رواية كبرياء صعيدي الفصل التاسع9 والعاشر10 بقلم نورا عبد العزيز
الفصل التاسع (9) بعنــــــــــوان " ذكــــــــــاء رجــــل "
جن جنون "حِنة" مما سمعت به وإختفاء "عطر" رغم حالتها الصحية وهى شبه فاقدة للوعي، تحدثت "فيروزة" بضيق شديد :-
-يعنى ايه؟ ممكن يكون عمي عملها عشان الورث زى ما عمل فى عيسي
كان "عيسي" صامتًا وجالسًا على المقعد مُتكئ بيده على نبوته الأسود الذي ورثه من جده ، يستمع لتوقعات الجميع فتمتمت "هدي" بحسرة على ما حدث فى الأيام الماضية وملامحهم حزينة ونبرتها مُعباة بتنهيدة مكسورة ومهزمة:-
-معجول اللى بيحصل، إحنا حصلنا أيه؟ البيت الكبير بجي فاضي علينا والشر دا كله، فين وجفتنا فى ضهر بعض
أجابها "عيسي" وهو يقف من مكانه بتعب وصعوبة فى الحركة قائلًا:-
-بانوا على حقيقتهم يا امى، الطمع والجشع والكره مالي قلوبهم
وقفت "حِنة" بفزع معه وقفت أمامه تتشبث بذارعه دون أن تبالي بحالته الصحية وقالت:-
-أنت رايح فين؟ أنت مش هتتحرك من هنا غير لما ترجعلي عطر
تحدث بنبرة تعب شديد قائلًا:-
-ما انتِ سمعتني دلوجت بعت مصطفي والرجالة هيدوروا عليها فى كل مكانها
تركها وصعد إلى غرفته بالطابق الأعلى وبعد أن دخل أستقبالته الممرضة التى أسرعت نحوه تأخذ بيده وقالت:-
-تحب تستريح هنا
أشار لها بلا وسحب ذراعه من قبضتها وفتح الباب الجرار ودلف إلى غرفة النوم بتعب وصعد إلى فراشه مُنهك وكانت "عطر" نائمة فى سبات عميق لا تشعر بشيء حولها وكان واثقًا أن غرفته هى المكان الوحيد الذي لن يبحث به أحد عنها، مسح على رأسها بلطف وهتف بهمس شديد:-
-فتحي عيونك يا عطر، فتحي وأنا موافج أوديكي مصر كيف ما تعوزي
أخذ يدها فى قبضته بدفء وتابع حديثه:-
-أنا خابر أن مالكيش صالح فى الحرب دى وأنك أكتر حد أتأذي هنا بس حجك عليا ، حجك على رأسي يا عطر
دق الباب بلطف وسمع صوت الممرضة تقول من خلفه:-
-عيسي بيه ميعاد الدواء
أذن لها بالدخول لتغير المحلول الطبي لـ "عطر" وتعطيها الأدوية فى الكانولا الطبي ، عقدت "عطر" حاجبيها بحدة من الألم الذي تشعر به من وغز الأبرة فى ذراعها ليربت "عيسي" على يديها بعد أن طمئنه الطبيب أن هذا الألم ربما بسبب أستعادتها لوعيها، فقد بدأت تشعر بما يحدث حولها وتستجيب للألم....
_______________________
فى منزل "عائلة الضبع"
عادت "خضرة" بأسرتها إلى منزل والدها القديم وجلست بغضب يتملكها فى المكان وبعض النساء ينظفون المنزل لأجلها فقالت بهدوء:-
-أخرتها أرجع اهنا كدة، هدي وابنها يأخدوا كل حاجة أكدة
جاءت "خديجة" إليها وجلست قربها على الوسادات القطنية الموجودة على الأرض وقالت :-
-أنا مهستحملش أجعد أهنا، أنا هرجع البيت وهجول لعيسي أنى ماليش ذنب فى اللى عملتهوا
أدارت "خضرة" نظرها إلى ابنتها وقالت بضيق من عقلية ابنتها الساذجة:-
-وأنتِ بجي فاكرة أن سي عيسي هيجولك اتفضلي ويأخدك بالأحضان مش أكدة
أبتلعت "خديجة" لعابها بتوتر ثم جمعت شجاعتها ورفعت رأسها بشموخ أمام والدتها وقالت بقلق:-
-عندك حج هو مش طايجني ويطايج العمي وأنا لا بس لما أجوله أنى عارفة مين اللى ضرب عليه نار هو وعطر غصب عنه هيأخدني بالأحضان
أتسعت عيني "خضرة" على مصراعيها بصدمة ألجمتها لتقول بتمتم وهى تقترب من ابنتها:-
-مين؟
تبسمت "خديجة" بمكر وهزت حاجبيها تُشير إلى والدتها ثم قالت:-
-ما بلاش نجولها بصوت عالى ليسمعها ثالث خلينا أتنين أحسن
مسكتها "خضرة" من شعرها بقوة وغضب ناريًا لم تتحمل بعد أن رات أبنتها تهددها بكل وقاحة لأجل "عيسي" وحُب المفعم بداخلها فقالت:-
-جربي يا خديجة تفتحي بوجك بكلمة واحدة وأنا وعزة وجلالة الله لأعتبر نفسي مخلفتكيش ولا بطني شالتك
