أخر الاخبار

رواية جراح الماضي الفصل الحادي عشر 11 بقلم سارة الزعبلاوي

 


رواية جراح الماضي

الفصل الحادي عشر 11

بقلم سارة الزعبلاوي


ارتعش جسدها و اتسعت مقلتيها بخوف و هي تنظر له قائلة بذعر


- حسام افهمني بس،، و الله ،، ااه يا حسام..


لم يعطيها الفرصة لإكمال حديثها فجذبها من خصلات شعرها و ألقاها علي الفراش بعنف و أخذ يكيل لها الضربات و الصفعات


- يا زبالة... بتصوريني انا و مراتي في اوضة نومنا!!


أتت " نور" مهرولة عند سماع صدي صراخ " سما" المتردد في أنحاء القصر،،

دلفت إلي الغرفة و هي تري هذا المشهد المروع... لأول مرة تري " حسام" في هذه الحالة..


أسرعت لتقف أمامه لتحول بينه و بين " سما"،، فاحتمت " سما " بها ممسكة بملابسها من الخلف.. 


- آية اللي انت بتعمله دة يا حسام.. حراام عليك هتموت في ايدك!! 


قالتها " نور" بحنق ليقول هو بصوت هادر


- تموت و لا تروح في داهية،، اوعي من وشي يا نور.. اللي انتي بتدفعي عنها دي مصوراكي معايا في اوضة النوم.. اوعي


جحظت عيني " نور" و لكن لا مجال للدهشة،، سيقتل " سما" حتما إن بقيت أمامه لثواني أخري معدودة!! 


استدارت " نور" بظهرها و" سما" مازالت متمسكة بها.. فأصبحت في اتجاه باب الغرفة،، 

أسرعت " سما" نحو باب الغرفة هاربة من ذاك الوحش الكاسر الكامن أمامها.. 

ليركض " حسام" تجاه الباب فتلحق به " نور" و تقف حائلة بينه و بين باب الغرفة... 


- اوعي يا نور الله يكرمك من وشي،. انتي ازاي بتدفعي عنها عايز افهم؟! 


قالها " حسام" بعصبية شديدة.. لتقترب منه " نور " و هي تحتوي وجهه بين كفيها قائلة


- اهدي يا حبيبي بس.. متنساش انها حامل و انت كدة ممكن تسقطها!! 


- هو انتي هتفضلي لحد امتي تتنزلي عن حقك يا نور!! 


قالها " حسام" و هو ينظر لها بذهول،، فردت هي ملقنة إياه درسا جاء في صميم قلبه


- دة مش تنازل يا حسام،، انا بسامح بس... بابا الله يرحمه علمني اني ابقي متسامحة لأقصي حد.. دة ربنا بيغفر و بيسامح انا بقي مين عشان مسامحش!!! 


- يعني ممكن تسامحيني يا نور علي أي غلط انا غلطته في حقك في يوم من الايام؟! 


ابتسمت و الحماقة تشع من عينيها فهي لا تعلم مخزي حديثه،، و اقتربت منه محتضنة إياه قائلة


- انت الوحيد يا حسام اللي مهما تعمل هسامحك


شدد قبضته عليها و هي بين أحضانه... 

هو يعلم أنه تزوجها ليتخلص من شعوره بالذنب تجاه والدها،، فعندما قص عليه والده قصتها أصابه الشعور بالذنب علي ما فعله بوالدها،، 

فقرر التقرب منها و إيهامها أنه يحبها.. و لكن بعد فترة بالفعل قد نصبت شباكها علي قلبه برقتها و حنوها ليقع هو صريع تلك الشباك!! 


~ منذ خمس أعوام ~


كان الشعور بالذنب يغزو كيانه منذ ما فعله مع " زين سويلم" و كان سببا رئيسيا في موته... 

و قد علم من والده أن ابنة أحد رجال الأعمال المشهورين تتردد عليه لمعاناتها من انهيار عصبي نتيجة لفقدها والدها.. 

بالطبع قد ذكر والده اسم " زين سويلم"،، و منذ هذة الليلة و التفكير يقتله و الشعور بالذنب يسن سيوفه لتغزو كيانه!! 


و استطاع بخبثه المعهود معرفة مواعيد زيارة " نور" لوالده في العيادة،، 


و كانت أول مقابلة بينهما،،، 


كانت للتو قد أنهت جلستها مع والده و الذي هو طبيبها النفسي،، و كان هو متربصا لها بأسفل البناية... 

ما إن خرجت من باب البناية حتي أدار محرك سيارته مقتربا منها قاصدا رطمها بالسيارة دون إحداث أذي كبير لها.. 

و بالفعل قد كان له ما أراد،، حيث اصطدم بها بخفة لتسقط هي و هي تمسك بقدميها بتألم 


هبط من سيارته بسرعة و هو يتقن دوره التمثيلي بمهارة،، اتجه نحوها و هي ملقاة أمام سيارته متأوهة ممسكة بقدمها


- انا اسف جدا،، حضرتك حصلك حاجة يا آنسة!! 


نظرت له بأعين دامعة و هنا شعر بوغزات متتالية في قلبه رافضة هذا الحمق الذي يقوم به 


- مجراش حاجة.. عن أذنك!! 


قالتها " نور" برقتها المعهودة و هي تكتم الألم داخل ثنايا قلبها كما تعودت دائما.. 

حاولت النهوض و لكن ألم قدميها كان فوق المستطاع،، فيبدو انها قد كسرت... 

