أخر الاخبار

رواية ظل الاثم الفصل الثاني 2بقلم رانيا البحراوي

        


 رواية ظل الاثم 
الفصل الثاني 2
بقلم رانيا البحراوي



تفاجئت صفاء بأن الخطاب من إدارة الجامعة وبه إنذار بالحرمان من أداء الإختبار بسبب عدم سداد مصروفات الجامعة، عاصم لتفوقه حصل على منحة بإحدى الجامعات الدولية ولكن ليست منحة كاملة فهو يدفع جزء من المصروفات يعد جزء ضئيل جدا بالنسبة لما يدفعه باقي زملاءه بالجامعة ولكن الضئيل بالنسبة لهم كبير جدا بالنسبه له هو ووالدته ولذلك يقوم بالدفع على الاقساط وكل قسط يحتاج لتوفيره قرابة الثلاثة اشهر.

قرأت مريم الخطاب وطلبت من خالتها ان تسرع وتحضر المال الذي ادخرته لهذا القسط وإلا حرم عاصم من أداء الاختبار.

بكت صفاء بشدة ولم تتحملها قدمها فقامت مريم بأخذ يدها وساعدتها حتى جلست على الاريكة.

وصل عاصم بهذه اللحظة واطلع على الخطاب.
مريم لعاصم:ماالذي جعلك تؤخر دفع القسط إلى الآن؟ انظر عاقبة تأخرك في دفع القسط.

عاصم بغضب:الا تدرين السبب الذي منعني من دفع القسط إلى الآن؟ أنتِ السبب. 

مريم :انا؟! 

صدم عاصم يده بالحائط بقوة وقال بصراخ :نعم أنتِ ونظر إلى والدته وقال :اخبريني كيف سنتدبر ذلك المبلغ بهذا الوقت القصير، ليتكِ لم تصري على دفع قسط الجامعة كنفقات لعلاجها ليتني تركتها تموت. 

صفاء بصراخ :عاصم، اذا نطقت كلمة أخرى لن يكون لك أم بعد اليوم، اذهب لغرفتك. 

مريم ببكاء :لديه حق ليته تركني أموت فلن يحزن أحد على وفاتي ودراسته حقا اهم من حياتي. 

عانقتها صفاء وقالت :كفى يابنيتي لن احتمل اكثر من ذلك، لا تتحدثين مثله ألا تعلمين انكِ قطعة من روحي كيف تتحدثين هكذا؟

جلس كل منهم بمكان يفكر كيف تنقضي هذه المحنة وخيم الحزن على المكان وبات كل منهم دون أن يتناول قطعة خبز، هكذا تنضج العقول بالمحن والاحزان يكبر الصغير ويشيب الشاب. 

في اليوم التالي استيقظت صفاء ولم تجد كلاهما بالمنزل 
اعتادت على خروج عاصم للصلاة أو شراء أغراض المنزل 
ولم تعتاد صفاء ابدا على خروج مريم دون علمها وفي هذا الوقت المبكر. 

استبعدت صفاء خروجهم سويا لانها تعلم جيدا ان عاصم لايحتمل رؤية مريم. 

اتصلت صفاء بعاصم ووجدته بمنزل أحد اصدقائه وعلمت من كسرة الحزن بصوته أنه يبحث عن شخص يقرضه المال لسداد قسط الجامعة. 

شعرت صفاء بالقلق الشديد على مريم ولم تستطع التواصل معها لأنها لاتملك هاتف محمول. 

ذهبت مريم لأكثر مكان تكرهه لمنزل عمها، نحت كل مايؤلمها جانبا وقررت تحمل كلمات زوجة عمها القاسية ونظراتها الغاضبة في سبيل إيجاد حل لمشكلة عاصم والتي ترى مريم أنها السبب بها. 

طرقت مريم الباب بهدوء شديد وخجل وخاصة انها ذهبت بمثل هذا الوقت المبكر كي تلحق بعمها قبل الذهاب إلى عمله لأنها لن تستطع الذهاب إلى مكان عمله بمفردها. 

