أخر الاخبار

رواية حكاية امل الجزء الثاني2الفصل السابع7 والثامن8 بقلم سلوي فاضل

رواية حكاية امل الجزء الثاني2الفصل السابع7 والثامن8 بقلم سلوي فاضل

 (خنجر مسموم)

روحت ودخلت اوضتي استلقيت علي سريري وسرحت، بفكر في اللي حصل والصدف اللي جمعتني بها، سألت نفسي، هل دي مجرد صدف ولا قدر؟ أصل الصدف تحصل مرة، اتنين؛ لكن القدر رفيقنا مش بيسيبنا، وقدر كل واحد فيما رفيقه وملازمه في كل خطواته، وهي كانت قدري في المقابر وحاليا في القسم، ده غير أنها محتله تفكيري وساكناه من كتير، وفكرت كمان في دموعها اللي أثرت فيا بعنف، ومقارنة كل تفاصيلها بالمدعوة سمر، اللي للأسف رغم كل اللي عانيته معاها ومنها؛ إلا إني بشعر بحنين لها و ساعات كتير بتمني اشوفها ولو صدفة. 

وأكيد زي ما وعدت أمل، كلمت عشانها أصدقاء ليا وشرحت لهم موقفها، وطلبت منهم يساعدوها تصلح البيانات وتغير اسم البنت؛ لأني حسيت أن تغيير الاسم مهم عندها قوي، واتصلت بها اعرفها أهو سبب مقنع ليّا ولها، مش الوحيد ليَّا؛ لكنه الظاهر وكافي عشان اقدر اكلمها، ودي كانت المكالمة اللي زودت من اعجابي بها اللي بيزيد كل ما المحها حتي لو من بعيد.
أمل: الو مين؟
أنا: مش مسجلة الرقم؟
أمل بحدة: استظراف ما بحبش.

 وقفلت الخط وأنا مبتسم ومبسوط من رد فعلها وكأني كنت بمتحنها واشوف هتتصرف ازاي؟ وبنفس الوقت متضايق أنها ما سجلتش رقمي واتصلت تاني.

ردت عليا بحدة وتقريبا كانت هتدخل شمال لو كنت بعاكس: 
-أفندم.

رديت وعرفت نفسي قبل ما تفكر تغلط أو احم تشتم وردها كان مختلف زيها 
أمل: بتاع القسم!

استغربت ردها، وابتسمت من عفويتها ومستغرب إن في بنات كده، دايما بقارن ردود افعالها وتصرفاتها بتصرفات سمر وبجاحتها اللي تصل لحد الوقاحة معظم المرات، وطبعا عارفين إني احرجتها بذون قصد وعارفين باقي المكالمة.

باقي المكالمة طبعا معروفة، وأنا كنت بحاول أخليها دمها خفيف عشان أكون متاكد أنها مبتسمة، ولما قولتها أنها حتغير الاسم ردها حسسني بكمية التعاسة اللي هي عايشاها، وتضايقت عشانها وحاولت ما أظهرش غير الشفقة، وانهيت المكالمة بسرعة لأني حسيت اني مفضوح قوي 

كنت متردد مش عارف اروح لها يومها ولا لأ، ساعات أقول أروح يمكن تحتاج مساعدة وما تعرفش تتصرف لوحدها، وأرجع أقول لأ مش رايح، كفاية كده مش عايز أقرب أكتر، ده غير اني موصي عليها جامد، ومش هيسيبوها غير لما كل الإجراءات تخلص، وأرجع اقول أروح عشان يتأكدوا أنها مهمة عندى ويهتموا بزيادة، وأقف عند كلمة مهمة عندي !!! سألت نفسي، هل هي فعلا مهمة عندي؟ طاب ليه؟ وطبعا مش لاقي إجابة فضلت كده لحد ما جه المعاد، بدون تفكير لقيت نفسي رايح لها، ما فوقتش غير وأنا هناك كنت همشي، يادوب التفت لقيتها وواقفة امامي وتسلم عليا، فخبيت التخبط اللي جوايا بسرعة.

