أخر الاخبار

رواية جراح الماضي الفصل التاسع 9 بقلم سارة الزعبلاوي



رواية جراح الماضي

الفصل التاسع 9

بقلم سارة الزعبلاوي




تحاملت علي حالها و قاومت ذلك الشعور اللعين بالإرهاق،، لتنهض من الفراش واقفة أمامه بعين متسعة نتيجة لصدمتها من حديثه هذا


- فارس انا فاهمة كويس انك عايز تشيل من عندي الشعور بالذنب و...


قاطع حديثها حينما قال بجدية


- لا يا ليلي انا مش بتبلي علي حسام،، انا اي كلمة هقولها دلوقتي هتبقي صح و ربنا هيبقي شاهد عليا فيها..


- انت بتهزر اكيد لأن اصلا حسام عرف نور و اتجوزوا من بعد وفاة بابا،، يعني هو اصلا مكنش يعرف بابا!!!


تفوهت بها " ليلي" بنبرة جنونية و عيون أشتعل فيهما الغضب،، ليكمل " فارس" قائلا


- كلامك صح،، هو عارف نور من بعد ما ابوكي ما مات.. لكن هو اصلا يعرف ابوكي من قبلها!!


نظرت حولها و هي تحاول استيعاب ما قد قيل،، ثم عاودت النظر له مرة أخري لتصطدم بنظراته الثابتة..


- انتي عارفة ان حسام بيشتغل في نفس مجال الشركة بتاعتكم،، مفكرتيش في الموضوع دة قبل كدة!!


فتشت في ذاكرتها عن تلك المعلومة و قالت


- ايوة،، كان بيشتغل في نفس مجال شركتنا.. بس دة اية علاقته باللي انت بتقوله؟!


- طيب مفكرتيش اية سبب انهيار شركتكم من بعد وفاة والدك؟!


- يوووة يا فارس.. كفاية ألغاز لحد كدة.. و كمل كلامك لو سمحت


قالتها " ليلي" بعصبية جالية و قد أوشكت اعصابها علي الانهيار


- زين بية الله يرحمه قبل ما يموت شركته كانت بتمر بأحسن حالتها،، كانت من أقوي الشركات في السوق وقتها... و طبعا كانت في شركات منافسة ليه عايزة تقضي علي شركته و منها شركة حسام،، اللي اتفق مع كذا شركة في نفس المجال علي زين بيه... بدأوا يحاولوا يضربوه في السوق و معرفوش،، فاضطروا يلجأوا لأساليب قذرة و طبعا كلها كانت بقيادة المايسترو حسام بيه،، هددوه باخواتك و والدتك و هددوه بيكي انت كمان رغم انك مكنتيش موجودة في مصر ساعتها،، بس بردو زين بيه مستسلمش،، لحد ما في مرة قطعوا الطريق علي عربيته و خطفوه... حاولو يمضوه علي عقد للتنازل عن شركته بس هو رفض،، بس هما فضلو يضغطو عليه عشان يمضي بالإكراه لحد ما جتله أزمة قلبيه.. خافوا ليموت و ودوه المستشفي و للأسف الوقت كان فات ووصل المستشفي ميت


اقتربت منه بخطي بطيئة،، و نظراتها مششتة،، غير قادرة علي تحمل تلك الصدمات التي تلقي علي عاتقها


- انت اللي بتقوله دة بجد يا فارس.. دي كارثة،، طيب و اتجوز نور بعدها ليه و هو كان السبب في موت ابوها؟!


- كان بيكفر غلطته،، لكن في الحقيقة هو محبش نور اصلا..


انهارت جالسة علي الأريكة واضعة رأسها بين كفيها و قالت


- انت عرفت منين الكلام دة يا فارس!!


- مقدرش اقول علي الاقل دلوقتي يا ليلي.. صدقيني زي ما موضوع حسام دة انكشف دلوقتي في حاجات كتير هتنكشف بعدين،، بس مينفعش كله يجي ورا بعضه!!


