أخر الاخبار

رواية جراح الماضي الفصل السابع عشر 17 بقلم سارة الزعبلاوي

 


رواية جراح الماضي

الفصل السابع عشر 17 

بقلم سارة الزعبلاوي


نظرت تجاهه و الشرر يتطاير من عينيها،، فكلما تذكرت مظهر ابيها بعدما فارق الحياة.. و مظهر " فارس" و هو غارق في دمائه يزداد إصرارها على محيـه من الحيـاة!!


- نـور اعقلي و نزلي المسـدس،، انتـي كدة هتروحي في داهية!!


قالها " مـازن" بتوتر،، لتجيبه و هي مصوبة نظرها نحو " حسـام" بكره


- مش مهـم اروح في داهيـة بس ابقى جيبت حق بـابـا و فـارس اللي هو قتلهم!!


- اقتليني يا نـور و ارتاحي،، و خلصيني انا كمان لأني مش هقدر اعيـش من بعـدك!!


- بـلاش الشويتين بتوعك دول،، مش هتصعـب عليـا خلاص يا حسـام.. انا كرهتك.. انا بس عايزة أسألك سـؤال قبل ما اخلص الدنيا من شرك.. انت كـنت سـبب اني ما احملش مش كـدة!!


طأطأ رأسه أرضًا و قال بنـدم


- مكنتش عايزك تحملي مني عشان لو خلفتي و عرفتي الحقيـقة هتكرهي ابني فيـا،، كنـت بحطلك موانع حمـل في الأكل و الشرب،، و اتفقت مع الدكتـور انه يقولك انـك عنـدك قصـور في المبيض،، لكـن لما رجعتيـلي تاني عدت حساباتي و بطلت احطلك الموانع في الأكل عشـان تحملي مني!!


نظرت له و هي تمحـي أي لحظـة صفاء بينهما من ذاكرتها،، علت أنفاسها و ضغطت على زناد المسـدس و أطلقت رصاصتين،، لكنهما لم يستقرا في " حسـام" بل كان مكانهما الحائط

فقد أحتضنها " مازن" فجعل يديها تختل و صوب المسـدس تجاه الحائط..


و بسـرعة قبل أن يدخل أحد انتزع منها المسدس.. و هو يدخله داخل الحقيبة مرة أخرى..


دخل العساكر و هم يحاوطون المكـان بالأسلحة،، ليقول " حسـام"


- أنـا اللي كان معـايـا السلاح...


اتجه نحوه العسـاكر و هم يقيدون حركته،، بكت " نـور" و هي تنظر لمظهره الذي أصاب قلبها في مقتل..

اتجهت نحوه تحتضنه بقوة و هي تبكي قائلة


- حرام عليك لية وصلتنا للحالة دي،، حـرام عليـك كان زماننا عايشين مع بعض!!


أشار" مازن" للعسـاكر أن يتركوه فأحتضنها هو قائـلًا


- عيشي حياتك يا نـور و انسيني،، انا استاهل اللي انا فيه دة يمكن ربنا يغفرلي ذنوبي قبل ما اموت..


- لا يا حسـام أنت مش هتموت،، انت هتعيش و هتخرج من هنا عشان ابنك اللي في بطني!!


لم تصدر هذه الجمله من " نـور" بالطبع،، فقد قالتها " سما" الواقـفة خلفه..


لينظر لهـا " مـازن" مشدوهًا و هو يقول


- سما!!


جحظت مقلتيها و تجلي الارتبـاك عليهـا و هي تقول


- مـازن.. انت بتعمل اية هنا!!


- انتي اللي بتعملي اية هنا،، اتجوزتي و حامل كمـان و انتي سايبة بنتك عندها ست شهـور و متعرفيش عنها حاجة.. لكـن هقولك اية،، اصل الطيـور على أشكالها تقـع!!


