أخر الاخبار

رواية عشقت خيانتها الفصل الواحد والعشرون 21 والاخير بقلم قوت القلوب

             

رواية عشقت خيانتها 

الفصل الواحد والعشرون 21 والاخير 

بقلم قوت القلوب

            🔶🔸 الوداع الأخير 🔸🔶 


صعدت "سحر" سلم المستشفى برفقه "دنيا" وهى تتذمر للغايه وتعالت تقاسيم الضيق فوق وجهها لتلوم "دنيا" بشده ...


_ أنا مش عارفه أنتى هبله ولا على نياتك ولا إيه ... بقى بعد كل إللى عملته مع "نسمه" وطلعت السواد إللى جواها ده كله ... لسه عايزة تزويرها وتطمنى عليها ... أنتى غريبه أوى ...!!!!!


تملك طبع "دنيا" الرومانسى عليها مردفه بإستعطاف لقلب "سحر" تجاه "أحلام" التى كانت صديقتهم ورفيقتهم طوال الأربعه سنوات الماضيه ...


_ هى غلطت ... بس مش حنقتلها يعنى ... وهى فى محنه دلوقتى .. أقله نطمن عليها بس ...


زفرت "سحر" بضيق وهى تضرب كفيها بعضهم ببعض ...


_ وأنا إللى كنت فاكرة "نسمه" لوحدها إللى هبله ... أراهنك زمانها هى كمان حتقولك مسامحاها ... أنا عارفاها ...


_خلاص بقى خليكى طيبه أمال ... خلاص وصلنا ... أوضتها أهى ...


داخل غرفه "أحلام" ...


إستلقت "أحلام" بجبيرة كامله لجسدها كله مثبته بوضع لا تستطيع الحراك مطلقاً ..


ظلت تنظر تجاه السقف بألم بالغ ، لم تدرى "سحر" أو "دنيا" إن كان هذا الألم نفسياً أم جسدياً ...


تبادلتا النظرات بإشفاق على حالها الرث فمن يستطيع الشماته بهذا الموقف ...


حتى "سحر" التى لا تسمح لقلبها بالتدخل بما يتطلبه عقلها نهائياً أشفقت حقيقه على حال صديقتها فما بينهم عشرة سنوات طويله ...


تقدمت "دنيا" نحو "أحلام" تطمئن على أحوالها ...


_ إزيك يا "أحلام" ...عامله إيه دلوقتى ....؟؟


مالت "أحلام" بطرف عينيها تجاه "دنيا" لتتساقط دمعه حزينه غير مصدقه لقدومهم لزيارتها بعد ما حدث ... 


_ "دنيا" .."سحر" ..!!! ... أنا مش مصدقه إن أنتوا جيتوا تزورونى ...!!!!


رغم أن "سحر" قلبها رق لها ولما حدث لها لكنها تظل خائنه للصداقه لتصطنع التجهم والضيق قائله ..


_ اه طبعا بعد إللى قلتيه وعملتيه فى "نسمه" ...!!!!!!!


لكزتها "دنيا" بمرفقها بقوة فهذا ليس الوقت المناسب التفوه بعبارات التأنيب تلك ...


_ "سحر" بعدين بقى ....!!!


تطلعت "أحلام" بصديقتها "سحر" قائله بندم بالغ ...


_ أنا ندمانه والله يا "سحر" ... أنا غلطت متزعلوش منى ...


_ مش إحنا إللى زعلانين منك ... "نسمه" هى إللى المفروض تعتذرى لها ..


_ أنا عارفه أنى غلطت فى حقها كتير .. وهى متستحقش منى كده أبداااا .. أنا لازم أشوفها وأستسمحها ويا ريت تسامحنى ...


برأفه شديده عقبت "دنيا" ...


_ إن شاء الله تسامحك .. أنتوا المفروض أقرب إتنين لبعض ...


_ تفتكروا ممكن تسامحنى ... ساعدونى وخلونى أشوفها ... أنا حاسه إن كل ده حصلى بذنبها ...


_ إستغفرى ربنا بقى ... وإحنا بس نوصل لها حنخليها تجيلك ...


_ يا ريت ...


بعد إنتهاء زيارتهما لـ"أحلام" لامت "دنيا" "سحر" بشده ...


_ مكنش له لزوم الحده دى يا "سحر" ... هى فيها إللى مكفيها ...


_ والله أنا كدة ... متبقاش عامله كل ده وأحسسها إن كل حاجه عادى ... حتى لو "نسمه" سامحتها ... برضه حيبقى جوايا إنها عملت كل ده فيها ومش حقدر أنساه مهما حصل ...


_ إحنا خلاص كلها أيام ونمتحن ومحدش يعرف حنشوف بعض تانى ولا إيه ...


_ لاااااا.... كله إلا إحنا حنفضل أصحاب على طول ...


_ طبعاً يا أوختى ...


___________________________________


عمر ..


إستقل "عمر" القطار المتوجه الى المنيا للعوده الى جده الحاج "صالح" ملبياً لرغبته فى التعرف بإبنه عمه التى توصلوا إليها بعد غياب طويل ....


مرت الساعات الثقيله فلم يكن سفره ما يود فعله بل كان يفضل البقاء للبحث عن حب عمره الوحيد ...


كم هى قاسيه الحياه لتجبره لترك ما يحب لأجل من يحب ....


___________________________________


فى المساء ....


وصل "عمر" وسط ترحيب حار من الحرس والعاملين قباله البوابه الخارجيه ....


إتجه نحو الداخل بحديقه البيت الكبيره ، يتوسط الأشجار والورود المزروعه على جانبى الطريق الداخلى المؤدى إلى البوابه الزجاجيه للبيت ...


كان "صالح" يجلس بالمقعد الخيزران بالحديقه تلك جلسته المعتاد عليها ، ليبتسم فور رؤيته لحفيده المحب يقترب نحوه ..


_ "عمر" .. !!!! حمد الله على السلامه يا إبنى ... راجل وقد كلامك ... لو مكنتش جيت كنت عرفت أنى غلطت فى تربيتك .. إنما أنا ربيت راجل قد وعده وكلمته إن العيله أهم ...


" رغماً عنى حبيبتى أبتعد عنك يا قطعه زمردتى ، رغماً عنى أسافر مجبراً لإرضاء جدى ، لكنى سأعود لايجادك ووقتها لن أتركك ثانيه تضعين من يدى فقط أجدك ولن أجد سواكِ بديلاً يا بعيده عن عينى لكنك بداخل قلبى .."


إبتسم "عمر" إبتسامه مزيفه ليخفى حزنه بداخله ..


_ طبعاً يا جدى ... أنا عمرى ما أقدر أكسر كلامك .. ولا أرفض طلبك أبداا ...


_ أقعد يا أبنى أرتاح ...


جلس "عمر" بصمت فوق المقعد المقابل للجد "صالح" الذى كان متحمساً للغايه يتحدث بسعاده تلقائيه كمن ردت به الروح مرة أخرى بلم شملهم جميعاً ...


_ أنا مش مصدق إن العيله إتلمت خلاص .. ولقينا بنت عمك ...


_ صحيح يا جدى .. لقيتها إزاى ...؟؟


_ هى جت هنا ... كانت بتسأل على أبوها الله يرحمه ... ياااه شفت الدنيا ...


_ الحمد لله ... الحمد لله يا جدى ...


تعجب "صالح" من ردود "عمر" المقتضبه وكأنه يحمل ثقل بقلبه لا يود الفصح عنه ...


_ مالك يا إبنى حالك مش عاجبنى بقاله فترة ....؟!!!