- فارس انت لو راجع عشان تنتقم مني فأنت لازم تعرف ان انا اصلا بقايا انسانة،، كفاية وجع لحد كدة انا معدتش مستحملة...


وقف أمامها و انحني ليمسكها من كتفيها و يوقفها أمامه قائلا و نظراته مركزة علي عينيها


- انا لو كنت عايز انتقم يا ليلي مكنتيش هتعرفي مكان هند.. و بعدين انا مبحبش اشوفك ضعيفة كدة،، لازم تجمدي شويه الايام الجاية مش هتبقي في صالحك تماما!!


جحظت عينيها ما إن سمعت اسم " هند"،، يبدو أنه علي علم بكل ما يحدث.. دارس لخطواته جيدا قبل أن يخطوها..


- فارس انت مش...


قاطعها مربتا علي خصلات شعرها ثم قبل جبينها ببطء و انطلق تاركا اياها غارقة في بحر ذات أمواج عاليه لا منقذ فيه لها سواه!!


_________________________________


¶ همس في أذنها قائلا


- نور حبيبتي معلش انا هروح اطمن علي بابا و اخد شاور و ارجعلك... تحبي تيجي معايا؟!


نظرت له بحب و قالت


- لا يا حبيبي روح انت تعبت معانا اووي،، و سلملي علي عمو محسن!!


ابتسم و هو ينهض مقبلا وجنتها و ألقي التحية و انطلق إلي الخارج..


لتلتفت نحو تلك الشاردة،، اقتربت منها و قلبها يدمع علي حالها التي لا تعلم له سبب


- هنا حبيبتي مش ناوية تتكلمي،، ادينا لوحدنا اهو.. اتكلمي معايا انا اختك يا حبيبتي!!


نظرت لها " هنا" بعينان حمراوتان من كثرة البكاء الذي لا ينقطع،، و قالت بحسرة


- اقولك اية يا نور.. اقولك ان انا خلاص ضعت،، اقولك ان انا مش بس دمرت نفسي لا انا كمان دمرت الإنسان اللي بيحبني!!


- ليه بتقولي كدة.. يوسف هيفوق إن شاء الله قريب و هترجعوا لبعض و تبقي احلي عروسة بإذن الله..


تعالت ضحكاتها و هي تمتزج ببكائها المكتوم و قالت


- احلي عروسة؟!،، انا بقولك انا ضعت.. ضعت يا نور خلاص،، ضعت!!


تدرجت نبرة صوتها إلي أن وصلت إلي الصراخ لتحتضنها " نور" بقوة محاولة تهدئتها.. لتدخل " ليلي" على صوت صراخها و ذلك المشهد المبكي


أسرعت نحوها و هي تحضر حقنة مهدئة حتي تنسيها كل ما يحدث و ما حدث،، نسيان مؤقت!!


اقتربت منها لتقول " هنا"


- يا ريتني كنت سمعت كلامك يا ليلي،، يا ريتني


- اهدي يا هنا.. كله هيتحل يا حبيبتي بس اهدي


قالتها " ليلي" و هي تقترب منه... لتردف " هنا" ببكاء مرير


- آية اللي هيتحل،، يوسف مش هيقتنع أن محدش لمسني قبل كدة.. يوسف مش هيقبل يبص في وشي تاني بعد ما عرف ان مروان اغتصبني،، يوسف شافني رخيصة و هو عنده حق،، عنده حق..


صكت " هنا" وجهها مرات متتالية حزينة علي حالها بينما " نور" تنظر نحو " ليلي" بعيون متسعة مصدومة... مسكينة هي الأخري لا تعلم ما يخبئه القدر لها،،

لم تنتظر " ليلي" أكثر من ذلك و أسرعت نحو " هنا" لتعطيها الحقنة ..

لترتخي " هنا" بين ذراعي " نور" و تذهب في ثبات عميق تاركة تلك الحياة ذات الأقدار السوداء!! 


نظرت لها " نور" و هي بين ذراعيها كالطفل الصغير،، و بدأت دموعها تتساقط و هي تتركها و تسير متجهة نحو " ليلي" قائلة بصدمة


- هنا بتتكلم بجد يا ليلي.. كلامها دة حقيقي؟! 


