رواية حوريه بين انياب شياطين الفصل التاسع9والعاشر10 بقلم خديجه السيد
استنكرت الجملة في البدايه لكنها ثواني معدودة وقد فهمت من الثاني المقصود ومن غيره طفلها، تطلعت اليه بخوف حقيقي وهي تراه عينه تلمع وهو يجثي علي ركبتيه أمامها يهتف ببعض العبرات المطمئنة، أطاعته بصمت وهي تنهر نفسها علي تهيأتها ربت علي كتفها بهدوء ،واستقام الآخر بوقفته ما إن إنتهي من شد زينات المسدس حتي قبض علي مقبض الباب بقوة يجز علي أسنانه بغضب وعيناه مثبتة أمامه تلمع بشرارة الوعيد لما هو قادم.
أما بالخارج كان هناك راجلين مُسلحين وقاموا بضرب النيران وهما يفتحون ابواب الغرف و يفتشون عليهما لكنهم لم يجدوا احد حتى وصل الدور علي الغرفه الذي يوجد بها حوريه وقاسم، شعر قاسم بخطواتهم ليشد علي المقبض بغضب وهو يمسك المسدس في يده بينما وضعت حوريه يدها على فمها وهي مازالت تحت الفراش و انجرت دموعها متالمة بخوف شديد.
حتي استمعت الي صوت طلقات ناريه تضرب على المقبض و انفتح الباب بقوة صرخت هي بذعر وظلت مكانها تحت الفراش كما قال لها قاسم، لكن الملثمين قد سمعوا صوت صراخها ليركضون نحوها وبدات عيناها تزرف الدمع رعبًا منهم وهي لا تعرف ماذا يريدون منها.
لكن اسرع قاسم الذي كان خلف الباب يختال الأرض بخطواته و جذب رجل منهم نحوه بغل ولكمه ليقع بحدة علي الارض و اصبح الدماء تسيل من أنفه ليرفع الآخر السلاح حتي يضرب قاسم لكن قاسم لم يعطي الفرصه اقترب منه سريعه وانحني ليمسك بيده يلويها له عكس اتجاهها بقوة حتي استمع الي صوت طرقعات عظامه بقوة ليعلم أنه قد كسر ذراعه
ليقول الآخر الساقط علي الأرض أمام مثل الجثة وسط صراخ زميله العالي المستنجد و يبدو علي وجهه الارتعاب الشديد و ابتلع ريقه بخوف قائلا" سيبه احنا مش عاوزينك انت احنا عاوزين البنت سيبهالنا وهنمشي علي طول"
اتسعت عينا حوريه بذعر شديد وهي تسمع حديثه وترك قاسم الشخص يسقط أرض يتألم بشده ويصرخ من ألم ذراعيه و ذهب إلي الأخري هو يركله بقدمه عدة مرات و الآخر يصرخ بألم شديد، حتي توقف قاسم يلهث وينظر إلى الاثنين الساقطون بالارض بغضب شديد وهم يتالمون من الالم
ثم تحرك بسرعه وأنزل علي ركبته و امسك بيد حوريه و هو يجذبها بخفه ومن تحت الفراش ونهض يجذبها معه وسط اعتراضها ببعض الكلمات الغير مفهومة لكنه سحبها خلفه سريعه مبتعداً عن ذلك المكان باكملة فهو يعرف انه اصبح هنا ليس امان بعد الآن.
**
في قصر عصام الصريطي، كانت ناريمان تسير بداخل الصالون بخطوات غاضبة و بأعين تقدح شراراً،و هي تتنفس بغضب و انفاس مسموعة و صدرها يعلو و يهبط بقوة من شده الانفعال.
هز رأسه عصام بضيق قائلا بحده" ما خلاص بقى يا ناريمان هتقعدي تاكلي في نفسك كده كتير، مش عملتي اللي في دماغك برده وبعتي ناس تجيبها رغم ان انا كنت رافض "
تنفست ناريمان بهدوء وبرقت عينها التي خطت بالاحمر و زاد سوادها سواداً وهي تصيح بقسوة" ويا ريته جاء بفايده ما هم راحوا زي رجعوا اهو مضروبين زي البيه اللي جنبك ولا عرفوا يعملوا حاجه وراجعين بخيبتهم "
عقد جواد حاجبيه بحدة والم وهو يمسك قطنه مطهره يجفف جروحة ثم نظر نحو الدته التي تلقي عليه كلماتها الغاضبه ليقول" الله وانا مالي يا ماما ماهي كانت قدامي وانا مسكتها وفضلت متبت فيها و كنت هاجيبها لك هنا لولا الزفت قاسم اللي ظهر لي فجاه ما اعرفش منين وضربني واخذها مني بالعافيه .. ده ما قالش حاجه حتى فجاه دخل عليا وضربني ولقيته بعدها يشدها وماشي... و سيبني مرمي في الارض، ورغم كده اتصلت بيكي وقلتلك وانتي زعقتيلي وقلتلي قوم وامشي وراهم من غير ما يحسوا بيك واعرف مكانهم.. وعملت زي ما انتي قلتلي وعرفتلك مكانها وبلغتك اعمل لك ايه اكثر من كده "
توقفت تهز جسدها و هي تقول بعصبية و عروق رقبتها قد برزت " انا مش فارق معايا في كل ده الا حاجه واحده بس، اللي بين قاسم وبين حوريه عشان يفضل متمسك بيها ويحميها مننا.. مش عاوز حد يقربلها أنت وضربك و اخذها منك ولما بعتله رجال يجيبوها برده ضربهم عشانها"
نظر إليها جواد بتعجب و هو يقول بخفوت" انا برده مستغرب واخر حاجه كنت اتوقعها الاثنين مع بعض"
ضاقت عينيها متحدث بشك" هما في سابق معرفه كانت ما بينهم ولا ايه "
هز رأسه جواد برفض قائلا بجدية" لا خالص ولا كان يعرفها واول مره يشوفها لما خرجت مع جاد قبل ما يموت وشافهم قاسم بالصدفه وما كانش حتي بيديها اي اهتمام بعد كده لما يشوفها في اي مكان معنا يبقى ليه دلوقت بيعمل كده "
صكت ناريمان علي أسنانها بغضب شديد و هي تقول بحقد" قاسم ده لازم يطلع في كل مشاكلنا ويعكنن علينا مش بعيد يكون بيحميها عشان موتت اخوك، طبعا تلاقي فرحان دلوقت ومبسوط وشمتان فينا، مش عارفه أمتي هخلص منه، من ساعه ما دخل حياتنا وهي ادمرت بسببه"
ساد الهدوء والصمت قليلاً حتي سمعت ناريمان هاتفها يرن و ابتسمت بسخرية و أجابت،ليتحدث عتمان بهدوء و هو عبر الهاتف متسائلا باهتمام" عرفتي حاجه عن حوريه عمال احاول مع امها انها تعترف هربتها فين ومش راضيه تقول وشكلها فعلا ما تعرفش حاجه"
لتقول ناريمان بتهكم وغضب" عاوز تعرف بنت ابنك المصونه فين دلوقت حاضر، بس ما ترجعش تزعل لما اقول عليك كبرت وخرفت ومش عارف تربي حفيدتك اللي ادايره على حل شعرها كل شويه مع راجل شكل"
جز علي أسنانه قائلاً بضيق" قصري في كلامك وقولي هي فين يا ناريمان"
صمتت ثواني معدودة وبعدها و هي تقول بصوت خافت كالفحيح" الهانم حفيدتك هربانه مع قاسم السيوفي.. شوفي أنت بقي اللي بينهم عشان حفيدتك تهرب معه "
**
انطلق قاسم بسيارته يشق بها الطريق بسرعة وعقله لا يتوقف عن التفكير أن سيذهب الان في عتمة الليل هكذا وهي معه فكر أن يتصل به جمال ليجد لهم مكان لكن في هذا الوقت لم يجد مكان جيداً لهما، إلا الاماكن الذي تخصه هو بعد ما حدث منذ قليل لم يثق في هذه الاماكن ليذهب اليها فبالتاكيد سيعرفون مكانهم بسهوله لذلك يريد ان يختبئ في مكان لا يعلمون عنه شيئا، تنهد يضرب رأسه بخفة وهو يعقد حاجبيه بانزعاج فكل ما يحدث بسبب هروبها منه و وجدها جواد و بالطبع هو من اخبار والدته!. لكن يعرف أنها لن تثق فيه بسهوله ومعها كل الحق ليؤنب نفسه هو السبب فيما حدث لها الآن وما هو قادم بسبب فعلته الشنيعه تجاها.
كانت جانبه حوريه لتضع يدها علي وجنتيها وتنظر من خارج الزجاج ودموعها تنسدل بصمت نظر إليها قاسم بطرف عينه وهو يسوق ولاحظ دموعها تنساب لا يعرف تبكي من العجز او من الندم،بعد فترة انزوي بسيارته جانبًا قائلا بعد تفكير" احنا مش هينفع نروح في اي حته دلوقتي بالليل غير اننا نشوف لنا فندق ناخذ فيه اوضه"
شخصت عيناها حوريه بقوة وانبتهت له فأردفت بصدمة وقلق"لا طبعا مش هينفع "
ضرب علي المقود بحدة وعيناه تجوب الطريق قائلا" حوريه كفايه جدل انا مش هاخذ رايك احنا ما قدامناش حل غيره وبعدين انا من رايي تسكتي خالص لان بسببك عرفوا مكاننا"
أغرورقت عيناها الدموع وابتلعت ريقها تقول بتوتر" وانا مالي"
ابتسم قاسم بخفوت وسخرية وهو يقول بعضب" مالك ازاي مش انتي برضه اللي ضربتيني وهربتي وجواد شافك ومسكك ولوله لحقتك على اخر لحظه كان زمانك دلوقتي معاهم ثاني ويعالم هيعملوا فيكي ايه المره دي.. اكيد بعد ما سبناه اتصل بيهم هو اللي قال لهم أنك معايا"
مسحت دموعها بهدوء وهتفت بتصميم"
تمام متضايق قوي كده من اللي حصل وانك اتورط معايا سيبني، ما حدش اجبرك على اللي انت بتعمله "
أومأ قاسم بهدوء وهتف بضيق" فعلا ما حدش بيجبرني على حاجه وانا بساعدك عشان انا عاوز كده يلا انزلي قادمي"
هبط قاسم و ذهبت يفتح الباب الي حوريه التي ظلت لحظات مترددة في النزول حتي جز علي أسنانه بغضب قائلاً" حوريه يلا انزلي مش هفضل مستني كثير "
وجدتها تبتلع لعابها بتوتر وعلي وجهها معالم الخوف وهمست بنبرة مرتجفة"طب استنى تعالي نشوف اي مكان غير الفندق مش هينفع عشـ. "
أقترب منها قاسم بضيق شديد وعيناه مثبتة عليها تكاد نظراته تحرقها وهو واقف ليجذبها دون أن يستمع باقي الحديث منها وذهبوا داخل فندق أقل من العادي وكان يقصد ذلك قاسم حتي يصعب الوصول إليهما وغير ذلك يعلم ان حوريه ليس لديها بطاقه ومطلوبه من قبل الشرطه، لكن سوف يحاول حل طلب بطاقه حوريه بالاموال.
**
بعد فترة وجيزة، انخلع قلب حوريه بعنف عندما خطت خطواتها داخل غرفة الفندق واغلق قاسم الباب عليهم و ذهب بتعب شديد يجلس على الأريكة وهو يمسح علي وجهه من شدة الارهاق، ليرفع راسه إليها قائلا" ايه هتفضلي واقفه كثير ما تقعدي "
انتبهت حورية إليه وهي تشعر قلبها يخفق بقوة من الخوف" هو ازاي صاحب الفندق وافق يديلك الاوضه وانا معيش بطاقه، وليه ما حجزتليش اوضه لوحدي"
هز رأسه بعدم مبالاه وهي يجيب عليها"
ما رضيش بسهوله اكيد وقلتلة أن البطاقه ضاعت منك معكيش اي اوراق اثبات اما احنا الاثنين في اوضه واحده ليه عشان انا قلتله ان احنا متجوزين!. "
اتسعت عينا حوريه بدهشة وقالت بغضب" افندم وانت ازاي تقول له حاجه زي كده"
زفر قاسم بضيق وقال بنفاذ صبر وهو يتجه نحو المرحاض" كنت مضطر اعمل كده خلاص ليلة و هتعدي انا هروح أغسل وشي عشان افوق شويه"
ثم دلف قاسم إلي المرحاض بحده ولم يعطها فرصة للتحدث أو للاعتراض أما حورية فقد استشاط غضبًا من حركته واستسلمت للأمر لتتحرك بخطوات ببطء وقلبها يكاد القلق يأكله من التوجد هنا بداخل فندق مع شخص غريب،
ثم شردت بملامحها المرعبة وهي تتذكر أحداث اغتصبها التي كانت بداخل فندق أيضا ليلة زفافها مجرد التذكر قشعر بدنها لذلك كانت مصره على ان لا تدخل اي فندق مره ثانيه ما زالت لا تستطيع النسيان ولا التخطي ذلك الحادث فرت دمعة هاربة من عينيها من الألم الذي يخترق قلبها.
خرج قاسم من المرحاض وهو يجفف شعره قائلا متسائلا" لو محتاجه الحمام اتفضلي"
صمتت حورية ولم تجيب وكانت ما تفكر به هو الحادث وتفاصيل اغتصابها التي مازالت صدي صوتها المستغيث يتردد في أذنيها كالطبل، أغمضت عينيها بقوة تحاول عدم التفكير في ذلك، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.. فتحت عينيها علي مصرعيها عندما شعرت بـ قاسم يرتب علي كتفها برفق وهي ينده باسمها عدد مرات بقلق" حوريه مالك انتي كويسة"
انتفضت من آثار لمسته ونهضت بسرعه تبعد يده عنها بعنف وقالت بصوت مرتبك" انا كويسه ما تلمسنيش قلتلك قبل كده مالكش دعوه بي"
أبتعد عنها قاسم بخطوات بسيطة قائلا بضيق"
اسف ما كانش قصدي بس عمال انده عليكي ما بترديش كنت مضطر المسك.. شكلك تعبانه انا هطلب اكل لينا "
كادت أن تتحدث وتعترض ليشير قاسم بيده إليها بانزعاج قائلا بتحذير" من غير اعتراض احنا مش ناقصين حالتك تسوا واحنا في الوضع ده مش هنعرف نتصرف وكمان نسينا الادويه اللي كتبهالك الدكتور هناك هبعت اجيب غيرها وبرده هتاخذيها"
بعد فترة قصيرة كانوا يجلسون بجانب بعض بالفندق يأكلون بهدوء حتي لاحظ قاسم توقف حوريه عن الطعام فجاه وهي تنظر حولها بارتباك وتوتر تنهد قاسم وهو يجلس جوارها و أمسك هو بصحن الحساء و مد يده نحو فمها بالملعقة أنتبهت إليه هي تعقد ما بين حاجبيها بتعجب و هي تنظر إليه بعدم فهم من أنه يفعل ذلك، لتنقل بصرها بينه و بين الطعام و هي تبتلع ريقها بتوتر ليشير بعينه الي بطنها و هو يقول" شايفك سرحانه ومش مركزه ولا ولا مهتمه بالاكل .. افتحي بوقه عشان ابنك و عشان صحتك"
هزت رأسها بانزعاج من كلمه طفلها ليمد يده مرة أخري بالطعام و هو يقول بخفوت" حوريه
لازم تأكلي و تاخدي علاجك انا لسه قائل لك مش ناقصين يحصل لك حاجه"
تنهدت حوريه وهزت راسها بإيجابية موافقة و هي تشعر بالقلق والتوتر مزال يغمر روحها لكن ليس عليها سوي ان تتحمل حتي يأتي الصباح
و ترحل لتفتح فمها تستقبل الطعام من يده
ابتسم قاسم بحنان وهو يراها تأكل من يده بالفعل ومد يده بالطعام مره ثانيه إليها و هو يتأملها و هي تأكل تغمض عينها لينظر علي بطنها و كأنه يستشعر صغيره باهتمامة بي و بوالدته.
