أخر الاخبار

رواية حكاية امل الجزء الثاني2الفصل الخامس5 والسادس6 بقلم سلوي فاضل

رواية حكاية امل الجزء الثاني2الفصل الخامس5 والسادس6 بقلم سلوي فاضل


زيارتها قلت جدًا، وده كان غريب وتوقعت إن أخوها مانعها، ما كنتش بشوفها غير نادرًا، ساعات أروح تكون بتركب وماشية، وساعات أشوف الغفير بيقفل المكان، كنت بتضايق جدًا وما حاولتش ولا مرة أسأل نفسي ليه؟ كنت باحاول أشغل نفسي في الشغل أكتر، وفضلت علي الحال ده أكتر من ست شهور، فضلت صورتها وهي بتبكي ومنهارة مطارداني، مش بتغيب ونفسي أعرف أي حاجة عنها، لما طالت غيبتها قررت إني أسأل الغفير.

-لؤي بيه مانعني أفتح لها، جت كام مرة وما قدرتش أفتح لإنه بيبهدلني، ومدام أمل الصراحة غيروا ما رضتش بأذيتي فبقت تيجي تقرا لهم الفاتحة من بره، وتمشي علي طول ودمعتها علي خدها.

طبعا قلقي ما قلش بالعكس زاد، بتعيط ومنهارة حتي وهي بتكلم الغفير، أكيد وجعها جواها كبير، أكبر من أنها تكتمه جواها، ماتوقعتش يكون في إنسان بقسوة وجبروت لؤي، دي بتزور أموات مش بتعمل حاجة غلط، تخيلت للحظة أن الشخص ده أخ لسمر وهي تحت ايده، هيكون مكان مناسب لهم هما الاتنين. 

الأول كنت بشوفها قليل، وبعد كدة كل فين وفين، ودلوقتي قربنا ندخل في سنة ومش بشوفها، كانت حالتي غريبة كل ما أروح هناك أنتظرها، وأدور عليها ومش فاهم ليه؟ سألت نفسي كتير؛ لكن بدون إجابة، كل اللي عارفه ومتأكد منه إني عايز أشوفها يمكن صعبت عليا أو تعودت أو حابب اشوفها، فعلا مش عارف. 

بقيت عصبي جدًا جدًا، ماما سألتني كتير عن سبب حالتي، ومفيش أي إجابة ممكن تقنعني عشان اقولها لها وتقتنع.
 كنت بردوا بروح ازور بابا واتمني كل مرة اني اشوفها لحد ما كنت يأست، الغريب إن يومها كنت تأكدت إني مش حشوفها تاني، وكنت حمشي خلاص؛ لكن سمعت الغفير بيكلمها وقربت شوية من الباب أتأكد أنها هي فعلا ومش يتهيأ لي.
-أهلا مدام أمل، لؤي بيه كلمني إمبارح اتفضلي. 

وتأكدت أنها هي فعلا وحسيت بنشوه غريبة قوي، كنتت شوية أحس اني مبسوط لإني شوفتها، وأرجع دمي يفور من شكل الكدمات اللي مليا وجهها، والجزء الظاهر من ايدها، كدمات زرقا وحمرا كأنها خارجة من ماتش ملاكمة، وفضلت منتظر لحد ما تمشي عشان أطمن عليها، وكل مرة تمشي بقلق عليها مش بطمن.

دخلت وأنا متابعها بدون ماما ما تشعر، وقامت أمل بروتينها اللي كانت تعمله دائما، قرأت الفاتحة وجه مقرئ كالعادة، وبدأت تحكي وتبكي، شوفتها بتبكي كتير كانت قاعدة علي الأرض أمام المقبرة وكل فترة تمسح بأيدها عليها، وبعد كتير حطت رأسها عليها وغمضت عينها وفضلت كده كتير.

 بدأت اتوتر خفت يكون جري لها حاجة فقررت أشوف اللي حصلها؛ لكن خوفت علي شكلها أمام الغفير وعشان لو أخوها جه؛ فكان لازم ماما هي اللي تكون في الصورة مش أنا.
-ماما بصي كده.
-ابص علي إيه يا حبيبي؟ 
-المقابر المقابلة بصي، هي علي الحال ده بقالها شوية.

طبعا لأن ماما طيبة؛ فكل اللي ركزت فيه أمل؛ لأنها صعبانة عليها، وما اخدتش بالها ولا سألت إزاي اخدت بالي أنها بقالها فترة كده.
-طيب نادي علي الغفير عشان لو جري لها حاجة نلحقها.