اغمض" ليلي" عينيها بأسي و هي تتنفس بعمق محاولة السيطرة علي حالها حتي لا تنهار هي الأخري،، فجميعهم يرتكزون عليها و لا مجال للانهيار!! 


- ايوة يا نور.. اغتصبها،، ماما مش لازم تعرف أي حاجة ابوس ايدك دي ممكن تروح فيها!! 


ضغطت " نور" بيدها علي رأسها و هي تقول 


- يا نهار اسود.. هنعمل اية،، هنعمل اية يا ليلي؟! 


جميعهم يطالبونها بحلول،، جميعهم يضعون مشاكلهم فوق عاتقها.. و لا أحد ينظر لها و لا إلي أنها أوشكت علي الانهيار 


- هتتحل يا نور.. بس اهدي انت كمان مش عايزين حد يحس بحاجة،، اهدي عشان خاطري!! 


- حد عرف الموضوع دة غيرك؟! 


- مش عارفة.. بس أكيد فارس و حسام و احمد شافوا منظرها و هدومها المقطعة دي و فهمو،، محدش فيهم قالي حاجة صريحة.. بس يا نور اوعي تجيبي سيرة لحد و لا حتي فاطمة و حاولي تهدي هنا و تفهميها أن الموضوع هيتحل انتي أقرب منها عني... 


________________________________


¶ سارت في ردهات المشفي ملتفتة حولها كالصوص،، لن يهدأ لها بال حتي تنكشف الحقائق و يظهر كل شخص علي حقيقته... 

وجدته يقف في أحد الأركان منتظرها،، هرولت إليه و هي تسأله 


- عملت اية يا فارس؟! 


تنهد و هي يقول


- قولتلها يا فاطمة علي حقيقة حسام... 


- طيب معرفتش هي ناوية علي اية،، احنا مش عايزين الدنيا تتلخبط يا فارس.. حسام لو عرف ان ليلي عرفت حاجة زي كدة ممكن يأذيها هي و نور!! 


- متقلقيش.. ليلي مش هتخطي خطوة غير لما تجيلي،، المهم عملتي اية مع احمد؟! 


تشنجت ملامحها و هي تحارب تلك الدموع المتمردة حتي لا تهبط،، قالت


- أحمد زهق مني يا فارس.. تقريبا محدش بقي طايقني اصلا،، بس هما لما يفهموا هيسامحوني.. صح؟! 


هز رأسه موافقا إياها علي حديثها و قال


- بس ليه بتقولي كدة؟!،، حصل اية بينكم.. 


- أحمد قالي ان ترتيبات الفرح و الجواز هتمشي زي ما هيا.. بس مش هيبقي جواز حقيقي،، يعني اللي هي كتب الكتاب مش هيبقي مأذون فبالتالي هيبقي عقد باطل.. 


- طيب ما تفركشوا احسن و تريحوا حالكم،، 


- مينفعش.. عشان ماما انا خايفة عليها هي مبقتش مستحملة اي صدمة!! 


فكر هو في جملتها هذة،، فهي محقة.. فوالدتها لن تتحمل ما يحدث.. كفاها مرضها اللعين.. و كفاها ما حدث ل " هنا" و هي لا تعلم،، و كفاها انها مخدوعة في زوج ابنتها " حسام"... 


- فاطمة،، انا عارف ان انتي أقوي واحدة فيهم.. عشان كدة لازم تعرفي اللي حصل.. 


نظرت له باستفهام فأكمل هو بتردد


- انتي تعرفي اية عن علاقة هنا بمروان... 


- هي قالتلي أن شركته كانت داخلة مناقصة ضد شركتها و هي اديتله فلوس عشان يديها الملف اللي شركته هتقدمه عشان تكسب هي المناقصة


- بس كدة؟! 


- اه،، هو في أية يا فارس؟! 


- مروان كان خاطف هنا و يوسف،، و.. و اغتصب هنا!! 


