رواية اسيرة الماضي الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم رانيا البحراوي

 

 رواية اسيرة الماضي 

الفصل الرابع والعشرون 24

بقلم رانيا البحراوي


عندما خرج حمزة لأستقبال منة صعدت مريم لكي تخبر والديها بوصول منة وتركت صغيرها الرضيع على الأريكة نائما.


بينما تطأ منة قدمها اول خطوتها تذكرت ذلك اليوم الذي خرجت فيه من المنزل لا تعلم إلى أين تذهب أو مالذي ينتظرها طردت من المنزل الوحيد الذي به اشخاص تعرفهم وكانت تظن أنها تنتمي لهم.


لم يعلم حمزة أنه تم طردها اخبرته والدته أنها تشاجرت مع مريم وتركت المنزل بأرادتها ومع تباطئ خطوات منة ظن حمزة أنها تذكرت مشكلتها مع مريم واعتذر لها.


أدركت منة أنه لايعلم أنه تم طردها لم تخبره بشئ حتى لاتتحدث فجوة بينه وبين والديه.


وقعت عين منة على الطفل فاسرعت إليه وحملته ظنا منها أنه ابن حمزة ونظرت بوجه الطفل ثم نظرت إلى حمزة وقالت يشبهك كثيرا.


حمزة بابتسامة :كل من يراه يخبرني بذلك.

منة :أين والدته.


ظن حمزة أن منة لاتريد ذكر اسم مريم بسبب مشكلتهم سويا لم يكن يظن مطلقا أنها تظنه ابنه.


حمزة :كانت تجلس بجانب الطفل منذ لحظات يبدو أنها صعدت لتخبر والدي بقدومك وتساعد ماما على ارتداء ملابسها.


جلست منة تنظر حولها المنزل كما هو لا يتغير به شيئا

سألت منة عن يونس وعلمت أنه يتمرن كرة قدم بالنادي.

وحزنت لأنها كانت تتشوق لرؤيته بعد أن كبر. 


أخرج حمزة هاتفه ليريها صور ليونس كانت سعيدة جدا برؤيته وقالت هل مازال يتذكرني؟ 

حمزة :وهل يعقل أن يتعرف عليكِ أحد وينساكِ. 

بعد قليل إتصل والد حمزة يخبره أن يجلب له منة لأنه لن يستطيع النزول.


وضعت منة الطفل بمكانه وطلب حمزة من مدبرة المنزل أن تهتم به لحين نزول امه وصعدت برفقة حمزة لمقابلة حسن، طرق حمزة الباب ووقفت منة بالخارج.


حسن بلهفة :أين هي؟

حمزة :معي ياابي. وأشار لمنة بالدخول.


حسن :سامحيني كم دعوت أن يطيل الله في عمري حتى أجدك واطلب منكِ السماح.


منة بخجل :عفوا ياجدي لاتطلب مني السماح أنا لم احمل ضغينة أو كره لأي منكم رغم ماحدث.


بدأ حمزة يشعر من كلام والده أنه لم يقتصر على مجرد ان والده قصر في حقها ولم يبحث عنها حين تركت المنزل وبدأ يدرك أن ذنب والده أكبر من ذلك وهنا سألهم

هل هناك شيئا لم اعلمه؟


حسن ببكاء :نعم يابني هي لم تغادر المنزل مثلما اخبرتك والدتك، نحن طردناها بعد وفاة عمتك.


حزن حمزة ونظر لها بشفقة وحزن ودمعت عيناه وقال لوالده :طردتها بعد وفاة والدها وجدتها وأنت تعلم جيدا انه لايوجد مكان آخر تذهب إليه.


حسن بندم وحزن :آسف يابنيتي سامحيني سأظل اطلب منكِ السماح حتى تخبريني انكِ سامحتيني.


منة :سامحتك كفى لا تخجلني أكثر.

حسن :أنتِ التي اخجلتيني.


ظلت منة تجلس بجانب حسن تسمع كلماته عن جدتها وتتمنى أن لا يتوقف عن الكلام، الذكرى تحيي القلب وتحيي الألم ايضا ولكن ماأحلى ان يكون الحديث عن شخص اشتقت لرؤيته اشتقت لسماع اسمك من فمه

افتقدت كثيرا لتلك السعادة التي كانت تملأ وجهه بمجرد أن يراك، تتمنى لو طال الحديث ولو ينتهي أبدا لأنك طيلة الحديث عنه تشعر وكأنك تراه وبأنتهاء الحديث تعود إلى عالمك مرة أخرى وتتذكر أنك اصبحت عاجزا عن رؤياه.


حمزة يشاهدهم وسعيد لأن والده اعترف بخطئه وسعد اكثر بموقف منة التي لم توجه كلمة لوم واحدة أو عتاب لوالده.


بعد قليل

ورد منة اتصال من عمر فقد أراد أن يطمئن عليها لأنه يعلم جيدا بأنها لم تذهب إلى هذا المنزل بأرادتها وإنما اجبرت على ذلك بعد أن اصر حسن على رؤيتها.


نظرت منة بالهاتف وقالت عفوا واجابت على الإتصال.

منة :بخير يابابا اطمئن، حاضر لن اتأخر، لا لم يزعجني أحد.


حمزة يظن أن من تكفل بها رجل بعمر والدها ولذلك تناديه بابا لم يتخيل مطلقا أنه رجل بمتوسط العمر.


بعد انتهاء مكالمة عمر.

حمزة:يبدو أن والدك يخاف عليكي. 

منة:نعم يهتم بي جدا. 

حسن :احكي لي يابنيتي ماحدث لكِ منذ خروجك ومن هذا الرجل وكيف وثقتي به؟ 

منة :إنها حكاية طويلة ولا يوجد اليوم متسع من الوقت لكي ارويها لكم، سأكتفي اليوم بزيارتكم ورؤيتكم ولنا لقاء آخر لابد وأن تتعرفوا عليه يوما. 


حمزة :بالطبع، هيا كي نذهب لغرفة والدتي هي ايضا مريضة ولن تستطع النزول لمقابلتك. 


علمت منة أنه حان الوقت للقاء زوجة حازم لأنها تعرف أنها بغرفة والدته وفكرت كثيرا ماذا تفعل وكيف سيكون هذا اللقاء وهل ستشعر زوجته بما في قلبي، تمنت من قلبها أن يمر هذا اللقاء بخير. 


بمجرد دخول مريم ورؤية والدة حمزة، حزنت منة كثيرا على الحالة التي وجدتها عليها وكيف تبدلت ومافعله بها المرض تساقط شعرها التي كانت تعتني به وانفقت عليه الكثير من النقود لم تعد ينفعها مجموعة العناية بالبشرة التي كانت أولى اهتمامتها. 


اقتربت منة منها وسلمت عليها وتمنت لها السلامة وغادرت الغرفة على الفور فلم تستطع البقاء أكثر من ذلك. 


بذلك الوقت نزلت مريم لكي ترعى صغيرها قبل أن تراها منة. 


حمزة :إلى أين؟ أريد أن تري غرفتي وكم الروائع التي توجد بمكتبتي. 


رفضت منة احتراما لزوجته وقالت لاحقا ليس لدي متسع من الوقت. 


بينما تنزل منة على الدرج زلت قدمها فكادت تسقط فامسك حمزة بيدها وهنا كانت المفاجأة لحمزة حيث أنها لم تخشى لمسته ولم يرتجف جسدها. 


حمزة بفرحة :كيف، هل انتهى فزعك من اللمس. 


ارتبكت منة ولم تعلم كيف تجيبه وبماذا تجيبه بأنه الوحيد القادر على أن يلمس يدها دون أن يثير خوفها. 


ابتسمت منة ولم تجيبه، فكر حمزة قليلا واخبرها بما أخبره به العامل بالموقع أن الجميع يحذر من عدم لمسها وأن جميعهم يعلمون بفزعها فلماذا لم يحدث ذلك الآن. 


تهربت منة من الإجابة مما أثار فضول حمزة وجعله يريد معرفة بالحقيقة. 


