أخر الاخبار

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل السابع عشر17والثامن عشر18 بقلم فاطيما يوسف

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل السابع عشر17والثامن عشر18  بقلم فاطيما يوسف

خرجت وجد من ذاك المكان الذي دلفته وهي سعيدة بفعلتها وداخلها ينطق فرحا وسرورا بتلك الخطوة التي اعدت لها كثيرا وانطلقت الى المنزل بأقدام سريعة كي لا يلحظ سلطان خروجها من المنزل ولا تعرف بما تجيبه وبعد حوالي ربع ساعة وصلت الى البيت فقد قابلتها في الطريق صديقه لها ووقفن يتحدثن مع بعضهن قليلا ثم افترقت كل منهن الى طريقها ،


دخلت الى المنزل وهي تتلفت يمينا ويساراً كي ترى من بالمنزل ثم تنفست الصعداء عندما لم تجد احدا فالجميع مشغول بتجهيزات الفرح صعدت الى غرفتها وما ان دلفت حتى وضعت يدها على صدرها وشهقت عندما راته جالسا على الأريكة الموجودة في الغرفة ،


أما هو سألها : 


_حمد لله على السلامة يا برنسيسة كنتي فين اكده من بقالك ساعتين وكيف تخرجي من البيت من غير ما تستأذنيني وتعرفيني ؟


حاولت ان تصطنع الهدوء وأجابته بأعصاب باردة اصتنعتها جيدا كي لا يلحظ توترها :


_ كنت بشوف حاجه البسها في فرح ابنك ، ما هو انت بردك مهانش عليك تقول لي تعالي يا وجد يا مرتي هاتي لك حاجة احضري بيها فرح عمران ولا سألت فيا واصل .


قام من مكانه واقترب منها وتساءل وهو ينظر الى يداها الفارغتين :


_مشايفش حاجه في يدك يعني ولا انتي جايبة لبس ولا يحزنون ،


ثم اقترب منها وأمسكها من كتفيها وهزها بعنف وهو يعيد على مسامعها نفس السؤال بصوت هدر مغلف بالحدة : 


_انطُقي يا بت كتي فين يا اما هخلي يومك  ما هيعديش عليكي النهاردة يابت المركوب إنتي .


اصطنعت الوجع والبكاء وهي تنظر الى كتفِها المتألم من قبضه يديه وهي تجيبه :

_انت كيف تشك فيا يا حاج وانت عارف ان ملياش في اللف ولا الدوران !

انا كنت بلف على المحلات علشان اشوف عباية تناسبني لفرح ابنك لكن ما لقيتش حاجة النهاردة وقلت هبقى افصلها  على كيفي عند الخياطه اللي بتعمل لي على طول ولو مش مصدِقني اتصل لك بصاحبتي اللي كانَت وياي وهي هتقول لك انها كانت معايا واني مش بكذب عليك عاد .


نظر إليها بتفحص ثم أمرها : 


_ماشي يا وجد بعد اكده ما تخرجيش من باب البيت الا باذن مني حتى لو راحة تشتري حاجة من جنب البيت ممنوع تعملي اكده مرة تانية انتي بقيتي في عصمة راجل مينفعش مرته تروح وتاجي من غير اذن منه مش طرطور اني !


حاولت ان تهدئ من توترها كي لا يلحظ ثم اقتربت منه وبنبرة يملؤها الدلال رددت وهي تحتضنه من كتفيه بطاعة كي تتقى شـ.ـره :


_ حاضر يا سلطان ما هعملش اكده تاني،

وبعدين هو اني اطول ان يكون وياي راجل يخاف علي من الهوا الطاير ويغير عليا كماني،


الا بصحيح يا ابو عمران انت بتحبني قوي اكده وبتغير علي كمان ؟


مازال يشعر بالغـ.ـضب تجاهها ولكن هدئ من نبرة غضبه عندما رأى اقترابها وطريقتها المدللة عليه وتحمحم قائلا بصوت خشن : 


_وكيف يعني مغيرش على اهل بيتي اللي مني واحافظ عليهم !

وهما يبقوا طوعي وتحت امري وما يخالفوش اوامري واصل .


دلكت كتفيه بنفس الدلال ونطقت بمحبه اصطنعتها ببراعة : 


_يا خراشي عليك وعلى كلامك الزين يا سيد الرجال ما انحرمش منك ولا من غيرتك وحبك وحنانك يا سلطاني .


واستطاعت تلك الماكرة بحركاتها والاعيبها ان تنسيه الأمر كله بدلالها الأخاذ لذاك الرجل الشائب  ومر الموقف عليه بسلام وكأنه لم يحدث ،


اما بعده ساعتين من ذاك الوقت دلفت تلك اللعينة الى الشرفة الخاصة بغرفتها وجلست تفكر ماذا تفعل الى ان اهتدى بها الأمر أن ترسل رسالة الى تلك السكون وبعد تفكير دونت رسالتها من رقم آخر جديد قد ابتاعته وأرسلت لها :


_حذرتك قبل اكده من الطريق اللي انت رايحة له يا بت الناس وما سمعتيش كلامي وافتكرتيني بوقع بينك وبينه لكن لازم اعمل اللي عليا واقول لك على سر خطير ان جوزك عشقان لمرت ابوه وأني شفت عشقهم بعنيا دول ولما لاقاها اتجوَزت ابوه جه وخطبك واتجوزك وكان مراهنها كمان انه في خلال شهور هيتجوز وهيـ.ـحرق قلبها ،

خليكي اكده على عماكي  يا داكتورة لما الطوبة تقع في المعطوبة وتدخلي عشك المتحاوط بالنـ.ـار وبلاش توري له رسالتي عشان تكتشفي بنفسك الكلام اللي قلته لك دلوقتي وقبل سابق .


أنهت رسالتها وضغطت زر الارسال وهي تحرك شفتيها بمكر لتلك الخطوة التي جعلت داخلها يهدا من نيرانه قليلا  .


    ************************


في المشفى التى يرقد بها مجدي حيث ذهبت إليه مها زيارتها المعتادة له وهي في كل مرة تشعر بأنها متعبة من تلك الزيارة ، جلست أمامه تحادثه كمن يسمعها ولكنه مازال في غيبوبته من تلك الحمى التي أصابته ، فاهتز فكها بسخرية وهي تردد :


_ شفت الفرق بينا يامجدي ، اديني اهه باجي لك كل يوم وبطمَن عليك وأدخل اقعد جارك بالساعات وأسأل عن صحتك وهتخف امته ، 


فاكر يامجدي لما وقعت ورجلي انكـ.ـسرت من كذا سنة عميلت وياي ايه ، وعادت بذاكرتها لسنوات مضت تتذكر كيف عاشتها مع ذاك الجامد بنبض وجـ.ـع لم ينتهي ،


#فلاش_باك 


خرج مجدي من الحمام ووقف أمام مرآته يصفف شعره بإهمال وإذا به يستمع إلى صوت صريخ مها ، خرج إليها وجدها تجلس أرضاً تتأوه وهي تمسك قدماها ، هرول إليها متسائلاً:


_ مالك يامها حوصل إيه ووقعتي كيف ؟


انذرفت دمـ.ـوع عيناها وهي تبكي بغزارة من تألم قدمها وأجابته من بين شهقاتها :


_  أه رجلي بتصـ.ـرخ علي جامد يامجدي ، ااااااااه ، اتزحلقت ووقعت ، مقدراش أتحمل الوجـ.ـع ، أاااااااه ، الحقني حاسة بنـ.ـاار في رجلي .


تأفف مجدي بضيق وكعادته نظر إلى ساعته ثم هتف باستعجال:


_ متخافيش يامها وبطلي دلع حريم عاد ، هي بتوجعك من الوقعة بس ، دلكيها واربطيها برباط ضغط وهتُبقي زينة متقلقيش ، 


ثم تابع حديثه وهو يقوم من مكانه وينظر إلى ساعته :


_ أني مضطر أمشي دلوك عندي معاد شغل مهم قووي مع عميل ومينفعش يتأجل قومي متتدلعيش .


اتسعت مقلتيها بذهول من قلبه المتحجر فهو لم يهتم بوجـ.ـعها ولا حتى حاول إسنادها كي تقوم ، لا بل والأدهى اتهمها أنها تصطنع التعب وتتدلل وتركها وحمل أشيائه وخرج لعمله كما قال دون أن يبالي ، أما هي ظلت تصـ.ـرخ مكانها بألم نفسي بعذاب لايضاهيه أعظم ألم جسدي 

يا الهي لقد تركها تمسك قدماها وتبكي بغزارة ، 


ظلت على حالها ساعات لم تقوى على الحراك من ألم قدمها ثم زحفت بمؤخرتها وهي تتوجـ.ـع والتقطت هاتفها كي تتصل بوالدتها تستنجد بها وظلت تهاتفها ولكنها لم تجيبها ويبدو أنها كانت نائمة ، وسكون في ذاك الوقت في جامعتها ومكة صغيرة ولا يوجد معها هاتف فتلك عادتهم فوالداتهم لم تمسك احداهن هاتفا إلا وهي في الجامعة، ظلت أكثر من ساعة تهاتف والدتها كي تستنجد بها ولكنها لم تجد رداً ، ولم يتبقى أمامها سوى عامر فقامت بمهاتفته وما إن آتاها الرد حتى صـ.ـرخت من وجـ.ـع قدمها :


_ الحقني ياعامر وقعت ورجلي بتوجعني جامد وبتصـ.ـرخ عليا ومقدراش اقف عليها.


أحس بألمها من صـ.ـراخها ثم طمئنها وهو يخرج من شقته ويهبط إليها :


_ اني نازل لك اهه دقيقة واحدة هدي حالك وإن شاء الله خير .


وبالفعل نزل إليها وزحفت كي تفتح له الباب فقدمها منتفخة ويبدو عليها التورم ، رأى حالتها تلك وبكائها الشديد الواضح من عينها ثم سألها وهو يتلفت :


_ أمال فينَه مجدي ملحقكيش ليه ؟


صعبت عليها نفسها من إهماله فيها ثم تمتمت من بين آهاتها :


_  ولا همه حاجة قال لي ادهنيها واربطيها برباط ضغط وسابني مرمية كيف الكلبة وراح معاد شغل .


شعر عامر بالخزي والخجل من تصرفات أخيه ثم سألها:


_ أمال فين مفتاح عربيتك اللي لسه جايبها لك اخدك أوديكي للداكتور نطمَن عليكي ونشوف فيها ايه .


أشارت إليه مكان المفتاح ثم حاول إسنادها حتى هبطت الأدراج ومازالت تتألم بشدة من وجـ.ـع قدمها ، 


وبعد ساعتين من ذهابهم للطبيب عادت وساقها يحتضنها الجبس إلى الركبة وحالتها متعبة بشدة ، 


وبعد دقائق عاد مجدي من عمله وجدها بتلك الحالة فهتف بلا مبالاة:


_ وه ده إنتي باينك كبرتي وعجزتي وانتي لسه في عز شبابك ! بقى وقعة هبلة زي داي تجبسي فيها رجلك  نسوان اخر زمن !