فتح الباب ابن عمها الأكبر بلال وهو بنفس الجامعة مع عاصم ولكن بكلية أخرى. 

بلال بفزع :ماذا اتي بكِ في هذا الوقت المبكر هل خالتك بخير؟ 

مريم :الجميع بخير ولكن اريد التحدث مع عمي في أمر هام طمأني هل مازال بالمنزل ام ذهب إلى العمل؟ 

بلال :اتفضلي هو مازال نائما. 
التقطت مريم انفاسها وقالت :حمدلله، جئت إليكم راكدة حتى استطع اللحاق به. 

بلال :اجلسي وسأجلب لكِ كوب من الماء وايقظ ابي. 
مريم :لا اريد ماء ولا اي شئ اخر من فضلك اخبر عمي انني اريده. 

ذهب بلال وايقظ والده واخبره بوجود مريم بالخارج ذهب الاب إلى الحمام وبلال إلى المطبخ كي يحضر الماء واسرعت والدة بلال إلى مريم كي تعرف سبب مجيئها بهذا الوقت المبكر. 

حين رأت مريم زوجة عمها تتوجه نحوها بغضب وقفت سريعا وقالت :لن ابقى كثيرا، سأتحدث قليلا مع عمي واعود على الفور. 

خرج بلال بكوب الماء فدفعت والدة بلال يده كي يعيد الماء إلى المطبخ قائلة :ألم تسمع ماقالت لن تبقى كثيرا. 

كسر كوب الماء اثناء دفع والدة بلال يد ابنها كي يعيد الماء وتناثرت قطع الزجاج على الأرض وفزعت مريم واصابتها قطعة زجاج بقدمها ولكنها لم تؤلمها بقدر الألم الذي أصاب قلبها وهي تجلس منحنية الرأس في انتظار 
عمها، لم تعرف مريم دلال الأب ولم تجرب حنان الأم فكانت صغيرة حين توفى كلاهما ولكن تتذكر شيئا واحد 
وقتما كانت تطلب شيئا من ابيها دون أن تحني رأسها. 

خرج عمها ومازالت زوجة عمها تقف فوق رأسها وبلال يلملم قطع الزجاج المتناثرة. 

سألها عمها :عن سبب زيارتها في هذا الوقت؟ 
ظلت مريم تنظر لكل من بلال وأمه وكأنه تنتظر ذهابهما. 

بعد قليل اضطرت مريم للتحدث في الأمر أمام الجميع وشرحت كيف دفع عاصم نفقات علاجها َمما عرضه ذلك 
لخطر حرمانه من الاختبارات وطلبت من عمها ان يقرض خالتها المال. 

سبقت زوجة العم زوجها وقالت :خالتك لديها ابنا واحدا ولديه منحة من الجامعة ولا يدفع سوى القليل اما انا فلي ابنان وابنة وكلهم يدرسون بالتعليم الخاص فكيف لنا ان نقرضها مصروفات ابنها ونحن بحاجة لمن يقرضنا المال. 

حزنت مريم كثيرا وشعرت انه لاحاجة لوجدها بهذا المكان بعد الآن ووقفت كي تذهب، اوقفها عمها وطلب منها أن تنتظر حتى يجهز بلال ويصلها إلى منزل خالتها بطريقه إلى الجامعة. 

صرخت الزوجة وقالت :لن يذهب الان دعها تذهب بمفردها يبدو أنها تتعجل الذهاب. 

مريم :نعم اريد العودة سريعا لانني لم أخبر خالتي. 
زوجة العم :لا تقدمي على فعل شيئا بعد ذلك دون إذن خالتك، حتي لاتصبحي مثل امك. 

مريم بحزن :وماذا فعلت أمي؟ 
الزوجة بسخرية :فعلت خيرا. 

انزعجت مريم وتوجهت نحو الباب وبينما تفتح الباب لحق بها عمها واخرج من جيبه عشرة جنيهات وقال ابقي هذه النقود معك لشراء بعض العصير. 