شهقت و هي تضع يدها علي فمها و تنظر له بصدمة،، فأكمل هو


- طبعا محدش يعرف حاجة عن الموضوع دة يا فاطمة.. 


صمتت فأكمل هو 


- المهم انتي هتعملي اللي أحمد بيقولك عليه و تمشي في ترتيبات الفرح... 


- طيب و اللي احنا اتفقنا عليه؟! 


قالتها بتساؤل فأكمل هو.. 


- اتفاقنا زي ما هو يا فاطمة،، انا بس عايزك تقربي من أحمد شوية اليومين دول.. مش عايزك تخسريه نهائي و كدة كدة انتم مش هتبقوا متجوزين..


- تمام.. انا همشي دلوقتي قبل ما حد يلاحظ غيابي و لو فيه حاجة هبلغك بيها علي طول... 


سارت عائدة نحو غرفة شقيقتها،، ليعود هو بذاكرته للماضي


~ منذ شهر ~


عند عودته إلي القاهرة كانت أول من علمت بهذا،، طلبت مقابلته.. فوافق هو و فضوله يحركه 


- خير يا فاطمة.. طلبتي تقابليني لية؟! 


- بص يا فارس.. أنت لازم ترجع لليلي .. هي محتاجالك جدا.. في حاجات كتير بتحصل و انت الوحيد اللي هتقدر تقف جنبنا فيها !!


- كلامك علي عيني و راسي يا فاطمة.. بس انتي عارفة انا و ليلي منفصلين بقالنا خمس سنين و مفيش حاجة تربطنا 


- مين اللي قالك ان مفيش حاجة تربطكم.. انا عارفة كويس انك راجع عشان ليلي و إلا مكنتش رجعت مصر.. 


لم تتلقي إجابة منه فأكملت قائلة


- و بعدين هي مش ليلي كانت حامل منك قبل ما تتطلقوا... 


- البيبي نزل يا فاطمة.. هي قالتلي كدة!! 


- بيبي اية اللي نزل.. و انت صدقتها يا فارس،، انت عندك بنت عندها خمس سنين!! 


نظر لها بصدمة و قال بعدم تصديق


- يا بنتي لما ابوكي مات و هي نزلت مصر سقطت.. انا متأكد حتي هي دخلت المستشفي بعدها.. 


- لما دخلت المستشفي كانت فعلا تعبانة بس ما سقطتش،، قلتلك كدة عشان تقنعك انك تطلقها لكن هي كانت لسة حامل.. البنت اتولدت بثقب في القلب و هي عايشة بس انا معرفش اي حاجة تانية هو دة اللي اعرفه،، و لعلمك ليلي مخبية عننا كلنا ان البنت عايشة محدش يعرف غير نور.. انا سمعتهم مرة و هما بيتكلموا!! 


اعتلت الصدمة ملامحه لدرجة ألجمت لسانه،، فأكملت هي


- ليلي فاكرة انها السبب في موت بابا و انا كمان لحد من شهرين كنت فاكرة كدة.. 


- مش فاهم.. هي اكيد ليلي مش السبب في موت زين بيه.. بس انتي تقصدي اية بكلامك دة؟! 


- حسام جوز نور!! 


- هي نور اتجوزت اصلا؟! 


- اه اتجوزت... ابن الدكتور النفسي اللي كان بيعالجها بعد موت بابا،، بس مش دي المشكلة.. المشكلة ان جوزها طلع هو السبب في موت بابا!! 


رفع حاجبه باندهاش و قال


- انا مش فاهم حاجة.. فهمني انت قصدك اية؟! 


- نور و حسام كانوا منفصلين لمدة سنة... و انا حاولت ارجعها ليه كتير بس هي كانت بترفض.. فاضطريت اروحله هو شركته عشان اتكلم معاه يرجعها،، و بالصدفة مكتبه مكنش فيه سكرتيرة.. بس سمعت صوت عالي جاي من مكتبه لما قربت لقيت واحد بيهدده انه يفضحه قدام نور لو مدلوش فلوس... كان بيهدده انه هيقول لنور انه خطف بابا و هدده بينا عشان يتنازل عن الشركة و بابا مستحملش و جاله سكته قلبية و مات قبل ما ينقلوه المستشفي... 