التمعت الدموع في عينيها من قسوة قلبه الغليظ ومن قسوة لسانه السليط ولم ترد عليه ، 


علمت والدتها وأتت إليها وأصرت عليها أن تأخذها معها ولكنها رفضت بشدة لأنها تحملها ذنب ماهي به مع ذاك المتحجر ، فهي لم تحتضنها ولم تحتوي وجعها بل ولم تخفف عنها واتهمتها مرات بالفجر والعهر مثله ومرات بالدلال ومرات ومرات أتت إليها ولم تحتوي وجعها ولو بالكلام ، 


فمكثت بالجبس اكثر من شهرين أختيها تأتيان إليها بالتبادل يراعوها نهارا ويتركوها ليلا ، 


وتذكرت كم اهملها في ذاك الشهرين ولم يهتم بعجزها حتى التخفيف عنها بالكلام لم يفعله وظل كما هو فظا غليظ القلب ، 


#عودة_من_الباك


تعمقت في النظر إليه وهو مسترخي الآن بين يد الله بنظرات اشمئزاز لما تذكرته ورددت :


_ سبحان الله الايام بتلف واديك مرمي اهه وملكش حد يعبرك ولا يسأل فيك غيري وحتى اخوك يوم فاضي واتنين لا ، نفعتك بايه الفلوس دلوك يامجدي ! منك لله مش مسامحاك وعمري ماهسامحك ، اللي زيك مش لازم يعيش يامجدي ، اللي زي لازم يمـ.ـوت وميقعدش في الدنيا اكتر من اكده ، 


وبنظرات زائغة ووجه يبتسم بألم وعيون تنظر إليه تارة والى المحلول تارة وعقلها يزين لها كما الشيطان وكأن نجاتها في ذاك الوقت أمام عينها فمبجرد أن تنزع عنه المحلول سيفارق الحياة ، ولكن اختمرت فكرة أخري في رأسها أن تضع تلك الوسادة على وجهه وتكتم أنفاسه والكلمة التي كان دائماً يرددها لها "فاجر" تدور في خلدها وتلك السنوات التي عاشتها معه تمر في عقلها كشريط سينمائي ، وتلك الفاحشة التى اقترفتها في حق دينها وربها ونفسها ولم تنم كثيراً من الليلات تمر أمام عينها ، 


وحدثت حالها وهي مازالت تنظر للاشئ بتعابير وجه لن يستطيع أحداً فهم معناها كما الشفرات :


_ لما يكن نصيبي في تلك الحياة أن أصبح عاهرة ؟!

لما لم تكن رجلاً يعرف كيف يحتوي امرأة وتركتني أمضي لياليَّ في قهر ساهرة ؟!


فقد زهقت روحي وبت اتمني المـ.ـوت مرات ومرات وحتى الموت لمثلي نـ.ـاراا حـ.ـارقة .


ثم أمسكت يداه وضغطت على زر المحلول بغضب وصل عنان السماء حتي أدمت يداه من شدة ضغطها ،ولكنها ما إن رات لون الدم حتى نزعت يداها ونهرت حالها على ما وصلت إليه ثم قامت من مكانها وهي تردد ببكاء وتنظر إليه :


_ منك لله يا مجدي مش مسامحاك وعمري ماهسامحك ، منك لله على اللي وصلت له من دناوة بسبك .


وتركت الغرفة وهي تبكي وتمسح دموعها  قابلها عامر وحتى كانت أن تصتدم به وهي تهرول بحدة ، رأى حالتها تلك فأمسكها من كتفها الأيمن متسائلاً بغرابة:


_ مالك يامها بتبكي ليه ياأم الزين ؟ 

هو مجدي جرى له حاجة لاسمح الله؟


نفضت يداه من على كتفها وهدرت به بحدة :


_ مايجرى له ولا يغور في ستين داهية ، منك لله انت واخوك منك لله ياعامر .


انصعقت ملامحه من طريقتها ومن حديثها اللاذع ولكنه فضل الهدوء وتساءل ثانية :


_ طيب اهدي بس حوصل إيه بس لده كله ؟


اهتز فكها بسخرية من بين شهقاتها واجابته:


_ قول محصلش ايه انتو الاتنين دمرتو لي حياتي ، انتو الاتنين عيشتوني ميتة بالحيا ، انتو الاتنين مخلتونيش أتهنى بدنيتي ولا طلت أكسب أخرتي ، أنا ولا عارفة أعيش ولا قادرة اتمنى المـ.ـوت ولا عارفة اربي ولادي كل لما ابص جوة عيونهم ، أنا ضعت وضاع عمري وضاعت كل حاجة حلوة ، 


واسترسلت وهي تضـ.ـرب بيدها على فخذها دون مراعاة لذاك المكان العام الواقفين به وهي تبكى بغزارة ثم جلست مكانها واستندت على الحائط وحقيبتها ارتمت من يداها وهي تتمنى الموت :


_  يارب امـ.ـوت ، يارب خدني وريحني وسامحني ، يارب امـ.ـوت ياااااااااارب .


نظر عامر حوله وجد الجميع مشغولون أو كأن ذاك المشهد معتادون عليه يوميا فلم يشغلهم الأمر فتلك المشفى تحدث بها كوارث يومياً واعتادو على ذلك ، اما هو هبط لمستواها وربت على كتفها يهدئها فقد انفطر قلبه لحالتها وأصبح يلوم حاله على أنها انساق وراء شهواته ونسي كل شئ حتى وصل بهم الحال إلى تلك المأساة المريرة وهي مازالت تبكي وبعد مدة هدأت من حالها وتذكرت طفليها وذهبت إلى سيارتها بقلب يخفق حزناً يكفي العالم أجمع .


      *********************** 


في نفس اليوم في الساعة الخامسة عصراً أمسكت رحمة قدماها وهي تهتف بوجع :


_ أه يارجلي اللي فقفقت من اللف وياكي من اهنه ل اهنه ، طب انتي العروسة اللي هتتجوز بكرة وتدخل دنيا وتتدلع وتاكل حمام وبط ومحمر ومشمر ذنبي ايه أني في اللف ده والمواويل اللي كسحتني داي ياناس .


ضحكت سكون من طريقتها الساخرة ثم تحدثت باستنكار مصطنع:


_ وه هتحسدينا اياك على وَكْل الدخلة ! طب مالحاجة زينب مهنياكي بط وحمام ومحمر ومشمر ليه بقى الحسد عيني عينك ده ياعمتي .


شهقت رحمة بذهول وهي تهتف باستنكار:


_ عمتك ! وقدرتي تقوليها ياسكون ده أني لساتني صغيرة وحلوة ومدخلتش دنيا علشان تنعتيني بعمتك !


واسترسلت وهي تشعر بالاشمئزاز المصطنع من اللقب :


_  قال عمتك قال ، متقوليهاش الكلمة داي مرة تانية واصل ، مبحبهاش ومبطيقهاش .


واستمرت كلتاهن يضحكن مع بعضهن إلى أن توترت رحمة وترددت كثيراً أن تحكي مابها ولكنها ارتاحت لسكون وشعرت بأنها أختها الثانية وقررت لها البوح عما يؤرق صدرها علها تفيدها في مشكلتها ، وبالفعل بدأت بسرد قصتها مع ماهر الريان من أول يوم بدأت التعامل معه ، وقصت عليها أيضاً الحوار الذي دار بينها وبين جاسر ابن عمها ، ثم أنهت كلماتها :


_ محتارة قوووي ياسكون اوافق بابن عمي اللي بيعشق التراب اللي بمشي عليه ولا اوافق باللي مشايفنيش أصلا وهبقى وياه مجرد صورة بس من غير روح ، أنا حكيت لك وحسيت اني عايزة افضفض وياكي واخد رأيك باللي تاعبني .


احتارت سكون من حكواها ثم سألتها :


_ طب عمرك ماحسيتي بمشاعر ابن عمك تجاهك خاصة وهو بيعشقك قوووي اكده وكلامه معاكي الأخير كان مقهور ؟


أدارت وجهها للناحية الأخرى واجابتها:


_ في أوقات اكده كنت بحسه فيها بيبص لي نظرات غريبة ، كنت بحس إني بنته وأخته ونصه التاني اللي يومه ميكملش من غيري ، اوقات كنت بستغرب طريقته داي بس برجع وأقول علشان متربيين ويا بعض ومبنفارقش بعض إلا اوقات قليلة ، بس عمري ماكان ياجي في بالي إنه بيحبني حب راجل لست مش أخ وأخته ،


وأكملت وهي تتذكر هيئته حينما كان يعاتبها عن حبه وهي كسـ.ـرت خاطره كيف كانت حزينة :


_ متتصوريش ساعتها أنا كنت حاسة إني بكسـ.ـرني واني بقول له انت زي أخويا ، كنت بخسر درع الأمان والحصن اللي في حياتي ، ومن ساعتها لا أني مستريحة لما رفضت حبه ولا مستريحة وانب مع ماهر بسبب جموده اللي حكيت لك عنه .


سألتها سكون مرة أخرى:


_ طيب ليه محاولتيش تفتحي قلبك للي بيحبك قووي اكده وتسيبك من ماهر بعقده ؟


أجابتها رحمة :


_ هجاوب عليكي بسؤال ليه قعدتي تستني عمران وتحبيه سنين وهو مش شايفك أصلا ولولا الصدفة البحتة كان زمانك زي مانتي .


ضمت سكون شفتيها لصدق حديث رحمة وأحقتها فيما قالته :


_ عنديكي حق القلوب مش عليها سلطان ربنا بيقلبها كيف ما يريد ، وعلشان اكده بقول لك وافقي بماهر يارحمة وحـ.ـاربي معاه حـ.ـرب المشاعر والعناد وانتو في بيت واحد وصدقيني مش هيتحمَل صدك وقوتك في اللي انتي عايزاه كتير وهيلين وياكي ، لكن طول مانتي بتحـ.ـاربي من بعيد سهمك مش هيصيب وهتستنفذي ذخيرتك كلها وطاقتك كمان وهتبقى خسرتي المعركتين معركة اللي حبك ولا طالكيش ومعركة اللي حبتيه ولا قدرتي تغيريه.


اقتنعت رحمة بكلامها ثم تمتمت :


_ يعني إنتي شايفة اكده أدخل حـ.ـرب المشاعر وياه واوافق علي الجواز بشروطه ؟


حركت سكون رأسها بنفي واجابتها:


_ توافقي أه لكن بشروطك إنتي مش بشروطه هو ، وأولهم يسيب مشاعره هي اللي تحكم مابينكم وشوفي بقي إنتي عايزة ايه تاني وصدقيني كل راجل وله مفاتيح اول ماتعاشريه هتعرفي مفاتيحه وابداي واحدة واحدة كسـ.ـري أقفاله اللي ساككها على حاله .


نظرت إليها رحمة بذهول من عقلها الكبير ثم أشادت لها :


_ ده إنتي طلع عقلك كَبييير قووي ، كانك دكتورة نفسية مش دكتورة نسا ، اتعلمتي الحاجات داي كلها فين يامرت اخوي ياقمرة إنتي ؟


ضحكت سكون على كلامها ثم رددت بتذكر :


_ اني بردو يابتاعت مثلي إنك تعبانة وهيتلهي يابتوع القانون ياللي ليكم مـ.ــيت مخرج من اي بلوة .


وأثناء تسامرهن جاءت رسالة لسكون عبر الواتساب فهتفت بتعجب عندما رأت الرقم :


_ دي رسالة من رقم غريب ربنا يستر .


مالت رحمة برأسها كي ترى محتوى الرسالة كنوع من الفضول ، وأيضاً سكون قربت شاشة الهاتف معها فهي تعتبرها الآن كما الأخت ، قرأتا محتوى الرسالة وفاههم اتسع من هول ماقرأوه ثم هدأتها رحمة بنفي لذاك الكلام :


_  متصدقيش التخاريف داي ، ممكن حد غيران ، لا مش بس اكده دي عايز خـ.ـراب مستعجل وهو عارف ان فرحكم بكرة فانتي متنوليهوش الفرصة داي وامسحي الرسالة ومتوريهاش لعمران وكأنك مشفتيش حاجة علشان الكلام ده كله كدب وافترا على اخوي عمران والله العظيم .


أكدت سكون على كلامها ثم قالت باستجواد:


_ هو إنتي لسه هتعرفيني عمران اللي بيستحي يبص لواحدة من خواتي البنات ! وبعدين أني كبيرة وفاهمة ان الحاجات داي بتُبقى كيد وكل اللي بيعمل اكده بيبقى حد جبان لانه بيوقع بين اتنين اتقابلوا بحلال ربنا وفرحهم بكرة فعلشان اكده هحذف الرسالة وهعمل حظر حالا للرقم،


وبالفعل حظرت ذاك الرقم ونظرت إليها قائلة :


_ كنا بنقول ايه بقى يارحوم ؟


_كنا بنقول نقوم بقى ياست سكون علشان بكرة فرحك ولازم تستريحي علشان عنديكي معـ.ـركة من أول اليوم لآخره. 