أرتعبت "خديجة" ذعرًا من والدتها بعد أن رأت وجهها المُلتهب بالغضب وعينيها التى تبث نارًا وغضبًا، دفعتها "خضرة" بعيدًا لتسقط على الأرض ترتجف فزعًا فقالت بذعر:-
-هتجتلي بنتك
ضغطت "خضرة" بقدمها على بطن "خديجة" بألم وقالت بمكر شيطاني:-
-وأدفنك حية كمان لو فكرتي تأذيني ولا تجفي فى طريجي
فتح باب المنزل ودلف "ناجي" مع "نصر" على وجههم الغضب والضيق ممزوج باليأس والفشل فرمقتهما "خضرة" بعد أن تركت "خديجة" من قبضتها وقالت بضيق:-
-بطة، خدي البت دى حطيها فى أوضتها وأجفلي عليها لحد ما أجولك
جاءت "فاطمة" إليها سيدة ثلاثينية فى العمر سمينة لها تمتلك قوة ونشاط فى الحركة ترتدي عباءة سوداء وتضع حول رأسها حجاب صغير وأخذت "خديجة" بالقوة تنفذ أمر "خضرة" ، نظرت إلى زوجها وأبنها بقلق وسألت:-
-عملتوا أيه؟
جلس "ناجي" على المقعد بضيق دون أن يتفوه بكلمة واحدة فتحدث "نصر" مُجيب على سؤال والدته بيأس:-
-عطر اختفت من المستشفي
ضحكت "خضرة" بسخرية وجلست على الأريكة وهى تضرب كف بكف وتقول:-
-ههههه كنت حاسة والله، اصل عيسي مش غبي عشان يسيبها أكدة بعد ما كتب كل أملاكه بأسمها وخصوصًا بعد ما جالنا أن الأملاك باسمها، والله بعد ما جالنا عطر كنت خابرة أنه جال أكدة لأن عطر محدش هيوصلها... هربها من المستشفي
جلس "نصر" على الأريكة صامتًا فجاء "خالد" له غاضبًا وهو يقول:-
-سمعت اللى حصل، البلد برا مجلوبة بيجولوا أن عطر أتخطفت من المستشفي ورجالة عيسي جالبين البلد بيدوروا عليها
أتسعت اعين "ناجي" و"نصر" بصدمة ألجمتهم ولجمت ألسنتهما من هولها، كيف يبحث "عيسي" عنها وهم أيضًا فمن أخذها ليقول "نصر" بتمتمة:-
-كيف دا، مين ممكن يعملها غيره؟ يكنش الواد اللى كان متجوزها دا
ضحكت "خضرة" بقهقهة أكثر من السابق وقالت بحدة:-
-جرا أيه يا ابن بطني، ما تخليك ناصح وتشغل مخك أكدة، واد مين؟ الواد دا جبان ميعملهاش دا إذا كان أصلًا يعرف أنها ملكت حاجة أو ورثت ولا حتى دخلت مستشفي ،دي حركة مكر من عيسي يا عيني ، ميجبش شعري دا على مرة لو ما كنت عطر مع عيسي
نظر الجميع إليها وبدأ "نصر" يفكر فى حديث والدته بحكمة ...
______________________
فتحت "عطر " عينيها بتعب فجرًا وألتقطت أنفاسها بصعوبة شديد وهى تتألم بوجع كأن عظامها تنكسر فى أنفاسها، فتحت "الممرضة عينيها بتعب من السهر عندما سمعت صوت "عطر" المبحوح تناديها، هرعت إليها بحماس وفرحة من عودتها إلى الحياة وقالت:-
-حمد الله على سلامتك
تنهدت "عطر" بتعب ثم قالت بألم:-
-هو حصل ايه؟ عيسي ؟ عيسي حصله ايه؟
تذكرت حين تلقي جسده رصاصة أمام عينيها فتبسمت الممرضة بهدوء وقالت:-
-عيسي بيه بخير وزينة متجلجيش
تنفست "عطر" بأريحية مما سمعته فخرجت المممرضة لغرفة المعيشة وكان "عيسي" نائمًا على الأريكة فى سبات عميق نادته بلطف:-
-عيسي بيه
فتح "عيسي" عينيه مُنهكًا من النوم لتخبره بخبر إفاقة "عطر" ليفزع من محله ويركض إلى الداخل رآها نائمة محلها فصعد للفراش بجوارها لم يقوى على لمس يدها بهدوء فقال بخفوت:-
-عطر
نظرت إليه تتأمله بسعادة وأريحية بعد أن رأته أمامها بصحة سالمًا وقد شفى جرحه تمامًا، تبسم إليها وقال:-
-حمد الله على سلامتك
-الله يسلمك
ضحكت "عطر" بلطف قليلًا، همس إليها بنبرة دافئة:-
-أنا هكلم الدكتور عشان يجي يطمن عليكي
حاولت الجلوس لكنها تألمت بوجع فتذكر "عيسي" حديث الطبيب عن جرحها وربما يأثر على حركتها فطلب منها بلطف:-
-أرتاح يا عطر لحد ما الدكتور يجي
