أخر الاخبار

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل الحادي والعشرون21والثاني والعشرون22 بقلم فاطيما يوسف

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل الحادي والعشرون21والثاني والعشرون بقلم فاطيما يوسف

انحصرت أنفاسها ولم تعد تقوى على التنفس في قربه ، ياالله كم من المشاعر المتضاربة التي تطرق علي ابواب قلبها كالطبول تطالبه بالمزيد ، كم أنت بارع حقا أيها الآدم في أن تجعل كلي يثور داخلي ، 


رأت نظراته المترجية ويداه الممدودة لها وكأنه مسكينا في الغرام ويترجى النظرة كي يجبر قلبه الجائع لها ، 


ثم همست بدون تفكير :


_ ارفع النقاب يا آدم مش من حقي أمنعك دلوك .


ابتلع ريقه وأخرج تنهيدة حارة تنم عن مدى غرامه بها فلقد أذنت لها حبيبته أخيراً بفك الحصار كي يراها ، 


كم كان ذاك الشعور مرهق لقلبهما فهو عاشق ولأول مرة يرى وجه من عشقها ، ثم اقترب منها وكادت المسافات أن تكن معدومة بينهما ، أحس بسخونة أنفاسها من تحت نقابها تدل على اضطرابها ، سمع صوت نبضات قلبها وهي أمامه واختـ.ـرقت خلايا جسده ، رفع نقابها في موقف حبـ.ـس أنفاس لكليهما ، 


وأخيراً أزاح الستار عن معشوقة القلب والروح ، ودقات قلبه ونظرات عيناه تنظر لها بانبهار وقلب خفقان لصاحبة العيون الزرقاء ، 


يا الله أقسم برب السماء الذي خلقكِ وسواكِ أنك ملكتي الفؤاد وأنرتي الظلام بطلتك ملاكي ، 


اهدأ أيها الآدم ، اهدأ قلبي ، اهدئي ايتها النفس الضائعة الهائمة في بهاها ، 


فلقد طلت عليك الشمس والقمر والنجوم في لحظة وضحاها ، 


أخبروها بأنها الأمس واليوم والغد والكل وهي النفس ومُنياها ، 

أخبروها بأن ترأف بحال مسكين عاشق ذاب فماذا بعد ؟ ماذا عساها ؟


#خاطرة_ادم_المنسي

#بقلمي_فاطيما_يوسف

#من_نبض_الوجع_عشت_غرامي 


تسمرت عيناه على كتلة الجمال الطبيعي الذي يأثر النفس ويجعلها تذوب غراما ، كم رآها في مخيلته كثيراً بألف وجه ولكن الآن أجزم أنه لم يتخيل طلتها الخاطفة لأنفاسه وأن وجهها لم يكن من بين الألف الجميلات اللائي رسمهن خياله ، 


أما هي ألقت نظراتها أرضاً من شدة خجلها بسبب نظراته الهائمة به ، 

نعم لقد فهمت معنى نظراته وتسللت داخلها وجعلت ذاك الساكن الذي لم يتحرك ابدا تحرك الآن بنبضات متتالية لم تنفض عنها ولن تصمت عن دقاتها بعد ، 


وأخيراً بعد حبـ.ـس تلك الأنفاس لكليهما رفع وجهها وأجبـ.ـر عيناها كي تسكن عيناه ثم همس بعشق:


_ حرام عليكي يا شيخة ، حرام عليكي بجد ، ايه اللي بتعمليه فيا ده !


اتسعت مقلتيها بذهول من كلامه وسألته عيناها ماذا بك ؟ فهي من شدة خجلها لم تقوى على التفوه فأكمل هو تلك اللحظة بتلك الأغنية الذي ألقاها لها بصوته الملائكي ، 


وللعجب أنها لأول مرة تسمعه بدون موسيقى فلقد سحرها بجمال صوته وسحبها لعالمه أكثر وأكثر ، 


أما هو غنى لها :


_ عيونك شايفها وحاسس إن أنا عارفها

سيبيني براحتي أوصفها مكسوفة ليه

كإنك معايا بقى لك عمر ويايا

بنفس الصورة جوايا من قد إيه

سنين شايفك في أحلامي بنادي عليك ضميني

ليالي كنت مش عايش ومستنيكي تحييني

وحشتيني، وحشتيني سنين بعدك على عيني

ليالي كنت مش عايش ومستنيكي تحييني

وحشتيني، وحشتيني سنين بعدك على عيني

ليالي كنت مش عايش ومستنيكي تحييني

يا أجمل هدية بعتها القدر ليّ

يا قمري في عز لياليا أوصف لك إيه

والله والدنيا بقت في عينيّ حاجة ثانية

هواك قابلته وفي ثانية جريت عليه

سنين شايفك في أحلامي بنادي عليك ضميني

ليالي كنت مش عايش ومستنيكي تحييني

وحشتيني، وحشتيني سنين بعدك على عيني

ليالي كنت مش عايش ومستنيكي تحييني

وحشتيني، وحشتيني سنين بعدك على عيني

ليالي كنت مش عايش ومستنيكي تحييني

بحبك هقولها يا ريت قبل ما أكملها

تعالي في حضني ونقولها إحنا الاثنين

وحشتيني، وحشتيني سنين بعدك على عيني

ليالي كنت مش عايش ومستنيكي تحييني

وحشتيني، وحشتيني سنين بعدك على عيني

ليالي كنت مش عايش ومستنيكي تحييني

وحشتيني وحشتيني .


وفور أن انتهى من أغنيته لها التى دلت على مدى وحشته لها وعلى حين غرة جذبها إلى أحضانه قبل أن تفيق من حالة التيهة التى اعترتها في همسه ولمسه ، تشبس بأحضانها كالغريق الذي وجد قارب نجاته بين يداها ، قرر الإبحار في عالمها الخاص ، ظل في أحضانها يتنعم بقربها ، يشتم رائحتها ، 


أما هي كانت متخبطة ، مشاعرها البدائية لأول حضن في حياتها لحبيبها وزوجها حتى ولو كانت إجبارا عنها ففي حضرة المحبوب تندثر قوانين الكبرياء والكرامة ، ففي حضرة المحبوب تفوز لحظات العشق وتركل أبواب القلوب بمهارة حتى تستقر داخل شباك الحبيب ووقتها حتما ستسطر النهاية ، 


قد فاز الحب على الكبرياء ، ومـ.ـاتت الكرامة وليس لها عزاء ، فهي الآن أعصابها مخدرة ، مهـ.ـلكة ، متيمة ليس لها دواء غير أحضانه ، 


ثم أخرجها من أحضانه واقترب منها ليزيح خصلة شاردة فوق عينيها يتلمس وجنتها نزولاً إلي فكها ثم صعد إلي شفتيها يتلمس كل منهما بإبهامه :


_ طلعتي جميلة حد الفتنة ، طلعتي أحسن من اي أغنية غنيتها ، طلعتي مبهرة ، 


ثم أمسك يدها ليوضع كفها علي صدره وأردف:


_ شوفي دقات قلبي في قربك عاملة ازاي ، شوفي لو بعدت عنك وده إن قدرت قلبي هيعمل فيا ايه ، حياتي هتبقى من غيرك ضياع ، 


واسترسل حديثه وهو يمرر عيناه على وجهها ككل يحفظه داخله ، مرة داخل عيناها وأخري شفتاها وأخري وجنتاها وأخيراً قرر أن يكشف عن باقي المكنون وهي مازالت في تيهتها ، 

وفجأة وبحركة خفيفة خلع عنها حجابها وانسدلت الأمواج السوداء الكاحلة على ظهرها مما جعله ينظر إليها بانبهار وهو يبتلع أنفاسه بصعوبة ، اما هي نظرت بعيد عن عينيه تحاول كبت مشاعرها كي تصد هجومه الضاري على قلبها المسكين ، لكنها لم تقدر أن تستعيد قواها وأخفت كل مشاعرها التي تملكت منها لمساته وهمساته بكل ضعف منها، 


ثم نظرت له بعيون تخفي ضعف يستكين بداخلها وقلب يخفق ألماً وعشقاً معاً، ترتجف من لمساته التي تجعلها تود أن ترتمي علي صدره ويدفئها بحرارته المنبعثة من توهج عشقه لها، لكن كبريائها كان يصرخ بداخلها يحثها بأن تصم أذنيها عن كلماته ورجائه وأن لاتتأثر حتي بأسبابه ولكن تفوهت بكلمة واحدة وهي تبعد يداه برفق عنها :


_ آدم أرجوك ابعد ومتستغلش ضعفي في قربك اكتر من اكده ، كفاية علي كدة النهاردة.


لم يقدر على الابتعاد عنها وأزاح قميصه من علي صدره ليشير إلي موضع قلبه الموشوم أعلاه وأكمل:


_ بقى يرضيكي بعد الجرى وراكي ده كله وقلبي ده اللي اتعـ.ـذب في جفاكي ونفورك منه الشهور دي كلها وتيجي لحظة قربك وتقولي لي أبعد !


ثم بتسم بهدوء وأمسك كفها وطبع بداخله قبلة لثوان ولكن أذابتها من حرارتها المنبعثة من شفتاه ثم نظر إليها وأكمل :


_ لااااا ياعمري مش هيحصل ولو عملتي ايه بالذي أو قلتي ايه بالذي مش هبعد ، هو معقولة أبقى في الجنة اللي دخلتها دلوقتي على ايديكي هسيبك وهبعد !


متحلميش يامكة ومش هيحصل ابدا.


استجمعت شتاتها المفرق في قربه ثم نظرت جانبها وجذبت حجابها كي تغطي راسها ولكنه لحقها وأخذ منها الحجاب ورماه بعيدا عنها ، ثم اقترب منها وجذب خصلات شعرها بين يداه برفق ثم قربه من أنفه واستنشقه بهيام وكأنه عبير من الجنة بين يداه ثم لف خصلاته علي إحدى يداه ودفن الأخرى بين شعرها حتي وصل إلى رقبتها ثم اقترب علي وجهها وأسند جبهته بجبهتها وتحدث وهو ينظر داخل عيناها ويتنفس أنفاسها مرددا برفض قاطع وهو يغمز لها بطريقة أذابتها أكثر من ذلك:


_ هو إنتي مش تعرفي ربنا كويس ، وربنا بيقول لك مينفعش تداري زينتك على جوزك ، حجاب ايه بقى اللي تلبسيه وانتي قاعدة مع جوزك حبيبك ؟


مكة لازم تفهمي كويس اني بقيت جوزك يعني من حقي أشوفك في اي وقت واكلمك في اي وقت ، ونحب في بعض في اي وقت ، وأطلب منك تدلعيني فتدلعيني ، وأطلب منك نتكلم مع بعض ونسهر لحد الصبح فتسهري معايا ، واقول لك يالا نخرج نشم هوا فتخرجي معايا ، وإلا هتشيلي ذنب والملايكة هتلعنك. 


اتسعت مقلتيها بذهول من ذاك المجنون في وجهة نظرها ثم استجمعت قواها اخيرا واقتربت يداها من صدره تبعده عنها ولكنه تمسك بيدها وحاولت الإفلات من قبضته لكنها لم تستطع فتحدثت باستنكار:


_ هو انت بتاخد بالك من كلام ربنا في حاجات وحاجات له ! انت عجيب قوووي ياشيخ ، 


مش واخد بالك بردو أننا مش مكتوب كتابنا طبيعي زي اي اتنين واني اتغصبت على وجودك في حياتي .


وضع إبهامه على شفاها كي يمنعها أن تكمل ثم نهاها عن الحديث :


_ متحاوليش تنكدي عليا وتخلي هرمونات النكد اللي بتبقى جوة كل ست تطلع دلوقتي ودلوقتي بالذات علشان مش هديكي الفرصة يامكة ، ومهما كان كلامك واعتراضك في النهاية إنتي مراتي ومن حقي عليكي الطاعة يا إما هشتكيكي لربنا وانتي بتخافيه اووي فبلاش نمشي مع بعض بمبدأ الملاوعة ده .


نفخت بضيق من حصاره ثم سألته بغيظ وهي تأكل شفتاها وتلك حركتها المعتادة عند الاضطراب الشديد لديها:


_وه يعني انت عايز ايه دلوك يابن الناس ، اني تعبت ومبقتش قادرة أتحمل لعب الأعصاب دي واصل .


