أخر الاخبار

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل التاسع عشر 19والعشرون20 بقلم فاطيما يوسف

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل التاسع عشر 19  بقلم فاطيما يوسف


_ حبيبة النجم آدم المنسي الذي خبئها عن الجميع الفتاة الصعيدية ذات العيون الزرقاء تابعوا الفيديو .


لم يلبس ذاك الفيديو أكثر من نصف ساعة حتى انتشر على المواقع والصفحات كانتشار الهشيم في النــ.ـار والتعليقات السلبية والإيجابية على ذاك الفيديو لاتبشر بالخير ، 


وهو فقط مقطعاً واحداً من ضمن المقاطع ، 


في منزل سلطان المهدي كانت سكون تجلس في حديقة المنزل فهرولت رحمة إليها قائلة وهي تلتقط انفاسها بصعوبة:


_ سكون ، الحقي شفت ايه ؟


انخلع قلب سكون من نبرتها وهيئتها فسألتها بهلع :


_ وه يارحمة حوصل إيه على مهلك اكده ؟


وضعت رحمة يدها على صدرها تهدئ من ضربات قلبها اثر جريها وناولتها الهاتف :


_ شوفي الفيديو ده اكده ، مش داي مكة أختك ؟


تعمقت سكون في الفيديو وصعقت ملامحها وباتت يداها ترتعش من الصدمة فتلك مكة أختها وهي تقف مع هذا الآدم في ذاك  المكان وحدهم يتناولون أطراف الحديث ويبدوا من نظرة عيناها انها تعرفه جيدا وهو الآخر يعرفها ومن طريقة الشد والجذب بينهما يبدوا ان الموضوع بينهم كان عميقاً والصدمة في آخر الفيديو أنها وقعت على الأرض مغشياً عليها ووقف الفيديو عند تلك اللقطة ، 


عادت مشاهدة الفيديو مراراً وتكراراً وفي كل مرة تهتف بهلع :


_ يامرك يامكة ، يامرك ياخيتي ، وقعتي في الفخ اللي بيقع فيه مبيعاودش بسهولة ، 


هدأتها رحمة وهي تربت على ظهرها:


_  اهدي ياسكون اهدي متعمليش في حالك اكده ، وبعدين في الفيديو ملمسهاش داي كله كلام في كلام.


ضربت سكون على فخذها مرددة بنواح:


_ أهدى كيف وازاي يارحمة مشايفاش المعلق على الفيديو بيتكلم عنيها إزاي ، ولا كاتب ايه على الفيديو من فوق ، لااا وكاتب اسمها كمان ومن أنهي قرية في قنا ، يافضيحتك ياخيتي يافضيحتك في اللي ملكيش ذنب فيه ، لااا وفي أخر الفيديو كمان لما وقعت أغمى عليها والظاهر اكده إن كل حاجة متصورة ولسه ياما في الجراب يحاوي.


ثم أمسكت هاتفها واتصلت بعمران وحينما أجابه طلبت منه بصوت متقطع من أثر البكاء :


_ الحقني ياعمران الحقني تعالى شوف المصيبة اللي وقعت على راسنا .


انخلع قلب عمران من هلعها وهدئها :


_ اهدى ياحبيبي أني على البوابة وداخل أهه .


أغلق الهاتف وجرى في خطواته وهرول إليها وما إن وصل اختطفها في أحضانه وهو يهدئها قائلا :


_ اهدى ياحبيبي حوصول ايه بس للبكا داي كلياته ؟


خرجت من أحضانه ووجهت الهاتف أمامه :


_ شوف حوصول إيه ، أختى المسكينة اتفضحت وأمي مش بعيد يجرى لها حاجة وهي مظلومة ومعملتش حاجة .


اندهش عمران مما رآه وسأل مستنكراً:


_ الله ومن ميتا ومكة بتقف مع راجل لحالها في مكان وحديهم داي عمرها ماعيملتها اياك ؟


ضربت سكون على فخذها مكملة نحيبها:


_ معرفاش ، معرفاش ياعمران كيف ده حوصل ولا ميتا ولا ايه الظروف اللي حطيتها في موقف زي ده ، 


واسترسلت وهي تجذبه من يداه :


_ وديني هناك بالعَجل عايزة أشوف أختي وأطمن عليها دي الفيديو عدى النص مليون مشاهدة في ساعة ، ياعالم شافَته ولا له ، وياعالم أمي ممكن تعمل فيها ايه .


حمل عمران مفاتيحه ثم استئذنتها رحمة :


_ معلش ياسكون هاجي وياكي عايزة أطمَن عليها وأبقى جارها في اللي حوصل ده ينفع ولا هبقى اكده حشرية .


نظر إليها عمران بحدة هاتفا:


_ وهو وقته الحديت دي ! تعالى اخلصي  يالا ويانا .


كانت تلك الوجد تقف على أعتاب المنزل تسمع وتشاهد كل مادار بينهم وهي تربع ساعديها أمام صدرها المنتفخ سعادة لما استمعت إليه ، 


فرصة ذهبية قُدمت إليها على طبق من ذهب كي تضمها ضمن خطتها التى تعدها لسكون الآن فعمران سهلاً بالنسبة لها ، 


عاد سلطان من أرضه وجدها تقف مسهمة العينين كما هي ولم تنتبه لوجوده فنادى عليها :


_ وجد مالك واقفة متنحة اكده ليه على الباب ؟


عادت إلى رشدها ومطت شفتيها بامتعاض :


_ شفت اللى حوصل ياحاج ،يختييي حاجة ولا على البال ولا على الخاطر ؟


انتبه بجميع حواسه معها متسائلا :


_  حوصل إيه يابت انطُقي تك خابط سيبتي مفاصلي ؟


على نفس حركات وجهها الساخرة أجابته :


_ بصراحه اكده ما كانش ليك حق يا حاج تناسب من بيت مفيهش راجل وكلياته حريم .


اقترب منها بغـ.ـضب وأمسكها من ذراعها هادرا بها بحدة :


_ بتخربطي في الحديت عاد يامرة إنتي ! كيف يطلع من خشمك الكلام الواعر داي يابت إنتي ، مواعياش بتتحدتي عن مين انتي !


حاولت رسم الوجـ.ـع على معالمها والفكاك من يداه ثم فهمته ماسمعته منذ قليل ولكن بطريقتها البشعة :


_ هو أني اللي بقول الست مكة أخت الدكتورة سكون نزل لها فيديوهات على المخروب اللي اسميه الفيسبوك وكماني مع مين ،


واسترسلت حكواها وهي تمط شفتاها حركتها المعتادة :


_  مع المغني اللي اسميه آدم ياحاج ، والكلام اللي مكتوب فوق الفيديو ياخراشي فضايح ياحاج فضايح .


حتى اسمها مكتوب في الفيديو واسم الكفر وكل شئ يخصها ،


تسمر ذاك السلطان في وقفته وهو لايكاد يصدق ماقالته تلك الوجد للتو ثم سألها باستنكار وهو يهزها من كتفها :


_ اوعي تكوني بتخرِفي في حديتك دي يابت لاحسن ورب العرش أفلقك نصين بعصاي وأرميكي لكلاب السكك يتسلوا بيكي .


نزعت يداه برفق من يداها وتحدثت وهي تبخ سـ.ـمها في آذانه  :


_ اصبر بس اكده ، أها شوف بنفسك ياحاج هو أني هخوض في سيرة الولايا وهألف كلام من حالي اياك ، اسمع بودنك واتوكد.


رأى مابيداه مرارا وتكرارا وبهتت ملامحه ،  


وجدت معالمه انقلبت فتفوهت :


_ علشان تِعرف بس ياحاج اني مبفتريش على حد ، إحنا اتفضحنا وسط الخلايق من جوازة ولدك الشينة داي وسيرتنا هتُبقى على كل لسان في البلد كلياتها من اهل مرت ولدك .


استمعت زينب إلى كلماتها الأخيرة ففورا اندلعت ثورة الغـ.ـضب في رأسها وبحركة لم تحسب حسبانها خلعت نعلها من قدمها وألبسته في وجهها بعنف ومن حظها أنه أصاب الهدف وكادت أن تطير عيناها من شدة الضربة وكل ذلك وسلطان يشاهد الفيديو مراراً وتكراراً ولم يدري ماذا حدث إلا حينما استمع إلي عويل تلك الوجد وهي تمسك عيناها :


_ أاااه ،ااااه ياعينك اللي طارَت ياوجد ، أاااه منك لله يابعيدة ، حرام عليكي.


لم تحسب زينب لوجود سلطان حسبانا وخلعت نعلها الآخر وأطاحته بوجهها ثانية ولم يلحق سلطان ان يمنعها حتى لبس في وجنتها وعيناها الأخرى مرة ثانية ومن حظها الأعسر أن ذاك النعل من النوع المتين الذي يشبه قطع السيراميك جعل الدـ.ـمـ.ـاء تسيل من وجنتيها وكأنها غـ.ـرزت بسكـ.ـين نصل ، فهدر بها سلطان :


_ جرى لك إيه زينب ممعتبراش لوجودي قيمة إياك وتُضـ.ـربيها قدامي كمان ، ده انتي فجرتي عاد .


نظرت اليهم وجد بنصف عين وهلل داخلها فرحا لما قاله سلطان وبالرغم من ألمها ودـ.ـماؤها التى تسيل على وجهها إلا أن قلبها المريض فرح بتلك الإهانة لزينب التى هدرت بسلطان ولم يهمها شئ :


_ أني بردو اللي فجرت يا سلطان ولا اللي إنت لميتها من الشوارع اللي بتجيب سيرة مرتي الدكتورة سكون ستها وتاج راسها على لسانها العفش !


وتابعت بتأكيد لما قالته ولم تعير لنظرات سلطان النـ.ـارية أدنى اعتبار وقد أقدمت على تلك الوجد وقبضت على رأسها من الخلف بيد من حديد وتهزها بعنف :


_ الله الوكيل يافاجر إنتي ياللي داخلة البيت ده علشان تفرقي بيناتنا وتقيديه نـ.ـار لو مالميتي لسانك وقعدتي اهنه كيف الجزمة القديمة لاهندمك على شبابك يافاجر إنتي .


تشعب الغـ.ـضب في رأس سلطان وتكاثر بلا رادع من زينب التى لم تغيره أدنى اهتمام وفي لحظة غـ.ـضب بسبب عناد زينب لكزها على كتفها لكزة شديدة من حدتها جعلها رجعت للخلف :

_ شيلي يدك ياولية عنيها واعملي احترام لجوزك ولا انتي كبرتي وخرفتي ، هي واقفة مكانها متحركتش وانتي اللي عاملة زي الطور الهايج ومفهماش حاجة ، اظبطي حالك وانتي واقفة قدام راجلك ولا انتي بقيتي بايعة ومش هامك.


انصـ.ـعقت زينب من حركته ومن إهانته لها وانه ضـ.ـربها أمام ضرتها والتى من نفس سن بناتها ونعتها بأبشع الألفاظ ولكن لم تطأطأ رأسها وتخاف كالنعام لااااا ولم تسمح له بإذلالها :


_ أني راجلي مـ.ـات بالنسبة لي يوم ماتجوَز عليا عيلة متسواش من دور بناتي ، ومن النهاردة ملكش حكم عليا ياسلطان وياتطلقني بالذوق يا إما وأيمان الله لاهقتـ.ـلها وأقتـ.ـلك ونفضها سيرة .


كان واقفا بعيناى تنطق شـ.ـرا يريد الانقضاض على تلك الزينب وأن يكــ.ـسر لها رأسها المتيبس فهي أنقصت من رجولته وجعلته لايسوى أمام زوجته الأخرى وان تركها واهانتها ستفعل الأخرى مثلها وتضيع هيبته أوسطهم فاقترب منها وأمسكها من ذراعها وتناه خلفها وبنبرة صوت شديدة كالفحيح هدر بها :


_ وعهد الله وأيمان على أيمانك يازينب لو مالميتي حالك وقـ.ـصيتي لسانك واحترمتي جوزك أبو عيالك لاأكون دافـ.ـنك بيدي داي حية ياقليلة الحيا إنتي.