- أنـت ملكش الحق أنك تحاسبني،، انا مش بحبك و مش عايزة حد من ريحتـك.. بنتك اشبع بيها و انا استغنيت عنها من زمـان..


نظرت لها " نـور" باستحقار ثم نظرت إلى " حـسـام" نظرة وداع أخيرة و انطلقت للخارج و من خلفـها " مازن"


استقلت السيارة بجانبه ليقول هو


- ليه يا نور كنتي عايزة تعملي كدة.. انتي كنتي هتضيعي نفسك!!


- قلبي وجعني اووي على بابا و كمان موت فارس و حالة ليلي،، محستش انا بعمل ايـة!!، سمـا دي طليقتك اللي انت حكيتلي عليـها قبل كدة؟!


- ايـوة هي،، سمعتي كلامها بنفسك.. في أم تكره بنتها،، دي طفلة معدتش السنتين!!


- البنى آدمـة دي انـا مستبعدش عنـها حاجـة..


_______________________________________


¶ كان جالسـًا في شرفة قصـره يتابعها و هي تسير في الحديقة.. قسمات وجهها الملائكي و طريقتها البسيطة جعلتها محط انظاره،، شغلت عقله بابتسـامتها الفاتنـة..


- هييح ،،من الواضـح أن احنا هنحـب جديد بقى يا استاذ فهـد!!


قالتها " دالـيا" بمرح و هي تتأبط ذراعه ليدفعها هو قائـلًا


- أبو رخامتك يا شيخة،، في حد يدخل على حد الدخلة دي!!


- قولي بس.. انـت مش حاسس بحاجة من ناحـية منى !!


قطب حاجبيـه بارتباك و قال


- حاجة اية يعنـي،، مش فاهمك!!


- لا انـت فاهمني كويس،، بتتأمل فيها و كأنـك اول مرة تشوفها و هي في المستشفي كانـت قاتله نفسها من العيـاط رغم أن الدكتور طمنا أن انت كويس،، دة معناه اية؟!


- معناه انك متخلفة يا دالـيا،، روحي يا حبيبـتي رخمي على هيثم بتاعـك.. انا ماليش في الحوارات دي!!


تركها و هبط الحديقة و هو يتجه نحوها،، كانت جالسـة أمام المسبح تتأمل بهدوء.. 

اقترب منها و هو يسمعها تغني بصوتـ خفيض للغاية.. 


" يا طير يا طاير على أطراف الدني

لو فيك تحكي للحبايب شو بني يا طير


روح اسألن ع اللي وليفو مش معو

مجروح بجروح الهوى شو بينفعو

موجوع ما بيقول ع اللي بيوجعو

وتعن ع بالو ليالي الولدني" 


- أنتـي موطية صوتك ليه!! 


قالها " فهد" و هو يجلس على المقعد المقابل لها،، ارتكبت هي فسقط حجابها الذي كانت ممسكـة به حتي لا يسقط إثر الهواء.. 


أدار" فهـد "  وجهه حتى لا تحرج أكثر من ذلـك و قال


- آسـف لو ضايقتك،، مش قصـدي!! 


- لا طبعا حضرتك مضايقتنيش.. 


قالتها و هي تضع الحجاب مرة أخرى على شعرها.. ليقول هو


- أنتـي عاملة اية،، مبسوطة و لا متضايقة من قاعدتك هنا!! 


- لا طبعـًا مش متضايقة من قاعدتي هنا،، دة لولا حضرتك كان زماني ميتة.. 


- بعد الشـر.. خلاص الحيوان دة اتحبـس و مش هيقدر يقربلك تاني!! 


- شكـرًا ليك أن انـت وقفت جنبي يا فهـد!! 


ابتسـم لها،، سُحرت بابتسامته تلـك و ظلت تنظر لـه مطولًا،، 


صوت فوضوي حول الفيلا،، جعله ينهض و هي خلفه.. 


- إيـة الصوت دة!! 


- مش عارف.. 