أعجبه نبرتها الطفولية وحركاتها التى تفتعلها بوجهها فكل حركاتها جديدة عليه كليا فأول مرة يراها ثم احتضن وجنتاها مرددا بنفس لكنتها:


_ عايزك في حضني وجار قلبي يابت الصعيد إنتي ، 

عايزك تُبقى ليا وعايز حضنك ميفارقش حضني واصل وبس اكده ، 


ثم استرسل حديثه وهو يغمز لها بكلتا عينيه بدعابة:


_ ايه رأيك فيا واني بتتحدت وياكي صعيدي مش لايق على بردو ولا ايييه ياقمرة إنتي ؟


نفخت بضيق ثم أدارت وجهها المحكم بيداه بعيدا عنه وظل يشاغبها كثيراً وكثيرا فتلك لحظته المنتظرة ، فوجدها تجيبه:


_ طبعاً مانت ممثل تعرف تتغير وتتلون بميت لون في لحظة ، يعني لو عايز تحب وتدوب اللي قدامك هتعرف تعملها ، لو عايز تبكي وتبكِّي اللي قدامك بردك هتعرف تمثلها ، 


حرك وجهها مرة أخرى بحدة خفيفة آلامتها وجعلتها تنهره :


_ يدك تقيلة وجعتني .


حرك حاجبه بعبس :


_ سلامتك من الوجع ياقلبي ، بس انتي ضايقتيني بكلامك ، 


لاحظ تعجبها فأكمل هو :


_ ايون ، يعني اني بمثل عليكي الحب مثلاً ! طيب بذمتك يامكة واحد في مكانتي الفنية هيستحمل منك اللي استحمله ده كله ليه ! علشان بس يقضي معاكي لحظة صفا وبعدها يفر ، ولا علشان يخطف قلبك ويسيبك ويغدر ، 


وتابع حديثه وتبدلت نظراته من ملامة لها إلى عاشقة وبنبرة متيمة اعترف لها :


_ لاااا ياحبيبتي ده علشان أنا ب ح ب ك ، عارفة يعني ايه بحبك ؟ يعني ايه قلبي وكلي عايزك ومش عايز غيرك ، يعني مهما يحصل مش هبعد يامكة مش هبعد .


أخذت نفسا عميقا ثم زفرته بهدوء وتابعت باستفسار:


_ طيب انت نسيت مشكلتنا وسرحت في عالم تاني خالص هنعمل ايه فيها ؟


استوعب سؤالها واردف بنبرة عاشقة متجنبا خوفها:


_ طيب هو في أحلى ولا أجمل من العالم اللى أنا سرحت فيه ؟


قدامي مراتى حبيبتي اللي سحلـ.ـتني وراها ومرمـ.ـطت اللي خلفوني لحد لما وصلت للحظة دي ولولا إن ربنا مرضاش لعبده المرمطة اكتر من كدة وعارف إنه كفاية عليه كدة وهونها عليه كان زماني لسة بعد النجوم وبسهر الليل على ضوء عيونك اللي بلون السما ياحبيبي.


اتسعت مقلتيها بذهول من حديث ذاك الآدم وحتماً سيجعلها تطبق في رقبته الآن من طريقته ثم هدرت به :


_ ياربي ، أووووووف ، هتجنني معاك والله واني منقصاش جنان .


ابتسم بمشاغبة ثم أردف :


_ الله شفتك النهاردة بجميع حالاتك وكلهم في وقت واحد بذمتك أنا مش متمكن بردو ؟


قال كلمتها الأخيرة وهو يغمز لها بطريقة جعلتها تبتسم ثم أكمل :


_ ايون كدة ياشيخة اضحكي خلي الشمس تطلع والدنيا تنور ، خلي القلب يدفى بعد البرد اللي عشش جواه .


تنهدت بتعب ثم طلبت منه :


_ طيب ممكن نشوف المشكلة ونحلها الأول وبعدين نشوف جنانك ده وهنشوف هنكمل مع بعض في الجواز ده ولا .... لم يتركها تكمل ووضع يداه مرة أخرى على شفاها ناهرا إياها:


_ متكمليش يامكة مش هسيبك ورب الكون ماهسيبك ، 


ثم جذب وجهها إليه وأنهال علي شفتيها بعشق ووله مصاحبان لقليل من العنف في قبلته بسبب تهديدها له بالابتعاد فلم يشعر بحاله وهو يقبلها بذاك العـ.ـنف الذي آلمها، 


يعلو بداخلها أصوات صراع صاخبة بين قلبها وكبريائها فقامت بدفعه في صدره وهي تلتقط أنفاسها، إنحنت نحو الأرض وألتقطت بعنق زجاجه حطـ.ـمتها على الفور ووضعتها عند العرق النابض في عنقها وصاحت بتهديد بعدما فاض بها:


_ والله لو عملت اكده تاني لاهمـ.ـوت نفسي وأريِحها واريِحك مني وأريح الدنيا كلياتها ، 


ثم استرسلت ودموعها التمعت داخل عيناها:


_ يا أخي اديني فرصة استوعبك ، اديني فرصة أتقبل ظروفك وأشوف هتعامل وياها إزاي .


إتسعت عيناه خوفاً فأشار إليها بكفيه وقال:


_ خلاص خلاص نزلي الإزازة دي وأنا والله ماهعمل كدة تاني ، بس أرجوكي اهدي وصدقيني أنا مش بحلف كذب .


رمت عنق الزجاجة المحطمة على المنضدة ثم لامها :


_ بقى كدة يامكة والله حرام عليكي بجد .


لم ترد عليه ولكن لاحظ نظراتها للزجاجة مرة أخرى وكأنها تهدده ثم نفخ بضيق من أفعالها المتهورة ، ولكن حاول تهدئة حالها ثم أمسك حجابها ويليه نقابها قائلاً:


_ اتفضلي البسي الحجاب ولمي شعرك كويس جداً والبسي النقاب وخلي اعصابك هادية علشان هنطلع البث المباشر ، واعملي حسابك بردو هتمسكي في ايدي طول البث علشان متتهوريش قدام الكاميرا ، 


ثم أدلى عليها تعليماته وما سيقولاه في البث وأطاعته بكل شيئ ، وبالفعل بعد دقائق بدأ البث وذكر فيه كل ما قالته له أخته بالتفصيل وبدأت المباركات تنهال عليهم بالآلاف وفي نهاية البث نظر إليها وأمام العالم أجمع وهو ينظر داخل عيناها :


_ وفي النهاية احب أقول لمكة قدام العالم كله اني مش بس بحبها علشان مكتوب كتابنا لاااا ،انا بحبها علشان هي أعظم انتصاراتي ، هي كل حاجة حلوة حصلت لي في حياتي ، وبوعدها قدامكم كلكم اني عمرها ماهسيبها ولا هقدر أستغنى عنها ، ومن دلوقتي بعزمكم على فرحى منها بعد أسبوع يا أجمل جمهور وعيلتي التانية .


ثم أنهى البث بعد أن ودع متابعينه فدلفت هند ومها وسكون وعمران وماجدة فرحين بأن الغمة انزاحت فجذبوها إلي أحضانهم وانهالوا بالمباركات عليهم وهي بعد كل ذلك تشعر بالتخبط وعدم الارتياح ولكن ستترك امرها بيد الله يدبره كيفما شاء وليس احن على قلوب العباد من خالقها .


*******************


في نفس اليوم وبالتحديد في الساعة السادسة مساء  في مكتب ماهر الريان جالسا وهو شارد الفكر يتذكر اليوم المشؤوم الذي مر في حياته فهو من الأساس لن ينساه ، 


عاد بذاكرته إلى عشر سنوات من الآن وهو يتذكر تلك الليلة المريرة التى فقد فيها ابنته وهي ولدت للتو وأخذها بين أحضانه ولم تلبث عشر دقائق حتي فارقت روحها الحياة قبل أن تبدأ ، 

وظل يردد داخله بحزن دفين :

_لم يؤلمني التقدم بالعمر لأنه محتم ، بقدر ما ألمتني أمنيات شابت بداخلي ، لقد شاخ قلبي قبل عمري،

نمضي في الحياة ولا نعرف أين نحن ذاهبون ؟

نهرب من أشياء لا نعرف لما تطاردنا ؟

نقوم بكل الأشياء المفروضة علينا إلا تلك التي نرغبها و بشدة ،

نتكلم كثيرا إلا الكلام الذي نود قوله نحبسه بداخلنا !

تائهون في حكايات مضت ،وأخرى نعيشها ،

مشتتون بين أمنيات نرغب بها ،وأخرى تاهت منا دون أن ندركها ،

معتادون على كل شيء حدث ويحدث معنا ، 

مقبلون على الحياة دون أنفسنا ، 

وبعد ..

إلى الأيام القادمة مري علينا بسلام ،فقلوبنا جدًّا متعبة ومرهقة ،

أرهقتها الحظوظ وأتعبتها تراكمات الأيام ، 


#فلاش_باك 


فرح وهي تتوجع بشدة:


_ الحقني ياماهررر بمووووو.ت آااااااااه .


شعر بالذعر لحالتها ثم نقلها على الفور إلى المشفى وما إن رأوا حالتها حتى أدخلوها فورا إلى غرفة العمليات وألح عليهم أن يدلف معها ، 


ولبس الملابس الخاصة بالعمليات ودلف معها وهو ممسكا بيديها ، ينظر إليها بهـ.ـلع وهو مرتعبا من فقدانها ، 


بعد ساعة كاملة من وجودهم في غرفة العمليات فقد كانت حالتها صعبة للغاية فهي قد تناولت عقاراً مخدرا يؤدي إلى الوفاة فلم يتحمله جنينها ، 


ولكن سطر القدر كلمته وفارقت روحها الحياة وعادت إلى بارئها وهي مخطئة في أمانة روحها التي أهدرت فيها ونسيت انها أمانة ونسيت قوله تعالى "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين"


أدمعت عيناه على فراقها رغم رحلة عذابه معها ، أمسك ابنته التي ولدت للتو في أحضانه يشتم رائحتها ، يتلمسها برفق وحنان ، يكبر في أذنها ومع انتهاء اخر تكبيراته فارقت روحها هي الأخرى الحياة فلم تتحمل المخدر السام التي تجرعته والدتها ، 


لاحظ شحوب وجهها فعلم أن قطارها وصل محطته الأخيرة قبل أن تنتهي أصوات صافرة تحركه ، 


حضنها بين أحشائه بعمق ورهبة من فقدانها مرددا بوجع من يراه تذرف عيناه دموعاً كالأنهار ، فقد فارق الرضيع وضاع قبل أن يتنفس :


_ آااااااااااااه ، لااااااااااااااا، بنتااااااااااااي ، 


ظل يصرخ بلا جدوى ولا فائدة على ضناه التي ماتت بين يداه قبل أن يجبر قلبه وتقر عيناه بها ، حلم السنين أن يكون أبا لأنه عاش ابناً وحيداً رحل قبل أن يتعمق ذاك الحلم ويبتسم له وكان ذلك نبض الوجع الأول الذي ناله ماهر من الغرام ولكنه الوجع الأكبر والقاسم للظهر .


#عودة_من_الباك


دلفت رحمة إليه بملف القضية التي سهرت عليه فقد وكلها بتلك القضية أن تفهم مغزاها وتأتي له بالحل الجذري بها وحقا كانت صعبة ،


نادت عليه كثيراً وكثيراً ولكنه كان شارد مغمض العينين وفاق أخيراً من شروده وفتح عيناه اللامعتين بالدموع وفور أن رأته بتلك الحالة تخبط القابع بين أضلعها هلـ.ـعا على معشوق الروح ومعـ.ـذبها ، اقتربت منه بلا هوادة وسألته بخـ.ـوف :


_ مالك ياماهر وشك مقلوب اكده ليه ! في حاجة حوصلت لاسمح الله ؟


بعينين قاتمتين وغضـ.ـب عارم على صوته :


_ إنتي ازاي تدخلي المكتب من غير ما اديكي الإذن يابني آدمة إنتي ؟!


