رواية كبرياء صعيدي الفصل الخامس عشر15 والسادس عشر16 بقلم نورا عبد العزيز


 رواية كبرياء صعيدي الفصل الخامس عشر15 والسادس عشر16 بقلم نورا عبد العزيز


الفصل الخـامـس عشر (15) بعنــــــــــوان " ثقبًا بالقلب"

فتحت "عطر" عينيها بتعب لتجد "حِنة" بجوارها وتمنعت النظر للغرفة فأدركت أنها ما زالت بهذه الشقة، تلهفت "حِنة" لرؤيتها وقالت بذعر:-
-حمد الله على سلامتك يا عطر، خوفتني عليكي

تذكرت سقوطها عن الدرج ففزعت مرعوبة على طفلها ان يكن أصابها شيء فقالت:-
-ابني..

ربتت "حِنة" على ذراعها تهدأ من روعتها وقالت بنبرة هادئة:-
-أهدئي يا عطر أنتِ كويسة، عيسي قالي أنه لحقك على السلم قبل ما تقعي الحمد لله ربنا ستر

سمعت أسمه لتتذكر ما حدث وضربه لها وأتهامها بالخيانة،ى ترجلت من الفراش غاضبة وهى تتحدث بأستياء مُشمئزة من ذكر أسمه وقالت:-
-عيسي، والله كتر خيره بعد كل اللى عمله 

وقفت "حِنة" من مكانها بهدوء خصيصًا بعد أن أخبرها "عيسي" أن زوجته تخونه فقالت بهدوء شديد:-
-أهدئي يا عطر وكل مشكلة وليها حل، أنا ممكن أعمل زى أى أم فى الدنيا وأقولك لازم تتطلقي دا واحد بيتكلم فى شرفك ورفع أيده عليكي لكن أنا عايزة أسمع منك يا عطر ، ايه اللى يخلي عيسي يشك فيكي بالشكل دا ويرفض رفض قاطع انه يقبل الحمل ويكون بيتكلم بالثقة دى أن الطفل دا مش أبنه 

جلست "عطر" على حافة الفراش بضيق وهى تفكر فيما حدث لتقول بهدوء شديد:-
-معرفش دا كان كويس وبيقولي بحبك وخرجني يفسحنى، دا كان بيجبلي الحاجة قبل ما أطلبها يا حنة معرفش أي اللى قلبه فجأة كدة، دا كأنه كان واحد تانية، أنتِ أتسرعتي يا حِنة أنا قولتلك بلاش تقوليله على الحمل وسيبيني أنا أقوله 

أندهشت "حِنة" من حديثها كأنها صعقتها بالكهرباء فقالت بتلعثم:-
-أنا مقولتلوش حاجة 

أتسعت عيني "عطر" على مصراعيها من هول الصدمة التى حلت بها وتذكرت ما حدث أمس وقالت بثقة:-
-عيسي كان عارف أنى حامل ، دا هو اللى قالي أنتِ حامل ؟ أنا قولت أنك قولتله

هزت "حِنة" كتفيها بلا مبالاة وقالت بهدوء:-
-محصلش يا عطر ، محصلش

تعجبت "عطر" مما يحدث وكيف علم "عيسي" بخبر حملها أذن، تركتها "حِنة" تفكر وحدها وخرجت إلى الخارج تعد لها بضع من الطعام لأجل صحتها، راته جالسًا على الأريكة ورائحة المكان معبأة بالسجائر التي ينفث دخانها وكأنه يحرق غضبه مع حرق هذه السجائر، تركت الطعام على السفرة وذهبت نحوه، جلست أمامه ليرمقها "عيسي" بعيني ثاقبة ثم قال:-
-جولى 

تنحنحت "حِنة" محاولة كبح غضبها مما فعله بـ "عطر" ثم قالت بجدية صارمة:-
-سؤال واحد شاغل بالي، أنت عرفت منين أن عطر حامل؟ محدش يعرف بحملها غيري وأنا مقولكش 

تنهد بهدوء ينفث دخان سيجارته ببرود ثم فتح هاتفه وأعطاه إلى "حِنة" مما أدهشها رد فعله وأخذت الهاتف بفضول ممزوج بالأستغراب لهذا الرد لتُصدم عندما رأت محادثة من رقم مجهول على لسان رجل وبدأت المحادثة بكلمة تقتل أى رجل محله
-عطر بتخونك 

رفعت رأسها إلى "عيسي" بصدمة ألجمتها ليقول ببرود شديد وهو يعود بظهره للخلف بأسترخاء:-
-كملي مصدومة ليه؟
نظرت إلى الهاتف ليتذكر "عيسي" حين وصل للمنزل معها ودلف إلى الغرفة وحده ، أخرج من عباءته علبة قلادة أشتراها لها خلسًا دون أن تراها وتبسم بعفوية وأوشك على الخروج من الغرفة لكن أوقفه صوت الهاتف يعلن عن أستلام رسالة فتحه ليُصدم بهذا الحديث، وتابع الرجل ارسال رسائله الخبيثة وخصيصًا أنه أرفق صورة للتحليل باسمها، تنفس "عيسي" بهدوء ليهدأ من روعته ويحاول أن يفهم الموقف وعقله لا يستوعب هذا الحديث وقلبه واثقًا بمحبوبته المدللة وأنها لن ترتبك أمر كهذا، نظر إلى الوقت والتاريخ المحدد بالصورة وبدأ يبحث فى كل مكان حوله من الأدراج والحقائب ليُصدم عندما وجد تحليلها فى حقيبتها وكان بنفس التوقيت واليوم ونفس المعمل، الصورة التى جاءته هى نفسها التى بين يديه الآن، شعر بقلبه يتمزق لإشلاء بداخله وكأن "عطر" طعنته بخنجر مسموم فى قلبه أوقفه عن النبض، جلس على الفراش ووضع رأسه بين يديه مخذولًا ومكسورًا لا يعلم سبب فعلتها لذلك وهو قدم لها كل شيء، يفكر كيف يواجهها الآن؟ ليقاطعه صوت هاتفه يستلم رسالة جديدة كانت تحمل النهاية بين طياتها بكلماتها البسيطة (أنا مش هتنازل عن ابني اللى هيتكتب باسمك)

