تروح على القصر هيكون أمان ليها ومش مهم اللى يحصل أهم حاجة سلامتها هى.
اسكته "عامر" بحده: انتو عايزين شغلي يبوظ أنا قولت كلمتي ويلا يافيروزة علشان أوصلك واعملي زى ما قولتلك فاهمة
هبت واقفة من مكانها وقالت بحزن حاولت أن تخفيه: -حاضر  هرجع شقة رائف وهتعامل معاه زى ما قولتلي وبعدين أنا همشي لوحدي مش عايزاك توصلني.
سارت بخطوات بطيئة إلى الأمام حتى تخطتهم  فأتاهم صوتها الذى يكسوه الألم والحزن والخذلان قائلة بدموع:
- أنا هعملك كل اللى حضرتك طلبته بس بعد ما تخلصني منه تنسى أنك كنت متبني بنت أسمها فيروزة وأنا من اللحظة دى مش هتعبرك أبويا اللى كنت بتحاما فيه وهو بعدني عنه ووقتها صدقنى لو جيت وحاولت تكلمني مش هسمعك زى ما كنت بتعمل معايا ولا هسامحك على الأذى اللى أتعرضت له بسببك عمري ما هسامحك يابابا....وقعت تلك الكلمات عليه كالصعقة الكهربائية جعلته ينتفض من مكانه سريعاً وهو يناديها بصدمة: فيروزة.
بينما هى خرجت بسرعة البرق من هذا المكان تجر خلفها خيبتها وخذلانها فى أكتر أنسان كانت تحبه بهذا العالم فكانت تظنه ونعمة الأب لكنه خيب أمالها و أحزنها بشدة، أوقفت سيارة أجرة وما أن صعدت بداخلها أنهارت كلياً فأخذت تبكي بقلبٍ منفطر.
وصلت للشقة وعند دخولها أنصدمت من رويتها فكانت منقلبه راساً على عقب، سارت بخطوات حذره لتجد كل شئ ليس بمكانه والأثاث بأكمله كان محطم، وقفت مكانها بخوف عندما سمعت صوت خطوات أقدام تسير خلفها أستدارت تنظر خلفها لتجد فردين ملثمين لم تمر ثوانٍ لتسقط مغشياً عليها..
بعد مرور بضع ساعات فقد حل ظلام الليل فى كوخ قديم وسط أرض زراعية فكانت مقيدة فى  مقعدة خشبي فتحت عينيها بتعب شديد لتجد نفسها محبوسة داخل هذا الكوخ الذى يملئه خيوط العنكبوت،  فسمعت صوت أحد يتحدث بالخارج ظلت تتجول بنظرها حولها ليرتجف جسدها ذعراً عندما رأت فأر يركض بجانبها، بدأت أن تبكى حزناً على ما وصلت إليه فأخذت تتسأل لماذا الحياة لم تكن معها عادلة لما كل هذا الظلم الذى تتعرض له ؟ فهى دوماً تخشى أن تأذى أحد.
ولج إليها "رائف" الذى أقترب منها ليقول بسخرية:
- عجبك اللى حصلك من تحت رأس أبوكى قولتلك ماتتكلميش معاه وألا هيحصلك حاجة مش هتعجبك أبدا.
تحدثت "فيروزة" وهى تنظر إليه بأجهاد:
- أنت اللى بعت ناس تخطفني  يارائف بجد حرام عليك أنت ليه بتعمل كدا فيا أنا مليش ذنب فى أى حاجة.

نظر إليها بألم قائلاً: قولتلك قبل كدا ذنبك الوحيد أنك بنته يافيروزة يمكن لو كنت قابلتك فى ظروف أحسن من كدا كنت هحبك وكنت هخليكى ملكة لكن للأسف حظك قليل.
أردفت بحزن: بس أنا يارائف مش بنته ليه مش بتفهم كلامي وبعدين حتى لو كنا أتقابلنا فى ظروف أحسن من كدا كنت عمري ما أحب واحد زعيم مافيا ومكنتش هقبل أني أكون مراتك.
نظر إليها مطولا ثم قال: تعرفى أنتى حلال فيكى الموت أه والله أعمل ايه بقا ابوكى السبب فى كل حاجة أنا مكنتش ناوي أخطفك وبسبب اللى عمله النهاردة حلال فيكم.
أبتسمت بقهر لتقول: وأنت مجنون ومختل عقلياً يارائف أه والله.
أقترب منها ليمرر يديه على شعرها الذهبي ثم أخذ يشم رائحته الوردية فقال بهيام: أنا أكتر حاجة بحبها فى الدنيا هى ريحة شعرك الوردية بتخليني أذوب فى جمالها.
أبعدت رأسها عنه باشمئزاز قائلة: -رائف لو سمحت أبعد عني لان حرفيا أنا مش طايقة قربك مني.
أبتعد عنها وهو يقول: ماشى يافيروزة المهم دلوقتى جه وقت تصفية الحساب.
نظرت إليه بعدم فهم: قصدك ايه بالكلام ده وبعدين أنت ليه خاطفني وجايبني لهنا.
- جيبك علشان أخد روحك...ثم قام بإخراج مسدس من سترته ورفعه فى وجهها قائلاً: اتشهدي على روحك يافيروزة جه الوقت اللى أنتقم فيه من عامر وأخد حق أخويا اللى قتله.
نظرت إليها بخوف فقالت بتوتر: رائف لو سمحت سيب المسدس وفكك من الجنان ده مش هتستفيد حاجة من قتلي.
- لا هستفيد وجامد أوى أنتي أصلك متعرفيش حاجة.
