رواية حوريه بين انياب شياطين الفصل الثالث عشر13 الرابع عشر 14 بقلم خديجه السيد
قبل ساعة ظل عتمان يحتضن حوريه رغم عنها وهو يسير والرجال في الخلف حتي ابتعدوا مسافه ليس كبيرة عن القصر ثم توقف وابتسم باصطناع قائلا"خلاص يا رجاله متشكر لحد هنا انا عربيتي اهي هاخذها و هروح بقى مش عارف اقول لكم ايه علي اللي عملته معايا متشكر جدا"
نظروا الرجال إليه قليلا ثم هز رؤوسهم بالايجابي حتي يرحلون قبل ان يوصوا عتمان عليها وهو أجاب بالموافقه بوهن أجاد إتقانه
بينما زاغت عينا حوريه بخوف شديد عندما رحل الرجال وبقت بمفردها مع جدها لا تعلم ماذا ينوي يفعل لها؟ أو ما يجب عليها فعله؟ تشتت عقلها من كثرة التفكير ومحاولاتها في الوصول الي حل لهذا المأزق حتي توقف عقلها عن التفكير عندما سمعت صوت عتمان يضحك بشر من سذاجه الرجال اللامتناهية.
ثم تطلع إلي حورية وتوقف عن الضحك و الجمود يعتلي ملامحه لتنظر له حوريه منتظرة حديثه حتي تلقت منه صفعة قوية علي وجهها تتبعها الثانية بقوة مضاعفة حتي سقطت بالارض بعنف ثم بصق عليها باحتقار جعل حورية تنتفض علي أثر فعلته وسرعان ما إجهشت في بكاء عنيف بألم ثم سحبها بعنف وهتف بقسوة شديدة" لسه برده يا زباله مصممه ما فيش حاجه بينك وبين الولد ده حتى بعد ما طلعك براءه، ورحمه ابوكي يا حورية لا هتحصلي في تربه قريب وعلى أيدي"
بدأت عبراتها تهبط بضعف وهي بمفردها في منتصف الطريق معه ولا يريد يتركها و كعادته يمارس ضغوطات قاسيه عليها تأجج عيناه بالغضب الشديد وهو يصرخ بعنف"يابنت الـ** ما هو انا مش مركب قرون عشان اسيبك تصيعي علي حل شعرك مع حته عيل تربيه ملاجئ وانا قاعد في البيت واللي يسوى و ما يسواش يلسن عليا بالكلام بسببك "
حاولت التملص منه إلي أن سمعت صوت صرير إطارا سيارة سريعة تحتك بالارض بقوة يقترب منها ألتفتت نحوها بخوف ولهفه علي أمل أن يكون قاسم! لكن ليتحول ذلك الخوف إلي رعب أكبر وهى ترى السيارة القادمة باتجاهها لتنزل منها ناريمان ومعها الحارس الخاص بها قادمون عليها لتضرب دقات قلبها بصدرها بقوة مسببة لها الارتجاف واقتربت منها ناريمان وهي ترمقها بنظراتها الاستهزاء وهتفت بأسف مصتنع" متاسفه يا عتمان هقطع عليك وصلة التربيه المتاخره دي
لبعدين عشان انا محتاجاها اوي دلوقت.. يلا اتحرك انت كمان واجيبها لي على العربيه"
عقد عتمان حاجبيه باستغراب قائلا بعصبية"
تاخدي مين أنتي اتجننتي مش انتي اللي متصله بيا ومعرفاني مكانها عشان اروح اخذها "
مطت شفتيها ببرود تام وهي تقول بصوت جاد"لا ما هو انا مش المصلحه الاجتماعيه بتاعت العيله انا كلمتك عشان تعرف تخرجها من القصر وانا عارفه اوصل لها ذي طعم يعني وانت زي الغبي شربت الطعم ده"
ودون مقدمات اقترب الحارس الذي معها و ضرب عتمان علي رأسه بقوة ليسقط فاقد للوعي، صرخت حوريه و اتسعت مقلتيها بذعر وخوف وإلي هنا أصاب قلبها بخوف ليس له مثيل استدارت مبتعدة عنهم قبل أن يمسكها أحد و دموعها المرعبة تتساقط منها و ركض خلفها سريعه ذلك الحارس الخاص بـ ناريمان لتحاول حورية الهروب منهما وهي تركض بكل سرعتها لكن اصطدمت بعنف وسقطت على إثره ركبتيها على الأرض رفعت عينيها والتفتت خلفها بسرعه بخوف شديد لتري الحارس أمامها يبتسم بخبث واقترب منها و حملها بين ذراعيه لتصرخ هي بقوه وهي تحاول النزول لكنه ثبتها بقوة أتجه نحو ناريمان الذي ابتسمت بسعادة وحقد وفتحت باب السياره ليضعها في الخلف و بعدها ذهبوا إلى بعيد وهي معهم.
بينما ظل عتمان ساقط بالارض فاقد الوعي جانب سيارته و الدماء تنزف منه وبعد ربع ساعة اقتربت منه سياره قاسم الذي لمح السياره تقف و عتمان بالارض جانبها، هبط بسرعه وتقدم منه وحاول أن يجعله يفيق ونجح في ذلك وفتح عينه هتف قاسم بصوت غاضب وقلق " حوريه فين و مين اللي عمل فيك كده انطق بسرعه وديتها فين؟"
هتف عتمان بصوت منخفض بصعوبة من الألم يخترق موقع رأسه بشده"ناريمان جاءت وخدتها مني وهي اللي ضربتني ومشيت ما اعرفش راحوا فين"
نظر إليه بعدم تصديق و هو يشعر بالغضب منه داخله يتكاثر اضعاف ليقبض علي فكه بقوة و هو يقول بعصبية مفرطة "ضيعت حفيدتك هي دي اللي هتموت عليها عشان تاخذها اديك بعد ثواني بس ضيعتها وما عرفتش تحميها. "
تركه بالأرض يتألم و تحرك متوجه الي منتصف الطريقين بحيره يفكر اي قد ذهبوا لكنه لم يعرف، دائما يحاوط من جميع الاتجاهات بالمشاكل وقف بمنتصف الردهة يغمض عينه و هو يشعر بثقل علي صدره حد الاختناق ليخرج الهاتف من جيب سترته يهاتف جمال الذي رد علي الفور لينطق قاسم بضيق شديد " انا عارف أن انت ماشي ورايا من ساعه لما طلعت، عاوزك تدور في الاتجاه الثاني عندك لو لقيت عربيه ناريمان عدت قدامك تتصل بيا على طول وانا هاروح الطريق الثاني حوريه معاها"
**
بعد مدة قصيرة وقفت سياره ناريمان في جراج السيارات وتوجهت نحوه مكان مهجور هي و الحراس الذي يسحب حوريه معه بعنف وقسوة شديدة بينما كانت الامطار تتساقط فوقهم بغزاره و أصوات الرعد تتعالي.ثم وقفت ناريمان بالخارج تتفقد المكان جيد واشارت الى الحارس ان يدخلها الى غرفه من الغرف الفارغة ثم بعدها دلفت ناريمان إليها لتجدها
بحاله غربيه لكن لم تهتم إليها
بينما كانت حوريه صامته جامد حتى بدأ يخفق قلبها رعبًا من الأصوات و الأجواء بالخارج لم تعد تطيق تلك الأجواء تذكرها بأسوأ ليله في حياتها فزدادت من سرعة ضربات قلبها مع كل صاعق رعد بالخارج كانت تحاول بكل الطرق التحكم بتلك الحالة و الغضة الحاده داخلها لكن كل ما حاولت فشلت رفعت أناملها الصغيرة تمسح ما تبقي من عبراتها التي بللت وجهها من دموعها والامطار فهتف ناريمان بخوف مصطنع"ايه ده بس مالك شكلك تعبانة أوي تؤ تؤ ما ينفعش كده ما تنسيش انك حامل العصبيه والخوف اللي في عينك دول مش كويسين عشان البيبي "
ظلت حورية صامته تأخذ أنفاسها بصعوبة وضعف، ابتسمت ناريمان بقوة تهتف بسخرية وهي تلمح خوفها الشديد بعيناها يشع تمامًا لكن خوفها كان من اصوات الرعد بالخارج والامطار وليس منها "مين اللي ضربك كده عتمان مش كده ايده جامده وجعتك صح طول عمرة عصبي و متهور وما عندوش مخ بقى معلش.. بس اللي انا هعمله فيكي دلوقت غير اللي هو كان هيعمله فيكي خالص انا حاجه ثانيه غيرة "
هبطت دموعها تغزو صفحة وجهها لتهز رأسها ببطئ متألمة ثم تمتمت بضياع "هتموتيني"
لتبتسم هي ببطئ بشر تتلذذ بخوفها وهي تقول بصوت ماكر "تعرفي الفتره اللي رجعتي ثاني السجن فيها وعملتي استئناف للحكم واخذتي براءه خليتني انا كمان أعيد حساباتي في حاجات كتير، ذي ان الموت بالنسبه لك راحه وانا مش عاوزه راحتك انا عاوزاكي تتعذبي وتتقهري ذيي واكثر "
ابتلعت ريقها بصعوبة ترجع خصلاتها للخلف تحاول إخفاء خوفها عندما اقتربت أمامها مباشرة لكن ناريمان رفعت أناملها تمسك ذقنها بعنف وقسوة شديدة كي تدير وجهها إليها فاستجابت لها رغم عنها بضعف شديد، مطت ناريمان شفتيها بتفكير مصطنع تردف بحده "بس قولي لي في حاجه نفسي افهمها ايه اللي يخلي قاسم خايف عليكي وعاوز يحميكي مننا كده يا ترى وعدتيه بي ايه؟ يلا قولي لي أصلا عندي فضول من ناحيه الموضوع ده كبير ونفسي افهمه "
أنتفض جسدها يرتجف برعب و فزع شديد خاصة عندما أصبحت الاصوات الرعد تضرب بقوه اكبر وضعت يدها على أذنها بهستريا حتي لا تستمع الاصوات وبدأت تبكي بعنف حتي أن جسدها بدأ يرتعش بالكامل ثم كتمت فمها بيدها تمنع شهقاتها من الارتفاع وهي تتألم ولكن ليس من جرح جسدها و نفسيتها فقط إنما جرح قلبها الذي ينزف من شعورها بالخذلان تجاه الجميع نحوها، فهي لم تكن تتصور أبدًا أن قاسم يتجاهلها بهذه الطريقة ولم يذهب خلفها هذا المرة هو يعرف شعورها الان كانت تعتقد أنه أصبح يعرفها اكثر من نفسها لكن بفعلته هذه شعرت بالخذلان والقهر المرير منه.
كان كل ذلك تحت أنظار ناريمان المستغربة
لتنظر لها بإستحقار وكره صائحة بغضب"مالك يا بنت ما تتعدلي هو انتي فكراني باللي بتعمليه ده هاسيبك ده بعينك انا اما صدقت وقعتي في ايدي تاني "
لكنها ظلت هكذا تبكي بقهر مما أغضب ناريمان منها فهي لا تعرف أنها تفعل ذلك لأنها تشعر بألم بالفعل ام حتى تمل منها وتتركها نهضت ناريمان بغضب شديد منها وهي تقترب منها تنوي ضربها بشده ولكن توقفت مكانها عندما؟
استمعت لأصوات حطام بالخارج عقدت حاجبيها بدهشة ثم نظرت إليها وعيناها تلمع بخبث واضح وهي تقول"هارجعلك تاني تكوني خلصتي من الهبل ده "
**
خرجت ناريمان بهدوء الي الخارج وسرعان ما
صرخت بقوة عندما وجدت الدماء تنزلق من جسد الحراس الذي كان معها بغزارة وهو فاقد الوعي ومرمي بالارض من الواضح أنه تعرض الي ضرب عنيف ثم رفعت مقلتيها ببطء إلي الجسد الأخري الذي يقف أمامها وجحظت عيناها بقوة وارتعبت أوصالها عندما وجدت قاسم يقف أمامها بكل برود ويده وملابسه ملطخة بدماء الحارس.
وعندما وصلت لعقلها فكرة أنه من الممكن يفعل فيها اضعاف ما فعله الحارس شهقت بخوف وارتعبت والتفت قاسم دون حديث ليركض يبحث عن حورية بين الغرف حتي وجدها بداخل أحد الغرف تنكمش علي نفسها بقوة وهي تبكي بقهر.
ذهب بخطوات ثابتة لكي يطمئن علي حورية وانخفض إلي مستواها بالأرض وعندما وضع يده برفق فوق راسها انتفضت بذعر وخوف و دخلت في صراع نفسي ما بين الصراخ والتيه والهذيان بكلمات غير مفهومة حتي أنها لم تطلع فيه وتنظر الي وجهه، حزن قاسم عندما رآها بهذا الشكل ليري وجهها شاحب وجسدها هزيل ضعيف لا يقوي علي الحركة تصرخ فقط حينما تشعر يقترب هو منها لكنه لم يستسلم واقترب منها وهو يحاول تهدئتها قائلا" حورية اهدي أنا قاسم ومحدش هيجي جمبك غيري"
هزت رأسها برفض شديد رافضه النظر إليه
وصراخاتها تتعالي التي تمزق قلبه الصغير كان يبكي علي صراخها وانكمشت أكثر علي نفسها وضمت ساقيها لصدرها بخوف اغمض عينه وزفر بضيق شديد و بألم حاد يعتصر قلبه قائلا بحنوِ" أنا قاسم يا حوريه ارفعي عينك وبصي لي بنفسك عشان تتاكدي.. حوريه عشان خاطري بصيلي عاوز اطمن عليكي"
رفعت حدقيتها التي كانت تتأرجح بداخلها بالفزع وعبراتها تغرق وجهها الصغير وتهز رأسها بقوة وتمتمت بين شهقاتها" ابعد عني انت كمان مش عاوزاك ..انت هتبقي زيهم وهتضحك عليا.. ابعدوا عني ابــعــدوا بقي وسيبوني في حالي انا معملتش حاجه في حد انتم بتعملوا فيا كده ليه "
كان صوت بكاءها وصرخها يمزق قلبة ليقبض علي يده بقوة جعلت عروقه تبرز من قوته
ثم تمتم بنبرة محببة " انتي زعلانه مني عشان اتاخرتي عليكي معاكي حق حقك عليا بس أنا"
صمت بقلق شديد والتفت عندما أستمع الي صوت طلقه ناريه في الهواء ليجد ناريمان هي من اطلقت النار وتقف امامهم ترفع السلاح في وجوههم ابتسمت بسخرية وهتفت بتهكم" معلش قطعت عليك وصلت الحنيه بتاعتك بس اللي جنبك دي تلزمني وانا مش هاسيبها لا اللي هقتلها دلوقتي قدامك و اقتلك أنت كمان"
نهض بسرعه بحده و جحظت عيناه بصدمة عندما وجد ناريمان ترفع في وجهه المسدس وعيناه تضخ شرارات الغضب والانتقام صاح قاسم إليها بغضب شديد"ناريمان نزلي الزفت اللي في ايدك ده احسن انا اللي اجي اخذ روحك دلوقتي واياكي تعملي ليها حاجه "
تقدمت ناريمان منه ووقفت أمامه تبتسم بسخرية وخبث بصمت ناظرة إليه ولم تمنحه ناريمان فرصة لـ الحديثه مره ثانيه او اهتمام حين سحبت زينات سلاحها الناري تصوبه نحو رأس حورية بلحظة لكن تحرك قاسم يقف أمامها بسرعه وكانت الطلقة نارية مخترقة ذراعيه غارق بدمه وأطلقت حورية صرخة عالية بخوف و قد ارتجفت أوصالها برعب، تألم قاسم كاتم صوته بينما ناريمان لم تكتفي بذلك و وجهت السلاح مره ثانيه لكن نحوه رأسه هو وقبل أن تطلق الطلقه الثانيه رفع جمال يدها إلي الاعلي و انطلقت الرصاص في الهواء زمجرت ناريمان بشراسة شديد وهي تنظر إليه بحده.
