أخر الاخبار

رواية لحن الزعفران مذكرات فيروزة الفصل التاسع9والعاشر10 بقلم شامة الشعراوي


رواية لحن الزعفران مذكرات فيروزة الفصل التاسع9والعاشر10بقلم شامة الشعراوي


كانت تقف وسط الغرفة وتفرك يديها بتوتر وهى تنظر حولها بخوف وذعر فهذا المكان غريب عليها فكيف لفتاة مثلها ستعتاد على هذا الزوج وهذا المكان الذى أصبح بمثابة سجن لها..دمعت عيناها بألم وهى تتذكر كل ما مر عليها من ذكريات مؤلمة وتعيسة فهى فتاة قليلة الحظ ...ولج إليها "رائف" وأغلق باب الغرفة خلفه، ابتلعت "فيروزة" لعابها بتوتر فأقترب منها وهو ينزع عنه سترته والقها أرضاً ثم قام بتمرير يديه الغليظة على شفتيها الوردية فأنتفض جسدها و قلبها بخوف منه بينما هو قام بجذبها إلى أحضانه بقوة وقال بأبتسامة خبيثة تشبه فحيح الأفاعي جعلت قلبها يسقط أرضاً:

 - أهلا بكِ فى جحيمي الأسود فيروزة.

نظرت إليه بذهول وذعر فقد بدأ يبدو مخيفاً كثيراً  بينما هو بدأ يمزق فستانها تدريجياً فصرخت بوجهه محاولة الإبتعاد عنه لكنه أحكم قبضته عليها بقوة.

تحدثت "فيروزة" بدموع: 
-رائف أنت بتعمل ايه أبعد عني أرجوك.

تحسس كتفها قائلاً : تؤ مستحيل أبعد عنك واسيبك من غير ما أشوف تقاسيم جسدك المثيرة، و دلوقتى خلينا نبدأ حفلة الأنتقام على روقان ياروزا..

رفعت سبابتها بوجهه وقالت بخوف: 
-انتقام ايه وبعدين أياك تقرب مني أنت فاهم مكنتش أعرف أنك بالحقارة دى.

قام بصفعها عدة صفعات على وجنتيها ثم قام بحدفها بعنف إلى الحائط جعلت رأسها تسيل دماً، اقترب منها بخبث وهو ينظر إليها بنظرات أرعبتها بعد ما حمل بيده سوط أخرجه من خزانته فقال: لسانك دا عايز قصه ياحلوة زمانك.

أقترب منها أكثر وقام بضربها والاعتداء عليها كالحيوان المفترس ولم يأبى لصراخها ولا لدموعها التى تسيل كالشلالات المتدفقة، كانت تصرخ بقوة إلى أن أغمى عليها.

          ************************** 

فى قصر خيالى عملاق مثل القلعة  يشبه أحد قصور العصر الفيكتورى، كان يتزين بلاط القصر بالرخام الأبيض وأسقفه مزخرفة بشكل منسق وجميل ونوافذ طويلة من الزجاج الشفاف موضع عليها ستائر من الدانتيل الهادئ، فكان عبارة عن تحفة فنية وكل شئ متناسق بطريقة تأخذ العقل.

تحديداً فى جناح ملكي مخصص لذاك المدعو "عمران" فكان يحتوى على أثاث باهظ الثمن يدل على مدى الرقى والتقدم ...

كان يمسك بين يديه سلسله فضية على هيئة فراشة باللون البنفسجي ظلّ يتأملها وهو يتذكر صاحبة العيون الفيروزية التى جعلت قلبه الجليدي ينبض لها، أخذ يتذكر تلك اللحظة التى كان يحملها بين يديه وهو يضعها على فراش المستشفي و بعد ما أبتعد عنها رأى تلك السلسله تسقط منها فأخذها وأحتفظ بها لنفسه كذكرة جميلة منها، بدأ يهمس بداخله وهو مازال محدق بالسلسله قائلاً:

- أود أن أخبرك بشئ ياصاحبة العيون الفيروزية عندما ألتقيت بكِ فى ذاك اليوم لم تفارقني حينها آبتسامتي بسببك أصبحت أمشي مبتسماً لا أعرف ما الشعور الذى وضعتيني فيه، من ذاك اليوم أصبحت شارداً الذهن بكِ وكأنك الوحيدة بهذا العالم، وعندما رأيتك حينها شعرت وكأن الحياة أبتسمت ليّ وأنه لا شئ يسع قلبي ودقاته وبين كل نبضة لا أصدق أن مجرد رؤية شئ من رائحتك تجعلني هكذا لا أعرف ما سبب هذا، لكن شعوري بكِ لم يفارقني حتى أني أراكي دائماً تزوريني بأحلامي وفى أفكاري أشعر وكأنك قريبة مني وفى كل مكان لم أدري ماذا فعلتي بي عندما ألتقيت بكِ صدفة يافتاة، فقد ظننتك فى البداية الأمر عابرة كالجميع لكن بدأ لي عكس ذلك خلال تلك الفترة التى كنتي بعيدة فيها عن نظري...ثم تنهد بعمق ووضع يديه على موضع قلبه بقلق 

لكنني أشعر الأن بأنني قلق عليكِ كثيراً ولا أدري ماذا أفعل ليس بيدي شئ لاطمئن عليكِ الآن، أتمنى أنكِ تكوني بخير. 

التفت يميناً وهو يرى باب غرفته يفتح بهدوء فقام بوضع السلسله تحت المنضدة، ثم ألقى بصره لذلك الصغير المتطفل الذى أقترب منه سريعاً وهو يقول بمرح: بابي أنت نايم.

أبتسم إليه بسعادة وهو يضمه إلى أحضانه بحب ابوي قائلاً: لا يابطلي كنت لسه هنام وبعدين أنت صاحي ليه لحد دلوقتى مش قولنا ممنوع السهر.

نظر إلي بطفولة وقال بعبوس: ما أنا مش عارف أنام لوحدي هو ينفع أنام معاك النهاردة يابابي.

أردف "عمران" بابتسامة مرحة: طبعا ياقلب بابي بس متتعودش على كدا يابطلي.