أقترب منها أكثر ليضعه على مقدمة رأسها فنظرت إليه برجاء وبعيون دامعة لتقول بصوت مهزوز: بس أنا حامل يارائف معقولة هتقتل أبنك وأمه.
أتسع جفن عيناه بصدمة فقد كان وقوع هذا الخبر أثر كبير على مسمعه.
    ***********************************
فى قصر الراشد.
ظلّت "نازلى" تاخذ الغرفة ذهاباً وأياباً بضيق فكانت تحمل الهاتف بيديها تقم بالإتصال على أحد، أنتبه إليها "عامر" فتقدم منها وقال متسائلاً: فى ايه يانازلى مالك متعفرته كدا ليه .
رمت الهاتف على الأريكة وقالت بنبرة قلقة: بنتك فيروزة من العصر برن عليها وتليفونها مقفول وأنا قلقانه عليها ياعامر لأحسن تكون فيها حاجة أو تعبانه.
وضع يديه على كتفها ليقول: متقلقيش هتلاقيه فاصل شحن ولا حاجة وبعدين أنا شوفتها الصبح وكانت كويسة مفيهاش حاجة ارتاحي أنت بس وأنا هحاول أكلمها.
نازلى: طب رن عليها من عندك كدا شوف يمكن يكون أتفتح.
أمسك هاتفه ليتصل بها فوجده منغلقاً عاود الاتصال لأكثر من مرة ليعطيه نفس الرد الرقم الذى تحاول الاتصال به خارج نطاق الخدمة، أنزله من على أذنيه وبدأ القلق يتملك منه فقال: بردو مقفول.
هتفت "نازلى" بخوف: بالله عليك ياعامر تعالى نروح نشوفها قلبي مش مطمن دى بنتي وعايزة أطمن عليها واشوفها قدام عيني كدا إذا كانت كويسة ولا لأ.
عامر: حبيبتي أهدى مش هيجرالها حاجة يعني أستني هرن على جوزها.
بعد ثوانٍ تحدث قائلاً: لا بقا مش معقولة الاتنين تليفوناتهم مقفولة.
بدأت الدموع تتجمع بعينيها الفيروزية: لا بقا أنا لازم أروح لبنتي ياعامر.
بينما هو نظر لساعة الهاتف ثم قال: الساعة واحدة ونص هنروح فين دلوقتى يمكن تلاقيهم نايمين.
أردفت "نازلى" ببكاء : ماليش دعوة أتصرف.
تحدث "عامر" وهو يهم على الذهاب إلى الخارج: 
- استني هنا وأنا هتصرف وهخليها تكلمك.
بعد دقائق كان يجلس على مكتبه يتحدث إلى "عمران" فى الهاتف:
- عرفت هتعمل ايه ياعمران بس بسرعة لأن انا بدأت أقلق عليها جدا لأحسن يكون رائف عرف باللى بعمله وممكن يأذيها.
أتاه صوت "عمران" منزعجاً: قولتلك بلاش تخليها ترجع وأنت اللى صممت لو حصل ليها أى حاجة هتكون أنت السبب.
عامر بضيق: مش وقت الكلام ده أهم حاجة أطمن على بنتي دلوقتى.
بعد مرور ساعة ..
ولج حارس القصر لغرفة المكتب قائلاً بأحترام:
- سيادة اللواء فى واحد اسمه المقدم عمران المنشاوي مستني حضرتك برا وعايز يقابلك ضرورى.
هب "عامر" واقفاً ليقول متسرعاً: خليه يدخل فوراً ياعبده يلا.
ولج "عمران" وتقدم منه بملامح لا تبشر بالخير نظر إليه "عامر" بخوف فقال: مالك وشك مخطوف كدا ليه هو عرفت حاجة عنهم.
تحدث "عمران" قائلاً: للأسف عملت اللى قولتلي عليه وملقتش حد منهم هناك وحاولت استجوب البواب قالي أنه ميعرفش حاجة عنهم.
جلس "عامر" على المقعد بتعب ليقول بقلق: 
- يعني ايه يعني بنتي ضاعت لا مستحيل مش ممكن يكون أذاها ياعمران.
اجابه الأخر بخوف على محبوبته: متقولش كدا إن شاء الله هنلاقيها أنا كلفت كذا حد من أصحابي يتولوا الموضوع...بس اللى مش فاهمه أزاى أختفت فجأة هى ورائف وكمان تلفوناتهم مقفوله واللى قلقني أكتر لما طلعت شقتهم لاقيت الباب مفتوح وكل حاجة جوا متكسرة.
نظر إليه "عامر" بعيون دامعة تفاجى بها "عمران" فقال الاخر بندم: يارب أعمل ايه عارف أني غلطان وغلطان أوى كمان لكن يارب متوجعنيش فى بنتي ده أنا أموت وراها لو جرالها حاجة فبلاش هى يارب أوعدك أن أنا هصلح كل حاجة وهعوضها عن كل حاجة وحشة شافتها فى حياتها وهكون ليها الأب اللى بتتمناه...قاطع حديثه دخول المفاجئ "لأدم" الذى كان يبدو عليه الصدمة ليقول بنفس متقطع:- بابا فيروزة.
اتنفض "عمران" من مكانه ليقول بقلق: مالها هى كلمتك.
أجابه "أدم" قائلاً بصدمة: لا أنا وصلي رسالة على تليفوني حالاً مكتوب فيها أختك هتلاقيها مرمية على طريق الإسماعيلية بجانب كوخ مهجور ومتنساش تقول لأبوك أن رجالتي أتبسطوا منها أوى وياريت تلحقوها قبل ماتموت.
جذب والده منه الهاتف ليقرأ محتوى الرسالة فقال:
- دى ممبعوته من رقم مجهول أدم حاول تكلم حد من المقر وابعتله الرقم دا يتبعه بسرعة .