تنهد "عمر" بضيق وقد فاض به الكيل ليظهر عكس ما بداخله ليردف بهدوء ...


_ عندى مشكله .. بس متشغلش نفسك بيها يا جدى أنا ححلها إن شاء الله ...


زاد "صالح" فخراً بحفيده الغالى القادر على مواجهه مشكلاته وحلها بنفسه ...


_ مش بقولك راجل ... أكيد إبن "أحمد سليمان" راجل يعتمد عليه مش محتاج مساعده من حد .. مش أى كلام ...


إبتسم "عمر" إبتسامه باهته تجاه جده وهو يدور بعيناه متسائلاً ..


_ أمال فين بنت عمى أسلم عليها ....؟؟


_ زمانها نازله .. هى بعد الغدا طلعت ترتاح شويه ... زمانها جايه دلوقتى ....


____________________________________


نسمه ...


إرتدت "نسمه" فستان طويل أزرق اللون ولملمت شعرها بصوره أنيقه ..


بمعنى أدق إستعدت بصورة رسميه للغايه لمقابله إبن عمها المنتظر وصوله ..


فجميع العاملين اليوم يحضرون كل شئ على أكمل وجه لمقابله إبن العم هذا فهو الوريث الوحيد لهذا الجد الثرى ذو النفوذ ...


توترت "نسمه" من مقابله إبن عمها فهى لا تعرف عنه الكثير سوى ما يترائى فى مخيلتها عن إبن العم الصعيدى الفذ ...


خرجت من غرفتها عابرة الممر الطويل الذى يمر بغرفه الجد "صالح" وفى نهايه الممر الغرفه التى كانت تُحضر اليوم لإستقبال إبن عمها اليوم ....


هبطت السلم المنحنى وقبل أن تصل إلى نهايه الدرجات رأت جدها الجالس فى الحديقه فقد كانت البوابه الزجاجيه الكبيره مفتوحه على مصراعيها والأضواء الكاشفه توضح من كان يجلس وبوضوح ...


تيبست "نسمه" مكانها ويدها ممدوده للحاجز الجانبى للسلم وكل قدم موضوعه على درجه مختلفه أثناء هبوطها ...


تثلجت أطرافها وشعرت بالدماء الساخنه تدور برأسها ...


علت خفقات قلبها صعوداً وهبوطاً من أثر رؤيتها له ...


تمعنت أكثر وأكثر .. إنها ليست مخطئه ....


" هو ....... هو .....!!!!!"


جالت بنظرها بتشتت حولها ولم تستطع إكمال طريقها ...


إستدارت بسرعه رافعه طرف فستانها الطويل لتركض بعجاله شديده صاعده درجات السلم بسرعه هى نفسها لا تتخيلها ...


فكل ما سيطر على تفكيرها أن تركض وتبتعد حتى لا يراها أو يلمحها "عمر" ....


دلفت غرفتها بسرعه و أغلقت الباب بقوة من خلفها وهى تستند عليه بظهرها بصدر ناهج بقوة وعيناها جاحظتان عن وسعهما ...


تنفست بصعوبه وأحست فجأه بدموع ساخنه تنهمر من عينيها ...


لتبدأ قواها فى الإنهيار ...


أرتمت فوق فراشها تخبئ وجهها بوسادتها لتعلو شهقاتها غير مصدقه وواعيه لما يحدث ذلك معها فقد ظنت لوقت قليل أنها قد بدأت منعطف جديد بحياتها ، إستقرت بوجود جدها ، شعرت للحظات أنها قد بدأت تنساه وأن وجوده لا يؤثر بها ...


ليظهر هو الآن ليهدم كل شئ وكل حلم شعرت بتحقيقه ، فحتى حلم العائله والسند جعله مستحيل بوجوده ...


" يعنى (عمر) ... هو إبن عمى !!!!!! ... أنا ليه ضعيفه كده ... أنا ليه مش قادره أمسك نفسى لما شفته ... ليه كل حاجه رجعت من الأول ... كأنه لسه جارحنى دلوقتى ... كأن قلبى لسه مكسور دلوقتى من كلامه .... كأنى لسه .... لسه بحبه ومش قادرة أنساه لحد دلوقتى ....؟!!!

يعنى هو من دون كل الناس إللى فى الدنيا يطلع هو إبن عمى !!!! .... وأكيد حيفرح لو شافنى مكسورة كده قدامه .... لا ...

لا يا (عمر) مش حسمح لك تجرحنى تانى .. أو تشوفنى مكسورة تانى ... لاااااااا ..." 


___________________________________


فى الحديقه ...


"صالح" بسعال قوى فمازال لم يتخطى مرضه وعلاجه ...


_ أنا كنت قاعد مستنيك عشان تشوف بنت عمك بس مش قادر أقعد هنا أكتر من كده أنا حطلع أوضتى أرتاح ....


_ خلاص يا جدى .. أطلع أوضتك أرتاح أنت وأنا حعمل بس مكالمه تليفون و أستناها هنا ... 


_ أعمل أنت مكالمتك الأول ونشوف ...


نهض "عمر" من جلسته مخرجاً هاتفه محاولاً الإتصال بـ "وائل" ليسأله اذا كان هناك أى أخبار عن "نسمه" وعن البحث عنها ....


دلف "صالح" إلى داخل البيت منادياً "عبد القادر" ..


_ يا "عبد القادر" ...


_ أيوه يا حاج ...


_ أبعت حد يشوف الست "نسمه" منزلتش ليه ...


_ حاضر يا حاج ...


___________________________________


بغرفه نسمه ...


سمعت طرقات على باب غرفتها أحاطت جسدها بسرعه بغطائها متصنعه النوم لتطل بعد عدة دقات "سعيدة" من خلف الباب قائله ....


_ يا ست "نسمه" ... ياست "نسمه" ...


إبتلعت ريقها بغصه دون أن تظهر ذلك لتجيب بهمهمه ...

_ همممم ...


_الحاج "صالح" بيقولك مش حتيجى ...؟؟


ربما لأن صوتها إمتنع عن الخروج من حنجرتها فظهر ذلك بأنها تغط بالنوم وبصوت ناعس أجابتها ..


_ مش قادره .. تعبانه شويه وعايزة أنام ...


_ ماشى يا ست ..


لم تجادلها بل إنصاعت لرغبتها فوراً لتبلغ زوجها "عبد القادر" بذلك والذى بدوره ذهب مباشرة للحاج "صالح" يبلغه بتعب الست "نسمه" ...


تسند "صالح" صاعداً نحو غرفته فقواه أصبحت لا تمهله الإنتظار والبقاء أكثر من ذلك فهو مازال متعب للغايه لكنه نظر نحو "عبد القادر" قائلاً ...


_ لما يرجع "عمر" بيه قوله أنى عايزه فى أوضتى ضرورى ...


_ حاضر يا حاج ...


صعد بعدها "صالح" تجاه غرفته جالساً بإسترخاء فوق فراشه بإنتظار "عمر" بعدما ينهى مكالمته التى إنشغل بها ...


____________________________________


نسمه ...


بعد أن تركتها "سعيده" دفعت الغطاء عنها ثم نهضت جالسه للحظات قليله قبل أن تتجه نحو زر الإضاءه وتغلقه لتصبح الغرفه معتمه للغايه ...


تسللت ببطء نحو الشرفه مقتربه من حافه سور الشرفه ، جلست على الأرض تنظر من الفراغات التى تتوسط هذا الجدار الحديدى للشرفه وهى تنظر نحوهم ...


تحرك جدها متجهاً نحو الداخل بينما جلس "عمر" على أحد المقاعد يتحدث بالهاتف ..


