أخر الاخبار

رواية التل الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم رانيا الخولي

                

رواية التل

 الفصل التاسع والعشرون 29

 بقلم رانيا الخولي  

        

قررت جذب الغطاء عليها كي لا يستيقظ ويعلم بأنها رأتها

همت بمسك حرف الغطاء كي تغطيها لكن صرخة فزع صدرت منها عندما وجدت يده تمسك معصمها بقوة آلمتها وصوته الحاد ينهرها

_ بتعملي ايه؟

اجفلت عندما لاحظت نظراته القاتمة وتمتمت بنفي

_ معملتش حاجة… أنا بس …

قاطعها بانفعال

_ طب روحي دلوجت.

شعرت بالخوف من نظراته وهمت بتبرير ما حدث 

_ جواد والله….. .. 

قاطعها بهدر

_ جولتلك روحي دلوجت

تجمعت العبرات في عينيها وجذبت مئزارها وأسرعت بالذهاب إلى المرحاض مغلقة الباب خلفها.

أما هو فقد زم فمه بغضب شديد فلم يجد سوى تلك المزهرية ليخرج بها غضبه وقام بقذفها في الحائط لتصدر صوتا أرعب توليب التي جلست على حافة حوض الاستحمام تبكي بحزن.


نهض جواد وقد ارتدى ملابسه وقام بالاتصال على موظف الفندق وقد عادت الخشونة لصوته

_ ابعتلي الحساب.

لم ينتظر الرد من الرجل وأغلق الهاتف وذهب إلى الخزانة ليخرج ملابسه ويضعها داخل الحقيبة.


مسحت توليب دموعها عندما سمعت طرقه على الباب وهو يسألها بجمود

_ خلصتي؟

نهضت بسرعة وفتحت المياه لتصدر صوتًا وتمتمت بصوت مهزوز

_ لأ..لأ لسة مخلصتش.


خرجت بعد قليل فتجده جالسًا على الفراش مستندًا بمرفقيه على ساقه وفور رؤيتها أخذ ملابسه ودلف المرحاض دون أن ينظر إليها.

اندهشت من رد فعله ماذا حدث تستحق عليه ذلك

هي لم تتعمد ما حدث 

وإذا حقا تعمدت ما الضرر في ذلك 

هي زوجته ووافقت على الزواج منه بكامل إرادتها ولم تبالي بذلك الأمر

لما إذا يتحسس تجاه ذلك الموقف 

نظرت لحقيبته الموضوعة على الفراش فعلمت بأنه انتوى العودة

دنت من الخزانة وأخرجت ملابسها لترتديها ثم وضعت باقي الملابس داخل حقيبة أخرى وجلست تنتظر خروجه.

         ______________


لم تنام نور تلك الليلة وظلت تفكر فيما يجبرها عليه مراد

تذكرت ما قاله لها أمس وعقلها لا يستوعب كيف بإمكانها الرضوخ لطلبه


فلاش باك


لم تستوعب نور معنى حديثه سألته 

_ تقصد ايه؟

تنهد مراد وتمتم بثبات وهو ينهض من مقعده

_ زي ما جولتلك چوازنا مش هيكون حبر على ورج لأنه حرام شرعاً ومن بكرة هنام معاكي في الأوضة.

تركها مراد كي لا يشعرها بالاحراج لكنها اوقفته وهى تسير خلفه لتقف قبالته وتحدثت بحدة

_ واتفاقك معايا مكنش حرام شرعاً.

عقد حاجبيه متسائلًا 

_ اتفاج ايه؟ انا متفجتش على حاچة معاكي كل اللي جولته إننا لازمن نتزوچ لجل الولد ما يتنسب باسمي ومحددتش إنه صوري ولا اتكلمت فيه معاكي.

لم تستطيع انكار ذلك بل هو حقًا لم يوضح شيئاً فقالت بتعند

_ بس كان لازم تعرفني رغبتك دي من الأول وتشوف إذا كنت هسمح ولا لأ.

تقدم مراد منها وتطلع في عينيها التي ابعدتهم كي لا يرى ارتباكها وقال بخبث

_ كان هيفرج معاكي؟

ازداد ارتباكها وتمتمت باضطراب

_ أ أكيد طبعًا على الأقل هيكون عندي علم، وبعدين انا كدة بخون سلمى ….

