أخر الاخبار

رواية جراح الماضي الفصل السادس 6 بقلم سارة الزعبلاوي

 



رواية جراح الماضي

الفصل السادس 6

بقلم سارة الزعبلاوي


 بعد كل تلك الخطط التي رسمتها لتقترب منه، و بعد تلك السنوات التي عاشت فيها تتألم لبعده عنها و وجوده بجانب أخري... عادت هي مرة أخري لتسلب منها الأمل الذي أعطته لها الحياة،، عادت لتخطف قلبه مره أخري!!


زفرت و هي تمسك بهاتفها و تراه يضيء باسم المتصل بها،، وضعته علي أذنها و هي ترد قائلة بغل


- ايوة يا ماما


- ايوة يا حبيبتي،، عاملة اية مع حسام.. و مال صوتك!!


- موكوسة.. بنتك موكوسة يا ماما،، معرفتش اكرهه فيها و اهو راح يرجعها تاني النهاردة!!


- اهدي بس يا سما،، بتتكلمي علي مين؟!


- هكون بتكلم علي مين يعني، علي السنيورة.. مراته نور!!


- يا خرابي.. انتي مش قولتيلي انه خلاص هيطلقها!!


- ايوة ، انا حسيت منه كدة.. بس فجأة النهاردة الصبح لقيته بيمهدلي الموضوع و بيقولي انه هيرجعها.. لا و اية بيقولي انه ميقدرش يعيش من غيرها، فاضطريت اني..


- أنك اية يا سما؟! 


أكملت قائلة بتوتر 


- اضطريت اقوله اني حامل عشان ميطلقنيش لو هي طلبت منه!! 


- طيب و فيها اية؟! 


- يعني اية يا ماما،، انا مش حامل بجد.. حسام لو

عرف هتبقي كارثة و ممكن يبقي فيها طلاقي!!


سمعت صوت ضحكات والدتها و هي تقول


- طيب اهدي بس،، مين اللي قالك انك مش هتحملي منه.. انتي و شطارتك.. انتوا بقالكوا شهرين متجوزين، و عندك فرصة انك تحملي في الفترة الجاية و تبعديه عنها اكتر و اكتر.. و بعدين حسام لا يمكن يطلقك لأنه هيخاف علي زعلي، فمتقلقيش و صحصحي كدة عشان البت دي مش سهلة!!


____________________________________________


¶ ابتسمت و هي تمد يدها لتحييه.. التقط هو كفها بلهفة و هو ينظر إلي عينيها بحب شديد قائلا


- اهلا بيكي يا دكتور ليلي


ابتسمت و هي تشير بيدها له كإشارة للجلوس و قالت


- اهلا بحضرتك،، اتفضل اقعد يا استاذ فهد.. 


جلس و هو يقول


- انا سمعت ان دكتور محمود ساب المستشفي،، الكلام دة بجد!!


- الأول بس تشرب اية؟!


- قهوة مظبوطه


قامت بطلب مشروبه المفضل و من ثم التفتت له قائلة


- للأسف فعلا دكتور محمود باع نصيبه في المستشفي و سافر فرنسا!!


- طيب و مين الشريك الجديد اللي مع حضرتك،، يشرفني اشوفه و اتعرف عليه


نظرت له بتوتر لاحظه هو فقال بتساؤل


- هو في حاجة؟! 


تلعثمت قليلا و سرعان ما لملمت شتات أمرها و قالت 


- لا،، ثواني هناديه و جايه 


- اتفضلي


أتجهت " ليلي" نحو باب داخل غرفة مكتبها و قامت بالطرق عليه.. مرة أخرى و لم تجد إجابة و هي تعلم أنه بالداخل فاضطرت للدخول دون إذن

فتحت الباب لتجده جالس علي مقعد مكتبه و هو مندمج في الحديث في الهاتف لذلك لم يسمع الطرق علي الباب

وقفت خلفه و هي تسمعه يقول 


- يا حبيبتي مش هتأخر و الله،، كلها ساعة و هكون عندك


هل من الممكن أن تتوقف الحياة؟! 

اعتقد أنه من الممكن،، فبعد سماعها لتلك الجملة توقف نبض الحياة من حولها!! 

شعرت بوخزات في قلبها.. محاها من ذاكرته و أحب أخري بهذة السرعة؟! 