لم تأخذ مريم النقود وقالت :معي مايكفيني شكرا ياعمي. 

اغلقت الزوجة الباب بينما كانت مريم مازالت ترتدي حذائها وسمعتها مريم وهي تسئ مرة أخرى لأمها وظلت تردد على مسامع زوجها وابنها ستكبر هذه الفتاة يوما وستكون مثل امها وستثبت لكم الايام ان كلامي حقا. 

بكت مريم بشدة وعادت مسرعة وكل ماتتمناه الان ان تلقي بنفسها في حضن خالتها وتعترف لها خالتها بما فعلته امها ولماذا تسئ زوجة عمها دائما لأمها. 

ذهبت مريم لتجد خالتها بالنافذة في انتظارها رغم أنها تعلم جيدا ان قدم خالتها تؤلمها ولاتستطع الوقوف طويلا ورغم ذلك تنتظرها. 

في هذه اللحظة رفعت مريم رأسها وشكرته كثيرا انه مازال لديها من يهتم لأمرها ويقلق عليها بغيابها. 

فتحت خالتها الباب والقت مريم بنفسها بين ذراعيها وبكت على كتفها. 

صفاء:ذهبتِ لمنزل عمك؟ 

احنت مريم راسها وقالت :نعم ذهبت. 
رتبت خالتها على ظهرها واطالت عناقها بكت مريم وقالت اردت ان اساعد عاصم ولكنني عجزت عن ذلك. 

صفاء:لاتحزني، ماشاء الله كان ولم لم يشأ لم يكن. 

مريم :ونعم بالله. 

جلست مريم بجانبها وقالت :اخبريني ماذا فعلت امي اتوسل اليكِ اذا كنتِ تحبيني حقا اخبريني. 

صفاء:لن اخبرك لانني احبك حقا لن اخبرك ولكن سيأتي يوما وستعلمين بكل شئ وستفهمين سبب اخفائي للماضي عنكِ،وبهذا اليوم سواء كنت على قيد الحياة أو لا ستعلمين مدى حبي لكِ. 

مريم بهمس:اين ابيه عاصم؟ 
صفاء:اطمئني ليس بالمنزل. 

مريم :أخشى كثيرا أن يخرج غضب هذا الإنذار بوجهي مرة أخرى اتمنى لو اختفي من امامه حتى تحل هذه الأزمة. 

مساءا ادعت مريم انها مريضة ولا تقوى على مغادرة السرير حتى لا تواجه عاصم، حتى بعد ان تضورت جوعا وعطشا لم تفارق السرير أبدا. 

ارهقت صفاء كثيرا بسبب بقاء كل من عاصم ومريم بغرفهم وشعرت بألم شديد بقدمها. 

ظلت تنادي على مريم كي تجلب لها المرهم ولكن لم تسمع مريم صوتها، سمع عاصم ندائها وطلبت منه أن يطرق باب الغرفة ويطلب من مريم انبوبة المرهم. 

طرق عاصم الباب ولكن لم تسمع مريم لأنها كانت تستخدم هاتف صفاء وتضع سماعات الأذن. 

شعرت صفاء بالقلق عليها وطلبت من عاصم ان يأخذها إلى الغرفة. 

فتح عاصم باب الغرفة ولم يستطع ترك والدته التي لاتقوى على الحركة دون أن يأخذ بيدها. 

تفاجئ عاصم بأنها ليست مريضة ووقف يشاهدها وهي تستمتع بمشاهدة مواقف كوميدية وتضحك وهي تضع يدها على فمها حتى لايسمعوا اصوات ضحكاتها. 

أشار عاصم لوالدته ألا تلفت انتباه مريم ورغم ذلك ظلت تلوح صفاء بيدها من بعيد لانها لم تستطع الأقتراب اكثر ولكن دون جدوى لم تنتبه مريم مطلقاوظل عاصم يشاهدها لبعض الوقت دون أن تشعر. 


                الفصل الثالث من هنا
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close