أخر الاخبار

رواية قريبا ستفرج الفصل التاسع 9بقلم شيماء عبد الله

         

 رواية قريبا ستفرج

الفصل التاسع 9

بقلم شيماء عبد الله


"سبحان الله وبحمده"

غادرت سلمى المنزل، وبدل التوجه للمدرسة، سلكت طريقا أخر، فصادفت سعيد الذي ابتسم وهو سعيد بما فعله حتى الآن، ليقول :وأخيرا أتيت يا حبيبتي. 


سلمى :لا أعلم لما، ولكن أشعر بالقلق حيال ما سأفعله. 


سعيد :هذا بالتأكيد نتيجة توترك، أنت الآن ستمكثين معي وفور أن تتممي الثامن عشرة سنة سنتزوح، ونمشي ما تبقى من حياتنا معا. 


سلمى :أنت لن تتخلى عني يا سعيد، أليس كذلك. 


سعيد :بالتأكيد لن أفعلها، قضيت الكثير من الوقت في ملاحقتك كي توافقي علي، وفي الأخير أهجرك، هذا مستحيل. 


سلمى :هذا يعني أنك لن تنزعج مما سأقوله الان. 


سعيد :لما أنزعج منك، أنت حبيبتي ولا أستطيع الانزعاج منك. 


شعرت سلمى بالراحة لتقول: أنا لن أرافقك يا سعيد. 


صدم سعيد من ردها ليقول:ماذا؟ كيف هذا، هل أصبحنا صغارا كي تلعبي معي هكذا. 


صدمت سلمى من ردة فعله، لتحاول تبرير موقفها قائلة: أنا لا أستطيع الإبتعاد عن عائلتي، خاصة بعد أن هدأت الأوضاع بين الجميع. 


سعيد :هل تريدين إغضابي أم ماذا، ألم تقولي في الصباح أن الجميع لا يهتمون بك، ودائما ما تزعجك مشاكلهم. 


سلمى :لا أنكر هذا، لكن الوضع تحسن خلال هذه الفترة، وتغيرت معاملتهم معي ومع أختي، وطيلة هذا الأسبوع لم يرفع أبي يده على أختي، وأخي لم يعد يصرخ عليها، وما دام السبب الذي جعلني أهرب من المنزل اختفى، فلا داعي لأرافقك. 


سعيد :تعتقدين أن الأمر بهذه السهولة، لا لم تصيبي، سترافقيني غصبا عنك. 


عادت سلمى خطوتين للخلف قائلة: ما بك تغيرت يا سعيد، أنا أخبرتك أنني لا أريد مرافقتك، لماذا تريد غصبي على شيء لا أريده. 


سعيد: لا يهمني ما تريدينه، ما يهمني حقا ما أريده أنا، ولن أتحمل جنونك طيلة الفترة الماضية، وأدعك في الأخير تغادرين بهذه السهولة.. منذ زمن طويل وأنا أخطط لهذا اليوم، اليوم الذي أحضرك فيه لمنزلي، و أفعل لك ما أريده، والأن تخبرينني أنك لم ترافقيني، هذا من سابع المستحيلات. 


سالت دموع سلمى على وجنتيها قائلة :هذا ليس ممكنا، أنت لم تكن تخدعني طيلة الفترة الماضية أليس كذلك.. أنا لست عمياء لهذه الدرجة. 


أمسك سعيد ذراعها ضاغطا عليه، وأراها وجهه الحقيقي قائلا :أجل، أنت أكبر عمياء وغبية رأيتها في حياتي، أنا لم أحبك مسبقا، ولن أحبك يوما، لأن الحب مجرد كذبة نستغلها على أمثالك، وأنت صدقت هذه الكذبة بكل سهولة، والان فلتتحركي، هيا. 


كانت سلمى تحاول الهرب منه، لكنها كانت هزيلة مقارنة به، ومن سوء حظها كان الشارع فارغا، فالناس في ذلك الوقت اتجهوا لأعمالهم، لكنها حاولت باستماتة الفرار منه، وحينما حاولت الصراخ، شعرت بألة حادة على خصرها، فتسلل الخوف لقلبها أكثر حينما لمحت ذلك السكين في يده. 


سعيد :قبل أن تحاولي الصراخ سأغرس هذا داخل أمعائك، ولمصلحتك تحركي الان دون أن تصدري أي صوت، إتفقنا. 


نظراته في تلك اللحظة؛ كانت نظرات شخص مختل، وهذا ما ميزته ليلى، فوجدت نفسها تهز رأسها إيجابا خوفا على نفسها من هذا الوحش البشري. 


