أخر الاخبار

رواية ظل الاثم الفصل الثاني عشر 12بقلم رانيا البحراوي

        

 رواية ظل الاثم 
الفصل الثاني عشر 12
بقلم رانيا البحراوي


ظلت مريم تستمتع بحيرته وهو يبحث عنها بكل مكان تشاهده وتبتسم دون أن تقترب منه.

لاحظ عاصم نظراتها لها وابتسامتها فأقترب منها يدقق النظر بوجهها وسألها بتعجب :مريم!

وقفت مريم وردت مبتسمة :نعم هي لماذا مررت من جانبي ولم تلاحظني.

عاصم :تغيرتي كثيرا، في الوقت الذي كنت ابحث فيه عن مريم الصغيرة التي كانت ترتدي جينز متقطع وطرحة صغيرة، كنتِ أمامي بهذا الجلباب الطويل والحجاب.

مريم :ملابسي فقط التي تغيرت؟
عاصم بخجل :وانتِ ايضا تغيرتي.

اقترب عاصم من عربة الحقائب يدفعها فقالت مريم :ولكنك لم تسلم علي بعد.

سلم عاصم عليها فأرتجفت يدها فسألها :لماذا ترتجفين؟
هل أنتِ مريضة؟
مريم :لا لا لست مريضة متوترة فقط.

عاصم :لماذا لم تقتربي مني عندما رأيتيني وتعرفتي علي؟
مريم :اردت ان تتعرف علي بنفسك.

مريم بالسيارة تفكر في هذا اللقاء الذي كانت تنتظره منذ سنوات وحلمت بأنه قد يخرج من المطار ممسكا بيديها او يمد لها ذراعه كي تتشبث به ولكنها خرجت من المطار تمشي بجانبه كأنها انسانة غريبة عنه.

وصلوا إلى الشقة التي استأجرها لها وطلب منها أن تستريح حتى يذهب ويشتري لها بعض الطعام.

اسرعت مريم وبدلت ملابسها وقامت بفك شعرها ووضعت بعض الزينة بوجهها وجلست تنتظره.

فتح عاصم الباب وتفاجئ بها وكأنها فتاة لم يراها من قبل،كم كانت جميلة وهادئة تجلس خجلة مستكينة.

أسرع عاصم إلى المطبخ وأحضر الأطباق وطلب منها أن تتناول الطعام بمفردها لانه ليس جائع الآن.

مريم :أنا ايضا لست جائعة تناولت الطعام بالطائرة مع سيدة جميلة ستتعجب إذا عرفت إسمها.

عاصم بحزن :صفاء؟
مريم :نعم.

عاصم :اشتقت إليها وما جلبتك إلى هنا إلا تنفيذا لوصيتها.

مريم :كيف ألم تشتاق لي وتحتاج لوجودي معك؟
عاصم :وهل كنت من عشاقك حتى اشتاق لكِ؟

مريم ببكاء :كيف جرؤت على قولها، ألا تخجل من ذكر هذه الكلمة أمام زوجتك التي عقدت قرانك عليها وقريبتك التي تربت على يدك ويد والدتك؟

عاصم :تألمتي لسماع كلمة عشاقك؟ فماذا أفعل أنا عند سماع ورؤية دليل على ذلك.

مريم :عن أي دليل تتحدث؟ انا لا افهم شيئا؟
عاصم :دليل على وجود احدهم بحياتك.

مريم :انا؟ هل تحدثت للتو عني انا؟

اخرج عاصم هاتفه وعرض عليها الرسائل والصور التي ارسلت له.

مريم :وهل صدقت مابها دون أن تسألني؟ وصرخت وهي تنادي أين انتِ ياصفاء لتخبري ابنك من أكون.

عاصم :اتظني بذلك قد اكذب عيناي واصدقك.
مريم :يبدو أنك اصدرت حكمك ولن يفيد الكلام، لن اخبرك اصل هذه الصور ولا هذه الرسائل لأنك لاتستحق ذلك.

عاصم :كان من المحتمل ان اكذب هذا وأسألك اولا لولا اصلك الذي يعرفه الجميع جيدا، أليس الفتاة ظل أمها على الأرض؟

بكت صفاء وسألته :لماذا احضرتني إلى هنا ولم ترسل لي ورقة الطلاق طالما تسئ التفكير بي هكذا؟

عاصم :حتى لا يساء إلى اسمي اكثر من ذلك؟ وبسبب وصية أمي.