ابتسم باتساع جمال وهو يردد باستفزاز قائلا"
تحب تمشي لوحدك ولا ابعت معاكي حد يوصلك "
جزت ناريمان علي أسنانها بغضب دفين ثم تحركت بخطوات غاضبه تذهب الى الخارج، بينما هتف جمال متسائلا وعلامات القلق تغزو وجهه وهو يري ذراعيه قاسم ينزف الدماء" انت كويس يا قاسم دراعك بينزف "
تنهد قاسم بعمق كأنه يطرد هم ثقيل من علي قلبه عندما جاء إليه جمال لـ ينقذهم في آخر لحظة ثم هتف وهو يمسك ذراعيه متجاهل الألم "جرح بسيط ما تقلقش عليا المهم دلوقتي حوريه كانت "
ليتفاجا عندما ألتفت بأن حوريه ليس موجودة خلفه اتسعت عينا قاسم بصدمة كبيرة وخوف شديد وهو يهدر "حورية! حـوريـه فين كانت هنا دلوقت معايا"
بحث حوله في كل مكان ولم يجدها ثم أسرع في خطاه يستطيع التحامل علي آلام ذراعيه لكن لا يقدر علي آلام قلبه وهو يتحرك الي الخارج يلحق بها.
**
توقف صوت الرعد والامطار بدات بالهدوء قليلا نوعاً ما وكانت حورية تسير بخطوات ثقيله جدا وهي قد اكتفت من البكاء لكن ألم قلبها وجسدها مزال يصدر اصوات مؤلمه تحدثتها أن الماضي لم يكن قد دُفن في سرداب عميق كما توقعت! فقد بدأت هيهات تظهر وهي لا تعلم أن الماضي سيظل يلاحقها كظلها طول الوقت كما أنه ينتظر الوقت المناسب للانقضاض عليها اكثر من ذلك.
فاقت حورية من شرودها عندما وجدت سياره تتوجه نحوها قاصدة هي دون غيرها انكمشت فى نفسها وهي تحاول الابتعاد لكن توقفت السيارة أمامها، ضاقت عينيها لتري من بداخل السيارة هذه المرة! لتجد حازم وبجانبه عتمان جدها يمسك رأسه يتعب يحاول ايقاف النزيف فهو من اتصل بحازم حتي يأتي إليه يساعده عقد عتمان حاجبيه باستغراب قائلا بحده" وقفت ليه انت كمان ما تطلع "
هز حازم رأسه برفض وهو يشير برأسه بصدمة قائلا بعدم تصديق" حورية يا جدو أهي"
كان قاسم يحاول اللحاق بها بسيارته ويحاول النظر بلهفة شديدة من خارج شباك سيارته لعله يراها تجلس هنا او هنا لكن لم يجدها زفر بحدة و أسرع بقوة عجيبة تكاد تؤدي به إلي حادث شنيع يريد اللحاق بها حتي فجاءه توقف بسيارته وانتبه لـ حوريه تقف بصمت أمام سياره! ليستطيع التعرف على من بداخلها وكان عتمان ومعه شخص اخر لم يعرفه
هبط قاسم من سيارته بسرعه واقترب منهم وهو يخفق قلبه بقلق وازدادت ضربات قلبه عندما وجد عتمان يهبط من السياره هو و حازم ليقتربوا من حوريه لكن توقفوا بصدمه عندما رفع قاسم المسدس بوجوههم قائلا بتحذير" خليكم مكانكم ولا خطوه كمان منها وما تفتكرش هاسيبها لك المره دي تاخذها مني طالما مش قادر تحميها "
جز حازم علي أسنانه بغضب وقد عرف أن ذلك قاسم الذي يحكي عنه الجميع وحوريه كانت تختبئ عنده ليقول بعصبية شديدة"
ابعد انت عنها وما لكش دعوه بيها احنا اهلها انت مين وعاوز تاخذها مننا بصفتك ايه"
تجاهل قاسم حديثه واقترب منها بخطوات بطيئة يحاول طمأنتها قائلًا بهدوء وهو يهز رأسه" حوريه كفايه عياط وتعالي جنبي عشان نمشي انتي عارفه و متاكده ان انا عمري ما هاذيكٍ"
اتسعت عينا حازم بغيره وهو يصيح بقوة"
حوريه ما تسمعيش كلامه ما ينفعش تفضلي معاه تعالي لينا وانا اوعدك جدي مش هيقربلك ولا يعمل لك حاجه احنا عاوزين مصلحتك يا حبيبتي تعالي عندي"
زمجر قاسم بشراسة وهو يسمعه يهتف ويطلق عليها و يلقبها "حبيبتي" فهو لا يعرف حتى الان ماذا يقرب اليها.
بينما كانت تقف حورية وسطهم بحيره شديده وتوتر وهبطت العبرات من مقلتيها حزينه علي حالها لا تعرف الي من ستذهب الان؟ قاسم كان ومازال الشعور بالامان لكن الى متى سوف تظل معه وغيري ذلك هو تركها اليوم ترحل دون ان يمنعهم، وجدها عتمان و الموت والعيش معه نفس المعناه العذاب الذي ليس له نهايه.
كان مزال قاسم يرفع المسدس بوجوههم غير مهتم بنزيف يده وعيناه تنطق بالشر وهو يقول بحده" مصلحتها عمرها ما هتكون مع واحد زي جدك ولا معاكم ده مقدرش يحميها منهم ومع اول محاوله ليهم وثاني مره هيعرفوا يوصلوا ليها جدك ده ولا بيعمل اي حاجه غير انه كلام على الفاضي و بس، مش بيقدر بس غير أنه يتشطر عليها"
اتسعت عينا عتمان بغضب مكتوم بينما
هز حازم رأسه بقوة برفض ما قاله ليهتف بغضب"ومصلحتها بقي مع واحد زيك تطلع مين انت عشان تدخل نفسك في مشاكل عائليه ما تخصكش، هو جدها وانا ابن عمها واحنا اولى بيها حوريه يلا تعالي علشان نمشي وما لكيش دعوه بي"
كانت حوريه تنظر لهم بخوف شديد وتهز رأسها بقوة وهي تضع يدها على أذنها وتمتمت بين شهقاتها "بـس بـقـى كـفـايـه انـتـم الاثنـين"
كان قاسم يستمع صراخها وقلبه يدق حزنًا واشفاقًا بين أضلعه علي ما يحدث معها يشعر بعجزها وضعفها في هذا الوقت رفعت حورية عيناها المليئة بالدموع بضعف ثم تحركت نحوهما؟.
بينما انقبض قلب قاسم بشده عندما وجدها وهي في حالة ضعف شديد تحركه خطوه تجاه عتمان و حازم "حوريه اوعي تسمعي كلامه وتعالي ليا انتي عارفه انك بتروحي كده الموت برجليكي لو فكرتي تروحي ليهم .. انا عارف ان انا كنت غلط لما سبته ياخدك من غير ما اوقفهم من البدايه بس ما قدرتش وجيت وراءكي أهو على طول و اوعدك عمري ما هعملها ثاني ولا هاسيبك.. اوعي تفكري تنتقمي مني وتروحي ليهم انتي كده بتنتقمي من نفسك "
توقفت فجاه في خطواتها وقد بح صوتها من الصراخ و بدأت الرؤية تتلاشي حولها وعيناها تزوغ في الفضاء بتيهة وجسدها يرتجف بعنف من البرد و التعب الشديد الذي تعرضت لها اليوم ثم التفت نحوه قاسم تنظر إليه بصمت.
ابتسم قاسم بحنان إليها بارتجاف وعندما شاهد حازم نظراتهما صرخ وهتف بعنف" حوريه انتي بتفكري في ايه تعالي هنا احنا اهلك ومش هنسيبك المفروض تكوني معانا احنا "
نظرت حورية إلي حازم الذي ينظر لها يتوسل أن تتقدم نحوهما و عتمان الذي يجز علي اسنانه بضيق وتوعيد لها، ثم هزت راسها له باستياء وحزن قائله" أنتم اللي اتخليته عني من البداية مش انا يا حازم"
ثم بعدها ذهبت نحوه قاسم وفتحت باب السياره بهدوء شديد و جلست تنتظره ابتسم قاسم بعدم تصديق و بارتياح شديد أخيرا وذهب علي الفور خلفها يصعد سيارته ليرحل
لينظر حازم في صدمة وتوجس إلي جدو عتمان أن يفعل شيئا وصك عتمان علي أسنانه بحقد يريد اللحق بهم ولكن سرعان ما توقف بخوف وقلق عندما وجد سياره جمال قادمه وفتح زجاج السياره و أظهر سلاحه بيده وهو يبتسم باستماع و يصفر باستفزاز حتي ذهب قاسم بسيارته أمامه وهو طلع خلفه بعدها، ليصرخ عتمان بعنف وغيظ شديد أنه استطاع ان ياخذها منه مره ثانيه.
**
في الصباح بداخل قصر عصام الصريطي في الصالون كان جواد ينظر بأسف إلى والدته التي تجلس أمامه كانت تكور ناريمان قبضتها معًا و تشعر بالغليان الذي كان فتيله رؤية علي الجبوري امام عيناها ورغبة عنيفة بالقتل تتولد داخلها كلما تذكرت كيف استطاع قاسم حميتها منها و اخذها.
بعد فترة هبط عصام ونظر إليها نظره ذاته معنى وصمت فتجهمت ملامحها وهي تصيح متسائلة بخشونة " نعم مالك بتبصلي كده ليه انا مش عاوزه اسمع اي صوت من اي حد فيكم ولا انت ولا ابنك انا اللي فيا مكفيني "
ضيق عصام عيناه بتنمر وهو بجيب " انا فتحت بوقه ولا اتكلمت خساره الكلام معاكي طالما مش بيفيد بحاجه ولا بتسمعيه وبرده بترجعي تنفذي اللي في دماغك "
فجأة غامت عينيها بذكريات ليله أمس وضغطت على يدها بعنف وهي تقول بحقد وغيظ شديد" ما هي كانت في ايدي وخلاص كنت هموتها "
تابعت حديثها وهي تطلع نحوه ببرود ثم زمجرت فيه بحنق قائله " لولا ابنك اللي طلع لي زي القدر مستعجل معرفش منين و خدها هو و الزفت جمال "
تنهد عصام بضيق شديد قائلا بجدية"دلوقت بقى ابني، نصيحه مني ابعدي عنها وسيبيها طالما هو كمان حاططها في دماغه ومش عاوز يبعد عنها احنا مش قده واديكي شوفتي اللي حصل كان ممكن تموتي "
نظرت إليه وهي تقول بحدة مُخيفة قاسي كمخالب الشيطان"اتكلم عن نفسك انا قد الولد ده وعشره زية، وبرده مش هسكت وهفضل وراء البنت دي لحد ما اخذ حقي منها "
عقد ما بين حاجباه وهو يحدق بها بغيظ" ما فيش فايده فيكي انا ماشي رايح الشغل احسن"
تحرك عصام للخارج بخطوات غاضبه لينهض جواد خلفه وهو يهتف قائلا" استنى يا بابا خذني معاك "
**
في قصر قاسم السيوفي، بعد رحيل الطبيب وقد عالج ذراع قاسم و كان الجرح سطحه وليس خطير فـ الطلقة النارية لم تخترق ذراعيه وحقن حوريه بمهدئ لـ حاله إنهيارها العصبي وتركها قاسم ترتاح و ذهب الى الخارج ثم اقترب جمال منه بهدوء و هو يقول "ذراعك عامل ايه دلوقتي"
امسك ذراعيه الملفوف بالشاش وقال بصوت مخنوق"انا كويس ما تقلقش يا جمال ما الدكتور قال قدامك ان الجرح سطحي والرصاصه ما دخلتش في دراعيه
المهم دلوقتي حوريه تفوق بعد المهدئ اللي اديهلها وتبقي بخير"
هز رأسه بإيجابية قائلا بجدية" هتبقي كويسه ان شاء الله انا عارف ان مش وقته بس لازم تعرف أن اهلها زي ما جم مره هييجوا ثاني وياخذوها و ناريمان مش هتستسلم من محاولاتها انا مش بخوفك بس بحاول أحذرك ولازم نكون مستعدين لـ إللي هيعملوا في أي لحظة"
نظر إليه بحده ليحك رقبته باظافره و هو يقول بصوت حازم"عارف بس المره دي ما حدش هياخذها مني طالما مش قادرين على حميتها "
تطلع فيه جمال قليلًا بتراقب ثم هتف متسائلا بقصد"مش ملاحظ تصرفاتك بقت مبالغ فيها وما بقاش الموضوع مجرد انك عاوز تحميها منهم عشان تانيب ضميرك من اللي عملته فيها ليله الفندق، لا ده الموضوع بقي بيطور لحته ثانيه انت بعد كده هتندم عليها يا قاسم"
ابتعد عنه خطوتين لـلخلف و هو يقول بحده عاقد ما بين حاجبيه"تقصد ايه بكلامك ما انا شيء طبيعي هساعدها لما الاقيها واقعه في مشكله زي دي، بطل انت إللي تسرح بدماغك يا جمال عشان ما فيش حاجه زي كده ممكن تحصل "
أبتسم جمال من زاوية فمه ساخرا مرددا"
متاكد انا شايف عكس كده وانها حصلت اصلا"
هز رأسه بحفاوة وهو يهتف قائلا بصوت بجمود"هقول لك نفس الرد اللي قلتهلك زمان لما طلبت مني ده عشان حياتي تتغير ما فيش قلب حجر بيحب ويعشق يا جمال وأنا قلبي حجر و ده مستحيل يحصل"
تنهد جمال ونظر إليه بتفحص و هو يضيق عينه بشك وقال بتساؤل"امال انت عاوز منها ايه دلوقت؟ "
ليمرر يده علي خصلات شعره يشدها بعنف و هو يقول بصوت مخنوق "ما عنديش غير حل واحد بس عشان تفضل موجوده معايا واقدر احميها من اي حد وساعتها ما حدش هيقدر ياخذها مني حتى لو عمل إيه و طلبلي البوليس"
صمت جمال قليلًا بحذر منتظر قوله في حين أخفض قاسم عيناه عن عينه حتي لا ينظر اليه وهو يقول بهدوء مصتنع"انا هتجوز حورية"
نظر اليه جمال بصدمة و أعين متسعة بذهول غير مصدقة ليقول بصرامة"انت اكيد بتهزر يا قاسم ايه اللي انت بتقوله مستحيل يحصل و مش هينفع في الوقت الحالي كمان "
تحرك بعيد عنه بحده و هو يتحدث بانفعال "
انا مش عارف ليه دائما بتقفلها في وشي لا مش مستحيل و هيحصل وما عنديش حل غير كده عشان اقدر احميها وابني يتربى وسط أمه و ايوه الحقيقيين "
تحرك خلف منه ومسح جمال علي وجهه بضيق شديد ليشير اليه قائلاً بتحدي"طب تمام اتجوزها بس لازم قبل ما تتجوزها تعترف ليها بالحقيقه وان الطفل اللي في بطنها ده يبقى إبنك أنت؟ هاه هتقدر على كده "
ابتلع قاسم ريقه بارتباك و هو يعلم أنه إذا اعترف بذلك قد خسرها الي الأبد ليقول بتوتر "انا اكيد كنت في يوم هقول لها كل حاجه بس دلوقت صعب لو قلت لها هترفض الجواز مني ومش هتبقى عاوزه تفضل معايا اصلا وهتمشي وتسيبني ..الموضوع هيكون صعب عليها تتقبله "
لينظر إليه بغيظ و هو يقول بجدية"بس لازم تبني حياتك على حقيقه مش كذبة وما ينفعش تحطها قدام الامر الواقع يا قاسم وبعد الجواز تقول لها كل حاجه وهي غصبا عنها لازم
توافق "
اقترب منه قاسم بحده ليرفع سبابته بتحذير أمام وجهه و هو يقول بصوت عالي حاد كالرعد "انا مش بفكر بالطريقه دي بس ما ينفعش حوريه تفضل عايشه كده في عذاب و الكل عمال يبيع ويشتري فيها وفي نفس الوقت ما ينفعش تفضل عندي من غير اي ارتباط ما بيننا، وهي أكيد في يوم هتتجوز عاوزني اسيب ابني يتربى مع حد غريب بعيد عني.. هو ده الحل الوحيد صدقني بس ياريت هي توافق عليه الاول عشان اقدر احميها و احمي أبني من أي خطر"
هز راسه بنفي و هو يقول باعتراض "بس برده مش هينفع تتجوزها دلوقت "
ليلتفت إليه و هو يقول بحدة من بين أسنانه "وبعدين معاك يا جمال"
هتف جمال و هو يقول بجدية"مش هينفع تتجوزها دلوقت عشان هي حامل، لازم تستنى لما تولد الاول وبعد كده تطلب تتجوزها وده شرع ربنا مش كلام من عندي، هو طبعاً الطفل ابنك و جاد مالمسهاش بس هي مش تعرف كده ولا الناس فـ الافضل تستني بعد ما تولد عشان ما تحطهاش في وضع شبهه"
لينظر اليه قاسم بحزم و أعين مليئة بالحزن ليصمت و جمال يراقبة بهدوء بينما ارتجف فكه المشدود بصدمه وغضب وهو يفكر إذا لم يتزوج حوريه في الوقت الحالي سوف يحاول يأخذها عتمان منه مره ثانيه، حتي اغمض عينه و هو يهز رأسه بتفكير في حل الي ذلك المازق.
