رواية كشف سر الفصل الثالث3 بقلم خديجه السيد


 رواية كشف سر الفصل الثالث3 بقلم خديجه السيد


بسم الله الرحمن الرحيم نبدأ

فزعت مما قاله بصدمه كبرى فهبطت العبرات على وجنتيها تريد أن تصرخ تعبا: يا نهار أسود أنت بتقول إيه .. ألو ألو 

لقد أغلق الخط، لقد لعب بأعصابها ورحل، ما هذا الهراء الذي كان يتفوه به؟ صور و كاميرات لكن هل هذا صحيح؟، وإن كان صحيح ماذا أفعل؟

= بتعملي إيه يا آيات؟ واقفة كده ليه وماسكة سماعة التليفون؟

انتفضت بشدة والتفت للخلف، ما إن وقع نظرها على زياد يقف أمامها حتى توقفت الحروف بفاهها واتسعت مقلتيها بصدمة، متى أتى؟، أحقًا ياترى سمع حديثها؟، ضم زياد شفتيه للداخل ورفع حاجبيه يهز رأسه باستغراب وكأنه ينتظر الإجابة منها، توقف عقلها وهي تبحث عن كيفية استرجاع الكلمات والحروف في فمها، فرفعت كفها تضعه على جنبها لتهتف بتوتر : زياد أنت جيت إمتا؟

أجابها بتعجب : لسه جاي من شوية، بس أنتِ مالك أنتِ كويسه؟

أومأت برأسها عدة مرات دليل نعم ولم تتحدث

فتنهد بقلة صبر يرى معالم وجهها : مالك يا آيات؟، وبعدين كنتي بتزعقي مع مين؟، وأنا داخل سامعك بتكلمي حد فكرت معاكي حد في الشقة بس لقيتك لوحدك وماسكه السماعة في إيدك هو إيه اللي حصل بالضبط؟

صممته قليلأ فتنهدت بعمق لتهمس له بعبث : مفيش دي نمرة غريبة، كان حد بيعاكس بس أنا زهقت منه عشان كده كنت متعصبة شوية 

رفع حاجبيه بعبث يسألها بنبرة غضب : إيه؟، طب تتعبي نفسك معاه ليه يا حبيبتي؟، قولي لي النمرة وأنا أربيه

دق قلبها بعنف بأن ينكشف كذبها فوضعت السماعة مكانها وهي تهتف مسرعة: لا، لا، خلاص هو خائف وقفل التليفون على طول أول ما قلتله إني جوزي ضابط ما تتعبش أنت نفسك يا حبيبي أكيد تعبان، هخش أحضرلك الأكل بسرعة 

أوقفها أمامه وأبعدها عنه قليلاً كي يرى وجهها، وكل هذا وهي مغمضة عينيها بخوف، قبل أنفها بخفه يهمس لها بعبث: أنا شبعان يا حبيبتي، أنا جيت بدري عشان أقعد معاكِ شوية، الأيام اللي فاتت كنت على طول فالشغل وأنتِ قاعدة لوحدك أكيد زعلانة 

تنهدت بعمق تسترد حديثها وهي تبحث عن صوتها : لا أنا مش زعلانة أنا كويسة اتعودت على كده خلاص 

نظر لها بعينان لامعتان وقد تناسى تمامًا غضبه قائلا : وأنا كمان خدت على أنك مبتشتكيش 

**** 

بغرفة الطعام كانت هناك طاولة متوسطة مقاعدها فارغة حتى الآن ، ولكن كانت آيات تقف حولها تضع عليها طعام العشاء والقلق ينهش قلبها، تفكر من الذي يتصل بها وهل سوف تذهب غدا مثل ما طلب منها؟، انتفضت بشدة من هذه الفكرة، مستحيل أن تذهب له؛ لكن تريد أن تعرف من هذا الرجل الذي فضح سرها الذي أخفته طوال السنوات الماضية 

رمقت زياد بنظرات يشع منها الحزن، لا يستحق أن تفعل هذا به، يكفي أنه ضحى بعدم وجود أطفال في حياته رغم حبه لها و عدم زواجه مرة ثانية رغم أنه سليم و يستطيع الإنجاب والمانع منها هي، كم تحس باستحقار لنفسها عندما يعلم زياد هذا السر 