تحدث "عمران" قائلاً: سيادتك لازم دلوقتى نتحرك وأنت يا أدم أعمل ده كله واحنا فى الطريق يلا مفيش وقت.
ادم: استنى يمكن حد بيشتغلنا.
عامر: لا يابني محدش بيشتغلنا أختك أصلا مش موجودة فى شقتها ومش عارفين هى فين ولا حتى نوصلها.ثم فتح درج المكتب وأخرج مسدسه وقام بتعميره : يلا ياشباب.
اومأ إليه "عمران" رأسه وقلبه منقبض بخوف عليها ودعى بداخله أنه تكون على مايرام ولم يمسها سوء.
بعد مرور فترة من الوقت وصلوا للمكان المحدد.
صف "عمران" سيارته فى منتصف الطريق ثم نزلوا كليهما منها ليبدوأ بعملية البحث عن مكانها..فقد كان المكان مقطوع ومظلم وخالى من الأشخاص .
تحدث "أدم" وهو يشير إلى شئٍ ما ليقول: بصوا كدا مش ده الكوخ.
تقدم "عامر" بخطوات مثقلة ليقف متصنماً ينظر أمامه أقترب منه  "عمران" بقلق: فى حاجة حضرتك .

لم يرد عليه بينما ظلّ يسير ببطء فحول "عمران" بصره نحو ماينظر إليه ليفزع بشدة وهو يرى غطاء أبيض مليئ بالدماء ويظهر من ورائه كف لشخص، هرول "عامر" سريعاً ثم جلس على ركبتيه أمام هذا الجسد وبدأ برفع الغطاء عنه مع توقف أنفاسه وخفقان ضربات قلبه وأختلال توازنه وشعر فى هذة اللحظة بأن ظهره اتكسر وايضا يشعر بجمر مشتعل يحرق صدره داخلياً فبكي متأوهاً بصوت عالٍ لرؤية أبنته بهذا المنظر ليضمها إليه محتضناً إياها، فقد كانت فى حالة مزرية وملابسها ممزقة تظهر أكثر ما تخفى ووجهها مليئ بالكدمات وجسدها يملؤها بحيرة من الدماء، أقترب "أدم" من أبيه وهو لا يصدق ما يراه فبدأت عيناه تقطر بالدموع على حال أخته.
بينما "عمران" سقط على ركبتيه بأنهيار وأخذ يضرب الأرض بيده بقوة وهو يشعر بتحطيم قلبه وكل كيانه فلم يتمكن من أنقاذ الفتاة التى أحبها تعلقت الدموع فى عيناه تأبى تفارق جفنه فهو لحد الآن لم يصدق ما يراه.
ظل "عامر" محتضنها وقال بصوت يبكي متالماً:
- اه ياحبيبة أبوكي سامحيني يابنتي سامحي ابوكي أنا السبب يانور عيني أنا السبب فى كل اللى حصلك ..أنا آسف يابنتي ابوكي مقدرش يحميكي وانتي صغيرة ولا حتى وانتي كبيرة...ثم رفع رأسه إلى السماء وقال ببكاء وبصوت جريح يقهر:
- اااااه ياربي على الوجع اللى أنا فيه بقالي ٢٧ سنة بتعذب مرة لما أوهموني أنها ماتت ويوم لما أعرف أن هى بنتي من لحمي ودمي أقوم أخسرها بالشكل ده يااااارب الابتلاء ده صعب عليا صعب  أني اتحمله يارب أنا عملت ايه فى دنيتي علشان اتعاقب عليه فى بنتي نور عيني وحته من قلبي...اااه ياعمري أنتي فداكي روحي ياروح ابوكي ثم أخذ يتحسس وجهها ودموعه تتساقط عليها فقال هامساً: والله الذى خلق الخلق لجيب حقك من كل واحد فيهم ومن نفسي أولهم يافيروزة بس متوجعيش قلب أبوكي بفراقك ياقلبي أنتي علشان خاطري أفتحي عينيك الجميلة ومتحرميش أبوكي منها ولا من وجودك.
بعد مدة فى المستشفي 
كان يجلس "عامر" على الأرضية أمام غرفة العمليات ينظر لها بشرود بملامح يكسوها التعب والأرهاق فقد كانت دموع تتساقط بصمت يشعر بالانكسار بداخله 
أقترب "أدم"منه ليقول بدموع وصوت متحشرج: بابا متقلقش عليها بإذن الله روزا هتبقى كويسة هى قوية ومش هيجرالها حاجة صدقني.
أرتمى والده فى حضنه ليبكي بغزارة وهى يقول:
- أنا مش هسامح نفسي لو جرالها حاجة ياأدم أنا اللى كسرت بنتي ودمرتها.
بينما "عمران" كان يقف منصدماً وهو ينظر إلى يديه التى يملئها الدماء..بعد مرور مدة من اللحظات الصعبة عليهم خرج الطبيب لهما يحول بصره نحوهم بشفقة - فنهض "عامر" ليتجه نحوه سريعا قائلاً بلهفة وخوف: -طمني يادكتور بنتي كويسة مش كدا.
نظر إليه الطبيب بحزن قائلاً: أنت والدها.
أجابه عامر بتوتر: أيوه أنا أبوها بالله عليك طمني عليها.
نكس الطبيب رأسه وقال بأسى:  البقاء والدوام لله وحده.