كلام ماما خوفني جدًا، ندهت الغفير، وماما اللي كلمته عشان يعتقد أنها هي اللي اخدت بالها، ودخل لها الغفير وكانت أمل بتخرف بالكلام وتنادي علي والدها تقريبا بتحلم.

حاولت تقف وهي مش قادرة تقف أو تتحرك، كانت حتقع أكتر من مرة لحد ما وقفت وخرجت من الباب، وهي بتسند علي كل حائط يقابلها و عاجزة أنها تفتح عينها بشكل طبيعي، وهنا تدخلت أنا.

سالتها اذا كانت محتاجة مساعدة، ومع إصراري طلبت اشوف لها تاكسي كانت حتقع؛ فسندتها الغريب إني أول ما لمست ايدها حسيت بشئ غريب، وقتها ما اهتمتش كل اللي اهتميت بيه اني اساعدها وبس، وناديت ماما ووصلتها لعربيتي وفتحها خليتها تنتظر فيها مع ماما اللي قلقت عليا طبعا من لؤي؛ بس أكيد مش حيقدر يعملي حاجة بالرغم اني تمنيت وقتها إن ده يحصل عشان أعرف أجيب حق أمل منه.

سكتت ماما وأمل ما كنتش قادرة تتكلم نهائي من التعب، جبت لها التاكسي فعلا وركبتها وهي قالت له على المكان ومشيت. 

من بعدها وأنا بفكر في الإحساس اللي جالي لما قربت منها، كنت رافضه بشدة مش عايز حتي أفكر بمعناه أو اسمه، رافض إني يراودني أي إحساس تجاه واحدة غير أمي، مش عايز ضعف ولا انكسار ولا إهانة.

 بقيت عصبي اكتر واكتر، وحاد بزيادة كل اللي يتعاملوا معايا لاحظوا، وماما كمان اللي طبعا سألتني كتير عن سبب عصبيتي وكنت بتهرب منها حقول إيه؟ و مش عايز أتكلم حتي.

قررت إني ما ازورش بابا فترة؛ تجنبًا إني أشوفها تاني، ولما طالت الفترة ماما بدأت تسألني كنا الصبح علي الفطار.
-طمني عليك مالك يا حبيبي؟ أنت كويس؟
-الحمد لله يا ماما كويس جدًا، في حاجة؟!
-أنت مش حاسس بنفسك يا بني، أنت متغير بقالك كتير، طيب ليه ما بقتش تزور بابا مع إنك مش كويس زي ما بتقول؟
-ما بطلتش ولا حاجة بس مشغول وأنا كويس جدًا.
-صدقتك كده! أنت مش حاسس بنفسك، أنت عصبي جدًا ومن كتير بتزعق لأبسط سبب، غير إنك مرة واحدة قطعت زياراتك لبابا.

الغضب سيطر عليا لان تصرفاتي فضحتني، وبان بوضوح بصوتي:
-مشغول شوية فمابقتش اروح والعصبية بسبب ضغط الشغل، ويا ريت نقفل باب الحوار ده؛ لأني مش ناقص ضغط لو سمحتي.

جاوبتني ببسمة سخرية واستنكار:
-باين فعلا أنه من الشغل، علي العموم أنت عارف اني موجودة، وأحب اسمعك في أي وقت تحب تحكي.
-أنا نازل تأخرت علي شغلي، وما تشغليش بالك؛ لإن مافيش حاجة أصلًا.
-حعمل نفسي مصدقاك.

 نزلت ركبت العربية واتكلمت مع نفسي وده كان أول مرة أكلم نفسي واتحاور معاها، كنت في طريقي للقسم. 
-وبعدين بقي هي صعبت عليا، وكنت عايز أساعدها وأخدت قرار أبعد، في إيه بقي؟ ليه العصبية والتوتر اللي أنا فيه؟ وبعدين ما أروح أزور بابا، ولو هي هناك عادي إحنا مش أصحاب، هي حتي ما تعرفش شكلي دايما تعبانة ومش مركزة او مكسوفة وجهها في الأرض.

رد عليا صوت جوايا، وكأنه شخص تاتي بيتكلم في نقطة تانية خالص:
-اه الكسوف وجماله؛ بس بلاش تتفه المواضيع، في حاجة بتشدك لها وأنت عايز تبعد، عشان كده مش بتروح مش عايز تقابلها، وسبب العصبية الزيادة أنها وحشتك قوي.

