رواية اسيرة الماضي الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم رانيا البحراوي

 

 رواية اسيرة الماضي 

الفصل الخامس والعشرون 25

بقلم رانيا البحراوي



نظر عمر بالهاتف وبرؤية اسم حمزة احتار بماذا سيجيبه

أنهى عمر الإتصال على الفور مما ازعج حمزة وأثار فضوله.


خرج الطبيب ليتحدث مع عمر، بالنظر الى وجه الطبيب فهم عمر أن اصابة ابنته ليست بالعادية.


عمر بخوف :ماذا أصابها.

الطبيب :بالفحص بالأشعة اكتشفنا أنها اجرت عملية جراحية بالسابق بالظهر ولكن يبدو أن وقعتها اليوم اذت عمودها الفقري واثرت على العملية.


فزع عمر وسأله :هل عجزت ابنتي عن السير مرة أخرى؟

الطبيب :لا استطيع الجزم بذلك الآن ولكن علينا أن ننتظر قليلا حتى تشفى قدمها ثم ظهرها.


جلس عمر يبكي كالأطفال وخرجت منة لتراه على هذه الحالة فتجلس بجانبه لتهدئه وطلبت منه أن يشرح لها.


بكت منة بسماع ذلك وحاولت أن تدعمه وتقويه بهذه المحنة، بهذه الاثناء اعاد حمزة الإتصال بمنة أكثر من مرة ولكنها لم تستطع ترك عمر بهذه الحالة.


بعد عدة دقائق دخل عمر وجلس بجانب ابنته وقد استغرقت في النوم أثر المسكن يخشى عليها من تلقي خبر اصابتها.


أرسلت منة رسالة لحمزة بهذه الاثناء أنها لن تستطع التحدث معه.


ظل حمزة حزين راودته الكثير من الأفكار أن منة مرتبطة بالشخص الذي أجاب على هاتفها وإنها برفقته الآن ولذلك لم تستطع تلقي اتصالاته.


استيقظت ايسل بعد ساعة تقريبا لتجد والدها مستلقي بجانبها ممسكا يديها وعندما نظرت إلى وجهه توارى بوجهه عنها حتى لا ترى عيناه التي احمرت من شدة البكاء.


ايسل :بابا مابك؟ أنا بخير،ليس بي شئ، انظر كيف احرك قدمي وإذ بقدمها لا تتحرك مطلقا فحاولت ان تحرك الأخرى فشعرت هنا بعجزها عن الشعور بقدمها وكأن قدميها لم تعد بجسدها.


ايسل :بابا ماذا يحدث؟ لماذا لا اشعر بقدماي.

عمر:لا يوجد شئ يبدو أنه من أثر السقوط اخبريني كيف حدث ذلك.

ايسل :كنت أشاهد مباراة كرة قدم بفناء المدرسة وأثناء المباراة ركل أحد زملائي بالمدرسة الكرة بقوة فخرجت خارج الملعب وارتطمت بي فسقطت على الأرض.


عمر :كيف لإدارة المدرسة أن تهمل هذا الأمر ولا تضع سور حول الملعب.


ايسل بحزن :هناك سور بالفعل وانا كنت اجلس على السور وسقطت من فوقه.


هنا فهم عمر مدى الضرر الذي أصابها وعانقها وطلب منها أن تهدأ ولم يخبرها بشئ.


دخلت منة الغرفة لتخبرها ايسل بما حدث لقدمها حزنت منة ولم تستطع إخفاء دموعها.


نظر لها عمر وهو يهز برأسه ليمنعها من البكاء أمام ايسل.

تماسكت منة قليلا وجلست بجانبها على الطرف الآخر من السرير.


إتصل احدهم من إدارة المدرسة كي يعتذر عما اصاب ابنته، غادر عمر الغرفة وأخبر مسئول المدرسة بمدى الضرر الذي اصاب ابنته واتهمهم بالأهمال وكيف لابنته ان تغادر الفصل لتشاهد مباراة كرة قدم أثناء اليوم الدراسي.


المسئول :المباراة كانت بالحصة الأخيرة وابنة حضرتك كانت بحصة التربية الرياضية ولأن الطبيب يمنعها من المشاركة في حصة التربية الرياضية جلست لتشاهد المباراة إنه قضاء وقدر وليس للمدرسة اي دخل بما حدث ورغم ذلك نعتذر عما أصابها داخل اسوار المدرسة.