مريم :اهكذا اوصتك أمك، اهانتي ورمي بالتهم بالباطل؟
عاصم :لانها لم تعرفك جيدا.
مريم :أنت الذي لم تعرفني مطلقا.

دخلت مريم الغرفة وأغلقتها عليها وظلت تبكي بصوت مرتفع، شعر عاصم بالضيق الشديد بسماع بكائها.

استلقى عاصم على الأريكة وبالفجر استيقظ كي يصلي
فرأها وهي تخرج من الحمام بعد أن توضأت.

بعد أن توضأ دخل الغرفة كي يأخذ سجادة الصلاة فرأها تبكي بصمت وهي تصلي جالسة تنطق الشهادة والدموع تتساقط منها معلنة عن شعورها بالألم نتيجة ظلمها.

بعد أن انتهى من الصلاة عاد لينظر لها فرأها وهي تقرأ القرآن ودموعها مازالت تنهمر على وجنتيها.

جلس أمامها وهو ينظر لوجهها وقال :بخجل يبدو انني اذيتك بحديثي.

مريم :يبدو! لا يبدو وانما تأكد إنني تأذيت بكلامك هذا بأذى لم اعهده من قبل، اعتادت على أن اسير بالشارع واسمع من يتهمامس حولي وحول امي بالسوء ولكنني لم أظن أن ستكون قاسية جدا عند سماعها منك.

انهارت بالبكاء وسألته :متى رأيت مني مايجعلك تسئ الي هكذا، هل أمسكت بي وانا اتحدث مع غريب بالشارع أو امسكت بي وانا اتحدث هاتفيا بالسر بعد منتصف الليل وصرخت وقالت :لماذا تصمت؟ اجبني.

عاصم :ماسبب هذه الرسائل إذن؟ اخبرتك من قبل انك لن تستحق الاجابة عن هذه الاسئلة طالما اصدرت حكما مسبقا دون أن تسمعني لايحق لك الان ان تسألني.

طلبت منه مريم ان يغادر الغرفة ونامت واستيقظت مرة أخرى بعد ثلاث ساعات كي تصلي صلاة الضحى.

في هذه الاثناء دخل عاصم الغرفة واخد بعض ملابس الخروج وسألها ماذا كانت تصلي؟

مريم :صلاة الضحى انسيت ان صفاء كانت تيقظنا بالقوة كي نصلي الضحى بهذا الوقت وتقول انها تعادل تصدقك بثلثمائة وستون صدقة.

عاصم :نسيت منذ أن سافرت لم اصليها بسبب العمل.
مريم :يبدو أن سفرك انساك الكثير.

عاصم :حضرت لكِ الفطور.
مريم :لا أريد منك شيئا.

عاصم :انا سأذهب لزيارة مريض وسوف اتأخر بالعودة.
مريم :لم اسألك.

ظل عاصم طوال الطريق يتذكر بكائها وحزنها وشعر بمدى الظلم الذي وقع عليها.

عندما عاد عاصم بمنتصف الليل وجد طاولة الطعام كما تركها وكأنها لم تقترب منها وكانت نائمة.

خشي عاصم ان تضعف بسبب عدم تناول الطعام وودخل الغرفة وجلس بجانبها وظل يحاول ايقاظها، قامت مريم مرتجفة وطلبت منه ان لايحاول لمسها مرة أخرى.

عاصم :اعتذر ولكنني اردت ان تتناولي طعامك.
مريم :لا اريد تناول شيئا.

عاصم :اعتذر لانني كنت سببا في حزنك.
مريم :فالتحتفظ بأسفك لنفسك واتركني كي أنام.

عاصم :متى تعلمتي القسوة هكذا.
مريم بسخرية :تعلمتها منك يامعلمي ومربي الفاضل.

خرج عاصم وهو آسف حزين.

في اليوم التالي ذهب عاصم ايضا إلى المستشفى ولم تسأله من يزور بالمستشفى او متى سيعود.

شعرت مريم بالجوع ولكنها لم تجد شىئا تأكله فقد تلف الاكل الذي تركه لها.

نزلت مريم كي تشتري شيئا من الماركت اسفل العمارة ولكنها لاحظت ان الجميع ينظر لها ولا تفهم السبب عاد عاصم وقام بسحبها من يدها بالقوة وصرخ بوجهها وقال الا تعلمين ان النساء هنا تخرج مغطاة الوجه مرتدية عباءة سوداء ونقاب اسود.