هنا امتنعت عقارب الساعة عن الدوران إجلالاً لما نتج من تحدي عنادها وتييس رأسها أمام جيوش الغـ.ـضب ونزعت يداها من يداه بقوة لم تعرف من أين أتتها وهتفت بتصميم :


_ والله صحيح ياناس اللي اختشوا مـ.ـاتوا طب قابل بقى ياأبو عمران  ، 


وفي رمشة عين جذبت حجارة ثقيلة من الأرض ورمتها بقوة فائقة قاصدة رأس تلك الوجد بحركة مفاجئة منها لم يتوقعوها من زينب الطيبة الخلوقة ، حاول تفادي ذاك الحجر قبل أن يصل إليها مع تفادي وجد فلبس الحجر في كتفها ولم يطل رأسها وزينب تهذى بهستيرية من جرح روحها :


_ يالا جنت على نفسها طالما ممصدقش عاد ياسلطان ، 


وعندما لم يصيب رميها هدفه حتى دارت بعينها في المكان تجلب آخراً فسبقها سلطان وأمسكها من يدها وبحركة مباغتة صفـ.ـعها على وجهها صفـ.ـعة دوت في المكان بأكمله جعلتها تنظر له بصدمة من شدتها لم تنطق وكأن لسانها ابتُـ.ـلع مما فعله سلطان الذي يردد بصوت عالي:


_  بوكي قال لي زمان لما جيت خطبتك لو كسـ.ـرت لك كلمة في يوم من الايام أو علت صوتها عليك اكســ.ـر رقبتها وهاتها لي وأني أكمَل عليها ، وانتي النهاردة يازينب صدمتيني فيكي صدمة عمري يابت الأصول ياللي عشتي عمرك كلياته بت ناس والعيبة مبتطلعش منيكي واصل بس النهاردِة كانك شردتي شوي فقلت أربيكي يمكن تعاودي لعقلك يازينب .


أما وجد كانت تصـ.ـرخ من ألم كتفها ولم تلقى بالا بخناقتهم وارتمت أرضاً من الوجـ.ـع :


_ أااااه الحقني ياحاج كتفي اتخلع ، أااااه ، .


وزينب وضعت يدها على وجنتها تحسس مكان ضـ.ـربته بصدمة جعلت داخلها ينكـ.ـوي قهــ.ـرا من ذاك السلطان ، ثم نظرت له نظرات حـ.ـارقة وتركته ولكن قبل أن تدلف هتفت :


_ هدفعك تمن القلم ده غالي قوووي سلطان ، 


ثم هبطت لوجد وحذرتها بفحيح وهي تتالم أرضا:


_ المرة دي خـ.ـزقت لك عينيك وكسـ.ـرت ضلعك المرة الجاية هدبــ.ـحك وهقدمك وليمة لأهل الكفر يتسلوا بيكي لو فكرتي بس تجيبي سيرة ولدي ومرته على لسانك يافاجر إنتي .


ثم لكزتها بقدمها ودلفت إلى المنزل قاصدة غرفتها ومن ثم قامت بجمع ملابسها في حقيبتها وانتوت المغادرة من ذاك المنزل قبل أن يعود عمران وستذهب إلى منزل أبيها المغلق وارثها منه ولن تعود إلى ذلك المنزل قبل أن يطلق سلطان وجد وتثأر لكرامتها التى هدرت بعد كل ذلك العمر والعشرة الطيبة التي عاشتها معه ، 


أما في الأسفل حمل سلطان وجد بين ذراعيه فهو مازال رجلا في الخمسين فهو يبلغ من العمر أربعة وخمسون عاماً وما زال جسده قوياً وبنيانه عضُداً وذهب بها إلى المشفى ، 


رأتهم من النافذة قد غادروا المكان فنظرت حولها في أرجاء الغرفة التى عاشت بها مايقرب من خمس وثلاثين عاماً ، 


وقفت أمام صورة سلطان تنظر لها والوجـ.ـع يضـ.ـرب في جسدها أشد من وجـ.ـع  الأسواط  حقيقة ، تذكرت كم كانت له زوجة مطيعة وكم كانت أما رائعة لأولادها على مدار السنين ، 


لقد جـ.ـرحها جـ.ـرحاً عميقاً ولم يكتفي بل وزاد ضغط على جُـ.ـرحها وهو متألم ومُدمِل ولم تأخذه بها رأفة ، تذكرت كم من المرات أتى إليها ضعيفا مهموماً فأراحته !

كم من المرات أصابه الإعياء الشديد فسهرت لأجله الليالي وأمرضته !


ولكن تلك الحياة مابين رمشة عين وانتباهتها يغير الله من حال الى حال ، ولكن هي عازمة على المغادرة من ذاك المنزل ولم تستسلم لوجود تلك الوجد ضرة لها وأن تكون رأسها برأس تلك الشيطان فهي تحملت كي يمر  فرح ولدها بسلام وضحت بالليالي التى انكـ.ـوت بها من نـ.ـار الغيرة والكسـ.ـرة ،


خرجت من المنزل وصعدت سيارتها التي لاتخرج بها إلا في أشد ظروفها وانطلقت بقلب موجوع إلى منزل أبيها والذي تدخله لأول مرة غاضبة من زوجها منذ أن تزوجته على مدار كل تلك السنوات خرجت وعيناها متعلقة بالمكان ويداها تحسس على وجنتها التى صفـ.ـعت عليها وهي تهتف لحالها بوجـ.ـع :


_ مع السلامة ياشقى العمر وسهر الليالي ، مع السلامة ياوسطي اللي اتقسم وأنا ببنيك طوبة طوبة للغريبة ، مع السلامة وأني خارجـة منيك مكسـ.ـورة ومتهانة ومضــ.ـروبة .


ألقت كلماتها وهي تنظر إلى المنزل بحـ.ـزن وتحركت بالسيارة وهي تعلم أن القادم لايبشر بالخير على الجميع وأن عمران لن يصمت على ضـ.ـرب أمه واهانتها ولكن ليكن مايكن فهي لن تصمت على الخطأ مرة أخرى.


        ************************


في مكتب جاسر المهدي تحدث إلى منة وهو يتعجلها :


_ يالا يامنة جهزتي ولا ايه مش عايزين نتأخر .


أنهت منة جمع أشيائها وارتدت نظارتها الشمسية ثم خطت ببطئ دون أن تستند على العصاة فهي قد حفظت المكتب ومداخله ومخارجه ووقت أن تحتاج إلى العصى ستخرجها من حقيبتها ، ثم قالت :


_ طيب هطلب أوبر هيجي لي محتاجة أعرف المكان بالظبط ؟


اتسعت عيناها باندهاش وأردف مستنكراً:


_ طب وتطلبي أوبر ليه يامنة اركبي معاي العربية ، وبعدين ده مشوار شغل يعني توصيلك للمكان من اختصاص المكتب .


حركت رأسها برفض قاطع وهتفت بإيضاح :


_ معلش يامتر أنا حالتي خاصة ومش حابة أعتمد على حد وأشغله بيا وبظروفي ، أني هدبر حالي بحالي كالمعتاد .


حرك الآخر رأسه برفض قائلا بتمنع:


_ وه ميبقاش راسك يابس يامنة ! يالا علشان منتأخرش على الناس اللي عازمانا على الغدا .


وافقت منة الذهاب معه وهي على مضض ثم عرض عليها متحمحما :


_ أمممم .. تحبي أساعدك ولا حاجة ؟


بطريقة لطيفة رفضت بابتسامة أنارت وجهها:


_ شكراً يامتر وتسلم لذوقك الجمييييل .


تركها تخرج من المكتب على راحتها ثم خرج ورائها حتى وقف أمام الأسانسير فتحدث آمرا إياها بطريقة لاتقبل النقاش :


_ استنى إنتي بقى هطلبه واهدي ياماما شوية مش ماشية إنتي مع كيس جوافة.


كان قاصداً ادخال الدعابة على قلبها فهو ارتاح في التعامل معها ويشعر دائماً أنه في قمة الراحة النفسية حينما يحادثها ، 


صعدا الأسانسير وبعد أقل من دقيقة خرجوا منه ثم أدلى لها الاتجاهات التى ستمشي فيها بكل هدوء دون أن يلفت الأنظار إليهم أو يشعر المارة بأنها كفيفة  ، 


وصل إلى السيارة ثم فتح لها الباب في المقعد الأمامي وصعد هو الآخر ثم وضعت السماعة الخارجية أذنها وفتحت هاتفها وبدأت التعامل معه بمهارة وكأنها تراه ، أراد أن يتحدث معها ويدخل إلى عالمها الغريب عنه فسألها :


_ بس انتي ماشاء الله عليكي بتتعاملي مع الفيسبوك واي موقع بحرفية ؟


لم تسمعه وهو يتحدث لأنها كانت تضع السماعات الخارجية في أذنها فشعر بالإحباط من محاولة جذب انتباهها ، فظل ينادى عليها كي تستمع نداؤه :


_ يامنة ، يامنووون ، يابنتي .. 


لم تستجيب لنداؤه فاضطر أن يخلع إحدي السماعات من أذنها بطريقة لطيفة جعلتها انتبهت فخلعت الأخرى وسألته :


_ في حاجة يا أستاذ جاسر ؟


مط شفتيه بامتعاض:


_  حاجة مين يامنة ، ده أني بقالي نص ساعة بكلَمك وانتي ولا انتي اهنه ، للدرجة دي الفيسبوك شاغلك ؟


ابتسمت بهدوء يليق بها ثم أجابته :


_ له بس متعوَدة عليه مش أكتر بيضيع لي وقت فراغي ويعتبر هو صديقي .


قوس فمه بانزعاج وتحدث مستنكراً:


_  ليه اكده الموبايل كتر استعماله خطير وبيسبب ذبذبات للمخ مش كويسة خالص ، حاولي تلهي وقت فراغك في قراءة كتاب ، أذكار ،  قرآن ، والفيسبوك ده يبقى جزء بسيط جداً من يومك ، وممكن كمان تخرجي مع صحباتك ، أحسن بكَتيير من الفيسبوك ده .


شعر داخلها بالراحة والسكينة من نبرة صوته الرجولية التى أشعرتها بوجود الجنس الآخر في حياتها ، فهي تتفقد تلك العلاقة من ذاك النوع فهي قد عملت في مؤسستين قبل ذلك وما جعلها تتركهم هي الضوضاء الصاخبة والتنمر الذي تعرضت له ولكن من جاسر تشعر بقمة الهدوء وذاك الشعور نابع من ذوقه في التعامل معها ، حقا العلاقة بينهم إلى حد ما تشعرها بالرطوبة التى تدخل على قلبها تنعشه ، 


فتحدثت برقة معتادة عليها في الأخذ والرد :


_ اصل اني من صغري ملياش أصحاب أمي كانت بتخاف علي قوووي ومكَنَتش تسيبني ألعب مع حد لأني ظروفي خاصة فاتعودت عليها هي صاحبتي ووقت ما اكون لحالي ألهي نفسي في اي حاجة.


أحس بأنه يشفق عليها وعلى حرمانها من نور الحياة ، فالعين ترينا من يحبنا ومن يكرههنا ، بها نستشف ونفهم نظرات الآخرين لنا ، 


ود أن يتعمق داخلها وانتابه الفضول أن يسألها كيف تعيش يومها ، كيف تقضي حاجتها بنفسها وهي في ظروفها تلك ، 


أما هي أحست من صمته أنه يريد أن يسأل كثيراً ويستفسر عن يومها كيف تقضيه ولكنه خجِل أن يسألها ، وهي الآن لديها طاقة حرمان من الحوار تريد أن تفقدها كي تشعر بمدى كينونتها وأنها كائن حي طبيعي يريد أن يشارك الآخرين يومهم العادي ، فسهلتها عليه قائلة :


_ حساك عايز تسألني أسئلة كَتيرة بس خايف لازعل أو اتهمك انك بتتدخل في خصوصياتي ، بس احب اطمنك يامتر أني من النوع اللي عقليته عدت مستوي الحساسية أو إنه يزعل من أي تنمر ، شكل ماتقول اكده اكتسبت تناحة أخيراً هههه .