دخلنا للضابط وأكيد الاستقبال كان جيد جدًا، اتكلمت وحددت للضتبط احنا عايزين إيه، وكنت متابعها، مركز علي ردود افعالها وانفعالاتها كانت مرتاحة ومبسوطة، كل حاجة تمت وهي في مكانها ومعايا.

 بعد ما قالت الاسم اللي حابة تلقب به البنت الدهشة مليت وجهها، أول، وأنا سهِّمت وحسيت بالوجع علي حالي،  "هبه عماد رشدي" اسمي في خانة الأب مشاعر متضاربة ذهول وشرود مش فاهم إحساسي، للحظة نسيت كل حاجة حواليا، قطع الصمت صوت الضابط الزميل اللي كان يساعدنا في الاجراءات وهو يستأذن عشان يخلص الإجراءات.

بصت لي أمل وقالت بتلقائية حاسيتها واعتذرت:
-مش عارفة قولت كده ليه؟ أنا كنت حسميها هبه سليم رشدي مش عارفة ازاي طلعت مني عماد!

ظهر عليا الضيق مش عارف اخفيه للآسف وده احرجها وحبيت اخرجها من كسوفها ببعض المرح وكان ردها بسمة محرجة وإحمرار وجهها، أكتر حاجة تجذبني لها، سألتها باهتمام ظهر على أنه دعابة.
-سجلتي نمرتي؟
-اه والله، وأسفة إني قفلت أول مرة.
-اه لما قفلتي في وشي قصدك؟
 احرجتها تاني والصراحة صعبت عليا واشفقت عليها من احراجها اللي بيزود جمالها. 
أنا: خلاص ما تتكسفيش كده حصل خير - واكملت بجدية- لو احتاجتي مساعدة اي وقت كلميني بدون تردد.
كنت قاصد كل حرف، اللي زيها لازم نساعده ونقوية، وهي أبتسمت بفرحة وشوفت في عينها سؤال "بتساعدني ليه؟" وطبعا تجاهلته مش لأي حاجة غير إني مش عارف بس مبسوط وبشعر بنشوة غريبة لما بشوف ابتسامتها الرقيقة، وخجلها في كل مرة اساعدها.

مر اليوم ورجعت البيت اتعشيت مع أمي وكنت سرحان وحاولت أهرب من نظراتها واسئلتها الظاهرة بعنيها بوضوح، دخلت غرفتي وفردت جسمي علي السرير وسرحت في اللي بيحصل لي كل مرة اشوفها، خصوصا من ساعة ما جت القسم، علي قد فرحتي علي قد اندهاشي من الصدف والأقدار واندهاشي من نفسي، تتملكني حالة غريبة وهي معايا تبسطني جدًا، بدأت أخد بالي أن كل مرة توقعاتي للمقابلة أقل من الواقع، مهما اللي عملته كان بسيط بتقابله بشكر وامتنان وفرحة كبيرة. 

وسط المعارك اللي تدور جوايا كنت بفتكر الحاجات اللي كنت أعملها للمدعوة سمر وتقابلها بفتور شديد، ورجعت بالذاكرة لمرة عملت لها مفاجأة  وحاولت أكسر الجمود اللي ملا حياتنا، وظبطت سفرية لشارم لمدة  ثلاثة أيام، كنت مبسوط وفضلت أتخيل رد فعلها، خصوصا إني قبلها كنت مضغوط في الشغل وتقريبا مش بنقعد مع بعض، أول ما رجعت كانت في الصالة ماسكة الفون بتقلب فيه
أنا: سوسو مساء الخير.

مافكرتش ترفع راسها وردت ببرود: 
-مساء النور، تتعشي؟

بدأ الإحباط وحاولت ما استسلمش: 
-عامل لك مفاجأة جامدة.

فضلت زي ماهي مافكرتش تبصلي 
-ليا أنا، ليه؟

اتصدمت وحسيت بخنقة جاهدت عشان ما تبانش: 
-هو إيه اللي ليه، وبعدين ما ترفعي راسك وبصي لي وأنت بتكلميني، الفون مش حيجري.

ردت بملل
-اديني بصيت لك وياريت مانتخانقش عشان زهقت.

حاولت أفضل هادي: 
-ماهي المفاجأة دي حتشيل زهقنا.