أما هي فاختارت التضحية و قررت أن تعيش علي ذكراه،، يالها من ساذجة!!! 


حمحمت بصوت مسموع و قالت بجدية 


- دكتور فارس لو سمحت، في شغل محتاجينك فيه


أشار لها كعلامة للانتظار و هو يقول موجها حديثه لمن يحدثها علي الهاتف


- طيب يا لينا، ساعة و هكون عندك.. باي يا حبيبي!!


نهض واقفا أمامها و هو يستمتع بنظرة الألم الظاهرة في عينيها،، حسنا فليعبث بها كما عبثت به و تفننت في تعذيبه سابقا

قال بنبرة خالية من المشاعر


- شغل اية دة؟!


- مدير شركة الأجهزة الطبية اللي بنتعامل معاها موجود و عرف ان محمود باعلك نصيبه و عايز يقابلك


قالتها ببرود و هي تتعمد الا تنظر في عينيه حتي لا ترى نظرات التشفي هذة في عيونه


- تمام، يلا نشوفه!!


خرجا معا و ما إن رآه " فهد" حتي نهض و هو يمد يده له ليحييه حيث تولت " ليلي" مهمة تعريفهما علي بعضهما،، حياه " فارس" و أشار له بالجلوس و هو مبتسم


- أهلا بيك يا أستاذ فهد.. اتشرفت بمعرفتك!!


- ربنا يخليك يا دكتور فارس.. حبيت حضرتك تكون موجود عشان هنبدأ في الشغل


- تمام


بدأ الحديث يطول و هم يتحدثون عن العمل و كلما لاحظ" فارس" نظرات " فهد" المصوبة إلي " ليلي" و هو  ينظر لها بشوق.. كلما ازداد سخطه

انتهي حديثهم و قام " فهد" مودعا إياهم و هو يقول


- كنت عايز اعزمك يا دكتور ليلي علي خطوبة أختي يوم الخميس، و انت طبعا يا دكتور فارس معزوم!!


ابتسامة صفراء صدرت من " فارس" و هو يقول


- هشوف كدة ربنا يسهل


- و حضرتك يا دكتور ليلي؟!


ابتسمت له و قالت برقة


- طبعا هاجي يا استاذ فهد، الف مبروك ليها!!


- الله يبارك فيكي و عقبالك قريب ان شاء الله،، استأذن انا بقي!!


حاولت كتم الضحكة التي كادت أن تصدر منها و هي تري ملامح" فارس" تتشنح و هو يراه يقولها لها بنبرة حالمة..


خرج" فهد " ليلتفت" فارس " نحو " ليلي" قائلا بغضب


- في أية بينك و بين الشخص السمج دة!!


رفعت حاجبها و هي تنظر له ببلاهة قائلة


- في شغل!!


صاح بها و بين لحظة و الأخري وجدت حالها محاصرة بين ذراعيه... قائلا


- انتي بتستعبطي،، لآخر مرة يا ليلي هسألك فيه اية بينك و بينه؟!


نفضت يديه عنها و دفعته بغضب و صاحت هي الآخر قائلا


- اسمي دكتور ليلي،، و ملكش دعوة يا فارس بيا.. زي ما انت عشت حياتك و نسيت اللي بينا في يوم و ليله.. انا كمان هعيش حياتي و هبطل سذاجة


لوي ذراعها فتأوهت هي و سقطت دمعة حزينة علي هذا الحال الذي وصلوا إليه و هي تسمع صوته قائلا


- يعني فيه حاجة بينكم اهو،، طيب بصي يا ليلي خليكي عارفة ان انتي مش هتبقي غير ليا.. و اي حد هيفكر يقربلك هتكون نهايته علي إيدي صدقيني!!


دفعها بعيدا عنه و نظر لها باستخفاف نظرة أخيرة ثم تركها و انطلق كالعاصفة الهوجاء!!!

_______________________________________


¶ كانت تنتظره علي أحر من الجمر و هي تتمني أن تسير خطتها كما تريد،، فهي تريد أن تتخلص من عبء وجودها  معه في أقرب وقت


سمعت صوت المفتاح و هو يوضع بالباب،، فنهضت و هي تتهادي في سيرها حتي وصلت إليه فاحتضنته بشوق متصنع


 و قبلت وجنته ليبعدها هو عنه برفق و قد ظهر الانزعاج جاليا علي وجهه لتقول هي


- شو بك حبيبي!!


