أخر الاخبار

رواية لعنتي جنون عشقك الفصل التاسع9 والعاشر10 بقلم تميمه نبيل


 رواية لعنتي جنون عشقك الفصل التاسع9 والعاشر10 بقلم تميمه نبيل
 
كان عائدا من عمله يقود سيارته بسرعة يسابق الأميال للوصول اليها.
منذ ان هاتفته السيدة اسراء و اخبرته بما حدث وهو يشعر بتقافز اعصابه , وخاصة وانه لم يتوقف بعدها عن الدوران فى سلسلةٍ من الاجتماعات المؤجلة منذ يوم زواجه .
اخيرا وحين انتهى من آخرها , هب من مكانه متنفسا الصعداء , منطلقا اليها .
أول يوم يذهب فيه الى عمله بعد زواجه وهذه هى النتيجة ... انهيار آخر من انهياراتها التى لا تنتهى , ضرب المقود بقبضته وهويشتم .
ما هو المعقد فى الأمر ؟!!.......انه يريد ان يعرف ما هو الأمر الذى يصعب عليها فهمه ؟!...... كل هذا الانهيار لأنها لا تريد مجالسة السيدة اسراء !!!!......... ثم الى اين كانت تنوى الذهاب ؟!!! .........لقد تلفت اعصابه تماما حين اخبرته السيدة اسراء بنيتها فى الخروج من القصر .......
الى أين كانت ستذهب ؟ ........... هل كانت تنوى الذهاب لايثار ؟
أطل الغضب الأعمى من عينيه و شعر بمشاعرٍ سوداء تكاد تظلم الدنيا من حوله .
الى متى سيمنعها من رؤية امها ...... ولماذا تريد رؤيتها اصلا ......فلو كانت تلك الحقيرة تمتلك أدنى قدر من مشاعر الأمومة لكانت جاءت بنفسها لرؤيتها .
الا ان تلك الأفعى السامة , و منذ ان وافقت حلا على الزواج منه , قطعت علاقتها بحلا نهائيا 
ابتسم بسخرية سوداء ....... بالطبع فزواج حلا به ليست صفقة ايثار ... لن تنال منه شيئا , لانها تعرفه جيدا وهو يعرفها جيدا .
زواجه من حلا كان صفقة حلا بنفسها , حين عرض عليها الهروب من مخططات ايثار الجديدة لها .
فكان ان اختارت الصفقة الاكثر تحملا لها ..... زواجٍ صورى اوهمها هو به ....لن يتطلب منها سوى الظهور فى المجتمع بصورة زوجة ادهم مهران .
علم ان ايثار ثارت بشدة و آذتها بشدة ..... الحقيرة ...تعلم جيدا ان هناك فرق بين مهران سيدفع لها الثمن و بين مهران آخر لن تحصل منه سوى الاحتقار , وكان هذا هو السبب فى رجوح كفة طلال مع كفته .فبالرغم من انها كانت تعلم جيدا برغبة ادهم مهران بنفسه فى حلا الاانها فضلت القبول بصفقة تزويج حلا لطلال , 
ادهم مهران من القوة بحيث لا يحتاجها هى للحصول على المرأة التى يريد و بالتالى لن تنال منه شيئا , لذا قامت بالتخطيط مع زوجها امبراطور مهران فى ابقاء الأمر سرا عن الجميع وخاصةٍ ادهم حتى انتهزوا سفره فى عملٍ مهم و تم تزويج حلا لطلال فى فترة لا تتعدى شهورٍ قليلة وقبل رجوع ادهم .
اما بعد موت طلال , ظل هو منتظرا فى الخفاء .. يراقب كل تحركات حلا , يعد كل نفس من أنفاسها , منتظرا الفرصة حين تنهار حلا تماما.... فيتلقاها هو ........و هذا هو ماحدث .
عاد اليه الشعور القهرى بالدناءة .... حين تذكر مخططات ايثار الجديدة لحلا بعد موت طلال .
فقد كان هو مخطط كل شيء ..... خادعا تلك الافعى السوداء .
شاريا جديدا شديد الثراء يأتى من طرفه هو ,لينسج الخطه و يوهم ايثار برغبته فى حلا منذ ان كانت متزوجة و يعدها بالكثير مقابل الحصول على حلا .
و طبعا تنهار ايثار تحت أقدام هذا الشارى الجديد غير مصدقة حظ حلا الرائع فى المكسب الرابح مرة اخرى بعد فترة قصيرة من موت طلال .وخاصة بعد رحيل الأمبراطور فجأة تاركا اكبر طعنة لايثار بخروجها من القصر خالية اليدين الا من الذى نالته من زواجى حلا وسما والذى لم يتحمل فى يدها الكثير فاضاعته ثقة منها فى المزيد و المزيد بعد موت الامبراطور .
الا انها نسيت انه امبراطور مهران ...... لا يعطى الا ما يريد بالقدر الذى يريده .
وحين جاء هذا المشترى الجديد كان فرصتها الجديدة للثراء ,فضغطت بكل انواع الضغوط النفسية و الجسدية على حلا التى كانت تهدد دائما بالانتحار ان حدث و تزوجت مرة اخرى .
ظل ادهم يراقب هذا الوضع من بعيد تاركا حلا تنهار اكثر واكثر 
ثم ظهر هو ..... عارضا عليها صفقة زواجهما لتتحرر من الضغوط القاتلة من حولها , ففى الاخير هو ادهم الذى تربت ببيته وتحت انظاره وهو لن يرغمها على ما لن تحتمله .
و كما توقع تماما ... كانت حلا منهارة نفسيا تماما , فسقطت أسيرة عرضه دون اى مجهودٍ يذكر من قِبله . 
و قد حصل عليها اخيرا .......
لن يشعر بالذنب ابدا ..........حلا ملكه ...منذ ان كانت تلعب فى بهو القصر ......هى ملكه ....... وهو لم يفعل سوى استرداد ما يخصه .
عاد يتسائل اين كانت تريد الذهاب هذا الصباح .....هل ارادت رؤية سابين , هو يعلم انهما لم تكونا يوما على وفاق . لم تظهر عليهما مظاهر الأخوة ابدا , فسابين لا تصلح لأن تكون اختا , دائما كانت انسانة قاسية عابثة لم يستطع ان يفهمها يوما ولا احبها ابدا . 
تذكر محادثة وحيدة فقط بينه وبين سابين ..... كانت اول حديث حقيقي بينهما , وكان ذلك بعد ان اعلنت حلا عن موافقتها على الزواج به ... ففوجىء بسابين تأتى الى مكتبه دون موعد .
تذكر جلوسها امامه بمنتهى الصفاقة واضعة ساقا فوق الأخرى و هى تنظر اليه باستعلاء .
تذكر كلماتها بوضوح و دون مواراة ( لا تتزوج حلا ......)
نظر اليها يومها دون ان يرمش له جفن , فتابعت دون ان تنتظر رده 
(انها ليست مناسبة لك ) ثم اكملت بقسوة 
( انها ضعيفة للغاية و سلبية لدرجةٍ بائسة )
صمت قليلا ثم قال بكل هدوء 
(سأتزوجها يا سابين ...و سأرى من يستطيع منعى )
يومها ظلت تنظر اليه نظرة لم يفهمها و سألت بكلمة واحدة 
(و لماذا تأخرت )
وقبل ان يفهم ما كانت تقصده قامت من مكانها و قبل ان تخرج التفتت اليه وقالت بقسوة
(انت لا تختلف كثيرا عنه )
ثم غادرت و لم تتدخل فى موضوع زواجهما مرة أخرى .
عاد وعيه الى الطريق أمامه وكلماتٍ تدور بذهنه
انت لا تختلف عنه كثيرا .......... انت لا تختلف عنه كثيرا ........انت لا تختلف عنه كثيرا 
تطلع امامه بغضبٍ و هو يقبض بشدة على المقود و هو يشتم هذه الأسرة المجنونه من اكبرهم لأصغرهم .
وصل الى القصر و نزل من السيارة بسرعة و اخذ يلتهم السلالم الرخامية كل درجتين معا , وهو غافل عن عينين غاضبتين تراقبانه بحنق من بعيد .
اخذ يصعد السلالم بسرعة يتسابق مع درجاتها حتى وصل الى غرفته , اخذ نفسا عميقا ثم فتح الباب و دخل .
وجدها مستلقية على الفراش و ظهرها اليه وهى ضامة نفسها كالجنين .
التف حول الفراش حتى واجهها ثم جثا على ركبتيه بجوار الفراش و اصبح وجهه على بعد سانتيمترات قليلة من وجهها , مد يده و أزاح شعرها الذى يحجب عنه عينيها .
وجد عينيها مفتوحتين لكنها لا تنظر اليه .... نادى برقة ...... (حلا ..) لكنها لم ترد عليه 
أعاد مرة اخرى برقة اكثر و ابتسامة ( حلا .... ردى علي )
لم يظهر عليها انها سمعته اصلا .فنهض واقفا و خلع سترته ثم اندس بجوارها و لف ذراعيه حولها ضاما ظهرها الى صدره و اخذ يهمس فى أذنها 
(كلمينى حلا ....) وحين لم ترد اكمل 
(كنت اظن اننا اقتربنا من بعضنا جدا , فما الذى حدث الآن )
احس بارتعاشها و قد اخذت تهتز بنحيبٍ صامت , شدد من ضمها اليه اكثر ثم قال
( اخبرتنى السيدة اسراء انكِ ترفضين الطعام منذ الصباح )
احس بعضلاتها تتشنج حين ذكر اسم مدبرة المنزل الصارمة , فقال برقة 
( حلا ... انها سيدة طيبة و لم تقصد ان تغضبك )
استمر بكاؤها الصامت الذى اثقل قلبه فتنهد بتعب ثم حاول مرة اخرى ان يصل الى داخل قوقعتها 
( حلا ..... لا زال الوقت مبكرا على خروجك بمفردك )
صدر عنها صوتٍ مختنق و هى تهمس 
(انا لست مريضة .....)
كاد ان يعتصرها بين ذراعيه و هو يشدد من ضمها اليه و الالم يعصف بداخله . ثم قال بعمق
(انتِ لستِ مريضة يا حلا ... انتِ فقط تحتاجين الى المساعدة فى الوقت الحالى)
همست بتحشرج 
(اريد ان...... اساعد نفسي )
همس باذنها وهو يلامسها بمداعبة 
(الا تحتاجيننى يا حلا ؟........) 
ثم اكمل بصوتٍ اعمق ومداعباته تتعمق اكثر 
(لكن انا احتاجك ... و بشدة )
اخذت تهدأ تدريجيا بين ذراعيه حتى سكنت تماما و بعد لحظات قليلة كادت ان تطيح بعقله , تحركت ببطء حتى استلقت على ظهرها وهى لا تزال بين ذراعيه . 
اخذ ينظر اليها و هى تنظر اليه باستسلام و كلا منهما يحاول العبور للآخر ,جمالها الضعيف اصابه بالجنون ثم اخذ يميل عليها و فمه يقترب من فمها . وفجأة همست بسرعة قبل ان تفقد شجاعتها 
(أدهم .... اريد ان اتعلم القيادة )
توقف فمه على بعد لحظة من فمها , لحظة واحدة وكان سيفقد نفسه فى دوامة حبها مرة اخرى 
هز رأسه و هو يحاول استيعاب ما قالته 
(تريدين .... ماذا؟)
ابتلعت ريقها وهى تدعو ان يوافق ثم قالت بتلعثم 
( اريد ان اتعلم القيادة )
سألها بصوتٍ أجش 
(وفيما تحتاجين القيادة .... يستطيع السائق اخذك الى اى مكان تريدينه )
انعقد حاجبيها وهى تقول بجفاء خافت 
(ليس هذا ما حدث اليوم )
نظر الى هذه القطة الغاضبه منه فاجتاحه الحنان و ابتسم 
(اين كنت تنوين الذهاب )
لم تجد ما تجيبه به فقد تصرفت بمنتهى الحماقة بعد ان جرفتها الحماسة صباحا , ظلت صامته و قد احمر وجهها احراجا و لم يضغط هو عليها اكثر فقد علم ان لا اجابة لديها , ستظل هى حلا دائما ......منطلقة فى هذه الحياة على غير هدىٍ .
