رواية حوريه بين انياب شياطين الفصل الثالث والعشرون23والرابع والعشرون24 بقلم خديجه السيد


 رواية حوريه بين انياب شياطين الفصل الثالث والعشرون23والرابع والعشرون24 بقلم خديجه السيد

بعد مرور فترة قصيرة وصل الماذون وجلس أعلي الأريكة الواسعه وسط تجمع الجميع بالحفل و جانبه جمال الذي كانت يبتسم باتساع وفرحه شديدة عكس بدريه التي كانت تجلس بجانبه بوجه عابس بتوتر وهي تلاحظ اختفاء حوريه وليس موجوده بالحفل لتنظر نحو قاسم الذي يقف و عيناه تبحث عن زوجته هو الآخر بقلق و ضيق شديد فهو قبل قليل ظل يبحث عنها بداخل القصر ولم يراها ليلمح نظرات والدتها نحوه، رسم قاسم علي الفور ابتسامة مزيفة حتى لا تشك في شيء وهو يتحرك حتي يبحث عنها مره ثانيه لكن توقف مكانه عندما راها أمامه أخيرا بخير و تنهدت بدريه براحه وابتسمت بهدوء.

صمت قاسم قليلا ثم قائلا بجدية:- 

_انتي فين يا حوريه عماله ادور عليكي يا حبيبتي ومش لاقيك وكمان الماذون جاء ومامتك قاعده قلقانه، اختفيتي فين فجاه كده وقلقتينا كلنا عليكي

شعر بحيرتها عندما ظلت صامتة تنظر إليه فقط نظرة غامضه لا يعرف لها تفسير خاليه من نظرات الحب والحنان كانت تحاول إيجاد حل الي ما سمعته قبل قليل من ناريمان يبعدها عن هذا الخطر، تسآل بحيرة:- 

_حوريه انتي كويسه مش بتردي عليا ليه

فاقت من دهشتها علي سؤاله ثم أجابته بصوت مخنوق وهي مازالت تنظر إليه نظراتها الغير مفهومة:- 

_انا تمام 

تنهد قاسم بنفاذ صبر ينظر لها قائلا بضيق:- 

_طب مالك بتبصلي كده ليه؟ ومش بتردي عليا كنتي فين انا عماله ادور عليكي من بدري 

هزت رأسها بنفي وهي تحاول أن تبعده عنها ذلك الأفكار السيئه ثم تمتمت بضياع:- 

_ما فيش كنت بطمئن ان كل حاجه ماشيه ذي ما انا عاوزه ..ما فيش حاجه تقلق انا كويسه قدامك اهو

ابتسم وهو يضمها إلي أحضانه وهتف وهو يلاعب حاجبيه مرددا:- 

_طب يا حبيبتي الحمد لله انك بخير يلا عشان خلاص الماذون وصل وكتب الكتاب هيتكتب دلوقتي 

أومات ببسمة بسيطة له مصحوبة بدمعات حبيسه داخل عينيها لم يراها هو وهي داخل أحضانه ثم تنهدت وزفرت أنفاسها بعمق شديد و هي تتذكر قبل قليل موافقتها على طلب ناريمان حيث ستذهب معها الي معمل تحاليل وهي من تختاره لتري من حديثه صحيح، هي بالتأكيد ومن رابع المستحيلات تشك بزوجها قاسم أن من الممكن يفعل فعله مثل ذلك لكن لا تعرف لماذا في نفس الوقت وافقت على ذلك؟ ثم اعتدلت في وقفتها سريعاً ومسحت دموعها بهدوء مصتنع وهي تبتسم بسعادة علي والدتها حتي لا تفسد فرحتها. 

كانت ابتسامة تزين محياها بدريه وهي تجلس جواره ممسك هو بيدها الرقيقة ذات الملمس الناعم يدسها بين حنايا يده و هو يضغط عليها برقة و هو يجلس بهدوء جوار المأذون يعقد القران و اقترب قاسم بعد ان ترك زوجته و معه شخص اخر يشهد علي هذا العقد وسط الجميع، انتهي المأذون من الإجراءات و أعلن انهم أصبحوا زوجين شرعيين و نطق الجميع و رددوا معه "بارك الله لكما و بارك عليكما و جمع بينكما في خير" حتي وقف جمال و جذبها يوقفها معه ليحتضنها بحركة مفاجأة و لم تتوقعها تخشب جسدها بين يديه و شعر هو بها ليضمها إليه اكتر و هو يهمس بأذنها:- 

_مبروك يا بدريه اخيرا بقيتي مراتي يا حبيبتي

ابتلعت ريقها بصعوبة و هي متجمدة هكذا و لا تبادله احتضانه ثم ببطئ و خجل رفعت يدها لتبادله احتضانه بينما اغمضت عينها بشدة و هي تشعر بقلبها يدق بسرعة لتفتح عينها بهدوء تشيح بوجهها عنه بخجل قائله:- 

_الله يبارك فيك يا جمال 

ابتسم هو ابتسامة لم تصل لعينه و هو يفرد كف يده حولها و هو يقول بهدوء :- 

_خليكي مطمئنه دائما طول ما انتي معايا يا حبيبتي ما فيش حاجه هتاذيكٍ ولا انتي ولا أولادك ولا هسمح لاحد يقرب منكم طول ما انا موجود 

نظرت بدريه إليه لتبتسم هي بحنان و هي تقول له بامتنان شديد :- 

_متشكره قوي يا جمال على كل حاجه بتعملها معايا ولسه هتعملها 

أبعدها عنه جمال برفق يتمتم بصوت حازم بشده:- 

_انتي كده هتزعليني منك بقي عشان ما فيش شكر بين اثنين متجوزين ولا انتي لسه مش معتبراني جوزك حتى بعد ما كتبنا الكتاب

هزت رأسها بابتسامه لتلتفت إليه بكامل جسدها و تمسك بيده و هي تقول بمحبة:- 

_انا عمري ما توقعت ان انا في حياتي ممكن اتجوز ثاني واعملها يا جمال، حتى اللي كانوا بيتقدموا لي بعد موت جوزي الاولاني وابو عيالي كنت دائما برفض وشايلة الفكره من دماغي ومركزه مع اولادي وبس، عشان كنت خايفه اجيب لهم حد ياذيهم بدل ما يقف جنبي ويساعدني، غير طبعا عتمان كان بيرفض الموضوع من قبل حتى ما يفتحني وياخذ رايي عشان ما حدش غيره يربي الاولاد 

ابتسم بسعادة غامرة علي كلماتها واحتضنتها جمال بحب و هو يربت علي ظهرها ليقول بضيق شديد :-

_مش عارفه اللي كان مش مسكتك على البني ادم ده بس الحمد لله اهو دلوقت بياخذ جزاؤه 

خرجت بدريه من أحضانها و هي تقول بخفوت:- 

_انا مش بقول لك الكلام ده عشان اللي عتمان عمله معايا انا بقول لك الكلام ده عشان عايزك تعرف حاجه مهمه! رفضي طول الوقت للموضوع و موافقتي ليك فجاه كده ما جيتش من فراغ واني وافقت عشان لقيت راجل بجد يستاهلني وحسيت معاه بالامان، والامان على اولادي كمان ربنا يخليك ليا يا جمال 

اتسعت عينه و انفرجت شفتيه بفرحه ليقول حديثه بتروي:- 

_ويخليكي لي يا بدريه وربنا يقدرني و اكون قد الامانه دي طول العمر

**
بعد مرور ساعات.

وقفت حوريه امام فراش طفلها الصغير لتضع الصغير بداخله وهو نائم براحه مثل الملائكه ثم ظلت لحظات هكذا تقف أمامه هي تنظر إليه بتراقب و بحيرة زفرت بضيق وهي تفكر ياتري قاسم يخفي عنها شيئا ومن يكون والد اسامه الحقيقي؟ ذلك المجهول التي لا شئ عنه حتي الآن, فهي كانت تتنمي أن يكون قاسم هو بالفعل والده لكن ليس بذلك الطريقة ،خرج قاسم من المرحاض و تقدم نحوها حاوطها من الخلف و هو يقول بهدوء:- 

_الحمد لله كل حاجه عدت على خير و الحفله كانت جميلة والكل كان مبسوط وفرحان، ربنا يخليهم لبعض ويفرحوا دائما طول العمر وحبهم يكبر زينا، مش كده يا قلبي

توترت ملامحها عندما شعرت به قريب منها و هي تقول بارتباك :- 

_اه صح الحمد لله ان كل حاجه عدت على خير 

ابتسم بحب و هو يقبل يدها التي رفعها ليتحدث بأعين تلمع كـ ومضات انارة:-

_مالك يا حبيبتي حسك طول الحفله مش مظبوطه ولا مركزه وعلى طول سرحانه وشكلك قلقانة في حاجه حصلت وانا ما اعرفش؟ 

صمتت حورية ثواني ثم أبتعدت عنه ببطء شديد وهي تنظر إليه بتردد قائله بخفوت:- 

_قاسم هو انت من اسبوع او اكثر كنت قابلت طنط ناريمان في اي وقت 

عقد حاجبيه بدهشة وقلق ثم هتف بغضب قائلاً:- 

_بتسالي حاجه زي كده ليه؟ هي في حاجه حصلت ناريمان عملت لك حاجه ثاني 

هزت راسها حورية برفض بسرعه وهي تتحدث بصوت جعلته هادئه قدر المستطاع:- 

_لا لا خالص ما عملتليش حاجه انا بس بسالك عشان بيتهيالي لمحتها وانت واقف معاها في مره ما اعرفش كنت بتتكلموا في ايه ونسيت اسالك ولسه فاكره دلوقت ..فبسالك عشان اطمئن انت اللي الامور عندك كويسه وكل حاجه تمام 

أجاب و هو يرفع يده يمرر إبهامه علي بشرتها بنعومة و هو يقول بعدم مبالاه:- 

_اه هو فعلا قابلتها من اسبوع كانت العربيه عدلت وانا كنت باتمشى ،بس ولا اتكلمنا ولا حاجه ما اعرفش طلعتي مين وانا ماشي وجاءت وخبطت فيا وكانت هتقع لولا لحقتها وبعد كده مشيت ولا اتكلمت.. بس هو ده اللي حصل ما فيش حاجه حصلت ثاني عشان تقلقي منها يا حبيبتي

غربت عينها لبعيد و هي تحاول الهدوء و الثياب فـ بحديثه هذا اثار الشك بداخلها أكثر لكن رغم ذلك لم تتحدث وظلت ملامحها متجمدة بمكانها، وهتف باسمها لكن لم تجيب عليه.

همهم هو بحيرة و من ثم قبل وجنتها و هو يقول بضيق :- 

_حوريه انتي سرحتي ثاني انتي مش عجباني النهارده خالص مالك يا حبيبتي

أبعدت عنها يده و هي تقول بخفوت و الرعب أخذ طريقه الي قلبها و انتهي الأمر :- 

_مصدعه بس شويه من دوشه الحفله وغير كده شكلي عملت مجهود زياده النهارده

هز رأسه بالايجاب بتفهم ليمسك بيدها يجلسها علي الفراش و وضع يده علي بطنها يمسد عليها بحنان مرددا بجدية:- 

_انتي فعلا النهارده ما قعدتيش نصف ساعه على بعض وانا شايفك بعيني رايحه جايه كل شويه، شكلك ناسيه انك حامل ولازم الراحه بالذات الفتره الاولى اتفضلي يلا دلوقت على السرير ومن غير كلام عشان ترتاحي وناجل اي حاجه عاوزه تعمليها بكره 

ابتسمت باقتضاب و هي تبعد يدها عنه و تتسطح علي الفراش و تسحب الغطاء لتدثر بها كاملها لا يظهر منها شئ ليتسطح جوارها يضع يده أسفل رأسه و هو ينظر إليها بطرف عينه لترفع الغطاء عن جانب وجهها و هي تغمض عينيها بقوه شديدة وتقول في نفسها بارتجاف وضياع:- 

_ارتاح اه انا فعلا عاوزه انام ونفسي دماغي توقف شويه من الدوشه اللي فيها 

**

في اليوم التالي.

صف جواد سيارته جانب بداخل القصر و هبط 
يذهب لمنزله كعادته عندما ينتهي عمله فهو أصبح تلك الفترة الأخيرة يذهب بانتظام إلي العمل و يرجع إلى المنزل دون الذهاب الي مكان آخر مثل سابق حيث كان يسهر مع اصدقاء ويظل ساعات طويلة إلي منتصف الليل وأكثر و يرجع المنزل قبل طلوع الفجر، عكس الآن ينام بعد الساعة الثامنة و يستيقظ في الصباح الباكر للعمل ،ومن ثم فتح جواد الباب بهدوء فوجد والدته ناريمان بداخل الصالون ترتشف بعض من العصير باستمتع وبسعادة كبيرة ظاهره علي وجهها، عقد حاجبيه عندما رمقها وهي تجلس علي حافة الأريكة وتقدم منها جواد يهتف بقلق:-

_مالك مبسوطه وفرحانه كده ليه انا بقيت بقلق لما اشوفك فرحانه بصراحه يارب يكون خير؟ 

نظرت ناريمان له بغيظ هاتفه بابتسامه عريضة:- 

_لا ما تقلقش المره دي خير ودائما هتشوفني الايام دي مبسوطه وفرحانه علي طول عشان قربت اوصل للي هيدمر حياه حوريه وقاسم 

نظر جواد إليها بضيق شديد ليتحدث هو بغضب :- 

_انا قلت برده الموضوع في حوريه و قاسم, وبعدين يا ماما احنا قلنا ايه برده رجعتي تدوري وراءهم ثاني مش كان ربنا هاديكي وبعتي ونسيتي الموضوع ده 

نهضت ناريمان بحده وعينيها تطق شرارت غضب قائلة بصوت عالي:- 

_انا عمري في حياتي ما هانسى موت اخوك واللي عمله والمره دي غير انا عرفت حاجه هتوديهم في داهيه، البيه قاسم كده هو ابو الطفل الحقيقي مش مجرد كتبه باسمه وبس؟ يعني الهانم حورية كانت بتشتغلنا وكل ده وهي حامل في ابن قاسم 

جحظت جواد عيناه بصدمة و ذهول وهو يقول باستنكار:- 

_أنتي بتقولي ايه جبتي الكلام ده منين؟ و ازاي فكرتي في حاجه زي كده اصلا

ابتسمت ابتسامة ساخرة وهي تقول بمكر و تحدي:- 

_ده مش مجرد كلام دي حقيقه وانا بتكلم معاك المره اللي فاتت والكلام جاب بعضه وقلت بعفويه من غير ما اقصد قاسم ليه مهتم بالطفل ده يكون ابوه واحنا مش عارفين! ساعتها بش فضلت اركز في الكلام و يتردد جوايا وحسيت فعلا انها ممكن تكون حقيقه؟ ما هو بالعقل كده ايه اللي هيخلي راجل زي قاسم مهتم قوي بالطفل ويقبل على نفسه يكتبه باسمه ويربي طفل مش ابنه الا لو الموضوع في أن

ثم تابعت حديثها و زمت ناريمان شفتيها مهمهماً و هي تقول بثقه :- 

_وانا معايا دليل على كلامي عملت تحليل دي ان اي وخذت عينه من قاسم وابنه وطلع العينتين مطابقين لبعض بنسبه 90٪ واحنا كل ده ومش عارفين اللعبه الحقيره اللي بتتلعب علينا

نظر جواد بعينه الي الامام و هو يقول مضيقاً عينه :- 

_انتي واجهتي حد بالكلام ده منهم

هزت رأسها بتأكيد بسخرية وهي تبتسم باستهزاء:- 

_طبعا واجهت رحت الحفله اللي كانوا عاملينها امبارح وقابلت هناك حورية طبعا عملت فيها مصدومه وانكرت كل ده بس انا ما سكتش قلت لها لو عايزه تكذبيني واصدق كلامك اعملي نفس التحاليل اللي انا عملتها امبارح واحنا الاثنين نكون موجودين ونشوف من الصادق ومين الكذاب.. ولسه سايباها من شويه بعد ما عملنا التحاليل الصبح في معمل هي اللي مختاراه بنفسها عشان ما ترجعش تقول لي بعد كده زورتي في التحاليل وادينا مستنيين النتيجه بعد اسبوع

طرقع جواد أصابعه و هو يتحرك بتفكير ليقول بشك :- 

_انا مش قادر اصدق بصراحه قاسم مش من النوع اللي كده هو اصلا من زمان عمره ما كان لي في جو الستات و يعمل علاقات معاهم، وحتى لو كان بيشتغلنا وبيصاحب من غير ما نشوفه كان على الأقل الصحافه والمصورين هيلقطوا اي حاجه تدينوا بكده، هو اكبر رجل اعمال في الوقت الحالي وكل الصحافه كانوا مركزين معاه قوي الفترات الأخيرة

نظرت ناريمان له بغضب مكتوم وهي تقول بصوت حاد:- 

_هو انت بدافع عنه كمان بقول لك عملت تحليل بنفسي واخذت عيانه من قاسم ومن الطفل هتكذبني انت كمان

