رواية اسيرة الماضي
الفصل الثامن 8
بقلم رانيا البحراوي
بسماع صرخة منة أوقف حمزة السيارة على الفور، نزلت منة مسرعة كي تنقذ طفلة صغيرة يلاحقها كلب كبير
ساعدها حمزة على ضرب الكلب حيث خلع حزام بنطاله
وقام بتخويف الكلب وفر الكلب هاربا، أمسكت منة بالطفلة كي تهدء، تشبست الطفلة الصغيرة ذات الأربع سنوات يحضن منة ترتجف خوفا، بكت منة عندما ارتجفت الفتاة بين يديها، بعد قليل ظهر شاب يبحث عن الطفلة وعندما رأى ذلك التجمع اقترب منهم، امسك بالطفلة وقال ابنتي، بمجرد أن ظهر هذا الشاب وقبل أن يكمل كلمة ابنتي وبخته منة بشدة واتهمته بالإهمال الشديد، تجسدت صورة والد منة وإهماله لها عندما رأت هذا الأب، والد الطفلة استمع لتوبيخ منة دون أن يقاطعها
أحساسا منه بالذنب، تدخل حمزة وطلب منها أن تتوقف عن توبيخ الأب، لاحظ والد الطفلة الدموع التي ذرفتها منة من أجل ابنته فطلب منها أن تهدأ قليلا وتتوقف عن البكاء، ظل حمزة حائرا بين بكاء الطفلة وصراخ منة حتى صرخ بوجه منة فسكتت.
حمل الأب ابنته وذهب بعد أن شكر منة وحمزة، طلب حمزة من منة أن تنتظر جانبا حتى يصف السيارة ويأخذها إلى السنتر.
عندما وقفت منة رأت الأب وهو يعانق ابنته ثم وضعها بسيارته وظل يمسح وجهها ويقبل يدها ولم يذهب بسيارته حتى هدأت الطفلة.
نظر حمزة بساعته وأخبرها أن تدخل سريعا لأنه يخشى التأخر على الأجتماع الذي لديه بالشركة.
دخلت منة معه وسجلت بياناتها كاملة وأخبرهم مساعد المدرس أن الأستاذ مالك السنتر حدث له ظرف طارئ وغادر السنتر ولم يضع الجدول الخاص بهذا الشهر إلى الآن وطلب منها ترك رقم الهاتف حتى يرسل لها الجدول.
خرجت منة وطلبت من حمزة أن يذهب إلى عمله وهي ستعود بمفردها.
اضطر حمزة أن يتركها بعدما أكدت له أنها تستطيع العودة.
بعدما تركها حمزة شعرت أنها التقت بحريتها من جديد فجدران منزل حسن لاتختلف كثيرا عن جدران الدار التى سجنت خلفها لسنوات.
أصبحت كالطفل الرضيع حين تنتقل به من مكان لآخر فتظل عيناه تجول أرجاء المكان، تريد أن تقفز من سعادتها، طفولتها التي سجنت معها تكاد أن تنفجر بداخلها تريد أن تجري وتلعب وتلهو ابتسامة جميلة على وجهها حتى وصلت إلى الشارع الذي به منزل حسن لم تدخله وخاصة عندما ألقى نسيم البحر رائحته على قلبها.
انتعش قلبها واخذتها قدمها إلى البحر، هذة المرة الأولى التى ترى بها البحر ويبدو أنها لن تكون الأخيرة تعلقت به وقررت أن يصير صديقا لها وتحكي له مافي قلبها.
جلست أمامه لساعات طويلة دون أن تدرك ورمت باسرارها وطلبت من امواجه أن تحتفظ بتلك الأسرار
ذهبت وهى على وعد بلقاء آخر.
حسدت الأمواج لأنها لها شاطئ ومرسى فمهما ابتعدت لها شاطئ تعود إليه ومرسى تستقر لديه أما منة فليس لها شاطئ أو مرسى مثل السفينة التى تخلى عنها ربانها
فلا هي تغرق ولا هي تنجو.