نزل برأسه وقبلها برقةٍ تذيب الأحجار , دون ان يستسلم لمشاعرٍ مجنونه هذه المرة , حين رفع رأسه نظر الى عينيها اللتين تحولتا الى لونِ بحرٍ عاصف , ثم قال برقة 
( حين اشعر انكِ مستعدة , سأعلمك بنفسي )
تابع و الابتسامة تغطى وجهه 
(هل ستأكلين الآن ....)
ظلت تنظر اليه بيأس دون ان ترد ....... لكن و بالتأكيد بعد دقائق كانت هناك طاولة طعام صغيرة امامها على الفراش وهو يطعمها بيده وهى تأكل ببطء ...بصمت.....باستسلام .
افاقت صباحا على أشعة الشمس الدافئة , لكنها لم تشعر بدفء الذراعين الحديديتين من حولها كعادتها كل يوم , ادارت وجهها الى الناحية المجاورة من الفراش فلم تجده , لكن لفت نظرها ورقة صغيرة مطوية بجوارها على الوسادة , 
تناولتها بارتعاش ...... رسالة ..... رسالة منه , فتحتها ببطء وهى تتسائل ماذا يمكن ان يقول لها 
(لقد ذهبت الى العمل ....... حاولى الا تفتعلى المشاكل يا صغيرة )
ظلت تقرأ الكلمات طويلا وهى لا تشعر بشىء ..........ماذا انتظرت ..... هى نفسها لا تعلم ماذا كانت تنتظر .
قامت من فراشها ببطء ... شتان بين ما كانت تشعر به حين اسيقظت بالامس وبين ما تشعر به الآن , اتجهت الى النافذة و أطلت منها لتستنشق الهواء بعمق.........
لفت نظرها حركة بالأسفل فى الحديقة .... نظرت ففوجئت بشابٍ يمسك خرطوما يروي به الحديقة و هو يرقص بحركاتٍ غربية سريعة و مضحكة للغاية وهو يطوح خرطوم المياه معه قافزا من حوله واضعا سماعاتٍ فى اذنيه 
ابتسمت بمرحٍ وهمست لنفسها
(من هذا الأحمق ؟!!.......)
انه يبدو مألوفا , أدارت وجهها الى طاولة الزينة لترى وردة بيضاء كبيرة بدأت فى الذبول قليلا ... شخصا ما أعطاها هذه الوردة بالأمس ...لكنها لا تتذكر ملامحه تماما , فعادة ما تنسى الكثير من التفاصيل بعد انهياراتها ..... ايكون هو 
انحنت على النافذة و أسندت ذقنها على يدها و هى تراقبه مبتسمة .......
الا يخجل من نفسه ........... الا يخشى ان يراه احدا وهو بمثل هذه الحماقة 
اتسعت ابتسامتها ...........
كان منعزلا عن العالم و النغمات العالية تسد أذنيه وهو مغمضا عينيه .........فجأة دفعه شيئا ما لفتح عينيه .......شعر انه مراقب فرفع رأسه لأعلى ليفاجأ بالأميرة تطل عليه من نافذتها ...... وهى تضحك !!! 
سقط خرطوم المياه من يده و ظل ينظر الى جمالها المشرق .... يا الله ..... انها شديدة الجمال ....... شديدة الاختلاف حين تكون مبتسمة , تبدو و كأن شيئا ما يشع من داخلها . 
ما هذه المرأة ... انها تجذب كل من حولها .. فى كل حالاتها ..غضبها ...ضعفها ....حزنها .....اشراقها ..... ابتسامتها .
انها ساحرة من نوعٍ ما.
ابتسم و لوح لها بيده ..........استقامت فجأة بسرعة و اختفت ابتسامتها و قد ظهر عليها الارتباك من تلويحه لها ثم ابتعدت عن النافذة بعد ان اغلقت الستائر ...
انها تبدو و كأنها لم تقابل احدا منذ ميلادها ....لا تعلم كيف تتعامل مع البشر , لا يتخيل كيف كانت حياتها الى الآن ...هل كان لديها أصدقاء؟ .....هل لديها أخوات؟ .......هل هى مدللة والديها ؟ .....هل كانت لديها حياة اصلا ؟ ...........
.................................................. ........................................
تطرق بكعب حذائها العالى......تطرق ........تطرق 
جالسة على كرسي مكتبها , تنظر الى باب مكتبه ......الأنغام الناعمة تأبى ان تترك أذنها .....الرائحة الدافئة لا تغادر أنفاسها .
رمت قلمها من يدها على سطح المكتب بعنف ...... ما الذى يحدث؟...... انها تبدو كأنثى بلهاء رقصت رقصتها الأولى .
اهدئى يا سابين ... استعيدى سيطرتك على نفسك , انه مجرد رجل فى النهاية وكل ما فى الأمر انه لا يسقط تحت قدميكِ..لا ينهار لكِ.
زفرت بعنف ,ثم اخذت اوراقها و قامت متجهه الى مكتبه برشاقة الفهد المستعد للوثب على فريسته .
طرقت الباب بهدوء ودخلت .......ظل نظره مثبتا على شاشة حاسوبه وهو يعمل لا يعيرها أى اهتمام , ظلت واقفة لحظات تنظر اليه نظراتٍ شرسة ثم تقدمت الى المكتب ووضعت الأوراق أمامه وقالت 
(هذه الأوراق تحتاج لتوقيعك )
التفت من الشاشة الى الأوراق امامه ..تناولها بهدوء و اخذ يوقعها واحدة تلو الأخرى 
فجأة رن هاتفه الخاص وحين نظر الى الاسم ظهرت ابتسامة رقيقة على شفتيه اذابت تصلب ملامحه , ذهلت وهى ترى هذه الابتسامة على شفتيه لاول مرة .
اجاب محدثه بصوتٍ هادىء 
(اهلا حبيبتى ...)
ارتفع رأسها بسرعة و قد ضربتها هذه الكلمة البسيطة ,فانتبهت بكل حواسها تنصت اليه وهو يقول 
(اشتقت اليكِ انا ايضا .......) صدمت 
اعصابها تحترق ... احساس غير مرحب به اخذ فى التصاعد بداخلها 
سمعته يضحك برقة و يقول بدلال 
(اعرف انكِ تكرهين هذا العمل جدا .....)
اخذ حاجباها يرتفعان بدهشة بينما عيناها تقسوان بشدة , لمن يسمح بأن تتذمر من انشغاله بعمله .
تابع يقول برقةٍ تذيب الحجر 
(حسنا سيدتى ...... ماذا لو اخبرتك ان بامكاننا اطالة السهرمعا الليلة فى المنزل ......)
ضحك بحبٍ وهو يكمل 
(نعم ....و سنفعل كل ما تطلبينه الى ان تسقطى نائمة ......)
صعقت ..صعقت تماما من صفاقة الحوار , الا يراها لا تزال واقفة .. الا يخجل من نفسه 
تابع كلامه 
(هيا حبيبتى ..اتركينى الآن لأنهى عملى و أعود اليكِ سريعا )
وضع هاتفه من يده مع انتهائه من آخر توقيع , ثم عاد ملتفا الى شاشته بدون ان يعطيها اى كلمة .
لمت الأوراق من أمامه بمنتهى الهدوء وخرجت تجبر نفسها على السير معتدلة حتى وصلت الى مكتبها فرمت أوراقها بعنفٍ عليه وهى تتنفس بحدة .
الوغد ....مدعى الفضيلة ....موزع الأخلاق و المبادىء 
هى تعلم تماما ان احمد مهران غير متزوج ....... ويجرؤ على محاسبتها هى .!!
عاد البرود ليلفها .. انه يحاسبك من اجل دارين فلا تنسي هذا ابدا .
ارتمت على كرسيها عائدة الى عملها , تحاول السيطرة على غضبٍ هائج دون محاولة ايجاد تفسير له .
.................................................. ........................
كان يحرك عضلاته بتعب بعد جلسة العمل الطويلة جدا , لم يجد العمل متعبا هكذا من قبل و لا شديد الملل لهذه الدرجة 
يبدو هذا اليوم طويلا...... طويلا جدا لا ينتهى , تنهد بعمق و هو يتسائل هل بدا يكبر فى العمر .. ولماذا لم يشعر بهذا الشعور الا الآن ما الذى تغير منذ زواجه ....ابتسم بسخرية .. هل ازداد عمرا منذ زواجه .....لا..... انه يشعر بانه يزداد عمرا حين يكون بعيدا عنها .....لكنه يعود و يصغر ليصبح فى مثل عمرها حين يعود اليها...الى نبض قلبه ....الى من قلبت حياته رأسا على عقب .
وهو الذى كان يظن انه سيرتاح اخيرا بعد امتلاكه لها .الا ان الراحة هى آخر شعور ممكن ان يشعر به الآن 
انها تجعل حياته تبدو كسماءٍ تنطلق فيها الألعاب النارية ...لا تهدأ ...ولا يتوقف الاحتفال .
ترى ماذا تفعل الآن ....هل اثارت المشاكل ......
ابتسم بمرحٍ و هو يتذكر صوت السيدة سراء الصارم المستاء و هى تخبره بالعرض الغير لائق الذى قدمته حلا بالامس فى الحديقة ...ازدادت ابتسامته اتساعا وهو يتذكر صوتها يزداد قسوة وحزم ناسية انها تخاطب ادهم مهران بينما تنبهه انها تصرفاتٍ لا تليق بالسيدة خاصة أمام الخدم والعاملين بالقصر , و أن السيدة وإن كانت صغيرة الا انها ليست طفلة لتتصرف بمثل هذا الانفعال المبالغ فيه 
ظل ادهم يستمع اليها واعصابه تحترق من فقدان حلا لسيطرتها على نفسها مرة اخرى , لكن الذى طمأنه ان السيدة اسراء تمكنت من اعادة حلا بهدوء الى القصر.....
فبما انها استطاعت امتصاص انفعالها الذى يدرك عواقبه جيدا فهذا يدل على خبرة السيدة اسراء ..حين رآى الوردة البيضاء على طاولة الزينة شعر بالتفاؤل ...فهذا معناه ان السيدة اسراء استطاعت تهدئتها فى نهاية الامر و ان حلا بدأت تستسلم لسلطتها وهذا ما اراحه فهو يحتاج الى شخصٍ حازم ليحل محله فى غيابه نظرا لحالة حلا النفسية .
ولقد تعب كثيرا حتى عثر على السيدة اسراء بعد توصية اسرة عريقة و اشادتها بالكفاءة 
لكنه لم يخبر السيدة اسراء بأى تفاصيل عن حلا فقط نبهها الى احتمال حدوث ما قد يسوء من آن لآخر فلا تغفل عنها ابدا .
ترى ماذا تفعل الآن ......تسائل ثانية .
نظر الى صورتها الموضوعة على مكتبه و التى اخذت لهاو هى اصغر سنا ..قبل ان ...اللعنة ..ليس مرة اخرى 
رجع بتفكيره الى الصورة .
كان دائما ما يسخر من رجالٍ مهمين يدخل الى مكاتبهم ليجد صورا لزوجاتهم موضوعة بقربهم و يتسائل الا يكتفون منهن فى المنزل لتظل هذه الصور تطالعهم اثناء العمل تحمل ابتساماتٍ ساذجة .
ابتسم الآن وهو يجد نفسه و قد اصبح زوجا تقليديا يضع صورة زوجته فى اطارٍ على مكتبه و هى تحمل نفس الابتسامة الساذجة ...ابتسم بحزنٍ وهو يتمنى من كل قلبه الآن ان تعود اليها هذه الابتسامة ..ليأخذ لها صورة جديدة وهى زوجته .
شعر فى هذه اللحظة انه يكاد يحترق لسماع صوتها فتناول هاتفه ليكلمها على هاتفها الخاص و الذى لا يحوى سوى رقمه فقط .
ظل الرنين المتصل يحرق اعصابه ..ان لن ترد حالا سيكلم السيدة اسراء على الفور بالرغم من انه كلمها مرتين الى الآن وقد اكدت له فى المرتين ان السيدة لا تزال بغرفتها .
بدأ الخوف البارد يعصف به .ثم فجأة سمع صوتها الساحر يرد عليه بهدوء فتنهد بعمق وقال 
(مرحبا يا صغيرة )
(مرحبا)
(ماذا تفعلين ...)
(مستلقية فى الفراش...)
تنهد بتعب وسألها 
(لماذا لا تنزلين الى الحديقة ؟)
(وحدى؟....)
رد بحسم (لا)
(سأنام قليلا ..فانا متعبة ) ثم اغلقت الخط دون ان تسمع رده ,
ظل ينظر الى الهاتف وهو لا يصدق انها اغلقت الخط , عصف به غضبٍ اهوج ...يبدو انه كان متساهلا معا اكثر من اللازم 
انتِ تدفعيننى كثيرا يا حلا ..وانتِ ليست لكِ القدرة على تحمل غضبى 
عاد الى عمله حانقا و غضبه يهدد بقتل كل من سيقترب منه فى هذه اللحظة .. وبالفعل لم ينج من غضبه بعض الموظفين المساكين .فاخذ الجميع يهربون من حوله يتحاشون غضب ادهم مهران .
بعد فترة رن هاتفه ليطالعه اسم السيدة اسراء فانقبض قلبه و هو يهمس (حلا....)
اسرع يرد عليها متوقعا سماع خبرا مروعا فهذا ما يشعر به كلما طالعه اسم السيدة اسراء على الهاتف , الا ان السيدة اسراء كان صوتها هادئا وهى تقول بنبرة عملية
(سيدى هناك ضيوف لك فى القصر ....السيد فارس و السيدة زوجته )

الفصل التاسع (2) 

.................................................. ........
اخذ يقود سيارته بسرعة وعقله لا يستوعب ..هل فارس هنا حقا .. بعد غياب ثلاث سنوات ... اكيد هناك خطءٍ ما ....هل فعلا عاد فارس بمحض ارادته ..و هل سما جاءت معه بالفعل ...... وهل قابلت حلا 
.................................................. ......................
ظلتا واقفتين.....صامتتين .....تفصل بينهما عدة خطوات الا انها تبدو كأميال .....
لا تزال حلا كما هى ... صامته , متباعدة .. كلما نظرت اليها تخفض حلا نظرها الى الأرض و كأنها مذنبة , لطالما ظهرت بهذا المظهر الخاضع منذ ان تزوجت طلال مما يقارب الخمس سنوات .
فبعد زواجهما وسفرهما لقضاء شهر العسل .. عادت حلا بحالة غريبة و كأنها لا تعى شيئا فى هذه الدنيا .. خاضعة بشكلٍ غريب , فاقدة الاحساس بكل شىء .
لم يطل بقاء سما .. فبعد ان تزوجت حلا بسنتين , تزوجت سما بفارس .. فى هاتين السنتين لم تستطع سما التواصل مع حلا و لم يستطع احد ...فقد اختارت هذا التباعد عنهم جميعا بعد زواجها واحيانا كانت تختفى تماما لفترة طويلة دون حتى ان تهاتفهم لتعود متباعدة مسلوبة الارادة بشكلٍ اكبر وكان طلال هو الوحيد الذى يستقون منه اخبارها .لا يعرف احدا شيئا من تفاصيل حياتها او اسباب اختفائها .
وبعد ان سافرت سما مع فارس بسنةٍ واحدة , سمعت بخبر موت طلال ...
هى لا تعلم ما الذى حدث لها .. الا انها واثقة من ان حظ حلا كان اسوأ بكثير من حظها هى ... فهى فى النهاية موجودة مع حبها المستحيل .
لا يبدو ان زواجها بادهم قد غيرها ابدا ... و بالنسبة لسما لم تندهش ابدا لخبر زواجهما , كان هناك يقينا بداخلها ان حلا مصيرها فى النهاية لوحش آل مهران 
لم تشعر أيا منهما بحاجتها للاخرى يوما , هى تحب حلا بالطبع فهى اختها كسابين تماما .... الا ان زيجتيهما هما الاثنتين ارسلتهما الى مفترق الطرق ... و نظرتيهما الى بعضهما تشعرهما بالخجل لكل ما عانتاه ...بينما قبضت غيرهما الثمن 
تم بيعهما هما الاثنتين .... وها هما الآن واقفتان تتحاشيان النظر الى بعضهما بحرج .
لم تجد سما بدا من ان تبدأ هى بالكلام 
(كيف حالك يا حلا ......)
رمشت حلا بعينيها وهى تقول بتلعثم
(بخير ..... و أ..وأنتِ سما ؟....)
اومأت سما برأسها وهى تقول بابتسامة مطمئنة 
(انا بافضل حال .............لقد اشتقت اليكِ)
صمتت حلا قليلا ثم قالت بخفوت 
( وانا ايضا.........)
عاد الصمت بينهما طويلا ثم قالت سما وهى مبتسمة بشقاوة
(اذن.........فقد تزوجت ادهم !!)
اومأت حلا و قد احمر وجهها ........فابتسمت سما وهى تفكر 
ستظل حلا طفلة دائما ...... مهما حدث لها 
.................................................. .................................................. .....
فتح ادهم باب القصر بسرعة ودخل .........ثم توقف حين شاهد فارس واقفا امامه .....انه فارس حقا ..
اندفع اليه بعد طول فراق معانقا اياه بلهفه ويهتف
(فارس...... لا اصدق انك عدت اخيرا )
شعر فارس بمعانقة شقيقه و الذى كان دائما بمثابة حصنه ... مهما طال دورانه فى هذا العالم الا انه يعود فى النهاية الى هذا الجبل العالى ادهم مهران .
تنهد فارس بعمق ...لقد عاد ...آن الاوان لجروحه ان تلتئم .....و ليقف على قدميه مرة اخرى .
كان ادهم لا يزال معانقا فارس يلكمه على صدره ممازحا حتى سمع صوتا عذبا من خلفه يقول
(كيف حالك يا وحش آل مهران )
التفت بسرعة ليفاجأ بالشابة الأنيقة الواقفه خلفه ,فرق قلبه وهتف غير مصدقا
(سما.......)
ذهبت اليه جريا و احاطت عنقه بذراعيها ,ضمها ادهم اليه بحنان ....لطالما كان هناك رابطا قويا بينه وبين سما التى جاءت الى هذا القصر و هى لا تتعدى العامين من عمرها ..... كانت مدللته دائما ..بعكس حلا التى كان يراقبها من بعيد.
لم يراها منذ زواجها بفارس .... لقد اخرج نفسه تماما من هذه الصفقة.. كان وقتها لايزال كالبركان الثائر بعد زواج حلا يدمر كل من يعترض طريقه .حين صعق تماما بقرار الامبراطور فى أخذ سما الصغيرة لفارس ..انفجر هائجا لتلاعب والده بحياة اخرى مثلما فعل مع حلا ... الا ان هذه المرة كانت الصفقة اشد قسوة ...سما الصغيرة ..كيف لها ان تتحمل عبء زواج مضنى كهذا .
وعقد العزم على محاربة الجميع ليوقفوا هذا العبث......ويتركوا سما الصغيرة لحياتها و دراستها .
الا انه عاد وانتابته نزعه انانية ...ففارس كان فى اشد حالات الانهيار وقتها و كادوا ان يفقدوه اكثر من مرة فى غمرة غضبه .....
شعر ادهم فى داخله ان سما هى بالفعل الحل الوحيد لتهدئة الأسد الأعمى ........كان يعلم ان سما انسانه غير عادية , فهى تحمل قوة بداخلها تكاد تكون اقوى من سابين نفسها ...... وتحمل رقة تعادل رقة حلا .
وهذا هو المزيج الذى يحتاجه فارس .....كان انانيا نذلا مثلهم جميعا , يشفع له خوفه على فارس .
والآن وهو نظر اليها يشعر بتانيب ضمير فظيع , فهو و ان كان يريد راحه شقيقه الوحيد فارس فهذا لا يمنع انه يعلم علم اليقين انها تتعذب فى صمت ....عذابٍ لا يتناسب مع عمرها ابدا فهى فى سن الحرية و الانطلاق ..........هل هذا ما يمنحه لحلا ؟....نحى اجابة هذا السؤال عن تفكيره حاليا, فحلا لها ظروف خاصة مختلفة تماما عن سما .
عاد ينظر الى سما الصغيرة امامه تبتسم برقة وعيناها تدمعان مما هز قلبه تجاهها .
اخذ ينظر اليها من قمة رأسها وحتى اصابع قدميها ثم قال بدهشة وهو يضحك 
(لا اصدق انها انتِ فعلا .........لقد كبرت للغاية و اصبحتِ جميلة بشكلٍ خلاب )
قالت سما ضاحكة 
(ليس الى هذه الدرجة ..... فانا لم اغادر من هنا طفلة !!!)
عاد اليه الاحساس بالذنب و هو يفكر , بلى يا صغيرة....لم تكونى الا طفلة , 
لكنه قال بمداعبة 
(هل ازداد وزنك ؟.......لقد كنتِ كعيدان الكبريت )
دفعته فى كتفه وهى تضحك ......سما الوحيدة المسموح لها بالتساهل معه و ستظل مميزة عنده دائما .
مد فجأة ذراعا واحدة و احاط بها خصرها النحيل و رفعها لأعلى وكأنها دمية لا تزن شيئا وهو يقول ضاحكا 
( لكن هذا لايمنع ان احملك مثلما كنت افعل دائما ...........آآآآه لقد اصبحتِ ثقيله فعلا )
اخذت سما تضحك وهى ترجوه ان ينزلها 
سمعا فجأة صوت تحطم عالٍ اوقفهما عن الضحك , فالتفتا بسرعة ليجدا ان فارس واقفا ممسكا بعصاه كالأسد المستعد للهجوم , و بجواره على الأرض اناءا زجاجيا ضخما محطما شر تحطيم ,
اتجه ادهم اليه بسرعة يسأله ان كان بخير غافلا عن ملامح وجهه الهمجية ,....... وحدها سما لاحظت الروح الشيطانية التى ارتسمت على وجهه و هى تعرف جيدا هذه الملامح ....انها بداية غضبٍ همجى سينقلب عليها فى نهاية المطاف 
ما الذى حدث واغضبه ...... لم تكد تمر عدة ساعات على وصولهم فهل بدأ غضبه المعتاد بهذه السرعة ,كانت تظن ان عودته الى الديار والى ادهم سيكون لها تاثير رائع عليه , الا ان هذا ليس ما تراه الآن , فهو يبدو وكأنه مستعدا للانقضاض على احدهم .......
اقتربت منه و همست له 
(هل ارهقك السفر )
لم يجبها بل ظل ينظر امامه بعينين متوحشتين .... شعرت بانفاسه الساخنة الملتهبة تضرب وجهها و كأنه سينفث لهبا كالتنين .
سمعت صوت ادهم يقول من خلفها 
( ستصعدان الآن الى الغرفة التى سيتم تجهيزها لكما ....لكى ترتاحا)
التفتت سما الى ادهم وهى تقول بارتباك 
؛(و انا اين سأ........آه )
تأوهت حين شعرت بأصابع حديدية تنغرز فى لحم ذراعها , و فارس يقاطعها بصوتٍ أجش 
( سيكون هذا رائعا يا ادهم , فانا بالفعل متعب جدا )
ظلت سما صامته بخوفٍ وهى تتسائل عما ينتويه , بينما ذهب ادهم ليأمر بتجهيز الغرفة 
التفتت سما الى فارس و قالت بصوتٍ خافت 
( فارس ..... هل حدث ما اغضبك )
رد عليها بقسوة 
( اصمتى ...)