عقد جواد حاجبيه بعدم تصديق و هو يقول باستفسار :- 

_انا مش بكذبك بس حاسس الموضوع في حاجه غامضه و جزء مفقود.. هو انا اعرف قاسم من يومين انا عارفه كويس وياما كنت بشوفه بيخرج في حفلات ومقابلات شغل وعمري ما شفت معاه واحده؟ يروح يعمل علاقه مع واحده متجوزه وبعدين حوريه شكلها كمان مش من النوع الخبيث ده.. وبعدين منين حوريه فعلا تعرف ان الطفل ده ابو قاسم ومنين وافقتك انها تروح معاكي تعمل التحاليل تاني؟ 

صمتت ناريمان لحظات تفكر بحيره شديده وهي تقول بعدم فهم:- 

_انا كمان مش مصدق انها جاءت معايا بعد ما وافقت امبارح يوم الحفله لما قالت لي قابليني بكره وراء القصر وانا هاجيلك ومعايا العينتين ونبهت عليا كمان معرفش حد بالموضوع ده لحد ما النتيجه تطلع؟ انا قلت تلاقيها بتاخذني على قد عقلي ومش هتيجي وهتتحجج باي حجه بس فجاه لقيتها قدامي وجايه وطلعت معايا المستشفى و كانت طول الوقت وهي معايا ساكته ولا بتنطق 

تنهد جواد مؤكد علي حديثها هاتف بشك وهو يردد:- 

_شفتي مش بقول لك في حاجه غامضه في الموضوع ومش مفهومه؟ تفتكري حوريه هي كمان ما تعرفش ان الطفل ابنه؟ 

**
دلفت حورية بخطوات بطيئة الي منزلها و اغلقت الباب خلفها ببطئ و ذهبت لتدخل حجرتها بخطوات مرتعشة بوجه شاحب اللون وهي تتذكر ما فعلته في الصبح وكيف اخذت خصله شعر من قاسم وهو نائم و فعلت المثل بطفلها وبعدها ركضت نحو الخارج و الجميع نائم و قابلت ناريمان التي كانت تنتظر إياها داخل سيارتها و طلعوا الي مركز تحاليل طبيه و اخذت منها الممرضه خصلات الشعر و طلبت منهم أن يأتون بعد مرور اسبوع او اكثر حتي تظهر النتيجه؟ 

و عندما دلفت حورية إلي الغرفه تفاجات بـ قاسم مستيقظ وهمس باسمها بلهفة و هو ينهض عن أعلي الفراش ليقف سريعاً أمامها و كان ينهش الخوف قلبه و هو يقول بارتجاف ويسألها بقلق :- 

_حوريه انتي كنتي فين الصبح كده، و خرجتي بره رحتي فين وسبتيني نايم من غير ما تقولي لي حتى وطمنيني عليكي وازاي اصلا تخرجي من غير حرس 

اضطربت دقات قلبها و هي تجيب بقلق و نبرة مهتزة :- 

_اهدى يا قاسم حصل إيه يعني لكل ده انا كويسه ما فيش حاجه حصلت الحمد لله 

امسك بيدها يدلف بها الي الداخل و يغلق الباب امسك بكفي يدها بين يده ليتحدث بحدة:- 

_وانا لسه هاستنى لما حاجه تحصل خرجتي ليه من غير حرس ورحتي فين في الوقت ده ومن غير ما تقولي لي 

اضطربت و شحب وجهها و هي تنظر إليه بتفكير و هي تقول بتوتر :- 

_كنت بجيب دواء مهم ليا ونسيته وما حبتش اقلقك وقلت لو طلبت في التليفون دلوقتي ممكن ملاقيش حد فاتح الصبح كده فـ اضطريت اخرج 

امتعض وجهه بغضب و هو يجذبها إليه يحتضنها بقوة و هو يقول بتحذير:- 

_الصيدليات فاتحه 24 ساعه يا حوريه ما تعرضيش نفسك للخطر ثاني بالطريقه دي كان ممكن تصحيني ما كنتش اكيد هقول لك لا 

ابتعدت عنه ببطء بارتباك و هي تقول بهدوء مصتنع :- 

_انت كنت نايم زي القتيل مش داريان بحاجه وكان شكلك تعبان صعبت عليا اصحيك وبعدين ما حصلش حاجه رحت وجيت بسرعه اهو وانا كويسه قدامك الحمد لله 

هز قاسم رأسه بضيق شديد وامسك بيدها يرفع الي فمه يلثمها بحب و هو يقول بحزم:- 

_ ما تتكررش ثاني مره تخرجي لوحدك ومن غير حرس معاكي ولا أنا، سامعاني يا حوريه انا اتخضيت جامد لما لقيتيش جنبي وعرفت انك خرجتي لوحدك في وقت ذي كده 

تنهدت حوريه بنفاذ صبر و هي تقول بحدة :- 

_تمام مش هعمل كده ثاني حقك عليا أنا اسفه اني خضيتك بالشكل ده

هز رأسه متنهداً بحرارة و هو يسير بها الي الأريكة يجلس و يضعها فوق الأريكة جانبه يحاوط خصرها بيده مررت يديه علي وجهها و هو يقول بحنان :- 

_يا حبيبتي مش قصدي ازعلك انا بس خايفه عليكي ما تفتكريش عشان ناريمان ما بقتش تعمل حاجه زي زمان انها مش حاطه لسه عيونها علينا وبتدبر لنا حاجه في أي وقت و غير جدك عتمان اللي ممكن يطلع في اي لحظه واكيد هيجي علي هنا عشان ياخذ حفيدة، كل دي حاجات لازم نكون واخذين حظرنا منها 

هزت رأسها بهدوء و هي تحاوط وجهه براحتي يدها قائلة بصوت خافض :- 

_خلاص فهمت قصدك انا اسفه صدقني مش هخرج ثاني من غيرك تمام كده لسه زعلان 

هز رأسه برفض و هو يميل برأسه علي كف يدها يقبل باطنه بحب :- 

_لا يا حبيبتي مش زعلان انا بس كنت خايف عليكي أوي لما صحيت ما لقيتكيش جنبي، ما تخضنيش ثاني بالشكل ده عليكي اتفقنا

هزت راسها حورية بشرود وهي بين ذراعيه بينما ابتسم قاسم باشتاق وهو يطل الي وجهها الطفولي المشرق مطولاً وصوت قلبه يصل الي مسامعه ليحاوط خصرها و استنشق رائحتها و هو يتنهد بارتياح أنها بخير و بين يديه اغمض عينه و هو يقبل رقبتها قائلاً بهمس :- 

_وحشتيني اوي علي فكره

حاولت حورية رسم ابتسامة مزيفة وهي تحاول الابتعاد عنه برفق لترد بتلعثم:- 

_ و انت كمان وحشتني

هزت راسها ببطء بقدر ما تسمح قبضته عليها وكانت تسمعه يتنفس بقوة وصوت عالى لتعلم ماذا يريد لكن انها ليس بالوقت المناسب فهي في اقصى درجات حالاتها من الحيره و التشويش ،لا تعلم متى هدئت انفاسه الاهثه فوق وجهها واقترب منها بشده واصبحت لهاث شغوف مستمتع الي حين شعرت به يدفن وجهه فى حنايا عنقها يقبلها بشغف وقوة و يتنقل بشفتيه فوقها بقبلات اصبحت عنيفة من شدة شغوفه لتشعر بتوتر يدب فى اوصالها، لتفتح فمها بالرفض و الاعتراض لكن كتم صوتها داخل فمه حين اخذ يقبلها و يدمى شفتيها بقوة بضغطه باسنانه عليهم بقوة لتشعر بطعم الدم فى فمها فاخذت تحاول التملص من بين ذراعيه وقد تصاعد الخوف بهسترية بداخلها رعبا؟ نعم لاول مرة تشعر بالرعب منه بعد أن مرت فترة طويلة وقد بدأت تشعر بالأمان والطمأنينة معه لكن كلمات ناريمان بدأت تمر بعقلها بخوف شديد و قد توهمت بأنه يريد ان يأخذها رغم عنها مثل ما فعل ذلك المجهول في الماضي.

اخذت تدفعه بقبضتها فى كتفه تحاول ابعاده عنها لتنهمر الدموع من عينيها بالم و اخذ جسدها ينبض من شدة ضغطه عليها لتفجر فى البكاء بقوة وهي تصيح بصوت عالي:- 

_قاسم لو سمحت ابعد ..قاسم قلتلك ابعد مش عــاوزه كـــده 

شعر بها اخيرا قاسم و بمقاومتها العنيفة له ليفيق من تلك دوامة عشقه التى كان غافل داخلها ليتراجع عنها بسرعه ينظر اليها بعينين مغشيتان مصدوم عندما رآه حالتها المشعثة
لكن لم يفهم ما بها فهو طول الوقت عندما يقترب منها ترحب هي بذلك و تبادله قبلاته بمثل الشغوف، ابتلع قاسم ريقه بصعوبة بالغة وهو يقول بقلق شديد:- 

_مالك بس يا حبيبتي انتي كويسه 

اخذت تتذمر بألم و جسدها ينتقض من الوجع فوق الأريكة وهي تبكي بحرقه و هتفت بهجوم:- 

_لا مش كويسه قلت لك ابعد وما تقربش ايه هتاخذني بالغصب عشان مش موافقه انك تقرب وتلمسني ولا ايه؟ 

اتسعت عينا قاسم بذهول وصدمة وتخشب مكانه وهو يستمع كلماتها ولكن اوجعه هو تلك النظرة المرتعبة منه كانها تقف امام وحش كاسر سينقض عليها فى اى لحظة فاخذ يتنفس ببطء محاولا تهدئة فورة المشاعر بداخله و تقدم منها بحذر لها برقة وندم قائلا:- 

_حوريه اللي انتي بتقوليه ده اكيد مش هعمل كده، انا اسف يا حبيبتي حقك عليا والله ما سمعتك، مش عارف عملت كده ازاي ولا اخذت بالي انك مش عاوزه ما تزعليش 

فزعت تنتفض كارنب مزعور بعيون خائفة يملائها الدموع، بينما ضغط قاسم علي اسنانه بغضب مكتوم من نفسه وفور ان تقدم ضمها اليه ليشدد من احتضانه لها يهمس بكلمات مهدئة رقيقة لها يعتذر باسف وهو يراها تهذى من شدة الالم ليهمس لها برقة محاولا التخفيف عنها :-

_اكيد طالما مش عاوزه مش هغصبك مين جاب الفكره دي في دماغي بس ازاي تفكري فيا بالطريقه دي، انا قاسم يا حوريه جوزك وحبيبك ويهمني راحتك مش هاذيكٍ ما تخافيش 

شعرت بأنها ضغطت علي الامور اكثر من اللازم وقد بالغت ثم ابتعدت عنه حوريه و هي تمسح دموعها براحتي يدها و هي تقول بصوت حزين :- 

_اتمنى ده 

**
مرت فترات طويلة و ايام أكثر حتي جاء ذلك اليوم المنتظر ولج كلا من ناريمان و معها حوريه لداخل المستشفى وكانت حوريه قلبها يرتجف خوفًا ورعبًا كلما تقدمت خطوة إلي الداخل لا تعلم لما كل ذلك القلق والتوتر فهي بالتاكيد تثق به قاسم ثقة كبيرة، وقفت ناريمان تطلع فيها بابتسامه ساخره ثم تقدمت تنظر وهي تتقدم نحو الاستعلام لتسأل عن التحاليل و أجابتة عليها الممرضة بأدب أن تنتظر قليلا في ساحه الاستقبال، تحركوا الاثنين بالفعل داخل غرفه الاستقبال ولم يكن غيرهما موجود.

جلست حوريه أعلي المقعد وهي تنتظر أي طبيب يأتي إليها و يطمئن قلبها الملتاع ثم أفاقت من دومه أفكارها علي صوت ناريمان الساخرة:- 

_يعني جيتي قلت في عقلي بالي هتعمليها حجه المره دي وما تجيش وكانت بس الايام دي بتشتغلني وبتاخذني على قد عقلي علشان ما اعملش حاجه

نظرت حورية نحوها باستغراب وهي تتحدث بجدية:- 

_انا قلتلك ان انا جايه وبعدين هعمل كده ليه وما اجيش ليه اصلا؟ انا مش باخذك على قد عقلك ولا بشتغلك ولا حاجه زي ما انتي فاكره 

هزت كتفيها بعدم مبالاه وقالت ببرود:- 

_اقول لك على حاجه انا مش مصدقاكي لحد دلوقتي من اللي عملتيه وانك وافقتي كده بسهوله تعيدي التحاليل ثاني بنفسك وجاية كمان تستلمي النتيجه النهارده، حاسه بتدبري لـ حاجه بس مش فاهمه دماغك اصلك يعني مش عبيطه فعلا ومش عارفه ان الطفل يبقى ابن قاسم قولي كلام يدخل العقل

رفعت حوريه عيناها بغيظ تجيبها بصوت غاضب:- 

_اسمعيني يا ست أنتي انا جاية هنا عشان حاجه واحده بس وهي اوريكٍ ان الافكار اللي في دماغك دي كلها مش حقيقي وللمره الاخيره اسامه مش أبوه قاسم و دلوقت الحقيقه هتبان والتحليل هتثبتلك عكس كده 

رفعت ناريمان حاجبيها باستخفاف وهي تقول باستهزاء وضيق:- 

_اموت واعرف جايبه كل الثقه دي منين؟ مش بقول لك مش فاهمه دماغك لحد دلوقتي! ولا هي دي اللعبه اصلا انك تفضلي تمثلي عليا ومصدقه نفسك عشان انا كمان اصدق.. على العموم فعلا الحقيقه كلها دقائق وهتبان يبقى نشوف ساعتها حجتك هتكون ايه 

وقبل أن تتحدث مره ثانيه دلفت إليهما الطبيبه وهي تحمل بيدها ملف التحاليل وقالت باعتذار:- 

_اسفه على التاخير اتفضلوا التحاليل اهي تقدروا تشوفوها بنفسكم ولو حابين تعدوها ثاني ما فيش مشكله 

دق حوريه قلبها بعنف شديد بينما هتفت ناريمان بثقه وهي تنظر إلي حورية التي بدأت تتوتر بشده:- 

_لا يا دكتوره انا عن نفسي مش محتاجه اعيد اي تحاليل ثاني ومصدقه من اول مره 

وضعت الطبيبه الملف أعلي الطاولة أمامهم ثم رحلت بهدوء بينما ساد الصمت قليلا بينهما وظلت حوريه تفرك بيدها بعصبية و ارتباك وهي تنظر إلى الملف وتفكر يا تري ماذا ستكون النتيجه وماذا سوف يحدث بعدها؟ 

أنتفضت حورية من مكانها بذعر شديد عندما وضعت ناريمان يدها فوق كتفها بحده لتنظر إليها علي الفور بتعجب ثم أشارت ناريمان بجمود وهي تتحدث بتحدي وقوه:- 

_مستنيه ايه؟ ما تفتحي التحايل ولا خايفه الحقيقه تظهر قدامي وما تقدريش ترفعي عينك فيا وما تعرفيش تدوري على كذبة المره دي

جزت حوريه علي أسنانها بعنف بنفاذ صبر وهي تقول بثبات:- 

_انا مش خايفه من حاجه ومش محتاجه شويه الاوراق دي عشان تثبت لي مجرد تخاريف في دماغك ما لهاش وجود، ولا تهز ثقتي في قاسم جوزي ،وهفتح التحاليل عشان بس استثبتلك من فين الصادق ومين والكذاب

نهضت حورية وأمسكت الملف وفتحتة بالفعل وبدأت تقراء فيه حتي وقعت عينها على ما تريده وفي ثواني تجمدت الدماء في عروقها و ارتفعت وتيرة أنفاسها بصعوبة شديدة و بدأت الرؤية تتلاشي بعينها رويداً رويداً و هي تكافح وتلتقط أنفاسها بصعوبة شديدة شعرت بوجهها يشحب كـ الاموات و حبات العرق تتجمع علي كامل وجهها، ثم نظرت إلي التحاليل مره ثانيه حتي لعلها تكون قد أخطأت في القراءة لكن عندما وقعت عينها مره ثانيه علي الاوراق وجدت نفس ذاتها الكلمات وان اسامه والده قاسم!. 