قاطعها مراد بلهجة حازمة

_ سلمى عارفة كل حاچة من البداية وموافجة، وبعدين أنا عمري ما هظلم واحدة فيكم لأني لو شايف إني مش هجدر اعدل مش هفكر في الموضوع من أساسه.

تركها ودلف للمنزل دون ان يستمع ردها وكأنه بذلك يخبرها بأنه أمر منتهي لا جدال فيه.

باك

هزت راسها برفض لا

لن تقبل بالسعي خلف سعادتها على حساب سلمى التي لم ترى منها سوى كل خير.

لا تنكر بأن قلبها الخائن دق له لكن سلمى ستظل بينهم ولن تقبل بظلمها

انتبهت لطفلها الذي اعلن عن استيقاظه بالبكاء فأسرعت إليه تحمله بين يدها بتروي

وتمتمت بابتسامة 

_ جعان يا قلبي؟ طب يلا ننزل نصبح على تيتا واعملك الرضعة.

خرجت نور من غرفتها فتصادف خروج مؤيد الذي ما إن رآى الصغير حتى تقدم منها بسعادة

_ صباح الخير، ماله بيعط ليه؟

ردت نور بمزاح ارادت به عدم التفكير في ذلك الأمر 

_ هو بطل عياط من وقت ما رجع ينام خمس دقايق ويقوم يعيط قدهم.

ضحك مؤيد وقال مداعبًا يده الصغيرة

_ ده في الأول بس بعد إكدة نومه هينتظم عادي.

انتبه كلاهما على خروج مراد والذي على اثره اختفت ابتسامة نور 

تقدم منهم قائلاً 

_ السلام عليكم 

رد كلاهما السلام ثم سألهم وعينيه تتطلع الى آسر بسرور

_ واجفين إكدة ليه؟

عاد آسر يبكي كأنه يشكو له فقال مؤيد 

_ اهو رد عليك اسيبكم اني بجى

تركهم مؤيد ليزداد ارتباكها مما جعل مراد يستلذ ذلك وقال بهدوء 

_ هاتيه وانزلي انتي اعمليله الرضعة.

وافقت كي لا تجادل أمامه فتتلامس ايديهم بغير تعمد مما جعل كلاهما يشعر بالارتباك من تلك المشاعر التي اقتحمتهم.

ازدردت لعابها بصعوبة وهمهمت بتلعثم

_ تـ..مام.

انهت كلمتها وأسرعت بالترجل من الدرج وهو ينظر إليها بابتسامة حتى اختفت من أمامه 

فنظر لآسر وقال بمكر

_ شكلها هتتعبني معها بس متقلقش ابوك قدها.

اخذه وترجل للأسفل فيجد والدته جالسة على طاولة الإفطار تنتظر حضوره

تقدم منها يقبل رأسها وقال 

_ صباح الخير يا أمي.

_ يسعد صباحك يا ولدي 

وضع آسر بين يديها وهو يقول بسرور

_ يلا صبحي على آسر بيه 

نظرت بسعادة إلى اسر الذي استكان بين يديها وقد وجدت وجه الشبه بينه وبين والده وكأنه جاء ليكون عوضًا حقًا عن ابنها الذي فقدته

نظرت لمراد وقالت بفرحة

_ كأني شايفة آسر الله يرحمه وهو في سنة.

دلفت نور وهي تحمل رضعته 

_ السلام عليكم 

رد عليها السلام وتقدمت من آمال 

_ صباح الخير يا طنط هاتيه ارضعه.

رفضت آمال باصرار

_ افطري انتي وانا هرضعه انا لسة ماخدتش الأنسولين 

نظرت لمراد وتابعت

_ وانت يا مراد افطر عشان تمشي على المستشفى يا ولدي.

جلس على مقعده ونظر لنور التي أعطت الزجاجة لآمال وجلست على المقعد بجوارها

لم تستطيع رفع عينيها عن الطبق وهي تشعر بعين مراد تراقبها 

دلفت سلمى وهي تصبح عليهم ثم نظرت لآسر تلاطفه

_ صباح الخير يا آسر نمت كويس؟

ارادت نور أن تتطرق معها في الحديث كي تخف من وطئت ذلك الضغط عليها

_ خاالص، كان بيقوم كل خمس دقايق.

ردت آمال بقلق

_ يبجى حاچة وچعاه؟

_ مش عارفة اول مرة بقا ومعنديش فكرة.