خرج من الغرفة كالمجنون ليقتلها وقلبه قد توقف عن النبض لكنه توقف لوهلة فى البهو خائفًا من رد فعله عليها وإذا رآها الآن سيقتلها حتمًا وقف فى الشرفة حتى جاءته بصوتها الدافئة تزيد من ناره ....

رفعت "حِنة" نظرها عن الهاتف وقالت:-
-لا، مستحيل دا كدب

تحدث "عيسي" بسخرية وإنكسار قائلًا:-
-أنا كمان جولت كدب وعطر متعملش فيا أكدة لحد ما لاجيت التحليل فى شنطتها بنفسي

أخرج ورقة مطوية من جيبه وألقي بها فى وجه "حِنة" بأشمئزاز ووقف يقول بحدة:-
-ياريت عرفتي تربيها صوح وتعرفيها قيمة الخمار اللى لابساه وربنا اللى بتصلي وتدعيه كنتِ علميها تخاف من ربنا .. أنا هطلجها و.....

وقفت "حِنة" بهلع من مكانها وتشبثت بيد "عيسي" بترجي وقالت بأنهيار وبدأت تبكي:-
-بالله عليك يا عيسي تسمعها الأول، عطر مستحيل تعمل كدة أعقلها كدة بعقلك ، دى واحدة حامل فى شهرين ومن شهرين كانت فى البلد هتخون أمتي ؟

ضحك بسخرية من حديث "حِنة" وقال بهدوء:-
-أيوووة صح كانت فى البلد بس بالله عليكي لما تيجي تداري عليها تفكري زين ، ولا نسيتي أن عطر سابت البلد فى الصباحية  

خرجت "عطر" من الداخل غاضبة بعد أن سمعت حديثه كاملًا مع "حِنة" ودموعها تسيل على وجنتيها ووجهها أحمر كاللهب من البكاء وقالت بعناد صارخة بيه:-
-قطع لسانك أنا أشرف من بلدك كلها ومش محتاجة حد يداري عليا

كز على أسنانه بانفعال من جراءتها وعنادها رغم هذه الكارثة التى حلت بها فقال بعناد هو الأخر:-
-أتكلم زين ويايا ولا البجاحة وقلة الحياء جمدوا جلبك، ورحم أبويا لو مظبطي حالك ويايا يا عطر لأجتلك وأسجي البلد كلتها من دمك وأجولهم أنا غسلت عاري بيدي 

أقتربت منه غاضبة وأسرعت "حِنة" نمسكها من يديها لتهدأ  من روعتها وهى تقول:-
-بالله عليكم دا مش أسلوب نقاش 

رفعت "عطر" رأسها بوجهها بشجاعة دون خجل وقالت بحدة:-
-دى مش بجاحة دى قوة ، عشان أنا عارفة نفسي وصاحبة حق  ومظلومة ومصير ربنا يظهر الحق فى يوم بس ورب الكون اللى خلقني وخلقك يا عيسي ورحم أبوك اللى حلفت بيه وأمي اللى موعتش عليها ليجي يوم وتركع عند رجلي وتتمني أنى أغفر ضربك ليا وأنسي كل كلمة وجعتني بيها ويومها مش هتلاقي مني غير القسوة والذل والكسرة اللى أنت أديتهملي دلوقت ، لأن الحق لازم يبني أنا طول الوقت بقول أنا ماليش ضهر بس ليا رب أسمه كريم وعادل ومبيرضاش بالظلم أبدًا وأنت ظلمت وأستقويت عليا وعمري ما هسامحك.... غور

أنهارت فى البكاء أمامه وبدأت تضربه فى صدره وتتدفعه بعيدًا وهى تصرخ قائلة:-
-غور ... غور من وشي مش عايزة أشوف وشك تاني ، أنا بكرهك ... أمشي يا زبالة ورحمة أمي لأدفعك الثمن غالي يا عيسي 

رفع يده ليصفعها من جديد قائلًا:-
-أنا زبالة يا زبالة.....

لم يقوي على صفعها رغم كل شيء فعلته، تشنجت يده فى الأعلى وعينيه تحدق بوجهها، نظرت لعينيه بعينيها الباكية ودموعها تزداد بين جفونها وتصرخ هذه العيون من الألم وتترجاه ألا يفعل ويصفعها من جديد، شعر لوهلة بفراغ فى عقله لا يعلم كيف يعقل هذا الأمر وإذا كانت بريئة كيف حصل هذا المجهول على تحليل حملها ذاته؟ وإذا كانت خائنة كيف عينيه تلتهب من الألم ونظرة الإنكسار هذه؟ أنزل يده غاضبًا من عجزه أمامها أكثر وكأنه ضعيفًا ليمسك ذراعها بقوة وجذبها إليه وعينيه حادقة بها بغضب سافر ثم قال:-
-أنا هوريكي الزبالة دى هيعمل أي؟ ومين اللى هيدفع التمن يا عطر 