تراجعت بضع خطوات للخلف وهي تنظر له بصدمة من طريقته الفظة معها ولكن ليس هذا مايزعجها فهي أصبحت تحفظه عن ظهر قلب ،فهي اقتحمت عزلته وهو في أشد حالات ضعفه ورأت عيناه اللامعتين بالدموع،


إياكم أن تستحقروا دموع الرجال،

فـدموع الرجال لاتسقط الاعندما تكون فاقت الهموم فاقت قمم الجبال ،الرجل لا يبكي إلالسببين ، 

الأول حين يفقد أحد والديه ،

و الثاني حين يعشق إمراة حـد الجنون 

ولاتكون من نصيبه،

و يبكي الرجـال لفراق الوطن، وغياب الأحبة 

يبكي الرجال عند مـا يسقط كبريائه وعزته وتـغلق الدنيا ابوابها عليه،

يبكي الرجال عندما يكون كرمه أخضر 

كان الجميع معه و عندما يبس الكرم تفرق الجميع و تركوه بمصائب ، 

يبـكي الرجال و لكن في العتمات وتحت الأمطار و على الوسائد ، لكن دموع الرجال لا تخرج من العين على الخد فـ يراها الجميع بل تخرج من القلب وعلى القلب فتظهر التنـهداات و النظرات و تجاعيد الوجه بيـاض الشعر ورجفة اليدين ،هكذا يبكي الرجال ، 


ثم اصطنعت الزعل وتحدثت وهي تعطيه ظهرها تنتوي الخروج :


_ تمام .


قام من مكانه بحدة وهو يركل الكرسي بقدمه مما جعله طار ناحية الحائط وأصدر ضجيجا أرعبها جعلها أدارت وجهها له ورأت علامات الغضب لاتبشر بالخير على وجهه ، وفجأة اقترب منها وفاجأها بمسكه له من ذراعها لأول مرة يهزها بعـ.ـنف وهو يهذي بكلماته الغاضـ.ـبة وكأنها بفعلته تلك وضعت البنزين على النـ.ـار مما جعل غضبه سريع الاشتـ.ـعال :


_ هو بمزاجك الدخول والخروج ! ولا انتم مفكرين انكم هتمشوا الكون على كيفكم .


علمت أنه الآن كان داخل قوقعة الماضي الأليم الخاص به وأنه ليس في عقله وحتما وجب عليها مجاراته كي تجعله يستفيق فهي قررت ان تجعله يخرج مافي صدره ويكبس على أنفاسه ولن يكن ذلك إلا باستفزازه :


_ أه طبعا بمزاجي وعلى كيفي ، أنى حرة ياماهر وانت مليكش حكم عليا ولا صالح بيا .


هزها بعـ.ـنف أكثر من ذي قلب فقد أشعـ.ـلت الفتيل وأوقدت الحـ.ـريق داخله فلتتحمل ماذا يحدث لها الآن ثم ذهب ناحية الباب وأحكم إغلاقه مما جعل ناقوس الخـ.ـطر يدق على ناقوس جسدها وصارت لاتقوى على الحراك من هيئته الغاضبة ولوهلة شعرت بحماقتها ثم عاد إليها ينظر إلى جسدها كالأسد الجائع وما إن رأى فريسته حتى انقض عليها، أمسكها من ذراعها متحدثاً بفحيح ولأول مرة ترى تلك النظرة :


_ مين قال إنه بمزاجك يابت امبارح ! مش قبل ماتدخلي عش الدبور تشوفي الاول هتعرفي تتحملي قرصته ولا له ؟


لم تشعره بالخوف ولو لبرهة واحدة فهي رحمة المهدي ولم تعهد ذاك الخوف وردت عليه بقوة :


_ مين قال لك اني مهتحملش ، لااااا يُبقى إنت متعرِفنيش لا دبابير بخاف من قرصها ولا تعالب بخاف من مكرها ولا أسود بخاف من زئيرها الواهي اللي اعتادوا عليه علشان يخوفوا اللي قدامهم .


أنهت كلامها ثم ضغطت بحذائها ذو الكعب الحديدي على مشط قدماه بقوة غليظة لاتناسب جسدها الضئيل مما جعله افلت يداه من حركتها المفاجأة وتوجع قدماه ولكن لم يتأوه كي لايشعرها بضعفه وهي تردد من بين أسنانها بحدة :


_ خليك بطل وجنتل وواجه من غير فرد عضلاتك على واحدة ست يامتر .


لم يلقى بالا لكلامها المستفز ووضع يداه على صدرها وأزاحها ناحية الحائط قائلاً ببرود قـ.ـاتل :


_ خليكي على مبدأك ياسوبر هيرو واجمدي اكده علشان خاطر هوريكي الجحـ.ـيم على الارض دلوك يابت سلطان ، 


وعلى نفس تثبيته لها في الحائط وقبضته كما هي جذب ريمود الشاشة وأشعله على موسيقى عالية كي لايسمعه من بالخارج فتحدثت هي :


_ ايه هطلع عقدك عليا دلوك يامتر ولا ايه ؟


ثم ضربته بقبضة يداها الصغيرة في صدره مرددة بعصبية : 

_ فووق ياماهر ميلقش عليك الحاجات داي !

اطلع بقى من قوقعة الماضي الفارغة اللي عايش فيها بقى لك سنين وهتضيع الباقي من عمرك .

جز على أسنانه بغضب من طريقتها المستفزة لها :


_ إنتي مالك بالماضي ملكيش دعوة بيه ،


واسترسل حديثه الغـ.ـاضب:

_ وبعدين انتي بقيتي تتدخلي كتير في اللي ميخصكيش واللي مدتكيش الاذن تتكلَمي فيه.


كانت تنظر إلى قبضتاي يداه المحكمة بشدة عليها وداخلها يرتـ.ـعب ولكن نظرة عيناها تدل على الصرامة مما أوحى له أنها لاتهابه فيزداد العند اكثر من ذي قبل ويتوعد لها أكثر من ذي قبل ، 

ثم تحدثت وهي تحاول إفاقته بطريقة أكثر برودا:


_ هو انت مفكِر انك بطريقتك داي هتخـ.ـوفني منيك مثلاً ! أو المفروض اني أبوس ايدك واقول لك بعد عني وسيبني أخرج !


واسترسلت حديثها وهي تحرك رأسها بنفي:


_ متخلقش لسه إللي يخوف رحمة سلطان المهدي ولا يهز لها شعرة ولا إنه يدخلها الجحـ.ـيم غير رب العباد لو حكم عليها باكده .


استدعت شياطين الإنس والجن الآن بقوتها أمامه فهو لا يحب المرأة القوية لأنه تذكره بتلك الفرح فقد كانت قوية لأبعد الحدود وهو كان ضعيفا في محبته أمامها ومنذ أن ذاق منها الويلات وانهارت حياته على يداها وخسر نفسه من عنادها وكبريائها وتجبرها ، عاهد نفسه منذ ذاك الوقت بأن لايعرف الضعف طريقه أمام أي أنثى وتلك الرحمة أقوى من أي أنثى ، نظراتها تحوى شراسة كنطرات الصقر الذي لايهاب أحداً مما جعل داخله يتحداها ،


فاقترب منها وهو مغيب وعقله قد رُفع عنه الآن ونزع حجابها من على رأسها بوحشية آلمتها وجعلها لم تصدق أنه سيفعل به مالم يخطر على بال بشر ، واقترب من شفاها وكاد أن يقبلها إلا أنها بأظافرها الطويلة غرستها في وجنته بقوة جعلته يتأوه بصوت عالي وسحب يداه كي يمسح دماؤه فتحركت من مكانها صوب المكتب وعلى الفور أمسكت بمقلم الأظافر الذي أمامه وصدرته في وجهه هادرة به :


_ لو قربت مني هقتـ.ـلك وهقـ.ـتل نفسي ياماهر .


اقترب منها ولم يهمه تهديدها وهو يصيح في وجهها :


_ اقتـ.ـليني يمكن أستريح من عذـ.ـابي والدنيا المرة اللي أني عايش فيها ، خلصيني من حياتي وريحني من قلبي اللي خلاني أحبها قبلك وماتـ.ـت بس قبل ماتمـ.ـوت كانت نهت على كل حاجة حلوة في حياتي ، 


واسترسل وهو يبتعد عنها ويجلس على الكرسي بروح منهكة :


_ مسبتلكيش حاجة حلوة تعشيها معايا ، مسبتلكيش غير الوجـ.ـع والروح المرهقة اللي هتخلي حياتك معاي مملة ملهاش طعم ولا لون ولا ريحة .


شعرت بآلامه ومدى قهره وياويل الرجال حين يُقهروا ، رغم مافعله بها الآن إلا أنها تعلم أنه ليس على طبيعته ولم تهب منه أو تحزن منه بل حزنت عليه وعلى ضيقه المهلك له ، 


فجذبت حجابها وارتدته على رأسها وثبتته بإحكام ثم جلست أمامه ولم تبتعد عنه إلا مسافات قليلة وبدأت بتقويته :


_ انت مليكش صالح بيا ومتربطش علاقتي بيك بعلاقتها اللي ماتـ.ـت واندفـ.ـنت ببعض ،


أني حاجة وهي حاجة تانية خالص ، يعني مثلاً هي كانت بتحب الضوضاء والسهر والشرب والشغب ، أني عكسها خالص أني بحب الهدوء ومليش في السهر ولا حوارات الديسكو ، أني من طينتك ياماهر صعيدية شكلك بالظبط ، عاداتنا واحدة وتقاليدنا عارفينها وحافظينها ، انت اخترت طريقك غلط من البداية وكملت فيه وعاندت التكافؤ الاجتماعي بالظبط شكل ماتكون عملت الشاي بالملح اهنه جسمك كله هيرفض الحاجة الغريبة داي وعلشان انت تعبت في عمايلَه رفضت ترميه لحد ماقرفت وبطنك وجعتك وكرهت الشاي بسبب غلطك في الاول ، 


واسترسلت حديثها وهي تحثه على أن ينسى الماضي:


_ وبعدين مالك يا حضرة الأفوكاتو ياللي دارس الشريعة والقانون ، انت بتعترض على حكم الله في ابتلاؤه ليك ، انسى ياماهر ومتبقاش قانط من رحمة الله وتكتب من القانطين عنديه .


رفع رأسه ولأول مرة منذ عشر سنوات ينظر لأحدهم بذاك الضعف وهتف بوجع :


_ طب هي وهتتعوض بتي اللي ملحقتش أسمع صوتها ، اللي فارقت الحياة من قبل ماتبتديها ، اللي ماتـ.ـت بسببها أنساها كيف ؟


ابتسمت له وأجابته:


_ عمرها اكده في الدنيا ، وبعدين بص لها من الناحية الإيجابية مش لو كانَت جت الدنيا وشافت امها بالشكل دي كانت هتُبقى حياتها عامله ازاي وكانت هتتربى في البيئة اللي انت مش راضي عنيها دي ازاي ؟


لو بصيت لها من ناحية الصح يا ماهر هتعرف ان ربنا كرمه كبير قوي علينا وان الحاجه اللي احنا شايفينها صعبة ومستحيلة ومن حقنا نعيشها ونلمسها وسبحانه بياخدها منينا ظلم ، 


لا ، دي ظلم لنفسنا احنا ، 


وبعدين "وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون "


فوق من غفوة الماضي وعيش الحاضر وكفاية ألم سنين بحالها ، 


وأكملت حديثها وهي تنظر له بعشق :


_ في ناس حواليك بتحبك وبتتمنى وجودك في حياتهم ومش عايزين من الدنيا غيرك ياماهر .


قبل أن يرد عليها صدح صوت الآذان عاليا هز قلبه وجعله عاد إلى عقله المفقود وقام من مكانه وأخفض صوت الموسيقى وردد وراء المؤذن مايقوله بقلب خاشع مما أعاد الطمأنينة إلى قلب تلك الرحمة ، 


وبعد الانتهاء ردد الدعاء المعروف عقب الآذان فلسانه تلقائيا معتاداً عليه لما له من فضل عظيم،

يقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح: من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته؛ حلت له شفاعتي يوم القيامة .


ثم عاد إلى مكانه وجلس أمامه معتذرا عن ما فعله بها وعن وحشيته معها :


_ أني بعتذر لك عن اللي حصل كنت خارج إرادتي ومعرفش عميلت اكده إزاي وخصوصي إن الهمجية مش طبعي وبعد اكده لما تلاقيني في الحالة داي همليني لحالي .


على نفس نظراتها المبتسمة تشبست برأيها بوجودها جانبه كي تدخل السرور على قلبه وتشعره بمدى أهميته عندها:


_ مش ههملك مهما يكون يامتر ، انت بقيت قدري المتعب بس على قلبي زي العسل .