تحدث "سفيان" بسعادة: أنت أحلى بابي فى الدنيا.

قبله "عمران" على رأسه: وانت أحلى سفيان فى الدنيا.

تمدت "عمران" على الفراش واحتوء أبنه بين ذراعيه فقال الصغير ببرائة: النهاردة تيتا سألت عنك كتير هو   حضرتك بقيت مش بتقعد معانا زي الأول ليه هو أنت مش حابب تقعد تلعب معايا.

قرصه من أرنبه أنفه ثم قال: حبيبى مش حكاية أنى مش عايز أقعد معاكم زى ما أنت فاكر كل الحكاية ياسيدي أنى عندي شغل كتير الفترة دى وغصب عني مش بعرف أقعد معاكم زى الأول بس أوعدك أول ما أخلص الشغل هفضل معاك ومش هسيبك ابدا دا أنت أغلى حاجة عندي وبعدين هو أنا  بقصر معاك فى أى حاجه بتطلبها.

هز رأسه رافضاً وهو يقول بحزن: بس أنت بتوحشني اوي يابابي.

تحدث "عمران"  بحنان:
 وأنت كمان بتوحشني وعلشان خاطرك ياعمري هاخد بكرا أجازة من الشغل ونقضيها مع بعض خروجات وفسح ولعب زى ما أنت عايز إيه رأيك ياباشا.

هتف "سفيان" بسعادة: يعيش بابي كدا انا أحبك.

قهقة الأخر بقوة على كلام أبنه الوحيد وقال بمرح: دلوقتى أحبك يابابي واد مصلحجى بصحيح.

بعد مرور بضع دقائق غفى الطفل على ذراع والده بهدوء، وفى هذا الأثناء دلفت إليهم "رحمة" والدة "عمران"  فاعتدل الأخر فى جلسته وهو يقول بأستغراب:  أمي محتاجة حاجة ياست الكل.

أقتربت منه وهى تبتسم: أبدا ياحبيبي قلقت على سفيان لما ملقتهوش فى أوضته فجيت أطمن إذا كان   نايم معاك ولا لأ. 

عمران: متقلقيش عليه يا ست الكل الباشا جالى من شوية وقالى عايز انام النهاردة معاك يابابي وانا طبعاً مقدرش أرفضله طلب وابعده عن حضني دا أبني حبيبي وحته من روحي.

اردفت "رحمة" بحنان: ربنا ما يحرمكم من بعض.

قبل "عمران" يديها قائلاً: ولا يحرمني منك ياأمي ولا من حنانك عليا أنا وأبني مش عارف من غيرك أعمل ايه لوله وقوفك جنبي ومعايا مكنتش عرفت أربي أبني لوحدي.

تحدثت حنان" بهدوء: ده حفيدي ياعمران حته منك ياروحي واديله عينيا .. بس ياحبيبي أبنك بدأ يكبر وبقا عنده ٧ سنين وبقا محتاج لأم بردو فى حياته و لازم تتجوز ويبقى عندك زوجة وأم لابنك وتجبله أخوات بدل ما هو وحيد أو حاول ترجع مراتك تاني ليك وتسامحها كل أنسان مننا بيغلط وهى اكيد لما تشوف أبنها قلبها هيحن وهتعرف أنها غلطت.

نظر إليها بذهول فقال بضيق: 

-ماما ايه اللى بتقوليه دا ارجع مراتي تاني لعصمتي أنتي ناسية هى عملت ايه فيا و نسيتي أن هى أول ما خلفت رمت ابنها وهو حته حمرا وقالت مش عايزاه يوقفلى حياتي أبني لحد دلوقتى ميعرفش مين أمه حتى،  دى واحدة ماتستاهلش أني أديها فرصة تانية هى سابتني فى عز ما كنت محتاجلها مكنتش أعرف أن هى أتجوزتني عشان فلوسي ومع أول مشكلة حصلتلي فى شغلي وخسرت كل حاجة طلبت مني الطلاق رغم أنى فضلت أتحايل عليها واقولها كل حاجة هتتحل وظروفي هتتحسن لكن هى مكنش فارق معاها كلامي ولا حتي كان فارق معاها سفيان كل اللى هاممها الفلوس ومظهرها لكن أنا وأبني نتفلق ...أنا أكتر حاجة ندمان عليها فى حياتي أن اتجوزت المخلوقة دى وهتفضل أوسخ قرار خده فى عمري كله وندمان عليه.

ربتت على يديه بحزن قائلة:

- حقك عليا يابني خلاص فكك من سيرتها خالص طب بص أنا عندى عروسة ليك بنت جميلة ومؤدبه ومثقفه  وأنت كمان تعرفها.

تحدث "عمران" بسخرية: وياترى بنت صحبتك سعاد ولا بنت صحبتك عزة.

رحمة: أنت بتتريق ياعمران يابني أنا عايزة أفرح بيك واشوفك مبسوط فى حياتك مع زوجة تصونك وتحبك وتاخد بالها منك ومن أبنك لان هو كمان محتاج يكون عنده أم زى بقية أصحابه.

أردف عمران بأبتسامة ساحرة: حاضر ياأمى أول لما الاقى اللى خطفت قلبي هتجوزها على طول.

نظرت إليه "رحمة" بخبث: اممممم يعني فى واحدة خطفت قلبك زى ما بتقول صح.

أشاح بوجهه بعيداً عنها وهو يشعر بحرج فقد كشف أمره أمامها فقال بتوتر: أنا ياست الكل أبدا مفيش الكلام دا.

رحمة بمرح: ياولاه على أمك حبيبتك الكلام ده اذا كان أنت وقعت بلسانك قدامي ها قولى مين هى سعيدة الحظ اللى خلت المقدم عمران قلبه يدق من أول وجديد.

أبتسم ثغره بسعادة عندما تذكر تلك الفتاة التى أسرت قلبه فقال بتوهان: فيروزة.

نظر إليه والدته بعدم فهم: أفندم أنت بتقول ايه.

التفت ببصره إليها قائلاً بهدوء: أسمها فيروزة يا أمي شوفتها صدفة على الطريق من فترة وفعلا كانت أجمل صدفة تحصلي فى حياتي.