ثبتت عيناها الغائمتان تجاهه وهو يجلس أمامها بحزن منكسر ، علت ضربات قلبها الذى كاد يندفع خارج صدرها من قوة ضرباته ...


فيا لعجب الأقدار ها هى اليوم تجلس بعيداً عنه تراه ولا يراها .. فاليوم يوم الوداع الأخير ....


كم كان وسيما حزينا دون أن تعلم سبب حزنه القاتم ذاك ..؟؟؟ 


كم تأثرت لرؤيته بمثل هذا الحزن فى عينيه العسليتين ...


ضغطت بقوة بأسنانها لتغلق شفتيها بإحكام حتى لا تخرج شهقاتها الحزينه لوداعه ...


نهضت مسرعه لداخل غرفتها مرة أخرى قبل أن ينتبه لها ...


غطت فمها بكفها تمنع صوت بكائها التى لم تعد تحتمل ألمه القابض بصدرها ...


إشرأبت برأسها وهى تمسح دموعها بكبرياء قائله لنفسها محاوله التحلى بالقوة التى لا تمتلكها إطلاقاً ...


" أنا مينفعش أتكسر تانى قدامه ... ومينفش أقابله ... لأنه حيفهم أنى لسه بحبه ...انا أساساً مينفعش أتعامل معاه أصلاً ... "


لتهوى جالسه فوق الفراش بملامح تعيسه للغايه ...


" أنا مينفعش أقعد هنا ...حيتعامل معايا إزاى ؟!! .. كبنت عمه يعنى زى أخته .. أكيد لأ طبعاً ...!!!!!

كواحده ميعرفهاش ... أكيد لأ طبعاً ...

كحبيبته....!!!!!!! ....... إستحاله طبعاً ....!!!

أنا لازم أمشى من هنا ... لازم أروح أعيش مع خالتى ... معنديش حل تانى .... لازم أقول لجدى دلوقتى وأسافر الفجر قبل ما (عمر) يحس بيا أصلاً ...."


____________________________________


عمر ....


مسح وجهه بكف يده بإحباط تام وهو يستكمل مكالمته التى طالت كثيراً مع "وائل" ...


_ يعنى برضه ملقتش حاجه !!!!! ... معلش يا وائل ... أنا معتمد عليك لحد ما أرجع ... أنا جاى بكرة على طول ... مع السلامه....


أغلق "عمر" الهاتف بحزن ليجد "عبد القادر" منتظره ليبلغه رسالة جده إليه ....


_ الحاج "صالح" تعب ومستنيك فوق فى أوضته يا بيه ..


_ ماشى يا "عبد القادر" ...


صعد "عمر" لغرفه جده عاماً أن يخبره بسفره فى الصباح فعليه العوده للبحث عن (زمردته) الغائبه و(بسمته) الضائعه وحياه فؤاده من جديد ...


قبل أن يطرق باب غرفه جده سمع صوته يسعل بقوة بصورة مخيفه للغايه أصابته بقلق بالغ على جده ..


دفع الباب مسرعاً نحو الداخل للحاق به ليجده ممدداً فوق فراشه ووجهه شاحب للغايه ليتسائل بتخوف ...


_ مالك يا جدى إيه إللى حصل.... أنت كنت كويس من شويه ... ؟؟؟


_ يلا حسن الختام بقى يا بنى ...


_ لا يا جدى بعد الشر عنك .. إحنا منساويش أى حاجه من غيرك ....


_طب ناولنى يا بنى الدواء ده مش قادر آخد نفسى ...


ساعد "عمر" جده بتناول الدواء ليستريح قليلاً ...


_ الحمد لله ...


_ جدى أنت شكلك تعبان أوى .. إحنا لازم نروح للدكتور تانى ... أنت بدأت ترجع زى الأول ....


_ بص يا بنى .. الواحد مش بياخد أكتر من عمره ... المهم دلوقتى .. أقعد جمبى عشان عايزك فى موضوع مهم ...


____________________________________


نسمه ...


إرتدت "نسمه" شال كبير غطى وجهها بالكامل وقررت التسلل نحو غرفه جدها لتبلغه بقرارها بالسفر من ثم تعود لتجهز نفسها قبل أن يشعر بها "عمر" من الأساس ...


فتحت باب غرفتها بهدوء حتى لا تصدر أى صوت متسلله بخفه على أطراف أصابعها حتى وصلت لغرفه جدها ووقبل أن تطرق الباب وجدته مفتوحاً وسمعت صوت "عمر" وجدها بالداخل يتحدثان ..


فقررت العودة إلى غرفتها والمجئ بوقت آخر بعد خروج "عمر" ...


بصوت واهن إستكمل "صالح" ...


_ أنا عايزك فى حاجه مهمه بخصوص بنت عمك ....


_ بنت عمى ...!! خير يا جدى ...


_ أنا حاسس أنى خلاص نهايتى قربت .. وعايز أطمن عليكم ... ده أنا ماليش فى الدنيا غيركم ... أنتوا أقرب ولادى ...


_ قصدك إيه يا جدى ...؟؟


_ إسمعنى يا إبنى ومتقاطعنيش .... أنا خلاص حاسس أنى حموت والبنت دى يتيمه و إتبهدلت كتير ولازم نضمن لها عيشه كريمه ومحدش يبهدلها تانى .. ولقيت إن أحسن حل إن إنتوا تتجوزوا ....


وقف "عمر" بصدمه وقد إتسعت عيناها بذهول قائلاً بحده ...


_ إيه ..!!! نتجوز !!!!!! .... لا يا جدى ... أوعدك إنها حتبقى فى عينى وحاخد بالى منها .. إنما جواز لأ ...


_ أقعد كدة وإهدى بس ... إيه إللى يمنع بس يا "عمر" ...


جلس "عمر" محاولاً التقليل من إنفعاله حتى لا يغضب جده مبرراً له لماذا يرفض زواجه من إبنه عمه ...


_ أنا حقولك يا جدى إيه إللى يمنع .... إللى يمنع أنى بحب واحده تانيه وعايزة أتجوزها ..


_ مين دى إللى أنت عايز تتجوزها ... و إمتى ده حصل ...؟؟ ... وهى يعنى أحسن من بنت عمك فى إيه ....؟؟؟


_ جدى إسمعنى ومتحطنيش بين نارين ... أنا مقدرش أرفض لك طلب ... بس أنا بحب واحده .... بحبها أوى ...


لم يشعر "عمر" بنفسه إلا وترك العنان لبكاءه الحار هذه المرة أمام جده القوى ... لكنه يعلم أنه لن يستضعفه أو يشمت به .. فقط لأنه منه ...


"صالح" وقد رق حالاً لـ"عمر" ....


_ أنت بتبكى يا أبنى ... للدرجه دى بتحبها ...؟!!!


_ للدرجه دى وأكتر يا جدى ... و إللى مأثر فيا أوى أنى ضيعتها كمان من إيدى ...


_ ضيعتها !! أنا يا أبنى مش فاهم حاجه ....


_ حاحكى لك كل حاجه يا جدى ... لما رحت الكليه السنه دى مكنش هاممنى حاجه غير أنت ودراستى .. وطبعاً قلت بما إنك حتغيب كتير مسافر للعلاج أنى أحول القاهرة تانى مع زمايلى ....

لما رحت لفت نظرى إن فيه بنت الكل بيتكلم عليها كلام مش كويس وإنها أخلاقها مش كويسه وبتتكلم وتصاحب مع شباب ... فبالتحدى بس .... قلت أشربها من نفس الكأس يمكن تفوق وتتعلم الدرس ...


عقص "صالح" وجهه ممتعضاً ليردف بلوم ...


_ يعنى يا إبنى ملقتش غير واحده بالأخلاق دى ...!!!!!!


_ إستنى بس يا جدى ... أنا فعلاً كنت فاكر كده بس لما قربت منها لقيتها غير كده خالص ... حبيتها أوى ... لدرجه أنى نسيت كل الكلام إللى سمعته عنها وعن سمعتها ... لحد ما فى يوم واحد جالى وقالى إنها ناويه تكمل اللعبه إللى بتلعبها عليا وتفهمنى إن أهلها غاصبين عليها الجواز ... المهم أنا للأسف صدقته و إتعاملت معاها بمنتهى القسوة وجرحتها أوى وسبتها ... لكن عرفت بعد كده إنها معملتش أى حاجه من دى ... وإن صاحبتها هى إللى عملت فيها كل ده وهى إللى كانت مطلعه عليها كل الكلام ده عشان غيرانه منها ... وحاولت تفرق بينى وبينها ...


_ لا حول ولا قوة إلا بالله ...


_ المشكله إنى مش لاقيها خالص ... دورت عليها فى كل مكان وقلبت الدنيا عليها إختفت ... حاسس أنى حموت يا جدى ... أنا عاوزها ومش عايز حد غيرها ...


_ بس يا بنى كل إللى بتقوله ده مش كفايه ... فيه حاجات تانيه أهم من الحب والحاجات دى عشان تفتح بيت ... وأنت شايف بنت عمك أهى ملهاش حد فى الدنيا .. نديها يعنى للى يستغلها ويطمع فيها .. ولا إحنا أولى بلحمنا ..


_ بالله عليك يا جدى ما تعيد إللى عملته تانى مع عمى!!!!!! ...أديك شايف إللى حصله بعدها .... أنا كمان مقدرش أستغنى عن إللى بحبها دى .. أنا بس ألاقيها و أراضيها .... أنا مش عايز أى حاجه من الدنيا غيرها ...


ليعيد "صالح" حديثه بإستنكار ...


_ ومالك ومالك عمك يروح للغريب ..؟!!!! يرضيك أموت وأنا مش مرتاح ... أنا حاسس أنى بودع خلاص يا أبنى ....


_ كفايه يا جدى .. أنا مش ناقص ضغط كمان ... كفايه إللى أنا فيه ....


_ والله يا بنى لو عليا وعايز ترضينى تتجوز بنت عمك ... ولو مُصر روح أتجوز إللى أنت بتحبها .. وسيبنى فى تعبى وقلقى عليها فى تُربتى لما أموت .. ما أنا سايبها فى الدنيا من غير ضهر ولا سند ... يعنى مش كفايه حرمتها من أبوها .. كمان حسيبها للدنيا تبهدلها لوحدها ...


أحنى "عمر" رأسه فى إنكسار فقد وقع فعلاً بين نارين ...


نار قلبه وحبه المتيم "بنسمه" ونار إرضاء جده الذى يعلم فور رفضه للزواج بإبنه عمه فربما يتأثر وربما قلبه لن يتحمل ذلك ...


لم يجد "صالح" بُد من ترك "عمر" يفكر بقراره لبعض الوقت ...


_ سيبنى شويه يا أبنى أرتاح ... وأنت فكر كويس فى الكلام إللى قلتهولك ده ورد عليا ..


_ حاضر...


ترك "عمر" جده ليهبط مرة أخرى إلى الدور السفلى جالساً بمفرده بالحديقه فربما يجد حل للورطه التى وضعه بها جده ..


لكنه لن يقبل إستبدال "نسمه" بأى من كانت حتى لو هى إبنه عمه وشريكته فى الميراث ..


فهو لا يكترث بالمرة للمال ، كل ما يريده هو الإستغناء بـ "نسمه" عن الدنيا كلها ...


قرر "عمر" السفر للقاهرة فباقى على الإختبارات النهائيه فقط يومان ولابد أن يجد "نسمه" فقلبه لا يريد غيرها ...


____________________________________


فى الصباح ...


إستقل "عمر" القطار مثقل بحمله الثقيل الذى يفكر به ...


بينما طلب الحاج "صالح" من السائق الخاص أن يوصل "نسمه" إلى القاهرة إستعداداً للإختبارات فقد إتفقت مع جدها إنها سوف تمكث هذه الأيام لدى خالتها أم "ريم" ..

🔶🔸النهايه 🔸🔶


رغم إستقلال كل منهم وسيله للسفر إلا أن رحلتهم كان شاقه للغايه ...


وبعد ساعات طويله قاسيه بالطريق وصلا "عمر" و "نسمه" كل منهما إلى القاهرة دون مقابله الآخر ....


إتجهت "نسمه" لمنزل خالتها أم "ريم" التى إستقبلتها بتلهف شديد لعودتها إليها مرة ثانيه ...


وبعد ترحيب حار جلست "نسمه" إلى جوار خالتها تفيض إليها بما حدث بتلك الأيام الماضية ....


_ عارفه يا خالتى ....  جدى ده طلع طيب أوى أوى يا خالتى ...


_ كان نفسى تعيشى معايا هنا يا بنتى ...


_ كل شئ بوقته ... أنا المهم عندى دلوقتى كليتى لأنى أهملتها أوى الفترة إللى فاتت ..


_ طبعا يا حبيبتى .. وبعد إمتحاناتك إن شاء الله عندى ليكى خبر حلو أوى يا رب يسعدك زى ما هو مفرحنى كده .. ويا رب توافقى عليه ...


قضبت "نسمه" حاجبيها بتساؤل ....

_ خبر ... خبر إيه ...؟


إتسعت إبتسامه أم "ريم" بسعاده باديه على محياها بحماس شديد ...


_ الصراحه أنا مش قادرة أستنى ... أصلى كده ومن غير مقدمات عايزاكى عروسه لإبنى "ياسر" ...


تبدلت ملامح "نسمه" على الفور لتتجهم بذهول مردفه بإرتباك تام ...


_ "ياسر"....!!!! ... بس يا خالتى ... أنا ااا ......


_ لا بس ولا حاجه .. خدى وقتك ومش عايزة أعرف ردك إلا بعد الإمتحانات .. تمام .. متشغليش نفسك دلوقتى بالموضوع ده ...


_  إن شاء الله ...


تركتها أم "ريم" لترتاح بغرفتها لتستعد "نسمه" لما هو قادم بحياتها فعليها أن تبقى بذهن صافى وتركيز شديد لتعويض ما فاتها ...


____________________________________


عمر ...

لم يتجه لشقته ولا للراحه بعد عناء سفره وعودته إلى القاهرة بل توجه لصديقه "وائل" فربما يجد عنده خبراً يريح قلبه المجهد ...


_ إيه الأخبار يا "وائل" ...؟!!


حرك "وائل" رأسه نافياً وهو يرفع حاجباه بصمت محبط ثم أردف ...

_مفيش أى حاجه عنها أبداً ...


_ إزاى بس ؟!!!!!!! ... بنت لوحدها ولا ليها قرايب ولا معاها فلوس حتكون راحت فين يعنى ...؟!!!


_ والله يا "عمر" كلمت واحد قريبنا بيشتغل فى الشرطه برضه يدور معانا ولسه مفيش منه أى خبر لسه ...


_ كل يوم بيعدى بحس إنها ضاعت من إيدى أكتر ....


بنظرات مشفقه على حال صديقه عقب "وائل" مطمئناً "عمر" ...


_ حنلاقيها .. إن شاء الله حنلاقيها .. بكره أول يوم فى الإمتحانات يمكن تيجى .. ما هى مش حتضيع مجهود السنه كلها كده ...