أخذ نفسا عميقا ثم نبهها :


_ هتتعبي معاي قوووي وانتي لساتك صغار على التعب وياي عاد يابت الناس .


_ مهما كان التعب ومهما كانت الاشواك هتحمَلها ، أني عارفاني مبحسش بطعم الحاجة السهلة لازم أتعب واعافر علشان لما تُبقى ملكي أحس بطعمها الجميييل ومفرطش فيها واصل .


_ يااااه أحلامك لسه خضار ملوثتهاش المبيدات البشرية ، علشان اكده بحذرك اختاري لك طريق سهل ومتزرعيش في أرض بور مش هينوبك منها غير خـ.ـراااب زرعتك اللي أهلـ.ـكتك وقت ومجهود .


_ متقلقش طالما العود خضار يُبقى هيتحمل أي عاصفة تواجهه الرك على الأصل يامتر .


_تمام يعني موافقة أجي أتقدم لك واللي فيه الخير يقدمه ربنا ؟


الى هنا وانقلبت نظراتها المبتسمة إلى وجع ثم ابتلعت ريقها و أجابته :


_ مش قبل مااسمعها منك ياماهر .


ادعى عدم الفهم :


_ هي ايه دي اللي عايزة تسمعيها بالظبط ؟


أردفت بحاجب مرفوع ونظرة غاضبة :


_ والله ! إحنا هنلعبوا حاوريني ياكيكا ولا ايه !

ولا إنت هتشغل دماغ خط المحاكم على رحمة يامتر ، انت فاهم كويس أنا أقصد ايه .


لم يريد الخوض في تلك الأحاديث أكثر من ذلك وتهرب من حصارها متسائلاً إياها دون أن ينظر إليها :


_ قولي لي عملتي ايه في القضية اللي كلفتك بيها ، عرفتي توصلي لحاجة تدل إن ده مش السارق وإنه برئ .


فهمت من تهربه أنه مازال يكابر ففضلت الهروب معه أيضاً فتلك اللحظة ليست مناسبة لذاك الاعتراف :

_ تمام ، لسه موصلتش لنتيجة بس قربت وأوعدك هبهرك ،


ثم قامت من مكانها قاصدة الحمام الموجود في الغرفة وجلبت علبة الاسعافات ووضعتها أمامه قائلة بمداعبة وهي تشير إلى جرح وجهه :


_ اتفضل يامتر داووي وشك لأن شكل حد رسم لك خريطة مصر عليه .


رفع حاجبه باستنكار وأمسك المرآه ورأى وجهه وانصعـ.ـق من مظهره وكاد أن يلقى بغضبه عليها وجدها اختفت من أمامه خوفاً على نفسها من رد فعله ، فابتسم أخيراً على أفعال تلك الصغيرة وبدأ بمداواة جرحه .


*******************


في منزل سلطان عاد عمران وسكون وجدا البيت هادئ وساكن فرحمة لم تأتي من المكتب بعد ، كادت سكون أن تدلف إلى غرفة زينب للاطمئنان عليها إلا أن عمران منعها :


_ له متقلقيهاش سبيها نايمة ، أني مابصدق انها تبطل سهر وفكر وتنام وتريح أعصابها شوي .


هزت رأسها بتفهم ثم صعدت بجانبه ، ولكنه نظر حوله يتفحص ما إذا كانت تلك الحية موجودة أم لا ولكنه لم يراها ولم يسمع لها صوتاً وسيارة والده لم تكن في الخارج فاستشف عدم وجودهما ، وعندما صعدا إلى الطابق الثاني فجأة حملها بين ذراعيه مما جعلها تتأوه من فجأته وهي تحرك قدميها في الهواء باستنكار:


_ أااااه ، في ايه ، ايه اللي جرى لك بس !

نزلني ياعمران لاحسن حد يشوفنا ومنظري يُبقى وحش .


غمز لها بشقاوة ثم قبلها من وجنتها قائلاً:


_ عبد الباسط حمودة بيقول ايه ؟

بيقول "الجو هادي خالص والدنيا هص هص وأنا وانت ياحبيبي ونجوم الليل وبس "


ضحكت بشدة على مراهقته ومشاغبته وطريقته وعضت شفتيها السفلى بخجل :


_ وه ! انت عايز ايه بالظبط وناوي على ايه ؟


نظر إليها باشتهاء :


_ ناوي على كل خير بإذن الله ، بس إنت روق معايا اكده يابطل .


شهقت بذهول من طريقته :


_ لااااا ، معقولة عمران الرزين بيقول الكلام دي ، والله مامصدقة حالي !


أدخلها شقتهم وأنزلها أرضاً وجذبها من خصرها قائلاً:


_ عمران يقول للفرسة بتاعته كيف ماهو عايز ، ويدلعها وينسيها اسمها كماني، 


ثم ألصقها بأحضانه وداعب وجنتها مكملاً:


_ هو إنت مش عايز تدلع يابطل ولا ايه ؟


تململت بين يداه تحاول الفكاك :


_ أني تعبانة ياعمران ونفسيتي النهاردة خلت مودي مش تمام ، ممكن أدخل أنام دلوك وبعدين نشوف حوار الجو الهادي دي بعدين .


ضربها بخفة على كتفها ناهرا إياها:


_ده نجوم السما أقرب لك من اني أفوتك النهاردة ، أني صاحب مزاااج وعليكي وعد ولازم تنفذيه وحوار الخلعان دي سبيكي منيه علشان مهيجبش فايدة مع عمران ياعيون عمران.


قطبت جبينها بعبس وابتعدت عنه :


_ وعد ! وعد ايه دي إن شاء الله ياسي عمران .


جذبها إليه عنوة فارتطمت بعظام صدره القوية:


_ أااااه ، ده إنتي بتنسي بقي ياداكتورة ، تمام أفكرك لما كنتي بتستنجدي بيا عند ماجدة اني أبعد عنيكي وساعتها وعدتيني انك لما ناجي بيتنا هتعيشيني ليلة ولا ليالي الف ليلة وليلة ، صوح ولا اني غلطان ؟


التوي ثغرها باستنكار وادعت عدم الفهم :


_ اني مفكراش الكلام دي ، بعد بقي ياعمران وبلاش شغل عيال صغيرة اني هموت وانام من التعب .


عقد حاجبيه بعدم تصديق ثم قال ساخراً من طريقتها:


_ بعد بقى ياعمران ! طب واللي خلق الخلق ياداكتورة لاهترقصي الليلة لعمران والتعب دي هتشوفيه على حق ، ومن الاخر انسي .


لوت فمها وتحدثت بنبرة ساخطة:


_ أرقص ! أني مبعرفش أرقص بذمتك شفت دكتورة كان كل حياتها كتب ومذاكرة ومراجعات بيعرفوا يرقصوا ؟


ضم حاجبيه وعبس وجهه وسأل مستفسرا بدهشة ظهرت على معالم وجهه:


_ياراجل ! طب قولي كلام غير دي ، داي عيوني دول شافوكي وانتي بتميلي كيف الفراشة يمين وشمال يوم حنتك ياداكتورة ، 


ثم مط شفتيه بامتعاض:


_ إنتي معرفاش إن الكذب حرام واكده هتدخلي النـ.ـار !


أفلتت يداها من يداه بخفة ثم جرت من أمامه ودخلت غرفة الأطفال وكادت أن تغلق الباب عليها إلا أنه لحقها وأمسكها من رقبتها قائلاً وهو يأخء أنفاسه بصعوبة من أثر لحاقه بها :


_ أه ، إحنا فينا من اكده ، طب وعهد الله ياسكون ماهتنامي الليلة والسهرة هتُبقى صباحي ، 


زاغت أعينها من أمره وصارت تعترض بدلال ولكنه لايبالى لاعتراضها ولو لحظة ،


ثم جذبها من يدها ناحية حجرة النوم ووقفا أمام خزانة الملابس وانتقى ثوباً خصيصاً لتلك الوصلة وهو ينظر له بانبهار :


_ يالا يا حلوة خدي دي البسيه وتعالى اوفي بوعدك ، أني عايز أشوف راقصات شارع الهرم اللي بيتحدتوا عنيهم وعن رقصهم النهاردة كلياتهم فيكي ، يالا ياسكوني .


دبت بقدميها أرضا من تحكماته ثم تمتمت باعتراض:


_ وه ياعمران هو انت متجوَزني من كباريه ولا ايه ، والله حرام وميرضيش ربنا اللي هتخليني اعمله دي ! وبعدين انت ممراعيش تعبي ولا ايه .


خلع قميصه وأصبح عاري الصدر وجلس على الأريكة آمرا إياها:


_ ان مكانش دي اللي يرضي ربنا ايه اللي يرضيه ! وبعدين ياداكتورة في حد يطول الدلع وميتدلعش والله إنتي بترفصي النعم ،


ثم أشار إليها ناهيا ذاك النقاش :


_ يالا ياسكوني متضيعيش الفرص وورينا جمالك الفتاك اللي وقع قلب العمران وانتي بتتمايلي كيف الفراشة.


دبت بقدميها أرضا وبدأت بتنفيذ ما يريد ، 


ارتدت ذاك القميص الذي اختاره لها ، واختار المزمار البلدي كي ترقص عليه فهو عاشقاً له ، 


وبدأت تتمايل بخفة على أنغام الموسيقى وعيناه تتآكلها بأفعالها المثيرة له ولقلبه ، 


وأثناء رقصتها تمايلت عليه فجذبها بوله هامسا جانب أذنها :


_ ده إنتي طلعتي مُهلكة ياشبر واقـ.ـطع ، على النعمة بطل الأبطال ياداكتورة ، ها ياداكتورة ، 


ثم أكمل همسه :


_ كنتي بتتعلمي الحركات اللولبية داي في الكلية يا أم كتب وطب ومبعرفش أرقص ، 


ده إنتي حركاتك وقعت قلب عمر بين ايديكي .


همست هي الأخرى برقة جعلته هائما في سماء عشقها متلهفا ان يلتهم شفتاه بين شفاها ويسقيها شهده ألواناً وألوان :


_ ياه ياعمران ده انت امك داعية لك في ليلة قدر إن ربنا يرزقك بالحلا كلياته ، 


ثم أكمل وهو يحتضن وجنتاها بين يداه ويتنفس أنفاسها وعيناه تلتهما بعشق :


_ تعالى يابت قلبي ، ده إنتي ليكي في قلب عمران اللي ميكونش لغيرك من ستات الكون كلياته.


ثم سحبها لعالمهم الخاص عالم سكون وعمران بالتحديد غير أي عالم لم نسمع عنه منذ قديم الزمان ، عالم شهريار وأميرته شهرزاد ، عالم الألف ليلة وليلة ، يحاكيها فيها من غرامه مايليق بها وهي تنسحب معه رويداً رويداً وتبحر بمهارة فهي امرأة عاشقة حد النخاع ، 


وبعد قليل فاقا كليهما على صوت سلطان يهز ارجاء المنزل :


_ عمران ، إنت ياوِلد ، انزل لي حالا.


فزعا كليهما ثم هتفت سكون بذعر :


_ كفى الله الشر حوصل إيه ؟


قوم ياعمران شوف الحاج مالَه ، لايكون حوصل حاجة عفشة لاسمح الله .


انتفض عمران وهو يمسح على شعره بغـ.ـضب ثم جذب جلبابه :


_ ياساتر يارب ، أها هو داي هدم اللذات بعنيه وباينها ليلة مفيتاش .


ثم أكمل وهو يحذرها :


_ متتحركيش من مكانك مهما حوصل ولا تفارقي سريرك .


ثم غادر الغرفة وهبط للأسفل راي والده في حالة هائجة يرثى لها :


_ شفت امك الست الكمل مكفهاش انها كسـ.ـرت لها ضلعها وجبـ.ـسناه إلا أنها لمت خلجاتها وهملت بيتها من غير اذني.


اتسعت مقلتي ذاك العمران ناطقا بدهشة وهو يجري ناحية غرفة والدته :


_ وه هي أمي مش اهنه ! أني قلت انها صلت العشا ونامت بدري فمدخلتلهاش .