دفعها نحو "حِنة" بقوة لترتطم بجسدها فتشبثت بها بأحكام مصدومة مما دار بينهما وكلا منهما يجرح فى الأخر، قال بغضب سافر:-
-خليها تلبس عشان نعاود الصعيد مهتجعدش أهنا دجيجة واحدة تانية 

أرتجفت بفزع والغيظ يأكلها من الداخل لتقول بتذمر:-
-أنا مش هسيب الجامعة دى أخر فرصة ليه أنا بقالى سنتين فى تانية والثالثة هأخد فصل نهائي أرحموني بقي 

أقترب أكثر يُثير غيظها وأستفزازها أكثر ليقول بتهديد:-
-هتعاودي الصعيد يا عطر، عشان طولة لسانك اللى عايز جصه دا وعشان تتعلم الأدب وتعرفي كيف تتكلمي وي جوزك 

كادت أن تتحدث بغيظ أكبر لتضع "حِنة" يدها على فم "عطر" تمنعها من التعجل فى الحديث والتسرع الذي سيندم عليه الأثنين لتقول بضيق:-
-خلاص يا عيسي، خلاص 

ذهب إلى الخارج لتنظر "عطر" إلى "حِنة" التى نصرته عليها فقالت:-
-أسمعي مني يا عطر، عيسي راجل وراجل صعيدي عارفة يعنى، يعنى أقل ما فيها لما يتقوله مراتك خاينة ويشك يدفنك حية، أهدئي كدة وفكري فيها مين اللى له مصلحة يخرب ما بينك وبين جوزك ، ما هو مش معقول حد يوقع ما بينكم بالطريقة دى ونقول صدفة؟ فكرى يا عطر لأن فى حد بيخرب عليكي وبيسرق جوزك وسعادتك منك؟ حد قهرته فرحتك وسعادتك مع عيسي ودلعه ليكي وقرر يسرقها بأزبل طريقة منك

نظرت "عطر" إليها وبدأت عقلها يفكر فيما حدث؟ تذكرت سعادتها وكيف كان شعورها بصحبتها أثناء تسكعها معه ومحاولاته فى فعل أى شيء لرؤية بسمتها، تذكرت كيف أعترفت بحبها له وطلبت مسامحته على قرار الأنفصال عنه؟ عناقه حين جاء إليها، ضمها بكل قواته كأنه أخر عناق بينهما، شعرت بحرارة العشق ولهيبه فى هذا العناق، جلست "عطر" على أقرب مقعد بتعب من التفكير لتقول بحيرة:-
-أنا مأذتش حد يا حِنة هنا عشان يفكر يأذيني كدة، عارفة لو كنت هناك كنت فكرت فى خديجة عشان بتحبه وأكيد عايزة تفرق بينا من الغيرة؟ أو أمها ما هي مش جديدة عليها؟ لكن هنا فى القاهرة مين بفكر يأذيني كدة... بعدين أى كأن اللى حصل ومين ؟ أنا لا يمكن أفضل على ذمته لازم يطلقني دا شك فيا وضربني، أنتِ مشوفتهوش وهو بيضربني يا حِنة أنا كنت هموت فى أيده

ربتت "حِنة" على ظهرها بلطف وإشفاق على حال هذه الفتاة لتقول:-
-معلش يا عطر، عيسي معذور أنا لسه بقولك دا راجل وناره حارقاه يا عطر حطي نفسك مكانه 

صرخت بأنفعال شديد وهى تقف من مكانها من الغيظ:-
-وأنا مين يحط نفسه مكاني؟ أرحموني بقي

دلفت إلى غرفتها باكية بأنكسار وقلبها قد فتت لأشلاء ولا تقوي على الصمود أكثر، بطنها تؤلمها كأن هذا الطفل الذي لم يكبر بعد يشعر بحزن والدته....

____________________________ 

جلست "خديجة" بغرفتها باكية بأنهيار مُرتدية فستان أبيض اللون وعلى رأسها تاج فضي جميل ووضعت مساحيق التجميل، ربتت "خيرية" على ظهرها بحزن حادقة بها وأختها تبكي بأنهيار ودموعها لم تجف ولوثت وجهها الجميل فقالت بهدوء:-
-وبعدهالك يا خديجة، كفايكي بكي أمال.. دى رابع مرة نعيد الميكاج بسبب دموعك، خلاص بجي

تحدثت "خديجة" بضيق شديد قائلة:-
-جربي تحطي نفسك مكاني قبل ما تتكلمي عن البكي، أنا أهون عليا الموت من الجوازة دى 

تنهدت "خيرية" بحزن وخرجت من الغرفة وتركت أختها وحدها لتري "خضرة" تقف أمام باب الغرفة فقالت بضيق:-
-ها خيتك خلصت

-خلصت بس مجطعة حالها من البكى يا حبة عيني 
قالتها بحزن شديد على حال أختها الصغري فقاطعها صوت "ناجي" من الخلف يقول:-
-هملها تبكي شوية وتروح بيت جوزها وتبطل بكي، دا دلع بنات ماسخ 

دلف إلى الغرفة بدفتر المأذون لتلتف إليه "خديجة" بذعر وهى تخفي يدها خلف ظهرها، رأت والدها يقف أمامها لم يعلق على بكاءها أو فستانها ولم يبارك لها، بل تحدث بحدة باردة قائلًا:-
-تعالي أمضي ولا تحبي نمضي إحنا