تهدج نفسه بوميض أمل فربما يصدق "وائل" هذه المرة ...

_ تفتكر ...؟


_ أكيد .....


ثم حاول "وائل" تغيير مجرى هذا الحديث الكئيب للغايه ...

_ قولى صحيح ... عملت إيه مع بنت عمك ..؟!!


ردد "عمر" بلا إكتراث لأمر تلك إبنه العم ...

_ ولا شفتها ...


رفع "وائل" حاجبه بتعجب ..

_ إزاى يا إبنى ... ؟؟


_ مش عارف هى كانت تعبانه باين .... وجدى صدمنى فى موضوع كده خلانى مشيت الصبح من غير حتى ما أسلم عليها ...


_ موضوع إيه ...؟؟


زفر "عمر" مطولاً فذلك الجانب أيضاً أرهقه نفسياً للغايه ولا يجد لتلك الورطه مخرجاً ...


_ جدى عايزنى أتجوزها !!!! ... وأنا مش عارف أقوله لأ .. بس برضه مش حينفع حظلم نفسى وحظلمها معايا .. أنا قلبى مفيهوش غير "نسمه" ...


_ وحتعمل إيه طيب ...؟؟


_ حستنى شويه وواحده واحده أشيل فكرة الجواز دى من دماغ جدى .. بس مش حينفع مرة واحده أقوله كده أحسن يجرى له حاجه أنت مشفتش هو تعبان قد إيه ...


_  ربنا يستر ....


____________________________________


اليوم التالى ....


إستيقظت "نسمه" مبكراً وإرتدت ملابسها فى توتر ذاهبه إلى الجامعه فاليوم أول أيام إختبارات نهايه العام ....


إضطراب إجتاح جسدها وتفكيرها ليس فقط لبدء الاختبارات لكن لمواجهتها معه اليوم إذا لزم الأمر ...


إستقلت إحدى سيارات الأجرة للذهاب إلى الجامعه ....


____________________________________


عمر ...

لو كان بيده لقضى الليل بأكمله منتظراً أمام الجامعه بإنتظار قدومها لكنه إتجه لجامعته بوقت مبكر للغايه ...


لم يتمكن من الإستذكار بصوره جيده  فكل ما شغل تفكيره هو "زمردته" الغائبه "نسمه" ..


وقف إلى جوار المدخل الرئيسي للجامعه محدقاً بكل من يدلف إلى الداخل بإنتظار أن تأتى كما قال "وائل" ...


تبقى القليل على ميعاد أول إختبار وعليه الصعود للجنه الخاصه به ليفقد الأمل بحضورها اليوم ويبقى اليأس منتصراً بمعركه دوماً هو الخاسر بها ...


___________________________________


بالطريق ...


توقف السائق عن الحراك دون التقدم لفترة طويله لتنظر "نسمه" لساعتها بتوتر فلقد تأخرت للغايه ...


_  هو حضرتك الطريق واقف ليه كده ..؟؟


_ الزحمه هنا كبيره أوى يا بنتى  .. الكل رايح مشاغله بقى ساعه صبحيه ...


_ طب مفيش أى طريق تانى ... أنا كده حتأخر على الإمتحان ...!!!!


_ إن شاء الله تتحل ...


___________________________________


لم يعد للإنتظار جدوى وبدا التحرك إلزاماً عليه ليصعد مع بقيه الطلاب للجانهم الإمتحانيه ...


كل خطوة كان يخطوها يعود ببصره إلى الوراء فربما تأتى من خلفه فى آخر وقت لكنها لم تأتى لينكس نظره أرضاً ويصعد درجات السلم بقلب تباطئت دقاته وروح تكاد تزهق وغصه تعلقت بحلقه ليدلف للجنته بيأس من أن يجدها وتعود الحياه لقلبه من جديد ...


__________________________________


بعد تأخر عن موعدها المحدد وصلت "نسمه" أخيراً إلى الجامعه ناظره الى ساعه يدها فلقد بدأت بالفعل اللجنه الإمتحانيه منذ خمس دقائق ...


أسرعت تسأل وتبحث عن مكان لجنتها بسرعه حتى وصلت إليها ...


جلست مسرعه فى المقعد المخصص لها وبدأت بحل الإختبار بتوتر شديد فهى غير قادره على تحمل تلك الضغوط المتواليه .....


____________________________________


مر الوقت وإنتهى فترة الإختبار ليتوجب على الطلبه الخروج من اللجان ...


وقف "عمر" بشرود مغيب عن الواقع ينتظر "وائل" أسفل المبنى بإحباط بالغ ...


لم يكن يظن أن لغيابها عنه كل هذا التأثير لكنها أخذت قلبه ورحلت .. لقد تيقن من ذلك ...


تقدم "وائل" من "عمر" متسائلاً ...

_ ها .. عملت إيه فى الإمتحان .؟؟


_ مش عارف .. ومش مهم ... يلا بينا ...


زم "وائل" شفتيه وهو يومئ بإستسلام ...

_معلش ... يلا ...


تحرك "وائل" برفقه "عمر" حينما لاحظ "وائل" "دنيا" آتيه مسرعه نحوهم  بعجاله شديدة تلهث من ركضها المتعجل ....


_ "عمر"..... يا ... "عمر" ...


إنتبه لها "عمر" على الفور ...

_ خير ...فيه إيه مالك ....؟؟


مع أنفاسها اللاهثه إلا أنها كانت تضحك بشده وهى تنحنى لأخذ نفساً عميقاً بقوة قبل أن تستطرد بسعاده لا توصف ...


_"نسمه" جت ..


أنارت الدنيا فجأة بعيناه ، تراقص قلبه فرحاً بهذا الخبر الغير متوقع ، هل إبتسمت له الدنيا أخيراً ، هل أتته تلك الفرصه ليصحح خطأه ويسعد قلبه ...


تحدث بصوت يملؤه السعاده والتفاؤل مستفهاً  ...


_ أنتى بتتكلمى بجد ...!!! جت ... جت إمتى .. هى فين ...؟؟


_ سبتها هناك واقفه مع "سحر" ....


لم ينتظر تأكيد "دنيا" وأسرع راكضاً بالاتجاه الذى كانت تشير إليه ليلحق بها فلن يتركها تضيع من يده مرة أخرى ....


تباطئت خطواته وهو يراها تقف أمامه كحوريه من الجنه ... هى فقط من إستطاعت إمتلاك قلبه وروحه ... هى فقط من ترسم لها إبتسامته ... هى فقط روح فؤاده ومحياه ... "زمردته" الخالده ... "نسمه" روحه ...


كم هى جميله وساحرة .... إنشغلت بحديثها مع "سحر" ولم تنتبه لوجوده مطلقاً  ...


إستطاعت "سحر" أن تلمح "عمر" الراكض من بعيد قادماً تجاههم لتبتسم لتلك القلوب المحبه ، هى التى لا تعترف بهوى القلوب تمنت يوم يرزقها الله بمن يألف روحها و تكون علاقتهم گ "عمر" و "نسمه" ...


غمزت "سحر" بخفه بطرف عينيها وهى تأشر بإتجاه "عمر" قائله ...


_ "نسمه" .. شوفى مين جاى علينا ...


إستدارت "نسمه" لتقع عيناها عليه وهو يركض تجاهها من بعيد ثم هدأت خطواته لتتعلق عيناه بها ،  ينظر إليها بنظرته الساحرة .. يبتسم لها بإبتسامته الرائعه .. تلك الإبتسامه التى تظهر غمازتيه القويتين ....


