رواية اسيرة الماضي الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم رانيا البحراوي

 

 رواية اسيرة الماضي 

الفصل الواحد والعشرون 21

بقلم رانيا البحراوي


أمسك حمزة بالورقة التي تحتوي على رقم هاتف المهندسة وبعدما طلب الرقم وسمع دقات الجرس نظر بالورقة ليكتشف أنها لا تحتوي على إسم بينما اردا إنهاء الأتصال قامت المهندسة بالرد.


فكر حمزة كيف يتدارك الموقف وهو لايعرف اسمها فقام بتحيتها وعرفه بنفسه أنه المهندس المسئول تحديث أجهزة الشركة.


منة :أهلا بحضرتك مساعد حضرتك تواصل معي واخبرني بالمشكلة التي تواجه شركتك ويؤسفني أن اخبرك انني لا اوافق على مقترح شركتكم.


حمزة بغضب :لماذا؟ اتمنى من حضرتك التعاون معنا وتفهم موقفنا.


منة :لن يدخل جهاز واحد الموقع قبل الأنتهاء نهائيا من عمل التجديدات.


حمزة :لدي اقتراح آخر مارأي حضرتك في التعاون الجزئي بمعنى كلما انتهت شركتكم من طابق ارسل موظفيني لأمداده بالأجهزة اللازمة؟


منة :لا لن يدخل موظف واحد من شركتكم إلى الموقع.

حمزة :هكذا سيتعطل عملنا بسببك.


التقط حمزه نفسا عميقا حتى لا تثير غضبه ويهاجمها بالكلام ثم قال :مارأيك أن اضع الأجهزة بالجراج وهكذا لن يعمل اي من موظفين شركتي قبل انتهاء عمل شركتكم؟


منة :مازال الجراج يحتاج للكثير من العمل.


هنا غضب حمزة وقال :أرى أن حضرتك تصرين على رأيك وترفضين التعاون رغم أن المساعد اخبرك ان هناك أموال كثيرة تخسرها شركتي بسبب الرسوم التي تدفع يوميا بالميناء لانني ليس لدي مكان انقل في الاجهزة.


منة :لا أهتم.


انتهت المكالمة وشعر حمزة بضيق شديد وطلب من موظفيه اجتماع عاجل لحل هذه المشكلة.


بعد عدة مقترحات رفضها حمزة دون تفكير، اقترح احد الموظفين أن يذهب حمزة بنفسه لمقابلتها بمقر الشركة ورؤية المكان على الطبيعة كي يجد الحل الأمثل اقتنع حمزة الأقتراح وقرر الذهاب لمقابلتها.


في اليوم التالي ذهب حمزة إلى مقر الشركة ونسي ايضا السؤال عن اسمها سأل العمال بالموقع عن المهندسة المسئولة فأخبره العمال أنها بهذا الوقت تكون بموقع آخر

طلب حمزة العنوان وذهب إلى هناك وبعد أن وصل إلى هناك اتصل بمساعده الخاص ليسأل عن اسمها.


المساعد :مهندسة مريم تقريبا.

الموقع الآخر عمارة تحت الأنشاء وظل حمزة يسير وسط الرمل والزلط حتى يصل إليها وكان ينظر إلى حذائه الجلدي ويحزن لما اصابه بعدما قضى وقت طويلا في تلميعه صباحا، وتصبب عرقا لأنه يسير تحت حرارة الشمس.


رأى حمزة تجمع عمال فذهب إليهم وعندما وصل إلى هناك كانت منة تقف بالمنتصف ولكن حمزة لم يراها بسبب التفاف العمال حولها وكأنها مدرسة صفت الطلاب وبدات في توبيخم سكت الجميع ولايوجد غيرها يتحدث

ولا أحد يراجعها في قرارتها او يناقشها الجميع فقط يستمع لها.


شعر حمزة بصعوبة موقفه برؤية وجوه العمال وخوفهم منها.


انتظر حمزة حتى انتهت من حديثها مع العمال وطلبت من كل واحد فيهم الذهاب إلى عمله، تفرق العمال واقترب منها حمزة بينما تزال غاضبة.


وقف حمزة خلفها والقى عليها تحية السلام كي تلتفت له ولكنها كانت منشغلة بالنظر إلى مخططات الموقع قام حمزة بلمس كتفها بأحد اصابع يده فأنتفضت والتفتت لتحاسبه على ذلك.