-مافيش حاجة ممكن تشدني لأي واحدة، كفاية اللي حصل لي قبل كده، والمواضيع تافهة أصلًا والعصبية من الشغل وهي هتوحشني ليه اصلاً؟

-لعصبية من الشغل بردو ولا عشان قلقان عليها ونفسك تشوفها تاني يمكن تطَّمن.
-مش نفسي في حاجة.
-فعلاً، يمكن العصبية لأنها دايما تعبانة وده بيضايقك ده غير أنها ولا مرة بصت في وشك، يا مكسوفة يا تعبانة بس كسوفها حلو، صح؟.
-صح.
انتبهت اني بكلم نفسي، لا وبرد عليها كمان: 
-أنا اتجننت ولا إيه! مش معقول واحدة صعبانة عليا وبشفق عليها تخليني اتجنن، لازم أسيطر علي نفسي أكتر من كده، وأبطل العصبية دي، وأرجع أزور بابا، بلاش اللي بعمله في نفسي ده، لازم أبطل أركز معاها، ومهما حصل لها أفضل بعيد ده قراااار.

الفصل السادس (فرصة)

وفعلًا حاولت أسيطر علي عصبيتي واحجمها، لحد ما قدرت بعد مجهود كبير، وبعد فترة رجعت أزور بابا وماما معايا، مش كتير زي الأول بس في المعقول، الغربية أنها كانت مش ظاهرة نهائي، وده جنني أنا صحيح عايز أبعد بس لو شوفتها من بعيد مش هيجرى حاجة.

عدي حوالي أربع شهور كنت تقريبا نسيتها أو علي الأقل بعدتها عن تفكيري  تهيأ لي إني نسيتها، لحد ما في يوم وأنا في القسم سمعت دوشة جامدة، وخرجت أشوف في إيه، لقيتها قدامي بس محجبة وكالعادة منهارة، فضلت شوية مش قادر أحدد هي فعلًا ولا بهلوس ودي واحدة شبهها، المهم حاولت اظهر اني عادي.

كان معاها ناس كتير، وكلهم ضدها وده ضايقني جدًا وكنت بفكر نفسي كل ثانية ان تعاطفي معاها ما ينفعش يأثر علي شغلي، وإني لازم أكون حيادي.

دخلوا كلهم المكتب عندي، الكل بيتكلم في نفس واحد وهي منهارة بتبكي بشدة،
كنت عصبي لانهيارها؛ زعقت فيهم وطلعت عليهم غضب الفترة اللي فاتت، أو يمكن عشان جاتلي الفرصة أحميها؛ لكنها أرتعبت مني واغمي عليها من الخوف، وأنا قلبي وقع معاها ومدعي عدم الاهتمام عشان شكلها قصاد الناس،  اللي فهمت من خلال كلامهم انهم جيرانها، فطلبت من بعض السيدات إنهم يقعدوها علي الكرسي أمامي وحاولت افوقها وهديت لكن ما قادرتش تتكلم وبتترعش وعنيها علي البيبي.

وبدأ الناس اللي معاها يحكوا، وتأكدت إنهم جيرانها ومش طايقينها واتهموها بحاجات كتير، فضلت مسيطر علي نفسي لحد ما واحدة تقريبا لمحت وشككت في شرفها وأخلاقها  في الوقت ده أمل اجهشت في البكاء وعلي لسانها جملة واحدة
-حرام عليكم حسبي الله ونعم الوكيل هو أنا ناقصاكم أنتم كمان؟!

هنا الدم غلي في عروقي والغضب بان عليا، واعتقد أنها حست بده للأسف وفي الغالب جيرانها كمان، يمكن لإني حسيت قد إيه مغلوب علي أمرها حتي من الناس حواليها، وزي ما كان عندي فضول أعرف حكاية المولودة اللي معاها، كان في سؤال فارض نفسه عليا فين أخوها؟ وليه ساكنة لوحدها؟

 المهم لقيت رديت علي جارتها واخرستها، وحصل شوية لغظ وكلام مالوش لازمة، فبكل قوتي خبط علي المكتب، عشان أوقف العبس ده، فاتفزعت وبكت وكان لابد اتكلم معها لوحدها، عشان أطمنها، وافك الالغاز وعلامات الاستفهام الكتيرة اللي عندي.
 