اقترب منها لتقف يديها حائل بينهما و هي تقول 


- عن أذنك متقربش.. انا هقوم لوحدي!! 


رفع حاجبه بدهشة،، فبالرغم من الآلام الظاهرة علي وجهها ترفض اقترابه منها.. 


لم يستمع لحديثها الغير مقنع بالنسبة له و حملها بين ذراعيها،، هتفت هي بضيق


- لو سمحت مينفعش اللي انت بتعمله دة،، نزلني لو سمحت 


وضعها في سيارته و هو يقول


- مينفعش.. انتي من الواضح انك عندك كسر في رجلك و انا السبب فيه و لازم اعالج زي ما اتسببتلك فيه.. 


- يا سيدي شكرا لاهتمامك.. بس نزلني و انا هتصل بحد من اخواتي يجيلي،، بس مينفعش اروح معاك!! 


هز رأسه رافضا رأيها هذا و انطلق بسيارته وسط تذمرها و اعتراضها الملحوظ


وصلا نحو المشفي و بعد فحص الطبيب لها تبين أنها أصيبت بكسر في ساقها... و يلزم ثلاثة أسابيع حد أقصى لشفائها.. 

لم يكن في خطته أن يصيبها بكسر و لكن حالفه الحظ 


- هو حضرتك كنتي عند مين في العمارة دي؟! 


قالها " حسام" و هو يساعدها في السير،، لتنظر له بضيق قائلة


- كنت عند دكتور محسن عدلي 


رفع حاجبه باندهاش مصطنع و قال


- معقول.. دة والدي!! 


سرعان ما تبدلت ملامحها من الضيق إلي الابتسامة و قالت


- حكالي عنك كتير.. حضرتك حسام صح!! 


- ايوة انا،، قوليلي بقا كان بيحكيلك اية عني؟! 


- هو قالي ان شركتك كانت بتتعامل مع شركة بابا الله يرحمه.. فعلا الكلام دة؟! 


حاول أن يداري توتره و قال بتساؤل


- هو مين والد حضرتك بس؟! 


- زين سويلم... 


- ااه ،، فعلا زين بيه الله يرحمه سمعته كانت طيبة جدا،، الله يرحمه و يحسن إليه.. 


ابتسمت بحزن قائلة بخفوت و هي تستقل السيارة بجانبه 


- الله يرحمه... 


فتحت أحاديث كثيرة بينهما أثناء إيصالها لمنزلها،، حتي وصلا قال


- انا اسف مرة تانية بس مكنتش مركز و انا بتحرك بالعربية.. 


- خلاص حصل خير 


- طيب ممكن تقبلي عرضي عشان محسش بالذنب؟! 


قالها بتأثر مصطنع لتنظر له بتساؤل فيردف هو قائلا


- طبعا انتي ليكي جلسات محددة مع بابا،، فتسمحيلي اوصلك انا لما تروحي.. 


هزت رأسها بالرفض و قالت 


- انا مقدرة احساسك يا استاذ حسام،، و شكرا لاهتمامك طبعا بس انا هخلي حد من اخواتي يوصلني 


- عشان خاطري أقبلي عرضي يمكن اعوضك شوية عن كسر رجلك.. 


زمت شفتيها بتفكير و قالت 


- و انا موافقة كفاية بس انك ابن دكتور محسن 


ابتسم بانتصار و ساعدها للوصول إلي باب منزلها و دلفت إلي الداخل بمساعدة الخدم 


مرت الايام و خطته تسير علي ما يرام،،

 يعبث هو بأوتار قلبها ليعزف ألحان العشق و ينتعش قلبها بهذا الشعور الذي يراودها لأول مرة بينما هو يضع قضبان علي قلبه و يحصنه جيدا ضد الحرب الذي شنتها بقلبها البريء علي قلبه الذي لا يعرف الرحمة و لا الحب!! 


بينما " محسن" كان الأكثر سعادة بما يحدث لحبه الشديد ل " نور".. 

ظل يلح في الطلب علي " حسام" أن يقوم بخطبة " نور" 


و بالفعل لم يمر سوي شهر علي خطبتهما و كان حفل زفافهما .. 

أصبحت زوجته رسميا،، تزوجت بمن قتل والدها و أيضا خطط لإيقاعها في شباكه و هي تظن أنه يحبها!! 


مر عامان علي زواجهما و بدأ " حسام" ذلك الشخص الرومانسي المرح يتحول إلي شخص البرود هو عنوانه الأساسي.. 

صامت،، لا يريد التحدث معها يعملها بجفاء غير مسبوق.. و هي لا تشكو و لا تمل من محاولاتها معه!! 

حتي والدتها لم تعرف شيء عن ما يفعله معها،، 

حتي أنه احيانا يبيت خارج المنزل.. و أحيانا يمر عليها ايام لا تراه.. 

فكرت أن تأتي له بطفل عله يكون سبب في عودته كما كان.. 

و لكن بدلا من أن تصلح هذا الواقع السيء،، دمرته بمعرفتها أنها عقيمة غير صالحة للإنجاب.. 


و هكذا مرت سنوات عمرها معه،، جفاء.. قسوة،، و خيانة!! 


كم علمت بخيانته لها العديد من المرات و واجهته و لم ينكر،، بل أصر علي ما يفعله.. 

و لكنها فاض بها الكيل و نفذ صبرها،، فتركت المنزل و توجهت لوالدتها... 

قصت عليها كل شيء فعله معها علي مدار السنوات و لم يكن من والدتها سوي الصمت و اقناعها بعدم طلب الطلاق.. 