كان ينظر إلى معالم وجهها المستدير والمستنير من كمية البراءة التى تحيطه ، تعمق لأول مرة في النظر لامرأة دون أن يخجل أو يشعر بأن الطرف الآخر على علم بنظراته ، حتى رحمة ابنة عمه كان لايتعمق النظر في ملامحها كي لا يثير انتباهها ، ولكنه نهر حاله عن النظرة الحرام أو أنه استغل خصوصيتها واستباح لعيناه التعمق في ملامحها ونظر أمامه قائلاً :


_  طيب ياستي قولي لي مين بيختار لك لبسك الجميل اللي ذوقه راقي جداً ده ؟


احتضنت كتفيها وهي تتحسس ملابسها بسعادة كبيرة نظراً لإطرائه عليها فلأول مرة يُعجب أحدهم بملابسها غير أبيها وأمها ، 


فأجابته بصدر رحب وخيالها يدور بعالمها الوردي التي بنته لنفسها داخله :


_ طبعاً ماما هي كل حاجة حلوة في شكلي وفي أسلوبي وفي طريقتي وفي حياتي كلها ، بس في اللبس ساعات بتخيل موديل معين في بالي وبوصفه لماما فبتعجب باختياري اللي أني أصلا جايباه من عقلي الباطن ههههه ، 


أما الألوان فمن لون بشرتي  ومن خلال دراستي للألوان عرفت ايه اكتر الألوان اللي تناسبني وتليق علي ، 


واسترسلت حديثها وهي تنظر حالها:


_ حاسة إني اتكلَمت كَتيير وصدعتك صح ؟


لم يشعر بالصداع ولا الاستياء من كلامها بل بالعكس أراد المزيد من عالمها المختلف فأجابها بنفي :


_ وه كيف تقولي الحديت ده يامنة ! والله كل كلامك جمييل ومريح وهادي ، يابخت مامتك وباباكي بوجود حد جميل زيكي وسطيهم ، إنتي النور اللي بينور عتمتك وعتمتهم بقلبك الطيب وروحك الحلوة .


شعرت بخفقان قلبها داخلها من ثنائه عليها ، ولأول مرة داخلها يجرب شعور الأنثى التي يعجب أحدهم بطريقتها ، لأول مرة أحدهم يُثنى على حديثها غير أبيها وأمها فجاسر بطريقته وكلامه وحديثه بل وكله مختلفا عن عالمها المنطوي ، فأخذت نفسا عميقا وسألته هي الأخرى كي تخرج من عالمها وتدخل عالماً جديداً عليها :


_ طيب انت مين بيختار لك لبسك وبترتاح اكتر في الكاجوال ولا الكلاسيك ، وبتحب الصيف ولا الشتا ؟


سعد داخله هو الآخر فلأول مرة يسأله احدا عن مايحب وما يكره فهو يتيم الأب والأم وليس له أخوة ، حتى ابنة عمه والتي كانت صديقته الصدوق وحبييته يوماً ما لم تسأله ذاك النوع من الأسئلة :


_ شوفي ياستي اني برتاح في الكاجوال اكتر طبعا زي باقي الشباب لكن لو فيه مناسبة ولا حاجة بضطر ألبس الكلاسيك ، ثانياً بقى أنا كائن صيفي نهاري جداً جدا يعني بعشق الحرية في اللبس بمعنى أصح أني من أتباع شرطي وفانلة وكاب ههههه .


ضحكت بشدة على طريقته الدعابية في الرد ثم قالت :


_ في داي بالذات مختلفين ، اني بعشق الشتا بهدوئه ومطره وبرودته ، بعشق ليله  ،


وأكملت حديثها ونبرتها تبدلت من النقيض للنقيض ، تبدلت من التفاؤل إلى اليأس الذي تحياه :


_ يمكن لأن عتمة ليله يشبه عتمتي اللي أني عايشة فيها ، أو يمكن الأمطار والبرد بتشبه برود العواطف والمشاعر اللي أني بجبر نفسي أعيشها كل يوم ، 


أو يمكن بردو علشان نهاره بإزعاجه بيخلص بسرعة وياجي الليل بضلامه اللي يشبه ضلامي ، حاجات كَتييير بتخليني احب الشتا لأنه بيشبهني كتييير .


حزن داخله لأجلها فبعد أن جعلها تضحك وتحكي عن تفاصيلها البسيطة وتنسى همومها وأنها بشر كأي بشر لن ينقصها شئ دخلت عالمها مرة ثانية واختفت بسمتها وتبدلت ، وكأن شمس النهار اختفت وتبلدت الغيوم مكانها في عز النهار ،


وجدا أنهما قد وصلا إلى المطعم المقصود فتحمحم قائلا:


_ طب احنا وصلنا المطعم جهزي حالك يالا وأني هساعدك ندخل جوة .


ابتسمت برقة وطلبت منه :


_ لاااااا مفيش داعي للمساعدة بحب أعتمد على نفسي جداً بس مطلوب منك توصف لي مدخل المكان واتجاهاته واني هفهم بالعجل وهدخل وياك بهدوء .


كان داخله فرحا بالتحدي الذي تحيط حالها به ، فرحاً بأنها تشعر من أمامها انها طبيعية لن ينقصها شئ ، فشرح لها مدخل المطعم والاتجاهات وهي هبطت من السيارة وتحركت جانبه واتبعت تعليماته بحرفية أذهلته حتى وصلا إلى المنضدة المتواجد عليها المعزومين وطلبت منه أن تجلس في ركن جانبي من المنضدة ، 

جلسا في المكان وجلس بجانبها وظلت عيناه مثبتة عليها وعلى تفاصيلها رغما عنه فقد لمس فيها قلبه الحنان والاحتواء الذي حرم منهم ، وحدثتها عيناه :


_ مذهلة انتي ايتها الفتاة ، وكل شئ فيكي يناديني أن أقتحم داخلك وأبحث عن أشيائك وأقرأ عواطفك ، 


أريد أن أبحر داخل شعورك في كل موقف ، 


رائعة أنتي في عزتك بنفسك فغيرك لو كانت مكانك لتشبست بأي موقف واصطنعت الخوف ومالت من نظرة وكلمة ورمت سهام الإعجاب ولكنك مختلفة .


         ******************


في منزل ماجدة تجلس مها وسكون بجانب مكة تحاولان تهدئتها من نوبة البكاء والعويل التى نصبتها حول حالها ، فمنذ أن شاهدت مقطع الفيديو وهي تندب :


_ يافضيحتك وسط الخلايق يامكة ، يافضيحتك ، يارب استرني يااااارب ، حسبي الله في اللي عيمل فيا اكده وفضحني بالكذب ، حسبي الله  ، ياااااااااارب انتقم منه يارب .


هدئتها مها وهي تأخذها بين أحضانها:


_ اهدي ياخيتي ، بس ياحبيبتي انتي مظلومة ومعملتيش الكلام الماسخ اللي هيقولوه في الفيديو ده ، وبعدين الناس اهنه عارفين مين مكة وعارفين أدبها وأخلاقها وأنها ملهاش في الطريق الواعر ده ، وانك مش من البنتة اللي ماشيين على حل شعرهم ، 


وسكون هي الأخرى تهدئها :


_ متكبريش الموضوع يامكة الفيديو مش جايبك عريانة لاسمح الله ولا بتعملي حاجة غلط وحتى المسافات بينكم فيها مراعية للأخلاق هدي حالك ياخيتي .


ضـ.ـربت مكة على فخذها وبنفس طريقتها رددت :


_ نفسي اصدق وارتاح ياسكون بس اللي منزل الفيديو كاتب إن فيه مقاطع تانية بتبين إن إزاي الفنان بيحب مرته وبيخاف عليها ، وأكيد مصورني وهو بيشلني وكان متابعنا وفضل مركز ويانا لحد ما شافه  وهو داخل بيا المستشفي والناس معرفاش حاجة ، ومعرفاش اني كان مغمى علي ولا عميلت عملية ، 


ثم نظرت إلى السماء وهتفت بقلب منفطر :


_ ياااااااااارب احميني منهم ياااااااااارب ، اني مظلومة ياااااااااارب ومهتحملش الفضيحة.


استمعوا جميعهن إلى شهقات رحمة وهي تمسك الهاتف وتنظر إليه باندهاش ، فتلقائيا قمن من مكانهن عدا مكة فهي توقعت ماذا تشاهد ، ونظرن إلى شاشة الهاتف وبالفعل وجدن ماحكته مكة بالمثل وصارت أعينهن متسعة ، 


أما في الخارج كان عمران بجانب ماجدة يهدئها من هولها على ابنتها ويحاول ايجاد حل معها إلى أن عرض عليها أن تهاتف هند اخت آدم كي يصلا إلى حل في تلك المعضلة ولكنها لم تجيبها فظلت على عويلها وهي تردد :


_ بتي اتفضحت غدر ، بتي مستقبلها ضاع ، الناس مهيسبوناش في حالنا ، آااااااه يابتي ياحبيبتي ، يارتني ماسبتك تدخلي الكلية داي ، يارتني ماسبتك تشتغلي ولا تروحي يمين ولا شمال ، يارتني خبيتك جوة حضني يابت قلبي ياللي طول عمرك عاملة زي الملاك ، 


آااااااه قلبي قايد نـ.ـار ياناس مهتنطفيش ، آااااااه يابتي .


كل ذلك وهي تبكي وتشهق على ابنتها وصغيرتها ، تبكي على نظرات الناس لها وهي أم لثلاث بنات بدون أب معها يسندها ولا ابن يقف يدافع عنهن ، الخوف يضـ.ـرب برأسها وجسدها صبا صبا من كلام الناس وحديثهم الواعر في عرض وشرف صغيرتها ، 


وأكملت نحيبها:


_ أااااه يابتي ولا أب يسندنا ولا أخ يقف يسد عين الشمس ويخرص لسان الخلق ، مليش غيرك يااااارب تقف جاري وتبعد الأذى عن بناتي .


احتضنها عمران وقبلها من رأسها ناهرا إياها:


_ وه ياخالة ماجدة ! كيف تقولي الكلام ده واني جارك اهه زي ابنك وأكتر كماني !

طيب وعهد الله اللي هيجيب سيرة بتنا لهطخه بالنـ.ـار وملهش دية عندي واصل.


ضـ.ـربت على فخذها الأخرى وهي تهتف بعويل :


_  هتخرص مين ولا مين ياولدي ، هتسكت كام لسان دلوك ولا كمان ساعة ولا النهاردة ولا بكرة ، ده شرف البنتة عامل كيف عود الكبريت لو اتـ.ـولع مرة بترمي بعد اكده والناس تدوس عليه برجليها والسخام المحمول داي بقى في كل البيوت وفي ايدين الصغير قبل الكبير ، أااااااه يابتي على اللي هيجري لك من عمك وخوالك وعلى اللي هيعملوه فيا ، دول مش بعيد يدفـ.ـنوها حية .


ظلت على عويلها ونحيبها وعمران يحاول تهدئتها والأمر أصبح فوق التحمل والمنزل الهادئ الجميل بيت العز المملوء بالحب والسلام أصبح بعيدا عنه الأمان وافتقد حصن الراحة في ذاك الزمان وبات أصحابه يبكون 

دـ.ـما بدلاً من الدموع .


أما في منزل آدم كان يجلس هو ومدير أعماله الذي كان مستشاط من الغضب ويهدر به :


_ قلت لك قبل كدة ميت مرة خلي بالك من نفسك ومن تصرفاتك ومتتهورش يا آدم ، 


آدي أخرتها اشاعات بنت ستين .... ملهاش اي تلاتين لازمة وانت داخل على تصوير اول مسلسل ليك  ، اللي حصل ده في التوقيت ده بالذات غلط وهيودينا في داهية وانت ولا على بالك ، أنا تعبت من اللامبالاة بتاعتك دي يا آدم .