زفر بضيق و هو يسير ليجلس علي الاريكة لتسير هي خلفه و تجلس علي قدميه و هي تعبث بأزرار قميصه قائلة


- حكيلي شو صار؟!


- مفيش يا لينا،، يا ريت تسيبيني لوحدي!!


- خلاص.. رح امشي!!


تركته و دخلت إلي غرفة بحجة تغيير ملابسها للذهاب و أمسكت بهاتفها و قامت بعمل اتصال


- يلا،، بلشوا!!


بعد الانتهاء من تغيير ملابسها خرجت لتقف أمامه و قالت


- حبيبي.. رح اجي بكرة،، بدك شي!!


- لا


رد عليها باقتضاب فسارت هي نحو الباب و فتحته لتجد عدة رجال ملثمين،، أشارت لهم بالتقدم و تصنعت الصراخ قائلة


- فاااارس...

 __________________________________________


¶ فتح لها باب السيارة و هو يمسك يدها برفق.. بينما كانت الأخري تتابعهما بحقد باد،، خرج " محسن" مرحبا و كأنه ينتظر تلك العودة بشغف 

دخلوا نحو الفيلا فقال " محسن" 


- يلا يا ولاد،، اطلعوا استريحوا و لما الأكل يجهز هناديكم


ابتسمت له " نور" عندما غمز لها بعينه.. دائما ما كان منبع للحنان،، دائما ما كان سندها بعد وفاة والدها حتي بعد زواجها من " حسام " كان يعاملها كأنها هي ابنته و ليس " حسام" 


صعدا معا و هو يغازلها باشتياق حقيقي يتسلل من بين كلماته فيحرك جيوش الحب الذي كاد أن يدفن داخل قلبها المسكين!! 


استدارا حينما سمعا صوت باب غرفة ما يفتح و تطل " سما" منه قائلة 


- حسام حبيبي عايزاك! 


- نور حبيبي ادخلي و انا هاجي وراكي!! 


اغمضت عينيها بحزن علي تلك اللحظات المختطفة من الزمن و قالت


- ماشي


سار " حسام" باتجاه غرفة " سما" و دلف قائلا


- في أية يا سما؟! 


اقتربت منه بدلال و هي تتحسس وجهه بكفيها بنعومة قائلة


- ما وحشتكش يا حبيبي و لا إية؟! 


ابعدها عنه برفق فهو الآن لا يتقبل سوي لمسة " نور"،، اعترف بسيادتها علي قلبه.. كانت محقة عندما قالت ان الفراق سيوضح لكلا منهما مكانة الآخر في القلب 

و الآن

ما هو واضح له أنها أطلقت سحرها الأبدي علي قلبه فمنعته من رؤية أحد سواها


- سما انا سايب نور لوحدها،، مش وقته


- كدة برضو.. دة انا قاعدة مستنياك من بدري


- معلش وقت تاني أكون فاضي فيه


تركها و خرج و كأنها تشحذ منه الحب،، استطاعت أن تفرض سيطرتها علي المنزل بأكمله بمجرد أن خطته قدميها.. لابد أن تجد حل سريع للتخلص منها و الاستحواذ مرة أخري علي " حسام" !! 


أما في الغرفة المجاورة عندما دلف وجدها منشغلة بترتيب الحقائب،، فأدارها إليه و نظر لها بحب قائلا


- عارفة يا نور.. يمكن طول السنين اللي فاتت دي عمري ما قولتلك بحبك.. و لا حتي قولتلك كلمة حلوة، بس بعدنا عن بعض دة وراني قيمة وجودك في حياتي، ربنا يخليكي ليا و ميحرمنيش منك


ابتسمت و هي تستند بجبينها علي جبينه و أغمضت عينيها بنشوة قائلة


- يا حسام انت غيرت حياتي في يوم و ليلة.. انا بحبك


احتضن خصرها بتملك و رفعها من علي الأرض و هو يهمس أمام شفتيها


- و انا بعشقك يا قلب حسام!!


و بذلك استطاع أن يصك ملكيته علي قلبها و غرقا معا في بحور عميقة لا قاع لها،، و لا منقذ فيها من الغرق سوي " الحب"!!