وجهت حديثها لزياد بتأن : يلا يا زياد الأكل جاهز

نظر لها بابتسامة وتقدم نحوها ليجلس على مقعد السفرة قائلا : يلا يا حبيبتي اقعدي أنتِ كمان

قالت بخفوت : لا أنا مش جعانة كل أنت 

ثم هرولت للداخل بتعثر والحزن يكتسي وجهها فهي ليست بمزاج جيد، بينما زياد نظر لها بتعجب فهي دائما تتناول الطعام معه حتى إن لم تكن جائعة تجلس بجانبه، زفر بضيق ظاهري فهو كان يريد أن يقضي بعض الوقت معها

****

في الصباح 

فتحت عينيها وهي تجلس على الفراش لتنظر حولها لساعة الحائط فالمعاد قد أتى، هل تذهب له؟، هل تخون ثقة زوجها لها، بالفعل لا تريد أن تذهب لكن إذا كرر الاتصال بها مرة ثانية؟ أو ذهب بالصور إلى زوجها كما هددها؟، ماذا تفعل حينها؟

وقفت آيات لتترجل عن الفراش بعد أن سمعت غلق باب منزلها وذهبت لترى من الآتي: زياد؟، رجعت بدري ليه في حاجة حصلت ؟

نظر لها بهدوء قائلا : لا يا حبيبتي هاخد شوية ورق و هرجع الشغل ثاني 

ذهب زياد للداخل باحثا عن الأوراق، بينما هي تطالعه بحزن وتفكر، ليس له ذنب فيما فعلته في الماضي، فهي أحبته بصدق ووفاء وصانت عهده وشرفه، لتفكر أنه لا يستحق كل هذا ولا يستحق أن تخفي عليه من البداية، لكن ليت الزمان يعود لكي تعترف و تزيح عبئا من قلبها، 
لتفكر للحظة وتذهب وتشد سلك الهاتف حتى لا يعاود الإتصال بها

أخذ باله منها تقف خلفه فتحدث : عاوزه حاجة يا آيات؟

ابتسمت له بحنان قائلة بعد أن خطرت ببالها فكرة: هو أنت لازم ترجع الشغل ثاني؟، يعني ينفع تقضي اليوم معايا النهارده؟

قال بامتعاض و بلهجة ساخرة : ما أنا كنت امبارح معاكِ بس أنتِ دخلتِ نمتي و سبتيني وشغلي كان أهم منك 

أشاحت آيات نظرها عنه بإحراج قائلة : خلاص أنا آسفة، براحتك، شغلك أهم فعلا 

وكانت ستذهب، لكن زياد أمسكها من كفها وسحبها له فوقعت بجذعها السفلي أمامه، أما جذعها العلوي فاستقبله صدر زياد، حاولت دفعه لكي تعتدل لكنه منعها بهمسه أمام وجهها: للأسف أنتِ أهم من شغلي، مش عارف أرد لك اللي عملتيه امبارح معايا عشان أنتِ روحي وحبيبتي

كلماته جعلتها تهدأ، لكنها عبثت معه قليلاً هامسة بخفوت: صدقني يا زياد أنا مكنش قصدي، أنا بس كنت مصدعة شوية وما حبتش أقعد معاك وأنا كده، كنت هبقى رخمه معاك

مسح على صدغيها برقة كهمسه أمام شفتيها: أنتِ ما كنتيش امبارح رخمة، وبعدين أنا بستحملك بكل الحالات، بلاش نبعد عن بعض وقت ما نحتاج بعض زي ما أنا متأكد أنك محتاجه ليا دلوقتي، صح؟

أومأت رأسها وقد احتل الحزن ملامحها مقابلاً لهمسها اليائس: أوعدك أحاول

ابتسم زياد بحنان يقابل همسها بغمغمة حارة وقد اقترب من وجهها بشدة حتى تلامست شفتيهما: هي دي حبيبتي

***
بعد أيام 

فتحت آيات الباب بعد أن سمعت رنة الجرس

ابتسمت آيات وهي ترى أختها أمامها: سارة، إزيك عاملة إيه؟، تعالي ادخلي

بادلتها سارة بابتسامة وهي تذلف للداخل لتردف: أنا قلت مش بتسألي أسأل أنا، عاملة إيه؟

قالت لها بهدوء : أنا تمام كويسه جدا كمان

نظرت لها مستنكرة تغير مزجها : في إيه يا بنتي أنتِ كل يوم بحدوتة شكل، مش كنتي من يومين مقطعة نفسك من العياط 

ردت مطمئنة: لا الحمد لله أنا أخذت بنصيحتك وبطلت أفكر في الموضوع وأهو من ساعة ما غيرت نمرة التليفون وبطل يتصل بيا تاني شكله كان حد بيهزر فعلا

جحظت أعين سارة وهي تحدق بها بدهشة ثم قالت مستنكرة : هو اتصل بيكِ ثاني من ساعة آخر مرة 

تهجم وجه آيات بمرارة وقالت بحزن : اسكتِ يا سارة ده مش اتصل بيا وبس ده كان عايزني أروحله البيت وكمان كان بيقول معاه صور ليا لما زميلي حاول يعتدي عليا 

اتسعت عيناها بصدمة كبيرة وهتفت : يا نهار أسود، معاه صور كمان

تنهدت بعمق قائلة: الحمدلله أزمة وعدت، اقفلي بقى الموضوع مش عاوزه افتكره 

***
بعد اسبوع 

تسمع آيات صوت الهاتف الخاص بها يدق لتذهب معتقدة أنه زوجها لكنها تفاجأت برقم غريب، ترد قائلة: ألو، مين معايا؟

بصوت أجش: إيه معقولة تكوني نسيتي صوتي بالسرعه دي؟

جحظت أعين آيات بصدمة ألجمت لسانها ثم قالت بصوت ضعيف: أنت!

ليقهقه ببرود قاتل :أيوه أنا، كنتِ مفكراني مش هعرف أوصلك مش كده؟، بس أنا بقى جيت من الآخر و اتصلت بتلفونك لما لقيتك غيرتي نمرة التلفون الأرضي 

ابتلعت لعابها بصعوبة: أنت جبت نمرتي منين؟

يرد بشعور انتصار وهو يشعر بخوفها : ما أنا قولتلك أنا أي حاجة عاوز أوصل ليها هوصلها طالما تخصك

لتقول بصوت أشبه بالصراخ وقد نفذ صبرها منه لتتساقط دموعها : يا أخي أنت إيه حرام عليك أنا الأيام اللي فاتت بدأت آخذ نفسي، أنت من ساعة ما اتصلت بيا وأنا حياتي باظت، ولا بقيت أعرف أكل ولا أشرب ارحمني بقى وابعد عني 

قال باستنكار: أبعد عنك؟، ده أنا ماصدقت لقيتك، ثم يكمل بصرامة: اسمعي بقي يا حلوة قدامك أسبوع اسمعي كلامي أحسن بدل ابعت الصورة لجوزك، ياما تجيلي البيت زي ماقولتلك ياما تطلقي 

أصيبت بذهول مازالت ملامحه عليها مصدومة: أطلق؟، أنت إيه؟ شيطان؟ أنا نفسي أعرف هتستفاد إيه من كل اللي بتعمله ده؟، هتخرب بيتي حرام عليك  

قال بنفاذ صبر : ميخصكيش هو أسبوع واحد، ثم أغلق الخط كعادته 

لتسقط على الأرض وهي تبكي والألم بداخلها يزيد، تريد الصراخ، ماذا فعلت لكي تنقلب الأوضاع على رأسها؟

****

آيات وهى تمسح دموعها من على وجنتها التي لا تجف فكلما مسحت عبرة نزلت غيرها : أهو رجع اتصل بيا ثاني، لا وكمان عاوزني أروح له البيت ياما أطلب الطلاق 

سارة قائلة بمواساة : طب اهدي يا حبيبتي، العياط مش حل، وتعالي نفكر بهدوء كده هتعملي إيه 

نظرت لها آيات بانكسار وعيون ممتلئة بالعبرات المُتألمة قائلة بصوت واهن متألم: مفيش حل، أنا شكلي هفضل كده في العذاب ده، وهيفضل يذل فيا كده، منه لله أنا اللي هيجنني هو مين ده وعرف الموضوع ده إزاي؟
أنا بفكر أقول لزياد و اللي يحصل يحصل بقى 

أنهت جملتها بألم وهي تضيف بغصة في حلقها

هزت سارة رأسها وأردفت: أنتِ اتجننتي أكيد، جوزك مش هيسكت ده ممكن يطلقك 

صمتت لبرهة تمسح دموعها من على صدغيها بظهر كفها، وهي تقول: أومال أعمل إيه؟ ما هو كده أو كده الموضوع هيتكشف وهيعرف، يعرف بقى مني أحسن من حد تاني و بطريقه مش كويسه

امتعضت سارة من كلام أختها ذلك: 
بطلي جنان بقى واهدي وتعالي نفكر بالعقل ومتتسرعيش وبعد كده تندمي  

جحظت أعين آيات وهي تتذكر شيء: أنا إزاي مجاش في دماغي أنه ممكن يكون هو 

حدقت بها بدهشة ثم قالت: هو مين؟

آيات بضعف: مراد 

حركت عينيها بنفاذ صبر ثم نظرت لها قائلة: مراد مين؟

آيات بألم وخجل تحاول إخفاءه: اللي حاول يعتدي عليا، أكيد هو اللي بيتصل بيا وبيهددني، محدش ليه مصلحة في طلاقي غيره 

سارة بتفكير: تصدقي صح ممكن يكون هو فعلا طب لو هو برضه هتعملي إيه؟

لتصمت لا تعرف بماذا تجيبها، أصبحت بمأزق يصعب التفكير فيه في حل 

**

بعد أسبوع 

مرت أسوأ أيام على آيات، أصبحت ضعيفة لا تأكل ولا تشرب إلا قليلا مع زوجها حتى لايشك في شيء، وأصبحت تحبس نفسها داخل غرفتها تتمنى لو يصبح كل هذا كابوسا أو أن تهرب بعيدا، تتمنى أن تعود مثل السابق لكي تنعم بحياة سعيدة مع زوجها الذي أصبحت تعتبره عوض الله لها، وأنها لتخجل من نفسها عندما تتخيل أن يعرف زوجها ما حدث بالماضي وأخفته عنه، و تتساءل يا ترى ماذا سيكون رد فعله حينما يعرف، هل سوف يتخلى عنها؟، و ماذا عن أهلها عندما يعلمون هما الآخرون؟، أحيانا تشعر أنها ستفقد عقلها من كثر التفكير، لكنها مجبرة على ذلك التفكير ، ولا تجد مفرا منه

استفاقت من شرودها عندما ذلف زياد الغرفة، أشاحت آيات نظرها عنه بخجل 

قال بسخط : كمان أنتِ اللي مش طايقة تبصي في وشي، نفسي أعرف فيكِ إيه؟، كل يوم بوضع جديد مبقتش فهمك 

صمتت ولم ترد 

نظر لها بغيظ واغتاض من صمتها وقال بتفكير : هو أنتِ ماما كلمتك تاني في موضوع الخلفة؟

لتنطق أخيرا وهي تنهض من فوق سجادة الصلاة، فقد أصبحت في الفترة الأخيرة تحاول التقرب لله فهو الملجأ الوحيد، تقف أمامه بوجهها خال من التعابير: طلقني 

رد زياد بغضب مكتوم : آيات بلاش هزار في الموضوع ده حتى لو زعلانين من بعض أوعي تنطقي الكلمة دي تاني

آيات وهي تحاول أن تتملك الصراع الذي بداخلها : ومين قالك إني بهزر ولا بقول أي كلام، أنا بتكلم جد أنا عايزه أتطلق، وعشان تتأكد هروح بيت ماما لحد ما تبعت ورقة الطلاق

يتبع 

                    الفصل الرابع من هنا 

لقراءة باقي الفصول من هنا 


تعليقات