خرج و خرجت هي خلفه،، وصل نحو باب الفيلا ليجد مجموعة من الأشخاص يبدو أنهم من الصعيـد،، كانوا يتحدثون بصوت مرتفع و هم يمسكون الأسلحة و يحاولون اقتـحام الفيلا


شهقت " منـي" و هي ممسكـة بذراع " فـهد" و قالت


- فهد يلا ندخل،، يلا بالله عليك!! 


- يلا اية،، مين دول!! 


- دول اعمامي و أكيد عرفوا باللي حصل في الحارة و جايين يقتلوني!! 


- يقتلوا مين هي سايبة.. اوعي كدة! 


أزاحها من طريقه و هي تترجاه أن يعود لكنه لم يستجيب لهـا.. خرج لهم و هو يقول بصوت صادح


- أنتم عايزين إيـة!! 


- عايزين منى بتنا.. 


- منى مراتي و محدش هياخدها من هنا!! 


قالها " فهد" بإصرار.. ليرد عمها " حكيـم" قائـلًا


- و احنا ما هنمشيش من اهنة غير لما نشوفوا جسيمة الجواز!! 


تلعثمت " منى" و كاد قلبها أن يغادر ضلوعها من الخوف.. 


- القسيمة لسه عند المأذون،، احنا لسة متجوزين قريب!! 


- عايز اية يا حكيم من بنتي.. مش كفاية انك سرقت ورث البت.. 


قالتها والدتها و هي تحتضن " منى" بخوف


- اكتمي يا ناهد احسن و رحمة ابويا في تربته اطخك عيارين اخلص منك.. 


- بقولك اية.. كلمني انا ملكش دعوة بيهم!! 


- انا مش همشي من اهنة غير لما اشوف الجسيمة اتصرف.. 


- طيب اتفضل جوة نتكلم بالعقل.. 


دخلوا داخل الفيلا.. عمها " حكيم" و معه ولده " عدي ".. 


- داليا خدي مني و ماما ناهد فوق و متنزلوش غير لما اناديكم!! 


صعدن للطابق العلوي بناء على أمر " فـهد" لتقول " منى" و هي تصك وجهها.. 


- يا نهار اسود.. لو عرفوا أن فهد مش متجوزني و اني عايشة معاه هنا من غير جواز ! 


- اهدي يا بنتي اكيد فهد هيتصرف.. اهدي شوية!! 


قالتها " داليا" لترد " منى" 


- اهدي ازاي و هو جايب ابنه معاه،، دة كان عايز يجوزني ليه غصب!! 


- و انا بقولك ان فهد مش هيخلي حد فيهم يقربلك،، اهدي بقا 


مر الوقت و هن جالسات في الغرفة ينتظرن ما سيحدث،، حتى وجدن الباب يدق و يدخل " فهد" مسرعًا و هو يمسك بورقة و قلم بين يديه قائلًا بعجلة


- أمضى هنا يا مني بسرعة!! 


نظرت لتلك الورقة و قالت بدهشة 


- دة عقد جواز.. لا يا فهد انت ملكش ذنب تتدبس معايا!! 


نظر لها و قال


- أنجزي يا بنتي يلا عشان ما يشكوش.. انا اتصلت على المأذون و قولت قدامهم انه بيجيب القسيمة،، أمضى عشان يشوفوها!! 


نظرت إلى " داليا" و والدتها بتردد لتقول " داليا" 


- يلا انتي لسة هتفكري!! 


- يلا يا بنتي.. 


قالتها والدتها لتتساءل هي


- طيب و التاريخ.. 


رد عليها " فهد" قائلا


- و لا عمك و لا ابنه بيعرفوا يقروا.. كل اللي يهمهم انهم يشوفوا القسيمة.. 


قامت بالتوقيع و هي تنظر له غير مصدقة ما حدث،، أصبحت زوجته بالفعل!! 