رحمة: يعني شوفتها بس ولا قعدوا مع بعض واتكلمته.

عمران: شوفتها وأتكلمنا بس من وقتها ماشوفتهاش تاني.

رحمة: طب أنت مش معاك نمرة تليفونها أو عارف بيتها.

عمران: عارف بيتها بس ليه بتسألى.

رحمة بأبتسامة:  عشان اروح أخطبهالك ياقلبي.

ضحك عمران بخفة: شكل حضرتك ياست الكل زهقتى وعايزة تجوزيني عشان تخلصي  مني صح اعترفى.

رحمة: أبدا ياحبيبي بس مدام هى عجباك ليه متروحش تتجوزها قبل ما تضيع منك.

عمران بهدوء: كل شئ بأوان يا أمي سبيها على ربك إذا أراد أن يجمعني بها سيفعل ذلك قريبا.

        * * *****************************

فى اليوم التالى 

كانت تجلس الفتيات مع جدتهم فى غرفة الجلوس فدخل عليهم "على" وجلس على المقعد بتعب شهقة لارين بفزع عندما رأت وجهه مليئ بالكدمات اقتربت منه أخته "سهر" الذى قالت بقلق: على ايه اللى حصلك ومين عمل فيك كدا.

تحدث على بإرهاق: أهدوا متخافوش دى حادثة بسيطة حصلتلي فى الجامعة.

الجدة: سهر هاتى علبة الأسعافات الأولية من فوق بسرعة.

سهر: حاضر ياتيتا.

وضعت الجدة يديها على كتفه وقالت بهدوء: ممكن أفهم ياجلاب المصايب مين اللى شلفط وشك كدا.

على بضيق: ولا حاجة محدش أصلا يقدر يعملي حاجة.

سارة بسخرية: لا ما هو واضح أوى من وشك أن محدش يقدر يعملك حاجة ياسى على.

أمسك المخدة التى بجانبه والقها عليها قائلاً بغضب:

- استني عليا ياسوسة لما أفوقلك والله لانفخك.

جاء "معاذ" من الخارج وهو يستشيط غضباً فأقترب من أخيه سريعاً ولكمه فى وجهه بقوة ثم قام بجذبه إليه من ملابسه وقال بغضب عارم: بقا ياحيوان سايب شوية شباب صيع يعلموا عليك.

على بأختناق: هما اللى خدوني غدر ومعرفتش أدافع عن نفسي.

معاذ بصوت عالٍ: ليه مش راجل أنت عشان تدافع عن نفسك .

تحدثت الجدة بقلق: معاذ سيب أخوك مش شايفه تعبان أزاى.

معاذ: مش هسيبه غير لما يتربى ويعرف ازاى يدافع عن نفسه وياخد حقه مش يسيب شوية زباله ملهمش لازمه يعملوا فيه كدا.

أقتربت "لارين" منه قائلة بخوف: معاذ عشان خاطرى سيبه سارة قوليله حاجة.

أردفت "سارة" ببردو: ماليش دعوة يستاهل اللى يجراله.

أمسكت "لارين" يد "معاذ" وقالت ببكاء: سيبه بالله عليك يامعاذ حرام اللى بتعمله دا ...زادت دموعها بخوف فأبتعد "معاذ" عن أخيه وأقترب منها بلهفة: خلاص أهدى أنا سبته أهوى.

مد يديه و مسح دموعها المتساقطة على وجنتيها برفق وقال بحنان: متعيطيش خلاص حقك عليا... ثم حول بصره إلى "على" وقال: ماشى ياكلب حسابك معايا بعدين علشان بسببك دموعها نزلت.

ركضت سهر إليهم وهو يتنهج فقالت: أنا جبت علبة الأسعافات زى ما طلبتي مني ياتيتا...أخذتها منها الأخرى دون أن تتفوه فنظرت إلى "سارة" وتمايلت قليلاً عليها قائلة بهمس: هو فى ايه وليه لارين بتعيط هو فى  حاجة فاتتنى وأنا فوق.

رمقتها الأخرى بغضب وقالت: تصدقى أنك تفاهه.

بعد لحظات فكانت "لارين" جالسة بجانب "على" تقوم بمعالجة الكدمات.

على بألم: الواحد حاسس أن فى تريله دايسه عليه.

لارين بحزن: معلش فى الأول هتحس بشوية وجع لكن بعدها هتخف ومش هتحس بحاجة .

على بزهق: طب خلصتي ولا لسه.

لارين بهدوء: استنى هحطلك المرهم دا وأكون خلصت.

أقترب "عمر" وجلس بجانبهم وقال بأرهاق: الواحد تعب من كتر الشغل يأخى.

نظر إليه "معاذ" باستغراب قائلاً: مالك يامصيبة فى ايه.

تحدث "طارق" الذى جاء يحمل طبق من المكسرات قائلاً:

- سيبك منه دا عيل فصيل أصلا وبعدين فيها ايه يعني لما تشتغل شوية زيادة.

عمر: فيها أن احنا هيطلع عين أبونا بعد ما فيروزة أتجوزت.

طارق بحزن مصطنع: ما اه الهانم أختك أتجوزت ودلوقتى هى مبسوطة فى شهر العسل وأحنا هنا يطلع عين اللى خلفونا مكنش يومك ياشابة.

عمر: بجد يابختها أكيد هى مشهيصه مع سى رائف بتاعها ناس ليها الحظ والفرح وناس ليها الشغل والمرمطة.

أردفت سارة بضيق: بطلوا قر على البت الله يخربيتكم هتجبوها الأرض.

عمر: أخت سارة بالله لتسكتي وتنقطينا بسكاتك الله يكرمك.

سارة بضيق: تعرف أنك عيل بارد ومستفز.

عمر ببرود : عارف ايه الجديد.

      *****************************

فى المستشفى كان يقف "أنيس" ينظر من النافذة إلى الخارج ثم أنتفض فجأة على صوت ظهر من عدم نظر خلفه ليجد "دارين" فكانت تقف بجانب المكتب تضحك عليه بخفة فقال بغيظ وهو يمسكها من طرف التيشيرت: حرام عليكى ياديدي هيجرالي حاجة بسببك وربنا مش كدا ياماما خفى عليا شوية.