- طيب و اتجوز نور ليه و هو اللي قاتل ابوها!! 


- عشان يكفر عن ذنبه.. اصل يعيني ضميره كان مأنبه


قالتها " فاطمة" بسخرية ليرد " فارس" قائلا


- برضو يا فاطمة بعد المعلومات دي المطلوب مني اية!! 


- لازم توصل لليلي أن هي مش السبب في موت بابا عشان ترجعلك،، و بعدين لو مش مصدق حكاية بنتك دي تقدر تتأكد من نور 


بالفعل مر علي لقائهما هذا يومين و طلب مقابلة " نور" و بعد ضغطه المتواصل عليها اعترفت له أن لديه ابنه بالفعل علي قيد الحياة  و لم تبوح بأي شيء بعد ذلك.. 


~ عودة للواقع ~

_________________________


¶ وصل نحو منزله و عقله لا يتوقف عن التفكير... فظهور " فارس" الآن ليس في صالحه تماما... خرج من سيارته و هو منهك تماما.. 


تذكر زيارة " فارس" له في شركته و تهديده له


~ منذ عدة أسابيع ~


كان جالسا في شركته عندما دخلت له السكرتيرة الخاصة به.. قائلة


- في واحد عايز يقابلك يا حسام بيه!! 


- واحد مين يا سها؟! 


- بيقول اسمه فارس المدني.. 


- فارس المدني.. دة طليق ليلي ،،دخليه طيب!! 


قالها باستغراب شديد.. هو يعرفه فقط من حديث " نور" عنه،، لكن ليس لهم سابق معرفة مع بعضهما


- اهلا يا دكتور فارس.. اتفضل


قالها " حسام" بابتسامة قلقة نتيجة لحدة ملامح " فارس" 


- اهلا يا استاذ حسام.. حضرتك تعرفني منين؟! 


- نور كانت بتكلمني عنك كتير انت و دكتور ليلي...حقيقي زعلت جدا لانفصالكم!! 


- و انت تعرف اية سبب انفصالنا علي كده؟! 


توتر " حسام" و قال بتلعثم


- ااه.. يعني نور قالت إن دكتور ليلي بعد وفاة زين بيه كانت حاسة بالذنب انها كانت سبب في وفاته فانفصلتم عن بعض !! 


- اممم ،، هو انت تعرف يا استاذ حسام زين بيه مات ازاي؟! 


- احم... انا مليش الشرف اني اقابله قبل وفاته،، لكن نور قالتلي أن الشركة حالتها اتدهورت في الفترة الأخيرة و جاله سكته قلبية و مات!! 


- اة بس اللي اعرفه غير كدة.. انا سمعت ان كان فيه ناس بيحاربوه في السوق و خطفوه و ضغطو عليه يتنازل عن الشركة و رفض فجاله سكتة قلبية!! 


ابتلع ريقه بصعوبة و هو يستشعر علم " فارس" عن ما فعله


- معقول الكلام دة.. حضرتك عرفت الكلام دة منين!! 


- بقولك اية،، انا مبحبش اللف و الدوران.. من الآخر عملت كدة في زين سويلم ليه؟! 


قالها " فارس" بنفاذ صبر.. لينهض " حسام" بغضب مصطنع


- لو سمحت يا دكتور فارس انا مقبلش اتهامك ليا دة ابدا!! 


- لا هتقبل.. خصوصا لو فيه تسجيل منك و انت بتعرف بلسانك!! 


أحمر وجه " حسام" و طبول قلبه تدق بعنف 


- لو كلامك دة صح.. مقدمتش التسجيلات دي للنيابة ليه؟! 


ضحك" فارس" بصوت صادح و هو يقترب منه هامسا


- لا نيابة اية يا راجل.. انت حسابك تقييل اووي،، المهم تستعد للي جاي.. 