اومأت إليه بنعم وخرج "عيسي" للخارج يتصل بالطبيب يخبره بإفاقتها وطلب منه أن ياتي للمنزل قبل شروق الشمس حتى لا يعرف أحد بوجود "عطر" فى المنزل، ساعة ووصل "مصطفي" بالطبيب وبعد أن فحص حالتها جيدًا خرج إلى "عيسي" وقال:-
-الحمد لله الحالة مستقر ومفيش أى خوف وبالنسبة للحركة متقلقش بالعلاج الطبيعي هتقدر تتحرك وترجع لحياتها
أومأ "عيسي" له بنعم وأنصرف الطبيب قبل أن يستيقظ أحد وعاد للغرفة رأي الممرضة تضع الوسادة خلف رأسها لتتكئ عليها بلطف فنظر إلى "عطر" هذه الفتاة الصغيرة التى تحملت كل الصعوبات، خرجت الممرضة إلى غرفة المعيشة وجلس أمام "عطر" ليقول بهدوء:-
-حمد الله على سلامتك
تبسمت "عطر" بحرج شديد وقالت :-
-الله يسلمك يا عيسي
كنت تنظر حولها بعيونها تتجول فى المكان باحثة عن شيء فسألها بقلق:-
-بتدور على حاجة
نظرت "عطر" إليه بحرج شديد من سؤاله لكن لا تملك خيار سوى أخباره بما تريد فقالت بحرج وتلعثم مُتحاشية النظر إليه:-
-ممكن تجيب لي طرحة او خمار من أوضتي
نظر إلي شعرها المُنسدل على ظهرها والجانبين بحرية ورغم جمالها بخصلات شعرها لكنه تبسم لطلبها بلطف وسحب وشاحه من فوق الوسادة ووقف جوارها بلطف يلف الوشاح على رأسها كحجاب لها يخفي شعرها بأكمله دون أن تظهر منه خصلة واحدة وجلس من جديد أمامها فقالت "عطر" بلطف:-
-ميرسي تعبتك ، ممكن تنادي حِنة هى هتخلي بالها مني عشان متعبكش معايا
تنحنح "عيسي" بحرج ثم نظر إليها فى هدوء؛ ليتحدث بجدية:-
-أسمع ي عطر، وأنتِ فى غيبوبة حصل حاجات كتير جوي واللى ضرب عليا نار لسه معرفهوش لكن اللى أعرفه أنه من جوا داري المسافة بين البوابة ومكان ضرب النار كبير جوا على أن اللى عملها يكون برا إطار البوابة، دا معناه ان فى خاين جوا الدار
قاطعته "عطر" بجدية صارمة :-
-عذرًا لكلامك وبدون مقاطعة بس مستحيل تكون حِنة اللى بتفكر فى دا أو تعمل دا متنساش أن أضرب عليا نار معاك
أومأ إليها بنعم ثم قال:-
-عندك حج وأنا وياكي فى الرأى دا بس لازم تخلي بالك من حاجة أن الرصاصة اللى جت فيكي جت بالغلط يا عطر واللى جصد يخلص منى عيلتي عشان الورث أو نصر عشان ذلته وطلجتك منه أو حِنة لأنها الوحيدة بعد مصطفي اللى خابرة أنى كتبت كل حاجة باسمك ودا أحتمال أنا مجدرش أستبعده عشان أنتِ ضامنة حِنة ... دا لو عايز أوصل للى عمل أكدة
كادت أن تتحدث لكنه قاطعها بحزم قائلًا:-
-عطر أنا بدور على جاتل جوا عيلتي يعنى كل واحد فيهم مين ما كان هتوجع لما أعرفه لأن كلهم أكلهم ويايا عيش وملح وشيلتهم فى عز وجعهم وهزيمتهم وكنت ضهرهم وسندهم حتى فى وجود جدي، كنت شايل وساند وضهر لأتخن تخين فيهم، يعنى جدري أنتِ موجفي لأن مهما كان ثجتك فى حِنة أنا كنت كنت فى يوم واثج فيهم كلتهم كيفك أكدة لحد ما أتغدر بيا وبأبويا وأديكي شوفتي اللى حصل لأبويا وجدي اللى كانوا عايشين تحت جناحه ورافعين راسهم لأنه كبيرهم وأتغدر بيهم
دمعت عينيه بحزن رغم عنه ورغم صلابته لكن حزنه على والده وجده مُوجعًا والخيانة والغدر الذي تعرض له من هؤلاء الأقارب مُميت، أومأت "عطر" إليه بلطف رغم عنها إشفاقًا لحالته وقالت:-
-حاضر يا عيسي بس أنا أأكدلك أن حِنة معملتهاش ومستحيل تكون طمعت فى الفلوس لأنها مش هتحتاج تأذيكي كان ممكن تأخدني ونهرب وكدة كدة كل حاجة متسجلة بأسمي مش هتستفيد حاجة من أذيتك
هز رأسه بنعم فى صمت ثم وقف من مكانه لتوقفه "عطر" بحديثها قبل أن يغادر من أمامها قائلة:-
-عيسي، لو تعبان أبقي عيط، مش عيب أن راجل يعيط فى تعبه ويطلع اللى جواه ، متكتمش الوجع جواك الكتمان وحش ممكن يقتلك ويعمل اللى الرصاصة معملتهوش
نظر إلى وجه "عطر" بهدوء وقال ببسمة خافتة:-