دارين ببراءة: هو أنا عملتلك حاجة بس.

أنيس بسخرية: أبدا هو أنتى بتعملى حاجة أصلا .

دارين بعبوس: أخس عليك ياأنوسه.

أردفت الأخر بذهول قائلاً: أنوسه أنا الدكتور أنيس يتقالى أنوسه.

تعلقت "دارين" برقبته وقالت بدلال: بدلعك يابيبي وبعدين المفروض تبقى فرحان بيا دا أنت يابنى أمك داعيلك فى ليلة القدر عشان بقيت من نصيبك.

أنيس: أمك فى واحدة متربية وبنت ناس محترمة تقول أمك وبعدين شكلها دعت عليا مش داعيالي.

وجزته فى كتفه وقالت بتذمر: هو أنت كدا معترض على كل حاجة مفيش حاجة عجباك.

نظر إليها بطرف عينه : مفيش فايدة فيكى هو أكيد ذنب حد وربنا بيخلص.

أمسكت يديه وقالت برجاء: أنيس بقولك ايه علشان خاطرى خدني عشيني برا النهاردة.

أنيس: بس أنا لسه ورايا شغل مخلصتهوش.

دارين: الدنيا مش هتقف ياحبيبي وبعدين بكرا أبقى كمله مش هيجرا حاجة يعني.

أخذت تتحايل عليه مثل الأطفال قائلة: ياأنوسه يلا بقا أنت بقالك كتير مخرجتنيش ولا بتهتم بيا .

أنيس:أول مرة أشوف الاهتمام بيطلب كدا طول عمرى أعرف أن الأهتمام مابيطلبش. 

أرجعت شعرها إلى الخلف وقالت بمرح: لا ياعسل بيطلب عادى خليك كدا فريش ومتحبكهاش.

ضحكة بخفة على محبوبته فهز كتفه بقلة حيلة: 

- ماشى ياأخرة صبري أمرى لله يلا قدامي.

           ****************************

استيقظت من نومتها لتجد نفسها مربوطة فى أوضة ضالمة حاولت أن تتحرك من مكانها ولكنها كانت مقيدة بسلاسل من حديد، فكان جسدها يؤلمها بشدة من كثرة الضرب و وجهها  مليئ بالكدمات الحمراء والزرقاء بكت بحرقة عندما تذكرت تلك المأساة التى تعرضت لها من ذاك المختل عقلياً فقد استباح حرمة جسدها وقام بالأعتداء عليها أكثر من مرة بكل وحشية، كانت تظن بأنه زواجها منه سيهون عليها الكثير ولكنه جاء كى ينتقم منها فى أمر ليس لها دخل به، دعت ربها أن ينجيها من هذا الوحش وينقذ روحها، لحظات ووجد الباب فتح أمامها وخرج هو منه أرتعش جسدها فور رؤيته فأبتسم إليها بخبث وقال:

- تؤ تؤ ياحرام بجد صعبتي عليا بس بردو دا مايمنعش أنى أكمل تعذيبي واتسلى معاكى شوية ياروزا.

- أنت واحد مختل عقلية ومريض نفسي أنصحك تروح تتعالج لان مفيش بنادم واعي يعمل اللى بتعمله دا.

نظر إليها بغيظ وفجأة أقترب منها وصفعها بالقلم على خديها فأنزفت انفها دماً، فقال بغضب:

- تعرفى لسانك السليط دا محتاج يتقص بس مفيش مشكلة هبقى اقصه ليكي، ثم أخذ يضحك بشر بطريقة أرعبت قلبها فأكمل حديثه وهو يمسك فكها بقوة قائلاً بجنون:

- تعرفى أني بتلذذ بعذابك أوى بحب أسمعك وأنتى بتصرخى بوجع بحب أشوفك بتعيطي كدا قدامى ومذلولة أصرخى يافيروزة وسمعيني صوتك عيطي يلا وماتكتميش وجعك.

لم ترد عليه فظلت تحدق به بعدم تصديق فاقسمت بداخلها بأنه ليس بنادم طبيعي، بينما هو أخرج من سترته شئ  وقال بتهديد وهو يمسكها من شعرها: 

- بقولك أصرخي أنا جوزك وبأمرك بأنك تعيطي وتصوتي بأعلى صوتك عايز أشوفك بتتألمي  وببتعذبي قدامي يلا ياروزا سمعيني نبرتك الجميلة خليني اتبسط.

ثم قام بغرس هذا الشئ بقوة فى بداية قدميها فأبتسم بحماس وهو يسمعها تصرخ بوجع من شدة الألم والدماء تنزف من قدميها، فقالت بدموع وتوسل:

- أرجوك كفاية ابعد حرام عليك اللى بتعمله فيا دا أنت عايز تموتني.

أردف بغضب: أيوة عايز أموتك وأحرق قلب عيلتك عليكي بس لما أتلذذ بتعذيبك شوية هخلص عليكي على طول وبدون تردد.

- أنت واحد زباله ومجنون.
قالت تلك الجملة وهى مازالت تبكي بعنف  وتصرخ بألم فقد تحول جسدها إلى بركة من الدماء، فقال هو بتلذذ:

- أيوة كدا سمعيني صوتك الجميل أنتى متعرفيش قد ايه أنا فرحان دلوقتى وانا شايفك بتتعذبي بالطريقة دى .

- دا لأنك شيطان مش بنأدم عادى زينا.

- مش مهم أكون ايه المهم أنى دلوقتى باخد حقى من أبوكي يابنت عامر.

حاولت أن تمنع بكائها وصريخها حتى لا تراه يستمتع هكذا فهى لا ترغب برؤيته سعيد بالمها بهذا الشكل فهو شيطان بهيئة بشرية،  كانت لا تتصور بأن هناك أشخاص هكذا...ضغط هذا الشئ  أكثر لتتألم بصمت وأنينها الذى تكبحه يقتلها فأصبحت دموعها كسيل من الفيضان يسيل على وجنتيها، ذات غضبه عندما رفضت أن تلبى طلباته، فألقى ما بيده بجواره وامسك دلو مملو بالماء البارد ليسقطه عليها على دفعه واحدة جعلها تشهق بعنف وهى تحاول أن تلتقط أنفاسها..