ظل راشد غضبان بشدة من تلك المقاطع ويُسمع آدم من الكلام أبغضه وأفحشه ، 


أما آدم كان في عالم آخر وهو حبيبته التى فضحت على يداه ، حبه الأول صاحبة الرداء الأسود الذي لم يرى في أخلاقها امرأة قط قد أُذيت بسببه ، يالك من وقت عجيب أتيت لنا بمصائب في أهم لحظات الرخاء بيننا ،


كانت ستميل أخيراً ، كانت ستنطق محبتها لي النابعة من قلبها ، كانت ستضحك لي الأيام بعد عـ.ـذاب شهور قضيتهم معذب ساهر وكلي أمل لقاها ، ولكن ماذا أنا بفاعل الآن فهي لن تسامحني على ذنب لم أرتكبه ؟


امن الممكن أن أفقدها بعد كل تلك الليالي الساهرة !

أمن العدل أن تُنهى قصتنا وأظل احلم بعيناها بسبب تلك الشائعات السافرة ، 


رأى راشد أنه في عالم آخر ولم يستجيب للحديث معه فأرسل لهند شقيقته رسالة كي تأتي إليهم على الفور وأجابته بأنها بالفعل آتية إليهم ، وظل راشد يتآكل غضبا وغيظا حتى اتت هند ، 


ألقت السلام عليهم وعلى الفور جذبت أخيها الذي بهت وجهه من شدة الحزن إلى أحضانها بحنان كحنان الأم :


_ اهدى ياحبيبي وروق بالك وأعصابك واعرف إن رب الخير لايأتي إلا بالخير .


تنهد بثقل وألم نفسي شديد وهو في أحضان شقيقته وردد :


_ خير ! وهيجي الخير منين ، ده بدل ماكانت بعيدة عني أمتار بقت بعيدة عني أميال وأميال .


ربتت على ظهره بحنو وطمئنته :


_ مين قال كدة المسافات مبقاش اسهل منها في الوصول للطرق ، الزمن والتقدم سهلوا علينا كل صعب بس انت انوي الخير وقول يارب .


أخذ نفسا عميقا ثم زفره بهدوء وهتف بنبرة متعبة مستكينة :


_ شفتي اللي حصل لأخوكي ، مش كفاية أنها بتهرب مني من بقالها شهور وتعبت وعافرت علشان أوصل لها وأول ماقربت أوصل خلاص جت الحاجة اللي نهت البداية والنهاية واختصرت الطريق كله وختمت بالفراق .


ابتسمت له وهي مازالت تهدهده بين أحضانها :


_ مين قال كدة بس ، مش يمكن اللي حصل خير ليكم وربنا أراد أنه يجمعكم على بعض  ، اصل ربنا ده جميل يا آدم مش بيأذي عباده أبدا وخليك واثق إن كرمه عليك من وسع أوووي .


استطاعت هند جذب انتباهه فخرج من أحضانها ونظر في عيناها متسائلاً بتيهة :


_ خير لينا إزاي ومنين ! إنتي تقصدي ايه بالظبط ؟


أمسكت يداه واحتضنتهم بين يداها وفهمته ماتقصد :


_ شوف ياحبيبي ركز معايا في كل كلمة هقولها لك وهو ده الصح اللي لازم يتعمل ، 


إحنا هنروح لأهل مكة ونطلب ايديها منهم وطبعاً هما فاهمين اللي حصل كويس وان دي كلها إشاعات واللي روجها قاصد من وراها يلم متابعين وفلوس ، بس البنت صعيدية وعايشة في الصعيد وزمانهم دلوقتي حالتهم مايعلم بيها إلا ربنا ، فهنعمل ايه بقى نطلب ايديها للجواز وتكتب كتابك عليها علطول بدون مانستنى يوم واحد وتطلع تعمل بث مباشر وهي جمبك انكم متجوزين ومكتوب كتابكم من بقالكم شهر وهي تعبت وانت ودتها المستشفى بحكم أن إنت جوزها وعملت عملية الزايدة ، وانك مش هتسيب اللي عمل الفيديوهات دي واقتحم خصوصيتك انت ومراتك وبكدة يبقي ردينا للبنت سمعتها وسط ناسها وأهلها اللي طبعاً هيأكدوا كلامنا وهيقولوا أننا كتبنا الكتاب في فندق كبيير في مصر وده علشان انت نجم ومشهور وليك روتين مينفعش تتخطاه ، والمشكلة تتحل بكل هدوء .


كان جسده  ينبض بشدة وعروق يداه ورقبته كانت بارزة من شدة عصبيته ولكن انتباهه معها في  حلها  التي سردته جعل وجهه يتصبب عرقا رغم برودة الجو من النيـ.ـران المؤججة في صدره ، ودقات قلبه ثائرة داخله وكأنها تتصارع كالثيران وأقسمت على أن تشـ.ـق ضلوعه ، وكل انش في وجهه يتفاعل معها ونطق لسانه بحيرة وكأن زمانه لم يقرر جبر قلبه إلى الآن  :


_ وهي هتوافق على كدة دي دماغها أنشف من الحجر ياهند ؟


حركت رأسها للأمام بموافقة :


_ هي دلوقتي معندهاش قرار الاختيار هي مجبرة توافق علشان تنقذ سمعتها وأهلها اكيد هيغصبوا عليها .


نطق بحزن شديد :


_ بس أنا مش عايزها مغصوبة ياهند ، انا عايزها توافق عليا بكل إرادتها ، عايزها راضية وفرحانة وسعيدة بيا ، عايزها محتجاني كآدم شريك عمرها مش كآدم جوزها اللي اتجوزها علشان ينقذها من الفضيحة ولا انا كدة هرتاح ولا هي هترتاح ياهند .


رفضت طريقة فهمه للأمور ونظره لها بتلك السطحية :


_ مش عايزين ننكر انها حبتك لا دي عشقتك فلما تتجوزها وتبقوا في بيت واحد قلبها هيجيبها لحدك وصدقني بحبة محاولات بسيطة منك هتلين معاك ، أه هتتعب شوية معاها بس في الآخر هي ست والأنثى اللي جواها هتجبرها تعيش حياة طبيعية مع جوزها اللي بتعشقه وبتعشقها .


وأخيراً تبسم ضاحكاً ذاك الآدم وجذب شقيقته إلي أحضانه شاكراً إياها بامتنان :


_ إنتي ازاي جميلة كدة وعقلك كبييير أوووي وقدرتي تخليني أبقى طاير في السما من السعادة ياهند ؟


ربتت على ظهره بحنو وأجابته:


_ كأنك نسيت اني انا اللي مربياك يادومة ونسيت ان انا وانت ملناش غير بعض ، وان انت ابني واخويا وصحبي وحبيبي ، ازاي عايزني اشوفك بالحالة دي ومبذلش قصارى جهدي اني احل مشاكلك وأقف جنبك ، ده انت ابن عمري يا آدم .


أدمعت عيناي ذاك الآدم وخرج من أحضانها وقبلها من يدها بحب أخوي لم يوجد كثيراً في أيامنا تلك وهتف :


_ ربنا يخليكي ليا وميحرمنيش من وجودك جمبي ولا من حنانك وطيبة قلبك ياحبيبتي ، 


ثم سألها بحيرة :


_ طيب المفروض الخطوة اللي أخدها دلوقتي ايه ؟


نصحته بما يفعل الآن :


_ دلوقتي أول حاجة تعملها انك تكلمها وتطمنها انك مش هتسيبها  وانك مستعد لأي ترضية تخليها مرتاحة ، فأنا هسيبك دلوقتي وهطلع أخد شاور وأغير هدومي وتجهز نفسك علشان نسافر وترجع معايا ياللي مشحططني وراك انت.


قالت اخر كلماتها بطريقة دعابية ثم صعدت إلى الأعلى وأمسكت هاتفها واتصلت بماجدة وفورا أتاها الرد:


_ ينفع اللي حوصل لبتي من ورا أخوكي ! ليه قرب منيها ، ليه وقف معاها من الاساس ؟!


أخذت نفسا عميقا تستدعي به الهدوء كي تستطيع امتصاص غضبها ثم أردفت :


_ ممكن تهدي بس ياست ماجدة وكل مشكلة وليها ألف حل ، والله آدم أخويا مظلوم زيها بالظبط وملهوش يد في اللي حصل ، واحنا كلها ساعات بالكتيير أوووي هنكون عندكم ونصلح الأمور وكل حاجة هتبقى تمام .


على نفس انفعالها وغضـ.ـبها الجم قالت :


_ هو بعد الفضيحة اللي حوصلت لبتي وسمعتها اللي بقت شينة وهتُبقى لبانة في بق الخلايق يجيبو في سيرتها وتقولي لي حل !


حل ايه يابتي اللي هتقوليه في المصيـ.ـبة اللي نزلت على راسنا دمرتنا داي ؟


ضمت هند شفتاها باختنـ.ـاق لما وصلا إليه هؤلاء الطيبين ثم هدأت من توترها وطمئنتها :


_ ربك جابر المنكسرين يا ست ماجدة ومتقلقيش هو أنا بردو اللي هعرفك قد إيه ربنا مبيرضاش بالظلم لعباده الصالحين ، ومكة زينة البنات بحالهم ويمين الله لا هتنام مجبورة النهاردة وراسها مرفوعة في السما زي ماهي واللي عمل كدة لاهجيبه متكتف تحت رجليها تعمل فيه مابدالها بس نحل المشكلة الاول ونعدي بمكة بر الأمان وكل شيء سهل بعد كدة .


كانت تتحدث بثقة نزلت على قلب تلك الماجدة كالبرد والسلام الذي نزل على الظمآن في يوم شديد الحرارة ثم هتفت برجاء :


_ كلامك جمييل ومريح يابتي يارب يجعل اللي بتقوليه صوح وتُصدقي وعدك والموضوع يتلم على خير كيف مابتقولي .


أنهت مكالمتها فسألها عمران بقلق:


_ ها يا أمي قالت لك ايه داي ؟


بعيناى يكسوها الحزن أجابته:


_ قالت لي إنها كلها ساعات هتكون اهنه هي وأخوها والموضوع هيتحل وهيتلم من غير اي أذى لبتي ، 


واسترسلت حديثها وهي تسأله بتيهة من شدة خوفها على ابنتها :


_ هو الموضوع صوح ممكن يتلم ياولدي والفضيحة ممكن تتدارى والناس لسانتهم تخرص عن سيرة بتي ؟


ربت عمران على ظهرها بحنو وطمئنها :


_ وه أمال إيه ياأم سكون ! خلي عندك ثقة في اللي خلقنا وزي ماتعقدت هيفكها وكله هيُبقى زين بس انتي اهدي وادخلي خدي بتك في حضنك علشان خوالها التنين وعمها زمانهم على وصول تقدري تقابليهم وهما شايفينك ضمة بتك لحضنك وميقسوش عليها وترتاحي هبابة علشان تستعدي للي جاي .


في غرفة مكة ظل آدم يهاتفها مرارا وتكرارا الى أن صممت سكون ورحمة ان تجيبه فهما في مركب الغرق سواسية ولابد أن يتحدان كي ينجوا ويصلا إلى بر الأمان ، وكما أن احتمال الغرق سيكن من نصيبها هي الأكثر ،


فأجابته لأول مرة بحدة وصوت عال:


_ انت عايز مني ايه مكفاكش اللي حوصل لي بسبك ؟!

مكفاكش الفضيحة اللي جرت لي وبقت على الملأ بسبب جريك وراي اللي منعتك عنيه بدل المرة ألف لحد ماضيعت ، منك لله ، مش مسامحاك .


انهت كلماتها وانفطرت بكاءً مريرا جعله انتفض من مكانه وود ان يطير على جناح الريح ويكن أمامها الآن ويختـ.ـطفها إلى أحضانه كي يبثها الأمان وأنه بجانبها ولن يتركها ، ثم هتف راجيا إياها:


_ لا يامكة متعمليش في نفسك كدة والله لا هنحل المشكلة وهندم اللي عمل ويانا كدة وهسجنه ، بس أرجوكي متعيطيش دموعك غاليين أووي ياحتة من قلبي .