نزلت منة وتقابلت مع مريم بالأسفل وكان يبدو على مريم الخجل بشدة لدرجة انها لم تجرؤ على النظر بوجه منة وظلت تنظر إلى الأرض. 


منة:سعيدة برؤيتك لم تتغيري كثيرا سوى تغيير واحد. 

نظرت مريم وقالت :ماهو؟ 

منة :أصبحت أكثر جمالا. 


مريم :شكرا. 


استطاعت منة بجمال شخصيتها ان تزيل اعباءهم جميعا بمجرد مقابلتها والنظر بوجهها تناثرت هموهم وتخلصوا من تأنيب ضمائرهم. 


أوشكت منة على الذهاب قبل أن تقابل زوجة حمزة فسألت حمزة :أين زوجتك؟ 

حمزة بضحك :زوجتي؟ 

منة : نعم زوجتك والدة هذا الطفل. 

حمزة :أنا لست متزوج. 

منة بسعادة :حقا! 


خفق قلبها بقوة وتسارعت نبضاته احتلت جيوش من السعادة قلبها لم تعد قادرة على التقاط انفاسها وكأنها إذا تنفست الآن سيلتفت حمزة لكم السعادة التي تغزو قلبها. 


ولكن ماتخشاه حدث فعلا وانتبه حمزة لكم السعادة التي تتلألأ بعينها. 

حمزة:أرى أن الخبر اسعدك. 

منة بخجل :عن أي شئ تتحدث، أنا لا افهم شيئا فقد تأخرت كثيرا ولابد أن أذهب الآن. 


خرج حمزة برفقتها قالت له مع السلامة 

حمزة :إلى لقاء قريب. 


شعرت منة بأن قلبها لم يتسع بصدرها لما يحمله من سعادة غمرتها السعادة سيطرت على كل حواسها. 


فرح حمزة كثيرا بما حدث معها وأدرك أنها مازالت تحبه وتحفظها طيلة الايام السابقة ماهي إلا بسبب اعتقادها بأنه متزوج. 


أسرع إلى والده وتحدث كثيرا معه عن منة، فهم حسن مشاعر ابنه وسعد بها كثيرا وأوصاه على منة مثلما سبق وأوصته عمته من قبل. 


عادت منة إلى المنزل استقبلها عمر علي الباب وكان يتضح عليه القلق بشدة بسؤالها فهم مدى السعادة بصوتها وخاصة حين علمت بأن حمزة لم يتزوج. 


عمر :قد يكون هناك فتاة بحياته. 

منة :لا أظن ذلك نظراته اليوم الي كانت تخبرني بشئ لم افهمه إلا عندما علمت بأنه غير متزوج. 


نظرات يملؤها الامل والسعادة الاهتمام لابسط الأشياء واصغرها ألا يعني كل ذلك أنه معجب بي. 


لم يرد عليها عمر وعاد إلى غرفته. 


في اليوم التالي ذهبت منة للموقع الذي يعمل به حمزة لكي تباشر العمل نيابة عن زميلها. 


تفاجئ حمزة برؤيتها كثيرا وبدت عليه السعادة بشدة ذهب وتحدث معها وقام بدعوتها على الغداء. 


قبل موعد الغداء بدقائق أتصل عمر يخبرها أن ايسل سقطت على الدرج بالمدرسة ونقلت إلى المستشفى. 


فزعت منة وغادرت الموقع بسيارة أجرة على الفور دون سيارة الشركة. 


وصلت إلى المستشفى وظلت بجانب ايسل أثناء الفحص بينما ينتظرهم عمر بالخارج. 


بحث حمزة عنها وقت الغداء فلم يجدها قام بالإتصال على هاتفها وكان بذلك الوقت الهاتف بيد عمر. 


من ارتباك عمر وخوفه على ابنته لم ينظر بأسم المتصل 

حمزة :أليس هذا هاتف البشمهندسة منة؟

عمر :نعم، هل أنت من موقع العمل؟ 

حمزة :نعم، اريد التحدث معها. 

عمر :ليست متاحة الآن.

حمزة :من أنت؟ هل أنت والدها؟


بماذا سيجيب عليه عمر؟


                الفصل الخامس والعشرون من هنا 

تعليقات