خجلت سكون من تلميحها وخاصة أنها اتكئت على كلمة لآخره ثم غادرن المكان ، 


أما وجد رأت علامة استلام سكون للرسالة ولكنها علمت أنها حظرتها ولم تعير رسالتها أدنى اهتمام ولو بتفاعل يدل على أي شعور تجاه ذاك الكلام ، فألقت الهاتف بغيظ وهي تتمتم بحقد :


_ غبية ، غبية ياداكتورة كنت عايزة انجيكي من اللي هيجرى لك لكن إنتي مصممة يبقى ياروح مابعدك روح وانتي اللي جبتيه لنفسك وقابلي بقى دمـ.ـارك وخـ.ـراب روحك على يدي وابقي خلي عندك ينفعك طالما عاندتي قصاد وجد .


      ************************


في إحدى البنايات وبالتحديد في الطابق الثالث يخرج جاسر قاصدا شقته التى جهزها لأن تكون مكتبه وهو ينظر إليها بتفاؤل وأمل أن يصبح ذاك المكان من أشهر مكاتب المحاماة في محافظة قنا ، 


دلف الى المكتب بقلب يخفق مشاعر مضطربة فحلمه الآن أصبح مجسدا أمام عيناه ،


ثم جلس يستقبل المتقدمين إلى وظيفة المسؤلة عن الحسابات في مكتبه فهو ينهج نفس منهاج معلمه ماهر الريان ، دلفت واحدة تلو الأخرى ولكن إلى الآن لم يعجبه إحداهن فقد قابل مايقرب من ثماني متقدمات إلى أن اقترب على فقدان الأمل ثم دلفت احداهن ولكنها تستند على عصاه وترتدي ملابس أنيقة للغاية وتمشي ببطئ وحرص وبجانبها أخيها الأصغر، انتابه الفضول ليعرف ما بها ثم استمعت إليه تلك الفتاة قائلاً لها:


_ اتفضلي اقعدي ياآنسة .


جلست تلك الفتاة بمساعدة أخيها وتحدثت بلباقة وهي تناوله ملفها  :


_ اتفضل يامتر ده ملفي اللي فيه كل شهاداتي اللي حصلت عليها ، من ضمنهم شهادة ماجستير في ادارة الأعمال قسم محاسبة وكمان معاي شهادة خبرة من كذا مؤسسة اشتغلت فيهم وتقدر حضرتك تتوكد من صحة الأوراق بنفسك .


مازال مندهشا من هيئتها الذي لم يرى مثلها قط واستشف انها عاجزة لذلك تستند على ذاك العكاز ، ثم سألها باستكشاف:


_ ممكن أعرف إيه سر انك جايبة أخوكي معاكي ؟  اوعي تكوني مفكِرة إنك جايه مكتب مشبوه ولا حاجة من اللي بيتسمع عنيهم اليومين دول لاسمح الله!


بدون تردد أجابته ثم ظهرت هيئة وجهها بالكامل فقد كانت جميلة وجمالها من نوع خاص ، صاحبة البشرة الشقراء وعيناها بلون العسل الصافي ،ولكن بهما لمعة وكأن بهما أثر دمعة حاوطت بياض عيناها ، 


ظل ينظر إليها باستكشاف فهيئتها غير عادية ثم بدأ بسرد أسئلته المعتادة ولكنها أجابته بلباقة وطريقتها تدل على ذكائها وعلى ثقافتها ، ثم هنئها مناديا لها باسمها الذي عرفه من أوراقها :


_ تمام يامنة الله  مبروك عليكي وجودك وسط مكتبي الصغير وعيلتي القانونية.


ردت مباركته ولكنها اعترفت له بما جعله ينصدم :


_  الله يبارك فيك يافندم ، 


ثم استرسلت حديثها وهي تعلمه جميع ظروفها بثقة في حالها دون تردد:


_ بس فيه حاجة لازم أعرِفها لحضرتك اني  كفيفة .


اندهش من ذاك الذي سمعته أذناه ، فكيف لذاك الوجه الجميل ، والإبتسامة النقية ، والطلة الملائكية الهادئة التي تبعث في النفس الراحة والسكينة أن تصاب بتلك الإعاقة ،


ثم استمع إليها تُكمل :


_ أظن إن اعاقتي مش هتمنعني اني اشتغل حضرتك باركت لي قبل ماتعرف اني من ذوي الحالات الخاصة وجاوبت كل أسئلتك بكل طلاقة وبأكد لحضرتك إن حالتي مش هتقصر على شغلي خالص ، بس حقيقي اني محتاجة الشغل جدا مش لأني محتاجة للفلوس ، لاااا الحمد لله ربنا رازقني بأب جميييل ومتيسر الحال لكن محتاجة الشغل لأنه بيحسن لي نفسيتي فياريت متحكمش عليا دلوك وسيب شغلي يتكلَم عني .


كان جالساً أمامها يشعر بالذهول مما استمع إليه ولا يعرف بما يجيبها ؟ أو كيف سيصبح التعامل بينهما ؟ وهل اعاقتها ستؤثر على بدئ مشواره ولأول مرة صاحب الحنكة القانونية يقف محتارا أمام ذلك الموقف ولا يعرف بما يجيبها ؟


      ***********************


وأخيراً أتى اليوم المنتظر فرح سكون وعمران ، اليوم الذي سيشهد جبر سكون لقلبها الذي أفنى أبوابه لذاك العمران فقط ، 


الجميع فرحون بتلك المناسبة التي انتظروها بفارغ الصبر وبالتحديد الحاجة زينب التي تقف بجانبهم والسعادة تغمرها فقد كانت طلتها تشبه القمر في ليلة تمامه ، طلة ملائكية تليق بجمال سكون ، 


الجميع يباركون لهم في سعادة عدا تلك الوجد تقف تستشيط نـ.ـارا من الغيرة فهي حلمت كثيراً أن تكون مكان سكون ، بنت أحلاما وأوهاما داخل عقلها المريض دون أي حسبان لمشاعر عمران فهي طالما عشقته فلابد أن يخضع ولكن لرب العباد تدابير أخرى ، كان كل الموجودين في الفرح سعيدين بتلك الزيجة ، 


وكانت ماجدة تجلس تنظر لسكون بعيناى لامعة بدموع الفرحة فسكون الأقرب إلى قلبها ولها مكانة خاصة ، اما مكة وقفت تفرك من غيظها بسبب الاختلاط في الفرح والأغاني والموسيقى الصاخبة من وجهة نظرها لكنها مجبرة على الجلوس ، وفجأة جائتها رسالة عبر الواتساب من ذاك الآدم فقرأت محتواها:


_ ايه ياشيخة مكة ، مانتي قاعدة في الفرح عادي اهو وبتسمعي اغاني ورايقة على الآخر ، مش سامع اعتراضك ولا حتى خروجك من القاعة .


أنهى كلامه وبعث لها ايموشن "☺️" 


حقا استفزها بكلامه فالتفتت حولها لكي تراه ولكنها لم تلمح طيفه  وعلمت انه مازال يراقبها فأرسلت إليه :


_ هو انت بتراقبني ليه !

أما انت غريب يابني آدم إنت !

وبعدين ده فرح أختي مش فرح الجيران ومينفعش اسيب ماما ولا أختي يوم فرحها .


أرسلت إليه رسالتها واستلمها على الفور وقرأ محتواها ثم ارسل اخرى:


_ اه ده من باب القاعدة اللي بتقول "الضرورات تبيح المحظورات" تمام يا آنسة فهمت ، بس ابقي خليكي فاكرة إنك استخدمتي القاعدة دي ومتنسيش .


رفعت حاجبها باستنكار من طريقته فأرسلت إليه:


_ إنت مالك يابني آدم إنت بتدخل في حياتي ليه ، هو إنت خلاص بقيت قدري المحتوم اللي كل يوم يسـ.ـمم بدني ، بقول لك ايه كفاية بقى يانجم وابعد عن طريقي علشان قربت أجيب أخري .


قرأ رسالتها وابتسم لمشاغبتها ولم يرد عليها واستعد للغناء في فرح عمران وسكون وتلك المفاجأة التي لم يعرفها احدا غير عمران وسكون وهند أخته التى كانت من ضمن المعازيم وأتت معه ، بعد مامر أكثر من ساعتين في الفرح خرج النجم آدم المنسي بعد أن أعلن المسؤول عن الدي جي لخروج مفاجأة وفور أن ظهر في القاعة انقلب الفرح رأسا على عقب من تلك المفاجأة التي لم تخطر ببال أحدهم ، والتفوا حول المسرح المستدير وجميع الكاميرات توجهت إليه ومن العجب أن مكة شعرت بنـ.ـار الغيرة من التفاف أكثر البنات حوله وتمنوا أن ينظر إليهم فقط أو أن يشير إليهم بيداه ، كان آدم عالماً بمكانها من خلال الشاشة التي كانت في الغرفة التي استراح بها كي يأتي موعد غناؤه المتفق عليه ، ألقى نظرة إليها كى يفهم مغزى نظرة عيناها فهو بات يفهمها عن ظهر قلب فلم لا فهي حلم الايام التي يتمناها ويدعوا ربه أن تكون من حده ونصيبه ، وللعجب أنه رأى نظرة مختلفة اليوم نظرة يعرف معناها ويحفظها عن ظهر قلب جعلت قلبه يخفق راحة داخل أضلعه ، فحقا سعد لتلك النظرة التى رآها منها "نظرة الغيرة" فبدأ بإلقاء أغنيته المفضلة إلى قلبه وكأنه يوجه كلماتها إلى ذات الرداء الأسود ، 


ما بلاش تغيب عنا تاني

ما بلاش يا سايب اراضينا

ما بلاش تغيب عنا تاني

ما بلاش

قولي مين هيملى في يوم مكانك

قولي مين يعوضني حنانك

قولي مين في حزني يقولي مالك

قولي مين

الحقيقة إن الحياة ضحكت علينا

لا الفراق ولا اللقا كانوا بايدينا

لما يومها حضنتني وبعدين مشينا

ليه مقولتش إن ده الحضن الأخير

كنت سيبني لحد آخر لحظة جنبك

سيبني اقولك قد ايه وإزاي بحبك

مهما طال بينا البعاد مش هنسي حبك

وأشوفك يوم علي خير ،

مهما طال بينا البعاد مش هنسي حبك

واشوفــــــك يوم علي خير

ما بلاش تغيب عنا تانى ،


كان يلقي أغنيته وهو يختلس النظرات إليها طيلة الوقت ولكن دون أن يلفت الأنظار إليهما ولأول مرة تستمع مكة إلى غنواه بذاك التركيز ولأول مرة يخفق قلبها بشدة لذاك الآدم ، ولكنها الآن في عراك بين قلبها الذي يطالبها أن تمشي وسط الجموع وتقف أمامه وتدلي له بموافقتها ولأول مرة تشعر بمدى عـ.ـذاب الحب وهي ترى الفتيات تتهافت عليه وتنكـ.ـوي غيرة عليه ، وبين عقلها الذي ينهرها عن اقترافها ذاك الذنب وأنها تتبع شهواتها ونسيت أوامر دينها والتزامها وبأن الأمر كله لايصح ولكن ساعة تمني القلوب تتوه قوانين العقول وظلت سائحة في ملكوت غنواه لها وهي تتيقن أنه يقصدها بكلامه ونظراته المختطفة التى تحمل الرجاء منها والتمني لها ، 


أنهى تلك الأغنية وطلب من العروسين أن يصعدا على المسرح كي يرقصان رقصتهم الأخيرة على أغنيته الرومانسية الذي بدأ بإلقائها بأعمق احساس غنى به أدم المنسى اليوم وهو يتخيلها هي الآن بين يداه واليوم عرسهم هم وجميع من بالقاعة انسجموا معه ، 


أما عن ذاك الثنائي العروسان سكون وعمران فقد كانت فرحتهم ببعضهم ظاهرة عليهم، حاوطها من خصرها بتملك  ثم اقترب علي وجهها وأسند جبهته  بجبهتها وتحدث وهو ينظر داخل عيناها ويتنفس أنفاسها مرددا بهيام لخاطفة أنفاسه :


_ ياه ياسكون ، ياه ياحبيبي متتصوريش فرحتي بيكي النهاردة قد إيه ، فرحتي بيكي ميكفيهاش وصف ولا يكفيها زمان ولا مكان علشان أحسسك النهاردة إني أسعد واحد في الدنيا بحالها ، ياترى إنتي كمان فرحانة زيي اكده ياحبيبي بليلتنا ؟


وضعت كفاي يداها الحنونتان وحاوطت بهما رقبته وتحدثت بحب صادق ظهر بينا داخل عيناها :


_ ياه ياعمران لساتك هتسألني مبسوطة ولا لا !