مر عامان آخران و هو لا يسأل عنها و كأنه لم يتزوجها من الأساس.. 

لكنها كانت دائمة الزيارة لمحسن سواء في عيادته أو في القصر 

حتي علمت بزواج " حسام" من هذه الحية " سما" 

و ها هو آخر حبل يربط بينها و بينه.. قطع للأبد 

و لكن كأن القدر يرفض ابتعادهما ليكشف لها حقيقة أمره.. 

عاد لها يطلب السماح و العفو،. لتعود الحياة بينهما مرة أخري و لكن هذه المرة القدر سيعانده و ستنقلب الأمور ضده!!! 


~ عودة للواقع ~


______________________________


¶ سارت الايام و عادت الحياة لطبيعتها لأنها لا تقف علي فراق أحد... 


عادت " ليلي" لعملها مرة أخري علها تتناسي فراق والدتها الحبيبة... 

و دخلت إلي غرفة مكتبها و منها إلي غرفة مكتب " فارس".. 

لم تجده بها رغم أنها وجدت سيارته مصفوفة أسفل المشفي!! 


خرجت نحو السكرتير الخاص بهما قائلة


- فين دكتور فارس يا مراد؟! 


- هو قالي أنه هيمر علي المرضي يا دكتور.. 


- طيب شكرا يا مراد!! 


اتجهت للخارج باحثة عنه،، لم تجده في أي مكان في المشفي.. 

كادت أن تجن و هي تفكر أين من الممكن أن يكون قد ذهب؟!،، و لسوء الحظ هاتفه مغلق.. 


و بين ثانية و الأخري هرولت و هي تتخيل أين من الممكن أن يكون الآن!! 


- عم صلاح.. فارس جوة صح؟! 


قالتها و هي تحاول تنظيم أنفاسها،، ليرد الآخر


- ايوة.. و الله يا دكتور حاولت امنعه يدخل لهند هانم بس مقدرتش!! 


زمت شفتيها بقلق و اتجهت نحو الباب و أدارت المقبض بهدوء و هي متخوفة من رد الفعل التي ممكن أن تتلقاها من " فارس".. 

خصوصا أنهما أمام " هند" و التي تحسنت حالتها في الفترة الأخيرة و لا تريدها أن تتدهور مرة أخري برؤيتها لشجارها هي و " فارس" 


لكنه دائما ما يخالف توقعاتها... 

وجدته جالس بجانبها علي الفراش يداعبها و هي مستجيبة له بشدة!! 

صوت ضحكاتها الطفولي يتعالي لتملئ الأجواء بهجة و سرور.. 


سارت بهدوء متجهة نحوهما و هما لا يشعران بها،، ارتسمت ابتسامة تلقائية علي شفتيها بسبب مظهرهما المبهج التي ظلت تحلم به طوال السنوات السابقة و ظنت انه لن يتحقق ابدا،، 


وضعت كفيها بهدوء علي كتف " فارس" الجالس علي الفراش بجوار " هند"!! 


نظر لها بتعجب،، فهو كان يظن أنه بعد ما فعله أمام الجميع انها لن تريد رؤيته مرة أخري خصوصا أنهما لم يتحدثا من ذلك اليوم!! 


- ازيك يا هند.. 


قالتها " ليلي" بسعادة و هي تقبلها.. 

لتبتسم " هند" و هي تشير إلي " فارس" و كأنها تقول لها أنها سعيدة بسببه 


نظرت لها " ليلي" ثم عاودت النظر إلي " فارس" و قالت


- دة فارس.. 


صمت هو متابعا الحوار الدائر بينهما،، لتحاول " هند" نطق اسمه 


- فف.. فا


و لكنها فشلت كالعادة،، فهي بسبب العزلة و حالتها النفسية المتدنية لم تتعلم الحديث و لا النطق!! 

مازالت كالطفل الصغير تريد تعلم الحديث... 


- مش بتعرف تتكلم ليه يا ليلي؟! 


قالها " فارس" ناظرت لها بلوم لإهمالها ابنتها.. فاخفضت رأسها هاربة من عينيه و قالت 


- طبيعي يا فارس.. هي مخرجتش من الاوضة دي من ساعة ما اتولدت،، و بعدين خد بالك هي مدركة اللي احنا بنقوله.. 


هز رأسه متفهما لحديثها،، ثم قبل " هند" بحب شديد و ضمها إليه بقوة.. لتبادله هي الأخيرة العناق.،،


- هرجعلك تاني يا دودو،، ماشي يا حبيبتي 


تفوه بها " فارس" لتهز " هند" رأسها موافقة علي حديثه.. 


نظر نحو " ليلي" قائلًا 


- يلا يا ليلي عايز اتكلم معاكي شوية! 


أومأت لها بالموافقة و اتجها معا للخارج ليقول هو بابتسامة


- شبهك اووي علي فكرة!! 


ابتسمت بتلعثم،، مازالت تتوتر من حديثه المعسول.. 

مازال قلبها يخفق من تواجدها معه في مكان واحد!! 

مازال حبه يتزايد في قلبها رغم الفراق... 


- شوفي يا ليلي احنا محتاجين نتفاهم في موضوع هند دة.. لأني شايف من ناحية الحالة الصحية مفيش حاجة تستدعي وجودها في المستشفي،، و خلاص الموضوع اتعرف.. يبقي ملهوش لازمة وجودها في المستشفي،، و لو انتي مش عايزاها معاكي أخدها انا!! 