تنهدت بأختناق وهى تغلق قبضتها على السكين الموجود فى يدها خلف الفستان وقد عزمت أمرها على الموت فأقتربت بهدوء خائفة من والدها وقدميها ترتجف بألم شديد وخوف ووقعت على عقود الزواج ليستدير والدها ويتجه نحو الباب ثم ألتف إليها وقال:-
-خليكي عاجلة وأمسحي دموعك دي عشان تروحي دار جوزك

أبتلعت لعابها بحسرة من قسوة والدها وما يفعله بها، كيف جمد قلبه عليها هكذا؟، لم يشعر بألمها ولم يؤاسي قلبها وروحها المذبوحة بداخلها، أغلق باب الغرفة لتهرع نحوه وتغلق الباب بالمفتاح من الداخل وجلست على الأرض تجهش فى البكاء بألم وتضرب قلبها بقبضتها، لطالما أحبت "عيسي" وحلمت باليوم الذي ترتدي هذا الفستان لأجله لكن اليوم قد كُتب القدر لها أن ترتدي الفستان لرجل بعمر والدها وهى تُباع له كسلعة من أجل أخواتها وبراءتهما، نظرت للسكين الموجودة بجوارها على الأرض فحملتها بين أناملها الصغيرة ونظرت إليها بقوة وقد توقفت عن البكاء وهى تسمح دموعها بيدها الآخري....

___________________________ 

دلف "عيسي" إلى منزله وخلفه "حِنة" و "عطر" فهرعت "هدي" إليها تعانقها بشوق وقد أشتقت حقًا إلى هذه الفتاة الجميلة ، بادلتها "عطر" العناق وبعد أن فصلوا العناق قالت "هدي" بحماس:-
-دهب.. بت يا دهب حضري العشاء لأجل الجميلة مرت الغالي

تحدثت "عطر" بضيق بعد أن جلبها "عيسي" إلى هنا رغمٍ عنها قائلة:-
-مش جعانة، ماليش نفس 

-ما عنك ما طفحتي
قالها "عيسي" بضيق قبل أن يفتح باب المكتب مما أثار غضب "عطر" لتقول بغلاظة مُنتقمة من حديثه بالكلمات ووضعت يدها على بطنها:-
-ااااااه ...يالهوي على الحمل تاعبني أوي يا مرات عمي 

أندهشت "هدي" من خبر حملها وبدأت تزغرد بعفوية وفرح من حصولها على حفيدها الأول، مما أغضب "عيسي" أكثر وحدق بوجه "عطر" ثم "حِنة" التى نظرت إلى "عطر" بغضب خصيصًا أن "عيسي" أمرها بألا تخبر أحد عن حملها فى الطريق، أقترب منها بخطواته لتتشبث "عطر" بذراع "هدي" بمكر وعينيها تطلق نظرات الإنتقام إليه وقالت بألم مُصطنع:-
-ااااه بطني وجاعني أوى يا مرت عمي ، تعبت من السفر 

كز "عيسي" على أسنانه غيظًا منها لتبتسم هى أكثر وأقتربت منه لتمسك ذراعه بدلال مُفرط وقالت بخباثة:-
-عيسي ، نفسي فى الرنحة

دفعها بقوة ولم يتحمل خباثتها أكثر وقال بأختناق مُنفعلًا:- 
-يا بجاحتك

شعرت بغصة فى قلبها من حدته وقسوته عليها لتدمع عينيها مما أدهش "هدي" فقالت "عطر" بغضب:-
-قولتلك مش بجاحة أنا عيني قوية لأني صاحبة حق 

دفعها إلى "حِنة" بضيق تحت أنظار والدته المُندهشة من معاملته لزوجته لتجهش "عطر" فى البكاء أكثر حين قال:-  
-شلوها من جصادي بدل ما أطخها عيارين وأخلص منها 
لم تتمالك "عطر" أعصابها من كم الضغوطات النفسية التى تتعرض لها، كانت ذابلة وشاحبة ودموعها لا تجف محلها لتقول:-
-طخني عيارين وخلصني يا أخي 
أقترب منها بخطواته لكن وقفت "هدي" بالمنتصف تمنعه من لمس هذه الفتاة ليقول بحدة:-
-بعدي يا أمي... بعدي 
أبتلعت "عطر" لعابها من الخوف بسبب قربه وخصيصًا عندما رأته يقترب أكثر وأكثر منها فقالت بغضب:-
-والله يا عيسي لو مدت ايدك عليا تاني.... 
وقف أمامها مباشرة بغضب سافر وعينيه تلتهمها كالصقر الذي حصل على فريسته للتو، تمتمت بخفوت مُتلعثمة من قربه:-
-أنا بقولك أهو إياك تمد أيدك عليا أنا مش جارية عندك ولا....... 
شعرت بدوران فى رأسها وهبوط بجسدها لتتشبث بذراعه دون وعيه، أندهاش من جرأتها وهى تتكئ عليه رغم خصامهم وما اتهمها به وكاد أن يسحب ذراعيه منها بضيق مُشمئزًا من لمستها لكن للقدر رأي أخر فبدلًا أن يسحب ذراعيه منه طوقها بلهفة بكلتا ذراعيه حين فقدت وعيها كليًا ليتشبث بها بلهفة وذعر قبل أن تسقط، لا يعلم ماذا أصابه ليضمها هكذا رغم خيانتها له وطفلها الموجود فى رحمها من رجل أخر، أى رجل سيقبل بما قبل به قلبه... 
حملها على ذراعيه ووضعها على الأريكة لتسرع والدته و"حِنة" إليها فأبعدت هو عنها ينظر لوجهها من بعيد وهما يحاولان إفاقتها لتعود ذاكرته للخلف حين رأها لأول مرة، ما زال قلبه لا يصدق أن هذه الفتاة ضئيلة الحجم البريئة تخونه؟؟ 
كنت "هدي" حائرة من الحدة بينهما وقسوة ابنها عليها ألا يجب أن يسعد بخبر حملها فقال "عيسي" بهدوء:-
-أنا طالع 

