رواية اسيرة الماضي الفصل التاسع عشر 19 بقلم رانيا البحراوي

 

 رواية اسيرة الماضي 

الفصل التاسع عشر 19 

بقلم رانيا البحراوي



بينما تحاول منة الفرار استوقفها رجل بمدخل العمارة فزعت حين أمسك بذراعها فهي حقا تخشى اللمس استجمعت كل قوتها ودفعته ولم تستطع الخروج من باب العمارة حتى لايمسك بقدمها، صعدت تجري وتصرخ وتستغيث بهبة، لم يستمع أحد لصراخها ولم تلحق هبة بها لأنها عندما فتحت هبة الباب كان الرجل يلاحق منة فأسرعت من إلى السطح اقتربت منة إلى حافة سطح العمارة ونظرت له وهددته بألقاء نفسها.


وقف الرجل ينتظر أن تلقي بنفسها وقال :هكذا أفضل سأنتقم لأبي دون عناء أو تخطيط اظن أن هذا الحل الأمثل لكلانا، ستتخلصين من حياتك وأنا سأشعر بالراحة بموتك.


أرتجف كل جسد منة بهذه اللحظة

وسألته :أنت ابن منصور؟

جمال :نعم أنا ابن القتيل الذي قتلتيه واردت تشويه سمعته بعد موته.


هنا صرخت منة وقالت :لا لم أقتله هو الذي قتلني قتل طفولتي براءتي ضحكتي لم يتبقى مني سوى دموعي احزاني التي استوطنت بين ضلوعي.


جمال :وما يبقيكِ بهذه الدنيا بينك وبين الراحة خطوة واحدة نحو الهاوية وستتخلصين من كل هذا لن ارحمك إذا بقي من عمرك يوم واحد لن ينقذك أحد من بين يدي


وضحك ساخرا وقال :الموت خلفك والعذاب أمامك لكِ مطلق الأختيار.


منة بحزن :والله فوقنا جميعا التجأ إليه وارضي بما كتبه لي وصرخت من فوق الحافة وقالت :يااااااااارب يامن انجى يونس من بطن الحوت انقذني من بطش هذا الظالم.


بينما تلتفت منة لتلقي بنفسها ظهرت هبة وقامت بضرب رأس جمال من الخلف بأداة حديدية ثقيلة سقط جمال مغشيا عليه واشارت إلى منة لكي تنزل من فوق السور.


نزلت منة وهي ترتجف ولم تستطع الوقوف على قدمها وسقطت بالأرض ساعدتها هبة على النهوض وأخذت بيدها.


شكرتها منة وهي تبكي ولذت بالفرار دون أن تأخذ اغراضها.


هربت هبة إلى محافظة أخرى وتركت جمال غارقا في دماءه.


ذهبت منة إلى منزل حسن تستغيث به لتعود إلى منزله ولكنها لم تجد اي منهما وعلمت من حارس الفيلا أن حسن وأسرته بمطروح.


ظلت منة تتجول بالشوارع حتى أظلم الليل وبدأت الكلاب تعوي وجدت نفسها بالقرب من المركز التعليمي فدخلت وجلست على الدرج حتى نامت.


بالصباح بينما يفتح العامل المكان استعداد لأستقبال الطلاب فقد بدأ السنتر في دروس العام الجديد بحلول شهر أغسطس.


رأها العامل وسألها لماذا تنام هكذا؟

منة :أين استاذ عمر؟

العامل :مازالت ابنته مريضة وهو الذي يراعاها بمنزله وكلف مدرس اخر بالشرح للطلاب.

منة :من فضلك إتصل به الآن، ليس لدي بهاتفي رصيد واريد التحدث معه.


قام العامل بالإتصال ولكن عمر لم يجيب يبدو أنه مازال نائما.

العامل :الوقت مبكرا ويبدو أنه لم يستيقظ بعد.


منة :هل لي أن ابقى بالداخل حتى يستيقظ؟

العامل :اتفضلي.


بدأ الطلاب يتوافدون على السنتر وشعرت منة بالحرج فليس معها أدوات او كتب دراسية والجميع ينظر للحالة التي كانت عليها والأتربة تتناثر على ملابسها.


خرجت منة من قاعة المحاضرات وذهبت إلى الحمام وقامت بنفض التراب عن ملابسها. 


اتصلت هبة وطلبت من منة ان تلقي بخط هاتفها حتى لايتتبع مكانها جمال إذا نجا من ضربة الراس. 


قامت منة بفعل ذلك دون تردد. 


