أخر الاخبار

رواية عهد الأخوة الفصل الرابع 4بقلم رانبا البحراوي

 


رواية عهد الأخوة

الفصل الرابع 4

بقلم رانبا البحراوي


التفتت فرحة لترى من الذي يرتب على كتفها فرأت شاب يرتدي بدلة سوداء يقوم بتوزيع وجبات طعام.


فرحة :لست متسولة ولا أحتاج لذلك.


الشاب كان سائق لصاحب سلسلة مطاعم شهيرة(حمزة) ويأتي كل فترة منذ أن توفيت والدته لزيارتها بالمقابر وتوزيع

وجبات طعام فاخرة.


فرحة اول فتاة ترفض أخذ الوجبة لأنه عادة مايفرح الناس بقدومه وينتظرون تلك الواجباب ويتسارعون إلى أخذها.


ذهبت فرحة وهي تبكي أثر اشتياقها لوالدها ولم تنظر خلفها.


عاد السائق بعد أن قام بتوزيع كافة الواجبات التي كانت بيده.


حمزة :ماخطب هذه الفتاة التي كانت تبكي ولماذا رفضت أخذ الطعام هل ازعجتها أو احرجتها وأنت تقدم لها الطعام.


السائق :لا لم ازعجها، هي كانت تبكي قبل أن اقترب منها.


حمزة :دعنا نذهب لزيارة امي، اليوم سأبقى بجانبها لبعض الوقت اذهب الى البنزينة ثم عد بعد ساعة لاخذى.


ذهب حمزة لزيارة والدته، دفع الباب ودخل وتعجب لأن المكان كان نظيف جدا على غير العادة فالسيدة المسنة التي تهتم بالمكان اصبحت لاتقوى على تنظيفه جيدا والاهتمام بالنباتات كالسابق وهو لايريد أن يحرجها ولذلك ظل صامتا ولم يتهمها بالتقصير.


ولكن هذه المرة المكان نظيف جدا والنباتات مروية

وهناك الكثير من الفخارات مملوئة بالماء ليشرب منها الطيور ولذلك يتواجد كثير من الطيور وكأنه دخل حديقة ازهار ولم يدخل مدفن والدته.


حتى المكان الذي اعتاد الجلوس فيه كلما ذهب لزيارة والدته اصبح الرخام فيه يلمع كالمرآة.


جلس حيث المكان الذي يشعر فيه بالراحة ويتصرف فيه على طبيعته، يتجرد فيه من تلك الابتسامة الزائفة التي اجبر عليها بين الناس كي يخفي بها احزانه ويجتمع فيه بدموعه التي يسجنها بقلبه ظنا منه أنها نقطة ضعفه التي لايجب أن يراها أحد ولذلك يرسل السائق بعيدا كلما أتى إلى هذا المكان والسيدة المسنة لاتقوى كثيرا على الحركة ولا تسمع جيدا فلذلك يتصرف على طبيعته بذلك المكان يصبح حمزة الطفل الصغير الذي كان ينام بين ذراعيه والدته. 


لايعلم أن هناك فتاة اصبحت ترافق هذه السيدة المسنة وهي التي اهتمت بالمكان هكذا.


فرحة كانت بذلك الوقت بجانب النافذة مستلقاة على السرير بعد أن عادت من زيارة قبر والدها، النافذة أعلى المكان الذي يجلس به حمزة.


بدأ حمزة يتحدث مع والدته.

اشتاقت إليكِ كثيرا ياأمي، تغير العالم كثيرا بعد فراقك، اصبحت الألوان باهتة، والشوارع مظلمة، اصبح الطعام بلا طعم أو رائحة، اصبحت الحياة بائسة.


فرحة تستمع من الداخل وفهمت ان هذا هو الشاب صاحب المدفن الذي اخبرتها عنه السيدة المسنة الحاجة (زينب)


بدأ حمزة يبكي وشعرت فرحة بكل كلمة من كلماته

بسبب شوقها لأبيها، ولكنها كانت تفتقد لبعض كلماته

فلم تتذوق يوما طعامها المفضل من يد والدتها.