تبا لقلبها الذى لا تستطيع السيطره عليه ... لكن لا ... اليوم ليس معركته ... فاليوم تنتصر الكرامه ... لا القلب ....


إقترب منها "عمر" غير مصدقاً أنها هنا حقاً ، بعد كل الغياب ، بعد جفاء القلوب .. أتت مرة أخرى  ...


كل ما به كان يصرخ شوقاً وتلهفاً لها ، نظرات عينيه وهمسه بإسمها ونبرات صوته المشتاقه التى تلهب نيران قلبها ...


_ "نسمه" ..!! أنتى فين ... وحشتينى أوى وقلقتينى عليكى أوى ....!!!!


بجهد شاق إستطاعت "نسمه" أن تتصنع أخيراً عدم الإهتمام واللامبالاة ....


_ أفندم ....!!!!!! ... وتقلق ليه وتتعب نفسك ليه .... محدش طلب منك ده ...!!!!


هو يتفهم تماماً تلك الطريقه الجافه التى تعامله بها ، هو يستحق ذلك ، لكن عليها الإستماع له ليكمل بترجى تام ...


_ "نسمه" .. أنا عايزك تسمعينى كويس ... أنا ...


رفعت "نسمه" رأسها بتعالى وسمو تحدثت بقوة وبرود غير تلك النيران التى إشتعلت بقلبها فور رؤيته ، تصنعت عدم الإهتمام لتهتف به بحزم شديد ...


_ أنا إللى عايزاك تسمعنى كويس .... إللى إنت بتعمله ده مش حيدخل عليا تانى ... متعملش مهتم وبتحبنى والكلام ده  ........ خلاص فهمت اللعبه خلاص ... ووعيت وفهمت كل حاجه .... أنا قلت لك قبل كده .. حتى ولو فى يوم حاولت ترجع تانى .. أنت بالنسبه لى إنتهيت .. مُت خلاص ... معدش باقى بينا حاجه ... و"نسمه" إللى كنت تعرفها خلاص مش موجوده .... دور لك على واحده تانيه تناسب وضعك وعيلتك .. أنا دلوقتى مخطوبه وحتجوز بعد الإمتحانات على طول فيا ريت  ....ولا أشوف وشك ولا أسمع عنك تانى ... فهمت ...


تركته "نسمه" مصدوم ... لا يستطيع التفوه بكلمه .. لم يفكر حتى أن قسوته معها جعلتها بهذه القسوة .... كسرته مثلما كسرها ... ظلمته مثلما ظلمها ... لكنه فعلاً لم يكن يعرف ...


ظل "عمر" ينظر مصدوماً بإتجاه "نسمه" المبتعده ثم إلتفت إلى "دنيا" و"سحر" متسائلاً بجسد متيبس بارد الأطراف يكاد صوته أن ينتحب حزناً .....


_ هو أنتوا مقلتولهاش على إللى عملته "أحلام" ....؟؟


رفعت "دنيا" كتفها وأهدلته وهى تميل بفمها جانبياً بتعاطف مع هذا العاشق ...


_ لأ لسه كنا حنقول لها .. ملحقناش ...


إستدار "عمر" نحو الفراغ الذى خلفته "نسمه" بعد رحيلها ...


_يعنى إيه ... خلاص كده ....؟؟


أردفت "سحر" رغم تعاطفها بالفعل مع "عمر" إلا أن من الأخلاق أن يحترم "عمر" رغبه "نسمه" فى الإبتعاد خاصه مع ذكرها إنها مخطوبه لغيره وعليه تقبل ذلك ...


_ بص يا "عمر" ...كفايه ضغط عليها كده ... مفيش نصيب .. ويا ريت كل واحد فيكم يشوف طريقه بقى .. وطالما قالتلك إنها مخطوبه فميصحش إنك تكلمها تانى أو تعترض طريقها اكتر من كده .. ومتسببلهاش مشاكل ...


أخذ "عمر" يحرك رأسه ببطء عده مرات متواليه وكأنه يحاول إدراك ما حدث بالفعل ...


جلس بهدوء على أحد مقاعد الجامعه الكبير صامتاً ....


لقد إنهزم "عمر" ولن يكون أبداً هو مصدر مشاكلها وهمومها فيكفيها ما بدر منه تجاهها ، لكنه يحبها ... كيف يفعل ذلك ، كيف يبتعد ... كيف يخرجها من قلبه الذى إمتلكته ... ربما ستبقى بعيداً عنه لكنه لن ينساها ...


___________________________________


بعد مرور عده أيام قام خلالها الطلاب بأداء العديد من الإختبارات ، إستطاع كلا من "عمر" و"نسمه" تجنب بعضهما البعض ...


هى تجنبته وإبتعدت وهو تجنبها لأن ليس من حقه أن يقترب فليس ذلك من أخلاقه أن يخون ...


تلقى "عمر" خلال مكالمه هاتفيه من جده أصر فيها على الحضور بعد نهايه الإختبار إستعداداً لزواجه من إبنه عمه فهى أولى به حتى يلتئم شمل هذه العائله من جديد ...


مع رفضه عده مرات وتحايل جده المستميت وإجباره بذلك حتى لا يتسبب بإعيائه مرة أخرى ...


وافق "عمر" مسلوباً روحه على طلب جده ليرضيه فى نهايه أيامه ...


إنتهت الإختبارات أخيراً وودع الجميع بعضهم البعض فلا يعلموا متى يمكنهم التقابل مرة أخرى ..


فكلا منهم سيذهب فى طريقه ويشق حياته بعد نهايه دراستهم وتخرجهم ....


___________________________________


المنيا ....

جلس "صالح" بجلسته المحببه بالحديقه مستكملاً مكالمته لـ "نسمه" ...


_ ها يا بنتى حتيجى إمتى ....؟؟ لأ لأ كده كتير أنا مستنيكى تيجى على طول ...

إن شاء الله ... مع السلامه ...


أنهى "صالح" مكالمته مع "نسمه" ليكلم "عمر" يحثه على المجئ والإستقرار بالبلده هنا ...


_ أيوه يا "عمر" ... إنت متأخر ليه يا إبنى مش حتيجى تستقر هنا ولا إيه ... نسيت كمان إللى إتفقنا عليه ؟!!!!!! ... مستنيك فى أقرب فرصه تقدر تيجى فيها ...


مر يومان ليعودا كلا من "عمر" و"نسمه" منصاعين لأوامر جدهما ولكن كل منهما يمكث فى غرفته منذ وصوله لا يخرجان ولم يتقابلان ...


حُدد اليوم لزواج كلا من "عمر" و"نسمه" وتزين البيت الكبير بالأنوار المتلألئة البديعه وأتى الحاج "صالح" بفستان زفاف يليق بحفيدته وقدرها ....


أرسله إلى غرفتها مع مجئ فريق كامل للتزين والتجميل ...


أحضر أيضاً حُله سوداء رائعه لـ"عمر" مع تحضير جناح خاص للعروسين ...


حضر المأذون وسط الزغاريد المبهجه وتبريكات الحاضرين ..


إمتلأت حديقه البيت الكبير بالأحباب والأقارب منتظرين حضور العريس والعروس لعقد القران ....


حضر "عمر" مرغماً يرسم على وجهه إبتسامه باهته فاليوم يتزوج كما تزوج أجداده بدون حتى أن يرى العروس فقط لأنها إبنه عمه وليس له الإختيار ...


فأيا كانت فلابد من هذه الزيجه لأجل خاطر جده فقط ...


جلس على أحد المقاعد الفخمه الموضوعه بالحديقه إلى جوار المأذون وإستأذن الحاج "صالح" للذهاب للإتيان بالعروس .....