رد مراد وهو يترك الطعام من يدها 

_ مرنتيش عليا ليه كنت عاينته؟

رفعت جفنيها بإحراج ثم اخفضتها وهي تجيب 

_ محبتش اقلقك 

نهض مراد كي يذهب لعمله وغمغم بحزم

_ اللي حصل ده ميتكررش تاني، اي حاچة تخصه تخصني انا كمان فاهمة؟

اومأت له بصمت ثم تركهم وغادر لكن ترك اثر في قلبها باهتمامه بطفلها.

      _________________


لم يستطيع آدم الانتظار بعد موافقتها وأصر على عقد القران 

مما جعل عامر يوافق عليه كي يطمئن اكثر عليها وقد ازداد قلقه منذ تهديد خالد 

دلف عامر كي يخبرها بقرار آدم فوجدها واقفة تفرك يديها وكأنها تنتظر دخوله فعلم حينها بأنها كانت تستمع إليهم 

تقدم منها يسألها بمغزى

_ بما انك سمعتي رأي آدم رأيك انتي ايه؟

تظاهرت امامه بالثبات وردت بفتور

_ اللي تشوفه.

_ لا يا ياسمين اللي تشوفيه انتي مش حد تاني، الغلطة اللي حصلت قبل إكدة مش هتتكرر تاني، هو طالب يكتب الكتاب بكرة واني بصراحة رايد اطمن عليكي جولتي ايه؟

_ طيب وجدي؟

_ جدك انتهى دوره لحد إكدة معدش له أنه يتحكم في عيلتي بعد اللي حصل.

واصلت تظاهرها رغم الراحة التي لازمتها منذ حديثها معه أمس وردت بثبوت

_ موافجة.

ابتسم بسرور 

_ على خيرة الله.

      ________________


خرج جواد من المرحاض على نفس وجومه وأخذ هاتفه ووضعه بسترته وكذلك مفاتيح السيارة ثم تحدث دون أن ينظر إليها 

_ يلا.

وافقت دون النطق بشيء وهمت بحمل حقيبتها لكنه سبقها. وحملها خارجًا بها من الجناح 


وعند نزولهم ناولها مفتاح السيارة وقال بجمود

_ استنيني في العربية.

أومأت برأسها وحمل العامل الحقائب وذهب بجوارها ليضعهم بالسيارة ثم استقلتها تنتظر عودته وهي لا تعرف ماذا تفعل

هل تتحدث معه الآن وتشرح له حقيقة ما حدث

أم تنتظر عودتهم للمنزل وبعدها تفاتحه.

تطلعت إليه وهو يخرج من باب الفندق يرتدي. نظارته الشمسية والتي أخفت عنها عيناه التي تعشقها رغم صلابتها وجموحها

استقل جانبها بصمت مطبق وقام بتشغيل السيارة وانطلق بها 

لم ترتاح لذلك الصمت وهو يمسك طارة القيادة بيد واليد الأخرى يضعها على حافة النافذة ضاغطًا بأنامله على فمه.

ارادت أن تكسر ذلك الصمت فسألته بهدوء

_ أحنا هنبات عند عمي؟

رد باقتضاب

_ لأ.

قطبت جبينها بحيرة وسألته 

_ ليه؟ انت وعدت طنط هتبات معها يومين ليه غيرت رأيك؟

زم جواد فمه كأنه يحاول التحكم في أعصابه ورد بلهجة حازمة

_ قلت لأ وخلاص هناخد يزن ونرجع للبلد.


التزمت السكون بدورها ونظرت من النافذة  تنظر إليه بشرود

هل هذه طبيعته؟ أم هو تحسس من الموقف؟

هل يخشى أن تشمئز من ذلك؟

إذا فهذا يدل على إنه لم يعرفها مطلقًا

وهذه الحقيقة التي لن يستطيع كلاهما انكارها

يومين فقط قضتهم معه تلاها صدمة وفراق استمر عامين

وبعدها لقاء عابر تلاها ثلاثة أشهر 

ولقاء محبين لم يستمر اسبوعين وفراق أخر ثم لقاء.

هذا ملخص حياتهم معًا

عليه ان يسمعها بقلبه كي يصدق شعورها

وفي حالته تلك لن تستطيع التفوه بكلمة.

توقفت السيارة بجانب الطريق والتفت إليها قائلاً 

_ أنا همول العربية وفي كافتريا جوة لو عايزة حاجة منها.