الفصل العاشر10 
تذكرت تواً أني منذ كنت طفلة رأيت فى منامي حُلماً من عالم الخيال، تحدثتُ فيه لشخص غريب كان يروى لي قسوة أيامه وما يحدث معه وأنه لا يستطيع تخطيه أو حتى تجاهله، أدخلني معه فى تفاصيل العمق، كان الهدوء مخيف يُخيمُ على أرض الحُلم يليه أنبثاق الاجيج، رأيت كيف أن القدر أعطاه صفعه من شدة قوتها أرتد جسده للخلف وما عاد يقدر على الحراك للأمام مرة أخرى، رأيت وجوه أشخاص من بعيد جميلة جدا وعن قرب مشوهه جعلت مني أفر هاربة، رأيت غريق لا يبالى بالموج حيث أنه ترك جسده ينساب من دون مقاومة وحريق نباتات مزهرة حتى باتت رماد، كان هناك صوت أنين خافت لشخص يافع أجهل مكانه ومن ثم اتضح لي أن الشخص بثقب أسود يود إبتلاعه 

سمعت وقع أقدام تخطو بعيداً بينما نفس الشخص ينادى طلباً ليد العون، لكن هؤلاء الأشخاص تجاهلوه وكأن سمعهم أصم، فأتجه ذلك الشخص لي وقام بمناداة أسمي واقترب مني شيئاً فشيئاً، ذلك الشخص الذى كنت أجهل معالم وجهه كان أنا منذ البداية، وما حدث لم يكن سوى نبذة عن مستقبلي وقدرى المحتوم، لكن إدراكي أتى متأخرا عندما قضى الأمر وبات حلمي واقع.

بعد ما أنهت التدوين فى المذكرة قامت بأغلاقها...ثم هبت واقفة من مكانها وأتجهت إلى نافذة الغرفة المفتوحة، فأخذ الهواء يحرك خصلات شعرها الذهبية الملتفه على بعضها، أغلقت عيناها بقوة لعلها تتخلص من تلك الذكريات السيئة لقد مره أكثر  من شهر على زواجها من ذاك المتعجرف فقد سلب منها حريتها وحياتها وروحها، فأنه أخذ يعاقبها على ذنب لم تقترفه، قامت بأغلاق زجاج النافذة ثم ابتعدت قليلاً وهى تشد الستائر عليه، تحركت بخطوات مرهقة لتجلس على المقعد الجانبي وبدأت أن تضع تلك المراهم المعالجة..

لحظات ودلف إليها "رائف" الذى قال ببرود:

- أخوكى أنيس أتصل من شوية .

نظرت إليه بوجه شاحب وقالت: فى حاجة ولا ايه.

وقف أمام المرآه وهو يعدل من ملابسه: 

- أهلك عايزين يشوفوكي أصل الهانم وحشتهم.

تحدثت بضيق: تمام بس ياريت حضرتك متجيش معايا مش حابه وجود واحد زيك فى وسطنا.

استدار بجسده إليها وقال: والله أنا أجى بمزاجي ياحلوة..ثم أقترب منها وأمسك خصلاتها الطويلة وأكمل بحده: 

- عارفة يافيروزة لو لسانك الحلو دا نطق بحرف قدام أهلك أننا مسافرناش ولا كنا فى شهر عسل هعمل فيكي ايه، وطبعاً أنتى مجربة جزء بسيط منه فبلاش أوريكي الوش التانى لان ساعتها مش هرحمك.

نظرت إليه بقوة  وقالت:  وأنا مش خايفة منك واللى عندك أعمله .

شد على شعرها بقوة فجعلها تتألم أكثر وقال بنبرة غاضبة: قسماً بالله لو مانفذتيش أى حرف من اللى بقولك عليه هيكون عقابك كبير.

ثم نظر إليها فأكمل بخبث قائلا:

- اممممم فكره بردو ممكن نوريكي جزء من العقاب وليه لا....فبدأ أن يقرب منها بلهفة وهو ينزع تلك المنامه الرقيقة فدفعت بغضب وقالت ببكاء:

- لو سمحت يارائف متقربش حرام عليك جسمي كله لسه بيوجعني  ومش مستحمله أى لمسه.

"رائف" بعيون مظلمة: أنتى مراتى ودا حقى أخده فى أى وقت فاهمه ولا تحبي أفهمك بطريقة تانية.

حدقت به "فيروزة" بخوف وذعر  تخشى أن يضربها مرة أخرى فهى لن تتحمل هذا مجدداً، فأبتسم  إليها بخبث وهو يقول: متخافيش مش هضربك هكون رحيم معاكى النهاردة لان مليش مزاج  فخليكى هادية كدا معايا بدل ما أغير رأيى...ثم  جذبها نحوه دون مقاومة منها هذة المرة فهى ليس لديها روح أو طاقة للمعافرة.

         *****************************

فى حديقة القصر كانت تجلس "سهر" أمام حمام السباحة وكان يجلس بجانبها "طارق" يراقبها بينما هى مازالت تأكل ولا تهتم بوجوده، أمسك الطبق منها وقال بضيق:

- حرام عليكي كفاية أكل خلصتي على مخزون الشهر كله ايه بلاعه.

رفعت حاجبها الأيسر  ببرود: كنت دافع حاجة من جيب أبوك هات الطبق يازفت...ثم شدت الطبق من يديه لتكمل أكلها بشراسة.

حدق بها بصدمة قائلاً: أنتي لا يمكن تكوني بنادمه زينا ياشيخة أعتقى نفسك شوية...وبعدين هى البعيدة معندهاش دم ولا بتحس.

تركت الطبق من يديها وقالت بنفاذ صبر: عايز ايه يازفت مني .

طارق: ما هو البعيدة مش بتحس بس أعمل ايه أنتى مش ملاحظة أنى بقالى كتير سنجل بائس مش كدا.

سهر: أنت أهبل ياطارق ولا عندك خال أهبل.