**
بعد ساعات ،بدأت تحرك عينيها اسفل جفينها وعقدت حاجبيها بانزعاج وبدأت تحرك راسها ببطئ وها هي تفتح مقلتيها ببطئ تجول الغرفة أمامها، في حين كان يجلس أمامها يتأملها و هي نائمة غارقة بدنيا اللاوعي عينها المغلقة التي تتسرب الدموع منها رغم عنها وشعرها المتعثر من أثر تحريك رأسها بقوة فكان يراودها كابوسها المظلم في حياتها حتي وقعت عينها علي قاسم القابع امامها علي الكرسي الذي بمجرد ان رآها تبدأ تستفيق حتي اقترب منها وامسك كفها برفق ضمه إلي صدره وبدأ يهمس بها بخوف وترقب" حورية انتي كويسة"
لم تتحدث لم تلتفت حتي إليه مره ثانيه ظلت كما هي تنهد و هو يمسك بيدها يجذبها لتجلس معتدلة و كانت رخوة للغاية جسدها مرتخي لا تبالي بما يحدث اسندها حتي جعلها تجلس معتدلة علي الفراش اقترب يجلس جوارها و هي حتي لا تنظر إليه ليهمس مرة أخري و هو يشعر بضيق شديد منها ومن نفسه " طب طمنيني عليكي انتي كويسه حاسه بحاجه بتوجعك اطلب الدكتور ياجي يشوفك تاني"
ابتلعت ريقها بتوتر و هي تغمض عينها بقوة تكبح دموعها التي علي وشك الهبوط تمنع نفسها من البكاء مقتنعة أنه سيأتي يوم و تتخلص من كل هذا الألم فتحت عينيها و هي
أخيراً التفتت إليه نظرت إلي وجهه وشردت بعينه و هي تبكي و دموعها تتساقط واحدة تلو الاخري وعندما تلاقت عينها بعينه كانت ترسل له نظرات من العتاب مع الحزن و هو يرسل إليها نظرات تبث اعتذاره عن تأخره عليها ليقول بصوت منخفض" خلاص اهدي كل حاجه هتبقى كويسه "
نظرت إلي الأمام و قد غرقت عينها بالدموع لتهمس بصوت خافت بألم " ما فيش حاجه بتبقى كويسه كل حاجه بتبقى ضدي وتكسرني وبس حتى انت كمان خلفت بوعدك وسبتني ليهم"
أغمضت عينها بأسي و شفتيها ترتجف ببكاء واعتدلت ببطئ لتنزل من علي الفراش ما كاد ان يقترب ليساعدها لكنها رفعت يدها باعتراض ليبتعد جالساً جوارها علي الفراش لتقول بخيبه أمل" بس تعرف هي غلطتي من الاول أن انا صدقتك ووثقت فيك كان لازم اعرف ما فيش حد في الدنيا دي هيتقبلني"
ظلت تبكي بحرقه أما هو فقد غضب من نفسه بشدة بسبب حزنها الواضح للعيان بين حدقيتها وما حدث بسبب أن تركها الي عتمان و بعدها أصبحت فريسه جاهزة الي ناريمان و ما تعرضت إليه ليله امس وبدأت تستعيد ذكريات تلك الليله ودخلت في إنهيار عصابي وهي بمفردها دون أن يسندها احد، نهض بحده وضرب بقدمه بالفراش بعنف جعلها تنتفض بخضة بينما أدمعت عيناه و قبض علي يده بقوه يؤنب نفسه بسبب حزنها ونظراتها المعاتبة وعلي كسر وعده معها أنه لم يتركها مهما حدث حتي لو كان يريد مصلحتها فقد تعرضت للخطر بسببه ثم اقتربت جانبها يمسك بيدها برجاء قائلا "حوريه بلاش تقولي الكلام ده انا لو اتخليت عنك فعلا ما كنتش جيت وراكي، انتي تعبتي أوي امبارح هنزل اعملك اكل عشان تاكلي وتاخدي العلاج عشان تبقي كويسة "
هبطت دموعها تغزو صفحة وجهها تهز رأسها برفض وقد سحبت يدها من قبضته قائلة بعتاب ونبرة متألمة" مش عاوزه اكل ولا دواء مش محتاجاهم انا اللي كنت عاوزه حاجه واحده وبس ان الاقي الامان اللي وعدتني بي"
ثم اشاحت بوجهها بعيد عنه عندما اقترب منها وكانت تبكي بقهر وهزت رأسها بقوة ثم تمتمت بصوت متألم علي ما أصابها"لكن انت عملت العكس وانت عارف ومتاكد ان انا ما بقاش لي غيرك "
تطلع فيها قاسم وهو يشعر جرح قلبه الذي ينزف ندمًا من شعورها بالخذلان تجاهه رفع عيناه الحمراء يقول بندم علي ما اقترفة بحقها قائلا" يااه زعلانه مني لدرجة انك مش قادرة حتي تبصي في وشي يا حورية"
لم تجيب عليه لكن ابتلعت ريقها بصعوبة ترجع خصلاتها للخلف تحاول إخفاء توترها خاصة عندما أصبح أمامها مباشرة رفع أنامله يمسك ذقنها كي يدير وجهها إليه فاستجابت له ولكن كانت تخفض عيناها أرضًا تمتم قائلا بعتاب وقوه" متحرمنيش من حاجه ما كانتش على بالي وانت علقتيني بيها غصب عني.. عيونك يا حوريه حتي لو زعلانه مني"
مسح علي وجهها دموعها برفق وهو يهتف قائلا" انا عارف انك زعلانه مني علي اللي عملته خصوصا اني سبت جدك عتمان يأخذك وانا عارف خوفك منه وانتي فاكره ان انا بعدت قاصد عنك واتجاهلتك وما بقيتيش فارقه معايا بعد ما براءتك ظهرت بس غصب عني جدك حطينا في وضع صعب و لو كنت وقفت قصاده و قصاد الرجاله اللي معاه كنت هقدر امنعهم اه بس سمعتك فعلا كانت هتسوا وده اللي كان عاوز يوصل له انا تضايقت جدا من جمال انه منعني وسابك تروحي معاهم بس بعد ما فكرت فيها بيني وبين نفسي عرفت اني لو كنت منعتهم وهم موجودين الناس كلها كانت هتبتدي تجيب سيرتك بالوحش عنك وعني،و كل ما يجي في بالي انهم اخذوك مني قدام عيني وانا ما عرفتش اعمل حاجه و خسرتك بتجنن وببقي عايز اطربق الدنيا علي اللي فيها سامحيني يا حورية عشان خاطري "
رمقته بنظرة يغمرها العتاب والألم مما فعله بها عندما تركها لتبكي بعنف حتي أن جسدها بدأ يرتعش ولم تقدر تمنع شهقاتها من الارتفاع فهي لم تكن تتصور أبدًا أن يتركها فريسه إليهما كانت تعتقد أنه يعرفها اكثر من نفسها لكن بفعلته هذه شعرت بالخذلان والقهر المرير منه، هز قاسم رأسه برفض وبصوت مخنوق قائلا"ابوس ايدك اوعي تبصي لي النظره دي انا مش زيهم يا حوريه "
اغمضت عيناها ثواني وتنفست بعمق تستجمع قواها المنصهرة في حضرته ثم فتحتها مرة أخري وقالت بصوت مبحوح" طب حتى لو بعدت غصبا عنك فعلا وعشان خايف على سمعتي ما فكرتش في اللي هيحصل لي بعد ما امشي معاه سواء كنت مع جدي او طنط ناريمان انت كنت بتكتب نهايتي فكرت اه في كلام الناس عليا بس وانا فين؟ مش موجودة كأني هوا كان موجود معاك في حياتك.. من امتي وانت قلبك قاسي كده يا قاسم عليا ازاي قدرت تسيبهم ياخذوني وحكمت كمان عليا من غير ما تشوفني انا عاوز ايه "
قالت بصوت مقهوره بحسره ويأس" انا كنت فاكرة اني عمري ما اهون عليك ولا هتبعد عني زي ما وعدتني بس للاسف خيبت ظني وهونت عليك و بعدت عني.. الموضوع مش حكايه خوف و بس يا قاسم الموضوع ان انت بعدت عني في اكثر وقت كنت محتاجه لك فيه أوي أوي "
نظر إليها قاسم بحزن يقسمة داخله ليمسك بيدها يقبلها بحنو و هو يغمض عينه بقوة ليرفع رأسه إليها و هو يقول بصوت عالي غاضب" انا مقدرش امشي وابعد عنك يا حوريه عارفة ليه؟ عشان انتي اللي كنتي الدافع ان انا اصلي الفجر حاضر كل يوم وبدعي وبتمناه في كل سجدة ان ربنا يعدي ازمتك على خير وتطلعي من السجن براءه كنت دايمًا بطلب من ربنا مشاكلك تتحل وربنا يقدرني واساعدك وبعد ما الحمد لله ربنا استجب لي وطلعتي براءه اسيبك اكيد لا طبعا، انا الموت عندي أهون ولا إنك تبعدي عني يا حوريه"
اتسعت عيناها بذهول وكانت تنظر له وهي تبكي بصمت و داخلها ابتسامة وهي تسمع كلماته الذي أصبحت محبة لقلبها ابتسامة رغم أن تداري خلفها بحر من الآلام وهي تستمع أنه كان يسجد إلي الله عز وجل لأجل أن تنحل أزمتها،نظر لها بعمق ومقلتيه تفترس كل إنش في وجهها ثم هدر بفيض من المشاعر"انتي بقيتي حالي وجزء مني خلاص لو بعتي مش بقدر اسيطر على نفسي وانا عيني مش شايفاكي اذا كنتي بخير وبسلام ولا لاء؟ وعتمان لما اخذك مني حسيت كانة خذ روحي معاكي ولما عرفت ان ناريمان اخذتك وممكن تقتلك حسيت ان قلبي هيطلع من صدري من كثر الخوف والقلق ما بقتش عارف اعمل ايه؟ ولما رفعت السلاح علينا من غير تفكير اخذت انا الرصاصه عشان بكل سهوله ممكن افديكٍ بروحي يا روحي فيه حد بقي يقدر يستغني عن روحه"
كانت حوريه مصدومه من الحديث و تلجم لسانها ثم أمسكها بقوة من ذراعيها الاثنين وقلبه يتألم لما تشعر به الآن و أحاط وجهها بكفيه وهو يهتف بأنفاس هادرا من كثر الحديث و من شعوره نحوها المؤلمه" ولما رجعتي هنا ثاني بين ايدي و اخترتيني انا عن جدك و إبن عمك الرزل الثاني.. اول ما شفت عيونك فتحت لي الدنيا ثاني وكانة النور الدنيا نور من ثاني ،كان دلوقتي بس أقدر اقولك كل اللي جوايا من غير خوف ولا قلق راح "
كانت الهمسات بصوته الاجاش يبث كثير من المشاعر التي تحيط بهم لتبتعد هي مرة أخري بتوتر و احراج لكنه جذبها بقوة و إصرار و هو يتحدث بانفعال" في اوعي ثاني مره تقولي انك بتهوني عليا وقدرت استغنى عنك بسهوله، أنتي بقي يهون عليكي قلبي اللي كان هيقف من الرعب عليكي وانا مش عارف اطمن وعمال اتخيل أن ممكن ما اعرفش اوصل لك قبل ما ناريمان تعمل فيكي حاجه "
تنفست بعمق تحاول أن تهدأ من ضربات قلبها ثم رفعت مقلتيها تنظر لظلام عيناه تعاتبه بنظراتها الساكنة أمسك كف يدها الصغير يضع قبلة رقيقة عليها ثم همس بندم ونبرة صادقة
"انا اسف يا حوريه اسف علي كل دمعه كنت السبب فيها آسف إني كنت بعيد عنك في اكثر وقت انتي محتاجه لي ،و عهد عليا قدام ربنا اني مش هخليكي تبكي تاني غير وانتي فرحانة ولا هبعد عنك "
وجدها صامته جامده تنهد قاسم بيأس ونهض وكاد ان يرحل وجدها تمسك بيده وشهقت فجأة وهمست ببكاء" متمشيش يا قاسم انت كمان انا مبقاش ليا حد أنا حالتي هتبقي صعبة ومش هقدر اعيش "
رجع إلي مكانه بسرعه مرة أخري وسمعت تنهيدته الحارة التي شعر من خلالها بالراحة ثم قبّل مقدمة رأسها بحب ثم وضع جبينه بخاصتها يهمس نبرة صادق"مش هقدر أبعد حتى لو قلبي عرف روحي مش هتطاوعني على كده يا حورية"
ثم دب الامل فيه عندما وجدها لم تبعد عنه مره ثانيه وابتسم بسعادة قائلا بلهفة"يعني انتي سامحتيني صح؟"
ابتسمت بخفه وأومات بتأكيد عندما تذكرت أنه الوحيد الذي أغدقها بالشعور الذي كانت تحتاجه لأكمال حياتها كـ أي انسانه عاديه وهو شعور الأمان و الحمايه ولم تشعر معه أنها قليلة في نظر نفسها مطلقاً.
صمتت قليلًا تأخذ أنفاسها من كثرة الجدل والحديث بينهما ثم قالت بنبرة حزينة ضعيفة"انا حاسه اني تعبانه اوي و عاوزه انام تاني بس خايفه لسه لحد دلوقتي سامعه أصوات الرعد و الأمطار في وداني ومش بتروح"
رفع بصره عليها وهو يتمتم بلطف" نامي وارتاحي وما تخافيش وهفضل حارسك زي ليله الفندق "
نظرت إليه بعيونها تشع عاطفه جارفة ثم
ابعدت يدها عنه و هي تعاود الي التسطح تسحب الغطاء علي جسدها تخفية بالكامل و هي تهمس ببكاء و رجاء تحاول الا تظهره " مش هتبعد تاني يا قاسم صح"
ضم شفتيه بندم علي ما اقترفه بحقها فاقترب منها ببطئ وجلس في الأسفل جانبها مثل بالضبط ما حدث ليله الفندق عندما خافت أن تنام تلك الليله بداخله بعد ليله الحادث وحينها لم تنام و تطمئن إلا عندما جلس قاسم جنبها
علي الأرض يحرسها كذلك، بدأت تغلق عينها بتعب وإرهاق وهو هامس بابتسامه حنونه "مش هبعد يا عذابي وقدري.. ولو حصل خليك متاكدة ان هيكون غير ارادتي "
**
بعد مرور يومين.
بداخل سوبر ماركت كبير كانت بدريه تسير بمفردها وتبحث على الاغراض اللازمه التي يحتاجها المنزل وتضعها في عربه المشتريات لتلاحظ هناك شخص كلما ذهبت الى ركن في السوبر ماركت يذهب خلفها حتي جاء يقف بجانبها ملصق بها و امسك بيدو حبه الطماطم وهو يقول باهتمام مصتنع"بيقولوا الأسعار اليومين دول عماله تعلي اخبار الطماطم ايه معاكي كويس"
جحظت بدريه عيناها بضيق شديد وهي تعتقد أنه متحرش لتهتف قائله بحده"ما تحترم نفسك يا راجل انت وابعد عني عيب على سنك يا راجل يا عجوز يا متحرش "
اتسعت عينا جمال بذهول ثم ضحك بملئ فاهه بسخرية و هتف بتهكم"متحرش مره واحده! ما عملتهاش وانا صغير هتحرش واعاكس وانا في السن ده "
نظرت إليه بغضب وهي تصيح عالي حتي بدأت الناس تطلع فيها بدهشة وفضول وهي تهتف"ما تقول لنفسك ده انت تلاقيك عديت الـ ٨٠ سنه احترم سنك شويه ده انت فاضيلك يومين ورجلك للقبر وتقابل وجه كريم .. قله ادب يا شيخ اتقي ربنا"
نظر جمال بنفاذ صبر وهو يراه الجميع ينظر إليهما ليقول وهو يعطي إليها ورقه مطويه
"تمام ماشي خليكي بقي على النظام ده عشان ما حدش ياخذ باله مننا، عايزك بكره الصبح تيجي في العنوان وقبل ما تغلطي فيا العنوان ده عشان تقابلي بنتك حوريه"
شهقت بقوة وشخصت عيناها بلهفه وهي من تقترب منه هذه المرة بشده قائلة بصوت مرتجف"حورية بنتي, انت تعرف مكانها هي فين وعامله ايه "
نظر إليها بخبث عندما تقدمت منه تمسك بيده بتلقائيه من اللهفة علي ابنتها ليقول بسخرية مرددا بتحذير"ابعدي عني كده الناس هتشك فينا هتقول دلوقتي ايه انتي اللي بتتحرشي بيا "
نفضت يدها عنه بسرعه و هي تنظر إليه باحراج وبلهفة"انت بتتكلم بجد انت تعرف مكان بنتي"
صمت قليلا قائلا بجدية"ايوه عارف واسمعيني كويس عشان ما حدش يلاحظ حاجه، بكره الصبح هتيجي العنوان اللي في الورقه ده الساعه خمسه بالضبط وحسك عينك تقولي لاحد ولا حد يلاحظ حاجه عليكي لازم تيجي تقبليها من غير ما حد يعرف فاهمه"
أخذت منه العنوان بعدم تصديق وتسآلت بقلق"بس انا ما ينفعش اخرج في الميعاد ده يومين وراء بعض كده انا مش بنزل دائما من البيت كده هيشكوا فيا"
هز رأسه جمال بتفهم قائلاً بجدية"قوليلهم اي حاجه نسيتي مثلا تجيبي حاجه و راجعه ثاني السوبر ماركت او قوليلهم هروح اجيب دواء لي إبني و ما ينفعش اتاخر، شوفي اي عذر يدخل عليهم ويصدقوا على طول المهم وانتي جايه في العنوان ده تاكدي أن ما حدش بيراقبك "
دب الامل بأعينها وابتسمت بسعادة ثم فاقت من دهشتها علي صوت تحذير ثم أجابته قائله بلهفة "حاضر هحاول أن شاء الله المهم اطمئن على بنتي متشكرة جدا "
هزت راسها له بالايجابي مبتسمه براحه كبيره أنها اخيرا سوف تري ابنتها بينما التفت جمال ليرحل لكنه رجع مره ثانيه إليها وتنهد بحنق لينظر لها قائلا بضيق" حاجه اخيره قبل ما امشي انا ما عنديش ٨٠ سنه ولا فاضلي يومين ورجلي للقبر ملافظ سعد ايه ده"
عقدت حاجبيها بدهشة ولم تجيب عليه بينما رحل جمال يردد بهمس غيظ"الله يخربيتك يا قاسم و يخربيت طلباتك ادي اللي بيجيلي منك بقيت متحرش على اخر الزمن "
**
في اليوم التالي ظل قاسم يحاول مع حورية أن ترافقه الي الخارج حتي تغير جو مريح
لـ أعصابها رفضت في البدايه بشده لكن مع إصراره وافقت في النهاية و خرجت معه،
جلست أمامه بطاولة أحد المطاعم الذي يمتلكها قاسم و كان المكان يخلو من اي أحد فقط هم الاثنين و النادل جلست تعقد ذراعيها أمام صدرها و هي تنظر للفارغ صامتة تفكر في حالها الذي ليس له مفر أو نهاية فـ دائما المشاكل تترواح خلفها أينما ذهبت و خططت للهروب، وضع النادل الطعام أمامها الذي طلبه قاسم إليها فهي رفضت تناول أي وجبة لكنه مع ذلك طلب إليها، هي حتي لا تريد ان تتحدث منذ أن جاءت الي المطعم وقاسم لم يتحدث معها ولم يزعج هدوءها وتركها حتي تريح ذهنها قليلا وتتحدث من نفسها حتي بالفعل انتبهت إليه لتقول بخفوت"انت جايبني هنا ليه يا قاسم قلتلك ما ليش مزاج اشوف حد ولا أخرج عاوزه افضل بعيد على قد ما اقدر وخلاص"
تنهد قاسم بضيق وقال بحزم" وبعدين بقى مش قلتلك قبل كده انسي اللي حصل وفكري في اللي جاي "
رفعت خصلات شعرها الطويلة الي الاعلي بـيدها لـ تلتفت إليه و هي تقول بصوت بألم حاد يعتصر قلبها" انا لو فكرت في اللي جاي هتعب اكثر من راح يا قاسم على الاقل اللي راح اتخطيته خلاص لكن اللي جاي لسه مش عارفه هينتهي على ايه وهيحصلي ايه اكثر من كده "
مسد قاسم علي خصلات شعرها ثم وضع خصلاتها المتعثرة يرتبها خلف أذنها و هو يتنهد قائلاً بهدوء "اوعدك اللي جاي يا حورية كل خير وسعاده وما حدش هيعرف ياخدك مني ثاني ولا هتعملي حاجه غصبا عنك انتي مش عاوزاها وهعرف احميكي منهم كلهم، بس عاوزك انتي كمان تساعديني وتوافقي على الطلب اللي هطلبه منك وتفهميني "
تسربت الدموع منها رغم عنها و رفعت رأسها إليه باستغراب قائله" طلب إيه ده "
أبعد يده وصمت قليلًا قاسم بتردد من رد فعلها ثم نظر إليها و هو يمسك بيدها برجاء قائلا"
تتجوزيني يا حوريه "
نظرت اليه حوريه بصدمة و أعين متسعة بذهول و هي تنفي برأسها غير مصدقة ما سمعته لتتحدث بارتجاف و انفعال في نفس الوقت " ايه شفقه عاوز تورط نفسك مع واحده زيي اكثر من كده و تتجوزها عشان تحميها وتكمل جميلك لا يا قاسم أنا هعتبر نفسي ما سمعتش حاجه و يا ريت ما اسمعكش تطلب الطلب ده ثاني لو سمحت"
هز قاسم رأسه بـنفي و هو يقول سريعاً "
انا إللي مش عاوز اسمع منك اي كلمه تانيه قبل ما تسمعني الاول وبلاش أي افكار سلبيه تفكري فيها انا عاوزه اتجوزك مش عشان احميكٍ وبس لا كمان عشان عاوزه اتجوزك بالمعنى زي اي اثنين متجوزين عادي "
ضحكت بملئ فاهها بتهكم وسخرية مريرة علي حديثه وشهقت ببكاء كانت تكتمه وهمست بنحيب" ذي اي اثنين متجوزين عادي ازاي هو انت ناسي ان انا حامل في طفل جي عن طريق اغتصاب وفاكر لما تتجوزني هم هيبعدوا عني بكل سهولة كده تبقي بتحلم "
هز رأسه ببطئ وتمتم بصوت مرهق" اذا كان عليهم ما حدش لي حاجه عندنا بعد ما نتجوز وإذا كان علي اللي في بطنك انا هربيه واعتبره زي ابني بالضبط .. حورية أنا عاوز ابدا معاكي حياه عاديه طبيعيه بعيد عن اي مشاكل تاني حوريه انتي انسانه كويسه جدآ وتستاهلي كل خير والفتره اللي انا قضيتها معاكي لما قربت منك عرفتني عليكي اكثر وانك محترمه وجميلة وما تستهليش كل اللي بيحصل وعندك صبر و عزيمه وقوه رغم كل اللي بيحصل لك "
أغمضت عينها بأسي و شفتيها ترتجف ببكاء ببطئ وهي تصيح بقسوة شديدة علي نفسها" قاسم لو سمحت اسكت وما تكملش انت مش فاهم حاجه انت دلوقت بس السكينه سارقاك لكن بعد ما تتجوزني هتعرف انك عملت اكبر غلطه في حياتك انك ارتبطت بواحده زيي، قاسم انت تستاهل حد احسن مني بكثير انا ما بقتش كويسه قوي زي ما انت فاكر انا ما استهلكش "
ليشعر بأن الأرض تدور من أسفله بقلة حيلة من حديثها الجارحه و بالاخص أنه هو الفاعل الحقيقي ومن اغتصابها ليهتف بغضب شديد"
اوعي ثاني مره تقللي من نفسك ولا تقولي على نفسك كده "
رفعت عيناها الباكية تنظر له تبكي ثم همست بصوت مرتجف" انت طيب قوي يا قاسم واحسن مني كمان عشان خاطري شوفلك حد غيري وابدا معاه حياتك و بلاش تظلم نفسك معايا ،أنا صدقني مش هنفعك ،قلتلك بلاش تورط نفسك اكتر من كده معايا"
ليضغط هو علي يدها أكثر و هو يقول بتوسل"انا كده أو كده متورط خلاص معاكي يا حوريه سبق وقلتلك قدرنا بقى واحد و هينفع نتجوز أن شاء الله وكفايه انك في نظري انا احسن واحده و متاكد في تربتها و واثق فيها انها هتعرف تصون اسمي "
لـ ترفع رأسها إليه و وجهها غارق بالدموع لـ تتحدث ببكاء حاد " انت ما لكش ذنب تتحمل مشاكلي ولا تتجوز واحده زيي، ولا تكتب طفل باسمك انت مش أبوه وتتحمل مسؤوليته ما لكش ذنب في كل ده يا قاسم ولا إنك تتحمل غلطه غيرك.. غلطه عملها واحد ما عندوش ضمير عملها و هرب "
ابتلع قاسم ريقه و هو حين يفكر في ذلك الأمر ليتنفس بقوة و هو يشعر بالاختناق لـ يهمس إليها بتعب "انا راضي بكل ده يا حورية وبلاش عشان خاطري تفتحي في القديم خلينا نعتبر أنه أبني فعلا .. بصي احنا للاسف مش هينفع نتجوز دلوقت غير لما تولدي الاول و لازم كمان في الفتره دي اعرف احميكٍ وابعدك عن كل الناس اللي عاوزين يؤذيكٍ"
لتنظر إليه بأعين دامعة حمراء بشدة و هي تهمس برجاء وضيق "انا ما وافقتش وقلتلك لا مش هقدر، حرام اعمل فيك كده و اظلمك معايا الموضوع مش هيتوقف على اللي في بطني وحميتي وبس انا ذات نفسي ما بقتش انفع للجواز مش هقدر امارس حياتي بعد كل اللي حصل عادي كده، مش هقدر يا قاسم ارجوك افهمني"
نهض و أقترب منها بخطوات بسيطة يجلس جانبها وبكلتا يديه الي دفئ جسده و هو ينظر إلي وجهها الذي أصبح شاحب شحوب من البكاء لـ يرفع يده يمسح دموعها بخفه و يمررها علي وجهها بـحنان قائلاً "هششش اهدي مش محتاجه تقولي حاجه انا فاهم كل ده يا حورية ومش هستعجل عليكي قولي بس مواقفه وانا و أوعدك بحياه ثانيه خالص عمرك ما كنتي تتخيليها وحاول على قد ما اقدر اسعدك "
اغمضت عينها بقوة واطلقت العنان لدموعها مره ثانيه وهي تشعر بـدقات قلبها تزداد كلما اقترب منها ظل كما هو ثم هتف متسائلا"
هاه تحبي الشبكه والمهر في حدود كام و الفرح تحبي نعملوا فين"
فتحت عينيها حوريه بفزع وهزت راسها بقله حيله ورفض بشده" قاسم بلاش لاااا ارجوك "
نظر في الخلف قليلاً ثم وضع يده فوق يدها برفق وحنان و هو يقول بجدية " طب تمام انا هعتبر اللي هيحصل دلوقت ده هو مهرك يا حورية وموافقتك على طلبي "
رفعت راسها له وعقدت حاجبيها بعدم فهم وابتسم بخفه قاسم وهو يشير إليها برأسه أن تنظر إلي الخلف لـ التفتت ببطئ نحوه الخلف واتسعت حدقتها بأعين متسعة بذهول عندما وجدت والدتها بدريه تقف عن باب الاستقبال المطعم وخلفها جمال، انزلقت من بدريه دموعها علي صفحة وجهها ترتجف من الصدمة و الاشتياق الذي تلبسها من مجرد أن رأت ابنتها أخيراً بصحه جيده أمامها إلي ان ممكن أن كانت تفقدها عدد مرات لكن كان الله عز وجل كان يرجعها إليها سالمه وها هي أمامها قادرة على لمسها و أخذها إلي أحضانها دون عواقب وخيمة تمتمت بخفوت وصوت مرتجف وهي ترفع يدها إليها "حـ ـوريـة"
نهضت حورية بعدم تصديق و صدمة لا تصدق أنها تري والدتها تقف أمامها الآن عند باب المطعم شعرت و كأنها طوق النجاة إليها و هي غارقة وسط الأمواج العالية لتهمس بلهفة
" آآ ماما "
ليجد قاسم و هو يقف جانبها تجمدها ونظرات الشوق بينهما من الصدمه لينظر إليها متفحص وجهها الذي أصبح مشرق كـ وردة جورية عكس سابق كان ذابلاً للغاية لم يروي قبل سابق هكذا، ابتسم قاسم بخفوت و هو يهمس بهدوء "مستنيه ايه يلا روحي اترمي في حضنها مش ده اللي كنتي محتاجاه .. روحي يا حوريه و استمدي قوتك منها هي اكيد وحشتها هي كمان "
التفتت حورية إليه بامتنان شديد و هي تشهق ودموعها تسقطت كالشلال بغزارة وكأنها كانت تنظر كلماته حتي تنطلق إليها تحركت لتتقدم منها هي لتقفز بلهفة شديدة لتعانقها بشوق و اشتياق و احتضنها بقوة شديدة بينما جذبتها بدريه إليها أكثر و هي تشعر بضعفها و كأنها هاشة كورقة شجرة بالخريف لتتشبث بها و هي تبكي بقوة و صوت مسموع و شراكتها والدتها البكاء تشهق بعنف شديد مثلها.
لينظر إليها قاسم و جمال بحزن كيف استطاعوا أن يحرموا أم من ابنتها بهذه الطريقة و القسوة فهي من أحق إن تلجأ الي حضنها و لكن ما بيده حيلة بعض جحود القلب داخل البشر لا تتغير مهما مر الزمان عليها.
بقت حوريه متعلق تبكي باحضان والدتها حتي أبعدتها عنها حين شعر بأن شهقاتها تتعالي أكثر و لا تهدي مست بدريه بـاناملها علي وجهها برقة وهي تبتسم بسعادة غامرة وتري ملامحها الشاحبة و تنظر إلى عينيها الذابلة للغايه كأنهم يحكوا إليها معاناتهم هما الآخرين.
حاوطت والدتها وجهها بين راحت يدها و هي تميل لتقبل رأسها لتأخذ حورية يدها بسرعه و تقبلها عدد مرات وتبكي بعنف اكثر، مسدت بدريه بدموعها علي خصلات شعرها بحنان لتمسك ابنتها بيدها و هي تتقدم منها و تحتضنها مره ثانيه بلهفة شديدة وشوق فهي لم تشبع من أحضانها و تبادلها بدريه احتضانها و هي تغمض عينها بقوة وتحاول تكبح دموعها من الهبوط أكثر من ذلك وهي تمسح علي شعرها بحنان و راحه نوعاً ما فـ اخيرا اللقاء المنتظر بفارغ الصبر قد حدث.
الفصل الرابعة عشر
___________________
في المطعم ابتعد قاسم وجمال لـ يتركون المساحه إليهما للتحدث براحه بينما كانت مازالت حورية داخل أحضان والدتها التي استقبلتها بحب شديد واحتضنتها حورية باشتياق و تجمعت الدموع بمقلتيها وهي تقول بصوت مبحوح"مش مصدقه يا ماما ان رجعت شفتك ثاني اخيرا واترميت في حضنك من تاني كان نفسي من زمان قوي اعملها من ساعه اللي حصلي وحشتيني اوي اوي يا ماما"
ابتعدت بدرية عنها بهدوء و هي تنظر إليها لتتحدث بابتسامه واسعة"وانتي كمان يا حبيبتي وحشتيني الحمد لله انك بخير وكويسه وشفتك من ثاني "
بادلتها حوريه الابتسامه بسعادة غامرة ثم أردفت بدريه بقولها مترددة"عارفة انه مش وقته والافضل استغل كل ثانيه معاكي واطمئن عليكي بس مش قادره امنع نفسي وما اعرفش اسالك السؤال اللي كان نفسي اساله من ساعه لما عرفت ومستنيه اجابته منك"
جعدت حوريه ما بين حاجبيها و هي تقول باستغراب "خير سؤال ايه؟"
هتفت بدريه متسائلة بخشونة"اشمعنى قاسم اللي مداريه عنده وبيحميكٍ كمان ليه"
نظرت إليها حورية بتشوش و هي تقول بصوت حزين" ده سؤال ولا شك؟ على العموم الرد هيكون نفس الاجابتين انا ما طلبتش منه مساعده ولا لجاتله ذي ما أنتم فكرين هو اللي عرض عليا مساعدته من غير ما اطلب رغم ان انا رفضت كثير وكنت طول الوقت خايفه منه وان اثق فيه وكنت متاكده انه بيعمل معايا كده عشان ينتقم مني؟ بس اهو اللي حصل العكس وساعدني فعلا وما تسالنيش ليه عشان ما اعرفش هو بيعمل معايا كده ليه "
هزت بدريه رأسها بالايجابي و هي تضيق عينها لتقول متسائلة قائلة "طب طلبك للجواز ليه؟"
ازدادت نبضات قلبها من تلك المفاجأه و شعرت بالخجل و الاحراج الشديد من نظرات والدتها المصوبه تجاهها و لم تستطيع ان ترفع عينيها لتنظر لها ثم ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة وهي تقول بدهشة كبيرة "انتي عرفتي منين ده لسه من شويه فاتحني في الموضوع قبل ما تيجي"
تنهدت مطولاً بضيق و هي تنظر إليها مرددة "الجدع اللي وصلني ده ليكم من شويه و هو جايبني في الطريق فتحني في الموضوع وقاللي قاسم هو اللي طلب منه انه يطلب ايدك مني، شكله مستعجل ومش عاوز يضيع وقت "
عقدت حاجبيها بدهشة ثم نظرت إليها حورية بألم حاد" قصدك جمال! انا ما اعرفش هو فعلا عاوز يتجوزني ليه ولا بيساعدني ليه بس انا رفضت ومش هاوافق عشان هبقى بظلمة معايا ..قاسم ما يستاهلنيش يستاهل حتى افضل مني بكثير "
رفعت بدريه حاجبيها وقالت باستخفاف"ياااه هو للدرجه دي بقى حد مهم عندك و بتتمني لي الافضل "
ابتلعت ريقها بتوتر و هي تبتعد برأسها عنها وهي تهز رأسها قائله"ما تفهميش غلط بس قاسم ساعدني كثير قوي لدرجه انة ضحى بحياته عشاني انا بعد ما جده خذني من يومين طنط ناريمان طلعت علينا في الطريق وخطفتني منه وقاسم مستسلمش وراح وراءها و كانت هتضربني وتموتني بالمسدس لولا هو واقف واخذ الرصاصه مكاني و مش كده وبس في حاجات كثير عملها معايا تخليني مش اتمنى له الخير وبس انا مديونه لي بكثير اوي.. ده حتى طلب مني أنه مستعد يربي الطفل اللي في بطني ويعتبره زي ابنه بالضبط"
هزت بدريه رأسها بخوف و هي تنظر إليها بترقب تقول بارتجاف "جاتها كسر ايديها الحمد لله انك بخير وما عملتلكيش حاجه.. بس شكله اللي اسمه قاسم ده مش موضوع بيحميكٍ وبس ،خوفه عليكي كمان يخليني اشك ان في حاجه ثانيه في دماغة من ناحيتك "
أسرعت حورية تقول بلهفه"لا يا ماما قاسم مش كده ده كويس جدا وشهم ومحترم ومستحيل يضرني ده احسن انسان شفته في حياتي بجد"
لاحظت حورية نظرات والدتها نحوها بقوة ابتلعت حورية ريقها بصعوبة بتلعثم وهي تقول بصوتها المرتجفة "انا بتكلم كده عنه عشان انا كمان كنت شاكه في ذيك طول الوقت وياما عملتله مشاكل كثير بسبب كده وهو رغم كل ده فضل معايا وبيساعدني لحد ما اظهر برائتي ولسه برده مكمل معايا"
تنهدت بدرية مطولاً بضيق و هي تنظر إليها قائله" انا ما كنتش هقول عليه حاجه وحشه عشان تضايقي كده عشانه وتزعلي انا كنت هقول ان شكله بيحبك و ده اللي بيخليه يعمل اللي بيعمله معاكي و عشان كده طلبك لـ الجواز النهارده مني"
تصلب جسد حورية بقوه و هي تبتلع ريقها بارتباك عندما سمعت ذلك الحديث من والدتها
كيف لم تفكر في ذلك من البدايه ان يكن قاسم يفعل ما يفعله لأن يمتلك مشاعر نحوها، ثم تابعت قائله بابتسامه مصتنع " المهم انا لازم امشي دلوقت لو عرفت ان شاء الله اشوفك ثاني هشوفك اكيد بس حاولي تبعدي على قد ما تقدري عن جدك وعن ناريمان لأني واثقه أنهم مش هيسكتوا غير لما يوجعوا قلبي عليكي حتى لو اضطريتي "
نظرت حورية إليها بحيرة وصدمة و هي تسمع كلمات والدتها التي ضغطت علي شفتيها بقوة لتكبح رغبتها الجامحة بالبكاء لتعود قائله مرة أخري "حتى لو اضطريتي تتجوزي فعلا وتبعدي عني بس المهم انك تكوني كويسه وبخير، ما تستغربش ان انا بقول لك الكلام ده بس للاسف مش قادره احميكٍ منهم يا بنتي وقاسم لو كانت نيته وحشه من البدايه كانت هتظهر وتبان وما كانش هيطلعك براءه كمان ولا يعمل كل اللي بيعمله معاكي ويسعدك "
لتقف أمامها بدريه تمسك بيدها و هي تقول بهدوء مصتنع و الدموع بقهر داخل عينيها تلتمع" اشوف وشك بخير يا حبيبتي خلي بالك من نفسك "
="حورية مالك عماله انده عليكي وانتي سرحانه ومش بتردي عليا انتي كويسه"
أفاقت حـوريه علي صوت قاسم الذي كان يجلس جانبها في السيارة و يسير نحو المنزل ليلاحظ أنها منذ أن رحلت والدتها وهي تجلس جانبه صامته وشارده في حديث والدتها، التفتت له حورية بصمت واكتفت بالنظر إليه بعمق وترن كلمات بدريه في أذنها لتشعر بأن وجهها نيران حارقة تنبعث منة من الخجل والتوتر لاتعرف لماذا هذا الاضطراب الشديد الذي أصابها.
ليقول قاسم بجدية و هو ينظر إلي الطريق "
حورية انتي سرحتي ثاني في ايه ما تقلقنيش عليكي مش الحمد لله شوفتي والدتك وهي بخير واتطمنتي عليها"
لتتحدث هي اخيرا و هي مازالت تحدق بعينه بعمق قائله بارتباك" اه الحمد لله هي كويسه ما فيش حاجه .. شكراً جدآ يا قاسم على اللي عملته معايا وخلتني اشوفها مش عارفه
اقوللك ايه بجد بس الموضوع ده فرق معايا كثير "
ابتسم قاسم بخفوت وهو يجيب عليها"
العفو انا ما عملتش حاجه ..انا كمان اتبسطت لما شفتك مبسوطه النهارده وفرحانه لما شوفتي والدتك ويا ريت تفضلي كده على طول وما تشيليش هم حاجه طول ما انا جنبك "
ابتسم باتساع و هو يتنهد براحة و يراقب ملامح وجهها المريحة تنظر نحوه بشرود وتتذكر كلمات والدتها وتسأل نفسها هل بالفعل قاسم يفعل ذلك لأن يحبها أنتبهت إليه عندما هتف بجدية"حوريه كنت عاوز اقول لك حاجه الايام اللي جايه انا وانتي هنسافر بره مصر لحد ما تولدي ان شاء الله بالسلامه وبعد كده نرجع تاني"
نظرت إليه بدهشة وقلق لتهمس و هي تبتلع ريقها بصعوبة "ايه نسافر بس انا مش عاوزه ابعد عن ماما و اخويا"
امسك قاسم بيد حوريه يضغط عليها بحنان و هو يقول "هي فتره مؤقته وبعد كده هنرجع ثاني بس لازم احميكٍ من عتمان جدك و ناريمان وما فيش حل قدامي عرفت اوصل له غير كده معلش يا حورية بس السفر هو الحل في الوضع اللي احنا فيه لما يلاقونا اختفينا ومش عارفين مكانا هيبعدوا عننا شويه "
هزت رأسها باعتراض و هي تتنهد بضيق شديد لتضع يدها علي وجنتيها و هي تستند علي نافذة السيارة و هي تقول "طب ما هو ممكن يعرفوا مكانا برده لما نسافر يبقي عملنا ايه ساعتها "
أوقف السيارة أمام باب القصر من الخلف وهو يتفحص المكان حوله باهتمام وحذر قائلا بجدية"اكيد حاجه زي كده مش هتفوتني احنا مش هنسافر في الطياره هنسافر على باخره عشان مانسيبش اي دليل ورانا وهنفضل بس في ايطاليا كام شهر لحد ما تولدي وبعد كده نرجع مصر ،انا اتفقت مع جمال يجهز كل حاجه "
لم تجيب وتنهدت باستسلام لـ تسمعة يهمس بصوت ظليل للغاية وهمس بما اصابها من دفعات متدفقة من الاضطراب المربك لكيانها"
واهو برده منها فرصه يبقى عندك وقت كافي تفكري في العرض اللي عرضته عليكي جوازنا"
**
بعد مرور اسبوع.
في إيطاليا بداخل منزل واسع يتمتع بالرقه والرفاهيه، أغمضت عينيها حورية بابتسامه هادئه وهي تجلس بالشرفة المطلة علي الحديقة تستمتع بمنظر الازهار المتفتحة حتي جاء من خلفها قاسم حين رفع هو رأسه الي الشرفة لترتسم ابتسامة عريضة تزين ثغره حين وجدها تجلس بالداخل وأقترب منها قائلا"عجبك المكان هنا عاوزك تريحي اعصابك وما تفكريش في اي حاجه وخذي شويه هدنه لاعصابك وعقلك"
فتحت عينيها لتعبث بخصلات شعرها و هي تقول بهدوء "المكان فعلا هنا جميل ومريح للاعصاب ..هو ده بيتك انت بتيجي هنا كثير"
ابتسم و هو يسحب المقعد من جوارها ليجلس فوقه بعد ان حل زر سترته ليتحدث هو بهدوء "ايوه انا باجي هنا برده ساعات لما بتعب وبعوز افصل شويه من الشغل، معلش هنفضل مع بعض هنا لحد ما تولدي وفي غرف هنا منفصله كتير اختاري اللي تعجبك انا عارف ان احنا ما ينفعش نفضل لوحدنا هنا كثير بس انا لو رحت فندق اعصابك مش بتستحمل وهنا أفضل و ما تخافيش مني انا مش هتحسي بوجودي اصلا"
هتفت حورية بابتسامه ناعمة وهي تقول بتلقائية"مش محتاج تدي مبررات يا قاسم انا واثقه فيك جدآ متاكد انك مش هضرني في يوم "
اتسعت عينا قاسم بعدم تصديق ما سمعه ونظر إليها بلهفة ليجد عينـاها اللؤلؤيـة ممتلئة بالحنان اقترب منها ليقول بابتسامه واسعة "اللي انا سمعتة ده بجد ولا بيتهيالي انتي اخيرا وثقتي فيا يا حورية"
نظرت إليه بتوتر و انتبهت الى كلماتها التلقائيه و هي تشعر بحرارة تنبعث إليها من قربه الشديد و نظراته و لم تكن تدري ماذا تفعل و هو يجوب ملامح وجهها بعينه بقوة بشكل ملحوظ ملفت الانظار ابتلعت ريقها و هي تبتعد عنه تهتف بارتباك"هو انت لسه واخذ بالك دلوقت انا بقيت واثقه فيك من شويه كده انت عملت عشاني حاجات كثير اوي يا قاسم وشفت بعيني ده وحسيته كمان فطبيعي كل ده مش يخليني اثق فيك وبس لا كمان امشي معاك طريقي وانا مغمضه عيوني"
اقترب بالمقعد منها امسك بيدها لتنظر إليه باستغراب شديد و هي تسحب يدها عنه وهو يقول بتعجب"هو انتي سخنه يا حورية ولا بحلم ولا العيب فيا أنا ،الكلام ده طالع من قلبك فعلا "
أغمضت عينيها تلعن نفسها حين كانت كلماتها ستقودها الي طريق لا تريده لتشيح بوجهها عنه و هي ترسم المرح باصطناع علي وجهها وهي تقول بتلعثم" ماسك عليا زله يعني عشان اقول لك كده في ايه قاسم انت مافور الموضوع ليه يعني "
ابتسم بنعومة وهو يهمس لها بصوت خشـن أثار شيء داخلها رغمًا عنها " معلش اصلي مش مصدق بصراحه اللي يشوفك زمان غير دلوقت و كنتي بتعامليني ازاي؟ لما بفتكر معاملتك معايا زمان اول مره شفتك فيها مش بصدق وداني من اللي بسمعة منك دلوقتي "
صمتت لحظه باضطراب وهي تشرد في تلك اللحظات الصعبه لتتحدث بهدوء عكس ما داخلها من ثورة لا تخمد وتريد الانفجار دائما لتهتف بأسف" معلش اسفه بس انا كنت في وضع ما يسمحليش اثق في اي حد ولا اصدق احساسي، بس بعد كده لما عرفتك كويس اتغيرت نظرتي ليك وخليتني ارجع ثاني اثق في حد و اؤمن بي"
ثم اومأت حورية بمرحه حتي تغير الموضوع و همست بنبرة طفولية "وبعدين اديني دلوقت مش بس واثقه فيك لا كاتمه على قلبك الـ 24 ساعه طول اليوم في شقتك ومكان راحتك اللي بتيجي تقضي فيه وقت وترتاح حتي لوحدك"
ابتسم قاسم بخفوت واقترب منها وقال بصوت خشن مثخن بالعاطفة الحارقة "بس انا مش متضايق ومش عاوزك بس تقتحمي شقتي لا عاوزك كمان تقتحمي حياتي كلها وتبقي جزء منها وتوافقي انك تبقي حرم قاسم السيوفي"
حدقت به بذهـول مُحرج وهو يحيطها بعاطفته القوية و وضعت يدها علي صدرها لعلها تهدئ دقات قلبها المتسارعة و لكن تسارعت أكثر حين شعرت باقترابه اكثر به حمحمت لتغمض عينها بشدة و هي تبعد يدها عن صدرها حتي لا يلاحظ ارتباكها بحضرته لتلتفت برأسها تنظر إليه نظرة خاطفة ثم لتنظر أمامها مرة أخري و هي تقول بتعب مصطنع"انا هاروح بقى اغير هدوم عشان اريح شويه من الطريق السفر كان صعب بالباخره عند اذنك"
رحلت من أمام بخطوات سريعة و متوتره إلي الداخل هاربة بينما صاح هو بأرهاق زاد على مشاعره وروحه فعليًا يصل إلى سمعها"اهربي براحتك يا حوريه هتروحي مني فين احنا هنقعد هنا شهور في وش بعض"
**
بعد قليل سمع قاسم صوت طرقات علي باب منزله عقد حاجبيه باستغراب فمن من الممكن أن يأتي إليهما الآن وعندما فتح الباب تفاجأ بـ فتاه قصيره القامه أمامه تبتسم بسعادة وهي تقول باللغه الايطاليه"مرحبا بك قاسم حمد لله على سلامتك عرفت بالصدفه انك وصلت الى هنا فجئت حتى ارحب بك كيف حالك"
صمت قليلًا ولم يرد عليها ثم تلعثمت وهي تكمل بتوتر " انا داليدا جارتك الم تتذكرني الفتاه التي انقذتها من محاوله الاغتصاب من فتره قصيره ونصحتها ان تبعد عن ذلك العالم السيء وتلتفت الى نفسها أفضل لاجلك والدها المرحوم ماجد الغندور الطبيب المشهور بالمصر"
تنحنح بحرج وهو يعود لخشونته قائلاً بابتسامه بـ عملية " نعم تذكرتك بالتاكيد كيف حالك داليدا اتمنى ان تكوني فعلتي بالنصيحه و ابتعدتي عن تلك الاعمال"
تنهدت داليدا وهي ترسم التوتر على ملامحهـا ثم إجابته هامسة بشغف "اتقصد الهيروين نعم فعلت بالنصيحه وابتعدت مثل ما قلت لي انا كنت في المرحله الاولى ولم يكن الأمر صعب عليا الابتعاد وهذا بفضلك أنت قاسم "
ابتسم قاسم بخفوت و هو يقول بود"جيداً سعيد بهذه الاخبار و اتمنى ان تظلي هكذا طول حياتك "
نظرت نحوه داليدا مبتسمة برقة وقبل أن تتحدث مره ثانيه استمعت الي صوت أنثوي ناعمه ياتي خلف منه يهتف"قاسم"
ألتفت قاسم إلي الخلف ليجد حوريه تقف بملامح جليديه جامده عقد حاجبيه باستغراب لـ يتساءل داخلة ماذا حدث لها ثم انتبه علي صوت داليدا تقول بفضول شديد"اعتذر هل لديك ضيوف "
أجابها قاسم بهدوء وهو يشير لها نحو الداخل لكنها رفضت الدخول لتهز رأسها عندما سمعتة يهتف قائلا"لا هذه زوجتي حوريه ..وهذه داليدا تسكن معنا في نفس العماره حورية"
اتسعت حدقتاها بذهول وهي تهمس "ماذا هل انت متزوج ..لم اكون اعرف"
لم يهتز لـ حورية جفن وهي تسمعة وهو يخبرها قائلا "نعم متزوج و قريبا سوف اصبح اب أيضا حورية حامل"
لـ تتجمدت عينـاها المُهيمة بالهفوف علي قدومة قبل قليل لـ حزن شديد حاولت إخفاءه وبصوت متوتر قالت "أوه مبارك لك لم أكن اعرف تفاجات كثيرا بهذا الخبر لاني لم اراها معك من قبل"
هز رأسه بتفهم قائلاً بجدية "المره السابقه جئت بمفردي وحينها كانت حورية مشغوله مع اهلها بمصر لكن هذه المره جاءت معي"
كادت أن تظهر الحزن و الخيبه الذي استوطنت ملامحها بتجبر ولكنها حافظت على ثباتها وحروفها الباردة وهي تنطق بهدوء تام "حسنا بالاذن انا بالتاكيد تحتاجون الى راحه و متعبون من رحله السفر.. اراك لاحقا قاسم سعيده بلقائك مره ثانيه "
تجاهلت حورية تماماً ثم رحلت بهدوء بينما أغلق قاسم الباب ناظر لها وهو يبتسم قائلا "جعانه انا هطلب اكل تحبي تاكلي حاجه معينه "
رفعت عيناها له بتجاهل ثم قالت بحدة جامدة "هي مين دي؟ "
كان مشغول بالهاتف وهو مرددًا بصوت أجش "قصدك مين داليدا ما انا قلت لك دي جارتي .. هو انتي ما بتعرفيش ايطالي هي كانت بتقول لي "
قاطعته و اخذت حوريه تقول بصوت حاد وهي تومئ برأسها على مضض " كانت بتفكرك بنفسها وبنصايحك اللي اديتها لها وانت رديت عليها وكنت فرحان أوي انها استجابت للنصايح دي "
ترك الهاتف و رفع قاسم حاجبيه الأيسر بدهشة وحاول تهدأة نفسه وهو يرد مستنكرًا "هو انتي كنتي واقفه من امتى "
لا تدري ما أصابها تكاد ينفجر جسدها من الغيظ الشديد وهي تهتف بحده"مش هتفرق كتير.. بس جاوب على سؤالي تعرفها منين وكنت بتديها نصايح عن ايه بقى و شكلك تعرفها من زمان علي كده "
أستغرب غضبها الغير مبرر وهو يجيب عليها متنهدا"ما اعرفهاش وما شفتهاش غير مرتين وساعتها كانت محتاجه مساعده و النصيحه اللي بتتكلم عنها عشان شفتها في مره وهي بتشم مخدرات وانا نصحتها انها تبعد وان الحاجه دي هتضرها مش هتفدها "
جزت علي أسنانها بعنف منة هاتفه وهي تزمجر بحده أفقدها ثباتها تمامًا"شفتها مرتين وسمعت منك النصيحه على طول لا واضح انها في المرتين دول كانت بتعزك قوي عشان تسمع كلامك كده "
ليحدق بهيئتها المشعثة بقلق وهو متسأل"اهو اللي حصل؟ هو انتي متضايقه من حاجه"
بدأت حوريه تشعـر بغليان في اوردتها صائحة بغضب"لا خالص وهتضايق ليه؟ ده انت بتعمل خير اهو المفروض ابقي فرحانه أوي ان الانسان اللي ممكن ارتبط بي في يوم، بيحب يساعد الناس ويهتم بمشاكلهم ما طلعش بيهتم بمشاكل لوحدي انا بس"
رفع رأسه لها وهو يبتسم باتساع بينما ينظر لعيناها بعاطفة خاصة لها وحدها قائلا"افهم من كلامك ان انتي فكرتي و وافقتي على طلبي انا كان لازم اقول لها انك مراتي ولي اي احد هيسال بنعمل ايه مع بعض هنا عشان لما بطنك تبتدي تكبر هيسالوا.. بس شكلك الحمد لله وافقتي أهو"
شعرت بالعجز يتملكها فلا تستطيع الانسجام مع انجراف مشاعرها او حتى التمسك بقناع التجاهل والصلابة لتقول بصوت متوتر" آآ انا ما قلتش كده انا بقول ممكن يعني انما لسه بفكر و ما وافقتش ..انا هاروح اكمل فض باقي الشنط تكون طلبت أكل عند اذنك "
**
في قصر عصام الصريطي كانت ناريمان عينـاها حمراء حادة وعروقـها بارزة بجنون وهي تستمع إلى حديث الطرف الأخري عبرا الهاتف لتقول بعنف صارخًا بصوت قوي " مشغله معايا شويه اغبياء و بهائم ولا حد منكم عرف مكانهم فين لحد دلوقت اقفل وما تتصلش ثاني طالما مش عارفين تشوفوا شغلكم كويس"
هبط جواد الدرج بسرعة وهو يتقدم نحوها بقلق متسائلا باهتمام" في ايه يا ماما صوتك عالي ليه في ايه تاني"
رديت بصوت خشن مطخن بالغضب الشديد والعصبية الحارقان"كل ما ابعت حد يدور علي قاسم وحوريه يعرف مكانهم فين؟ ما حدش عارف يوصل لحاجه كانهم فص ملح وذاب هتجنن اخذها وراح بيها فين بس "
تقدم وهو يتحدث جواد و يومئ برأسه على مضض "هتفضلي تتعبي نفسك في الموضوع ده لحد امتى بس يا ماما ومهما نتكلم انا وبابا ما بتسمعش كلام حد "
صرخت مستنكرة حديثه بعصبية شديدة"انت هتعمل انت كمان زيه وعاوزني اسيب حق اخوك بعد ما البنت الحيوانه دي موتته وطلعت براءه عادي كده"
إتسعت ابتسامته الشيطانية وهو يقترب منها مستطردة "انا ما قلتش كده انا كمان نفسي اجيب حق اخويا جاد بس بالعقل انما انتي كده بتضيع حقك و تورطي نفسك اكثر، يعني ولا تدوري ولا حاجه وراهم وهو ولاهي هيظهروا هيروحوا فين يعني وبعدين اصلا شكلهم كده سافروا بره مصر "
اتسعت حدقتاها بدهشة فتخبطت هي بقلق وهي تسأله مستنكرة " تصدق انا ازاي ما فكرتيش فيها عشان كده ما حدش عارف يوصل لهم هي مالهاش حل غير كده اكيد سافروا فعلا بره مصر.. انا لازم بعد كده ادور بره مصر وفي كل مطار على اسمائهم "
فأشار لها جواد محذرها بصلابة "برده ما فيش فائده فيكي وبعدين ما تعمليش نفسك ناصحه قاسم مش سهل و اكيد مسافرش عن طريق طياره خذيها نصيحه بقي مني وما تدوريش لانك هتتعبي نفسك على الفاضي وزي ما قلت لك هستنيله كام شهر مره وهيرجع، شركات و بيته لسه هنا و كل حاجه بتمشي عن طريق جمال وده اكبر دليل انه هيرجع "
تطلعت فية بتفكير لتظهر ابتسامة خبيثـة مترافقـة بشظايا عبث وهو يهمس لها بصوت خشـن أثار شيء داخلها من الانتقام لتهز رأسها ببطئ الموافقه رغمًا عنها "امشي ورايي المره دي ومش هتندمي "
وما إن انتهاء من كلماتة اتسعت ابتسامتها الخبيثة وهي تهمس بمكر " وماله نستني "
**
في إيطاليا كان قاسم يسير في سوبر ماركت ويضع في أذنه سماعه الهاند فري يتحدث مع جمال عن العمل بتركيز بينما بجانبه كانت حوريه تسير بخطوات بسيطة وهي تجر العربة السوبر ماركت وتضع فيها بعض الاشياء التي يحتاجونها بالمنزل حتي وقفت عند ركن الشيكولاته وابتسمت بسعادة غامرة مثل الاطفال وبعد لحظات التفت قاسم ناظر لها
ليلقي نظره عن الاشياء التي وضعتها بـ العربة لـ يعقد حاجبيه بدهشة وهو يحمل علبه كبيره مليئه بانواع الشيكولاته الفاخره و تطلع فيها هزت رأسها بعدم فهم مصطنع " في ايه عاوز واحده انت كمان ما قدامك السوبر ماركت سيب دي في إيه "
ابتسم قاسم بسخرية وهو يشير نحو بطنها المنتفخة بعض الشئ بضيق قائلا" لا ولا حاجه سلامتك، في بس واحده مش ناويه تسمع الكلام مع أني الدكتور محظرها من الحاجات دي .. يكون في علمك اول ما هنروح البيت هاخذها منك واخبيها ويبقى قابليني هتلاقيها ازاي "
شهقت بقوة و هي تحول التحدث لكنه هتف بإصرار وحاد" وبرده لو قعدتي من هنا للصبح تتحايلي عليا زي المره اللي فاتت مش هاديكٍ حاجه.. ليكي بس واحده كل اسبوع و يلا شوفي عاوزه ايه تاني عشان نحسب
و نمشي "
زمت شفتيها و هي تقول بخفوت "نكدي "
لتتحرك من امامه تجر العربة بخطوات غاضبه بشده دون مبرر علي اتفه الاسباب من هرمونات الحمل، وصل إليه كلماتها ليشعر بغيظه نحوها و هو يقول بتذمر"سمعتك وبطلي برطمه وانتي ماشيه بدل ما ارجعلك العلبه كلها ويبقى ما فيش خالص منها طول الشهر "
ثم هز رأسه بيأس من تقلبتها و طلباتها الغريبه بسبب حملها وحاول كبح ابتسامته وهو يتذكر ملامحها الطفولية الغاضبه وهو يأخذ منها علبه الشكولاته لكنها خرجت واسعة و قد تناس سريعاً ضيقه منها فهي أصبحت مثل الاطفال الصغار تغضب بسرعه و تتصالح وتفرح بسرعه أيضا وكان هو يستقبل ذلك بصدر رحب ما تفعله و يشعر كأنها طفلته الصغيرة وتحتاج إلى معامله خاصة.
تنهد قاسم بعمق و جموح من مشاعره التي بدأت تسلل نحو قلبه ليكمل باقي اتصالاتة حتي أستمع الي صوت داليدا خلفة تنده باسمه وعندما ألتفت إليها ابتسمت و اشارت له أن يأتي نحوها عقد حاجبيه وتقدم إليهما ليري ماذا تريد.
وضعت حوريه باقي الاشياء التي يحتاجونها وتقدمت من قاسم حتي يحاسب و يرحلون فتجده ليس بمكانه لتتحرك تبحث عنة في كل مكان باستغراب.
حتي وجدت يقف مع داليدا ويبتسم إليها علي شيء ما يتحدثون عنه وهي تشارك اياه الحديث بضحكة عاليه عبثت حورية بوجهها
بضيق شديد من منظرهم هكذا وظلت تقف تتابع ما يحدث حتي رحلت داليدا وتركته و التفت قاسم نحوها و رأه تحول ملامح وجهها الي الغضب نظر إلي الاشياء داخل العربة و هو يقول "خلصتي محتاج حاجه ثاني ولا نروح "
لتقول كلماتها ذات مغزي وهي تهز رأسها ببرود "انا خلصت من بدري بس شكلك انت اللي مشغول وسبتني حتى من غير ما تقول لي، كانت عاوزه ايه الهانم "
حمحم هو و هو يقول بهدوء " هاه اه دي داليدا كانت بتعزمني على حفله عملها عندها في البيت النهارده بالليله "
لتصق علي أسنانها بابتسامه مصتنع"عزمتك أنت بس! و ناوي تروح علي كده بقي "
هز رأسه برفض وهو يقول متنهد بعمق "
لا هي بصراحه عزمتنا احنا الاثنين بس انا عارف انك ما لكيش في الجو ده وبتعوزي تنامي بدري من تعب الحمل وكمان هتروحي ازاي بس الحفله بالمنظر ده عشان كده قلت هروح لوحدي "
تجمدت بمحلها بغضب شديد عندما سمعت كلماته الاخيره وهو يقول كيف ان تذهب بهذا الشكل و بطنها المنتفخه هتفت بأعين حادة"
انت باي حق تحكم عليا انا عاوزه ايه من غير ما تسالني "
دني ينخفض من مستواها بجسده يداعب ارنبة انفها بيده و هو يمسد علي وجنتيها بابهامه قائلاً "عشان عارف انك مش هتبقي عاوزه تروحي ولا بتحبي الأجواء دي ومش هتبقي مبسوطه وعشان ما تتعبيش كمان.. واهدي بقى مالك متعصبه ليه هي هرمونات الحمل هتطلع عليا هنا كمان"
عقدت ذراعيها أمام صدرها و هي تبعد يده بحده و تقول بضيق و بعناد "طب ايه حبيت السهر فجاه وهاروح معاك عندك مانع "
تنهد قاسم ليأخذ منها العربة و هو يقول بهدوء بعد تنهيدة طويلة "لا براحتك يلا عشان نحاسب و نمشي "
لتنظر إليه مضيق عينها بتوعد قائله بهمس" ماشي انا هاوريك ازاي هاروح بمنظري ده يا قاسم"
**
في المساء.
في غرفه حوريه كان قاسم يقف في الخارج أمام الغرفه بملل شديد و هو يتأفف بضيق ناظراً إلي الساعة كل لحظة ليقول هو بغضب مكتوم" خلصي يا حورية خليني نروح وناجي على طول عشان ما نتاخرش "
="ثواني انا خلصت اهو"
سمع صوتها من الداخل وبعدها فتحت الباب وخرجت التفت قاسم بحنق شديد لينظر نحوها فهي كانت بـ الداخل اكثر من ساعتين لا يعلم ماذا تفعل كل هذا الوقت بينما اتسعت حدقته بصدمة كبيرة حين رآها أنها تريد فستان قصير يكشف علي ساقها و ذراعيها و فتحت صدر منخفضة و ضيق بشد عند الخصر بسبب بطنها المنتفخه من الحمل، و ما كادت أن ترحل هكذا بكل بساطة ليرفع سبابته بتحذير إليها و هو يقول بحدة "اقفي عندك علي الله تتحركي خطوه واحده كمان"
توقفت بتوتر وتحرك بسرعه حين تقدم من الشرفة يود إغلاقها نهائياً حتي لا يراها احد من الجيران بهذا المنظر والتفت قاسم إليها متسائلا بهدوء قبل العاصفة" أية دا بقي اللي انتي لابساه؟"
التفتت إليه تنظر إلي الثوب و هي تقول بابتسامه مصتنع "هيكون ايه يعني فستان "
ليرمقها هو بغضب اخرسها بينما لوت فمها بخوف و هي تضع يدها علي بطنها الظاهر اثر ضيق فستانها حتي صرخ بها بغضب قائلاً "والله تصدقي فكرتة قميص نوم و الهانم ناويه تظهر كده قدام الناس بالشكل ده"
ثم تطلع أيضا نحوه وجهها ليجدها تضع احمر شفاه صارخ يلفت الأنظار بالفعل كانت جميلة نظر لها مسحوراً و هو يمرر عينه بتمهل علي تفاصيلها و علي جسدها الظاهر بشكل مثير يصيح بقوة" اكيد مفكرتيش اني هخليكي تخرجي كدا، وبعدين انتي جبتيه الفستان ده منين انا اللي جايبلك اللبس بنفسي و ما كانش في حاجه زي كده "
لتقف متجمدة بمحلها لثواني و من ثم تنظر إليه و هي تبتلع ريقها بصعوبة بالغة من صراخه عليها وغضبه فهي لاول مره تراه بهذه الغضب و شعرت بارتجاف يسري باطرافها حتي التفتت إليه و هي تقول بخوف "اه اصل داليدا اديتهلة هديه لما عرفت ان انا حامل طلعت لطيفه على فكره "
امسك بيدها يجذبها بحده و هو يصك علي أسنانه بغضب قائلاً بانفعال"والله دلوقت بقيت لطيفه ده إنتي ما كنتش بتطيقي تسمعي سيرتها ..طب يلا اتحركي من قدامي و البسي عشان مش ناقص غباء"
انتفضت بقلق علي صراخه و هي تتمتم بخفوت"ما انا لابسه امال ده ايه"
أحمرت عينه بشراسة وامسكها مد مقدم الفستان الذي التصق عليها بالـفعل و هو يصرخ بجنون " هو فين اللبس ده؟ بلاش اقول لك منظرك وانتي كده ايه وقلتلك ادخلي غيريه وما تعصبنيش اكثر من كده و بلاش تشوفي وشي الثاني يا حوريه "
نظرت إليه بغضب ودفعته بكتفها بخفة و هي تقول بحدة "هو انت بتهددني انا حره والبس اللي انا عاوزه انت ما لكش حكم عليا اصلا انت صدقت ان جوزي بجد ولا ايه "
فغطت شفتاها تلقائيًا فـرفـع أنظـاره لـ حورية لتتعلق عينـاه بحركتها التي تثير جنونه اكثر وهي تعض على شفتاها الصغيـرة لتمنع توترها لف ذراعيه حول خصرها بقوه و هو يميل نحو اذنها و هو يهمس "أنا دلوقت في حكم خطيبك وقريب قوي يا حوريه هنتجوز وانا ما اسمحش لـ مراتي تخرج بالمنظر ده وتبقى فرجه للناس "
حاولت أبعاد يده عنها و لكن لا فائدة أصبح كالفولاذ وصرخت هي بغضب و هي تغمض عينها قائلة"وانا عاجبني الفستان وهخرج كده يا قاسم "
ضغط على خصرها بيـداه بقوة وهو يعيد بصلابة تخفي خلفها ثوران مشاعره "تمام شوفي مين هيسمحلك تخرجي وانتي بالمنظر ده "
لتمسك بمقدمة الفستان تضمه عليها و هي تقول بحدة مصتنع تخفي خوفها منه" هو انا مستنيه اخذ الأذن منك ولا ايه هخرج دلوقتي و وريني هتمنعني ازاي "
عقد ذراعيه أمام صدره و رفع حاجبه الأيسر بتحدي قائلاً بـبرود "تمام قوي كملي في العناد وانا مش ماسك فيكي اتفضلي وريني هتخرجي ازاي "
ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة و هي تلعن نفسها بشده علي هذه الفكره و لطمت خديها بخفة و هي تقول بحسرة "انا مش خايفه منك على فكره و ما تبرقليش كده بعينك وهخرج برده "
هز رأسه ببرود وهو يحمل كوب عصير الفراوله الخاص بها من أعلي الطاولة كانت لم تشربه بعد بينما هي اخذت نفس عميق وتشجعت لترحل بخطوات بسيطة وقبل أن تخطي خطوه أخري تجاه الباب كان سكب قاسم قليلاً علي الفستان من كوب العصير.
شهقت بصدمه وشفتاها الصغيرة ترتعش بحسره كالأطفال علي مظهرها بينما إلتفتت له هي تهمس بصوت مبحوح"نهار اسود اللي انت عملته في الفستان ده "
ابتسم قاسم بانتصار وكان تنفسه سريع وعالي وهو يردد بصوت آمر "اسف ما كانش قصدي ادخلي غيريه اكيد مش هتروحي للناس بالمنظر ده دلوقت "
جزت علي أسنانها بشراسة وكانت فهمت انه فعل ذلك بقصد حتى تغير فستان رغم عنها و في لحظه اخذت منة الكوب بسرعه و سكبت عليه الباقي أعلي القميص الذي يرتديه الابيض اتسعت عينا قاسم بعدم تصديق وغضب.
اقترب برأسه منها بحده لتعود هي الي الخلف أكثر لتنظر إليه بتحدي قائله بابتسامه واسعة "اسفه ما كنتش قصدي "
صرخ مستنكرًا"إيه اللي انتي نيلتي ده "
اتسعت ابتسامتها الخبيثة وهي تهمس مبتسمة برقة بمكر "تستاهل عشان تحس باللي عملته فيا ويتحرق دمك زي ما حرقت دمي "
اغمض عينه يحاول ان يسيطر علي نفسه و هو يصك علي أسنانه ليدلف الغرفه و يبحث عن شئ اخر ليخرج بنطال من خامة الجينز الفاتح و معه كنزة واسعة سمراء بأكمام طويله ليغلق خزانة الملابس و هو يمسك الملابس قائلا بأمر و هو يشير لها"البسي ده"
كانت تتفحص ما بين يده و قد ظهر الاشمئزاز علي ملامحها ولم تعجبها لكنها اغمضت عيناها بتعب وإرهاق واضح منة ثم التقطت ما سترتديه منة وقبضت عليها بكلتا يديها ثم ألقته علي الفراش امام عينه و هي تقول بنبرة حاد "طب اطلع برا عايزة اغير "
رفع كتفه بلا مبالاه و هو يقول ببساطة و يفك ربط رابطة عنقه السوداء ساخراً"ما تغيري حد ماسك فيكي مش هتفرق كتير لما تقلعي خالص على اللي انتي لابساه دلوقتي"
نظرت إليه باستنكار وهي تصيح بغضب وخجل" قــاسـم اطلع بره أنت قليل الأدب وسافل كمان "
ليدفعها نحو خزانة الملابس بخفه ومد يده ليخلع قميصه عنه وبدأ في فك ازراره بحركة مباغتة أصبح عاري الصدر لتشهق هي برعب شديد و اتسعت مقلتيها بذعر وهي تحاول أن تتحدث بتلعثم "انت بتعمل ايه ابعد عني إلا اقسم بالله هصوت و.. "
صمت عندما تفاجات بي يخرج من الغرفه تارك إياها بمفردها و هو يقول بحدة" هادخل اغير انا كمان في الاوضه الثانيه اطلع الاقيك خلصتي قبليه "
خرجت بعد لحظات بعد أن بدلت ملابسها وهو في تلك اللحظة خرج أيضا ونظر إليها بتقييم و هو يعدل من هيئته لتدير رأسها إليه و هي تقول بحدة "حلو كده مبسوط انت دلوقت بتحكماتك ..بني ادم مستفز "
زفـر بصوت مسمـوع وداخله شيء لا يستوعب حتى الان ما كاد يحدث وقسوته أصبحـا كالأشواك ينغـزان صلابته التي أحكم لجامها حول ترانيم مشاعـره كافة ليقف أمامها و يحاوط بيديه كتفيها وابعد خصلات شعرها عن عنقها وصوته يخرج هادئًا متغللًا ايـاه نغمات مضطربة وهو يهمس "انتي اللي عيلة صغيرة مش فاهمة الناس هتفكر فيكي ازاي لما تكوني موجوده في بلد زي كده وتطلعي قدامهم بالمنظر ده ..انا خايف عليكي لو حد بص بصه ليكي ما عجبتنيش مش هقدر اتحكم في نفسي وممكن اموتة عشان اتجرا وبص على حاجه ما تخصهوش ومش ملكه "
وبعدها أخذ منديل ورقي ومسح برفق شفتيها وهو يقول دون مقدمات بنبرة حادة غيورة " عارفه لو كان شافك حد بالمنظر ده غيري كنت قتلته وقتلتك بعده لأنك هتكون أنتي اللي اديتله الفرصه دي "
صمتت قليلًا ولم تجيب بينما هي بدأت تشعر بالخدر في كل اطرافهـا تشعر بها وبعجزها وبالنيران التي تهز كيانها ولكنها لا تملك ما يرمم ذلك الاقتناص في كيانها وروحها هزت رأسها بضعف فهل هذا قاسم الذي كان غاضب منها بشده قبل قليل؟ كانت خصلاتها تتساقط حول وجهها ليبعد هو خصلاتها برقة وهو يلامس وجنتهـا بحنان فطري ثم امسك بيدها و خرجوا من المنزل إلي المنزل الأخر عند داليدا.
مر ساعة و حوريه و قاسم يجلسون بعيد عن الجميع بداخل المنزل وسط الأنغام العاليه و أصوات الضحك والمرح بين الجميع ماعدا هما كانوا يجلسون بصمت ويشاهدون ما يحدث فهذه الاجواء ليس معتدين عليها و بالذات حورية التي بدأت تنزعج بشده و ترهق وعندما لاحظ قاسم هز رأسه بيأس وضيق من عنادها فهو يعرف أنها جاءت معه بعناد وليس تستمتع بالحفله فـ هذه الاجواء ليست محببه إليها و داليدا كانت تراقب قاسم بين حين وآخر وهو يجلس جانب حوريه و لم يتركها لحظه تنهدت بضيق شديد و حاولت إشغال نفسها مع اصدقائها.
وبعد فترة قصيرة لينهض بتعب وإرهاق زائف"حوريه انا دماغي صدعت من الدوشه تعالي نروح احسن"
نهضت معه علي الفور مرددة بارتياح"ماشي تمام يلا بينا "
اخذها قاسم و ذهبوا بعد أن ودعتهم داليدا بأسف شديد علي رحيلهم مبكره لكن اعتذار قاسم بهدوء ان حورية بدأت ترهق بسبب الحمل و يجب أن يرحلون لترتاح وعندما خرجوا اقترب قاسم لكي يفتح باب المنزل لتقول حورية بتوتر شديد"بقول لك ايه يا قاسم ما تدخل انت تنام وتريح دماغك من الصداع وانا مش جاي لي نوم هاروح اتمشى شويه واشتري حاجه وهتلاقيني جيت علي طول"
عقد حاجبيه متسائلا بغضب" استني هنا رايحه فين وحاجة ايه اللي عاوزه تشتريها ما لهاش اسم ..ما هو انا مش هاسيبك تروحي لوحدك رجلي على رجلك رايحه فين "
ارتعشت شفتاها مجيبة بغيظ شديد منه "يوووه هو ما فيش حاجه اسمها خصوصيه معاك خالص، نفسي في ايس كريم و رايحه اشتري ارتحت بتوحم عليه من الصبح وما تقوليش لا "
ابتسم قاسم رغم عنه ليقول بتوضيح"يا حوريه انا خايف عليكي الحاجات دي ممكن تضرك هو انا اللي مانع ما الدكتور بنفسه قال لك كده "
سمع صوت حورية المعترض بخشونة"ايوه بس قاللي برضه كلي بكميات قليله وانا اهو فين وفين لما باكل هو انت سايبني اخذ نفسي حتى بعيد عنك ما انت طول النهار مراقبني "
هتف قاسم بجدية"ما انا لو ما عملتش كده يبقى كل يوم هجري بيكي على المستشفى على العموم خلاص تعالي طالما نفسك فيه أوي كده"
ابتسمت حوريه بسعاده وذهبت خلفه يصعدون السياره لـ يسير قاسم حتي وصل الي محل صغير يبيع مثلجات وصف السيارة جانب و هتف متسائلا عن النكهة التي تريدها لتقول بابتسامه ملهوف"عاوزه واحد ايس كريم بالشيكولاته وواحد بالطماطم "
أرتفع حاجبيه الأيسر بدهشة وهو يقول بسخرية "نعم طب شيكولاته وفهمناها لكن ايه عايزه ايس كريم بالطماطم دي "
نظرت إليه بحد تزمجر فيه بعصبية حادة "هو في ايس كريم بالطماطم اطلب من الراجل وهو هيعرف علي طول ..وبعدين مش كل حاجه تقفلهالي قلتلك بتوحم هاتلي واخلص "
ضغط على أسنانه بضيق منها قائلا"اخلص! هي جابت كده الله يرحم زمان كنت باتحايل عليكي بساعات عشان تاكلي دلوقت انتي اللي بتتخانقي معايا عشان تاكلي "
هزت رأسها نافية وهي تهتف لـ قاسم قائله بنفاذ صبر"انت هتبص لي في اللقمه خلاص مش عاوزه حاجه منك يلا نروح ونخلص "
فنظر قاسم لها بمكر وهو يردد لها بصوت أجش ساخراً "اه عشان تفضلي طول النهار مصدره لي 111 وتستني لما انام و تسحبي وتطلعي الشيكولاته اللي انا مخبيها هو انا مش عارفك..خلاص ما تقلبيش وشك هاروح اطلب استنيني هنا في العربيه ما تطلعيش "
ربعت يدها أمام صدرها بوجه غاضب بضيق بينما فتح قاسم باب السياره وهبط يجلب إليهما ما طلبت وعاد بعد فتره يحمل كيس به الايس كريم أغلق الباب خلفه وهو يقول بابتسامه هادئه "اتفضلي يا ستي ايس كريم بالشيكولاته والطماطم .. كنت جبتلك نصف كيلو طماطم افضل من ده ،طالما نفسك أوي كده في الطماطم، انا عارف ايه الوحم الغريب ده "
ابتسمت حوريه بسعاده غامرة وأخذت منه الكيس بلهفة لتفتح العلبه وفجأة ظهر علي ملامحها الألم وهو يحدق بوجهها الشاحب ثم سألها متوجسًا"مالك يا حوريه انتي تعبانه وشك قلب مره واحده كده ليه حاسه بي حاجه"
هزت راسها برفض بسرعه وهي تتحدث بصوت دون تعبير واضح "لا ما فيش انا كويسه بس ضربني في بطني جامد"
ليفهم قاسم أنها تتحدث عن وضع الجنين لتكمل بجمود وهي تفتح علبه الشكولاته و بدأت تتناول بعدم مبالاه"هو بيعمل كده دائما لما اكون متعصبه او باكل حاجه هو اللي طلبها "
ابتسم بحنان وقال بمرح"بيعبر عن فرحته يعني بالطماطم طب بالهناء والشفاء "
لم ترد علية واكملت تأكل بهدوء وفي تلك اللحظات اقترب قاسم منها بهدوء فلمعت عيناه تلقائيًا بوميض خاص وميض ينم عن عاطفته المدفونة مؤقتًا وشوقه اقترب منها ببطء امسك كفها البارد ثم نظر لعيناها التي يغرق بها ليهمس "حوريه هو أنا ممكن المسة عشان احس بي"
توقفت عن تناول الآيس كريم و همست بعمق من اعمق اعمق دواخلها " تحس بي ازاي؟"
ابتسم قاسم بخفوت وهو يرمي نظرة شاملة عليها وعلي بطنها التي أصبحت منتفخة بعض الشيء مما زادها جاذبية بغض النظر عن جسدها النحيف وشحوب وجهها الذي يوازي شحوب الموتى في الايام السابقة لكن عندما اخذها و ذهبوا عن الجميع بدأت تتحسن صحتها بصوره كبيره جيدا ونفسيتها أيضا.. رفع قاسم يده و وضعها برفق فوق بطنها المنتفخه ليشعر بحركه الجنين بالفعل اتسعت ابتسامته بسعادة قائلا بارتباك" ده بيتحرك فعلا احساس حلو أوي.. ما بالك هو جواكي بتحسي بايه لما بيعمل كده يا حوريه "
صمتت ثواني ثم همست حوريه بهدوء حازم بالرغم من تنازع ذلك الألم داخلها "مش هنطلع بقى جبت الايس كريم خلاص مش كانت دماغك مصدعه وعاوز ترتاح "
زفر قاسم بصوت مسموع وهز رأسه بالايجابي ثم تحرك بهدوء تام بالسياره فهو دائما خلال الشهران يحاول يقربها من طفلها بأي شئ و كان مراعيًا جدا لشعورها وحزنها حتى في قربه لكنه دائما في النهاية يفشل في ذلك.
**
بعد مرور عده اشهر، في منتصف الليل خرج قاسم من غرفته يسير نحو المرحاض ليجد حورية تضع يدها علي بطنها الكبيره وتحاول تخطي خطواتها ليذهب الألم عقد حاجبيه متسائلا باهتمام"مالك يا حوريه رايحه جايه كده ليه في الشقه أنتي كويسه"
ابتلعت حورية ريقها بخوف وهي تدرك جديته هذا الألم لتشعر ببوادر وجع شديد في بطنها واسفل ظهرها فحاولت تجاهله كما تجاهلته من قبل فهي تشعر به منذ الصباح لكنه كان اخف من ذلك بكثير لتقول بصعوبة"اه تمام شويه تعب بسيط و راح"
ذهب إليها وأمسك يدها يقودها الي غرفتها مرددا بجدية"طب يلا الوقت اتاخر ادخلي نامي و ارتاحي أفضل ليكي وانا بكره هاخذك يشوفك الدكتور "
أغلقت حورية عينيها ولم تجيب وهي تشعر بالدوار هاجمها فجأه فترنحت ليهب قاسم يلف يده حولها وحملها ووضعها على الاريكه وهو يقول بقلق شديد"مالك يا حورية حاسه بإيه شكلك تعبانه اوي طب ما قلتليش ليه "
لتشعر بازدياد الوجع بطريقه لا تطاق وهي تحاول مسك يده تستمد منها القوه " قاسم انا الصبح عمالة اجي على نفسي و أتحمل بس الوجع عمال يزيد وانا مش قادره وشكلي كده "
لاحظ احمرار وجهها الشديد والعرق يغرق جبينها وهي تحاول كتم الالم عقد قاسم حاجبيه بتساؤل قلق وصاح" شكلك إيه في ايه اتكلمي يا حوريه"
هتفت حوريه وهي تحاول مسك بطنها التي تشعر بها تتمزق من شدة الالم" أنا حاسه اني بولد اااه ..الحقني يا قاسم مش قادره بموت"
انتفض قاسم واقفا بخوف وتوتر شديد ثم تحرك بسرعه وبلهفه داخل غرفتها يجلب لها بلطه طويل لشده البرد في الخارج وساعدها على ارتداءه بين المها و دموعها وهي تبكي بقوه من الألم ثم حملها بين زراعيه وتوجه بها للخارج سريعا الى السياره ووضعها في الخلف ثم جلس خلف عجلة القياده وقاد بسرعه مجنونه الى المستشفى وأعصابه تكاد تفلت منه وهو يشاهد دموعها تتساقط منها بغزارة و العرق يغرق وجهها بشده من شدة الالم القويه تعانيه وهي تحاول كبت الالم بداخلها كما تعودت ابتلع قاسم ريقه بارتباك وهو يقول " اتحملي شويه كمان يا حوريه انتي قدها وقويه خلاص قربنا نوصل أهو اتحملي عشان خاطره هو"
بعد مرور فترة قصيرة.
صراخ عالي يصدح بالارجاء و مصدره حورية التي تجلس علي مقعد متحرك يسير بها قاسم سريعاً و يظهر علي وجهه التوتر و الخوف الشديد عليها لتصرخ هي بصوت اعلي مع صوت بكاءها و هي تشعر بألم شديد ببطنها فمن الواضح انها اوشكت علي موعد ولادتها
انخفض مستواها علي الكرسي وربت قاسم علي كتفها و هو يقول بتوتر" معلش يا حوريه استحملي خلاص اهو وصلنا استحملي عشان خاطري"
نظرت إليه بعيونها الحمرا من البكاء الشديد و هي تضع يدها علي بطنها المنتفخ وتهز رأسها بقوة وتعب" مش قادره يا قاسم حاسه اني هموت مش قادره لااا آآآآه"
نظر نحوها بقلة حيلة و هو يستمع إلي صوت صراخها ثم صاح قاسم بصوت عالي" احتاج الى طبيب في الوقت الحالي زوجتي حامل وسوف تولد "
ليسرع الممرضين والطبيب بالركض نحوها يأخذها منه يجهزونها للكشف والولاده لتدلف حورية الي الداخل الغرفه مع الممرضين كاد أن يدلف خلفها من الخوف عليها لكن منعته الممرضة هاتفه بعمليه" ممنوع الدخول الى هنا"
انتفض قلبها برعب وهي تبكي بشدة و تنظر إلى قاسم بضعف ثم نظر إليها قاسم و هو يحاول الابتسامة بشكل طبيعي و هو يمسد علي شعرها قائلاً " انا هنا جنبك يا حوريه مش هامشي خليكي مطمنه من كده والله العظيم ما هامشي غير لما تطلع بالسلامه واتطمئن عليكي انتي والجنين "
ابتلعت ريقها بصعوبة لتضع يدها علي بطنها و هي تتأوة بألم شديد قائله بحزن"قاسم لو جرى لي حاجه خلي بالك من ماما و ساجد مالهمش حد "
هز رأسه برفض شديد وهي تراه لاول مرة بملامح وجهه متوترة خائف و هو يصيح بقوة "مش هيحصل حاجه لا ما تكمليش هتبقي بخير لازم تبقي بخير يا حوريه المشوار ده زي ما بدانا سوا هنكمله سوا ..هاستناكي هاه"
هزت رأسها بايجاب وهي تبتسم بوهن و هي تتأوة مرة أخري لياخذوها الي الداخل وأغلقت الممرضة الباب بهدوء خلفهم ليقف هو بالخارج يغمض عينه بقلة حيلة وألم ينتظرها تخرج مر الوقت عليه ثقيل وهو مازال يجلس في انتظار ان يطمئن عليهم بقلق وخوف شديد حتى خرجت الممرضة ليجد طفل بين يدها ليهب واقفاً إليها هاتف بصوت مرتجف" ما أخبارك زوجتي حورية"
نظرت إليه بفرحة و هي تمد يدها به و هي تقول " انها بخير لا تقلق وهذا طفلك"
تنهد قاسم بعمق وراحه أنها أصبحت بخير ثم
أخذ الطفل بيده المرتجفة بتردد ينظر له وهو نائم بهدوء لمس وجهه برفق وخوف شديد عليه و هو يشعر بمشاعر متخبطة وقلبه يدق بعنف شديد لا يصدق أنه بخبر وسلام نظر إلي وجهه البرئ كم يبدو لطيف ليبتسم قاسم بحب و هو يقبل وجنته برفق، هو الآن يحمل قطعه صغيره بين يديه منه هو و حوريه! حورية والدته نعم و عندما تذكر كيف نتج هذا الطفل تلاشت ابتسامته وحل حزن عميق داخله لما هو قادم فهذا الطفل البريء احتمال كبير ان يكون بدايه جحيم لا يعرف نهاية؟
**
بعد مرور نصف ساعه أخذ قاسم الطفل بعد ان اطمئن علية من الطبيب انه في صحه جيده ضمه بحنان ليجلس قاسم علي المقعد و هو مع الصغير يتأمله بحب و يتخيل فرحة حورية بوجود الصغير ليضم الصغير إليه برفق و هو متاكد بمجرد أن تراه حوريه سوف تنسى اي غضب أو كره تجاه في السابق و بعد فترة نهض ليضعه في فراش صغيره داخل غرفة حوريه جوارها و انتظر جانبها حتي تفوق و هي متسطحة علي الفراش غائبة عن الوعي
ليمسك بيدها وهي يراها بدأت تفوق وتفتح عينيها بتعب و إرهاق ليميل قاسم يقبل رأسها ممسداً علي خصلات شعرها المتعثرة بعض الشئ قائلاً بحب لم يستطع هذه المرة اخفاءه ليكن لان جلس فترة قصيرة مع ذلك الصغير ولم يستطيع اخفاء مشاعره معها" حمد الله علي السلامة وجعتي قلبي عليكي بس فداكٍ مش مهم اي حاجه المهم انكم بخير "
جلس بجوارها علي المقعد الملازم للفراش لتنظر إليه بأعين تملئها الدموع و هي تقول" الله يسلمك يا قاسم كنت خايفه متبقاش فيها مره ثانيه واشوفك "
هز قاسم رأسه بعتاب و هو يمد يده ليمسح دموعها التي تتسلل من أسفل اهدابها الي وجنتيها وقال بهدوء " بعد الشر بطلي الخوف والقلق ده بقى انتي بقيتي بخير دلوقتي الحمد لله على سلامتك ما فيش حاجه هتحصل "
انعقدت ملامحها متألمة وابتسمت هي بهدوء و نهض قاسم يقول بحماس شديد"استني عندي ليكي مفاجاه هتحبيها قوي "
ذهب بخطوات بسيطة وحمل الطفل بهدوء وهو يبتسم باتساع وقبل وجنتيه وتقدم منها ارتجفت بؤبؤت عينها واشاحت وجهها بعيد بتجاهل و هي تهمس بخفوت مرتجفة " هو انا هخرج من هنا امتى انا ما بحبش قعده المستشفيات "
ابتسم قاسم بحب و هو يقول بمرح وحماس"
شوفي جميل ازاي يا حوريه "
تأففت و هي تلتفت جالسة باعتدال تعقد ذراعيها أمام صدرها تطالع نحو قاسم بجفاء"
قاسم انا بقول لك عايزه امشي من هنا أنت سامعني "
أنتبه إليها قاسم ولاحظ أنها لم تنظر باتجاه طفلها مطلقاً ولا اهتمام به ليقول بنبرة متوتره"هاه ما اعرفش بس اكيد مش على طول كده هنمشي انتي لسه خارجه من غرفه العمليات من نصف ساعه لازم الدكتور يطمني عليكي ويطمني عليه كمان"
هزت رأسها بنفي وهي تشير اليه و تقول بنفور "طب اطمئن عليه مع نفسك أنت، ممكن انا تشوفني هامشي امتى اطلب لي الدكتور لو سمحت "
جلس جانبها وأبتسم بخفه ومال إليه يقبل وجنته و رأس الصغير و هو يقول بصوت حنونه يمده نحوها مرددا" مش عايزه تشوفيه وتطمني عليه بصيله حتى يا حورية ده في شبه منك وبعدين شكله جعان خدي رضعـ.."
انتفضت باهتياج غاضبة وهي تبعد جسدها عنه باشتمزاز رغم الألم يخترق بطنها غير قابلة حتي لمسته لتتحدث بجمود و نبرة صوت قوية "ابعد عني البتاع ده مش عاوزه اشوف ولا المسه شوف انت هتتصرف ازاي فية بعيد عني بس انا مش عاوزاه "
أنصدم بذهول من حديثها وطريقتها وقد تلاش حماسة وابتسامته ليتحدث من بين أسنانه بغضب "حوريه ايه الكلام اللي انتي بتقوليه ده ..ده ابنك ما ينفعش تقولي عليه كده هو محتاجلك دلوقت انتي اكتر حد ما تتخليش عنه وبلاش تشيلي بذنب غيره "
هزت رأسها بنفي و هي تنفخ بضيق شديد لتنظر إليه جامده للغاية و هو تقول بعصبية شديدة و نفرت بوجهها بكره شديد قائله بصوت قاسي"مش وقته فلسفتك دي اللي بتقدم ولا بتاخر الواقع غير كده يا قاسم"
عقد حاجبيه قاسم بحده وعدم استيعاب"
يعني ايه بقي ده ابنك يا حوريه مهما كان"
زمجرت حورية بغضب قوي و هي تهتف بقسوة شديدة و جحود" يعني انسى في يوم ان انا اتقبله ولا حتى اعتبرة في يوم انه ابني، مش انت صممت وما رضيتش تخليني انزله وصممت يجي على الدنيا اتفضل انت بقى اهتم بي بعيد عني وشوف هتتصرف فيه ازاي ان شاء الله تودي ملجأ لي ناس محتاجاه ولا ترميه قدام جامع اعمل ما بدالك، لكن انا ما ليش اي علاقه بي ومش عاوزه. "
اهتز قاسم فكه بعنف عندما صفعته كلماتها بقسوة وشعر بأن التي تجلس امامه ليست حورية التي يعرفها بل نسخه اخرى من والده تمتلك قلب من حجر نحوه طفلها، تماماً مثل ما حدث معه يحدث الآن مع طفله،شعر بقبضة من فولاذ تؤلمه وتقبض علي روحة وشيء داخله يُنذره بعودة الماضي مره ثانيه ولكن هيهـات .