و مثلما ظهر فجأة، خرج تاركا اياه متخبطا في أفكاره،، لاعنا طمعه و حماقته


~ عودة للواقع ~


وجد " سما" تهبط علي الدرج مسرعة،، فأسرع هو إليها حتي لا تتعثر في الدرج و احتضنها قائلا


- يا سما بتجري كده ليه.. تقعي يا حبيبتي من علي السلم! 


حاوطت عنقه بدلال و قبلت وجنته قائلة


- وحشتني اووي يا حسام... 


- و انتي وحشتيني اوي يا حبيبي.. 


صعدا معا نحو غرفتهما لتقول " سما" بمكر و هي تساعده في خلع ملابسه


- اومال فين نور يا حبيبي.. 


- في المستشفي مع اختها 


- أخص عليك يا حسام سايبها لوحدها.. 


- انا هاخد شاور و اغير و راجعلها!! 


عبثت بأصابعها في صدره و قالت 


- صحيح يا حسام.. انا فكرت في موضوع انك تشتري لنور بيت،، بصراحة لو حد المفروض يمشي يبقي أنا.. دة بيتها هي من قبلي و يبقي حراام عليا لو خرجتها منه!! 


- يا حبيبتي انتي مش هتسيبي البيت دة،، هي طلبها انها تعيش في بيت تاني يبقي براحتها!! 


- لا يا حسام.. حرام برضو تقعد لوحدها،، حاول طيب تقنعها انها تقعد هنا... حرام صعبانة عليا جدا!! 


- انا عارف ان قلبك طيب يا حياتي،، عنيا هخليها تقعد هنا.. المهم انتي بس خدي بالك من البيبي!! 


وضعت يده علي بطنها و قالت


- متخافش يا حبيبي.. انا واخدة بالي من نفس!! 


___________________________________


¶ دقات متتالية علي الباب قطعت شرودها و تفكيرها في  شقيقتها.. 


نهضت من محلها و قامت بفتح باب الغرفة،، 

لتجد رجل في منتصف الثلاثينات من عمره... طويل القامة.. عريض البنية،، ذات شعر بني قاتم و عينان بنيتان... 


نظرت له باستفهام ليبتسم هو بعملية قائلا


- اهلا بحضرتك.. انا مازن الرفاعي وكيل النيابة


نظرت له بتهكم،، و قالت


- افندم ؟! 


رفع حاجبه باستغراب علي طريقتها تلك و قال 


- انا كنت جاي عشان آخد أقوال الآنسة هنا و الأستاذ يوسف بخصوص قضية الخطف و الاغتصاب 


نظرت له بغضب.. و قالت


- هنا واخدة حقنة مهدئة و نايمة،، و مش وقته اصلا لأنها منهارة تماماً!! 


- تمام.. بس احنا محتاجين اقوالها في أسرع وقت 


- اهلا بحضرتك يا فندم.. اتفضل معايا علي مكتبي 


قالها " فارس" الواقف خلفه،، ليلتفت له " مازن" بابتسامة و يتجه معه نحو مكتبه


- تحب تشرب اية يا فندم؟! 


تفوه بها " فارس" بابتسامة عملية ليرد " مازن" 


- يا ريت قهوة سادة.. 


امسك " فارس" بالهاتف جانبه و قال


- اتنين قهوة سادة يا عم محمد.. 


وضع الهاتف و قال


- طبعا حضرتك جاي عشان قضية هنا و يوسف.. 


- اه طبعا.. هو حضرتك الدكتور المتابع لحالتهم؟! 


- اه انا الدكتور المتابع لحالتهم،، حالة يوسف صعبة جدا و لسة مش معروف هيفوق امتي،، اما بالنسبة لهنا فهي عندها انهيار عصبي طبعا حضرتك عارف نتيجة الاغتصاب اللي تم!! 


- طيب انا اقدر آخد أقوالهم امتي؟! 


دخل العامل بالقهوة و وضعها ثم خرج،، ليقول " فارس" 


- شوف يا مازن بيه اول ما هنا حالتها تتحسن شوية عشان مترجعش لنقطة الصفر تاني هتصل بحضرتك أبلغك،،اما يوسف فأنا مش عارف الحقيقة هو امتي هيفوق.. بس ليا رجاء عند حضرتك؟! 