عند نصر الدين، ما إن أنهوا غداءهم جمع الأواني وقام بجليها، ثم خرجوا جميعا من المنزل، فعمر اتجه للمقهى للقاء صديقه، بينما نصر الدين وأشرف كانوا يسيرون على أقدامهم. 


نصر الدين :أشرف سأسلك عن شيء، وأتمنى أن لا تنزعج مني. 


أشرف :ما هذا يا صديقي، منذ متى كنت أنزعج من أسئلتك. 


ابتسم نصر الدين قائلا :هل كانت بينك وبين هداية أي علاقة ما. 


صدم أشرف من سؤال صديقه، لينظر له غير مستوعب لما لفظه وقال: ما هذا الكلام يا نصر الدين، منذ زمن طويل وأنت تعرفني، هل سبق لي وارتبطت بفتاة ما، أجل كثيرا ما أتغزل بالفتيات أمامك وأمازحك، لكن من المستحيل أن أدخل مع فتاة ما في علاقة. 


نصر الدين :ولأنني أعرفك قررت أن أسألك، فما رأيته ليس طبيعيا. 


أشرف :ماذا تقصد، ما الذي رأيته جعلك تشك بي. 


نصر الدين :ليس شك إنما.. 


صمت نصر الدين فجأة حينما لمح فتاة وشاب يحضنها، فركز نظراته عليها أكثر بطريقة جعلت أشرف هو الأخر ينتبه لهم بعد سكوته المفاجئ ليقول :ما بك يا صديقي. 


نصر الدين :تلك الفتاة. 


أشرف :ما بها.


نصر الدين :هذه الفتاة أعرفها، تدرس عندي، ما الذي تفعله هنا. 


أشرف ؛ما بك يا صديقي تبالغ، كأنك ترى لأول مرة مراهقة ترافق شابا، هذا أصبح عاديا للكثير. 


نصر الدين :هذه مختلفة، وأعلم جيدا حسن خلقها، ولا يمكن أن تكون هكذا، يوجد شيء خاطئ في الموضوع. 


كانت سلمى تتمشى معه مرغمة، وتتمنى أن تلتقي بشخص ينقذها من براثين هذا للوحش، إلى أن لمحت نصر الدين أمامها، فلمعت أعينها خاصة بعدما كان ينظر لها مباشرة، لتشير له بعينيها جهة خصرها، وحركت رأسها ببطء كي لا ينتبه سعيد لها. 


أشرف :نصر الدين يبدو أنك محق، تلك الفتاة تشير لشيء ما. 


تبث نصر الدين عليها، ليلمح ذلك السكين في يد سعيد ففهم ما يحدث ليقول :أشرف تعالى معي نتحرك جهتهم، ولكن لا تظهر لهم شيئا. 


تقدموا للأمام وقد كان سعيد منتبها كس لا يروا السكين في يده، وما إن مر نصر الدين من جانبه غفله وجذب اليد التي يحمل بها السكين، بينما أشرف تكلف بإبعاد سلمى عنه. 


نصر الدين :تعالى أيها الكلب لأوريك كيف تصبح رجلا، لم تجد غير البنات المتخلقات بتمارس عليهم دناءتك. 


سعيد :اتركني يا هذا، قلت لك اتركني.. ما دخلك بيننا، أنا وحبيبتي وأنت من كي تتدخل بيننا. 


أشرف :حبيبتك وترفع عليها السكين، لو كانت زوجتك يا ترى ماذا كنت ستفعل، لربما كنت ستدفنها وسط للمنزل. 


سعيد: دعوني وشأني. 


نصر الدين :منذ وقت طويل لم أتشاجر مع أحد، ومن سوء حظك أنك وقعت أمامي الان. 


لكمه نصر الدين على وجهه، لتليها ضربات متفرقة على أنحاء جسده، حتى جعله يكره اليوم الذي فكر في التقرب من سلمى، وهذه الأخيرة فور رؤيتها لنصر الدين يضربه هربت قبل أن ينتبهوا لها، وظلت تبكي على حظها، وتفكر كيف ستواجه نصر الدين حينما تقابله في المدرسة، وكيف سترفع عينيها وتضعها في عيني أختها التي جاهدت كي تصنع شخصية جيدة من سلمى. 


أبعد أشرف صديقه عن سعيد بعد أن أصبح شبه غائب عن الوعي قائلا: دعك من يا صديقي، سيموت بين يديك وتقع في مأزق. 


نصر الدين :يستحق الأكثر، انتظر لحظة، أين هي سلمى. 


أشرف :تقصد تلك الفتاة، رأيتها تهرب. 


نصر الدين :الله وحده العالم كيف اجتمعت فتاة بأخلاقها مع هذا الحقير. 