-ولما أضعف مين اللى هيجوى يا عطر ، أنا لو ضعفت لحظة الكل هيستغل الفرصة ويخلصوا مني
أعطاها هاتفها وقال:-
-لو أحتجتي حاجة أبجي كلمنى وزى ما أتفجنا محدش يعرف أنك أهنا لحد ما تجفي على رجلك على الأجل يا عطر وتجدري تسندي طولك
أومأت إليه بنعم ثم قالت ببسمة مُمتنة إليه:-
-شكرًا يا عيسي، شكرًا على كل حاجة عملتها عشاني ووقفتك جنبي وأنا أسفة على كل حاجة حصلتلك بسببي لأن فعلًا لو طلع نصر اللى عملها عشان طلقتني منه وأنى السبب عمري ما هسامح نفسي أبدًا على اللى حصلك بسببي ، أنا أسفة جدًا
أومأ إليها بنعم ثم تبسم ليخفف من ألمها وحزنها الذي ظهر فى عينيها وملامحها فى أسفها وهى تشعر بتأنيب الضمير والمسئولية وقال:-
-أعملي حسابك أكدة باجي سبوعين على عدتك وتخلص، شدي حيلك أكدة عشان أعملك فرحك تفرحي كيف البنات وتختري فستانك وعفشك، أنا مش ناوي أحرمك من حاجة وتعملي كل حاجة كيف العرايس
ضحكت "عطر" بعفوية على حديثها ومع ضحكاتها تساقطت الدموع التى حبستها فى جفنيها وقالت:-
-أنت لسه مُصر تتجوز واحدة زي
أقترب خطوة منها وجلس على ركبتيه بجوار الفراش لتُدهش "عطر" من فعلته وهو يجثو أمامها دون خجل وقال بنبرة دافئة:-
-واحدة زيك كيف؟
-واحدة مطلقة ي عيسي ومش بنت ومش عارفة هتقف على رجلها تاني ولا هتعيش الباقي من عمرها على السرير عايزة اللى يخدمها، واحدة معندهاش أى حاجة حلوة تديهالك ولا تعيشها معاك ولا حتى عارفة هتعرف تكون زوجة لك ولا لا
قالتها وهى تبكي بحزن شديد على حالها فرفع "عيسي" يده إلى وجنتها يجفف دموعها المنهمرة على وجنتيها الحارة ثم قال:-
-أنا هتجوز واحدة عارفة ربنا ومتبثبش فرض من صلاتها وطيبة وقلبها أبيض، واحدة جدعة عارفة تتحمل مسئولية وضحت بنفسها وسمعتها عشان تحمي أبوها من ديونه هتجوز واحدة كيف الجمر جمالها يحل من حبل المشنجة يا عطر
خجلت من حديثها وغزله فى جمالها لبتسم بعفوية على خجلها وهروب عينيها من النظر فى عينيه ليتابع حديثه قائلًا:-
-هتجوز واحدة مجبلتش جنيه واحد من مالى رغم أني كتبت لها كل حاجة برضايا وبإرادتي يعنى حتى لو هربتي هيكون مالك حلال ومع ذلك مطمعتيش فيه وعيشتي هنا مكسوفة تأخدي منى جنيه واحدة وكل الفلوس بأسمك من الأصل، هتجوز واحدة وصاني جدي عليها
أتسعت عينيها على مصراعيها وأخيرًا رفعت نظرها لتتقابل عيونهما كالشمس والقمر فى نظرة دافئة وقالت:-
-أنت قولت أيه؟
تبسم وهو يبعد يده عن وجنتها وقال:-
-أنتِ وصية جدي يا عطر، الوصية اللى عمرها ما هخانه ولا هفرط فيها لحد ما أموت ، لازم تكوني عارفة أن جدي مفرطش فيكي لأخر نفس فيه
أومأت إليه بنعم موافقة على هذا الزواج برغبتها وبأستماتة فغادر الغرفة تاركاها خلفه تفكر فى هذا الرجل وجدها "عبدالحكيم" الذي تشبث بها ولم يتخلي عنها حتى مماته مما أسعد قلبها الحزين وتحمست لهذا الزواج فبدأت تنفذ تعليمات الطبيب والممرضة فى الحركة وفى الخارج تكاد "حِنة" تفقد عقلها من البحث عن "عطر" دون أن تدرك أن من تبحث عنها تعيش بنفس المكان معها، خرجت "حِنة" من غرفتها مُستعدة للخروج لكنها سمعت صوت شيء فى الغرفة الخاصة بـ "عيسي" أقتربت من الباب قليلًا وما زال الصوت يعلو لتضع أذنها على الباب تسترق السمع لكنها سمعت صوت امرأة بالداخل فكانت الممرضة تتحدث مع الطبيب على الهاتف لتحاول "حِنة" فتح الباب بعد أن مسكت مقبض الباب ففزعت الممرضة عندما شعر بأحد يفتح الباب ونظرت إلي "عطر" الجالسة على الأريكة معها بخوف وفزعت "عطر" خصيصًا أن "عيسي" حذرها من الخروج ولم يعرف أى شخص عن وجودها أو وجود الممرضة معها ، أبتلعت لعابها خوفًا .............