- اتفضل!! 


- انا عايز اي تواصل بخصوص القضية يبقي معايا انا أو مع حد من أخواتها!! 


- ممكن بس اعرف حضرتك تقربلها حاجة؟!  


ابتسم " فارس" قائلا 


- انا جوز اختها.. 


- اتشرف بمعرفتك يا دكتور فارس.. بس هي اللي فتحتلي الباب دي تبقي مين؟! 


- دي مدام نور أخت هنا.. 


- مدام؟! 


رفع " فارس" حاجبه بدهشة من رد فعل " مازن"،، ليقول


- اه.. هي متجوزة علي فكرة!! 


- طيب تمام.. عن أذنك


ابتسم " فارس " بدهشة من انسحاب " مازن" السريع.. ليري باب مكتبه يفتح دون استأذان و " ليلي" تدلف منه بوجه متشنج 


- في أية مالك؟! 


- شوف كدة يا فارس التحاليل دي.. 


نظر لها بقلق و أخذ منها الأوراق التي كانت في يدها و هو يقرأها... 

نظر لها قائلا


- بتاعة مين التحاليل دي يا ليلي؟! 


- بتاعة راجل كبير اسمه سمير جه هنا من اسبوع في حادثة عربية... 


- دة عنده سرطان في المخ و النخاع الشوكي!!.. طيب حالته دلوقتي بعد الحادثة عاملة اية؟! 


- حالته اتحسنت تماما بس بيشتكي من صداع دايم و اظن سببه واضح،، بس برأيك الكيماوي هينفع في حالته دي؟! 


- انتي عارفة ان نسبة علاج السرطان مع التقدم في السن بالكيماوي بتكون ضعيفة جدا.. و بنضطر نلجأ للجراحة،، بس دي برضو كمان نتايجها مش مضمونة!! 


جلست و قد تمكن اليأس منها،، لتقول


- الراجل دة حالته غريبة اووي!! 


- ازاي يعني.. 


شردت و هي تقول


- من ساعة ما جه مفيش حد سأل عليه برغم أن حسابه مع المستشفي بيدفع بانتظام و مش معروف مين اللي بيدفعه لأنه بيدفع اون لاين من برة مصر.. و الراجل ذات نفسه داخل في حالة عزلة مش طبيعية!! 


- حاجة غريبة فعلا.. بس انتي لازم تصارحيه بحالته يا ليلي،، و خدي بالك العملية مش مضمونة.. يعني لو هيعملها لازم يكتب تعهد علي نفسه 


هزت رأسها بالموافقة علي حديثه ليردف هو متسائلا


- انتي هتعمل اية في موضوع حسام؟! 


- مش عارفة... اسيبه يكمل مع نور و هو السبب في موت بابا و لا اقلب عليه الترابيزة و افضحه بس ساعتها مش هيكون معايا دليل حتي علي كلامي عشان آخد حقي منه 


قالتها بشرود و ضياع،، ليقول هو


- انا من رأيي تصبري لحد ما نعدي مشكله هنا و بعدين تفوقيله 


- اه يا ربي.. و كمان مشكله هنا دي مش عارفة اعمل فيها اية،، انا تعبت.. المشاكل كلها فوق دماغي!! 


اقترب منها و هو يقول 


- انا جمبك يا ليلي.. مش هسيبك غير لما تخرجي من المشاكل اللي انتي فيها دي كلها 


- مقابل اية يا فارس؟! 


- مش مقابل حاجة يا ليلي،، حتي لو مش هترجعيلي.. بس مش عايز اشوفك كدة في يوم من الايام.. 


_________________________________


¶ مر اسبوع،، 

تحسنت فيه حالة " هنا" و خرجت من المشفي،، أما " يوسف" فقد دخل في غيبوبة عميقة.. رافضا لذلك الواقع المرير،، حزينا علي حبه الضائع!! 