فتحت فمها وهي تستقبل منة الطعام مره ثانيه وهي مغمض العينين شارده.. ليشرد هو الآخر في ملامحها الجاذبة رغم التعب الشديد الذي بها لكنها مازالت جميله و رقيقه، لتسقط خصله من شعرها متمرده انتبه قاسم لها ليرفع يده دون وعي و يضعها خلف أذنها ومسد علي خصلات شعرها بحنان، فتحت عينيها حوريه وانتفضت تبعد يده بعنف شديد
تحولت ابتسامته الي حزينة و هو يعلم خوفها جيدا انتهي الطعام و وضعه جانباً ونهضت هي بسرعة الي الفراش تضم قدمها الي حضنها ونهض هو الآخر خلفها و أمسك بالدواء الموضوع علي الطاولة جانب الفراش و يمسك بكأس الماء الموضوع جواره و يمد يده لها لتأخذ دواءها نظرت إليه ثم اخذته منه باستسلام.
وبعدها ذهب و تسطح هو علي الأريكة و هو يقول بهدوء" انا هنام هنا وبكره ان شاء الله هنمشي لو احتاجتي حاجه ما تتردتيش تصحيني "
لكن حورية لم تجيب وظلت مكانها تشعر بالقلق لتغمض عينيها حتي تذهب في النوم لعلها تتوقف عن افكارها السيئه وتنام، وعندما أغلق قاسم الأنوار صرخت بقوه" لااااااااا "
أشعل النور بسرعه واقترب منها بلهفة متسائلا بقلق"في ايه مالك انتي كويسه "
بلعت حوريه لعابها بقلق ثم هتفت بنبرة حاولت أن تكون طبيعية" ممكن ما تطفيش النور لو سمحت مش بحب انام في الظلمه"
تنهد قاسم بضيق وقال" يعني انتي صرخت عشان كده يا شيخه خضتيني.. بس انا ما بعرفش انام في النور "
لتقول بصوت عالي تكاد احبالها الصوتية أن تتمزق من قوة نبرتها" وانا مش عاوزه ظـلمـه تــانــي مــش عـــاوزه"
إنتفض قاسم علي أثر صراخها واتسعت عينا قاسم بدهشة وقلق" اهدي يا حورية في ايه بس مالك ايه اللي حصل لكل ده .. كل ده عشان عاوزه اسيب النور "
سحبت نفسها للخلف حتي وصلت للجدار الفراش وقد ضمت ركبتيها لصدرها واضعة رأسها عليهما تثبت نظراتها عليه وقد هربت عبراتها من مقلتيها" انا مش عاوزه ظلمه ولا عاوزه ابات في فندق ثاني من وقت اللي حصل مش عــاوزة.. من وقت ما جئنا هنا وانا عمال افتكر كل حاجه الامطار.. واصوات الرعد ..و الظلمه.. و آآآ اغتصابي"
صمت لتتحول ملامحه الغاضبة الي أخري قلق مذعورة علي تلك الصغيره التي تكورت علي نفسها تبكي بضعف والألم يحاوط جسدها من كل حدب،كانت عيناه جاحظة فكيف يمكنه ببساطة أن يقتل روحها بذلك الهدوء ويتركها تصارع بين الموت بمفردها، شعر بدمعه كادت أن تفر من عينه لكنه اشاح وجهه متألم عليها وهو يستمع كلامها المؤلمه.
تأملت الغرفه لبرهه من الوقت وعقلها يتزاحم بالأفكار برعب وهي تضغط روحها المتألمة" مش قادره انام في الجو ده ولا استحمل حاسه اول ما اغمض عيني هلاقي داخل عليا وبيعمل نفس اللي عمله فيا"
ابتلع قاسم ريقه بصعوبة بالغة وشعر بالاستحقار من نفسه بشدة ثم تمتم بنبرة يملؤها العجز والندم" وما قلتليش ليه قبل ما نطلع الفندق"
نظرت إليه بعتاب فهي في الاسفل كانت ستقول له ولكن هو لم يعطيها الفرصه، أغمض عينيه بضيق شديد من نفسه و انفاسه هادرة كانة كان يتسارع مع أحد وكان يفعل مجهود كبير، فتح عيناه يهتف ببعض العبرات المطمئنة" متخافيش أنا جنبك محدش هيقدر يأذيكِ طول ما أنا موجود.. ما فيش حاجه هتحصل من اللي انتي خايفه منها تاني"
صمتت ولم تجيب وكانت دموعها مازالت تتساقط بغزارة تنفس بعمق هاتف بهدوء زائف" هو انا بصراحه صعب نمشي من هنا في الوقت ده ونشوف مكان ثاني الوقت اتاخر قوي"
لاحظ أنه كلماته جعلت الرعب يتغلل أوصالها
ليقول قاسم بسرعه" بس ما تخافيش انا عندي حل افضل هاسيب النور زي ما انتي عاوزه وهفضل صاحي جنبك عشان تتاكدي ان ما فيش حاجه هتحصلك"
نظرت إليه بأمل ومسحت دموعها لينهض و ليمد يده إليها يحثها علي النوم لكي تتسطح علي الفراش ترددت في بادئ الأمر لكن مع نظراته المشجعة لها وإبتسماته الصافية، همست بخفوت وعبراتها تهبط بضعف" هتفضل صاحي جنبي بجد ومش هتنام"
إبتسم الأخر وهز رأسه بنفي قائلا"وعد مني مش هتغمض لي عين غير لما اطمئن عليكي انك نمتي الاول.. ومش هطفي النور كمان ما تقلقيش"
شعرت قفز قلبها بأمل يكاد يعانق السماء عندما إستمعت كلماته التي دغدغت جوراحها بقوة ثم ابتلعت ريقها بصعوبة ثم بتردد وحذر مدّت يدها إليه ومددت جسدها براحة ليدثرها بالغطاء عليها وهي تشعر باضطراب أنفاسها ثم لتغمض عينها تريد النوم لينحني قاسم يجلس بالارض جانبها، لتفتح هي عينها ببطء لتتأكد هل بالفعل مزال يجلس ام ذهب للنوم و لتشعر به جانبها لتنظر إليه و تجده يبتسم قائلاً بهدوء "تصبحي علي خير "
هزت رأسها بإيجابية ثم أغمضت عينها بقوة مره ثانيه و قد مر ساعة وهو مزال يجلس جانبها أسفل الفراش حتي يحميها من خوفها و تركها لتنعم بالنوم براحه وكان كل ذلك الوقت يضع يده تحت وجنته و يتأمل وجهها الغافي قليلاً حتي ابتسم دون شعور منه هو ينظر إليها بعمق.
وفجاه أنتبه لنفسه ليحيد بنظره بعيدا عنها حتى لا تقع عيناه عليها مره ثانيه بضيق شديد من نفسه الا انه فشل اكثر من مره بتوتر ليشعر بالغضب يستولي عليه وهو يتأمل سكونها، ثم فاق من شروده حين أستمع الي صوت هاتفه يرن وحين أجاب ليقول جمال هادرا بقلق شديد"الو يا قاسم اخبارك ايه انت كويس ايه اللي حصل ده انا جيتلك لقيت البيت بالشكل ده اتخضيت "
هتف بضيق شديد و اختناق"ما تقلقيش يا جمال احنا كويسين"
ليبدأ قاسم يقص عليه ما حدث بتفاصيل بهدوء ليجيب جمال و هو يتنهد بأسي"يعني انت دلوقت قاعد في الفندق انت وهي، بس كده مش امان عليكم ممكن يعرفوا مكانكم بسهوله، و اكيد صاحب الفندق اخذ منك البطاقه صح و بياناتك"
أجاب و هو يتنهد بضيق لـ يأخذ نفساً عميقاً ثم يزفره علي مهل و هو يقول بجدية" عارف كل ده يا جمال احنا بس هنقضي اليوم النهارده مؤقتا عشان الوقت اتاخر وثاني يوم الصبح هنمشي على طول، بس عاوزك تشوف لي مكان بسرعه يكون امان بعيد عن العيون"
هز رأسه جمال بتفهم و هو يقول بهدوء "
تمام يا قاسم بكره الصبح هتلاقي المكان موجود، المهم اللي اسمها تالا دي كل شويه تيجي لي الشركه وتسال عليك عاوزه تقابلك بتقول عاوزك في موضوع الشغل كان بينكم"
ليتنهد بضيق شديد قاسم وهو يتحرك في الغرفه ويصيح بصوت غاضب دون ادراك منه"
هي عايزه إيه دي كمان هو انا ناقصها "
فتحت عينيها حوريه ببطء وخمول علي صوته العالي وهي تتقلب بالفراش بانزعاج حتي جسدها تصلب و هي تستمع إليه يقول بعصبية قائلا" مش كفايه اللي عملته هي فاكراني ناسي، انا بس ساكت الايام دي عليها عشان اللي فيه واللي حصل انما بعد كده والله ما هسيبها غير لما اجيب حقي منها وادمرها زي ما عملت فيا و دي اقل حاجه اعملها فيها"
شهقت حوريه بصوت خافض بخوف شديد بمفاجأة وذهول واعتقدت أنه يتحدث عنها هي وأنه سوف يدمرها كما قال،و من الواضح أن الأمر يكن كما فهمت و توقعت من البداية بل إن الكارثة التي وقعت بها ليست بهينة وقاسم بالفعل يريد منها الانتقام.
**
في الصباح اليوم التالي، كانت خيوط الشمس تتخلل من بين ستائر غرفه الفندق تتوجه ناحيته وتزعجه في منامته حتي استيقظ بانزعاج يوضع يده اعلي عيناه تجحت عنه الشمس ومن ثم عندما بدأ يعتاد علي إضاءة الغرفة لكن ألم ظهره الحاد كان أقوي دافع للاستيقاظ وفتح قاسم عينه وتنهد ناظر حوله الي الغرفة وهو مزال ينام علي الأرض وقام بتكاسل في النهوض وهو يعقد حاجبيه من الألم يخترق ظهره ونظر إلى الفراش بإرهاق وجده فارغ وحوريه ليس عليه؟.
استغرب بشده والتفت خلفه ينظر علي الأريكة وجد التخت فارغ هو أيضا دهش من اختفائها وشعر بقلق ليتحرك وهو يبحث عنها في المرحاض طرق الباب عددا مرات بحذر حتي فتحه وعندما لم يجدها أيضا دب الرعب في اوصاله ليعرف أنها استغلت نومة وتركته ورحلت مره ثانيه وعند هذه النقطة أسرع يفتح باب الغرفة وهرول للاسفل يبحث عنها في كل مكان!.
كانت حوريه في ذلك الاثنا تبحث عن مخرج لها لتهرب منه، لتجدة فجاه بهتت تلك الواقفة بعيد يبحث حوله يمين ويسار بلهفة لتبتلع ريقها بتوتر و هي وتركض بعيد عنه في الاتجاه الاخر حتي وصلت إلي غرفه المرحاض وفتحت الباب ودلفت تختبئ هنا قليلا حتى يرحل، لكن لم تلاحظ تلك الافتة التي مكتوب بالخارج
"ممنوع الدخول الان يوجد صيانه بالداخل "
اغلقت الباب بإحكام خلفها وتنهدت براحه قليلا
وعندما ألتفت خلفها لتجد من جعل من جسدها يتجمد و أطرافها أصبحت باردة كـ الثلج كان هناك عامل بالداخل بمفرده وعندما وجدها دلفت ترك ما بيده و هو يتطلع إليها بخبث و يمشط نظراته المقزز الي جسدها حول ما ترتدي من ملابس مريحة ترسم تفاصيل جسدها بعناية و تجعلها كتلة إثارة لا تقاوم وخصلات شعرها الطويل التي انسدلت علي وجهها بشكل قاطع للانفاس، تقدم منها مثل الفهد قد حصل للتو علي فريسته بعد جوع!.
رجعت للخلف بزعر وخوف عندما رأته يقترب منها ألتفتت سريعه حتي تفتح الباب لترحل
ليحاوط خصرها و يقربها منه ملتصقة به و حاوطها بيد يثبتها رغم اعتراضها و تلويها ليسحبها الى الداخل بعيد عن الباب وجاءت لتصرخ تستغيث بأحد لكن كان هو الاسرع وكمم فمها بيده الأخري وكاد ان يقبلها
لكن إستجمعت قوتها وشجاعتها بلحظه ودفعت جسدها للخلف بقوه حتي تحررت من بين يديه لتركض نحو الباب تفتحه لكن أمسك الأخري بها مره ثانيه مقتربًا منها لا يفصل بينهما شئ أمسكها بقوة نتيجه لحركتها الزائدة تريد الخلاص منه باي شكل، نظرت إليه وابتسامة مجنونه تزين وجهه ،إنسدلت دموع حوريه بضعف لا تعلم ما أصابها لتبدأ تتذكر طيف ذكريات اغتصابها واغمضت عينيها برفض واعتراض وعبراتها تهبط بضعف لا تريد ان يحدث معها ذلك مره ثانيه، فصعب الروح تقتل مرتين.
أفاقت من غيبوبتها القصيرة تصرخ بذعر لتتعالي صراخاتها أكثر تهز رأسها بعنف تحاول الهروب من ما يحدث لها، لكن الأخر غير مهتم ليخلع قميصه ويتقدم منها.. حتي وجد نفسه ملقي بالارض يتلوي من الألم رفعت حوريه عيناها قليلا المملئه بالدموع وابتسمت بأمل عندما وجدت حاميها يقف كالأسد يلوي ظهره لها وهي خلفه يحميها وجدت كحائط بشري يسد عنها الطريق و قد اصبحت غير مرئية بالمرة.
وفي لحظات اندفع قاسم يسدد له الضربات المبرحة في كل مكان في جسده، واستمر يلكمه بكل ما اوتي من قوة له حتي تشوه وجهه أثر لكماته القوية الغاضبة وإنفجرت الدماء من وجهه كالبركان لكنه لم يكتفي قاسم من ذلك و أمسك الاخر رقبته يجذبه بعنف نحوه و هو يقبض عليه بغضب شديد يخنق به تأوة الآخر بألم شديد حتي كاد أن يموت.
اعتدلت حوريه بجزعها الاعلي ونهضت بسرعه تبعدة عنه وهو أشد شراسة لتصرخ به هادراً" خلاص سيبه هيموت.. ابعد عنه خلاص.. قاااااسم بلاش"
كأن و لم يعد يري اي شئ أمامه سوا ذلك الحقير فهو كان يمر بالخارج واستمع صوت استغاثه منها ليدلف يتفاجئ به يحاول يغتصبها رغم اعتراضها الشديد وبعدها لم يشعر بنفسه إلي وهو يندفع اليه يضربه بكل قوه، ليتوقف فجاه حين سمعها تهتف بإسمه لاول مره وانتبه الي نفسه ليتركه اخيرا يسقط أرضاً ونظر إليها وهو يتنفس بالغضب الشديد
لتشهق هي بألم شديد داخلها و الدموع تتلألأ و هي علي وشك البكاء بصعوبة، لكنها تمنع نفسها بصعوبة أن تبكي أمامه ثم شعرت به يتقدم خطوة لتعود هي الي الخلف و هي تتنفس بصعوبة بالغة و اختناق يكاد يفتك بها
وهو مزال يتقدم منها اخيرا حتي لا تجد فرصة للعودة الي الخلف ليمسك بيده ذراعيها برفق و هو يهمس باهتمام " انتي كويسه"
نظرت إليه وهنا لم تستطيع الكتمان تضع يدها علي وجهها و تبكي بقوة و عنف من اعماق قلبها المنهك بالحزن فقد كانت ستغتصب مره ثانيه لتختنق وهي تجهش ببكاء حاد
تطلع إليها بخوف حقيقي و عيناه التي تلمع بالقلق مسد علي كتفها بحنان حتي كاد أن يجذبها الي أحضانه حتي يطمنها، لكن سرعان ما جحظت حوريه عيناها بصدمة وهي تصرخ بإسمه بخشونة أن يحذر وهي تراقب الطعنة الموجهه إليه فقد آفاق ذلك الآخر وتقدم وعلي محياة بسمة خبيثة وهو يقترب منهم بشر يحمل سكينه حاد كاد أن يلتفت قاسم بدهشة لتفاجئ بتلك الطعنة بكتفه بقوة تتبعها سيل من الدماء اترعب الأخر ليفر هاربًا من المكان بأكمله يحاول النجاة بنفسه، فصرخت حورية عاليًا برعب شديد تستنجد بأي أحد بينما توقفت أنظارها نحو قاسم بصدمة تراقب جسده يميل جهتها ليقع بين أحضانها.
سقطت حورية أرضاً وهو باحضانها ولم تستطع التوازن اكثر من ذلك من ثقل جسده وامسكت به بقوة قبل أن يفقد إتزانه لتسنده هي بسرعة فحاوط خصره بيدها يتكأ عليها وقلبها يقرع بقوة عندما وجت بعض الدماء بيدها لتصرخ بقوه" لااا قااااسم .. قاسم ردي عليا سامعني أنت كويس"
رأته يمسك كتفه يتأوه بضعف واغمض عينه بوهن،راقبت عدم إتزانه بقلق شديد لتهتف في سرعة بين بكائها بمرارة" قااااسم رد عليا عشان خاطري ما تسيبني.. قاااااااسم"
أمسك رأسه يجيبها بضعف" آآه اهدي انا كويس ما تخافيش"
لينظر لعيناها مباشرة ليجد فيها دموع برجاء لتطلع إليه لبرهه فلمح تهتف بضعف وسط شهقات بكائها تمزق داخلها و داخله" انا مش اتصرف قولي اعمل ايه.. قاسم طب اتحمل شويه عشان خاطري لحد ما اطلب حد يساعدك من بره"
ليمسك يدها يهتف بحنوِ بألم قائلا بوهن " لاا
جمال اتصلي بجمال يا حوريه من تليفوني هتلاقيها اخر نمره... آآآه و قوليله يجي آآآه"
لتنظر إليه بفزع شديد لتجده فاقدًا للوعي هزت رأسها بعدم تصديق إجهشت في بكاء عنيف بحزن وألمًا تصرخ بقوة" قـااااااااااسـم"
**
بداخل فيلا عائلة عتمان زاهي، كان هو يجلس علي الأريكة و هو يتنهد بضيق شديد و اختناق منذ أن أغلق الهاتف مع ناريمان وأخبرته أن حورية الان هاربه مع قاسم السيوفي الذي كان شقيق المرحوم جاد بالتبني وهو على ذلك الحاله، لا يعرف اين سـتصل وتنتهي افعال حفيده حورية من جنونها فكل يوم في تزايد من مشاكل بسببها، قتلت زوجها وحملت في طفل لا يعرف من والده حتى الان و وانتهى بها الامر هاربها مع رجل غريب عنها، زمجر بعنف و هو يركل ما يوجد اعلي الطاولة و هو يتنفس بقوة و صدره يعلو و يهبط بشدة ليصرخ بأسم والدتها بدرية التي أتت علي الفور بفزع من صوت صراخه الحاد و تقدمت ميسون إلي الداخل و هي تقول بقلق" في اية يا بابا بتزعق لية "
تطلع إلي بدريه التي تقف خلفها بتوتر و هو ينظر إليها بحدة حتي تقدم نحوها وقف يلوح بيده و هو يصرخ بها بحدة" في اني انا مش ناوي اخلص من مشاكل الزفته حورية.. مش دي بنتك حبيبتك اللي هربتيها اهي بنتك فضحتنا دلوقت و رايحه تتصرمح مع الرجاله
اتسعت عينا بدريه بصدمه و بعدم فهم حين
نطق عتمان بأحد الألفاظ البذيئة يصف بها هي و ابنتها حتي اكمل هو بصراخ عالي و عصبية شديدة" ناريمان لسة قافل معايا دلوقتي وقالتلي انها عرفت مكانها وطلعت هربانه مع قاسم السيوفي اللي متبنينه بنتك ما لقيتش غير ده اللي ما نعرفش اي حاجه عنه ولا أهله مين وتهرب معاة "
لتشهق بدريه بذهول واستنكار و هي تنظر إليه بصدمة والتفتت ميسون إليها تصيح بقسوة وغضب" هي البنت دي ايه شيطانه، عاوزه تجيب اجلنا واحد وراء الثاني بسبب عمايلها، هنقعد نشيل وراءها قرفها لحد امتى هي دي تربيتك يا ست بدريه"
مسح عتمان وجهه بعنف و هو يقول بغضب و هو يشهر سبابته بوجه بدريه و يقول بوعيد" اقسم بالله بنتك دي لو لقيتها المره دي ما هاسيبها غير وهي جثة عشان اللي زي دي حلال فيها الموت وكفايه فضايح لحد كده"
هزت بدريه رأسها بعدم تصديق وصدمة وهبطت دموعها وهي تقول" لا مستحيل حوريه تعمل كده اكيد في حاجه غلط انا بنتي مش كده"
جزت ميسون علي أسنانها بضيق تصيح بحده"انتي لسه هتدفعي عنها بدل ما تروحي بنفسك تقتليها وتلمي شرفك اللي بنتك مرمغته في التراب، وبعدين مستنيه منها ايه ثاني الهانم حامل ومش من جوزها مصدومين من عمايلها ليه ما هي اللي تعمل كده تعمل اكثر"
نظرت بدريه نحوها و صرخت بها بنبرة حاد "حسبي على كلامك يا ميسون انا بنتي متربيه كويس واللي في بطنها ده جي نتيجه اغتصاب يعني مش برضاها وانا مصدقه بنتي ما تعملش كده"
احمرت عينيه بغضب شديد واقترب أزاح ميسون من أمامها و هو يقول بشر "اقسم بالله هقتلك يا بدريه لو ما مشتيش من قدامي دلوقت.. بتدافع علي مين هو انتي مصدقه الهبل اللي عماله تقوله عشان تداري على فضيحتها .. غوووووري"
نظرت بدريه الي الاثنين وهي تقضم شفتيها من صرختها المكتومة بيدها بخوف شديد علي ابنتها الصغيرة ثم تحركت بخطوات متثاقلة لترحل، بينما اشتد عتمان غضب وهو ينظر إليها يتنهد بضيق لـ يأخذ نفساً مرددا" الله يسامحك يا اسامه ويرحمك هي دي اللي وقفت قصادي عشانها"
**
في منزل بعيد وسط الأشجار بداخل كوخ كان قاسم متسطح علي الفراش دون حركه عاري الصدر و كتفه ملفوف بشاش ابيض، و جانب الفراش كانت حورية تجلس بالاسفل بالغرفة بها وتضع رأسها علي الفراش تنكمش علي نفسها بقوة وتغمض عينيها بتعب وإرهاق فهي ظلت يقارب اكتر من ساعات ساهرة جانبه حتي تطمن عليه بعد أن اصاب بسببها عندما حاول ينقذها من ذلك الراجل، كادت أن تضيع مره ثانيه لولا جاء هو بالوقت المناسب.
فبعد أن فقد الوعي قاسم وسقط داخل أحضانها ظلت تصرخ باستغاثه واتصلت بي جمال كما قال لها وجاء علي الفور بقلق شديد
و وصل جمال الي المكان الذي أرسلته له حوريه و ساعدهم و نقل قاسم وحورية الي ذلك المنزل بعيد عن الانظار وبعدها طلب اليه طبيب يكشف عليه وقال ان الجرح سطحه ولا يحتاج لكل ذلك القلق.
فتح قاسم عيناه فجاه بحده و تقسم صدره بغضب و هو يستيقظ من النوم وجهه غارقاً بالعرق كان يراها في نومه وكان يحلم بما حدث وتفاصيل محاولة اغتصابها، لينظر حوله بلهفة شديدة حتي تنهد براحة غريبة احتاجت صدره حين طمئن نفسه انها بخير أمامه، تنفس بعمق وتعب وهو ينظر إليها وهي كانت تجلس أسفل الفراش جواره نائمه تطلع فيها و هو يزفر أنفاسه علي مهل و رفع يده يضعها علي رأسها بخفه وهتف باسمها لكنها لم تجيب من التعب.
ليرفع يده بتردد يريد ان يبعد خصلات شعرها بخفه عن وجهها الذي تزعجها لكنه يخشي الاقتراب وأن تستيقظ، تنهد و هو يتأملها بتروي و هدوء و هو يشعر بنفسه يهدئ رويداً رويداً و بتمهل كان يتأمل تفاصيل وجهها وعيونها المغلقة التي تزينها اهدابها الكثيفة وانفها الصغير الاحمر مع وجنتيها توقف و هو يتأملها ثم رفع سبابته وابعد خصلاتها عن وجهها بهدوء شديد.
لترفع رأسها لتجده هو ذاته يفتح عيناه لتنظر إليه بنعاس ثم أنتبهت الي نفسها و ابعدت يده عنها و هي تبتعد الي الخلف و نهضت سريعاً و هي تقول بقلق" انت صحيت اخيرا انت كويس كتفك بيوجعك"
اعتدل في جلسته وهمس بنبرة بخفوت"
وجع بسيط جمال اللي جابنا هنا "
أومأت بتفهم منتبهه فحمحمت بربكة طفيفة"
ايوه هو إللي جبنا هنا وبعد كده اتصل بالدكتور وكشف عليك وقال لنا ان جرحك بسيط.. هو بره علي فكره لسه ما مشيش "
هتف قاسم بصوت هادئه مرددا" طب اقعدي وبعدين اللي مقعدك كده تحت نايمه هنا ليه"
تنحنحت بتوتر وهي تشيح ببصرها عنه وهو يجلس أمامها عاري الصدر وصمتت قليلاً تبحث عن حجة و هي تنظر حولها بتوتر حتي نظرت إليه و هي تفرك أصابعها لتقول بسرعة" هاه كنت مستنياك تفوق "
اشاره إليها تجلس ترتاح وهو يتابع كل تفاصيل حركتها المتوترة ثم ليهز رأسه بايجاب و هو يقول بنبرة غامضة" تصدقي قبل ما افوق كنت بحلم بيكي، متهيالي كانت تفاصيل الحلم انك ماسكه فيا وعماله تصرخي بخوف وتقولي لي ما تسبنيش يا قاسم انا مش عارفه اتصرف من غيرك إزاي "
لتنظر إليه بذهول و أعين متسعة علي آخرها وفكها يكاد يسقط أرضاً من شدة الصدمة فهي لم تعتقد أن يكون سمعها وهو بذلك الحالة ومتذكر حديثها فهي رغم كانت تود الهروب منه لكن لا تعرف لماذا شعرت قرع قلبها خوفًا عندما رأته يصارع الموت وكانت لا تريده أن يذهب ويتركها ربما لأن الوحيد الذي يصدقها و يساعدها في الهروب من الجميع، مسحت علي رقبتها بيدها بارتباك وتوتر وهي تنظر بعيد لتقول بضيق شديد" يبقى حلم فعلا عشان انا ما قلتش كده خالص تلاقيها تهيئات بتيجيلك"
ضايق عينه ينظر إلى وجهها وطريقتها التي تتحدث بها و هو يستمع ما تسرد باستماع تثير ضحكه ليبتسم قائلا" بجد يعني أنتي
ما كنتيش خايفه عليا ده انا كان ممكن اموت بسببك لو السكينه كانت جات في قلبي"
تمتمت بلهفة وبتوتر وجسدها يرتعش من الارتباك"بعد الشر عليك.. اكيد كنت خايفه يحصل لك حاجه بسببي الحمد لله انك بخير وفوقت مش عاوزه اشيل ذنب حد ثاني"
ثم بلعت حوريه ريقها بتلعثم ثم هتف بنبرة حاول أن تكون طبيعية" انما حكايه فضلت اصرخ واقول لك ما تسبنيش هي دي اللي تهيوات و محصلش"
نظر إليها قاسم بغيظ وقال حديثه بسخرية "بجد وكانت من ضمن التهيؤات برده انك كنتي عاوزه تهربي مني"
نظرت إليه بصعوبة و هي تهمس بارتجاف"
انا ما كنتش بهرب انت اللي فهمت غلط انا كنت بدور على الحمام عادي وبعد كده دخلت ولقيت الحيوان ده جوه "
هز رأسه قاسم بهدوء وهتف بضيق"بجد يعني انتي ما كنتيش عايزه تهربي مني تاني ..مش ناويه تبطلي يا حورية تهربي مني هتفضلي لحد امتى فكريني عدوك "
اغمضت عيناها بقوة وتوجس وهي تتذكر تفاصيل ذلك المكالمه بينه وبين جمال وهو يتحدث عن الانتقام منها، فتحت عينيها بحزن ونظرت إليه بملامح جامده من خادعه عليها المستمر وقالت بتهرب" انا قايمه اغسل وشي و اعمل لك حاجه تاكلها عشان تاخذ الدواء عن اذنك"
ابتسم قاسم بخفوت وسخرية عليها وصمت بيأس منها بينما هي كادت أن تنهض لكنها توقفت تنظر إليه بترتر وهي تفرك يدها في الجبس كأنها تريد التحدث بصعوبة، عقد حاجبيه باستغراب قائلا بجدية" عاوزه حاجه يا حوريه"
نهضت من مكانها عقب حديثه وتنحنحت بتوتر متأملة وجهه الجلية لتهتف بتردد وبإمتنان" اه هو آآ شكراً عشان انقذتني كان ممكن فعلا يحصلك حاجه بسببي متشكره أوي"
هز رأسه بهدوء مبتسم بهدوء يعقب" العفو
انا ما عملتش حاجه ده وجبي "
هزت رأسها بالايجابي وخرجت حورية من الغرفه نحو المطبخ لتجهز له وجبه خفيفه حتي يأخذ الأدوية بعدها وفي ذلك الأثناء قابلها جمال في طريقها إلي المطبخ وسألها باهتمام عن قاسم لترد بانه فاق واصبح بصحه جيده،ليذهب إليه علي الفور مبتسم براحه قائلا" حمد لله على سلامتك درعك عامل ايه دلوقتي"
أرجع قاسم ظهره للخلف وهتف بأعين ناعسة وهو يتفحص حورية عن بعد وهي تتحرك بالمطبخ بحريه أمامه بداخل المطبخ المطل علي الصاله بالخارج "الحمد لله كويس"
راقب جمال نظراته إليها ليبتسم يهتف قائلا"
فضلت سهرانه جنبك طول الليل وعماله تعيط وزعلانه علي اللي حصل لك بسببها قعد احاول معاها اقول لها ما لكيش ذنب بس فضلت محمله نفس ذنب اللي حصل لك وعقبت نفسها انها هتفضل جنبك لحد ما تصحى وتفوق وتطمن عليك "
جحظ بعيناه يتناقض تمامًا مع حديثه وأفعالها إليه بعدم تصديق وسرعان ما ابتسم قاسم بخفوت و تتمتم"شكراً يا جمال على مساعدتك"
نفي برأسه جمال مبتسم" ما فيش بينا شكر وانت عارف المهم انك تسترد صحتك وبعدها تشوف هتعمل ايه دلوقتي كله عارف انها معاك وهيبداوا يسالوا ويشكوا بتساعدها ليه "
رفع ذقنه يطالعه إليه بهدوء زائف ليقول وهو بيأس وضيق" عارف .. المهم هي تبطل هروب مني مش عارف هتفضل لحد امتى كده مش واثقه فيا ومتاكده ان انا هضرها "
أجاب جمال بنبرة جاد"ما تنتظرش منها حاجه غير كده في الوقت الحالي اللي شافته مش قليل يخليها ما تثقش في اي احد و بالذات انت"
كاد قاسم أن يتحدث لكنه وجد حورية تتقدم نحوهما تحمل بيدها صينيه الطعام و تسندها علي ذراعيها الملفوف بالجبس ودلفت لينهض جمال قائلا بهدوء" طب انا هقوم انا بره لحد ما تاكل وتاخذ الدواء "
تحرك جمال بخطوات الي الخارج لتقول حوريه بابتسامه رقيقة" انا عملت لحضرتك اكل وحطيته لك بره"
رفع قاسم رأسه وهو يتفحص ملامح ابتسامتها الجذابة الذي أول مرة يراها عن قرب، بينما نظر إليها جمال مبتسم بحنان قائلاً"بجد طب متشكر عشان فعلا كنت جعان عند اذنكم"
عندما خرج جمال بالخارج اقتربت حورية تضع صينيه الطعام فوق الطاولة جانب الفراش ثم سحبت قميصه و القيته بوجهه تأوه بألم وهو ينظر إليها بدهشة من فعلتها بينما هتفت هي بخشونة تهمس" ممكن تلبس القميص ما ينفعش المنظر اللي انت قاعد به قدامي ده انت مش لوحدك في البيت "
عقد حاجبيه قاسم وهتف بتهكم وغيظ" تروحي حدفاني بي ده انا كنت هموت بسببك يا شيخه.. اتفضلي تعالي ساعديني عشان البس بدل وشك إللي احمر ده "
احمرت وجنتيها بشده أكثر وهزت رأسها بلا فائدة ليخرج صوتها الرقيق حادًا" ما تلبسه من نفسك وبعدين انت هتزلني عشان ساعدتني كل شويه تقول لي كنت هموت عشانك.. كنت هموت عشانك"
لوي شفتيه باستخفاف وهو يقول باستفزاز"
امال تعرفي تعملي ايه تهربي مني وبس.. قربي يا حورية ساعديني البس وما تفكريش ان انا هعدي حكايه هروبك دي ولا صدقت كلامك
انك سيبتيني عشان تروحي الحمام مش تهربي"
جزت حوريه علي أسنانها بغضب وإنتفضت تنظر إليه بحدة وقد تخلت عن خجلها ورقتها لتصرخ بغيظ" ايوه يا قاسم كنت بهرب منك ارتحت كده، متهيالي بقى انت كمان تبطل لف ودوران وتخليك صريح معايا وتقول لي بتساعدني عشان عاوز مني ايه بالضبط ومن غير كذب عشان انا سمعتك امبارح باليله وقت ما كنا في الفندق"
ليرفع وجهه الجامد لها يطالعها بدهشة من كلماتها التي تبغضها قائلا بحده" هو ايه اللي سمعتيه؟.وبتتكلمي على ايه اصلا "
صرخت حوريه بألم وهي تغلي غضبًا منه فهي كانت بالفعل بدأت تثق فيه لتقول بهجوم شديد"ما قلتلك بطل لف ودوران انا سمعتك بالليل وانت بتتكلم مع حد وبتقولي أنت هتنتقم مني وعمرك ما هتسيبني غير لما تدمر حياتي،زي ما توقعت كل اللي انت بتعمله ده وراء حاجه وما عمرك ما هتساعدني كده لله في لله ولا هتقدر تنسى انا عملت ايه في أخوك ولا حتى هتصدق ان انا بريئه من كل ده"
كان قاسم صامت بتراقب ويستمع إلى حديثها وهجومها واتهامتها له ثم ابتسمت بسخرية مريرة وهتفت بتهكم وعيناه تملأها قهر من الدموع"لازم تعرف انا ما كنتش مصدقه اصلا من الاول ولا عمري هثق في حد بعد اللي انا شفته وبالذات انت يا قاسم"
هز رأسه بملامح جليديه جامده ثم اعتدل ونهض من أعلي الفراش بحده وتقدم نحوها يجذبها رغم عنها تحت صدمتها لا تعرف اين يأخذها وخرج للخارج،نهض جمال وترك الطعام باستغراب قائلا" مالك يا قاسم انت رايح فين اللي قومك وأنت تعبان "
هز قاسم رأسه برفض وهو يقول بجدية تامة"
خليت مكانك وهات مفتاح عربيتك "
عقد جمال حاجبيه بدهشة وقلق قائلا" ليه انت عاوز تروح فين قولي وانا اوصلك انت لسه تعبان "
امسكت حوريه بيد قاسم حتي تبعدها عنها و لكنه و كأن يده من فولاذ يقبض علي ذراعيها و لا يتركها أبداً لتتنهد بضيق شديد قائله تحذرة" اوعي ايدي انت ماسكني كده ليه انا مش عاوزه اروح معاك في حته سيبني"
جذبها بقوة أكبر إليه و هو قائلا باختناق ظهر بحديثه" اخرسي خالص.. وانت يا جمال هات المفتاح وخلص بعدين هقول لك "
رفع جمال مفتاح سيارته باستسلام له، وأخذ قاسم المفتاح منه وذهب للخارج بعد أن فتح باب المنزل وهو يجر إياها وسط اعتراضها و تلويها الشديد ليتركها اخيرا وسط الأشجار والهدوء، بينما هي سارت خطوات عرجاء بسبب الم قدمها تبتعد عنه وهي تغلي غضبًا"ما تبعد وسيبني واوعى ايدك عني انت ساحب وراك جاموسه مالك جررني كده ليه؟. انا مش عبدة عندك "
ابتسامة بطريقه مخيفه ثم اقترب منها حتي دنا منها وهمس بفحيح لعين" صح انتي مش عبده انتي انسانه وحره وتقدري تعملي كمان كل اللي انتي عاوزه في اي وقت ومحدش لي علاقه بيكي، حتى انا مش همنعك "
ابتلعت ريقها بتوتر وعدم فهم وصدح صوتها الرقيق مهتز تقول بعصبية" انت تقصد ايه بكلامك ده "
تنهد قاسم و هو يقول بصعوبة من بين اسنانه "قصدي ان انا من هنا ورايح مش همنعك ولا هقف قصادك حتي لو هربتي دلوقتي مش هجيبك بالغصب تاني، لا يا حوريه اعملي اللي انتي عاوزاه"
كان يقف جمال عند الباب يراقب ما يحدث باعين مصدومه من رد فعل قاسم فهو يعرف ان من المستحيل ان يتركها بعد ما حدث واصبحت حامل بطفله و كان السبب فيما حدث لها بعد ذلك، وان تركها تذهب سوف تصبح في خطر كبير!. لا يعرف ماذا يريد قاسم الوصول إليه من فعلته ذلك إذا هو لا يريدها ان ترحل لماذا يطلب منها الان الاختيار؟. وهو يعرف ان الاختيار بالتاكيد ليس لصالحه.
ليرى قاسم عيناها تحدق به بدهشة ثم إهتزت حدقتيه ثم جسده وهو يقول بحده" ايه مالك ما توقعتش مني اقولك كده صح، كنتي متوقعه حاجه ثانيه.. أني مثلا هفضل ادافع عن نفسي واتحايل عليكي انك متصدقيش الكلام اللي سمعتي وانه مش مكنش عليكي وأنه كان على واحده ثانيه رغم أن دي الحقيقه فعلا ..بس انا مش هقول كده عشان انتي اصلا كده او كده مش هتصدقيني "
كانت أنفاسها سريعة وهي تحدق به بذهول واستنكار بينما هو هتف بغضب مكتوم" يلا مش عاوزه تمشي اتفضلي امشي وما تخافيش مش همنعك ذي قلتلك ولا هاجي وراكٍ، خذ مفتاح العربيه أهو وامشي زي ما انتي عاوزه وابقي سيبي العربيه في اي حته بعد كده وانا هعرف اوصل لها ...عشان ما ترجعيش تقولي بعد كده سبتك تمشي لوحدك وما عرفتيش تتصرفي ولا تروحي فين ولا تخرجي ازاي لوحدك بالطريقه دي.. اديني أهو بسهل عليكي الموضوع كمان"
نظرت إلي يده الممده بالفعل بالمفتاح بعدم تصديق، ثم سمع صوتها تقول بنبرة هادئ بطيئ" و ده من امتى "
كأنه تلبسته روحه العنيفة وقد اقتحمت الحمرة عينه وقلبه الذي يعتصر بقوة ليهب وهو يقف بحدة ليقول بصوت حازم وملامح وجهه صارمة" انتي معاكي حق مش هفضل طول الوقت عمال اغصب فيكي عشان احميكي واخليكي بالعافيه تثقي فيا ان انا عمري ما هاذيكى، عاوزه تفضلي معايا برضاكي اتفضلي جوه على البيت عاوزه تمشي برده اتفضلي ..لكن ما ينفعش تفضلي معايا طول الوقت وانتي مش قادره تثقي فيا وانا مش قادر من كثر القلق تسيبيني في اي لحظه تاني وما اقدرش احميكي"
ثم استرد قائلا وهي ينظر لها ثم احتد نبرته بجدية وقال بأنفاس هادرا" الطريق ده في بيتي من هنا لو رجعتي اوعدك هتلاقي مني حمايه لحد اخر نفس في عمري، و الطريق التاني في البوليس و ناريمان و جدك عتمان .. الاختيار بقى في ايديك دلوقتي اختاري عاوزه تروحي فين وتفضلي مع مين؟!. "
ساد الصمت قليلا وبعدها حوريه رأت قاسم ليبتعد عنها خطوة الي الخلف وينظر إليها و بؤبؤت عينه تتحرك بصمت عليها و علي ملامح وجهها ثم ألتفت وتحرك الي نحو المنزل تارك إياها تقرر الاختيار بكل راحة، ثم مالت حورية رأسها الي اليمين والي الشمال بحيره وتوتر شديد من قوة الإختيار، هل الاختيار صعب عليها للغاية هكذا هي كانت تعرف ماذا تريد من البدايه وتقرر لكن الآن! و هي تقف وسط الطريقين تائهه لا تعرف اين تذهب؟. لتنظر الي الاسفل بين يدها نحوه مفتاح السياره الذي وضعة قاسم في يديها و رحل، تطلعت فيه بأعين متسعة داخلها تتلألأ بروح خاوية هوادة لا تعرف تقررر! حتى بعد لحظات كثيره اخذت نفس عميق وقد قررت إلي أي طريق سوف تسير لتتحرك قدمها اخيرا نحوه؟؟.
الفصل العاشر
___________________
نظر قاسم بغضب مكتوم نظره اخيرا عليها وهي تقف بالخارج بحيره شديده مترددة الي من تذهب ثم ألتفت الي الداخل وأغلق الباب قليلا وذهب ليجلس بعيد عنها ليقترب منه جمال قائلا بعدم رضي" اللي انت عملته ده غلط يا قاسم افرض دلوقتي مشيت و راحت لاهلها والبوليس مسكها ولا حد من اهلك شافها انت عارف هيعملوا فيها ايه انا قلتلك سيبها تاخذ وقتها لحد ما تثق فينا انا هطلع اناديها"
نظر له وهو يضيق عيناه بحدة وهتف" استني يا جمال سيبها هي اللي تختار هي عاوزه ايه
انا خلاص تعبت من الوضع ده مش هفضل كثير قلقان في اي لحظه تسيبني وتمشي في الوقت اللي انا بحاول احميها"
توقف جمال لحظات ثم قال بجدية" طب افرض مشيت وما رجعتش هيبقى ايه الحل ساعتها"
تأمله لبرهه من الوقت وعقله يتزاحم بالأفكار السيئه إلا إنه حاول الصمود ورسم ملامحه بالقسوة والجفاء و تنفس بعمق هاتف بهدوء" يبقي هي اللي اختارت انا مش واصي عليها ولا هغصبها على حاجه مش عاوزاها، هي حره"
كاد أن يعترض جمال مره ثانيه لكنه صمت حين اتسعت عيناه بدهشة في حين رفع قاسم عينه بتراقب لمـا صمت جمال فجاه هكذا لتتسع عيناه هو الأخر بعدم تصديق عندما لمح حوريه تقف على أعتاب الباب تخفض رأسها بالارض بارتباك وتوتر أصدر تنهيدة طويلة يعبر بها عن راحته،و ساد الصمت قليلا حتى نظرت هي إليه بغضب و هي تقطع الصمت قبل ان يتحدث و لا تريد حتي سماع صوته تعتقد انه سوف يتلذذ بالانتصار امامها لأنها قد رجعت مره ثانيه إليه برضاها.
نظرت له هي بصمت و عيناها تضيق وهتفت
بعصبية شديدة دون مبرر" ما تفتكرش انا رجعتلك عشان حاسه بالامان معاك ولا عشان عاوزه افضل هنا، انا سبق و قلتلك انت اخر واحد ممكن اثق فيه"
ثم ابتلعت ريقها بحزن وقالت بتوتر وجسدها يرتعش بضعف" بس عشان ما عنديش فعلا مكان ثاني اروحه ولا حد يستقبلني غيرك"
رفع قاسم عينه عليها و لا تدري بوقع كلماتها عليه لينظر جمال و قاسم لبعضهما بصمت وضيق علي حالها، ثم ابتسم قاسم ببرود و هو يجعلها تشعر أنه لا يهتم لحديثها و لكنه تألم و بـشدة لكن يعرف أنها لن تثق فيه بسهوله ومعها كل الحق ليؤنب نفسه هو السبب فيما حدث لها وسوف يحدث دائما.. كان هو سبب شراره البداية لكل ذلك ما حدث تلك الليلة ليله الزفاف وبعدها انفطرت كل تلك المصائب وراء بعضها.
تحركت حورية تجلس في الزوايه شابكت يديها وهي تضعها بحجرها تشعر بالخوف والتوتر ودموعها تعرف الطريق جيدًا للخروج
ليتحرك أيضا جمال للخارج تارك إياهم.
حتي بعد فترة قصيرة اغمض قاسم عيني بتعب شديد ونهض نحوها وجلس جانبها تأوهت حوريه فجاه بألم وهو يلوي ساقها خشونة لتهمس بدهشة وقلق" آه انت بتعمل ايه ابعد عني"
جز علي أسنانه بغضب مكتوم فاصبح يكره هذه الكلمه التي دائما ترددها على لسانها إليه
ثم لم يجيب على كلماتها ورفع يده يمسد قدمها كي ينفك تشنج عضلاتها ثم سحب الربط الذي يضع حول قدمها الذي انجرحت عندما سقط كوب الحليب أسفل قدميها الحافيتين وانتشرت شظايا الزجاج و حورية حاولت سحب قدمها من بين يديه باعتراض لكنه بلا فائدة وبدأ قاسم ينظف جرحها بقطنه نظيفه ويغير عليه تألمت بشده ليخرج صوتها بصوتٍ باكى" بقولك ابعد عني وسيب رجلي أنت ازاي اصلا تتجرأ و تلمسني كده.. ما ترد عليا انا بكلمك ابعد و إلا"
صمتت لحظه باضطراب عندما ترك قدمها أخيرًا و هو يقترب منها ببطئ جعل التوتر يعتري ملامح وجهها و ارتجافة إصابة جسدها بالكامل حين شعرت به مقترب حد التلاصق لا يفرق بينهما أي شئ سوا مساحة لالتقاط الأنفاس ابتلعت ريقها بصعوبة و هو يلامس جسدها عن غير عمد كان يطالعها بهدوء كعادته كرد فعل إلي تبغضها قائلا ببرود" وإلا ايه؟. هتعملي ايه"
كتمت أنفاسها سريعة واحمرت وجنتيها واشاحت وجهها بعيد عنه لان مزال يجلس أمامها عاري الصدر أيضا وهتفت بضيق" ممكن تبعد عني وتسيبني ما طلبتش منك تغير على الجرح اهتم بنفسك احسن انت تعبان ومحتاج راحه "
ليرفع قاسم وجهه الجامد لها قائلا" انا كويس انتي بقيلك كثير مغيرتش على الجرح لازم انتي اللي تهتمي بنفسك اكتر "
التفتت وهي تحدق به بحده لتنخفض سريعًا بإحراج من منظره هكذا عاري الصدر لتتجمد وهي تتفحص الجرح العميق الذي سقطت عينيها عليه يوجد علي بطنه بجانب كليه عقدت حاجبيها متسائلة باستغراب كبير" هو ايه الجرح الكبير ده"
صمت قليلًا وانتفضت عروق رقبته بغضب و اصبحت عينه بسواد الليل الكاحل أظلمت عينيه بشده لدرجة اخافتها كان يغلى و يحاول تهدئة نفسه كي لا يقتل أي شخص في ذلك اللحظة فعندما يذكروا أحد بذلك الجرح الذي بعده تغير مسار حياته بالكامل يجن بشده ولكن حاول استوعب نفسه ليقول بصوت مخنوق عالي قائلا" جمال"
تقدم منهم علي الفور بقلق متسائلاً باهتمام" في حاجه"
نهض قاسم من مكانه ليقول بجدية" آه عاوزك علي بكره الصبح تجهز نفسك وتامن خروجنا، لازم نخرج انا و حوريه عشان تروح للدكتور وتكشف وتعمل الفحوصات اللي طلبها منها الدكتور احنا اتاخرنا اوي في الموضوع ده"
عقد حاجبيه باستغراب قائلا بحده" ودي هتعملها ازاي، انت كده بتعرض نفسك للخطر انت وهي انت ناسي كله بيدور عليكم بره وعارف انها معاك"
ابتلعت ريقها بصعوبة لتقول بصوتها الرقيق حادًا" بس انا مش عاوزه اروح اكشف ولا اطمن عليه انا اصلا قلتلك مش عاوزاه"
ضغط على يده بعنف مكتوم وقال بنفاذ صبر"
ما تردش عليها ولا تهتم بكلامها اقول لك على حاجه كمان مش عاوزك معايا، اسمع انا عاوزك تجيب نقاب يكون علي مقاس حوريه عشان تعرف تتحرك بي من غير ما حد يلاحظ"
هز جمال رأسه بيأس وضيق هاتف بجدية"
طب هي وعرفت تحلها وأنت وشك معروف هتعمل في ايه؟."
إنتفضت حوريه من جلستها بحدة ألمت قدمها من جديد وسارت خطوات عرجاء تبتعد عنه وهي تغلي غضبًا من تجاهلة حديثها وعلي إصرارة لذهبها الي المستشفي لعمل فحوصات،
تابع قاسم قائلاً حديثه دون اهتمام لها بصوته الاحادي "ما تقلقش هتصرف المهم اعمل اللي قلتلك عليه وما لكش دعوه"
**
في قصر عصام الصريطي، كانت ناريمان تجلس على الأريكة بداخل الصالون تفتح البوم صور زفاف ابنها جاد علي حوريه تبحث بينهما عن شيئا هام لكنها لم تستطع التمسك ولا السيطره علي دموعها الحزينه على فقدان ورحيل جاد عنها وكل ذلك حدث بسبب اللعينه حوريه واصبح ما يشغلها الان هو الانتقام منها
لتذوق نفس عذابها المريرة، حتي في نفس الوقت دلف جواد ولاحظ دموعها تنساب من عينيها بحزن هز رأسه بضيق ويأس وتقدم يجلس جانبها متسائلا" ايه اللي خلاكي تطلعي الصور دي يا ماما لما انتي مش عارفه تمسكي نفسك خلاص يا حبيبتي اللي روح.. روح اللي انتي بتعمليه ده مش هيرجعه"
زاغت عيناها بتوهان لحظة وهي تمسح دموعها ثم تطلعت ناريمان إليه و الجمود يعتلي ملامحها لتنظر له قائله بغل"صح أخوك مش هيرجع مهما عملت بس الانتقام هيشفي غليلي من اللي حرمته مني "
نفي برأسه بضيق شديد وقال بيأس" تاني حوريه؟؟و يا تري بتفكري تعملي ايه المره دي"
نظرت له وتقذذ بإستحقار متابعة كلامتها"
بدور على صوره لي الزفته حوريه وتكون واضحه عشان ناويه اعمل أعلان في الانترنت والجرائد عنها "
ظهرت الصدمة الجلية علي ملامحه هو ما قابلة به حديثها الغريب غير مصدق ما سمعة ليهتف مستنكراً" ايه الكلام ده يا ماما إنتي أكيد بتهزري! طب لما البوليس يشوف اللي انتي هتعملي ده هيقول ايه، وليه اصلا تعملي كده وتفضحينا هتستفادي ايه غير الفضيحه"
نفت برأسها تُجيب ببرود" انا مش بهزر كده او كده اتفضحنا خلاص اما من ناحيه هستفيدي ايه فستفاد كثير لان بالطريقه دي هوصل لها لما اكثر من 1000 واحد يدوروا معايا عليها"
جحظ عيناه يتمتم بعدم فهم" و1000 واحد هتجيبيهم منين وهيدوروا معاكي ليه عليها هيستفادوا ايه؟"
أومأت برأسها وعيناها تلمع بخبث واضح لتجفل قليلًا وهي تقول بثقه" هيدوروا طبعا معايا لما احط مكافاه نصف مليون للي يلاقيها جنب صورتها مع الاعلان "
اتسعت عينا جواد بصدمة كبيرة وهو يقول بجدية" طب افرضي البوليس وصل لها قبلك"
إجابته وهي تجز علي أسنانه بغضب وعيناها تخترق و تلمع بشرارة الوعيد والأنتقام" و ايه يعني ما انا هربتها من البوليس اولاني صعب عليا اعملها ثاني.. انت عمال تقفلها في وشي ليه هي دي الطريقه الوحيده اللي هقدر الاقيها بيها أطلع انت منها وملكش دعوه انا مش هارتاح غير لما اخذ حقي منها "
أنهت حديثها بنفاذ صبر ليصمت جواد لبرهه ثم نهض بحده قائلا بضيق" انتي حره اعملي اللي تعمليه في النهايه ما حدش بيعرف يوقفك "
رحل جواد بحنق شديدة وغير راضي علي فعلتها بينما هي مطت شفتيها بعدم مبالاه واكملت بحث بين ألبوم الصور عن صور مناسبه وواضحه لـ حورية حتي تنشرها في كل مكان! حتي وقع أخيرا الإختيار علي صوره الي حوريه بمفردها فيها بفستان الزفاف وهي تبتسم بهدوء و ملامحها واضحه جدا تطلعت ناريمان نحوها بسخرية وغيظ من ابتسامتها، ثم بخنجر ذهبي أخذته من جانبها و غرزته في الصورة بغل وانتقام وهي تنظر إليها وعيناها تخيف الشيطان نفسه ثم احتدت نبرتها تهمس بوعيد وشر" نهايتك قربت يا حوريه ومحدش هياخد روحك غيري"
**
في المساء كانت حورية تتقلب بالفراش بانزعاج كثيرا حتي جف النوم من عينيها ثم أبعدت الفراش عنها لتنهض بالخارج تسير بخطوات بسيطة ثم فتحت الباب وخرجت منه لتجلس أعلي المعقد أغمضت عيناها تستمتع بالهواء الطلق لتريح أعصابها وهي جالسة بجوار سور الشرفة بالمنزل المطل علي الطبيعه.
مر فترة قصيرة وهي هكذا مغمض عينيها شارده وضعت يدها على قلبها وشعرت بقبضه حاده تعتصر قلبها بعنف وهي تفكر في حالها
فقدت قوتها وقواها.. وفقدت حياتها وفقدت الامان والراحه.. فقدت ذلك الحضن الذي دوماً يشعرها بالحمايه والآمان وهو حضن والدها
وفقدت تلك البسمه الصافيه والدعوه الحانيه من والدتها لترمي همومها الثقيلة عليها..فقدت شعور أن يخشي عليها أحد أو يهتم بها أحد
فقدت الحياه بأكملها وخسرت كثيرا بعد
أسوأ يوم في حياتها الكابوس الذي يلازمها في منامها.
تتنمي أن ينتهى الوقت و العمر فليذهب ما مَر مع ما سيمُر إلى الجحيم ولينتهى العالم هنا لا تريد اكثر من ذلك فدائما القادم اليها اسوأ بكثير من سابق.
_"مش بردانه وانتي قاعده كده في الجو ده؟"
انتشلها هذه الكلمات من الدوامة التي غرقت بها التفتت حوريه له عندما لف حولها شال من الصوف لبرودة الجو قليلًاة نظرات عليه بهدوء دون حديث واصبح في قابلتها ثم تنهدت بعمق تنهيدة تحمل من الهم والحزن كثير وتمتمت بنبرة خفوت" شكرا بس مش بردانه فعلا أو مبقتش احس بحاجه من كثر اللي انا شفته"
تنهد قاسم هو الاخر وتحدث قائلاً بضيق" حورية انا عارف ان صعب عليكي تنسى اللي حصل بس بالطريقه دي مش هتحلي حاجه غير انك هتتعبي نفسك اكثر ..انا مش طالب منك غير فرصه واحد تحاولي تتاكدي ان انا مش هاذيكي زي ما انتي متصوره وبعدين ايه اللي هتخسريه لو حاولتي بس؟."
ابتسمت بسخريه مؤكده حديثه بمرارة" معاك حق مفيش حاجه ثاني اخسرها انا خلاص خسرت كل حاجه لكن دلوقتي ما فاضيلش حاجه ثاني اخسارها هيكون يعني اللي فاضل لي؟ بابا مات من زمان واتدفن وماما الله يكون في عونها دلوقت هي اللي محتاجه لي اللي يساعدها دلوقت من جدي واللي بيعملوا فيها عشان هربتني، وجدي هو اللي باعني بالرخيص لمجرد محملني ذنب موت ابنه الله يرحمه.. وجسمي انتهك من واحد ما عندوش ضمير وهرب وسابني اواجه مصيري وبقيت في نظر الناس كلها ست خاينه وحامل من علاقة غير شرعية حصلت برضاها، حتى كرامتي اللي كانت فاضله لي كله عمال يهين فيا ويدوس عليها"
أغمض عينيه بقوه وزفر بعجز يعلم صحه كلامها، نظرت إليه للحظات ثم مسحت دمعة انجرفت علي سطح وجنتيها ثم هتفت بنبرة مرتجفة نتيجة كتمها للبكاء" انا خسرت كل حاجه فعلا ..خسرت نفسي واهلي وشرفي و كرامتي و خسرت كل احلامي اللي كنت عايشه عشانها، حتى البني ادم اللي اتجوزتة غصبن عني ورضيت بس هو كسرني و بقيت ذي اللي مقسومه نصفين"
بدأت عيناها تزرف الدموع ببكاء وقهر "انا عملتلهم اية؟ اية الغلط اللي عملته معاهم عشان يعملوا فيا كده إيه اللي عملته وحش فيهم يخلي اقرب الناس لي يعلقوا ليا المشانق من غير حتى ما يسمعوني ويشوفوا مبرراتي واذا كنت مظلومه ولا ظالمه زي ما هم فاكرين، المفروض ان هم اكثر الناس يوقفوا جنبي بس حصل العكس مسابوش حتة فيا غير وهي عبارة عن فتات شوية رزاز كسر.. سابوا روحي مذبوحه جوايا مش عارفه المها حتي من جديد "
أخذت تشهق ببكاء بحرقه وتمتمت بنبرة تحمل في طياتها حزن عميق" تعرف انا دائما بسال نفسي واقول هو انا عملت اي عشان يحصل فيا كده وكل ده، اتحرمت من كل حاجه اتحرمت من حضن ابويا بعد ما مات واتحرمت من حضن أمي وهي عايشه ومشفتش من بعدها غير القسوة والكرة والاهانة.. كل الناس بعدوا عني بعد ما انتهك الحيوان ده عرضي وأخد الحاجة الوحيدة اللي كانت بقيالي وهو شرفي، ليه حياتي بقت كده انا عمري ما اذيت حد، بس أنا اتاذيت كثير؟ اوقات بقول هو انا عايشة ليه معنديش حاجة اعيش عشانها.. انا عايشه ليه نفسي امـوت و ارتــاح بقي انا تعبت حقيقه تعبت"
ظلت تتحدث وتبكي بشده وافرغت بكل ما تحمله داخلها من الالام والوجع الشديدة من جعبتها من كلمات مؤلمه بين بكائها وكل ما يحرق قلبها، بينما قاسم كان يقف صامت لكن يحترق أكثر منها داخله تركها تخرج كل اوجعها تحملها لعلها ترتاح وظل هو ينظر إليها ويتالم مع كل دمعه تسقط من عينيها و مع كل حرف تنطق به موجع، ارد لمسها نعم يريد يعنقها
يضمها إلي صدره بقوة.. وايضا يريد ازاله الألم والخزه من صدرها وياخذ هو؟. لكنه لا يستطيع لا لمسها ولا أخذ الألم.
تعالي أصوات بكائها تمزق داخله قبل داخلها أقترب منها بخطوات مشفقة عليها رفع قاسم يده يتردد كبير يريد ان يلمسها بعطف ليعرف هل ستتقبل لمسته ام لا؟. لكن تراجع عن آخر لحظة وأنزل يده يضغط عليها بعنف وقسوة.
أقترب منها وجلس جارها ثم مده يده إليها بمنديل قطنيه نظرت إليه بعيونها الحمرا من البكاء لتجده يبتسم لها بخفه وحنان أغمضت عينيها بقوة وأخذت منه المنديل بغضب شديد من نفسها لأنها أظهرت ضعفها أمامه لكنها لم تستطع كتمان ذلك أكثر من ذلك فالالام اصبحت لا تحتمل داخلها، لتمسح عبراتها ونظر هو مشفقة عليها وقال بعطف" عاوزك تهدي خالص اللي انتي في ده اكيده مش هيستمر كثير اكيد هيجي يوم وكل حاجه تتحل وتنتهي"
التفتت له حوريه برأسها وهي تبكي وتنظر له بضعف مرددة" ما افتكرش انا محكوم عليا بالاعدام بتهمه ما كنتش قصدها وما حدش مصدقني ولا الحكومه هتقتنع بكده مهما عملت ايه، انا خلاص حياتي انتهت من زمان"
صمت قليلًا قاسم ثم نظر إليها وقال بجدية" احكي لي يا حوريه اللي حصل اليوم اللي مات فيه جاد بالضبط ممكن اقدر اساعدك، انا مش شاكك في كلامك بس انا حقيقي ما اعرفش التفاصيل بالضبط مش هيجري حاجه لو حكيتيلي "
التفتت له حورية عدد لحظات وبدأت تقص عليه ما حدث وعندما انتهت ظل صامت بتراقب شديد يستمع إليها قائله" هو ده اللي حصل و زي ما قلتلك هو اللي حاول يقتلني الاول عشان خاف من الفضيحه وانا رغم كل اللي حصل وحالتي اللي كنت فيها ما كانش في نيتي اقتله خالص، ولما قرب مني بالسكينه كانت نيتي ابعدها عنة بس للاسف حصل العكس وجت فيه ومات"
ضايق عينه قاسم متحدث باهتمام" لسه فاكره شكل البنت اللي كانت معاه "
هزت رأسها بيأس وضيق هاتفه" مش قوي بس لو شفتها ثاني هفتكرها وانا قلت الكلام ده في التحقيق بس هما صعب يوصل ليهم فعلا لانهم حتى لو لقوها عمرها ما هتعترف بالحقيقه وتقول انها كانت جايه عشان تبيع نفسها بالفلوس و تودي نفسها في داهيه، وهي دي الشهده الوحيده للاسف ام بقي ناريمان هانم و الخدامه اللي كانت معاها شافوها وهي خارجه بس دول مستحيل يعترفوا بالحقيقه عشان تطلع ابنها في نظر الناس كلها ملاك"
صمت ثواني معدودة ثم نهض قائلا بهدوء تام"
قومي نامي يا حوريه ان شاء الله اكيد في حل طالما فعلا واثقه من براءتك "
تحرك قاسم من أمامها دون حديث آخره الي الداخل بينما لوت شفتيها بسخرية مريرة اعتقدت أنه لم يصدقها بالتأكد مثله مثل غيره؟.
**
في الداخل.
ألقي جمال جسده أعلي المقعد يزفر بضيق و هو يمرر يده علي وجهه و شعره قائلا" يعني انت مصحيني من النوم وقالق منامي عشان عاوزني ادور على واحده معكش صوره ليها ولا تعرف عنها حاجه ودي اجيبهالك ازاي"
نظر إليه قاسم بحنق و من ثم قال" في إيه يا جمال ما تشغل مخك اعرف البيت ده مكانه فين ودور علي اي محل يكون قريب منه ولا قدامة ويكون حاطط كاميرا اكيد هيلقط دخول جاد مع البنت دي، اتصرف اعمل اي حاجه"
هز رأسه بانزعاج منه ثم هتف متسائلا بشك" طب وانت ايه اللي يضمنلك ان كلامها صح انت مصدقها علي كده"
صمت قليلًا قاسم ثم أخذ نفس عميق يزيح الهواء عن صدره قائلا بجدية" بصراحه لا احتمال يكون كلامها فعلا مش صح و انها قتلته لما لقيت البنت دي معاه زي اي ست الغضب ملكها وقتها، بس في احتمال ثاني ان يكون فعلا كلامها صدق؟. جاد فعلا معروف ان بتاع ستات وبكل بجحه ممكن يجيبها معاه البيت ولا يفرق معاه مراته و ممكن فعلا حوريه دخلت وشافتهم وهو ولا هيفرق معاه وده اللي خلاها تغضب منه اكثر.. عشان كده عايزك تدور زي ما قلتلك لو ما لقيتش موضوع الكاميرا ده موجود حاول تتردد على الاماكن اللي كان بيروح لها جاد قبل ما يموت واسال صحابه اكيد هيعرفوا مين البنت اللي كانت معاه وقتها"
ضايق عينه علي الفور يصب اهتمامه لـ حديث قاسم لـ ينطق علي عجل قائلا"طب لو لقيتها اكيد مش هتوافق انها تعترف بالحقيقه مهما كانت دي ممكن تتحبس فيها لو اعترفت بحاجة ذي دي وانها كانت جايه معاه الشقه تعمل ايه"
هز قاسم رأسه بـنفي و هو يقول سريعاً"
ما تعملش حاجه في الموضوع غير أنك تعرف لي مكانها و انا هتصرف وقتها.. المهم خلال الساعات الجايه تبدا تدور عليها"
**
في الصباح، وصلوا قاسم و حورية الى الموعد الخاص إلي الطبيب فقد حدد إليه جمال موعدا مع الطبيب وذهب هو جمال للبحث منذ الصباح خلف ذلك الفتاه! كما طلب منه قاسم، لعله يجد أي طرف خيط رفيع يوصلة الى الحقيقه، كانت حوريه تسير جانب قاسم وهي ترتدي نقاب يخفي ملامحها ومع ذلك كانت تسير بخوف وقلق أن يتعرف عليها أحد عكس قاسم الذي كان يسير بخطوات واثقة وطلب منها قاسم قبل دخول العياده بحزم لا ترفع النقاب بالداخل مطلقا، توجها بعدها إلى عياده الطبيب الذي كان ينتظرهم رحب بهم ولم ترفع النقاب حوريه ثم قال الطبيب بعملية " اتفضلي يا مدام حوريه نامي على السرير هنا و اكشفي بطنك والممرضه هتساعدك"
صمتت حورية وشعرت بالتوتر والخجل خصوصا من قاسم لكنها حاولت عدم النظر إليه ليجلس هو بعيد دون حديث واخفض وجهه و نفذت حوريه ما طلبه منها الطبيب ثم تقدم الطبيب ليجلس أمامها و سحبت الممرضة الستار عليهم وبعدها وضعت السائل اللزج على بطنها وأخذ الطبيب يحرك المقبض فوق بطنها بخفه، بينما كانت حوريه متوتره بشده و معالم وجهها جامد لم تظهر أي مشاعر عكس قاسم الذي يقف وراء الستار بعيد لكنه كان يتمنى بشده ان يقترب منها حتى يطمئن على طفله ويمسك يديها ليشعرها بالامان
ابتسم الطبيب بهدوء قائلا" الطفل اهو ابتدا يظهر هو النقطه الصغيره البيضه دي"
بداء بالفعل يظهر علي الشاشة الصغيرة أمامها ملامح الطفل لكن حورية لم تهتم ولم تكون سعيده وغير متحمسه مثل اي ام تنتظر طفلها الاول! لم تعرف بالاساس ماذا تصف شعرها؟. كره أم حقد مع أنه لا ذنب له هي تعرف ذلك جيداً.. لكنها حقا غير قادر على تقبله في حياتها وتشعر انها لم تحبه في يوما لم يحرك بها اي ذره الامومه.. هي بالفعل تتمنى موته.
أرجعت رأسها للخلف علي الوساده واجتمعت الدموع في عينيها بحزن وضغطت على يدها بقوة ولم تتحدث.. بينما قاسم أستمع حديث الطبيب و اثاره فضوله ليحرك راسه ببطء تجاه الشاشه ليراه لكن عينه وقعت أولا علي حورية ليجدها تمسح دمعتها من اعلى النقاب التي هربت من مقلتيها ليعرف أنها دموع حزن وليس فرح تنهد قاسم بضيق شديد و حرك رأسه بعيد عندما أعدلت حورية ملابسها و سحبت الممرضة الستار وهبطت حورية من أعلي الشيزلونج.
تقدمت لتجلس أعلي المعقد المكتب دون حديث وتابعها الطبيب وجلس علي مكتبه يري الفحوصات التي فعلتها حوريه قبل قليل، ثم أقترب قاسم بخطوات بسيطة قائلا بقلق" هي التحاليل فيها حاجه يا دكتور"
هز رأسه برفض ثم هتف باهتمام" لا تمام الفحوصات ما فيهاش حاجه تخوف بس برده ما يمنعش انك عاوزه تغذيه واهتمام أكثر.. هكتبلك على شويه فيتامينات ولازم تاكلي كويس الايام اللي جايه"
كادت أن تنهض حوريه وهي تشعر باضطراب أنفاسها و تضيق بسبب وجودها هنا لكن أوقفها قاسم وقال بجدية" معلش يا دكتور كنا محتاجين حد كمان يبص على ذراعيها المكسور"
جلست مره ثانيه لكنها لم تقول شيء لتتنهد قبل ان تبدا الحديث وترفع عيناها إليه " مكنش في داعي انا كويسه وبعدين عشان نمشي على طول"
اقترب قاسم يجلس جانبها ابتسم ابتسامة مهتزة مجيبًا عليها بلطف هامس "معلش عشان اطمئن اكثر وبعدين احنا مش هنروح علي طول في مكان بفكر نروح شويه نرايح اعصابنا قبل ما نمشي "
تنهدت هي بعمق كأنها تطرد هم ثقيل من علي قلبها ثم صمتت باستياء وحزن لا تفهم حقا سبب اهتمامه المثير لكن قلبها كعادته لم يرتاح ابدا لذلك.
**
وقف عتمان بداخل منزل لا يعلم ما يجب عليه فعله عندما وجد الشرطه اقتحمت المنزل للبحث عن حوريه في كل مكان بداخل الفيلا لكن لم يجدوا احد ،نظر الضابط حوله و هو يتحدث قائلاً بصوت جاد" استاذ عتمان مش هقول لحضرتك الكلام ثاني في اي وقت لو كلمتك حوريه لازم تبلغنا وتحاول معاها تسلم نفسها اللي بتعمله بيضرها وهيضركم لو حد منكم عارف مكانها ومش راضي يقول"
كان الجميع بالفيلا يقفون يشاهدون ما يحدث بضيق شديد و منهم بحزن أشد، صك عتمان علي أسنانه بحدة و هو يقول هادراً بغضب" مش محتاج تقول لي حضره الضابط انا اصلا اتبريت منها من ساعه اللي عملته وصدقني اول ما الاقيها هاجيبها ليكم على طول عشان اخلص منها، كفايه على اخر الزمن دخلت بيتي البوليس اللي عمرها ما حصلت بس بنت اسامه عملتها"
اشار الضابط الي العساكر بالرحيل من هنا، ثم نظر عتمان علي الفور الي بدريه التي تقف تبكي بصمت علي حال ابنتها وهز رأسه و هو يتأفف باختناق واتجاه نحوها و هو يصرخ بها بـعصبية شديدة" شايفة المصايب اللي كل يوم تتحدف علينا بسبب بنتك سمعتنا بقت زي الزفت وسط الناس كلها، دخلت البوليس بيتي وانا في السن ده وانا طول عمري ما حافظ على مكانتي وسمعتي وسط الناس تيجي حته بنت مفعوصه تعمل فينا كل ده"
كانت تستمع بدريه وتبكي عليها بهستيريا ثم
ظهرت عروق رقبته بغضب و اصبحت عينه حمرا من الغضب و هو يقول " قتل وقتلت جوزها، سمعتنا بقت زي الزفت لما ضيعت شرفها وبقيت حامل في طفل مش عارفه ابوه مين ده لو كلامها صح، وبعد كل ده مش مكفيها لا كمان فضحتنا وسط الناس وهربت مع وأحد ما نعرفش لي عيله انا نفسي أفهم هي بنتك دي ايه شيطانه ناويه تعمل فينا ايه ثاني"
ليمسك بتلابيب ملابسها ليهزه فيها بـقوة قائلاً بعنف" انطقي يا بدريه هربتي بنتك فين وريحي نفسك مني ما هو انا مش هاسيبك الا لما اعرف ،وانتي اكيد مش هتسيبي بنتك كده كل ده بعيد عنك غير لما تطمني عليها "
لترفع رأسها إليه و وجهها غارق بالدمع تتحدث ببكاء حاد متأوهاً بقوة" آآه سيبني ابعد عني قلتلك ما اعرفش "
أبعدها عنه حازم كعادته بينما رحل الباقي بعدم مبالاه و سخريه فهذا المنظر يتكرر مرات عديدة ولم يطلع بفائده منها، هز حازم رأسه و تظهر الحدة علي ملامح وجهه و هو يقول باقتضاب" يا جدو ما ينفعش بقى اللي انت بتعمليه ده مش كل يوم نفس الحكايه تعمل فيها كده وكل مره بتقول لك ما تعرفش وشكلها فعلا ما تعرفش مكانها، وبعدين هي مش صغيره على الكلام ده ما يصحش كده "
تنفس عتمان بحنق شديدة ثم أشار إليها بغضب و هو يتحدث بانفعال شديد قائلاً بشك في حين سحبها من ذراعيها بقوه"تليفونك فين انطقي "
تاوهت مره ثانيه وهي تنظر إليه بأعين دامعة حمراء بشدة و هي تهمس بعدم فهم وقلق"
آآه فوق في الاوضه"
تركها عتمان بحده و رحل الي أعلي بخطوات سريعة يبحث في هاتفها حتى يتاكد أنها خلال الايام السابقه لم تتصل حوريه عليها، صحيح انها لم تتصل لكن بدريه تشعر بالقلق ان ياخذ منها الهاتف، فهي كل ليله على بصيص من الأمل ان يرن هاتفها وتسمع صوت ابنتها وتطمئن عليها.. بينما يقف حازم بحزن شديد يفكر بغضب وغيره لماذا اختارت حوريه بالذات ان تلجا الى قاسم دون عن الجميع.. لكن لا يعرف انها لم يضع أمامها ضمن أي اختيار هذا اصبح قدرها!.
**
بعد فترة قصيرة صف قاسم سيارته أمامه مزرعه فاكهه كبيرة ولج كل منهم الي الداخل هبطت حورية باستغراب وهي تنظر حولها بإعجاب شديد ثم أشار قاسم إليها أن تدلف الي الداخل حتي جاء غفير يركض اليه مبتسم و رحب به بحرارة وطلب منه قاسم عددا طلبات لم تهتم حوريه للسمع بينما كانت غارقه في النظر بإعجاب مثير لما حولها وبعدها رحل الغفير الي الداخل وأخذ قاسم حورية نحو الجنينه الواسعه وجلسوا وسط الحدائق أعلي شيلت (قطع كبيره من القطن) رفعت حوريه النقاب عن وجهها وهي تتنفس الصعداء براحه و تنعش بالهواء..كان قاسم يتابعها ليشرد قليلا وهو يفكر كيف طاوعه قلبه ان يؤذيها كيف له ان يعذب فتاه بريئه مثلها لم ترى في حياتها شيء جميل عانت كثير بسببه وبسبب الجميع من أهلها وأهله، تنهد مغمض عينيه ليفتحها بعد لحظات ناظر لها عندما سمعها تهتف" هو انت جبتني هنا ليه وايه المكان ده "
نظر إليها قاسم بابتسامه خفيفة وقال"
دي مزرعه خاصه بيا قلت نقعد شويه هنا وبعد كده نروح "
في تلك اللحظه جاء الغفير بصينيه كبيره محمله بالطعام والفاكهه ثم رحل، بينما
هزت رأسها بتفهم قائله بخفوت" المكان هنا فعلا جميل اوي ومريح للاعصاب هو احنا ما جيناش استخبينا هنا ليه من الاول "
هز رأسه برفض يجيبه بأسف" كان نفسي بس صعب نفضل في أي مكان يخصني ومعروف جواد و ناريمان سهل جدا يوصلوا للاماكن دي هم عندهم خبر بيها .. لازم نفضل في مكان امانه وبعيد عن العيون عشان ما حدش يعرف يوصل لنا "
التفت نحوها مره ثانيه ليجد حورية تنظر إليه بعمق، ضايق عينه ينظر إليها باستغراب قائلا" مالك بتبصلي كده ليه "
واسعت عينيها وهي تتحدث بدهشة كبيرة منه قائله بيأس" نفسي افهمك بس مش عارفه بتعمل معايا كل ده ليه ومهتم اوي كده بصحتي وصحة اللي في بطني و ليه عاوز تحميني رغم ان انت مفروض اكثر واحد تكون عاوز تؤذيني عشان اللي عملته في عيلتك واخوك بس اللي انا شايفاه دلوقتي العكس خالص ..وما تحاولش تقول نفس الكلام اللي بتقوله كل مره اللي ما بيبقاش اجابه لاسئلتي اصلا ولا بيطمني منك "
قال قاسم بنبرة عاديه ولم يتفاجا هذه المرة بعدم ثقتها فهو اصبح يعرفها كعادتها لم تستطيع الثقه بسهولة بأحد" هو انتي بعد كل اللي حصل ده لسه شاكه فيا وان انا عاوز اضرك او اؤذيكٍ على العموم انا عذرك في كل ده واي واحده مكانك هتعمل كده و اكثر.. بس ممكن تعتبري مساعدتي ليكي هي مساعدتي لنفسي؟"
عقدت حاجبيها بعدم فهم وهي تتساءل"
مش فاهمه تقصدي ايه"
أظلمت عينيه بشده بغضب مكتوم فابتسم قاسم بدهاء قائلا" قصدي أن انا زمان اتعرضت لي ظلم زيك واكثر بس ما لقيتش اللي يقف جنبي ويساعدني بالعكس كل اللي حواليا ضروني واتاذيت من كل الناس حتى اللي مفروض يكون عيلتي برده اذوني، عشان كده انا عارفه احساس الظلم وانك تكوني لوحدك من غير سند ولا حد يكون مصدقك ويساعدك "
ابتسمت حوريه بسخرية مريرة وهتفت بتهكم"هو في ظلم اكثر من اللي حصل لي؟. ما افتكرش ما فيش حاجه ما حصلتش في الدنيا دي من غدر و خذلان من كل اللي حواليا "
كان قاسم هو الأخري يبتسم بسخرية علي حديثها،لكن انتبهت لصوت قاسم الهادر بالهلاك"عودي نفسك يا حورية مهما المصايب اللي حصلت ليكي قولي الحمد لله احسن من غيري وخليكي حاطه في دماغك ان كل مصيبه بتقع في دماغك وتحصل لك في غيرك بيحصل له اضعاف كده "
آثار فضولها لتقول بصوت خافت متسائلة "
وانت ايه اللي حصل لك؟ ومين اللي ظلمك؟"
احتدت عيناه وتجاهل سؤالها وهتف بصوت هادر" الثقه مش بالعافيه يا حورية ولا بالكلام بس بالافعال عشان كده مش هطلب منك ثاني تثقي في وهاسيب أفعالي تثبتلك كده وان انا عمري ما هاذيكي ولا لي علاقه بالعائله دي "
هتفت حوريه بتعجب من تجاهل للموضوع وهي تنظر في أعين قاسم متسائلة دون مقدمات" ولما انت ما لكش دعوه بيهم وانتم الاثنين كارهين بعض قوي كده كانوا اتبنوك ليه من الأول"
رسم على معالم وجهه الجمود و القسوة وهو يجيب بصوت بلا حياة" موضوع طويل وقديم قوي ومش هيفيد في حاجه لو اتفتح غير انه هيجدد ألم فيا بحاول انساها .. وبعدين كنتي حاولي تسالي حد من عيله جاد قبل ما يموت كان يمكن حد يفيدك في الاجابه عني"
تنهدت حوريه بعمق وقالت" هو انا فعلا في مره سالت جاد وقال لي اصل بابا بيحب يعمل خير كتير عشان كده اتبناك زمان بس بعد كده ندم.. بس انا طبعا ما اقتنعتش بالاجابه دي و ما فهمتش نبرة السخريه اللي كان بيتكلم بيها وقتها"
نظر إليها قاسم باستخفاف وهو يردد ببرود"
الخير و عائله عصام الصريطي عمرهم ما يتجمعوا سوا دول ناس اتربوا على الغل والحقد اللي مالي قلوبهم "
هزت رأسها حوريه بتاكيد وهي شارده تتحدث" انا عمري ما ارتحت ليهم بصراحه رغم ان انا ما حدش في البدايه كان عامل لي حاجه منهم بس انا نظراتهم و ابتساماتهم بحسوا كل حاجه فيهم مصطنع مش حقيقي كل حاجه مجرد قناع بيلبسوه ويديروا وراه حاجات كثير"
ليقول قاسم بصوت حاد" طب لما انتي شاكه في كل ده كملتي لية في الجوازة دي كنتي بعدتي من البدايه، على الاقل كنتي وفرتي على نفسك كل ده "
أغمضت عينيها بحزن وهي تقول بخيبه"
مين قالك ان انا ما حاولتش، حاولت كثير بس جدي كان دائما بيرفض ويبقى مصر الجوازه تتم ومش بيسمعلي "
عقد حاجبيه قاسم قائلا بشك" يا ترى ايه سبب الاصرار الكبير ده كان في شغل بينهم "
لوت شفتيها بسخرية قائله بمرارة ودموعها تجمعت داخل عيناها ورددت" لا خالص هو كان عاوز يخلص مني بس، باي ثمنه وباي طريقه بيحاول ينتقم مني بسبب ذنب قديم محمله لي انا وماما.. كل ده عشان بابا اتجوز ماما من غير رضا وخرج عند طوعة وكمان بيعاقبنا على ذنب ثاني لما بعد سنين ماما اتصلت بي ياجي يشوف بابا قبل ما يموت بس هو ساعتها ما صدقهاش افتكرها بتكدب عشان ياجي ويحطوا قدام الأمر الواقع ويتصالحوا، بس بعدها سمع خبر موته ومن ساعتها اخذنا عنده البيت وهو بيعملنا المعامله الوحشه دي"
تابع قاسم كلماتها باهتمام وهي تتحدث بصوت حزين حتي شعر بالعطف عليها ليقول بهدوء "ما حدش مرتاح في حياته"
زادت دموعها تتساقط وهي تقول بقهر وبكاء" بس انا كل اللي يهمني دلوقت ماما نفسي اطمن عليها قوي هي اللي هربتني لما طنط ناريمان جابتني لي و هو حبسني و ماما خافت عليا أوي و هربتني وشالت الليله مكاني ..دلوقتي زمانه بيعذبها وفكرها تعرف مكاني ..هتجنن نفسي اطمن عليها قوي او اسمع صوتها اكيد هي كمان نفسها تطمن عليا "
حمحم قاسم بتوتر وضيق عندما لاحظ دموعها ليقول بسرعه"معلش ان شاء الله المحنه دي هتخلص وتشوفيها وتطمني عليها"
مسحت دموعها بيأس وإحباط ثم أنتبه إليه لتقول بصوت ملهوف" هو انا ممكن اطلب منك طلب وعشان خاطري تنفذهلي "
هز رأسه بهدوء مبتسم بحنان ثم هتفت حوريه قائله يتوسل" ممكن تديني تليفونك اطمن عليها عشان خاطري مكالمه صغيره ان شاء الله حتي دقيقه واحده بس اسمع صوتها"
جحظ أعينه بصدمة من طلبها وهز رأسه برفض وقلق" مش هينفع يا حوريه ممكن بسهوله حد يسمعها، وهي مش في البيت لوحدها سيبلي الموضوع وانا اوعدك اشوفلك طريقه تانيه تطمئني عليها "
اومات برأسها بلهفه وهي تقول وسط دموعها الذي مزالت تتساقط بغزارة" لا ما تخافش هي دائما طول الوقت مش بتقعد معاهم ولا ليها علاقه بيها هم أصلا ما حدش منهم بيحبها ولا متقبلين وجودنا في البيت ..قاسم ارجوك وافق انا هموت بجد نفسي اسمع صوتها خايفه يكون جدو عامل فيها حاجه "
نظر إليها قاسم عددا لحظات بتردد وحذر كبير لكن عندما راها دموعها الحزينه لم يستطيع ان يرفض ليقول بصوت جاد" حاضر يا حوريه اتفضلي بس ما تتكلميش غير ما تسمعي صوتها وأياكي تقولي ليها مكانا.. وما تطولش في المكالمه "
ابتسمت حوريه ابتسامة واسعه وهزت راسها بتفهم وأخذت منه الهاتف وطلبت نمره والدتها وانتظرت ثواني حتى تجيب قائله" الو "
شعرت حوريه بأنها روحها وردت اليها عندما استمعت إلى صوتها ابتسمت وسط بكاءها"
ماما انا حوريه عامله ايه يا حبيبتي انتي كويسه "
أبتسم قاسم بحنان علي ملامحها الذي تغيرت فجاه الى فرح بينما صممت بدريه فجاه واستمعت حوريه لبكاءها الحاد ونحيبها وهي تصرخ من آلالم الذي قطع قلبها بحرقه و اتسعت مقلتيها عندما استمعت الي كلمات أخرجها عتمان قائلا بنبرة تنذر بالشر" لا مش كويسه خالص طبعا ،مش هربتك وعملت فيها ناصحه تخيلي انا دلوقتي بقي كل يوم بعمل فيها ايه على عامله السوده دي "
ارتعبت حورية من صوته وعلي والدتها والتمعت عينيها بخوف و بفزع وقبل أن تتحدث صك علي أسنانه بغضب شديد وتحذيز" اسمعني كويس يا بنت انتي لو في حد جنبك إياكي تبيني ان انا اللي بكلمك وفي خلال ساعات لو ما جيتيش دلوقتي قدامي هتسمعي خبر موت امك ولو مش مصدقاني خليكي ماشيه في السكه اللي انتي فيها وهربانه مع واحد صايع تربيه ملاجئ"
بكت بدريه بعنف ووضعت يدها علي فمها تكتم شهقاتها ثم صرخت تقول بين بكائها واقترب عتمان يضربها بقسوة شديدة وعنف قاصد يصل ذلك إلي حوريه حتي تأتي إليه "
اوعي تسمعي كلامه يا حورية.. ما تجيش سمعاني هو ما يقدرش يعمل فيا حاجه ..ما تسمعيش كلامه آآآه اوعي سبني آآآه"
شعرت حوريه بتوجس وخوف و أنفاسها هادرة عالية وهي عاجزة لا تعرف ماذا بيدها تفعل انغلق الهاتف فجاءه لينتفض جسدها بعنف ورعب ينهش بجدران قلبها علي والدتها وما يحدث لها الآن بسبها، عقد حاجبيه قاسم قائلا بقلق وهو يري حالتها هكذا" مالك في حاجه"
أنتبه إليه حوريه لتحاول تهدأته نفسها بسرعه وابتلعت ريقها بصعوبة شديدة وهي تقول بابتسامة مصطنعة" انا كويسه يا حبيبتي ما تقلقيش عليا ..حاضر خلي بالك من نفسك انتي كمان سلام"
أعطته إليه الهاتف وهي تشعر روحها المسجونة داخلها بخبيه وعجز لتسقط دمعه من عينيها بحزن، لم ياخذة منها وأقترب منها قاسم بتعجب"في إيه يا حورية انتي كويسه مش اتطمنتي عليها بتعيطي ليه دلوقت"
هزت رأسها وهي تتمتم بصوت مرتجف" هاه اه اتطمئنتي عليها هي كويسه بس هي وحشتني قوي كان نفسي اشوفها واحضنها"
هز رأسه بهدوء وهو يشعر بانها تخبي عليه شيء لكنه حاول عدم التدخل ليقول" معلش كفايه انك اتطمئنتي عليها وسمعتي صوتها "
ادمعت عيناها هي تقف بخوف علي والدتها وجسدها ينتفض بعنف مرددة"هي بخير اكيد هتبقى بخير "
حاول قاسم التحدث مره ثانيه بشك لكن سمع صوت هاتفه يرن ليأخذة من حوريه سريعاً ليجيب وهو يبتعد عنها"الو يا جمال في جديد"
اجابه عليه جمال بصوت جاد" عندي ليك خبر وحش وخبر حلو؟. تحبي تسمع انهي واحد الاول"
هز قاسم رأسه بضيق شديد وقال" هو انا ناقص اخبار وحشه ايه الخبر الوحش قول"
أردف جمال بجدية" ناريمان نشرت صور حوريه في الجرائد واكيد كمان يومين هتنشر كمان صورها في الانترنت وفي كل مكان وعامله مكافاه نصف مليون لي إللي يلاقيها"
جز علي أسنانه بغضب قائلاً بعدم تفاجأ"
كنت عارف و متاكده انها هتعمل كده عشان كده طلبت منك تجيب نقاب لي حوريه بس ده برده مش كفايه نحاول نقلل تحركاتها الايام اللي جايه ربنا يستر وما حدش ياخذ باله منها.. سمعني بقى اخبار حلوه عشان خلاص جبت اخري "
هتف جمال بثقه مرددا"عرفتلك مكان البنت اللي كانت معاه جاد قبل ما يموت الشهده الوحيده "
اتسعت عينا قاسم بلهفة وعدم تصديق"بتتكلم جد "
ابتسم جمال علي ذكاءه بإعجاب مصتنع قائلا"
كان في سوبر ماركت قدام البيت بالعافيه عرفت اجيب صور ليهم .. وعرفتلك كمان بتشتغل في اي كباريه عشان تعرف بس انا مش قليل "
واضاف بهدوء موضحاً
= المفروض ان ده شغل البوليس بس صاحب السوبر ماركت، خاف لان ناريمان هددته وقالت لي يقول ان الكاميرا كانت بايظه اليوم ده، وده فعلا اللي قالوا بس انا حاولت اضغط عليه وقلت حاجه زي كده اكيد مش هتعدي على ناريمان واحتمال تكون الكاميرات كانت شغاله وحاولت معاه بالفلوس وما رضاش غير أنه يوريني صوره البنت مش اكتر من كده.. شفت بقى ذكائي .
ابتسم قاسم بشده وهو يقول بتاكيد واستعجال" اكيد امال انا معتمد عليك ليه جدع يا جمال ابعتلي بسرعه اللوكيشن ما فيش وقت نضيعوا لازم اروحلها واقابلها، هاروح حوريه على طول واجيلك سلام"
التفت نحوها بسرعه حيث كانت مزالت شارده و جذبها لتنهض قائلا بجدية" يلا بسرعه يا حورية ما فيش وقت لازم اروحك عشان ورايا مشوار مهم جدا"
أنتبه إليه وأستغربت بشده وقالت بقلق"
خير هي في حاجه حصلت "
نظر إليها قاسم وهز رأسه بقوة وأمسك كف يدها الصغير بحنان قائلاً بابتسامه مطمئنه"
خير ان شاء الله لما الموضوع ده يكمل هقوللك بس تاكدي لو الموضوع ده كمل هيبقى خير ليكي فعلا .. يلا بس بسرعه لازم اروحك ما عنديش وقت"
نظرت إليه بعيونها الصغيرة كحبات اللؤلؤ براحه نوعاً ما ثم جذبها قاسم ليرحل لكن
سحبت يدها بسرعه وقالت بصوت مرتبك "
طب استنى بس طالما مستعجل كده ممكن توقف لي تاكسي وانا اروح البيت انا حافظه البيت فين مكانه"
لينظر في مقلتيها بعمق ليهمس برفض بخشونة حاده دون تفكير من القلق عليها" لا مش هينفع لازم اطمئن عليكي و اروحك بنفسي "
صمتت ثواني لا تعرف بماذا تجيب عليه تساءل عقلها بتشوش هل تتحدث وتجيب بمخاوفها وتحكي له ما يقلقها ويرعبها بشده تود أن تتحدث و تبوح به ما يؤرقها لكن العدو الأكبر وهو الخوف منعها من ذلك، نظرت إليه والإبتسامة الزائف تزين ثغرها وأردفت" ما تخافش يا قاسم انا مش عيله صغيره انا هروح علي طول وبعدين انا لابسه نقاب اهو وما حدش هيعرفني روح انت بس مشوارك المهم وسيبني وما تقلقش"
بوله عيناه قاسم بعيون قلق قائلا بتردد" تروحي على طول سامعيني اوعي تروحي في مكان هنا ولا هنا انتي ما بقيتيش فيه امان وانا هبقى مش مطمئن طول ما انتي بعيده عني"
تفاجات ولا تصدق كلماتة حتي هو أيضا تفاجأ من نفسه لتهز رأسها بالايجابي واضعه يدها علي يده تبعدها بينما ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة و إستجمعت قوتها وشجاعتها لتتحرك بخطوات ببطئ بالخارج بينما ظل هو ينظر عليها بأعين قاتمه وهي ترحل وشعر بغضه داخله لا يعرف مصدرها.
**
وصل قاسم بسرعه الي العنوان الذي املاه عليه جمال ثم صف سيارته أمام ملهي ليلي ليجد جمال يقف جانب سيارته في الانتظار وعندما رآه اقترب منه، هز قاسم رأسه و تظهر الحدة علي ملامح وجهه و هو يقول باقتضاب "هو ده المكان هي جوه"
هز جمال رأسه بهدوء ليضيف مبتسم بهدوء و هو يقول" ايوه هي بتشتغل هنا جبت صوره ليها من كاميرات المراقبه على تليفوني عشان نعرف نتعرف عليها"
أخذ منه الهاتف حتي يحفظ ملامحها ثم دلف قاسم إلي الداخل بسرعه دون انتظار ثم ظل يدور حوله يبحث كثيرا بضيق شديد حتي لم يجدها التفت إلي جمال يهز رأسه بنفاذ صبر، الذي هز رأسه بعدم فائده علي استعجالة قائلا" قاعده وراءك اهي على البار"
التفت نحوها بسرعه ولهفه ليجدها بالفعل تجلس تتجرع كاس الخمر أشار إلي جمال بان ينتظر بالخارج و انسحب جمال بهدوء
بينما اقترب قاسم بخطوات بسيطة لـ يقف جانبها و قد ارتسمت علي وجهه ملامحه الشيطانية ثم نظر إليها بابتسامه جامد وهي بادلته الابتسامه بخبث ناظراً إليه لتغمز إليه بطرف عينها فقد اعتقدت وجدت زبون غني.
بعد فترة ليس قصيرة خرج قاسم وهي معه تتمايل في السير بابتسامه واسعة ثم فجاه سحبها قاسم داخل سيارته السوداء وكان جمال بالداخل أغلق بسرعه باب السياره شهقت الفتاه بحضنه وذعر وهي تنظر لهن وهي تقول بشجاعه مصطنعه" في ايه احنا اتفقنا على واحد جوه ما اتفقناش على اثنين كده الحساب هيختلف ومالك شاددني كده ليه انتم عاوزين مني ايه بالضبط اقسم بالله ما سبتيني هصوت والم عليكي الناس"
أجاب قاسم وهي في المقعد الأمامي جانب جمال وهي في الخلف قائلا ببرود قاتل"
طب مستنيه ايه ما تصوتي بس ريحي نفسك ما حدش هيسمعك عشان الازاز ضد الصوت والعربيه ما حدش هيشوفك من بره .. فريحي نفسك كده وتعالي معايا دغري عشان انا مش عاوزكي عشان اللي في دماغي انا عاوزاكي عشان حاجه ثانيه "
نظرت غنوه إليهما بخوف شديد وقالت بتوتر"
حاجه ايه انتم عاوزين ايه مني"
تنهد قاسم بضيق ورفع شاشه الهاتف بها صوره الى جاد وقال بحده" اكيد فاكره الشاب ده اللي طلعتي معه شقته و اتقتل قدامك "
تجمدت أطرافها برعب و قد اتسعت حدقتها بصدمة قائله بذهول وكذب" لا ما اعرفوش مين ده"
رفع قاسم سبابته أمام وجهها و صرخ به بـعنف و انفعال واضح بـاحمرار وجهه قائلاً" قلت لك تعالي معايا دغري ما بحبش اللوعه انطقي تعرفيه ولا لأ كانت في كاميرا في العماره ولقطتك وانتي طالعه معاه يوم الحادثه يعني ما تحاوليش تكذبي"
إنتفض جسدها بعنف وخوف شديد منه ثم
ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تقول بضيق"
يوووه انا كنت قلت خلصت من القرف ده لما لقيت ما حدش طلبني للشهاده انتم عاوزين مني ايه انا والله العظيم ما انا اللي قتلته ده دي مراته هي اللي قتلته واتحكم عليها بالاعدام ودلوقتي وهربانه ما تروحوا تدوروا عليها انا مالي "
نظر قاسم إليها بـطرف عينه و هو يحاول أن يخفي غضبه بتلك الابتسامة التي تزين محياه قائلاً" الله ما انتي متابعه اهو الاخبار "
تنفست عنوة بـقوة و هي تنطق بـصعوبة و توتر" كان لازم اتابع عشان كنت خايفه من ساعه اللي حصل تلبسوني الليله انا لوحدي.. انا غلبانه لكن انتم ما شاء الله باين عليكم معاكم وبتيجوا على الغلابه اللي زيي "
هتف جمال و هو يقطب حاجبيه بجدية"
احنا مش عايزين منك حاجه انك تقولي الحقيقه ايه اللي حصل يوم الحادثه بالتفصيل واوعدك ما حدش هياذيكي "
هزت راسها برفض بسرعه وهي تتحدث بارتباك"ما اعرفش حاجه ما فيش غير ان انا روحت معاه البيت وفجاه مراته دخلت علينا وفضلوا يتخانقوا مع بعض وانا كنت عاوزه فلوسي وهمشي على طول بس ما اعرفش ان الخناقه هتطول كده وتنتهي بمصيبه"
كان قاسم ينتظر باقي الحديث بفارغ الصبر حتي يعرف هل حوريه بالفعل بريئه كما قالت له الحقيقه ام كانت تخدعه، نظر إليها وهو ينتفض بعنف غاضباً ينظر نحوها بـنظرة ثاقبة و هو يضم يده إلي بعضها يفركها بعصبية و هو يتسائل بحدة" كملي بالتفصيل ايه اللي حصل بعد كده "
نظرت إليهما بقلق شديد وهي تقول بصوت خافض" هو الراجل اللي انا طلعت معه وجابني شقته اقعد يقول لها كلام غريب ما انتي كمان زيي وانا ساكت عليكي وهي اتعصبت قوي وزي اللي ركبها عفريت وفضلت تصرخ وتكسر في الاوضه وتقول له بس انا غيرك اغتصبت مش ذيك بترمي نفسك تحت رجلين الستات وبعدها طلعت تجري كانت عاوزه تفضحنا بس هو لحقها وفضل يزعقلها وماسك فيها جامد وكان عاوز يقتلها حتى أخذ سكينه وقرب عليها جامد وكان هيقتلها فعلا بس هي"
صمتت ولم تكمل حديثها، صاح قاسم إليها بحدة بعدم صبر" هي ايه كملي بسرعه "
هتفت بسرعه بخوف وقالت بتوتر" حاولت تبعد السكينه من الخوف لتيجي فيها راحت جاءت فيه وهو مات.. بس انا شفت الدم من هنا وطلعت جريت وقابلت في وشي اثنين ستات بس مش فاكره ملامحهم مشيت وما اعرفش بعد كده اللي حصل وفضلت اتابع الاخبار في الجرائد وانا مرعوبه سيرتي تتجاب في التحقيق ويعرفوني "
صمت قليلًا قاسم وهو يتنفس بقوة وراحه أن اخيرا تاكد من الحقيقه ووصل الى براءه حوريه فهو يريد حتى ان يرد اليها جزء ولو صغير مقابل ما فعله معها ليقول بجدية" طب اسمعني كويس انا كل اللي طالبه منك حاجه واحده بس انك تيجي تشهدي بالكلام ده في المحكمه انه حصل وانها حورية ما كانتش تقصد تقتله وانا مستعده اديلك فلوس زي ما انتي عاوزه و.."
ظهر الغضب علي وجهها فجاه علي نبرة صوتها التي تصدح بغل مرددة" اه انا كنت من الاول حاسه ان الحكايه فيها أن وان دخلتكم عليا دي ما فيهاش خير ،فاكرني عبيطه عاوزني اروح المحكمه وبعد كده تلبسني الليله كلها ما انتم اولاد ذوات وانا حته واحده غلبانه ولا راحت ولا جاءت ما حدش هيسال فيها"
نظر إليها قاسم بحدة و هو يقول بضيق شديد" يا بت بطلي غباء واسمعيني كويس انا مش عاوز اضرك ولا هاذيكي في حاجه انا عاوزك تشهدي بالحقيقه بس و.."
قاطعته غنوه حديثه بغضب و هي تتحدث بانفعال شديد قائله" لا اسمعني انت وهو بقى كويس لو فاكرين انتم الاثنين هتشيلوني الليله لوحدي وما حدش هيعرف الحقيقه تبقوا غلطانين عشان انتم ما تعرفيش اللي فيها وان انا معايا دليل على صحه كلامي وان انا ما قتلتش حد"
عقد حاجبيه جمال بتعجب وانتباه قاسم بسرعه الي حديثها ليقول بلهفه" دليل ايه ده "
لوت شفتيها بسخرية قائله بثقه وشماته"
هقول لك دليل ايه ما انتم عمركم ما هتتوقعوا ولا يجي في دماغكم ان كل حاجه حصلت ليله الحادثه ولما اتقتل كانت متصوره صوت وصوره بتليفون القتيل؟."
اتسعت عينا كلا من جمال و قاسم بعد استعياب بينما ابتسمت غنوه بتهكم و هي تنظر إلي قاسم و جمال بشماتة وتتحدث بسخرية قائله"شوف مع اني كنت رافضه الموضوع في البدايه ومقلقه لايضرني في حاجه بس طلع هو دليل براءتي دلوقتي اصل في شغلانتي دي بيعدي عليا اصناف زيكم تعر وليله الحادثه قبل ما يموت القتيل طلب مني يصور اللي هيحصل ما بين على تليفونه وبعد كده بيتفرج عليه ..كيف منيل بقى، انا كنت رافضه في الاول احسن ينزل الصور دي على موقع ويفضحني بس قالي ساعتها انا كده برده هفضح نفسي معاكي وعمري ما اعمل كده ووريني صور و فيديوهات لناس ثانيه نايمه معاه وهو مصورهم بموافقتهم ولما زودلي الفلوس وافقت ..ولما دخلت الهانم مراته كان التليفون مفتوح و بيصور كل اللي حصل وانا قبل ما امشي افتكرت التلفون واخذته على طول ومشيت ..ولحد دلوقت معايا قلت عشان لو اي حد حاول يلعب معايا ويشيلني الليله اطلع ساعتها الفيديو ده واحطه في عيني التخين "
ابتسمت غنوه بالانتصار وهي تري ملامحهم المصدومه بشده اعتقدتها خبيه امل لتقول بصوت واثقه" ايه مصدومين ما توقعتوش حاجه زي دي خالص صح.. بس اهي حصلت، انا اه كنت راحه معاه شقته لعمل غلط ولو الحكومه عرفت هتديني كام سنه سجن بس احسن ما اؤخذ اعدام على حاجه ما عملتهاش "
بالفعل ما قالته صحيح لم يتوقعه هذا الحديث بالمره وكأنه وجد اخيرا طوق نجاه وسط صحراء خاويه من جميع البشر و قد انفرجت اساريره أنه سحبها من ذراعيها بقوه هاتف بلهفة شديدة" الفيديو ده فين انا مستعد اديكي فيه مليون جنيه بس تدهولي ومش بس كده هضمن ليكي كمان حماتكٍ انك مش هتسجني و هقوملك محامي بس الفيديو تجيبهلي.! "
**
ركبت بسرعه حورية سياره تاكسي لتصل إلي منزلها كانت بداخل السياره تضع يدها فوق قلبها ودموعها تهبط بغزارة وضعف تعرف ما تفاعلة خطر عليها لكن ليس بيدي حيله غير أن تذهب الى والدتها لتنقذها من يد ذلك الشيطان بدأت تهدأ من دموعها عندما توقفت السيارة وهبطت في نصف الطريق بخوف ورحلت سياره الاجره،وظلت هي تقف بحيرة شديد لترفع النقاب عن وجهها تريد أن تطمئن حتى عليها من بعيد وترحل.. لتقف عددا لحظات تفكر ثم ابتلعت ريقها بصعوبة شديدة ثم انتبهت الى ما تفعلة أنه لا يصلح وخطر عليها ولم تقدر على هذه المواجهه بمفردها لتقرر في اخر لحظه العوده الى قاسم.
وقبل إن تخطي خطوه واحده لترحل قبل رجوع قاسم ليعرف ما فعلته، استمعت لصوت أقدام تقترب وشخص ما يقترب خلفها ابتعدت بخطواتها ثابتة قليلا والتفتت ببطء وعلقت حدقتيها لتحاول معرفته وقلبها يخفق بقوة من الخوف الشديد و ساد الصمت لحظات وفجأة عندما رأته شهقت حورية بقوة من الصدمة وحجظت مقلتيها بقوة من الخوف وتمتمت برعب" جـ ـده عـ ـتمان"
ابتسم بخبث وهو ينظر لها وهتف بابتسامة استمتاع وبصوت كفحيح الأفاعي" كويس انك لسه فاكره انك ليكي جد، واللي قريب قوي هياخذ روحك بايده "
حاولت في غصن لحظات الهروب ولكن كأن الأرض ابتلعتها صرخت برعب عله ياتي أحد ينقذها لكن من؟. نعم ليس يوجد غيره قاسم! فهو دائما ياتي في اللحظات الاخيره ليحميها من الجميع وتهورها السخيفة ولكن كانت هذه المرة غير ولم يأتي وينقذها!.
فاندفع بسرعة البرق عتمان بغضب نحوها يجذب خصلات شعرها بقوة من أعلي النقاب وهي تصرخ بألم واخذها لكن نحو طريق آخر غير المنزل،ليكون جزاء الخيانة الموت.