ضربها بخفه على رأسها قائلاً: هو لسانك الطويل دا لو مسكتش هيجراله حاجة.

نظرت سهر إليه قائلة بهدوء: اه و هات من الأخر وقول عايز ايه.

رد عليه وهو يشير نحو ابن عمه "أدم" الذى كان يجلس بجانب خطيبته "سارة" يتغازل به: عايز أعمل زى اللى هناك  دول.

استدارت تنظر نحوهم ثم التفتت إليه وقالت: طب وأنا مالى دول أتنين مجانين بيحبوا بعض وهيتجوزوا 
وبعدين ماتروح تخطب زيهم هو حد قالك لا.

زفر بضيق فقال: هو حد قالك قبل كدا أنك متخلفه ومابتفهميش.

اردفت بثقة: كتير قالولى كدا لكن نحنُ لا نهتم بأراء الآخرون.

طارق: بصى بقا ومن الآخر عشان أنتى هتشليني أنا بحبك يامتخلفة وعايز أتجوزك ها قولتى ايه.

نظرت إليه بعدم استيعاب فقد الجمتها الصدمة، فجذبها من معصمها وهو يسير بها مبتعداً قليلاً ثم وقف تحت ظل تلك الشجرة وقام بإخراج علبة صغيرة من جيبه ووضعها فى يديها ليقول: أنا عارف أنك مصدومة بس مش مهم المهم أنى قدرت أخد أول خطوة فى الموضوع دا وأعترفلك بحبى ليكى...والعلبة دى فيها خاتم لو أنتى بتحسى بنفس شعوري وبتحبيني وموافقة أن أحنا نتجوز البسي الخاتم دا ماشى هسيبك تفكرى براحتك خدى وقتك زى ما أنتى عايزة بس أعرفى يوم ما تلبسيه  مش هتقلعيه تانى و هتبقى ملكى وعمرك ما هتبعدى عنى مهما حصل.

ثم قبلها على خديها برفق وذهب من أمامها...تحسست مكان القبلة بذهول ثم قالت: يانهار أسود هو أنا هتجوز المجنون ده ...دا من عاشر المستحيلات.

       ********************************

أمام غرفة "لارين" وقف "معاذ" يعدل ملابسه بضربات قلب متسارعة وبنفس يعلوا ويهبض من كثرة تلك المشاعر الجياشة، يشعر وكأنه شاب مراهق..طرق على الباب بخفة وبعد ثوانٍ فتحت له الأخرى ونظرت إليه بحياء فقال هو بتوتر: كنتى نايمة يالولو.

اردفت "لارين" بهدوء: لا صاحية فى حاجة ولا ايه يامعاذ.

مد يديه بعلبة كبيرة مغلفة واعطاه لها قائلاً: كنت معزوم برا مع صاحبي فاشتريت ليكي بيتزا لان عارف أنك بتعشقيها وكمان خليته يزود الجبنة زى ما بتحبيها ياست البنات.

أخذت منه بسعادة قائلة: دى علشاني أنا.

هز رأسه بالإيجاب فضمته سريعاً دون تردد ثم أبتعدت بخجل وقالت بضحكة بسيطة: بجد أنا فرحانه لان كنت جعانة فعلا ونفسى كانت رايحه ليها .

نظر إليه بتركيز وهو يراقب أفعالها وفرحتها التى اسعدته بشدة فقال: مكنتش أعرف أنك هتفرحى بالشكل دا لو كدا هجبلك بيتزا كل يوم عشان اشوف ضحكتك الجميلة دى اللى بتنور حياتي .

ثم أخرج لوح من الشوكولاته الغالية من سترته وأعطاه لها: 

-وجبتلك دى كمان عشان تحلى بيها بعد ما تتعشى ياقمر .

بينما هى أتسعت عيناها بذهول فهتفت بسعادة غامرة وهى تلتقطها من بين يديه: 

-أنت أكيد بتهزر دى من نوع اللى بحبه بجد أنا مش مصدقه.

تحدث "معاذ" بحب: اسيبك أنا دلوقتى ولو عوزتي أى حاجة كلميني وأنا عنيا ليكي ياست البنات.

نظرت إليه بعيون لامعه قائلة: بجد أنت أحسن معاذ فى الدنيا.

معاذ: تصبحي على غير ياقمري.

أبتسمت برقة: وأنت من أهل الجنة.

تحرك من أمامها فأغلقت الباب بخفة ثم أتكأت عليه بسعادة فهى تعشق أهتمامه الجميل بها تنفست بحب ثم أتجهت إلى مقعدها وبدأت بفتح الأكل.

        *******************************

فى اليوم التالى كانت جالسة "نازلي" بشرفتها وهى تنظر إلى صورتها مع فيروزة بعيون دامعة فقالت بهمس: 

- ماشى يافيروزة والله أول ما اشوفك قدامي لاضربك عشان تنسى أمك بالشكل ده وماتسأليش عنها.

قاطعها صوت رقيق من خلفها: وأهون عليكي ياست الكل دا أنا حتى بنتك البكرية.

ألتفتت خلفها وقالت بعدم تصديق: روزا .

أقتربت منها فضمتها نازلي بقوة إلى أحضانها شعرت "فيروزة" بألم فى جسدها لكنها لم تظهر ذلك حتى لا تقلق عليها والدتها، فقالت "نازلي" بعتاب:

-  ينفع كدا هان عليكي أنى مشوفكيش لمدة شهر ونص وجوزك كل شوية يقولنا معلش أصلنا عرسان جداد وبنقض شهر العسل.

أبتعدت عنها ثم قبلت يديها وقالت بأعتذار: حقك عليا يا أمي ما أنتى عارفة رائف ما صدق يتجوزنى عشان يحقق غرضه.

نظرت إليها بأستغراب: غرضه قصدك ايه بالكلمة دى.

ابتسمت بوجع وقالت بكذب: قصدك أنه مصدق يتجوز اللى بيحبها وأن هى معاه.

نازلي: بجد يعني هو بيحبك وبيعملك كويس.

فيروزة: أه ياماما رائف كويس معايا وحتى مش بيزعلني.