- لا طبعا،، يعني اية مش عيزاها معايا دي بنتي!! 


- و الله.. و هي دلوقتي بنتك و قبل كدة مكنتش بنتك؟! 


- متغيرش الموضوع يا فارس.. قبل كدة الوضع كان مختلف.. و بعدين انت عايز تاخدها معاك فين،، في بيتك اللي انت قاعد فيه مع الحرباية دي!! 


ابتسم و رفع حاجبه الأيسر بمشاكسة و قال


- انتي لسة بتغيري يا ليلو و لا إية؟! 


لم تجيبه بل أدارت وجهها لناحية الأخري،، فضحك هو قائلا 


- لا بس ملكيش حق،، دي مش واحدة تغيري منها.. و بعدين انتي اللي في القلب بس!! 


ستجن منه و من أفعاله البلهاء تلك،، 

سيطرت عليها الغيرة فأمسكت بطرف قميصه قائلة بغيظ


- هو انت عايز تجنني و لا إية.. انا اللي في القلب بس ازاي،، اومال دي كانت بايتة في سريرك بتعمل اية يا حبيبي؟! 


نظر لها بذهول و هو يحاول السيطرة علي حاله حتي لا يضحك و يثير غضبها أكثر،، فقال


- آية دة يا ليلي،، اية اللي انتي بتعمليه دة!! 


سمعت صوت ضحكات من خلفها،، فاستدارت لتجد الممرضات يتضاحكن علي مظهرها و امساكها ل " فارس" كالمجرم هكذا،، 

هدرت فيهن بغضب قائلة


- بتضحكي علي اية انتي و هي،، اتفضلوا علي شغلكم!! 


هرولن من أمامها لأنهن يعرفن انها عندما ينتابها الغضب تتحول لوحش كاسر.. 


استدارت الي " فارس" الذي يستمتع بالعرض التي تقدمه هي له،، فقالت و هي تمسك بتلابيب قميصه 


- عارف لو مبطلتش تستفزني يا فارس.. 


- آية هتكليني و لا إية؟! 


- لا هتزعل مني جامد.. و خليك فاكر كلامي،، عشان انت علمتني أن اللي بيعمل مبيقولش!! 


ثم تركته و ذهبت، و بالرغم من جنونها هذا إلا أنه استمتع تماما بما فعلت.. يكفي انه استشعر غيرتها عليه!! 


بينما هي ظلت تسير في الردهات مفكرة في القادم من علاقتهما،. هل ستقبل العودة إليه.. و هل ستسير حياتهما كما في السابق أن عادت إليه،، و هل سيسامحها و ينسي ما فعلته به في الماضي!! 


نظرت إلي إحدي الشرفات الزجاجية التي تطل علي غرفة إحدي المرضي.. 

إنه ذاك المنعزل الرافض للحياة!! 


مر الوقت و هو ليس في صالحه،. لابد أن تصارحه بمرضه .. 


طرقت باب غرفته بهدوء و لكنها لم تسمع الأذن بالدخول،، 

فاضطرت أن تدخل دون أذن منه،، وجدته جالس أمام شرفته بهدوء.. اقتربت منه قائلة


- صباح الخير،، ازيك يا استاذ سمير!! 


نظر لها بلا مبالاة و قال 


- صباح النور يا دكتورة.. 


وقفت أمامه و هي تقول


- ازيك النهاردة.. حاسس انك احسن؟! 


- الحمد لله بس عندي صداع مبيروحش... 


فركت كفيها بتوتر و قالت 


- و انا جيالك النهاردة عشان الموضوع دة،، الصداع دة سببه أن حضرتك عندك سرطان في المخ و النخاع الشوكي!! 


لم تتأثر ملامحه بينما ظلت جامدة كما هي،، تلعثمت " ليلي" من رد فعله هذا و قالت


- احم،، شوف يا استاذ سمير،، بما ان حضرتك متقدم في السن فالكيماوي نسبة تأثيره هتكون ضعيفة جدا و ممكن ميبقاش ليها فايدة،، فهنضطر نلجأ للجراحة و عشان مكدبش برضو علي حضرتك السرطان اللي عندك خبيث،، يعني ممكن يكون منتشر بنسبة كبيرة في جسمك و العملية هتبقي نسبة نجاحها 50 % و لو منجحتش ممكن حضرتك تتشل!!،،و طبعا مش هنقدر نسيطر علي باقي السرطان المنتشر في الجسم... 


هنا اجهش " سمير" في بكاء يقطع نياط القلب.. 

ارتسمت أمامها صورة والدها،، لم تتحمل هذا.. فجثت علي ركبتيها أمامه قائلة بشفقة 


- اهدي بس يا استاذ سمير،، دي حكمة ربنا!! 


- لا لا،، دة عقاب ربنا ليا علي اللي كنت بعمله في الناس!! 


قطبت حاحبيها باستغراب من حديثه و قالت


- اهدي لو سمحت بس كدة.. احنا ما صدقنا حالتك تتحسن!! 


- خلاص انا مش عايز حاجة من الدنيا دي غير أن ربنا يرحمني و يغفرلي قبل ما اموت،، يا رب سامحني يا رب!! 


- انت ممكن تعتبرني زي بنتك و تحكيلي يمكن دة يخفف عنك شوية!! 