طرق الحاج "صالح" غرفه "نسمه" لتفتح بعض الفتيات الباب بإبتسامه فرحه ...


_ إتفضل يا حاج "صالح" ... العروسه جاهزة ...


إستدارت "نسمه" نحو جدها بإبتسامه خلابه  ، لتظهر "نسمه' كعروس من القصص الخياليه أميره أحلام بالفعل ...


تكاد الكريستالات المرصعه لفستانها الضخم تضئ من إشعاع روحها وبريق جمالها الأخاذ ....


خصلات شعرها المتموج برقه كشلال من  العسل يتدلى بعشوائيه فوق كتفيها يتوسطه تاج فضى براق ...


_ بسم الله ما شاء الله ... ربنا يحرسك يا بنتى ... ها مستعده ...


لتجيبه "نسمه" بغمزه بعينيها وإتسعت إبتسامتها قائله بمكر ...

_ مستعده ...


تذكرت "نسمه" بخيالها ما حدث بتلك الليله حين رأت "عمر" بحديقه البيت وذهبت لغرفه جدها لتخبره أن عليها الرحيل ....


(( إرتدت "نسمه" شال كبير غطى وجهها بالكامل وقررت التسلل نحو غرفه جدها لتبلغه بقرارها بالسفر من ثم تعود لتجهز نفسها قبل أن يشعر بها "عمر" من الأساس ...


فتحت باب غرفتها بهدوء حتى لا تصدر أى صوت متسلله بخفه على أطراف أصابعها حتى وصلت لغرفه جدها ووقبل أن تطرق الباب وجدته مفتوحاً وسمعت صوت "عمر" وجدها بالداخل يتحدثان ..


فقررت العودة إلى غرفتها والمجئ بوقت آخر بعد خروج "عمر" ...


بصوت واهن إستكمل "صالح" ...


_ أنا عايزك فى حاجه مهمه بخصوص بنت عمك ....


_ بنت عمى ...!!   خير يا جدى ...


_ أنا حاسس أنى خلاص نهايتى قربت .. وعايز أطمن عليكم ... ده أنا ماليش فى الدنيا غيركم ... أنتوا أقرب ولادى ...


_ قصدك إيه يا جدى ...؟؟


_ إسمعنى يا إبنى ومتقاطعنيش .... أنا خلاص حاسس أنى حموت والبنت دى يتيمه و إتبهدلت كتير ولازم نضمن لها عيشه كريمه ومحدش يبهدلها تانى .. ولقيت إن أحسن حل إن إنتوا تتجوزوا ....


وقف "عمر" بصدمه وقد إتسعت عيناها بذهول قائلاً بحده ...


_ إيه ..!!! نتجوز !!!!!! .... لا يا جدى ... أوعدك إنها حتبقى فى عينى وحاخد بالى منها .. إنما جواز لأ ...


( فتحت "نسمه" عيونها وفمها عن آخرهما دهشه من رغبه جدها )


_ أقعد كدة وإهدى بس ...  إيه إللى يمنع بس يا "عمر" ...


جلس "عمر" محاولاً التقليل من إنفعاله حتى لا يغضب جده مبرراً له لماذا يرفض زواجه من إبنه عمه ...


_ أنا حقولك يا جدى إيه إللى يمنع .... إللى يمنع أنى بحب واحده تانيه وعايزة أتجوزها ..


( إنتبهت "نسمه" كثيراً لترى من هى التى أحبها "عمر" بهذا القدر لدرجه إستبدال حبها  بهذه السرعه ، إستمعت حزينه فهى تستمع الآن للنهايه الحقيقيه لقصه حبهمها الوهميه ..)


إستمعت جيداً لما دار بينهم حتى طلب جدها من "عمر" تركه بمفرده ...


_ سيبنى شويه يا أبنى أرتاح ... وأنت فكر كويس فى الكلام إللى قلتهولك ده ورد عليا ..


_ حاضر ...


أسرعت "نسمه" متسلله مره أخرى بالذهاب لغرفتها وأغلقت الباب بحرص حتى لا يصدر أى صوت ...


لتهمس بإبتسامه لنفسها بسعاده بالغه ..


" يعنى بيحبنى .... لسه بيحبنى .... أنا مش مصدقه إللى حصل ده ... ومين صاحبتى إللى وقعت بينا وقالت عليا كل الكلام ده ...

مين؟؟؟ ...  مين إللى بسببها كسرت قلبى وقلبه ... ياااااه قد إيه أنا فرحانه فرحانه .. فرحاااااااااانه ... إنه بيحبنى أنا ... بس ... جدى .. أيوة .. جاتنى فكرة ..." 


بعد إنصراف "عمر" من غرفه جدها تسللت "نسمه" مرة أخرى نحو غرفه جدها و دلفت إلى الداخل بهدوء شديد ...


"صالح" بتمعن من الدالف إلى غرفته دون إستئذان ...


_مين ...؟؟


همست "نسمه" بصوت خفيض للغايه ...

_ أنا "نسمه" يا جدو ...


_ وعامله فى نفسك كده ليه ....؟؟


_ عشان فيه حاجه ضرورى جايه أقولهالك وأتفق معاك فيها ...


ابتسم "صالح" على طفوليه حفيدته وبرائتها ....

_ تعالى جنبى وقوليلى على راحتك ...


_  الصراحه يعنى ومن غير قصد سمعتك وأنت بتتكلم أنت و"عمر" ...


أدرك صالح ما ستتحدث به "نسمه" وبالتأكيد سترفض طلبه فأسرع موضحاً سبب ذلك  


_ أيوه يا بنتى ..انا عارف حتقولى إيه .. بس أنا بعمل كده عشان مصلحتك .. مش بغصبكم على حاجه ...


إتسعت إبتسامه "نسمه" لتدهش جدها للغايه وهى تجيب بعكس ما توقعه تماماً ...

_ أبداً يا جدو ... أنا مش زعلانه خالص ... أنا أصلا عايزة أقولك إن البنت إللى كان بيكلمك عنها "عمر" .. هى أنا ...


إعتدل "صالح" بإندهاش صادم ليردف بعدم تصديق ...


_ معقول ده ....!!!   دى الدنيا دى صغيره أوى ...!!!!


_ أيوة يا جدى والله ... بس أنا عايزة أعلم "عمر" درس .. إنه برضه ميسمعش كلام الناس تانى ولازم كان يتأكد بنفسه من أى كلام أتقال له ...


_ كلام مظبوط ...


_ يبقى متفقين ... الأول أنت متقلوش أنا مين .. أنا بنت عمه وبس !!!!!! ... وتغصب عليه فى الجوازة دى من غير ما يشوفنى ولا يعرفنى ... والباقى سيبه عليا أنا بقى ...


_ يا سلام بس كدة .. ينفذ يا بنت الغالى ... وليكى عليا تخلصوا إمتحاناتكم و أعملكم أجدع فرح فى الدنيا ...


ضحكت "نسمه" معقبه ...

_ أيوة من غير ما يعرف إن أنا العروسه ...


_ ماشى كلامك ...))


عادت "نسمه"  إلى الواقع حين قطع جدها شرودها قائلاً ...


_ أظن كده كفايه وعملتيه الأدب بما فيه الكفايه صح ...؟!!!


_ صح يا جدو ...


أمسك "صالح" بكف حفيدته مصطحبها إلى الحفل بالأسفل ...


هبط درجات السلم المنحنى ممسكاً بيد "نسمه" حين وقع بصر أحد المدعوين عليهم ليقوموا بالهتاف بأصواتهم الفرحه وسط دقات الموسيقى المبهجه ...