مريم :لا لم اعرف كنت اتعجب من نظرات الجميع.

اخرج عاصم عباءة ونقاب والقاهم بوجهها وطلب منها أن ترتديهم اذا ارادت الخروج ومن الافضل الا تخرج مطلقا.

وجدت مريم ان العباءة تناسب مقاسها تمام ولكن يبدو انها ليست جديدة.

مريم :لمن هذه؟
عاصم :لكِ.
مريم :يبدو أنها قديمة.
عاصم :ليست قديمة هكذا تبدو.

في اليوم التالي ذهب عاصم إلى الموقع واخبرها انه سيعود بنهاية الاسبوع واشتري لها كافة الاغراض قبل ذهابه حتى لاتضطر للخروج.

نسي عاصم ان يشتري لها خبزا فراسلته واخبرته انها ستنزل لشراء الخبز.

عندما نزلت مريم إلى الماركت كان يعمل به شاب ماليزي
لا يفهم سوى اللغة العربية الفصحى أو سعودي لا يفهم العامية المصرية.

مريم :عايزة عيش.
الشاب :ماذا.

مريم :عيش وتشير بيدها على هيئة قرص وظل يجلب لها اشياء دائرية الا الخبز، حتى مرت سيدة سعودية وقالت للشاب انها تريد خبزا.

مريم :نعم اريد خبزا.
الشاب :ولماذا لم تخبريني من البداية بأن العيش هو الخبز.

مريم بأرهاق :لم افكر في ذلك اعطيني خبزا.
الشاب :لا يوجد خبزا.

ضحكت مريم وضحك الشاب وسألته مريم ماذا افعل الان.

الشاب:اتركي رقم هاتفك وعندما يأتي الخبز سأتصل بكِ.
مريم :لم اشتري رقم سعودي الى الان ولكن هناك هاتف ارضي بالشقة من فضلك اعطيني رقم الماركت وسوف احدثك بعد قليل.

بعد حصول مريم على رقم هاتف الماركت لم تعد بحاجة للخروج كلما ارادت شيئا طلبته بالعاتف وصعد به صبي صغير يعمل بالماركت.

اعتادت مريم ان تفتح الباب للصبي دون نقاب ولكن ذات مرة طلبت اشياء ولم يكن الصبي بالمتجر فصعد ذلك الشاب الماليزي بنفسه وعندما رأى وجه مريم اعجب بها كثيرا.

مريم محرجة :لماذا صعدت بنفسك أين ذلك الصبي الذي كان يجلب الاشياء.

الشاب بلغته العربية البسيطة جدا :جمع جملة عربية بصعوبة وقال :هي ليست هنا.

مريم :تقصد من بهي؟
الشاب :الصبي ماهر.

مريم بضحك :هو وليس هي.
الشاب :نعم نعم تذكرت، هل انت تريد شيئا اخر؟
مريم :أنتِ وليست انت فانا مؤنث.

ضحك الشاب وقال :هكذا اتحدث ويفهمني الجميع.
في هذه الأثناء خرج عاصم من المصعد وسمع ضحكاتهم.

نزل الشاب من على الدرج دون أن يرى عاصم ولكن مريم رأته وهو يتجه نحوها بغضب.

عندما صرخ عاصم بوجهها قالت مريم :لا تصرخ هذه المرة الأولى التى يصعد فيها هذا الشاب ليجلب لي الأغراض لان الصبي ماهر لم يكن بالمتجر.

عاصم :الصبي ماهر، اصبحتي تتحدثي مثل عبد القادر.
مريم :هذا الشاب الجميل يسمى عبد القادر.

شعر عاصم بالضيق برؤيتها تمدح عبد القادر والاكثر من ذلك انها لم تهتم بمجيئه ودخلت الغرفة وأغلقت الباب.

ظل عاصم غاضبا في انتظارها ان تستيقظ وقت الفجر.
ولكنها لم تعيره اي اهتمام ولم تتحدث معه. 

في اليوم التالي استيقظ عاصم ولم يجدها بالمنزل ووجد ورقة مكتوب عليها انها بالمسجد القريب تستمع لدروس القرآن، اشتعل عاصم غضبا لانه يعلم أن الذي يلقي دروس القرآن بالمسجد هو عبد القادر. ولكن السؤال هنا هل تعرف مريم بذلك. 


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close