هزت راسها برفض دون النظر إليه 

_ لأ مش عايزة حاجة.

تطلع إليها لبرهة ثم ترجل من السيارة صافقاً الباب خلفه بحدة.

تجمعت العبرات داخل عينيها وقد آلمها بأسلوبه الفظ معها.

هل ستكون هذه طبيعة حياتهم معًا؟

فلم يمضي على زواجهم سوى شهر واحد ولغلطة غير مقصودة عاملها بتلك الحدة

ماذا يفعل إذا صادفت حياتهم تلك المواقف.

عاد بعد قليل يستقل السيارة بعد ان وضع بعض الأكياس في المقعد الخلفي ثم انطلق بها ومازال الوجوم سيد الموقف.


لم ينتبه لدموعها بل ظل نظره موجهًا للطريق أمامه حتى علا نحيبها دون إرادتها مما جذب انتباهه أخيرًا

ظل على وضعه يحاول الثبات وعدم الضعف أمام نحيبها 

عليه أن يثبت لها أنه الأقوى وإن تلك الإعاقة لا تشكل عائق في حياته

مازال جواد الخليلي بقوته ولن يسمح لشيء أن يضعف من تلك القوة.


أما هي فلم تعد تستطيع تحمل ذلك السكون وشعرت بالغثيان الذي يصيبها عندما تكتم بكاءها

وضعت يدها على فمها وقالت بأمر 

_ وقف العربية.

تطلع اليها ليلاحظ حالتها وسألها 

_ في ايه؟

صرخت به وهي تفتح باب السيارة

_ بقولك وقف العربية.

اوقف السيارة فور أن فتحت الباب وترجلت هي مسرعة تجذب نقابها وجلست على جانب الطريق تتقيأ بمعدة فارغة.

ترجل جواد مسرعًا خلفها وقلبه ينقبض بخوف

جلس على ركبتيه بجانبها يسند رأسها حتى هدئ ذلك الغثيان

فتح زجاجة المياة وقربها من فمها لكنها أبت أخذ شيء منه وتمتمت بوهن

_ متشكرة.

همت بالنهوض لكنها شعرت بالدوار ولم تستطع 

شعر جواد بالاستياء من رعونته معها حتى تصل لتلك الحالة فقال بروية وهو يساعدها على النهوض

_ قومي ارتاحي في العربية

هزت راسها برفض وشعور الدوار يزداد معها

_ لأ

 تنهد جواد بياس من تعندها فقام بحملها إجبارًا وأعادها للسيارة ثم قام بفتح زجاجة المياة وقربها من فمها متمتمًا بروية

_ اشربي.

طاوعته تلك المرة لشعورها بالظمأ ثم فتح الباب الخلفي وأخرج منها زجاجة عصير وعاد إلى مقعده ليقدم لها العصير قائلاً 

_ اشربي العصير ده عشان متتعبيش أكتر.

رمقته بعتاب وهي تتمتم

_ وانت يهمك؟

عاتب عينيها بعتاب مماثل وغمغم بصدق 

_ اه يا توليب يهمني؛ يهمني اوي كمان.

اخذت الزجاجة من يده وشرعت في الارتواء منها وهو ينظر إليها بقلب لهيف

_ ها احسن دلوقت؟

أومأت برأسها ثم وضعت الزجاجة بجانبها 

_ كمليها 

هزت راسها برفض 

_ لو شربت تاني هتعب.

ضغط على أحد الأزرار فانبسط المقعد قليلًا وتمتم بحنو

_ طيب حاولي تنامي شوية.

وافقت لشعورها حقًا بالتعب ولم يمضي دقائق معدودة حتى غرقت في سباتها.


أما هو فقد ظل ينقل بصره بينها وبين الطريق ويده تحتض يدها بتملك وكأنه يخشى عليها من الهرب.

           _______________


في المشفى

وداخل غرفة حسان 

دلف خالد وهو ينظر بتشفي لجده الذي استلقى على السرير بوهن وتحاوطه الأجهزة من كل جانب 

تقدم منه وهو ينظر إليه بتعالي وتحدث بقوة

_ متخيلتش في يوم من الايام إني هشوفك مذلول إكدة، وللأمانة مش صعبان عليا.

دنى منه خالد ليقرب وجهه منه وأردف بحقد

_ لأني مكرهتش حد في حياتي جد ما كرهتك يا..جدي.