اخذت تنظر اليه بقلبٍ خافق , ثم قالت بصوتٍ مرتجف 
(سأصعد لأعد ثيابك )
ثم سارت مبتعدة بسرعة يلاحقها هسيس انفاسه الغاضبة .
.................................................. .........................................
دخل أدهم غرفته ثم أغلق الباب خلفه بقوةٍ .... وجد حلا جالسة على الكرسي أمام طاولة الزينة تحدق الى صورتها فى المرآة بشرود ..... التقت عيناها بعينيه فى المرآة فجمدتها الصلابة المنبعثة منهما .
ظلت تنظر الى المرآة و هى تراقبه يخلع سترته ثم يرميها على الفراش , يفتح ازرار قميصه ببطء ليلحق بالسترة ..ظلت عيناه الصلبتان تأسران عينيها .
ابتلعت حلا ريقها بصعوبة وهى تشعر بالرهبة .
انطلق صوته بحزمٍ يقول 
(لماذا لستِ مع سما .....)
ظلت تنظر اليه و حدقتاها متسعتان , فاكمل بقسوة حين وجدها صامتة 
(كان من واجبك ان تظلى معها و تأمرى بتجهيز الغرفة لها بنفسك )
قالت اخيرا بصوتٍ مرتجف 
( سما لا ...... لا تحتاج لذلك ... هى تستطيع تدبير أمورها بنفسها )
قست نظراته اكثر وأكثر وهو يقول 
( لم تراكِ منذ ثلاث سنوات , فهل من المناسب ان تتركيها لتظلى هنا بغرفتك )
قامت من مكانها وهى تحاول الظهور بمظهر الشجاعة قائلة ببرود
( لست بحاجة لأن يملى علي أحدا كيف أتصرف مع سما.....)
مرت من جانبه تحاول مغادرة الغرفة بعد ان غادرتها الشجاعة الزائفة , و ما ان صارت بمحاذاته حتى امتدت يده كالقيد الحديدى ممسكا ذراعها بشدةٍ آلمتها .
رفعت رأسها اليه برعب و قد اتسعت عيناها ......فقال بهدوءٍ خادعٍ مرعب اثار الرجفة بجسدها 
( اياكِ ......اياكِ ان تخاطبيننى بهذه الطريقة مرة أخرى ,و اياكِ ان تغلقى الهاتف وانا احادثك , فقد لا اكون صبورا معكِ المرة القادمة )
ظلت تنظر اليه برعب لا تصدق ان هذا هو نفسه ادهم الذى ترك عمله و أمضى معها ليلة كاملة يهدىء من روعها و يسليها 
تابع بنفس الصوت الخادع بهدوءه 
(و الآن ..... ستنزلين بكل أدب لتقومى بدور زوجة ادهم مهران ان لم يكن كأخت سما ...... لا تنسي ما اتفقنا عليه فى عقد زواجنا ياحلا مفهوم؟......)
أومأت برأسها وقد فقدت القدرة على الكلام 
ترك ذراعها ففرت من أمامه بسرعة دون ان تراه وهو يزفر بعمق و كأنه تعب من كل شىء .
.................................................. ...........................
كانت جلسة العشاء فاشلة تماما سادتها كل المشاعر المشحونة التى تهدد بالانفجار مطيحة بكل الجالسين .
فقد كان ادهم متصلبا تبدو الصرامة على وجهه , الا انه يحاول ان يكون لبقا مع فارس و سما متجاهلا حلا تماما , و بالنسبة لها كانت حلا فى حالة ٍ يرثى لها . فلم يخف عن الجميع ارتجاف اصابعها التى اوقعت عدة اشياء عن المائدة , كما اراقت العصير على ثوبها وهى تحاول الشرب .... بينما وجهها شديد الشحوب و شفتاها ترتجفان و حدقتاها تهتزان بعدم تركيز.
اما فارس فهو يشعر بـأنه على وشك ان يضربها ... انها تحرجه بطريقة غبية ..تعامله كالأطفال .... غبية لا تعلم انها يجب ان تفرق بين ما تفعله له حين يكونا وحيدان و حين يكونا وسط اشخاص آخرين .... بالرغم من ان هذه هى المرة الوحيدة تقريبا التى يتواجدان فيها مع اشخاصٍ آخرين.
لا بد ان ادهم الآن يبدو مصعوقا من منظر اخيه العاجز وزوجته تصب له الماء .. تسكب له الطعام , بل وتجرأت ان تقطع بعض الطعام له حتى لا يتعامل مع السكين .
وجهه يزداد احمرارا من الغضب الذى يعصف بداخله يشعر بأنه سيرتكب عملا احمقا الآن ... انه يحاول جاهدا الظهور بمظهرٍ متمدن مهذب أمام ادهم .. وهو الذى نسى معنى التهذيب طوال سنوات عجزه ... انه الآن يجلس الى مائدةٍ مجبرا على الاستماع الى احاديثٍ سخيفة .
يضطر الى مجالسة الحمقاء الأخرى ابنه ايثار الراشد و التى يبدو انها إما خرساء و إما مختلة من كثرة اسقاطها للأشياء و قرقعتها لأدوات المائدة بشكلٍ يؤدى الى الجنون .
أما تلك الصغيرة بجانبه فهى تحاول جاهدة لعب دور الأم مع إن هذا ما تفعله دائما حتى بات لا يستطيع التصرف بدونها .
الا انه يشعر بالغضب الأحمق لظهوره بهذا الشكل أمام البشر .
ثم سرح خياله لهذه الليله ..كيف سيبقى معها فى غرفةٍ واحدة انه امرا لم يحدث منذ زواجهما ... فكيف سيفعله الآن 
هاجت مشاعر غير محمودة العواقب بداخله ....لماذا سمح بمثل هذا الوضع المجنون , الجميع يعلمون ان سما زوجته ... ورجولته لا تسمح بأن يظهر لهم عكس ذلك بإبقائها فى غرفةٍ اخرى ...... لكن الآن ماذا سيفعل ....كيف سيستمع لأنفاسها طوال الليل و يستنشق يسميناتها دون ان يتذكر لحظاتٍ طار فيها لعالمٍ من الجنون مع تلك المجنونة الصغيرة .
هل حملها ادهم فعلا اليوم ... انتفخت اوداجه من شدة غضبه الذى عاد يعصف به مجددا .. كان على وشكِ ان يلكمه ويصفعها .. الوقحة قليلة الحياء .
أحس فجأة بملمس أوراق الورد و هى تمسح باصبعها زاوية فمه !!!.......فلم يشعر بنفسه الا وقد انتفض صارخا 
( ابعدى يدك يا غبية )
ساد صمت قاتل و قد اتسعت العيون كلها من حوله فى صدمة .سكت فارس تماما وصوت انفاسه فقط يتعالى ... ما الذى فعله ؟...
همس صوت سما بعد لحظات الصمت الطاحنة الطويلة 
( لم اقصد اجفالك ... حبيبى )
انفجر قلبه حين سمع ما قالته و لم يجد ما يجيب به محاولا استيعاب كلمتها الأخيرة .. بينما اكملت سما بصوتٍ مهزوز 
(لقد انهكنا السفر جدا....)
قال ادهم بعد لحظة صمت محاولا السيطرة على غضبه من فارس 
(من الأفضل ان تصعدا لترتاحا )
و لم ينطق احدا أى حرف بعد هذه الكلمات و الجميع يتمنى ان تنتهى هذه الجلسة العقيمة 
.................................................. .................................................. .............................
كانت جالسة على حافة الفراش ترتجف لا تعلم ماذا تفعل ...... تسمع صوت المياه الجارية داخل الحمام .....انها فى الغرفة .....الغرفة التى ستضمهما معا لأول مرة منذ زواجهما .... أين ستنام , ليس عندها شك انه سيأمرها بان تنام على الأريكة الصغيرة المكونة من مقعدين فقط .... لكن هذا غير مهم .. المهم الا تضطرب انفاسها .
ترى ماذا سيسمعها الآن ؟.....هل سيكمل صب غضبه عليها لجرأتها اثناء العشاء .....هى نفسها لا تصدق كيف واتتها الجرأة لتمد اصبعها و تمسح شيئا ما عند زاوية فمه ..... حقا يا سما؟!!! ... انتِ حتى لم تستخدمى محرمة !!!...متى كنتِ بمثل هذه الصفاقة!!!.
سمعت صوت باب الحمام يفتح , فتوقفت أنفاسها و هى تراه يدخل الى الغرفة متعثرا لعدم تعوده على خطواته فى هذه الغرفة الجديدة .
اتسعت عيناها بارتياع وهى تشاهده يلف منشفة حول خصره ... بينما يظهر صدره العارى ....رائعا....تعقلى يا سما !! ما بكِ اليوم ؟!!
كانت مراتٍ عديد قد رأته بهذا المظهر عند خروجه من الحمام وهى تقوم بتحضير ثيابه الا انها كانت تخجل من منظره فتخرج من الغرفة سريعا تتبعها ضحكته الساخرة . أما الآن فهى لم تخرج و لم تتحرك من مكانها و لم ترفع عينيها عن صدره المفتول العضلات .. اخذت تتامله .. و انفاسها تتسارع و تتصارع و صدرها يعلو ويهبط ... ما الذى ينتابها ...
انه وسيم .... وسيم جدا .... لم أرى رجلا اكثر منه جمالا ......ظلت تراقبه وهو يتناول بنطال منامته الذى وضعته له على الجانب الايسر من الفراش كما اعتاد دائما ليستطيع الوصول الى ملابسه بسهولة .
ذهلت حين وجدته يمد يده الى عقدة المنشفه ينوى فكها فاغمضت عينيها بشدة بعد ان خرجت منها صرخة مخنوقة لم تستطع كبتها ...سمعت ضحكة خشنه صغيرة .....
فتحت عينيها ببطء لتجده واقفا ينظر اليها مباشرة و كأنه يراها .. عيناه كانتا تلمعان بشدة .. و ابتسامته جائعة مفترسة تداعب زاوية فمه . شهقت بعنف وقد عجزت ساقيهاعن انهاضها من مكانها ....لا تعلم كيف ستمر هذه الليلة .....ستبقى نور الغرفة مضاءا ..هو لن يلاحظ ..لكنها لن تستطيع البقاء معه فى الظلام ابدا . 
اقترب ببطء حتى لامست ساقه حافة الفراش بجانبها , فانحنى و جلس بجوارها ....اخذت ترتعش وهى تنظر امامها بعيون متسعة و لا تنظر اليه .
مد يده ببطء حتى وصلت الى وجهها فاخذ يتلمسها بأصابع خشنة تتنقل على كل جزء من وجهها الناعم ... جبهتها العريضة ...حاجبيها الرفيعين الناعمين ... عينيها الواسعتين ذات الرموش الطويلة .... وجنتين ساخنتين للغاية و فى نعومة الورد ..... انفها المستقيمة الطريفة ....شفتيها ....آآآه ...شفتين شديدتى النعومة .... اخذ يمرر اصبعا واحدا عليهما مرة بعد اخرى و كأنه لايصدق وجود شيئا بمثل هذه النعومة ....هبط باصابعه الى ذقنٍ صغيره ذات كبرياء ....... ليهبط اكثر الى عنقٍ ناعمة طويلة ... اكتافٍ ناعمة مكشوفة معلق عليها شريطين رفيعين من الحرير ..... استمرت يداه هبوطا .....حتى انتفضت صارخة فاحاط ظهرها بذراعٍ قوية بسرعة قبل ان تهرب .