قعدت جنبها ومسكت ايدها برقة وكملت كلامي:
-ظبطت سفرية لشرم ثلاث أيام برنامج هايل عشان نغير جو ونقرب شوية الفترة اللي فاتت كنت مشغول ومطحون في الشغل.

ردت بلا مبالاة ورجعت مسكت الفون تاني: 
-قول لنفسك إنك هاملني عشان لما بتكلم بنتخانق.

فقدت فرحتي: 
-طاب أسألي امتي أو حاولي تفرحي مثلي الفرحة حتي، واحدة غيرك كانت فرحت إن جوزها فكر فيها وفضي نفسه عشان يبسطها، نفسي مرة أعمل حاجة وأشوفك مبسوطة مش تفضلي تقولي إني مقصر.

-أنا داخلة أجهز الشنط.

رسمت ضحكة مفتعلة أوي:
 -هههه حلو كدة. 

سابتني ودخلت كان نفسي تحضني، أو تبتسم من قلبها، نظرة شكر حتي، سافرنا وطبعا قضناها هناك خناق ومن أول يوم، بعد ما وصلنا بشوية قلت ننزل البحر دخلت غيرت فلاقيتها لابسة مايو، لا لابسة إيه قالعة مايوه بيكيني، والغريب أنها مستغربة إني معترض وكانت خناقة كبيرة بينا والنتبجة يومها نكد ما طلعناش من اوضتنا واليوم مر بدون تغيير.

 وتاني يوم حاولت أنسى، واعدي اللي حصل وقولت بلاها نزول ماية خلينا نتفسح، وطبعا مافيش حاجة بترضيها وما ارتاحتش غير لما ضعطت علي اكتر حاجة بتوجعني، بالليل اخدتها نتعشي في مطعم مشهور جدًا في شرم وكان فيه هناك أسرة أجنبية أب وأم وبيبي صغير والبيبي سيتر، فضلت سمر ساكتة بتدور بعينها في المكان، وأنا متابعها من غير ما تاخد بالها، وبعد شوية طلبنا الأكل لقيتها ابتسمت بخبث حاولت تداريه وأخيرًا فتحت كلام.

 بامتنان مصتنع: 
-ميرسي أوي يا عماد علي السفرية الحلوة دي، ما تعرفش أنا قد إيه مبسوطة. 

استغربت وما فهمتش ناوية علي إيه، كنت متأكد أنها ناوية علي حاجة قولت أشوف للأخر يمكن ظالمها
-أخيرًا حاجة فرحتك وكمان بتشكريني النهاردة يوم تاريخي، علي العموم ما تشكرنيش علي حاجة، أنا نفسي حياتنا تكون هادية تبتسمي وأنت معايا، عايز نفرح سوا.

ثبتت عينها علي الأسرة الأجنبية ورسمت الحزن علي وشها: 
-سامحني يا حبيبي، أنا في الأول والأخر ست، وفي حاجات الستات تتمناها للأسف أنت استحالة تحققها لي.

طعنة غدر صابتني، سكينة تلمة رشقتها في قلبي، معايرة صريحة بعدم قدرتي علي الإنجاب، غمضت عيني بألم وحسرة علي نفسي، مالقتش أي رد لكلامها، وشوفت نظرت انتصار في عنيها؛ أنها قدرت توجعني وحولتها بعد كدة ورسمت نظرة آسف.
-أنا أسفة مش قصدي أضايقك. 

حاولت أظهر قوي ومش فارق معايا كلامها ورديت بقوة: 
-اضايق ليه؟ أنت قولتي الحقيقة ومش فارق معايا، وافتكري إني خيرتك كتير ننفصل أو تبقي وأنت اخترتِ تفضلي معايا.

-أنت زعلت، مش قصدي.

كملت بصوت واطي قال يعني مش هاسمع:
-دايما الحقيقة بتوجع.

ابتسمت بسخرية وداريت وجعي ادعيت إني باكل، والحقيقة كنت بنزف من جوايا، مش لاقي صدر حنين أرتاح عليه، وتمنيت أشوف أمي وارتمي في حضنها يداويني من خنجر سمر.