طول عمرك وانت رافع عامر وابنه علينا وخلتنا خايفين تموت من غير ما تكتب حاچة لينا وولادك الاتنين يرمونا في الشارع

ولما جلت تتزوچوا بنات عمكم اتأكدنا إنك مش هتكتب حاچة وكرهنا ليك زاد أكتر

حتى لما ضغط على جواد زيينا رضيته بالمزرعة اللي بتساوي نص ثروتك

وعشان إكدة كرهي لجواد زاد أكتر.

عاد يميل عليه وغمغم من بين أسنانه

_ تعرف كمان؟ اني اللي جطعت فرامل العربية عشان العربية تنجلب بيه ويموت حتى لو أختي هتموت معاه، بس للأسف أختي اللي ماتت وهو وابنه عاشوا عشان يزيد حجدي عليه كمان وكمان 

اعتدل ليخرج ورقة من جيبه وفتحها امامه وهو يشير عليها

_ الورجة دي فيها تنازل عن كل ثروتك ليا أنا، هتمضي عليها إكدة بالتراضي ولا ابصمك بالإجبار واجتلك ومحدش هيدرى بينا.

أغمض حسان عينيه يحاول النهوض فتقدم منه خالد بعد أن أخرج علبة الأختام وأمسك يد حسان ليبصمه على ورقة التنازل ثم أخرج القلم وقال بأمر

_ أمضي.

حاول حسان نزع يده لكن خالد ضغط عليها بقوة حتى كاد أن يكسرها وغمغم من بين أسنانه

_ هتمضي ولا اللي فشلت فيه جبل سابج احججه دلوجت وأخلص من جواد خالص.

وافق حسان وقام بوضع امضته على العقد.

ثم أخذ خالد العقد وتطلع إليه بانتصار ثمين 

وبعدها رمق جده بشر ومال عليه ينظر لعينيه بحقد وغمغم 

_ كدة بجا عملت اللي عليك ودورك انتهى لحد إكدة.

        ______________


أوقف جواد السيارة أمام أحد المطاعم واخذ يشتري بعض الأطعمة كي تتناولها فور استيقاظها

عاد إلى السيارة فيجدها تفتح عينيها بتثاقل 

وضع الحقيبة جانبًا وتطلع إليها يسألها باهتمام

_ بقيتي أحسن؟

أومأت له بصمت فقام بالضغط على الزر ليرفع المقعد وتعتدل في جلستها ثم أخرج لها الطعام ووضعه أمامها

_ انا عارف انك مش بتحبي الأكلات الجاهزة بس كوليها لحد ما نوصل القاهرة.

قطبت جبينها بحيرة وسألته 

_ انت مش قلت هناخد يزن ونمشي؟

نظر للأمام وهو يقول بهدوء 

_ ياسمين وافقت على آدم ومصر أنه يكتب الكتاب بكرة هنحضر الكتابة ونرچع، وتكوني ارتاحتي من الطريق.

لم تجادله واكتفت بالصمت بسبب ذلك الإرهاق الذي تشعر به وبدأت بتناول طعامها 

اندهشت حينما وجدته يتصفح هاتفه فسألته 

_ مش هتاكل؟

رد باقتضاب دون أن ينظر إليها 

_ مليش نفس.

شرعت بتناول لقيمات خفيفة ثم وضعت الطعام جانبًا فترك هاتفه وانطلق بالسيارة وكأنه بدوره تعب من الجدال.

     ________________


لم تنام نور تلك الليلة وظلت تترقب بابا الغرفة تنتظر مجيئه.

ماذا ستفعل إن أصر على ذلك؟

هل تظل على رفضها؟ أم كما قالت آمال أصبح زوجها وعليها أن تطيعه وإن لم تفعل ذلك فأنها آثمة 

نظرت لآسر الذي استيقظ وبدأ في البكاء فتدنو منه لتحمله بابتسامة عريضة وهي تمتمت

_ صباح الخير أكيد جعان.

واصل بكاءه كأنه بذلك يؤكد لها 

أخذته وخرجت من الغرفة فتصادف خروجه وكأنه كان بانتظارها.

لم تستطيع النظر إليه وقررت الهرب قبل أن يعاود حديثه معها لكنها توقفت حينما ناداها

_ استني.

ازدردت لعابها بصعوبة وتطلعت إليه بإحراج 

_ خير؟

وقف قبالتها وتمتم بثبات 

_ فكرتي في اللي جولتلك عليه؟

رمشت بعينيها مرات متتالية تحاول الثبات أمامه وردت باقتضاب 

_ لأ.