قضت ايسل بالمستشفى يومان لم تتركها منة لحظة واحدة وعمر ايضا كلاهما طلب اجازة من العمل.


سمح الطبيب لايسل بمغادرة المستشفى على أن تلتزم بجلسات علاج طبيعي وأخبر والدها أنه لن يستطع تحديد شفائها من عدمه قبل مرور ستة أشهر من المواظبة على العلاج.


قام عمر بشراء كرسي متحرك لابنته دون أن يخبرها عند وصولهم إلى المنزل قام باخراجه من حقيبة السيارة ووضعه أمامها فصرخت وتذكرت تلك الأيام عندما كانت بالرابعة من عمرها ولم تلعب ولم ترقد فقط كانت جالسة على مثل هذا الكرسي.


قامت منة بتهدئتها واخبرتها انها فترة مؤقته وبالعلاج تستطيعين تجاوز الاصابة وتتخلصين من هذا الكرسي.


حملها عمر ليضعها بالكرسي وكانت لا تريد أن يلمسه جسدها وكلما ايقنت انها فوقه كان يشتد حزنها وبكائها.


تألم عمر كثيرا ولم يستطع رؤية دموعها فطلب من منة أن تأخذها إلى أعلى بالمصعد لأنه لدي أمر طارئ.


حمزة مازال يحاول الإتصال بمنة ولكن لم يستطع كلما سنحت لها فرصة ترسل له رسالة بأنها بخير ولكن لن تستطع التحدث معه.


ظل حمزة يسأل العاملين معها دون أن يصل إلى شئ والجميع اتفق على أن هذه اول اجازة لها منذ أن عملت بالشركة.


عاد حمزة ذات يوم إلى المنزل ليجد يونس بالحديقة جالسا حزينا بمفرده.


حمزة :مابك؟

يونس بحزن :أنا بخير ولكنني تسببت في إيذاء إحدى زميلاتي واخبرني المدرس اليوم انها اصبحت عاجزة عن الحركة.


حمزة :كيف؟

حكى له يونس أن الكرة ارتطمت بها ووقعت على الأرض.

حمزة :هذا ليس خطاؤك فهي التي جلست على السور.


يونس :الجميع بالمدرسة يتهمني أنني السبب في عجزها.

حمزة :لا تحزن فهذا قدرها كل شئ يحدث لنا مكتوب عند الله ولا نملك سوى الرضا والحمد، لا تحزن نفسك

مارأيك أن نذهب لزيارتها والأطمئنان عليها فقد تكون حالتها بسيطة لاتستحق كل هذا الحزن الذي أصابك.


يونس :اتمنى ذلك، غدا سأحصل على عنوان منزلها لكي ازورها وسأجلب لها ايضا كل مافاتها من دروس من فصلها.


حمزة :أحسنت ياحبيبي ولكن دعنا نؤجل زيارتنا بعض الوقت حتى لايتهكم علينا أفراد اسرتها دعنا نتركهم بعض الوقت حتى يتقبلوا الأمر.


مرت عدة أيام

وظف عمر ممرضة لخدمة ايسل حتى تستطع منة الذهاب إلى عملها ورغم ذلك لم تتركها منة ومدت اجازتها

من أجلها.


في هذه الاثناء كان حمزة يراسلها يوميا لاطمئنان عليها ويسألها عن سبب تغيبها عن العمل فتخبره ان اختها ابنة الرجل الذي يكفلها مريضة وتحتاج رعاية وذات يوم سألها بأحد الرسائل عن الرجل الذي اجاب إتصاله؟


منة :بابا عندما كنا بالمستشفى.

 قام حمزة بالاتصال بها وفرح جدا عندما استطاعت تلقي إتصاله واخبرها أنه انزعج بسماع صوت رجل يرد على هاتفها وقال :ظننت أنكِ مرتبطة.

منة :لا لست مرتبطة.


فرح حمزة جدا بهذا الخبر ولم يستطع اخفاء سعادته

وقال :حمدا لله.

منة بسعادة :ماذا تقول؟ 


حمزة :منذ أن رأيتك وأشعر انكِ لن تكوني لسواي. 