ألتف "عيسي" لكي يغادر لكنه توقف عندما سمع صوت صراخ "عطر" وألتف فرآها تضعط يدها على بطنها بألم شديد مما أفزع "هدي" و"حِنة" وزادت هلعه عندما صرخت "حِنة" بهلع باسمها:-
-عطر

أسرع نحوهما بقلب منقبض من الفزع ويخشي الألم عليها أو أن يُصيبها مكروه ليُصدم عندما رآي الدماء تلوث فستانها الأصفر وهى تتألم بذعر وقوة وتتلوي فى محلها، لم يقف ساكنًا وحملها على ذراعيه بذعر وأخذها إلى سيارته وهى تبكي من الألم وتتألم بين ذراعيه .........

_______________________ 

دقت "خضرة" على باب الغرفة كثيرًا ولم تجد جوابًا، جاء "ناجي" بعد أن ناديته "خضرة" وبعد محاولات كثير فى كسر الباب نجح فى كسره ليُصدم الجميع عندما وجدوا "خديجة" على الأرض وقطعت شرايين يدها والدماء تسيل على فستان زفافها الأبيض وقد أصبحت ضحية لأطماع والدها وجشعه .....


كبرياء صعيدي
الفصل السادس عشر (16) بعنــــــــــوان " براثن عشق"

أستقبل قسم الطوارئ "عطر" على السرير ووقف "عيسي" بفزع ينظر إلى فتاته وهى تصارع الألم والمرض، ابتعد خطوة للخلف يفسح المجال إلى الطبيب لكي يراها، فحصها قليلًا ليقول الطبيب بهدوء:-
-خدوها لقسم الأشعة 

نظر "عيسي" إلي الطبيب وبروده فى التعامل مع حالتها ليقف أمامه يمنعه عن الطريق وقال:-
-أنت رايح فين؟ عالجها 

كانت "حِنة" تمسك يدها بخوف وتدلكها بلطف، دموعها لا تخف عن وجنتيها من الخوف والقلق على "عطر" لترفع رأسها على صوت صراخ الممرضات فصدمت عندما رأت "عيسي" أخرج مسدسه الفضي ووضعه فى رأس الطبيب وبيده الأخري يمسك لياقة البالطو الأبيض الخاص بيه، أقترب "منصور" و"مصطفي" خطوة للأمام رجاله بذعر بعد ما فعله وسمع الجميع تهديده الواضح بنبرته الخشنة بقوته:-
-عالجيها، إياك يجرالها حاجة هى ولا اللى بطنها وعز وجلالة اللى خلجك وخلجني ليكون أخر يوم فى عمرك أنت واللى وياك

دفعه بقوة نحو الفراش ليعالجها بالقوة تحت تهديد السلاح، أبتلع الطبيب لعابه من هذا الرجل وأصبح الوضع مريب أمام الجميع و"عيسي" يقف يرمقه بحدة وفى يده مسدسه، دفع الطبيب السرير المتحرك مع الممرضين إلى غرفة الأشعة، تعجبت "حِنة" لما بدر من "عيسي" للحظة كان يعاركها بالحديث ويصفعها بالكلمات أمام الجميه، من برهةٍ واحدةٍ كان ينكر هذا الطفل لكن الآن يهدد بقتل الطبيب إذا أصاب الطفل شيء، هذا الحنين الذي رفض الأعتراف به وأنكر وجوده يحميه الآن بالسلاح، خرج الطبيب من غرفة الأشعة وبعد الكثير من الفحص أقترب من "عيسي" ليقول بتلعثم خائفًا منه:-
-أنا ....

قاطعه " عيسي" بلهفة والخوف قد تمكن منه ليقول بتوتر:-
-مرتي جرالها حاجة؟

-لا لا هي بخير الحمد لله 
قالها الطبيب بتعجل وكأنه يدافع عن نفسه بسرعة أجابته قبل أن يقتله "عيسي" فى الحال، تابع بهدوء قائلًا:-
-بس الطفل

أنتفض قلب "عيسي" ذعرًا ومسكه من ملابسه بقوة وقال:-
-جراله حاجة؟!!

أبعدت "حِنة" يده عن الطبيب بصعوبة وكأنه ألتصق بهذه الملابس وقالت:-
-خلاص يا عيسي بيه بقي خلينا نسمعه 

تركه بتأفف شديد وقال بلطف:-
-هو الطفل بخير، الحمد لله أن حضرتك جبتها فى الوجت المناسب لأنها كانت هتسجط، أهم حاجة الراحة التامة ليها وفكرة السفر الوجت دا كله بالعربية غلط عليها لأنها لسه فى الأول إحنا هنديها مُثبتات حمل وتاني أهم حاجة الراحة التام بلاش الحركة الكتير ولا الضغط والزعل لأن للأسف المدام عندها مشاكل صحية فى الرحم ودا ممكن يجصر بالخطر عليها وعلى الحمل 