عادت منة متأخرة لتجد الجميع في حالة غضب شديدة ليس قلقا عليها وأنما لأن جدتها إصابتهم بالملل من كثرة سؤالها عليها وحمزة أيضا اتصل أكثر من مرة بالمنزل لكي يطمئن عليها لأنها لا تمتلك هاتف.
أعتذرت منة لجدتها كثيرا وأخبرتها أن لقائها بحريتها انساها الوقت تماما، سامحتها جدتها بعدما وعدتها منة انها لن تقلقها مرة أخرى.
عاد حمزة مساءا مر على غرفة عمته وكان غاضبا جدا من منة لأنها لم تعد إلى المنزل بعد أن تركها.
أخبرته بأن رائحة البحر سرقتها واخذتها إليه.
صعد حمزة غرفته كي يبدل ثيابه واحضر لمنة هاتفه القديم وقدمه لها حتى يتسنى لها الاتصال بجدتها وطلب الأذن منها إذا تأخرت مرة أخرى.
جلس حمزة بجانب عمته وحكى لها وهو يضحك مافعلته منة بوالد الطفلة صباحا وكيف وقف أمامها كالطفل الصغير.
منة :هذا اقل مايقال في مثل هذا الموقف كنت سأقوم بتوبيخه أكثر لولا أن صرخت انت بوجهي اقصد حضرتك.
حمزة :نعم لأنني اشفقت عليه شحب وجهه من خوفه على ابنته وانت لم ترحميه لحظة واحدة.
منة :أخبريني انت ياجدتي ماذا أفعل بعدما ارتجفت الطفلة بين يدي ونظرت إلى حمزة وقالت :انت لم تشعر بما شعرت به، رأيت نفسي في هذه الطفلة كنت ارتجف بقسم الشرطة حين اخذت من منزلى وفزعت كما فزع الكلب هذه الطفلة الصغيرة وقتها لم أجد من ألقي نفسي بين يديه وأصبت بالذعر.
الجدة :من وبختي إذن صباحا والدك أم والد الطفلة.
بكت منة وقالت وهل لدي والد استطيع توبيخه أو لدي الحق في ذلك، ليس لي بهذه الحياة غيرك أنت.
أشفق حمزة عليها حين بكت وشعر بألمها خاصة حين ارتجفت يدها، كان يتمنى أن يمسك بتلك اليد المرتجفة ويثبتها ويشعرها بالأمان.
اعتذر حمزة لأنه سخر من شدة غضبها صباحا وأخبرها أنها أصبحت فرد من أفراد أسرته وان الان لديها عائلة كبيرة ليست جدتها فقط وأبدى تحفظه على كلمة حضرتك التى قالتها له.
عادت ابتسامتها لوجهها مرة أخرى فسألها عن أمر الضابط وعن الحكاية كاملة.
تعجب حمزة عندما سمع بالقصة وشعر أن هناك حلقة مفقودة لم تعرف منة إلى الآن أن سبب حبسها واتهمها بالسرقة والقتل ان منصور كان لديه ابن ضابط.
عرض عليها حمزة أن يقوم بتوكيل محامي ليحقق بالأمر فرفضت وقالت سيتم استجوابى مرة أخرى ولن اتحمل ذلك.
شعر حمزة بالجلوس معها ومع عمته بجو أسري لم يعهده من قبل فاسرته لا تجتمع الا وقت الطعام فقط وحتى هذا نادرا أن يجتمع الجميع فيه.
مر الوقت سريعا على حمزة وهو بصحبتهما حتى تثأبت عمته فقام وتركهما حتى يستريحا.
تحرى جمال ابن منصور عن مكان إقامة منة ويبدو أنه قرر مراقبتها لأنه مازال يبحث لطريقة ينتقم بها منها لأن حبسها خمس سنوات فقط لم يكن بالعقوبة التي تطفئ غضبه وحزنه أثر فقدان والده.
في الصباح الباكر أخذ حمزة كل من مريم ومنة بسيارته
وطلب من مريم أن تأخذها إلى السنتر لمقابلة الأستاذ الذي فشلت بمقابلته بالأمس ثم تشتري لها كافة المستلزمات والكتب التى تنقصها.
دخلت منة برفقة مريم وجلستا بأنتظار مقابلة الأستاذ
وتفاجئت منة كثيرا برؤيته.