ظلت فرحة تستمع له دون أن تصدر صوتا وكأن الكلمات التي يخبر بها والدته هي نفس الكلمات التي تريد أن تخبر بها والدها وبقلبها شعور جميل فشعرت انها ليست الوحيدة بهذا العالم الذي يحتل الحزن قلبها وأن للحزن مستعمرات أخرى يحتلها.


لم تحتمل فرحة عدم رؤية ذلك الشاب كي ترى بعينيها ملامح الحزن على وجهه.


وقفت فرحة على السرير الذي كانت مستلقاة عليه دون أن تخرج رأسها كاملة ولكن لسوء حظها رفع حمزة رأسه كي يدعو الله أن يخفف عليه أحزانه.


بهذه اللحظات رأى فرحة وهي تسترق السمع والنظر إليه، ثار وغضب وسرعان ما مسح دموعه.


وبدأ يصرخ بوجهها ويطلب منها أن تظهر أمامه على الفور.


فرحة قصيرة وذات جسم نحيف كانت ترتدي جلباب من جلابيب الحاجة زينب، والحاجة زينب ذات جسم ممتلئ وطويلة ولذلك الجلباب كان لايناسب فرحة مطلقا ومن شدة خوفها خرجت مسرعة داست على طرف الجلباب وسقطت عند قدمه ولم تستطع الوقوف كأنها ضاعت داخل هذا الجلباب الضخم.


ضحك حمزة واضطر لمساعدتها على الوقوف، عندما رأت وجهه وهو يضحك قل خوفها قليلا

وقالت :هكذا تعادلنا.

حمزة :كيف، لاافهم؟


فرحة :رأيت احزانك وماتخفيه عن الناس وضحكت انت الآن على احزاني ومعاناتي بهذا الجلباب ولذلك اصبحنا متعادلين.


حمزة : من أنتِ وكيف تجرؤين على التنصت علي هكذا، أين الحاجة زينب وكيف سمحت لأحد غريب بدخول المكان.


فرحة :لست غريبة، إنها جدتي وأنا اعيش معها الآن.

حمزة :كيف حفديتها وهي ليست لديها أولاد.


ارتبكت فرحة وقالت :هي خالة والدي ليست والدته.


حمزة :وأين كنتِ طوال الفترة السابقة؟

فرحة :كنت ازورها من حين لآخر ولكن استقريت معها منذ أيام قليلة.


نظر حمزة حوله وسألها :هل انتِ التي اهتمت بالمكان ونظافته هكذا؟


فرحة :نعم، أنا.

رغم إعجاب حمزة بنظافة المكان إلا أنه لم يستطع التغاضي عن تصنتها عليه وظل غاضبا ولاحظت فرحة ذلك عندما طلب منها بغضب أن تستدعي زينب على الفور.


فرحة :اعتذر منك وأرجو ألا توبخها بسببي فهي سيدة مسنة وبعمر جدتك، ماتريد قوله، اخبرني به لكن من فضلك لا تزعجها.


حمزة بغضب :اذهبي واستدعي زينب ليس لدي وقت.


ذهبت فرحة وشرحت لزينب ماحدث، ارتجفت زينب وقالت :سيطردني من هنا، حذرني من قبل الا ادخل أحدا هنا ولكنني لم أكن أعلم أنه سيأتي اليوم.


حزنت فرحة وقالت :لا تخافي سأتحدث معه واخبره انني سأترك المكان سأفعل أي شئ حتى لايقوم بطردك.


ولأن فرحة تمتاز بلباقة الكلام والمساومة من صغرها

خرجت قبل زينب وبيدها ملابسها المبللة والتي كانت ترتدي جلباب زينب حتى تجف ملابسها وقالت :سأغادر المكان اليوم، أرجو الا تطردها فهي ليس لها مكان آخر.


استعطفت بذلك قلب حمزة ولذلك لم يوبخ زينب ولكنه حذرها من تواجد أي أحد في المكان أثناء زيارته في المرة القادمة، فعليها ان ترسل حفيدتها لاي مكان آخر وقت زيارته لوالدته.


زينب :حاضر لن نزعجك بعد اليوم.