رجعنا اوضتنا واليوم الأخير مر بصمت بنخرج أقعد لوحدي وهي مع الفون، ووقتها بدأت ألاحظ موضوع المكالمات.  

رجعت للواقع ونفضت الذكري السيئة دي من راسي، ولاقيتني بأقارن ردود فعل كل واحدة فيهم لحاجة عملتها لها، وكل مرة النتيجة لصالح أمل، ده كله كوم وبراءتها ورقتها كوم تاني ده غير خجلها اللي أثرني فعلًا.

الفصل الثامن ( معقد) 

فضلت كده كتير بين أسئلة بدون إجابة، وتفكير فيها باحاول أقتله بدون فايدة، صورتها امامي طول الوقت، وبسمتها وخجلها، افتكر كل حوار دار بينا بكل تعابير وجهها، وفضولي أعرف تفاصيل اللي حصل لها ورغبة كبيرة أنها تجاوب علي كل اسئلتي. 

مر شهر بالطول والعرض نفسي أكلمها وأطمن عليها ونفسي أشوفها، كتير اطلع رقمها علي التليفون واسرح كأني شايفها، وأبقى علي وشك الاتصال واتراجع في أخر ثانية.

ما أنا مش عايز أكرر التجربة من تاني، واتعرض لأي حاجة توجعني، بس لو هي عاقر عادى محدش فينا هيجرح التاني أو يقوله كلمة تضايقه، ودار حوار بيني وبين نفسي كنت وقتها في البيت في اوضتي وعلي سريري.

-لو بس أتأكد أنها عاقر.
-طاب اسألها.
-أزاى يعني أروح أقولها لو سمحتي هو أنت عاقر ولا لأ؟! بس هي قالت زواجها الأول استمر ثلاث سنين بدون حمل.
-يعني عاقر.
-مش شرط بس أتأكد.
-ما أنت ممكن تعرف بطريقتك, ولا خايف.
-فكرت كتير وبتراجع.
-خايف اسمها خايف.
-لا أنا مش عايز أعرف، مش عايز.

انتبهت إني بكلم نفسي، غمضت عيني بضيق خفيف وشفقة علي حالي واستلقيت علي السرير، ونمت بصعوبة.

بعد كام يوم كنت في الشغل ولقيت ماما بتكلمني
-ازيك يا حبيبي، معلش لو عطلتك عن شغلك.
-عادي يا ماما كنت عايزة حاجة؟
-فاكر طنط عايدة جارتنا في البيت القديم؟
-أيوه طبعا هي تتنسي، صحيح مش بنروح لها  لكن علي طول فاكرها، إيه اللي فكرك بها النهاردة؟ 
-مش النهاردة يا حبيبي، أنا علي طول بكلمها، بقالي فترة مشغولة عنها ولما كلمتها النهاردة عرفت أنها كانت عند بنتها وتعبت ودخلت مستشفى قريبة من شغلك.

-نروح لها بكرة حاجي معاكي.
-لأ أنا رايحة دلوقتي بعرفك بس عشان ما تقلقش.
-طيب حاعدي عليكِ نروح مع بعض.
-ليه تيجي وترجع تاني؟ احنا نتقابل هناك حأبعت  لك اسم المستشفى وعنوانها و حصلني.

خلصت شغلي وروحت علي هناك، أنا طبعا متعود أدخل أي مكان في أي وقت عادي من غير ما حد يتكلم، وعلي غير العادة لما وصلت المستشفى رفضوا اني ادخل نهائي، والغريب إني عارف إن ماما وصلت ووجوه، ومش قبلي بكتير المهم أصريت علي الدخول.

موظف الاستقبال اعتذر: 
-والله أنا مش في ايدي أدخل حضرتك، دي قواعد المستشفى وممكن اتجازى، كل اللي أقدر أعمله إني أتصل بالمسئول يجي يتفاهم مع حضرتك.

وفعلا أنتظرت، وكانت المفاجأة المسئول هو 'أمل' لقيتها جاية بتكلم الموظف، وجهها شاحب، وحركتها تقيلة، كنت متضايق ومستغرب حالتها، وبعد الكلام العادي والمتوقع طبعا وصلتني لماما، وهي بتتكلم كانت حتقع وقلبي انتفض سندتها وحسيت بردو بإحساس غريب، زي اللي حسته قبل كده وده وترني جدًا، حاولت أفهم مالها بس هي ما اتكلمتش.