تركها بسرعة و هبط لتقول هي بذهول


- طيب مين وكيلي و فين الشهود،، اية اللى بيحصل دة!! 


_______________________________________


¶ دخلت نحو غرفة " سمير" في المشفى بابتسامة و هي تقول 


- ازيك يا عمو،، عامل اية النهاردة!! 


قالتها " ليـلي" ليرد عليها بنفس الابتسـامة قائلـًا


- كويس الحمد لله،، البقاء لله يا حبيبتي!! 


ابتسمت و هي تقترب لتجلس على المقعد بجانبه قائلة


- لو أمنتك على سر.. مش هتطلعوا برة... 


- لا طبعا.. سرك في بير!! 


- فارس جوزي ممتش،، بس انا مش عايزة حتى فهد يعرف!! 


- آية اللي انتي بتقوليه دة، ،انا مش فاهم حاجة!! 


- بص انا هفهمك كل حاجة،، بس اوعدني انك هتساعدني!! 


قصت عليه كل ما حدث،، لينظر لها قائلا برعب


- خدي جوزك و بنتك و اهربي يا ليلى،، مش هيسبوكي في حالك و مش هيقتنعوا بحكاية موته دي.. 


- انا مش عارفة اعمل اية!! 


- اسمعي كلامي يا ليلى،، لو بتحبي جوزك و خايفة عليه اسمعي كلامي.. 


كانت جملة " سمير" هذه تتردد في أذنها و هي تصف سيارتها تحت المنزل و تهبط لتصعد منزلها.. 


وقفت أمام الباب و هي تخرج المفتاح لتفتحه.. و لكنها لاحظت ورق تحت قدميها.. 

انحنت لتأخذه،، أمسكت به و هي ترى اسمها مكتوب عليه.. 

فتحت الباب و هي تدلف للداخل،، وجدت " فارس" يهرول نحوها بقلق و هو يقول


- انتي كنتي فين يا ليـلي،، قلقتيني عليكي!! 


اتجهت نحوه و هي تقبل وجنته و قالت


- كنت في المستشفي يا حبيبي بظبط شوية حاجات.. 


ضمها له و هو يقول


- مقولتليش ليه قبل ما تنزلي،، صحيت الصبح ملقتكيش جنبي.. متتخيليش كم الأفكار السودة اللي جت في دماغي و انا قاعد هنا متكتف مش عارف اعمل حاجة!! 


- فارس.. ممكن اقترح اقتراح!! 


قالتها " ليلي" بنبرة يشوبها المرح و هي تحتضن خصره.. ليتجه بها إلى الأريكة و هو يقول


- اقترحي يا دكتورة اما نشوف!! 


- تيجي نهرب.. 


صدح صوت ضحكاته،، لتضع هي يدها على فمه قائلة 


- يخربيت عقلك.. الناس لو سمعوا صوتك يقولوا اية،، جايبة راجل في البيت.. 


سيطر على ضحكاته و قال


- نهرب تاني يا ليلى،، انتي مش بتحرمي!! 


- زمان حاجة و دلوقتي حاجة تانية يا فارس،، دلوقتي احنا هنهرب عشان انت ما تتأذيش إنما زمان احنا هربنا عشان نتجوز و دفعنا تمن هروبنا دة!! 


- انا فاهم يا ليلى،، بس احنا هروبا ملهوش فايدة صدقيني،، هما يقدروا يجيبونا في أي مكان.. 


صمتت مفكرة ليسحب هو من يدها ذاك الجواب و هو يقول


- آية دة؟! 


- مش عارفة،، لقيته قدام الباب و انا داخلة و كان مكتوب عليه اسمي!! 


قام " فـارس" بفتحه و هو يقرأ ما بداخله 


- البقاء لله في وفاة دكتور فارس يا دكتور ليلي،، أكيد هو كان حاكيلك أن احنا كنا عايزينه يشتغل معانا،، و بما انه مات و حضرتك مراته يبقى تقودي المسيرة من بعده.. 