أشرف :مثل هذا النوع تجدهم أينما ذهبت، هيا بنا نحن نعود للمنزل أفضل. 


عادت سلمي للمنزل، وطرقت الباب وهي خائفة من عواقب ما فعلت، فكانت مترددة بشكل كبير وهي تطرق الباب، لتفتح إيمان وصدمت من حالتها، حيث كانت شاحبة الوجه وعينيها منتفخة وحمراء من شدة البكاء. 


إيمان :ما هذه الحالة يا سلمى، ألم تذهب قبل ساعة فقط للمدرسة، ماذا حدث لك حتى عدت هكذا. 


سلمى :هل نستطيع الدخول أولا ثم نتحدث. 


أفسحت لها إيمان المجال لتدلف، وما إن أغلقت الباب لحقت بها للصالون حيث جلست سلمى ووضعت بجانبها محفظتها، فأرادت إيمان أن تجلس بجانبها، لتحمل المحفظة التي كانت ثقيلة أكثر من المعتاد، فعقدت حاجبيها قائلة: ما الذي يوجد في هذه المحفظة. 


لم تدع لها فرصة لتجيب حيث كانت فتحت المحفظة لتصدم بالملابس التي كانت داخلها لتقول :ما الذي تفعله الملابس في الحقيبة، سلمى قولي شيئا بدل صمتك هذا، لماذا لم تذهبي للمدرسة، وأين كنت. 


صوت إيمان العالي وصل لأمل التي خرجت من غرفتها، وذهبت عندهم قائلة :ما الذي يحدث هنا، ولما هذا الصراخ. 


إيمان :لم يحدث شيء يا خالتي 


أمل :إن لم يحدث أي شيء فلما صوتك عالي هكذا، وسلمى ما الذي تفعله في هذا الوقت في المنزل ألم تذهبي للمدرسة. 


قبل أن تتلقى أي إجابة لمحت الملابس في الحقيبة، فاقتربت ناحية سلمى قائلة :ما هذا. 


سلمى :تلك ملابسي. 


أمل :أعلم جيدا أنهم ملابسك، ولكن ماذا يفعلون في الحقيبة، ولما لم تذهبي للمدرسة. 


سلمى: بسببك.


استغربت أمل من إجابتها لتقول :ما الذي بسببي. 


سلمى :كل ما نعيشه بسببك، أنت السبب في كل شيء.. تريدين معرفة سبب وجود الملابس في حقيبة المدرسة، أنا سأخبرك، كنت أنوي الهرب، أهرب منك ومن أبي وأخي، كنت سأهرب من مشاكلكم التي لا تنتهي، ومن حقدكم على الآخرين، أنا كنت سأهرب لأنني لم أجد من يهتم بي، لأن أمي لا تهتم سوى بنفسها. 


إيمان :سلمى انتبهي لألفاظك، ولا تنسي أن من تحادثيها أمك ومن الواجب عليك احترامها. 


سلمى :مللت من السكوت واحترامهم، ولم أعد أستطيع التحمل أكثر. 


احتدت نظرات أمل قائلة: سلمى انتبهي لكلامك جيدا، ويكفي تدللا وأخبريني ماذا يفعلون الملابس في المحفظة. 


نزلت دموع سلمى بقهر قائلة :لقد اخبرتك لما هم في المحفظة، أنا كنت أنوي الهرب وتراجعت في أخر لحظة، لكن الذي كنت أنوي الهرب معه لم يتراجع، وهل تعلمين ماذا كان سيفعل. 


صمتت سلمى قليلا وهي تنظر لملامح أختها ووالدتها المتحفزة لسماع ما تخفيه بعد تلقيهم الصدمة الأولى، لتقول :كان يجبرني على مرافقته لمنزله، ورفع علي سكينا لولا ستر الله وأتى أستاذ لينقذني منه لم تكوني لتريني أمامك الان. 


شهقة خرجت من أمل وإيمان من صدمتهم، وشعرت إيمان بخيبة أمل وانكسار بما فعلته أختها، سلمى التي اعتبرتها ابنتها والتي حاولت تعويضها عن حنان الأم، ولا تدعها تشعر بالنقصان، فأتت الآن لتدمر كل ما فعلته. أما أمل نظرت لابنتها التي تتباهى بها أمام الناس بدل أن تقربها منها وتنصحها، لتتذكر الفضيحة التي ستتعرض لها أمام الجيران وصديقاتها إن علم أحد بما فعلته، إضافة لعبد الرحمن الذي إذا علم بما حدث قد يقتلهم، وحينما توصل عقلها لتلك النقطة غضبت بشدة، ورفعت يدها صافعة إياها حتى طبعت أصابعها على خد ابنتها. 