لو كان باستطاعة أحدٍ أن يحل مكان أحدٍ، لما بكينا عند فراق، ولكن  كل شخص يحفر مكانته  في القلب، ولا سيما أولئك الذين أحببناهم بصدق يحفرون أماكنهم بقوة، ويبقى القلب فارغاً بعد رحيلهم، مثقوباً  تتسرب منه رائحه السعادة المفقودة وتمر الرياح من خلاله لتجدد نزيف الجراح التي حاولنا أن نعالجها.


الفصل الرابع عشر14 

نظروا إليه بصدمة فأقترب منه "عامر" وعيناه تذرف الدموع وقال بعدم تصديق: أنت بتقول ايه لا مستحيل تكون ماتت  بنتي لسه عايشة متقولش أنها ماتت.
تحدث الطبيب بنفي: لا لا أنا مش قصدي على بنتك هى عايشة.
أقترب منه "عمران"و بطرفة عين أمسكه من ياقة قميصه وقال بغضب:
- أنت متخلف يبنادم أنت هو أنا مستحملين علشان تلعب بأعصابنا ماتنطق على طول هو فى ايه .
الطبيب بتوتر: أنا كنت بعزيكم فى طفلها اللى مات أصلها كانت حامل.
دفعه "عمران" إلى الحائط ثم أبتعد عنه، بينما "عامر" أخذ يتسأل قائلاً بتعب:
- لو سمحت أحنا مش فاهمين منك أى حاجة طفل ايه وبنتي حالتها عاملة ايه.
عدل الطبيب هدومه وقال بخوف وهو ينظر إلى "عمران" : المدام كانت حامل وسقطت وده بسبب الاعتداء العنيف اللى حصلها من ضرب غير أدامي سبب كدمات كتيرة فى جسمها ودا غير أن فى أثر لتعذيب قديمة على جسمها أتعرضت له قبل كدا  .
تحدث "عامر" بصدمة: أثر لتعذيب قديمة قصدك أن بنتي كانت بتتعرض للضرب وأنا كنت غافل عن ده كله.
نظر إليه الطبيب بشفقة: لازم يتم عمل محضر بالكلام ده ف أنا هبلغ الشرطة.
تحدث "أدم" هذة المرة قائلاً: ملهوش لازمة تعبك يادكتور حضرته يبقى لواء فى الداخلية وأحنا هنتولى الأمر ده لكن طمني أكتر على أختي.
الطبيب بهدوء: متقلقش حالتها مستقرة هى دلوقتى واخده مخدر وشوية وهتفوق منه ومش عايز اقولكم حالتها هتبقى عاملة ازاى لما تفوق لان اللى مرت بيه مكنش شئ هين عليها..عن اذنكم.
تحدث "عامر" قائلاً: أنا هدخل أشوفها .
اومأ "عمران" رأسه بالإيجاب  بينما "أدم" أقترب منه وقال:
- ممكن بقا تفهمني إيه اللى حصل ووصل فيروزة للحالة دى ورائف جوزها فين مابنش ولا يعرف أى حاجة عن مراته ولا سأل عنها حتى أنا مش فاهم أى حاجة من اللى بتحصل ياعمران  الدنيا حاسسها اتلغبطت معايا.
نظر إليه "عمران" بأرهاق وقال: حاضر ياأدم هعرفك كل حاجة. وبدأ يقص عليه كل ماحدث.
ولج "عامر" إلى غرفة التى توجد بها أبنته أقترب منها وهو يجذب المقعد ليجلس عليه بجوارها، نظر إليها بألم ثم مد يديه ليمررها على وجهها المليئ بالكدمات الزرقاء لتفر دمعة هاربة من عيناه ليقول بحزن:
- أنا أسف يافيروزة أسف على كل اللى حصلك يابنتي أنا حاسس بالضعف لأن مقدرتش أنقذك منهم ..أنا طلعت أب فاشل وسيى معرفش يحمى بنته فى طفولتها ولا حتى لما كبرت يلا بقا قومي وحشنى صوتك وحنيتك عليا وحشتني كلمة بابا منك ...أنتى متعرفيش قد ايه أنتى غالية عندي..عارف أنك زعلانة منى وزعلانة أوى كمان لكن ياعمري كل اللى حصلك كان غصب عني محدش يعرف أنا كنت بمر بأيه ولا اتعرضت لأيه أنا مستغلتكيش زى ما انتى فاكرة ومكنتش عايز أجوزك لرائف لكني كنت محطوط تحت ضغط منهم كانوا هيقتلوا أخواتك كلهم لو معملتش كدا أنتى فاكرة أني كنت بتجاهلك كدا من فراغ والله العظيم كان غصب عني أجبروني تحت تهديد أني أوافق أنك تتجوزي وألا بدل واحد يبقى الكل مكنش سهل أني أفرط فى واحد منكم وكنت عارف أن أنا اللى هتضر فى الأخر والضرر جه فيكي ياعيوني...
أمسك يديها ليقبلها بحنان ثم قال ببكاء:
- عارفة ليه مكنتش بحب أقرب منك كتير ومعملتي ليكي كانت جافة لأن كل لما ابصلك أحس بوجع ينهش فى قلبي  وكأن حد ماسك سكينة وبيقطع فيه كل لما أبص فى عينك لأن كنت بفتكر كارما اللى أوهموني أنها أتقتلت مكنتش أعرف أنها أنتى دلوقتى قدرت افهم وجعي ومشاعري اللى كنت بحس بيها وقتها...بس أوعدك لعوضك عن حرمانك من كل حقوقك بس أنتى قومى كدا وأرجعى فيروزة الجميلة اللى كنت أعرفها اللى عمرها ما أستسلمت أبداً....أخذ يمسح دموعه بكف يديه وهو يقول:  ياعمري أنتى متعرفيش قد ايه وحشتني لماضتك وضحكتك الحلوة اللى بتنور الدنيا.