أتسعت عيني "عيسي" على مصراعيها من هول الصدمة، كان ينقصهما مشكلتها الصحية، أومأ للطبيب بنعم ودلف إلى غرفتها مع "حِنة"، رأتها "حِنة" نائمة فى الفراش وبيدها المحلول الملحي بالكانولا، ألتفت إليه وكانت عينيه لا تفارق "عطر" وقلبه ينبض بجنون من الفزع الذي أصابه وهو فى طريقه إلى هنا بها، لم يستوعب عقل "حِنة" هذا الرجل ولم تفهمه فظلت حائرة بين أمرين الأول إذا كان "عيسي" يصدق الخيانة وحديث هذا الحثالة الذي أرسل له عن زوجته فكيف كان مرعوبًا عليها وعلى الطفل هكذا، إذا كان حقًا مصدق بأن الطفل ليس أبنه فكيف يهدد الطبيب لأجل إنقاذه، والأمر الثاني إذا كان لا يصدق ويثق بـ "عطر" لما حدثها بحدة وصفعها حتي صنع ثقبًا قوية فى قلبها تجاهه ولن تغفره "عطر" فتاته العنيدة المتكبرة، ربما "عيسي" يجهل كبريائها وكم ستجرحه كم جرح كرامتها من قبل، تمتمت "حِنة" بإشفاق على ما ألت إليه الأمور بينهما وقالت:-
-أنا هروح أجيب لها هدوم من البيت وهجي على طول

غادرت الغرفة ليقترب "عيسي" منها بخطوات بطيئة لا يصدق عقله ما يراه، "عطر" فتاته المُدللة الباكية، جلس جوارها وضم يديه ببعضهما فشعر بشئ لزق فى يديه، أخفض رأسه للأسفل ناظرًا إلى دمائها التى لوثت كفيه وملابسه حين حملها ليُتمتم بصوت مبحوح:-
-عطر!! وبعدهالك ويايا يا عطر، ليه تحطي حالك فى كف جصاد رجولتي وكبري يا عطر 

دمعت عينيه بألم يمزق صدره حارقًا قلبه فتنهد بعبوس ورفع يده يمسح دمعته الحارة التى تركت أسر جفنيه وشقت طريقها على وجنتيه حتى أختفى أثرها بين شعيرات لحيته الكثيفة، وقف من محله ليدخل إلى مرحاض الغرفة يغسل وجهه بالماء من الدماء التى لوثت وجنته الآن مع مسح دمعته، نظر فى المرآة مطولًا حادقًا بإنعكاسه....

________________________ 

كان "حامد" واقفًا مع "ناجي" و"خضرة" أمام غرفة الطبيب، جاءت "خيرية" بذعر على أختها فقالت بقلق:-
-ها، خديجة فين يابا 

-جوا الدكاترة لحجوها
قالها "ناجي" ببرود على أبنته ثم خرج الطبيب من الغرفة وكادت "خضرة" أن تسرع إلى الداخل لتُصدم عندما وقف رجال "حامد" أمام باب الغرفة يمنعوها من الدخول فنظرت إلى زوجها ثم "حامد" الي قال بجدية:-
-روح يا ناجي عشان تجدر تصحي الصبح بدري لمحاكمة عيالك

كان حديثه يخبره بطريقة غير مباشرة أن الآن قد فقد الحق فى رؤية أبنته دون أذن من هذا الزوج الغليظ، لم تصدق "خضرة" أن هذا الرجل منعها من رؤية طفلتها التى تصارع الموت وكانت على وشك أن تفقد حياتها للأبد الآن، سحبها "ناجي" بالقوة وغادروا تحت أنظار "خيرية" التى تكاد تقتل "حامد" للتو من غلاظته 

________________________

تأخرت "حِنة" عن القدوم مما جعله يفقد صبره وخرج من الغرفة مُتجهًا إلى ركن الأستقبال وقال:-
-لو سمحتي

رفعت الممرضة رأسها للأعلي وفزعت من مقعدها حين رأته خصيصًا بعد ما فعله فى الأسفل بمسدسه وقالت بخوف:-
-نعم

-كنت عاوز خلجات من بتوع المرضى لمرتي 

أومأت إليه بنعم ودلفت إلى الغرفة المجاورة وأحضرت الملابس له ليقول بحرج:-
-معلش تساعدها تغير خلجاتها عشان غرجانة دم

نظرت إلى صديقتها التى أومأت إليها بنعم لتلبي له طلبه حتى لا تسنح لهن الفرصة فى لقاء مسدسه مرة أخرى، بعد أن فعلت دلف "عيسي" للغرفة وجلس جوارها وهندم الغطاء إليها ودون وعي منه ربت على بطنها التى تحمل جنينها بداخلها، أبعد يده قليلًا مُندهش مما فعله ولا يصدق تصرفاته، كيف تبدل حاله حين رآها مريضة هكذا، تناسي أمر ما حدث مقابل رؤيتها سالمة مسح على رأسها بلطف وهمس بعيني لا تقوي على التحاشي بالنظر إليها:-
-أتحملي يا عطر، أتحملي يا حبيبة جلبي

أخذ يدها فى قبضته وظل مُتشبثًا بها حتى غاص فى نومه من تعب جسده حيث جاء من القاهرة إلى الصعيد ثم المستشفي دون أن تغفو له عين......