أني ياما حلمت بالليلة داي ليالي كتيييييييرة قوووي ، ياما اتمنيت بس إنك تحس بيا وبقلبي وبحبي الكبييير ليك ، أما اني أبقى بين ايديك والنهاردة فرحنا ده كان دعاوي بدعيها لربنا في قيام ليلي يحققها لي ويقر قلبي وعيني بيك ياعمراني .


تنهد وبعيناي عاشقة أومأ لها بأهدابه وتحدث بوله:

_ بزياداكي حديتك ده يابت قلبي اللي مخلي قلبي بيرجف بين ضلوعي ، تعالي اسندي راسك وادفنيها في حضن عمران اللي نفسه تكوني جوة ضلوعه ومتفارقيهاش أبداً .


هرولت إليه وارتمت داخل أحضانه العاشقة وتحدثت وهي تتمسح به بنفس هيامه:


_ قول لي اني مش بتحلمي ياسكون ، وان الفستان اللي لابساه ده حقيقي وان الناس دول في فرحي على عمراني واني مش هصحى ألاقيني وحدي وكل ده طلع خيال .


ضمها أكثر تلك العاشقة له وقربها لصدره أكثر  وأكد لها بنبرة هائمة :


_ لا ياحبيبي كله حقيقي ، إنتي ليه محسساني اني كتتيير عليكي ياسكون !

ده إنتي اللي كتييييييير عليا يا حبيبي ، طمني قلبك خلاص كل اللي جاي سعادة وجبر لقلبي وقلبك ياحبيبي .


كل ذلك تحت أعين الواقفين ينظرون إليهم والى عشقهم الظاهر والى جمال هدوئهم بأعين مختلفة أحدهم متمنية ، وأخرى سعيدة لهم ، وأخرى حاقدة عليهم وعلى فرحتهم وكانت تلك الوجد لاغيرها صاحبة تلك الأعين الحاقدة ، 


انتهت الأغنية وبدأوا في مراسم إنهاء الحفل  

تحت استعجال عمران فلم يعد يتحمل أكثر من ذلك ، وفي غصون دقائق ختموا فرحتهم بالزفة الأخيرة تحت التهليل والتصفيق لهم ممن حولهم ، 


استغل عمران انشغال سكون مع سلام أهلها وتوديعهم وهمس لرحمة في جانب أذنها :


_ عميلتي اللي قلت لك عليه بالظبط الاكل كله بيدك إنتي والحاجة ومفارقتيهوش ؟


حركت رأسها بموافقة وطمئنته:


_ متقلقش ياأخوي كل حاجة مظبوطة وأني اللي فارشة الشقة وأني اللي قافلاها بيدي لما دخلت الوكل وبعد ما لقيت المزغودة داي ركبت العربية وغارت طهرت السلالم ورشيت الملح الحصاوي في عين اللي ماتتسمى متقلقش كله تمام ، وقبل ما تدخل هرش الملح بردك عليكم ونستعيذ من شر البني أدمة الشيطان داي وجبت الشيخ قرأ على الشقة كلياتها وشغلت فيها سورة البقرة وأمنتها على الاخر .


اطمئن عمران فهو قد حكى كل شئ لرحمة أخته عندما أخبرته بالرسالة التى جائت لسكون وكاد أن يضـ.ـرب بكل شئ عرض الحائط ويبلغ أبيه بأذى تلك الوجد ولكن رحمة منعته كي لاتفسد عليهم فرحتهم وهذا ماتريده تلك الماكرة ، أخذ عمران سكون وانطلقوا إلى المنزل كي يبدأون حياتهم وينعما بقرب بعضهم ،


وصلوا شقتهم وبعد أن غادر الجميع وأصبحوا وحدهم اقترب منها عمران وهو يبارك لها :


_ مبروووك يا أجمل وأحن عروسة في الدنيا .


ردت مباركته بخجل اعتراها فور أن دلفت عشهم الزوجي :


_ الله يبارك فيك ياعمران .


رفع حاجبه باستنكار وردد:


_ الله يبارك فيك يا مين ! لااااا معايزهاش اكده ومتخيلتهاش اكده .


ابتسمت بخجل وعيناها تنظر أرضا ثم سألته برقة:


_ أماال تخيلتها إزاي ؟


اقترب منها أكثر ورفع وجهها حتى قابلت عيناه عيناها واحتضن وجهها بين كفاي يداه :


_  تقربي مني وتديني بوسة طويلة من اهنه وتقولي لي مبروك يا أبو عيالي .


اتسعت عيناها بذهول من كلمته وضحكت بخفوت وأردفت  :


_ أبو عيالي ! ده اللي هو ازاي يعني واحنا في أول يوم جواز ؟


ضحك على تعجبها وحرك رأسه للأمام بتصميم :


_ أه أبو عيالك باعتبار ما سيكون كمان تسع شهور بالتمام بعون الله .


ثم شمر ساعديه واقترب منها وظلت هي تبتعد وهي تردد بخجل :


_ هو انت بتشمر كمك ليه انت داخل معركة لاسمح الله ؟


غمز لها بكلتا عينيه وهتف مشاغبا إياها وهو يقترب وكلما اقترب كلما ابتعدت :


_ أمال إنتي مفكرة ايه هو لعب عيال ياحلوة .


مازالت تبتعد حتى وجدت كرسي ورائها فجلست عليه وهتفت بعيناي يكسوها الدهشة المغلفة بالخجل :


_  ايه ده هو انت بتتكلم اكده ليه ياعمران ! أني ابتديت أخاف منك .


مط شفتيه للأمام بحركة عفوية منه :


_ تؤ تؤ تؤ ، لا ياحبيبي خوف مين والناس نايمين ، صلي على النبي اكده ووسع لي الأحبال الصدرية عندك علشان نستعين على الشقى بالله .


هبط لمستواها واستند بيداه على المنضدة وهي تحرك عيناها وتنظر لحركته ثم رددت بحماس كي تنقذ حالها من محاصرته التى كتمت أنفاسها في اقترابه :


_ طيب نصلي الأول المغرب والعشا وركعتين مباركة ليلتنا ، وبعدين ناكل علشان جعانة مأكلتش من الصبح .


نال رأيها استحسانه :


_ وماله نصلي طبعاً علشان ربنا يبارك لنا ، إحنا محتاجين بركة ربنا في الليلة داي ، وبردوا ناكل لقمة علشان تتقوتي اكده ويكون فيكي صحة لعمرانك ياحبيبي .


ابتلعت أنفاسها بصعوبة وأزاحته بحنو بكف يداها:


_ طب خلاص عديني بقى أقوم أخلع طرحتي وأستعد لصلاتنا .


قبض على كف يداها بقوة قبل أن تزيحه ثم قبلها بشفاها قبلة مولعة تنم عن وحشته لها وهمس وهو ينظر داخل عيناها:


_ معايزاش مساعدة من عمرانك ؟


حركت رأسها برفض فأفسح لها المجال كي تتحرك فهي خجلة للغاية وهو لم يريد أن يزيد عليها أكثر من ذلك ، ثم أنهت تبديل الفستان وتوضأت وصلت فرضها وصليا ركتعان مباركة زواجهما ثم وضع يده على رأسها ودعا لهما دعاء الزواج ثم قام وأحضر الطعام وجلسوا يتناولوا طعامهم تحت مشاغبة عمران ، وبعد دقائق معدودة اقترب منها عمران فلم يعد قادراً على ابتعادها أكثر من ذلك ودلفا إلى عالمهما الخاص في لحظات تخيلوها كثيراً وتمناها كل منهما فحقا حلال الله مذاقه مختلف وجبره للقلوب سكن وسكينة .


      **********************


في منزل ماجدة وبالتحديد في غرفة مكة كانت تسترتخي على تختها ومنذ أن عادت من زفاف شقيقتها وهي على نفس استرخائها وعقلها يراجع ماحدث اليوم وكل مايشغل تفكيرها النظرات العاشقة من ذاك الآدم لها  وغناؤه الذي شعرت طيلة القاؤه أنه لها ، ولأول مرة اجتاح جسدها شعور الحب وكم كان مؤلم ذاك الشعور لها ، نعم فشعور الحب والوحشة والاشتياق لحبيب لم تطوله ولم تنوله لها الأيام ولن يسمح لها النصيب أن تكون له مؤلم وألمه يقـ.ـطع نياط قلبها ، فهي الآن تشتاقه ومن المحال أن تهدأ نيـ.ـران اشتياقها إلا أن تتحدث معه وذلك من المحال أيضاً ، كل خلية في جسدها تطالبها بالفكر بآدم ، قامت من مكانها وقررت التوجه إلى الله علها تكن وساوس شيطان وهذا ماأهداه لها عقلها ، توضأت وظلت تصلي وتدعي ربها بالخير يأتي لقلبها ، ظلت تصلي أكثر من ساعة ودموع عيناها تحاكي ربها وتناجيه أن يشفيها من ألم العشق الممنوع الذي زار قلبها في ليلة وضحاها وكأن أحدهم دعا ربه في ليلة مفترجة وأبواب السماء كانت مفتوحة بأن تعشق ذاك الآدم ، 


وأثناء انغماسها استمعت إلى هاتفها يعلن عن وصول مكالمة ، وللعجب أنها حينما استمعت دقات الهاتف أعلنت دقات قلبها رنينا مطابقاً لدقات الهاتف دون أن تعلم من المتصل ولكن قلبها يشعر بأنه هو ، وبحركة عفوية منها وضعت يدها على ذاك القابع بين أضلعها وكأنها تأمره أن يصمت عن دقاته المهـ.ـلكة لمشاعرها ثم خطت خطوات بطيئة وبيدان ترتعش أمسكت الهاتف وعيناها رصدت نقش اسمه فأصبحت تنظر إلى السماء تارة والى الهاتف تارة وداخلها يردد :


_ يا إلهي ماذا عساني أن أفعل فهو المغنى وأنا المنتقبة صاحبة الرداء الأسود وهذا قلبي يدق بين أضلعي عند رؤيا اسمه فقط يطالبني بأن أجبره وأسمع صوته فقط  وهذه عقيدتي تأمرني بأن لاأفعل وتلك مشاعري تنهرني وتلومني لماذا لاأقترب وأنال سعادة قلبي معه ؟


بحق جلالك يا الله اهدي قلبي وارشدني ماذا أفعل ؟ 

هل أترك قلبي ينساق وراء مشاعري وأعطي له فرصة حق التجربة ، 

أم أن أكسـ.ـر ذاك الهاتف وأظل أتحسر وأكبت مشاعري ، وعند تلك الكلمة التي رددها قلبها بحسرة داخلها ،

أكبت مشاعري !  لااااا لاااا لن أستطيع حتماً سأنفـ.ـجر ، حتما سأقهر قلبي العاشق للحبيب الأولِ ، ظل هو يكرر رناته ويعيدها مراراً وتكراراً فهو مثلها بل ويزيد فهو عاشق محروم ، انكـ.ـوى قلبه بالعشق ليالٍ كثيرة وهو فاقد الأمل في اقترابها ، إلى أن ضعفت أمام دقاته و أجابته بصوت باكي :


_ السلام عليكم.