خلصنا زيارتنا ورجعنا البيت وأنا بفكر في الصدف الكثيرة اللي تجمعني بها، وتصاريف القدر اللي عكس رغبتي، والاكتفاء بتجربة زواجي البائسة والفاشلة؛ لكن بردو شغل بالي شكلها وتعبها، ودار حوار بيني وبين نفسي من تاني
-وبعدين في الصدف دي كتير كده.
-زعلان؟!
-أيوه زعلان، مش عايز الصدف دي، وبعدين إيه اللي تاعبها كده؟ ليه مش بتكشف ماهي شغالة في مستشفى أصلًا؟
-زعلان عشان، تعبانة بس مبسوط أنك شوفتها، هتخبي علي نفسك إزاي بطل مكابرة.
-يوووووووه.

في اللحظة دي ماما دخلت واضح أنها كانت بتخبط وأنا سرحان.
-مالك يا حبيبي؟ 
ما كنتش مركز ومتضايق: 
-مفيش يا ماما، عايزة حاجة؟
-كنت جاية أسألك عن البنت اللي وصلتك لغرفة طنط عايدة، أنت تعرفها.
-يعني معرفة عادية وخدمتها مرة كده ساعدتها تخلص ورق 
-باين عليها طيبة ومحترمة، ساعدتني من غير ما تعرف أنك ابني بس هي مالها؟ شكلها تعبان ووشها أصفر.
-مش عارف يا حبيبتي يمكن تعبانة.

ماما بصت لي بابتسامة مزيج من السخرية والخبث الأموي اللي أنتم عارفينه، وفهمت طبعاً أنها لاحظت اهتمامي بها، أو فهمت حاجة وأنا كالعادة عامل نفسي مش واخد بالي ومستعبط علي الاخر، المهم ماما ماطولتش وكان واضح عليها السعادة أن أخيرًا في واحدة قدرت تحركني بعد الثبات الطويل، أما أنا فصورتها وهي تعبانة مش راضية تفارقني، عندي إحساس قوي إني عايز أطمن عليها، وفي نفس الوقت متضايق إني بفكر فيها وكمان شعوري لما بقرب منها بيضايقني؛ لأني بحس إني ممكن اضعف.

 عملت مجهود جبار مع نفسي عشان اقتنع اني مش مهتم، وأحاول أبعدها عن تفكيري، ولكن  هَيهات، تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، كام يوم ولاقيتها قدامي بالقسم وشكلها تعبان جدًا، أكتر من المرة اللي قبلها، وجهها شاحب بزيادة تقريبا أبيض عاملة زي الأموات شكلها افزعني وحاولت أبان عادي.

كانت عايزة تغير بيانات بطاقتها، ماكنتش مركز في كلامها قد تركيزي في تعبها وشكلها وسالتها، أحرجتها وأحرجت نفسي، وبالرغم من اني بحب جدًا اشوف حمرة الخجل علي وجهها لكن المرة دي لا.

لسة هَنتحرك نبدأ الاجراءات، لقيتها انحنت سندت بايدها علي المكتب وايدها التانية بها هبه، اللي كانت حتقع منها لولا إني لحقتها واخدتها منها، وأمل اتوجعت جامد وتاوهت وحسيت كأن سكينة اخترقت ضلوعي.. 

اغمي عليها وأنا ارتعبت، وفقدت اعصابي سندتها وندهت علي العسكري واعطيته هبه وشيلتها وأخدتها علي عربيتي، نيمتها علي الكنبة وهبه علي الكرسي جنبي وجريت علي المستشفى، وهناك قاموا باللازم.

 وخلال وجودنا هناك اختلست شوية ثواني دققت وأمعنت النظر في ملامح وجهها البريء وإحساس أول مرة يراودني يتملكني ويتغلل جوايا، وسعادة في النظر ليها بهدوء من غير ما أخبي أو أداري، علي قد زعلي عليها علي قد ما اتمنيت اللحظة دي تطول.