اتصل عمر بالعامل فأخبره أن هناك طالبة تريد التحدث معها ولكنه لا يراها يبدو أنها غادرت المركز خرجت منة مسرعة بسماع ذلك وخطفت الهاتف من يد العامل. 


منة :أنا يامستر منة هل تتذكرني زرت ابنة حضرتك بالمستشفى. 

عمر :منة نعم اتذكرك بالطبع، كيف حالك؟ 


ابتعدت منة قليلا عن العامل وقالت :أحتاج للتحدث معك في أمر هام لا يحتمل التأجيل. 


عمر: هل لكِ أن تخبريني بما تريدين على الهاتف لأنني منشغل الآن بالتحضير للسفر. 

منة بفزع :ستسافر؟ 

عمر :ايسل تحتاج لإجراء عملية بالخارج حتى تستطيع المشي مرة أخرى تضرر ظهرها بالسقوط من النافذة. 


منة بضعف شديد :لنتحدث لاحقا لا أريد أن أزيد من اعبائك. 


استيقظت ايسل من نومها عندما سمعت بأسم منة وطلبت من والدها أن يعطيها الهاتف. 


تحدثت ايسل إلى منة. 

ايسل :أنا غاضبة منك لأنكِ لم تأتي لرؤيتي منذ وقت طويل. 


منة:أنا اسفة لانني تأخرت في السؤال عنكِ. 

ايسل :تعالي اليوم لرؤيتي لانني لا استطيع السير على قدمي حتى اتي إلى السنتر وأراكِ. 

منة ببكاء :حاضر. 


أصرت ايسل على والدها لكي يحضر منة،عمر يخشى أن يجلب منة إلى المنزل لأنه أعزب ويخشى ان يثار كلام حوله ولكن مع إصرار منة طلب عمر من العامل إحضار منة وأخبر العامل أن منة قريبته من البلدة ولا تعرف عنوان منزله. 


أخذها العامل إلى منزل عمر والذي يسكن بعمارة فاخرة مدخل العمارة مغطى بالكامل بالرخام وبه مرآه كبيرة نظرت منة بالمرآة وخجلت من حالتها المبعثرة وبدأت في ضبط حجابها بهذه الأثناء نزل عمر بالمصعد لكي يستقبلها ويطلب من العامل أن يشتري له بعض الأدوية لايسل. 


التفتت منة إليه لتراه وقد شحب وجهه وضعف بدنه ونقص وزنه. 

منة :مابك هل أنت مريض؟ 

عمر :ليس بي شيئا سوى حزني على ابنتي. 

منة:اطمئن يامستر ستشفى بإذن الله تعالى وتصبح افضل مما كانت عليه. 


أقترب حارس العقار من عمر وأخبره أن زوجته مريضة اليوم ولن تستطيع رعاية ايسل. 


عمر :ماذا افعل الآن لابد من الذهاب إلى مكتب الجوازات لعمل جوازات السفر ولا استطيع تركها بمفردها.


منة :استطيع البقاء معها لحين عودتك. 

عمر :حقا؟ وهل ستوافق عائلتك على ذلك؟ 

منة :نعم لاتوجد مشكلة. 


صعد عمر برفقة منة وأشار لها على غرفة ايسل ورأى كيف استقبلتها ايسل بعناق شديد وفرحة عارمة استطاعت سعادة ايسل أن ترسم الأبتسامة على وجه عمر ومنة بعدما نسي كل منهما الأبتسام. 


شكرها عمر واخبرها بما عليها فعله أثناء غيابه وأهمها اقناع ايسل بتناول الفطار فهي لا تأكل مطلقا منذ الحادث إلا قليل واحيانا تفوت العديد من واجباتها الغذائية بسبب الألم. 


دخل عمر غرفته كي يبدل ثيابه استعدادا للخروج في هذه الأثناء وضعت منة الطعام أمام ايسل وأخبرتها أن هناك ضيوف مدعويين إلى هذا الطعام تسائلت ايسل من هم الضيوف؟ 

منة :أنا ومعي هؤلاء، جمعت منة بعض الألعاب ووضعتهم أمام ايسل وطلبت منها أن تتناول الطعام برفقتهم. 


خرج عمر من غرفته ليرى ايسل تتناول الطعام بمفردها دون ضغط من منة وتطلب من منة ان تتناول معها. 


فرح عمر كثيرا وشعر براحة بدأ يشعر بالأرهاق الشديد مع كل مرة يحاول فيها اطعامها وترفض وجاءت منة بسحرها اقنعتها بتناول الطعام بسهولة ويسر يبدو أن الله منحها هذه الصفة وهي القدرة على الأقناع. 