_______________________________________


¶ خرجت من غرفتها بعد أن كانت حبيستها لمدة الثلاث أيام السابقة،، كشفها أمام حالها.. اعترفت أن الأنانية تمثل الجزء الأكبر من شخصيتها!!


نزلت الي بهو الفيلا لتجد والدتها جالسة تتلو القرآن الكريم،، لأول مرة تلاحظ التعب البادي علي وجهها.. اقتربت منها و جثت علي ركبتيه أمامها و هي تضع رأسها علي قدميها،، لتقول والدتها


- مالك يا فاطمة،، بقالك تلات ايام مش بتخرجي من اوضتك.. انتي زعلانة انتي و احمد و لا إية؟! 


- احم.. لا يا ماما بس كنت واخدة برد و كنت تعبانة،، انا و احمد كويسين.. المهم انتي مالك يا حبيبتي، شكلك تعبان!! 


تلعثمت " مرفت" و هي ترد قائلة

- انا كويسة،، متشغليش بالك بيا المهم انتي يا عروسة!! 


ابتسمت بمرارة و قالت


- ماما انا بحبك اووي!! 


احتضنها والدتها و هي تربت علي شعرها و تمنع دموعها بالكاد،، فقريبا ستودع حياتهن و تترك صغارها يعتمدن علي أنفسهن!! 

يا له من ألم،، كونك تعلم أنك ستفارق أحبابك خلال أيام معدودة.. يمثل قمة الألم!! 


- فاطمة حبيبتي انا كمان بحبك!.. بس عايزة اطلب منك طلب.. 


- اتفضلي يا ماما


- حبي اخواتك،، انا مش هعيشلكم طول العمر،، خليكي قريبة منهم هما سندك في الدنيا دي يا حبيبتي.. مهما يحصل بينكم هتفضلوا اخوات!!


نظرت لها بحزن علي علاقتها المتدهورة بشقيقاتها،، ليسوا فقط شقيقات.. بل هن توأم!!


- حاضر يا أمي!!


سمعت صوت هاتفها يعلن عن قدوم اتصال،، ابتعدت عن أحضان والدتها و هي تري اسم المتصل و قالت


- دة أحمد هقوم ارد عليه


- ماشي يا حبيبتي


سارت بعيدا حتي لا تستمع والدتها الي ذلك الحوار و قالت


- ألو يا احمد


- ألو يا فاطمة،، انا عايز أقابلك


- ماشي بس انا كنت عايز اقولك يا احمد متزعلش مني آخر مرة أنا كنت مضغوطة و...


- مفيش داعي للكلام دة يا فاطمة.. النهاردة في كافية ** اللي في الزمالك،، سلام


أغلق الهاتف و هي تنظر لهاتفها غير مصدقة تلك الطريقة الجافة التي تحدث بها معها لأول مرة

لم يرد الاستماع لمبرراتها.. يبدو أنه سئم هذه العلاقة غريبة الأطوار!!

_________________________________________


¶ نظرت نحوه بابتسامة غير مصدقة و هتفت قائلة


- دكتور يوسف بذات نفسه عندنا،، دة اية الهنا اللي انا فيه دة!! 


ضحك و هو يتقدم منها مقبلا يديها و قال


- انا قولت آجي أطمن عليكي و بالمرة أشوف اية اخبار

شغلك 


- كله تمام،، المهم انت عامل اية؟! 


جلس علي الاريكة المقابلة لمكتبها فسارت هي لتجلس بجانبه و كأنها تستمد طمأنينتها من وجودها بجانبه... كاد أن يتحدث حينما سمع صوت دقات متسارعة علي باب الغرفة لتهتف " هنا" 


- أدخل!! 


دلفت السكرتيرة و علامات الفزع مرتسمة علي

وجهها و قالت


- الحقيني يا بشمهندسة!!


ابتلعت " هنا" ريقها بصعوبة و قالت بقلق ممزوج بخوف


- في أية يا مروة؟!


التقطت " مروة" أنفاسها و قالت بتوتر


- في واحد من العمال و هو في الموقع  بتاع شركة الدمنهوري وقع من الدور السادس و العمال مش عارفين يعملوا اية؟!