_ ليه؟

رفعت عينيها إليه وردت بألم

_ مش بالسهولة دي.

_ بس انا مش بطلب حاچة مستحيلة، انتي مراتي وطبيعي إن تچمعنا اوضة واحدة، وإن كان على اللي بتفكري فيه أنا مش مستعچل.


أنهى حديثه وأخذ منها آسر وتركها ونزل للأسف فتنظر هي في آثره تندهش من هدوءه

تنهدت بتعب منه ثم ترجلت خلفهم وقد شعرت بالراحة بعد حديثه. 

     ________________


وصلوا إلى البناية ونظرت توليب وهو يستعد للترجل وسألته

_ هننزل الشنط؟

نزع نظارته والتي ظل يحتفظ بها طوال الطريق كي يخفي بها تعبيرات عينيه وقال برتابة

_ ايوة احنا هنحضر كتب الكتاب ونمشي في نفس اليوم، افردي وشك مفيش داعي حد يعرف إننا متخانقين 

عقدت حاجبيها مندهشة من حديثه وسألته 

_ متخانقين؟ فين الخناق؟

ضغط على شفتيه يحاول السيطرة على أعصابه ومازالت نظراتها المشفقة مرتسمة أمامه وتحدث بصلابة

_ عايزة توصلي لأيه؟

رمقته بعتاب تستعطفه ان يعود ذلك المحب الذي جذبها إليه وتمتمت بتأثر 

_ عايزة اعرف ايه اللي حصل لكل ده؟ وياترى اللي شيفاه منك ده هيبقى طبيعة حياتنا ولا مجرد سوء تافهم هينحل وقت ما تسمعني؟

لم يجيبها ونظر إلى الأمام وكأنه يفكر في حديثها واردفت بعتاب

_ جواد انا اكتر حاجة بكرها في حياتي التجاهل وانت من وقت ما خرجنا من الفندق وانت متجاهل وجودي ومش عارفة ليه.

وإن كان على اللي حصل الصبح اقسملك مـ…..

قاطعها بحزم

_ خلاص

لن تسكت وتابعت بإصرار 

_ لأ لازم….

هدر بها بعنف وهو يضرب طارة القيادة بيده

_ قلت خلاص والموضوع ده مش عايز أي كلام فيه فاهمة ولا لأ

اتسعت عين توليب من صوته الهادر ووجدته يترجل من السيارة صافقاً الباب خلفه بعنف حتى كاد أن يدميه ثم وقف بعيدًا عنها 


عادت العبرات تتجمع داخل عينيها وهي لا تعرف لما يرفض التطرق في ذلك الأمر 

وينظر إليه بتلك الحساسية 

هي تريد أن تخبره بأنه لا يشكل عائقًا بينهما 

وأن حبها له أكبر من ذلك بكثير.

لن يفيد العناد الآن 

عليها أن تتنازل كي لا تزيد الأمر سوءً بينهما

مسحت عبراتها وترجلت من السيارة ودنت منه وهو يوليها ظهره 

وقفت أمامه وهي تمسك يده وتخترق تلك النظارة بعينيها وقالت بعتاب

_ بقى بذمتك في واحد يزعل عروسته كدة في شهر عسلهم؟ مش كفاية عملته اسبوعين بس كمان هتزعلني فيهم؟

أشاح بوجهه بعيدًا عنها فتابعت بمرح رغم آلامها

_ انت واقف كدة والبنات عماله تبص عليك وانا بصراحة بغير 

يا تدخل العربية لحد اعصابك ما تهدى يا إما نطلع عند طنط كندا تشوفك مكشر كدة تقولك

_ يا الله چواد شو ها الخلقة هاد.


اخفى جواد ابتسامته على مزاحها وقد هدئ تعصبه 

وعندما لاحظت ذلك تابعت 

_ اقلع بقى النضارة اللي مخلياك حلو بزيادة دي ويلا نطلع عشان بجد تعبانه اوي.

تطلع إليها بقلق وقد تناسى كل شيء كي لا يكسر بخاطرها ويرحب بمبادرتها تلك المرة وسألها

_ تحبي نروح لدكتور؟

هزت رأسها برفض وقد ارتاح قلبها عندما هديت اعصابه

_ لأ انا كويسة متقلقش عليا، يلا بقا زمانهم قلقانين.