وافق حمزة على بقائهما، جلست زينب تلتقط انفاسها

ورافقت فرحة حمزة حتى تغلق الباب خلفه.


اخرج حمزة المال بعض المال من جيبه وقدمه لفرحة ولكنها رفضت على الفور. 


حمزة :اعطيه لزينب هذا راتبها الشهري. 

اخذت فرحة المال من يده عندما علمت انه للحاجة زينب. 


رأها السائق بينما كان ينتظر بالسيارة وعلم أنها نفس الفتاة التي رفضت اخذ الطعام.


ركب حمزة سيارته

السائق :إنها الفتاة التي كانت تبكي ورفضت أخذ الطعام، هل حضرتك تعرفها.


حمزة :لا أعرفها ولكنها حفيدة الحاجة زينب وهذه المرة الأولى التي اراها هنا،هل اعطيت وجبة للحاجة زينب؟


السائق :طرقت الباب ولكنها لم تفتح.

حمزة بغضب :تعلم انها ضعيفة السمع كان يجب أن تخبرني بذلك كي اخذه لها بنفسي.


السائق :اعتذر يافندم لم افكر في ذلك.

حمزة :غدا ترسل لها طعام يكفيها هي وحفيدتها.


بعد ذهاب حمزة اعطت فرحة المال لزينب واعتذرت منها عن ما سببته لها من احراج امام حمزة.


زينب :لا عليكي يابنيتي الأمر مر بسلام.


عندما رأت زينب المال رأت أنه مضاعف فهمت أنه اعجب باهتمام فرحة بالمكان وترك لها بعض المال.


قدمت زينب  المال لفرحة واخبرتها أن هذا أجر مجهودها ليس إحسان من أحد تقبلته فرحة كي

تستطيع تكملة مسيرة تعليمها واشترت الكتب مرة أخرى وبدأت في مراجعة دروسها.


عمر لم يعد يبحث عن فرحة مثل سابق رغم أن الشوق إليها يكاد يقتله لرؤيتها.


فتحي لم يجرؤ وقتها على لمس فرحة لأنها مازالت قاصر ويعلم ان هذه جريمة كل ماكان يريده ان يخضع عمر لمخططه ويوافق على أن يزوجه بفرحة.


فرحة تعلم ذلك جيدا بأن فتحي لم يقترب منها وكانت تتمنى لو يصدقها اخيها ويعلم أنها ضحية

لكذب وادعاء فتحي.


في اليوم التالي حضر السائق(علاء) ومعه وجبات فاخرة وطرق الباب كي يقدمها للحاجة زينب كما أمره حمزة


فتحت فرحة الباب وعندما رأت السائق لم تأخذ منه الطعام ولكن استدعت له الحاجة زينب.


شكرت الحاجة زينب علاء وطلبت منه أن يبلغها في المرات القادمة بقدوم حمزة بيه حتى تخلي له المكان كما يحب.


بعد تناول الغداء

مدحت فرحة مذاق الطعام كثيرا.

زينب :هذا مطعم حمزة بيه.

فرحة :حقا، انه مطعم شهير جدا سمعت عنه كثيرا ورأيت اعلانات له على التلفاز ولكن هذه المرة الأولى التى اعرف بها ان  مالك هذه السلسله شاب صغير.


زينب :شاب صغير بحمل كبير.

فرحة :لاحظت ذلك وفهمت ان السعادة ليست بالمال

ولكن هل يوجد شئ اخر يحزنه سوى فقدان والدته. 


زينب :نعم، توفيت والدته بعد معاناة مع مرض السرطان وبعد اشهر قليلة اكتشف ان اخته الصغيرة لديها نفس المرض ولذلك يخشى ان يخسرها مثلما خسر والدته.


فرحة بحزن :يبدو أنه يحب اخته كثيرا.


تذكرت بهذه اللحظات حب اخيها عمر ودلاله لها قبل أن يأتي طوفان الفراق ويغرق سفينتهما.


مرت الايام وانهت مريم المرحلة الثانوية والتحقت بكلية السياحة والفنادق لكي تحقق حلمها وتصبح طاهية فهي تهوى الطبخ منذ أن كانت صغيرة.