وصل للغرفة لم يجدها ثم عاد لأبيه سائلاً إياه:


_ حوصل إيه لدي كلياته يابوي ، عميلت ايه حرمك المصون خلت الحاجة زينب همَلت بيتها اللي سكنته لغيرها وحـ.ـرقت قلبها وانـ.ـوى منيك يابوي .


دب سلطان بعصاه أرضاً ثم نهره :


_ الزم حدك وانت بتتحدت ويا ابوك ياوِلد وإذا كانَت هي أمك فآني بوك ومن الواجب عليك تتحدت زين وياي ومتعليش صوتك علي ولا تقف تحاسبني .


لم تستطيع سكون الاستمرار في غرفتها أكثر من ذلك ثم ارتدت عبائتها وهبطت إلى الأسفل ، وقفت بجانب عمران وهتفت بنبرة قلقة :


_ وه مالك ياحاج بس كل شي هيُبقى تمام بس انت هدي حالك. 


هدر بها سلطان وهو في عز غضبه لأول مرة :


_ بعدي إنتي يابت الأصول ياللي فضيحتكم بقت على كل لسان ماهو كله بسببكم إنتي وأختك المصون .


انزعج عمران من طريقة والده معها ثم نظر إليها آمرا إياها بحدة :


_ هو أني مش منبه عليكي متفوتيش أوضتك واصل ، اتفضلي ياداكتورة على فوق يااااالا .


انجرحت بشدة من كلام سلطان وصوت عمران العالي لها والتمعت الدموع في عينيها ورآها كليهما مما جعل قلب العمران يلومه في تلك اللحظة على صوته العالي عليها ، ثم تركتهم وصعدت الأدراج وصوت بكائها وصل إلى مسامعهم مما جعل عمران لأول مرة يتحدث بتلك الطريقة مع أبيه ولكن من أفعاله :


_ لو سمحت يابوي مينفعش تتكلَم ويا مرتي وتزعِق لها بالطريقة داي ، 


دي مهما كان بت ناس واللي مترضهوش على خواتي مترضهوش على بنات الناس.


هدر به سلطان :


_ مش لما تُبقى بت ناس ياسبع الرجال .


استمعت سكون الي كلماته الأخيرة مما جعلها انصـ.ـقت ووقفت مكانها تنظر في عيناي كلتاهما بصدمة من أعلى الأدراج





الفصل الثاني والعشرون22 


لو سمحت يابوي مينفعش تتكلَم ويا مرتي وتزعِق لها بالطريقة داي ، 


دي مهما كان بت ناس واللي مترضهوش على خواتي مترضهوش على بنات الناس.


هدر به سلطان :


_ مش لما تُبقى بت ناس ياسبع الرجال .


استمعت سكون الي كلماته الأخيرة مما جعلها انصـ.ـقت ووقفت مكانها تنظر في عيناي كلتاهما بصدمة من أعلى الأدراج ، 


وحقا استفزتها كلماته فهتفت من بين دموعها بضيق:


_ وعشان أني بت أصول وبت ناس مش هرد عليك يابابا الحاج ياللي اعتبرتك في منزلة بابا الله يرحمه .


ألقت كلماتها وتركتهم وأكملت صعودها وهي تبكي ، كل ذاك الهراء وتلك الوجد تجلس مكانها تشعر بالسعادة العارمة ، 


ثم لامه عمران بهدوء فهو مهما كان أبيه :


_ ليه يابوي اكده ! مفتكرتش قول ربنا "وأما اليتيم فلا تقهر " شفت منيها ايه خلاك انقلبت عليها اكده وتسـ.ـمم بدنها بالطريقة داي ؟


واسترسل حديثه وهو يصعد الأدراج كي يراضي زوجته التي جرحت كرامتها من أبيه :


_ الله يسامحك يابوي ، الله يسامحك .


لم يعتري سلطان لغضبه اهتماماً ولكنه أكمل حديثه بنفس الحدة :


_ كانك هتحاسب بوك يقول ايه وميقولش ايه ، 

وبعدين أني مأذنتلكش تمشي قبل ماخلص كلامي.


التفت ثانية وهو يسأله :


_ قول كيف مانت رايد يابوي هي خلاص النفوس شَالت والوقيعة حوصلت من ولاد الحرام اللي عنيهم على أني ومرتي وأمي .


لم يلقي سلطان لعتابه بالا وأمره :


_ تروح تجيب أمك من بيت بوها وتعرِفها اني معِنديش مرة تفوت بيتها وإلا هروح لها هناك وهفرج عليها الناس ، ومبقاش راجل إلا لما رجعتها غصبانية النهاردة ، فقول لها تبطِل جلعها دي وترجع أحسن يمين بعظيم ماهفوتها لها على خير.


انزعج عمران من طريقته وعلى صوته بعض الشئ:


_ لو سمحت يابوي أمي ست كبيرة وليها قيمتها وميتفعش واصل تتعَامل وياها بالطريقة المهينة داي ، دي الحاجة زينب بجلالة قدرها فبلاش الطريقة داي.


حدجه بريبة ونهره بحدة:


_ جلالة قدرها دي عليك انت يابن أمك ، أما أني جوزها يعني واجب عليها تطيع امري ومتعصنيش وإلا ربنا يغضب عليها .


عادت رحمة من عملها للتو وسمعت صوت أبيها الغاضب وتسائلت بدهشة :


_ وه حوصل إيه ؟! استهدوا بالله يابوى انت وعمران صوتكم طالع برة .


وجه سلطان حديثه الى رحمة:


_ كويس انك جيتي تروحي وياه حدا أمك وتعقلوها ودي اخر كلام عندي ، 


ثم نظر إلى وجد آمرا إياها:


_ يالا قومي على شقتك ورجلك متخطيش تحت وإلا هكـ.ـسرها لك هي كماني .


نفًَس غضبه في وجههم وتركهم وغادر المنزل ، 

ثم تحدثت رحمة وهي تنظر إلى تلك الوجد :


_ عميلتي ايه يابوز الأخص إنتي خليتي الحاجة زينب فاتت بيتها !


ثم اقتربت منها وجذبتها من حجابها بعـ.ـنف آلمها :


_ دي أني هخلي اللي مايشتري يتفرج عليكي النهاردة من اللي هعمله فيكي ياواطية إنتي.


ثم اقتربت عليها وكادت أن تضـ.ـربها بسبب غلها مما فعلته بهم من عدم ارتياح إلا أن عمران جذبها من يدها مرددا بسخط :


_ وه فوتك من الزفتة داي وتعالى معاي ليها روقة بعدين .

تنفست وجد الصعداء وقامت من مكانها وهرولت إلى الأعلى وهي تحمد ربها أن أُنقذت من يداي تلك الرحمة ،


صعدا رحمة وعمران الى غرفتها ثم تحدث عمران بغـ.ـضب :


_ شفتي الحاج سلطان عمل ايه وقال ايه لسكون!


كان يتحدث وهو يدور في المكان بغضب عارم لو كان أحدا غير أبيه من تحدث بتلك الطريقة لزوجته لكان الآن في عداد المـ.ـوتى ولكنه أبيه ولا يقدر أن يرفع صوته عليه فتلك تربية زينب الراقية لأبنائها ،


فسألته رحمة بذعـ.ـر لما رأت حالة الغـ.ـضب الظاهرة على وجهه ودورانه حول نفسه في المكان بهوجاء :


_ حوصل ايه اُنطُق ياخوي قلبي اتوغوش ؟

وامي راحت فين وهملت مكانها ؟


تنهد بثقل وألم نفسي انتابه جراء كلمات أبيه الذي جـ.ـرح بها زوجته وأمامه وهو لم ينطق :


_ بوكي جـ.ـرح سكون ورمى لها كلام زي السـ.ـم محدش يقبله واصل ، هو تقريباً عرف باللي حوصل لمكة اختها وشكل الملعونة مرته سمـ.ـمت دماغه وأمك سمعتهم فمتحمَلتش واتعـ.ـاركو .


بمجرد أن سمعت كلامه تشعب الغـ.ـضب في رأسها وتكاثر بلا حدود من أفعال تلك الشيطانة التى توقـ.ـد جيوش الحـ.ـرب والوقيعة بينهم وهدفها تفرقة ذاك المنزل ، 


ثم نظرت للأمام بعيناي تلتمعان بانتـ.ـقام من تلك الوجد :


_ الله الوكيل لاهندم البت داي على اللي بتعمله ويانا وهخليها تقول ارحموني وتتمنى الرحمة من رب العباد ينجدها من اللي هعمله فيها ومش هتطولها .


شجعها عمران قائلا:


_ البت داي عايزة تخطيط واعر من اللي يجيب من الآخر ويخليها تخرج من البيت ومن البلد بلا راجعة ، أو نوقعوها في شـ.ـر أعمالها ونسلمها لعزرائيل بيدنا ونخـ.ـلُص منيها لأننا مش هنعرف نعيش وهي وسطينا.


حركت رأسها بتفهم ثم عرضت عليه:


_ البت داي هتتراقب من النهاردة وهحط لها كاميرات صوت وصورة في أوضتها وفي لبسها الخروج كلياته ، وهشوف لها واحد يراقبها زي ضلها ، وان ماخليتها تندم على اليوم اللي فكرت فيه تدمـ.ـرنا مبقاش المحامية رحمة سلطان المهدي .


ضيق عينيه وتسائل بعدم فهم :


_ هتحطي لها كاميرات مراقبة في هدومها كيف يعني ماهي الهدوم هتتغسل ؟


اجابته سريعاً:


_داي كاميرات مراقبة صغيرة جدا مخفية علي شكل مسمار حائط ، بتشتغل بالواي فاي ، تصوير و تسجيل فيديو صوت و صورة مراقبة مباشرة عن طريق التليفون عن بعد ، وضد المياة لمدة ٢٥ يوم ، واحنا مش محتاجين اكتر من اكده نجيب آخرها فيهم ، بس محتاجة أظبط وقت احطهم في أكتر هدومها بطريقة مخفية ، والوقت دي مش هيكون غير وهي رايحة للدكتور هتاخد لها ساعتين وزيادة .


نظر إليها بصدمة من معلوماتها :


_ مطلعتيش سهلة يابت أبوي ،


واسترسل حديثه وهو ينظر لجسدها الضئيل :


_ أما صوح يوضع سره في أضعف خلقه .


ضحكت بخفة لذهوله وهتفت وهي تشير على حالها بنبرة اطرائية :


_ أمال إنت مفكِر ايه ، ده أني الباش محامية رحمة المهدي اللي بإذن الله هترج محاكم قنا كلياتها في يوم من الايام.


لكزها بخفة على كتفها قائلا باعتراض:


_ إنتي محسساني إننا رايحين نوقع بلد ، دي حتة بت لاراحت ولا جت هجيبها تحت رجلي وأقـ.ـطع لها لسانها ورجليها وأخليها عايشة ولا تسوى واريح الكل منيها .


اتسعت مقلتيها بذهول:


_ وه وتُبقى مجرم ياعمران ! وتواجه بوك إزاي بعد اكده ؟ داي مش بعيد يقتـ.ـلك فيها ياغشيم انت ،


واستطردت حديثها بإبانة :


_ أخد الحق حرفة وعلشان الحاج سلطان يطردها بيده يُبقى لازم يقتنع ومش هيقتنع إلا لما يشوف الزفتة داي ناوية الشر لبيته ولولده.


تنهد بحـ.ـرقة وسألها :


_ طب بالنسبة لسكون اللي فوق دلوك عاملة مناحة من اللي بوكي عيمله فيها ، هطلع احط عيني في عينها كيف وأقول لها ايه ؟


وكماني الحاجة زينب كماني اللي زودتها بفوتتها البيت ومشيانها منيه ؟


لوت شفتيها بسخرية :


_ وه هو أني اللي هعرِفك تصالح مرتك كيف ياخوي ! والله عيب عليك ياعمران ! دي إنت بتستعبط يا راجل !


وأكملت وهي تزيحه ناحية الباب :


_روح انت راضي مرتك وملكش صالح بالحاجة وأني في نص ساعة هجيبها وآجي ، ومشي دنيتك حكم أني عارفة عقل الستات صغير كد اكده وزمانها بترشف وبتنبر على الجوازة الشينة اللي وقعت فيها والحوارات الفاضية بتاعت الحريم داي .