اخذت ترتعش بقوة و كأنها محمومة ... مد يده الاخرى ووضعها على قلبها الذى يكاد يقفز من مكانه .فقال بصوتٍ اجش من العاطفة 
(انتِ ترتجفين بشدة ......اهدئى قليلا سما)
لم تستطع فهم ما يحدث لها ولا ما يقصده من اقترابه منها الى هذا الحد بعد الذى حدث بينهما آخر مرة .....
قبض على ذقنها فجأة بقوة ليرفع رأسها .... ثم انهال على شفتيها بشفتيه الجائعتين دون مقدمات .....
تاهت ...... ضاعت ......دارالعلم من حولها .... نست كل شىء .. نساء الراشد و رجال مهران ولم تتذكر سوى انها عادت لمكانها الطبيعى بين ذراعيه و الذى لم تعرفه سوى مرة واحدة .
اخذ يميل بها الى ان استلقت على الفراش و شفتيه لا تفارقانها ...رفع رأسه عنها فجأة و نظر اليها لحظة ثم همس (ياسمينااااا...)
ثم عاد يقبلها مرة اخرى دون ان يعطيها الفرصة لتفكر من هى ياسمين تلك......
اخذت يداه تزدادان جرأة و هى تزداد ارتعاشا ........ حتى اصطدمت عيناها بصورتهما فى المرآة الضخمة المقابلة لها ......اتسعت عيناها بشدة وهى غير قادرة على التصديق انها هى نفسها الموجودة فى المرآة .......
ظلت لحظات تنظر الى صورتهما معا بينما فارس غافلا تماما عن ذهولها و هو يعيش عالمه البدائى 
همست فجأة بدون تفكير 
(أريد أن اطفىء الأنوار ...)
وكانت هذه غلطة ..................... غلطة كبيرة جدا 
.................................................. .....................................
كان ينظر الى المجلة الموجودة بيده و هو عابسا بشدة ... منذ متى اصبحت مجلات المجتمع و رجال الاعمال تهتم بمثل هذه الاخبار الصفراء .
ظل ينظر الى الصورة العريضة بغضب ... كيف اخذت هذه الصورة لهما ,كيف تبدو ملامحهما ذائبة لبعضهما البعض , منذ متى كان ينظر اليها بهذة الطريقة 
يرقصان .. يحيطها بذراعه ... وجهها مرتفعا اليه و هو ينظر اليها .... نظرة تملك لم يعرفها منذ وقتٍ طويل 
قرأ الكلمات الموجودة تحت الصورة و التى قرأها الى الآن عشر مرات ....
( و المشوق فى الامر انه دار شجارا بين رجلى الاعمال الشهرين احمد مهران و (---) على الجميلة سابين الراشد و الذى انتهى بانسحاب رجل الاعمال الشهير بعد تطاول احمد مهران عليه باليد وعودته الى جميلة الشهيرة ليرقصا رقصة الصلح بينهما)
طبعا سيقاضى هذه المجلة و يطارد اصحابها الى ان يغلقها تماما ... لكن ما حدث قد حدث وهاتفه لايتوقف عن الرنين للتاكد من صحة العلاقة .... وهو فى غنى عن مثل هذه الفضائح التى لن تطوله وحده .
ارتفع رنين هاتفه يقاطع افكاره الصاخبة ...... نظر الى الاسم على الشاشة فتنهد وهو يقول (ليس الآن ...)
اجاب الهاتف و هو يقول (مرحبا دارين .....)
اخذ يستمع طويلا ... طويلا الى اصوات بكائها , مازن لم يعد يهتم .... مازن لا يتوقف عن الاتصال بها ....مازن سيتركها ..... مازن يخطىء فى اسمها....
ظل يسمع طويلا .... طويلا يشعر بالملل؟ ام بالغضب؟ ام..........
اخيرا قال بصوتٍ قاطع ...
(دارين ... اطمئنى لقد انتهى كل هذا .....لأن....)
نظر الى المجلة مرة اخرى ثم قال بقوة 
(لأننى خطبت سابين........).

الفصل العاشر 

ليلة .... ليلة طويلة جدا ..... مشحونة بكل انواع المشاعر الهوجاء المجنونة .... هل من الممكن ان يكون الانسان فى لحظة و كأنه طائرا فوق السحاب ... يكاد يلمس السماء ..... يكاد ان يطول النجمات .....ان يكون الانسان فى لحظةٍ محاطا بوهجٍ ذهبى يغشي نظره و يدفىء قلبه ..... ان يتسائل فى كل لحظة كيف سيكون لو......كيف سيشعر لو.......لتأتى الإجابة لتفوق كل التصورات و الخيالات ..... تكاد تطيح بقلبٍ عاشقٍ يدور فى دوامة حبه ... يدور .... يدور .
ثم تأتى لحظة اخرى .....مجرد لحظة ......لحظة واحدة ......يرتكب فيها غلطة ....غلطة غبية لتقذف به من فوق السحاب ليسقط متحطما على صخور الكراهية و يتحطم لشظايا تنزف الما ... حبا ...ندما على لحظاتٍ لن تعود ابدا .
تحول فى لحظةٍ واحدةٍ الى وحشٍ همجى تطل النيران الشيطانية من أعماق عينيه لتصيب اعماقها برعبٍ لا مثيل له .
كانت لاتزال مستلقية وهو كالمارد حولها حين شعرت بمخالبٍ تنشب فى ذراعها تزداد ضغطا و غرزا فى بشرة ذراعها الرقيقة حتى لم تعد قادرة على كبت صرخة انطلقت من اعماقها ... كانت تشعر برعبٍ هائل وهى تراه على وشكِ ان يلتهمها كوحشٍ آدمى .
امتدت يده فجأة لتقبض على عنقها الرقيقة الهشة بقوةٍ كادت ان تحطمها و اقترب وجهه من وجهها و أنفاسه المشتعلة تكاد تحرق وجنتيها 
أخيرا قال بصوتٍ كالفحيح 
(لا تستطيعين المتابعة؟.......هل شعرتِ بالنفور ؟.......أم ماذا ؟......)
ظلت صامته عيناها متسعتان برعب وهى تحاول رفع حمالات قميص نومها و هى تهز برأسها علامة النفى , بينما هو يكمل وصوته يزداد وحشية 
(ام هل ؟........ ام شعرتِ بالخجل ؟.....هل هذا هو السبب سما ......هل شعرتِ بالخجل ؟.........اذن دعينى اطمئنك )
و بحركةٍ واحدةٍ سريعة لم تسمح لها حتى بأن ترمش بعينيها , استقام فوقه ومد يديه وقبض على جانبي قمة قميص نومها ليمزقه من اوله وحتى خصرها بصوتٍ عالٍ جعلها تصرخ بشدة , بينما صرخ هو ايضا فى نفس الوقت 
(لا داعي للخجل ..... فأنا لاأستطيع أن ارااااكِ )
ظلت سما تصرخ وهى تتلوى بين ذراعيه برعبٍ لايوصف وهى تبدو كسمكةٍ وقعت بين كفي دبٍ شرسٍ ضخم .... هبط فارس برأسه كالصقر و اخذ ينهل من شفتيها كاتما صرخاتها ..مكبلا مقاومتها بذراعيه .
لم تستطع تصديق ان الحب ممكن ان يكون فى لحظةٍ كنارٍ ذائبةٍ تسرى فى عروقها لتذيبها عشقا و فى لحظةٍ اخرى يتحول الى تعذيب نفسي لايحتمل , شعرت انها على وشكِ الانهيار من هذه المعاملة التى لم تعرفها قبلا و حتى من فارس نفسه ....... وبعد مرور دقائق طويلة فقدت كل أمل فى التحرر منه .
انسابت دموعها بمرارةٍ على وجهها وهى تعلم انه بعد لحظاتٍ قليلة سيقتل حبها له للأبد ......
شعر برطوبةٍ لامست وجهه ... فتوقفت انفاسه لحظة ....اخذ يحرك ذقنه على وجنتيها ليتأكد مما يشعر به ..... توقف تماما .... لتلتقط آذانه صوت نشيجٍ منخفض و شعر بجسمها يرتجف بدرجةٍ مرعبة لم يشعر به الا الآن ..... فجأة مد أصابعه و اخذ يتلمس دموعها ....
ابتعد عنها ببطء وهو يسمع شهقاتها التى أخذت تتعالى بعد افاقتها من الصدمة و التى كانت الدليل الوحيد له على ما كاد ان يقترفه .....ما الذى اصابه .... كيف استطاع ان يتصرف بهذا الشكل القذر .......
منذ وقتٍ قليل دخل الغرفة و هو يحيط نفسه بمظهرٍ هادىء . ليفاجأ ان خلف هذا المظهر بركانا على وشكِ ان يطيح بهما معا ....لم يشعر بنفسه حين سمع جملتها الخرقاء ... أحس وكأنها اشمأزت منه فجأة .... بعد ان اصبح الأمر واقعيا وليس مجرد خيالا عاطفيا فى ذهنها المراهق .
كانا وحدهما تماما بالخارج اثناء سنواتِ زواجهما .... لم تقابل الكثير من الرجال سوى الأطباء ....لم تكن لهم اية حياة اجتماعية ...لذا لم تجد سواه لتحلم بحبه ....اما الآن ....فما الذى حدث ؟.......
هل تكون رؤيتها لادهم و شعورها بان هناك من يستطيع ان يطرى جمالها قد انعشها و اشعرها بانوثتها ....... بالطبع .
ثم جاء هو الآن ليشعرها بالفرق بين رجلا يراها ... و رجلا يكاد يموت رغبة من مجرد استنشاق نسائم الياسمين التى كادت ان تطيح بعقله منذ لحظات ...... بالتاكيد المقارنة لم تكن فى صالحه ..... عليه اذن ان يتحمل نتيجة قراره .... فهو من جاء بها الى هنا ...الى عالمها القديم ... الى الناس .... و لن يكون هو محور عالمها بعد الآن .....
لقد بدأت نهاية الرحلة يافارس ...... و قد كان هذا قرارك ...... فتحمله ...
اصوات بكائها تكاد تمزقه.....لماذا لا تزال تستلقى بجانبه ... لماذا لا تهرب الآن ... ماذا تنتظر بعد ... انها تكاد تحرقه رغبة فيها و حزنا عليها....هل يمكن ان يجتمع الشعوران ......نعم فهذا ما يشعر به الآن ......ندمٍ لايمنع رغبة جارفة .....دناءة وتملك لايمنع ..... ماذا ؟.....
بعد ثلاث سنواتٍ من كبت احتياجاته كرجل ٍ لايقبل ان يستغل مراهقة صغيرة اخطأت الاختيار بسبب جشعها و أمها .. فتاة صغيرة تقوم على رعايته ليل نهار ..... ليأتى اليوم و يدمر كل قناعاته بتصرفه القذر .... وهذا مجرد اليوم الاول من عودتهما .... اذن مالذى سيحدث بعد ذلك ؟.......
اخذت انفاسها تهدأ تدريجيا , مدت يدها لتمسح دموعها ببطء ثم اخذت تلملم اجزاء قميص نومها و هى تستوى جالسةٍ بارهاق , لكنها فجأة شعرت بيدٍ كالقيد الحديدى على ذراعها و هو يستوى جالسا بسرعة ثم يقول بعنف 
(الى اين انتِ ذاهبة ؟.......)
ارتجفت بشدة دون ان تستطيع النظر لوجهه و هى تجيب بصوتٍ هامس 
(سأذهب للحمام ....)
ظل صامتا لحظاتٍ دون ان يترك ذراعها و كأنه لن يسمح لها بذلك .... اخيرا دفع ذراعها عنه بقسوةٍ وهو يقول بعنف
(اياكِ ان تفكرى بمغادرة هذه الغرفة........)
صدرت عنها شهقة بكاءٍ صغيرة ثم انطلقت تجرى الى الحمام موصدة الباب خلفها ..و ما ان اغلقته حتى استندت بظهرها اليه و اخذت تهبط منزلقة عليه حتى جلست على ارض الحمام وهى تبكى و تشهق دون ان تهتم ان كان يسمعها ام لا .....
بينما كان هو واقفا خلف الباب مستندا عليه بكفيه مخفضا رأسه يستمع الى نحيبها العالى .... وهو يعلم انها ستبيت ليلتها هناك 
همس لنفسه بالم (ستذبلين قربي ..ياسمينااا....).
.................................................. .................................................. ......
ظل الليلة كلها ساهرا بجوارها يتلمسها وهى نائمة .. يتلمس وجهها .. يتلمس خصلات شعرها الطويلة التى تغطى كل مكان بجانب وجهه .... ما اجمل شعرها ...كالذهب و العسل معا ...طويل ...طويل ....اخذ يتخلل خصلاته الطويلة باصابعه و يدنيها من وجهه ليتحسس نعومتها ... الى متى ...الى متى سيظل يرضى بأقل القليل منها ......الى متى سيتعذب ... و الى متى سيعذبها ....
كان يظن ان بامتلاكه لها سيجعلها ملكة على عرش قلبه , الا انه لا يرى الآن سوى الحزن و الالم المحيطان بها ...
لقد افزعها اليوم وهويعرف ذلك ...لكنه ايضا كان على وشكِ الانفجار من شدة غيظه ... من شدة حنقه .... ومن شدة رغبته فيها .... انه يشعر بان بركانا يغلى باعماقه ...بركانا لن يرحمه من حممه اللاهبة الا هى ....
اقترب منها ببطء ليقبل عنقها الناعمة المكشوفة له , كما يفعل كل ليلة بينما هى لا تشعر به , لكن ما ان اقترب منها حتى احس بها تتقلب و تئن ...ها هى من جديد... تسقط فى بئر احلامها السوداء ...تنهد بعمقٍ وينحنى ناويا اخذها بين ذراعيه ليهدئها كما يفعل دائما ...
الا ان انينها اوقفه و جعله يعقد حاجبيه .. فقد كانت تنشج هامسة (طلال.... طلال)
ليس هذا ما اجفله , ولكن ما اجفله هو الطريقة التى كانت تنادى بها اسم طلال .... كانت و كأنها.... وكأنها تستنجد به ..... بل هى بالفعل تنادى على طلال مستغيثة به .
ابتعد عنها ببطءٍ وهو ينظر اليها بقسوةٍ ...... وظل ينظر اليها دون ان يغمض له جفن .
.................................................. .................................................. ......
فتحت باب الحمام ببطء و خرجت منه تجر اقدامها و هى لا تعرف كيف ستواجهه ...
كان منظرها مرعبا ... و لاول مرة تشعر بالارتياح لانه لن يراها بهذا المنظر ... فقد كانت ترتدى روب الحمام الذى يبدو وكأنه سيبتلعها ... وجهها شديد الشحوب كالأموات ... و عيناها حمراوان كالدم مخيفتان للغاية .... و عنقها تحمل علاماتٍ حمراء ....اما شفتيها ....آه كيف ستنزل ليراها الجميع بهذا الشكل ..... شفتيها متورمتين مجروحتين , و لن يحتاج احدا للذكاء ليستنتج ما حدث بينهما .
دخلت الى الغرفة ترتجف , فلم تجده فيها , اخذت تدير عينيها بسرعةٍ حولها لتتأكد من عدم وجوده بالفعل .. فجأة احست بالخوف ..اين ذهب؟.. المكان مختلف هنا عليه ....هل استطاع هبوط الدرج وحده؟....
بالامس ارتطم بالاناء الزجاجى الضخم فاسقطه متحطما ,فماذا سيحدث اليوم حين يتجول بمفرده ..اخذت تدعو الله ان يكون ادهم مستيقظا ليساعده عند نزوله , فهى لن تستطيع مواجهة احد بمنظرها المخزى هذا......
فجأة سمعت صوت طرقات ناعمة على الباب و قبل ان تجيب , فتح الباب ... اندهشت لدخول حلا ببطءٍ الى الغرفة 
وقفت امامها لحظة صامتة تنظر اليها ثم قالت بصوتٍ خافت ...
(انا و ادهم ننتظرك لتشاركينا الافطار )
لم تجب سما و ظلت مطرقة برأسها تتمنى ان تبتلعها الارض من شدة خجلها .
تابعت حلا حين لم تجب 
(ادهم مصر على نزولك )
ظلت سما صامته لحظات ثم قالت اخيرا بصوتٍ لايكاد يسمع 
(اين.....اين فارس؟)
صمتت حلا لحظة و هى تتفحصها بنظراتها ثم قالت 
(رفض تناول الافطار معنا و اصر على الجلوس فى الحديقة وحده )
صمتت سما وهى تنظر الارض دون ان تجيب , فاستدارت حلا لتخرج من الغرفة بعد ان يأست من ردها , لكن بعد عدة خطوات التفتت اليها مرة اخرى ثم عادت اليها ببطء و تردد وقالت بصوتٍ خافت
(هل آذاكِ؟.....)
رفعت نظرها الى حلا بسرعةٍ ثم هزت رأسها علامة النفى سريعا , الا ان حلا ظلت تنظر اليها بعدم اقتناع ثم قالت اخيرا 
( سما انا اكثر شخص فى الدنيا يستطيع ان يميز الاذى حين يراه ...... فلا تكذبى )
رفعت سما عينين متسعتين الى حلا ..... لا تعلم بماذا تجيبها فلاول مرة منذ سنوات تشعر ان حلا من الممكن ان تهتم باى شيء يخصها ...لكن هل اهتمت هى ؟........هل اصرت على معرفة ما حدث لحلا الجميلة التى كانت تضيء الدنيا بضحكتها ....
وفجأة شعرت بأن كل شىء ضغط عليها دفعة واحدة .... حلا الرقيقة الواقفة امامها كأختٍ لم تراها منذ سنوات طويلة .....انهيارها العاطفى مع فارس .....و ما تبع ذلك من ذلٍ و رفض .....كل هذا فاق احتمالها فلم تشعر بنفسها الا وقد انفجرت ببكاءٍ عالى يمزق القلب وهى تندفع لتحيط عنق حلا بذراعيها مخفية رأسها بحضنها كطفلةٍ صغيرة لم تعرف ما معنى ان تجرى لحضن امها يوما .......
ظلت حلا جامدة لحظات ... مصدومة لا تعرف كيف تتصرف ... ثم اخذت عضلاتها المتشنجة تسترخى تدريجيا ... و رفعت يدا بطيئة و اخذت تتلمس شعر سما ببطءٍ و قد بدأت عيناها فى الامتلاء بالدموع .....
ظلتا واقفتين طويلا تشعران بحاجتهما لاحضان بعضهما اكثر من الحاجة للكلام .... ثم قالت حلا اخيرا بصوتٍ متحشرج 
(يجب ان تنزلى ..... والا سيصعد ادهم بنفسه )
ثم اكملت بما يشبه المزاح بينما الدموع تغطى وجهها 
( حين امرنى ان اصعد اليكِ ....شعرت من لهجته ان بامكانى اعتبار نفسى مرفودة من العمل اذا لم تنزلى معى )
ضحكت سما ضحكة صغيرة من بين بكائها و هى تحاول اسكات شهقاها ... ثم قالت اخيرا بصوتٍ مرتجف و هى تشير الى وجهها 
(لن استطيع مواجهة ادهم بهذا المنظر ...)
اخذت حلا تفكر قليلا ثم سحبتها من يدها وهى تقول 
(تعالى الى غرفتى ..انا ساتصرف )
نظرت فى الممر يمينا و يسارا و حين لم تجد احدا جريتا على اطراف اصابعهما حتى وصلتا الى غرفة حلا ....... بعد وقتٍ قصير كانت بالفعل سما تكاد تكون طبيعية تماما بفعل الزينة التى وضعتها حلا و التى غطت تورم وجهها و احمرار عنقها .
التفتت الى حلا و قالت لها بابتسامة رقيقة 
(شكرا حلا ...انا ...انا فعلا لم ......) لم تستطع ان تكمل كلامها من شدة انفعالها 
وضعت حلا اصبعها على شفتي سما و هى تقول 
(اياكِ ان تبكى ......فسيتلف كل مافعلناه .... هيا الآن اذهبى لإرتداء ملابسك بسرعة قبل ان يأمر ادهم بإعدامى )
أومأت سما برأسها ثم استدارت لتغادر ..... لكن حلا امسكت بيدها فجأة قبل ان تتحرك و لفتها لتواجهها ثم قالت 
(سما ... لم يعد هناك ما يجبرك على الاحتمال ...انا سأساعدك ....لن أخاف من ادهم .....أستطيع مواجهته )
نظرت سما اليها و ابتسمت برقة ٍ وعينيها تحملان عطف العالم تجاه حلا المسكينة , فمنظر حلا و هى تتكلم بدا و كأنها تحاول اقناع نفسها وليس اقناع سما .
اخيرا قالت سما بحزم 
(بلى يا حلا هناك ما يجبرنى .......أنا احبه )
ثم استدارت وخرجت من الغرفة بسرعة قبل ان تعطى حلا فرصة للرد 
ظلت حلا واقفة مكانها ... تحدق أمامها و صدى كلمة سما يتردد فى عقلها 
انا احبه ......... انا احبه 
.................................................. ............................................
كانت حلا جالسة على مائدة الإفطار شاردة تماما .. غافلة عن نظرات ادهم المسلطة نحوها طوال الوقت , لم تفارقها تقريبا ......
كانت تشعر بالإرهاق ....لقد انتابها نفس الحلم الأسود ليلة أمس ... أسوأ كوابيسها على الإطلاق .....
حين ترى الوجه المقززينظر اليها و العينين الزائغتين تكاد تعريانها من ثيابها .... و صوت لهاثه القذر و هو ينظر اليها بينما يدين منتفختين قصيرتي الأصابع تمتدان لتمسحا على جسدها و هى تحاول ان تصرخ ...... ذارعين كزوجين من الأفاعى تمتدان لتحاوطها وتكاد ان تمتص روحها و كانت هى تحاول ان تناديه لتستنجد به اثناء مقاومتها المستميتة ....طلال ..... طلال 
الا انه لا يجيبها ....تشعر بالاختناق من انفاسٍ مقرفة مختلطة برائحة السكر و صوتٍ كالفحيح يقول 
(لن يجيبك .....طالما انا هنا ) و بعدها ضحكة حيوانية بشعة صمت اذنيها .... وهى تحاول مرة اخرى طلال .... طلاااااااال 
(حلا ..... انا أكلمك )
انتفضت حلا بشدة حين قاطع هذا الصوت الصارم افكارها السوداء لتنظر بسرعة الى ادهم الذى كان يحدق بها عابسا ...
ظل صامتا لعدة لحظات ثم قال اخيرا 
(لقد كلمتك مرتين و لم تجيبي ....)
أجابت بارتباك و هى مدركة لعيون سما المراقبة لهما 
(آسفة .... كنت شاردة قليلا ...)
شعرت بالخوف من نظرته القاسية و هى لا تعلم ماذا فعلت لتغضبه الآن منها .... اجاب بوجوم اخيرا 
(سألتك ان كنتِ تريدين الذهاب مع سما ....)
اجفلت حلا قليلا و هى ترمش بعينيها قائلة 
(أذهب معها ....الى أين ؟......)
تنهد ادهم بغضبٍ شديد , فسارعت سما تقول لتتدارك الموقف 
(لقد اخبرت ادهم الآن برغبتى فى زيارة سابين )
اتسعت عينا حلا و أدارت وجهها الى الناحية الأخرى و هى تجيب بسرعة 
( لا لن اذهب ...... ربما مرة اخرى )
تنهدت سما وحاولت مرة اخرى 
(ارجوكِ يا حلا....... ستكون مفاجأة رائعه لها ....ان ترانا معا )
نظرت حلا لادهم و كأنها تطلب نجدته الا ان تعبيرات وجهه كانت متصلبة بشدة .... عادت حلا تنظر لسما مترددة ثم قالت اخيرا 
(ربما .....مرة اخرى )
يئست سما من اقناعها فقامت من مكانها و هى تقول
(اذن سأذهب انا الآن ....)
لكنها ظلت واقفة مكانها مترددة ثم قالت لادهم بتردد
( فارس ....)
قاطعها ادهم فى الحال قائلا بخشونة 
(لا تقلقى عليه انا ارغب فى التحدث معه و لن اتركه حتى تعودى .....)
أومأت سما برأسها شاكرة لادهم ثم ابتسمت لحلا و انطلقت بسرعة يدفعها شوقها المهلك لسابين
ظل ادهم وحلا جالسين صامتين ... هى تنظر فى كل مكان الا هو ...و هو لا يرفع عينيه عنها الى ان قام اخيرا منسحبا من الغرفة دون ان يعيرها اى اهتمام .....
زال توترها بعد ذهابه .....الا ان احساسا آخر طاف بداخلها .... احساسا فظيعا بالخواء.
قامت من مكانها بعد فترة و اخذت تمشى فى القصر على غير هدىٍ حتى وصلت الى غرفة الجلوس الضخمة فدخلتها ... الا انها ما ان دخلت حتى تصلبت مكانها حين شاهدت فارس واقفا فيها يوليها ظهره ووجهه الى النافذة وكأنه ينظر منها ..... لم تكن تعلم انه دخل الى هنا و الا كانت صعدت الى غرفتها .....حاولت الانسحاب بصمتٍ ... الا ان صوته اوقفها فجأة 
(لماذا تنصرفين يا حلا .....)
تسمرت فى مكانها لحظات ثم قالت اخيرا بصوتٍ متلعثم 
(كيف عرفت .. انها ..انا )
اجاب بنبرة ساخرة (رائحتك ....)
عقدت حاجيها وهى تردد (رائحتى ؟!!.....)
اجابها بنفس النبرة الساخرة ( رائحتك كالتفاح ....)
سألته بوجوم (هل تتعرف على كل الناس من روائحهم .....)
التفت اليها وعلى وجهه ملامح بدائية ثم اجابها 
(ليس دائما .... فاحيانا من الاصوات التى يصرونها ...)
سألته رغما عنها بينما قدميها تتحرقان لتخرج من هذا المكان الذى اصبح خانقا فجأة 
(كيف؟!!...)
اخذ يقترب منها ببطءٍ و هويقول بقسوة 
( انتِ مثلا .....خطواتك متعثرةٍ خرقاء )
صمتت وقد اتسعت عيناها بينما هو يقترب منها اكثر قائلا 
(انتِ تكرهيننى ...اليس كذلك ؟.... استطيع سماع الكراهية فى صوتك )
ظلت حلا صامتة تشعر انها على وشكِ الاختناق من اقترابه البطىء منها خطو خطوة ...ثم اندفعت فجأة لتقول بعنفٍ و هى غير قادرة على التحمل اكثر 
( اكره ما تفعله بها.....)
توقف عن السير فجأة و ضاعت السخرية من وجهه وملامحه تتصلب بشدة اثارت رعبها ... ثم قال ببطءٍ بعد لحظات وقد عادت اليه السخرية السوداء 
(هذا اهتمام مفاجىء ...... بالرغم من انكِ لم تسألى عنها لمدة ثلاث سنوات )
لم تعرف بماذا تجبه الا انها لن تسمح له بالانسحاب بعد ان وصلت الى هذه المرحلة فقالت بعنفٍ يخالطه الخوف
(لقد آذيتها ليلة أمس ....وكان هذا ظاهرا بآثاره على وجهها )
إن لم تشاهد عرقا نبض بعنفٍ فى رقبته لقالت انه تحول الى تمثالٍ حجرى ... ظل ينظر امامه حتى بات الوقوف امامه مخيفا ..لكنها صرخت به فجأة وهى تشعر ببدء فقدانها السيطرة على نفسها 
(كيف تفعل بها ما فعلته .......الا يكفى انك تسجنها بقربك )
شعرت انها رمت قنبلة فى الغرفة و بدا الصمت المحيط بها كدوى المدافع فى اذنيها .....شاهدته برعبٍ وهويعود للاقتراب منها فتراجعت تنوى الهروب من الغرفة ...الا ان مع اول خطوة سريعة منها كانت خطواته اسرع فوصل اليها وقبض على ذراعيها بقسوة و هو يديرها ناحيته ثم اخذ يدفعها الى ان حشرها فى زاوية الغرفة ..ظلت واقفة امامه تلهث بشدة بينما قال هو اخيرا و تعبير شيطانى يظهر على وجهه
(اذن فقد اظهرتِ مخالبك اخيرا ... كنت قد بدأت ان اشك انكِ ابنة ايثار الراشد ) اظلمت عيناها بشدة بينما هو يتابع 
(تمتلكين شجاعة فائقة بالنسبة لمن تزوجت من طلال مهران )
اخذت الدنيا تدور من حولها و هى تشعر بالهواء يسحب من رئتيها ....
كان قد بدأ يتكلم بهدوء قائلا (لقد حاولت الوصول اليكِ فلم ....)
الا انها وضعت كفيها على اذنيها و هى تصرخ بشدة اجفلته و قطعت كلامه ........
لم تكن تدرى انها بدأت تبكى بشدة و تصرخ بصوتٍ عالى ....صدم فارس تماما من شدة بكائها , لم يكن يعلم انه آذاها الى هذا الحد و خاف ان يصيبها مكروه ٍ فمد يديه الى ذراعيها مرة اخرى يحاول تهدئتها ... الا انها كانت قد عبرت حاجز الواقع و انفصلت تماما عن كل ما حولها و قد بنت بشهقاتها جدارا يحميها مما حولها ...
فجأة شعر فارس بقوةٍ هائلة تدفعه بشدةٍ ليرتطم بالحائط المقابل ... وصوت ادهم يصرخ كالمارد يهز ارجاء القصر 
(ابتعد عنها يا فارس .....اياك و الاقتراب من حلا )
ظل فارس واقفا مكانه صامتا ينظر امامه ... يكره نفسه اكثر و اكثر 
اقترب ادهم من حلا التى كانت لا تزال تبكي بشدة و حاول جذبها بين ذراعيه الا انها ظلت تقاومه بشدة فماكان منه الا ان حملها بين ذراعيه بقوة و خرج من الغرفة صاعدا الى غرفتهما .. وبعد ان وضعها برفقٍ على الفراش استلقى بجوارها و ضمها بشدةٍ بين ذراعيه الى ان استسلمت تماما منخطرة فى بكاءٍ شديد .....ظل يهمس فى اذنها بكلماتٍ رقيقة و هو يهدىء من روعها حتى راحت فى سباتٍ عميق و هو يتخلل شعرها باصابعه لا يريد ان يتركها ... شعر فى هذه اللحظة انه لو انفصل عنها فستاخذ معها قطعة من قلبه ....
نزل ادهم بعد فترة ٍ طويلة ليجد فارس واقفا فى بهو القصر وما ان اقترب منه حتى سأله فارس بصوتٍ اجش
(كيف حالها ......)
اجاب ادهم بايجاز (ستكون بخير ....)
قال فارس بعد لحظات دون مقدمات 
(لن نستطيع ان نبقى هنا اكثر من هذا ...سننطلق انا وسما الى منزل الشاطىء مؤقتا )
حاول ادهم الكلام بعد ان فوجىء بقرار فارس 
(فارس لا داعى ......)
قاطعه فارس بلهجةٍ حاسمة 
(هذا قرارى النهائى ادهم ....انا لم اعتد العيش مع احد منذ وقتٍ طويل )
سأله ادهم ( وماذا ان ارادت سما البقاء هنا ....)
شعر فارس بضربات قلبه تزداد بعنف ....اصبحت سما الآن وسطهم و بامكانها الاختيار مع من تفضل البقاء .... كان يجب ان يعلم ان هذا ما سيحدث ما ان يأتى بها الى هنا ..... من ستختار الآن .......و هل ترك لها الخيار ؟ .... فبعد ليلة أمس........
ابعد هذه الافكار عن ذهنه ... سما لن تتركه وحيد ابدا ...ستذهب معه لآخر بقاع الارض ان ذهب .....كانت لتتركه منذ وقتٍ طويل لو استطاعت .....الا انها لا تستطيع .... هناك ما يربطها به و يربطه بها .......وهو لن يشغل باله بمعرفة هذا الرباط الذى لن ينفصم ابدا ....سما ملكه ..... وستظل ملكه دائما ....
افاق من افكاره على يد ادهم تربت على كتفه وهو يقول
(سيظل بيتك فى انتظارك دائما يا فارس )
اوما فارس براسه شاردا ثم قال بعد تردد
(ادهم ..... لم اقصد ايذاء حلا .... لكن يبدو ان هذا فقط ما استطيع فعله .... ايذاء من حولى )
اجابه ادهم بهدوء 
(لكل شىءٍ بداية مهما كانت صعبة ... و البداية هنا يا فارس)
ظل فارس صامتا قليلا و قد شعر ادهم ان هناك ما يريد قوله ..ثم قال اخيرا مترددا
(طلال....)
ارتفع رأس ادهم بحدةٍ وهوينتبه بكل جوارحه ... اكمل فارس 
(قبل الحادث كانت تصلنى بعض الاخبار عنه.... كما حاول هو بنفسه التقرب منى اكثر من مرة ... الا انك تعلم ان الاقتراب منه شبهة فى حد ذاته .... وفى يومٍ علمت انه قد تم توقيفه هو و رجلا آخر بسبب.....بسبب ضربهم لامراءة ضربا مبرحا بالغ السوء ادى الى اصابتها باصاباتٍ خطيرة .... وبعد التحقيق تبين ...... انها كانت زوجته )
كيف يمكن ان يكون الكلام كنصال خناجرٍ مسمومة ... كيف يمكن لكلماتٍ مهما بلغت قساوتها ان تعمى القلب وتشعل فتيل الغضب القاتل 
ظل ادهم صامتا يحاول استيعاب ما قاله فارس وصدره يعلو ويهبط بشدة ..... كان يعلم ان الحقير آذاها...كان قد استنتج انه آذاها جسديا ..عرف من تشنجها ومن خوها من الناس ومن الاقتراب منهم كردة فعل تلقائية ..... لكن ان يصيبها لدرجة دخولها الى مشفى ...هو و....رجلا آخر ؟؟!!!......
(من هو الحيوان الآخر ؟....)
انطلق السؤال كسهمٍ طائش من ادهم الذى بدا فى هذه اللحظة وكانه شيطانا خارجا من الجحيم 
ظل فارس صامتا لحظات احترقت فيها اعصاب ادهم بشدة ..ليقول فارس ف النهاية 
(رجل عصابات شهير الخارج يقوم باعمالٍ تغطى فى الباطن عملياته المشبوهة وقد تورط طلال معه فى عدة عمليات )
ابتلع ادهم ريقه بصعوبه وهويحاول السيطرة على اعصابه الى ان يفهم ما يقوله فارس ثم قال بصعوبة 
(وما......علاقة ......)
لم يكمل سؤاله لكن فارس فهم ما اراد قوله فاجابه بخفوت 
(تقرير المشفى الحقيقى ذكر تعرضها لمحاولة ......)
(كفى ....) صرخ ادهم بشدة وهوغير قادر على التحمل اكثر و اخذ يدور فى الغرفة كالاسد الهائج و لم يشعر بنفسه الا وقد ضرب زجاج النافذة بقبضته ليتحطم بدويٍ عالٍ فصرخ فارس 
(ادهم ....)(ادهم ..... اجبنى )
قال ادهم بصوتٍ صارم 
(متى كان هذا ؟..)
تنفس فارس بعمقٍ واجاب (قبل زواجى من سما ...)
صرخ ادهم (ولماذا لم تخبرنى......)اجابه فارس 
(تدخل والدك ... ...جاء على وجه السرعه و انهى الموضوع وبعد شفاء ح....بعد شفائها عادت لطلال مرة اخرى بامرٍ من والدك منعا للفضائح ... لم اكن اعلم وقتها انك س......)
صمت فارس مرة اخرى غير قادر على المتابعة صرخ ادهم وهويضرب الحائط بقبضته
(كيف عادت اليه ...كيف)
ظل فارس صامتا لا يملك اجابة فصرخ ادهم بصوتٍ اعلى 
(وكيف لم اعلم بكل هذا.....)
اجابه فارس بخفوت 
(انت تعلم اننى منت بعيدا تماما عن كل شؤون العائلة حتى عملى كان مستقلا ... لا اعلم تماما كيف لم يصلك ما حدث لكن اعتقد ان والدك له دخل كبير فى عدم معرفتك بالامر ...... لقد علمت فيما بعد انه قد تم اخفاء التقارير الطبية الحقيقية و تعديلها الى اصاباتٍ ناتجة عن سقوطٍ او شيءٍ كهذا ......حاولت الاتصال بها وقتها و بايثار الا اننى لم استطع الوصول اليها ابدا ... اما ايثار فابلغتنى ان الموضوع قد تم احتوائه 
فلم يكن بيدي التدخل بشىء خاصة بعد ان عرفت بموافقتها على العودة اليه )
اللعنة عليها ... الحقيرة ...سليله الشيطان ايثار الراشد .... ستظل ملعونة لآخر ايام حياتها 
اغمض ادهم عينيه بشدة وهو يشعر بالمٍ لم يعرف مثله من قبل ..... كيف استطاع المقاومة ..... كيف تحملت كل ما تعرضت له ....كيف لم تنهار الى الآن .....انه يرى الآن انها بنفس قوة سما وسابين ....آه يا حلاى كيف سأنسيكِ ياقلبي ما مررتِ به 
كانت لاتزال امورا كثيرة غامضة بالنسبة له ... الا انه اقسم على ان يصل اليها .... وعدا منى يا حلا .....
.................................................. .................................................. ................
نعم انها هى ...هى بكل جمالها و سحرها... جالسة خلف مكتبها باناقة ...النيران الزرقاء المنبعثة من عينيها الكريمتين ....الشعر الليلي الطويل 
(سمااااا......)
صدرت هذه الهمسة من شفتيها القرمزيتين و قامت من مكانها ببطءٍ لا تصدق ما تراه و قالت مرة اخرى 
(سماااا..... يا الهى...)
اندفعت اليها فى نفس اللحظة التى جرت فيها سما اليها .. جذبتها سابين الى صدرها بشدة بينما انفجرت سما ببكاءٍ شديد وهى تتعلق بعنق سابين ....
ابعدت سابين وجه سما بيديها لتنظر اليه و تشبع عينيها التى حرمت منه لثلاث سنواتٍ طويلة ثم همست اخيرا 
(لا اصدق ... لا اصدق انكِ هنا فعلا ...)
عادت سما الى احضانها مرة اخرى و هى تستنشق عطرها بقوة ... لا تريد ان تنفصل عنها ابدا...
قالت سابين بعد فترةٍ طويلة ...طويلة جدا 
(لقد عدتِ يا صغيرة .... لا شىء آخر يهم ....لقد عدتِ اخيرا )
كانتا غافلتين عن عينين بنيتين تراقبان هذا المشهد غير قادرة عن الإشاحة عن تلك الساحرة الوقحة التى تظهر عليها العواطف اانسانية لاول مرة 
ظل يراقبها مستمتعا برؤية سما بين احضانها الناعمة ..... ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه و هو يفكر ..... خطيبتى .....
دلف الى المكتب باتزان وهو يقول (السلام عليكم ...)
ارتفع الرأسان اليه بسرعة بعد ان فاجأهما صوته العميق 
رمشت سما بعينيها و هى تقول باندهاش (سيد احمد ؟!!...)
رد عليها بمودة ٍ (كيف حالك يا سما...و كيف حال فارس)
اجابته بسرعة (بخير..... شكرا لك ... لكن ماذا تفعل هنا )
رد عليها وعيناه مثبتتان على ساحرته السوداء المندهشة ايضا .. بشدة 
(لقد تسلمت فرع العمل هنا .. بينما انتقل مازن للخارج .. لقد كان هذا من سوء حظه , لكن من حسن حظى بالتاكيد )
لمعت عينا سابين بشدة و هى لا تعلم الى ماذا ينوى بايماآته الغريبة الا انها ظلت تبادله النظر دون ان يرف لها جفن ثم رددت نفس كلماته باغراءٍ هز العالم من حوله
(وحسن حظى بالتاكيد ...)
ظلت العينان البنيتان تلاعبان العينان الفروزيتان بتحدى دون ان تكل ايا منهما ... بينما سما تنقل نظرها بحيرةٍ بينهما شاعرةٍ بذبذباتٍ غريبة حولها
قالت سابين اخيرا بنعومة 
(لم اكن اعلم انِ قابلتِ السيد احمد مهران )
قالت سما بمودة 
(لقد زارنا السد احمد عدة مرات فى الخارج ..و كان دائما موجودا حين احتاج اليه )
ثم التفتت اليه وسألته بحنان 
(وكيف حال تالا ... لقد اشتقت اليها جدا )
لم تسمع سابين الاجابة ...فقط علق الاسم برأسها ....تالا؟!!.....تراءت لها عينان بنيتان صغيرتان تحملان نفس التحدى ....بالطبع ...كيف لم تستطع التمييز قبلا ....للحظة واحدة جمعت كل الخيوط برأسها 
ارمل... له ابنة صغيرة ....ومن كان يكلم فى الهاتف ... آها .. انها تالا بالتاكيد .. من ستسهر معه فى المنزل غيرها ...شعرت بفورة انتصار عند هذه النقطة ....
ثم اندفعت اليها جملة من زاوية ذاكرتها ....لقد تحطم والدى عند وفاتها ... انها ليست كلمات طفلة صغيرة ... لقد سمعتها حتما من حولها .... احمد مهران تحطم لفراق امراءة ٍ ما ...
ذهبت فورةالانتصار ادراج الرياح ... و داخلها احساسٍ سقيم لا تعلم سببه ...
(سابين ... سابين فيما شردتِ )
افاقت من افكارها المجنونة على صوت سما الهامس بينما عينا احمد مهران لاتزالان مثبتتان عليها تنظران اليها ب ....
هل علم بما كانت تفكر به ... هل قرأ افكارها .....ما الذى يحدث لها ...
عادت الى سما مبعدة احمد مهران عن تفكيرها فتكفيها سما حاليا ... ابتسمت لها برقة و مدت يدها لتشعث مقدمة شعرها بحنان 
وهى تقول (لقد كبرتِ يا صغيرة ....)
ابتسمت سما بمرح ... بينما اشتعلت العينان البنيتان بشدة لهذا المنظر الذى لم يره قبلا....و لم يرى بجماله ابدا.....
دخل احمد مهران الى مكتبه وجلس على كرسيه مستندا بظهره مغمضا عينيه يسترجع صورة ساحرته الوقحة و هى تحتضن سما بحنان ..... قفز فجأة سؤال مجنون الى ذهنه .....هل ستكون سابين الراشد أما يوما ما ....ابتسم بوحشية و هو يتخيل طفلة صغيرة بشعرٍ اسود و عيونٍ ذات لهبٍ ازرق ...
قاطع رنين وصول رسالة الى هاتفه اشد افكاره جنونا .. التقط هاتفه على مضض وما ان قرأ الرسالة حتى اختفت ابتسامته و اظلمت عيناه بشدة ثم همس لنفسه بقسوة 
(اذن فهو آتٍ......سنكون فى انتظاره ....)
القى هاتفه على سطح المكتب بغضب و هو يفكر..... لا بد من التحرك بسرعة 
كانت سابين تتابع عملها بعد رحيل سما منذ لحظات حين استدعاها احمد مهران الى مكتبه ... قامت من مكانها و هى تشعر بالنار التى اصبحت مالوفة لديها تدب فى اعماقها .....سارت متمهلة حتى وصلت الى مكتبه فطرقت الباب بهدوء ثم دخلت ..... ظل يراقبها وهى تتجه نحوه بخفة الفهد و ساقيها تتقاطعان برشاقة و عيناها لا تحيدان عن عينيه ... وصلت الى مكتبه ووقفت منتظرة ....
قال لها بعد فترة من تامله لها بوقاحة 
(اجلسي سابين ...)
ارتفع حاجبيها قليلا وهى تشعر بالتوجس من هدوءه الغريب الا انها جلست باناقة امامه و اضعة ساقا فوق الاخرى ..
ظل ينظر اليها بينما هى على وشكِ الاحتراق فى داخلها منتظرة امرا خطيرا على وشكِ الحدوث ...قال اخيرا بصوتٍ عميق 
(اريد ان اعرض عليكِ عرضا)
ظلت صامتة و فضولها يهدد باحراق المكان .. اخيرا قال ببطءٍ جعلها تفتح عينيها على اقصى اتساع حين سمعته يقول
(اريد ان اعرض عليكِ الزواج ......)
احمد مهران اصبح ملكها اخيرا ....ستعذبه وستجعله يدور فى فلكها ... المهم انه اصبح ملكها ......
.................................................. ............................
استنشق عميقا .... ما اجمل ما يشعر به الآن ...ما اجمل ما يستنشقه ...رائحة البحر مختلطة بنسائم الياسمين .....استنشقمرة اخرى حتى ملأ صدره برائحة عطرها المشبعة بماء البحر .... لقد جاءت معه ....لم يحتاج الى ان يسألها مرتين ...تبعته دون نقاش , انها ملكه وستظل ملكه طلما هناك نفسا يتردد بصدره ... لن تكون لغيره ابدا 
(هل تشعر بالبرد....) قطع همسها الناعم سيل افكاره ... لم يرد عليها , ظل واقفا مكانه و اقدامه العارية تداعب رمال الشاطىء 
كانت الشمس مستعدة لان تغرق فى عمقِ البحر تاركة خلفها مزيجا رائعا من الالوان الارجوانية و الذهبية ....
التفت اليها ببطء ثم قال اخيرا بصوتٍ اجش
(كيف حملك ادهم ....)
فغرت فمها و هى تنظر اليه مصدومة ثم قالت بتلعثم
(م...ماذا؟!!!....)
لم يجبها بل لف ببطءٍ حتى وقف خلفها تماما ثم امسك بذراعيها ... ارتعشت و تعالت انفاسها و هى تشعر بانفاسه الدافئة على عنقها ...وفجأة و بسرعة خطفت انفاسها انحنى لأسفل و ادخل رأسه بين ساقيها لينهض رافعا اياها فوق اكتافه و هو ممسكا بيديها 
صرخت سما بشدة و قد دارت الدنيا من حولها و اخذت تناديه 
(ماذا تفعل .... انزلنى .... فارس انزلنى....)
اخذت تتخبط حتى كادت ان تقع الا انه امسكها باحكام ثم قال بصوتٍ عالى ليعلو فوق صوت امواج البحر 
(لن يحملك ِ غيري ابدا .....هل فهمتِ )
ثم سار بها الى البحر و اخذ يدخل اليه و هى لاتزال تصرخ به لينزلها ... وما ان احس بالماء يلامس خصره حتى امسك بساقيها يرفعهما ليلقى بها من على ظهره فى الماء .....غرقت لحظة ثم صعدت الى السطح وهى تسعل بشدة بينما هو يضحك بصوتٍ عال 
حاولت ان تصرخ به
(ما الذى ....)
الا انها لم تكمل .. فقد امسك بمؤخرة رأسها بيدٍ قوية و جذبها اليه كاتما بيقة كلماتها بشفتيه .....التفت ذراعيها حول عنقه بينما الامواج تغمرهما بدفئها.....




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close