_____________________

فتحت "خديجة" عينيها بتعب وخنق فى صدرها لا تقوى على ألتقاط أنفاسها لكنها أنتفضت فزعًا عندما رأت المكان حولها، جديد لم تراه من قبل نهائيًا، أعتدلت فى مجلسها تتفحص الغرفة، كبيرة جدًا لم ترى مثلها من قبل سوى غرفة "عيسي" التى سمعت عن حجمها ولم تدخلها من قبل، غرفة باللون الأبيض الحوائط والأثاث وكل شيء بها حتى مُريح للعين والقلب لكن العكس كان بـ "خديجة" ترجلت من الفراش فدُهشت عندما رأت نفسها ترتدي بيجامة من الحرير بكم ذات اللون اللافندر وحول معصمها شاش أبيض ليترجم عقلها سريعًا أنها الآن حية ترزق وفى منزل زوجها "حامد" الذي تزوجته رغمًا عنها فجلست على حافة الفراش بتعب وبدأت دموعها تتجمع فى جفنيها وقدميها ترتعش كبقية أطرافها، ظلت محلها تفكر فى الذي يحدث مع هذا الرجل لتقول:-
-أجمدي يا خديجة، أجمدي متضعفيش هنا 

تنهدت بضيق وجلست تفكر كيف ستقود حياتها هنا وتنتصر على هذا الرجل الغليظ الذي تزوجها بالقوة ....

_________________________ 

تسللت "رؤية" من غرفتها ليلًا بعد أن قررت الهرب من المنزل قبل عودة "عيسي" من المستشفي، كانت "فيروزة" جالسة فى غرفتها غارقة فى هاتفها وهى حائرة بين فساتين الزفاف ليقاطعها ظل أحد من أسفل باب غرفتها، تركت الهاتف على الفراش وذهبت نحو الباب لتفتح ببطء ووجدت "رؤية" تنزل الدرج تدور حول نفسها كاللصوص، دُهشت "فيروزة" من تصرفها وتسللت خلفها وهى تراها على وشك أن تغادر السرايا وعندما خرجت "رؤية" إلى الحديقة صرخت "فيروزة" حتى يستمع الرجال إلى صوتها قائلة:-
-أنتِ رايحة فين؟ 

انتبه "منصور" و"عبدالجواد" إلى صوت "فيروزة" وفزعت "رؤية" بعد أن قُبض عليها وكزت على أسنانها بغيظ وأرتجفت خوفًا، أقترب "منصور" نحوها فنظرت مُطولًا إليه وقالت بضيق:-
-أنا كنت بتمشي شوية

ضحكت "فيروزة" بسخرية عاقدة ذراعيها أمام صدرها وقالت:-
-وهى اللى بتتمشي بتأخد شنطتها وياها 

نظرت "رؤية" إلى حقيبتها التى تحملها في يدها بضيق وظل "منصور" يراقب ما يحدث ويترقب رد فعلها لتغادر "فيروزة" للداخل بعد أن فعلت ما تريده وجعلت "منصور" والرجال ينتبه لهذه اللصة التى تسلل ليلًا فى الخفة ....

_________________________ 

فتحت "عطر" عينيها بتعب فى جسدها وصداع فى رأسها لتشعر بثقل ذراعها وتنميلة أصابعها لتُدير رأسها حتى أصابها الذهول من قربه هكذا وبدأت تستوعب الأمر ووجودها فى المستشفي وبعد ما أصابها من ألم، تذكرت حين وضعها بالسيارة ولم يسمع له "منصور" بالقيادة فجلس معها بالخلف ، ضم رأسها إلى صدره ويترجاها دون خجل من رجله الجالس فى الأمام:-
-عطر، أتحملي دجايج وهنوصل للمستشفي، أتحملي

كانت رؤيتها شبه مشوشة وعقلها يكاد يفقد وعيه كليًا، رفعت يدها للأعلي ليحتضنها "عيسي" بيده بقوة وقال:-
-أنا هنا يا عطر، أنا جارك ومههملكيش 

نظرت إلي وجهه بخوف ومن شدة الألم أعتقدت أنها ستفارق الحياة الآن وألم بطنها تزداد أكثر لتقول:-
-أنا مخونتكش يا عيسي، لو مُت لازم تكون عارف أنى مخونتكش وابني دا منك .. أنا مش وحشة

أنتفضت نفضة قوية أرعبته ليتشبث بجسدها وهو يدلك أطرافها وقال بتعجل:-
-متجولهاش يا عطر، أنتِ مهتسبنيش صوح، أنا هجرالي حاجة لو حصلك حاجة ، هموت بعدك يا عطر 
تشبثت به تكبح ألمها وكأنها تتماسك هى وطفلها لتصارع خروجها بهذه اللحظة فكزت على أسنانها بصعوبة وتكتم أنفاسها ثم قالت:-
-متسبنيش يا عيسي ... أنا خائفة... ابني

-مهجرالوش حاجة، والله يا عطر 
قالها بحزن شديد وخوف، دمعت عيني "عطر" بألم وهى ترى خوفه وللحظة من الخوف تناست الوجع والألم الذي أصابها من حديثه ولطمه لها، لا تتذكر الوجع أمام شعور الخوف من فقد الطفل الموجود بأحشائها .....