وصل "عيسي" للمنزل بفزع بعد أن أخبرته "ذهب" أن "حِنة" مُتجهة إلى غرفته وقبل أن يصعد ويمنعها من الدخول ظهرت أمامه "خديجة" التى حسمت أمرها بأخبره عن والدتها حتى يقبل بها فى المنزل ...........
كبرياء صعيدي
الفصل العاشر (10) بعنــــــــــوان " زواجًا جبريًا"
كان "عيسي" جالسًا فى الحديقة الأمامية للمنزل مع "عامر" خطيب أخته "فيروزة" ويتحدث معه بنبرة هادئة:-
-معلش ي عامر أنا خابر أنك نازل إجازة عشان فرحك بس كل مرة تحصل حاجة
تبسم "عامر" بهدوء وقلبه الصافى واضحًا فى ملامحه الباسمة دون كره او غضب ثم قال:-
-ولا يهمك يا عيسي، أنا خابر أنه مش بيدك وكل مجدر ومكتوب وأنا أكيد عندي دم يعنى ومهجيش أجولك الفرح والحاج لسه ميت ولا وأنت فى مرمي فى المستشفي أجول جوزوني وأهم حاجة نفسي
أومأ "عيسي" له بنعم بأريحية وأطمئنان على أخته واختيارها لـ "عامر" رن هاتفه باسم "دهب لتخبره بأن "حِنة" اتجهت نحو غرفته ففزع من مكانه وذهب إلى المنزل ، أصطدم على الباب بـ "خديجة" ابنه عمه مع "مصطفي" فقال بجدية:-
-بجالها ساعة واجفة على البوابة وعاوزة تجابلك بالعافية
نظر إلى "خديجة" التى تحدق به بثقة بعد أن حسمت أمرها فى نيل رضاه بأخباره عن والدتها القاتلة وجمعت شجاعتها فى كل خطوة تقدمت بها فى الطريق حتى وصلت إلى هنا، عينيها تخبره بأن هناك فى باطنها شيء هام جعل نظراتها مليئة بالثقة حتى تلح على لقاءه، قالت بثقة:-
-عايزة أجولك حاجة مهمة يا عيسي
تأفف بضيق ثم قال بتعجل:-
-أستنيني هنا
ركض إلى الأعلى ووجد باب غرفته مفتوحًا فهرع إلى الغرفة بضيق من "حِنة" التى وجدها عالقة فى مكانها وتحدق فى "عطر" الجالسة على الأريكة وبجوارها تقف الممرضة وتمتمت بتلعثم:-
-عطر!!
أبتلعت "عطر" لعابها من الموقف الذي وضعها به "عيسي" أمام مربيتها فنظرت إليه بينما يقف فى الخلف لتنتبه "حِنة" إلى نظراتها فألتفت إليه وقالت:-
-أنت بقي اللى كنت مخبيها، ومن مين؟ منى أنا؟
نظرت إلى "عطر" الجالسة مكانها فى صمت لا تملك مبرر أو جواب لها، أستدار يغلق باب الغرفة بحدة ثم تحدث "عيسي" بهدوء:-
-متبصلهاش هى مالهاش علاجة بجراري وأعتجد أنكِ خابرة زين أن هنا محدش يجدر يخالف أمري وأنا كان لازم أعرف مين الخاين جوا داري أعتجد دى ميزعلكيش بعد ما كنت هموت وعطر برضو اللى بتعتبريها بنتك كانت هتروح فيها
-بنتي!! اللى أعتبرتني غريبة وخاينة مش كدة
قالتها بضيق من تصرف "عطر" وأستدارت لكي تخرج غاضبة من هما فوقفت "عطر" رغمًا عن حالتها لتذهب خلفها لكنها سقطت بسبب حالتها فهرع الجميع إليها وتشبثت بيدها الممرضة وقالت:-
-قولنا متتحركيش لوحدك
نظرت "عطر" بحزن شديد إلى وجه "حِنة" التى تنظر إلى فتاتها بإشفاق من حالتها ومرضها، تحدث "عيسي" بضيق شديد قائلًا:-
-أتفجنا تسمعي كلام الدكتور، بعد أذنك
أستأذنها ثم حملها على ذراعيه إلى غرفة النوم ووضعها بالفراش برفق لتقول "عطر" بحزن وعيني على وشك البكاء:-
-قولتلك بلاش نخبي عليهم
تنهد بهدوء وعينيه تحدق بدموعها وتقوس شفاهها وحاجبيها من الحزن واللوم فقال بنبرة هادئة دافئة يُطمئنها:-
-متجلجيش ، أنا هنا
خرج إلى غرفة المعيشة فرأى الممرضة بالفعل تجلس مع "حِنة" وتخبرها عن حالتها وأنها كانت فى غيبوبة طويلة هنا وبعد إفاقتها لم تستطيع تحريك قدميها وجسدها بسبب إصابتها والآن قد بدأت تتحرك بأستخدام العكاكيز الطبية والممرضة ودونهم لا حركة لها فقاطع "عيسي" الحديث قائلًا:-
-معلش سيبنا لوحدنا وأدخلي لعطر
وقفت الممرضة ودلفت إلى "عطر" ليجلس "عيسي" أمام "حِنة" التى نظرت إليه بصمت ودموعها تتساقط مما سمعته من الممرضة عن فتاتها الصغيرة وبعد أن سقطت "عطر" أمامها فقال:-
-سؤال واحد، تستاهل عطر أنى أخبيها لحد ما أعرف مين اللى عمل فيها كدة ولا لا؟
أومأت إليه بنعم بحزن ثم قال:-
-يبجي مترميش اللوم عليها وعمومًا أنا هجول للكل أنها هنا، أنا مبخافش ولو كنت خايف لما داريت عليكم فكان خوف عليها مش خوف من حد
ذهب إلى الخارج وتركها صامتة قبل أن يفتح لها المجال فى الحديث أو الجدال معه، ترجل للإسفل ورأي "مصطفي" يقف أمام "خديجة" يراقبها طبقًا لأمر "عيسي" فقال بهدوء:-
-روح أنت ي مصطفي وأستعجل الشيخ جوله أنه هيكتب الكتاب النهاردة
أومأ "مصطفي" إليه بنعم وذهب فنظر "عيسي" إلى "خديجة" بجدية ووجه حاد ثم جلس أمامها ليقول:-
-خير!!
سألته بفضول يقتلها بعد أن سمعت كلماته إلى "مصطفي" :-
-هو كتب كتاب فيروزة النهار دا
وضع قدم على الأخري بغرور وعينيه تحدق بوجهها كأنه يتنظر تعابيرها حين تسمع كلماته فقال ببسمة خبيثة:-
-لا دا كتب كتابي على عطر
أتسعت عينيها على مصراعيها من الصدمة التى ألجمتها من كلماته فهى جاءت لتضحي بوالدتها حتى تنال مكانه فى قلبه وعقله ووقفت من مكانها بضيق وصرخت به:-
-أنت هتتجوزها؟ ، هتتجوز واحدة ......
قاطعها بنبرة غليظة مُرعبة:-
-إياك تنطجي كلمة واحدة عنها، دى هتبجي مرات عيسي الدسوقي ولا أنتِ فاكرة أن كل الرجالة كيف أخوكي يسيبه اللى يساوى واللى ميساواش يهين حريمهم، أنا اللى يفكر يفتح بوقه بكلمة عن مراتي أشيله من على وجه الأرض وجبل ما يجولها
غادرت المنزل غاضبة دون أن تتحدث بكلمة واحدة مما خططت له بعد أن كسر قلبها بما قاله عن الزواج من فتاة أخري وهى من اقدمت على التضحية بأهلها لأجله....
عادت إلى المنزل تغلي من الداخل كالبركان الناري كأنها تلقت خنجرًا فى القلب لا تقوى على تحمل الوجع أكثر، دلفت إلى المنزل وسمعت "نصر" يتحدث مع "خالد" بحيرة والضيق يحتل وجهه قائلًا:-
-هتكون راحت فين؟ مين اللى أتجرأ وخدها من المستشفي
صمت "خالد" من الحيرة وعينيه تحدق فى هاتفه الذي يرن بأسم "رؤية" فى صمت لتقاطعهما "خديجة" قائلة:-
-عيسي اللى خدها وفرحهم النهار دا
نظر "نصر" إلى أخته بدهشة وهى لا تشعر بدموعها التى تذرف على وجنتيها والآن أطاحت بـ "عيسي" بدلًا من والدتها ونيران وجعها تحولت إلى نيران الانتقام ...
_________________________
كانت "عطر" جالسة فى الفراش محلها فجاءت إليها "فيروزة" بحماس تقول:-
-خلاص المأذون كتب، مبروك ي حبيبتى
رفعت "عطر" رأسها إلى "فيروزة" بهدوء والقلق يحتلها لتبتسم "فيروزة" بعفوية على هذا القلق وقالت:-
-متخافيش ي عطر ، عيسي مش وحش والله راجل زين وهيخاف عليكي وعمره ما هيأذيكي ولا هينزل دمعة منك، عيسي أخويا وأنا عارفاه اكتر من أى حد، والله ما هيجي عليكي أبدًا وهيعملك كل اللى نفسك فيه ومهيحرمكيش من حاجة واصل
تحدثت "عطر" بحيرة من القادمة بخفوت شديد:-
-أنا من يوم ما جيت هنا ومفيش حاجة كويسة بتحصل ي فيروزة
أنتقلت "فيروزة" من مكانها أمام "عطر" إلى جوارها ووضعت يدها على يد "عطر" ثم قالت:-
-عشان مكنش وياكي عيسي الدسوقي يا عطر، من اللحظة دى هتعرفي أنك دخلتي الجنة على الأرض يا عطر، جنة عيسي الدسوقي صدقينى
دلفت "هدي" إلى الغرفة مُبتسمة بسمة حزينة وقالت بلطف:-
-مبروك يا بنيتى
تمتمت "عطر" بصوت مبحوح خائفة:-
-الله يبارك فى حضرتك
تطلعت بحزن "هدي" لتقول بقلق:-
-هو حضرتك زعلانة عشان عيسي اتجوزني؟ أنا والله مش وحشة يا طنط زى ما اتقال عنى ولا .....