ولج إليه "أدم" ثم أقترب منه بهدوء ليربت على كتفه وهو ينظر إلى شقيقته بحزن:
- ليه يابابا عملت كدا ليه سمحت أنى هى تدفع التمن ذنبها ايه فى ده كله.
أجابه والده بعد أن بلع غصه مريره فقال بألم: 
- ذنبها الوحيد أنها بنتي لو كنت أعرف أن بسبب شغلي هتأذي فى ولادي مكنتش أتجوزت من الأول ولا خلفتكم.
أتاهم صوتها المتألم فنهض "عامر" من مكانه ووقف عند رأسها ينظر إليها بقلق، بدأت تفتح جفنها ببطء شديد لكنها أغلقتهم على الفور من شدة الإضاءة ثم أخذت تفتحهم مرة أخرى، نظرت حولها بشرود ولكن سرعان ما تذكرت ماحدث معها فصرخت بهستيرية حاول "عامر" أن يتحكم بها قائلاً بقلق: فيروزة حبيبتي أهدى أنا بابا عامر متخافيش.
أخذت تهز رأسها بخوف وذعر لتقول بصريخ: 
- رائف أبعد عني حرام عليك سبني أنا معملتش حاجة 
بابا يابابا ألحقني خليه يبعد عني أنا مليش ذنب يابابا.
حاوطها "عامر" بذراعيه وهو يقول ببكاء:
- أهدى يابابا أنا جنبك محدش هيقدر يأذيكي متخافيش فوقى ياحبيبتي وبصيلي أدم نادى للدكتور. 
تحرك "أدم" منه مكانه سريعاً بينما "عمران" لم يتحمل أن يسمع صراخها هكذا ليدخل إليهم فرأى "عامر" يحتضنها وهى تتحرك بعشوائية وتصرخ بشدة.
اقترب نحوه وجذبها برفق محتضناً أياها وهو يقول:
- فيروزة سمعاني متخافيش محدش هيقرب منك أنتى هنا فى أمان...لم تستمع لما يقوله وظلّت تهذى وتصرخ ببعض الكلمات الغير مفهومة.
تحكم أكثر بجسدها فضمها أكثر إلى صدره ليقول هامساً فى أذنيها بحنان:
- حبيبتي أنا عمران أهدى متخافيش أنا جنبك ياعمري أنتى.
هدأت قليلاً وبدأت تستجيب لحديثه فرفعت رأسها وهى تنظر إليه بتوهان قائلاً ببكاء:
- عمران أنا خايفة منه خليه يبعد عني ياعمران أرجوك.
مسد على شعرها برفق وقبل مقدمة رأسها ثم قال:
-متخافيش يافيروزة مفيش حد غيري معاكى ومحدش هيقدر يأذيكي طول ما أنا جنبك.
ارتخت أعصابها ووضعت رأسها على كتفه وهى تغمض عينيها بضياع فظلّ هو يربت على ظهرها وقال هامساً:
- أرتاحى ياحبيبة الروح أنا موجود ومش هتخلى عنك أبداً.
نظر إليهم "عامر" بنظرات مندهشة فهى أستجابت إليه فوراً وكأنه مأمنها وملجأها الوحيد حينها بدأ أن يشعر بتناغم شديد بينهما وفى تلك اللحظة تأكد بأن هناك شئ يملكه "عمران" نحوها.
ولج الطبيب مع "أدم"، فازاح"عمران" جسدها بعيداً عنه قليلاً عند دخولهم..فعادت تصرخ بهسترية مجدداً أقترب منها الطبيب وحاول أن يتحكم بها فلم يستطيع فوجه بصره نحو "عمران" قائلاً: لو سمحت قرب منها وحاول تمسكها علشان أقدر أشوفها.
ضمها إليه مرة أخرى فقام الأخر بأعطائها أبرة مهدة فهدأت "فيروزة" على أثرها فقام "عمران" بوضع رأسها على المنضدة وغطا جسدها جيداً، بينما هى ظلّت تهلوس ببعض الكلمات قائلة: عمران...عمران متسبنيش أنا خايفة.
تحدث "عمران" وهو يمسح بقايا دموعها مع على عينيها: - عمرى ماهسيبك يافيروزتي نامى وارتاحي .
بينما "عامر" قال للطبيب: هى بنتي مالها يادكتور.
الطبيب: متقلقش دى حاجة طبيعية أن هى تحصلها لأن اللى تعرضتله مكنش سهل عليها لكن هى مسألة وقت وهتعدى..ثم نظر إلى "عامر" فأضاف قائلاً: 
- ولازم تخلوا بلكم منها وتحاولوا تكونوا جنبها دايماً لأن هى ممكن لقدر الله تفكر فى الانتحار وتأذى نفسها.
تحدث "أدم" بهدوء: تمام يادكتور.

فى القصر ولجت "نازلى" لغرفة "أنيس" لتوقظه من النوم، فأخذت تناديه: أنيس..أنيس أصحى.
فتح جفنه بثقل شديد فنظر إليها وقال بصوت ناعس:
- ماما مالك فى حاجة ولا ايه.
اجابته "نازلى" بقلق: قوم كدا وصحصح معايا الفجر أذن والنهار قرب يطلع وأبوك معرفش هو راح فين وأنا قلقانه عليه.
اعتدل فى جلسته وبدأ بفرك عيناه من النعس وقال:
- ياحبيبتي هتلاقيه  فى الشغل ولا حاجة .
تحدثت الأخرى بضيق: شغل ايه فى الوقت ده يابني الله يرضى عنك قوم شوفه فين.
اردف "أنيس" بكسل: ياماما متشوفى أدم أكيد هو يعرف بابا فين ماهو شغال معاه .