انتفضت بذعر من مكانها كمن لدغها عقرب عندما سمعت كلماته وهدرت به :


_ متتكلمش معاي بالطريقة داي تاني ، اني كرهتك يا آدم كرهتك ، وبقيت بتمنى المـ.ـوت وان حياتي تنتهى دلوك بسببك ، من يوم ما دخلت حياتي واني اتدمـ.ـرت ولا بقيت عارفة انام ولا اعيش كيف الخلق وفي النهاية ختمت بفضيحة على الملأ ، اني ضيعت وانتهيت وانت السبب ياآدم حرام عليك ؟


وظلت تشهق في الهاتف ببكاء مرير قطـ.ـع نياط قلبه وجعله في موقف لا يحسد عليه الآن ، خلل أصابعه بين خصيلات شعره ونفخ بضيق من حالتها المدمـ.ـرة ولكن طمئنها قائلاً:


_ والله ماليا يد في اللي حصل أنا اتخدعت زيي زيك بالظبط ، انا جاي لك حالا يامكة وهنتجوز ياحبيبتي وهطلع قدام العالم كله وأقول لهم انك مراتي ومش بس كدة ده إنتي حبيبتي واللي هينزل فيديوهات عننا تاني هسجنه ، مش عايزك تقلقي .


ضحكت مكة بهستيرية من بين شهقاتها مما جعله يرتعب من تغيرها المفاجئ ثم تفوهت بعناد:


_ نجوم السما أقرب لك مني يا آدم ، ومش بعيد تكون انت اللي عميلته الحوار كلياته من الاساس لجل ماتوصل للي انت عايزه ، 

أني للمرة المليون برفضك وبقول لك لااااا بعلو صوتي مهنولكش اللي في بالك واللي إنت فضحتني بسببه .


كلماتها نزلت كالصـ.ـاعقة المدمـ.ـرة على قلبه أهلـ.ـكته فأغلق الهاتف في وجهها 






الفصل العشرون 

 

  

ضحكت مكة بهستيرية من بين شهقاتها مما جعله يرتعب من تغيرها المفاجئ ثم تفوهت بعناد:


_ نجوم السما أقرب لك مني يا آدم ، ومش بعيد تكون انت اللي عميلته الحوار كلياته من الاساس لجل ماتوصل للي انت عايزه ، 

أني للمرة المليون برفضك وبقول لك لااااا بعلو صوتي مهنولكش اللي في بالك واللي إنت فضحتني بسببه .


كلماتها نزلت كالصـ.ـاعقة المدمـ.ـرة على قلبه أهلـ.ـكته فأغلق الهاتف في وجهها .


ثم نادى بصوت عال هز ارجاء المكان من حدته :


_ ياهنــــــد ، ياهنــــــد ، انزلييييييي لي حالا تعالي شوفي الهانم بتقول ايه ؟


الهانم اللي تعبتني بسبب عنادها ودماغها الناشفة واللي خلاص مبقتش عارف امشي معاها من أنهي طريق .


تلك الكلمات التى ظل يحدث بها حاله وهو يدور حول نفسه في المكان بغـ.ـضب سمعت هند آخر كلماته فانشـ.ـق قلبها هما على حالة أخيها ثم وقفت أمامه وأمسكته من يداه وهدئته :


_ الموقف والموضوع مايستدعيش منك العصبية دي خااالص ، عايزين نهدى وتحط أعصابك في تلاجة وتتحمل ردود أفعالها وتتحمل عصبيتها وأي كلمة تقولها ارميها ورا ضهرك واصبـــر ،  الحوار خطييييير يابني عايزها تتقبله بسهولة كدة إزاي ؟


لقد ضاق ذرعاً من عنادها وتيبس رأسها وغلظتها معه في التعامل ، ولكنه تذكر أنه كانت على وشك أن تلين معه ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فتقتلع في عاصفتها الأخضر واليابس :


_انا  ياهند معنديش مانع أصبر على عنادها وأتحمل نشوفية دماغها لكن تتهمني اني أنا السبب في اللي جرى لها وإن اللي حصل كان من تدبيري أنا !

اروح اتكلم معاها في ايه وأتعامل معاها إزاي وهي كل اللي في دماغها ومصممة عليه إن أنا السبب ياهند ؟


نفخت هند بضـ.ـيق من طريقته ويأسه ولكن هدأت من توترها ونصحته :


_ طيب ممكن نهدى وتمشي ورايا وتسمع كلام أختك ، انت عايز تتجوزها أنا هجوزها لك وهسيبها الصعيد كله وهتيجي تعيش معاك هنا مكان ماتكون ، وده في حد ذاته إنجاز كبييير في مشكلتك ياآدم ، نيجي بقى لنقطة القبول من ناحيتها ودماغها الناشفة في الحتة دي متقلقش خالص ، الست مننا يا حبيبي كائن ضعيف مهما كانت قوته بيحب يشوف نظرة الحب والاحتواء ونظرة التمسك في عيون اللي بيحبوهم ، هي لما تبقى معاك في مكان واحد وتشوف قد إيه إنت بتحبها وقد ايه انت متمسك بيها  ومع الوقت مش هتلاقي مفر منك إلا ليك إلا قلبك وحبك وحضنك ياحبيبي.


نظر إلي السقف وقال بتلهف:


_ يعني هيجي اليوم اللي  هشوف نظرة الحب والاحتياج ليا في عينيها ياهند ؟


تحركت بخطواتها ووقفت أمامه وأكدت له :


_ هتشوف ياحبيبي لأنها هتعشق وهتحب وهتدوب في هواك ، 


وتابعت حديثها وهي تقرصه من وجنته بدعابة:


_ وبعدين فيه واحدة تقعد مع كتلة الرجولة والرومانسية والجنتلة دي ومتقعش على جدور رقبتها والله تبقى مبتفهمش .


قرأت في عيناه وملامحه نظرة العشق الجارف الممـ.ـيت والصادق لتلك المكة فربتت على كتفه تبثه القوة  وأكملت طمئنتها :


_ طب والله العظيم مكة دي أمها داعية لها إنه رزقها بيك وبحبك ليها ياحبيبي ده إنت حنية الدنيا كلها فيك وراقي أووي ومتربي يجي عشرين مرة هههه .


ابتسم لدعابتها وأخذها بين أحضانه وقبلها من رأسها قائلاً:


_ ياه ياهند ده إنتي ريحتيني بشكل وهدتي لي أعصابي على الآخر ، منحرمش منك يا أحلى أخت في الدنيا.


خرجت من أحضانه واحتضنت وجنتاه بين كفاي يداها وأردفت بتشجيع :


_ ولا منك ياسندي الجميل ، يالا بقى ياعريس اطلع البس واتشيك والبس احلى ماعندك ، عايزة روبانزل بتاعتنا لما تلمح طيفك بس تدوب وتنسى الفيديوهات وحوارها ومتركزش إلا مع كتلة الرجولة والرومانسية اللي واقفة قدامها .


بعيناي تلتمع عشقا وبقلب ينبض هياما لصاحبة الرداء الأسود تحدث:


_ بجد نفسي أشوفها أوووي ، تخيلت شكلها ميت مرة ومرة وبردو مش قادر أجمع ملامحها ، أخوكي الحب مرمطه اووي على ايديها ياهند .


بنبرة صعيدية تحدثت كي تدخل السرور على قلبه :


_ وه ياولد ابوي انشف اكده وخليك راجل حمش وخلي نظراتك كيف الصقر اكده متخليش البونية تركبك عاد ياخوي .


قهقه بشدة على طريقتها في النبرة الصعيدية وردد من بين ضحكاته:


_ شكلك قمر وانتي بتتكلمي صعيدي ياهنودة .


سعدت بضحكاته وأنها أدخلت السرور على قلبه :


_ وه ياخوي ماهو من عاشر القوم أربعين يوم واني قربت على عشر سنين جواز من رأفت يعني المفروض أصلا متكلَمش غير صعيدي ،


ثم تعجلته :


_ يالا بقى مش هنقف نهزر ونضحك اهنه ونسيب البونية هناك وأهلها هيقطـ.ـعوا نفسهم من البكا قطـ.ـيع ياولد ابوي ، فوريرة جهز حالك يالا.


بنفس طريقتها ولكنتها نطق :


_ من العين داي قبل العين داي يابت أبوي في ثانية أهه هتلاقيني جاهز وواقف جارك .


أما في منزل ماجدة نهرت سكون مكة قائلة :


_ بصراحة اكده يامكة إنتي ملكيش حق في اللي قلتيه للجدع ياشيخة إنتي !

الراجل قال لك هاجي وهحل المشكلة ومش هسيبك وهعلن قدام الخلق كلياتها انك ست البنات وعمال يحايل فيكي ويراضيكي وفي الآخر تعملي فيه اكده !


ونظرت إلى رحمة تستجدي منها المعاونة معها في إقناعها:


_ ولا ايه يارحمة هو الجدع على اكده مش متربي وابن ناس ومتخلاش عنيها صوح ولا مش صوح ؟


وقفت رحمة أمام مكة وأمسكت المنشفة الورقية وجففت لها دموعها مرددة بإرشاد :


_ ممكن نهدى بقى يامكة عيونك بقوا كيف الدـ.ـم من البكا عاد ، واعرفي إن ربك رب قلوب ياحبيبتي ، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ، هو أني بردو اللي هفهَمك الحاجات داي يامكة ؟


حاولت مكة استدعاء الهدوء وعدم البكاء وهتفت:


_ هو فين الخير في اللي حوصل لي يارحمة اني اتفضحت وبعد ماكنت بمشي جنب الحيط لاااا ده أني كنت لازقة في الحيط كماني من كتر ماأني ملتزمة وجرى لي اللي جرى أمال لو كنت من إياهم كان حوصل لي ايه ياناس ؟


وعادت إلى بكائها مرة أخرى ،فنهرتها رحمة:


_ وه هتعترضي على حكم ربنا وتدابيره وتبقي من العاصيين ! له يامكة له ! إنتي أكبر واحسن من اكده بكَتير ، إنتي دلوك تدخلي تاخدي شاور وتتوضي وتخرجي تصلي شوية وتنامي لك شوي علشان لما ياجي آدم وأخته السكرة بت الأصول تكوني فايقة .


دلفت إليهم مها وتلقائيا جذبتها إلى أحضانها بحنان كحنان الأم وأكثر مما جعلها تشهق بشدة فهي تعشق مها بطريقة لاتوصف نظرا لرقتها وحنانها عليهم فهدئتها مها :


_ بسسس ، اهدي ياحبيبتي ولا يهمك اي حاجة حوصلت ولا اي حاجة هتحصل اهم حاجة انك بخير ووسطينا ويولـ.ـع العالم وتولـ.ـع الناس على الكفر باللي فيه ، إحنا اهنه عارفينك وحافظين انك كيف السـ.ـيف في معاملة الرجالة ياحبيبتي ، يالا اعملي زي مارحمة ماقالت لك ومتقلقيش كله هيبقى خير .


كانت منهكة من كثرة البكاء وأعصابها لم تعد قادرة على التحمل فاستجابت لها ودلفت الى الحمام وملئت البانيو فهي في حالة صعبة وتريد الاسترخاء ولن تجد أفضل من البانيو كي تزيل الإرهاق من جسدها ، 


ملئت ذاك المغطس ووضعت فيه السائل وخلعت ملابسها ونزلت فيه بكل جسدها  ووضعت رأسها على حافته وأغمضت عيناها كي تستدعي الهدوء النفسي وللعجب أنها حينما شردت جال خيالها في ذاك الآدم واعترافه لها بعشقه لها ، 


وظلت تهرب بمخيلتها منه وعقلها يجوب ذهاباً وإياباً إليه ،وعلى حين غرة ضربت بيدها على قلبها وكأنها بفعلتها تلك تنهره عن تفكيره به ، 


وحدثت حالها :


_ ماذا بك أيها القلب اللعين ! لم خصصت كل دقاتك لذاك اللئيم ؟

فكِّر وتدبر ماذا فعل بك وأودى بشأنك إلى الجحـ.ـيم ؟

تعلم القسوة وابنِ بداخلك أسوار الصد المنيع كي ترحم حالك من العذاب الأليم ،

اعتزل كل مايؤذيك وانسى ذاك الآدم فأنت تستحق كل ماهو عظيم .