نظر لها و قال


- احكيلك اية بس و لا إية.. اقولك ان انا كنت أكبر تاجر أعضاء في مصر،، اقولك اني ياما اتسببت في موت ناس و أطفال بريئة ملهمش ذنب.. و لا اقولك ان حتي الناس الميتة مرحمتهمش و كنت بفضيهم من أعضائهم بعد ما يموتوا،، و كل دة عشان اية عشان الفلوس.. ملعون الفلوس اللي تخليني اتاجر في أرواح البشر... انا اللي بيحصلي دة قليل،، المفروض ربنا يعاقبني اكتر من كدة!! 


أتعلمون الصدمة الذي تجتاحكم من حديث شخص ما و تلجم ألسنتكم لدرجة انكم تستغرقون وقت ليس بالقليل لاستيعاب ما يقول!! 


هذه هي حالة " ليلي" الآن.. لم تتوقع أبدا أن تكون قصته هكذا،، فأكمل هو منتحبا كالأطفال 


- حتي ولادي اتبروا مني لما عرفوا حقيقتي،، رفضوني.. و مراتي اتخلت عني.. ايوة فضلت تبقي معاهم عشان خافت علي نفسها ليقتلوها!! 


- طيب و اية اللي خلاك تعمل كدة اصلا،، اية اللي وصلك للمرحلة دي!! 


- الفقر وحش صدقيني... ممكن متحسيش باللي انا بقوله لأنك معشتيهوش،، لكن.. لكن انتي مش فاهمة يعني اية تنامي من غير غطا في عز البرد،، يعني اية تقعد باليومين مفيش في بطنك حاجة،، حتي الماية مش لقياها.. 


هزت رأسها بعدم اقتناع بمبرراته و قالت باستنكار


- لو كل واحد مش لاقي ياكل عمل كدة هنبقي في غابة و ناكل في بعض، ثم إن في ناس كتير اوي فقرا و مش لاقيين ياكلوا و بيشتغلوا شغل شريف حتي لو الفلوس اللي بتيجي منه متقضيش غير الأكل بيبقوا راضيين،، و أحيانا اصلا في ناس مش بيبقوا لاقيين الشغل دة و بيرضوا بحالهم و ربنا بييعتلهم اللي يكفي عيشتهم،، كل دة اختبار من ربنا ليك بس حضرتك اخترت الطريق الأسهل عشان تعيش عيشة مرفهة و فشلت في الاختبار دة.. و للأسف كل اللي انت فيه دلوقتي دة مش نتيجة للاختبار حتي.. دي بوادر ظهور النتيجة!! 


نظر لها بذهول،، فهذا الحديث صادر عن فتاة في بداية عقدها الثالث،، 

صادر عن فتاة عمرها نصف عمره... 

و لكنها محقة تماما في كل ما قالته،، صمت لتقول


- انت عارف انا مش هبلغ عنك لسبب واحد بس،، أن انت كفاية عليك عقاب ربنا و مرضك اللي ابتلاك بيه و ملوش علاج.. و كفاية ولادك اللي اتخلوا عنك و هما عندهم حق و مراتك ربنا أداها فرصة ترجع عن اللي هيا فيه بس رفضت الفرصة!! 


قطع صمتها رنين هاتفه لتخرجه من جيب معطفها الأبيض و تجيب قائلة


- الو يا فهد.. 


انتبه لها " سمير" و هو يستمع لحديثها بشغف 


- الو يا ليلي.. عاملة اية؟! 


- انا تمام الحمد لله.. انت اتحركت؟! 


- من زمان انا واقف تحت المستشفي.. 


- طيب انا هغير هدومي و هنزل علي طول سلام!! 


نظرت إلي " سمير" بتساؤل لينكس رأسه قائلا


- علي اسم ابني عشان كدة الاسم جذبني!! 


تنهد بأسي عليه و قالت مربتة علي كتفه 


- ربنا يتولاك برحمته.. انا هرجعلك بكرة عشان تبدأ العلاج.. عن أذنك 


__________________________________

 

¶ يا ليت الايام تعود.. ليتني لم أضيع العديد من الفرص من يدي تحت مسمي البلاهة!! 


دخلت " فاطمة" الي غرفة " هنا " لتجدها واقفة أمام شرفتها و الهدوء هو عنوانها... 

اقتربت منها و هي تربت علي ظهرها بشفقة قائلة


- مش بتنزلي تقعدي معايا لية يا فاطمة بدل منا قاعدة لوحدي!! 


نظرت لها و قال بشرود 


- مظنش انكم عايزين تشوفوا وشي اصلا؟! 


تنهدت " فاطمة " بحزن و قالت و هي تقف أمام " هنا" 


- ليه بتقولي كدة بس يا حبيبتي،، اللي حصل دة انت ملكيش ذنب في!! 


- متحاوليش تشيلي عني الذنب يا فاطمة انا السبب في كل حاجة حصلت.. لو كنت مشيت عدل و سمعت كلام ماما مكنش هيجرا كدة ... انا اللي دمرت نفسي و انا اللي دمرت يوسف و انا اللي موتت ماما!! 


غلب البكاء علي نبرتها في الجملة الأخيرة،، لتحتضنها فاطمة قائلة


- اهدي بس كدة كل دة بأمر ربنا محدش ليه ذنب فيه،، اقولك تعالي ننزل نزور يوسف!! 


ازداد بكاء " هنا" و قالت بألم


- اااه.. يوسف،، يا تري هيحصل اية لما يفوق و يعرف اني اتجوزت غيره!! 


- خلاص يا هنا احنا فيها،، ارفضي و قولي لليلي انك مش هتتجوزي مروان و سيبيه ياخد عقابه.. 


- مينفعش.. لو متجوزتش مروان محدش هيرضي يبص في وشي اصلا.. و انا مش هضحك علي نفسي،، يوسف مش هيبقي عايزني تاني خلاص خصوصا بعد الفيديو اللي هو شافه!! 


- صحيح اية حكاية الفيديو دة يا هنا!! 


تشنجت ملامحها و قالت بندم


- كنت سهرانة معاه في الديسكو.. شربت كتير لحد ما بقتش حاسة بنفسي،، خدني بيته و كان بيصور فيديو عشان لو حبيت اغدر بيه يهددني بالفيديو دة.. بس قبل ما يعمل حاجة جرس الباب رن و بدأت افوق و لحقت نفسي قبل ما يحصل حاجة و هو اتأسفلي كتير بس متخيلتش انه كان بيسجل فيديو ساعتها!!،، و بردو ما اتعظتش فضلت ماشية في اللي انا فيه لحد ما كله جيه علي دماغي،، يا ريت كنت سمعت كلام ليلي و بعدت عنه.. يا ريتني!! 


______________________________


¶ طرقات علي باب مكتبه أخرجته عن تركيزه في عمله،، 


- ادخل يا مراد.. 


- انا آسف يا دكتور فارس.. بس في واحد برة مصر يقابل حضرتك.. 


قطب " فارس" حاجبيه باستغراب و قال


- اسمه اية يعني؟! 


- مش راضي يقول اسمه 


ليظهر آخر شخص توقع مجيئه للمشفي قائلا


- انا يا ابو الفوارس.. اية يا راجل رحت و قلت عدولي!! 


- عماد.. طيب اتفضل انت يا مراد دلوقتي!! 


قالها " فارس" بتوتر.. ليجلس " عماد" قائلا


- آية يا فارس مش قولتلك مستني منك تليفون.. مكلمتنيش ليه!! 


نظر له " فارس" بغل قائلا


- عايز اية يا عماد؟! 


- هكون عايز اية يعني يا فارس.. عايز نبدأ شغلنا بقي!! 


صمت " فارس" بضيق و هو يجز علي أسنانه ليقول " عماد" 


- اوعي تكون رجعت في كلامك.. قولي صحيح اية اخبار الكتكوتة الصغيرة؟! 


تهديد واضح  من هذا الحقير بابنته،، رد" فارس" قائلا


- عايزني اعمل اية يا عماد،، خلص!! 


- برافو عليك.. كدة احبك،، طبعا انتم عندكو مشرحة في المستشفي،، و كل يوم جثة جديدة تدخل انا بقي عايز حاجات معينة من الجثث اللي هتدخل دي... 


نظر له باحتقار و كأنه يتحدث عن سلع تباع و ليس أعضاء انسان.. قال " فارس "


- احنا اتفقنا اننا نشتغل مع بعض.. بس مش من المستشفي،، انا بس اللي هستحمل نتيجة اللي هيحصل.. ليلي مش لازم تتحمل نتيجة حاجة!! 


- و مين اللي قالك ان ليلي هيجرالها حاجة... انت طول ما بتشتغل معانا انت في حمايتنا،، و البوليس لا يمكن يهوبلك... 


صمت " فارس "مفكرا في حديثه،، فهو لن يغامر بحياة ابنته و لا بحياة " ليلي" 


- و بعدين.. هتستلم مني الحاجات اللي انت عايزها دي ازاي.. 


- أول لما تجهز الحاجة،، هتبلغني و هبعتلك رجالة يستلموا منك،، و علي فكرة دي البداية بس.. بعد كدة الشغل هيكبر... 


_____________________________________


¶ كانت تستقل السيارة معه و هي تفكر في قصة ذاك الرجل الذي يدعي " سمير" 

كيف لها أن تساعده و تخرجه مما هو فيه... 


- آية اللي واخد عقلك؟! 


قالها " فهد" بتساؤل عن شرودها.. لتقول هي بتفكير


- تاجر أعضاء!!! 


نظر لها ببلاهة و هو غير مدرك ما قالت،، و قال


- نعم!! 


ابتسمت علي اندهاشته و قالت بتوضيح


- مريض عندي... كان بيشتغل تاجر أعضاء!


ثقلت أنفاسه و هو يتذكر والده و عمله المشين.. و قال


- بس اية اللي دخله المستشفي يعني؟! 


- من تلات أسابيع جالنا في حادثة عربية و الشرطة معرفتش تجيب اللي عملها،، محدش بيسأل عليه تقريبا خالص.. بس العجيب أن حساب المستشفي بيتدفع بانتظام من برة مصر،، و لما عملتله تحاليل شامله عشان اتطمن علي حالته عرفت ان عنده سرطان في المخ و النخاع الشوكي و نسبة علاجه ضعيفة جدا،، و لما هو عرف انهار و قعد يعيط و يقول ان دة عقاب ربنا ليه.. و ان ولاده سيبينه من زمان عشان عرفوا بتجارته في الأعضاء و لما حب يتوب و يرجع عن العصابة اللي كان بيشتغل معاهم مراته باعته و فضلت مع العصابة و هما اللي دبروله الحادثة عشان ينتقموا منه!! 


" والده"؟!... أمن المعقول يكون هذا والده،، لكن والده لم يتب،، والدته قالت انه عاد ليطمئن عليهم فقط.. كل هذا هراء!! 

والده لن يعود عن ما يعمل به و لو بعد قرن!! 