جذبته من ثيابه وقالت بحنق: ابوك واخوك مش موجودين فى البيت ومش بيردوا على تليفوناتهم ما تخلص يازفت بقا أنا بقالي اكتر من تلات ساعات مش عارفة اوصلهم وخايفة أوى .
نهض من مكانه ليتجه إلى المرحاض قائلاً: حاضر هدخل الحمام وهغير هدومي وبعدها أبقى أنزلك تحت نشوف ايه الحكاية ياأمي.
رددت عليه "نازلى" بهدوء: ماشى هستناك تحت بس ما تتأخرش فاهم.
بعد مرور نصف ساعة هبط "أنيس" من على السلالم ليجد والدته تجلس بقلق بجانب جدته، اقترب منهما وقال بتثأب:
- مالكم فى ايه على الصبح هو محدش يعرف ينام براحته فى ام البيت ده.
نظرت إليه الجدة بضيق: تصدق بالله أنك بارد ومعندكش دم.
جلس مقابلها ليقول بلامبالاة: عارف ايه الجديد ياتيتا ممكن أعرف بقا عايزين ايه.
الجدة: ابوك مش بيرد على التليفون هو وأدم.
أنيس: يمكن فى حاجة مهمه مشغولين بيها علشان كدا مش بيردوا.
والدته: حاجة ايه يابني أبوك أصلا عنده أجازة من الشغل النهاردة وبليل لما قلقت على أختك فيروزة قالى انه هيروح يشوفها ومن ساعتها معرفش حاجة عنهم.
هب واقفاً من مكانه ثم قال:- متقلقيش هعمل مكالمة مهمه ورجعلكم تانى .
أقترب منهما "عمر" فنظرت إليه "نازلى" وقالت متسائلة:
- عمر ايه اللى صحاك دلوقتى!
جلس على الأريكة بأهمال وقال: الساعة ٦ الصبح فطبيعي أني أصحى.
الجدة: والله وده من أمتى النشاط اللى حل عليك فجأة ده.
تحدث "عمر" بزهق: اصحى متأخر مش عاجب ولما أصحى بدرى بردو مش عاجب أعمل ايه فى نفسي اوعل فيها علشان تستريحوا.
ضربته والدته بخفة على رأسه: هو لسانك ده ميعرفش يسكت أبدا. 
عمر: ماما ماتقومى تحضريلي الفطار علشان ميت من الجوع.
الجدة: استنى شوية وكلنا هنفطر مع بعض.
عمر:لا أنا مش هستني حد يلا يانازلى بقا والله ياجماعة عندى محاضرة الساعة ٧ونص مع دكتور متخلف ولازم احضرله فخلونى افطر وأمشى علشان الحقها بدل مسقط.
نظرت إليه "نازلى" وقالت بأستهزاء: عمر حبيبي أنت كدا كدا فاشل فى دراستك ياروحي ف متوجعش دماغنا بقا .
نظر إلى جدته وقال: شوفتى..شوفتى مرات ابنك علشان متجوش تزعلوا بقا لما اجيب درجات وحشة و علشان تعرفوا أن هى السبب وعلى طول بتقعد تقطم فيا.
الجدة: قومى يانازلى حطيله يفطر علشان يغور من قدامي مش ناقصة هى فقعة مرارة.
نازلى: حاضر ياماما حاضر وأنت يازفت ماشى صبرك عليا يافاشل ..
جاء "أنيس" ليرتمى بجسده بجانب "عمر" فقالت الجدة:
- عملت ايه عرفت حاجة عنهم.
تحدث "عمر" متسائلاً: هما مين دول؟.
أنيس: لا ياتيتا معرفتش وكلمت كذا حد من معارف أدم وبابا وقالولي أن محدش منهم راح المقر أصلا.
عمر: أنا مش فاهم حاجة.
أنيس: مش مهم تفهم وياريت تقعد ساكت زى الكنبة اللى أنت قاعد عليها دى.
أردف "عمر" بضيق: هو ليه أنتو دايما مستقلين بيا وكأني واحد حيوان ملهوش لازمة ما بينكم.
نظرت إليه جدته وقالت بحنان: مين بس اللى قال كدا ياعموره.
عمر: يعني حضرتك مش شايفة بيعملوني أزاى والله مفيش غير فيروزة أختى حبيبتي أحسن منهم كلهم مش عارف أنا ايه بس اللى خلاها تتجوز وتمشى وتسبني مع المعتيه دول.
الجدة: سنة الحياة ياعمر ولازم يجي يوم وكل واحد فيكم يتجوز وينشغل بحياته الجديدة يبني.
أنيس: مالك بس ياعم القموص هو حد كان كلمك ولا جه جنبك أنت شكلك فايق وبتتلكك.
عمر: اه بتلكك عندك مانع .
أتاهم صوت "أحمد" الذى تحدث بضيق: فى ايه على الصبح هو كل يوم كدا خناق ماتهدوا شوية واعقلوا.
الجدة: والله يابني ما تكلمت وقاعدة ساكتة أهو وفى حالي.
ضحك "أنيس" و"عمر" عليها بخفة بينما "أحمد " قال:
- يا أمي ياحبيبتي هو حد قالك حاجة وبعدين ياست الكل أنتى تعملى اللى عوزاه إن شاء الله تجيبي طبل بلدى من الصبح ومحدش يقدر يقول تلت التلاته كام دا أنا كنت كسرتوا.
مال "عمر" على شقيقه وقال بهمس: ستك عاملة زى المتهم البريئ وهو بيدافع عن نفسه مش أنا ياسيدي القاضي والنعمة ماأنا.