صدمة كبيرة إصابتها بشلل كامل بجسدها اتسعت عينها و هي تنظر إلي الاوراق و قلبها يخفق بقوة و كأنه سيقفز من بين ضلوعها ارتفعت وتيرة أنفاسها و هي تضع يدها علي جبهتها تفركها بعدم استيعاب تقدمت ناريمان منها لتقف قبالتها تنظر إليها ثم لويت شفتها بسخرية لاذعة قائله بتهكم:- 

_مش سامعلك يعني صوت هتفضلي مبلمه في الورق كثير كده، ما تنطقي وتردي وتقولي ايه ردك علي موجود ده؟ 

هزت رأسها عدد مرات بشرود و عيناها مثبته علي الاوراق التي بيدها ولكن توقفت علي تلك الكلمات التي ثبث صحه حديث ناريمان التي لمست قلبها أنزلقت العبرات من عيناها عاجزه وانكوي القلب ألمًا علي آلامها، نظرت لها حوريه بسرعة تقول بلهفة وهي لا تستوعب ولا تصدق شيئ:- 

_لا لا التحاليل دي كذب مش حقيقيه طبعا انتي اكيد زورتيها ولعبتي فيها بعد ما انا مشيت وجيتي بعديه تاني واتفقتي معاهم يغيروها مش كده، لكن انا مش هصدقك قاسم مستحيل يعمل كده 

زمجرت ناريمان فيها بغضب شديد وهو تقول بنفاذ صبر:- 

_ما تبطلي أنتي يا بنت كدب وخداع شويه بقى وشيلي وش البراءه اللي انتي رسميه على طول عشان الناس تتخدع فيكي، لكن مش عليا يا روح امك ،انتي اللي مختاره المعمل بنفسك وقلتلي بثق فيه ولا نسيتي؟ 

خفق قلب حوريه بقوة وبكت بعنف وشهقاتها ترتفع بقوة تقول بلوعة وبكاء وهي تهز رأسها برفض و إصرار رغم ما رأته بـ بعينيها لكنها مازالت تحت تأثير الصدمه ولم تصدق:- 

_ برده كذب مش حقيقي قاسم مش ابو الطفل.. قاسم مستحيل يعمل فيا كده.. قاسم مستحيل يخدعني ويضحك عليا بالطريقه دي، قاسم مش بالحقاره دي و ما يقدرش يضحك عليا كل الفتره دي وانا اكون مخدوعه في بالطريقه دي، لا اكيد في حاجه غلط ممكن الغلط من المعمل نفسه انا هعيد التحاليل ثاني لا لا مستحيل اصدق حاجه زي كده 

جزت علي أسنانها بشراسة وعنف و هي تصيح بحده:- 

_اه ابقي عيديها انتي مع نفسك بقى بس لو النتيجه طلعت نفسها هتقولي ايه اعيدها رابع وخامس انا مش عارفه اعمل معاكي ايه عشان تعترفي بالحقيقه و أن قاسم أبوه الطفل وانك كنتي على علاقه بي وانتي متجوزه ابني

اقتربت منها حورية تمتم بخفوت وبنبرة مكسورة وتقول بحسرة بين بكائها:- 

_انا ما بكذبش انا فعلا اغتصبت اقسم بالله اللي حصل ما كانش برضايا ومش قاسم أبوه اسامه قاسم بيحبني مستحيل يخدعني ده هو اللي وقف جنبي وانقذني من الموت اكثر من مره و هو اللي حماني انا ما ليش غيره مستحيل ياذيني ويطعني في ظهري! حرام عليكي ليه عاوزه تدمري حياتي وتفتحي في الماضي وتخليني اصدق حاجه لو طلعت فعلا صح هيكون الموت اهون عليا بكثير

صمتت ناريمان لحظات تراقبها بشك ثم هتفت بصوت حاد:- 

_هو انتي ايه حكايتك بالضبط معقول ممكن فعلا ما تعرفيش وكل ده مش تمثيل؟ يعني قاسم كان بيلعب عليكي ذي ما كان بيلعب علينا وهو اللي اغتصبك 

اتسعت عينا حورية بذهول وصدمة وبحزن لتصرخ بعنف وقسوة من بين بكائها وشهقاتها التي ترتفع بعصبية شديدة :- 

_مستحيل لا مش ممكن طبعا اكيد في حاجه غلط 

ضاقت ناريمان عينيها بانتصار وهي تقول بسعادة بالغة و ابتسامة عريضة حول ثغرها :- 

_تعرفي الايام اللي فاتت عماله افكر ازاي انتقم منك ومن قاسم وادمر حياتك زي ما دمرتيني في حياتي ووجعتي قلبي على ابني بس لو فعلا كلامك صح وانتي ما تعرفيش كل ده ان قاسم هو اللي اغتصبك يبقى فعلا الوجع اللي انتي فيه دلوقتي اهون بكثير وتستاهليه من اي حاجه كنت هعملها فيكي عشان اعرف اشمت فيكي صح ..وهو ده احسن انتقام ليكي انك تتصدمي في الانسان الوحيد اللي وثقتي فيه 

التفتت برأسها لها تصرخ بقوة شديدة ببكاء وصوت يقطع القلوب:- 

_بقولك قاسم بيحبني وعمره ما هيفكر ياذيني 
قلت لك ان التحايل بتاعتك هي اللي غلط وانا هعيدها عشان تصدقي 

شعرت بان الأرض تدور حولها مما جعلها غير قادرة على التحمل ولا السيطرة على حالتها لتسقط علي قدمها بالارض بصدمه ثم أجهشت في البكاء تضع وجهها بين راحتيها و اخذتها تبكي بحسرة و هي لا تصدق أن يخدعها قاسم بذلك الطريقه كانت تبكي بحرقه شديدة كطفلة صغير أقرب شخص لها ينازع الموت وما كان عليها إلا تبكي وتهون علي نفسها ولكن كيف ستهون علي شئ خارج عن ارداتها؟ 

أنزلت ناريمان تسند بركبتها بالارض وهي تنظر إليها بابتسامه واسعة بشماته وهي تراقب انهيارها ثم هتفت بمكر ذئب و بخبث شديد:- 

_وليه بس يا حبيبتي تعيدي التحاليل ثاني وانتي عندك قاسم نفسة تروحي تسالي وتعرفي منه الحقيقه احسن اعتقد لو صح مش هيقدر ينكر عملته السوداء؟ بصراحه قلبي عندك لو طلع الكلام ده صح وقاسم هو اللي اغتصبك فعلا، هههههه 

**
كان قاسم يسير الغرفه بخطوات عصبية شديدة عندما استيقظ من نومه ولم يجدها جانبه مره ثانيه ظل يسير بالغرفه بغضب و خوف وهو يفكر بقلق شديد أين ذهبت زوجته مره ثانيه دون علمه أو تقول له شئ عن ما يحدث معها ولماذا أصبحت الايام السابقه غامضه هكذا ولا تعطي اي اهتمام مثل سابق، أصبح متاكد بنسبه كبيره أن يوجد شئ تخفي عليه لكن لا يعرف ما هو؟. 

افاق من غضبه و خوفه عندما وجد حوريه تدلف الغرفه بخطوات ثقيله أقترب منها بخطوات ثابتة وهو يقول بصوت غاضب:- 

_خرجتي زي العاده ثاني رغم ان احنا اتفقنا ما تتكررش وبرضة من غير حرس وقفلتي كمان تليفونك، ده انتي لو قاصده تقلقيني مش هتعملي كده؟ انتي مالك يا حوريه الايام اللي فاتت على طول غريبه وسرحانه وبتعملي اي حاجه بتهور وممكن تؤذيكٍ وتاذي اللي حواليكي، عارفه ان انا بسببك النهارده طردت كام حرس عشان سابوكي تمشي وما حدش منهم مشي وراكي رغم انك رفضتي

صمتت حورية ولم تجيب بينما اقترب يمسك كفها الصغير الذي وجدو بارد مثل الثلج وهو غاضب ثم رفع عيناه لها يهمس بعتاب:- 

_كنتي فين وما تقوليش زي المره اللي فاتت كنت بجيب دواء عشان مش هصدق المره دي كمان، انتي في حاجه مخبياها عليا انطقي حالا كنت فين ومع مين؟ 

هزت حوريه رأسها وهي تجيب بوهن وتنظر له بقوة :- 

_كنت مع طنط ناريمان في المستشفى 

عقد قاسم حاجبيه باقتضاب وعدم استيعاب وتقدم منها مرددا باستنكار:- 

_نعم بتقولي ايه؟ 

تنفست بصوت عالي تحاول السيطره على اعصابها وهي تجمع كلماتها وتحاول تتجدد الامل فيها ان يوجد شيء خاطئ سوف يوضح لها الآن بالتاكيد :- 

_طنط ناريمان جاءت يوم حفله كتب كتاب ماما وانكل جمال وقعدت تصرخ عشان عاوزه تدخل القصر والحرس منعها بالعافيه بس انا سمعت وقربت اشوف في ايه؟ قعدت تقول كلام غريب بس انا ما صدقتوش رغم انها كان معاها دليل بس قلت مستحيل تعمل فيا كده وتاذيني بالطريقه البشعه دي حتى لما عملت انا التحاليل بنفسي برده كذبتها وما صدقتش 

مسح قاسم وجهه بعنف وضيق هاتف بنفاذ صبر قائلا بغضب مكتوم:- 

_انا مش فاهم حاجه تحاليل ايه وناريمان قالت لك ايه وانتي ازاي تروحي معاها وتعرضي نفسك للخطر

نظرت إليه بأعين تشع حزن عميق وهي تقول بصوت مبحوح:- 

_قالت لي ان اسامه يبقى ابنك وكانت واخذه خصله شعر من اسامه وخصلت شعر منك وطلعت العينه مطابقه لبعض وأنه إبنك، ولما كذبتها قالت لي خلاص هاتي عينه من شعر جوزك وابنك ونطلع سوا نعمل التحاليل ونشوف مين اللي صادق

شعر قاسم بان أسودت الدنيا في عيناه من إن وقع كلماتها الموجعه علي قلبه بذهول وصدمة، ولا يصدق بأنها عرفت الحقيقه.

هزت رأسها بعدم تصديق تدمع عيناها بقوة تهمس بصوت متقطع واهن للغاية:- 

_انا مش هقول لك ليه عملت كده؟ عشان اي عذر هتقوله مش هيشفعلك عندي، بس هسالك سؤال ثاني ازاي؟ ازاي قدرت تعمل فيا كده وكنت بتبص في وشي وتلمسني إزاي وانت السبب في كل اللي انا فيه، ازاي جاءت لك الجراه تخدعني وتكمل حياتك عادي وانت مش حاسس بتانيب ضمير ولا عارف عامل فيا ايه؟ 

حبس أنفاسه بقوة وهو يقترب ويضع يده الاثنين علي كتفها ثم تمتم بعدم استيعاب:- 

_حوريه اهدى وافهمي الموضوع

صمتت بصدمة عندما استمعت إلي كلماته الذي تدل علي أن حديث ناريمان والتحاليل ليس خدعه بل حقيقيه فهي حتى الان كان لديها امل ان يكذبها؟ هزت رأسها ببطئ ثم نزعت يده عنها بعنف وقسوة من علي كتفها ثم ابتعلت ريقها الجاف تهمس بصوت متقطع متعب يكاد يكون مسموع:- 

_نعم افهم الموضوع؟ هو في موضوع انا كنت فاكراكي هتكذبني وتتخانق معايا وتزعق وتصرخ فيا عشان صدقت عليك حاجه زي كده؟ وضيعت الثقه اللي ما بيننا؟ بس يعني ايه أفهمي الموضوع الاول ده يعني ايه الكلام ده حقيقي 

تفاجات به صامت ولما يهتز جسده ولم يرمش جفن له جزت علي أسنانها بنفاذ صبر فليس الان وقت السكوت وهي تقول بصوت عالي:- 

_رد عليا ما تسكتش اسامه ابن مين أنطق ما تسكتش؟ 

كان الصمت يخيم علي المكان الا من أصوات شقهاتها الباكين كانت دموعها تهبط بغزارة كالأمطار صمت قاسم بل أعطاها ظهره ينظر الا الجهه الاخرى يحدق بالفراغ ولكن هو من يشعر بالألم الذي ينخر خلايا جسده حتى عندما استمع صوت بكائها المصدوم فرت دمعة هاربة من مقلتيه يتألم بل ينكسر قلبه وهو يراها هكذا، وقد علم ان ما اخفاه طول هذه المده سوف يفتح الان وينهش في قلوبهم دون رحمه! حتي همس بدون مقدمات و بصوت منخفض يائس من اخفاء الحقيقه اكثر من ذلك به:- 

_اسامة يبقى ابني أنا يا حوريه؟ 

تطلعت في حورية بصدمة وكانت قد فاضت الروح بها من المزيد من الصدمات والالام أجهشت في البكاء وهي تصرخ عاليا حتى ان الصراخ وصل الى الاسفل بين الخدم هو الحراس وهي تهتف بصدمه و ذهول بهستريه كـ المجانين :- 

_لا، لا لا انت كمان بتكذب عليا صح أسامه مش ابنك الكلام ده مستحيل يحصل مش انت اللي اغتصبتني ودمرت حياتي اكذب عليا يا قاسم وقولي الكلام ده مش صح، مش كده ابوس ايدك ما تمرنيش وتكسرني كده إلا انت يا قاسم مش هستحمل 

فزع قاسم لرؤيتها كهذا حتي اقترب منها و قال لها بلهفة وخوف:- 

_يا حوريه افهمي الموضوع ما ينفعش تحكمي عليا من غير ما تسمعيني انا لي عذري برضه أنا ما عملتش كده وانا في واعيي 

صرخه مدوية خرجت من فم حوريه وهي تلطم علي وجهها اهتزت لها جدران قلبه بألم حاد كانت تصرخ بجنون وبكاء عالي تكسر في كل شئ أمامها ولم تقدر علي التحمل الآن و انهارت باكية بعنف:- 

_يا نهار اسود يا نهار اسود لااا مستحيل انا اكيد في كابوس بشع وهصحى دلوقتي و اللي بيحصل حواليا ده مش حقيقي، ايوه مش حقيقي و انا مش لازم اصدق ده اكيد حلم و هفوق لازم افوق اللي بيحصل ده مش حقيقي 

نظر قاسم بوجهه وقد تملك الحزن والاسي مقلتيه، حاول قاسم استجماع قوته الواهية واقترب منها قائلا بصوت مرتجف:- 

_حوريه ابوس ايدك اهدي ما تعملش في نفسك كده واسمعيني الاول

تمتمت حورية ببكاء عنيف ونحيب:- 

_اسمع ايه وزفت ايه؟ هو انت مفكر عملتك السوداء دي ليها عذر عندي حرام عليك انا لحد دلوقتي مش قادر اصدق، لما طنط ناريمان جاءت لي بالورقه ما صدقتهاش وكذبتها ولما عملت التحاليل بنفسي برده ما صدقتش وكذبتها وانت بتقول لي دلوقتي وبرده مش قادره اصدق، ليييه بـس يـا قـاسـم ليييه حـرررام علـيـك انـا عــمـلتـلـك ايــه عــشــان تــعــمــل فـيــا كــده 

رفعت عينها له وعبراتها تغزو صفحة وجهها بغزارة و تابعت حديثها بصوت مؤلم مكسوره :- 

_انا كنت بموت قدامك في اليوم الف مره وكنت هموت نفسي فعلا وحاولت الانتحار بسبب الموضوع ده؟ و ابني إللي حته مني كرهته اكثر من شهرين وانا مش طايقه المسة ولا ابص في وشي عشان ما يفكرنيش باللي ابوه عمله، واطلع في الاخر انا اصلا متجوزاه وحامل منه ثاني؟ انا كان عندي استعداد اكدب العالم كله لو قال لي كده عشان عمري ما كنت اتوقع حاجه زي كده انت يا قاسم انت في الاخر تطلع اللي اغتصبتني ودمرت حياتي خلتني اعيش في كوابيس ما لهاش اخر ومشاكل ما بتنتهيش من تحت راسك انت

ثم صرخت حورية بألم وقهر :- 

_طب ازاي عرفت تخدعني المدة دي كلها؟ انا ازاي اصلا ما شكتش فيك ولا لحظه واحده ازاي جاء لك قلب تعمل فيا كده، و انا اللي فاكراك عامل فيا جميل وكل يوم بادعي ربنا يخليك لي ولي اولادي واعرف ارد لك جزء من اللي انت بتعمله فيه طول الوقت، اتاريك مش بتعمل كل ده من فراغ لاااا عشان تضمن مستقبل ابنك الحقيقي اللي انا كنت مفكراه مكتوب باسمك على الورق وبس؟ يا ترى كمان كنت بتمثل عليا الحب من ضمن خططك عشان اصدقك وامنلك ،حاسه ان هيجرى لي حاجه من الصدمه انا هتجنن خلاص آآآآه يـــا قــلــبــي آآآآه

ظلت تبكي وتصرخ بهستيريه حتي ان لم تقوي علي الوقوف و سقطت علي الارض بقوة لتضم ركبتيها الي صدرها تغرس رأسها بداخلهما وهي تبكي بألم تحاول تجنب عقلها عن فكرة أن كل ذلك يحدث معها وهي تعيش مع مغتصبها وسمحت له اني يلمسها وحملت بطفل ثاني منه وهي لم تعلم من البدايه من يكون هو؟ يا الله كيف تتحمل خساره مثل هكذا! كيف ان تنصدم بكل هذه المده في نصفها الآخر بكل سهولة، كيف لـ القلب تحمل مثل هذه الصدمات في اعز رفيق لها بعد أن وجدت فيه الامان والعشق التي تبحث عنه طول حياتها، كيف تتحمل ان دفئ أحضانه كانت سابقا اصبحت الان كالاشواك تنغرس فيها، بعد ان كان دائمًا الملجأ لها في ضعفها وحزنها كان هو السبب في هذا الالام من البدايه.

كان صوت شهقاتها ترتفع ولم تتوقف ولا ثانيه واحده وهو يقف بجوارها يشفق علي حالها حتي سقطت دمعه من عينه بحزن شديد عليها،ابتلع قاسم ريقه بصعوبة شديدة وهو يقترب منها يقول بنبرة هادئة بعض الشئ:- 

_يا حوريه ابوس ايديك ما تحكميش عليا من غير ما تسمعيني انا عارف كل ده والله وكنتي صعبانة عليا وكنت بعمل كده من عذاب الضمير والله العظيم كنت بتعذب زيك واكثر 

رفعت رأسها له وهي تفترش الأرض وليتها لم تفعل فعيناها أصبحت مثل قطرات الدماء لم يكن بها ذرة من اللون الابيض ووجهها باهت شاحب فاقد لملاذ الحياة، اشتعل الغضب في مقلتيها و نهضت واقفه تصيح بقسوة شديدة وعنفوان و بصوت ضعيف من كثر الصراخ:- 

_تتعذب! تعرف إيه أنت أصلا عن العذاب اللي على حق عشان تقول لي بتعذب وبتوجع جربت حقك يضيع و تتكسر في اليوم الف مره وتفقد الثقه في كل اللي حواليك ما عدا انسان واحد بس وتامن وترجع تثق فيه وتحط كل امانك وسندك عليه وفي الاخر يطلع هو اكثر واحد بياذيك اصلا؟ انت حقر واحد شفته في حياتي انا اللي حصل لي كله كوم والصدمه اللي انا اتصدمتها فيك دي كوم تاني، انا في اللحظه دي كره الدنيا كله اتجمع فيا واتحط مكان حبك في قلبي.. بقيت بكرررهك يا قاسم سامعني بكرررهك

ظل قاسم يقف وعيناه التمعت بالدموع حزنًا علي زوجته و حبيته و رفيقه قلبة وهي تتألم بسببه بانهيار عصبي هكذا بينما هو كان يقف أمامها كـ جسد بدون روح وهو يستمع إلى كل كلمه و حرف تقوله مزق دواخلة بعنف وقسوة شديدة و ندم، تمني أن يعود الزمن إلي وراء ولم يفعل ذلك معها ولا يوجعها بذلك الطريقه القاسيه لكن هو حقا لم يقصد هذا من الأساس لكن أيضا ليس هذا دافع لما فعله تجاهها، شعر قاسم بالعجز و قله حليته وهو يراها تنهار أمام وغير قادر على حمايتها وهو من المها من الأساس.

**
بداخل القصر في الأسفل فتح جمال الباب بالمفتاح ليدلف الي الداخل وخلف منه زوجته بدريه التي كانت تبتسم بسعادة غامرة ظاهره علي وجهها ،اغلق الباب و ابتسم جمال بهدوء و هو يقول باهتمام:- 

_عجبك المكان يا حبيبتي اللي خرجتك فيه وانبسطتي

هزت رأسها بسعادة كبيرة وهي تقول بخفوت:- .

_جدا يا جمال المكان كان تحفه فعلا و انا كنت محتاجه اخرج، ذوقك طلع حلو حتي في المطاعم

ربت جمال علي كتفها و هو يقول بابتسامه واسعة :- 

_ولسه يا حبيبتي هنلف العالم كله مع بعض ومش هحرمك من حاجه ابدا، بس المره الجايه ان شاء الله هناخذ ساجد معنا ونقول له قبلها قبل ما ينام ويعملها فينا زي النهارده 

ضمت بدريه نفسها إلي أحضان زوجها براحه كبيرة وامتنان وابتسمت بسعادة قائله متنهدا:- 

_ربنا يخليك لي يا جمال ما يحرمنيش منك ولا..

لكنها قاطعت جملتها عندما رأت حورية تركض علي الدرج بخطوات سريعة بينما قاسم خلفها وهو يهتف باسمها عدد مرات أن تتوقف لكنها لم تهتم له، وصلت إلى الأسفل أمامهم وظلت حورية مركزة نظراتها فوق جمال الذى كان يقف امامها محاولة فهم ماذا يحدث و عدم الالتفاف نحو قاسم تكمل الصراخ عليه لما فعله بها.

اقتربت منها بدريه بسرعه وهي تلاحظ دموعها و شحوب وجهها لتقول بقلق شديد :- 

_مالك يا حوريه انتي عامله كده ليه يا بنتي في ايه يا حبيبتي؟ ابنك كويس 

لم تنظر باتجاهها ولم ترد عليها بينما جمال قد فهم ما حدث عندما أستمع الي حديثها وهي تتحدث بسخرية مريرة و بأعين تطلق شرارت:- 

_انت كنت عارف أنت كمان صح ما اكيد انا الوحده اللي طلعت مغفله في الحكايه كلها، ما هو صاحبك اللي على طول اسراركم مع بعض وما يقدرش يخبي عليك حاجه انما انا ما طلعتش بنتك زي ما انت قلتلي 

صمت جمال ولم يجيب عليها بل أخفض رأسه يتنهد بينما عقدت بدريه حاجبيها بدهشة ثم نظرت إلي حورية متسائلة بقلق:- 

_في ايه يا بنتي ما تفهمينا مالك وبتتكلمي عن ايه؟ طب رد أنت يا قاسم؟ ما حد يفهمني في ايه مالكم 

شعرت حورية بالم يكاد يحطم روحها الي شظايا فور صمت جمال ولم يستطيع الرد عليها لتتأكد بأنه بالفعل يعرف كل شيء فهي كانت تعتبر إياه في مقام والدها لكن الصدمات في هذا اليوم صعبه للغايه عليها، لتقول حورية مرددة من بين أسنانها بقسوة وقد التمعت عينيها بشراسة وهي تصيح بغضب وصوت عالي:- 

_ما تفهمها انت يا استاذ جمال ولا اقول لها انا؟ ما هو للاسف ما طلعتش انا مخدوعه لوحدي في الحكايه هي كمان اتخدعت فيكي زي ما انا اتخدعت فيكم انتم الاثنين؟ 

أقترب قاسم متجاهل صراخها و نظرات الجميع و متجه نحو حوريه برأس منخفض و جسد مرتجف امامها ممسك بيدها برجاء:- 

_حوريه عشان خاطري تعالي نطلع فوق ونحل مشاكلنا مع بعض وانا هشرحلك كل حاجه وهجاوبك على كل اسئلتك تعالي معايا يا حبيبتي

شعر بجسده يتجمد فور سماعه كلماتها تلك ابتعدت عنه وهى نفضت حورية يده مبعده اياه عنها تتمتم بحده:- 

_ابعد عني و اوعى تفكر في مره تلمسني ثاني فاهم وبعدين هو انت لسه بتقول حبيبتك ما خلاص كل الحكايه بانت وعرفت اللي فيها وكشفتك على حقيقتك يا زباله يا واطي 

اتسعت بدريه عيناها بصدمه وهي تتحدث بصوت حازم بشده:- 

_حوريه عيب كده تكلمي جوزك بالطريقه دي قدامنا ولا بينك وبينة حتي، مهما حصل واعتذري له دلوقتي حالا 

دق قاسم قلبه بعنف و هو يستمع الي ما تقوله حورية يشعر أن حلقه قد جف ابتلع ريقه بصعوبة و هو ينظر إلي زوجته قائلا بصوت مضطرب ضعيف :- 

_خلاص يا طنط انا مش زعلان منها عاوزها بس تيجي معايا فوق ونتكلم ونحل مشاكلنا مع بعض لوحدنا 

اخذت حورية تنتحب بشدة وهى تنظر الى قاسم باشمئزاز صائحه:- 

_قلت لك ابعد عني ما تلمسنيش ومشاكل ايه تنحل هو انت فاكر اللي عرفته هيتحل بسهوله كده ولا في حل؟ الحل الوحيد إني اللي زيك احقر بني ادم انا عرفته في حياتي ومش هسكت عن حقي وهاخذه منك يا قاسم 

ظلت حورية تنظر إلى الجميع صامتة لا تدرى ما يجب عليها قوله ولا فعله من كثرة الصدمات في الجميع اليوم شاعرة بقلبها يقصف كالاعصار بداخلها لكنها افاقت من جمودها عندما تحركت تركض مغادرة المكان ألي الاعلي نحو غرفه طفلها !هتف قاسم باسمها وهو يركض خلفها محاوله اللحاق بها ثم نظرت بدريه إلي جمال بنفاذ صبر قائلة بجدية و إصرار:- 

_لا بقى انا لازم افهم هو في ايه ما حد يفهمني

تمتم جمال بارتباك مبتلعاً الغصه التى تشكلت بحلقه بصعوبه فقد كان يحاول تجنب ذكر هذه المواجهة أمامه زوجته لكنها قد حديث مع الاسف:- 

_اهدي يا بدريه وتعالي معايا وانا هفهمك كل حاجه.

**
بداخل مكتب المحامي كان يجلس أمام المكتب بينما يجلسون أمامه ميسون و حازم فهم كل يوم هنا علي ذلك الحاله يحاولون ايجاد حل او مخرج حتي يخرج عتمان من ذلك القضيه التي لم يرتكبها و مزال يسجن بداخل الحبس المؤقت مع تجدد حبس المتهم وهو بريء، نظر المحامي لهم ثم هتف بجدية:- 

_للاسف الادله كلها ضد جدك استاذ عتمان عشان كده النيابه رفضت تطلعه بكفاله انا اسف في اللي هقوله بس القضيه فعلا صعبه

عقد حازم حاجبيه بغضب شديد و هو يقول من بين أسنانه :- 

_جرى ايه حضره المتر حضرتك بطمنا كده ولا بترعبنا اكثر من الموضوع

لتزمجر ميسون غاضة و هي تقول بآخر ذرة من الهدوء تستحوذ عليها من بين دموعها بمرارة التي لم تجف منذ القبض علي والدها وهو مظلوم داخل الحبس و تمر عليه اسوء ايام حياته:- 

_وبعدين يعني ايه ما فيش حل بابا هيفضل طول حياته في السجن ويقضي الايام اللي فضله لي بالشكل ده؟ ده هيروح فيها صدقني هو مش مستحمل الايام اللي فاتت وهو في السجن احنا لما رحنا نزوره، حالته كانت صعبه قوي ده كان عامل زي العيال الصغيره شبطان فينا ومش عاوز يسيبنا، وكان هيوطى يبوس ايدينا عشان نحلف لي ان احنا مش هنسيبه وهنفضل معاه لحد ما يطلع من المحنه دي

هز المحامي رأسه بأسف وهو يقول بهدوء:- 

_انا اسف حضرتك بس انا مش بخوفك زي ما انتم فاكرين انا بحاول اوضح لكم الامور عشان تعرفوا تتصرفوا ازاي ومع ذلك اديني بحاول رغم موقفه الضعيف 

أغمض حازم عينه بغضب مكتوم وهو يتذكر ضعف و تعب جده عتمان الشديد فـ كلما مره عليه ساعات وهو وسط المتهمين تسوا حالته وعندما يذهب إليه و يراه هكذا يشفق عليه بشده فهو لاول مره يراه بتلك الحالة ضعيف و يشعر بقله حيلة، تنهد حازم تنهيدة طويلة و هو يقول بحزن:- 

_ماما بتتكلم صح جدة مش هيستحمل انا خايف قوي عليه حاسس هيجرى له حاجه بالطريقه دي ممكن يروح فيها فعلا لازم نشوف حل؟ حالته كل يوم بتسوا مش قادر يصدق لحد دلوقتي اللي حصل.. لازم يكون في حل ويطلع باسرع وقت

**
أخذ جمال زوجته بصعوبة بالغة الي الغرفه حتي يشرح لها و يبعدها عنهم الان في الوقت الحالي، بينما ركضت حوريه الي غرفه طفلها و اغلقت الباب بإحكام عليها حتي لا يأتي خلفها قاسم وظل يطرق الباب بقوة و يصيح باسمها بخوف شديد أن تفعل شئ في نفسها وهي بذلك الحالي لكن لم ترد رغم أن كان يستمع إلي صوت بكائها بعنف! حتي تحرك بخطوات ثقيله و بتعب وإرهاق واضح عليه داخل غرفته بقله حيله و جلس أعلي الفراش يخفض
رأسه بضعف ليضع رأسه بين يده و هو يتذكر ملامحها و كلماتها وصوتها القاسي وهي تصيح بقسوة بأنها أصبحت تكره ولا تطيق النظر إليه اغمض عينيه بألم حاد يعتصر قلبه و جسده دون رحمه.

مرت ساعات وهو علي ذلك الحال حتي أستمع الي صوت الباب يفتح اعتقد ان جمال لذلك ظل يستند أعلي الفراش وهو يغمض عينه ،اغلقت باب الغرفة بهدوء و تطلعت الي قاسم و ابتسمت بجانب شفتيها بسخرية مريرة و الدموع تسيل منها بغزارة و جسدها يرتجف و هي تقترب منه حتي وقفت أمامه بصمت

رفع رأسه ببطء شديد لها لكن اتسعت عينا قاسم بذهول وقلق عندما وجد حورية أمامه كان يبدو عليها التعب الشديد و شعرها مبعثر و عينها متورمه و حمراء مثل الدخان كانت حالتها مذريه ولم يراها بهذا الشكل و الياس رغم جميع المشاكل والصعوبات التي واجهتها لكن لم تكن بهذا الانهيار ابدا قبل سابق ليعرف قاسم بأن الألم والخزه هذه المرة ليس يستهان بة مطلقاً بالإضافة إلى معالم الحزن و خبيه الامل الظاهرة عليها وهي تقول:- 

_ليك نفسي تنام وترتاح عادي كده بعد كل اللي عملته فيا ده انا قاعده جوه لوحدي مع ابني هتجنن ومش حاسه بنفسي و ١٠٠ فكره عماله تيجي في دماغي و تروح لدرجه ان انا فكرت اقتل اسامه عشان احرق قلبك انت كمان عليه 

نهض هو سريعاً وتنفس قاسم بعمق محاولاً تهدئت نفسه ممتماً بهدوء:- 

_حوريه انا مش نايم ولا عارف ارتاح طول ما انتي كده في الحاله دي و زعلانه مني ومش راضيه تسمعيني وابني اللي كنتي بتفكري تقتليه ده هو ابنك انتي كمان على فكره 

هزت راسها بألم شديد وهى تنظر اليه بعينين متحجرة بالدموع قائله بيأس شديد:- 

_مع الأسف فعلا ابني أنا كمان 

شحب وجه قاسم فور سماعه كلماتها تلك شاعراً بالوجع يتأكله من الداخل بينما ضعف غريب يستولي عليه ليقول :- 

_مع الاسف مع انك كنتي زمان بتتمنيها ونفسك اسامه يبقى ابني أنا

بدأت دموعها تغرق وجهها بغزارة وقد أغرقت الدموع وجهها بأسي :- 

_مكنتش بتمناها بالطريقه دي ولو هو ده اللي فهمته ساعتها يبقى ما تعرفنيش! هو انت مين بجد انا معرفتكش انت واحد غير اللي انا حبيته وعرفته خالص، انا كنت فاكره نفسي محاطه بشياطين حواليا وعاوزين يؤذوني طول الوقت اتاريني كنت معاشره وعايشه مع الشيطان نفسه وانا معرفش؟ 

ثم تحول صوتها بارد غامض عندما رفعت يدها التي كانت خلف ظهرها منذ دخولها ليظهر المسدس الخاص به هو الذي أخذته من مكتبه فهي سبق و رأته قبل سابق، ثم رفعت السلاح بوجهه و عينيها تشع باشمئزاز و نفور إليه :- 

_تعرف ايه اول حاجه كنت بتمناها لما اعرف في يوم مين اللي اغتصبني وكنت كل يوم بقوي نفسي عن الفكره دي وافضل احطها في دماغي ان لازم انفذها ..هي اني لازم اموت إللي عمل فيا كده زي ما خليني عايشه بدون روح و موتني وأنا علي قيد الحياة وما يستهلش يعيش وهو ده اللي يستاهل ادخل السجن وانا ضميري مرتاح عشانه 

اتسعت عينا قاسم بذهول وقلق وهو يقول بلهفة شديد:- 

_حوريه انتي هتعملي ايه بس نزلي المسدس
عشان خاطري

وقفت تنظر اليه وعينيها تنبثق منها خيبة الامل قائلة بصوت يتخلله اليأس و الغضب وهي ترفع المسدس بوجه:- 

_ايه خايف بس لازم تخاف عشان انت انسان حقير وجبان ايوه جبان و لو كنت عندك عذر واحد بس و مش جبان كنت جيت و واجهتني بكل حاجه بدل ما انت قليت في نظري قوي دلوقتي وشايفك حاجه ملهاش قيمه 

همس قاسم بضعف و قد امتلئت عينيه بالدموع محاوله استعطافها لأجلها هي فقط! وهو يقول بصدق:- 

_انا مش خايف عن نفسي انا خايف عليكي انا بالنسبه لي في اللحظه دي بالذات بتمناها فعلا اموت وارتاح وانا شايفك كده بتتعذبي بسببي بس بلاش تودي نفسك في داهيه عشاني مش انا ما استاهلش زي ما انتي بتقولي يبقى بلاش تعمليها فكري في اولادك يا حوريه حتي، بلاش انا طالما بقيتي بتكرهيني قوي كده 

هتفت بصوت مرتجف بينما شاعره بقبضه حادة تعتصر قلبها :- 

_بس اللي زيك لازم يموت وما ينفعش يعيش عشان ما ياذينيش تاني ولا يؤذي اولادي ولا ياذي حد غيري ما لوش ذنب، هو انا صحيح اول ضحيه ليك ولا كان في ضحايا قبليه 

اهتز جسده بعنف كمن ضربته الصاعقة فور سماعه كلماتها تلك لهذه الدرجة أصبحت تتخيلة و من الممكن أن يكون بهذه القذرة اصبحت قدميه كالهلام غير قادرتان على حمله و شاعراً بالم يكاد يحطم روحه الي شظايا، وقد استفسرت صمته بأبشع طريقه لتهمس بصوت ضعيف منكسر شاعرة بالم حاد داخل قلبها يكاد يهزق روحها :- 

_ياااه هو السؤال صعب للدرجه دي مش بقول لك إني الظاهر أن انا كنت عايشه مع واحد ثاني ما اعرفوش غير الصوره اللي انا كنت رسمها له وللاسف حبيته! بس لازم من النهارده ادوس على قلبي حتى لو هتوصل ان انا اموتك عشان اثبت لي نفسي انك ما تستاهلش وهتهون عليا زي ما انا هنت عليك وقدرت تعمل فيا كده 

و بالاخير ما كانت أن تضع السلاح علي عرق النبض برقبته وهي تنظر داخل عيناه بتوتر و داخلها تشعر بشئ حاد يغرس قلبها وهي لا تصدق ما أوصلها إليه بعد كل العشق الذي كان بينهما تريد الان قتله وقد تحول الحب الي رماد! اغمضت عينيها بقوه وضعف حتي لا تتراجع وهي تري نظرات الرجاء و العشق بهم! 

ظلت تضغط على نفسها بأخر ذرة لديها من التماسك حتي تضغط و تفعلها و لم تشعر بنفسها الا و هي تضغط على السلاح و انطلقت منه رصاصه قويه لا تعرف أين ذهبت بجسده لكنها أحست بأن الرصاصة قد اخترقت جسدها هي بدل منه؟. 

اتسعت عينه بألم لينظر الي ذلك التي فتحت عينيها ببطئ و ذعر و جسدها تشعر به يتخدر وهي تراه أمامها و هو يلتقط أنفاسه بصعوبة شديدة نظرت إليه لتجد وجهه و حبات العرق تتجمع علي كامل وجهه و همس بعدم تصديق:- 

_حـوريـه..! 

الفصل الرابع والعشرين 
___________________________________

بداخل غرفه جمال اخذت بدريه تتردد كلمات زوجها داخل عقلها الذي قالها لها قبل لحظات فقط بداخلها وبينما تسود مظاهر الحزن ارجاء وجهها بعدم تصديق جلست بدرية تتوسط اريكة رثة المظهر وعينيها متسعة بصدمة كبيرة تنهمر منهم الدموع بغزارة لاتستطيع تصديق ماحدث و ما قوله جمال حتى الان وان الحاله التي رأت ابنتها حوريه قبل قليل بها وهي تصرخ بحدة علي زوجها قاسم لأنها قد عرفت أنه هو من اغتصابها و والد اسامه الحقيقه! هزت رأسها عدد مرات لا تستوعب تلك الكارثة التي سقطت فوق راسها، افاقت من شرودها على يد تربت عليها بحنان التفتت الى جمال الذي أبتسم بتوتر والذي حاول التهوين عليها قائلا متردد:- 

_بدريه انتي ساكته ليه يا حبيبتي أنتي كويسه؟ بلاش تسكتي اتكلمي

صمتت بدريه تتسع عينيها بذهول لاتدرى ماذا تقول لتهمس بصدمه:- 

_عيد اللي انت قلته كده تاني عشان شكلي سمعت غلط، هو اللي انا سمعته منك ده صح؟ وقاسم هو اللي اغتصب حوريه بنتي طب ازاي؟ هو كان بيضحك عليها بقى طول المده دي كلها ولا ايه 

اعتدل جمال فى جلسته يعقد حاجبيه باهتمام وحزم:- 

_هو ده بس اللي ركزتي فيه يا بدريه ما ينفعش تسمعي جزء واحد من القصه وتسدي ودانك عن الباقي، صدقيني قاسم ضحيه زي حوريه بالضبط وكان ضحيه بنت طيشه ومش محترمه لمجرد انه عجبها حابه تعمل معاه علاقه من غير جواز حتى لو بالغصب عنه، وبعدين خلي بالك قاسم كان فاهم نواياها و رفض عشان كده هي لجات للطريقه الرخيصه دي عشان هو مش كده

اخذت بدريه تشهق فى البكاء دون ان تنطق ثم صمتت لثوانى تحاول ان توازن كلماتها القادمة قائلة بغضب شديد:- 

_بس بنتي دفعت قصاد الغلطه دي كثير قوي من حياتها ولسه بتدفع يا جمال عشان كده ما اقدرش اسامح واعدي اللي انا سمعته واللي عمله في بنتي كده عادي، حرام علية ازاي قدر يخدعنا كلنا ويوجعها بالطريقه دي، من تحت راس عملت البيه السوده بنتي اتشك في شرفها ولحد دلوقت مش مصدقين وفاكرين انها كانت على علاقه بواحد تاني وهي على ذمه جوزها ،اتهانت من الكل حتى اهلها واتهموه ابشع التهم وتقولي لازم تسمعي باقي القصه 

لتضيق نظراته فوقها ينظر إليها بحدة تتقابل نظراتهم لبضع ثوانى قبل أن يتحدث بجدية:- 

_انا مش بقول لك كده عشان اديلك اعذار لـ اللي عملة قاسم انا ربنا واحد اللي عالم حوريه بالنسبه لي زي بنتي وغاليه عليا وزعلان على الاثنين، بس والله العظيم قاسم ندمان اشد الندم على اللي عمله وكان بيفضل ليل و نهار ضميره بيعذبه و مش مستحمل مجرد فكره انه وجع حوريه بالشكل ده 

أردفت بدريه بصوت ضعيف متحشرج من اثر البكاء:- 

_انا مش قادر اصدق انا شكلي اتخدعت فيه زي بنتي ده انا كنت بعتبره زي ابني واكثر يقوم ياذي حوريه بالشكل ده ويطلع كل ده في الاخر هو اللي اغتصبها ،انا اخر واحد كنت ممكن اشك فيه هو 

هز رأسه بضيق شديد ليسرع هاتف وقال بلين:- 

_عارفه ليه كان اخر واحد ممكن تشكي في يا بدريه عشان قاسم طيب فعلا ومش وحش بالطريقه اللي انتي متخيلاها ومش بدافع عنه زي ما انتي فاكره بس انا اللي مربيه وعارف كويس مستحيل في يوم كنت اتخيل ان ممكن يعمل عامله زي دي 

لتصاعد بقوة تتنفس بعنف وخشونة مرددة بوجه خالى من التعبير هاتفه بسخرية لاذعة قائله:- 

_لا ونعمه التربيه بصراحه يا استاذ جمال هي دي الوصيه والعهد اللي اخذته على نفسك انك هتحمي اولادي وانت عارف مين اللي اذي حوريه وساكت كل ده! انا شكلي مش اتخدعت في قاسم وبس لا انا اتخدعت فيك انت كمان للاسف يا جمال واتسرعت في الجوازه دي ولاول مره احسبها غلط واندم على اختياري 

اتسعت عينا جمال بدهشة ثم نظر إليها بحده وقال:- 

_ايه اللي انتي بتقوليه ده يا بدريه بتقوليها في وشي كده اتسرعت في الجواز مني و ندمانه كمان، تمام يا بدريه انا مش هحسبك على كلامك دلوقتي عشان مقدر اللي انتي فيه لكن لينا كلام ثاني بعدين 

نظرت اليه تلتمع عينيها بغل وكراهية تخرج كلماتها من بين شفتيها كالفحيح:- 

_ولا بعدين ولا قبلين الا اولادي يا جمال مهما كان مين وحبي لي؟ ولا حتى بحترمه عشان سنه زي عتمان مش هسمح لاحد مهما كان مين يدوس على طرف لاولادي.

وقبل أن يتحدث انتفضوا الاثنين بخوف وقلق شديد علي صوت طلق ناري يأتي من غرفة قاسم! تحركت بدريه دون تفكير بخطوات سريعة بذعر الي الخارج حتي تراه ما حدث وخلفها جمال الذي لم يقل عنها شعور وهو يتخيل ابشع التخيلات. 

**
دلفت ناريمان إلي القصر وهي تسير بخطوات سعيده بفرحه شديده وعلي وجهها ابتسامه واسعه كلما تذكر ملامح حورية التعيسة و اخيرا أفسدت فرحتها واقلبت حياتها راسا على عقبا و انتقامت إلي ابنها جاد و جلبت له حقة، اغلقت الباب بإحكام خلفها لتجد ابنها جواد أمامها يهز رأسه بنفي وهو يقول بعدم رضي:- 

_اتمنى يكون وراء الابتسامه دي خير وما فيش مشاكل جايه من تحت راس اللي بتعمليه ذي المرات اللي فاتت

تحركت نحوه الداخل وهي تبتسم بسعادة غامرة تهتف بانتصار:- 

_حوريه استلمت التحاليل النهارده وفتحتها قدام عيني وطلع كلامي صح و الطفل اللي كانت حامل فيه وهي على ذمه اخوك يبقى ابو قاسم، عشان تعرف بس ان امك مش بتقول اي كلام وخلاص.. بس مش هو ده اللي مفرحني انا كده او كده كنت متاكده من التحاليل من اول مره عملتها ،اللي مفرحني ان حوريه طلعت ما تعرفش ان قاسم هو اللي اغتصبها كل ده وأنه ابو الطفل وانهارت قدامي جامد من الصدمه وما قدرتش تستحمل وهو ده اللي بسيتني، اظن مفيش احسن من كده انتقام عرفتها حقيقه البيه إللي كانت بتتحمى فيه 

عقد حاجبيه بدهشة و هو يقول بهدوء :- 

_معنى كده ان كلامها كان صح لما كانت بتقول انها اغتصبت ليله الفرح؟ واللي حصل ما كانش برضاها وانها فعلا ما تعرفش مين ابو الطفل كل ده

اقتربت منه و هي تنظر إليه بأعين تطلق شرارات غاضبة و هي تصك علي أسنانها بشراسة:- 

_ايوه طلع صح ايه هدافع عنها ثاني قدامي ما تنساش انها قتلت اخوك وحرامتنا منه 

لينطق جواد بنبرة حادة و هو يجول بعينه علي كامل وجهها بغضب:- 

_انا ولا هدافع ولا هتكلم انا في مصيبه اكبر دلوقتي وانتي ولا على بالك وكل اللي همك تعرفي حوريه الطفل اللي كان في بطنها ابو مين وسيبانه انا وبابا في مشاكل ملهاش حل، مش مبسوطه انا هبسطك اكثر لما تعرفي ان البنك خلاص على اخر الاسبوع اللي جاي هيحجز على الفيلا والشركه لان ما وصلناش لحل معاهم ولا عارفين نسدد اي مبلغ 

هزت راسها ناريمان بعدم اهتمام بضيق و هي تقول بصوت مرتفع و عصبية شديدة:- 

_وانا مالي مش ابوك اللي عمل فيها ناصح وراح ياخذ قرض كبير احنا مش قده ويرهينه بالقصر والفيلا غبي طول عمره ومتهور في تصرفاته و ما بيفكرش قبل ما ياخذ قرارات صعبه زي دي 

تنهد جواد بإحباط شديد وقال بقلق و يأس:- 

_ماما مش وقته الكلام ده خلاص اللي حصل حصل و بابا اخد القرض تقدري تقولي هنعمل ايه دلوقتي لما نلاقي نفسنا في الشارع 

جلست على الأريكة ببرود تام وهي تلعب بخصلات شعرها بيدها باستمتع وسعادة بانتصارها على حوريه لتقول باختصار:- 

_اتكلم على ابوك واحسن خليه يتربى عشان انا حذرته من اللي بيعمله وقال لي ما لكيش دعوه انتي انا عارف انا بعمل ايه؟ ونبقى نروح انا وانت مزرعه جدك و خليه هو مع قراراته العظيمه يشرب بقى. 

**
عندما وجد قاسم حوريه ترفع السلاح بوجه وتريد قتله ظل واقف مكانه ولم يتحرك انش واحد حتي أطلقت حورية الرصاصه بالفعل و انطلقت تجاه رقبته شعر بألم شديد و سالت الدماء بغزارة من رقبته و اتسعت مقلتيه بعدم تصديق بألم أنها فعلتها بالفعل و حاولت قتلة بينما هي فتحت عينيها ببطئ وذعر شهقت حوريه بعنف عندما رأت الدماء وقد انتبهت اخيرا هنا فقط إلي فعلتها المتهوره وجاءت فكره واحده داخل عقلها وهي أنها قتلت زوجها لي المره الثانيه علي التوالي لكن كانت هذه المرة عند قصد! 

سقط منها السلاح بالأرض وهي ظلت تصرخ بقوة بهستريه حتى تقطعت أحبالها الصوتيه وهى تضع يدها فوق راسها بعدم استيعاب وداخلها يتمزق قلبها وسقطت بالأرض تنهار بـ انهيار عصبى حاد وحالتها مخيفه لكنه
إبتلع الآخر ريقه بخوف واقترب منها بلهفة وهو يضغط فوق رقبته يكتم الدماء قائلاً بسرعه:- 

_اهدي يا حوريه ما حصلش حاجه والرصاص فشنك مش حقيقي وانا اللي مبدله بيدي من مده عشان ما تهورش في لحظه غضب واضرب حد بيه 

ورغم إرتياحها بأنه مزال قاسم بصحه جيده أمامها لكنها تألمت لحالها ولحال الذي أوصلها إليه لتظل تشهق ببكاء بعنف شديد وهي تهز رأسها يأسا وفي تلك اللحظة انفتح الباب و دلفت منه بدريه و خلفها زوجها وهي تتساءل بلهفة شديد وقلق:- 

_في ايه، إيه ضرب النار ده يا نهار ابيض ده انت متصوب مين اللي عمل فيك كده 

أخذ قاسم بسرعه المسدس من الأرض بتوتر بينما عقد جمال حاجبيه بدهشة وهي يراه حورية بالارض تبكي و تجهش بدون توقف متسائلا بشك:- 

_قاسم انت كويس المسدس ده ازاي وصل هنا ومين اللي عمل فيك كده وضربك، انتم كنتم بتتخانقوا ثاني وحورية هي اللي

ذهبت بدريه بخوف شديد الي ابنتها تطمئن عليها و تنحنح قاسم منهيا جو التوتر الذى شاع نظراتهم الي بعض قائلا:- 

_ما فيش حاجه انا كويس كنت بس بنظف المسدس و الطلقه طلعت غصبا عني في رقبتي وحوريه كانت بتاخذ حاجه من هنا وماشيه علي طول وما لهاش دعوه انا اللي ضربت نفسي بالغلط، وبعدين الرصاص مش حقيقي اصلا 

توقفت حوريه عن البكاء وبدأت شهقاتها تهدأ وهي ترفع عينيها ببطئ نحوه قاسم الذي كانت همسه الخافت المُحمل بعاطفة خاصة بها و اغمض عينه يحاول أن يطمنها، نهضت حورية إلي الخارج تركض وذهبت خلفها بدريه وهي لا تفهم شئ.

هز جمال رأسه بعدم تصديق وهو يقول بجدية:- 

_قاسم انت كويس متاكد ان مش حوريه هي اللي ضربتك؟ هو انت مش عارف ازاي تستخدم السلاح ولا ايه و تضرب نفسك و إزاي اصلا المسدس ده طلع بره المكتب، انت عمرك ما كنت بتستخدمه و ما كانش بيطلع من تحت

غضب قاسم وهو يسأله عما حل قبل قليل بإصرار وشك بها لكنه لم يجيبه بشئ سوى أنه أمره بحده:- 

_خلاص يا جمال هو تحقيق رصاصة طلعت بالغلط وخلصنا وقلت لك مش هي إللي ضربتني آآه وبعدين الرصاصه مش حقيقيه وانت عارف ان أنا اللي مبدله بيدي! انا بس كنت حاطه في البيت بحوش بي لو احتاجته في اي لحظة و الدم ده بس عشان كان المسدس قريبه أوي لما ضربت وشكلها الرصاصة ما دخلتش لجوه أنا كويس ما تقلقش

تنهد جمال وقد بدأ يفهم الأمر وهو يهتف بهدوء:- 

_تعالي أسند عليا ونروح المستشفى على طول لازم حد ينظفلك الجرح انت بتنزف جامد لازم الجرح يتخيط

هز قاسم رأسه بضيق وهو يقول بصوت متعب:- 

_لا لا اطلب الدكتور هنا احسن وانا هستحمل وهات حاجه اربط بيها الجرحه عقبال ما يجي 

فتحت حوريه باب الغرفه حينها لم تتحمل فسقطت ارضًا وهي تنفجر في بكاء عنيف نشيج كان أقوى من قدرتها على التحمل ربما كانت اسبابها جدار يسندها ولكن تلك الحقيقة دمرت ذلك الجدار تمامًا وهي انها كانت سوف تصبح قاتله وتنهي علي حياه قاسم لولا ان الرصاص لم يكن حقيقي ولم يخترق جسده بي نيران الرماد 

كانت شهقاتها تزداد و أن روحها تحترق لأحتراقها، و أن كل صرخة الم تخرج منه تنغرز كالأشواك بروحها التي ارتبطت بها دون شعور منها ،بينما ركضت نحوها بدريه التي أدمعت عيناها بحزن شديد علي طفلتها التي لا تعرف للراحه طريق ابدا هاتفه بنبرة حنونه:- 

_حوريه انتي كويسه ردي عليا يا بنتي ما تقلقنيش عليكي

رفعت رأسها وهي تصرخ وكأنها تناجي ربها باحتراق روحها لعلها ترتاح وهي تهتف بهستريه بصوت مذبذب متوجع:- 

_انا مش كويسه خالص كنت هقتله يا ماما كنت هقتله انا مش عارفه ازاي عملت كده وعقلي كان فين كان هيموت بسببي 

اتسعت حدقتـا بدريه بعدم تصديق بصدمه وهي تدمع بحزن شديد علي حالها ولم يكن لديها سوي احتضانها بقوه حتى تشعرها بالامان حتى لو مجرد مده وسوف تنتهي بعدها وتحل محلها نيران جراح روحها من جديد، احتضنها بدريه بحنان بحت تشعرها أن قلبها هو من يحتضنها وليس جسدها و كان بكاءها شيء يجعل كيانها ترتجف بعنف بدأت تربت على خصلاتها بحنان 

بينما هي متألمة تشعر شعور مُحطم شعور كاسر خاصةً و مريرة كـ شعور خسارة وطنها واصبحت دون ماوى ولا ملجا؟ وفقط تستقر الألم ببواطن روحها. 