دخلت أمل العمليات والبنت معايا، كلمت ماما، جت بسرعة طبعًا ومعاها ملابس ليا غير اللي اتملت بدم أمل وكانت مخضوضة جدًا.
-إيه اللي حصلك؟ طمني يا حبيبي، أنت كويس يا ابني؟ أحكي لي.
 -أنا كويس والله ما تخافيش كده.
-تكلمني تقولي في مستشفى، وعايز هدوم عشان غرقت دم وأبقى عادي، وإيه البيبي اللي في ايدك ده؟
-اهدي يا حبيبتي وأنا حقولك، فاكرة لما جينا المرة اللي فاتت، وواحدة دخلتنا وقولتي أنها طيبة ومحترمة.
-أيوه فاكرها.
-كانت عندي في القسم وتعبت، جالها نزيف، فجبتها هنا والبنت دي هي بتكفُلها وكانت معاها.
 -وفين أهلها؟ إزاي محدش جه!

اتنحنحت بحرج: 
-مالهاش حد، عايشة لوحدها والدها ووالدتها متوفين، ومش معاها حد خالص، وكانت مآجله العملية عشان كده وده سبب تأخر حالتها.

ارتسم تلضيق والغضب على معالمها، اتكلمت بنبرة مشابهة لحالتها:
-أنت دايما كده، بتدورعلي الغريب والمعيوب، مش طبيعي تكون وحيدة كده، مالهاش حتي صاحبة تسيب معاها البنت، وكمان أخده طفلة من الملجأ.

كلام ماما وتلميحها عليها ضايقني وعصبني فعلًا
-ما تحكميش عليها من غير ما تعرفي ظروفها وحياتها، هي إنسانة محترمة ومهذبة، أنت نفسك شكرتي فيها قبل كده، ومش عيب أنها تكفل طفلة. 

-مش عايزة أحكم عليها، ومش عايزة أعرفها، لو سمحت يا عماد أبعد عنها، مش عايزاك تتعب تاني، أنا ما صدقت أنك بدأت تفوق، أنت ساعدتها وعملت العملية نقف معاها لحد ما تخرج بالسلامة وأبعد عنها أوعدني. 

كان ردي قاطع من غير تفكير: 
-مش حاقدر أوعدك دلوقتي، بس أنا مش ناوي علي حاجة من اللي فكرتي فيها خالص، فأطمني.

خرجت  أمل من العمليات ودخلوها غرفتها، كنا في انتظار أنها تفوق عشان أطمن عليها وامشي، وماما كانت قلقانة مش مقتنعة بكلامي، وخايفة عليا وأنا عاذرها وفتحت الكلام تاني

-يا ابني مش معني أنها صعبانة عليك، إننا ندخل بنت من الملجأ البيت، ونهتم بيها، وبعدين هي نفسها الله أعلم وراها إيه مش طبيعي تكون لوحدها كده.

-أكيد مش حسيبها تموت هي إنسانة  محترمة وطيبة، أنت نفسك شكرتي فيها قبل ما تعرفي اللي حكيت لك عليه.
-يا ابني...
-خلاص يا ماما أنا مش حتجوزها، أنا بساعدها عشان هي محتاجة مساعدة.

بدأت أمل تفوق وتتوجع قربت منها وماما كمان، لقيت نفسي بطبطب عليها اطمأنيت لما فتحت عينيها، وارتسمت علي وجهي بسمة ارتياح.

كل يوم أزورها ومعايا ماما وهبه، بفضل قلقان لحد ما أشوفها وأشوف بسمتها، اللي بالرغم من ارهاقها إلا أنها جميلة ورقيقة وبتسيب جوايا سعادة مش فاهمها. 

بنتظر معاد زيارتها بفارغ الصبر، لاحظت أن ماما ارتاحت شوية، وبدأت تحب هبه وسألتني ان كانت تعبانة ولا لأ، وأنا تعصبت جدًا من سؤالها لسببين أولاً أكيد مش عارف، حسأل ليه؟ والثاني كنت بتضايق من الأطفال عموما تقريبا بقيت معقد.


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close