خاطرة مكة الجندي


لم يؤتى عقابها لقلبها وجلدها له ثماره فهو قد دخل مفرمة العشق بجدارة ولم تقوى على منعه ، داخلها يبـ.ـكي وخارجها ينهـ.ـار وكلها في حالة عدم استقرار ، ونهرها عقلها على ظنها السئ قائلاً لها :


_ ألم تعلمين تلك المكة أن ظن السوء حرام كيف لكي أن تتهميه بأنه وراء انهيـ.ـارك بدون دليل ؟

أتريدين أن تُسكتي قلبك عن شكواه لكي بوحشته له ! أم تريدين أن تعطي له أعذارا كي يبتعد عنه ويبغضه !

لااا فالقلب إذا عشق فقد انتهى الأمر فالعشق سجان عاشقه وقلبك دلف سجن الآدم وانتهى الأمر فاستيجبي لنداء القلب كي يستريح قلبك المقيد في سجن العشق .


ظلت كثيرا وكثيراً تقاوم ولكن لامفر منه إلا إليه ، أنهت حمامها وخرجت إليهم فقاموا إليها وأسندوها حتى وصلت إلى التخت ودثروها بالغطاء وجلست مها بجانبها على التخت وأخذتها في أحضانها كي تشعرها بالألفة والاحتواء ، وخرجت سكون ورحمة ، جلست رحمة بجانب عمران فاحتضن كفاي يداها قائلاً لها بحنو :


_ عاملة ايه مكة دلوك ياسكون ؟


تنهدت بضيق و أجابته :


_ حالتها صعبة قوووي ودموعها على خدها منشفوش وعمالين نهدي فيها من ساعتها .


شعر ببرودة يداها بين يداه وبحزنها العميق على شقيقتها فضغط على يدها بين يداه كي يبثها الدفئ والأمان ثم أومأ بأهدابه لها يطمئنها :


_ متقلقيش ياحبيبي وخلى أعصابك أهدى من اكده وكل حاجة هتتحل ، أخته كلمت والدتك وهديتها وباين عليهم ناس راقيين لأنهم جايين في الطريق وكلها ساعات ونفضوه الحوار المخربط ده .


لم تشعر سكون بالاطمئنان ثم أشارت إليه تجاه غرفتها كي تتحدث معه بعيداً عن والدتها :


_ بعد اذنك يا ماما هدخل جوة أفرد ضهري شوي لأني حاسة بدوخة وشوية وهخرج لك علطول ، 


وانتي يارحمة قومي روحي على شغلك كفاياكي تأخير لحد اكده .


حركت رحمة رأسها برفض وجلست بجانب ماجدة وأمسكتها من يدها :


_ لاااا أني مهسيبكمش واصل ، أني اتصلت بالمتر وبلغته ان فيه ظروف النهاردة وهتأخر شوي ، مهفوتش خالة ماجدة لحالها ، ادخلي إنتي ريحي شوي لأنك من كتر البكا فرهدتي خالص .


نظرت ماجدة إلى عمران قائلة:


_ ادخل ويا مرتك ياولدي متفوتهاش لحالها وملكمش دعوة بيا ، أنا أم البنات واخدة على الحاجات داي .


ربت عمران على ظهرها مطمئنا إياها:


_ متقلقيش يا أم البنات هو فيه حد ربى بناته كيفك ؟ ولا فيه حد عنديه الأدب والأخلاق والسيرة الطيبة زييهم ، ربك مهيفوتش عباده الطيبين في الوبا لايصين .


ابتسمت له ماجدة وشكرته بعينيها بامتنان ثم قام عمران ودلف الغرفة مع سكون ، 


أوصدت سكون الباب بالمفتاح وجذبته من يداه ناحية التخت ، فسألها بقلق:


_ وه مالك ياغالية ايه اللي مخليكي وشك مخطوف اكده ؟


ابتلعت أنفاسها بصعوبة ثم أجابته :


_ أختي مكة هتجنَني ، أدم اتصل بيها وقال لها إنه هياجي وهيتجوزها وهيجيب لها حقها تالت ومتلت من اللي عيمل فيهم اكده .


نال حديثها استحسانه ثم تحدث:

_ عال قووي الحديت داي ، أمال في ايه عاد قالقك اكده ؟


مطت شفتيها بقلق:


_ فيه انها هبت فيه زي المدفع واتهمته إنه هو اللي فضـ.ـحها وانه هو السبب في اللي جرى لها وانه هو اللي ورا الفيديوهات داي ، وقالت له بالنص اكده نجوم السما أقرب لك من انك تتجوَزني ، شفت دماغها الناشفة وعنادها ؟


اقترب منها وجذبها من رأسها وأسندها علي كتفيه وحاوط خصرها بتملك وتحدث مطمئنها وهو يتحسس خصلات شعرها بأنامله:

_ دول كلمتين قالتهم في عز غضبها بسبب اللي حوصل لها وكان هو السبب من وجهة نظرها ، بس أختك عاشقاه وواضح اكده عليها .


_عاشقاه ! جبته منين الكلام ده ؟ ... جملة تعجبية نطقتها سكون بنبرة مندهشة ، فأجابها بتأكيد :


_ شفتها في مرة صدفة كنت معدي من جنبها كنا اهنه وهي جايبة صورته على صفحته وبتقلب فيها وفتحت التعليقات عليها وطبعاً أغلبها بنات فكانت نظرة عيونها وقتها مع حركات ايديها تدل على انها غيرانة وقوووي كماني وطالما وصلت لمرحلة الغيرة تبقى عشقاه وطالما بتحبه يُبقى عصبيتها داي على الفاضي وهتلين .


رفعت رأسها إليه وسألته بحيرة:


_ هو اللي بيحب إزاي يقاوم قدام حبيبه ويستسهل البعد لمجرد العند أو الزعل ؟


دقق النظر داخل عيناها ثم أراحها بكلماته :


_ مش كل الحب وكل القلوب زي بعضها ياسكوني ، في ناس بتشارك عقلها مع قلبها وحبهم نوعاً ما مرهق ليهم لأنهم مبيعدوش أي موقف بسهولة ، وفي ناس حبها بالعقل بس ودول حياتهم عاملة كيف المسطرة مفيهاش روح ، وفي ناس حبهم العقل والقلب متوازنين فيهم ومفيش كفة يتغلب التانية فدول بقى حياتهم بتبقى مستقرة ومفيهاش مشاكل كَتييرة ، وفي ناس حبهم بقلبهم بس ودول اكتر ناس بيعانوا ، ليه بقى بيعانوا ؟ لأنهم بيتنازلوا عن أي حاجة وكل حاجة مقابل ان حبايبهم يفضلوا جنبهم ومبيعدوش عنيهم واصل ، بس ساعات التنازل بيبقى الغلط بعنيه وممكن بسببه يخسروا اللي اتنازلوا عن كل شئ بسببه ووقتها الموت بالنسبة لهم رأفة ليهم لأنهم مهيقدروش يعيشوا بدون حبايبهم .


خرجت سكون من أحضانه ثم احتضنت وجنتيه بيداها وعيناها تعمقت في عيناه تتشبع ملامحه وتعبئها داخل كيانها  :


_ أني من النوع أنهى ياعمران ، انت اكده حيرتني معاك ؟


ثبت يداه على يداه وجذبهما ناحية شفتاه وقبل باطنهما :


_ إنتي نوع مختلط ، يعني ميكس جمييييل أوقات بحسك بتحبيني بقلبك بس وبيبقى هاين عليكي تجيبي الحلو كله لعمران ، وأوقات بلاقيكي بتحكمي قلبك وعقلك لما تكوني غلطانة في موقف وياي علشان تجلدي نفسك ، إنتي غيرهم ياسكون ، إنتي عوض ربنا الجمييييل على صبر عمران .


دمعت أعينها بفرحة وخللت أصابع يديها بين خصلات شعره :


_ هو مين اللي عوض وجبر جميل لمين ! انت اللي فرحة سكون وانت عشقها ، حياة سكون من غير عمران تساوي مـ.ـوت ياعمراني.


نظر عمران الى أرجاء الغرفة قائلا بعبث:


_ طب بذمتك ويرضي ضميرك ياشيخة ينفع اكده ؟


اندهشت من تغيره المفاجئ  ثم سألته:


_ وه حوصل إيه علشان تلومني اكده ؟


ضم حاجبيه بعبث وأجابها:


_ حوصل انك عمالة تقولي كلام حلو ومقربة مني على الاخر وجرجرتيني اهنه لحد أوضتك وعمالة تجري شكل قلب عمران وتخليه عايز يعمل حاجات مينفعش تتعمل اهنه وفي وقت مينفعش خالص ، بذمتك ينفع الكلام والدلع والحنان اللي هموت عليهم دلوك ياقلب عمران ؟!


ضحكت بشدة حتى أدمعت عيناها من طريقة عمران الدعابية في غزلها ثم اقتربت منه أكثر وقبلته من وجنته قاصدة مشاغبته:


_ وه وايه اللي قل نفعه عاد ، انت جوزي حبيبي وقاعدين لوحدنا وأنا وانت ولا حد تالتنا يُبقى ايه الغلط في اكده ياعمراني ؟


أنهت كلامها ومازالت تقبله من وجنته واختتمت قبلاتها بأخيرة بجانب شفتاه جعلت جسده انتفض إثارة داخله بسبب دلالها عليه فثبتها بين يداه بقوة قائلاً:


_ ولا أي غلط ياحبيبي ، إنتي اللي ابتديتي يُبقى تتحـمَلي ياقلب عمرانك اللي هيحصل دلوك علشان متدخليش حوار مانتيش قده .


قالها وأنهال علي شفتيها بعشق ووله، يعلو بداخلها أصوات صراع صاخبة بين قلبها ومقاومتها فقامت بدفعه في صدره وهي تلتقط أنفاسها، إنحنت نحو الكومود وألتقطت هاتفها وذهبت نحو الباب كي تخرج من الغرفة وهي تردد:


_ له خلاص ياعمران توبة من دي النوبة ، انت لما بتصدق ولا ايه .


قام مسرعاً من مكانه ووضع يداه على المقبض  سابقاً إياها وجذبها بعيداً عن الباب إليه عنوة فارتطمت بعظام صدره القوية:

  

_ وه هو دخول الحمام زي خروجه اياك ! لااا عمران ميضعش الفرص أبدا ، استغلالي لأبعد مما تتخيلي في عشقك ياست إنتي .


زمت شفتاها وأنزلت بصرها للأسفل بحزن ممزوج بدلال  وتحدثت بنبرة استيائية مفتعلة :


_ وه كانك مدريانش بالظروف والوقت والمكان اللي احنا فيه ! فوق ياعمران ولما نروح بيتنا هعمل لك اللي انت عايزه بس اهنه ودلوك مينفعش ، اهدي بقى .


ضيق نظرة عينيه ثم رمقها بنبرة هادئة :


_ احلفى انك هتعملي لي اللي أنى هطلبه منك بالحرف الواحد يا إما اكده يا اما مش هبعد .


اتسعت مقلتيها بذهول من طريقته الصبيانية ثم هتفت باستنكار:


_ انت جرى لك إيه ياعمران ، هو انت لما بتصدق ولا ايه ؟


حرك رأسه بتأكيد وهو مازال يقترب منها :


_ ايييه .


ثم ثبت رأسها بين يداه واقترب منها وكاد أن يقبلها إلا أنها أبعدته قائلة :


_ خلاص خلاص هعمل اللي انت عايزه ، بس بعد بقى خليني أخرج أطمن على ماما.


أفسح لها المجال هاتفا وهو يغمز لها بكلتا عينيه:


_ خليكي فاكرة بقى كلامك هتعملي اللي أنا عايزه .


ابتسمت بخجل من طريقته ثم فتحت الباب وخرجا سويا.