قاطعتها "هدي" بجلوسها على الفراش أمام "عطر" وأخذت يدها فى راحتى يديها ثم قالت:-
-لا يا عطر، أنا زعلانة عشان كان نفسي فؤاد يكون ويانا هنا، كان أمنية حياته يشوف عيسي عريس ويشيل عياله لكن الحمد لله على المكتوب
صمت ثلاثتهما لتنحنح "هدي" بلطف ثم تبسمت بعد أن جففت دموعها وقالت بلطف:-
-متخافيش مننا يا عطر، إحنا يمكن نكون مُختلفين عنكم فى مصر وعوايدنا غيركم لكن والله هنحطك جوا عيننا ومهتحسيش بأى فرق خالص بينا ، وأنا هكون زي أمك ما أنتِ بجيتي مرت أبني
أومأت "عطر" لها بسعادة لتربت على يدها ثم أخذت "فيروزة" وخرجوا من الغرفة ، كانت تعلم أنه سيأتي فوقت من مكانها مُمسكة بالعكاكيز الطبي وذهبت بصعوبة إلى التسريحة ووظهرها يؤلمها من تقوسه للأمام قليلًا وصففت شعرها بلطف حتى لا يراها فوضوية، فتحت خزينتها وأحضرت بيجامتها الوردية ووضعتها بفمها لتسير إلى أقرب مقعد وبدلت ملابسها وحدها بألم لكنها تتحمل خصوصًا أن "حِنة" لم تأتى لها وغيرها ستخجل من أى شخص حتى يساعدها فى تبديل ملابسها، تنفست بأريحية بعد أن أنتهت ثم قالت:-
-أنتِ قدها يا عطر ، أنتِ قوية
وقفت بالعكاكيز وأستقامت قدر أستطاعتها لتتقدم بخطواتها نحو الفراش لكن زلقت قدمها لتسقط على الأرض فتذمرت على عجزها خصيصًا أنها لا تستطيع الوقوف الآن فظلت تبكي بألم على ضعفها حتى سمعت فتح الباب ...
دلف "عيسي" إلى الغرفة ليلًا ليراها جالسة بمنتصف الغرفة تبكي فى صمت كالنار التى تحترق دون أن يشعر بها أحد، هرع إليها وهو يترك نبوته وعباءته القفطانية أرضًا بذعر وهو يناديها قائلًا:-
-عطر
رفعت رأسها إليه لتتقابل هذه العيون الزرقاء مع عيونه اللامعة تفتك بهما وتقتل ما تبقي منه أمامه وهذه النظرات تجعله مسحورًا بها أكثر، فنظرتها غلبت السحر عليه، نظر بها ودموعها تلوث وجنتيها بحرارتها مما جعل "عيسي" يشعر بالضعف أمامها وكأن هيبته التى يهابها الجميع سقطت على باب الغرفة قبل دخوله إليها، مسك وجهها بلطف مُتسائلًا:-
- حصل اي بس؟!
تنهدت بحزن يحتل نبرتها المبحوحة محرجة منه ومن موقفها، ولم تقوى على التحدث أمامه فقالت بهدوء تخفي سبب حزنها: -
- جعانة
عقد حاجبيه الإثنين مُستغربًا كلمات، مندهشًا من سبب حزنها فتساءل من جديد:-
- الجوع مزعلك أوى أكدة، جومي وأنا أجبلك كل الأكل اللى تعوزيه.... جومي يا عطر، أنتِ تشاوري بس دا الدار كلها ملكك وصاحب الدار كمان
نظرت بحزن أكبر إلى حالتها وهى لا تقوى على الوقوف بسبب إصابتها، فهم "عيسي" طأطأتها لرأسها وأن حزنها ليس بسبب الجوع، بل بسبب عجزها ومرضها فهتف بدفء قائلًا:-
-تسحميلي
نظرت إليه لتراه يمسك ذراعها بخفة ويساعدها فى الوقوف ببطء، أحاط ظهرها بذراعه حتى وصل إلى الفراش وجعلها تجلس أمامه فظل يحدق بوجهها الجميل ودموعها تبلل وجنتيها ورموشها ليرفع يده إلى وجهها يجفف دموعها بحب فنظرت "عطر" بخجل إليه وتوردت وجنتيها الجميلتين ليقول "عيسي" بنبرة خافتة:-
-عطر أنا.....