باقي الجزء ٢٢


التفتت منة ورأت وجهه ،ظنت لوهلة أن عقلها يخيل لها

أو قلبها ازداد الشوق بداخله إليه فأصبحت الأحلام تراودها وهي مستيقظة بعدما كانت تروادها فقط في نومها، انزعجت منة من عقلها وقلبها ولم تفيق من تخيلها إلا وقتما بدأ حمزة في الحديث معها.


حمزة :أعتذر مهندسة مريم على ازعاج حضرتك.

منة بحزن :مريم؟ منة وليس مريم.

حمزة :اعتذر لازعاجك مهندسة منة وبدأ يقدم نفسه.


حزنت منة جدا عندما بدأ يخبرها بأسمه تأكدت فعلا أنه لم يتعرف عليها فلم تذكره بنفسها، حزنت لكونها تراه دائما ويفتقده قلبها وهو لايتذكر اسمها.


منة بهذه اللحظات كانت ترتدي خوذة ونظارة شمسية ويغطي وجهها الغبار ولذلك لم يتعرف عليها حمزة ولكن هذا لا يعني ان قد نسيها.


وقفت تستمع إليه ولأقتراحه بدخول الأجهزة الموقع.


منة بحزن :سأفكر في الأمر وأعاود الاتصال بك.

بمجرد أن انتهى حمزة من حديثه استأذن وذهب على الفور دون أن ينظر خلفه لأنه لن يحتمل البقاء بموقع الأنشاء اكثر من ذلك.


ظلت منة تترقب خطواته حتى ركب سيارته وغادر وكأنه حلم اتي إلى عينها وانتهى بمجرد أن فتحت عينها، اهتز داخلها للحظات وارتجفت يدها وسقطت المخططات التي كانت تحملها، خفق قلبها بقوة وتسارعت نبضاته، دمعت عينها فرحا وشوقا ازداد برؤيته، كان حبه كامن بين ضلوعها وبرؤيته ثار وفاض واصبح كالطوفان يعترمها.


لم تستطع الوقوف على قدمها فجلست على صف من الطوب الذي يستخدم في البناء.


اقترب منها أحد العمال يسأل عما اصابها.

منة :أنا بخير أريد فقط زجاجتي من السيارة.


أسرع العامل إلى سيارتها وجلب لها الماء.


ظلت منة هكذا لبعض الوقت حتى استعادت قوتها وغادرت الموقع بسيارتها.


عمر بهذا الوقت جالسا بالمنزل يفكر بها وكيف يستطع أن يغير نظرتها له من مجرد اب او اخا يكبرها إلى علاقة زوجين.


عادت منة ودخلت غرفتها هادئة ساكنة على غير عادتها فكانت تعود يوميا وتملأ المنزل سعادة بأبتسامتها وطاقتها وحيويتها.


نظر عمر إلى ايسل يتعجبون من الحالة التي عليها منة.

طرق عمر باب غرفتها ولكنها لم تجيب اسرعت إلى حمام غرفتها الخاص لتزيل عنها أثر العمل والحقيقة أنها ارادت الهروب كعادتها بالماضي.


اصبحت منة تنادي عمر بابا بعدما اثارت كلمة مستر تساؤلات عديدة من شقيقة عمر واصدقاؤه.


اقترحت منة هذا الاسم وقالت هناك زوجات ينادون أزواجهم بابا ووافق عمر لأنه متأكد أنها لن تكون قادرة على أن تناديه بإسمه دون ألقاب ولم يرد الضغط عليها.


في اليوم التالي انتظر حمزة ان تحدثه هذه المهندسة المتعجرفة من وجهة نظره ولكنها لم تتصل عاود حمزة الأتصال بها وكانت تتناول الفطار بصحبة عمر وايسل بمجرد رؤية اسمه بدأت نبضات قلبها تتسارع مع دقات جرس الهاتف ولاحظ عمر ذلك.


عمر :من المتصل بهذا الوقت المبكر؟

منة :أنه إتصال خاص بالعمل سأعاود الإتصال بهم في وقت لاحق.


ايسل :انتظرتك بالأمس حتى تأتى إلى غرفتي لتراجعي مع دروسي ولكنك لم تخرجي من غرفتك ونمت دون أن اعناقك.


منة:اعتذر منكما كنت مرهقة جدا ولذلك نمت فور خروجي من الحمام.


عمر :دون أن تصلي.

منة :صليت بالطبع مثلما علمتني الصلاة قبل أي شئ.


تناولت منة القليل من الطعام وغادرت على الفور بالطريق تلقت إتصال من حمزة مرة أخرى وقامت بفتح مكبر الصوت لأنها كانت تقود السيارة.


حمزة :صباح الخير مهندسة مريم.

منة :منة يابشمهندس وليس مريم.