ترك عمر المنطقة التي كان يعيش بها فور تحسن حالته المادية واصبح رئيس قسم في الماركت قبل أن يتخرج وذلك لتفانيه في العمل.


كان كلما اشتاق لأخته نظر بصورهما سويا على هاتفه

ويظل يحدث صورتها ويعاتبها بالساعات ويتمنى لو تجيبه لمرة واحدة وتخبره عن سبب فعلتها.


كلما تراجع عن اتهام اخته تذكر رؤيتها بشقة فتحي والاموال الكثيرة التي وجدها بخزانة ملابسها.


وتذكر ايضا مافعلته امهما ويجعله هذا يصدق انها مذنبة فسبق ووثق في والدته التي انجبته وصدم فيها صدمة شديدة.


بعدما التحقت فرحة بكلية السياحة والفنادق كان عليها أن تذهب لاحد المطاعم كي يتدرب وقررت ان تحدث زينب كي تتوسط لها وتعمل بفرع من فروع مطعم حمزة.


زينب :سأطلب منه ذلك عندما يأتي بعيد الأم فهو دائما يأتي لزيارة أمه بذلك اليوم.


فرحة :ولكن عيد الام سيكون بالفصل الدراسي الثاني.

زينب :ادعي ان يأتي قريبا فليس لدي رقم هاتفه.


بعد أيام قليلة

اتصل السائق واعلن زينب بموعد قدوم حمزة وأكد عليها أن تخلي المكان كما اخبرها.


عندما ذهبت زينب لتخبر فرحة بذلك وجدت فرحة ترتجف وعندما لمستها كانت حرارتها مرتفعة كثيرا.


فتحت فرحة عينها وسألت زينب عن سبب توترها

زينب:حمزة بيه في طريقه إلى هنا لزيارة قبر والدته

ولكنك مريضة ولا أعلم ماذا افعل.


فرحة:لست مريضة أنا بخير، سأذهب لزيارة إلى حين ان ينتهي من زيارة والدته.


زينب :جسدك يرتجف، ساخبره بذلك ومتأكدة أنه لن يمانع من بقائك.


فرحة:لا، لا أريد أن اكون سبب في احراجك مرة أخرى.


وقفت فرحة ووضعت وشاحا فوق رأسها وبينما تسير ببطئ رأت سيارته ولكنه لم يراها.


ذهبت فرحة وجلست بجانب قبر ابيها وظلت تتحدث معه كأنه يراها ويسمعها ولكن كلما مر الوقت كانت حالتها تسوء أكثر.


بينما يجول السائق برفقة حمزة لتوزيع الوجبات كالعادة رأى السائق علاء فرحة وهي تجلس.


حمزة :لماذا لم تعطي هذه الفتاة التي تجلس هناك رأيتك من السيارة وأنت تعطي الجميع ماعدا هذه الفتاة.


علاء:إنها نفس الفتاة.

حمزة :اي فتاة؟

علاء:الفتاة حفيدة الحاجة زينب ألا تتذكرها؟

حمزة :تذكرتها الان، يبدو أن زينب اخرجتها كما اتفقنا

هذا افضل لكي اكون بمفردي.


جلس حمزة واطال الجلوس وزينب ظلت تعد الدقائق كي يمر الوقت سريعا وتستطيع فرحة العودة للراحة مرة أخرى.


ولكن عندما اطال حمزة الجلوس كثيرا رأت زينب ان تذهب وتحضر فرحة وتدخلها الغرفة دون أن يشعر حمزة بذلك.


بالفعل قامت زينب بذلك وذهبت واحضرت فرحة

من الخارج وبينما تدخلها من الباب الخلفي رأى السائق علاء ذلك.


ارسل علاء رسالة إلى حمزة يخبره بما رأى انتظر حمزة قليلا ثم اقتحم الغرفة التي تنام بها زينب وعندما رأى فرحة بالغرفة ظن انها تختفي وتتظاهر بانها ليست موجودة كي تسترق السمع إليه مرة أخرى.


دون أن يتسائل حمزة عن سبب وجودها طلب من زينب ان تجمع اغراضها وتغادر المكان فورا هي وحفيدتها.


               الفصل الخامس من هنا 

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close