في سيارة آدم حيث كانت الساعة الثالثة مساءً بعد أن هبطا من الطائرة حيث تحدثت هند تدلي عليه تنبيهاتها :


_ عايزة ثبات انفعالي لأي فعل أو رد فعل منهم ، واعمل حسابك انك انت اللي غلطت من البداية لما رحت المكان اللي هي واقفة فيه ومراعتش ظروفك المختلفة عن أي حد ، وإنها عمرها ماجريت وراك ولا جرجرتك في الكلام معها بل بالعكس وعلشان كدة لازم تتحمل أي حاجة لأن البنت اتفضحت بسببنا يا أدم .


نفخ أدم بضيق من تحذيرات شقيقته ثم نطق بغيظ:


_ هو إنتي كل شوية تفكريني اني السبب في اللي حصل واني بجري وراها وانها اتئذت بسببي ! مش كدة ياهند أنا أخوكي بردو ، وحاضر ياستي هتحمل أي رد زفت .


ربتت هند على ظهره قائلة :


_معلش يا سيدي اتحملني شويه انا بعمل كده وبحذرك علشان تكون عامل حسابك لاي حاجه وتخرج من هناك وانت كاتب كتابها ونخلص بقى من القصه اللي بقى لها شهور تاعبة دي ومخلياك مش مركز في  شغلك .


اما في منزل ماجدة وصلا خاليها وعمها الجالسين على جمر من النـ.ـار وهي امامهم تبكي بكاء غزيرا من كلامهم الشديد فتحدث خالها مسعد :


_ياما حذرتك من الكلية داي وقلت لك بلاش مش مناسبة لظروفك ولا ينفع انك تدخليها اصلا وقلت لك اختاري كليه تانية وانتي اللي صممتي،


دلوك ايه اللي نابك من ورا النت والحوارات الفاضية داي غير الفضيحة يا بت اختي واتفضحنا معاكي .


أما عمها الوحيد والذي لم ولن يسأل عنهم وكأنه لا يعرفهم فزوجته منعته من التواصل معهم خوفا عليه وغيرة من ماجدة تحدث بغلظة:


_ خالك عنديه حق في كل اللي قاله ومن النهاردة تعملي حسابك ولا نت ولا موبايل هتشيليه في يدك ولا كلية من الاساس ولا في خروج من البيت لحد ما ياجي لك عدلك ده ان جالك اصلا .


هنا تحدثت مها وهي تحتضن شقيقتها أمامهم فوالدتها لم تقدر على التفوه وتضع عيناها أرضا وكأن ابنتها هي الجانية وليست المجني عليها ولكن مها لم تستطيع ان تصمت وردت عليه بغلظة مماثلة :


_ معلش يعني ياعمي هو من ميتة وحضرتك مهتم بينا ولا باللي فينا علشان جاي دلوك تقول نعمل ايه ومنعملش ايه ، أنا أختي مغلطتش في حاجة واصل ، ومفيش حد هيقدر يقعدها من جامعتها ولا حد ليه حكم علينا غير أمنا بس ، هي اللي تعبت وربت واتحَمَلت عشانا كَتييير.


لم يعجب حديثها خالها مسعد فعاتبها رافضا حديثها:


_  طيب عمك تقولي له كلامك ده يابتي ، أما أني مسبتهاش وطول عمري واقف جارها في تربيتكم ومفيش مشكلة ليكم إلا وكنت وياها كتف بكتف ومش منة ولا فضل عليها ، لااااا داي واجبي ناحيتها وناحيتكم .


أكدت مها على حديثه:


_ كلامك صوح ياخال ، طول عمرك أب لينا وعمرك مافوتنا لحالنا بس حرام وظلم ليها ياخال لما تتحرم من جامعتها وهي فاضل ليها سنة وتخلصها ، وكماني انت مربيها على يدك ومتوكد إن العيبة متطلعش منيها وانها مثال الشرف والأخلاق .


وأثناء حديثهم استمعوا الى صوت الباب يعلن عن وصول هند وأخيها ، 


أدخلهم عمران الى مكان تواجدهم جميعاً ،


ألقى أدم وأخته التحية عليهم ، فرحبت بهم مها وماجدة رحبت بهم أيضاً لكن بفتور نظراً لما بها ، ثم أمرت سكون بضيافتهم ، الجو كله أصبح مشاحنات والجميع في حالة تأهب ومكة في بكائها كما هي مما جعل أدم ينفطر حزناً لأجلها وود أن يختطـ.ـفها بين ذراعيه يبثها الأمان ويشعرها بالطمأنينة ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه ، 


هنا تحدثت هند بلباقة بعدما استقرت في مكانها بسرعة كي تنهي تلك الحوارات المرهقة لهم جميعاً وبالتحديد مكة ووالدتها :


_ تسمحوا لي يا جماعة انا عندي اقتراح هيحل المشكله وكأن محصلش حاجة،


كل اللي حصل ده احنا ملناش ذنب فيه زي برده مكة ملهاش ذنب فيه وعلشان كده مفيش غير حل واحد هو اللي هيخرجنا وهيخرجها من الفضيحة اللي حصلت بسبب واحد عديم الضمير والإنسانية استغل ظرف انها تعبت واغمى عليها وادم هو الوحيد اللي كان موجود في المكان وعمل كل اللي عمله ده علشان مينفعش يسيبها تمـ.ـوت قدامه ويقف ساكت أو يمشي ويسيبها ، بس اللي عمل كده هيتعرف وهنجيبه بس مش دي المشكله دلوقتي هي خلاص الفيديوهات نزلت ومفيش غير حاجة واحدة بس نقولها للناس ان ادم ومكة مكتوب كتابهم وان الشخص ده اقتحم عزلتهم وهم واقفين بيتكلموا مع بعض وعمل الفيديوهات دي ونشرها من غير استئذان وهنقدم بلاغ للنائب العام وهم اللي هيتصرفوا معاهم،


يا ترى موافقين على الاقتراح ده ولا ايه ؟


وهي ده الحاجة الوحيدة اللي هتنقذ الموقف وهتنقذ مكة من الفضيحة اللي حصلت وكمان احنا يشرفنا ويسعدنا ان مكه تبقى مننا فإنا بقول نركن كل اللي حصل على جنب واحنا النهاردة جايين نطلب ايد الآنسة مكة لآدم على سنة الله ورسوله.


سألها مسعد :


_ طيب واللي حصل ده وبقى قدام العالم كله هنوضحوا سببه للناس إزاي ؟


أجابته سريعاً:


_ والله أدم ومكة هيطلعوا بث مباشر يتكلموا فيه مع الناس إنهم مكتوب كتابهم من شهر ومحبوش يعلنوا وإن دي حريتهم الشخصية ومحدش له دعوة يعلنوا أو ميعلنوش وإن اللي عمل فيهم كدة هيتجاب وهيروح في ستين داهية وإن فرحهم بعد أسبوع ويعزموا الناس كمان ، إحنا بكدة عملنا اللي علينا ولو موافقين يبقي نجيب المأذون دلوقتي ونكتب كتابهم وقدامهم أسبوع يجهزوا فيه كل حاجة .


تحدثت ماجدة بموافقة:


_ عداكي العيب يابتي إحنا موافقين ، 


وتابعت حديثها وهي تطلب من أخيها :


_ ابعت هات المأذون ياخوي وخير البر عاجله.


كادت مكة أن تنطق بالرفض أمامهم جميعاً فهي حياتها وليس من حق احد أن يقررها مكانها ، ولكن رأت نطرات ذاك العاشق المترجية لها أن توافق ، ونظرات والدتها وخاليها الصارمة فنظرت إليه مرة أخرى وجدته تائها في ملكوتها ،فحدثتها عيناه :


_ بحق الله حبيبتي كفى منكي جفاءً فلا تعذبي قلبي أكثر من ذاك .


أجابته عيناها :


_ ولكن لايصح لاترجوني بعيناك فأنا لن أستطيع أن أستمر ولا أن أمضي طريقي معك .


بنفس نظرات الرجاء طلب منها :


_ إذا امنحيني فرصة كي أثبت لكي أنك خاطئة، لا تعاندي القدر فهو من وضعك في طريقي وأسكن قلبك في ضلوع قلبي وأغلق عليكي ، أتعاندي النصيب حبيبتي !


قلبت عيناها بخوف وصل إليه واعترفت اعترافها الأول الذي جعل قلبه كاد يشق ضلوعه ويسكن بين يداها :


_ أحببتك بل عشقتك يامن كسـ.ـرت كبريائي وحطـ.ـت أسوار قلبي ولكن قلبي لن يسامحك ولن يتحمل البقاء بجانبك وسترى ماذا أنا فاعلة بك أيها الآدم .


فاقا كليهما على صوت المأذون يردد لآدم الذي مد يداه في يد خالها وكله منتبه معها :


_ ردد معي يابني وأنا قبلت زواجها على سنة الله ورسوله وعلى ملة الإمام أبي حنيفة النعمان.


وأخيراً قالها العاشق الولهان وصارت تلك الأبية ملكا له ولن يفرط فيها مهما كان وكأن رب السماء أكرمه وأكرم قلبه المهان في عشقها ، 


وردد وهو ينظر داخل عيناها بقوة:


_ وأنا قبلت زواجها على سنة الله ورسوله وملة أبي حنيفة النعمان.


نزع المأذون المنديل مرددا بمباركة :


_ بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير.


هتافات المباركات عليهم من الجميع وانفضت المشكلة وارتاحت قلوبهم جميعاً عدا قلب تلك المكة المشتـ.ـعل بالنيـ.ـران مما حدث الآن إجبارا عليها ، 


ثم تحدثت هند إليهم:


_ ممكن ياجماعة نسيبهم لوحدهم بقى علشان من حقه يشوفها يتكلموا مع بعض شويه هو خلاص بقى جوزها على سنه الله ورسوله وفرحهم بعد اسبوع وكمان علشان يعملوا البث المباشر على طول ونخلص من الموال ده كله النهاردة .


ارتعب داخلها من مجرد فكرة أنه سيراها ، أيعقل أنهم سيأخذوها هكذا من الدار إلى النـ.ـار في وجهة نظرها ، لقد أجبرت على الزواج منه ولم تبدي رأيها وعاملوها كالأمَة ، 


عادت من شرودها على صوت والدتها تردد لها بأمر لايقبل النقاش:


_ قومي غيري هدومك داي واقلعي النقاب علشان جوزك يشوفك خلاص مبقاش ليه عازة .


شعرت من نظرات والدتها بالصرامة وأنها لاتقبل النقاش ثم هدأتها مها وأخذتها من يدها قائلة :


_ تعالى ياحبيبتي هدخل وياكي ومتقلقيش عاد ياعروسة .