حمزة :أعتذر فهذا اسم شقيقتي ولذلك اختلط علي الأمر.

منة :لا داعي للاعتذار.

حمزة :اسف للازعاج ولكن تعلمين جيدا أن كل يوم يمر تتكلف شركتي مبلغ كبير ولذلك لم انم طوال الليل وانتظرت إتصال حضرتك طويلا.


منة :مازلت افكر في الأمر.

حمزة :لدي عدة اقتراحات ارجو ان يفيد احدهم في حل هذه المشكلة.


منة:أنا اقود السيارة الآن هل لك أن تحدثني في وقت لاحق.

حمزة :اسمحي لي مقابلتك والتحدث وجه لوجه.

منة :أنا في طريقي للموقع تستطيع التحدث معي هناك.


حمزة :اي موقع؟ هل موقع الانشاء ام بالشركة التي تقومين بتجديدها.


منة :الانشاء.

حمزة :هذا الموقع دمر حذائي بالأمس ولكن استطيع التضحية بحذاء اخر من اجل العمل.


مازالت منة لا تصدق أنها تسمع صوتها مازالت تتهم الأحلام بأنها تروادها وتخيل لها صوته فقط لكي تسعدها.


جلست منة بالموقع تنتظره العمال يمرون أمامها ويتعجبون من حالها فهي طوال فترة بقائها في الموقع لاتهدأ ابدا ولا تجلس لحظة واحدة.


وصل حمزة إلى الموقع ومع اوراق بيده وبدأ يخطو نحوها ومع كل خطوة من خطواته تتسارع نبضات قلبها.


رأها حمزة تجلس على الطوب بالأرض سألها هل استطيع التحدث معك بالسيارة.


منة :سنتحدث هنا، اجلس.


التفتت حمزة يمينا ويسارا واخذ وررقة من الاوراق التي بيده وضعها على الطوب كي لا تتسخ ملابسه محاولا رسم ابتسامة على وجهه رغم انه اصبح لايطيق التحدث معها بسبب تعسفها وعدم تعاونها.


حمزة :انظري إلى هذا المبني الملحق بالشركة حضرتك انتهيتي من تجديد معظم مكاتبه إذا سمحتي لنا بنقل

الأجهزة، قاطعت منة كلامه وقالت موافقة.


فرح حمزة كثيرا وظل يشكرها وهو يفكر في الأمر الذي جعلها تعدل عن قرارها. 


ارادت منة أن ينتهي الم قلبها الذي كاد أن ينفجر بجانبه وهو لابشعر بها ولكن بنهاية اللقاء اخبرها أن وجهها مألوف بالنسبة له وهو يحدث نفسه انه لم يرى من قبل متعجرفة مثلها.


لم ترد عليه منة لأنها ارادت ان يتذكرها بنفسه دون أن تذكره هي.


غادر حمزة الموقع على الفور واتصل بشريكه في العمل وصديقه يخبره أن المشكلة تم حلها.


صديقه :كيف؟ بهذه السرعة؟ بالأمس جميع الموظفين يأسوا من حل هذه المشكلة، يبدو أن المهندسة لم تقاوم جاذبيتك. 


حمزة :هي جميلة جدا ولكنها متعجرفة وشديدة العصبية العمال جميعهم يرهبونها. 


صديقه :من فضلك تحملها حتى ينتهي هذا العمل لأن الشركة لن تحتمل خسارة اي أموال أخرى.


نقل حمزة أجهزته في المبني الملحق وبدأ التواجد في الموقع للاشراف على وضع الاجهزة بالمكان المتفق عليه. 


بينما حمزة ينظر من المبني رأى من بعيد منة توبخ أحد العمال أمام الجميع والعجيب في الأمر أن العامل اسرع ينفذ اوامرها دون أن يتأخر لحظة واحدة. 


نظر حمزة إلى أحد أفراد الأمن بالمشروع وقال انظر كيف تعال هذه المهندسة عمال شركتها وكأنهم خدمها لابد وأن تتعامل معهم باحترام وليس بهذه الطريقة.


ابتسم فرد الأمن وقال :كنت افكر مثلك بأول يوم لهذه المهندسة وعمالها ولكن انتظر لترى مايحدث بينها وبين عمالها بنهاية اليوم. 


مرت عدة ساعات وحمزة يشرف على وضع الاجهزة بنفسه خوفا من تلفها أو كسر اي جزء منها بنهاية اليوم وقف حمزة بالنافذة يحتسي كوب من القهوة ورأى شيئا عجيبا. 


                 الفصل الثاني والعشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات