رواية حوريه بين انياب شياطين الفصل الثالث3 والرابع4 بقلم خديجه السيد
خطوتين فقط و شعرت بكفه تقبض على يدها لم تفهم أى صاعقة تلك التى أصابت جسدها مباشرة امتدت من كفها الصغير المحاصر داخل قبضته القوية لتصل مباشرة نحو قلبها الذى كانت ارتجافته هذه المرة أعتى من سابقاتها و قبل أن تحاول فهم ما يحدث وجدت نفسها تُشد بقوة، فى لحظة واحدة كانت محاصرة بين ذراعيه التى أحاطت إحداهما بخصرها اتسعت عيناها و عقلها يحاول إستيعاب ما يحدث لتجد جاد هو من جذبها إليه ويتطلع الي قاسم بحده كأنما فقد عقله السيطرة عليه وعندما سأله لماذا صافح خطيبته علي غير العاده بالنسبة لي جميع الفتيات الاخرى أجاب ببرود "لا يريد احراجها لذلك صافحها"
وبعدها تركهما و رحل بعدم مبالاه بينما بعد قليل انسحب جاد للداخل السياره و معه حوريه و شقيقها ساجد جلس في الخلف، نار غضب شديدة هو تلك التى شعر بها جاد و رغبة عارمة فى قتل لذلك قاسم عندما ظهر أمامه و صافح بيده علي حوريه وهو المعروف عنه لا يفضل مصافحه فتاه وغير نظراتهما الي بعض يمكن عقله توهم لذلك، لكن هو متملك ولا يريد أن ينظر إليها أحد بإعجاب غيره.
اما حوريه الذي كانت تجلس جانبه تنهدت بحرارة و هى تنظر إلي جاد الذي يجلس جانبها حسنا بعد كل شئ مازالت لا تستطيع إتخاذ هذه الخطوة وهي أن تطلب منه الانفصال بهدوء ربما من الأفضل أن تتشجع الان افضل أن تتعذب بعد ذلك في حياتها القادمه، وتحاول معه مره ثانيه حتى يقتنع من نفسه على الأقل هذا ما تستحقه فعله، أغمضت عينيها و هى تهمس بصوت مسموع" جاد ما ردتش عليا في اللي كنت بكلمك فيه من شويه هتقول لي جده، كده ان احنا اتفقنا على الانفصال عشان حاسين مش هنقدر نكمل مع بعض "
نظر إليها بطرف عينه وهي يسوق السياره قائلا بجفاء" بس انا مش فاكر ان اتفقت على حاجه معاكي ذي كده"
جزت حوريه علي أسنانها بحده مكتوم"انا عارفه ده، امال انا بكلمك ليه دلوقتي عشان نتفق"
ابتسم جاد بسخرية وقال بجدية" بقول لك ايه يا حوريه ريحي نفسك عشان اللي في دماغك ده مش هيحصل وكل حاجه هتكمل وجوازنا هيتم في ميعاده، انتي بقى شايفه انه مش نافع فـا دي حاجه ترجعلك انتي مش ليا"
اتسعت عينا حوريه بغضب شديد وهي تقول"
جاد هو انت واخذ بالك من كلامي انا مش عاوزه اتجوزك وكل حاجه بتم غصب عني، هترضى تتجوز واحده مش عاوزاك وانا بطيق تشوفك"
صف سيارته أمامه فيلا عتمان زاهي ونظر إليها بابتسامه بارد جدا" معظم الجوازات بتبدا كده يا روحي، لكن انا متاكد بعد كده هتموتي فيا مش هتبقي بس بتحبيني"
ثم أمسك يدها وقبلها باستفزاز قائلا" تصبح على خير يا روحي"
اشتعلت عيناها بالغضب من جديد و قطبت حاجبيها و هتفت من تحت أسنانها و هى تدفع بكفها من بين يده محاولةً الإبتعاد عنه" تصدق الغلط عليا انا عشان فكرتك بني ادم بجد وبحاول اكلمك بحسن نيه، يلا يا ساجد"
**
دخلت حوريه غرفتها و استلقت على فراشها و تركت لدموعها العنان و هى تتذكر كلمات جاد حين جربت محاوله معه حتي يبتعد عنها ولا تورط نفسها في ذلك الزيجة التي سوف تحدث رغم عنها، في حين طرقت بدريه غرفة ابنتها ،طرقاتها الرقيقة التى تعرفها جيدا حوريه فاجابت لها سامحها لها بالدخول
دخلت بدريه وكانت في تلك اللحظة أطلقت تمهيداً طويله مما أثار فضوله والدتها متسائلة بقلق"مالك يا حوريه في حاجه يا بنتي ضايقتك النهارده في الخروجه"
حوريه وهي تضع يدها على قلبها وتسبل بعيونها وتتنهد" حاجه واحده بس! ده في حاجات"
تحكمت بدريه فى دموعها بقوة كعادتها و رفعت رأسها ترسم إبتسامة صغيره على شفتيها و هى تهتف" في ايه بس مالك خير قلقتيني"
تنهدت تنهيده من قلبها وتاملت والدتها ونزلت دموعها اللي كانت محبوسه في صدرها يمكن لانها رأت المجال أمامها لتفصح ما بداخلها أخيرا" يعني مش عارفه مالي يا ماما وبعد كل اللي انا فيه لسه بتسالي، مفروض أبقي فرحانه صح وانا ليا جد بيعمل معانا كده عملناله ايه في حياتنا وحش عشان يعاقبنا كده، وأكل حقي وحق اخويا وحقك في نصيبنا في ورث ابويا الله يرحمه اللي مش عارفين ناخذ معاه حق ولا باطل.. مش بابا قبل ما يموت كان بيقول لنا ان لي ورث من والدته وغير انه كان بيشتغل مع جدو سنين طويله ويكبر شغله .. بس اول ما اتجوزك جدو طرده ومنعه من الفلوس دي "
كانت تهمس لها بكل أوجاعها و كأنما شعرت والدتها بما يعتمل فى روح ابنتها الغالية فهمست و هي تقترب تجلس أمامها " وانتي بس يا بنتي عاوزه الورث تعملي بي ايه، ما احنا اهو الحمد لله مش ناقصنا حاجه"
كانت تدفع بالدموع إلى عينيها وهي تقول" لا ناقصنا كثير يا ماما، ناقصني اهم حاجه نعيش بكرامتنا من غير ذل ولا تحكم وبعدين ده حقنا لازم ناخذه منه ونبعد عنهم ،ما هو وزع ورثه علي بنته واحفادها اشمعنا احنا هيفضل لحد امتى يفرق ما بيننا.. في كل حاجه بسبب الطمع إللي في.. و غيري أنه عمال يبيع ويشتري فيا انا وانتي ويا ريته على كده وبس لا كمان عاوز يجوزني غصبا عني لي واحد مش بحبه ولا هو كمان بيحبني ..وكل ده و لسه بتسالي يا ماما في ايه"
حضنتها والدتها بقله حيله ومسحت على رأسها بحنيه وقالت" معلش يا بنتي طب احنا في ايدينا ايه ما هو الواصه علينا بعد ابوكي انا هحاول معاه عشان ناخد نصيبنا منه و اكيد هيجي لنا وقت ويدينا نصيبنا"
هتفت حوربه متسائلة بسخرية" متاكده يا ماما من الكلام ده كان اديكي انتي فلوسك حتي، ليه ما حاولتيش معاه كده من الاول ليه ما رفضتيش ان احنا نيجي نقعد معه ونرضى بالذل والاهانه "
أحاطها بذراعيها تضمها إلى صدرها فى حنان والدموع التمعت في عينيها كم هى فى حاجة إلى هذا الحضن الدافئ تحتاج بشدة لتقول بدريه " من قالك يا بنتي ان انا ما حاولتش ورفضت بس هدتني بيكم كان هياخذكم مني"
هتفت حوريه وخزة الألم في صدرها "عشان هو واحد ما عندوش ضمير وانتهازي عاوزني طول الوقت مذلولين لي ،عمري في حياتي ما هسامحه على اللي عمله معايا ومعاكي"
تنهدت قالت لتغير الموضوع مرددا" طب سيبك من الموضوع ده مالك مش طايقه خطيبك ليه احنا لسه في بدايه ما شفناش منه حاجه وحشه"
اجابتها حوريه بتعب ويأس" ماما ما تحاوليش انا عارفه بني ادم ده كويس اصلا من قبل ما يجي يتقدم، ده بتاع بنات ومش محترم وانا اصلا شاكه انه بيعمل كده عشان ينتقم مني عشان رفضته قبل كده"
**
في الصباح،في قصر عصام الصريطي، بالتحديد داخل غرفه جاد كان يجلس على الأريكة براحه وهو يمسك الحاسوب يبحث في الانترنت عن بدل أفراح ومناسبات وفي ذات الوقت دلف جواد شقيقه التوأم لينظر إليه جاد قائلا بحماس" جواد.. كويس انك جيت كنت لسه هاروحلك تعالي اختار معايا بدله الفرح "
أغلق جواد الباب ونظر إليه بضيق" بدله فرح ايه هو انت فعلا هتتجوز هو انت مش ملاحظ ان لعبتك دي طولت قوي اخرت اللي انت بتعمله ده ايه"
هز رأسه جاد بعدم مبالاه وقال ببساطة" اخرتها فرح وجواز "
اقتربت منه وجلس جانبه هاتف بجدية " جاد ركز انت بتعمل ايه انت بتعمل مصيبه، لا انا ولا انت بتوع جواز انا فاهم كويس انك اتقدمت ليها ليه؟. عشان اللي ما عرفتش تطوله في الخطوبه تطوله في الجواز وانت لحد دلوقت مش لاقي سكه معاها سيبك منها احسن و دور على غيرها مش من قله البنات "
أجاب و هو يشعل السيجارة التى أخرجها من علبة سجائره لينفث دخانها أمام عينىّ جواد الحانقتين ببرود" بس هي عجباني وانا عاوزها"
ضيق جواد عينيه و هو ينظر نحو دخان السيجارة فى ضيق قبل أن يمد يده لينتزعها منه قبل أن تلمس شفتيه مرة أخرى ليرميها بعيدا قائلا" برده ! طب ما فكرتش بعد اللي انت هتعمله بعد الفرح اهلها هيسكتوا انت بتفتح علينا مشاكل ما لهاش نهايه "
نظر نحوه بعصبية وهمس"اسكت بقى و وطي صوتك هتفضحنا شايفني عملت حاجه لسه، انت مكبر الموضوع ليه ما فيش حاجه هتحصل من إللي في دماغك"
تنهد جواد مجيبا"ما عملتش دلوقت بس قريب هتعمل انا فاهمك من البدايه واللي بيدور في دماغك وعاوز تعمله"
نظر إليه جاد قائلا وهو يقرب الحاسوب ببرود" ما قلتليش ايه رايك في البدله دي "
اغتاظ جواد من برودة وهتف بغضب"ماشي يا جاد براحتك على الاخر بس ما ترجعش بعد كده تدور عليا وتقول لي تعالي ساعدني عشان انا خرجت نفسي من الموضوع ده .. انا مش ناقص مشاكل و وجع دماغ وانت مش صغير وعارف بتعمل ايه"
**
كانت جومانه تجلس أعلي فراشها وهي تمسك بيدها خصلات شعرها تدلك فروة رأسها بخفة وفي اليد الأخري تمسك الهاتف وعلي ثغرها ابتسامه سعيده وهي تطلع إلي الرسائل النصية التي كانت بينها وبين جاد حيث خلال الشهر الماضي قد نشات بينهم علاقه ما، فقد اعجبت به جومانه و حاولت التواصل معه والحديث وهو رحب بذلك بالطبع، اعتقدت هي أنه حب! لكن بالنسبه إليه كانت مجرد تسليه لا اكثر!
وبدون مقدمات فتح باب غرفتها والدتها ميسون حين وجدتها جومانه توترت بشده حتي سقط منها الهاتف ارضا، لتنظر لها بملامح جامدة ثم سالتها قائلة بحزم" ايه مالك شوفتي عفريت اتخضيتي كده ليه"
نفضت جومانه الغطاء للجانب ونهضت من الفراش متوجهة نحو الهاتف بسرعه تغلقه قبل ان ترى والدتها الرسائل و وقفت تحاول تهدئة أنفاسها الثائرة في محاولة فاشلة منها لكبح غضبها من فعلت والدتها لتقول " ايه يا ماما مش تخبطي حد يدخل على حد كده"
ضيقت ميسون عيناها بتساؤل هاتفة بامتعاض ظهر علي ملامحها" كنتي بتكلمي مين في التليفون اول ما شفتيني قفلتيه واتخضيتي كده"
أصابتها القلق مما تتفوه به والدتها نحوها بشك واضح وامتدت يدها تخفي هاتفها خلفها وقالت باسلوبها البغيضة" ايه الافوره دي وانا هاعمل كده ليه؟ تلاقي بس بيتهيالك"
كادت أن ترحل جومانه من الغرفه لكن
أمسكتها ميسون من يدها هاتفا بخشونة وهي تقول بعنف"بنت انتي انا مش مختومه على قفايا، انا واخذه بالي كويس أوي من حركاتك تأخير كثير بره وتليفونات كثير واول ما تشوفيني مقربه عليكي تقفلي وتخبي التليفون، وكل ده كوم وحركاتك يوم خطوبه حوريه قوم تاني مع جاد خطيبها، ايه من قله الرجاله ما لقيتش غير ده"
انكمشت ملامحها بذعر أن تكون والدتها قد شعرت بشيء لتقول بتوتر" وانا مالي وماله ما فيش حاجه من اللي في دماغك من الكلام ده انا بتاخر بره عشان دروسي الامتحانات قربت زي ما انتي عارفه"
تنفست بوجه ممتعض وملامح يعلوها النفور لتقول" يا ريت يكون كده عشان لو في حاجه غير كده صدقيني ما حدش هيقفلك غيري، انا مش ناقصه مشاكل ولا كلام من حد ما يسواش، مش عاوزاهم يقولوا ما عرفتش اربي ولا يمسكوا علينا حاجه، اخر تحذيري ليكي يا جومانه لو في حاجه بينك وبين الولد ده ابعدي عنه حاله"
**
مساءا، قد عزمت ناريمان خطيبه ابنها حوريه علي الغدا حتى ترى غرفتها الجديده الذي سوف تسكن فيها مع جاد بعد الزفاف وطلبت من الجميع التواجد فكان عصام برفقة إبنه جواد و شقيقه جاد بجوارهم يجلسون على طاوله الطعام التي تحمل جميع الماكولات من لذ وطاب وضعت ناريمان الطعام بطبق حوريه
وقالت بابتسامه" كلي يا حبيبتي ما تتكسفيش كلها كام شهرين وهيبقى ده بيتك وتبقي واحده مننا"
دق الرعب قلب حوريه وهي تستمع لحديث ناريمان فلم تشعر بالاولف و الدفء بداخل ذلك المنزل وانها خلال شهور قليله سوف تصبح واحده منهم فهذا الشعور لوحده يقتلها حتي رغم الجميع ينظر اليها بحب لكن تشعر انه حب مصطنع وخلف ذلك النظرات جفاء وكره.
ابتسمت حوريه بصعوبة بالغة وأردفت" شكرا"
تابعت حديثها ناريمان وقالت" بعد ما تاكلي عاوزاكي تشوفي اوضه جاد ولو حابه تغيري فيها حاجه قولي علي طول واحنا هنعمل لك على طول اللي عاوزاه يا عروسه ده انتم هتكون اول فرحتنا"
أمسك جاد يدها يقبلها بعمق وابتسم قائلا
"المكان هيعجبك هنا قوي يا حبيبتي، وماما اهي متوصيه بينا من غير حاجه"
لم تجيب حوريه عليه لكن لا تعرف لما لتلك الكلمات العاديه تجثم علي صدرها كحجر صلب.
انقضاء باقي اليوم في قصر عصام الصريطي بغير احداث جديده، حتي تنهدت حوريه بيأس و ملل ثم تركتها اخيرا ناريمان و ذهبت تحضر الحلو وكانت تجلس وحيده لتنهض للخارج بخطوات بسيطة الى خارج الجنينه تطلع حواليها الى الزهور والاشجار براحه نوعاً ما وهي تستنشق الروائح الذكيه و قدمها تسوقها الي نحوه النصف الآخر من القصر!.
لتلمح شجره جميله تطرح عددا زهور حمراء وجميله الشكل و بتلقائيه قطفت ورده تشم رائحتها بعمق وابتسمت وقاطع الصمت المطبق علي الأجواء فصاح صوت بكلمات هاتف" مش من الاصول برده لما تاخذي حاجه تستاذني من صاحبها"
التفتت برهبة من سماع صوته لتجده يقف في النصف الآخر من القصر يضع يده في جيبه
لم تفهم معنى حديثه لتقول بتوتر" اسفه بس دي مجرد ورده هو حضرتك اللي زارع الشجره دي"
ابتسم قاسم بتهكم قائلا بنفور ظهر جليا علي ملامحه" لا مش انا اللي زارعها بس هي موجوده في النصف بتاعي يعني من حقي"
أخفضت نظرها للأسفل بسرعة تتحاشي نظراته التي تشعرها بالدونية هاتفة بنبرة أقرب للهمس" مش فاهمه قصدك يعني في النصف بتاعك"
تحركت نحوها سوي خطوتين بملامحه المتجهمه قائلا بحده" هو ما حدش قاللك وفهمك الامور هنا ماشيه ازاي ولا ايه؟. على العموم طالما كلها ايام وهتسكني هنا فلازم تعرفي ان القصر ده مقسوم نصفين وانا لي نصف فيه اللي انتي قطفت الورده منه اما النصف الثاني ده تبع عصام الصريطي وجوزك المستقبلي، فتعملي ما فيه اللي انتي عاوزاه، انما ما لكيش دعوه بالنصف بتاعي"
ثم تجاورها قاسم بخطوات أقرب وكانت تقف بعدم استوعب حديثه و بقلب ينتفض بين جنباتها وهي تري يقف أمامها بطوله صمت قليلا ثم تحدث بسخرية أغضبتها" وبالمناسبه انتي كمان واقفه في النصف باعتي"
نظرت له بضيق وقالت"ربع ونصف ايه، انا مش فاهمه حاجه هو مش القصر ده كله تبع أستاذ عصام الصريطي وعيلته"
هتف ونظراته الثاقبة لها أشعرتها بالتوتر الذى انتهي ليحل محله السخرية وهي تسمعه يقول ببرود"تؤ عصام الصريطي لي نصف القصر بس هو وعيلته إنما باقي القصر ليا انا وبس"
أغمضت عيناها بنفاذ صبر ثم تراجعت منه بخطوات هادئة يصاحبها التوتر والخوف هاتفة بخفوت "طب هو انت مش تبع العيله برده و واحد منهم"
نظر له والشرار يقدح بعيناه السوداء ولم تتفوه بشئ من خوفها منه فقال قاسم بشراسة"انا مش تبع حد وما يشرفنيش ابقى تبعهم"
ثم ابتسم بتهكم هاتفا وهو ينظر إلي حوريه التي شحب وجهها بشدة قائلا باستهزاء" بصراحه شكلك انتي كمان مش زيهم ولا شبهم، لا وكمان سبتي الرجاله كلها ورايحه ترتبطي بجاد، انتي اللي رماكي الرميه السوداء دي"
التمعت عيناها بدموع تهدد بالنزول لكنها تمسكت فهي بالفعل تشعر بذلك الغربه نحوهما لكنها مرغومه غصب عنها ثم وقالت بخفوت : اسفه ما كنتش اعرف كل ده اتفضل الورده بتاعتك اهي"
نظر قاسم لها قليلا مجيبا اياها بعدم مبالاه" ما فيش داعي خليها معاكي، سماح المره دي"
عقدت حاجبيها بدهشة كبيرة فهو منذ قليل كان يعطيها دراسه نحو كيف ستعيش هنا من أجل ذلك الورده والان لا يريدها، لكنها شعرت بفداحة فعلتها عندما قطفتها هذه الزهور لترفع يدها إليه بإصرار قائله باحراج" لا ما ينفعش لازم ترجعلك طالما حقك انا اسفه "
كان جاد مشارف الخروج من باب المنزل التي يقطن به يبحث عن حوريه ولكنه صعق من المشهد أمامه كان قاسم يبعد يد حوريه وهي تحمل الوردي وأعتقد عقله أن قاسم يعطيها إليها و يغازلها،اقترب بسرعة عازما علي موته ليقف أمامه يتطلع اليه والشرر يتطاير من عينيه قائلاً بحده" مالك ومالها يا زباله بتضايقها ليه، فاكرها زي عيلتكم المصونه و ذي أمك"
جحظت أعين حوريه بقلق منه ومن وقذارة لسانه وولولت برعب عندك رفع جاد يده يلكمه قاسم في حين جاءه هو لكمه القاسية لتحط علي فكه بعنف اطاحته بالأرض يتالم بشده من الضربه ل جاد إليه بعصبية وهو يتألم" موتك هيكون علي ايده يا قاسم، هتدفع ثمن عملتك دي كتير اوي"
شهقت حوريه بصدمه من فعلت قاسم و تجمدت مكانها ولا تعرف ماذا عليها تفعل لتنظر إلي جاد وهو ساقط بالارض يشتم و يسبه فيه، بينما قاسم يقف بكل برود كأنه لم يفعل شيئا، ومازال يحتفظ بصرامته وعقله الواعي فقال بتهكم" ابقي اتوصي بخطيبك شويه يا آنسه ده برضه داخل على جواز، شكله ما فيهوش حيل اصلا يتجوز"
احمر عينه جاد بعصبية وغيظ ثم أدار قاسم ظهره لهما وتحرك نحوه قصره بهدوء عكس الغضب المتأجج بصدره.
**
في اليوم التالي بداخل شركه قاسم السيوفي، إبتسامة منتشية واثقة ارتسمت على شفتيه و هو يتراجع بظهره قليلا مستندا على المقعد وهو يجلس خلف المكتب و عيناه تنظران فى هدوء نحو رسوماته الجاذبة عندما انتهى منها وهو واثق أنها سوف تصبح اروع وافخم مجوهرات في العالم وتنال اعجاب الجميع وعندما تحرك حتي يلم الرسومات تجمد مكانه وهو يستمع إلى "شكلك مخيف وانت بتبتسم بالشكل ده، يا ترى سر الابتسامه دي ايه و وراها انتقام ولا حب؟!."
كان صوت انثوي انتزعه من شروده فالتفت نحوها وارتفعت عيناه نحو تالا الذى كانت تقف أمامه وتطلع نحوه و على شفتيها إبتسامة رقيق" كنت بتفكر في ايه؟"
عقد حاجبيه و هو يتأمل الذي تقف أمامه من أين جاءت و قد شمر يد قميصه قليلا ليقول بضيق" انتي دخلتي هنا ازاي "
لم ترد تالا فتابع قائلا بحزم" وفين السكرتيره اللي بره ازاي تسيبك تدخلي من غير ما حد يقولي"
اقتربت تالا وجلست على المقعد وقالت بهدوء"اهدا انت مالك متعصب ليه أولا ما فيش حد بره تقريبا السكرتيره مشيت راح تعمل حاجه وانا بصراحه انتهزت الفرصه وقلت ادخل وثانيا بقى عشان عاوزه اتكلم معاك وخوفت ترفض"
نظر إليها قاسم بضيق شديد وهمست وهي تطلع فيه وتتامل ملامحه الجامده " ايه مش هتقعد و تسمعني ممم شكلي كده متضايق مني على العموم مش هاخذ من وقتك كثير "
نظر إليها ثواني بحده ثم جلس مرددا"يا ريت تدخلي في الموضوع على طول"
اتسعت إبتسامة تالا و هي تجيبه "تمام انا لسه واصله مصر من مده زي ما انت عرفت و تقريبا ،وكانت بفكر استقر هنا وكمان عاوز استثمر فلوسي اللي ورثتها من جوزي المرحوم وبصراحه قعدت افكر كثير من اكثر واحد هبقي واثقه فيه وانا باشغل فلوسي معايا وما لقيتش غيرك ادخل معه شريك"
عقد حاجبيه قاسم وهز رأسه بجمود قائلا بس انا ما بحبش الشراكه "
هزت كتفها بضيق مصتنع وهتفت بزعل"بس انا استثناء احنا يعتبر قرايب مش كده، بلاش حتى شراكه فكر لي في مشروع كويس ومضمون انا ما اعرفش اي حاجه هنا خايفه احط فلوسي في حاجه اخسر "
تنهد بانزعاج مكتوم وقائلا"ما تشوفي جاد و جواد بتهيالي هم اولى بالمصلحه دي "
ضحكة قصيرة انطلقت من بين شفتيها قبل أن تقول"ومتهيالي برضه انت كمان عارف انهم مش بتاعوا شغل ولو سمعت كلامك و رحت اديتهم فلوسي هابقى زي اللي بارمي فلوسي في الارض، عشان خاطري ساعدني انا اول مره اطلب منك طلب ما تكسفنيش "
صمت قاسم قليلا قبل يتحدث بجدية "مابحبش اخد قرارات بسرعه سيبيني افكر مهله وارد عليكي"
ارتسمت على شفتيها إبتسامة منتشية و هي تنهض قائله"وانا في الانتظار ..باي"
**
بعد مرور شهرين،كان الجد قد انتهى من صلاة الظهر و جلس يقرأ فى مصحفه قليلا، حين سمع دوت طرقات صغيره مترددة فنادى سامح بالدخول، دخلت حوريه بتوتر وقالت" ممكن ادخل يا جدو محتاجه اتكلم معاك في موضوع مهم"
أغلق الجد مصحفه و وضعه جانبا و عدل من وضع نظارته فوق عينيه و هو ينظر نحوها وأشار يدا مرتجفة قليلا بفعل السن و هو يقول" خير اصل انا مش بتفائل بيكي ولا انتي ولا امك، اقعدي"
انزعاجت من حديثه ذلك لكن حاولت تجاهل الأمر برقتها المعهودة و إبتسامتها الحنونة و هى تقترب تجلس أمامه قائلة " نفسي مره واحده اتكلم معاك ذي اي بنت وجدها ولاني في اللحظه دي اكثر لحظه محتاجه لك فيها نفسي تسمعني وتفهمني"
عقد حاجبيه عتمان وابتسم ساخراً"انا من رايي توفري مقدماتك وتخش في الموضوع على طول، عاوزه ايه يا بنت بدريه ومتاكده ان انا هارفض عشان كده بتحاولي تلف وتدوري بالكلام"
تنهدت حوريه بيأس وضيق هاتفه" انا مش عايزه اتجوز جاد وقبل ما ترفض عشان خاطري اسمعني ده انسان مش مناسب لي ولا مناسب حتى ليكم وبلاش تصدق الوش اللي بيرسموا عليك اول ما بيشوفك "
غمغم عتمان مستنكرًا "وعرفت منين بقى انه مش مناسب لينا"
غمغمت دون أن تجرؤ على النظر إليه "جده انا مش طفلة صغيرة واقدر اميز الوحش من الكويس و جاد شخص اسوء ما تتخيل، انا اصلا مش عارفه اقولها لك ازاي وخجلانه منك بس الشخص ده بيعمل علاقات غير شرعية مع البنات وكل يوم مع بنت شكل، حتى انا حاول معايا قبل كده بس انا رفضت طبعا وبعدت عني وهو اختفى مده ورجع ثاني عاوز يتجوزني،ده حتى أخوه ذات بنفسه حذرني منه ومن عيلته"
عقد حاجبيه باستغراب وقال بعدم فهم" اخوه مين جواد"
هزت راسها حوريه برفض وقالت بتردد وحذر" لا اخوه قاسم.. اخوه بالتبني هو اللي قاللي نصيحه مني تبعدي عني انتي مش زيه ولا شبه وهتعب معه"
احمرت عينيه بغضب شديد وهو يقول بحده"وانتي مالك ومال الولد ده ما لقتيش غير تربيه الملاجيء تسمعي وتصدقي كلامه، ده عصام ذات نفسه مش معترف به ان ابنه وقالي انه حس اكبر غلطه عملها أنه اتبناه، اسمعيني كويس الولد ده تبعدي عنه خالص ولا ليكي علاقه بي ولا تكلميه فاهمه"
ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة وأردفت" طب تفسر به ايه اني بعد مده الاقي نفس الشخص اللي حاول يصاحبني جاي يتقدم لي اثق فيه انا ازاي"
نظر إليها قبل أن يردف "طب وايه يعني في شباب كتير قبل الجواز حاجه وبعد الجواز حاجه، همتك انتي بقى تنسي البنات دول واذا كان عشان حاول معاك ممكن يكون بيختبرك ولما الاقيك يحترمه جئ اتقدم لك "
اتسعت عينا حوريه بصدمه وقالت بعدم تصديق" هو ده تفسير حضرتك للموضوع"
هز رأسه عتمان وقال بضيق" ايوه وبطلي مبلغه بقى في المواضيع انتي فرحك خلاص فاضل عليه اسبوع مش هاجي بعد كل المده دي والغي كل الترتيبات عشان شويه شكوك في دماغك انتي وبس"
صمتت لحظه تنظر إليه نظرة غاضبه ثم هتفت بابتسامه ساخراً مريرة" اه انا فهمت دلوقت انا لو جبتلك كل عيب الدنيا في برده هتفضل على رايك، عشان كل اللي يهمك ان الفرح يتم في ميعاده وتخلص مني"
نظر إليها ببرود ونهض قبل أن يسعل قليلا و هو يقول" طب كويس انك فهمتي اخيرا يلا سيبيني عشان ورايا شغل مش فاضي لك"
نهضت حوريه و تطلعت فيه قليلا ثم هتفت بغضه" اقول لك على حاجه كان نفسي اقولها لك من زمان انت زي ما ظلمت زمان ابويا دلوقت بتعيد نفس اللي عملته وتظلمني، بتحاول تنتقم وتبين لنفسك انك صح وما لكش اي ذنب في اللي حصل لابنك وان احنا السبب وانت الملاك البريء "
اتجه إليها وراح يهزها بعنف "لو في حد اتظلم في الموضوع ده فهو انا اللي بسبب امك انا اتحرمت من ابني سنين و اتحرمت كمان اني اشوفه قبل ما يموت، كان ممكن امك بكل سهوله ترفض وتبعد عنه كانت تسيبه لي اتهنى به وافرح بشبابه قبل ما يموت بعيد عني"
لم تتاثر بغضبه هذه المرة و عادت تحدق في وجهه قائلة وهي تردد"انت السبب انه بعد عنك بسبب انانيتك، لو كنت اتنزلت مره واحده في حياتك و اتخليت عن كبريائك كان زمانه فضل جنبك وفي حضنك، ودلوقت بدل ما تحاول تعوضنا بتنتقم مننا علي حاجه ما لناش ذنب فيها انت اللي ظلمت مش احنا"
غادرت حوريه غرفة جدها وهى تبتسم بمرارة. رغم كل الألم الذى يعتصر قلبها لكنها لن تدعه يغادر أعماقها و يظهر على ملامحها فهي تحتاج إلى قوتها الي الأيام المقبلة.
**
بعد مرور أسبوع،ضغطت حوريه بأصابعها المرتجفة بعنف من التوتر على صدغيها وهي تسمع الأصوات المرتفعه الآتية من حولها لتنظر إلي فستان الزفاف الذي تريدي كان القماش المطرز الذي صنع منه يلوي قامتها النحيفة حيث كان منظره بسيط ويمكن هذا الشي الوحيد الذي اعجبها في تلك الليلة منذ الصباح، وكانت تقف تلك العامله تصفف شعرها حتي تجهز و وتهبط الي قاعة الاستقبال في الطابق الاسفل وتزف علي عريسها جاد!.
رمشت بعينيها ببطء وهي تتنهد بعمق لا تعرف ولا تشعر بشئ مما يحدث حولها فقد مرت الأيام و الليالي بسرعه جدآ وقد جاء اليوم المنتظر حفل زفافها ثم رفعت وراسها تراقب تلك غرفه الفندق التي تجلس فيه
هذه الغرفة الشاسعة و اثاثها من الخشب الاسود الفخم، وابواب الخزائن العالية المزينة بالمرايا تعكس سريرا عريضاً ,يقع في احدى زوايا الغرفة عليه غطاء من قماش موشى بالذهبي والورود الحمراء انه ديكور يليق بزوجة بالفعل،ارتعشت لهذه الفكرة فهي خلال لحظات سوف تكتب علي اسم جاد و يقضوا الليلة الأولى لهما هما.
شعرت بعدم الارتياح من ذلك الأجواء و خصوص ذلك الليله تشعر أنها لم تمر على خير
لترفع عينيها عندما شاهدت بدريه تدخل الغرفة وتقول بإبتسامة طيبه" بسم الله ما شاء الله ربنا يحفظك من العين ويحرسك، طالعه زي القمر .. يلا يا حبيبتي عشان عريستك مستني تحت"
انتفضت حوريه قلقاً وشحب وجهها إحمرارا بضيق عقدت حاجبيها والدتها بقلق وقالت بابتسامه متوتره" معلش تطلعي بره ثواني"
نظرت إليها العامله بتفهم قائله" انا خلاص خلصت مبروك يا عروسه"
خرجت العامله للخارج وأغلقت الباب خلفها بهدوء واقتربت منها والدتها بقلق متسائلة" مالك يا حبيبتي قلبه وشك ليه بس"
نظرت حوريه إليها وعضت على شفتيها بمرارة تهتف بحزن"تفتكر بابا لو كان عايش كان هيرضى بالمهزله دي، كان هيرضى يجوزني واحد مش بحبه غصب عني؟. كان هيرضى يفضل شايفني مش مبسوطه ولا سعيده ويفضل مكمل برضه"
تطلعت بدريه فيها لحظات ثم عانقت حوريه التي شعرت برعشة صغيرة فهمست وهي تلتفت اليها بنبرة مقهوره" الله يرحمه ما كانش بيستحمل نسمه هواء بس عليكم، انا عارفه اني معاكي حق في كل اللي بتعملي وحاسه بيكي بس مهما عملتي ما فيش حاجه هترجع جدك على اللي عاوز يعمله، وخديها نصيحه مني وحاولي تحبي حياتك وتتاقلمي في حياتك الجديده مع جوزك مين عارف ممكن يطلع يحبك بجد ويتغير.. يلا تعالي معايا ربنا يهديكي"
**
تعالت أصوات الغناء بالفرح بالفندق وكانت حوريه تهبط سلالم الفندق و يصحبها عتمان وكانت خطواتها ثقيلة بطيئة ليتقدم عتمان بها حتى وقف امام آخر درج السلالم كانوا المجتمعين حولهما من العائلتين وكان جاد منبعثاً من عتبة السلالم فاقترب منها وهو يرتدي بذلة العرس الغامقة وقد وضع على القبعة قرنفله حمراء ليقترب يأخذ حوريه من يدها من جدها و رفع طرحه الفستان ونظر إلى ملامحها الجاذبة بابتسامه واسعة وقبل وجنتيها بقلبه عميق شعرت هي بالنفور منها.
بينما علي جانب آخر يجلس حازم يراقب الموقف بقلب حزين فقد ذهبت من بين يده بل رجعه، عكس قاسم الذي اشعل نيران سيجارته ببرود قاتل من ذلك الأجواء.
بعد فترة تم عقد القران وسط أجواء احتفالية كبرى بداخل قاعه الافراح بالفندق، وبرغم من حديث والدته حوريه معها أن تعتبر هذا الزواج فرصه صالحه إليها و بمثابة اتحاد عابر سببه الوضع المؤسف الذي تعيشه مع جدها، فانها لم تستطع ان تلجم انفعالها عندما سمعت المأذون يعلن رسميا زواجهما بين الجميع.
ليتجهم فجاه وجه عصام بشدة ينهض واقفا تتحفز كل عضلة فى جسده بتوتر عندما راي جمال أمامه الذي شاهد ردة فعله هذة فيتنحنح قائلا بإبتسامة ساخر" مبروك يا عصام والله فرحتلك اخيرا حد من عيالك هيتلم ويتجوز بدل الصرمحه ليل ونهار مع الحريم"
جز عصام علي أسنانه بحده وقال بضيق" احترم نفسك يا جمال بدل ما اخليك فرجه وسط الناس انت هتنسى نفسك انت كنت حته موظف عندي زمان"
ارتسمت معالم الجمود وقال بجدية" كنت موظف صحيح وافتخر بده عشان ما كنتش بعمل حاجه غلط الدور والباقي عليك اللي مفروض يتكسف على دمه، انت اخر واحد تتكلم اصلا عن الادب والاحترام ده احنا دفنينه سوا بامراه ابنك اللي سايبه ومش هاين عليك حتى في يوم تسال عليه وتشوفه عايشه ازاي، حتى من باب الجميل اللي عمله في ابنك اللي لولا قاسم كان زمانه ميت"
نظر عصام حوله بضيق شديد وهمس" اسكت خالص احنا مش جايين نتكلم في المواضيع دي هنا، وبعدين ما هو ما عملش حاجه بلوشي يعني هو قبض واحنا اشترينا "
وقيل إن يكمل حديثه أستمع الي قاسم قائلا بصوت قوى من الخلف" بتتهمسوا في ايه انتم الاثنين ما تسمعوني "
ليزداد التوتر والارتباك ارجاء ملامح عصام عند رؤيه قاسم وعلى وجوده وسط الحضور ليقول عصام بترتر" ما بنقولش حاجه انا رايحه اسلم على الناس عن اذنكم"
رحل بسرعه عصام بينما عقد حاجبيه قاسم وابتسم قائلا بضحك" انت قلت لي ايه خليته مش عارف بتلم على بعضه كده "
التفت إليه وربت جمال علي كتفه الأيمن قائلا بإبتسامة صغيره" سيبك منه كلمتين كانوا محشورين في زوري وقلتهم تعالي نقعد ولا بتفكر تمشي كتب كتاب خلاص، يعني ممكن نمشي عادي ما حدش هياخذ باله"
نظر قاسم حوله متنهد بعمق وقال " خلينا نصف ساعه كمان وبعد كده نمشي"
استمرت أجواء الحفل بشكل اعتيادي حتي دلفت تالا ترتدي فستان قصير بلون ازرق سماوى و من فوق الصدر ليتدرج اللون حتى اخر الفستان لتلمح قاسم يقف مع جمال أقترب منه بإبتسامة واسعه " ازيك يا قاسم اخبارك ايه وحشتني"
التفت اليها و هز رأسه بجفاء وتحرك يجلس بعيد أعلي طاوله ولكنها اقتربت منه تالا بإصرار ليشاهد ذلك جمال الذي أبتسم بخبث و رحل يجلس بعيد.
صدي صوت الأغاني الرومانسيه لينهض جاد يراقص حوريه زوجته وكان حازم ينظر لها بعشق طفا للسطح مرة أخرى عند رؤيته لها وهي تتراقص بحضن زوجها وعينه تشتعل غيرة علي ذلك المنظر ليهيم بالتحرك من أمامها.
بينما كان يجلس قاسم أعلي معقدع ينظر إلي الهاتف بأهتمام الذي بين يده لتقول هي بملل" هو انت على طول كده شغل ما بتزهقش "
نظر إليها بانتباه ولمح خلفها علي المنصه حوريه تقف أمامه جاد الذي يحاوطها من خصرها بشده ويبتسم وهي تحاول تبادل وما يفعله علي استحياء بوجه خجول ومتوترة تساءل داخله بسخرية كيف ستواجه وتتعايش هذه الفتاه البريئه مع عائله عصام الصريطي، ثم هز رأسه بعدم مبالاه ونظر إلى تالا وقبل أن يجيب عليها أستمع الي صوت جواد جاء من الخلف متحدث" اه والله قولي له يا تالا احسن الواحد حاسس هيموت من كثر الشغل "
نظر قاسم له بسخرية وهتف بفظاظة "وانت لو جري لي حاجه هتزعل برده"
أردف جواد قائلًا بإبتسامة وهي يحمل كأس الخمر"عيب عليك ما تقولش كده انت اخويا برده"
رفع قاسم حاجبيه ساخراً وقال بصرامة" اخوك وده من امتى؟"
تجرع من الكأس الذي في يده فمن الواضح عليه السكر واقترب منه بخطوات غير ثابتة هامس في أذنه بوقاحة" اخويا من ساعه لما امك عرفت تغري ابويا و حملت فيك "
كان الحديث دائر كانت عيني تالا تتوسع بذهول وصدمة من حديث جواد من المعقول ان من يقف امامها هو ابن عصام الصريطي وليس ابنه بالتبني مثل ما يقال؟.
دق الرعب قلب جواد وهو يراه ينهض بقوه متجهه إليه ولو النظرات تقتل لكان أرداه قتيلة الأن جراء ما ارتكبته في حق تلك العائلة ثم اقترب منه بسرعة ممسكا ساعده بقبضته القوية وقبل أن يفعل شيئا ركضت ناريمان بسرعه تقف أمامه تحمي ابنها منه وهي تقول بحده" انت اتجننت ابعد عن الولد عمل لك ايه عشان عاوز تضربه بالشكل ده "
نظر إليها هاتفا بغضب وأعين تتوهج من الغضب"لو لسه باقي عليه خذي وغوري من وشي بدل ما اخليهلك مسخره الفرح النهارده .. وانا نفسي اعملها عشان ابنك ناقص تربيه و عاوزه إللي يربيه "
نظرت ناريمان بحنق وقالت بسخرية" وانت بقى اللي هتربيه"
جذبت تالا بسرعه قاسم من ذراعيه بقوه وقالت بلهفة" قاسم احنا في فرح بلاش نعمل مشاكل تعالي معايا نطلع بره وما تاخذش على كلامه"
لم ينتبه جاد لما يحدث هناك مع شقيقه و والدته بينما كان جسده فى هذه اللحظات كان يتحرك بتناغم مع جسد حوريه على أنغام الموسيقى الهادئة و لا أن كفها كان يتستقر فوق صدره و وجهها المحترق خجلاً وتلاحظ من بعيد ما يحدث هناك ويبدو علي قاسم غضباً من أفعال جواد لتقول بقلق" هو ايه اللي بيحصل هناك ده اظاهر في مشكله"
مط شفته بعدم مبالاه و هو يتابع بلهجة عشق مصطنعة و إبتسامة هائمة " ما لناش دعوه يا حبيبتي خليك معايا انا وبس"
توترت بشده ثم قالت متسائلة باستغراب" هو ايه اللي يخلي باباك يتبنى قاسم رغم انه بيخلف، اصل انا اسمع اللي بيتبانوا اطفال بيكون عندهم مشاكل في الإنجاب، بس والدك الحمد لله ما عندوش "
لوي جاد شفته بسخرية وقال بابتسامه باردة"اصل بابا معروف عنه أنه بيحب دائما يعمل الخير عشان كده اتبنا قاسم ما تشغليش نفسك انتي يا حبيبتي سيبك منه انا مش عاوزك تركزي مع حد غيري انا وبس"
**
في الخارج جلسوا قاسم و تالا في مطعم بداخل الفندق وقد برزت عروق قاسم من الغضب وهو مزال غاضب من ذلك الحقير جواد كل ما يتذكر كلماته الساخرا ،في حين تلمست تالا خصلات شعر قاسم بحنان قائله بصوت حنون" اهدى وبطل عصبيه بقي ما تخليش حته عيل زي ده يعكر مزاجك كده"
أمسك قاسم يدها و أبعدها قائلا بجفاء "انا كويس اهدي انتي"
تقربت منه مره ثانيه وهي تهمس بدلال" ما انا كويسه قدامك اهو قل لي صحيح فكرت في العرض اللي قلتلك عليه "
هتف بضيق شديد وقال بحزم "هو انا لحقت افكر انتي مالك مستعجله على ايه"
اسرعت تالا تهتف وقد ارتسمت فوق ملامحها الجاذبة اابتسامه واسعة" ومستعجلش ليه هي في واحده زي تلاقي واحد زيك وتضيع الفرصه دي تبقي بصراحه غبيه ومش بتفهم وانا مش كده"
تتجهم ملامحه فورا عاقدا حاجبيه ينظر مرة اخري إليها قائلا بجمود" هو انتي عايزه تبقي شريكه في الشغل معايا ولا عاوزه صاحب الشغل "
نظرت إليه بوقاحة قائله" تعجبني اهو كده ابتديت تفهمني .. ايه رايك مش بذمتك عرض احلى من اللي انا عرضته عليك في الشركه "
وضع يده على رأسه وعقد حاجبيه بألم حاد يشعر به منذ الصباح ثم أبعدها بقسوة ونظر الى تالا بوجوم" لا شكرا ما يلزمنيش عروضك دي، خليها لواحد غيري "
جزت علي أسنانها بغضب مكتوم فهو بالنسبه لها مثل الجبل الصلب لا يتحرك ولا ينزاح لتقول برجاء وصوت رقيق مقتربا منه بزعل مصتنع"بذمتك في واحد ذيك بيفهم يرفض بنت جميله زيي، انت مالك قفل كده ليه ذي ما بيقولوا عليك ايه تكونش بتحب وخايف على مشاعرها ما تقلقش مش هتعرف حاجه"
زاد الصداع بقوه داخل رأسه مما اضطر ليمسك قاسم بيديها هذه المرة يضغطها بقوة قائلاً بخشونة قاسيه" حلي عن نافوخي بقى كفايه الصداع علي ماسك دماغي من الصبح "
ترك يدها وهي تتالم بغيظ مكتوم لكنها ابتسمت برفق وقالت وهي تفتح حقيبتها وأخرجت منها برشام غير معروف ومدت يدها إليه به"سلامتك انا معايا برشام كويس جدا ومفعول وسريع وهيضيع لك الصداع على طول.. اتفضل"
صمت قليلًا و تتبادل قاسم مع تالا النظرات بتوجس وخشية ابتسمت فجاه بشده وقالت" ايه مالك خايفه تاخذه ولا ايه ما تخافش مش هادوبهلك وهاحطلك في حاجه اصفر"
ليرفع راسه سريعا وأخذها منها و ابتلاعها من قوه الصداع قبل أن يهتف قائلا بألم لا يحتمل "مش ناقصه استظراف انتي كمان، هاتي شكرا "
اقتربت تالا بالانحناء عليه مقبلا وجنته بقوة أنصدم قاسم من فعلتها السريعه و وضعت امامه أعلي الطاولة كارت ونظرت إليه بملامح خبيث" ده مفتوح اوضتي انا حاجزه هنا اوضه في الفندق هتحتاجلي كمان شويه انا متاكده من كده هتلاقيني مستنياك على نار ..باي"
عقد حاجبيه قاسم باستغراب والم بينما هي لترتسم ضحكة خبيثة واثقة فوق شفتيها ليراها قاسم لكنه لم يستطع فهم الأمر من هذه ثقتها رغم بداخله يراوده شعور، غير مريح ان هذا اليوم لن يمر علي خير ابدا.
**
بعد مرور نصف ساعه وعند خروجهما العروسين من القاعه وسط اصدقاء جاد و جواد الذين ملأتهم الدهشة والفرح حيث كانت قاعات الاستقبال الواسعة تزدحم بمئات المدعووين من الشخصيات ورجال الاعمال ثم توجها جاد الى احد الغرفه بالفندق ليقضي الليلة الأولى ليهما وبعدها في الصباح يسافرون ليقضيوا شهر العسل خارج مصر.
دخلت حوريه الى الجناح المخصص لها في الفندق هي و جاد وتحركت بخطوات مرتعشة خائفة من ذلك الذي يتبعها خلف منها لتسمع غلق الباب و تلتفت ببطء شديد لتفاجىء به يقف أمامها مباشرة وعينه مظلمه برغبة لتشعر بالارتباك وتخبط فى خطواتها عندما رأته ينحنى فوق جبينها يقبله تمسه شفتيه برقة يقودها برقة و يضمها اليه بقوه يضع يده فوق خصرها يقربها بطيئة تسمعه يهمس فى اذنيها بصوت مخيف" مبروك يا عروسه يارب يكون ذوقى عجبك فى الفستان، مع ان انتي اللي محليه الفستان انتي جميله اوي اوي يا حبيبتي".
وعندما شعرت بجسمه يقترب منها، استعادت وعيها ماذا تفعل بين ذراعي هذا الرجل الذي تسخر منه،الحت بصوت مخنوق" ارجوك ابعد"
أطلق ضاحكه قويه ساخراً لتشعر بانامله تمتد الى ذقنها يرفع وجهها اليه يهمس وعينيه تجوب ملامحها لترتكز فوق عينيها يهمس" النهارده ما فيش بعد خالص يا حبيبتي في قرب وبس "
اهتزت حوريه تحمر وجنتيها بشدة من كلماته الغامضة تلك لتراه يخفض راسه مرة اخرى يقبل جبينها من جديد ولكن تلك المرة طالت قبلته فوق بشرتها ليتركها بعد حين ليقربها اكثر الى صدره دون النطق بكلمة بينهم وقفت حوريه تنظر حولها بارتباك لاتدرى ما هو المفترض منها فعله حتى اتسعت عينا حوريه عندما رأته ينظر إلى شفتيها ويقترب حتي يقبلها لكن سرعان ما بحركة مفاجئة توصلت الى ابعاده عنها وقالت بسرعه دون ان ترفع راسها اليه" عاوزه اغير الفستان الاول"
لكنه لم يهتم لها ليسرع إليها يحتصنها بين ذراعيه مره ثانيه بحنان يخفض شفتيه الى شفتيها يهمس امامهم" متعرفيش انا اتمنيت اللحظة دى اد ايه من وقت ما شوفتك"
تنهدت بالم تغشى عينيها الدموع لتقول بصوت مخنوق" جاد لو سمحت اديني وقتي مش هينفع كده، جــاد أبعد أرجوك"
زفر بضيق شديد وابتعد عنها و سمعت جاد يتحدث اليها بجمود" اتفضلي مش هاستناكي كثير ادخلي غيري في الحمام وانا هنا"
تنفست الصعداء بصعوبة شديدة وهزت حوريه راسها بالايجاب بسرعه دون ان ترفع راسها اليه وتقدمت الى المرحاض وأغلقت الباب خلفها بهدوء لاتدرى سببا ماذا عليه فعله في تلك اللحظة فان كان قد اجبرتها الظروف على هذا الزواج و ليس اجبربت فقط بل وتأذت كثيرا ممن تلك الزيجة فهى مجبرة ان تشارك سنوات من حياتها مع شخص مستهتر يردها من اجل رغبته، حتى ولو كان لم ينطق بها لكنها تراها بعينيه فى كل لحظة تنهدت بحسره تذرف عينيها الدموع لتلعن نفسها على لحظة الضعف هذة تحدث نفسها بانه ان كانت قويه عن ذلك كانت استطاعت الرفض ولا ما هي في الان.
أغمضت عينها بقهر وهي تتذكر حديثه والدتها حين حذرتها قائله" بلاش يا حبيبتي تمنعي نفسك عن جوزك اكثر حاجه بيكرهها الراجل انه يحس نفسه مش مرغوب من مراته هو خلاص بقى جوزك حاولي تتعودي على حياتك معاه وربنا يصلح ليكي الحال"
فتحت عينها والدموع تنهمر منها لتتحرك باستسلام تبحث فى اغراضها عن شييء يصلح ارتداءه لتصبح جاهزه الي زوجها، في حين وجدت احدى المنامات القصير جدا وليس هناك غيرها تنهدت بعدم ارتياح من ذلك.
وتقدمت بخطوات بطيئة بفستانها لتتوقف تضع المنامة فوق حوض المرحاض ثم تمد الى شعرها تفكه من تلك العقدة المعقدة ليسترسل فوق ظهرها يغطيه كله لتمد يدها الى الفستان من الخلف تحاول خلعه ليسقط تحت اقدمها العاريتين.
اما في الخارج بعد أن قال جاد كلماته قام بالتوجه سريعا الى خزانة الملابس يفتح احدى ضلفاتها يخرج من ملابس للنوم وهي بيجامه حمرا وعندما مد يده يفك أزرار القميص لي يتفاجئ به هاتفه يرن عقد حاجبيه بانزعاج ولم يجيب عليه و تجاهل رن جرس الهاتف ثلاث مرات حتي بدا يضيق بشده من المتصل الذي يتصل بذلك الوقت حتي صدي صوت رساله و استسلم و ذهب يري محتواياها وكانت كالاتي" انا جومانه يا جاد انا مستنياك تحت في ريسبشن الفندق ولما نزلت دلوقتي هطلعلك وهعمل لك فضيحه"
اتسعت عينا جاد بقلق شديد من ذلك المجنونه ماذا تريد بذلك الوقت وعندما نظر إلي الشرفه خلف الزجاج وجد امطار غزيره تتساقط في الخارج والاجواء ليس جيده مع اصوات الرعد العاليه،وظل جاد ينظر إلى الرسالة لعدة دقائق بحيره شديده ثم تحرك بخطوات سريعة نحو الخارج كي يتخلص من ذلك المجنونه قبل طلوع حوريه!. حتي أنه لم ينتبه الى باب الغرفه الذي تركه مفتوح قليلا من السرعة.
**
في الأسفل، وقفت جومانه بوحه محتقن أمام النافذة تشاهد الأمطار تتساقط وتعانق الأرض معلنة بداية فصل الشتاء حيث تعالي الصوت الجهورى منتزعا اياها من مراقبة المطر هاتف" بتعملي ايه هنا يا جومانا وباعته رساله تهدديني كمان هي وصلت معاكي لكده"
لتغمض عيناها بضيق والتفتت قائلة ببرود" واعمل اكثر من كده هقلب الدنيا عليك عشان مش انا اللي يتلعب بي انت مش قلتلي قبل اسبوع بتفكر ماتتجوز وهتسيب حوريه، واتفاجئ ان النهارده فرحك بالصدفه كنت بتلعب بيا بقى ولا ايه، حتى تليفونك مش عاوز ترد عليا وبتهرب مني"
مسح علي وجهه بنفاذ صبر لا يدرى ماذا يفعل معها ليقول بابتسامه مصتنع" يعني بذمتك يا حبيبتي ده وقت نتكلم فيه امشي دلوقت وانا اوعدك من بكره الصبح هنتكلم براحتنا"
لوت شفتيها بسخرية وقالت بغيظ" موت يا حمار بتضحك عليا ثاني يا جاد عاوزني اسيبك عشان تتهنى بحضن الهانم اللي مستنياك فوق"
جز جاد علي أسنانه بغضب مكتوم وقال" يعني انتي عاوزه ايه دلوقت جاي ليه في وقت زي ده اعمل لك ايه انا دلوقت"
اقتربت منه تهتف بنبرة صارمة" عاوزاك دلوقت حالا تحدد علاقتنا بعد جوازك من الهانم هيكون شكلها وكل اللي كان بينا ده كان ايه، لا اقسم بالله هاطلع و هاوري الهانم مراتك كل المحادثات وكل حاجه كانت بيننا
و وعودك لي انك هتتجوزني انا وتسيبها هي"
زفر بعصبية شديدة وهو يمسح على رأسه من تلك الورطه الذي ورط نفسه بها ويفكر في حل سريعه حتى يتخلص منها وترحل دون افعال مشاكل،وقبل أن يتحدث تفاجئ الجميع بداخل الفندق بقطع الانوار عقد جاد حاجبيه باستغراب وقال بحده" ايه ده في إيه"
تعالي الهمسات بعض الزبائن الموجودين بدهشة وقلق من قطع الانوار فجاه ليقول أحد المسؤولين بالفندق بنبره هادئه " اهدوا يا جماعه ما تقلقوش دي اول مره تحصل والنور يقطع عندنا، اكيد بسبب الامطار الغزيرة
اللي بره حالا هنشوف حل كل واحد بس يقعد مكانه"
تنهدت جومانه بضيق شديد وهمس جاد بخنق وهو يشعل هاتفه" ارتحتي كده اهي كملت المصائب امشي بقى دلوقت عشان أكيد حوريه هتشك لما تلاقيني اتاخرت واختفيت فجاه من الاوضه وهي لوحدها في الظلمه دي"
نظرت إليه وسط الاضاءه الخافضه بسخرية وقالت بغيره" يا حنين خائف عليها، برضه مش هامشي يا جاد غير لما اسمعها منك انت ناوي تتجوزني ولا لا"
**
على بعد مسافه ليست بعيده، اتسعت عينيه النادل بالفندق بصدمة وهي يري قاسم يبتعد سريعا وكاد يتعثر خطواته حتي كاد يسقط ارضا ليسرع النادل بالامساك به بقوة يسأله بلهفة وقلق" مالك يا استاذ ايه اللي حصلك؟"
هز رأسه قاسم عدد مرات بألم لا يعرف ماذا أصابه فجاه لكنه أبتعد عن النادل وقال بوهن" انا تمام"
تركه النادل بتردد وحذر ولكن ما ان تركه لاحظ أنه بعنف يترنح الي الخلف ليسقط فوق الأرض مغمض العينين يأن بقوة من الالم ليسرع اليه النادل مره ثانيه يساعده حتي ينهض وقال متسائلا وهو ينظر إلي كارت الغرفه الذي بيده واعتقد أنه يحجز غرفه بالفندق وقال" تسمح لي حضرتك اوصلك اوضتك اللي في الفندق تعالي اسند عليا"
لم يتلقي اي رد منه يراه مازال مغمض العينين يستند براسه الي الاريكة الذي خلفه يتنفس بقوة وعنف هتف النادل بقلق شديد" يا استاذ انت كويس تحب اشوف لك دكتور"'
فتح عيناه عينه بصعوبة بالغة وقد رأي النادل مدي حالة الضعف التي وصل إليها قاسم وقد اخذ العرق يتصبب من كل جسده يغرق القميص الذي يرتديه، لا يعرف أين هو ولا ماذا يجب عليه أن يذهب ثم هز قاسم راسه بضعف واختناق رافضا قائلا" لا شكرا بس اسندني أقوم "
بالفعل اسنده النادل تجاه السلالم الفندق وسأله إذا يريد منه ان يوصله مره ثانيه حتى الى غرفته لكن قاسم نظر إليه بعدم استعياب فحاول يفهم اي غرفه يتحدث عنها وهو اين موجود،لكن لا يعرف شيئا عن الغرفه التي يتحدث عنها وهز رأسه برفض واسند علي ترابزين السلالم وصعد بصعوبة شديدة وهو لا يعرف اين سوف يصل ليقف في ممرات الغرف الكثير بتوهان والم شديد حتي لاحظ غرفه مفتوح اوهمه عقله انها له و لم يستطيع الانتظار من كثرة التعب الذي يشعر بيه يتحرك نحوها بخطوات غير ثابتة ليسرع بفتح الباب.
**
علي الجانب الآخر بداخل غرفه حوريه تتنهدت بتعب بعد عدة لحظات طوال حاولت فيهم الخروج من المرحاض بهذا الشكل وهي ترتدي ذلك القميص الأحمر الناري الذي تريدي قصير جدا يصل الي قبل ركبتها بحملات رقيقه جدا وقبل أن تحاول تتخلص من خجلها الشديد وتخرج بذلك الهيئه انقطع التيار الكهربائي بداخل الغرفه شهقت حوريه بعنف وخوف شديد" جاد هو ايه اللي حصل .. جاد انت مش بترد عليا ليه من فضلك نور حاجه انا بخاف من بخاف من الظلمه"
لكن لم يأتها رد ارتعشت بخوف من الظلام الذي يسود المكان وخرجت بخطوات مرتعشة تبحث عن جاد لكنها لم تجده بالغرفه لتقول بتوتر شديد وقلق " يا جاد انت فين مش بترد عليا ليه نور اي حاجه بسرعه انا مش شايفه حاجه.. يا جاد رحت فين وسبتني "
أغمضت عينها حوريه بيأس وضيق أن يجيب عليها لتحاول الاقتراب من الفراش تبحث عن هاتف أو كشاف، ولكن قبل أن تخطي خطوه احست كما لو كان تستمع الي صوت من مكان بعيد ألتفتت وهتفت بضيق" جاد انت هنا بلاش لعب باعصابي من فضلك لو بتهزر اطلع انا مش بحب كده"
فى لحظة واحدة كانت محاصرة بين ذراعيه التى أحاطت إحداهما بخصرها اتسعت عيناها و عقلها يحاول إستيعاب ما يحدث و جسدها يرتجف بقوة كأنما فقد عقلها السيطرة عليه، لتشعر ،انامله بتلك الخفقات السريعة بجنون ليخفض راسه مقربا شفتيه من وجهها يمسح وجهه بوجهها ليرتجف قلبها مع أنفاسه الدافئة بطريقة أثارت خوفها منه أكثر و أكثر وهمست" آآ جاد ده انت صح"
لكنه لم يتحدث وكانه ما يحدث خارج إرادته بدا كما لو أن قوة جذب ساحقة كمغناطيس يجذبه نحوها فلم ينطق بحرف، وتوقفت الكلمات فى حلقها حين رفعت يدها علي وجهه لتجد ذقن بوجه و جاد ليس لديه لحيه!.
اخذت حوريه تتحسس وجهه بلهفة ورعب
وهو ظلٌ بقربها إليه بينما هي لم تفهم أى صاعقة تلك التى أصابت جسدها مباشرة، وامتد كفها الصغير المحاصر داخل قبضته القوية تحاول الفرار لتصرخ برعب" انت مين؟. انت مش جاد جوزي ابعد عنــ"
انقطعت جملتها بشهقة قوية و هو يلتقط كفها ليشدها نحوه بقوة ارتجف جسدها فى تشعر بيه لينتفض قلبها وعيناها تقعان فى بركه النار المشتعلتين اللتين جعلتا أنفاسها تحتبس فى صدرها أنفاساها التى إزدادت تهدجاً و ضيقاً و هى تشعر بيه يحاول خلع ملابسها بقوة.
شهقت بقوة وهى تنتزع نفسها من بين ذراعيه لتبتعد و عيناها تتسعان و شعور مرعب بالغزو يجتاحها كانت تتنفس بقوة ،والظلام مزال يسود الغرفه هى تدفع بكفها فى صدره محاولةً الإبتعاد عن نطاق صدره" انت بتعمل ايه ابعد عني انت مين، حــد يـلـحـقـنـي"
وعند تعالي صوتها أنتبه هو و اسرع يكتم فمها بعنف شديد لمعت عيناها بدموع قهر و هى بدأت كما لو كانت تدفع بكفها الصغير حائطاً خرسانياً لم يهتز لحظة بل زاد من ضغط ذراعه حول خصرها يقربها أكثر، تعالت أنفاسها تعود لتتردد بقوة كأنفاسه الحارة التى لامست وجهها غرقت فى تحديه الكشف عن وجهه جسداهما استمرا للرجوع إلى الخلف حتي وصل بها الي الفراش ليهبط جالسا فوقها بضعف ينهج بصوت عالي كما لو كان بداخل سباق للجري ولم ينطق سوي " هشششش"
شهقت ببكاء بحرقه وهي تهز رأسها برفض شديد وهو مزال يكتم أنفاسها ،انتفضت في ارتعاشة غير طبيعية وشعرت برودة اعصابها حين امسك بيدها يجذبها اليه بقوة جعلتها تسقط فوق صدره يرجع بها الي الخلف محتضنا ايها بين ذراعيه لكنها اخذت تحاول مقاومته للنهوض والافلات من بين يديه لكنه وبحركة خاطفة تقلب بها فوق الفراش ليصبح هو فوقها مكبلا لحركتها تماما ليزداد ذعرها تحاول الافلات من بين يديه.
همت حوريه بالصراخ بسرعه عندما أزال يده من فوق فمه لكنه لم يمهلها يسرع بالتقاط صراخها داخل شفتيه يقبلها بعنف شديد و سرعان ما تحولا الى شغف وجنون، لتعلي أصوات الرعد بقوه بالخارج كأنها تصرخ عوضه عنها.
**
في منتصف الطريق كان يسوق عصام الصريطي السياره بصعوبة شديدة وسط الامطار الغزيرة و الرعد تنهدت ناريمان الذي تجلس جانبه بضيق شديد وقالت " ما بالراحه يا عاصم هتتقلب بينا بالعربيه انت مش شايف الجو عامل ازاي، اهي البشاير بدات من اولها رعد وامطار، وشها حلو العروسه "
نظر عصام إليها بطرف عينه وهو يتابع السير" وهي مالها العروسه بس والله شكلها كويسه دي حتى خساره في ابنك، المهم ان الليل عدت على خير وابنك اخيرا هيتلم في بيته ويبطل يعمللنا مشاكل،عقبال الفالح اللي ورانا"
لم يجيب عليه جواد حيث كان نائم في الخلف بعمق من اثار السكر لتقول ناريمان بغضب مكتوم" بالمناسبه صحيح انت هتسكت على اللي كان هيعمله قاسم في ابنك النهارده هو الولد ده ايه فاكر نفسه فتوه كل لما حد يقول لي كلمه مش عاجبه يضربه انت لازم توقفه عند حد"
توتر عصام بقلق قائلا" اه هكلمه طبعا"
نظرت إليه بغيظ مكتوم وقد شعرت بقلق زوجها لتقول بحده"انت ولا هتكلمه ولا هتعمل انا عارفه اللي فيها سيبهلي، انا مش هخاف منك زيك"
هز رأسه بضيق شديد وهمس" خلاص يا ناريمان اسكتي و خليني اعرف اركز في الطريق عشان نروح قلتلك هكلمه"
**
بعد مرور وقت طويل،صعد جاد متعثرة بخطواته بسرعه وهو ينفس بعصبية شديد فاخيرا تخلص من ذلك البغيضه جومانه بعد معاناة طويلة ولم ترحل بعد أن وعدها بزواج وأنه لم يتركها مهما حدث، لكن هو قال لها ذلك حتي ترحل لكنه يقسم داخله ان لم يفوت هذه الحركه لها بمرور طيب،
بينما كانت توقفت الامطار وصوت الرعد تهدي رغم مزال طيار الكهرباء لم ياتي وهو يحمل بيده هاتفه وينور به طريقه حتي لا يتعثر حتي وصل الي غرفته ليتوقف امام الباب يتنفس بقوة وعنف لعدة دقائق في محاولة لالتقاط الانفاسه الهاربة وابتسم بهدوء حتي لا تشك بيه ثم ادار المقبض دافعا الباب بهدوء الي الداخل يبحث عنها وقبل أن ينده عليها تفاجئ بالانوار قد اتت أبتسم براحه والتفت يبحث عنها باستغراب، ليتسمر بذهول وصدمة امام ما تراه عيناه حيث كانت حوريه ساقطه علي الارض فاقده الوعي و ملابسها ممزقه وشبه عاريه وهناك كدمات زرقاء علي جسدها؟!.
الفصل الرابع
___________________
في الصباح، في قصر قاسم السيوفي،استيقظ جمال من نومه في الصباح و بعد أن بدل ثيابه وخرج نحو غرفه قاسم ليتفاجا بان الغرفه فارغه عقد حاجبيه باستغراب وخرج يبحث عنه في باقي الغرف والاماكن لكنه لم يجده هبط للاسفل و وجد هاجر الخادمه بالمنزل تضع الفطور أعلي الطاولة اقترب منها متسائلا باهتمام" صباح الخير يا هاجر ما شفتش قاسم فين"
ألتفتت إليه وهتفت بإبتسامة واسعه" صباح الخير يا استاذ جمال ،قاسم بيه لا ما شفتوش هو ما جاش من امبارح بس بعت السواق ياخذ كام طقم ليه الصبح ومشى"
اندهش جمال وقال بعدم فهم"بعت السواق ياخذ هدوم لي، ليه هو راح فين ويعني ايه ما رجعش من امبارح"
هزت كتفها بعدم معرفه وهي تقول بحيره" ما عنديش خبر هو مش حضرتك خرجت معه امبارح وكنتم راحين نفس المكان"
هز رأسه جمال بضيق وقال بجدية وقلق" ايوه حصل كنا في فرح جاد ابن عصام الصريطي، وبعد كتب الكتاب قلتله نمشي قال لي تمام هاستنى نصف ساعه كمان ونمشي سوا وبعد كده اخر مره شفته كان مع بنت عم جاد و جواد دي، اعتقد كان اسمها تالا ولما لاحظت الجو ابتدا يقلب بره المكان قلت ادور علي قاسم بسرعه عشان نروح بس ما لقيتهوش خالص في الفرح ولا حتى كان بيرد على تليفونه اضطريت اروح و قلت اكيد هو هيروح بعدي لما يخلص اللي بيعمله "
ابتسمت له هاجر ابتسامه رفيقه هاتفه بصوت هادئ "ما تقلقش يا استاذ جمال اكيد في حاجه طارئه خليته ما يجيش امبارح ،جرب اتصل بيه وان شاء الله خير"
اخرج هاتفه وهو يتحدث بشكل جدي قائلا" هعمل كده فعلا شكراً يا هاجر روحي انتي كملي شغلك "
**
مضت عدة ساعات وليلة قاسية وموحشة وهي محطة نفسيا تشعر أنها خاوية ومهملة لا قيمة لها ولا ثقة لديها بكل شيئا حتى نفسها اصبحت لا تثق بيها، لقد تحطمت نفسها بعد أن كانت شامخه قوية ذهب كل ذلك في مهب الريح والان اصبحت مكسوره مهزومه
وخائفة و خاسرة ،في لحظه عندما قتل روحها ذلك المغتصب بالبطيء وبدون حق وبدون شفقة ولا رحمة ذلك المغتصب قضي عليها وتركها محطمة ،آدمي قلبها و روحها في الصميم.
اخذت حوريه تبكى بحرقة تحاول البوح بالحقيقة ماحدث ليلا أمس وتنفي عنها كل تلك الشكوك القاسية التى نالت منها من جاد حين اتهم اياها بأبشع الصفات عندما وجدها بذلك المنظر، ولكن اكثر ما اوجعها هو هروب ذلك اللعين ولم تري وجهه ولا تتعرف عليه؟. لتحاول حوريه بشتى الطرق التحدث لإثبات براءتها وانه ما حدث رغم عنها"صدقينى يا جاد والله اللي حصل كان غصبا عني انا ما اعرفش دخل الاوضه ازاي اصلا والله فضلت اصرخ كثير و امنعه بس ما قدرتش "
همس مستنكّر لا يقوى على التصديق "وانتي بقى عاوزاني اصدق الهبل ده، يعني ايه اطلع اشوفك بالمنظر ده ولما افوقك واسالك عن اللي حصل تقعدي تعيطي وتقولي ليه ما اعرفش هو مين؟"
اخفضت حوريه عينيها الباكية اليه تظهر بهم نظرة اقل مايقال عنها ثم لفظت بصوت متهدج وكأنه أنين أنسان منازع تحمل من الانكسار والالم اطنان قائلة بحسرة وصوت هامس اجش" والله العظيم ما بكذب هو ده اللي حصل فعلا، ما اعرفش مين الحيوان
ده ،انت لازم تصدقني يا جاد عشان هي دي الحقيقه ولازم دلوقت نروح نعمل محضر فيه"
نظر جاد بجمود لها ولم ينطق بكلمة قفز قلبها من صدرها ففالت من جديد ببكاء" انت مش بترد عليا ليه بقول لك انا عاوزه حقي لازم الحيوان ده تجيبه وياخذ جزاءه"
نظر جاد الى حوريه وقال بغضب ظاهر"وده ازاي بقى ان شاء الله وانتي ما تعرفهوش ولا شوفتي شكله اصلا انتي غاويه فضائح وخلاص"
صمتت لحظه فهو محق هي لم تراه ملامح بسبب انقطاع الكهرباء عن الفندق لتهتف حوريه بألم" ما اعرفش بس اتصرف لازم يتعاقب علي عملته، اتصرف يا جاد اعمل اي حاجه خليهم يرجعوا كاميرات المراقب حتي يمكن يلاقوه"
اقترب جاد بوجهه منها ينظر الى عينيها قائلا بسخرية"كاميرات مراقبه ايه بس هو النور كان قاطع عندك في الاوضه بس النور كان قاطع في كل الفندق يعني اكيد الكاميرات مش هتجيب حاجه في اللحظه دي"
همت حوريه بتحدث ما ارهقت فى فقوله فهو لا يريد يصدقها لتقول بهستريا وجنون وهي تنهار حوريه فى بكاء مرير وهى مازالت تردد كلامها صارخة"يعني ايه كده حقي ضاع برده لازم اعمل محضر فيه لازم اجيب حقي منه، وبعدين انت كنت فين وازاي تسيبني في وقت زي ده، انت السبب خرجت وسبتني لوحدي ليه لو كنت موجود ما كنش الحيوان ده دخل وعامل اللي عمله "
توتر قليلا ثم هتف بعصبية شديده ليس له مبرر " اه انتي هتلبسهالي بقى وتجيبيها في، بقول لك ايه يا حوريه صحصحي مخك كده معايا عشان انا مش مصدقه ولا كلمه من اللي انتي بتحكيها دي، عشان ممكن تكون اشتغاله منك اصلا وكل اللي حصل ده برضاكي"
اخذت حوريه تهز راسها بالرفض مع كل كلمة تخرج من فم جاد يقتلها بكلماته تلك حتي صرخت به" ايه التخاريف في اللي انت بتقولها دي انت ازاي تصدق وتفكر في حاجه ذي كده عني، انا مش بكدب واللي حصل ده كان غصبا عني انت المفروض لو كل الناس هيصدق حاجه زي كده عني انت بالذات ما تصدقش غير مراتك .. وبعدين انت مش شايفني عامله ازاي وشايف جسمي يبقي ازاي حصل برضايا "
نظر إليها باستفزاز وقال بجدية" مش ممكن تكون حركه عملتيها بقصد انتي والبيه عشان ما اشكش في حاجه، وما تنسيش برده ان انتي ما كنتيش عايزه تتجوزيني وياما اتكلمتي معايا كثير عشان اسيبك، لما كنت بسالك عن السبب تقولي لي حاسه مش هنرتاح مع بعض.. مش ممكن كنتي عاوزه تسيبيني عشان البيه اصلا ولما عرف انك اتجوزتيني جاء وراكي "
كادت حوريه أن تجهش بالبكاء مره ثانيه وهي تصرخ بوجه "اخرس خالص انا اشرف منك ومن عشره زيك ولما انت شاكك فيا كده كنت اتجوزتني ليه؟. قبلت على نفسك ليه واحده مش متاكد من سمعتها شايف نفسك راجل قوي وبتفهم كنت سبتني من البدايه"
لتأخذ في لمح البصر صفعه قويه علي وجهها بعنف منه وهو يصرخ بعصبية" انا راجل غصبا عنك يا بنـ*** روحي اتشطري على اللي ضحك عليكي،اخر الكلام مش هتتحركي من هنا ولا تبلغي عن حد فهماني ولا لا"
وضعت يدها على وجهها بصدمه وكانت حوريه في ذروة غضبها لذلك لم تستطع أن تكمل عبارتها لشدة أضطرابها ,وبينما هي في أوج ثورتها قائله بضعف "يعني ايه "
مط شفته بعدم مبالاه وقال ببرود" يعني مش ناقص فضائح هتروحي تبلغي عن واحد انتي ذات نفسك ما تعرفيش شكله ولا تعرفي هو مين عايزه فضحتي تبقى بجلاجل والناس كلها تتكلم عني إني ما عرفتش احميكي ويوم فرحك اتعرضتي لاغتصاب، قصر الكلام يا حوريه لما تعرفي شكل البيه يبقى نتصرف ساعتها انما دلوقت تنسى حكايه البلاغ"
رفعت عينيها بصمت قليلا لا تعرف كيف تعبر عن الألم والخزه الذي شعرت بيه في تلك اللحظة فاقتربت منه بخطوات بطيئة ونظرت إليه بملامح جامده وهي تقول بصوت مفتعل "عارف انا كل اللي مستغربه له دلوقت ان كل الناس كانت ضدي لما كنت بقول لهم ان انت اخر واحد ممكن اتجوزه وامنه عن نفسي معاه، وقبل كده كنت رافضاك عشان قله ادبك واحترامك انما دلوقتي مستحيل اقبلك عشان مش شايفك في نظري حاجه وانك مش راجل وكل اللي همك مصلحتك وسمعتك في السوق ومش همك حق مراتك "
وما ان انتهت كلامتها حتى اسرع جاد بأمساكها من شعرها جارا إياها بكل ما يملكه من غضب بالارض و يقزفها بأبشع الصفات و انهال عليها يضربها بقسوة شديدة وهي تصرخ بألم شديد تصيح ان يتركها.
حتي ابتعد عنها اخيرا جاد بأنفاس لاهثه وتطلع فيها بغضب شديد وخرج يجلس بالخارج بينما هي كانت تبدو على حافة أنهيار عصبي لم تقدر أن تنهض من الألم والخزه الذي شعرت بيه وأغمضت عينيها ثم تمتمت بصوت مخنوق" انا عاوزه امشي من هنا مش طايقه اقعد في المكان ده بعد اللي حصل"
**
في ايطاليا.
أحيانًا تمر علينا لحظات ثقيله صعبة و لم تجد من يساندك في محنتك ويواسيك و تشعر وكأن هموم الدنيا فوق رأسك ولم تقدر علي حملها، وتشعر أن في ذلك اللحظة أضعف شخص في العالم عاجز هكذا ما كان يشعر به قاسم يحس بتثاقل في قلبه و يتمني علي أنه وشك مفارقته للحياة بعد فعلته الشنعيه ذلك لا يصدق حتي الان أنه أغتصب فتاه ليس لها ذنب ورحل هارب خارج البلاد وتركها توجه مصيرها المجهول وحيد، يمكن ليس هو هارب بالتحديد لكن يريد البعد و نسيان فعلته الفاضحه حتى و لو قليلا، هو حتي لا يعلم كيف جاءته الجراءه وأخذ فتاه لا يعلم حتي الآن من هي رغم عنها وأخذ شرفها، فهو فاق في الصباح الباكر و وجد نفسه في السياره وحيد و الم شديد في رأسه وبدأ روايد روايد يتذكر كل التفاصيل الليلة الماضية لكنه لم يتذكر وجهها ومن تلك الفتاة.
رغم صرخاتها العنيفة مزال يسمعها داخل عقله تألمه بشده يحاول أن يتجنب هذه الافكار الموحشة ولكن الشيطان لم يتركه لأفكاره وبدأ يمغص عليه بعض الراحة التي يستحوذ عليها، ولم يجد وقتها حل غير ترك البلد لمده قصيره حتي يجد حل لتلك الكارثة.
هو لم يعرف النوم ولا الراحه وقد تحطم قلب قاسم وأنزل يديه بإهمال وعيناه شاردة في الفراغ ومازال تحت تأثير الصدمة، فبالتاكيد هذه الفتاه الان في خطر مكبلة بين براثن موجهه العالم بعد حادث اغتصابها، لكن ما اليد حيله لو رجع مره ثانيه إلي الفندق كيف كان سيبحث عنها و يجدها لذلك فضل الهروب مؤقتا، رغم أن بحاجه شديدة الي التحدث مع جمال يستمد منه قوته بدل أن يصارع الأفكار بالداخله بمفرده، لكنه لم يستطع أن يري نظرات اشتمزاء إليه عندما يخبره فعلته هوي علي أقرب مقعد وكأنه فقد قدرته علي الوقوف وقد هوت دمعة ساخنة علي صفحة وجهه القمحي لم يعرف ماذا يفعل يشعر أنه لا يمتلك غير الضعف، لم يعرف كيف استطاع فعل ذلك شعر بنيران تأكل قلبه بقوة كل ما يجول بعقله كم من العجز والهموم التي تكاثرت عليه، أخذ نفس عميق يزيح به هذه الافكار عنه عندما وجد هاتفه يرن برقم جمال تردد في البداية ثم فتح الخط و أجاب" الو يا جمال"
صاح جمال بغضب شديد وهو يقول" لسه فاكر ترد عليا يا قاسم اللي انا سمعته ده انت ازاي تسافر من غير ما تقول لي، وبعدين اختفت فين امبارح انا دورت عليك كثير ما لقيتكش "
اغمض عينه زفر قاسم بحدة يحاول التحكم بأعصابه قليلا ثم لم يجيب سوي باختصار قائلا" جمال سيبني دلوقت وبعدين ارد عليك انا مش عاوزه اتكلم مع حد، سلام"
**
مازالت بداخلها جزء مكسورة ،لا نجحت الأيام تصلح ذلك ولا الزمن قادر على النسيان مزال الجرح المفتوح ولم يداوي جروحها و أعتقدت أنها ليس أمامها خيار غير التعود علي ذلك الألم كل حين وآخر، و أعتقدت أيضا ان مكتوب عليها وداخلها شيئا ينقصها وليس سوي شعور الأمان!.
مضت ثلاثة أسابيع، على رحيل حوريه و جاد من الفندق كما طلبت و أصرت على ذلك، وانتقلت الي منزل واسعه يمتلكه جاد لكن جراح حوريه لم تبرأ كانت تجلس حزينة دائما تتساءل أن كان هذا هو قدرها أن تنزوي وحيدة وتنزف الى الأبد مع الألم؟ كانت الأيام تبدو طويلة مثقلة بالهموم وتجمد فيها الوقت وتجمد بها الدموع في عينيها وأصبح الليل عدوا لدودا ينخر عظامها ويشد جفنيها ويحرم عليها لذة الرقاد طول اليوم و طول الوقت.
أستلقت تلك الليلة مرهقة على الأريكة وصور الماضي تتزاحم في رأسها تفاصيل قتل روحها تمر عليها داخل عقلها كل ليلة تنهشها التساؤلات وتزرع اليأس في قلبها فتتساءل أن كان عليها أن تسلك طريقا آخر في حياتها كيف هي تعيش داخل هذه الدومة بعذاب ليس له نهاية وذلك اللعين قد هرب بعد أن اغتصابها دون رحمة أو شفقة، كيف يعيش هو براحه الآن وهي هربت راحتها وظل الألم، كيف لم تشتكي عليه حتي يتعاقب علي فعلته ذلك.
فكرت للحظات، لو لم تستسلم الي المغامرات المؤلمه هل كانت تبدلت الحياة؟ هل تري نفسها أستعجلت علي عدم الشكوي للشرطة عنه وهل تري نفسها أتبعت الطريقة الأفضل لأستمالة روحها وجذبها من دائرة نظرات الجميع عندما يعرف ما حدث لها و اولهم اهلها ماذا ستكون ردة فعل الجميع يا تري.
تعالت أصوات شهقات بكائها بمرارة وأحست أن قلبها يعتصر و أنها محطمه داخلية وخارجية و اصبحت ليست لديها روح حتى تقاوم ما سوف يحدث حينها شعرت بالرغبة في الأبتعاد عن الجميع تمنت لو يصطحبها جاد الى مكان خالي من الجميع ولكن كيف تبرر له هذا التمني؟ أيليق بها أن تواجهه وهي أضعف من أن تقف على الأطلال وتبكي و تترجى زوجها أن يقف جانبها ويساندها؟. لكن كيف وهو أول شخص وقف ضدها ومنعها تأخذ حقها، يا الله حتي هي محرومه من ابسط حقها! البوح ما بداخلها وترمي حملها الثقيل في حضن حنونه.
لكن ألم تعلمها التجربة أن الشكوى لغير الله مذله محاولة يائسة لن تعيد اليها الشفقه؟ ألم تستفق أخيرا من أوهامها ,فتعلم أنه من الصعب أن تجد من يقف معها ويساندها و يشاركها المها.
نهضت حوريه ببطء شديد وبجسد ثقيل وتقدمت نحو جاد الذي يجلس يشاهد التلفاز في الخارج بعدم مبالاه مشت الى نحوه مرتعشة أرتفع صوتها قليلا" انا عاوزه اروح لماما شويه اقعد معاها واحتمال ابيت كمان معاها وما تخافش مش هقول لاحد حاجه زي ما قلتلي"
هز رأسه جاد ببرود دون حديث حينها انسابت دموع غزيرة من عينيها لم تستطع أن تكفكفها وهي تتحرك داخل غرفتها تبدل ثيابها لعلها تجد الراحه لو قليله في دف و حضن والدتها.
**
في قصر عصام الصريطي ،كانت ناريمان تتحدث مع جاد وتطمئن عليه حتي فوجئت بالحديث أنه غادر الفندق وذهب إلى منزلهم الذي يستأجرونه أحيانًا وأحيانًا اخر ،يقيم هو وشقيقه جواد وأصدقاء للقيام بالحفلات سهره، استغربت ناريمان بشده من حديثه ابنها ذلك وعندما انتهت من الحديث معه أغلقت الهاتف وذهبت بالخارج بوجه محتقن هاتفه" شفت ابنك عمل ايه باطمن عليه بالصدفه عرفت انه سايب الفندق وراح شقه الزمالك هو ومراته"
عقد عصام حاجبيه بدهشة بينما هتف جواد قائلًا باستغراب" و ده ليه هو مش كان حاجز يسافر بره مصر يقضي شهر العسل ايه اللي خلاه يغير رايه في اخر لحظه"
جلست على المقعد أمامهم مردده محتقنًا الوجه" ما ده اللي مستغربه تلاقي الهانم مراته ما جاش على هواها السفر بره وحكمت عليه يفضلوا هنا في مصر "
ليقول عصام متنهد" هو انتي كل حاجه تلبسيها للبنت يا ناريمان تلاقي ابنك هو اللي رجع في كلامه وما رضاش يسافر، مش جديد عليه كل ساعه بحال"
هزت راسها برفض وهي تفكر وتهتف بحده "برده مش مطمنه لازم اعرف اللي خلاه ابنك يرجع في كلامه وينقل في شقه الزمالك، طب ما لو مش عاوز يسافر ما كان يفضل في الفندق ،تؤ برده في حاجه حصلت حسيت من كلامه اصلا وانا بتكلم معاه وقلتله اديني مراتك اسلم عليها واباركلها، توه في الكلام وما رضيش يخليني اكلمها"
زفر عصام بضيق وقال"خلاص يا ناريمان مش هنفضل شايلين همهم قبل وبعد الجواز ربنا يهديهم مالناش دعوه بيهم، انا لما صدقت ابنك اتجوز عشان اخلص من المشاكل اللي بيعملهالي كل يوم، تروحي تدوري برده على المشاكل حتي بعد ما اتجوز"
نظرت إليه ناريمان ببرود وقالت بغضب "اسكتي انت علي قلبك مروح، انا هقوم دلوقتي البس واروح اعمل له زياره ومش هامشي غير لما افهم من ابنك ايه اللي حصل بالضبط"
ثم نهضت ناريمان تبحث عن الخادمة قائلة بحزم" يلا يا سلمي جهزه الحاجات اللي هنخدها لبيت جاد و مراته عشان هتيجي معايا ونعملله زياره.. يلا قبل ما الليل يليل عشان نرجع بدري"
بينما كان جواد يجلس صامت يفكر بقلق في حديث والدته ولماذا ترك جاد الفندق دون مقدمات لينهض تجاه غرفته وهي يحاول الإتصال بـ شقيقه جاد ليعرف منه ما حدث؟.
**
في ايطاليا ،حرك بؤبؤه داخل حدقتيه ببطئ وهو يجلس بانزعاج عقله يرفض الاستيعاب والتصديق فعلته وغير قادر علي التجاهل وأخيرًا بدأ يحرك جفنيه ببطئ، صدمات تتوالي علي عاتقه خلف بعضهم جعلت عقله شُل من التفكير خاصة عندما يفكر في ذلك الفتاه المجهوله الذي ضاع شرفها بسببه وبسبب غباءه عندما وافق علي اخذ شيء لم يعرف هويته، فتذكر من الممكن ما حدث معه هو سبب ذلك اللعينه تالا و الحبه الذي اعطيته إليه لكن هذا سبب غير كافي لخطئه الفادح معها.
اغمض عينه و زفر قاسم بحزن و عصبيه شديده ونهض حتي يخرج يتجوب في الشوارع حتي ينسي وبعد فترة قادمه قدمه نحوه منزله مره أخري أخرج المفتاح يضعه في الباب ومن ثم فتحته ليدخل ولكن قبل أن يخطئ خطوة في المنزل سمع في المنزل المقبل أمامه أصوات عراج تجاهل في البدايه لكن ازداد الاصوات، اغلق بابه مره ثانيه وذهب نحوه المنزل الذي أمامه وتفاجئ بان الباب مفتوح؟.
ليدلف بتردد الي الداخل واتسعت عينه بصدمة عندما رأي شخص يحاول الاعتدي علي فتاه رغم عنها ابتسم بخبث الشاب وهو يضع أصابعه أسفل ملابسها وهي تصرخ و دفعته بكلتا يديها بقوة لكن لم تقدر ليركض قاسم يحاول يعبد عنها ذلك الشاب و ضربه بغضب شديد اتسع الشاب عينه بصدمة وازداد ضربات قلبه عندما ظل قاسم يضرب به بعنف وقسوة شديدة حتي ابتعد عنه قاسم لينهض ويركض من الرعب للخارج.
تنهد بضيق قاسم و رفع مقلتيه أمامه تلك التي تحاول تخفي جسدها كأنت ذو جسد ممشوق متناسق و بشرة بيضاء ناصعة ذات شعر حريري أشقر تتخلله خصلات ذهبية لامعة و تتميز بعيون ذات لون اسود للحظه ظلت مشدودة أمام عينيه لا تعرف لماذا؟. وهو طال بداخل عينه كأنه يعرفها قبل سابق لكنه نفض ذلك الشعور ثم نهضت بسرعة وهي تصيح بحده باللغه الايطاليه" هل طلبت منك أن تنقذني وتدافع عني لماذا فعلت ذلك"
اتسعت قاسم عينا بصدمة و زفر بحدة يحاول التحكم بأعصابه قليلا بغضب وزمجر بقوة" هل انتٍ غبيه لماذا حتى انتظر طلب منك اي راجل مكاني يجب ان يفعل ذلك ثم كنتي ماذا تريدين ان افعل اتركك حتى يغتصبك حمقاء"
صرخت الفتاه في عناد"انا لست ضعيفه حتى انتظر مساعده من شخص مثلك أو غيرك، وإذا لم تاتي بالتاكيد كنت سوف ادافع عن حالي لا اريد مساعده منك او من غيرك"
نظر إليها بغل وهتف بضيق قبل ان يغادر" تعلمي معك حق في المره القادمه سوف اتركك حتى تموتي واتخلص منك"
ابتسمت الفتاه ابتسامه صفراء بضيق شديد بينما قبل أن يغادر قاسم لمح برواز معلق في الحائط لشخص يعرفه توقف ونظر إليها بشك" هل تعرفي هذا الرجل"
اجابته رغم الحزن الذي ظهر داخل عيناها ورددت"بالتأكيد من لا يعرف الدكتور الشهير ماجد الغندور الذي توفي قبل سنوات، انه والدي"
عقد حاجبيه قاسم باستغراب نظر إليها مطولا" والدك كان رجل صالح الجميع كان يحكي عن انجازاته في مصر والدك ساعد كثير من الناس بعمليات و أنقذ أروح، الرحمه له"
تأثرت به حديثه ثم هتفت بغضب شديد"
ليس انتظر منك حتى تمدح في ابي اعرف هذا هذا، تفضل أرحل من هنا "
هز رأسه بضيق شديد ويأس من ذلك الوقحه و رحل للخارج.
**
في فيلا عتمان زاهي، أرتمت حوريه في حضن والدتها علي الأريكة حزينة وأغرورقت عيناها بالدموع, أنها المرة الأولى التي تشعر بها بحاجة الى البكاء مريرة بلا نهاية تريد البوح و الخرج جميع الألم والخزه الذي شعرت بيه في داخلها، لذلك راحت تشهق مثل طفله صغيره في حضن والدتها، قضت تلك الوقت بداخل حضن والدتها تبحث عن الأمان وتبعد الألم و لو قليلا الذي ينخرها كالأشواك.
ربت بدريه علي كتفها بحنان قائله بقلق بالغ" كفايه عياط بقي وقولي لي مالك بس، ايه إللي حصل لكل ده انتي اتخانقتي مع جوزك ولا ايه"
نظرت حوريه إليها بعيون دامعه وكاد أن تتحدث وتبوح ما فيها لكنها خائفه علي صدمت والدتها وصحتها لذلك تراجعت و لم تستطع الكلام من شدة الأنفعال ,فقالت" لا ما فيش حاجه انا كويسه وحشتيني بس"
أقتربت منها ووضعت يده على كتفها بدفء وقالت" متاكده انك مش مخبيه عني حاجه يا حبيبتي لو في حاجه اتكلمي هو انتي هتلاقي غيري يسمعك ويفهمك يا حوريه"
مسحت دموعها بهدوء مصتنع وهتفت " انا كويسه ما تقلقيش عليا، انتم عاملين ايه "
هزت راسها بدريه وهي تقول بقلق" كويسين يا حبيبتي بس انتي مالك وشك اصفر كده ليه انتي مش بتاكلي كويس ولا ايه انتي تعبانه ولا حاجه"
كاد قلبها أن يتوقف من شكها وأعتلى الشحوب وجهها النضر وهي تهتف" لا انا كويسه بس ماليش نفس ممكن عشان لسه اول مره ابعد عنكم، ماما انا عاوزه ابات عندكم كام يوم واستاذنت من جوزي"
صمتت قليلا ثم هتفت بتردد وضيق" بس يا حبيبتي جدك اول ما شافك داخله ندها عليا وحذرني اسيبك تقعدي كانه كان حاسس انك هتطلبي طلب زي ده ،قالي مش عاوزين الناس تتكلم انتي لسه ما كملتش شهر على جوازك ما ينفعش تبعدي عن جوزك، وهو برده اكيد محتاج لك استني كمان شهرين كده ولا حاجه وتعالى زي ما انتي عاوزه اقعدي"
جزت حوريه علي أسنانها بعنف وهي تطبق أسنانها بغضب ظاهر علي ملامحها من جدها مزال حتي بعد زواجها يتحكم بها لكنها تداركت الموقف وهزت راسها بقله حيله وهي تفكر في حالها.
**
في ايطاليا، مزال قاسم هارب أو بمعنى اصح يتمنى النسيان لكنه مازال غير قادر على النسيان ولا على الرجوع الى ارض الوطن مره ثانيه، وعندما توقفت سيارة الأجرة اسفل منزله هبط منها ليصعد للطابق الخاص بشقته بخطوات متثاقلة،لكنه تجمد مكانه من هول ما رأه بداخل الكافتيريا الذي تحت منزله؟.
عندما رأه نفس الفتاه سليطه اللسان الذي أنقذها قبل أيام قليلة من الاعتداء عليها، كانت تمسك بإبرة طبية بها محلول أبيض تعرف عليه بسهولة وتنغزها في ذراعها وهي مغيبة ثم أرخت رأسها للخلف وعلي وجهها ابتسامة مغيبة كأنها بذلك نالت راحتها.
ثم أخرجت من حقيبتها ذلك المال وأعطته الي رجل يجلس أمامها وهو اعطي لها مسحوق أبيض اخذته منه ونهضت وهي بعالم آخر
حتي كادت أن تقع أرضا لكنه امسكها لتجد أمامها نفس الشخص الذي أنقذها اتسعت عينيها بصدمة سرعان ما تحولت لغضب مميت، وسحبت يدها قائله بحده" اترك يدي وابتعد عني"
لكنه لم يتركها بل سحبها بعنف رغم عنها داخل العماره وأخذ المفتاح الذي بيدها وادخلها منزلها وأغلق الباب بقوة وإحكام والتفت لها مرة اخري ونظرات عيناه تنذر بالشر، للحق ارتعبت هذه الفتاة من نظرات قاسم لتهتف بحده" لماذا جذبتني بهذه الطريقه وماذا تفعل في منزلي اخرج من هنا"
اقتربت منها قاسم ومع كل خطوة يقع قلب تلك الفتاة من الخوف وهمس بنبرة لا تنذر بالخير" اعطيني ذلك الكيس الذي اخذتي من ذلك الفاسد الآخر الذي بالخارج"
وقفت أمامه وقد عقدت ذراعيها أمامه بابتسامه ساخراً وقالت" اوه فهمت ذلك هل تريد ان نتشارك سويه فيه، ليس لدي مانع لكن يجب ان تدفع حقه مثلي"
لم يجيب عليها لكنه سحب حقيبتها بغضب وأخرج منها الكيس وأخذه اتسعت عينا ذلك الفتاه بعصبية وحاولت تاخذه منه وهي تصرخ" ماذا فعلت يا حقير هذا لي اعطني إياه"
سحبها بعنف وهتف بقسوة" أصمتي سوف اتخلص منه بطريقتي، لا أفهم كيف لي فتاه مثلك بهذا الطيش، انتٍ والدك رجل عظيم كنت دائما اسمع عنه كل خير تاتي انتٍ في غمضه عين تلوث سمعته"
أدمعت عيناها بتأثر فهي منذ فقدان والدها اصبحت وحيده وليس لديها سند لتقول بصوت مخنوق"ليس لك دخل في انت ليس ولي امري من انت حتى تامرني "
أكمل قاسم حديثه وعيناه تضخ شرارات قائلا"
صحيح ليس ولي امرك لكن يجب علي النصيحه توقفي عما تفعليه من غباء قبل ايام كنت سوف تغتصبي والان تدمير حالك، فكري حتى في عائلتك هل والدك سعيد الان وهو يراكٍ بهذا الشكل "
صمتت وذرفت ودموعها حاول ان تتحدث ولكن هربت الكلمات من فمها فقد تركها والدها وتوفي تواجه مصيرها لحالها، ثم استطرد قاسم كلماته بشراسة وهو يجز علي اسنانه وقال" اتمنى ان ده تنتبهي لنفسك وترجعي عن ما تفعليه قبل فوات الاوان، انا سوف ارحل اوعدك لم اضايقك مره ثانيه ففي النهايه سوف تفعلين ما تريدين، بالاذن"
أغلق الباب خلفه منه قاسم وظلت ساكنه تركز علي نقطة في الفراغ ودموعها تغزو صفحة وجهها بغزارة، وحديثه يتردد في عقلها فهي لا تعرف من تعاقب، تعاقب نفسها ام تعاقب والدها لانه توفي وتركها وحيد بذلك الحياه،
مسحت دمعاتها بباطن كفها ثم جلست على الأريكة بضعف.
**
أغمضت حـوريه عينيها بقوه لن ينفعها الحزن والحسره الآن ولن يساعدها الألم على متابعة حياتها القادمة لقد تعلمت الآن أن الحياه تجارب و يجب ان تغوص تجربتها أدركت الآن بأنها لا يمكن أن تثق وعليها ان تعتمد على نفسها فقط وهي كل ما تريده الان أن تجلب حقها من ذلك المغتصب اللعين الذي اغتصابها دون رحمة، تعرف أن طريقها صعب المنال لكنها مجبره على الإختيار.
تنهدت حوريه بيأس وألم شديد ثم نهضت لترحل كما قال لها جدها أن عليها الرحيل إلي منزلها وتبقي جانب زوجها، فليس لها مكان هنا
بخطوات بطيئه صعدت السلالم وقلبها كان يدق وهي تقف أمام باب غرفته بالحقيقة أنها ليست غرفة فقط بل تقريباً جناح واسع لكنه عبارة عن غرفة واسعة بحمام ملحق فـ هو ابن عصام الصريطي كبير عائلة في القاهره من حيث المال و المنصب والمنزل الواسعه التي تسكن بيه معه.
كأنت تحمل بين يدها شنطه بـداخلها بعض أنواع الطعام الطازج و الفاكهه أرسلته معها والدتها عندما وجدتها بحاله ليس جيده حتي توفر عنها الوقوف لساعات بداخل المطبخ رفضت في البداية أخذ الطعام منها لكنها أصرت والدتها لاضطرت لاخذه حتي لا تشك في شيئا.
وضعت الطعام اولا بداخل المطبخ فهي ليس لديها شهيه هذه الايام ثم تحركت و وجدت نفسها تفتح باب الغرفة لتدخل إليها غير مهتمة النظره حولها حيث كأنت الغرفه بيها نور خافض لكنها ذهبت لتبحث عن النور الغرفه واضاءه الغرفه.
والتفتت لتتجمد مكانها بعدم استعياب وتشعر فجأة بالعرق يغزو جسدها فتبرد يدها عاجزة علي تفسير ما تراه أمامها لتشعر اكثر برودة اصابت اطراف جسدها و هي لازلت واقفه تتنفس بصعوبة حتى أن حقيبتها سقط تحت قدميها دون أن تشعر بها و ركبتيها بالكاد استطاعتا أن تحملا جسدها حتي فاقت علي صوت خطر تخلخل لمسامعها ليهز قوتها علي الفور لتعود إلى أرض الواقع علي صوته.
اتسعت جاد عيناه بصدمه واتنفض من مكانه وابتلع ريقه وهو ينهض سريعا نصف عاري الجسد و توجد فتاة بجانبه أحكمت عليها الملايات حول جسدها بصدمه هي الأخري من وجود هذه المرأة، أين ومتي دخلت عليهما حيث جاد كان متأكد بأنها ذهبت إلي والدتها وسوف تظل هناك لكن خبيه توقعاتهم ولسوء حظها ام حسن حظها من يعرف؟. وصلت إلى هنا لتريهما.
تحرك جاد بسرعه و أرتدي بنطلونه الذي ملقاء بالارض بعشوائيه وشحب وجهه وتوتر ملامحه قائلاً" انتي اللي جابك دلوقت"
اتسعت عينا حوريه من الوقح بدل أن يعتذر عن ذلك المنظر الشنيعه التي ترى به، بلا يسالها لماذا جاءت فصرخت فيه بعنف "اللي جابني يا زباله يا واطي عشان اشوفك وانت مع الهانم اللي جنبك بقي بتخوني بعد ٣ أسابيع من جوازنا، انا بتخوني وانا مستحمله قرفك معايا وعمايلك وعماله اجي على نفسي واستحمل "
ابتلع جاد ريقه قائلاً بخشونة وهو يقترب منها" حوريه وطي صوتك عشان خاطري وتعالي وأنا افهمك "
نظرت إليه باشتمزاء وقالت بغضب شديد فقد طفح الكيل منه" تفهمني ايه ده انا شايفك بـعيني وفي بيتي على سريري جبت الجبروت والقسوه ده منين عملتلك ايه عشان تعمل معايا كده"
جز جاد علي أسنانه بحده مكتوم والتقط قميص من علي الارض يرتدي وقال" يا حوريه وطي صوتك الناس هتسمعك انتي فاهمه غلط هي اللي جاءتلي مش أنا"
كانت تقف ترتدي ملابسها هي الأخري وشهقت ذلك الفتاة بوقاحة تدعي غنوه قائله "نعم يا عيني هو انت هتقلب فار قدام مراتك ولا ايه مش انت اللي جيتلي الكباري وانا برقص واخذتني معاك البيت هنا وقعد بتشتكي لي من جوازك ومراتك منكده عليك عيشتك"
نظر إليها جاد بعصبية وقال بكذب "اخرسي يا زباله يا واطلعي ويلا بره اهدي حوريه يا حبيبتي وانا هطلعهلك دلوقت وهنقعد نتفاهم مع بعض ..يلا بره بدل ما اطلب البوليس "
ضحكت غنوه بسخرية قائله" ياما تصدق خوفت في داهيه انت وهي انا عاوزه فلوسي وامشي على طول"
لم تحتمل أكثر صاحت بغضب أعمي" بس بقي انتم الاثنين وديني لافضحك في المنطقه كلها وقدام أهلك يا جاد"
احمر عينه وصاح بغضب" ما خلاص يا بنت هو انا هقعد اتحايل عليكي يا روح امك كثير اللي يشوفك كده قال يعني البنت محترمه مش كفايه معيوبه من اول يوم اتجوزتك فيه ورضيت وسكت، ايه شفتني بعمل ايه و زعلانه أوي طب ما انا كمان شفتك في وضع اوسـ ـخ من كده وسكت"
قبل ان تفكر سقطت يدها على وجهه بصفعة دوى صوتها عاليا وقبل أن تفيق من ذهولها لفعلتها كان قد سقطت على وجهها بصفعة أقوي جعلتها تصرخ بألم وتتراجع إلى الخلف وكادت أن تقع، احتقن وجهه واطلت نظرة مخيفة من عينيه " إيه الي انتي عملتيه ده"
دفعها بعيدا عنه وأطلقت صرخة ألم وغضب وهي تتحسس موضع صفعته الذي كان ما يزال مخدرا الوغد الحقير كيف يسمح لنفسه بذلك وكل ذلك يحدث امام ذلك الفتاه الغربيه ويهين ويذل فيها امامها لتصرخ" وتستاهل اكثر من كده ،انت بتقارني يا زباله بيك انا اغتصبت فاهم يعني ايه ما كانش برضايا غصبن عني مش ذي يا حيوان بترمي تحت رجلين الستات الشمال اللي زيك، ده انت حتى بدل ما تجيبلي حقي خوفت علي نفسك يا عره الرجاله "
جذبها من شعرها ليقربها منه وهو يقول بلهجة مخيفة" عره الرجاله ده هيفضحك دلوقت لو ما تلمتيش ومسكتي لسانك، روحي اتشطري علي اللي غلط معاكي ومش عارفه هو مين لحد دلوقتي، أو يا عالم دي لعبه بتلعبيها عليا وانا شربتها، انتي اللي مفروض تخافي من الفضيحه يا حوريه مش انا.. يــلا مش عايزه تصوتي ولمي الناس اعمليها بس قبل ما تعملي كده انا كمان هفضحك؟"
لوت شفتيها الفتاه وهي تقول بسخرية" انا بقول تديني فلوسي احسن وامشي وتكمله وصلت المعايره دي مع بعض، طالما طلعت انتي كمان الحال من بعض"
كانت دموعها تسيل بغزارة بأي حق يسمح لنفسه بإهانتها وجرح كبريائها ومزال يشك في شرفها أخذت تتحرك في الغرفة كالنمر الحبيس شعرت بأن أنفاسها تضيق داخل الجدران التي بدت لها وكأنها تميل لتطبق على أنفاسها يجب أن تخرج من هذا المكان وإلا فإنها ستموت اختناقا لتقف وتنظر إليه" انت اللي هتفضحني طب فضيحه بفضيحه بقي خلي الناس كلها تشوفك وتعرف البيه بيعمل ايه، انت مش ماسك عليا زله يا جاد وانا ما عملتش حاجه اتكسف منها ولا تديني في حاجه وخلي الناس هي اللي تحكم بيني وبينك لما يعرفوا حقيقتك انت مش ماسك عليا زله كل شويه تهددني هتفضحني هتفضحني وانا اللي هفضح نفسي بنفسي دلوقت عشان خلاص قرفت وزهقت منك"
كادت أن تركض إلي الخارج وهي تصرخ بقوه ليلحقها ليمسكها جاد مكتف خصرها و فمها قائلاً بتهديد" والله و لا اقتلك يا حوريه واقطع من جلدك لو ما مسكتيش وبطلتي فضايح ..بطلي جنان بقي"
ضغطت على يده من خلال أسنانها بعنف كأنت غير وعي علي تصرفاتها بجنون فـهي أنثي مجروحه الآن،تألم جاد وتركها ليشدها مره أخري من شعرها بغل لتصرخ بوجع أن يتركها
لوت الفتاه شفتها بسخرية وهي تشاهد شجارهم مع بعض، حاولت حوريه نفض يده عنها الا انها فشلت وهو يمسك شعرها بقسوه شديده وبطريقه مهينه وصاح بغضب" اهمدي بقي في ايه لكل ده تكونيش بتحبيني وانا مش عارف "
كانت قريبه من منضدة الزينة وبدون وعي منها التقطت إحدى زجاجات العطر الثمينة المرصوفة على منضدة الزينة وألقتها على الجدار بكل ما تملك من قوة غير مبالية بتحطمها في جميع انحاء المكان ليتركها بخضه والتفتت له وصرخت حوريه بغضب وهي تضربه في صدره بعنف وهي تبكي بانهيار" اوعــي سيـبــنـي لما انت جبان أوي كده ما فكرتش ليه في الفضيحه قبل ما تعمل الي بتعمله ده"
شهقت عندما أمسك يدها بذراعها وجذبها نحوه بقسوة واحمرت عيناه من الغضب ليقوم بالصراخ عليها بغضب شديد "مين ده اللي جبان يا زباله يابـ*** طب انا هاوريك مين اللي جبان "
وقفت حوريه تنظر اليه بتردد لتراه ينظر حوله يمين ويسار يبحث عن شئ حتي رآه سكينه اعلى طبق الفاكهه ليأخذها ويجري عليها ارتعبت هي اندفعت تركض حتي تفتح باب الغرفة وتهرب بجنون ليمسكها من شعرها ويريد غرز السكينه فيها بغل لتصرخ بخوف وقهر وامسكت السكينه منه وهي مازالت بين بيده وبتلقائية كانت تريد أبعدها بعيد عنها بتجاه اخر،لكنها غرزت بقلبه دون قصد منها.
صاحت الفتاه بصدمه وهتفت بخوف" يخرب بيتك عملتي ايه ! انا مالي انتي اللي قتلتي "
لتركض الفتاه وتأخذ هاتفه الذي كان كل ذلك أعلي الفراش وركضت للخارج وفتحت باب المنزل ونظرت يميناً ويساراً بحذر من أن يرآها أحد و هي متسللة للخارج حتي تصادمت فـ جسد أحد لتكن ناريمان و سلمي الخادمه عقدت ناريمان حاجبيها متسائلة بدهشة" إيه ده في ايه انتي مين وبتعملي إيه هنأ؟"
لم تجيب غنوه بل ركضت للخارج بسرعة و دخلت للداخل ناريمان باستغراب من الفتاه الذي ركضت أمامها وخلفها الخادمه لتقف مكانها متجمدة بعدم تصديق و ركضت إليه بعدم استعياب" يا نهار اسود أبني، جــاد"
وضعت الخادمه يدها علي فمها بصدمه من المنظر حيث كانت حوريه تقف ممسكه السكينه والدماء بها ودموعها تغرق وجهها الشاحب بذهول و جاد زوجها ساقط بالارض فاقد الوعي بلا روح.
تركت ناريمان الطعام الذي بيدها وركضت تنزل علي ركبتها وشهقت ناريمان بألم وهي تبكي بانهيار وهي تتحدث بدون توقف وتضرب وجهه بجنون وتصيح بصوت عالي مقهوره" عملتي ايه فيه قتلتي ابني منك لله يا شيخه جاد رد عليا يا حبيبي ،رد عليا يا قلب امك عملت فيكي ايه جــــاد لااااااا لااااااا أبني"