نظرت إليه فقالت بحنق: بتقول حاجة يازفت.
عمر: أبدا ياقمر دا أنا حتى بشكر فيكي مش كدا ياانيس.
أنيس: ونعمة كداب.
بعد مرور مدة كبيرة من الوقت كانت تأخذ الصالون ذهاباً وأياباً فقالت لها "حسناء": نازلى ماتهدى يابنتي خيلتيني.
نازلى: هتجنن يعنى ايه معرفش حاجة عن جوزي ولا عيالي لحد دلوقتى.
تحدث أحمد:  متقلقيش هما مش عيال صغيرة وهتلاقيهم داخلين علينا دل..بترت كلماته بصدمة عندما وجد شقيقه يلج إليهم ويحضتنه ابنته النائمة بين ذراعيه فنهض الجميع وهم يقتربون منهما بفزع، بينما صعقت "نازلى" من هيئة أبنتها المدمرة فهرولت نحو زوجها وقالت ببكاء شديد: بنتي ...بنتي يانور عيني إيه اللى حصلك ياقلب أمك..رفعت بصرها إلي زوجها وقالت بخوف: بنتك ايه اللى حصلها ياعامر مين اللى عمل فيها كدا مين اللى دمر قلب أمها بالشكل ده رد عليا .
نظر إليها بألم فلم يستطيع أن يجيب عليها بشئ فتركها وصعد بابنته إلى غرفتها ولكنه قبل أن يخطو بقدميه قال: محدش فيكم يطلع ورايا لأن هى محتاجة راحة ومش عايز حد يقلقها.
أقترب منها "عمران" ليطمنها قليلاً: متقلقيش حضرتك دى مجرد حادثة بسيطة وبنت حضرتك هتبقى بخير هى محتاجة شوية وقت حتى تشفى من الكدمات اللى فيها مش أكتر.
تحدثت "نازلى" ببكاء: حادثة أمتى حصلت دى أنا مش فاهمة حاجة.
الجدة بحزن: مش وقتك يانازلى خلينا نطلع نطمن عليها.
صعدت معها إلى الأعلى ليتبقى بقية الأفراد بالأسفل. 
دخل "عامر" إلى غرفتها ليضعها على الفراش برفق وجلس بجانبها يقبل يديها بألم وحزن يفتك بقلبك لتسقط دموعه مجدداً على حالتها المحزنة.
ولجت نازلى وأقتربت منهما فقال وهو يمسح أثر بكائه:
- ايه اللى طلعكم ورايا مش نبهت عليكم محدش يطلع ليه مش بتسمعوا الكلام.
تحدثت "نازلى" ببكاء : أنت ايه يااخى بنتي معرفش ايه اللى حصلها وانت مش عايزني حتى أشوفها وأطمن عليها.
فأخذت تشهق بالبكاء بشدة ليضمها إلي صدره ليبكى معها فأتاها صوته المتألم: مش قصدي يانازلى بس اللى شوفته مكنش سهل مكنش سهل عليا اشوف بنتي بالمنظر ده متعرفيش قد ايه أنا موجوع لوجعها أنا دمرت بنتي يانازلى دمرتها..ولكن وحياة كل دمعة نزلت منها وكل وجع هى حسته وكل أذى تعرضت له لجيب حقها حتى لو فيها موتي.
الجدة ببكاء: بعد الشر عليك ياحبيبي ربنا ينتقم من كل ظالم ومن كل اللى يأذيك أنت وولادك.
أبتعدت عنه لتقول بحرقة: هى هتبقى كويسة صح.
عامر: أه ياعمري بنتنا هتبقى كويسة وهتعدي كل اللى هى فيه عايزك تبقى قوية علشانها لأنها محتاجنا جنبها.
نازلى: هو ايه اللى حصلها .
نهض "عامر" من مكانه وهو ينوي على شئ وقال: دلوقتى هتعرفى.

فى الأسفل تحدث "أحمد" قائلاً: أدم أحنا مش فاهمين ايه اللى وصل اختك لكدا.
نظر إليه "أدم" بارهاق: حرفيا أنا مش قادر اتكلم بابا هيبقوا يحكلكم.
عمران: أدم أنا همشي لأن اتأخرت على عيلتي وهتلاقيهم قلقليين عليا ولو احتاجتم أى حاجة رن عليا فوراً.
اقترب منه "أدم" وصافحه ثم قال: بجد شكرا ليك من غيرك مكنتش هعرف أتصرف .
أبتسم "عمران" أبتسامة باهته حزنية: متقولش كدا أحنا بردو أخوات وديما لازم نقف مع بعض وأنا عمري ما أتأخر عنكم فى حاجة..يلا عن أذنكم.
أحمد: أذنك معاك يابني.
بينما أقتربت "سارة" من "أدم" وقالت بدموع: حبيبي أنت كويس.
"أدم" بإبتسامة مرهقة: الحمدلله ياسارة أنا بخير متقلقيش عليا.
لم تمر إلا ثوانٍ معدودة ليفزعوا بشدة من صراخ "عامر" الذى هبض السلم سريعاً فكان يصرخ بأسم شقيقه "خالد" فأخذ يناديه بصوت عالٍ: خالد....خالد أنت يازفت.
الجدة: عامر مالك بتزعق كدا ليه.
جاء "خالد" من غرفته وقال بقلق: نعم ياعامر فى حاجة.
اقترب منه كالاعصار وقال بغضب جحيمى:
- فيها أني جاي أخد روحك ياروحمك..أنهى حديثه وهو يصفعه بعنف على وجهه..فصرخت الجدة بخوف وقالت:
- عامر أنت ايه اللى عملته ده ازاى تضرب اخوك كدا أنت أتجننت .