ضـ.ـرب عمران كفا بكف بذهول من لسانها السليط :


_ هو إنتي لسانك دي متبري منيكي ياخيتي ! مانتي أدرى بقى بحوارات الحريم مانتي منيهم ياشبر ونص ، 


واسترسل حديثه باستفسار :


_ طب وانتي ضامنة منين إن أمك هترضى تاجي وياكي ؟


أجابته بثقة وهي تشير لحالها بفخر :


_ عيب عليك ياعمران ، الله في سماه لاهتبات في بيتها النهاردة ومهتفوتهوش تاني واتفرج على رحمة لما تشغل دماغها بس ،تعمل عمايل تخلي الحديد يلين .


رفع حاجبه وهو على نفس ذهوله مرددا قبل أن يغادر المكان :


_ طب لما نشوف يافقيقة طولة لسانك وفشخرتك بحالك داي هيُحصُل ولا له ؟


حركت رأسها لأعلى بتأكيد :


_ هتشوف ياقلب الفقيقة ، روح صالح مرتك وأني هروح لها واستني مني تليفون وتاجي تاخدنا ، علشان الوقت بقي وخري ، لما نشوف اليوم المزعبب دي هينتهي ميتة .


تحرك من أمامها وقال :


_ تمام هستنى تليفونك يابت أبوي .


تركها ثم صعد الى الأعلى كي يرى سكون والتي بالتأكيد تبكي بشده بسبب ما سمعته من أبيه ، أخذ نفساً عميقاً واستعد لمواجهة سكون ،


دخل الى الشقة وعيناه تدور في المكان تبحث عنه فلم يجدها الا في غرفة النوم وهي تؤدي الصلاة فاندهش لأنها صلت العشاء معه في جماعة ،


وبعد ان انتهت نظرت إليه وجدته يجلس جانبها عندما رآها أنهت صلاتها جذبها من رأسها وقبلها معتذراً :


_ حقك على قلبي ياسكون ، حقك على راسي من فوق ، إنتي ست الناس وبت أصول ومن بيت أصول ، 


ثم نظر أرضاً وأكمل:


_ بس دي بوي ومقدرش أقف قدامه ولا أعلى صوتي عليه ، وهو كان في ساعة غضب بسبب إن امي هملته لحاله وفاتت له البيت ومشيت ، فطلع غله فيا أني وانتي ، اني عارف ان ملكيش ذنب ومن حقك تزعلي بس حقك علي اني ، 


ثم جذب رأسها مرة أخرى وأكمل:


_ وآدي راسك أبوسها ، وهاتي يدك كماني .


رفعت جفونها الملتمعة بالدموع وبدلت دمعتها بابتسامة جعلت داخله يخفق وأردفت بدعابة أدهشته :


_ قول بقى انك جاي وطمعان انك تكمَل وصلة الرقص والفرفشة ياعمراني وعلشان اكده عايز تبوس كل اللي يقابلك .


اتسعت مقلتيه بذهول وسألها :


_ وه ! هو انتي مزعلناش من كلام الحاج سلطان وحديته اللي يوجـ.ـع ؟


حركت رأسها برفض واحتضنت وجنتاه بين كفاي يداها:


_ الانسان في ساعة الغـ.ـضب ميعرِفش هو بيقول ايه وهو اكيد زعلان عشان الحاجة مش موجودة زي ما انت ما قلت،


وكماني هو من ساعة ما حط يده في يد خالي واعتبرني زي بته اني كماني اعتبرته ابوي ومفيش بت بتزعل من ابوها وبتتقبَل منيه اي كلام .


نظر إليها نظرة طويلة وهو صامت ولكن وجهه يحكى آلاف الحكوى ، لسانه عاجز عن نطق الشكر والامتنان لهدية ربه له ، نعم فتلك السكون هدية الله لذاك العمران ، 


وفجأة سحبها لأحضانه وأدخلها لعالمه وود أن يدخلها بين ضلوعه ويخبئها من العالم أجمع ،


كان يشدد من احتضانها وكأنه خائف من فقدانها فهي أثمن هدايا القدر له ، 


ثم همس بجانب أذنها:


_ معقولة يكون ربنا بيحبني قووي اكده !

معقولة يكون راضي عني بأنه رزقني خير النساء اللي قال عنيهم عليه السلام في الحديث ، إذا نظرت إليها أسرَّتك وانتي البصة في وشك بالدنيا واللي فيها ، وإذا أمرتها أطاعتك وانتي من غير أمر ولا نهي ست البنات ، وإذا غبت عنها حفظتك وانتي كيف السيف في الأدب والأخلاق ، 


ثم أخرجها من أحضانه واحتضن وجنتيها مكملاً بعشق وهو ينظر داخل عيناها :


_ كان أم العمران داعيالَه في ليالي القدر اللي في عمرها كله بان ربنا يرزقه بيكي ياسكوني .


نظرت إليه بعشق وتحدثت :


_ كيف أزعل منيك ياعمران وأني حلمت بيك ليالي ملهاش عدد ؟!

كيف امشي وأهملك وانت الدنيا بحالها وانت نور العين ومن غيرك تُبقى حياتي مضلمة ؟!


عمرنا قصير ليه نقضيه في الزعل والفراق وخصوصي انك مليكش ذنب في اللي حوصل ، اني واثقة ومتوكدة ان عمران عمره مايهين سكون ابدا ولا يجرحها ، اني عشقاك ياعمران ، والست اللي بتعشق جوزها بصوح لايمكن تقف له على الواحدة .


أغمض عيناه وتحدث بانتشاء :


_ يووووه على عمران يابت قلبي منيكي ، هو انتي ملاك ولا بشر ، ولا انتي مش من جنس حوا خالص ، يابووي لا تطلعي حلم جميييييل وأصحي واعاود لكوابيسي من تاني .


أمسكت يداه وقبلتها قبلات متفرقة ومع كل قبلة تردد :


_ له ياعمراني دي حقيقة ، سكون بتحبك ، ومتقدرش تستغنى عنيك ، ولا تقدر تفارق أبدا وهتفضل جارك عمرها المتقدر في الدنيا كلياته.


جذبها من يدها وانتصبا كليهما وأحاط خصرها بين يداه ونظر داخل عيناها برغبة ثم اقترب من وجهها وقبلها قبلة احتياج ، قبلة الأمان لقلبه تثبت له انها حقيقة وليست خيال ، 


وهي الأخرى بادلته قبلته بمثلها وأعطته من الاحتياج لها مايشعره بالأمان ، 

أثبتت له أن عقول النساء ليست متشابهة وأن عشقها له أقوى من أي عاصـ.ـفة أو ريـ.ـاح ، 


فنصيحتي لكي حواء ، كوني لآدم ضلع احتواء ، اصنعي البسمة وقت الحزن ، أكرميه إن أكرمك ولا تستعلي عليه فالمرأة خلقت من ضلع أعوج ورجُلها هو السند ، 


ابتعد عنها برفق وهي تلتقط انفاسها بانتشاء من هجوم العمران عليها ، ولكن هي امرأة عاشقة بين يدي رجل عاشق متلهف فما عليها سوى الطاعة العمياء ، 


ثم غازلها بعشق :


_ جميلة إنتي يا سكوني وغير كل الستات ، وكل يوم بتثبتي لي ان اسمك لايق على طبعك ، يابخت قلب عمران بيكي .


ابتسمت لغزله وأردفت بغزل مماثل له :


_ ويابخت قلب سكون بيك ياعمراني ، اللي لو لفت بلاد الدنيا بشرقها وغربها مهتلاقيش ضفر عمران.


أما في منزل والد زينب ، تحدثت هي ورحمة فيما حدث وعلمت رحمة منها كل شيء ، 


ثم رددت بفطنة :


_ طب عال قووي تسلم يدك على اللي عملتيه فيها وبردتي نـ.ـارك ، بس هي بردو اكده اللي فازت عليكي يازوبة .


اتسعت مقلتيها بذهول وسألتها:


_ انتصرت على مين يابت إنتي ، بقولك اني كسـ.ـرت لها ضلعها وخـ.ـزقت لها عينيها التنين وخلتها متسواش ، تُبقى انتصرت علي كيف ؟


مطت شفتيها للأمام وأجابتها:


_ كانت المفروض تاجي مجبسة تلاقيكي قاعدة في الجنينة مشغلة الست أم كلثوم وبتشربي قهوتك ساعة العصاري وانتي حاطة رجل على رجل ، أما دلوك زمانها بت الجزم داي بتقول علقة تفوت ولا حد يمـ.ـوت بس طيرتها من البيت وبقيت اني ست الدار .


ضـ.ـربتها زينب على كتفها وهتفت باستنكار:


_ ست الدار مين داي ! الدار ملهاش غير ست واحدة بس هي أني .


أدارت رأسها للخلف وهي تبتسم لأنها بسهولة استطاعت استفزاز والدتها وتسهيل مهمتها وأكملت :


_ كان زمان بقى إنتي انسحبتي والمسحوب مغلوب ، اما لو عرفت إنك مهملتيش دارك هتـ.ـولع وشوفي بقى هتحس إن كـ.ـسر ضلعها مع كـ.ـسر نفسها من اللي عملتيه فيها وهتقضيها نكد على أبو السلاطين لحد مايزهق من وشها البوم ويطردها طردة الكلاب ، وساعتها تقعدي وتحطي رجل على رجل وتاخدي تارك منيه وانتي قاعدة في بيتك ست الدار .


زاغت عيناي زينب وشعرت بمدى غبائها ثم تمتمت:


_ أه ياللي تنشكي يابت سلطان ، ده إنتي عليكي مكر حريم يودي اللومان ، اتعلمتيه فين دى يابت انطُقي .


ضحكت بشدة على كلام والدتها ثم قالت من بين ضحكاتها :


_ هو المكر بيتعلموه يا زوبة ! دي طبيعة والست مننا في الخديعة مع عدوها لازم تُبقى ضليعة ، 


واسترسلت حديثها وهي تخلع حجابها:


_ أني هقعد بقى وياكي اهنه ونفوتوا مالنا وحالنا وبيتنا لوجد تبرطع فيه بلا سلطان بلا وجع راس ، والله بيت جَدي هادي وجميل ومريح .


استطاعت استفزازها ثم ضـ.ـربتها على فخذها آمرة إياها :


_ قومي يابت فزي لمي لي الهدوم اللي جوة دي هنروحوا بيتنا وهقعد على قلبها لحد ما أفشفش لها ضلوعها كلياتهم لحد ما خليها تقول حقي برقبتي .


_ طب ليه يازوبة اني ارتحت اهنه لهوا بيت جدي ، خلينا شوي اهنه وهي تهيص شوي هناك .


_ الله الوكيل يازفتة إنتي لو ماقمتي لاهطين عيشتك ، قومي يابت مهديهاش فرصة بت المركوب دي تنتصر علي وهقلعها من البيت وأخلي بوكي يقول حقي برقبتي .


أرسلت رحمة رسالة لعمران أن يأتي إليهم كي يأخذهم فابتسم لتلك الصغيرة الماكرة فقد فعلتها بحق دون عناء ، 


ثم دخلت غرفة النوم وعبئت الملابس في الحقيبة وأتى عمران إليهم ولامها على ما فعلت ثم أخذهم في سيارته وأوصلهم إلى المنزل وانتهت تلك الليلة العصيبة.