أردفت "نازلي" بأرتياح: طب الحمدلله أنتى متعرفيش أنا كنت خايفة عليكي قد ايه أصل كنت بشوفك كل يوم فى الحلم وأنك دايماً زعلانه ولابسه أسود حتى اسألي ابوكى هيقولك أن معظم الأوقات كنت بقوم من النوم مفزوعة علشانك.

أردفت الأخرى بداخلها للدرجاتى كنتى حاسه ببنتك أنا فعلا كنت كل يوم بموت ومحدش كان عالم باللى بيجرالى كنتوا فاكرين أنى سافرت لكن أنا كنت موجودة هنا فى بلدي وبتعذب.

هزت والدتها كتفها بحنان قائلة:  سرحتي فى ايه ياروزا أوعى يكون رائف وحشك.

فيروزة بهمس: وحش لما يلهفه ويخلصني منه البعيد.

نازلى: بتقولى ايه يابت مش سمعاكي.

فيروزة بإبتسامة: أبدا ياحبيبتي بقولك ايه ياأمى أنا هموت وأكل أى حاجة من ايدك الجميلة بجد وحشنى طبيخك وريحته الشهية اللى بتفتح النفس .

ضحكت "نازلي" بخفة: بعد الشر عليكي ياروحي من الموت هعملك كل اللى نفسك فيه دا أنتي تؤمري.

ضمتها "فيروزة" بسعادة: ربنا يخليكي ليا ياست الكل ومتحرمش من وجودك أبدا ياأمي وتفضلي دايما منورة حياتنا أنتى وجودك نعمة كبيرة...وبعدين صح مش كنتي بتقولى أنك أول ماتشوفيني هتضربيني.

مسدت على شعرها بحنان: قلبي عمره ما طوعني على ضربك أنتى بنتي ومفيش أم بتقدر تضرب عيالها حتى لو عملوا فيها ايه.

فيروزة: طب وحلفانك كدا هتصومي تلات أيام.

نازلى: تصدقى صح أنتى لازم تضربي اه ما أنا مش هقدر أصوم...فقامت بضربها بخفة على كف يديها ثم قالت بحنان: كدا خلصين عشان متحسبش على الحلفان .

ضحكت "فيروزة" بخفة:  ماشى يالوزة ويلا بقا أنا جوعانه كتيييير.

قرصتها من خدها بخفة وقالت بمرح: هو الواد كان مجوعك ولا ايه لما يجيلى بس هو صحيح فين مجاش معاكي ولا ايه.

تحدثت بنبرة حزينة قائلة: لا موجود أصله مش قادر يبعد عني وهيفضل ملازمني.

ثم أضافت بهمس داخلى:خايف لاقول على أفعاله الوسخه اللى بيعملها معايا بس أنا مش قادرة أتحمل كل القرف دا حاسه لو فضلت ساكته أكتر من كدا هموت لازم بأقرب فرصة اقول لبابا واللى يحصل يحصل.

ولجت إليهم "لارين" وبابتسامة واسعة قالت: أنتى متعرفيش كنتى وحشانى قد ايه والبيت حقيقي كان وحش أوى من غيرك ياروزا كنتى عاملة حس وروح حلوة لينا وللبيت بقولك ايه ما تطلقى واقعدى معانا أحسن بلا جواز بلا نيلة يعني خدوا ايه من الجواز غير مسح وترويق وطبخ وعسل مواعين وهدوم وتراب وقلة قيمة وبكرا لما تخلفى هيطلع عين اللى جبوكى وفى الأخر مش هتعجبى البيه ولو قصرتي معاه هيعمل من الحبه قبه  فالأحسن تلحقى نفسك من دلوقتى وتخلعى. 

دفعتها "نازلي" بكتفه وقالت بغضب : بس ياحيوانه عايزة اختك تطلق بعد جوازها بشهر ونص كويس أن رائف مسمعكيش.

لارين بلامبالاة: رائف مشى ياختي من شوية وقالي خلي اختك تبقى تكلمني على الفون.

ابتسمت "فيروزة" بسعادة قائلة: بجد مشى.

ضحكت "لارين" بخفة: شكلك ماصدقتى أنه خلع باين عليه كان كاتم على نفسك.

فيروزة: مش كدا أصل لو فضل هنا مش هيسبني وهيفضل لازق فيا .

نازلى بابتسامة: يابت بيحبك عشان كدا مش عايز يبعد عنك.

لاوت فمها وقالت بسخرية : اه بيحبني أوى ثم همست بصوت غير مسموع من كتر حبه فيا جسمي بقا عامل زي اللى داس عليه قطر صحيح اللى ميعرفش يقول عدس.

        ******************************

بعد ساعتين..

أخذت تتصفح هاتفها وهى تسير بمر القصر فأرتطمت بشئ صلب جعل توازنها يختل فكادت أن تسقط من أثره لكن منعها من السقوط تلك اليد القوية، تسارعت نبضات قلبها عندما رفعت عيناها الفيروزية تنظر إلى ذاك الشخص، فقالت بدهشة: مستحيل دا أنت.

أبتسم ثغره لتظهر تلك الغمازة على وجهه الجميل فقال: 

- أنتى تانى يا فيروزة والله صدفة حلوة بس بتعملى أيه هنا.

أجابته بارتباك من نظراته التي  تخترقها قائلة: ده بيت أهلى أنت اللى بتعمل ايه هنا.

عمران: جاى فى شغل لسيادة اللواء.

فيروزة: جاى لبابا هو أنت بتشتغل معاه.

أجابها عمران بدهشة: هو اللواء عامر بيكون والدك.

أومأت رأسها بهدوء فأكمل هو: بجد مكنتش أعرف أنه عنده بنات بالجمال المميز ده.

أرجعت شعرها الذهبي للخلف وقالت بصوت مهزوز وقلب نابض لا تعلم لما ينبض هكذا بوجوده:

- اممممم هو حضرتك قبلت بابا ولا لسه.

عمران: لسه .

فيروزة: امال واقف هنا ليه.

عمران: جتلى مكالمة مهمه عشان كدا اضطريت ابعد عن جوا واجى ارد هنا.