لم يبالى لها ولا لأحد فجذبه مرة أخرى من قميصه وصفعه مجدداً، أقترب "أحمد" و"أنيس" منهما محاولين أن يسيطرون عليه لكنه كان فى حالة غضب لا مثيل
 لها ...ظلّ يسدد له بعض الضربات على جسده والأخر كان مستسلم إليه فقال وهو يصرخ به ببكاء: 
- اااه ياكلب يازبالة بتأذى أخوك فى عياله علشان شوية فلوس ملهمش لازمه قولي ليه بتأذيني فى بنتي بالشكل ده ليه دا أنا أخوك من لحمك ودمك للدرجاتي الفلوس عمت قلبك رد عليا ليه عملت كدا.
نظر إليه "خالد" بضعف وقال بدموع: سامحني ياعامر سامحني ...سامح أخوك أنا عارف أني غلطت فى حقك أنت وفيروزة كتير والذنب اللى عملته مايتغفرش.
تحدثت الجدة بتعب: أنتو أكيد أتجننتوا لا يمكن تكونوا ولادى ...ثم نظرت إلى "عامر" وأكملت: أنت بتمد أيدك على أخوك قدامنا هى دى تربيتي ليك.
نظر إليها "عامر" بقهر ثم قال بدموع: 
- أبنك اللى خايفة عليه مني ده كسرني ابنك اللى بتدافعى عنه خطف بنتي كارما وحط طفلة مكانها وولع فى اوضتها وراح حطها فى الملجأ واوهمني أنها ماتت لكن ميعرفش أن أفعاله النجسة هيجي يوم وتتكشف...رد عليا ازاى جالك قلب تشوف أخوك قدامك بيعيط بدل الدموع دم على بنته اللى فاكرها ميتة ازاى هان عليك تشوفني منهار قدامك فى اليوم ده مصعبتش عليك ولو للحظة وأنا بتوجع على موتها وهى عايشة وليه حرمنتي منها محستش بالشفقة عليا ولا على مراتي وهى كنت بتموت من القهرة على بنتها اللى ولعت ازاى تروح تجيب جثة طفلة من المشرحة وتحطها مكان بنتي وتولع فيها بجد أنا مصدوم فيك..مصدوم من أخويا اللى المفروض يكون السند والدعم لاخوه ويخاف عليه لكنك شيطان على هيئة بنأدم ..
أقتربت منه "نازلى" بصدمة فقالت بتلعثم وبكاء: أنت بتقول ايه كارما بنتي عايشة مامتتش ازاى ياعامر أنت  اكيد بتكدب عليا....أخذت تتحدث بهستيرية:
- لا لا لا بتكدبوا عليا حرام عليكم مستحيل أنا.. أنا بنتي عايشة ياربي ازاى دى ميتة بقالها ٢٧ سنة أنتو بتهزروا صح ...أمسكت يديه وقالت بأنهيار: 
- رد عليا ياعامر بنتي ميتة مش عايشة صح بالله عليك متوجعش قلبي...أجابها زوجها بصوت مبحوح: 
- بنتنا عايشة يانازلى مش ميتة زى ما الحقير اوهمنا.
أردفت "نازلى" بصدمة وبألم يعتصر قلبها على فلذة قلبها: 
-يعنى بنتنا عايشة وأنا اللى مفكرها ميتة دا أنا كل يوم أمسك صورتها وأحضنها واقعد اعيط على فقدانها وادعي ليها بالرحمة وهى فى الأصل عايشة ...طب ليه ليه اخوك عمل فينا كدا ليه أخوك يوجع قلبي على ضنايا بالشكل ده احنا عمرنا مأذناه فى حاجة ليه ياخالد تعمل في أخوك ومراته كدا ليه تحرق روحنا على موت بنتنا وهى لسه فيها النفس ...روح ياشيخ ربنا ينتقم منك ..روح حسبي الله ونعم الوكيل فيك يامفتري ربنا ينتقم منك ويحرق قلبك زى ما حرقت قلوبنا......
ثم وجهت حديثها لزوجها فقالت بحزن ودموع: عايزة اشوف بنتي هى فين ليه مجبتهاش معاك.
نظر "عامر" لشقيقه بألم وخذلان فقال بحزن:
- هتصدقوني لو قولتلكم أنا كارما هى نفسها فيروزة.
نظر الجميع إليه بصدمة فاكمل حديثه:
- عارف أنكم هتتصدموا بس لازم تعرفوا اللعبة الوسخه اللى أخويا ومراته الشريفة بيلعبوها عليا البيه بعد ماخطفها راح حطها فى الملجأ وبعدها بكام سنة لعب فى عقلي وخلاني اروح معاه واتبني طفل بعد ما خلفتنا أتأخرت أنا ونازلى ولما روحنا هناك اقنعني أنى أتبناها وهى فى الأصل بنتي اللى خلفتها و علشان يقهرني أكتر  ويكسرني خلاني أتعامل معاها وكأنها مش بنتي واحرمها من أبسط حقوقها ....عمري ما هسامحك ياخالد على اللى عملته فيا وفى بنتي اللى بسببك عاشت طول عمرها فاكرة نفسها يتيمة وأننا متفضلين عليها مع أن أبوها لسه عايش ..ربنا يعيشك الوجع اللى أنا عيشته طول عمرى وتدوق من نفس الكأس اللى شربتهولي.
نظر إليه "خالد" بندم ثم قال بحزن: أنت عرفت كل ده ازاى وامتى مين اللى قالك الكلام ده كله.
جائه صوت قوى من الخلف قائلاً: أنا اللى قولتله.
نظر "خالد" نحو الصوت بصدم وقال: أنت...


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close