مشاعره ثارت عليه وداخله انفطر لنبرتها الباكية وسألها دون أن يرد سلامها :


_ إنتي بتبكي يامكة ! إنتي بتبكي ياحبيبتي !

دموعك غاليين أووي.

الفصل الثامن عشر 


ظل هو يكرر رناته ويعيدها مراراً وتكراراً فهو مثلها بل ويزيد فهو عاشق محروم ، انكـ.ـوى قلبه بالعشق ليالٍ كثيرة وهو فاقد الأمل في اقترابها ، إلى أن ضعفت أمام دقاته و أجابته بصوت باكي :


_ السلام عليكم.


مشاعره ثارت عليه وداخله انفطر لنبرتها الباكية وسألها دون أن يرد سلامها :


_ إنتي بتبكي يامكة ! إنتي بتبكي ياحبيبتي !


لم تجيبه على استفساره بلسانها ولكن بكائها نطق وأجابه وجعله يستـ.ـشيط على بكائها وظل يمسح على شعره بقلة حيلة وداخله  يود احتضانها تلك اللحظة كي يخفف عنها ثم تحدث معلنها صريحة لها :


_ بتبكي من ألم العشق اللي دوبني ؟ أخيراً قلبك دق وجرب يعني ايه حب ويعني ايه اشتياق ويعني ايه حـ.ـرب مشاعر بتهلك صاحبها !


لم يجد منها رد غير البكاء الهادئ ثم نادى بهمس كي يجعلها تستفيق :


_ مكة ... مكة .


مسحت عبراتها وغمغمت بخفوت:


_ نعم يا آدم .


_ ياه أخيراً نطقتيه بدون كلمة مغني ولا مطرب ! أخيراً حسيتي اني بني ادم وليا حق أحبك وليا حق أتعلق بيكي وانك تبقي ليا !


برفض قاطع حركت رأسها:


_ لاااا يا آدم مينفعش والله ماينفع ، غصب عني .


عض على شفتيه السفلى مرددا برفض مماثل:


_ ليه مينفعش ، ليه تعملي فينا كدة ، قلت لك مش محتاج اكتر من فرصة واحدة بس علشان أثبت لك إنه هينفع ، والله هينفع .


على نفس نمط كلامها ورفضها لتلك العلاقة:


_ كل حاجة بتقول إنها علاقة مش هتنجح وأني مش عايزة اكده ، أني عايزة اللي أكمل معاه حياتي يبقى شبهي علشان ممشيش طريق معرفش أرجع منيه لو تهت وانت ساعتها مش هتعرف ترجعني .


حاول تهدئة أعصابه كي يصل معها إلى حل في معضلتهم ثم واجهها  :


_ متنكريش انك حبتيني يامكة ، أنا شفت نظرة الحب في عنيكي النهاردة ، شفت نظرة الغيرة عليا من اللي كانوا حواليا ، 


واسترسل بغرام كي يجعلها تشعر ما به:


_ تعرفي مكنتش شايف غيرك النهاردة في كل دول ، مكنتش مركز في اي حاجة ولا مع أي حد غير اني أفك شفرات نظراتك كل ثانية ، 


شفتك يامكة وانتي بتمنيني زي مانا اتمنيتك كتييييييير قووي ، شفتك وانتي بتتعذبي من حـ.ـرب مشاعرك وانك بتخـ.ـنقيها جواكي ومش عايزاها تبان زي ماخلتيني احاول اخنـ.ـقها كتييييييير بس مقدرتش .


لسانها مازال يردد بتصميم :


_ لأ لأ لأ يا آدم هقدر وهبعد وهسيطر اني لسه في البداية.


ضحك بسخرية من أنانيتها قائلاً بنفي :


_ مش هتقدري انا جاي لك من هناك من لما كنت بترغميني  علشان بس أبطل تفكير فيكي للحظات معرفتش بردو قايم نايم بفكر فيكي وقلبي مش عايز غيرك ، 


ثم سألها كي يسمعها منها صريحة ويُجبر قلبه الذي انكوى :


_ إنتي حبيتيني يامكة زي مانا ماحبيتك وقبل ماتجاوبي اعرفي إن الكذب حرام وانتي بنفسك أدرى الناس بكدة ، وياريت تردي عليا وخليكي شجاعة ، إنتي حبيتيني ياحبيبتي ؟


بكت بصوت عال تلك المرة وهي  تضع يدها على فمها تحاول كتم شهقاتها المرتفعة ولم ترد ، اما هو ظل يهدئها :


_ اهدي بقى ، اهدي والله العظيم حرام اللي بيحصل لنا ده ، دموعك بيقـ.ـطعوا في قلبي وبيعـ.ـذبوني اكتر مانا متعذب .


ظلت على حالها دون جدوى ودون مفر من البكاء ، ثم أغلقت الهاتف ورمته بجانبها وارتمت على تختها تبكي ، 


أما هو ظل يدور في الغرفة بجنون من تلك العنيدة التي يحلوا لها عذابهم ولا يعرف ماالخطوة التي يجب أن يفعلها بعد ذاك فقد نفذ رصيد الانتظار داخله ولا يستطيع المكوث في بعدها أكثر من ذلك وظل يفكر حتى أرهق من كثرة الفكر .


          ********************


انتهى اليوم على الجميع وأتى الصباح يحمل في طياته أقدراً لا يعلمها إلا رب السماء ، 


في شقة عمران وسكون وبالتحديد في الساعة العاشرة صباحاً استيقظ عمران من نومه ونظر بجانبه وجد ملاكه نائماً في سبات عميق بعد ليلة أُرهقت فيها بشدة من عشق عمران لها المختلف فقد كان محاربا شجاعاً ولم يترك ساحة معركة عشق السكون قبل أن ينتصر وترفع هي راية الاستسلام لعشق العمران ، 


فقد مرت ليلتهم بسلام ، نظر إليها وتعمق النظر و فجأة وجدها تبتسم في نومها ، مرر أصبعه على وجهها بحنو وأرجع خصلات شعرها المنسدل بإهمال على وجهها ثم هبط بوجهه بجانب أذنها هامسا :


_ مش كفاية نوم ياعروسة ولا ايه مكنتيش بتنامي في بيتكم ؟


وجدها تتململ في نومها فرفع يداها وقبلها بوله كي تستفيق ويستقر جفن عيناها داخل عيناه وهو يهمس لها مع كل قبلة :


_ له اهدي شوي وبراحة اكده علشان عمران مهيتحملش الدلال والجمال ده كلياته.


استمعت سكون إلى تلك الكلمات وأخيرا فتحت عيناها وسكنت داخل عيون عمران الذي رأته مثبتا نظراته عليها ولم يحيد عنها قائلة بخجل :


_ صباح الخير ياعمران ، انت صاحي بدري ليه ؟


قبلها من وجنتيها بنهم ورد صباحها بدعابة:


_ صباحين وحتة ودلع وكلام واحد خلع والتاني نام .


ضحكت ضحكة مائعة أثارت غريزة ذاك العمران على مشاغبته وطريقة كلامه ثم أكمل هو بعتاب مصطنع :


_ له بس اني زعلان منيكي ياسكون ؟


اعتدلت في نومها ثم سألته باندهاش:


_ وه واني عميلت ايه ياعمران يزعلك مني ، ده إحنا لسه بنقول ياهادي ؟


داعب خصلات شعرها بأنامله وأجابها بعيناي تأكلها من شدة شغفه بها :


_ في واحدة يوم صباحيتها تقول لجوزها صباح الخير ياعمران ! 


هو ده اللي مزعلني منيكي ، 


رفعت حاجبها باندهاش من استنكاره بعد أن وقع قلبها بين يداها ، فعقب هو:


_ ايه مالك مستغربة اكده ليه ، هو مش من حقي ازعل منيكي لما اكون عريس وأجي أصحي عروستي وتصبح عليا باسمي !


تبدل اندهاشها إلى ابتسامة ارتسمت على وجهها فجعلت صباحه أسعد مايكون ، 


ثم أمسكت يداه وقبلت كلتاهما من باطنها وهي تردد بعشق خاص لذاك الحبيب الذي أسمته في قلبها "حبيب العمر " ثم أردفت مع كل قبلة :


_ صباح الخير يا عمري أنا ، صباح الخير ياعشق سكون وروحها اللي بتتنفس عمران وبس ومفيش غيره .


جذبها بعـ.ـنف إلى داخل أحضانه الذي ود أن يسحقها داخلهما وهو يهمس لها  :


_  تعرفِي اني ربنا بيحبني علشان رزقني بيكي وبدعي ربنا ليل ونهار يحفظك ليا ويبعد عننا أي أذى ، وعارفة كمان بتمنى ايه ؟


شددت تلك الأخرى على احتضانه ثم أجابت بدلاً عنه :


_ نفسك أننا نعيش معزولين عن الناس والكون كلياته لجل مانشبعوا من بعض ، نفسك محدش يروح ولا ياجي ولا يحكي لنا ظروفه ولا بلاويه علشان ميعكرش صفو البدايات بتاعتنا صوح ولا اني غلطانة ياعمراني ؟


أخرجها من أحضانه ثم سألها بذهول وهو يحتضن وجنتاها بين كفاي يداه :


_ وعرفتي منين بإن داي هي اجابتي ياسكون ؟

قد اكده بتقري عيون عمران ! قد اكده دخلتي جوة قلبي ومشاعري وعرفتي عمران رايد ايه وزاهد ايه ! إنتي ازاي عشقك متعمق اكده ياحبيبي ؟


أخذت نفسا عميقا ثم زفرته بهدوء وهي تحاول انتظام أنفاسها في قرب العمران :


_  يعني عشقتك سنين قبل ماعرفك وكنت بتابع أخبارك أول بأول على الفيس وكنت كل كلمة تكتبها أحفظها واي حاجة كنت بتكتب انك مش بتحبها أعود نفسي اني محبهاش لجل أعيش وياك أحب اللي تحبه وأكره اللي تكرهه ، علشان نبقى واحد وكيان واحد ياعمران.


تناقلت عيناه بين شفاها وهي تتحدث وعيناها وهي تنظر له بعشق وليداها وهي تحتضن رقبته وتشعرها بتملكها له ولم يعرف بما يجيب على عشقها الفريد من نوعه له والذي يتغلغل في أعماق روحه وكيانه يوما عن يوم إلا بأن يختطفها إلى رحلة من الغرام يخطفها معها من الزمان ولن يضيع سحر اللحظة قبل أن يختمها بختم العاشقين وبالتحديد عشق العمران والسكون ، 


بعد مرور بضعا من الوقت استمعا الى دقات الباب وكانت سكون تؤدي حينها فريضة الظهر ، وهو كان واقفاً يصفف شعره أمام المرآة ثم خرج وفتح الباب وجدها والدته وأخته رحمة التى دارت بأعينها في المكان تبحث عن سكون وهي تنادي بمشاغبة:


_ سكون ، سكون ، فينك ياعروسة ، اظهر وبان عليك الامان ، 


ثم اقتربت من أخيها واحتضنته وهي تبارك له :


_ ازيك ياعريس ، امبين عليك الجواز والرواق ياخوي .


هنا تأففت زينب وكبرت في وجهها :


_ الله اكبر عليكي وفي عنيكي ، مش هتبطلي الطبع العفش دي يابت إنتي ، 


واسترسلت حديثها وهي تسحب عمران داخل أحضانها :


_ كيفك ياولدي مبروك عليك عروستك ياحبيبي ، ويجعلها عروسة السعد والهنا. 


خرجت سكون بطلتها الجميلة الهادئة وهي تفتح ذراعيها واحتضنت زينب قائلة :


_ منورانا ياماما الحاجة.