انتفضت " هنا" عند سماع تلك الكلمات و قالت صائحة


- يا نهار اسود،، اتصلي بيهم بسرعة و قوليلهم يتصلوا بالاسعاف علي ما آجيلهم.. بسرعة


قال " يوسف" مهدئا إياها


- اهدي بس يا هنا،، اصبري انا هاجي معاكي!!


- لا لا خليك انت.. انا هروح!!


قالتها و هي تلتقط حقيبتها لتخرج مسرعة فامسك ذراعها قبل أن تخرج و قال


- انتي مش هتتحركي في حتة غير و انا معاكي،، يلا!!

 ___________________________________


¶ لم يتأخر،، دائما هي من تأتي متأخرة... في كل شيء تكن متأخرة،، حتي في اعترافها لحالها بأنانيتها كانت متأخرة... و أمنيتها الوحيدة الآن هي أن تستطع اللحاق بحالها قبل أن تفقده هو الآخر!! 


جلست أمامه بتوتر و هي تقول 


- آسفة لو أتأخرت


أشعل سيجارته لتزفر هي بضيق... نظر لها بلا مبالاة حقيقية و عيناه توجه لها أسهم من النار تحرقها بلا شفقة!! 


- ما هو دة العادي بتاعك يا فاطمة.. مفيش حاجة جديدة يعني!! 


تنهد بحزن و هي تحاول إبعاد عينيها عنه و قالت 


- أحمد انت لازم تسمعني و تديني فرصة ادافع عن نفسي!! 


اخترقت نظراته القاسية قلبها.. هشمته الي قطع لن تعود كما كانت مرة أخري!! 

قال و هي تشعر من حديثه انها سقطت من نظره مع الأسف 


- انا مش جايبك عشان اسمع مبررات يا فاطمة،، اكتفيت من مبرراتك يا فاطمة بصراحة!! 


يا الله ما هذا التحول التام الذي صار عليه!! 

من عاشق متيم إلي رجل قاسي،، متبلد المشاعر 


و قد صدق من قال " الطبع يغلب التطبع "!! 

فسرعان ما عادت إلي تلك الطبيعة المتمردة و الشخصية ذات الكبرياء القاتل حينما قالت


- اومال جايبني ليه يا احمد،، عشان تكسرني و توريني اني مسواش بالنسبالك حاجة !! 


تقوس جانب شفتيه بسخرية و قال


- و دة طبعا الرد المتوقع منك يا فاطمة.. و عشان أقصر عليكي المسافات هقولك انا جايبك النهاردة لية! 


أدمعت عينيها و هي تتظر له منتظره تفوهه بكلمات الوداع الحارقة،، و لكن ما تشدق به أذهلها و خالف توقعاتها تماما!! 

___________________________________________


¶ حقا لم تشعر به من قبل هكذا!! 

لم تشعر بكم المشاعر المنطلقة منه هكذا يوما،، شعرت بحبه في همساته و في وعوده الصادقة لها 


- يلا يا حبيبتي عشان الأكل هيبرد!! 


أمسكت بخصلات شعرها التي تشبه موجات البحر الرائعة و هي تقوم بربطهم لينسابوا علي ظهرها بنعومة واضحة و قالت


- خلاص يا حسام،، جاية اهو!! 


هبطت معه.. كلا منهما ممسك بيد الآخر و كأنهما يستمدان من بعضهما القوة لمواجهة هذة الحياة الكارثية! 


- يلا يا ولاد الأكل هيبرد 


هتف بها " محسن " و قد عرفت الابتسامة طريقها إلي وجهه و كاد قلبه أن يغادر ضلوعه متراقصا من السعادة 

لم تكن " نور" بالنسبة إليه يوما زوجة ولده فقط!! 

فقد عرفها قبل معرفة " حسام" لها،، استشف احتياجها الواضح لعاطفة الأبوة التي فقدتها في ذاك الوقت

و عوضها عنها ليصبح لها أبا رائعا.. 


نظر نحو تلك الماكرة الجالسة بجانبه،، لم يسترح لها يوما.. يعلم أنها لم تفكر يوما لا بحب و لا بشيء من ذلك القبيل،، لكن النقود كانت اختيار رائع بالنسبة إليها.. و ثروة " حسام" ليست بقليلة،، لكن مهلا.. فهو لن يجلس يشاهدها و هي تخدع ولده تحت مسمي " الحب" و يظل صامتا.. فصبرا جميل!! 