صمت قليلًا ولم يكمل حديثه هائمًا بنظراتها ووجودها وضربات قلبه تتسارع بجنون داخله من أجلها، هذه الفتاة الجميلة التى سرقت قلبه من محله ليقترب أكثر يقبل دموعها فأغمضت عينيها بأنتفاضة وقشعريرة جسدها كالكهرباء التى لحقت بها من لمسته، زادت نفضتها حين تسللت شفتيه إلى عنقها وقالت برجفة:-
-عيسي
أبتعد عنها بحرج وهو يقول:-
-خلاص خلاص يا عطر، كيف ما تحبي وع راحتك
نظرت إليه بتوتر شديد ثم قالت:-
-أنا عايزة فرح وفستان أبيض زى العرايس
أندهش من طلبها ثم قال بعفوية:-
-حاضر عينيا الإتنين ليكي
أتسعت عينيها على مصراعيها من موافقته وقالت بدهشة:-
-أنت موافق بجد
أومأ إليها بنعم فقالت ببسمة خافتة:-
-حيث كدة أنا جعانة بجد
تبسم إليها وقال ببسمة لطيفة تنير وجهها وعينيه تحتضنها بدلًا من ذراعيه:-
-أخليهم يعملولك أكل أي؟
أشارت إليه بيدها بأن يقترب، أقترب نحوها برأسه لتهمس إليه فى أذنه فدهش من طلبها وعاد للخلف قائلًا:-
-دليفري لا، الدكتور جال لازم تأكلي وتتأخدي عشان الجرح وعشان صحتك
قوست شفتيها بحزن وعينيها تترجي كالأطفال قائلة:-
-عشان خاطري يا عيسي، معقول ترفضي طلب صغير زى دا، أول طلب أطلبه منك وأنا مراتك ولا أنت بخيل بقي
ضحك عليها وهو يقول:-
-متحاوليش أنا الأسلوب دا مبيجيش معايا
تبسم بخباثة فكزت على أسنانها غيظًا حتى سمع صرير أسنانها لتمسكه من عباءته جذبته إليها أكثر وهى تقول:-
-بس بيجي معايا
نظر إلى عينيها عن قرب فى صمت لتراه هائمًا بها وكأن نظراتها هى من ستروضه إليها وليس قوتها فتبسمت بخباثة بعد أن أدركت مفتاح هذا الرجل وكيف ستروضه إليها لتجمع شجاعتها وتخفف من توترها وأقتربت أكثر منه ويدها تمسك عباءته كما هى ووضعت شفتها الدافئة على لحيته تاركة قبلة ناعمة ورقيقة عليها وهمست بلطف:-
-عشان خاطري ي عيسي
رأته مُتسع العينين بدهشة كأنه جُمد محله من قبلتها وعينيه فقط تتشد فى عناقها بنظراتها الدافئة وعقله لا يصدق جمال هذه القبلة التى أستحوذت عليه منها وأدرك هذا العقل أن فتاته ستحتله بأكمله إذا قدمت قبلة أخري له وسيفقد هذا العقل سيطرته كاملة على صاحبه، تنحنح بحرج منها وقال بتلعثم:-
-بس .. ماشي ي عطر اللى تعوزيه
تبسمت بحمتاس إليه وفتحت هاتفها بعد ان ذهب إلى المرحاض هاربًا من جمالها ونعومتها وهذه الفتاة أنوثتها تطاغي عليها حتى جعلته راغبًا بها كالمجنون، بدأت تختار من التطبيق الطعام الذي تريده بحماس وضغطت على زر الطلب ودفعت اليكتروني ببطاقته البنكية وبدأت تمضي وقتها فى التجول على الهاتف وأخذت هاتفه من جانبها وكان بدون رمز قفل لترن على رقمها حتى تحصل على رقمه الخاص ثم تركت هاتفه بمكر ، خرج من المرحاض بعد أن أخذ حمام دافئ وكان يرتدي بنطلون أسود وتي شيرت أبيض وهى منغمسة فى هاتفها تسجل رقمه تحت اسم "زوجي الوسيم" ووضعت خاتم وقلب بجانب اسمه وبسمتها زادت ، رفعت رأسها لتراه يصفف شعره أمام المرأة ودهشت بإعجاب من جماله فى هذه الملابس لأول مرة تراه دون عباءة ووسامته تزداد أكثر، وضعت يديها على الوسادة الموجودة على قدميه وأتكأت برأسها عليها تشاهده بإعجاب، ألتف بعد أن أنتهي ليراها تشاهده ليقول:-
-فى حاجة
هزت رأسها بلا بخجل مُتحاشية النظر إليه، رن هاتفه برقم مجهول ليجيب وكان الطعام قد وصل، ترجل للأسفل ليحضر الطعام وكان "عبدالجواد" استلمه من السائق، أخذه "عيسي" وصعد ليضع الطعام الطاولة مُندهشة من هذا الكم ، قال وهو يأخذ يدها بلطف:-
-أنتِ عازمة حد على العشاء معاكي
ضحكت على مزحته وهى تسير ببطء معه وقالت:-
-اه عازماك على العشاء
ضحك على لطفتها ثم جلس على الأريكة معها وفتحت الطعام كان صندوق من الدجاج المقرمش وبيتزا وكريب حلو فقال:-
-دا الأكل اللى بتحبيه؟
أومأت إليه بنعم وبدأت تأكل بحماس وسعادة فى قلبها وتقدم له الطعام فى فمه بينما هو يراقبها فى صمت حتى رن هاتفها، قال:-
-خليكي انا هجبهولك
وقف من مكانه وذهب نحو الفراش ليحضر الهاتف وصُدم مما رآه واسم هذا الرجل ورسالته كانوا كفيلان بأن تتغير تعابير وجهه كليًا وتتلاشي لطافته التى تحولت لغضب ورفع رأسه بها ولا يصدق أن فتاة بقذرتها أصبحت زوجته الآن.......