شددت زينب من احتضانها وهي تبارك لها :


_ بنورك ياعروسة الغالي ، ياللي وشك كيف البدر المنور ماشا الله ، ماشا الله عليكي يابتي ، يازين ما ربت ماجدة .


أما رحمة ذهبت وقرصتها من ركبتها قاصدة مشاغبتها :


_ قالو لي أقرصك من ركبتك علشان أحصلك في جمعتك يامرت أخوي .


ضحكن الاثنتين بسعادة وهن تحتضان بعضهن واستمعن إلى زينب تنهرها :


_ وه وه ياقليلة الحيا إنتي ! اتحشمي يابت تك ضربة في معاميعك مش مختشية مني ومن اخوكي يابت إنتي .


وظلوا يتسامرون في جو ملئ بالسعادة والرضا ولكن هل ستظل الابتسامة مرسومة على وجوههم ، أم ماذا يخبأ لهم القدر من نكبات تعكر صفو حياتهم ؟


فلنرى ماذا جرى في رحلتنا القصيرة رحلة خلق الغرام من نبض الوجع القاسي .


      ********************


مر أسبوعاً على تلك الأحداث الكل يعيش نوعاً من الاستقرار النفسي وكأن الزمن قرر اعطائهم هدنة كي يستعدوا لنكبات القدر فمكة استعانت على وجعها بالقرآن والصلاة كي تهرب من عشق آدم ولكن العشق بوجعه قد قدر لها ولكنها تحاول الاستقامة كي لا تفسد التزامها وقررت الاستقالة من المحطة الفضائية وقامت بحظر آدم من جميع الجهات التى يمكن أن يصل بها إليها ، 


وسكون تعيش أجمل أيامها مع عمران كما أن الجميع أحبها ودخلت قلوبهم من عشرتها الطيبة فقد أثرت عقولهم جميعاً ،


أما وجد فهي تبتعد عنهم منتظرة أن تجد فرصة كي تخرج وتذهب إلى تلك المشعوذة كي تعطيها المال والأخرى تبدأ في محراب شـ.ـرها الذي يستعيذ من الإنس والجن ، 


أما مها استيقظت على هاتفا من المشفى يخبرونها بأن زوجها قد أفاق من غيبوبته فردد داخلها من جديد :


_ مهلا أيها الوجع لقد عدت من جديد فاربطي ايها النفس رباط الصبر من حديد ، واستعدي لتلك المعركة التي ستدلفيها بقلب عنيد أيتها المها ، 


استعدت للذهاب إلى المشفى وداخلها مشتت لايعرف ماذا يفعل مع ذاك المجدي فهي قد قررت أن لاتعود لمنزله مرة أخرى ولكن هو في شدة ولو تركته سيتحدث الصعيد بأكمله عن قلة أصلها وتلك هي مسيرتها منذ أن تزوجت ذاك المجدي الإجبار على كل شئ ، 


ذهبت إلى المشفى وقبل أن تدلف إلى الغرفة المتواجد بها بعد أن أخبروها بإفاقته وضعت يدها على قلبها كي تستعد رؤية ذاك المجدي ، 


دلفت بأقدام كارهة المكوث بجانبه فقد كرهته وانقضى الأمر أما ماتفعله الآن مجرد مراسم كي تسكت أفواه الجميع عنها ، 


ألقت السلام بفتور ووقفت في مقابل عامر أما مجدي كان يردد بنبرة متقطعة من أثر التعب :


_ انى مش حاسس برجلي ولا بجسمي كله ، اني ايه اللي جرى لها يامها ، حد يرد علي ويفهمني مالي ؟


أما عامر كان واقفا وعلامات الأسى على وجهه من ما قصه عليه الطبيب فقد أخبره أن الحمى التى جائته جعلته أصيب بالشلل وهنا كانت الصدمة له فأخيه لم يعد يمشي على قدماه مرة أخرى ، 


ثم تحدث مجدي معتذرا بندم لمها الواقفة في صمت :


_ حقك عليا يامها ، حقك عليا اني مررت عيشتك ومكنتش ليكي الزوج اللي ياما لمتيني وعاتبتيني علشان يبقى موجود وكان عامل ودن من طين وودن من عجين ، 


حقك عليا سامحيني ياأم الزين واعملي حسابك بعد ربنا ماياخد بيدي نرجعو بيتنا وهعمل كل اللي نفسك فيه .


اتسعت مقلتيها بذهول وحدسها لم يصدق ماستمعت إليه فحقا مجدي يعتذر ! حقا مجدي سيتغير ويصبح رجلاً في عينها !


يالهي ماسمعته أذناى صدقا ! ولكن عجيب أنت أيها القدر لقد كرهته ، لقد نفرته ، ماعدت أراه غير معذبي ، غير صورة مشوهة قضت على ملامحي الجميلة ، 


فانطلق لسانها قائلاً بفتور :


_ بعدين يامجدي مش هنتكلم فيه الموضوع دي دلوك لما ترجع البيت بالسلامة وقتها يحلها الحلال.


وجدته لم ينتبه إلى كلامها وخلد في نوم عميق ولم يسمعها ففهمها عامر :


_ الدكتور مديله حقن في المحلول وأكيد فيها منوم ، تعالي نخرج تحت في الجنينة عايزك في موضوع مهم .


أدارت وجهها للناحية الأخرى وهتفت برفض :


_  مفيش بيني وبينك كلام ولا مواضيع.


ضيق نظرة عينيه ثم رمقها بنبرة هادئة :


_ الموضوع اللي عايزك فيه يخص مجدي وملهوش علاقة بأي حاجة تانية .


بدون أن تنظر إليه حملت حقيبتها ونطقت حرفين لا أكثر:


_ مستنياك تحت .


نظر إلى أخيه نظرة شفقة ثم لحقها ، جلسوا على أريكة متنحية عن الزحام مع مراعاة التباعد بينهم فقد أصبحوا يبغضون الوضع بينهم بشدة ثم سألته باختصار :


_ ماله مجدي ؟


لم يعرف بما يجيبها وكيف يخبرها بما حدث لأخيه ، ولكن هو القدر وحكم الله في عباده فأخبرها بصوت متقطع :


_ مجدي حالته ... حالته ، صعبة والدكتور قال لي .. إنه يعني ... انه جاله شلل .


ما إن تفوه بتلك الكلمات ارتجفت يدها لتقع الحقيبة الخاصة بها من يدها، فبالرغم من إصرارها علي الطلاق لكن كانت لاتعلم إنها سيعتذر لها  ويؤنب حاله هكذا وكأن إنسكب فوقها دلو من الثلج أو وقعت من فوق جبل مرتفع إلي الهاوية ، ثم تبدلت معالم وجهها من الصدمة إلى الهذيان بلسانها :


_  سبحان الله يوم الاعتذار بغلطه معايا في عشرته الجـ.ـحيم اللي عيشهالي وأنه هيعوضني سنين الحرمان هو نفسه يوم سجني معاه 

واني بردو هفضل عايشة في حرمان وبدل ما كان بصحته بقى عاجز واندفـ.ـنت معاه بالحيا .


رمقها بنظرات مشـ.ـتعلة على ماتفوهت به قائلاً بتوبيخ :


_ هو ده كل اللي هامك يابني آدمة إنتي ! بقول لك اخوي اتشل واحتمال كبير جداً ميمشيش على رجليه تاني تقولي حرمان وسجـ.ـن ، 


واسترسل حديثه الغاضب منها :


_ هو إنتي إللي بيجري في دـ.ـمك ايه ماية مش دـ.ـم .

رمقته بغضب مستطير من رماديتيها المشـ.ـتعلة:


_ إنت اللي بتتكلم عن الأصل والإحساس انت ناسي انك شاهد ومشترك معاي في كل حاجة عميلناها ، انت السبب في كل اللي أني فيه ، 


انت اللي جرجرتني وراك وفضلت تتسحب لي يوم ورا يوم لحد ماخلتني غلطت ومن وقتها واني بتمنى المـ.ـوت الف مرة ومش لاقياه ، 

ولولا ولادي كنت انتحـ.ـرت وسيبت الدنيا باللي فيها وريحتكم من مها .


ثم حملت حقيبتها وانتوت المغادرة ولكنه وقف أمامها معترضا طريقها ناهرا إياها:


_ إنتي ليه بتحمليني الذنب لوحدي واني السبب في كل اللي وصلنا له مع انك كنتي موافقة وكل حاجة برضاكي ؟


فقدت السيطرة على أعصابها وهدرت به:


_ علشان ست ضعيفة ومكنش ينفع أضعف ، أما انت راجل واللي خنته يبقى اخوك ليه خنت وخلتني خاينة ياعامر ليه ؟


ألقت كلماتها وتركته وغادرت المكان بقلب يخفق حزناً معتاداً عليه وليس بجديد ، أما هو جلس يتذكر ماحدث منذ سنوات وتلك الذكرى لم تغيب عن باله وكأنها حدثت أمس ، 


#فلاش_باك


_ أخيراً فكيتي الجبس ورجعتي انطلقتي في شقتك تاني ودخلتي مطبخك وهناكل من يدك وبطننا هتخف من المعجنة اللي بناكلها بقالنا شهرين .


ضحكت بشدة على كلامه وطريقته ثم اومأت برأسها:


_  ياه أخيراً ياعامر دول كانوا شهرين صعاب قوووي ، ومتتخيلش اني عانيت فيهم الأمرين إزاي ، بس إنت شقت بعنيك ، 


وتابعت حديثها وبسمتها تبدلت لحزن :


_ مجدي مكانش بيهتم بيا ولولا اخواتي كانوا بيراعوني كان زماني اتشـ.ـليت ، دول لما كانوا بيمشوا وابقي عايزة أشرب ورجلي وجعاني ومش عارفه اتسند وأجيب حاجة لنفسى وأقول له عطشانة وهو نايم بيشخر جاري يهب في وشي ويقول لي متقرفنيش .


أحس بالخزي لكون ذاك المجدي أخيه ثم هدأها :


_ معلش يامها ربنا شفاكي ومش هتتحوجي لحد واصل .


حركت رأسها للأمام ثم سألته :


_ هو مش انتوا اخوات ، ليه مش حنين زيك ولا راجل في معاملته زيك ياعامر ؟


اقترب منها بضع خطوات وسألها :


_ هي الحنية من الراجل للست في نظرك إزاي يامها ؟


أعجبها سؤاله وأجابته بعيناي لامعة ببريق التمني :


_ إنه هو اللي يحسسها باحتياجه دايما ليها مش انها حد ملهوش لازمة في حياته ،

انه في وقت ضعفها يحتويها ووقت احتياجها للاحتواء منه يلبي احتياجها من كل حاجة ، إنه يكون انسان ياعامر مش أكتر .


سألها مرة أخرى:


_ طيب هي الست بتتعلق بالراجل امته وبتحسه هو كل حياتها ؟


فكرت واستجمعت اجابتها ثم رددت :


_ لما يكون الراجل ده سند وضهر ليها ،

لما يحس بوجعها وتبقى فى حضنه امانها،

لما يطبطب من غير طلبها، لما  ممكن يضحى بنفسه علشانها ويحسسها انها الدنيا باللي فيها، و لو اتعرت تجرى ورا ضهره تستخبى ،الست بتتعلق باللى يكون راجل فى حياتها ، 


واسترسلت حديثها ومعالم وجهها تبدلت من الحالمية إلى الوجع المصاحب للبكاء الذي هزه وجعله ينظر إليها بنظرة تعلق الرجل بالأنثى الذي حكت عنه الآن :


_ أنا مشفتش الحاجات داي ومعشتهاش ، حياتي قبل ما تجوز كانت مقفولة وصاينة مشاعري ونفسي للي هيبقى راجلي بس لما اتجوزت ملقتهاش الحاجات دي وفضلت في حبستي زي ما أني وهعيش وامـ.ـوت فيها .