قريب جدا هنبعت جواب زي دة فيه التفاصيل عشان نبدأ شغل.. 

اة و الصورة اللي مع الجواب دي صورة الكتكوتة الصغيرة،، ابقى سلمي عليها!! 


دق قلب " ليـلي" برعب بينما صاح " فارس" 


- هند.. يا هند!! 


أتت إليه الصغيرة مهرولة و ارتمت بأحضانه،، ضمها هو إليه بخوف بينما قالت " ليـلي" 


- احنا لازم نبلغ مازن باللي حصل دة يا فـارس،، وجودك هنا مش أمان و انا خايفة عليك انت و هند!! 


________________________________________


¶ نهضت من بين أحضانه بخفة حتى لا تجعله يستيقظ،، اتجهت نحو الباب الذي يدق.. 

فتحته و هي ترتدي شال ليغطي جسدها.. 


- إية دة اهلا بيكي يا شاهي.. اتفضلي!! 


قالتها " فاطمة" بهدوء ظاهري على عكس ذلك البركان المشتعل داخلها!! 


دلفت " شاهي" و هي تختال في سيرها.. و تتفحص المنزل من حولها 

اتجهت لتجلس على اريكة ما براحة و قالت


- أمم،، ذوقك مش بطال.. 


- تشربي اية ،،و لا عاملة دايت اصل انتي جسمك مش مظبوط خدي بالك لازم تخسي شوية!! 


جزت " شاهي" على أسنانه بغيظ و قالت


- لا شكرا،، مش عايزة اشرب حاجة.. انا جاية اقولك كلمتين و امشي بسرعة.. 


- طيب ثواني اقفل الباب على أحمد عشان منزعجهوش،، أصله نايم متأخر امبارح 


اتجهت " فاطمة" لتغلق الباب على " أحمد" و جلست أمام تلك ال " شاهي" واضعة ساق فوق أخرى و هي تقول


- ها.. قولي بقا اللي عندك!! 


- بصي يا فاطمة.. أحمد دة بتاعي انا،، هو حبني قبلك و هيفضل يحبني،، إنما أنتي مجرد وقت في حياته و هينتهي!! 


ضحكت " فاطمة" و قالت بسخـرية 


- فعـلًا ،،و اية كمان؟! 


- عايزة اقولك انه هيرجعلي قريب،، خليكي عاملة حسابك عشان متتصدميش!! 


- أمم.. بجد ما ضحكتش كدة من فترة،، هيرجعلك بإمارة اية،، أنك أكبر منه في السن و قربتي على الأربعين.. و لا بأمارة انه قال عليكي رخيصة لأنك مشيتي معاه من ورا جوزك.. و لا مثلا بأمارة انه قال عليكي مجرد وقت لطيف و نزوة في حياته.. و لا مثلا جمالك اللي ما يتقاومش،، بقولك اية،، انتي يا عيني شكلك تعبانة.. انصحك تروحي لدكتور نفسي يخلصك من العقد اللي عندك دي.. 


- لا يا حبيبتي هيرجعلي بأمارة اني عندي ولد منه!! 


لم يتزحزح الجمود من علي وجه " فاطمة" و قالت بابتسامة 


- اممم و الولد دة بقا لسة ظاهر دلوقتي،، و بعدين لو كلامك حقيقي فعلا كنتي رحتي قولتيله هو مش ليا انا.. إنما انتي جاية و قصدك توقعي بيني و بين جوزي،، و احب اقولك اطمني.. انا و احمد بنعشق بعض و مفيش مخلوق على وش الأرض هيقدر يبعدنا عن بعض!! 


تجلى الارتباك و التوتر على ملامح " شاهي".. لتنهض " فاطمة" متجهة نحو الباب و هي تفتحه مشيرة للخارج و قد قالت


- و دلوقتي بقي اتفضلي اطلعي برة بيتي و متحاوليش تيجي هنا تاني عشان مقطعش رجلك،، فهماني طبعا.. برة!! 