أردفت فيروزة بأبتسامة لطيفة: ماشى ياسيدي هسيبك أنا تروح تشوف بابا عن أذنك.

جاءت أن تذهب لكنه أمسك كفها الناعم قائلاً: ينفع لما أخلص مع سيادة اللواء نقعد نتكلم مع بعض شوية.

أبتعدت عنه بخجل: لو خلصت بدري معاه مفيش مشكلة.

بعد لحظات كانت جالسة بأحضان جدتها التى قالت بحنان: طمنيني عليكي مبسوطة مع جوزك ولا لأ.

أردفت "فيروزة" بتوهان:  تقدرى تقولى أنى عايشة معاه عادى ياتيتا ولا مبسوطة ولا حزينة حاسة أن مفيش فيا روح.

الجدة بقلق: هو بيعملك وحش أو بيمد أيده عليكي.

كادت أن تنطق لكنها صمتت عندما تذكرت تهديده لها 

فتحدثت بهدوء: أبدا هو كويس معايا المهم طمنيني عليكي انتي بتاخدى بالك من صحتك ولا بتطنشى .

الجدة: اه ياحبيبتي باخد بالى كويس وبعدين مرات أبني نازلي ربنا يبارك لها وفى صحتها ويرزقها الراحة والسعادة دايما مش مخلياني محتاجة أى حاجة وبتاخد بالها مني كويس.

فيروزة بابتسامة: أمي اصلا مفيش منها أتنين ربنا يباركلنا فيها.

اقترب منها أخيها "عمر" وقام بمسك خديها قائلاً بمرح: 

- خدودك دى و لا خدود أرانب حلوة ومقلبظة.

ضربته على يديه قائلة بضيق:

- أبعد يارخم خدودى وجعتني وبعدين ما أنت عندك خدود مقلبظة زيي.

جلس بجانبها: بس مش حلوة زى اللى عندك وبعدين يابت ايه الحلاوة دى كلها جيباها منين .

اردفت الجدة بابتسامة مرحه: من أمك ياخفيف .

عمر :أمى تصدقى صح أساسا فيروزة الوحيدة اللى فينا تحسيها نسخة من ماما حتى لون عينياها نفس لون عين ماما مع أن المفروض أن أحنا نطلع شبهها عشان هى مخلفانى.

نظرت الجدة لفيروزة: والله فعلا اللى يشوف فيروزة يقول أنها نازلي الصغيرة واللى يشوفها يقول انها بنت نازلي بجد.

عمر: ينفع كدا خدى كل الجمال لوحدك ومسبتيش ليا شوية.

ضحكت روزا بخفة قائلة: عمر حبيبي أنت حصل لمخك حاجة، بجد والله نفسي أدخل جوا دماغك دى وأعرف مين اللى لعبلك فيها.

عمر: يابنتي دى دماغ متكلفة اه وربنا مش محتاجة لحد يعني.

       ********************************

فى غرفة خالد وزوجته فكان الباب غرفتهم مفتوح قليلاً.

تحدث خالد  بغضب: عارفة يعني ايه اتقفلت منك يعني مهما عملتي او  جبتى حتة من السما مش هرجع تاني زي الأول معاكى ومش همشى ورا كلامك،  مش عشان أنا وحش وقلبي اسود لأ ده عشان قبل ما أوصل للمرحلة دي اديتلك بدل الفرصة ألف وقولت هتتغير مع الزمن و اديتلك مبررات ما اديتهاش لنفسي وعديت ليكي  مواقف ما تعديش وياما جيت على نفسي علشان خاطرك لكن  متستهليش،  هتفضلى طول عمرك أنسانه عندها نقص وقلبها أسود من جحيم جهنم، أنتى مش شايفة نفسك بقيتي عاملة ازاى أنا حاسس أني عايش مع شيطانه مش بنادمة.

نادية بضيق:  أنت بتزعقلي كل دا عشان ايه ها عشان أخوك وعياله اللى ميستهلوش.

خالد: كفاية بقا حرام عليكي عايزة ايه من أخويا تانى مش كفاية اللى عملتيه زمان ابعدى بقا عنهم وسبيهم فى حالهم.

نادية بحقد: لا ياخالد مش هسيبهم أنا لازم أدمرهم وأخد منهم كل حاجة وأخلى عامر يموت بحسرته على عياله.

أمسكها من ذراعيها بقوة وقال بغضب: عارفة لو قربتي منهم يانادية والله لاقتلك.

دفعته بعيد عنها بعنف قائلة: دلوقتى هتعمل فيها راجل ياخويا وخايف عليهم مش كفاية عملتلك السوداء زمان بعد ما رميت البت فى الملجأ و اتفقنا أننا نجيب جثة طفلة بدلها وحرقنا الأوضة اللى فيها وبقت جثة مشوهة علشان محدش يتعرف عليها.

أسكتتها صفعته الدموية قائلاً : أخرسى وإياكى أسمعك بتقولى الكلام ده تاني بسببك أنتى رميت بنت أخويا فى الملجأ واشتركت معاكى فى الجريمة البشعة دى مش عارف أزاى أنا عملت كدا ومشيت وراء كلام حرمه بشعة زيك.

نادية بصوت عالٍ وغضب: دلوقتى بقيت أنا اللى وحشه لو أنت كنت راجل بصحيح وبتخاف على أخوك مكنتش سمعت كلام الحرمة دى لكن الكلام كان على هواك ياأستاذ وبعد دا كله روحت خدته وخليته يتبنا بنته قال ايه مهنش عليك أن هى تتربى فى ملجأ وبعيد عنكم بجد أنت أستاذ شاطر دا المفروض الشيطان يقوم يسقفلك على أفعالك الوسخة.

جلس على المقعد بتعب شديد وهو يقول: أنا فعلا أنسان حيوان ومش راجل عشان خليت أخويا وبنته يعانوا لحد دلوقتى أنا خليت أخويا لحد دلوقتى فاكر أن بنته ماتت لكن هى عايشة وسطنا وقدام عينيه.

قاطعهم صوت مصدوم ظهر من خلفهم: قصدك ايه بالكلام دا يعني كارما لسه عايشة.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close