لينتهى أخيرا هذا اليوم الملئ بالأحداث بسقوط أبطاله فى نوم عميق هربا من واقعهم المؤلم.

**
في اليوم التالي كانت حورية لازالت علي حالتها مدمر محطم و رفرف قلبها بـ تعاسه عندما وجدت أن أكثر رجل عشقته و وثقت به حطم قلبها و صدمها بما عرفته عنه ولم كانت تتوقعة في يوما إطلاقا و ظلت بعيد عنة تحاول استيعاب الصدمه حتي كاد قلبها أن يتوقف من صدمتها بـ قاسم، فهي تحاول طول الوقت أن تتملك نفسها تجاه و تجعلها راضية بجفاءه قبل وده و كره قبل حبه، عكس قبل ذلك كانت روحها معه لم تكن لترحل عنه و لو انطبقت السماء كما يقولون كانت لا ترى ذلك الذى أنهى علي حياتها بصمت وعدم مبالاة وجعلها تتمسك به وبحياتها معه حتى آخر لحظة جاعلة إياها حتى اﻵن ليس لديها القدرة على الانتهاء من حزم حقائبها والهرب منه فهى تكاد تجزم لو أنها تتحدث مع والدتها إليها لتجبر نفسها على الرحيل وتركه بعد ما عرفته عنه وكيف خدعها.

فهي من شدة غضبها من رقتها التى تجعل عاجزة شكلت لديها حريق صغير يلتهم داخلها و يجعلها تفقد صوابها و منطقها فلا تعلم ما تقولة أو تفعله الان؟ سوى أنها ترغب بالرحيل عنه و الابتعاد من حوله، تتشكل هذه الفكرة فى عقلها وقلبها منذ أن عملت حقيقة زوجها القاسي سوى فكرة واحدة وهي يجيب عليها كره و التزام قلبها بعدم فيض عشقا له، ظنا منها أن رحيلها سيخفف من غضبها. 

زفرت حوريه بعصبية شديدة عندما استمعت إلى صوت طرقات علي باب الغرفة لتجيب وهى تصرخ بعنف:- 

_قلت مش عاوزه حد يدخل لي ولا اشوف حد امشوا وسيبوني في حالي بقي

فتحت هاجر الباب بتردد وظلت مكانها وهي تحمل بين يدها صينيه بها الطعام لتقول مرددة:- 

_ده انا هاجر يا مدام حوريه ممكن ادخل انا جايبه لحضرتك الاكل ما هو ما ينفعش كده لازم تاكلي حضرتك حامل ما تنسيش 

وقد احمر وجه حورية بشده حتى خشيت هاجر إصابتها بأزمة قلبية حادة من كلماتها التي تخرجها بصعوبة من فمها من التعب و الإرهاق الذي أصبحت به واضح عليها:- 

_امشي يا هاجر وسيبيني في حالي وخذي الاكل معاكي انا مش عاوزه حاجه من حد و قولي لي اللي بعتك يبعد عني ويسيبني في حالي عشان انا مش طايقه ولا طايقه اي حاجه من ريحته 

تقدمت هاجر بخطوات بسيطة نحوها و هي 
تبتسم بارتباك مرددة:- 

_ومين قال لحضرتك بس ان الاكل ده من قاسم بيه انا اللي جايبهلك انا ملاحظه ان حضرتك ما اكلتيش حاجه من امبارح وكده غلط طب بلاش عشانك عشان خاطر اللي في بطنك ذنبه ايه 

لترفع راسها تنظر إليها بغضب شديد تحاول تبتلاع لعابها اكثر من مرة لتفشل وهى تعدلت في جلستها أعلي الفراش تشع عينيها بغضب عنيف قائلة بجمود:- 

_هاجر انا مش عيله صغيره خذي الاكل وامشي وانا هعرف كويس اهتم بابني ومش مستنيه حد يقول لي اعملي وما تعمليش ايه؟ و قولي له يريح نفسه وما يفكرش فيا وما يهتمش غير بنفسه وأنا لما اجوع هنزل اكل من نفسي

اخذت هاجر تهز رأسها بائسة علي حال الاثنين وهي تقول بقله حيله:- 

_طب تمام زي ما حضرتك تحبي مش هضغط عليكي، بس ممكن تسمعيني في اللي هقولهلك وما تزعليش مني عشان بادخل نفسي في حاجه ما ليش فيها بس بجد صعبانين عليا انتم الاثنين، ورحمه ابوكي وحياه اغلى حاجه عندك بلاش تتصرفي بتهور وتسيبي غضبك هو اللي يتحكم فيكي وفكري واحده واحده قبل ما تعرفي قاسم بيه زمان لاحظت عنه أي حاجه وحشه وحتى بعد ما عرفتي كويس واتجوزتيه شوفتي منه اي عيب ولا داسلك على طرف وزعلك بالعكس ده كان بيحبك ويتمنى ليكي الخير دائما

التمعت عين حوريه كـ اعين فهد شرس وهي تغمغم بوحشية:- 

_اسكتي وما تكمليش وكلمه تاني زياده بجد المره دي هتشوفي مني تصرف مش هيعجبك ومش هندم عليه زي المره اللي فاتت وهانسى اي حاجه كانت ما بيننا زمان وانا اعتبرتك زي اختي.. امشي من وشي مش عاوزه اي حد من النهارده يجيب لي سيرته قدامي ولا بالوحش ولا بالحلو؟ 

**
اتجهت بدريه الي غرفه طفلها ساجد التي بدأ تقطن بها وتضع اشيائها وملابسها بها وتركت غرفه زوجها جمال بإصرار منها حتي تبعد عنه خلال الأيام المقبلة واصبحت لا تريد ان تري وجهه منذ ما حدث و عرفت ماذا يخفي عنها، التفتت حتي تخرج الي الخارج لتجد جمال يقف أمامها بوجه محتقن بشده حاولت أن تتجاهل إياه وهي تعود النظر إلي الطريق بتوتر و بكل خطوة تشغل نفسها وعقلها بخطواتها حتي لا تتحدث معه لكنه توقف أمامها يمنعها من الرحيل قائلا بحده:- 

_ممكن افهم اللي انتي عملتيه ده ازاي تؤمري الخدم ينقل حاجاتك من اوضتي لاوضه ابنك ،هو انتي مش مراتي ولا ايه 

ابتسمت وسط ضيقها باقتضاب و هي تعلم أن قد أخطأت لكن ما باليد حيلة ليس قادرة علي تخطي صدمتها فيه و حزنها علي ابنتها لتقول باستخفاف:- 

_طب كويس والله انك فاكر ان انا مراتك ولي حق عليك ولي فيك زي ما استاذ قاسم لي فيك، وبدل ما تقول لي حقيقته بتداري عليه وصعبان عليك اكثر من بنتي واللي بيحصل لها من تحت راسه 

ضغط جمال علي أسنانه بغضب مكتوم قائلاً:- 

_بدريه ما ينفعش تحاسبيني على حاجه زي كده انا ما ليش ذنب فيها وبلاش تاخذينا في الرجلين وتضيعي حياتنا عشانهم، بالطريقه دي الامور هتتعقد ما بيننا اكثر وصدقيني هتخسريني 

هتفت بدموعها بحسره ويأس مرددة:- 

_اخسرك! هو انت فاكرني لسه ما خسرتكش انا فقدت الثقه فيك اصلا يا جمال من قبل ما تزيد جوايا، يا خساره يا جمال كنت فاكرك انت فعلا الامان لي و اولادي وهتقدر تقف قصاد اي حد عاوز ياذي حد منهم، بس تقدر تقول لي دلوقت إزاي هاشتكيلك من ابنك و ازاي وهتجيبلي حق بنتي منه قولي يا جمال هتقدر تعاقبة وتبعد عن قاسم عشان اللي عمله في بنتي ودمر لها حياتها 

اغمض عينه بقوة بصمت ولم يتحدث بينما نظرت إليه بسخرية بعيونها تشع خيبه الامل هاتفه بألم:- 

_شوفت سكت ازاي عشان الاجابه صعبه هو بالنسبه لك فعلا ابنك اللي ما خلفتوش اللي قبل ما تقابلني وتشوف بنتي واكيد هتختاره هو، عشان كده انا بعفيك و ببعد يا جمال لان احنا الاثنين للاسف ما ينفعش نكون مع بعض في الوقت ده بالذات طالما مش هنقدر نواجه مع بعض اللي جاي ولا انت هتبقى معنا 

فتح عيناه يتطلع فيها بحنان و هو يتحدث بهدوء :- 

_احنا مش في معركه يا بدريه ولا سباق عشان ابقى مع مين ولا ضد مين عشان تحسبيها كده؟ 

هزت رأسها برفض ببطء بحزن وهي تقول بخفوت:- 

_لا احنا للاسف في معركه وصراع ابتدأ و ملوش نهايه ولو هتقدر تجيب لي حق بنتي وتبعد عن قاسم انا اللي هفضل جنبك ومش هاسيبك بس انت انطقها دلوقتي بس

نظرت جمال نحوها عددا لحظات بوجه جامد ثم هتف بجدية:- 

_لو ما مصره تحسبيها كده يبقى للاسف فعلا الاختيار هيكون على قاسم يا بدرية لان قاسم مش ابني وبس قاسم الحاجه الوحيده اللي عرفت اطلع بيها من الدنيا ولما بيتوجع انا بتوجع قبل منه، ولما بيزعل ما بعرفش النوم غير لما زعلة يروح ويصفى ويعرف ينسى و يعيش قاسم شاف كثير وانا كنت معاه خطوه بخطوه فمش هينفع اسيبه دلوقت في نصف الطريق.. وكل اللي انا حاسه دلوقت تجاه قاسم هو نفس الالام انتي حساها تجاه بنتك ومش قادره تتجاهليه، وهتبقى انانيه مني لو سيبته يواجه كل ده لوحده 

أخفضت رأسها بإحباط بيأس لتتحدث بحزن و هي تقول بجفاء:- 

_يبقى ما تلومنيش على اللي بعمله ولا تزعل مني من اللي لسه هعمله! يا جمال 

**
فى غرفة اسامه أنهت حورية اطعام طفلها و وضعت أياة بالفراش ثم تحركت حتي تاخذ أغراضها لتدلف تستحم لكن لم تجد ملابسها كثير لها بداخل غرفه طفلها التي أصبحت تختبئ فيها منه ولم يتبقى سوى أغراضها الموجودة بغرفة قاسم تنهدت حوريه بضيق شديد و توجهت لجناحها مع قاسم لجلب أغراضها بخطوات بائسة مهزومة، مهزومة بالحرب الوحيدة التى أرادت خوضها وهى حربها ضد قلب قاسم القاسى الذى لم تلين له وتسامح 

تحركت تخطو أولى خطواتها نحو عاطفة جديدة عليها لم تشعر بها إلا معه عاطفة حارقة بغضب شديد أنثى تجاه رجلها كان حبيبها لكن أصبح الآن عدوها! 

دخلت جناحها و حمد لله أنه ليس هنا و توقفت لحظات بالغرفه لا تصدق أنها بعد أن عاشت أسعد لحظات بسعادة غامرة بداخل هذا الغرفه التي كانت تشهد على حبها إلي بعض، بدأت اثاثها بخنقها بشده ولا تطاق العيش هنا حتي لا تتذكر كيف استطاع قاسم أن يخدعها و تصدقه بهذه السهولة تنهدت تحزم نفسها بقسوة شديدة فمن الان يجب عليها التعود على حياتها الجديده من دونه؟ 

لن ترى حبيبها مرة أخرى ولن تتنفس نفس الهواء المحيط به ولن تملى عينيها بحسنه فهو بالنسبة لها كان أفضل الرجال دون أن ترى غيره ولا تريد أن ترى غيره، تحركت بخطوات ثقيله لجلب أغراضها من الخزانة وظلت تسقط بها الأغراض بشرود وهى تتسآل للمرة التى لا تعلم عددها لم فعل هذا بها؟ ألا تشعر ناحيته ولو حتى مره بسيط بقلبه القاسي، كيف لم تشك به ولو مرة واحدة لماذا شكت بالجميع و غيره لكن هو لا؟ بل كانت لا تصدق شئ مثل ذلك عنه من الأساس تكاد تقسم أن هذه الصدمه جعلتها تقسم روحها إلي نصفين وجعلتها واحده أخري لا تعرفها تحمل كره وغل تجاه الجميع.

وقد تلاشت جميع تلك اللحظات بسبب كلماته عن جرحها الذي تسبب فيه هى تعلم يقينا أنها لن تستطيع العيش بدونه بعد عشقها الكبير له، و لن يسد أحد مكانه و لن تشعر بتلك المشاعر التى تنتابها بوجوده مع أحد غيره و لم تتحمل تلك اﻷفكار التى تراودها لكن ما باليد حيله فـ الألم والخزه يخترق قلبها ويعتصرة بقله حيله قاسيه دون رحمة.

كانت لا ترى شيئا أمامها من شدة غضبها تقسم أن تلقنة درسا قاسيا لن ينساه فى حياتة، ذلك الخائن الذي سلب قلبها وعقلها وملك كيانها كله وتريد أن ترديه قتيلا وتغادر منزله، تركت ما كان بيدها و انهارت أرضا مستندة على فراشها لا تستطيع تمالك أنفاسها ودموعها لاتتوقف وكل ما يدور بعقلها أنها لن تستطيع، لن تستطيع تحمل كل ذلك الألم أصبحت فوق طاقتها الضعيفه.

اتجه قاسم لغرفة اسامه التى تسكنها حوريه فيها مع طفلها لكنه وجد طفله فقط وحيد بالغرفه اقترب منه باستغراب و قبل وجنته بحنان، وعندما لم يجدها أيضا بالمرحاض فذهب ليبحث عنها بجناحه فتح الباب فارتد على الحائط محدثا صوت عالى و وجدها بها بعض اﻷغراض موجود أرضا وبعدها هى مكتومة على اﻷرض ومتكئة على الفراش غارقة بموجة بكاء شديدة جعلتها لم تلتفت حتى للباب هربا من يراها أحد بهذا الشكل الضعيف، اعماه قلبه المتيم علي بكائها واتجه إليها مسرعا ينتشلها من اﻷرض رافعا لها و امسكها مرددا بقلق شديد:- 

_حبيبتي مالك.. أنتي كويسه؟ 

رفعت عينها الدامعة له ببطء تجاه قاسم الذي كان يجاهد للحفاظ على ثباته وهو يتنهد بخوف شديد و اضطراب اصبحت امامه تمامًا كانت عيناها تنطق بالكثير ولكن فاهها لا ينطق بشي يلتزم الصمت الذي يقتل كل خلية به، ودون مقدمات كانت تصفعه بعنف صفعة دوت في الارجاء صفعة لم تكن مجرد ألم جسدي بل كانت اكبر من ذلك بكثير كانت نقطة تحولها بـ انهيار شيء وتصلب وهي تصرخ وسط
شهقات بكائها مختلفة وتهدرة بغل:- 

_انا عمري في حياتي ما اندمت قد ما أنا ندمانه دلوقت على موافقتي على الجواز منك يا قاسم، انا بكرهك وبكره اي لحظه ضعفت فيها و طوعت قلبي وامنتلك وبكره الصدفه اللي جمعتنا ببعض، انا ازاي ما كنتش شايفه حقيقتك كل ده 

صمت قاسم ثواني بثبات وكان هو يحدق بها مذهولة مصدومة، لكنه رغم غضبه الشديد من فعلتها ضغط على نفسه و تمالك أعصابه، و اقترب منها وبحركة مباغتة كان يجذبها من ذراعيها لتصدم بصدره العريض وأنفاسه تضرب عنقها الذي يتوق للمساته ومشاعره مهتاجة تتصارع مع فوران عقله في تلك اللحظات كانه يفجر بحور من الشوق و الندم داخله ثم ردد بصوت هائج من فرط انفاسه الاهثه:- 

_عشان انا مش كده و أنتي اول واحده اغلط معاها الغلطه دي، ما ينفعش لمجرد غلطه واحده تعلق لي كل المشانق وتنسي كل حاجه عملتها معاكي زمان كويسه، يا حوريه حاولي تركزي انا قاسم حبيبك انا كنت كل حياتك و امانك مش كده 

حوريه وقد استوحش في ثانية و نسيت ما عاهدت نفسها عليه سابقة و نظرت لـ قاسم بنظرة مخيفه و لم تجد حورية إلا آخر ورقة لديها للضغط عليه:- 

_مبقتش تعني لي أي حاجه وقريب جدا هتخلص منك وابعد عنك مش هتشوفني ولا تعرف مكاني ولا انا ولا اولادي، انت ما تستاهلش الحياه دي انت لازم تتعذب زي عذبتني طول حياتي 

ألجم قاسم نفسه حتى لا يلكم زوجته على غبائها فالكل يعلم أن حورية تهيم عشقا به وهو يعيش فى دوامة عذابه الخاصة به، فهو لا يريد الضغط عليها و يزهق روحها الغاليه له بل يريدها و يرجعها لصوابها:- 

_حورية من فضلك اسمعيني انا

دفعته للخلف بعنف وقسوة شديدة وسمع كلمتها التي كانت كسهم قاسي انطلق ليصيب قلبه الذي يتلاطم بين امواج عشقها وقسوتها الغير معهودة اطلاقًا:- 

_ابعد عني وما تقربليش وخليك بعيد وارجوك كفايه تدعي عشقك ليا عشان اللي بيحب بجد ويعشق حد بيحس بي ومش بياذي اما أنت خليتني احس إني ظالمة و قاسيه وجرحك لي حسسني بالاهانة و الذل، خليتني بعد ما حسيت ان انا اسعد واحده في العالم وطلعتني السماء ولمست النجوم بيدي فجاه نزلتني على جدور رقبتي، حياتي في غمضه عين اتقلبت وكله بسببك أنت

اغمض عيناه يحاول اسكات ذلك الجنون الذي تخلقه الشياطين داخله بسبب كلماتها ليزمجر فجأة بصوت عالي فيها جعلها تشهق بذعر:- 

_تمام خليكي كده بس خليكي فاكره حاجه كويسه ان انا عمري ما هبعد عنك ولا هسيب ولادي يتربوا بعيد عني فـــاااهــمــه

صمت وهي ايضا لكن عينه كانت تتحدث بالكثير والكثير بالألم ومن ضمن الحديث كان تتساءل بلهفة ألا يوجد امل لأنال ذلك الغفران، لكنها تجاهلت و صرخت فيه بانفعال:- 

_يا اخي ربنا ياخذك و ارتاح منك ابعد عني وما تظهرش قدامي ثاني، انا طول الوقت وبحاول افوق من صدمتي واعرف اعمل ايه في حياتي الجايه مش طايقه اشوفك ابعد عني يا قاسم عشان المره الجايه هموتك بجد وانت جربت قبل كده وعارفني، بلاش تخليني اعملها تاني واضيع نفسي على واحد زيك ما يستاهلش ساعه واحده بس سجن 

ثم تحركت دون كلمه وداع وهي تصفع الباب خلفها بقوة بينما هو انظاره جامدة ولكنها مهزوزة وهو يدرك تماما أنها لم تعد تلك زوجته الحنونه التي عهدت أياه بالتسامح و الغفران دائما، قد رمت في الماضي وسط صراع شياطين والان أصبحت واحده منهم، وأن الألم جعلها نسخة اخرى من الشيطان. 

**
بعد اربع ايام.

جلس قاسم على إحدى المقاعد الحديدية المنتشرة بحديقة منزله يفكر و يفكر بها بجنون، جنون قاده لسؤال ألا يستطيع أن تعود له من جديد و تنسي ما حدث منه و كيف كذب عليها و ألمها بشده لم يعد يراها مثل سابق حتى لو صدفه كانها تريد ان توصل له رساله مؤلمه لا تريد حتى النظر بوجهه و تشمئز منه، أصبح يتنمي ليلة واحدة فقط يقضيها معها توصله فيها للسماء و تجعله يأن فيها بشغف و يحتفظ بها كذكرى فى قلبه يلجأ إليها كلما أهلكه شوقه و أحتضرت روحه و سقم جسده، بدلا من الان يحتفظ بذكريات
مؤلمه تعيسه.

فهو قضي هذه الليالي بمفرده وحيد من دونها ليالي التي أوصلتة فيها للسماء لتتركه بعدها يقضى أياما تعيسة فارغة ويعود فيها يصطدم الواقع الصلبة لتؤلمه بشدة كأنه يعود الى ارض الواقع، واقع مر لا يتمنى ان تطول ليالي عليهن. 

كان معروف دائما صاحب الشخصية الصارمة و القلب الحنون في نفس الوقت لتتشكل شخصيته الجادة الصارمة بعد أن أبعدته ظروفه عن كل لهو يتمتع به من هم فى ذلك السن الصغير، البدايه كان نشأ بدون عائله رغم وجود العائله لكن لا تريده وبعدها ذهب الى دار الايتام لتشهد الايام على معاناته، لتتشكل شخصيته القاسية و الصارمة فلم يكن أى علاقات خارج إطار عمله كما لم ينخرط مع دائره المماثلة له سنا نظرا لعدم توافر الوقت لذلك أو الأهم الثقه بالجنس الآخر.. ماعدا حورية بالتاكيد الذي قابلها صدفه في ظروف غامضه.

لتأتى حوريه بخفة ظلها و براءتها لتحدث زلزالا داخل تلك الشخصية المنغلقة على نفسه لتجعله مهتما بمراقبة كل ما يبدر عنها دون قدرة على منع نفسه، كما أهدته أول إبتسامة كذلك أول ضحكة من القلب و التى ظلت معه طالما طغت تلك الفتاة على تفكيره ..و هو ما حدث ليجد نفسه شخصا آخر لا يعرفها عندما يكون معها هي لا غيرها، لين الطباع غريب عما كان عليه قبل حين،لتتشكل رويدا رويدا أوتار من المحبة و الصداقة و العشق بينهما عوضاً عن حياته سابقآ وقد اعتبرها هي عوضه الجميل عن معاناه وحياته الماضيه بعد أن أستغل جانبها الضعيف و هو يسهر طوال الليل يعد الكثير و الكثير من التفكير فيها وصب كل اهتمامه المثير لها

في الصباح اليوم التالي ذهب جمال بعد أن حصل على قسطا قليل من الراحة بـ غرفته بمفرده دون زوجته بدريه التي أصبحت تتجاهل إياه دائما الفتره السابقه و قد أعياه الجوع فلم يتناول طعامه من فترة طويلة تجاوزت اليوم و نصف ..ليتأفف حينما أنتبه هدوء المنزل من أى صوت واصبح كئيب دون فرح عكس سابق كان دائما القصر تملأ الضحكات السعيده و في غمضه عين ذهب كل شيء مع الريح، مال أتجه للخارج ليفاجأ بـ قاسم جالسا على أحد المصاطب المبنية بالحديقة و مطرقا رأسه فى شرود ،ليعلم جمال من الهالة التى تحيط قاسم بأن ما قد حدث كسر داخله شئ كبير و هذا الشيء ليس جيد، سار جمال ليقف أمام قاسم الذى لم ينتبه له على الرغم من وقوفه أمامه:- 

_وبعدين في حالكم ده ولا انت بتاكل ولا هي وكل واحد حابس نفسه في اوضه، تفتكروا ده الحل ليكم لي انتم بتعملوه وكده المشكله هتتحل لوحدها، اطلعوا و وجهوا بعض أن شاء الله تتخانقوا ثاني بس بلاش كده 

و لما رفع قاسم وجهه ينظر له فقط دون إبداء أى إستجابة كما يتضح الإرهاق الشديد عليه و تهدلت ملابسه و على ملامحه تظهر الحيرة قائلا:- 

_وانت بتقول ليه انا الكلام ده؟ ما تروح تقول لها انا كل ما احاول ادخل لها اديك بتشوف بتعمل فيا ايه ولما بتصدق تشوفني و تقعد ترمي لي كلام مش عارفه بيوجعني قد ايه ،هي ليه مفكرني حجر ومش بحس 

جلس جمال جانبه ليمتنع عن محاولة الحديث إليه و الذى لا يجدى فى حالة جديد ليقول بجدية :- 

_ما كنتش عاوز اتكلم في القديم واقول لك ان انا حظرتك من كل ده هيحصل بس انت صممت انك ولا انا نتكلم في الموضوع وفضلت مصدق نفسك انها عمرها ما هتعرف حاجه زي كده واهي عرفت بي ابشع طريقه ومن مين؟ من ناريمان متخيل طبعا شكلها قدامها كان ايه والفرحه و الانتصار اللي كان في عينيها فاكيد ده كمان تعبها اكثر وخليها تغضب منك 

ضغط علي يده بعصبية من غبائه و عدم سماع النصيحه فقد كشف كل شئ للجميع بسبب تهوره وخوفه ليقول بغضب دفين:- 

_و في الحالتين ده اللي كان هيحصل خلاص وعرفت متاخر ان انا غلطان بعد فوات الاوان و اني بندم وبس كويس كده؟ 

هز جمال رأسه بضيق شديد منه قائلا بجدية:- 

_يا ابني هو انت ليه متخيل ان انا مش عارف كل ده هيحصل، ولا عاوز اشمت فيك انا كنت بتكلم لمصلحتك وانها لما تعرف منك افضل لما تعرف بطريقه ثانيه؟ على العموم خلاص مش ده وقته اللي حصل حصل لازم دلوقت تشوف حل بدل ما ترجع تندم ثاني

مسح علي وجهه يتعب شديد و احباط وقال بصوت خرج مضطربا من خوفه أن تصبح في يوما حقا تكره حورية و تبعد عنه:- 

_انا تعبت مش عارف اعمل ايه قولي انت يا جمال اعمل ايه؟ في امل اصلا ان احنا نرجع لبعض ثاني انت مش شايف بتبقى عامله ازاي كل ما تشوفني بس،يا جمال انا بقيت بشوف كرهها لي في عيونها متخيل في حد في يوم وليله يكره حد كده 

هز جمال رأسه مبتسم بخفه وهتف بهدوء:- 

_ده مش كره يا قاسم ده غضب وخيبه امل منها فيك، الصدمه برده صعبه عليها وعمرها ما كانت هتتوقع حاجه زي كده تحصل ثقتها فيك كانت كبيره وحبها ليك اكبر بلاش تياس كده وتفقد الامل صدقني في لسه أمل بس محتاج منك معافرة شويه وتستحمل سيبها يا سيدي تطلع غضبها كله فيك لحد ما تهدى هي ما تستاهلش منك الصبر ده كل امال فين حبك ليها 

شعر قاسم بغصة فى حلقه وهو يهز رأسه بشرود فهو لم يعقب علي أفعالها قبل سابق، ثم نظر قاسم تجاه جمال وهو لم يصدر فعل منه إلا أنه لم يجد سوى حزن وحسرة و كأنه مجرم تلقى عقابه بصدر رحب واستسلام دون جدوى و لكن بعد برهة:- 

_موجود يا جمال وعمري ما هبطل احبها في يوم حوريه كانت روحي عمرك شفت حد ممكن يستغنى عن روحه؟ اهو انا حوريه بالنسبه لي كده وهتفضل الامل الوحيد اللي خلاني اتمسك بالحياه من ثاني انا من غيرها بجد ضائع مش عارف اعمل ايه؟ واذا كانت عاوزه تنتقم مني وبعد كده هترجع تسامحني انا علي استعداد لي كده و منتظر منها اي عقاب بس تسامحني

لينظر له جمال شارد و لم يرد عليه كدلالة على موافقته على حديثه، ثم ربت جمال علي كتفه الأيمن يطمئنه بإبتسامة واسعة:- 

_هتسامحك ان شاء الله و كل حاجه هترجع احسن من الاول 

لم يعقب قاسم على كلام جمال حتى لا يفقد أعصابه ويتحدث ما بداخله بأنه أصبح فاقد الأمل منذ الآن فلا يعلم إن كانت أعصابه فعلا هائجة ليقول بصوت منخفض يائس:- 

_جمال انا اسف ليك انت كمان بتتعاقب على ذنب ملكش فيه انا عارف وشايف طنط بدريه بتعاملك ازاي وانها كمان نقلت حاجاتها في الاوضه الثانيه مع ابنها عشان مش عاوزه تقعد معاك في مكان واحد بسبب اللي انا عملته في حوريه حقك عليا

حمحم جمال باقتضاب وهو يقول بصوت هادئ بعدم مبالاه زائفة:- 

_ما تشغلش بالك انت وخليك في مشاكلك وانا هعرف ازاي اصالح بدريه بس خليك انت مع حوريه عشان مشورها اطول 

**
في قصر عصام الصريطي.

فتح عصام باب الغرفة بحده و تطلع الي زوجته ناريمان ليجدها تجلس أعلي الأريكة الواسعه تتحدت بالهاتف مع أحد صدقتها بطريقة فظة مبالغ فيها وهي تستند براحة فوق الأريكة امامه وتضحك بصوت عالي على احدى النكات التى قامت بالقاءها منذ قليل 
بينما كان عصام يتحرك أمامها بخطوات عصبية شديدة وهو ينتظر أن تغلق الهاتف حتي يتحدث معها بينما هي متجاهلة إياه بعدم اهتمام 

مما أغضب عصام أكثر وتحرك نحونا بنفاذ صبر منها وأخذ الهاتف منها و حدفه بالأرض بقسوة وعنف، و بحقد و بغل غل داخله بدأ يدعس عليه بحدة اكثر علي الهاتف حتي تحطم أسفل قدميه الي شظايا.

شقهت ناريمان بعنفوان و نهضت سريعاً و 
نظرت إليه بعيونها تشع غضب حتى دوى صوت جهورى هز ارجاء المكان تهتف:- 

_أنت اتجننت يا عصام ايه اللي انت عملته ده 

قد ارتسم الغضب فوق ملامح وجهه فقد كان كالبركان المشتعل وهو يقول بحده:- 

_في داهيه عايز اتكلم معاكي في موضوع مهم وبعدين مش شايفاني جيت بقى لي اكثر من نصف ساعه و واقف جنبك وعمال اشاور لك عشان تخلصي المكالمه تقفلي على طول و تركزي معايا

اخذت تسمع كلماته بعدم مبالاه مما جعل الدماء تفور بعروقه عندما صاحت ناريمان تقاطعه بغل وقد اعمها غضبها وهي تنظر اليه بسخرية لاذعة:- 

_في ايه عمال تزعقلي كده ليه؟ و ازاي تتكلم معايا بالطريقه دي انت هتنسى نفسك ولا ايه يا عصام انا ما حدش في الدنيا يقدر يتكلم معايا بالطريقه دي مهما كان مين فاهم ولا لا؟ 

فقد عصام السيطرة علي اعصابه فور سماعه كلماتها الباردة تلك ليقترب منها يجذبها،و احكم قبضته فوق ذراعيها يعتصرها بشده وهو يصيح بغضب مما جعل عروق عنقه تنتفض من شدة غضبه:- 

_لا مش فاهم وتخلي عندك دم وتتكلمي مع جوزك عدل وباسلوب احسن من كده بدل ما تقفي جنبي وانتي شايفاني كل يوم والثاني في مصايب شكل لا قاعده و بتمرسي حياتك عادي وتتكلمي مع اصحابك وتضحكي وتخرجي وسايباني انا ولا في دماغك

هزت رأسها علي مضض بنفاذ صبر قائلة بضيق شديد:- 

_امال عاوزني اعمل ايه اقاعد جنبك وتشيلني همك انا ما بفهمش حاجه في شغلك ولو كان في حاجه تقدر تعملها كنت عملتها انت بس اديك اهو ولا عارف تحل، انا اللي هعرف 

جز علي أسنانه بغضب مكتوم قائلاً بغيظ شديد:- 

_اه تعرفي وتعملي زي اي زوجه اصيله ما بتعمل مع جوزها وتساعديه باي حاجه تقدري عليها 

لويت شفتها بسخرية لاذعة قائله بتهكم:- 

_وانا ما فيش حاجه معايا اقدر اساعدك بيها اخترع لك من الارض 

تطلع فيها يصيح بغضب و صدره كان يعلو وينخفض بعنف مكافحاً لالتقاط انفاسه بحدة بينما كانت عينيه مسلطة عليها باستحقار:- 

_لا معاكي يا ناريمان وما تعمليش نفسك عبيطه انتي فاهمه قصدي كويس، لو اديتيني نصيبك من ابوك وبعتي مجوهراتك وكمان المزرعه كل ده ممكن يجيب حتي نص الثمن ونقدر نسدد بي عشان يدوني على الاقل مهله ثانيه 

نظرت إليه عدد ثواني ثم انتفضت ناريمان تصرخ:- 

_نعم نعم مجوهرات اللي ابيعها كمان وعاوزني ابيع مزرعه ابويا الحاجه الفضللي منه قبل ما يموت احلم مع نفسك يا عصام بس ابقى اتغطى كويس قبل ما تنام عشان بقيت بتحلم بحاجات عمرها ما هتحصل 

صرخت بألم عندما اندفع نحوها وقبضت يده علي شعرها يجذب خصلاتها بقوة حتي ارجع رأسها الي الخلف صائحاً بعصبية حادة:- 

_انا بتكلم بجد مش بهزر لازم تساعديني وبعدين انتي اللي هتنسى نفسك ولا ايه ما نصف الحاجات اللي عندك بفلوسي وانا إللي بكتبها لك باسمك عشان احافظ على البيت وتفضلي معايا 

ظل يضغط وهو يزيد من قبضته حول خصلات شعرها مما جعلها تصيح بشدة وهي تشعر بألم حاد يفتك برأسها لكنه تجاهل صرختها تلك مقرباً وجهه منها وهي تجز علي أسنانها بغضب قائلة باستفزاز:- 

_لا و انت الصادق بتديها لي عشان اداري على فضايحك ونزواتك القذره وفضايحك إللي كل يوم مع واحده شكل اشيء شغالين وموظفين حتى اصحابي ما سلموش منك وكل يوم مستواك بينزل اكثر و اكثر في نظري لحد ما بقيت بشوفك ولا ليك قيمه عندي عشان كده مش فارق معايا ان شاء الله حتي تدخل السجن بسبب الديون دي برده مش هساعدك
يا عصام

احمر وجهه بعنف لكنه لم يتركها بل رفع يده و صفعها بقسوة شديدة مما جعلها تفقد السيطرة على اعصابها هاتفه بعنف:- 

_آآه انت بتمد ايدك عليا وتضربني يا زباله يا واطي ده انت كنت حته موظف عند ابويا زمان وضحكت عليا وانا عيله صغيره عشان احبك واتجوزك دلوقتي بتضربني أنت نسيت اصلك ولا ايه مش انا اللي تضرب وتسكت انا ناريمان يا عصام مش واحده من الزباله اللي بتعرفهم 

ضغط علي وجنتيها بكف يده يعصرهم بشدة وهو يهمس في اذنها بفحيح غاضب متأملاً ملامح وجهها المتألمة بعينين ثاقبه حادة:- 

_الزباله اللي اعرفهم ليهم قيمه عندك و يستاهلوا والزبالة هو انتي يا ناريمان و قله الاصل بتاعتك ابتدات تزيد من بدري قوي بس انا كنت بطنش بس من النهارده مش هسكت على حقي يا واطيه وغصبا عنك هاخذ الفلوس منك ومجوهراتك وهبيعها بالعافيه هي والمزرعه بتاعه ابوك اللي ما عرفش يربيكي للاسف قبل ما يموت 

لاحظت ناريمان أنه تركها بقسوة وتحرك قاصد الخزانة التي بداخلها المجوهرات فاخذت تضربه بقبضتها فوق يده المحيطه أعلي المقبض محاوله جعله ان يبتعد عن الخزانة وافلاتها لكنه لم يتحرك من مكانه وظل يحاول كسر باب الخزانة لتصرخ بقوه بة:- 

_تعالي هنا انت رايح فين مش هتاخذ حاجه مني يا عصام والمجوهرات دي بتاعتي حقي فيك حقي ان انا فضلت ساكته ومستحمله واحد زيك ما يسواش حاجه يا عره الرجاله و اللي عاوز واحده تصرف عليك 

اندفع عصام نحوها يصفعها بقوة أكبر مره ثانيه وظل يقترب وهو يصفعها علي وجهها مرة اخري و جذبها من شعرها بعنف، اخذت ناريمان تحاول مقاومته والافلات من بين قبضته لكن ما اصابها من ذلك الا انه قد شدد من قبضته حول شعرها يجذبه بعنف اكثر مما جعلها تصرخ بألم وصاح عصام وهو يقرب وجهه منها ينظر اليها بعينين تلتمع بوحشية:- 

_انتي لسه بتغلطي فيا نهايتك هتكون علي ايدي و انا اللي هموتك يا الـ**، اوعي من وشي و وسعي من قدامي احسن لك انا عفريت الدنيا كلها بتتنطط في وشي ومش طايق حد وخصوصا انتي ..بقول لك اوعي 

ظلت تقف أمامه تمنع إياه من الوصول إلي الخزانة،لينظر نحوها بغضب ليبتعد عنها فوراً و يسحب فازه التي تضع فوق الطاولة و يكسرها بالارض بقوة لتقع تحت اقدامهم و صوت قطع الزجاج الصغير تحطمت بينما لم ترمش ناريمان جفن بحركه بل ابتسمت بجانب شفتيها ببرود وهي تراه يجذب السكين التي تضع فوق طبق الفاكهه أعلي الطاولة ويقترب منها بتهديد، أطلقت ناريمان ضاحكة عالياً بحده وهي تطلع نحوه ببرود و سخريه:- 

_ولا هتقدر تعمل حاجه عارف ليه عشان انت جبان ومش راجل كمان يا عصام كنت قدرت تتشطر على إللي ضحكوا عليك ولبسوك في القرض و مش آآة 

و قبل حتي أن تكمل حديثها كان عصام حرك يده بالسكينة تجاه قلبها و لحظات كانت تشعر بشئ حاد يغرس بجانب قلبها و الدماء تسيل منها بغزارة اتسعت عينها بألم شديد لتنظر الي زوجها؟ الذي فتح عينه بجنون و غضب و بقوة غريبة اكتسبها فجأة من الغضب الشديد ولم يدرك ماذا يفعل هو و أخذ يغرز السكينه وهي حادة عدد مرات يطعنها بغل وكراهية شديدة بجسدها ادي أكثر من طعنه وظل يضغط بأخر ذرة لدي من قوة متجاهل صراخها القوي بألم شديد و رعب من تحول زوجها أمامها في غمضه عين الي وحش كاسر دون رحمة! 

ظلت الرؤية تتلاشي بعينها رويداً رويداً و هي تلتقط أنفاسها بصعوبة شديدة والالام تزداد بجنون بجسدها و الدماء تسيل منها بغزارة شديدة و لم تشعر بنفسها الا و هي ارتخي جسدها و وقعت مغشي عليها أمامه، حتي توقف اخيرا عصام و ابعد يده بصعوبة وهو يتنفس الصعداء عالي بحدة و حبات العرق تتجمع علي كامل وجهه و انتشل السكين من جسدها ليبتعد ببطئ و جسده يشعر به يتخدر وهو يجدها ترتجف بأنفاسها الاخيره أمامه بذهول وصدمة و هي تتمتم بشئ لم يسمعه قبل أن تغلق عينها باستسلام تام. 

بينما ظل عصام يتطلع إلى زوجته ناريمان وهي جثه هامدة بالأرض لا تتحرك والدماء تتجمع حولها فقط بغزارة شديدة ابتلع ريقه بصعوبة بالغة و خوف أشد وكانة الان فقط استوعب عقله فعلته الشنيعة، وقعت مقلتيه علي المرايا بالحائط أمامه ليجد نفسه بداخلها وهو يقف ممسك بالسكين بيده وبعض قطرات الدماء علي جسده ويده.

شعر بالدماء تنسحب من عروقه أصبح يتنفس بقوة عالياً برعب و جنون بهسترية ولم يشعر بنفسها وهو يضغط بالسكين الذي بيده فوق نبض شرايينه لتنفجر بركه من الدماء الغزارة تتساقط تحت أقدامه مع دماء زوجته حتي شعر عصام بالهواء ينعدم من حوله فلم يعد يستطيع التنفس وبعدها لم يشعر بشئ الا وغمامه سوداء تبتلعه. 

**
فتح قاسم عيناه ببطء يتطلع حوله بالغرفه ليجد نفسه وحيد داخلها ولم تعد رفيقه قلبة الدرب بها وتنظر إليه بعينيها التى تفيض عشقا وصوت ضحكتها الرقيق تملأ المكان، لم يراها منذ أربع أيام فهي أصبحت تتجنبه أصبحت تختبئ منه حارمة إياه منها بشكل يسلب عقله و يفقده بصيرته و صبره ،الذى نفذ بالفعل بعدم رؤيتها فهي داخل الغرفه مع طفلها تهتم به حتي تلهي نفسها فى حين هو محروم من ذلك مما جعله يفقد صوابه

قلبه محروم من فراشه لن يسمح لها ولو على جثته بما تريد ان تفعله بهم ،ما بالها تلك الفتاة ترغب بالمغادرة فى حين لا يحق لها ذلك،حتى لا يحق لها وهي غاضبة منه تحرمه منها بهذا الشكل فهو كل شئ لها هو من يقسو عليها وهو من يراضيها، حتى وإن قالت إنها لا ترغبه لا يحق لها تتجاهلة على تركه جانب و حين تهدم عليهم المنزل ،بحق الله هى إمرأته.. حبيبته.. عشيقته.. ابنته.. زوجته.. صديقته.. هي الحريه و السجن المقيد نفسها و ذاتها في نفس الوقت.

نهض قاسم بخطوات متعبه الي الخارج و نزل الدرج و تحرك إلي الاسفل حتي وجدها تقف بعيد بالخارج عند المسبح تنظر في الفراغ شارده في حالها الميئوس 

لم يحتاج الأمر كثير ليعرف فما هي شارده بحزن هكذا، تحرك نحوها و يتابعها حتي توقف قاسم أمامها مباشره لترفع رأسها إليه انتظام أنفاسها وحدة عينيها فبدلت نظرتها الغاضبة ﻷخرى خاصة بهما ،فبادلها عتابها بعتاب آخر لحرمانه منها أثرت على انتظام أنفاسها وجعلتها تخفض عينها بصعوبة، وصمت بعد أن قابلته عيناها متسعتان تمتلئتان عتاب و حزن منه، عتاب ذكره بآخر اصطحبه وهو يفتح فمه و همس و إعتذار بـ عينه قبل قلبه المجروح من البعد و المعامله الجفاء.

هو مركزا نظراته على تلك التى لم ترفع عينيها له لتروي شوقه لها ،أشبع عينيه منها فهو لا يعلم متى يجتمع معها ثانية، تلك صاحبه القلب القاسي التى لم تعد تتبعه بل تنهد بحزن و تهدج بسيط و قد زادت محبته لها لما رأوه من تأثرها من البعد عنه، ظل مكانه منتظرا انتهائها بوجهها الصلب جامد لا يتضح عليه صفحة أخري بشي.. ولكن داخله يكمن لهيب يتآكله من حزنها الواضح الدال على تأثرها بمعاملته معها و فعلته، لكن نظراته ظلت عليها يشبع نفسه و يبثها شغفه و عشقه بشكل يجعلها تنسى؟ 

و يجعله نفسه يتعجب من القدر الذى يجعل من سبب وضعهما سعيدان دون نهاية بينما تتقطر التعاسة من وضعهما الان دون حل ..وهو يحاول بشدة محاربة الطرق و المسافات التي أخذتها هي بينهم و حبست نفسها بعيد عنه وحيد بل حبيبه 

لكن هل لـ النسيان عنوان أصبح موجود وظل في قاموس حورية، هل من الممكن ان تنسى جرحه لها و تنسى تشوه جسدها بـ اغتصابه وتنسي كذبه و اخفاء الحقيقه عنها، فهو يريدها تنسى وتنسي و تفكر في فقط قاسم حبيبها وزوجها و والده أطفالها تنهد بحسرة متمالكا نفسه فـ من الواضح أنها فقط مجرد احلام ورديه ليس لها صلة بالواقع. 

الدقائق التالية كانت مجرد هامش لتلك الحياه التي ضيقت جدرانها على روح تلك المسكينة وهي تتمنى لو يخبرها احدهم ان ما يحدث الآن مجرد كابوس و سوف ينتهي ولكن بدا واقع مرير قاسي على القلب عندما هزها علي وهو يسحبها إليه ولكن حوريه نفضت يداه عنها وهي تصرخ فيه بجنون:- 

_إبعد عنى متلمسنيش 

نطق بصوت واهن بعض الشيء ولكنه مازال محتفظ بخشونته:- 

_ممكن بلاش تقولي لي الكلمه دي كل شويه 
انتي مش عارفه بتعملي في ايه ..انتي بتدبحينى يا حورية 

كانت دموعها تهبط بصمت وهي تهمس بقلب يرتجف حرفيًا كالرعد الذي يدوي مفجرًا شظاياه:- 

_وانت ما ذبحتنيش لما عملت كده زمان فيا، اسكت خالص يا قاسم وابعد عني وسيبني كفايه اللي عملته فيا زمان ودلوقتي كمان خدعتني شهور طويله وانا كنت مغيبه ومش فاهمه ولا عارفه تقربك مني كل ده ليه؟ وليه كنت راضي تتجوزني وانا كده انا فهمت ليه بس دلوقتي انت كنت عامل فيها دور الراجل الشهم اللي ما بيرضاش بالظلم وبيساعد المظلوم وبيجيب الحق لاصحابه 

كان قاسم متصنمًا مكانه وكلماتها تتردد على أذنه مثل الصعقة لكنها حقيقة وكان يعلمها بأن ذلك سوف يحدث ولكن عندما حدث شعر وأنه سقط مصطدم بصخرة الواقع اصدرت ضيجًا عاليًا قاسيًا، فصرخت فيه بانفعال وهي تدفعه بعيدًا عنها:- 

_وعرفت ان كل اللي انت كنت بتعمله معايا تمثيل في تمثيل ومش حقيقي والحقيقه الواحده في حياتي هي أنك زي ما كنت بتديني زي ما كنت بتاخذ قصاده كده، و أخذت قصاد مساعدتك وطلعتيني براءه و خلتني اقدر ابص في عيون الناس وانا حاسه اني مش مذلوله و مكسوفه من نفسي، بس ما طلعتش الراجل اللي انا كنت بتخيله دائما و حبيته كل حاجه كانت حواليه وهم وانا صدقت للاسف

زفر قاسم بصوت مسموع يحاول احكام قبضته على اعصابه حتى لا تنفجر وفي الوقت ذاته يعلم أنه سيعاني حتى ينال غفرانها، هتف متنهدًا بعمق وهو يقول مستنكرا كلماتها قبل قليل كلها:- 

_غلط يا حوريه كل حاجه كانت حقيقه وانا فعلا حبيتك ولسه بحبك مش هنكر إني عملت كده في البدايه عشان اتخلص من احساس الذنب عشان ربنا يسامحني بس بعد كده حبيتك فعلا 

نظرت له بحدة وكانت عيناها تشع منها اشمئزاز أصاب قلبه بألم لتنطق من بين أسنانها :- 

_وهو انت اللي زيك يعرف ربنا اسكت خالص وكفايه عشان انا مش هاصدقك ثاني مهما تقول وتعمل، مهما تعمل هفضل اكرهك وبس

اقترب منها ثم تابـع بخفوت ولأول مرة يتوسل لشخص هكذا فـ خسرتها والموت بالنسبة له وجهان لعمله واحده:- 

_حوريه ارجوكِ لازم نتكلم ارجوكِ! لما نتكلم و تسمعيني في حاجات كثير هتتغير وتعرفي ان انا كمان مظلوم، وما ينفعش تحكمي عليا وتزعلي مني كده بالقسوة دي وتنسي لي كل حاجه حلوه عملتها 

اشتدت اعصابها التي كانت وكأنها موضوعة على مرجل فهمست بصوت حاد دون أن تنظر له:- 

_مش عاوزه اسمع مبررات فرغه لإلتهامك خليها لنفسك مجرد بس ما بشوفك ولا اسمع صوتك بقيت بقرف منك و اشئمز وانا بفتكر ازاي طوعتك واتجوزتك وصدقتك وخليتك تقرب مني ثاني 

وفي تلك اللحظة إنفجرت كل مشاعر قاسم الندم غرق نبرته الأجشة والتوسل كان باطنًا سميكًا لها وهو يقول:- 

_يعني ما فيش اي امل تسامحيني وتسمعيني أنا مستعد تعاقبيني اي عقاب وانا هستحمل عشان استحق ده بس سامحيني 

تطلعت فيه بجمود وهي تتوعد له بثور بجنون بينما الاخر صامت تمامًا وهي تردف بصوت  سلبت منه الرحمه والمغفره و روحها فقط تبقي كأشلاء تغوص في عرض بحر الظلمات دون نجاء:- 

_مستحيل!! عشان ما فيش حاجه هترجع اللي راح يا استاذ قاسم، لما ابقى اموت ابقي تعالي اقف قصاد تربيتي واطلبها مني ممكن ساعتها وانا بقابل وجه كريم ابقي اسامح انما في الدنيا لا

هز قاسم رأسه بقله حيله و كان يثق تمام الثقة أن كل ثبات حوريه وصلابتها تلك تخفي في بواطنها انهيار مُعلن في عيناها اللامعة بدموع القهرة هو ادرك تمام الادراك أن حوريه اصبحت نقطة ضعفه في الحياه واصبح هو ضعيف امامها ولا يريدها ان تتركه و ترحل وهذا اخر ما يتمناه ،زفر بعنف وقله حيله وهو يراها تتحرك بالفعل لتغادر بسرعة نحو الاعلي نظر هو في أثرها وداخله شيء مغموسًا بألم حاد يعتصر قلبه باليقين أن التسامح أصبح خارج إطار حياتها.

وقبل أن يتحرك ليغادر هو الأخري سمع صوت هاتفه يرن برقم شقيقه جواد عقد حاجبيه بجمود ثم وضعت الهاتف على اذنه وقبل أن ينتظر الرد صاح بعصبية حادة بسبب جراحة الغائرة:- 

_خير يا جواد بتتصل عاوز مني ايه، الست والدتك ناريمان لسه عاوزه تنتقم مني وبتفكر في انتقام ثانيه قول لها ان خلاص اللي هي عاوزه حصل وخليها ترتاح وهي فرحانه بانتصارها عليا، عشان انا دلوقت بعاني من تحت راسي اللي عملته 

ثم بدأ يخفض صوته دقيقة وجاءه الرد بصوت ضعيف منكسر يبكي بحرقه شديدة و يهمس بكلمات غير مفهومة رد بصوت غريبة رجولي اجش:- 

_انا مش فاهم منك حاجه انت بتعيط كده ليه؟ هو ايه اللي حصل؟ أهدي و اتكلم براحه واحده واحده عشان افهم مين اللي مات! 
يتبع 

            الفصل الخامس والعشرون من هنا 

لقراءة باقي الفصول من هنا 



تعليقات