هرولت " شاهي" للخارج و الغضب قد احتل كيانها و نسج خيوطًا من الحقد و الكراهية في عقلها تسببت في غشاوة على عينيها!! 


________________________________________


¶ كانت تزرع غرفتها ذهابًا و إيابًا أمام والدتها و هي تقول بغيظ


- طلعت حامل يا ماما.. نور طلعت حامل و ابنها و لا بنتها اللي جايين في الطريق هيورثوا مع ابني 


- ممكن تقعدي عشان اللي انتي بتعمليه دة غلط علي ابنك،، و بعدين ما انتي اللي هبلة بدل ما تحطيلها مانع حمل في الأكل رحتي تصوريها معاه في الاوضة و اهو عرف.. غبية!! 


- اعمل اية دلوقتي يا ماما.. 


فكرت والدتها قليـلًا و قالـت بنبرة يشوبها الشـر 


- حسـام دلوقتي في السجن و قريب هيتعدم و هتورثيه و السنيورة لوحدها في الفيلا مش معاها حد من أخواتها و محدش هيقدر يحميها... يبقي نبعتلها ستات يسقطوها!! 


______________________________________


¶ في الصعيد.. و تحديدًا في محافظـة قنـا... 

كانت مستلقية على فراشها كعادتها.. لم تغادر غرفتها،، حتى الطعام.. تأتي به " منيرة" لها.. 


وجدت بـاب غرفتها يُفتح و تدلف منه " صابـحة" بملامح وجـه مكفهـرة.. 

و من خلفها " منيرة" و " شهد" يتوسلان لها.. 


- ابوس يدك يا اما،، سيبيها في حالـها!! 


قالتها " منيـرة" بحزن على حال " هنا" خصوصا بعد ما قصت عليها ما حدث.. 


- جومي يا بت سويلم،، فزي من مكانك إكدة!! 


نظـرت لها " هنا" باستغراب.. و لم تعلق،، فاتجهت نحوها " صابحة" بغضب و أمسكـت بخصلات شعرها بعنف و هي تسحبها خلفها قائـلة


- جومي نضفي و اطبخي مع الخدم،، اعملي بلوجمتك بدال منتي جاعدة إكدة من غير شغلة و لا مشغلة!! 


صرخت " هنـا" قائلة


- ااه ،،اوعي ابعدي عني.. يا يوسف،، الحقني!! 


- و الله لخليه يطلجك الليلة،، بت يا هانم.. انتي يا بت!! 


أتت الخادمـة مهرولة خوفـًا من بطش تلك الجبارة،، لتقول " صابحة" 


- هاتي الجردل خليها تسيأ الجصر كله.. يلا!! 


- يا ستي حرام عليكي،، معملتش حاجة لكل دية!! 


- اكتمي خالص معيزاش اسمع حسك يا شهد!! 


- يا اما يوسف هيطربج الدنيا فوج نفوخنا لو جه لجاكي عاملة فيها إكدة!! 


لم تستمع إل توسلات أحد و لا إلى بكـاء " هنـا "الذي يقطع نياط القلـب


ألقت " صابحة" " هنـا" أرضا و هي تأمرها قائلـة 


- عايزة الجصر يلمع.. يلا سيأي.. 


استمعت " هنـا" إلى حديثها و فعلت ما أمرت به و بدأت تنظف الأرض.. لتقول " شهد" 


- طيب هسيأ معاها يا ستي!! 


- وااه.. عملالكم عمل إياك،، محدش هيساعدها.. هي هتسيأ لحالها!! 


فُتـح الباب ليدلف منه" يوسف" و معه " ريم" التي كان يبتاع لها ملابس جديدة.. 