دخلت معها وهي مازالت على صمتها ، أما هو قلبه يدق بعنـ.ـف بين ضلوعه فهو سيراها الآن ، سيرى ملاكه الذي انتظره كثيراً ، تذكر كم من الليالي الكثيرة سهرها على عيناها فقط ، 

كم من المرات الكثيرة تشوق لرؤيتها وأن يعرف تفاصيلها وفي نهايتها نام محروما ، 


كم من الأشكال تخيلها ومن الألوان أحبها ولم يصل إلى هالة يحفظها بها ويعيش عليها ، 

ولكن في نهاية الأمر يتخيلها كوصف الحور العين فهي حبيبته ولها من الكمال في عيناه مالا يجب لغيرها ، ولها من الجمال في عيناه مالم يراه في امرأة قط غيرها ، 


أما في غرفتها أجلستها مها على الأريكة الموجودة في الغرفة وبدأت أولى كلماتها معها بكل هدوء:


_ تعرِفي المثل اللي بيقول من حبنا حبيناه وصار متاعنا متاعه ، المثل دي خديه ياخيتي وطبقيه على حالك ،الجدع قيمة ومركز وجمال اسم الله عليه وباين كمان إنه أخلاق ، متبصيش للموضوع انه جه غصبانية لاااا ياحبيبتي ، 


واسترسلت حديثها وهي تتذكر حالها:


_ كتير قوي حواليكي اتجوزوا ناس اختاروهم من الشكل العام وكانوا متوكدين إنهم مفيش زييهم ولا في الأخلاق ولا في العيشة الحلال وانهم ملايكة علشان هما مبينين للناس إنهم مثاليين وانهم محدش زيهم ولما الواحدة منينا تدخل القفص برجليها عينك ماتشوف إلا النور ، بلاوي جوة البيوت والحيطان مدارية أهوال ياخيتي ميطقهاش أي إنسان ، 


لاحظت اندهاش مكة من كلامها فهزت رأسها بتأكيد وأكملت :


_ متستغربيش ياحبيبتي من كلامي ، أهه أقرب مثال أني مثلا قدامك أهه مجدي لما اتقدَم لي زمان وافقنا عليه على طول ولا اب ولا ام ملهوش غير اخ واحد وعنديه شقة وعربية ووظيفة وكان بالنسبة لي حلم عمري ماكنت احلم بيه ،

وافقنا عليه بناءا على إنه بيصلي وبيعرِف ربنا وده اللي كنا شايفينه قدامنا وظاهر وواضح للاعمى لما يشوفه يتوكد انه مفيش زييه واصل ،


دخلت واتجوَزته وبقى لي 10 سنين مرار وعـ.ـذاب وحبسة جوه بيبان شقة طويلة عريضة مفيهاش روح مفيهاش حياة يعني لولا ولادي كان زماني انتحرت من زمان وخلُصت من حياتي ، ودلوك كمان بقي عاجز اللهم لا اعتراض ،


وهو ده اللي اني وافقت عليه علشان خاطر من بره هالله هالله لكن من جوه كان يعلم الله وأديكي عارفة إنه بيشتغل في الضرايب وبيقبل شغل مش كويس وبياخد رشاوي وإن الفلوس اللي معيشنا بيها اني وولاده فيها شبهة حرام وحياتي معايا اشبه للجـ.ـحيم ، 


من الآخر ياحبيبتي اللي تخافي منه مهتلاقيش أحسن منه قدمي مشيئة الستر والراحة والقبول وربك عليه الرحمة والمودة والسكينة هيزرعهم في قلبك وقلبه ، وادخلي برجلك اليَمين وانتي قاصدة الستر مفيش غيره وربك في تدبير الأمور مفيش أكرم منه ، 


ثم جذبتها من يدها ناحية المرآة وهي تسير معها بلا هوادة وخلعت عنها نقابها وبدأت بوضع بعض لمسات التجميل البسيطة ثم طلبت منها أن تبدل جلبابها إلى أخر ، 


فعلت ماطلبته منها وداخلها يدق خوفا ورعـ.ـبا من القادم ، وبعد أن أنهت زينتها أخيرا نطقت وهي تتشبث بنقابها :


_ معلش خليني أخرج بيه عمران برة ولما نقعد لوحدنا هبقى أخلعه ، 


ثم تشبست بيدها راجية إياها:


_ بس يارب يبارك لك في ولدك الزين وأخوه وحياة غلاوتهم عنديكي ماتفوتيني لحالي وياه وتدخلي معاي .


اتسعت مقلتيها بذهول:


_ وه عايزاني اقعد عزول بينك إنتي وجوزك يامكة ! بذمتك دي كلام يتعقل ؟


ظلت مكة على تشبسها مبررة لها :


_ طب ادخلي معاي واقعدي عشر دقايق هكون شحنت فيهم حبة طاقة شجاعة وحبة طاقة قبول وبعدها اخرجي بس متفوتنيش لحالي .


تنفست مها غلبا من رأس تلك المكة اليابس وهتفت بموافقة وهي تشير ناحية الباب :


_ أه ياني ياغلبي منك   ، حاضر ياحظي يالا اخرجي قدامي لما نشوف يومك هيعدي النهاردة ولا له .


حركت مكة رأسها برفض وتسمرت مكانها:


_ له اخرجي إنتي الاول وبعدين هخرج وراكي .


جزت مها على اسنانها بغضب مصطنع ثم خرجت أمامها وجدت أن الجميع انفض عدا سكون وعمران حتى رحمة ذهبت الى عملها ، 


رأتها ماجدة بنقابها كما هي فنظرت لها نظرة غاضبة ولكن مها غمزت لها بعينها وفهمت انها خرجت به لسبب وجود عمران ، 


 


طلبت مها من آدم بلطف :


_ يالا يانجم تعالى هنشرب الشاي اهنه في هدوء ولا اعمل لك قهوة ؟


كان جالسا على احر من الجمر فبضعة دقيقة وسيراها الآن ويرى ملامحها التى حلم بها كثيراً ، 


ابتسم لها ادم بامتنان ثم نظر إلى ماجدة مستئذنا بلباقة :


_ بعد اذنك ياماما.


ابتسمت لذوقه ونعته لها بكلمة الأم فأشارت إليه :


_ اتفضل ياحبيبي البيت بقى بيتك وانت مبقتش غريب .


ابتسم لها وشكرها بعيناه ثم تحدثت مكة بسخط ليكون وهند :


_ والله الواد مؤدب وابن ناس وحتة سكر خسارة في جعفر بتي اللي هتسويه على نـ.ـار هادية.


ضحكت سكون وهند بشدة على دعابتها ثم تحدثت هند من بين ضحكاتها نافية كلامها :


_ لا دي بقى يا طنط ما عندكيش حق هو في حد في جمال عروسه اخويا ولا في ادابها ولا اخلاقها دي تبارك الله القمر يقول لها قومي وانا اقعد مكانك .


ابتسمت ماجدة لاطرائها ثم شكرتها :

_ الله يعز مقدارك يا بتي ومننحرمش من لسانك اللي زي العسل،


والله لوما كلمتيني النهاردة هديتيني كنت حاسة الصبح ان هيجرالي حاجة،   وتو ماسمعت كلامك روحي ردت لي من كتر ما عماله اجمع حوارات في دماغي من اللي هيجرى لنا بسبب اللي حصل ولما كلمتيني كلامك كان كيف البلسم والله .


ثم أمرت سكون قائلة :


_ قومي ياسكون يا بتي اعملي لنا وكله حلوة اكده علشان القمره دي جايه من طريق سفر طويل وهتلاقيها ما اكلتش من الصبح زيينا وكماني جوزك هتلاقيه جاع دلوك .


كادت أن تقوم لكن عمران أجلسها مرددا:


_ ملهش عازة نتعبها ياأمي أنا كلمت مطعم هيجيب لنا أكل وزمانته على وصول مفيش حد فيه حيل للطبخ واصل.


استجابت سكون له وجلست بجانبه وهي تبتسم له بفخر ،


أما عند مكة وأدم جلسو على الأريكة ومها على الكرسي فتحدثت مها الى آدم :


_ خلي بالك منيها يانجم دي الغالية بتاعتنا واخر العنقود والسكر المعقود حقنا ، حطها جوة عيونك واوعاك تزعلها ولا تبخل عليها يوم .


ابتسم آدم لمها محركا رأسه بموافقة:


_ هو أنا أقدر ازعلها أو أبخل عليها ده أنا وكل ما أملك ملك ايديها بس هي تشاور بس وانا اجيب لها نجمة من السما واحطها بين ايديها.


شعرت مها بأنها أمام كتلة من الذوق والجمال من حديثه ونظرة العشق الشديد لشقيقتها الصامتة فقامت من مكانها آمرة إياه:


_ طب مش عايز تشوف الجمال والدلال والقمر حجنا كيف يكون ؟


شعر بأن قلبه يتخبط داخله ويريد الخروج من صدره ويرفع نقابها كي يراها بدلاً من يداه من فرط سعادته ثم قام من مكانها وجلس على المنضدة التي أمامها مباشرة وتكاد تكون المسافة منعدمة بينهما :


_ مين قال كدة دي اللحظة اللي ياما حلمت بيها ، واللي ياما تخيلتها واتمنتها شهور وشهور ، 


ثم أكمل حديثه وهو ينظر داخل عيناها بهيام :


_ تسمح لي يامكة ، تسمح لي ياحبيبي ؟


اندهشت مها من استئذانه ونطقت بذهول:


_ وه بتستأذن يابني انت لجل ماتنكشف مرتك عليك ! والله اللي زييك متربي عشر مرات ، 


وأكملت وهي تأمره لما رأته من صمت تلك المكة :


_ مد يدك واستمتع بشوفة حلالك اللي ربنا أمرك بيه ، بس خلي بالك واحدة واحدة لجل قلبك مايقعش بين ايديك من ملاكك اللي هتشوفه دلوك .


أنهت كلامها ثم تركتهم وحدهم وأغلقت الباب خلفها ، 


كانت مكة جالسة أمامه وجسدها يتخبط داخلها خجلاً وورعا من تلك اللحظة ، 


لن تنكر أنها سحرت به وبرائحته التي عبئت صدرها الآن وبهالته ورجولته وكيانه ككل حينما دققت النظر لأول مرة في قربه ، 


تريد الابتعاد عنه فهذه قناعتها ولم تتنازل عنها ولكن القابع بين أضلعها ينهاها عن ذلك ، 


فتحدث آدم وهو يتذكر يوما ما كي يجعلها تلين معه ويجذب انتباهها فهو يعرف كيف تُعامَل المرأة بحق :


_ مكة ، فاكرة اليوم اللي وقعتي فيه وأغمى عليكي ، أنا كنت ممكن في اليوم ده أرفع عنك النقاب وأشوفك ، كنتي بين ايديا وقتها وفي حضني بس مقدرتش أرفع الستر اللي محاوطة بيه نفسك ، مقدرتش اني أقتحم رؤيتي ليكي وأسرقـ.ـها وانتي في عالم تاني .


كانت تستمع له بقلب ينبض عشقا ولكنها تكابر أن تنظر له كي لاتفضحها عيناها وتكشف ضعفها أمامه ، ولكن اكمل هو :


_ تصوري بقي إني مقدرتش أعمل كدة بالرغم من إن قلبي ساعتها وزني وقال لي هيجرى ايه دي حبيبتك ومعذبتك وانت نفسك تشوفها ، 


قرب وشوف اللي ياما سهرت ليالي على عينيها بس ، ارفع حتة القماشة اللي عاملة زي باب السجن بالظبط بينك وبينها ووقتها قلبك هيتحرر وهيعرف هو عشق مين وايه ، 


بس كل حتة فيا منعت قلبي ولامته ، لا ايدي قدرت تعملها ولا عيني اتجرأت تتأمل ولا عقلي حكم عليا ساعتها اني أشوف روحي اللي بين ايديا ، تفتكري بعد ده كله هتسبب في فضيحتك يامكة ؟

ارجوكي ردي عليا ومتسبنيش اكلم نفسي ، ده أنا عشت احلم باللحظة دي كتييير أووي وأكتر ماخيالك يصور لك .


ابتلعت أنفاسها بصعوبة من قربه المهلك لها ثم همست بخفوت :


_ انت عايز ايه دلوك يا آدم ؟


اقترب منها أكثر ولامس طرف ردائها بحنو قبل أن يتعمق في لمستها ثم أجابها :


_ عايزك يامكة ، ومحتاجك ، عايز قربك ، عايز حضنك ، عايز أسكن قلبك ، عايزك كلك على بعضك ، 


ثم همس برفق :


_ عايز أشوفك وأحفظ ملامحك ، ممكن يامكة ، ممكن تسمحي لي أرفع الحجاب الحاجز اللي ما بيني ومابينك .


انحصرت أنفاسها ولم تعد تقوى على التنفس في قربه ، ياالله كم من المشاعر المتضاربة التي تطرق علي ابواب قلبها كالطبول تطالبه بالمزيد ، كم أنت بارع حقا أيها الآدم في أن تجعل كلي يثور داخلي ، 


رأت نظراته المترجية ويداه الممدودة لها وكأنه مسكينا في الغرام ويترجى النظرة كي يجبر قلبه الجائع لها ، 


ثم همست بدون تفكير :


_ ارفع النقاب يا آدم مش من حقي أمنعك دلوك 

           الفصل الحادي والعشرون من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close