ظنت منة أنها تتوهم هذا الحديث فكثيرا ماتمنت وتخيلت أن يعترف لها بحبه ولذلك كانت دائما تسمع هذه الكلمات بأحلامها ولكن لم تتخيل مطلقا أنه سيأتي اليوم الذي تسمع هذه الكلمات بالواقع. 


حمزة :أين ذهبتِ؟

منة بخجل :معك، اسمعك. 


حمزة :الأمر لم يبدأ معي منذ عودتك فقط، ادركت اهميتك بحياتي منذ فترة طويلة منذ ذهابك. 

منة بسعادة :لا اصدق ماتسمعه اذناي. 

حمزة :ماذا افعل حتى تصدقين لو علمت بعنوانك لاسرعت واعترفت لكِ وجها لوجه، انتظرتك كثيرا لحين عودتك إلى العمل كي اخبرك بما يحمله قلبي لكِ ولكن طالت اجازتك وازداد شوقي ماذا افعل؟


منة ببكاء :اتحبني حقا؟ أنت تحبني أنا وتفكر بي وتخطط منذ ايام للاعتراف لي، سأفقد وعيي من سعادتي اتعلم منذ متى وانا احبك. 


حمزة :منذ أن كنتِ طفلة. 

منة :كيف عرفت؟ 

حمزة :أخبرتني عمتي ولكنني بذلك الوقت اخبرتها أنك طفلة وماحبك إلا حب فتاة مراهقة، لم أكن اعلم مطلقا أن هذه الطفلة ستجعلني أسير حبها وتسجنني داخل هذا الحب فلم أعد أرى غيرها ولا اتحمل حياتي بدونها. 


هنا انفجرت منة بالبكاء واخبرته أنها تسبقه بمراحل في طريق العشق وانه اتخذ من قلبها وطنا منذ أن كانت طفلة ولم يسمح لأحد بالأقتراب من قلبها. 


دمعت عيناه بسماع ذلك وشهدت تلك الدموع على سعادة قلبه ورجفة يداه ونبضات قلبه المتلاحقة. 


حمزة :كم اتعجل لطلب يدك والارتباط بكِ، يكفينا مامضى من عمرنا. 

منة :علينا الإنتظار قليلا حتى الاطمئنان على ايسل اولا. 


وما ان السعادة استوطنت قلبها إلا واصبحت قادرة على طرد تلك الأحزان التي اتخذت من قلبها مستقرا لها استطاعت السعادة مواجهة الاحزان وهزيمتها وطردتها لكي تعيد إلى قلب منة شبابها وطفولتها التي سرقتها الأحزان منها. 


بعد مرور عدة أيام ذكر يونس شقيقه حمزة بالزيارة الواجبة عليهم إلى منزل زميلته المصابة. 


اخذه حمزة بسيارته وتوجه إلى منزل زميلة يونس. 


فتح عمر الباب ولكن لم يتذكر اي منهما الآخر. 

عرفه حمزة بنفسه وقدم له شقيقه أنه الطالب الذي ركل الكرة وجاء اليوم للاطمئنان على ايسل والاعتذار لها واخبرها انه لم يتعمد ذلك. 


وافق عمر على استقبالهم وسمح لهم بالدخول وكانت شقيقة عمر وابنها بهذا الوقت جالسون مع عمر. 


ظن حمزة أن شقيقة عمر هي والدة ايسل فظل يعتذر لها نيابة عن اخيه. 


عمر :إنها شقيقتي وليست زوجتي، والدة ايسل متوفية منذ فترة طويلة. 


يونس :ولكن ايسل تخبر الجميع أن لديها أم مهندسة. 

عمر :إنها زوجتي وهي بالنسبة لايسل بمنزلة والدتها. 


أشار عمر لشقيقته أن تخبر ابنته وزوجته بزيارة زميل ايسل وشقيقه. 


حمزة : نعتذر على الازعاج والزيارة بدون موعد ولكن كنت أخشى أن اطلب منك الاذن بالزيارة فترفض استقبالنا بالمنزل. 


عمر بهدوء:وماذنبكم فيما حدث إنه أمر مكتوب. 


بعد قليل خرجت منة تدفع الكرسي الخاص بايسل فأشار 

عمر بيده إلى منة وقال اعرفكم بزوجتي ثم نظر إلى يونس وقال هذه هي التي اخبرتكم ايسل عنها بالمدرسة أنها والدتها. 


             الفصل السادس والعشرون والاخير من هنا 

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات