أخر الاخبار

رواية لعنتي جنون عشقك الفصل الحادي عشر11والثانى عشر12بقلم تميمه نبيل


 رواية لعنتي جنون عشقك الفصل الحادي عشر11والثانى عشر12بقلم تميمه نبيل
 

افاقت من نومها لتجد نفسها وحيدة فى الفراش كعادتها فى الايام الاخيرة.. تنهدت ثم قامت من فراشها و اتجهت الى المرآة ثم اخذت تمشط شعرها ببطءٍ وهى شاردة .... ما الذى حدث له .... انه لم يعد يهتم ... يعاملها بأدب .. يراعيها فى كل شىء ...احيانا تفيق من نومها ليلا وهى تنتفض اثر كابوسٍ مزعج لتجد نفسها بين ذراعيه و هو يهدهدها .....الا انه لا يتكلم ابدا ... يستمر فى تخلل شعرها باصابعه الى ان تعود للنوم مرة اخرى .. وكانها طفلة رضيعة , يرجعها الى النوم مرة اخرى ....لم يسألها ابدا عن احلامها
نظرت الى وجهها فى المرآة بشرود وسألت هامسة ..... وان سألك ... فهل ستجيبي .....بالطبع لا ....الموت عندها اسهل من اخبار ادهم باى شىء ..... انه لايحتاج لان يعرف اى شىء ....لو عرف ....آه لو عرف ...
زوجة ادهم مهران .... لن يقبل باقل من ذلك ...لكن ماذا لو علم ان زوجة ادهم مهران كانت يوما ما ارخص من......
هزت رأسها بشدة و هى تنتفض و تهمس لنفسها ....سأنسى....سأنسى....سأنسى .....و سأكون كما يجب ان تكون زوجة ادهم مهران 
اغمضت عينيها لحظة و كتفت ذراعيها و اخذت تتذكر لحظاتٍ قليلة جعل منها زوجته حقا ....حركت يديها تتلمس ذراعيها ... تكاد تشعر بلمساته ..مر وقت طويل لم يلمسها فيه ... يلمسها حقا...... كليلة زواجهما و بعدها ....لماذا لم يعد يقترب منها .....
منذ حركتها الحمقاء بجلوسها على سور الشرفة و هو لم يعد يقترب منها .... لابد و انه ظنها مجنونة ...لقد شعر بالنفور منها بالتاكيد ..لكنه ظل رقيقا معها ... احيانا تشعر بحاجتها ل... انها تحب رقته ,لم تكن تظن ان الشيطان الاسمرسيكون رقيقا معها لهذا الحد و لا حاميا لها لهذه الدرجة الخانقة .... لم يحميها احدا ابدا من قبل لا بهذه الدرجة ولا بأى درجة .....
لكنها احيانا تشعر ان هناك ما ينقصها ...لقد حملها معه الى عالمٍ لم تكن تعرفه قبلا ,..... ثم تركها ... رغم رقته معها الا انه ايضا قاسٍ فى بعده عنها ...الم يعد يريدها ...هل كانت رغبته فيها ضئيلة الى هذا الحد ام انها لم تستطع ان ترضيه .... بالتاكيد.... فهى لا تستطيع ان ترضى احدا ... هى تعلم انها دمية بلا روح ... ورجلا كادهم لن يشعر بالرضا الا مع امراءة متفجرة بالحياة و الاثارة ...... كسابين مثلا ...... لطالما اعتقدت ان سابين ستكون لادهم يوما ما ... هما يليقان ببعضهما للغاية 
تذكرت حين حاولت سابين منعها من الزواج بادهم .... يومها صرخت حلا بوجهها قائلة لها انها تفعل ذلك لانها تريده لنفسها , بعدها امتنعت سابين تماما عن التدخل فى اى شىء يخصها .....
لا تدرى حتى هذه اللحظة لماذا فعلت ما فعلته ..... كانت فى هذا الوقت فى حالة يرثى لها ولم تتحمل اى ضغط آخر فهربت الى احضان ادهم ما ان اشار لها .... لم تكن تظن ان الشيطان الاسود من الممكن ان يفكر بها يوما , كانت تخافه دوما و تتجنبه ..... الا انها لم تفكر مرتين بعد ان عرض عليها الزواج .....هى باعت و هو اشترى ......مجرد صفقة كسابقتها ... لماذا هى الآن تتحرق على صفيحٍ ساخن 
ماذا تريد بعد...هل هى ابنه ايثار الراشد فعلا كما قال فارس .... لا يملا عينيها الا التراب ....مالذى ينقصها بعد ان تزوجت ادهم مهران .... الا تكفى حمايته لها ....تضيق بحمايته الخانقة و تتمنى .... وتتمنى ان .... ان يشعرها بما أشعرها به سابقا .... لم تكن تعلم انها امراءة قبل ان تتزوجه .... وبعد ان علمت ....ابتعد عنها 
ايكون زواجها الماسوي الاول يظل يدور فى رأسه لينفره منها ..... اذن ماذا سيفعل لو عرف التفاصيل القذرة ..... ستكون ملعونة لو تركته يعلم اى شيء من ماضيها ....لاتريده ان يبتعد اكثر...... منذ متى وهى تشعر بالحنين اليه ؟!!!.........هى نفسها لاتعلم 
تنهدت بالم و هى تفكر ان عودة فارس كانت لها تاثيرا مدمرا عليها ..... تذكرت اياما سوداء قضتها سجينة الجدران البيضاء و جسدها لا يحوي جزءا واحدا سليما .... علمت انهم سيوقعون بها مرة اخرى ..... فاستطاعت باعجوبة ان ترسل لفارس رسالة من مجهول لتخبره بما حدث لها .... كان الوحيد الذى تعرفه و الموجود معها بنفس البلد ...... اخذت تدعو كل ليلة ان ياتى اليها ..... الا انه لم ياتى ابدا ...حمقاء هى ان ظنت انه سوف يساعدها .......
لو كانت تعلم ان ادهم مهران على هذه الدرجة من الحماية و الروعة لكانت استنجدت به ........ الا انها لم تكن تظن يوما انه ممكن ان يهتم بما يصيبها ......
تنهدت مرة اخرى بعمقٍ و الم اقوى ......ماذا لو اخبر فارس ادهم بما كان فى الرسالة ...... غبية ..غبية كيف لم تفكرى فى هذا من قبل ...آه يالهى لو عرف ادهم فسيرميها من حياته على الفور .... 
اخذت تدعو همسا ان يكون فارس قد نسى هذه الحادثة كلها .....و الا ستكون نهايتها , لن يرحمها ادهم ابدا ان علم انه اقترن بمن لها مثل ماضيها المخزى .... 
مسحت دمعة وحيدة انزلقت على و جنتها ثم مشت الى صديقتها الوحيدة لتنظر منها ....
ها هو نفسه .... يرقص مرة اخرى امام نافذتها .... 
ضحكت بصوتٍ عالٍ و كأنها كانت تنتظر اي شيء ليضحكها .... اى شيء .... ها هو يلوح لها من جديد , الا انها هذه المرة لم تجفل بل ابتسمت برقةٍ و هى تدير نظرها عنه ..... لمحته بطرف عينها , و هو متسمرا مكانه مذهولا من ابتسامتها .....
هل هى كئيبة الى هذا الحد ... لدرجة ان يذهل حين تبتسم ......اتسعت ابتسامتها اكثر و هى تقرر انها ستبتسم كثيرا منذ اليوم .....
.................................................. .................................................. ....................
اخذ يراقبها بصمتٍ وهى منحنية بجواره تناوله بعض الاوراق ..... وجهها قريبا منه للغاية .... خصلة سوداء حريرية طويلة ساقطة على جانب وجهها , بينما عطرها المسكر يلفهما معا بجوٍ من السحر الغامض 
بعد ان انتهت استقامت فى وقفتها ...ضامة ملف الاوراق الى صدرها , ثم منحته اجمل ابتسامة رآها فى حياته وقالت بصوتها الناقوسي الرائع 
(أية اوامر اخرى ؟....)
لم يجبها بل ظل ينظر اليها بطريقةٍ اربكتها بينما ظهرت ابتسامة على زاوية شفتيه ثم نقل نظره الى الاوراق و اتسعت ابتسامته اكثر 
ما باله اليوم ... سألت نفسها . من يوم ان عرض عليها الزواج و هو لا يرفع عينيه عنها و كأنه لم يرى نساءا من قبل .....
حين لم يرد استدارت برشاقة مدروسة استعدادا لمغادرة المكتب .....
(لم تعطيني ردك سابين .....)
انطلق هذا الصوت العميق ليزلزل اعماقها , التفتت ببطء ثم نظرت اليه من فوق نظارتها لتقول بصوتٍ واثق مغرى 
(و انت لم تذكر سبب رغبتك فى الزواج منى .....)
نظر اليها لحظة بغموض ثم قام من مكانه متجها ناحيتها ببطء دون ان تترك عيناه عينيها ,
ظلت متمسكة بسيطرتها على نفسها بقوةٍ تثير الاعجاب حتى وصل الى بعد خطوةٍ منها , و فجأة رفع يده و انتزع نظارتها من فوق عينيها قبل ان تستطيع منعه ... طوى نظارتها بهدوء ثم وضعها فى جيب سترته الداخلى ....
ظلت تنظر اليه مبهورة لحظة ثم استطاعت النطق اخيرا بصوتٍ مبحوحٍ رائع 
( اعد نظارتى الى مكانها ....)
اجابها و الابتسامة تداعب شفتيه 
(حين تجيبين طلبى ....)
ردت عليه وهى تقترب منه نصف خطوة 
(حين تطلعنى على السبب ....)
اقترب وجهه من وجهه حتى كاد ان يلامسه و ما ان شعرت بانفاسه الساخنة تلفح بشرة وجهها حتى اغلقت عينيها و رفعت وجهها تلقائيا و هى تنهل من رائحته العذبة ... مرت عدة لحظات لم يحدث فيها شىء ففتحت عينيها ببطء لتجده يبعد وجهه عنها و على شفتيه ابتسامة انتصار ثم قال بصوتٍ عميق 
(هذا هو السبب ....)
ظلت للحظاتٍ طويلة متسمرة تنظر الى عينيه ليست واثقة مما يقصده ثم قالت اخيرا مخرجة تنهيدة مع كلماتها الناعمة 
؛(لم افهم .....)
ابتسم وقال بصوتٍ خافت 
(تزوجينى و انا سأعمل على ان تفهمى جيدا ......)
ارتجفت بقوة و هى تشعر بساقيها لاتكادان تحملانها ثم اخفضت رأسها لاول مرة امامه و كانت هذه معجزة فى حد ذاتها .... قالت اخيرا بصوتٍ خافت 
( لدي شروط ...)
( بالطبع.....)
رفعت نظرها اليه لتتاكد من سخرية قد سمعتها فى نبرته الا انها لم تواجه الا تعابيرٍ مبهمة ,فما كان منها ان قالت 
(لن اترك عملي ابدا....)
لم يرد للحظاتٍ حتى احترقت اعصابها ثم اخيرا اومأ برأسه ... فقط ايمائة ... لكنها كانت اكثر من كافية لها 
(لن نتكلم عن مازن ابدا ....)
قست عيناه لوهلة لدرجة انها ظنته سيضربها.....الا انه قال بابتسامة قاسية
(من هو مازن اصلا ......)
ابتسمت برقةٍ تذيب الاحجار و اسبلت رموشها لاتصدق ان احمد مهران اصبح عابدا فى محرابها الى هذا الحد .. لكن لماذا ظنت انه سيختلف اليست سابين الراشد .... لكنها لاول مرة ٍ تشعر بالزهو لكونها هى سابين الراشد التى اسقطت احمد مهران عند قدميها ..اسقطت المارد ....
افاقت على صوته القريب من اذنيها و هو يقول هامسا 
( ماهى باقي شروطك .....)
واجهت عيناها عينيه بكل تحدى و هى تقول بلهجة ملكة تخاطب حاشيتها 
( لن اقبل التدخل فى حياتى .. باى شكل من الاشكال , ستظل لي شقتى و سيظل عملى موجودا , لن اكون زوجة خاضعة لاحد ابدا ....)
ظل وجهه مبهم بدون اى تعبير ثم قال اخيرا 
(هل اعتبر الآن انك اصبحت خطيبتى .....)
اخذت نفسا عميقا وامالت رأسها جانبا و هى تقول بتفكير مستفز 
(اريد مهلة قصيرة لاقرر...)
ثم بدون مقدمات ادخلت يدها الناعمة الى داخل سترته و تمهلت وهى تلتقط نظارتها .... شاعرة مضخة تضرب بعنف تحت اصابعها , مما جعلها تبتسم بانتصار و هى تفتح نظارتها و تضعها على عينيها باغراء لا تملكه غيرها ثم ابتعدت برقة وهى تقول 
( بعد اذنك سيد احمد ساعود لعملى الآن ......)
سارت الى الباب دون ان تنتظر رده ثم خرجت مغلقة الباب خلفها دون ان ترى ابتسامته التى اختفت و ملامحه التى تصلبت بقسوة 
.................................................. .................................................. ......................................
عادت الى شقتها بعد يومٍ طويل متعب ..... ومشحون بالمشاعر المجنونة ....
ما ان خطت عدة خطوات ٍ حتى جاءها صوتٍ كالفحيح من خلفها اوقفها مكانها 
(انتِ تلعبين بالنار .......)
التفتت ببطء لتلتقى عيناها بعينين ذات لهبٍ ازرق ..لطالما كرهت تشبيه الناس لعينيها بهاتين العينين القادرتين على احراق من يتحداهما 
قالت بصوتٍ كالجليد 
(فلتحرقنى اذن .... انا المسؤولة )
اشتعلت عينا ايثار مهددة بفقدان سيطرتها ثم قالت 
( ستفقدين كل شيء يا غبية ... احمد مهران مستحيل ان يسلم لكِ بهذه السهولة )
اتسعت عينا سابين بحدة و اقتربت من ايثار الواقفة امامها بتحفز و قالت ببطءٍ خادع 
( ماذا تقصدين بالضبط ...)
ارتفع صوت ضحكةٍ قاسية من فم ايثار لتقول لها 
( لا تخبرينى ان واحدة فى ذكائك قد وقعت فى فخ عرض الزواج الزائف هذا ....)
لو كانت النظرات تقتل لكانت ايثار قد سقطت الآن قتيلة السهام التى اصابتها من عيني سابين التى قالت تتهجى ببطء اكثر 
( من اخبرك بعرض الزواج ........)
صمتت ايثار لهذه الخطوة الغير محسوبة منها ثم قالت اخيرا 
( لا تغيري الموضوع ......)
قاطعتها سابين بصوتٍ كالسوط اللاسع 
( لم تجيبي ايثار .....)
اخيرا قالت ايثار ببطء وبصوت الفحيح 
(دعى ذكائك يخبرك ... فقد تقتنعين وقتها ...)
ظلت سابين صامتة تحاول السيطرة على نفسها لا تريد ان ترتكب عملا دنيئا كضرب تلك الواقفة امامها والتى لا تستحق ان تحتقر نفسها بسببها .....فما كان منها الا ان تركتها واقفة لتدخل غرفتها سريعا و هى تعلم انها لن تحصل على اجابة لسؤالها 
تقدمت من مرآتها بغضب و استندت بكفيها على سطح طاولة الزينة و هى تاخذ نفسا عميقا لتهدىء نفسها.....
كيف علمت؟!!...... لا يعلم بهذا العرض الا هى و احمد مهران ... اذن من اخبر هو ...... وكيف وهى لم تعطيه موافقتها بعد ....
عادت اليها الكلمات الخبيثة ترن فى اذنها ......
"لا تخبرينى ان واحدة فى ذكائك قد وقعت فى فخ عرض الزواج الزائف هذا ...."
نفضت سابين رأسها بسرعةٍ وهى تفكر .....انها لن تستطيع انكار الذبذبات التى تنطلق حولهما حين يكونا معا ... هى ليست طفلة او ساذجة كيلا ترى تاثيرها عليه .......وهو ليس من النوع الذى يحاول الحصول على غايته بطريقٍ غير الزواج ....
انه يريدها بشدةٍ .... وهذا ما هى متأكدة منه تماما ......
نعم هى ذكية لدرجة انها تعلم بكرهه لها ...... نعم هى تعلم انه يكرهها .... لكنه سقط اسيرها ولا طريق امامه الا الزواج بها .....فهل تقبل هلى هذا الاساس؟......
ولما لا اليس هذا حالها ايضا ؟........لكن لماذا يختلط شعورها بالانتصار بشعورٍ آخر من الخواء لا تستطيع تفسيره .........
و من مكانٍ لا تعلمه , انطلقت نفس الجمله تطوف فى رأسها 
لقد تحطم والدى عند وفاتها ..............لقد تحطم عند وفاتها ...... لقد تحطم .......
رفعت عينيها لتنظر الى صورتها فى المرآة ..ثم مدت يدها لتحل عقدة شعرها لينساب كالامواج الليلية على ظهرها و حتى خصرها ....
هل كان شعرها طويلا كشعري ؟.....هل كان يتخلله باصابعه ؟..............
ظلت سارحة بافكارها الغريبة و هى تميل برأسها قليلا وتلف خصلة طويلة حول اصبعها .........
ابتسمت فجأة حين تذكرت السؤال السخيف من تلك المخادعة الصغيرة تالا وهى تقول
(هل تنظرين الى مرآتك كل يوم لتسألينها ان كانت هناك من هى أجمل منكِ.....)
اتسعت ابتسامة سابين وهى تتذكر تالا الصغيرة ... كم تشبه والدها .....وكيف لم تلحظ هذا التشابه من قبل ......لا تعلم لماذا ذكرتها تالا بسما .... بينهما تشابه غريب مع انه ليس فى الشكل ابدا .... الا انهما تشتركان فى شيءٍ ما لا تعلمه .....
ظلت تنظر الى نفسها مبتسمة تتأمل جمالها و كأنها لم تره من قبل ................
(ستظلين الأجمل دائما...........)
انطلقت هذه الجملة من خلفها فجأة لتجعلها تستدير شاهقة غير مصدقة عينيها وهى تراه واقفا بباب غرفتها المفتوح يتاملها بعيونٍ شرسة تكاد تلتهمها التهاما 
(مازن .....) انطلقت صرختها القوية المذهولة و هى لا تصدق ثم حاولت الكلام 
( كيف دخلت الى هنا ؟....... متى عدت اصلا ؟......)
لم يجبها بل ظل يقترب منها و هو ينظر اليها بعينين جائعتين شرستين ..... لم ترى عينيه بهذه النظرة ابدا , كان دائما ينظر اليها بخفة روح ولطف و هو يحاول اضحاكها دائما و كأن هذا هو واجبه فى الحياة ....... اذن من هو هذا الكائن امامها و ماذا يفعل هنا و كيف دخل ......
صرخت به بشدة 
(اخرج من هنا حالا .. كيف دخلت )
وصل اليها فى لحظة و امسك بذراعيها بقسوة آلمتها ثم هزها لترفع رأسها الى عينيه المتوحشتين و قال بهجومٍ شرس 
( هل ستتزوجينه حقا ...)
يا الهى ما هذا الجنون هل اصبح الناس جميعا يعرفون بزواجها من احمد مهران حتى قبل ان تعطيه موافقتها ....اشتعلت السنة النيران الزرقاء بعينيها الهمجيتين وهى تصرخ به و تقاومه بشدة 
(وما شأنك انت .....اخرج من بيتى حالا ...اخرج قبل ان استدعى لك الشرطة )
ضحكة بسخريةٍ فجة و هو يقول بهمسٍ وقح 
(وماذا ستقولين لهم ... ارض الغرفة انبتت رجلا فجأة دون ان اعرف كيف دخل )
اخذت تقاومه بشراسة و هى تصرخ 
(ايثار .... ايثاااااااار )
الا ان احدا لم يجيبها فظلت تقاومه وهى تشعر بانفاسه تحرق وجهها و تسمعه يهمس فى اذنها 
(لن تكونى لغيري ابدا سابين .... انتِ ملكى ... هل نسيتي ما كان بيننا ....)
اخذت تصرخ بجنون لا تصدق ان الحقير يحتجزها بهذه الطريقة 
(لم يكن هناك شيئا بيننا ابدا ايها الاحمق ....)
ترك ذراعيها ليعتقل خصرها بسرعةٍ و بقوةٍ كادت ان تقسمها نصفين و هو يقول امام شفتيها 
(اعلم انكِ غاضبة منى لأننى تركتك .... الا اننى لن اكررها ابدا ... و ساتركها لأجلك حبيبتى )
اخذت تتلوى وهى تبعد وجهها عن مرمى شفتيه يمينا و يسارا بينما يديها تضربانه على كتفيه دون جدوى وهى تصرخ 
( ايها الحقير .. تتركها الآن وهى تحمل طفلك....اين كنت تخبىء وجهك القذر هذا )
اخذ يهذي فى تجويف عنقها بينما هى تقاومه بشراسة 
(سابين .... انا سأحقق لكِ اكثر احلامك جنونا ..... سأعطيكى اكثر مما قد تحلمين به يوما .....كل ما املك سيكون ملك يديكى ....فقط كونى لي .....)
حين وجدت انه لا سبيل للخلاص منه بكرامة ..............رفعت ركبتها بسرعة لتعاجله بضربة قاضية بينى ساقيه وهى تصرخ 
(انا لست للبيع ايها الحقييييير.....)
جحظت عيناه الما وتأوه بصوتٍ مكتوم .......لكن قبل ان يسقط ارضا ......جذبته قوة عظمى من كتفه ليفاجأ بلكمة اصابت فكه ليسقط ارضا كالثور .....
اتسعت عينا سابين وهى ترى احمد مهران ينحنى نحو مازن بعد ان لكمه ليسحبه من ملابسه سحبا خارجا به من غرفتها .....
ما الذى حدث للتو ؟!!......هل كان احمد مهران هنا فى غرفتها منذ لحظات ..... كيف جاء فى هذا التوقيت بالذات و كيف دخل هو ايضا ..... انه اشد الايام جنونا فى حياتها ....
كانت لاتزال فى حالة صدمة حين دخل احمد مهران الى الغرفة.... يالهى ... اول مرةٍ تراه بهذا الشكل ... متوحش ,همجى ..مستعدا لان يقتل من يقف امامه الآن .....يلهث بشدة بينما ينظرالى ازرار قميصها التى تفتح معظمها ..... نظرة ارعبتها فأخذت تحاول اغلاقها بأصابع مرتجفة .....
تقدم منها بخطواتٍ سريعة ثم جذبها من ذراعها بقسوةٍ نحوه ليرتطم صدرها بصدره الذى لازال يعو ويهبط بعنف ....ثم صرخ فيها بقوة
( هل ستعطيني ردك الآن .......)
ظلت تنظر اليه بعيناها اللاهبتين المتسعتين بذهول ... ثم بدون ان تنطق بكلمة أومأت برأسها 
ترك ذراعها وهو يزفر بشده بينما لم يتبدد غضبه الأعمى بعد.....و دون ان يسألها ان كانت قد أومات بمعنى أنها نعم سترد عليه , أم نعم موافقة على الزواج منه .......قال 
( سنعقد قراننا بعد يومين ....)
ثم تركها مذهولة ليخرج دون ان يضيف حرفا آخر ...وسمعت هى صوت باب الشقة يصفق بعنفٍ هز أرجائها ......
.................................................. .................................................. ...........
كانت تذرع غرفة الجلوس ذهابا وعودة دون ان تهدأ .... الى ان سمعت باب الشقة يفتح .....
نظرت اليها بعيونٍ حمراء من شدة الغضب واتجهت ناحيتها وهى تقول بصوتٍ شرس 
(أين كنت ....؟)
بادلتها ايثار النظر بهدوء دون يرف لها جفن ثم قالت (كنت اريد شراء شيئا ....)
ابتسمت سابين بسراشة و هى تقول 
(وهل تتركين الباب مفتوح خلفك حين تخرجين ؟...)
رفعت ايثار حاجبيها بدهشة وهى تهمس 
(هل تركت الباب مفتوحا ... يالهى ..مالذى يحدث لى.... أنا أنسى كل شىء هذه الأيام)
ثم ابتسمت بسحرٍ وهى تمد اصبعا ناعما لتمرره على وجنة سابين وهى تقول بصوتٍ مبحوح ساحر
(المهم انكِ بخير يا جميلة ....)
نفضت سابين وجهها بعنف لتبعد إصبع ايثار عن وجهها ثم صرخت 
(أى أم أنتِ ؟.....هل وصل جشعك الى هذه الدرجة ... هل وصل بكِ الحال الى تسليمى لمازن بهذه الطريقة بعد ان يئست من زواجى به) 
ابتسمت ايثار باغراء وهى تقول بصوتها الناعم 
(مالذى تقولينه حبيبتى ؟.... وهل أنا بهذا الغباء لأسلمك له دون زواج ...سأكون كما لو أننى أهديه اياكى مجانا .....لا يا جميلة ... الزواج هو أساس كل شيء )
ظلت سابين تنظر اليها لحظات محاولة استيعاب ما يحدث ... ثم همست دون تصديق 
(هل اتصلتِ باحمد مهران ليأتى ؟........)
صرخت فجأة بشدة 
(هل فعلتِ؟........)
لم تجيبها ايثار على الفور بل ظلت مبتسمة ابتسامة ساحرة ثم قالت اخيرا بهدوء 
(أنا اريد مصلحتك .... هل رأيتِ الآن ؟ ...ها قد تركك أحمد مهران .... و مازن الآن هو المكسب الرابح و المضمون لنا ..)
ظلت سابين واقفة أمامها تنظر اليها بدون أى تعبير على وجهها ثم قالت أخيرا بابتسامة توازى ابتسامة ايثار سحرا 
(هنئينى ... أنا سأتزوج أحمد مهران بعد يومين ............يا أمى )
لكن بالتأكيد لم تكن هناك تهنئة ... كانت هناك نيرانا زرقاء اندلعت نافثة الحقد حولها .... فهاهى ثانى صفقاتها تضيع منها بعد ان سرق أدهم حلا بلا مقابل ...ليأتى المارد ويسرق سابين .... أيضا بلا مقابل .....أما من سبيلٍ لها للخروج من هذا الجحر .....بعد ان كانت زوجة الامبراطور ... ينتهى بها الأمر لأن تصبح نكرة ....لا و ألف لا ...ستأخذ حقها الذى سلبه اياها الامبراطور و الذى راهن على حياة بناتها الثلاث فى لعبةٍ واحدة كانت هى الخاسرة فيها .....فهل كبرت الصغيرات ليتحررن منها ؟.....هل هذه هى مكافئتها بعد أن غرزتهن فى امبراطورية آل مهران ؟......بالفعل هن بناتها ... من يردن التخلى عنها فى نهاية المطاف بعد كل ما فعلته لهن ......
لن يكون الأمر بهذه البساطة ....هى زرعت وقد آن أوان الحصاد ....حسنا يا سابين افرحى قليلا ....ها قد عادت سما.........
.................................................. ................................................
هل يمكن أن يكون هناك سعادة على وجه الأرض اكثر من التى تعيشها ... ادمنت هواء البحر ... ادمنت عطره .. ابتسامته التى لم تراها قبلا ... حنانا لم تعرفه منه ابدا ... حبيبها الذى يحاول ان يكون صديقها .....و هى ستكون أمه , أخته ,ابنته و اى شيء يريده حبيبها 
كانت واقفة مكانها على الشاطىء مغمضو عينيها تستنشق نسيم البحر بعمق .... انه الشروق , لم تكن تعلم انه يحب الشروق ..كانت تظن أنه من محبى السهر ... ستظل تعلم عنه شيئا جديدا كل يوم .....فجأة احست بيدين قويتين تمسكان بذراعيها و شعرت بالأنفاس الحبيبة بقرب أذنها ..... كيف يستطيع تحديد مكانها بهذه الدقة ؟..... فى الأيام الأخيرة ظلت كثيرا تبتعد عنه قليلا لتجده كالطفل الذى لازال يتعلم المشى .. يمشي خطوة خطوة حتى يصل اليها و يمسك بها دون ان تصدر أى صوت ...كيف يفعل ذلك ... هل يناديه قلبها ... هل يشعر قلبه بنداء وليفه .....
فتحت عينيها و ابتسمت برقة و هى تشعر بتحرك يديه على بشرة ذراعيها الرقيقة ...... اقترب فمه من أذنها وهمس صفى لى شكل الشروق .....
اتسعت ابتسامتها و همست برقة 
(البحر هادىء للغاية كبركة زيتية ... و السماء لاتزال رمادية لكن هناك شعاعٍ صغير يتسرب ليلون اجزاءا منها بدرجاتٍ وردية و برتقالية ........ وهناك طائر نورس يطير امامنا تماما .... انتظر )
ابتعدت عنه قليلا ثم عادت اليه بسرعة لتضع شيئا صلبا باردا على اذنه سمع همس امواج البحر بداخله .. ابتسم وقال 
(هل هى صدفة جميلة؟.....)
ابتسمت بسعادة وهى تقول 
(انها رائعة للغاية.... كبيرة بيضاء موشحة بخطوط ٍ صغيرة ارجوانية )
اتسعت ابتسامته و همس و هو يعود ليمسك بذراعيها 
(صفى لى شكلك ....)
ارتبكت و ذهلت من طلبه لكنها قالت 
(لا احد يستطيع ان يصف نفسه ..)
(هل أنتِ جميلة ؟.....)
ضحكت بعصبية و قد احمرت وجنتيها ثم قالت 
(لو قلت لك اننى جميلة فسأكون حمقاء ...)
ضحك بخفة ولم يرد عليها بل سألها 
(هل انتِ سمراء .... وشعرك ناعم أسود كالليل ....وعيناكِ عسليتان واسعتان )
اتسعت عينيها و هى تقول بدهشة 
؛(هل هكذا ترانى؟.......)
غبية ....غبية ...ها أنتِ أخطأتِ مرة أخرى ....الا ان للعجب لم يغضب أبدا بل على العكس ابتسم بشرود وقال 
(هكذا اشعر بكِ ... قوية دافئة )
قال كلمته الأخيرة هامسا ... مما جعلها تشعر بالالم فقالت له بحب 
(سأكون كما تريدنى أن أكون .....)
لم يستطع التحمل اكثر من هذا فسحبها بقوة بين ذراعيه ليلتهم شفتيها من جديد بشفتيه ...وبالطبع لم يجد سوى الاستجابة الناعمة منها ...غابت عنهما الدنيا طويلا.... طويلا حتى سحبها معه ليستلقيا على الرمال الباردة بينما الاشعة الدافئة بدأت فى الظهور لتشاركهما بدفئها .....
لم يتوقف الايام السابقة عن تقبيلها ابدا ,,و كأنه كان ينتظر طيلة ثلاث سنوات ليتفجر هذا البركان بينهما .....ما الذى فعلته به هذه الساحرة الصغيرة التى لم يراها ابدا ...... ما مقدار السحر الذى تمتلكه فتاة صغيرة بالضافة الى صوتٍ كالنغم و رائحة الياسمين 
ازداد الهوى بينهما حتى كاد ان يفقد نفسه فيها ... هنا ... على رمال الشاطىء ... وحين شعر بقرب فقدانه السيطرة على نفسه , ابتعد عنها لاهثا محاولا استجماع انفاسه ..... وهذا هو ما يحدث دائما ....لن يفقد سيطرته على نفسه معها ابدا ثانية بعد ما فعله بها آخر مرة ..... سيقترب منها تدريجيا حتى تستريح لقربه .....حتى تذوب به ..... ثم ستكون له .....لن يحصل عليها غيره ابدا ......
عاد يقبلها لكن برقة ليطفىء النار التى اندلعت بداخله .... وظل يلامس شفتيها بشفتيه حتى هدأت انفاسهما أخيرا ....تنهد ضاحكا برقة وهو يقول 
(أنا اعتمد عليكِ يا صغيرة فى مراقبة المكان حتى لا يرانا أحد ....)
احمرت وجنتيها بشدة و هى تشهق بصوتٍ خافت فازدادت ضحكته عبثا و هو يعود ليقبلها مرة أخرى 
قاطعهما رنين هاتف سما فجأة ليخرجهما من جوهما الحالم .... عقد حاجبيه وهو يبتعد عنها ليتسائل من سيكلمها فى مثل هذا الوقت المبكر .....بينما شعرت هى بالأسى لضياع اللحظات النادرة بينهما , لكنها لم تجد بدا من التقاط هاتفها من جيب بنطالها و هى ترى فارس يكاد ان يفترسها لمعرفة المتكلم ..... تنهدت وهى تجيب برقة لتفاجأ بصوتٍ لم تسمعه منذ ثلاث سنوات فهتفت مصعوقة 
(أمى......)
أغمض فارس عينيه بشدة .....كل الظروف تسحب سما منه .....لكن قسما بالله لن يترك أحدا يأخذها منه أبدا .........
.................................................. .................................................. .........
صعد سلالم القصر بتعبٍ شديد وهو يشعر بارهاق لم يعرف مثله ابدا .....كانت الأيام السابقة كالجحيم ......كان يدور فى حلقاتٍ مفرغة .....فرقة كاملة أوكل لها عملية البحث السرية ............. الا ان الامر ليس هينا أبدا 
حادثة منذ اربع سنوات .... تقارير مشفى معدلة بينما الحقيقية اختفت تماما ......الحقير الذى يلاحقه و يجمع عنه كل ما يمكن من معلوماتٍ حتى تأتى الفرصة و يقتلع عنقه بيده ...........
كل هذا الارهاق النفسي ليعود فى النهاية ليستلقي بقربها و هى نائمة .... يشعر بدفء جسمها و رائحتها العطرة و شعرها الهمجى الطويل و الذى تصر على ان تطلقه وهى نائمة ليلامس وجهه .......
كم يتوق اليها و كم يريدها ....... الا ان كل شىء تعقد فجأة و علاقتهما ستحتاج وقتا لتتداوى اكثر مما كان يظن ..... بالتأكيد هى الآن مرتاحة من رغباته التى فرضها عليها يوما ... لا تشعر بما يعانيه من عذابٍ بقربها ... على الأقل يعود ليجدها نائمة كل ليلة و يخرج باكرا قبل أن تستيقظ ..... كان ينتظر منها ان تطلب منه البقاء أو تشعره بحاجتها اليه ... لكان ترك الدنيا كلها لو فعلت ...... لو فعلت ....لكنها لا تريد منه سوى الحماية ..... كانت صريحة معه عند زواجهما .... الحماية فقط ... و هو بالتأكيد يعذرها بعد كل ما مرت به ...... لكن هو من سيعذره 
تنهد بتعبٍ و هو يفتح باب الغرفة و يدخل .......
لم يصدق عينيه حين رأها واقفة أمام النافذة تنظر منها ......فقال بسرعة 
(حلا .... لماذا لا زلت مستيقظة .... هل انتابتك الكوابيس مرة اخرى .....)
التفتت اليه برقة ...... يا الهى انها رائعة ... مدمرة ... هذا اقل ما يمكن ان توصف به ... كانت ترتدى قميص نوم رائعا لم يره عليها من قبل لونه نبيذى دافىء ...طويل يحدد انسيابية جسدها الناعم ... بينما صدره مخرم يظهر اكثر مما يستطيع احتماله ......
انها تنوى قتله بالسكتة القلبية لا محالة .... كيف سيقاومها الآن و هى واقفة أمامه بهذه الروعة .. تنظر اليه بعينين تغويان قديس 
ابتسمت برقة وهى تقول 
(لا انا لم أنم بعد .... كنت انتظرك )
خفق قلبه بشدة حتى كاد ان يتوقف منه و هو يقول بصعوبة 
(لماذا حبيبتى ..... هل تحتاجين شيئا )
اهتز قلبها حين سمعت كلمة حبيبتى التى صدرت منه بعفوية ثم اقتربت منه ببطء عاقدة العزم على عدم التراجع حتى وصلت اليه وهى تضع يدها برقةٍ على صدره وهى تقول 
(انت تبدو متعبا للغاية ....)
ظل ينظر اليها بلا تعبير على وجهه مما افقدها الثقة التى ظلت تجمعها طوال فترة انتظاره ..... قالت اخيرا 
(انا لم اعد اراك كثيرا ....)
شده العذاب الذى يعانيه جعله يجيبها بحدة غير مقصودة 
( كنت لا تكادى تصدقين متى ساخرج من هنا ...... حددى موقفك يا حلا لاننى لا افهمك )
ابتعدت عنه بسرعة آخذة معها قطعة من قلبه ثم قالت بصوتٍ خافت 
(آسفة لم اقصد ازعاجك .....)
لم يستطع التحمل اكثر من ذلك هذا كثير عليه ...... فليكن ما يكن .... انها زوجته و ستظل زوجته .... غدا سيعالجها اما الليلة 
جذبها من ذراعها بشدة حين استدارت ... لتعود اليه مرتطمة بصدره بينما هو يلقى بسترته على الارض ليسحب حلا بين ذراعيه مقبلا اياها بكل شغف الايام السابقة .......
ها هى عادت الى مكانها بين ذراعيه .... الشيطان الاسمر .... موطنها الدافىء ..... جدارها القوى ....
حملها بين ذراعيه بنفاذ صبر ليلقى بها على الفراش ليعود اليها حاملا اياها لعالمٍ غابا فيه و قد تركا خلفهما كل ما حدث سابقا .... ليقلقا عليه صباحا ..... وليس الليلة .......

الفصل الثانى عشر (1)

كان يضمها بين ذراعيه و هى مستلقية على صدره , يده تداعب بشرة ذراعها بحنان بينما ترتسم على فمه ابتسامة نمر نجح فى اصطياد فريسته ..لامست شفتاه خصلة الشعر الساقطة بنعومة على جبهتها ثم همس فى اذنها 
( هل آلمتك حبيبتى ؟......)
احمر وجهها بشدة فدفنته اكثر بصدره و هى تهز رأسها علامة النفى ,ضحك برقة وهو يزيد من ضمها اليه مستمتعا بخجلها الذى يلهب مشاعره .. 
انه لا يصدق ما حدث ... منذ ساعات قليلة كان فى أسوأ حالاته المعنوية و كان جحيم شوقه اليها يهدد بحرقه حيا ... لم يكن يتخيل ان تنتهى هذه الليلة بهذا السحر الذى فاق كل توقعاته و كل جنون خياله ....
لا يصدق تدفق عاطفتها الذى كاد ان يصيبه بالجنون .. لقد ذابت بين ذراعيه فى لحظةٍ واحدة ليذوبا معا كنارٍ سائلة احرقتهما معا ...
من كان يظن ان صغيرته حلا قد كبرت و اصبحت امراءة غاية فى الروعة و السخونة ...... بالرغم من كل ما حدث لها .....
اللعنة هاهو يعود للواقع الأليم مرة أخرى .................تنهد بعمق يريد ان يبعد هذا الواقع عن ذهنه المخدر بها حاليا .....
شعر بشفتين ناعمتين تلامسان صدره مرة بعد مرة فخفض نظره اليها مذهولا بما تفعله , لكن لم يستمرذهوله للحظتين حتى اندلعت نيران الرغبة فى داخله من جديد ليدفعها لتستلقى على الفراش ناظرة اليه مذهولة من عمق النيران المشتعلة بعينيه , ليغيبها من جديد فى عالمٍ مجنون أسرهما معا بجنونه ......
أخيرا ابتعد عنها قليلا لينظر لعينيها و هولايزال يلهث من عمق ما تشاركاه للتو .....فطالعته عيناها النجلاوان تنظران اليه باستسلام شتت أعماقه .......
يا الهى ... ما أجملك يا حلا .... وما أعذبك ....ما تلك العاطفة المجنونة التى كنتِ تخبئينها بجدارٍ الماضى القاسى .......... 
استلقى بجانبها لا يفصله عنها نفسا واحدا .. يريد ان يعتصرها حتى تدخل صدره .....تنهد مرة أخرى و هو يقول هامسا ضاحكا برقة 
( أنتِ رائعة حبيبتى ...... رائعة للغاية )
على قدر ما أشعرتها جملته بالخجل الفظيع الا أنها أشعرتها أيضا بسعادةٍ لا توصف , و احساسٍ بثقةٍ لم تكن تظن أنها ستشعر بها يوما ....نظرت اليه بجرأة لم تعرف أنها تمتلكها و ابتسمت له باستحياء ....
ظلا ينظران الى بعضهما البعض و عيونهما تتبدلان حوارا هما نفسهما لايسمعانه .........
انها غاية فى الروعة .... لا ينقصها شيء ابدا ... انها مثالية فى هذه اللحظة ...اذن لماذا لا يترك الأمور عند هذه النقطة ليبدآ بداية جديدة تماما ....الا انه لا يستطيع , بداخله يعلم انها تحتاج لمساعدة .. والا فسيظل مرعوبا عليها لآخر يومٍ فى حياته ....
ناداها برقة (حلا ....) فأجابته بعذوبةٍ خجولة
(نعم ...)
أخذ يداعب ذراعها برقة ٍ ثم قال 
( هناك خبرا لا تعلمينه بعد ....)
نظرت اليه متوجسة بتساؤل فأكمل 
(سابين ستتزوج بعد يومين ....)
استقامت جالسة بسرعة و هى تسحب غطاء الفراش الى صدرها و تقول مصعوقة 
(ماذا ؟!!..... من ستتزوج ؟...)
أجابها بهدوء و هو يلامس ظهرها بنعومة ليهدىء من انفعالها 
(ستتزوج أحمد مهران ....)
ظلت تنظر اليه مذهولة لا تدرى ماذا تقول ...أحمد مهران ابن عمة أدهم ؟!!.... القطب الثانى فى الامبراطورية؟!...
... مع انه خبرا منطقيا ان تتزوج سابين من رجلٍ غير عادى كأحمد مهران ... انهما يليقان ببعضهما للغاية .....بينما هى !!.......
جلس ادهم هو ايضا و هو يلاحظ وجومها فأمسك بذراعيها و هو يقبل كتفها برقة ليعيد اليها الوهج الدافىء الذى كانت تعيشه بعيدا عن اى توتر , لكن حين لاحظ تصلبها ابتعد قليلا و هو يقول بقلق 
( حلا ... ماذا بك حبيبتى )
نظرت اليه باستسلامٍ ضعيف مزق قلبه ... لوهلةٍ شعر بما تشعر به و احس بأوجاعها الصامتة القديمة , فجذبها الى احضانه بحنانٍ وهو يربت على شعرها حتى ترتاح ثم اكمل بصوتٍ خافت 
(سأكون انا و فارس شاهدين على العقد .... ثم بعد عدة أيام سيقيمان حفل الزفاف )
ظلت حلا مختبئةٍ بأحضانه و هى تفكر أن سابين تستحق الأفضل ... واحدة مثلها تستحق أدهم ...وهو يستحق واحدة مثلها , فهل يشعر بالندم على ضياعها منه ., و فوز أحمد مهران بها .....
افاقت من افكارها المريضة على صوت ادهم وهو يقول بينما يشدد من احتضانها 
(بالطبع سنحضر الزفاف ... ستكون اول مناسبة نحضرها كزوجين )
انتابها الهلع من هذا الموقف الغير متوقع .... تحضر زفافا كهذا ... سيحضره كل من عرفوها وعرفوا طلال .... سينظرون اليها ....قد يكون هناك من يعرف ما كان عليه طلال .... قد يكون هناك من سمع عن الحادثة القديمة .....لا ... لا ... لا ...لن تستطيع مواجهة احد ابدا .....
قالت فجأة بدون مقدمات 
( لا اريد الحضور ...)
تنهد ادهم وهو يعلم ان هذا هو الرد الذى توقعه .. وهو حقا لا يهتم لحضور زفافهما كثيرا و خاصة أنه زفاف سابين التى اوقعت باحمد مهران بهذه السرعة بمقدرة ٍ فذه ذكرته ب...... اقشعر بدنه وهو يتذكر الافعى السوداء 
الا ان المهم لديه الآن هو ان لا يكون لدى حلا اى خوفٍ من اى شيء .... لذا فهو يريد منها الحضور بكل ثقة متحدية مخاوفها ... و سيرى من سيجرؤ على الاقتراب منها ......آآآه فقط لو كان موجودا وقتها ... لقد كان بعيدا عنها آلاف الأميال .... وهم جميعا عملوا على إخفائها اكثر و اكثر .... وكان هو من النذالة بان يتركها لهم بهذه البساطة ....
اجل الجدل معها عن حضور الزفاف حاليا ليفاتحها فى الموضوع الأهم و الذى اخره طويلا حتى الآن .... قال بصوتٍ خافت حتى لا تجفل 
( حلا .... سنذهب غدا انا و انتِ ....لمكانٍ ما )
رفعت رأسها اليه بسرعة و هى تنظر اليه بقليل .. قليل من الحماسة المتوجسة و هى تشعر بأنه قد يكون اعدد لها مفاجأة ممتعة فهمست بسرعة 
(اين ؟....) 
تنهد ادهم بقلق وهو ينظر الى الحماسة المنبعثة من عينيها الضعيفتين و التى مزقت قلبه لانه يعلم انه سيبدد حماستها حالا ....
ثم لم يجد بد من ان يقول ببطءٍ شديد
( الى الطبيب ....)
ظلت تنظر اليه بعدم فهم و بدون اى تعابير على وجهها.....فتابع وهو يدعو الله الا تنفعل 
( طبيب ... سيتحدث معكِ قليلا .... و... قد تحكين له ما يضايقك ....)
لم يتغير اى شىء ولم تتحرك عضلة واحدة فى وجهها و هى تنظر اليه .... ثم فجأة صرخت 
(هل تظننى مجنونة ....)
امسك ادهم بها بقوةٍ وهى تقاومه بضعفٍ و ارهاق بينما اخذت الدموع تنساب على وجنتيها 
( حلا ..... اسمعيني اولا ...)
ظلت حلا تقاومه و قد بدأ صوت بكائها يتعالى و هى تقول بصوت متقطع 
( انا لست مجنونة ... انا فقط ... احتاج لبعض الوقت .... ان كنت تشعر بالنفور منى فلماذا......)
قطع باقى كلماتها الحمقاء بشفتيه يقبلها بكل مايحمله من ضغوطٍ تكاد تخنقه ...و استمر يقبلها باجتياح حتى هدأت تماما بين ذراعيه ....اخيرا رفع رأسه وهويصرخ من بين أنفاسه المتقطعة 
( هذا هو ما أشعر به من نفورٍ نحوك .....)
ارتمت على صدره وهى تبكى تكاد ان تنهار بعد كل هذا الارهاق العاطفى الذى تعرض له فى الساعات القليلة السابقة ......اخذ ادهم يهدهدا وهويهمس فى اذنها مطمئنا لها و مؤكدا بأن كل شيء سيكون عل ما يرام ..... 
تشبثت به بقوةٍ تستمد منه كل ما تستطيعه من قوة ٍ وحماية ... ثم اخذت تهمس بضعف متقطع 
( لا تجبرنى على الذهاب يا ادهم ارجوك ..... ارجوك .... سأكون كما تريدنى ان اكون ..... سأكون كما تتمنى ان تصبح زوجتك .... لكن لا تجبرنى .... ارجوك )
(هششششش ...... كفى ... كفى .... لن اجبرك على شىء ابدا ...... سننتظر حتى تكونى مستعدة )
هدأت بين ذراعيه فسحبها معه ليستلقيا على الفراش مدثرا اياها بالغطاء .... واضعا رأسها على كتفه حتى نامت اخيرا و لاتزال دموعها على وجنتيها .....
ظل ينظر اليها وهى نائمة .... وهو يتحسر على اللحظات الساحرة التى ضيعها بيده فى غمرة موجة العقل و الحكمة ....تبا فليذهب العقل للجحيم ........
.................................................. .................................................. .....................................
استقظت حلا من نومها ... وحيدة فى فراشها مرة أخرى ... كانت تتمنى ان يوقظها قبل ان يذهب الى عمله , كانت تظن ان بعد الليلة السابقة ستختلف حياتهما معا .... الا انه تركها وحيدة مرة اخرى .... لكن اليست هى السبب , هى من دفعته دفعا للعودة الى حياته ... لم تكن تعلم انها من الممكن ان ..... تشتاق اليه قليلا ..... كما تفعل الآن .......
نظرت جانبها فلاحظت ورقة مطوية ..... رسالة منه مرة اخرى ... تناولتها وهى لا تعقد امالا كبيرة .......قرأتها ببطء و قلبها يخفق بسرعة
(اضطررت للذهاب للعمل باكرا ...... شكرا على ليلة من الأحلام حبيبتى )
ابتسمت ببطء ورقة ..... ها استطاعت اسعاده حقا ؟!!...... ما الذى يجده فيها ؟... هل هى حقا الوحيدة فى حياته الآن ؟.......
لم تعرف لما شعرت باحساسٍ جارح عند هذه النقطة ........ وحتى ان كانت الوحيدة الآن ..فهى مسألة وقت لن يستطيع التمسك بإخلاصه لها طويلا.....سرعان ما سيجد امراءة قوية آسرة .....تسلب عقله و حينها يقارن بينها وبين زوجته الضعيفة ذات الماضى البائس و التى لم تستطع تحقيق أى نجاح يذكر بحياتها ........
عادت بتفكيرها الى سابين وزواجها من احمد مهران ....انها تستحقه .... بل كانت تستحق ادهم ..... انها مرأة مستقلة تحمل كل ما يتمناه الرجل .... بعكسها هى .....
أغمضت عينيها متألمة ..... وهى تعود للشعوربالكره لكل حياتها ....ولكل من آلموها و قهروها ......متى ستنسى .... متى ستنسى ....
شعرت أنها تكاد تختنق فى هذه الغرفة المسجونة بها ليل نهار .... تكاد تعد الأيام الباقية على نهاية حياتها ......
قامت من مكانها ببطء عازمة على النزول للحديقة ..... حتى لو احتملت رفقة السيدة اسراء سيكون افضل من بقائها هنا اكثر من ذلك ...
اخذت حمامها و ارتدت بنطالا من الجينز و قميص طفولية قصيرة بيضاء و جمعت شعرها الرطب على هيئة ذيل حصان طويل ...
نظرت الى صورتها فى المرآة فابتسمت بحزن وهى لا ترى صورة ترقى لمستوى زوجة ادهم مهران ابدا .... نفضت رأسها من افكارها التى كادت ان تصيبها بالجنون .... تريد الهرب من ضغط زوجة ادهم مهران ..... انها الآن حلا فقط .....
نزلت على درجات السلم درجة ..درجة .. منتظرة ان تسمع صوت السيدة اسراء الصارم ... اخذت تسير ببطء ناحية الباب الضخم ...لم تشعر بها بعد .... فتحت الباب بهدوء تحاول الا تصدر صوتا ... ثم خرجت ....... ها قد نجحت و اجتازت الباب وحدها................
اخذت تستنشق الهواء الرائع ملىء رئتيها ......نزلت درجات المدخل بسرعة ثم انطلقت تمشى فى الحديقة ...... لم تدرى الا وقدماها تقودانها الى الحديقة الخلفية و التى لم تزرها الا مرة واحدة ......مشوشة بالنسبة لها , الا انها تبحث عن حوض ورودٍ رائع لايزال يداعب مخيلتها الى الآن ......سارت ببطء حتى وصلت اليه ...... ها هو...... ما اجمله , انه رائع كما رأته أول مرة .....
ذهبت اليه وانحنت لتدفن وجهها فى وردة جميلة .... تماما كأول مرة .... لم تستطع مقاومة جمالها فقطفتها لتستنشق عطرها الرائع....
(لقد قطفتى وردة من ورودى ....)
استقامت بسرعة و هى تستدير ناظرة اليه بعد ان قال جملته بحزم .....
شعرت باحراج بالغ و هى تمسك بالوردة فى يدها لا تعلم ماذا تفعل بها .....بينما ظلت مطرقة لا تستطيع الرد .........
كان مستمتعا للغاية برؤية خجلها و ارتباكها .... لم يكن يظن ان زوجة ادهم مهران من الممكن ان تحمر خجلا و توترا بهذه الدرجة الساحرة ..... يا الهى ما اجملها ... انها تبدو كطفلةٍ رائعة الجمال ....
قال لها مبتسما مقررا ان ينهى ارتباكها 
(أنا امزح معك ِ ...... الحديقة كلها ملكك سيدتى ....)
ابتسمت ابتسامة صغيرة بخجل .... ثم قالت بصوتٍ خافت 
(ورودك ...... رائعة )
رد عليها بصوتٍ اجش منخفض 
(نعم .... رائعة للغاية )
تجرأت و رفعت نظرها اليه فوجدته يحدق بقسماتها فازداد احمرار وجهها بشدة الا انها لم تستطع الا ان تلاحظ وسامته المحببة و عيناه الصافيتين بلونٍ اخضر فاتح .... شعرت بأن نظرته ودودة للغاية ..... لا يشبه باقى العاملين هنا بالقصر ....انه غريب للغاية .... غريب لكن طريف .... تشعر بالرغبة فى الابتسام كلما رأته .....
سألته بتردد وهى لا تصدق قدرتها على ان تتكلم مع شخص غريب ...... لكن للعجب انها احبت هذا الشعور 
(هل تعمل هنا منذ وقتٍ طويل ...)
اجابها مبتسما برقة 
(فقط منذ عدة أشهر ...)
ابتسمت اكثر وهى تقول برقة 
(اذن لم تسبقني كثيرا فى المجيء الى هنا ...)
اتسعت ابتسامته من روعة ابتسامتها و هو يقول 
(نعم ... لقد جئت فى الوقت المناسب تماما ...)
لم تفهم تماما ما كان يقصده الا انها آثرت عدم الاهتمام وتشاغلت بالنظر حولها بينما هو لا يفارقها بعينيه ثم قال محاولا الا يغلق باب الحوار معها 
( طالما انك ِ احببت الورود ... لماذا لا تنزلين هنا كثيرا )
ظلت صامتة مترددة فادرك انه ضايقها بسؤاله فاكمل كلامه 
(لو احببت .. تستطيعين زراعة ورودك الخاصة من الآن ....)
رفعت رأسها اليه بسرعةٍ و هى تقول بلهفة ٍ طفولية 
(حقا ..)
ابتسم ليبعث الثقة بداخلها وهو يقول مؤكدا 
(بالتأكيد ... لقد أخبرتك ان الحديقة كلها ملكك سيدتى ..)
صمتت لحظة ثم قالت بتردد
(لا احب... كلمة سيدتى ..ابدا)
رد عليها برفق 
(اذن بماذا استطيع ان اخاطبك )
قالت له بصوتٍ خافت 
(انا ..حلا )
رد عليها مبتسما 
( وانا ... هلال .. تشرفت بمعرفتك ...يا حلا )
أمومأت برأسها مبتسمة و هى ترد بخفوت 
(و أنا أيضا .....هلال )
.................................................. .................................................. ..............................................
كانت تقف بباب الغرفة كعادتها دائما تراقبه وهى تشعر بذبذبات غضبه تتردد فى ارجاء الغرفة ....آه يا حبيبى .... كيف أستطيع ان أريحك ... ماذا افعل الآن ....
اقتربت ببطء من الاريكة التى يجلس عليها و هو يستند بذراعيه على ركبتيه بينما ملامحه الشرسة متصلبة لا تعرف معنى الهوادة ..
وصلت اليه ثم جثت على ركبتيها أمامه واضعة يديها الصغيرتين على ذراعيه و هى تهمس
( الا زلت غاضبا منى ...)
شعرت بأنفاسه الملتهبة تضرب قمة رأسها بينما بدا لها و كأنه يحاول جاهدا السيطرة على غضبه ... فانهار قلبها له , لم تعهده يحاول السيطرة على غضبه منها أبدا .... لكن الآن .... 
قالت محاولة الوصول الى داخل قلبه 
( فارس .. انها أمى و هى تحتاجنى )
رفع رأسه بشراسة و عيناه المحتدتان تكادان ان تحرقانها و هو يقول بعنف يكاد ان يكون صراخا
( أمك ؟....أمك التى باعتك لرجلا أعمى و أنتِ لازلتِ فى الثامنةِ عشر ؟...... أمك التى لم تسأل عنكِ لمرة واحدة لمدة ثلاث سنوات كاملة ؟.......)
طعنها الألم بشدة فأغمضت عينيها لا تريد ان تبكي الآن من اهانته الغير مقصودة لها ...حاولت ان تأخذ عدة أنفاس ثم همست 
( هى لاتزال .....أمى )
مد يديه بسرعة و أمسك وجهها بقوةٍ جاذبا اياه ليقترب من وجهه ثم همس أمام شفتيها 
؛(اذن اذهبى للجحيم ....ولا تعودى )
لم تخف منه هذه المرة ... ليس بعد كل ما تشاركاه الأيام السابقة.....حررت وجهها منه ببطء ثم أدخلت نفسها بين ركبتيه لتحيط عنقه بذراعيها الناعمتين واضعة خدها بنعومة على ذقنه الجارحة .....وحين شعرت بتغير سرعة أنفاسه همست بأذنه 
( لن اذهب للجحيم .... و لن أذهب اليها ان كنت لن تعود معى )
قال بخشونة وهو يحيط خصرها بذراعيه بتملكٍ سافر 
(أنتِ تعلمين جيدا اننى لن أعود.... فمن تختارين ؟؟....)
تنهدت بعمق ثم همست 
(أنت تعلم جيدا...من أختار دائما )
لم يستطع التحمل اكثر فجذبها اليه بشدة ليلتهم شفتيها بشفتيه و كأنه يريد ان يثبت تملكه لها و يثنيثها عن التفكير بأى شىء سواه ....
آآآآه.... ما اجمل استجابتها ... يكفى فقط ان يلمسها لتذوب بين ذراعيه ....آآآه يا قطعة الحلوى ما أعذبك .. و ما أحلا من مذاقك ...
الى متى يا سما .... الى متى ستظلين محرمة علي ... ولماذا اشعر انه ليس من حقى لمسك بعد .....
حاول رفع رأسه الا انها استمرت فى جذبه اليها و قد ضاعت تماما كما تضيع كل مرة .... ابتسم ببهجة تحت شفتيها و هو يشعر بلهفتها المتزايدة .....انها تماما كما يجب ان تكون وردة فى مثل عمرها ..... انطلاقها العاطفى لا حدود له .... وهذا ما يشعره بانه ما يزال حيا يتنفس ....
لكن بالطبع حين شعر ببدء فقدان سيطرته على نفسه ابعدها عنه برفق و هو يتنفس بصعوبه ثم قال بصوتٍ متحشرج 
(هيا لنسبح فى البحر ..)
نظرت اليه بصمتٍ و لم تستطع ان تجيبه لعدة لحظات .....ثم اخيرا همست باحباط
(لكن ... قد يكون ماء البحر باردا قليلا الآن )
ابتسم بشرود ثم قال لها بصوتٍ مغوى 
(انا سأدفئك ....)
ظلت صامتة تظر اليه .... لماذا يبتعد عنها كل مرة ... أ لايزال يتلاعب بمشاعرها ؟.... لا ... بالتاكيد لا....لكن لماذا يذيقها حبه ثم يبتعد عنها .... الازالت طفلة بالنسبة اليه ؟..... لكن مايظهره نحوها يؤكد انه لايراها طفلة ابدا ..... لكن هل يراها حقا ؟.... 
انه يراها بشكلٍ مختلف عنها تماما .... ولا يزال يناديها بين حين وآخر ب (ياسمينا ..) شعرت بطعنة الألم لدى تذكرها لهذا الأسم الذى لا ينطق به الا وهما فى غمرة الهوى ... لم تواتيها الجرأة لتسأله عنها .... اتكون هى حبيبته التى تركته بعد اصابته ....الايزال يتذكرها .. ويتخيلها بين ذراعيه حين يكونا ....
اغمضت عينيها لا تريد ان تخرب روعة ما يحدث بينهما .... ولن تدع ذكرى قديمة تستولى على حبها ابدا .....فارس لها ... فارس طفلها الذى لن تتركه لغيرها ابدا .....
تنهدت بعمق ثم قالت بحزم 
(سأذهب لأعد نفسي ....)

الفصل الثانى عشر (2)

كانت فى غرفتها بعد ان جهزت نفسها للسباحة مع فارس , فانتهزت الفرصة لتهاتف سابين ... ففارس لا يكاد يفارقها لحظة واحدة و حتى و قتا متأخرا من الليل لا يترك لها الفرصة لتكلم ايا من حلا او سابين ابدا
ما ان سمعت صوت سابين على الهاتف حتى هتفت
(سابين ... كيف حالك لقد اشتقت اليكِ جدا )
سمعت صوت سابين يأتى عاتبا
( يكفيكى فارس يا سما ....لا اصدق ان بعد عودتك بثلاث سنوات كاملة تعودى لتختفى معه مرة اخرى ... حتى اتصالاتى لا تردين عليها )
كانت سما تستمع لكلام سابين الغاضب و هى صامتة مطرقة برأسها ... تعلم تماما انها محقة .... فهى لا تفكر مرتين حين يتعلق الأمر بفارس ..... ستكون كاذبة ان قالت ان فارس ليس محور حياتها و ان لا شيء آخر يوازيه أهمية عندها .....الا ان ذلك لا يمنع انها تشتاق لسابين جدا ...جدا
قالت سما بصوتٍ منخفض بعد ان انهت سابين كلامها
(انا آسفة جدا سابين .... اعلم انكِ غاضبة منى ... لكن انتِ تعرفين ظروفى ... لم أستطع ترك فارس يأتى الى هنا وحيدا .... انه يحتاجنى )
قالت كلمتها الأخيرة بصوتٍ يكاد يكون همسا .... وفى المقابل سمعت زفرة سابين الغاضبة ثم صوتها الاشد غضبا
(الى متى يا سما ... الى متى ستظلين جاريته )
قاطعتها سما بسرعة وبصوتٍ عالى للمرة الاولى
(لا تقولى هذه الكلمة سابين .... فارس يفعل كل ما يستطيع ليسعدنى )
قالت سابين بصوتٍ هازىء
(نعم بالتأكيد ... استطيع سماع السعادة فى صوتك .... كما استطيع تخمين مقدار ما تشعرين به من سعادة فى حبسك الانفرادى ...)
أغمضت سما عينيها .... ليس الآن سابين .... ليس الآن .... لا تحبطيني الآن ... ليس بعد ان بدأت أشعر بالقليل من السعادة .... بعد سنواتٍ طويلة من الحرمان....
أخيرا تكلمت سما همسا بصوتٍ مجروح
( سابين ... كيف حال أمى )
ساد صمتٍ مطبق فى الجهة الاخرى حتى كادت ان تشعر به يخرق اذنيها .... ثم قالت سابين اخيرا بصوتٍ كالفحيح
(لقد حاولت الوصول اليكِ اليس كذلك ...)
سكتت سما قليلا ثم تنهدت وهى تقول
(سابين ... أمى اخبرتي انها مريضة ... وهى تحتاج للرعاية و أنا ....أنا لا أستطيع المجىء حاليا )
سمعت ضحكة عالية ساخرة من سابين بينما تقول بشراسة
(مريضة ؟!!.... نعم بالتأكيد ... انها فقط تنتظر ان تأتى اليها و حينها ستمتص دمك قطرة قطرة )
حاولت سما الاعتراض الا ان سابين قاطعتها بحزمٍ وهى تقول
( اتركى موضوع أمك الآن , انا استطيع ان اتكفل بها ..... لدى خبرا هاما جدا حبيبتى ...... أنا سأتزوج )
صرخت سما باندهاش
(ماذا ... كيف .... من ؟!!!!)
سمعت ضحكة سابين الناعمة و قبل أن تجاوبها هتفت سما مرة أخرى بصوتٍ اكثر انفعالا
(أنه أحمد مهران ... اليس كذلك ؟؟)
جاءها صوت سابين مندهشا بشدة
(كيف علمتِ ؟!!!....ايثار اخبرتكِ اليس كذلك )
الا ان سما ضحكت عاليا وهى لا تزال مصعوقة
(بالتأكيد لا ... هل تمزحين ؟!!..... لقد شعرت بالذبذبات العالية التيار بينكما .... بالكاد تستطيعان ابعاد يديكما عن بعض )
سمعت صوت سابين يأتى متوترا
(تأدبي سما....)
ظلت سما تضحك عاليا بينما سابين تحاول اخبارها بالتفاصيل و بأنهما سيحضران الزفاف هى و فارس الذى سيشهد على عقد القران مع أدهم ....
كانت سما تضحك بسعادة من أجل سابين ... هل سيكتب لواحدة من نساء الراشد السعادة أخيرا .....
فجأة اجفلت بشدة حين فتح باب غرفتها بعنف و رأت فارس يدخل بنظراتٍ مشتعلة .... قال لها بعنف
(مع من تضحكين ...)
نظرت سما اليه بدهشة ثم قالت بصوتٍ متوتر
(انها سابين ....)
ظهر عليه الارتباك لحظة الا انه عاد يقول بحنق
(انا انتظرك منذ وقتٍ طويل ..)
همست سما بسرعة و هى تدرك ان سابين بالتاكيد سمعته
(حاضر.... حاضر )
اعادت وضع الهاتف على اذنها وهى تهمس لسابين
(سابين سأكلمك فى وقتٍ آخر ......)
هتفت سابين بغضب
(سما لا تسمحى له ب.....)
قاطعتها سما بسرعة تخشى ان يصل صوت سابين لفارس الذى بات ملتصقا بها ينظر ناحيتها بغضبٍ سينصب عليها لاحقا
(ليس الآن سابين .... اعدك سوف اكلمك مرة أخرى )
ثم اغلقت الهاتف بسرعة وهى تأخذ نفسا عميقا استعدادا للمواجهه ... التفتت الى فارس الذى ينظر اليها أمامه بقسوةٍ ثم قال بعنف
(هل اصبحت فجأة شديدة الأهمية .... كل الناس يريدونكِ بجوارهم ..... )
ظلت سما تنظر اليه لا تعلم سبب غضبه منها .... كل هذا لأنها كلمت سابين ؟!!......الا انها قالت بهدوء
(انا آسفة ... اردت الاطمئنان عليها و على أمى )
لم تزل القسوة عن وجهه بعد الا ان غضبه بدأ فى التراجع ثم قال أخيرا
(هل تنازلت ايثار عن فكرة الاستيلاء عليكِ؟......)
نظرت اليه متعجبة من كلمة استيلاء .... انها امها ... حتى لو لم تكن أما مثالية الا انها أمها فى النهاية ......
لكنها قررت تغيير هذا الموضوع الذى يثير غضبه.... فقالت بهدوء
(سابين ستتزوج أحمد مهران ...... و سنذهب أنا و أنت لتشهد على العقد مع ادهم )
اخذت ملامحه تتبدل من دهشة الى استهجان الى سخرية و ازدراء ... كل أنواع المشاعر العدائية التى لا تحمل أى نوع من الفرحة الخالصة .... ولقد أغضبها هذا حقا منه ... اليس من حق سابين الفوز برجلٍ رائع ... اليست السعادة من حقها ككل الناس .....
ظلت تنظر اليه مجروحة من قسوته الموجهه لسابين الرائعة ....... ثم سمعته يقول بإستهزاء
( اذن فقد اوقعت ايثار بأحمد مهران و أدهم مهران .... حقا يتزايد إجابى بمقدرتها الفذة يوم بعد يوم )
كانت القسوة بدأت تزحف الى قلبها بعد أن تكلم عن أمها أمامها بهذا الشكل المهين .... كانت لتتهاون مثلما كانت تفعل سابقا .... لكن الآن بعد هذه الأيام الرائعة بينهما ... شعرت انهما متجهان لنقطة الصفر من جديد , فها هى نظرته المتوحشة تعود لعينيه من جديد ... بعد ان تركتهم جميعا لتتبعه الى هنا .... و هى التى لم تشبع شوقها إليهم بعد .....
غضبها جعلها تقول ببرود
(نسيت أن تذكر أنها أوقعت بك أيضا ........)
رأت برعب يده وهى ترتفع فظنت للحظة أنه سيضربها مثلما كان يفعل دائما .... الا أن دهشتها كانت عظيمة و هى تراه يغمض عينيه ويضم قبضته بينما يحاول أخذ أنفاس عميقة بطيئة و كأنه يحاول السيطرة على غضبه و تهدئة نفسه
أخيرا فتح عينيه وقال وهو يتنفس بصعوبة و يمد يده اليها
(لماذا نسمح لهم أن يسرقوا من وقتنا معا يا سما ......)
ذاب قلبها بسرعةٍ خرافية ورقت عيناها ..... وعادت الى محور كونها من جديد ... وهى تتسائل بداخلها ....نعم حقا لماذا؟....هل هى بمثل هذا الغباء؟!!.....
فارس حبيبها وعشقها المستحيل .... يقف مادا اليها يده ينتظرها , بينما هى تجادله بكل غباء ...... هل نسيت أياما كانت تستجدى منه كلمة واحدة ...... تهفو لرؤية ابتسامه حتى وان كانت لغيرها ....
ابتسمت بعشقٍ يملأ قلوب المحبين جميعا ....ثم اقتربت منه خطوة و مدت يدها الصغيرة لكفه الممدودة التى أغلقت على يدها بقوةٍ ما أن شعرت بملمسها الناعم .....
جذبها اليه بقوةٍ فارتمت على صدره و هى تشعر بيديه تبدآن رحلتهما التى إعتادتها فى الأيام الأخيرة على ذراعيها و خصرها و أكتافها
لكنها لاحظت فجأة عبوسه و هو يتلمس أكتافها المكشوفة .... ثم انتقلت يديه الى ظهرها العارى حتى خصرها .....
عندها اتسعت عيناه بوحشية و هو يحرك أصابعه صعودا و نزولا على ظهرها و كأنه يريد التأكد أن ما يشعر به حقيقة ......
أخيرا همس بشراسة
(ماذا ترتدين؟....)
ابتلعت ريقها وقد دب الخوف بداخلها من جديد فقالت متلعثمة
( ثو.... ثوب ...سباحة )
عقد حاجبيه و قد بدت عليه الهمجية بينما أمسك بذراعيها بشدة و هو يهتف
(ثوب سباحة؟!!..... من أين جئتِ به ؟..... كنتِ تسبحين بملابسك الأيام الماضية......هل ارتديتيه قبلااا ؟....)
سأل سؤاله الأخير وهو يكاد يصرخ كالمجنون فاجابته وهى ترتعش بينما تلعن هذه الخطوة المجنونة
( كان عندى منذ وقتٍ طويل .... الا اننى لم أرتديه يوما ... اقسم لك يا فارس )
أخذ يتنفس بغضب ........ثم قال أخيرا بحنق
(وكيف تجرأتِ ولبسته الآن ؟....)
قالت بارتجاف
(المكان هنا مهجورا نوعا ما فى هذا الوقت من العام ......)
عاد اليه غضبه و هو يهتف
(نوعا ما؟!!..... ما الذى أستطيع ان أفهمه من جملة " نوعا ما " هذه )
ظلت صامتة ترتجف بين ذراعيه .... وهى لا تعلم اى شيطان حثها على ارتداء مثل هذا الثوب ... فكرت انها قد تنجح فى اغرائه ما ان يأخذها بين ذراعيه بين الأمواج كما يفعل دائما ..... الا انها اثبتت سذاجة منقطعة النظير و قد فشلت خطة الإغراء تماما قبل حتى ان تبدأ....
حين شعر بارتجافها بين يديه راجع غضبه قليلا...الا انه لم يهدأ بعد ... لم يصدق اصابعه وهى تتجول على جسدها العارى .... جن جنونه حين تخيل ان احدا قد يراها بهذا المنظر ..... جن جنونه حين تخيل منظرها اصلا ...... لابد و انها تبدو رائعة كملمسها وكرائحتها.....
زفر بغضبٍ متخاذل ثم قال اخيرا بفظاظة
(بدلى ملابسك حالا ....)
ردت بصوتٍ هامس مرتعش
(حاضر... لن استغرق اكثر من لحظات)
انتظرت منه ان يتركها .. الا انه لم يتحرك من مكانه ... ظل متمسكا بها بين احضانه .....
راقبته و هو يبتسم تدريجيا و يشدد قليلا من احتضانه لها ثم قال لها بصوتٍ خافت
(هيا ماذا تنتظرين ؟.... لقد تأخرنا ...)
رفعت حاجبيها محاولة الاستيعاب بعد ان اصابتها موجة من الغباء المفاجىء ..... ثم قالت اخيرا بمغزى لعله يفهم وحده
(حسنا.....)
ظل واقفا مكانه لا يتحرك ولا تغادر الابتسامة شفتيه ... ثم قال بعد لحظاتٍ
(انتِ لا تتحركين سما.....)
افلتت منها ضحكة صغيرة لم تستطع السيطرة عليها فما كان منه الا ان اتبعها بضحكةٍ مماثلة منه
ظلا واقفين لا يتحركان ... بينما قلبيهما يضربان بعضهما البعض بعنف .... ثم همس اخيرا و هو يبتعد عنها قليلا
(هيا سما.....)
همست وهى تكاد تموت خجلا
(لا أستطيع ....)
اقترب من اذنها وهو يهمس (سما ...لا أستطيع ان اراكِ )
نظرت الى عينيه التى تلمع بشدة تكاد ان تلتهمها اكثر من أى مبصر فى العالم .....ثم همست أخيرا مبتسمة
(حسنا اذن ..... لكن ابتعد الى نهاية الغرفة )
اتسعت ابتسامته و هو يهمس
(قاسية .....)
الا انه اخذ يبتعد بظهره الى ان ارتطم بجدار الغرفة فاستند عليه بظهره و كتف ذراعيه وهو يراقبها مبتسما .....
ظلت تنظر اليه مبتسمة.....ثم اخذت تنزل حمالتى الثوب .... تشعر بخجلٍ لم تشعر بمثله فى حياتها كلها .........
.................................................. .................................................. ...................
ها قد أصبحت زوجته ......نظرت اليه و نظر اليها ..... بعد لحظاتٍ من عقد القران و قد غاب عنهما كل من حولهم
تم عقد قرانهما فى قصر ادهم مهران بناءا على طلبه .... ولم يحضر الا هو وحلا وفارس وسما .... وتالا الصغيرة بالطبع التى بدت و كأنها قبضت على نجمة من نجوم السماء فاخذت تقفز مبتهجة بين الحين و الآخر .. لا تصدق ان الساحرة الخيالية قد خرجت من كتاب الحكايات و ستقيم عندهم ....وستكون لها.. تلعب معها كما تشاء ...
اقتربت سما من سابين وهى تكاد تقفز من السعادة ثم تعلقت بعنقها وهى تقبلها .....ابتسمت سابين حين لاحظت ان سما و تالا تحملان نفس الانفعال الطفولى و هما الوحيدتان اللتان تظهر عليهما مظاهر السعادة ...... بينما تسود حالة الوجوم الشديد على جميع الحاضرين ...الا انها لم تهتم ....
يكفيها فقط انها اصبحت زوجته ..... عادت لتنظر اليه فوجدت عيناه مثبتتان عليها بدون ان يبدو اى تعبير على وجهه ......
لقد اهتمت كثيرا بمظهرها بالرغم من قلة عدد الحاضرين ....فصففت شعرها على هيئة ضفيرة معقدة رائعة تنساب على كتفٍ واحدة وخصلةٍ ناعمة منسابة على جانب وجهها ....
وكانت ترتدى ثوبا غاية فى الروعة ... منسابا على جسدها الطويل بنعومة ...ذو لونٍ ازرق داكن لامع يجعلها تبدو كحجرٍكريمٍ نادر الجمال .....
لاحظته يقترب منها ببطء فاخذ قلبها ينتفض بشعورٍ غريبٍ عليها .....ظلت نظراتهما مثبتتان ببعضهما حتى وصل اليها ....فرفعت رأسها تنظر اليه و قد انفرجت شفتيها مخرجة نفسٍ ساخن ناعم .......
اقترب وجهه منها ثم مد يديه القويتين ليمسك بوجهها ....... ثم انحنى ليطبع قبلة دافئة على جبهتها .... اغمضت عينيها و آهٍ صغيرة تخرج من فمها لم يسمعها الا هو فابتسم برجولة ٍ تقطع الأنفاس .......
نظرت اليه بعينيها الناعستين كعيني قطة مدللة و هى تفكر ........ان كان هذا هو مذاق قبلته على جبهتى ... فكيف هو مذاق قبلته الحقيقية ..... ارتعش جسدها عند هذه النقطة فأسبلت رموشها مبتسمة بسحر ٍ يأسر الحجر .....
(أبى هذا يكفى .....انه دورى .. اريد ان أرى العروس .....)
انطلقت هذه الجملة من شفتى تالا الصغيرة التى أخذت تقفز وتصفق بانفعالٍ لم تستطع السيطرة عليه .......
ابتعد احمد مبتسما بحنانٍ كاد ان يذيب سابين من روعة ابتسامته .....ثم استدار الى تالا و انحنى ليحملها بين ذراعيه ليصبح وجهها مقابلا لوجه سابين ......
اخذت تالا تلامس ضفيرة سابين بانبهار طفولى.....بينما تظاهرت سابين بالعبوس وهى تقول
(اهلا بالمخادعة الصغيرة ....)
ضحكت تالا باحراج وهى تقول
(لم استطع ان اتوقف .... كنت اريد ان اعلم ماذا ستقولين عن ابى دون ان يعلم ....)
ابتسمت سابين وهى تنظر الى احمد الذى عقد حاجبيه مندهشا .....ثم قالت
(وهل أخبرته ؟......)
ضحكت تالا بمرحٍ وهى تقول
(لا .... سيكون هذا سرنا الخاص )
قال احمد متعجبا
(هل تعرفان بعضكما ......)
ردت سابين باغراء قاتل
(بالتأكيد ..... هل لازلتِ تحبين الأشرار تالا ؟....)
أومأت تالا بسرعة وهى مبتسمة ثم قالت
(نعم .... لذلك اشعر اننى سأحبك جدا ....)
قال احمد بحزم
(تالا ... لا يصح ما قلتهِ لسابين ....اعتذرى لها )
لم تفقد تالا ابتسامتها بينما ردت سابين بصوتها الناقوسي
(لا داعى للاعتذار انه سر خاص بيننا .... نحن فقط نفهمه )
نظر احمد اليها متعجبا لا يصدق انها سابين الوقحة ...واخذ يتسائل بقلق
ما الذى اقحمت تالا بهِ؟...........
استدارت سابين حين شعرت بلمسة ناعمة على ذراعها ....نظرت بصمتٍ الى حلا الواقفة أمامها لا تعلم ماذا يمكنها ان تقول فى ظرفٍ مماثل......
أعفتها سابين من وقفتها التى لا تعنى شيئا و هى تقول ببرود
(الن تهنئينى يا حلا .....)
أومأت حلا برأسها .... استنتجت منها سابين انها تهنئةٍ من نوعٍ ما ....ثم عادت حلا مسرعة الى ذراع ادهم الممدودة لتندس فى حضنه الدافىء .....
فجأة انبعث لحن ناعم للغاية من ركنٍ من اركان القصر فنظرت سابين مستفسرة .....لتجد سما تنظر اليها مشجعة .....عبست سابين مؤنبة لسما .....ثم شعرت فجأة بيدٍ رجولية تلمس ظهرها , فانتفضت مستديرة لتجد احمد ينظر اليها نظرة ذوبتها .... وهويقول
( هيا لنرقص ..)
لم تشعر بنفسها و هو يسحبها بين ذراعيه بدفءٍ قاتل ... وقد اخذ جسداهما يتمايلان فوق السحاب
همست سابين
(اظن انك اخبرتنى مرة .... انك لا ترقص )
همس باذنها
(لم تكونى زوجتي وقتها ...)
همست بدلال
(لكنك راقصتنى يومها.....)
رد عليها بصوتٍ أجش
(لم يكن ذلك رقصا......)
ثم شعرت بيديه تتحركان بنعومةٍ على خصرها وهو يجذبها اليه اكثر بينما ارتفعت ذراعاها لتعقدهما خلف عنقه وهى تريح وجهها على كتفه ..... ثم همست
(نعم ... لم يكن رقصا )
ظلا يتمايلان و قد ضاعت الدنيا من حولهما و اختفت النظرات الفضولية و لم يبقى الا هما .....و الالحان الناعمة ......
كان الوقت متأخرا حين أوصلها الى بناية شقتها الصغيرة ....فاوقف السيارة و التفت اليها و هو ينظر اليها فى الظلام الذى لا ينيره الا ضوء القمر .... وضوء عيونها المشتعلة ....
تاهت نبضاتها منها و هى تنظر الى قوته الرائعة و عينيه التى تأسر عينيها بصمتٍ هدد باحراقهما ....
حررت عينيها من أسر عينيه لتلتفت قليلا الى المقعد الخلفى والذى استلقت تالا عليه ثم همست
(لقد نامت تالا .......)
لم يجبها ...ظل فقط ينظر الى جمالها الرائع الذى لا مثيل له ........ثم مد يده فجأة ليقبض على ذقنها بينما هبط بوجهه على وجهها كالصقر الذى ينقض على فريسته .......
شعرت بدوارٍ وردى دوخها فى دوامته .... نعم ... هذا ما تخيلته ... الا انه اروع .... اروع بكثير
ظل يقبلها ويقبلها وهو يشعر بالجنون من تجاوبها الخجول ......
رفع رأسه اخيرا وهويتنفس بصعوبة .... ثم استطاع ان يهمس
( سأنتظر زفافنا بصعوبة ....)
همست بسحر
(و انا ايضا ...)
اقترب منها مرة أخرى ....الا انها وضعت اصبعها بنعومة على شفتيه لتهمس
(قد تستيقظ تالا ...اراك غدا )
ثم فتحت الباب قبل ان تفقد القدرة على الخروج الى الأبد ... وهربت مبتعدة تطرق الارض بنغمة كعبيها العاليين
ظل ينظر الى طيفها المتمايل المبتعد الى ان اختفت تماما ..... حينها ... تلبدت ملامحه ثم ضرب المقود بقبضته بشدة و هو يشتم ...الا انه سكت تماما حين شعر بتالا تنتفض وهى نائمة 




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close