خرجتهم واتكلمت معاها، وحكت لي اللي حصل من جيرانها وقت ما رجعت البيت لحد ما دخلت مكتبي، حاولت افتح معاها كلام يجاوب علي اسئلتي والصراحة ضغط عليها شوية، ومن طيبتها فهمت جزء اهو أصبّر نفسي به لحد ما اعرف كل حاجة.

 لقيتها بريئة، ماشوفتش فيها خبث المدعوه سمر وطلعت بتخاف من الأقسام والضباط تحديدا، قدرت أخيرًا أرسم بسمة علي وجهها وسط دموعها، وآه من بسمتها واللي عملته فيا، واللي واجهت صعوبة عشان أدارى اللي حصلي، واللي هي ما شافتهوش بسبب خجلها، وشوفت تساؤلات كتير علي وجهها لأنها لاحظت تعاطفي معاها من البداية، ماهي ماتعرفش اني شوفت جزء من معانتها اللي هي تقصدها وطبعا تجاهلتها كأني مش آخذ بالي.

 وحاولت أفهم باقي حكايتها وكنت حاموت وأعرف أخوها فين؟ ومين زياد اللي مكتوب أنه جوزها؟ اتجوزت تاني امتي؟ وهو فين؟ وليه عايشة لوحدها ادام متجوزة؟  
 
استدرجتها في الكلام وحدة واحدة وعرفت اللغبطة اللي في التبني وطلاقها، ورجعت بكت وارتجفت، ولعنت نفسي اني خوفتها وأنا كنت ما صدقت أنها ابتسمت.

فضل شوية اسئلة والغاز، وسألت نفسي إزاي في أقل من سنة انقضت شهور العدة وتزوجت وكمان تطلقت؟! مش معقول الرقة والبراءة اللي قدامي دي أي رجل ينفر منها؟ وحاولت اهديها تاني ورجعت احاول اوصل لاجابات لباقي اسئلتي. 

اصلي ما كنتش هأقبل بديل غير أنها تحكي ولو بإيجاز الفضول كان حيقتلني بجد، مش فاهم ليه، بس الفرصة جات لي بدون ما أحاول، وكأن القدر قاصد تكون في طريقي، هي نفسها بقت أمامي بعد ما كنت تخيلت مش حشوفها تاني، وبحاول أبعد عن أي صدفة تجمعني بها، يعني بقت قدري اللي دايما اجمع به، وتحققت أمنيتي وسمعت صوتها بكلام مباشر بينا، وشوفتها من قريب قوي، وكانت أحلي بكتير، خصوصا أنها لأول مرة بدون كدمات أو أثار ضرب ورغم من دموعها إلا أن جمالها ظاهر وطاغي.

 وعرضت عليها المساعدة في تصحيح أوراق كفالة البنت، شرط إني أفهم سبب رفضها للجواز مع أخر كلامها سرحت وافتكرتها لما قالت مرة أنها عاقر، حسيت بوجعها ما أنا مجرب، وتخيلت مدي سوء جوازتها الثانية، واللي بعد كده عرفت أنها أسوأ مما تخيلت بكتير، وشكلي طولت في سرحاني لأني انتبهت علي صوتها وهي بتناديني، أكدت عليها إني هاساعدها تصحح الورق بمعارفي، 
وهي فرحت جدًا بطريقة اسعدتني، سعادتها اللي حلت محل خوفها وبكائها؛  خليتني طاير فوق السحاب، مش عارف الفرحة دي جت إزاي؟ وليه؟ ونسيت كل اللي حسيته الفترة اللي فاتت وكأنه كابوس وصحيت منه.

كانت فرصة ممتازة إني أخد رقمها وعندي كمان سبب للاتصال، وياريت محدش يسال أنا عملت كده ليه؟ ولا فرحان ليه؟ لأني ما عرفتش وقتها، وكنت مستغرب من نفسي، ومن أحوالي حسيت فاجأة إني رجعت مراهق بطريقة ازعجتني، هي كانت بمنتهي البراءة بتفرض نفسها عليا بدون ما تشعر.

دخل الجيران، طلبت منها تقف معاهم وظبطتهم  أنا نفسي تفاجأت من اللي عملته، ومضيتهم علي تعهد عشان أضمن انهم مش حيضايقوها، وهي طبعا - برقتها اللي جعلتني علي حافة الجنون- خافت مني وكان واضح عليها، حسيت بفرحتها لما أخدت البنت في حض*نها وفرحت لفرحتها








تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close