*******************


أتى صباح يوم الجمعة وذاك اليوم أجازة "منة الله" من المكتب وفي ذاك اليوم تحبذ الخروج إلى ذاك الكافيه المعتاد التى ترتاح به ، 


فثمة عدد من المقاهي التي لا تزال عالقة في تلابيب الذاكرة، وكان الأدب يعيش فيها، في فترات زمنية، كانت تعج بالمناظرات والنقاشات، وتتلاقى فيها الأفكار، وتولد القصائد والمقالات والأغاني والكتب ،


ما يميز المقهى الذي تجلس به ويكسبه صبغة ثقافية فريدة، أنه كان مأوى الفنانين التشكيليين الذين كانوا يرسمون فيه لوحاتهم المستوحاة من حي الحسين وخان الخليلي، وقس على ذلك مجموعة أخرى من المقاهي في القاهرة، دمشق، بيروت وبغداد، التي اشتهرت بدورها الثقافي في تنوير المجتمعات وولادة الأدب والفن ،


كما أنه يوجد فيها جميع الطوائف من الناس على اختلاف طبيعتهم وحالاتهم الخاصة ، 


وكانت تلك المقهى التى تجلس بها تريح قلبها وعقلها ومعتادة على الجلوس بها فصاحبها العم عبد ربه مولع بالأدب العربي وقد افتتحها خصيصا لأن تكون ملتقى الأدباء وأصحاب المواهب ، 


كان الراديو مشتعلا على تلك الأغنية المفضلة لديهم لسيد مكاوي ، 


أوقاتي بتحلو بتحلو معاك وحياتي تكمل برضاك ، 

وبحس بروحي بوجودي

من اول ما بكون وياك

ويا روحي ساعه ما القاك

مش بس اوقاتي بتحلو

دي العيشه والناس والجو

والدنيا الدنيا بتضحكلي معاك


من كتر حلاوه الايام

ونعيمي وسعدي بلياليك

مش بحسب فات منهم كم

ولا بقدر افكر غير فيكوالليل وياك يساوي زمان

واليوم وياك يساوي زمان

واكتر يزمان من ميه بكره

ده الليل بلقاك انوار وامان

حتى ولو كان من قمره


كانت منة الله تمسك تلك الرواية ومنغمسة بقرائتها وكعادتها صورت فيديو لها وهي تحتسي القهوة وبيدها الكتاب وصورت أجواء القهوة مع تلك الأغنية ثم شاركت الفيديو على صفحتها عبر تطبيق الانستجرام وهي تدون فوق الفيديو 

" ثمة أشياء هادئة وبسيطة نفعلها في أوقات فراغنا بعد أن ننهي عباداتنا ترزقنا السكينة وراحة البال ، الآن من مقهى العم عبد ربه حفظه الله لنا وأطال في عمره ، 


ثم أشارت بتاج "مقهى الأدباء"


في نفس الوقت كان جاسر يمسك الهاتف يتصفحه بإهمال فذاك يوم أجازته ويفضل أن لايعمل فيه كي يشحن طاقة إيجابية تجعله متحفزا طوال الأسبوع ، 


ثم أتى أمامه الفيديو التي شيرته منةالله وتلقائيا ابتسم وأعاد الفيديو مراراً وتكراراً ، 


لقد أدخل ذاك الفيديو السرور على قلبه فلم يجلس في تلك الأجواء ولا مرة طيلة عمره ، 


فأجواء تلك القهوة تشبه رائحة زمان وحتى الأغنية التي سمعها في الفيديو لم يسمعها منذ وقت طويل ، وفجأة وجد حاله يهاتفها وما إن آتاه الرد حتى شاغبها :


_ دي إنتي طلعتي صاحبة مزاج عالي اهه ، مقهى الأدباء وقهوة وسيد مكاوي وبتقرأي روايات ، طب ما تسأل ياعم علينا وشوفنا اكده بنقضي اليوم الكئيب الممل دي كيف وخدينا معاكي نروقوا إحنا كمان .


ضحكت بخفة على مشاغبته وقالت :


_أصل أني لازم كل جمعة من كل أسبوع بعد ما أفطر اصلي الضهر وأقرأ سورة الكهف وأخلص الورد القرآني بتاعي واخلص أذكاري وبعدين ألبس عبايتي الكلاسيكية اللي تليق بجو المقهى وأجيب رواية مفضلة وآجي اهنه أني وأخويا مدحت هو بيقعد في ركن الرسم والفنون التشكيلية وأني أقعد في ركن الأدباء أقرأ روايتي لحد ماأحس اني خلاص تعبت ياخدني يعزمني على الغدا وبعدين أروح هلكانة نوم ، بحب اليوم دي باختلافه وأجوائه قووي وبحس اهنه بالراحة .


تعلق قلبه بالروتين الخاص بها ، فهي رقيقة حتى في حياتها ، فليست كباقي الفتيات تحب الخروج في الأماكن التي يصحبها الضوضاء والشغب ، شعر بأنه يريد أن يشاركها تلك الأجواء الكلاسيكية التي تبعث في الروح الرقي ، ثم قام من مكانه مردفا لها :


_ طب بقول لك ايه يامنون خليكي جدعة اكده وابعتي اللوكيشن واني طيران وهكون عِندك ، أصلي حبييت قووي مقهى عمي عبده .


أنصتت له بتركيز وما أن علمت بقدومه دق قلبها داخلها وفورا ارسلت له اللوكيشن ،


ثم أغلقت ذاك الكتاب وجلست تفكر في ذاك الجاسر الذي اقتحم عالمها برجولته المفرطة ،


وهي تحدث حالها :


_ أمن الممكن أن يراني أحدهم يوماً ما وأنا بظلامي ذاك ويأتي الي طالبا قربي ويدخلني عالمه ، 


العالم الذي قرأت عنه كثيرا وكثيراً وسرحت بخيالي أميالا وبلادا ووديانا ، 


أمن الممكن أن ذاك الجاسر احب ألواني القاتمة وحياتي المنعزلة عن ذاك الكون الصاخب ويأتي معي إلى عالم الانغلاق الذي أعيشه ، ولكن فلأترك أموري يدبرها خالقي كيفما يقدر لي ، 


وعادت إلى تلك الرواية التي تقرؤها وانغمست فيها بشدة ، وصل جاسر إلى المقهى وبحث عنها وجدها تجلس في ركن هادئ يليق بها ، ساقته قدماه إليها ، وقف خلفها يتطلع إلى تلك الصفحة التي تقرؤها وهي تائهة في عالمها ، دقق النظر ووجدها تقرأ :


_ أقسى ما كتب نزار قباني عندما قال 

"أخاف أن أحبك جداً فأفقدك ثم أتألم ، 

وأخاف أيضاً أن لا أحبك فتضيع فرصة الحب فأندم ، أخبرني كيف أحبك بلا ألم ؟

وكيف لا أحبك بدون ندم " 


حقا تلك الكلمات التى كانت تقرؤها تلك المنة ، تمعن تلك الكلمات وتفهمها بقلبه وليس بعقله ، 


ثم فاق على صوتها تردد له :


_ سيباك تخلص كلمات عمنا نزار قباني وترمي السلام يامتر ، اتفضل المكان فاضي .


اتسعت عيناه بذهول كيف عرفت بوجوده ، ولكن لم يريد أن يسألها ذاك السؤال كي لايجرحها ولكنه تحدث وهو يجلس :


_ صوح أني هستغرِب ليه أكيد عرفتيني من ريحتي ياست منة .


هزت راسها بموافقة:


_ من أول ما صلت وأني حسيت بوجودك ، 

المهم ايه رأيك في كلام نزار قباني الكبير اللي بيقولوا ؟


أجابها بدعابة :


_ بصي هو بيقول كلام عميق واني في العمق آخد صفر في المية ، 


واسترسل دعابته وهو ينظر للمكان بحب :


_ سيبك من عم نزار قباني اللي يتعب الأعصاب دي وقولي لي إيه المكان الجميييل المريح للأعصاب دي ، بجد حاجة روعة .


أغلقت الكتاب ووضعته أمامها على المنضدة ثم تحدثت وهي تشكر ذاك المكان :


_ بحب المكان دي قووي بحس فيه اني مش مختلفة ، بحس فيه ان محدش بيبص علي فيه اني حاجة غريبة ، أو حد بيتعامل معاي اهنه بشفقة بسبب ظروفي.


حزن داخله لأجلها ثم قرر تغيير مجرى الحديث كي لا يجعلها تشعر بالضيق في أهم أوقات راحتها النفسية:


_ اني عايز أشرب من القهوة بتاعتك وزييها بالظبط وأسمع سيد مكاوي وأعمل فيديو زي اللي عملتيه يمكن أجذب البنات وياخدوا بالهم مني وان فيه كائن اسميه جاسر المهدي رومانسي ومثقف والحوارات الهبلة اللي بتحبها البنات دي .


رفعت حاجبها باندهاش وسألته:


_ وه هي الحاجات داي هبلة في وجهة نظرك ، هو في أحسن من الراجل الهادي المثقف الرومانسي ؟


دق بأصابع يديه على المنضدة وأجابها وهو بما يشعر به داخله :


_ الراجل اللي تدور عليه الست في وجهة نظري اللي يعرف يحتويها ، يحس هي عايزة ايه فينفذه لها من بعيد لبعيد من غير مايوريها إنه إزاي سوبر مان ، يعرف يخطف قلبها برجولته بصحيح مش بصور ولا كلام ولا حبة انشا حفظهم في كتاب .


انبهرت بكلامه الذي دوما يشعرها فيه أن المشاعر لاتحتاج للرؤية بالعين فيمكن أن يُحَس بالمواقف ، يريد أن يجعلها تشعر بأنها كمثلها وأنها لاينقصها شيئا عنهم ، 


ثم سألها بملامة :


_ إلا بصوح كنتي منزلة فيديو ليلة عشية وانتي عاملة بيتزا وكاتبة جنبها صنع ايدي مش عيب يامنون تعملي البيتزا بالطعامة اللي واضحة في الصورة داي وأني باكل عيش وجبنة ؟


ضحكت بشدة على طريقته الدعابية ووعدته :


_ حاضر يا متر دي انت تؤمر ليك عندي عزومة على أحلى بيتزا .


_هو انتي بتعرفي تتطبخي صوح يامنون ؟


_أمال ايه ماما بتجيب لي كل الطلبات اللي بحتاجها واني طبعاً حفظت المطبخ بتاعنا والبوتجاز والتلاجة بالواي فاي فبعرِف أظبط طبختي اللي بعملها .


حقا شعر بأن الوقت ضاع معها والملل الذي كان يشعر به لم يعد موجوداً ، لقد سحبته لعالمها الهادئ الجميل ويود الغوص به أكثر كي يعرف حياتها وكي تقضي يومها ، 


وظلا يتحدثان في كل شئ يأتي ببالهم بتلقائية وهم سعداء بالحوار الراقي مع بعضهم ثم جاء أخيها الأكبر وتعارفا على بعضهم وجلس معهم حتى انقضى الوقت معهم دون أن يشعروا فحقا الاختلاف في الحالات لايفسد للحب قضية .


******""******"""***


"في مثل ذاك اليوم ولدت الباش محامية رحمة المهدي وأتت إلى الدنيا فأنارتها ، كل سنة وانتي طيبة يا انا "


ذاك البوست الذي نشرته رحمة على صفحتها على الفيس بوك وهي تهنئ نفسها بيوم ميلادها ونشرت صورتها تحت ذاك المنشور في الساعة الثانية عشر صباحاً ، 


كان ذاك الماهر جالساً في حديقة منزله أمام حمام السباحة وفي يده كوبا من القهوة وأمامه ذاك المشعل المضاء بالنــ.ـار فالجو كان شديد البرودة في تلك الليلة ولكنه يحب الجلوس في تلك الأجواء الباردة التي تشبه برودة الحياة التي يعيشها ، 


ثم استمع الى ذاك الإشعار على هاتفه ، أمسك الهاتف بملل ثم قرأ الإشعار وإذا هو تطبيق الفيس بوك يبلغه بأن ذاك اليوم ميلاد المشاغبة التي اقتحمت حياته وللعجب أنها كانت في باله في ذاك الوقت ويفكر بها بأن يرسل لها باقة تهنئة بيوم ميلادها ، 


وهتف وهو يحادث نفسه ولكن بصوت مسموع:


_كانك ورايا ورايا حتى في خلوتي مع حالي مش فايتاني .


ثم فتح صفحتها وتلك أول مرة يفتحها ويجول فيها فاتسعت مقلتاه عندما رأى صورتها أمامه بذاك الجمال وكأنه رأى باربي متمثلة أمامه الآن ، فقد كانت آية في الجمال بذاك الحجاب الأبيض وعيناها البارزتين بلونهما الأخضر وترتدي ذاك الزي المهندم الراقي في ذوقه ، وكتلة الجمال تشع في وجهه ، برزت عروق رقبته من شدة غضـ.ـبه بسبب تلك الصورة ولم يدري بحاله إلا وهو يهاتفها ، 


كانت جالسة وفي يدها ملف تلك القضية التي أرهقتها كثيراً ثم سمعت رنات هاتفها فاندهشت كثيرا لأن الوقت متأخر ومن سيهاتفها في ذاك الوقت ولكن دق قلبها بوتيرة سريعة داخلها عندما رأت نقش اسمه وأنه المتصل ، أجابته على الفور فهي شعرت بالقلق تجاهه فهو لم يفعلها منذ أن عرفته وعملت معه :


_ السلام عليكم ، في حاجة يامتر قلقتني عليك ؟


كان يدور حول المسبح وهو لايعلم من أين يبدأ ثم تحمحم :


_ أممم .. ايه الصورة اللي انتي منزلاها داي ؟


لوت شفتيها بامتعاض وهي تنظر إلى الهاتف بغرابة من سؤاله في ذاك التوقيت ثم سألته :


_ مالها الصورة وحشة ولا فيها ايه ؟


تنفس بصوت عالٍ ينم عن بداية غضـ.ـبه:


_ اه وحشة جداً شليها يالا حالا.