ذهب عمر ليجهز أوراق السفر وتأخر كثيرا وكان يحدث منة كل نصف ساعة على الخط الأرضي بعدما فشل في الإتصال على هاتفها عدة مرات ليطمئن على ابنته وفي كل مرة تتحدث معه ايسل كان يبدو على صوتها السعادة. 


عاد عمر ليجد منة نائمة بجانب ايسل وتعجب من نوم ايسل متمسكة بيد منة وكأنها تخشى ذهاب منة أثناء نومها. 


عمر يعلم أنه لا يجوز دخول الغرفة بسبب نوم منة بجانب ابنته ولكنه لم يستطع الأنتظار بعيدا فقد ظل معظم اليوم بالخارج ولابد أن ينظر هل تناولت ادويتها أم لا، استيقظت منة بهذه الأثناء بهدوء شديد حتى لا تيقظ ايسل وطلبت منه التحدث بالخارج. 


منة :نامت بصعوبة شديدة فهي تتألم بشدة. 

عمر :وهذا مايؤلمني أراها تتألم ولا استطع فعل شئ حيال هذا الألم. 


منة تقف أمامه ولا تستطيع اخباره بمشكلتها بعدما رأت مايمر به. 


شعر عمر بأنها تريد التحدث معه طلب منها الجلوس وسألها ماالامر الذي لايحتمل التأجيل؟ 


منة :لا أريد ازعاجك وابنتك بهذه الحالة. 

عمر :ماالأمر اخبريني أنتِ طالبتي ومثل ابنتي. 


الفرق بينهما في العمر اربعة عشر عام تقريبا ولكنه يشعر تجاه جميع طلابه بالمسئولية وكأنهم أبناءه.


قصت عليه منة ماحدث لوالدها وجدتها وكيف تخلى شقيق جدتها عنها واصبحت بلا مأوى ولم تستطع اخباره بأن جمال يلاحقها. 


اشفق عمر عليها وتذكر وفاة والدته المفاجئ كوفاة جدة منة. 


عمر :لا استطيع ابقائك معي بهذا المنزل لأنني أخشى أن يسئ الناس فهم ذلك. 


منة :أعلم ذلك جيدا ولكن ماذا افعل؟ هل تسمح لي البقاء بالمركز حتى أجد مكان آخر. 


عمر :وكيف ستبقين بالمركز؟ 

منة :انام على المقعد ليلا وبالنهار اذهب للعمل بأي مكان أو الجلوس على البحر. 

عمر :تنامين على المقاعد! 

منة :أي مكان لن يفرق معي. 


فكر عمر قليلا ثم قال:دعيني اتصل بحارس العقار واسأله إذا كان هناك غرفة بالسطح متاحة للإيجار. 


تحدث عمر وبالفعل وجد غرفة صغيرة وطلب من حارس العقار تجهيزها وطلب من منة الأستقرار بها لحين ان تجد مكان آخر. 


فرحت منة بهذا الحل وشكرته كثيرا. 

قدم لها عمر بعض الأشياء التي قد تحتاجها من مفروشات سرير ومنشفة وسألها عن اغراضها فأخبرته أنها تركتها بمكان وسكتت فشعر أن هناك شيئا آخر تخفيه فلم يتحدث اكثر وقام بتقديم لها ملابس لزوجته. 


صعدت منة واستقرت بالغرفة الصغيرة ولكن بالنسبة لها هي افضل من جميع قصور العالم لأنها لم تتعرض للمذلة من أحد بعد اليوم ستجتهد وتعمل ولن تحتاج لأحد. 


بهذه الأثناء نقل جمال إلى المستشفى بعدما أكتشف حارس العقار وجوده بالسطح مغطى بالدماء. 


نامت منة هذه الليلة ترتجف كلما تذكرت وقوفها على حافة السطح. 


في الصباح استيقظت كي تبحث عن عمل ولكنها تفاجئت بحارس العقار يطرق بابها ويخبرها أن استاذ عمر يريد التحدث معها. 


عرض عمر عليها العمل على رعاية ابنته أثناء انشغاله بتحضير أوراق السفر. 


رحبت منة بالأمر ووافقت دون تردد. 


بعد مرور اسبوع تقريبا استعاد جمال وعيه وادلى بمواصفات منة واتهمها بضربه أثناء تحريه عن عملها المشبوه وعرض صور لها مع هبة كانت ترسلها له هبة بهاتفها. 