- يلا احنا وصلنا.. 


هبطا معا نحو مقر النيابة،، 


- احنا مستنيين اية يا فهد؟! 


- المحامي يا ليلي.. مش هندخل من غير محامي!! 


- طيب ما انا قولتلك اجيب محامي العيلة.. 


- لا..  مع احترامي للكل بس الموضوع دة محتاج محامي مش مظبوط،، يعني يعرف يطلع ثغرات في القضية بتاعة يوسف دي قضية مش سهلة،، لكن لو جيبنا محامي محترم هيرفض القضية اصلا.. فهمتي!! 


احتل التعجب ملامحها ليبتسم قائلا


- الغلط مبيتصلحش غير بغلط يا ليلي،، اكيد فهماني!! 


- فهماك يا فهد.. يا ريتها كانت سمعت كلامي و بعدت عن الطريق اللي كانت ماشية فيه دة؟! 


- مش هنقعد نعيط علي اللي فات... لازم نصلح اللي حصل دة في أقرب وقت!! 


هزت رأسها بالموافقة علي حديثه.. و لم يلبثا طويلا حتي وجدا رجل يبدو أنه في نهاية العقد الخامس،، 

قصير القامة، اشعث الشعر.. ممتلئ البدن 


- معلش يا فهد بيه اتأخرت علي حضرتك.. الطريق كان.. 


- مش وقته يا عصام... اعرفك الدكتورة ليلي اخت المجني عليها!! 


- اهلا بيكي يا قمر.. 


قالها " عصام" و هو يتفحصها جيدا،، ليهتف فيه " فهد" بضيق قائلا


- عصام!! 


- احم.. آسف يا فهد بية 


اتجه " عصام" نحو العامل الجالس أمام باب المكتب و قال و هو يخرج بطاقة من جيب بنطاله 


- قول لوكيل النيابة أن محامي المتهم  مروان العجاتي حضر.. 


بالفعل دخل العامل و خرج قائلا


- اتفضل مازن بيه مستني حضرتك!! 


دخلوا جميعا ،، ليقول " فهد" بدهشة 


- مازن الرفاعي.. فينك يا ابني من زماان؟! 


وقف " مازن" مندهشا،، " فهد" هو  جاره وصديق طفولته و قد افترقا منذ أن انتقل " فهد" هو و شقيقته من المنزل الذي كانا يعيشها فيه مع والديها عندما علما بتجارة والديها بالأعضاء!! 


نهض " مازن" متجها نحو " فهد " و احتضنه بحرارة قائلا


- وحشني يا ابن الاية.. وحشتني جدا و الله!! 


- انت وحشني أكتر يا مازن... 


قالها " فهد" ليلتفت " مازن" نحو" ليلي" و هو يعتقد أنها " نور" نظرا لأنهما توأم متشابه.. قال بابتسامة 


- ازيك يا مدام نور.. هو حضرتك مرات فهد؟! 


- لا لا ثواني انت الموضوع مختلط عندك،، انا مش نور انا ليلي توأمها.. 


قطب " مازن" حاجبيه بعدم فهم ليهمس له " فهد" قائلا


- هفهمك بعدين!! 


جلسا و بدأ " عصام" حديثه قائلا


- طبعا يا باشا حضرتك عارف ان انا المحامي بتاع المتهم 


- اه طبعا


- طيب.. احنا كنا جايين النهاردة عشان نتنازل عن قضية الاغتصاب المرفوعة ضده 


جحظت عينا " مازن" و هو ينظر الي " فهد" باستغراب و قال


- ازاي يعني... حضرتك متأكدة يا مدام ليلي!! 


هزت " ليلي" رأسها بتأكيد علي حديث " عصام" و قالت


- اه متأكد يا مازن بيه.. احنا عايزين نتنازل عن قضية الاغتصاب المرفوعة ضده!! 


- في غير قضية الاغتصاب.. قضية تعذيب و خطف!! 


قالها " مازن" بغيظ من تنازل " ليلي" عن حق شقيقتها بهذه السهولة.. ليرد " عصام" قائلا


- و انا حاضر مع المتهم في القضية دي... بس قبل ما نبدأ التحقيقات انا محتاج اقابل المتهم... 


- تمام.. انا هطلعلكم إذن نيابة بالزيارة!! 


و بالفعل قام بإصدار إذن نيابة لزيارة " مروان" و اتجهوا نحو السجن الذي يقطن فيه.. و قاموا بمقابلته 


اشمئزت" ليلي" ما إن رأته.. فمظهره يفزع البشر... لحية طويلة،، سواد تحت عينيه.. شهر مجعد!! 

استغربت " ليلي" كيف كانت " هنا" قادرة علي التعامل معه و هو يشبه المجرمين هكذا؟! 


- تعالي يا مروان!! 


قالها" عصام" و هو جالس علي المقعد.. ليتقدم منه " مروان" بخوف و هو يعتقد أن" ليلي" هي " هنا" ،،  فقال الضابط


- طيب انا هسيبكم يا فهد بيه علي راحتكم!! 


اومأ له " فهد" بالموافقة علي حديثه.. 


- عايز تخرج من اللي انت فيه دة يبقي تسمع الكلام اللي احنا هنقوله!! 


قالها " عصام" بنبرة تحذيرية ليقول" مروان" بريبة 


- انتم عايزين اية؟! 


نهضت " ليلي" من محلها متجهة نحوه.. حيث وقفت أمامه مباشرة و قالت


- انا اخت هنا... 