_ العروسه جت يا عريس ...


هكذا قالها أحد المدعوين ليقف "عمر" بتثاقل  مغلقاً جاكيت حلته السوداء بأناقه ساحباً  نفساً عميقاً يحاول الضغط على نفسه للابتسام لعروسه المنتظره ...


أغمض جفنيه قليلاً ليحث نفسه على التقدم ومحاوله تقبل الأمر الذى كاد يطبق حقاً على أنفاسه ليفتح عيناه مبتلعاً غصته التى يخفيها بقلبه وهو يتحرك بخطوات بطيئه نحو البوابه الرئيسيه ...


رفع هامته ناظراً نحو جده الذى يهبط درجات السلم الداخلى بخطوات حذره للغايه ممسكاً بيد العروس ...


تمعن "عمر" بصدمه وهو يهز رأسه بخفه محاولاً التبين مما وقعت عليه عيناه للتو ...


همس بنهج شديد لتسارع ضربات قلبه بقوة مفزعه ...


_ "نسمه" ....!!! "نسمه" هى بنت عمى ..؟؟؟


إتسعت إبتسامته بفرحه شدبده لتشرق وجهه العابس لتعلو ضحكته بصوت رنان مبتهج للغايه ...


ركض نحو الداخل ليتأكد مما يراه وأنه لا يتخيل ذلك ...


صعد بقيه درجات السلم بعجاله ليدنو منهما لينهره جده على تسرعه ...


_ بالراحه يا بنى الناس تقول علينا إيه ....؟؟؟


_ يقولوا إللى يقولوه ... إللى عايز حاجه يقولها ... أنا ما صدقت ...


ربما ما يراه حلماً لكنه لا يريد أن يصحو منه أبداً...


بخفه شديده أبدل "عمر" مكانه بمكان جده ليمسك بيد "نسمه" وهو يطالعها بنظرات عاشقه بغير تصديق قائلاً بوله ...


_ أنا مش مصدق .. إزاى !!!!!  .. أنتى إزاى بنت عمى ؟؟!!!  .. ولا أقولك مش مهم .. المهم إن أنتى معايا دلوقتى ... أنا مش متخيل وحاسس أنى بحلم ...


لتضئ الكون بإبتسامتها العريضه متلألأه كقطعه من الزمرد النادر وهى تجيبه ببعض الشقاوة ...


_ لأ مش بتحلم ...


تهدجت أنفاسه وهو يستمع لصوتها العذب الذى إشتاق إليه كسمفونيه رائعه فوق أوتار قلبه ليهيم بسحرها قائلاً ...

_ قوليها تانى كده ...


لتعيدها على مسامعه قائله بهمس خجول ...

_ مش بتحلم يا "عمر" ... بجد .. إحنا حنتجوز بجد ...


تذكر ما فعله معها وكيف كان قاسياً مخطئاً بحقها ليهمس معتذراً يطلب غفرانها ...


_ سامحينى ... أنا غلطت فى حقك .. أنا...


وضعت "نسمه" كف يدها على شفاه "عمر" لتوقفه عن الحديث أكثر من ذلك ...


_ أنا عارفه كل حاجه ... بس كان لازم أديك الدرس ده عشان بعد كده متسمحش لأى حد يتدخل بأى كلام تانى ما بينا ...


"عمر" بدهشه من معرفتها بما حدث ...

_ عارفه..!! 


أفاق "عمر" من تلك الغياهب لينظر بشك تجاه جده ثم سأله بتطلع ...


_ وأنت يا جدى .. كنت عارف برضه ...؟؟!!!!


_ حكم القوى بقى ...


قالها "صالح" وهو يشير بحركه كتفه وعيناه تجاه "نسمه" وهو مبتسم للغايه ...


ليرفع "عمر" هامته بإستراب وهو يمازح "نسمه" قائلاً ...


_ أنتى من أولها  .. حتاخدى جدى فى صفك ....!!!!؟


_ إيه مش عاجبك...؟؟؟!!!!!


ليكمل بحنو عاشق ..


_ إلا عاجبنى .. إذا كنت أنا بحالى فى صفك ... أنا مقدرش على كده أبداااا ....


أشار لهما جدهما بإستكمال حفل الزفاف فقد بدأ المدعوين يتطلعون تجاههم بإستراب وفضول ...


_ مش يلا بينا ولا إيه الناس بتتفرج علينا ...


ضحك كلا من "نسمه" و"عمر" وتوجهوا نحو الحديقه وتم بالفعل عقد قرانهما لتعلو فرحتهما عنان السماء ...


دنيا و سحر ....

كادتا أن يقفزان من فرحتهما وهم ينظران من بعيد تجاه صديقتهم وهى تتقدم كالأميرات إلى جانب من هواه قلبها ...


تنهدت "دنيا" بحالميه قائله ..


_ حلوين اوى يا "سحر" ... ربنا يسعدهم يا رب ...


إبتسمت "سحر" بمحبه وهى تطالع "نسمه" و"عمر" بسعاده ...


_ يا رب يا "دنيا" ... عارفه يا "دنيا" .. لو مكانش الجواز كدة ... مالهوش لازمه ... أنا فعلاً مشفتش إتنين بيحبوا بعض كدة ...


إعتدلت "دنيا" رافعه كفيها تتضرع بالدعاء يتخلله بعض المزاح ...

_ إوعدنا يا رب ...


فاجئهم "وائل" من خلفهما بإبتسامه عريضه ...


_ ااااه ... ده أنتوا كنتوا عارفين بقى إن "نسمه" هى بنت عم "عمر" ...!!!


ضحكتا "سحر" و"دنيا" لإنكشاف أمرهما معقبتان ...


_ مينفعش نخون ثقه صاحبتنا ... بس سيبك إنت مفاجأه غير متوقعه أبداً بالنسبه لـ "عمر" صح ...؟!!!!


_ أكيد ... 


ثم أقترب "وائل" هامساً بهدوء قرب أذن "دنيا" ...

_ عقبالك ...


نكست "دنيا" رأسها بخجل وهى ترقص بحاجبيها تجاه "سحر" دون أن ينتبه لها "وائل"   مواريه إبتسامتها الشقيه فربما تبدأ قصه جديده بين قلبيهما ....


حركت "سحر" رأسها بضحك وهى تبتعد عنهما لتترك لهما بعض الحريه بالحديث متجهه نحو عصفوران الحب لتبارك لهما بدايه عُشهما السعيد ...


إقترب "عمر" من "نسمه" ناظراً نحو عينيها الواسعتين بعشق ممسكاً بكفيها الرقيقين ....


_ سامحتينى حبيبى ... 


_ طبعاً يا حبيبى .. إذا كنت سامحت "أحلام" أساساً ... مش حسامحك أنت ... أنا عمرى ما أقدر أزعل منك ... أنت ساكن فى قلبى ... أنا قلبى  كان فى صفك أنت ...


_ عارفه يا "نسمه" أنا عمرى ما كنت أتخيل أنى أحب حد زى ما حبيتك يا حبيبى .... أنا فعلاً إتأكدت أنى مقدرش أعيش يوم واحد من غيرك .... بس أنتى إزاى سامحتيها بعد كل إللى عملته ده ... سامحتيها بعد ما خانتك وطعنتك فى ظهرك ....


_ لولا خيانتها وكلامها ده ولا أنا ولا أنت كنا عرفنا بعض ... لولا خيانتها دى مكنتش عرفتك ولا حبيتك ... أنا حبيت خيانتها أوى ... أنا عشقت خيانتها ك  

                  تمت بحمد الله 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close