استمعت إلى أنفاسه الغـ.ـاضبة وازدادت ذهولا من رأيه الذي لايمت للحق بصلة ثم أردفت باستنكار :


_ وه مين قال اكده ! هو إنت مأخدتش بالك جايبة تعليقات كد ايه واصل ! 


واسترسلت وهي تشير بإعجابها الكبير لتلك الصورة قاصدة استفزازه :


_ داي كله عمال يقول لي ايه القمر دي يارحوم ، واللي تقول لي باربي التانية ، وكلياتهم اكده بيقولوا إن الصورة وصاحبتها قمر ١٤ هسيبهم كلهم وأخد برأيك انت ؟!


حقا استفزته بطريقتها وجعلت الغيرة تنـ.ـهش بقلبه ولكنه لم يبين لها ذلك وهتف بأعـ.ـصاب باردة : 


_ بيجاملوكي وبيجبروا بخاطرك يا حضرة الأستاذة .


تفوه بتلك الكلمات وهو يضغط على كلمته الأخيرة "الاستاذة" فهمت مغزى طريقته فهو يريد ان يهز ثقتها بجمالها ولكنها أفحمته فتلك الرحمة لن تترك حقها قولاً او فعلاً تأخذه من عين السبع دون أن تهاب :


_ والله حتى لو بيجاملوني كتر خيرهم جبر الخواطر حلو بردك ، بس لعلمك بقى آني عارفة حالي زين والله لو لبست خيش واتصورت بيه لا إللي يشوف الصورة ينبهر بيها وعلى رأي المثل يامتر القالب غالب بس انت اخلع نضارة الصلابة وقول للحلو في وشه ياحلو .


بعد الهاتف عن أذنه ونفخ بضيق من ثقة تلك الرحمة في حالها كي لاتسمعه ورأى أن أقصر الطرق هي الصراحة ثم هتف :


_ أها ، طب حطاها ليه مستنية يبدوا إعجابهم بجمالك الفتاك ولا ايه ، ملهاش لازمة شيلي الصورة يارحمة .


فتحت فاهها بدهشة من ذاك الماهر أيغار عليها أم ماذا يقصد ؟


ثم سألته وداخلها من فرط سعادته يكاد قلبها يقفز من بين ضلوعها :


_ وه هي عجباني هشيلها ليه يعني ، وبعدين هي داي كل سنة وانتي طيبة بتاعتك في أول عيد ميلاد ليا وآني في حياتك .


جز على أسنانه وهتف بغيظ آمرا إياها:


_ شيلي الصورة يارحمة ومتستفزنيش اكتر من اكده ؟


رفعت حاجبها من نبرته الآمرة :


_ ده اسمه ايه بقى إن شاء الله يامتر ، هو إنت بأي حق تطلب مني الطلب دي ؟


بنبرة حاسمة لاتقبل النقاش:


_ أنا مش بطلب دي أمر ياهانم ، شيلي الصورة وكفاية كلام في الموضوع دي مش هنقعد نتكَلم طول الليل في حوار فارغ ملهش لازمة .


اهتز فكها بسخرية من طريقته الآمرة ونطقت برفض :


_ بأي حق تأمرني يامتر أني مجرد متدربة عندك لا اكتر ولا اقل ؟


استشاط غضبا منها وأجابها :


_ بقول لك ايه سيبك بقى من عقل العيال اللصغيرة دي كبرتي إنتي ومتلفيش وتدوري ،


ثم اكمل بتهـ.ـديد صريح :


_ وقسما بالله لو ماشلتي الصورة اللي انتي حطاها داي للكل يشوفها ويتغزل فيها وفي اصحاب العقول المريضة اللي ياخدوها ويتأملوا فيها على كيفهم ياللي موعياش لكل دي لا هكـ.ـسر لك الموبايل دي يارحمة .


اندهشت من نبرته الغاضـ.ـبة بشدة وأمره الصارم ولكنه نبهها لنقطة مهمة وهو ذنب النظر لأصحاب القلوب المريضة وقررت ان تحذفها ولن تضع صورها مرة أخرى على جميع مواقع السوشيال ميديا وستحذف القديم بأكمله ولكنها قررت أن تستفز مشاعره وأردفت بنبرة ماكرة تليق بجنس حواء :


_ يعني متصل بيا في أنصاص الليالي وبتزعق وبتعلي صوتك على صورة اني نزلتها ، طب ما تقول لي شيل الصورة علشان آني غيران عليكي وتتكلم بكل صراحة يا متر ولا انت بتعرف تزعق وتشخط وتنطر بس .


عض على شفتيه السفلى بغيظ منها ومن مكرها ثم تحدث بنبرة حاول استدعاء الهدوء فيها :


_ طب اني بقول تنامي بقى وكفاية سهر لحد دلوك علشان السهر غلط عليكي انتي لسه صغيرة .


رفعت شفتيها لأعلى باستنكار ورددت:


_ والله ! شكرا على انك خايف علي ، تصبح على خير .


بنبرته الهادئة أمرها دون أن يرد على مسائها :


_ هقفل وأقل من دقيقة تكوني حذفتي الصورة .


ضغطت على أسنانها بغيظ من بروده معها ثم أطاعته وهي تزوم كالأطفال :


_ ماشي ياماهر حاضر ، وشكرا على كل سنة وانتي طيبة اللي مقلتهاش .


قالت كلماتها وأغلقت الهاتف ثم أمسكت هاتفها وحذفت تلك الصورة وجميع الصور وقلبها سعيد بالخطوة التي تقدمتها مع ذاك الحبيب الذي اختاره قلبها ، معـ.ـذبها ولكن تعشق ذاك العـ.ـذاب منه ولن تقدر أن تتخلى عنه ، 


وقررت أن تشاغبه فأنزلت منشورا آخر وأشارت له من ضمن ثلاثون من الأصدقاء وهو في منتصفهم كى لاتلفت انتباه أحدهم وكان محتواه :


"‏الاهتــمام الزائــد قد يفقدك ڪــرامتك

فأحذر أن ترمي ڪثير من الزهور في أحضان

فاقد حاسة الشــــم.


وصله اشارتها فقرأها وابتسم على مشاغبتها ثم ذهب إلى حالة الواتس ودون تلك الكلمات : 


"أحدهم يظن أنه لامحل له من الإعراب ولكن جميع اللغات تخبره أن حروفه جميعاً تمتلك المعجم بأكمله ولكن مدارتها عن جميع الحركات تدل على أهميتها في اللغة بأكملها .


على الفور رأت حالته وقرأتها وتفهمت معانيها وفرح داخلها بشدة فهو فور أن رأى كلماتها الحزينة لجفائه معها صالحها بتلك الكلمات التى أشعرتها بأهميتها عنده ، وبعد قليل أتتها رسالة منه على الواتساب جعلت داخلها يخفق من فرط سعادتها برسالته :


" كل سنة وانتي طيبة والسنة الجاية تكوني محققة أمنياتك بقلب سعيد مطمئن 💖💖 "


رغم بساطة رسالته إلا انها أسعدتها كثيرا واحتضنت هاتفها بفرحة عارمة كالأطفال ونامت وهي سعيدة من ذاك التقدم بعلاقتها مع ماهر ،


أما هو ظل ينظر للنجوم اللامعة في السماء وكل تفكيره الآن في تلك الرحمة التى اختـ.ـرقت قلعته المشيدة بالصرامة وهدـ.ـدت آمانها وبدأت بفك الحصار والقلب تبدل من مجرد نبضات إلى طلبه لوجودها داخل قلعته كي يسقيها من شهد عاشق محروم وياويلها من عاشق جلس أعواماً منغلق على حاله منتظراً عِوضه ، 


جلس يفكر بها ثم أهداها خاطرته :




مرت الأيام على تلك الأحداث زينب عادت إلى منزلها ولكن ليس بينها وبين سلطان أي نوع من الحوار وهو ممتثل الغـ.ـضب منها ولم يحادثها ،


ووجد التزمت غرفتها ولم تخرج منها بناءا على تعاليم سلطان لها ، 


وسكون التزمت شقتها في تلك الأيام كي تتجنب أي حوارات تسبب جرحها وبالتالي ستتأثر حياتها مع عمران ، 


ورحمة وماهر في مشاغبتهم المستمرة التي لم تنتهي بعد ، 


أما آدم ظل طيلة الأسبوع مشغولا في تجهيزات فرحه هو وأميرته التي مازالت غير متقبلة تلك الزيجة ولكنها الظروف ، ولكنه قرر أن يصبر عليها حتى تأتي إلى منزله ووقتها حتما لم تستطيع الهروب منه مهما فعلت ، 


أما مها ومجدي فهي تأتي له في المشفى يومياً وتهتم بجميع أموره وقررت أن ترضى بالأمر الواقع فهي لايهمها كلام الناس بقدر مايهمها في المستقبل ملامة أبنائها عن لم تركت أبيهم العاجز وفرقت شملهم وهي من عودتهم على الرجولة منذ صغرهم ، 


دخلت إليهم الطبيبة كي تتابع حالة مجدي وبعد أن انتهت خرجت مها مع الطبيبة وسألتها :


_ بعد اذنك يا دكتورة اني عايزة اسئلك على حاجة ؟


أومأت لها الطبيبة بموافقة بترحاب ووجه مبتسم فتحمحمت متسائلة بتوتر :


_ هو ممكن يعني ... مجدي جوزي يخلف بعد حالته داي ولا مبقاش ينفع ؟


راعت الطبيبة حرجها ونظرت إلى هيئتها المنمقة وملابسها التى تبدو جديدة فظنتهم متزوجون منذ اشهر قليلة فحقا من يرى مها يجزم انها عروسة أمس وليس سنوات ، فربتت على كتفها مطمئنة إياها:


_ لا متقلقيش خالص جوزك هيمارس حياته الطبيعية بشكل طبيعي جداً وطبعاً لو معِندهوش اي حاجة هيخلف بالثلث .


شكرتها مها بامتنان وأكملت:


_ منحرمش من ذوقك ياداكتورة بس اني نفسي أخلف بنوتة إنتي عارفة بقى داي حلم كل ست ، 


تفهمت الطبيبة ما تحتاجه واسترسلت مها حديثها وهي تخفض نبرة صوتها طالبة منها :


_ طب هو ممكن حضرتك يعني تعملي له تحاليل تطمنيني بيها عن الموضوع دي من غير مايعرِف علشان كلمته في الموضوع دي كَتييير وهو مستنكرها قوووي ويقول لي اني عارف اني زين ومفياش ولا عيب دوري على حالك ، وأني كمان عارفة إني زينة وبالرغم من اكده عميلت كل التحاليل وأثبتت اني مفيش لي عيوب .


قالت مها تلك الكلمات و بالفعل هي منذ أن وضعت توأمها منذ سنوات ولم تأخذ وسيلة ومنذ تلك المرة لم تحمل فانتابها الشك أن تكون أصيبت بأذى أو أن رحِمها أصابه إعياء وتابعت مع أختها سكون واكتشفت أن لديها مشكلة بسيطة منذ سنوات ولكنها عالجتها ولم يحدث حمل ولا مرة من المرات التي اجتمعت فيها هي ومجدي وداخلها حزين فهي تتمني أن يكون لديها ابنة تصبحان اصدقاء وأحباء فهي تعشق البنات ، 


حركت الطبيبة رأسها بموافقة ثم قالت :


_ تمام يا جميلة هاخد عينة دم منيه وهعمل التحاليل وهقول لك ومتقلقيش هتبقي أم البنات مش بنوتة واحدة .


ابتسمت لها مها وشكرتها بامتنان وفي آخر اليوم نفذت تلك الطبيبة وعدها وأخذت عينة الد م من مجدي بكل هدوء 

لقراءة باقي الفصول من هنا



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close