- كلي يا سما،، كلي ياا حبيبتي عشان اللي في بطنك!! 


قالها " محسن" باضطرار،، فابتسمت هي بتوتر و قالت 


- ااا.. انا باكل اهو يا عمو! 


ابتسم لها بتصنع و قال


- من بكرة بإذن الله يا حسام تاخدها بقي و تروحوا لدكتور كويس تتابعوا معاه! 


- لا،، اقصد يعني مش لازم يتعب نفسه انا هبقي اروح لوحدي يا عمو! 


قالتها " سما" بتوتر ملحوظ فقال " محسن" باستغراب


- ازاي يعني تروحي لوحدك،، دة لازم حسام يجي معاكي و لا إية يا حسام؟! 


انتبه له  "حسام" الذي كان منشغلا بشعور " نور" في هذة اللحظة.. هو يعلم أنه ليس ذنبها انها لم تستطع أن تأتي بالطفل الذي تمناه منها بعد زواج دام خمس سنوات 


- احم،، معلش كنت بتقول اية يا بابا؟! 


ابتسم له " محسن" مدركا ما يدور في ذهنه و قال


- مش هتروح مع مراتك عند الدكتور بكرة عشان تتابعو الحمل!! 


هز " حسام" رأسه بالإيجاب و قال باقتضاب 


- أن شاء الله 


إن حدث هذا فسينفضح أمرها و لن يجعل " حسام"  الأمر يمر بسلام،، خصوصا و انه يتنمر لها.. ينتظر اي شيء يجعله يتخلص منها و هو يستشعر ثقل عبئها عليه!! 


نهضت من علي المائدة و هي تنظر له و هو يهمس في أذن " نور".. أشعل فتيل الحقد في قلبها المغطي بعتمة سوداء،، فتصنعت الألم و هي تتأوه واضعة يدها علي بطنها قائلة


- اة.. الحقني يا حسام 


انتفض " حسام" من محله ليس خوفا عليها بل علي الجنين القابع داخلها.. 

اقترب منها و هو يضمها له برفق قائلا بقلق 


- مالك يا سما،، حاسة بإية؟! 


استندت بكفها علي صدره و هي تنظر ل " نور" نظرة ناطقة،، نظرة تقول لها فيها إنه ملك لي.. لن تستطيعي سلبه مني مرة أخري لتقابلها الأخيرة بنظرة منكسرة حزينة و تنسحب بهدوء إلي غرفتها،، فتقول " سما" بحزن مصطنع


- اطلع ورا مراتك يا حسام، شكلها زعلت!! 


أسندها و هو يسير بها تجاه الدرج قائلا


- سيبك انتي بس.. لما اطمن عليكي الأول 


ابتسمت بمكر و هي تري " نور" علي الدرجة الأخيرة من السلم و بالطبع قد سمعت ما قال.. ادمعت عينيها بحزن علي السعادة التي لم تكتمل و صعدت مسرعة نحو غرفتها

______________________________________


¶ وصلا نحو المكان الذي وقع فيه الحادث،، فهبطت " هنا" راكضة من السيارة..لأنه بالطبع المسئولية كاملة تقع علي عاتقها و إن حدث لهذا العامل شيئا فلن يسئل غيرها!! 


هبط " يوسف" خلفها و هو يحاول اللحاق بها قائلا


- يا بنتي اهدي ماتخافيش!! 


توقفت ناظرة إلي البنايات المهجورة حولها بذهول،، لا يوجد أحد!! 

لا يوجد أثر لأي مخلوق في هذه المنطقة المهجورة 


تبادلت هي و " يوسف" نظرات الدهشة.. فسمع هو صوت رنين هاتفه فأمسكه قائلا


- ألو يا فارس 


- إيه يا ابني انت فين من الصبح،، مش قولتلك تجيلي المستشفي النهاردة؟! 


كاد " يوسف" أن يتحدث و لكن ما وجده أمامه و حوله و صرخات " هنا" جعلت لسانه ينعقد و صوت " فارس" يأتيه من الهاتف قائلا


- في أية يا يوسف،، يوسف انت فين.. يا ابني رد عليا!!! 


                الفصل السابع من هنا 

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close