ما إن رأي " هنـا "على هذا الحال حتى هرول إليها و هو يحتضنها مستشعرًا الرجفة المسيطرة على جسدها نتيجة أن ملابسها مبتلة.. 


صاح بصوت يشبه زأير الأسد و هو يضع عبائته على جسد " هنا" و هو يحتضنها ليهدأ من روعها


- مين اللي عمل فيها إكدة... أنطجوا!! 


ردت " صابحة" ببراءة 


- و الله يا ولدي هي اللي صممت تسيأ الأرضية.. جعدت اتحايل عليها و اجولها يا بتي مينفعش.. في خدم كتار،، يوسف هيطربج الدنيا لو جه لجاكي إكدة.. لكن صممت تعمل إكدة لجل ما تنال رضايا!! 


نظرات " يـوسف" كانت حارقة تجاه جدته،، لكنه لم يتحدث كثيرًا،، بل حمل " هنا" بين ذراعيه و صعد بها نحو غرفتهما.. لتقول " صابـحة" بغضب


- و الله اجطع دراعي اما كانت سحراله!! 


دخل بها الغرفة و وضعها على الفراش و هي متشبثة به بقوة و مازالت تبكي.. فقال لها


- اهدي يا هنا.. اهدي يا حبيبتي خلاص محدش هيقربلك!! ، طيب قوليلي مين اللي عمل فيكي كدة!! 


- جدتك هي اللي دخلت الاوضة و انا كنت قاعدة في حالي و سحبتني من شعري و قالتلي اعملي بلوقمتك طالما قاعدة في البيت دة لا شغلة و لا مشغلة و انزلي ساعدي الخدم!! 


اشتعلت عيني " يوسف" و " هنـا" يزداد بكاءها و هي تقول


- طلقني و رجعني مصر يا يوسف.. انت كسرتني و هنتني كفاية،، خلاص بقا حرام عليك!! 


استشعر الألم في حديثها.. ليحتوي وجهها بين كفيه و يقرب وجهه منها قائلًا بهمس


- انا مش هسمح لحد يهينك يا هنا و حقك هيرجعلك.. انتي مراتي.. و انا بحبك و مش هستغني عنك أبدًا!! 


أنتهى الحديث و صار الصمت هو العنوان،، و أضحى الحب يحلق فوقهما!! 


_______________________________________


¶ " حسـام قُتـل"!! 

يا لها من كارثة،، كيف حدث و متى !! 


للتو حدثه الضابط و أخبره أنهم وجدوه مقتول في زنزانته!! 

كيف سيكون رد فعل " نـور".. 

لابد أن يخبرها هو أولًا حتى لا تنهار إذا علمت هذا الخبر.. 


أستقل سيارته و اتجه نحو منزلها.. لم تمر ساعة حتى وصل إليها.. 

وجد الفيلا فارغة.. 

شعر بشيء ما غريب يدور،، اتجه للداخل ليرى الباب مفتوح.. 

دق مرات متتالية و هو يقول


- نور،، يا نور.. انا مازن!! 


لا يوجد رد.. اضطر إلى الدخول و بدأ يتسلل إلـى أذنـه صوت آهات مكتومة.. 


ظل يسير حتى تعثرت قدمه في شيء ما.. وجد الخادمة الخاصة بالقصر مذبوحة!! 


أصابه الهلع و هو يصيح بصوت صادح 


- نور.. يا نور


مع ندائاته المتكررة كان صوت الأنين يزداد،، بدأ يتتبع هذا الصوت حتى وصل نحو غرفة ما.. 

وجد " نـور" غارقة في دمائها و هي تأن بتألم.. 


هرول ناحيتها و هو يحتضن جسدها الهزيل قائـلًا بفزع


- آية اللي حصل.. ردي عليا!! 


لم تجيبه فقد فارقت الواقع بين يديه... و مازالت تنزف،، 

نظر لها بصدمـة و هو يصرخ باسمها  قائلًا


- نور.. 


                الفصل الثامن عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close