وانطلقت في البكاء من حالة الحرمان التي تحياها وذاك البكاء مزق قلبه فاقترب منها وجذبها لأحضانه وللعجب أنها تشبست بذاك الحضن ولم تفكر بأي ظرف أو زمان أو مكان أو صفة أو حرمانية ، 


أما هو بمجرد أن اقترب منها ورائحتها عبئت صدره وجسدها الضعيف اللين سكن جسده واحتياجها للاحتواء ولضمة رجل هزت مشاعر ساكنة داخله وهو شاب في مقتبل عمره كل ذلك جعله يقترب منها ، 


فلقد هزته نبرة صوتها الضعيفة ونظراتها التـي تحمل شـجـنًا وشـوقا ،


لـوهـلـة غَـاص فـي عـيـنـيـهـا وفـي مـلامـحـهـا الـجـمـيـلـة لـوهـلـة أخـذه فـؤاده لـشـعـور لا يـنـاسـب رجل بمكانته وظروفه معها ، 


أما هي نظرت له بعيون تخفي ضعف يستكين بداخلها وقلب يخفق ألـ.ـماً واحتياجا معاً، ترتجف من لمساته التي تجعلها تود أن تتشبس بأحضانه ويدفئها بحرارته المنبعثة من توهج اقترابه منها ، لكن صوت ما كان يصرخ بداخلها يحثها  ان تبتعد وصوت آخر يحثها بأن تصم أذنيها عن لومها  وأن لاتتأثر حتي بما سترتكبه الآن ، 


ولكن اقترب منها ليزيح خصلة فوق عينيها يتلمس وجنتها نزولاً إلي فكها ثم صعد إلي شفتيها يتلمس كل منهما بإبهامه واقتربا كل منهما في عاصفة شديدة الخطورة لم يحسبا لها حسبان  ، واقترفا جريمتهم في لحظة زينها لهما الشيطان وغلبت شهواتهم على دينهم ، 


ونسوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "إياكم والحمو فالحمو المـ.ـوت"


عودة_من_الباك

كم شعر بالاحتقار من حاله وهو يتذكر ذاك اليوم المشؤوم ، اليوم الذي سجل فيه الخائن في سجلات الإنسانية التي انعدمت منه ، فلقد استغل ضعفها واحتياجها وأقدم على غرسها في بئر الخيانة لأقرب الناس إليهما ، 


وفي لحظة نظر إلى السماء مناجيا ربه :


_ ربي اني أخطأت من ذنبي الكبير فتب علي وتقبلني ، ربي لا تعاملني بعدلك وعاملني برحمتك فإني ندمت على ما فعلت وعزمت على أن لاأعود ، 


وظل على وضعه هكذا حتى سمع آذان الظهر فقام متجها ناحية المسجد كي يؤدي الفريضة ويدعوا ربه أن يغفر ذنبه .


        

       **********************


في مكتب جاسر فقد وافق على أن تعمل "منة الله" في مكتبه فقد اقتنع بها وبالفعل منذ أن عملت في المكتب فهي نشيطة جداً وكما أنها لها أدواتها الخاصة من اللابتوب والهاتف وتجيد التعامل معهم بحرفية وكأنها لم ينقصها شئ ،  ولانها منظمة ونشيطة قرر أن يستشيرها معه نظراً لرجاحة عقلها في بعض المواقف التى حدثت أمامها وأثبتت ذلك ،


فجعلها المسؤولة عن تنظيم القضايا والمواعيد وكما أنه اعتبرها المستشارة الخاصة بقضاياه فقد أحب عقليتها وطريقة تفكيرها الخارجة عن الصندوق وبدأ يشعر معها بإحساس أنها الصاحب من اسبوع فقط عمِلت معه ، 


فأثناء تفحصه لملف قضية دلفت إليه منة وهي تنبهه :


_ دلوك معاد مدام ريهام قدامها حاجة بسيطة وتوصل ممكن تفصل العشر دقايق دول علشان تركز معاها لأن من الواضح حوارها كَبيير وملَغم .


أغلق الملف الذي أمامه ثم سألها بمشاغبة فجاسر من النوع المرح في إدارته بعكس ماهر الريان تماما:


_ وه وعرفتي كيف ياعفريتة إنتي إن حوارها كَبيير وملَغم كانك شفتيها وهي بتتحدت وياي المرة اللي فاتت ؟


ابتسمت بهدوء كعادتها وأجابته :


_ هو أني مقلتلكش يامتر اني بحب اهتم بشغلي وبكل صَغيرة وكَبيرة فيه ، وطبعاً درست الملف بتاعها علشان اتناقش معاك في كذا نقطة قبل ما تاجي .


ضم حاجبيه بعبس وبنبرة قانطة مصطنعة:


_ وه هو إنتي جاية دلوك علشان أفصل عاد ولا نتكلَم في حوار ريهام  ، هدي علي حالك يامنة وسبيني أفصل وأريح شوي زي ما قلت لي .


ضحكت بخفة وأردفت بنفي وعتاب مصطنع :


_ أه تفصل شوي وبعدين ياجي القضا المستعجل دلوك ووقتها تتلخم وتمشي المبجلة ريهام وترجع تقول لي قصرتي في شغلك يامنة وأفسر ايه ومدرك ايه ، لااااا يامتر الشغل شغل واني في الشغل محدش يوصيني ، كوباية الشاي هتلاقيها جاية دلوك تشربها وتفوق وتركز في حوار ريهام البنية عايزة تخلع جوزها اللي شتمها وقال لها إنتي معندكيش دـ.ـم والحوار شكله كبيييير.


ضحك بشدة على مشاغبتها وطريقتها الساخرة من مشكلة تلك الريهام ثم سألها :


_ وه كانك بتسخري من مشكلة موكلتي اياك ؟


واسترسل دعابته وهو يضـ.ـرب كفا بكف:


_ والله حال الستات اليومين دول عجب لا اللي جوزها مريِحها مرتاحة ولا إللي جوزها تاعبها عارفة تاخد حقها والحال بقى ماشي اليومين دول بالمشقلب .


تعمقت منة في معاني كلماته ثم رددت :


_ عارف يامتر اني بحمد ربنا كَتييييييير قووي على اني كفيفة لأن المتشاف من الدنيا دلوك صعيب قووي ، كل حاجة في الدنيا اتغيرت ، كله بقي شايف أنه مفيش زيييه وانه أحسن حد في الدنيا ، كله بقي بيتمعظم على كله ، وكَتيير قوووي بمجرد ما ربنا يبتليهم يقولوا إحنا محسودين والعين ويانا والقريب مبقاش صافي لأخوه والحياة بقت مرهقة قوووي ، 


أما اني حالتي الحمدلله محدش هيحسدني ولا حد هيغير مني ولا حد هيفكِر فيا من الاساس وده نوعاً ما بيدي للإنسان راحة نفسية أنه محدش شاغل باله بحاله .


شعر بوجـ.ـعها المخبأ من وراء كلماتها كم هي رقيقة كالورد وكلماتها تعبر عن حالتها المتعبة ولكنها تداريها وراء الابتسامة الصافية فمن مثلك يا "منة الله " فنحن بأعيننا ونرى الكون حولنا ومتعبين بدرجة لا توصف ، كفى انكي لن ترين الألوان الصاخبة التي سببت العبث في دنيانا وأشعرتنا بمدى حماقتنا ، 


  

وقف كلتاهما على كلماتها التى أزعجته بشفقتها عليه وأشعرته بمدى الضوضاء التي يعيشها الآن ، يالك من قدر محكم الخطى تعطي لمن تريد لحكمة جليلة لا يعلمها الا انت ، وتمنع عمن تريد لجبر وعوض لم يعلمه احدا الا انت ، 


وصلت تلك الموكلة وأدخلتها السكرتارية إلى المكتب وجلست منة الله في مكانها فهي أتت قبل ذلك وتعلم أن تلك المنة المستشارة الشخصية لجاسر ، 


فسألها جاسر :


_ لسه عند قرار الخلع يامدام ريهام ولا غيرتي رأيك عاد  ؟


براي متشبس أكدت له :


_ لا لسه عند قراري ومش هغير رأيي ، أنا أصلاً غلطانة اني سبت اسكندرية وجيت اعيش هنا في الجو الخنيق ده ، أنا كان مالي ومال الهم ده وارجوك يامتر أنا عايزة كل حاجة تخلص بسرعة أنا نقلت حاجتي وكل متعلقاتي اسكندرية تاني ومش عايزة ارجع إلا لما يتحكم في جلسة الخلع ،


ثم نظرت إلى منة تطلب منها الاستشارة لأنها انثى مثلها :


_ بذمتك يامنة أرجع له بعد ما قال لي عيشتك تقرف ومعندكيش دـ.ـم ؟


ادعت منة عدم التركيز فداخلها يضحك بشدة على تلك التافهة ثم سألتها :


_ طب وبنتك هتعملي  فيها ايه هتفوتيها لحالها ولا هتاخديها معاكي وبعدين تكملي مشوار المحاكم علشانها ؟


بكل ارتياح أجابتها :


_ بنتي تلزم أهلها هما اللي يربوها ، هو أنا هعيش أربي له بنته واخنق نفسي بيها وهو يتجوز ويعيش حياته ، لاااا سكة السلامة ستها ام لسانين تربيها.


حقا اغتاظ جاسر من تلك الطريقة المتعجرفة التى تتحدث بها وود ان يلقنها درساً في الأخلاق والأمومة ولكن قرر أن يمشي في خلعها ولكن ليس رأفة بها ولا بتفاهتها إنما رأفة بزوجها المسكين الذي ومن الواضح أنه عانى منها الويلات وكما أن تلك الفارغة لم تعرف تربي ابناءاً فسينقذه هو وابنته ،


ظل يتحدث معها ويسألها في أمور عدة إلى أن انتهت جلستها الثقيلة على قلبه وبعد أن غادرت هتفت منة وهي تضحك بخفة:


_ أهو أول حاجة مفيدة للعمى اللي أني فيه اني مطلعتش للبجحة داي ، وه يابوي على آدي ست أعوذ بالله منيها .


ضحك بشدة على كلامها وبعد قليل هدأ ثم نظر إليها وهو يتعمق في ملامحها البريئة الجميلة ، فهي عبارة عن لوحة فنية من الجمال الملائكي فمن يراها لن يشك انها لن ترى وأنها كفيفة ، ظل ينظر إليها وهي تدون الملاحظات الخاصة بقضية ريهام كي تعطيه الملف جاهزاً كي يدرسه .


     ***********************


في مكتب ماهر الريان عادت رحمة أخيراً إلى المكتب فمنذ فرح عمران وهي لم تأتي وماهر يشعر بعدم الارتياح دونها ،


عندما دلف الى مكتبه رآها تجلس مكانها وتقوم بعملها فأخذ نفسا عميقا معناه الراحة في وجودها ، فتلك الصغيرة ومشاغبتها وتشبسها وعنادها وتركيبتها ككل سببت الضوضاء داخله وأشعلت ثورة الاحتياج للأنثى في عالمه بعد أن أغلق على حياته بدونهما ولكن بعد كل تلك السنوات أتت تلك الرحمة كنفحة لإحيائه من جديد ، كي تشعره بأن ذرات الإحساس مازالت تتوغل داخل صدره ، فور دلوفه وجد قدماه تقف أمامها ووجد لسانه ينطلق ترحابا لأول مرة بشخص لاااا ولم يكفي فقط بل انطلق لسانه بالاحتياج إليها:


_ حمد لله على السلامة ، نورتي مكتبة يارحمة ، المكان كانه كان ناقصه حاجة كبيرة وركن مهم واهو عاود من جَديد .