إيمان :رجاءا لا تفعلي هذا يا خالتي. 


أمل :دعيني أعلم تلك الغبية كيف تهرب من المنزل.. أنا أمل التي يمدحني الجميع تأتي إبنة الأمس وتفضحني، وتجعليني أصبح علكة في أفواه الجميع، اليوم سأعيد تربيتك مجددا. 


بدأت تضربها وإيمان تحاول جاهدة إبعادها عنها، إلا أنها لن تستطع ذلك فقد نالت جزءا من الضرب، ولم تتوقف أمل حتى تعبت ثم قالت: ستدلفين لغرفتك الآن ولا تتوقعي الخروج من المنزل مجددا، لم يعد هناك شيء إسمه دراسة في قاموسك، وستمكثين في المنزل حتى يأتي من يتزوج بك وبعدها تخرجين من هذا المنزل. 


زادت سلمى من وتيرة البكاء قائلة :يا ليتني مت قبل أن أولد، ليتك لم تصبحي أمي، الموت أرحم لي منكم. 


زاد غضب أمل فتحركت ناحيتها تنوي ضربها مجددا، إلا أن إيمان منعتها قائلة :رجاءا يكفي يا خالتي، سيسمع الجيران صا صراخنا وتصل الأخبار لأبي، ووقتها سنصبح جميعا ضحايا له. 


تراجعت أمل للخلف قائلة :أدخلي تلك الكارثة للغرفة، لا أريد رؤيتها أمامي. 


إيمان :حسنا فقط اهدئي.. هيا معي يا سلمى. 


رافقت سلمى إيمان التي حملت المحفظة معها، كي لا يراها عبد الرحمان ويقعوا في مشكل ما، ثم دلفوا لغرفتهم لتجلس سلمى على سريرها تبكي، فجلست إيمان بجانبها وضمتها لصدرها قائلة :لما فعلت بذاتك هذا يا أختي، لماذا. 


سلمى :لأنني لست مثلك، لا أستطيع الصبر طويلا، تعبت من الصمت وحينما وجدت شخصا يهتم بي تعلقت به، وأصبحت أفعل ما يمليه علي كي لا أضيعه من بين يدي، وفي الأخير اتضح أنني مجرد غبية وتعلقت بأوهام لا أساس لها ولا صلة لها بالحقيقة. 


زادت سلمى في وتيرة البكاء، وتركتها إيمان تتسطح فوق السرير، وبدأت تقرأ عليها القرآن حينما لاحظت أنها لم تهدأ، وظلوا كذلك ما يقارب الساعة حتى نامت سلمى، فقامت من جانبها وتشعر بالشفقة على حالتها، وحينما خرجت من الغرفة وجدت أمل لا زالت في الصالون تفكر في ذلك المشكل. 


إيمان :خالتي أمل هل أستطيع الحديث معك قليلا. 


أمل :ماذا تريدين مني، ألم يكفيك ما حدث، أثرت على ابنتي بحديثك التافه حتى وصلت لهذه الحال، وبدأت تلومني أنا.. ماذا تريدين مني، وكلت الله عليك. 


إيمان :كان يجب أن أتوقع هذه الإجابة منك، هذا الحديث ليس غريبا عنك، دائما ما تخطئي وتتهميني أنا، تعودت الهروب من أخطائك ولكن أنت المخطئة، أنا سكتت عن أفعالك من قبل وحتى لو سكتت الان؛ هذا لن يجعلك تفوزين بالعكس ستخسرين الكثير، أفيقي قبل أن تضيع سلمى من بين يديك ولن ينفعك ندم في ذلك الوقت. 


لم تتقبل أمل فكرة أن تكون إيمان أفضل منها، وأن تكون المحقة، فرفعت يدها وصفعتها قائلة بسخرية :لم تتبقى سوى فتاة معاقة لم تجد من يربيها في صغرها كي تعلمني الان التربية، ولكن لك عذر فصفاء التي كان يجب عليها تربيتك تخلت عنك، وذهبت لتستمتع بحياتها، وأصبحت أنا من يتكلف بك، كأنني متفرغة لتربيتك. 


وضعت إيمان يدها على خدها، لتهز رأسها بيأس منها قائلة: أدعو الله أن يهديك يا خالتي. 


ذهبت إيمان للمطبخ تاركة أمل تكاد تنفجر من شدة الغضب، فرأت إبنها يدخل للمنزل وهو يميل ويغني، فقالت :ما هذه الحالة يا مراد. 


صغر مراد عينيه، ثم قال: ما هذا، هل البقرة أصبحت تتمشى على رجلين. 


                     الفصل العاشر من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close