و خطة " فاطمة" تسير بامتياز،، فاليوم هو عقد قرانها الوهمي علي " أحمد"،، 


الذي بالرغم من حزنه الشديد و تمنيه أن يكون ما يحدث هذا حقيقي و ليس وهمي.. لكنه جعل كل شيء حولهم اسطوري


فقد كان عقد القران في فندق شهير من فنادق وسط القاهرة،، فندق إيطالي ذات تصميم معماري رائع يطل علي النيل 


و أتي لها بفستان من اختياره من " فرنسا "،، 

فتلك معاملة الأميرات... و " فاطمة" مهما حدث و سيحدث ستظل أميرته


بعد عقد القران،، سار معها في حديقة الفندق المطلة علي النيل و هو يقول بسخرية 


- مبروك يا عروسة.. عجبتك التمثيلية!! 


تزينت عينيها بطبقة من الدموع الرافضة للهطول،، 


- لو سمحت يا احمد... كفاية بقي،، انا تعبت!! 


- تعبتي!! .. انتي تعبتيني انا معاكي،، كان نفسي فعلا ابقي جوزك دلوقتي.. بس للأسف يا فاطمة انتي محبتنيش.. 


أبعدت نظراتها عنه و قالت بضيق


- انا طالعة الاوضة يا احمد!! 


تركته و اتجهت نحو غرفتها الذي قام بحجزها لها خصيصا،، دلفت بهدوء حيث لم يشعر بها أحد و استمعت إلي حديث " ليلي" مع " هنا" و " نور" 


- يعني اية يا ليلي.. هتجوزيها للبني آدم المريض دة ازاي؟! 


قالتها " نور" بصدمة من حديث " ليلي"، ، لتردف " ليلي" 


- اكيد هي حكيتلك عن الفديو اللي وراه ليوسف و رد فعل يوسف.. فبلاش نعيش في الخيال و نقول ان يوسف هو البطل الشجاع اللي هينقذها من البني آدم المريض دة.. لأن يوسف مش هيبقي طايق يبص في وشها اصلا.. و الحل الاسلم لينا عشان نتخلص من الفضيحة دي اننا نجوزها لمروان كام شهر و نخلص من البلوى دي و بعدين يبقي يطلقها 


- هتجوزيهولها ازاي و هو في السجن و التحقيقات شغالة و التهمة ثبتت عليه 


تفوهت بها " فاطمة" التي كانت واقفة خلفهم،، لترد " ليلي" بصدمة من معرفتها بالأمر 


- انا هتصرف.. المهم نعرف نداري علي موضوع الاغتصاب دة قبل ماما ما تعرف،، احنا مش ناقصين دي ممكن تروح فيها!! 


صمتن جميعا و هن يفكرن في حديث " ليلي".. 

و المنطق يبدي رأيه و يقول أن الحل الأمثل لهذه الكارثة هو زواج" هنا" من " مروان" 


- طيب تفتكري هو هيرضي يتجوز هنا و لو رضي.. هيرضي يطلقها بعد الجواز!! 


قالتها " فاطمة" بتفكير،، لترد " ليلي" مسرعة و كأنها رتبت كل شيء 


- هيرضي لما يعرف اني هخرجه من السجن و حكاية الطلاق دي سيبيها لبعدين... 


- انتي مش بتتكلمي ليه يا هنا.. اللي هتتجوز دي انتي علي فكرة!! 


- اللي ليلي هتقول عليه هعمله... 


قالتها " هنا" بشرود مجيبة علي تساؤل " نور"،، فقالت" ليلي" باستغراب


-أحمد اللي قالك علي موضوع هنا يا فاطمة و بعدين انتي سيبتيه لية و طلعتي؟! 


كادت " فاطمة" أن تجيب " ليلي" و لكن صوت اصطدام شيء ما خارج الغرفة بقوة.. جعلهم يهرولن للخارج... 


و كان المشهد أمامهن قادر أن يحبس الانفاس،، و يسيل الدموع،، و يلجم اللسان!! 


حيث صرخن و هن يرون والدتهن فاقدة للوعي ملقاة علي الارض و وجهها شاحب.. 


- ماما.. ماما؟! 


                       الفصل العاشر من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close