رغم حزنها منه ومن جفائه معها إلا أنها استوحشته بشدة ، استوحشت رؤية ملامحه الرجولية البحتة صاحبة الصرامة بذاتها التى كانت تكرهها ، استوحشت جموده وحتى حدته في التعامل فذاك القلب حينما يعشق يشتاق وحينما يشتاق يغفر وحينما يغفر ينسى وحينما ينسى يذوب عشقا وحتى لو كان العشق مصاحباً للألم ، كل ذاك الشعور ضرب بأوردة تلك الرحمة وجرى في شريانها مجرى الدـ.ـم في العروق ، 


وللعجب أنها لاحظت في عيناه اشتياقه لها حتى وراء كتمانه ، لحظات نعم إنها فقط مجرد لحظات قرأت في عيناه تلك المشاعر المتناقضة ثم رددت بجراءة لأول مرة :


_ طب مش الاسهل يامتر تقول لي وحشتيني يارحمة ومش عارف أقعد في المكتب من غير وجودك فيه .


بدا شبح ابتسامة خفيفة على ثغره ولكنها سرعان ماختفت في بحر لهفته لها ولكنه عاند كما هو :


_ مش هتسيبك بقى من مكر الحريم ودماغك اللي بتشغليها عليا داي ولا ايه عاد يابت الناس دي انتي لساتك صغيرة على المكر دي .


مطت شفتيها للأمام بدلال أنثوي ماكر :


_ وه نسيت انك جامد مووت ومليكش في الأمور التافهة داي يامتر ، معَلش بكرة اعيش وأسمعها كَتييير لحد مملش منيها بردو .


اشتعل الغـ.ـضب في رأسه وتزاحمت الألفاظ والعبارات الغليظة الذي يود أن يلقيها في وجهها وحاول أن يرسم قناع الجمود والبرود وللأسف لم يستطيع وهبط بنصف جسده أمامها قائلاً بتحذير :


_ بلاش تحاولي تستفزيني بكلامك وحركاتك داي يارحمة أحسن ورب الكون لا هتشوفي وش عمرك ماشفتيه ، أنا بنبه تاني أها بلاش أسلوبك المستفز اللي يفقع المرارة وينطق الحجر ده .


بنفس طريقتها أردفت وكأن تهديده لم يجدي نفعا معها ولم تلقي له بالا:


_ وه وهو الحجر نطق لاسمح الله !


رفع حاجبه باستنكار لما تقول ثم تركها ودلف إلى مكتبه وهي تضـ.ـرب بيدها على المكتب من جموده معها ورددت وهي تأكل شفاها غيظاً :


_ بني آدم خنيق وبارد  ، معرفاشي أفتح الأقفال بتاعت دماغه داي من أنهي سكة ، بس ورب الكون وحلفان على حلفانك ياماهر لا أجننك واخليك تلف حوالين نفسك كماني ومبقاش رحمة المهدي إن ما جبتك مسلم ورافع راية العشق البيضا والحمرا وكل الألوان .


كان ذاك الأربعيني واقفاً وراء باب مكتبه وأذناه تسمعها وعيناه تراها من أمام الشاشات وحينما استمع وعيده خفق القابع بين أضلعه وبات خفقانه من شدته يكاد تنخلع أبوابه ويخرج من صدره ويستقر بين يداي تلك الرحمة ويقل لها :


_ صغيرتي على الحب لا تجعلي قلبك يهدأ تجاهي واسكني قلب  الماهر ، 

فتمسكي بالقراع حول قلبه ولا تهدئي واعبري أميالاً وأميالاً كي يُشفى قلبه القاهر ، 

لم يعد طريقك صعب فقد رممتي الأشواك وداويتي جروحها بقلبك الطاهر ، 

فمرحباً بكي في عالمي الذي أضاء بنورك ونسى به الليل الذي كان يقضيه ساهر ، 


#خاطرة_ماهر_الريان

#بقلمي_فاطيما_يوسف

#من_نبض_الوجع_عشت_غرامي 


         ******************


في منزل سلطان ظلت تلك الوجد تدور حول نفسها كي تخترع أسباباً للخروج من ذاك المنزل والذهاب إلى مشوارها ، فتلك الدجالة لم توافق على طلبها وهي أن تنشط العمل من قبل أن تذهب إليها بالنقود ولكن تلك السيدة رفضت رفضاً قاطعاً قبل أن تأخذ منها النقود أولا ، فحاولت معها محاولة أخيرة وقامت بالاتصال على تلك السيدة التى تعمل معها وما إن أتاها الرد حتى طلبت منها :


_ طب ممكن تتوسطي لي عند الشيخة اني أبعت لها الفلوس على التليفون وتكمل شغلها ؟


لوت الأخرى شفتيها بسخرية منها :


_ بقول لك ياست الحسن الشيخة ملهاش في الكلام الفاضي والحوارات داي عاد ، عايزة تاجي وتاخدي حاجتك وتجيبي فلوسك كان بها ، معايزاش يُبقى مناقصينش وجع راس وخربطة على الفاضي ، ويالا من غير سلام تك بو .

هدرت بها بتلك الكلمات الفظة ثم أغلقت الهاتف في وجهها أما تلك الوجد صارت تلتف حول نفسها بغل يكفي العالم أجمع وهي لم تجد فرصة لبدأ انتقامها من عمران وزوجته وخاصة وهي ترى سعادتهم التي تجعل النيـ.ـران توقد في جسدها ، 


وبعد مدة هبطت إلى الأسفل وياليتها لم تنزل فقد رأت عمران يجلس بجانب سكون ويطعمها بيده في فمها والاثنان يبدو عليهما السعادة ، فأرجعت حجابها للخلف قليلا وجعلت خصلاته الناعمة تنسدل على وجهها المرسوم بمستحضرات التجميل بحرفية فنان ، 


ثم نزلت إليهم وألقت السلام بدلال :


_ سا الخير يا عرايس ، منورين تحت ، 


واسترسلت وهي تجلس بالقرب من سكون قائلة :


_ هو في عرايس تنزل تقعد قعدتكم داي تاني اسبوع جواز ! ولا تكونوش زهقتو من بعض في الاول اكده واصل !


لم يريد عمران الرد عليها ولا النظر إليها من الأساس ولكن سكون أجابتها بصفو النية :


_ لا يا وجد إحنا مزهقناش ولا حاجة بس اني حابة أقعد ويا ماما الحاجة شوي عنديكي مانع ؟


اصطنعت الهدوء وداخلها يغلي وحركت راسها برفض:


_ واني هيوبقى عندي مانع ليه ، كل شي بينام على الجنب اللي يريحه اهم حاجة تكوني مرتاحة حدانا ياعروسة .


بابتسامة عذبة اجابتها سكون وهي تنظر لعمران بحب :


_هو فيه حد يبقى جار عمران وساكن قلبه وميستريحش ! داي حتى تُبقى عيبة كبيرة قووي ، اطمني ياوجد مرتاحة وعال العال كماني.


جذبها عمران من يدها مرددا :


_ بقول ايه ياداكتورة تعالي نقعد برة شوي في الجنينة حاسس اهنه إن الجو كاتم قووي ومطايقش القعاد اهنه .


أعطته يداها وخرجت معه دون أن تعير تلك السليطة أدنى اهتمام وتركوها تستشيط في مكانها وتكاد أن تثور كالبركان .


فخرجت زينب من المطبخ وجدتها تنظر إليهم بحقد نابع من عيناها يراه الأعمى فوقفت قبالتها ولأول مرة تواجهها منذ أن تزوجت سلطان ودلفت ذاك المنزل :


_ مالك ياحرباية انتي بتبصي لولدي ومرته وعينك حسداهم وهتاكلهم أكل اكده ليه ؟


استدعت الهدوء ورسمته ببراعة وأجابتها وهي تنفض جلبابها بكيد كي تلفت انتباهها لما ترتديه من ملابس أنيقة ، ثم داعبت خصلات شعرها بأناملها بنفس المكر وأجابتها :


_ وه واني هحسدهم على ايه ، موخداش بالك ياحاجة من الجمال والدلال اللي واقف قدامك ، ومش بس اكده دي أني متجوزة زين الرجال في قنا كلياتها ولساتني عروسة بردو .


حقا استشاطت زينب من كيد تلك الماكرة ثم نظرت لها باشمئزاز :


_ مبيفهمش وغشيم علشان عينه شافَتك وخد باله منيكي وانتي مرمية من سنتين محدش قال لك باب ريحك منين.


رفعت حاجبها بنفس المكر وكادت أن تجيبها ولكن رحمة دلفت إليهم وسمعت حوارهم فتقدمت منهم برتابة ووقفت بجانب والدتها وقبلتها من رأسها ثم هتفت لتلك الوجد :


_ وانتي معندكيش مرايات ولا ايه يامرت أبوي ياخطـ.ـافة الرجالة ، مشيفاش الضب اللي مزين وشك ولا حاجة .


هي لم تقصد السخرية من هيئتها فكل بني الإنسان خلقهم الله بوجه حسن يليق عليهم ولكنها تثأر لوالدتها ، 


أما هي ظلت على ثباتها ولم تنفعل وهتفت :


_ أه طبعاً عندينا مرايات ومرايتي كل يوم تنصحني أسمي واكبر علي من عيون اللي بيشفوني علشان اكده دايما مقريفة من كتر العين اللي معاي .


ضحكت تلك الرحمة بطريقة استفزتها ورددت :


_ له هو إنتي مفكرة القريفة داي علشان انتي محسودة يامرت أبوي ! له ياحية انتى دي علشان إنتي دايما بتفكري في أذية الناس وازاي تخـ.ـربي سعادتهم وهناهم مش عشان انتي محسودة ، أصل هيحسدوكي على ايه على جمالك الفتاك وهو يموع النفس ولا عشان قوامك الممشوق وانتي حتة قصبة لو نفخت فيكي دلوك أطيرك .


وبالفعل نفخت في وجهها بطريقة أرعبتها ثم أمسكت من والدتها الصينية قائلة :


_ هاتي عنك ياحاجة اقعدي إنتي كيف البرنسيسة وأني هخرج لكم الشاي محباش أعمل لك حاجة تانية ياست الدار .


ابتسمت زينب لابنتها وشعرت بالفخر والاعتزاز بأن تلك الرحمة خلقت بتلك القوة ، ثم مرت من أمام تلك الوجد بشموخ ورأس مرفوع يليق بتلك الزينب ، 


أما رحمة أمسكت كوب الشاي واصطنعت أنها ستقع وسكبته على جلباب تلك الوجد وهي تردد لها بصوت هدر :


_ وه معلش يامرت أبوي غصب عني اطلعي بقى اقلعيها ومن الأفضل ترميها في الزبالة علشان ألوانها فاقعة ورخمة قوووي ، وبعدين هو في حد يلبس لون لموني إنتي رايحة شم النسيم ولا حاجة .


دبت تلك الوجد بقدمها في الأرض غيظا من رحمة فقد قصـ.ـفت جبهتها وصعدت الأدراج وهي تتمتم بألفاظ تليق بها سمعتها رحمة فحذرتها :


_ لو مبطلتيش رط وتلقيح هطلع أجيبك من شعرك وانتي الجانية على نفسك ، حاولي تتقي شـ.ـري بدل ماخليكي تكرهي اليوم اللي دخلتي فيه اهنه .


       ********************


يجلس ذاك الرجل يشاهد الفيديو بانبهار فقد نفذه "كلينتون" ببراعة فائقة أذهلته وكأنه مصمَم كما يريد بالمثل ، 


اتصل به وشكره على صنيعة يداه والتي بالنسبة له أبواب الجنان فتحت له ، 


فالفضائح على السوشيال ميديا والإشاعات هي الآن مصدر رزق لكثير من مرضى القلوب الذين يهمهم جمع المال وكفى ولم يهمهم أن الوسيلة التي جمعوها به حراما أم حلالاً ، 


وبدأ بنشر المقطع الأول ودون كلمات أعلى الفيديو :


_ حبيبة النجم آدم المنسي الذي خبئها عن الجميع الفتاة الصعيدية ذات العيون الزرقاء تابعوا الفيديو وتُدعى مكة الجندي .


وفي غصون دقائق انتشر المقطع على جميع مواقع التواصل الاجتماعي كانتشار النـ.ـار في الهشيم والمشاركات من كل صوب وحدب وكل يجوِّد كيفما يشاء .

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close