توترت ملامحه و قال


- انا عايز ارجع الزنزانة... 


تقدم ناحية الباب ليوقفه صوت " فهد" الهادر قائلا


- أوقف ياض مكانك!! 


ارتعد " مروان " محله ليتقدم منه " فهد" و هو يمسك بتلابيب قميصه قائلا


- بص يا حيليتها... عايز تخرج من هنا يبقي هتتجوز هنا!! 


- حح.. حاضر يا باشا 


- اهدي بس يا فهد بيه و اقعد،،مروان هينفذ اللي احنا قولنا عليه... 


جلس" فهد" هو و " ليلي".. بينما دار " عصام" حول " مروان "قائلا بخبث


- شوف يا مروان.. احنا ميرضناش انك تتسجن،، عشان كدة احنا هنتنازل عن قضية الاغتصاب و مش بس كدة هنخرجك كمان من قضية الخطف و التعذيب،، و كل دة بشرط واحد بس.. تتجوز البشمهندسة هنا لمدة شهر و بعد كدة تطلقها علي طول.. و خد بالك انت مش هتلمسها و لا هتقرب منها!! 


- طيب و انا اية اللي يضمني أن بعد ما أطلقها ما تحبسونيش تاني!! 


- للأسف مفيش ضمانات يا مروان.. بس خلينا نفكر كدة شوية.. احنا هنخرجك من كل التهم مقابل انك تتجوز هنا هانم.. هل بعد كل دة هنحبسك تاني عشان نجيب لنفسنا الفضايح.. مش منطق ابدا،، صح و لا إية!! 


قالها " عصام" بمكر ليرد " مروان" قائلا بتردد 


- صح يا باشا.. و انا موافق!! 


____________________________________


¶ مرت الايام و مازال " يوسف" في غيبوبة و لم يفق بعد.. 

و " هنا" حالتها تتدهور يوما بعد يوم،، ترفض الحديث مع أي شخص.. منعزلة في غرفتها حتي أنها لم تخرج لزيارة " يوسف "!!! 


و اليوم هو ميعاد فتح الوصية،، فقد مر اسبوع علي وفاة " مرفت".. 

اجتمعوا جميعا في الفيلا حتي " فارس" الذي استغرب حينما ابلغته " ليلي" أن المحامي طلب تواجده أثناء فتح الوصية!! 


- عايز أقول حاجة قبل الفيديو ما يشتغل،، طبعا حضراتكم عارفين ان كل أملاك زين بيه قبل ما يموت كتبها باسم مرفت هانم،، حتي الفيلا اللي انتم قاعدين فيها دي دكتور ليلي كتباها بيع و شرا لمرفت هانم الله يرحمها... يعني كل ما تملكوه دلوقتي من شركات و أراضي و الفيلا دي و الفيلا القديمة تندرج تحت الوصية اللي هتتقال دي.. ماعدا طبعا الأملاك الخاصة زي المستشفي بتاعة حضرتك يا دكتور ليلي و شركة بشمهندسة هنا


نظروا جميعهم لبعض باستغراب من تمهيد " شاكر" المقلق،، لم يترك لهم فرصة التساؤل فقام بفتح الفيديو الذي تظهر فيه مرفت و هي تقول


- و انتم بتشوفوا الفيديو دة دلوقتي هكون انا بين ايد ربنا.. مش عيزاكم تزعلوا مني يا بنات من الوصية دي،، انا كل همي مصلحتكم لاني خايفة عليكم من الزمن دة.. 

ليلي اتحملت كتير و كتر خيرها.. يمكن تكون غلطت زماان بس آن الأوان تنسي الغلط دة و تعيش حياتها،، و نور.. حسام بيحبك يا حبيبتي، خليكي جمبه مهما حصل متسيبيهوش و متنسيش أن هو اللي وقف جنبنا بعد وفاة زين الله يرحمه 

فاطمة ربنا يهديكي يا حبيبتي.. انتي و اخواتك ملكمش غير بعض،، قربي منهم و حبيهم و اوعي تزعلي أحمد في يوم من الأيام... أحمد بيحبك بجد و لو لفيتي الدنيا كلها مش هتلاقي حد يحبك غيره.. 

هنا.. حبيبتي التايهة اللي مش عارفة هي عايزة اية من الدنيا دي.. فكري كويس قبل ما تخطي اي خطوة يا حبيبتي و ادرسيها عشان عواقبها متجيش علي دماغك في الآخر... و ارجعي ليوسف لأنه بيحبك و هو الوحيد اللي هيقدر يسعدك و ياخد باله منك... 

أنا قررت و انا في كامل قوايا العقلية أن كل الثروة اللي انا بمتلكها تتوزع بينكم بالتساوي في حالة واحدة بس.. 

أن 

ليلي ترجع لفارس،، و نور تفضل مع حسام،، و فاطمة تتجوز أحمد و يتمموا الجواز ميبقاش علي الورق بس 

و هنا نفس الحكاية تتجوز يوسف... 

اي واحدة فيكم هتخالف وصيتي هتتحرم من نصيبها في الميراث و نصيبها هيتم التبرع بيه في الجمعيات الخيرية و حتي الفيلا مش هتقعد فيها!! 

.. مش عيزاكم تزعلو مني يا بنات.. انا بعد ما اكتشفت مرضي باللوكيميا و عرفت ان ايامي بقت معدودة في الدنيا كان لازم آمن مستقبلكم.. 

هتوحشوني اووي...!!! 


             الفصل الثاني عشر من هنا 

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close