ابتسم رغماً عنه وأمسك يدها ودلف البناية بعد أن أغلق باب السيارة وصعد للأعلى

لا ينكر بأنه مازال غاضباً من ذلك الموقف

لا يريد أن يرى تلك الشفقة في عينيها مرة أخرى لذلك كان عليه أن يكون بتلك الشدة معها 

لن يقبل ان يراه أحد بها حتى وإن كانت زوجته.

       ______________


فتحت كندا الباب لتستقبل جواد وتوليب بسعادة 

_ أهلين فيكم اشتقتلكم اكتير

احتضنتها توليب بحب وقالت بابتسامة عريضة 

_ واحنا كمان اشتقنالك أوي.

ابتعدت توليب وتقدم منها جواد ليقبلها بدوره وسألها 

_ اومال فين يزن..

لم يكمل باقي جملته ووجد يزن يندفع ليحتضن توليب بسعادة

_ ماما.

التقفته توليب بسعادة واحتضنته بشوق وهي تقول بحب

_ وحشتني أوي أوي يا قلب ماما انت.


مد يديه الصغيرة لجواد وتمتم 

_ بابا 

أخذه جواد منها ليقبل خده الألمس وقال بفخر

_ ها يا بطل، طلعت راچل إكدة ومعيطتش خالص؟

اومأ يزن برأسه فردت ياسمين التي خرجت من غرفتها على صوتهم

_ اه طبعًا معيطش خالص ولا عيط على توليب ولا عليك انتو ولا حاچة خالص

ضحكوا جميعاً ودنت ياسمين من توليب تحتضنها وقالت بعتاب

_ مع إني واخده على خاطري منيكي كنتي چيتي طمنتينا عليكي جبل ما تسافري ولا خلاص من لجي أحبابه.

نظرت توليب لجواد بغيظ وغمغمت 

_ اعمل ايه بقا في اخوكي اصر إني أخرج من النيابة ونطلع على شرم 

قالت كندا بحب

_ المهم تكونوا انبسطوا.

حاوط جواد كتف توليب بذراعه يقربها منه وقال بمكر

_ مش جوي بس وعدتني هتعوضها مرة تانيه.

زمت فمها بحنق وقالت بتوعد

_ بقى كدة؟ ماشي ولا تانية ولا تالتة.


سعدت كندا لسعادة ابنها وقالت 

_ خلاص كفياكم نق وادخلوا ريحوا شوي من الطريق لحد ما نحضر الغدا.

وافقها جواد لمدى شعوره بالارهاق 

_ اني فعلاً تعبان جوي ومحتاج انام ساعتين، هو المأذون هياچي أمتى؟

_ لسة ما بعرف حبيبي، آدم سافر البلد كرمال ما يچيب عمته، ادخل ارتاح هلا.


دلفت توليب مع جواد والذي ما إن أغلق الباب حتى جذبها إليه يقبلها بحب 

حاولت الابتعاد عنه وهي تتمتم بخفوت 

_ جواد مينفعش ممكن حد يدخل علينا.

غمغم برفض وهو لا يترك لها فرصة للابتعاد

_ محدش هيقدر يدخل.

وقبل أن تعترض أخذها في قبلة ساحرة أطاحت برفضها عرض الحائط واستكانت بين يديه.

        ______________


استيقظ جواد على طرقات متسارعة على باب الغرفة

فتح عينيه بتثاقل وقد ارهبته تلك الطرقات


نظر لتوليب التي تململت هي أيضًا في نومتها وسألت جواد بنعاس

_ مين اللي بيخبط بالشكل ده؟

جذب قميصه ليرتديه ثم نهض قائلاً بقلق

_ ممكن يكون آدم رچع 

فتح الباب فيجد ياسمين أمامه وقد ارتعب من هيئتها وصوتها الباكي يقول

_ الحق يا جواد جدك مات.

        _____________


اقتباس صغير


خرج آدم من المشفى وهو يشعر بالانتصار وكأنه الآن فقط انتقم لوالديه وانتهت صفحة حسان الخليلي من حياتهم واطمئنت روح ظلت تحوم حوله تطالبه بأخذ ثأرها وقد كان ثأر عادل دون أن يلطخ يده بدماءه


                 الفصل التاسع والعشرون من هنا 

لقراءة باقي الفصول من هنا

   

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close