تذكرت حوارهما ولحظتها الأخيرة معه قبل أن تفقد وعيها فى حضنه، لم تفهمه إذا كانت أفعاله تصرخ بحُبها له ورُعب عليها ولا يقوى على فراقها فكيف قسي هذا القلب العاشق عليها ظلت ساكنة تنظر إليه بدهشة وهو نائمًا على مقعده ومتشبث بيدها باستماتة خائفٍ من فقدها أو يُصيبها مكروه، تطلعت بوجهه ولا تفهم موقفه إذا كان يصدق خيانتها فكيف رأت لهفته عليها؟، شعرت بنفضة قلبه وأرتجاف ذراعيه أثناء حملها فى الطريق للمستشفي، كان كطفل صغير يخشي فقد والدته، دلفت الممرضة إليها على موعد أدويتها فتبسمت فور رؤيتها مُستيقظة لتقول بحماس:-
-أخيرًا فوجتي، دا أنتِ نشفتي ريجنا وياكي
نظرت "عطر" باستغراب من حديثها لتعطيها الممرضة قرص الدواء وكوب من الماء وهى تقول:-
-أول مرة نعالج مريضة تحت تهديد السلاح 
نظرت الممرضة إلى "عيسي" وهو نائمًا مما جعل "عطر" ترمقه مثلها وتسمع أفعاله المجنونة من هذه السيدة:-
-كان هيتجنن عليكي ويجننا وياه، رفع سلاحه فى رأس الدكتور وجاله لو جرالك حاجة أنت ولا اللى فى بطنك هيجتلنا كلنا 
لا تعلم ماذا يدور برأس هذا الرجل، اتهمها بالخيانة وأنكر الطفل لكنه يهدد بالقتل من أجل هذا الطفل، ينفر منه لكنه يخشي فقده ورحيله، فاقت من شرودها على صوت الممرضة تقول:-
-ربنا يباركلك فيه وفى حبه ليكي ويرزجني حب زى دا 
غادرت الممرضة فنظرت "عطر" إليه بدهشة من أفعاله، قربت يدها من رأسه وقبل أن تلمسه بأناملها تذكرت صفعته لها لتبتلع لعابها وتبعد يدها سريعًا وتسحب الأخري من قبضته مما جعله يستيقظ مذعورًا، نظر بوجهها بلهفة وقال:-
-أخيرًا، حاسة بحاجة وجعاكي 
نظرت "عطر" للجهة الأخرى بضيق ونفضت ذراعيه عن أكتافها بحدة قاتل ومعالم وجهها العابسة بنظرات إزدراء تخبره بمدي قساوة ما عانته بسببه فقالت:-
-أطلع برا.. أنا مش عايزة أشوفك 
أبتلع لعابه بخنق ثم خرج من الغرفة صامتٍ، تنهدت "عطر" بضيق وقالت مُتمتمة:-
-والله لو ندمت عمرك كله يا عيسي ما هسامحك... اللى أتكسر مش هيتصلح 

خرج من الغرفة ووجد "مصطفي" يتحدث فى الهاتف مع "منصور" يقول:-
-خلي عينك عليها، البت دى وراها مصيبة

سأل "عيسي" بضيق قائلًا:-
-هي مين؟

أغلق "مصطفي" الهاتف وقال بضيق:-
-فيروزة هانم خيتك شافت الست رؤية بتهرب من البيت ومنصور جبض عليها

أومأ "عيسي" بضيق مما يحدث ولا يشغل عقله الآن سوى محبوبته الموجودة بالداخل فقال:-
-خلي عينيه عليها، المهم عملت أي فى اللى جولتلك عليه

سار "مصطفي" جواره وجلسوا على المقعد الحديدية الموجودة أمام الغرفة، قال بجدية:-
-لا الموظف فى الشركة مردتش بكل الطرج أنه يخبرني بالمعلومات بتاعت صاحب الرجم

تنهد "عيسي" بضيق وقال:-
-كيف ما عمل يوم ما أتجوزتها 

تنحنح "مصطفي" بضيق شديد ثم قال بحرج من الحديث هكذا:-
-أعذرني يا بيه، بس أنا مفهمكش ، كيف بتدور وراء اللى بيأذي مرتك وخابر زين أن فى حد بيأذيها وتوجعها أكدة 

تبسم "عيسي" بلطف من حديث صديقه وقال بعفوية:-
-أول مرة تجولي يا بيه وإحنا وحدين يا مصطفي، دا أنت صاحب عمرى وبير أسراري

نظر "مصطفي" إليه وقال:-
-إحيانا بحس العين ما تعلاش على الحاجب وأنت ولد الجصور الكبير ولد الكبير وحفيد الكبير كيف أنسي دا وأنسي أنى ولد الغفير 

ربت "عيسي" على قدمه بخفة وقال:-
-أنت جدع اوي يا مصطفي

-ومادام جدع وبتعزني ذنبها اي الست اللى جوه دى فى دماغك الصعيدي دي

ضحك "عيسي" بعفوية وقال بلطف:-
-ذنبها أنى صعيدي ودماغي صعيدي ، عارف أنا فكرت فيها زين ملاجتلهاش حل غير أن فى حد بيراجب عطر، حد كان خابر زين كل خطواتها وحتى لما راحت تعمل التحليل ... 

صمت يبتلع بقية حديثه وما يجول فى خاطره، جاءت "حِنة" مع شروق الصبح فغادر "عيسي" دون كلمة واحدة منه وأتجه إلى مكتب الأتصالات ليسمع نفس الجملة المُعتادة:-
-يافندم مينفعش أبلغك بمعلومات العملاء

لم يتمالك "عيسي" أعصابه وبالتحديد أن هذا الأمر يتعلق بسلامة "عطر" وهو لا يعرف من هذا المترصد الذي يترصد لها وما هى خطوة القادمة ربما يجرأ على أذيتها بدلًا من أشعال الفتنة بينه وبين زوجته وهذا الذي لم يقبل به أبدًا ، كز على أسنانه وهو يفكر إلى متى سيوجه مسدسه على رؤوس الجميع لأجلها فأخرج المسدس مرة أخرى وأجبر الموظف بتهديد السلاح على أظهار المعلومات لهذا الشبح المجهول ليُصدم عندما رأى اسم هذا المجهول وأتسعت عينيه على مصراعيها من هول الصدمة .........

يتبع 

           الفصل السابع عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات