أخر الاخبار

رواية لعنتي جنون عشقك الفصل الثالث3والرابع4 بقلم تميمه نبيل


 رواية لعنتي جنون عشقك الفصل الثالث3والرابع4 بقلم تميمه نبيل

الفصل الثالث 


اشرقت الشمس و القت باشعتها الذهبية على خصلاتها المتشابكة الهمجية المتناثرة على وسادته , اخذ يتاملها طويلا , لا يشبع من النظر الى جمال وجهها ابدا, مد اصبعه ليمر به ببطء على وجنتها الناعمة نزولا الى فكها فعنقها الابيض الطويل , 

استمر اصبعه فى النزول وهو مغمض العينين , وسيطرته على نفسه تهدد بالانهيار.

فتح عينيه حين شعر بها تتململ من سباتها .

فتحت عينيها ببطء شاعرة بخدر غريب فى كل انحاء جسدها , اخذت تتمطى حتى اصطدمت عيناها بعينين قاسيتين تنظران اليها نظرة غريبة نشرت الذعر فى اوصالها .

شهقت بصوت عالى و انتفضت جالسة فسقط الغطاء الى خصرها ,فرفعته فى هلع الى عنقها و رفعت ركبتيها الى صدرها و انكمشت ملتصقة بظهر بظهر الفراش مرتعشة و متسعة العينين.

امتدت لحظات الصمت بينهما و هما يحدقان ببعضهما , اغلقت عينيها منتظرة ما سيوقعه بها ,

انتظرت ... انتظرت

فتحت عينيها لتجده لا يزال ينظر اليها الا ان يداه انقبضتا فى قبضتين اظهرتا بياض مفاصل اصابعه من شدة ضعطه عليها .

(جهزى نفسك للنزول وتناوا الفطور معى)

ثم قام من على حافة الفراش وغادر الغرفة مغلقا الباب خلفه ,ظلت تنظر الى الباب طويلا وهى لاتعلم انه مستند عليه من الناحيه الاخرى مغلقا عينيه 

(كم اكرهك يا حلا ..........يا حبيبتى يا احلا النساء)


راها قادمة الى الشرفة بخطوات متعثرة , يا الهى كم بدت مراهقة بريئة بثوبها الابيض و شعرها المربوط .

هذه الجميلة هى ملكه , احساس كاسح بالمتلاك اجتاحه ,جلست ببطء و تردد على الكرسي الوحيد والموجود بجواره , لم ينطق اي منهما بكلمة , ظلت هى مطرقة براسها و ظل هو ينظر اليها لا يشبع منها .

عادت به ذاكرته الى يوم راها اول مرة 

نظرات عسلية بريئة , شفاة كرزية وجنتان كالتفاح و ابتسامة ملاك و ضفيرتان بلون الذهب , لم يرى طفلة اجمل منها يوما .

كائن خرافى ذهبى يقفز و يدور مقهقها فى بهو قصرهم . لم يدرى كم بقى يراقبها ينهل من الوهج الذهبى الذى تثيره حولها .

نزل درجات السلم ببطء حتى وقف خلفها و هى لا تزال تقفز , انطلقت منها صرخة طفولية حين التفتت لترى هذا العملاق الاسمر خلفها ينظر اليها من علو بنظرات صارمة .

شعر بالتسلية و هو يرى ما اثاره من رعب لديها .

سالها بصوت قوى (من انت ؟)

بقيت صامته فاغرة الفم و قد عجزت عن النطق 

ارتفع صوته قليلا ؛(سالتك سؤالا ....)

صدرت منها همسة طفوليه لا تسمع 

انطلق صوته مرة اخرى 

(لم اسمع )

(حلا) كلمة واحدة وصلته بالرغم من خفوتها 

(و من تكونين يا انسة حلا ؟..)

اطرقت راسها مرة اخرى و لم ترد 

(حلاااا)ارتفع صوته بنداء اشد و اعلى نبرة و اكثر صرامة 

وصله صوتها الخافت 

(حلا الراشد)

وكانت بداية دخول لعنة نساء الراشد الى حياة رجال مهران


ايثار الراشد 

اسم جلب لعنة اصابت حياتهم ,ولم يستطيعوا الفكاك منها الى اليوم 

ايثار .. ذات سحر اسود يسبى كل من يراه ليجعله اسير محرابها ,يوم دخلت ايثار قصرهم و راها عرف ادهم انها لن تخرج منه ابدا , 

عينيها قاسيتين بلون الفيروز تسبيانك و تركعك تحتهما, شعر اسود طويل كليلة لا تنتهى , قوام كلحن فاجر يابى ان يحرر من ينظر اليه 

(ادهم ...ايثار زوجتى)

جملة لن ينساها ابدا شلت اطرافه وقتها جملة صدرت من امبرطور عائلة مهران .

ادرك ادهم ان صاحبة السحر الاسود قد فعلت المستحيل و اسقطت الامبراطور من عليائه ,

دخلت ايثار الراشد القصر تصاحبها ثروتها الصغيرة 

سابين طفلة فى السادسة من يراها يجزم انها سترث سحر ايثار الاسود الذى ستسبي به كل من يراها 

نفس الخصلات السوداء المجنونة , نفس النظرة الفيروزية الفجة 

سما , دمية صغيرة عيناها بلون السماء الصافية تحمل براءة بعيدة عن نظرة اختها , وخصلات شقراء ملفوفة كشعر دمية 

و اخيرا حمامته الذهبية التى تحمل كل معانى الجمال فى نظرتها التى تمتزج فيها البراءة بالشقاوة بوهج ذهبى خاص بها تشعه على كل من يراها 

اين ذهب هذا الوهج الذهبى حمامتى , اين اختفى شعاعك الذى كان ينفذ كالسهم الى قلبى و انا اسقط بكل استسلام لسحر احدى بنات الراشد .

افاق من ذكرياته على صوت تحطم شىء على ارضية الشرفة الرخامية , نظر اليها و قد اوقعت فنجانها من بين اصابعها المرتجفة .

جثت على ركبتيها عند قدميه تجمع القطع المكسورة .وهو ينظر اليها من علو , لحظات و نزل جالسا القرفصاء بجانبها و استمر فى النظر اليها و هو يكاد يلتصق بها , ارتجفت بشدة من قربه ولم تستطع رفع عينيها اليه , و من شدة ارتجافها جرحت اصبعها باحدى القطع المكسورة , تساقطت القطرات الحمراءعلى فستانها الابيض , امسك اصبعها بيده و رفعه الى فمه وعيناه لاتحيد عنها , ظلت تنظر الى الارض بينما قلبها يكاد يقفز مذعورا بداخلها من حركة فمه .

عادت المشاعر الشرسة اليه لتنشب مخالبها باعماقه و تفقده ما تبقى من سيطرته 

امسكت قبضته القوية فكها بعنف و امتدت يده الاخرى لتجذب رباط شعرها محررة الخصلات الطويلة من قيدها ,جذب راسها اليه ليلتهم شفتيها فى قبله كان ينتظرها من ساعات 

لم تعرف كم استمرت قبلته ,لحظات ,دقائق لن تعرف ابدا احست بالدوار يلفها و يفقدها ما تبقى لديها من قدرة على تمييز اى شىء

جذبتها ذراعيه من خصرها كقضبان من فلاذ لترتكز على ركبتيها بدون ان يحرر شفتيها من اسر شفتيه .

امواج تبلعها و تلقيها بدوامة تدوووور و تدوووور .

(سيدى لق..........اه... انا اسفه ......اسفه جدا )

رفع راسه ببطء وهو يشتم و يلعن بداخله , لينظر الى الخادمة المذعورة امامه

(اذهبى الان زينب )قالها بهدوء لا يناسب البركان العاصف بداخله 

انطلقت الخادمة المسكينة مهرولة و كان شياطين الارض تلاحقها 

نظر ادهم الى وجه حلا المرتفع اليه وهى مغمضة العينين ولا تزال بين ذراعيه

(حلا ..)

لم ترد بل يعتقد انها لم تسمعه اصلا , ربت على وجنتها باصبعه (حلا...)

ايضا لا رد 

ضرب باصابعه اقوى قليلا على خدها (حلا افيقي........)

ارتفع جفناها ببطء لتنظر اليه عينان غلب عليهما خضار البحر فى اخر لحظات الغروب ,اول مرة يرى صغيرته وقد عصفت المشاعر بعينيها التى لطالما نظرت اليه فى خوف 

يا الهى لقد كبرت صغيرته و اصبحت امراءة خلابة , لم يعرف متى كبرت ولا كيف اضاعها لتعود فى النهاية الى مكانها الطبيعى المقدر بين ذراعيه 


(وعدا منى و لنفسى ... لن اضيعكى ثانية ابد الدهر.. يا حلا الراشد)


كانت تجلس على كرسي مكتبها بداخل احد فروع امبراطورية مهران

واضعة ساق فوق الاخرى باناقة , وكعب حذائها الرفيع الشديد الطول يطرق بانتظام سريع على ارضية الغرفة .

(هناك شى خاطىء ..... استشعره بداخلى ) 

مرت عدة ايام و لم يهاتفها كعادته , منذ ان ابلغها انه سيتغيب عن العمل لعدة ايام فى مكالمة مقتضبة رسمية لا تشبه مكالماته العاطفية الطويلة التى كان يمطرها بها بعد العمل وكان بقائهما معا ساعات العمل لا يكفيه 

(اين انت مازن مهران .. يستحسن ان يكون لديك عذرا قويا )

(لست انا مازن مهران )

ظلت تحدق امامها بصمت هائج

كانت سارحة فى افكارها و لم تشعر بدخول احدا الى الغرفة الا بعد ان رات جدارا بشريا يعيق مجال الرؤيا امامها تماما

تاملت نظراتها الجدار البشرى الضخم العضلات ببطء شديد صعودا الى اكتافه ثم الى وجهه .

وجه وسيم وسامة رجولية سمحة لكن ايضا قوية الشكيمة , شعرا اسود قصير انتشرت به الشعيرا الفضية و ازداد انتشارها على جانبي وجهه لتعطيه جاذبية غير موجودة عند الكثير من الشباب الشديدى الوسامة , اما عيناه فهى قصة اخرى فهى للوهلة الاولى عينان بنية طيبة رقيقة انتشرت بعض الخطوط الدقيقة على جانبيها .الا انك حين تطيل النظر اليهما تجد باسا و صلابة تثير الرعشة فى الجسد .

استمرت فى النظر الى وجهه و هى مستندة الى ظهر كرسيها ممسكة بقلم تلعب به باستهانة بين اصابعها المصبوغة بلون احمر قان .


لم تنزل حتى ساقها من على الاخرى احتراما . 

وقحة , كان يعلم انه سيجد فى هذا الكرسي اكثر النساء وقاحة , الا انه حين راها على الحقيقة اشتدت نيران الغضب بداخله من شدة وقاحتها .

حتى شكلها شديد الوقاحة . شعر اسود مجنون يحاول الصمود فى قيد ربطته خلف عنقها البيضاء الطويلة .,شفتان مكتنزتان اكتنازا يكاد يكون غريبا و مصبوغتان بلون احمر قان يتناقض مع النظارة العملية ذات الاطار الاسود التى تغطى عينيها بدون ان تخفى لونهما الغريب , لون فيروزى داكن يختلط فيه الاخضر الداكن بشظايا زرقاء لاهبة 

عينان جميلتان تشبهان الاحجار الكريمة الا انها اشد قسوة منها 


همس لنفسه 

(ها قد جئت اليكى .. و ساذيقك اياما اشد ظلمة من ليل شعرك الطويل ... يا سابين الراشد)



الفصل الرابع 


استمرت سابين فى النظر بتسلية الى الكائن المفرط الرجولة و جاذبية امامها و قد ارتفع حاجبها الايسر قليلا وهى حركة ملازمة لها تقديرا لاى جاذبية رجولية ما ان تستشعرها . 

ارتفعت زاويتي شفتيها المكتنزتين قليلا و قالت بصوت عميق ناقوسي ذو بحة غريبة سقط فى هواها اشدالرجال (نعم؟!..)

كلمة واحدة قليلة الحياء من فتاة وقحة مغرورة لا تليق ان تكون صاحبة مركز مهم مثل منصب مديرة مكتب مازن مهران .

ظل لحظات واقفا امامها كالجبل الشامخ و يديه فى جيبي بنطاله , عيناه لا تحيدان عن عينيها فى اختبار لقوة الارادة بينهما , استمرت اللحظات البطيئة حتى سرت بجسدها رعشة خفية جعلتها تطرف بعينها , فقط طرفة واحدة هو لاحظها و انتصر وظهر انتصاره فى عينيه مما اشعل غضبها .كانت حربا شعواء مدتها لحظات قليلة استشعرت فيها ما له من باس و صلابة جديدين عليها, وكان تاثير ذلك عليها يماثل غضب سنين و قرون.

(من فضلك يا انسة اتبعينى الى المكتب لنناقش امور العمل)

......عبارة مهذبة بصوت رجولى عميق صادرة من الكائن البشري الضخم امامها . 

فغرت شفتيها الجميلتين لحظة لتعود وتزمهما لتمنعهما من قول ما لا يحمد عقباه.

(هلا تتكرم سيادتك و تشرفنى بمعرفة هويتك)قالتها بسخرية شرسة 

ارتسمت سخرية قاسية على زوايا فمه و قال

؛(الان وقد سالتى بادب ... اعرفك بنفسي .انا احمد مهران مديرك الجديد).

.................................................. ...............................

كانت جالسة على فراشها تضم ساقيها الى صدرها و تؤرجح نفسها الى الامام و الخلف فى حركة رتيبة بينما عيناها لا تريان امامها , منذ ان فرت من امامه صباحا الى غرفتها لم تخرج منها .

انها مرهقة , مرهقة جدا هذا كثير عليها فى اقل من عشرين ساعة شعرت انها تموت و تحيا الف مرة . يا الهى اقل من يوم و ها انا اكاد ان انهار كيف ساكمل هذا الاتفاق اللعين .

ترى هل سياتى اليها الليلة .. اذا جاء ستكون مستعدة له , الليلة الماضية اخذها غدرا اما الليلة فهى جاهزة لان تنشب مخالبها فى عينيه القاسيتين اذا حاول لمسها 

احمر وجهها بشدة و زاغت عيناها و تسارعت انفاسها واخذت حالة الفزع القديمة فى الظهور تدريجيا , و ازداد تارجحها الى الامام و الخلف سرعة و تدافعت الصور امام عينيها ,عينان سوداوان بشعتان تحملان كره العالم لها ...الم ..الم شديد احساس بروحها تكاد تخرج منها لتعوداليها مرة اخرى ابية ان تريحها من العذاب .

فجاة اخذت العينان السوداوان فى التباعد لتختفى و تحل محلهما نظرة من عينين اخرتين رماديتين , نظرة لطالما رافقتها من طفولتها , لطالما شعرت بمراقبة هاتين العينين لها حتى دون ان تراهما اماها .نظرة لم تفهمها قبلا .

اخذت تهدا قليلا و يعود تنفسها لسرعته العادية 

(الن ياتى ...؟) همست لنفسها باحباط 

اخذت حالتها الهيستيرية فى التباعد و عاد وجهها الى لونه الطبيعي 


(ما الذى اخره ..الن ياتى ؟). 


هل سيستجوبها من جديد بشان طلال ..يا الهى .....طلال كنت مؤذيا و انت حى ولا زلت مؤذيا حتى بعد مماتك . 

اظلمت عيناها للذكريات البشعة .

(الم .الم وطعم الدم فى فمهاوصوتها المرتجف لم يكن هذا ضمن اتفاقنا ارجوووووك )

ظلام يحيط بها .ليال لا تنتهى مرات و مرات ....و الخلاص بالظلام المعتاد ليعود شعاع الفجر لايقاظها لتعود وتنتظر مصيرها المحتوم.

تذكرت انها همست نفس الكلمات الليلة الماضية الا ان ما تلاها كان بركانا من حمم لاهبة ثم اعقبها نفس الظلام .

(اكره حياتى . اكره عائلة الراشد و نساؤها و اكره عائلة مهران جميعهم لم ارى منهم سوى الالم ......و اكرهها هى .......اكرهها اكثر من كرهى لاى الم اصابنى)


(ما الذى اخرك..؟)همست ثانية 

.................................................. ...........................

كان واقفا على الشرفة التى شهدت فقدانه لسيطرته صباحا يحاول تهدئة نفسه (اهدا يا ادهم و استعد سيطرتك التى كانت مصدر قوة لك , لن تاتى طفلة و تفقدك اياها فى نهاية المطاف )

حتى لو كانت طفلة ناعمة بيضاء ذهبية فى رقة النسيم و جمال الورود المتفتحة تثير فيك ال.......


لا لا يا ادهم انت تحيد عن المسار . استعد تركيزك فكر بشيء اخر اى شى 

لكم يتمنى الصعود اليها و اخذها بن ذراعيه ليتركهها تبكى على صدره الى مالا نهاية , ولكنه يعلم انه ان وضع يده عليها لن يتركها . وهى ليست مستعدة بعد و هو يريد هذه المرة ان يبدا معها بالطريقة الصحيحة . لقد افسد الامر معها , افسده تماما ليس هذا ما كان يتمناه , كان يتمنى ان تتلاشى به كما تلاشى هوبها ...يريد ان تاتى اليه برغبتها ..........(اممممم حسنا لا داعى لان يتمادى فان انتظرها حتى تاتى اليه سيكون عليه الانتظار للابد.يكفى فقط ان تكون مستعدة له و سيريها هو الى اى افق من الافاق سيصل بها).عند هذه النقطة شعر بقلبه يكاد يتفجر فى صدره وهو يتذكر المشاعر التى عصفت بعينيها صباحا , هل شعرت ولو بقطرة مما شعر هو به , لا بالتاكيد لا يجب ان يخدع نفسه ليحصل على ما يريد , كل ما فى الامر ان هذا التقارب كان جديدا عليها.

لقد ضيعها طلال فى ضباب مجهول بالنسب له.صباب اسود عملاق يحيط بها

هو متاكد ان طلال اذاها بشدة ولو كان لا يزال حيا لكان قتله بنفسه , ولكنه لن يلح عليها فى معرفة التفاصيل الان ليس بعد, اه يا ادهم لايزال الطريق امامك طويلا ......

(الى متى ساظل اتعذب يا حلا ,تعالى اليا يا حلاي ...اخرجى من ظلامك و انقذينى من عذابى )

.................................................. ....................

اخذت بضع لحظات تنظر اليه بدون ان يرمش لها جفن .

اخيرا نطقت بصوتها المبحوح العميق كصوت الناقوس . 

(بالتاكيد انت الان تنتظر ان اصاب بالهلع و الصدمة .... لكن احب ان اطمئنك ان ذلك لن يحدث ابدا ...فهلا تكرمت و عرفتنى بنفسك ).

رغما عنه شعر ببعض الاعجاب بالصلابة الفذة المنطلقة من عينيها . الا ان شيئا لم يظهر على تعبيرات وجهه حين قال بصوته الرخيم 

(احمد مهران يا انسة .... و الان الحقينى الى المكتب )

ودخل الغرفة الرئيسية الملحقة بمكتبها بدون ان ينتظر منها رد 

.................................

(احمد مهران) 

اذن هذا هو احمد مهران القضب الثانى فى الامبراطورية مع ادهم مهران و المتولى فرع العمل بالخارج .

كانت تعلم انه سياتى اليها مهما طال الوقت , لقد بدات الحرب و انتهى زمن عبثها مع ال مهران .

لا بد ان الامور استعصت اخيرا على دارين لتلجا الى رجل المهمات الصعبة احمد مهران. 

قامت ببطء من على كرسيها , فردت ظهرها و رفعت ذقنها و سارت بإباء تتقاطع ساقيها باناقة على ارضية الغرفة ,فتحت الباب ودخلت و قد ارتسمت على فمها ابتسامة الاستهانة بكل شىء سواها .

وقفت امامه تنظر اليه فى غرور و علياء و هو جالس فى كرسي مازن مهران , ثم اتجهت الى الكرسي المواجه له و جلست عليه بحركات مدروسة واضعة ساقها فوق الاخرى , ولا تزال نفس الابتسامة المستفزة على شفتيها.


رفع راسه من الاوراق الموجودة امامه لحظة دخولها و اخذ يراقبها حتى جلست امامه . 

امراءة فارعة الطول ذات قوام مكتنز ملفوف باستدارة يشبه قوام ممثلات الستينات, قوام لا يخفى سحره الزى الرسمى الاسود الشديد الاناقة الذى ترتديه ويصل الى ركبتيها ولكنه ارتفع عنهما لحظة جلوسها . 

صحيح ان زيها ليس مصمما للاغراء , الا ان هذه المراءة تشع اغراء و سحرا اسودا ليس مبعثه ملابسها او زينتها بل هو سحر ينبعث من داخلها , سحر مغوي يسبى ناسك .

نظر اليها بعد ان جلست . 

ثم قال بلهجة ذات باس شديد يهز اشد الرجال 

(قفى .......لم اسمح لكى بالجلوس)

اتسعت عيناها قليلا فى اول تعبير بشرى لها منذ راها 

انزلت ساقها ووقفت منتظرة التالى من الجبل الشامخ امامها .

قال بنفس اللهجة الصلبة الصارمة 

(و من اليوم لا تدخلى هذا المكتب الا بعد ان تطرقى الباب و تسمعينى اسمح لكى بالدخول ..هل كلامى واضح ..........)

حاولت الكلام قائلة (ولكن قبلا كنت .........)

قاطعها بصوت اشد لهجة واقوى صرامة 

(وااااضح؟)

اجابت بصوتها الناقوسي المغوي الذى اخفى تحت ذبذباته بوادر اللهب الاسود 

(واضح بالتاكيد)

ثم سالته 

(الا يمكننى ان اعرف على الاقل اين مازن )

انه لا يصدق وقاحة هذه المراءة وشدة انحلالها و جراتها على ان تساله هو بالذات عن مازن مهران,الا انه لم يسمح لاى من مشاعره بالظهور و اجابها باتزان 

(السيد مازن قرر تولى العمل بفرعنا فى الخارج و ساتولى انا العمل هنا )

لم يفتها كيف شدد على كلمة سيد ولكنها سالته 

(هل سيعود للعمل هنا مرة اخرى ؟)

قال فى نفسه (اقسم بالله انى سانهض لاصفعها ان لم تتدارك نفسها )

ولكنه اراد ان يوضح لها ما جاء من اجله و يضع النقط على الحروف 

(السيد مازن سافر مع عائلته و سيستقر بالخارج )

ساد الصمت بعد عبارته الاخيرة , اخذ ينظر اليها ليرى تاثير عبارته عليها , الا انها ظلت واقفة امامه بدون ان يظهر عليها انها سمعته مما استفزه و جعله يتابع قائلا 

(مازن اراد ان تلد دارين بالخارج)

صمت.....صمت

قالت اخيرا بصوت متباطىء 

(هل دارين حامل؟)

ها هى قد عادت الى صفاقتها و قلى حياؤها .

(نعم اختى حامل . .هل هناك ما يضايقك انسه سابين )

ظلت صامته قليلا تحاول استيعاب ما سمعته . ثم قالت اخيرا 

(حسنا فلنناقش ما اردت من امور العمل)

نظر اليها نظرة فلاذية و قرر ان يكون اكثر وضوحا معها فقال 

(استطيع ان اتفهم انكى كنت معتادة على العمل مع السيد مازن و الان اذا كنتى تجدين الامر مربكا لكى , فلكى كامل الحرية فى البحث عن مكان اكثر ملاءمة لكى و لقد ترك السيد مازن خطاب التوصية لكى )

.......ران صمت قاتل فى الغرفة .

تحركت ببطء شديد امام انظاره و ساقيها تتقاطع حتى وصلت الى حافة المكتب فانحنت واضعة كفيها على سطحه و اصبح وجهها على بعد سانتيمترات من وجهه , و همست بصوت قد يسبب ازمة قلبية لاصحاب القلوب الضعيفة 

(قديما فى العصور الوسطى حين كانو يريدون احالة صاحب منصب هام يحمل معه كل اسرار الدولة للتقاعد ,كانوا يقومون باعدامه بلا تردد

لذا فان كنت تريد التخلص منى فالافضل ان يكون لديك سلاحا محشوا . لاننى احمل كل اسرار امبراطورية مهران)


للحظة تاهت نظرته فى شفتيها القرمزيتين و هما تتحدثان بهذا الهمس الاجش . 

الا انه استعاد سيطرته فى جزء من الثانية قبل ان يظهر عليه شيئا 

(هل استشعر رائحة تهديد انسة سابين!)

رسمت على وجهها معالم دهشة مبالغ فيها و هى تهمس بدون ان تتحرك من مكانها

(تهديد ؟!!! يا الهى كيف فهمت ذلك ..بالتاكيد لا فانا ولائى الاول و الاخير لمؤسسة مهران ,و الان بعد اذنك ساذهب و احضر ملفات اخر معاملات للفرع لنناقشها).

راقبها و هى تستقيم و تسير مبتعدة بمشيتها المتقاطعة , استسلمت عيناه لحظة لمتعة محرمة فى النظر الى قوامها الخلاب حتى خرجت من الغرفة , الا ان صوت انغلاق الباب افاقه و جعله ينتبه الى نظرته فاستغفر الله بداخله 

(الان عذرتك يا مازن فن اين لك القوة لمقاومة هذه الشيطانه صاحبة السحر الاسود)

استعاد صوت بكاء شقيقته منذ عدة شهور و هى تاتى اليه مستنجدة بان مازن على علاقة مع مديرة مكتبه سابين الراشد , من وقتها و هو يقوم بتحرياته عنها و حين واجه مازن بالامر انهار و لم ينكر فلطالما كان مازن يسهل الايقاع به .

و قد حاول ان يمتص الموضوع و ينبهه الا انه مع مرور الوقت شعر بخطورة الموقف و استلزام تدخله شخصيا خاصة بعد معرفته بحمل دارين.

فلجا الى الشدة مع مازن ثم التهديد حتى تمت تسوية الوضع و استقرار مازن و دارين الا ان وضع مازن مخيفا حتى الان فهو يبدو شخصا مهووسا مصابا بلعنه تفقده صوابه لا يعلم متى سينجو منها ..هذا ان نجا اصلا .

استعاد فى ذهنه صوتها وهى تهمس بتهديدها الخفى الحقير لذا قرر فى لحظة واحدة استبقاؤها فى العمل و بالتاكيد ليس خوفا من تهديدها الاحمق ,فهو قادرا على ان يسحقها كحشرة ان استلزم الامر . لكنه الان و بعد ان واجهها لن يستطيع ان يترك الامور عند هذا الحد 

(لكم سيطيب لى تعذيبك يا سابين بقدر ما سببته من الم حولك)


.................................................. ................ 


لايعلم كم من الوقت ظل ينظر اليها و هى نائمة , انها تشبه الملاك بكل جدارة , ملاك معذب يئن كل لحظة ممزقا نسيج قلبه . 

مد يده ليوقظها من نومها و يريحها من عذابها . الا انه عاد و سحب يده غير متاكد من صواب الفكرة.

(يا حلا يا حلاي كيف اريحك من عذابك ..و من يريحنى انا من عذابى )

ازداد انينها و اخذت تصدر نشيجا يمزق القلب و بدات الدموع تنهمر من تحت جفنيها المنغلقين , عندها لم يستطع التحمل اكثر فادخل ذراعيه تحت ظهرها و رفعها حتى ضمها الى صدره وهى جالسة و اخذ يهدهدها بين ذراعيه بينما كانت ذراعيها مفرودتين وساقطتين الى جانبيها و وجهها مدفون فى كتفه الصلبة تبلله بدموعها و هى لاتزال نائمة , اخذ يتعالى نشيجها قليلا فاعتصرها بين ذراعيه اكثر و اكثر و هو يهمس فى اذنها (هشششششش.....هششششش)و استمر ضاما اياها الى صدره حتى هدات الا انه لم يتركها و ظل يؤرجحها بين ذراعيه ,فجاة احس بقلبه توقف ثم عاد لينبض بعنف مهددا بالانفجار حين شعر بيد صغيرة تلامس صدره , امسك بذقنها و رفع وجهها اليه فوجد جوهرتين عسليتين مخضرتين تنظران اليه فى استسلام و ارهاق, ظل ينظر اليها و هى تنظر اليه فى صمت , وبدون ان يشعر اخذ يميل بها حتى استلقت بظهرها على الفراش وهى لاتزال بين ذراعيه بينما فمه يلتهم فمها .

كان يعلم انه لن يستطيع منع نفسه , لن يلوم نفسه اكثر من هذا فهو يسترد حقه , يسترد ما سلب منه . عند هذه النقطة اغلق عقله و غاب بها فى بحر لا قرار له .

يتبع 

                الفصل الخامس من هنا



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close