أمرت النيابة بالبحث عن منة بينما ذهبت منة ذات يوم تتفقد عودة حسن من مطروح أو عودة حمزة بأجازة من التجنيد رأها أحد رجال المباحث وقام بالابلاغ عنها والقبض عليها. 


باقي الجزء ٢٠

فزعت منة بعدم تم القبض عليها وتذكرت يوم حادثة منصور وبما مرت به بعد ذلك من ظلم وقهر وقررت ألا تستسلم تحدثت بالمحضر بما حدث معها وأن هبة هي التي ضربته كي تدافع عنها ولكن لم يصدقها أحد.


طلبت من رجال الشرطة إستدعاء عمر فاسرع إلى القسم واستطاع مقابلتها بعدما طلب من قريب له التوسط له حتى يستطع مقابلتها.


قصت عليه منة ماحدث معها منذ الطفولة وماتخفيه عنه بأنها تتعرض لبطش جمال وظلمه وبأنها بريئة من هذه التهمة.


عمر :الهذا تخشي أن يلمسك أحد؟

منة :نعم بسبب منصور ومااراد فعله بي أنا حقا طعنته حتى يبتعد عني ولكن لم ارد قتله أما جمال فلم اضربه مثلما يتهمني.


قام عمر بتصديق كلامها واستنكر أن تعمل بأعمال تنافي الآداب لأنها تخشى أن يلمسها احد. 


بالقسم شعر عمر أن منة تتعرض لمؤامرة دنيئة وأن هناك ضابط بالقسم يريد اثبات التهمة عليها دون دليل، لم يحتمل بأن يستضعف هذا الضابط هذه الفتاة الصغيرة ويزج بها في السجن ظلما.


وكل عمر محامي لمساعدة هذه الفتاة اليتيمة وتخيل لو ابنته هي التي حدث معها هكذا بعد وفاته مما زاده إصرارا وعزما على مساعدتها.


بمرور الأيام استطاع المحامي اكتشاف مكان هبة واستدعاها للشهادة فلم تنكر واقرت أنها فعلت ذلك من أجل مساعدة منة حين أراد جمال أن يلقي بها من أعلى السطح. 


أنكر جمال ذلك وظل التحقيق مستمر معه ومع هبة بينما تم الأفراج عن منة. 


شكرت منة عمر كثيرا لأنه صدقها ودعمها. 


عمر :استفزني أن يستعرض هؤلاء الرجال قوتهم وظلمهم على فتاة صغيرة مثلك ولن ادع يد احدهم تصل إليكِ. 


عادت منة برفقة عمر وشكرت ربنا لأنه أرسل لها إنسان بطيية قلب عمر كي يساعدها. 


حمزة بالجيش شعر بأنه يفتقد منة أكثر من افتقاده لميار يتذكر منة حين يقدم على تناول الطعام وحين يقدم على قراءة كتاب بسبب عشقها للقراءة حين يستيقظ وحين ينام لا يفكر إلا بها ادرك حمزة عندما ابتعد عنها كم يحبها 

وأنه لايشعر بالسعادة إلا حين يتحدث معها ولا يحب تناول الطعام إلا برفقتها وخاصة الطعام الذي تعده بيدها 

وأنه إذا تزوج بميار ستتشابه حياته بحياة والديه لأن ميار تحب الخروج والتسوق اكثر من حبها للبقاء بجانبه وتناول وجبة معه. 


قرر حمزة أن يصارح منة بأول اجازة له. 


مرت الايام واقترب موعد سفر عمر وكان يرى بعينه مدى الخوف والفزع بعين منة كلما اقترب موعد سفره. 


ذات يوم مساءا إتصل صديقه في القسم وأخبره ان جمال اطلق صراحه، شعر عمر بالقلق على منة وخشي أن يتركها وقرر أن يعرض عليها أن تسافر معه كرفيقة لابنته المريضة. 


وافقت منة على الفور،حاول عمر استخراج فيزا لها فعجز عن ذلك لأن عمرها مازال سبعة عشر عاما ولا تستطيع السفر دون موافقة وليها، اضطر عمر لطلب توقيع حسن على أوراقها لم يتردد حسن لأنه يريد التخلص منها. 


هنا نشأت حرب جديدة بين محاولة جمال منعها من السفر وبين عمر الذي مستعد لفعل أي شئ لمساعدتها وانتهت بفوز عمر ونجح في استخراج أوراق سفرها. 


بعد مرور عدة أيام 

حمزة بطريقه إلى المنزل بينما منة بطريقها إلى المطار هل سيستطع حمزة اللحاق بها. 


                  الفصل  العشرون من هنا 

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات