رواية قصة حنين الفصل السابع عشر17 والثامن عشر18 بقلم صباح عبد الله فتحي
في المساء في فيلا خالد، تجلس حنين بجوار الفراش الذي كان ينام عليه جدها وهي تبكي بحرقة، بينما تقول من بين بكائها: "ليه يا جدو مشيت وسبتني أواجه العالم الظالم اللي مش بيرحم حد لوحدي؟! أنت واحشني أوي يا جدو، ووحشني لمستك وكلامك، وحشتني ووحشني كل حاجة فيك."
تظل حنين تبكي إلى أن ذهبت في سبات عميق دون أن تشعر بذلك.
**اليوم التالي**
تستيقظ حنين على أصوات زقزقة العصافير، وهي تضع يديها على وجهها، تُبعد خصلة شعرها المبعثرة من على وجهها، وتقول بنعاس: "يا رب استغفر الله العظيم، راحت عليّ نومة ومش صليت الفجر."
ثم تنظر إلى الساعة وهي تقول: "الحمد لله، لسة الساعة خمسة. هقوم أصلي، وبعدين أخلص شغل الفيلا علشان ألحق أنزل جامعتي، وبعدها أبقى أروح شغلي عند الست نوال، وأشوف لو عاوزة حاجة مني أعملها. وبعد ما أرجع أذاكر لي شويه."
وبالفعل تنهض حنين، وبعد أن انتهت من الصلاة ذهبت باتجاه المطبخ وأحضرت الفطار إلى خالد. بعد ذلك قامت بترتيب مائدة الطعام، وبعد أن انتهت من كل شيء، ذهبت إلى غرفتها مرة ثانية وجهزت نفسها، وخرجت من الغرفة وذهبت إلى الخارج. تقف أمام البوابة وهي تقول: "معلش يا عم أحمد، أنا خلصت شغلي جوه ونزله الجامعة، ولو الأستاذ خالد أو حد سأل عليّ عرفوا إني نزلت."
يرد العم أحمد قائلاً: "ماشي يا بنتي، ربنا معاكي."
حنين: "يارب، يلا سلام عليكم."
أحمد: "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته."
تذهب حنين، وقبل أن توقف السيارة تنظر إلى الساعة التي توجد في يدها وهي تقول: "لسه الساعة سبعة، هروح للست نوال أشوف لو عاوزة حاجة، وبعدين أروح الكلية."
وبالفعل ذهبت حنين إلى منزل عائلة عاصي. عندما تصل، تجد نوال تجلس بمفردها. تردف قائلة بهدوء وهي تقف أمام باب المنزل:
"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا ست الكل."
نوال بفرح: "حنين يا حبيبتي، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. تعالي يا حبيبتي، ادخلي، واقفة عندك ليه؟"
تدخل حنين، بينما تقول نوال بخجل مما حدث أمس: "عاملة إيه دلوقتي يا حبيبتي؟ طمنيني عليكي."
حنين بحب وابتسامة هادئة: "والله الحمد لله. إنتي عاملة إيه؟ طمنيني عليكي يا قمر."
نوال: "أهو قاعدة، مش قادرة والله يا بنتي، بس هانقول إيه غير الحمد لله، والحمد لله على كل حال."
حنين: "يدوم الحمد، بس خير، مالك؟"
نوال: "والله يا بنتي، رجلي تعباني خالص."
حنين: "من إيه؟ وكشفتي ولا إيه؟"
نوال: "ده عادي يا حبيبتي، ما تخافيش. ده بس من تقدمي في السن، خلاص عجزنا وراحت علينا."
حنين بمزاح: "عجزتي إيه بس؟ ده إحنا اللي عجزنا."
تضحك نوال بخفة وهي تقول: "عجزتي إيه بس؟ ده إحنا اللي عجزنا."
وفجأة، ينزل عاصي ويجد حنين أمامه. يردف قائلاً وهو يشعر بسعادة من وجودها: "أنسة حنين، صباح الخير."
ترد حنين وهي تنظر إلى الأسفل: "صباح النور يا دكتور. بعد إذنكم، هدخل أجهز الفطار."
ثم تذهب حنين وهي تضع يديها على قلبها الذي ينبض بجنون، وتدمدم بكلمات غير مفهومة: "يا رب سامحني، مش بإيدي. يا رب اهدي لي قلبي، اللهم لا تعلق قلوبنا بما ليس لنا."
تنظر نوال إلى عاصي وتقول: "ربنا يوعدك يا عاصي يا بني بواحدة تكون زي حنين كده."
ينظر عاصي إلى آثار حنين وهو يقول دون وعي: "ربنا يوعدني بحنين."
نوال بدهشة: "أنت بتقول إيه يا عاصي؟"
ينتبه عاصي على ما يقول، ويرد قائلاً وهو يبلع ريقه بصعوبة: "ها... ولا حاجة."
نوال بخبث وهي تتظاهر بالغباء: "طيب اقعد يا عاصي، كان في موضوع كده عاوزة أقولك عليه."
عاصي بلهفة: "خير يا أمي؟"
ترد نوال قائلة وهي تنظر إلى حنين التي تقف أمامها تحضر الطاولة من أجل الإفطار: "بصراحة يا بني، أنا لقيت لك عروسة زي القمر، ونفسي أفرح بيك بقى."
ينظر عاصي إلى حنين، ثم إلى نوال وهو يقول بينما يفكر أنها تتحدث عن حنين: "ربنا يسمع منك يا أمي ويسعد قلبك."
نوال: "يعني أنت موافق على اللي أنا اخترتهالك ومش هتكسر بخاطري؟"
عاصي وهو ما زال يظن أن المقصود حنين: "وهاعترض على اختيارك ليه يا أمي؟ ده أنا بتمناه من ربنا."
تبتسم نوال وهي تقول: "ربنا يقدم لك كل اللي بتتمناه يا عاصي يا بني، أنت تستاهل كل خير. أنا إن شاء الله هعرف أبوك ونتفق مع الجماعة على يوم ونعمل الشبكة."
عاصي بتساؤل: "جماعة مين؟"
نوال: "أقصد على الأستاذ خالد، أمال هتخطب لك نوران إزاي من غير ما نتفق معاه؟"
عاصي بدهشة: "نوران مين؟"
وفجأة تأتي نوران من الخلف وهي تقول بينما تحاول السيطرة على مشاعرها، وهي تعلم أنه سوف يرفض عرض الزواج منها: "أنا يا عاصي."
ينظر عاصي إلى نوران بدهشة وهو ما زال لا يفهم ما يحدث، بينما تقول نوران بدموع التماسيح: "أنا بحبك أكتر من روحي يا عاصي، وعارفة إنك كمان بتحبني. علشان كده، أنا موافقة على الجواز منك. لما بابا فتح الموضوع معايا، أنا مش صدقت نفسي إنك كمان بتحس بنفس إحساسي وبتحبني زي ما أنا بحبك."
وفجأة، دون خجل، تحضن نوران عاصي وهي تقول: "أنا بحبك أوي أوي أوي يا عاصي. أنا أسعد إنسانة في العالم كله، مش مصدقة إنّي خلاص هكون ملك الشخص اللي أنا عمري ما فكرت في غيره."
يقف عاصي وهو ينظر إلى حنين التي هربت من عينيها دمعة دون أن تشعر بذلك، ويشعر أنه مقيد اليدين ولا يقدر على فعل شيء، فيظل صامتًا ولا يقول شيئًا.
بينما تنظر حنين إلى نوران بدهشة ودموعها تتسابق على خديها، ولا تعلم ما هو السبب، بينما يتسارع الحوار بين عقلها وقلبها.
**العقل:** "إيه يا حنين؟ مالك زعلانة ليه؟ ده دكتور في الجامعة، أكيد مش هيسيب نوران بنت البيه خالد ويبص لحتة خدامة."
**القلب:** "بس الحب عمره ما كان بالفلوس."
**العقل:** "حب إيه ده اللي يخلي واحد يسيب واحدة زي نوران علشان خدامة؟ ولا مال ولا جمال."
**القلب:** "اللي هايحب بجد هايكون مستعد يسيب العالم كله علشان اللي بيحبه."
**العقل:** "اللي يحب بجد بس! أكيد عاصي مش مجنون علشان يبص لحتة خدامة."
تضع حنين يديها الاثنين على أذنيها وهي تصرخ بصوت عالٍ دون أن تشعر: "بااااااااااس!"
ينظر الجميع إلى حنين بدهشة، بينما تقول نوال بفزع: "بسم الله الرحمن الرحيم، خير مالك يا حنين يا حبيبتي؟"
تنتبه حنين على ما فعلت وترد بتوتر وهي تحاول السيطرة على ما يحدث داخلها: "ها؟ مافيش... أنا اتأخرت على الجامعة ولازم أمشي."
ثم تركض حنين إلى الخارج وهي تشعر بالاختناق، وتريد أن تبتعد عن الجميع بأي شكل. بينما تبتسم نوران بخبث وتقول في ذهنها: "اصبري عليا بس، ده أنا هعمل فيكي عمايل... صبرك على بس."
وفجأة ينزل كاظم وهو يقول: "ماما، التلفون بتاعي كنت حاطه على الترابيزة، هو فين؟"
ترد نوال بغضب: "وأنا هسرح بيك وبتليفونك؟ شوفه، تلاقيه في أي مصيبة."
يرد كاظم بحزن: "بقى كده يا ماما؟ الله يسامحك."
يردف عاصي قائلاً وهو يشعر بضيق من أجل ما يحدث، ولا يقدر على فعل شيء: "بعد إذنكم."
نوران بدلع: "عاصي، بعد إذنك، لو نازل الجامعة ممكن تاخدني معاك؟ أصلاً بصراحة عربيتي بايظة وبتتصلح."
(في ذهنها: والله البت دي مضايقاني وهي اللي عاوزه تتصلح.)
ينظر إليها عاصي وهو يقول من تحت لسانه: "طبعًا، اتفضلي."
**عند حنين:**
تسير حنين علي الرصيف وهي تبكي ولا تشعر بشيء، وفجأة يظهر أمامها شخص مجهول وهو يقول بلهفة: "حنين، ليه مش جيتي زي ما قلت لكِ؟"
حنين بدهشة وقد نسيت الموضوع، ترد بصوت مخنوق: "بالله عليك، سبني في حالي. أنا والله اللي في مكفيني، لو كنت بتلعب بيا علشان حاجة أنا ماعرفش هي إيه، سبني في حالي الله يخليك. أنا بنت من دور بناتك لو عندك بنات."
يرد الشخص بحزن: "أنتي فعلاً من دور بنتي نوران، يا حنين."
حنين بصدمة: "بنتك نوران؟ مين؟"
**الفصل 18
تقف حنين في منتصف الطريق وتواجه الشخص المجهول، تنظر إليه بذهول عندما قال الشخص: "أيوا فعلاً يا حنين، أنتِ قد نوران، بنتي."
حنين بصدمة: "نوران مين اللي بنتك؟"
الشخص: "تعالي معايا يا حنين، وأنا هافهمك على كل حاجة، وصدقيني مش هكذب عليكِ في حرف واحد."
تنظر حنين إلى الشخص بذهول وتقول بصوت عالٍ: "لا، مش هاروح لأي مكان قبل ما أعرف نوران مين اللي بنتك."
يرد الشخص بحزن: "نوران خالد بتكون بنتي أنا وسلوي، مش بنت خالد وعبير."
ترجع حنين للخلف من شدة الصدمة وتقول: "أنت بتخرف! بتقول إيه؟ نوران بنتك أنت وسلوي؟ مين؟"
الشخص: "عارف إنك مش هتصدقي، بس أنا هاحكي لكِ كل حاجة علشان أموت وبالي وضميري مرتاحين. أنا عندي الخبيث وفي المرحلة الأخيرة، وعندي أمنية واحدة نفسي تتحقق. أمنيتي هي إني آخد نوران في حضني ولو مرة واحدة، وترجعي أنتِ وأخوكي لبوكم. أنتِ ورياض عيال خالد وعبير. عبير جابت توأم وفي نفس الوقت كانت سلوي ولدت بنت غير شرعية مني. اترجيتها كتير إننا نتجوز ونربي بنتنا مع بعض، لكن للأسف هي كانت ترفض كل مرة. أنا فاكر كل حاجة زي ما تكون لسة كانت إمبارح."
**فلاش باك**
الشخص المجهول (عثمان) يترجى: "بترجاكي يا سلوي وافقي نتجوز ونربي بنتنا مع بعض. رجاءً، أنا عاوز بنتي تتربى في حضني وأسمع منها كلمة 'بابا'."
سلوي بغضب: "أنت بتخرف! بتقول إيه يا عثمان؟ أنت عارف لو حد اكتشف إن كان بيني وبينك علاقة غير شرعية إيه اللي ممكن يحصل؟ ولا خالد ممكن يعمل إيه؟"
يرد عثمان قائلاً: "ما كده كده الكل هيعرف يا سلوي إنك كنتِ حامل. أنتِ سافرتِ طول شهور الحمل علشان مافيش حد يعرف حاجة، بس دلوقتي ولدتِ وفي بين إيديكِ روح."
سلوي: "ماتخافش يا عثمان، بنتي مافيش حد هيعرف إنها بنتي غير أنا وأنت."
عثمان بقلق: "إزاي؟ أنتِ ناوية تعملي إيه؟"
سلوي بشرود: "عبير، مرات خالد، هتولد يا النهاردة يا بكره بالكثير."
عثمان بتساؤل: "مش فاهم قصدك إيه؟ وعبير مرات أخوكي مالها ومال اللي هيحصل؟"
سلوي بخبث: "هبدل الجنين، هحط بنتي بدل اللي هتجيبه عبير."
عثمان بدهشة وصوت عالٍ: "أنتِ اتجننتي!"
سلوي بغضب: "اهدى يا عثمان واعرف أنت بتكلم مين، واللي أنا بقول عليه هو اللي هيتنفذ، فاهم؟"
وبالفعل، في اليوم الثاني، أنجبت عبير، زوجة خالد، اثنين: ذكر وأنثى. وقبل أن ترى أولادها أو أن يعلم أحد بما أنجبت، كانت سلوي قد اتفقت مع الطبيب الذي باع ضميره من أجل بعض المال واستبدلت الأطفال، وضعت ابنتها بدل ابنة أخيها.
يستيقظ عثمان من ذكرياته وهو يقول، ودموع الندم والحزن لا تفارق وجهه: "بكيت على ذنب لا يُغفر، وكله بسبب الطمع والندم اللي ما بيفارقني."
عثمان: "كان أبن محمد الخدام مش بيخلف، فسلوي خلتهم يتكفلوا بيكِ ويربّوكِ، وهي اللي كانت بتصرف عليكِ لحد ما كبرتي. وكبرتي قدام عيون أبوكِ، بس رياض محدش كان يعرف عنه حاجه. ولا سلوي عملت فيه إيه؟ أنا فكرتها قتلته، بس لما شفتك وشفت رياض والشبه اللي بينك وبينه، عرفت إنه هو أخوكِ التوأم. وحتى علشان أتأكد أكتر، عملت لكم اختبار دم وطلعت النتيجة إنكم فعلاً إخوات. خدي، شوفي بنفسك التحليل."
يخرج عثمان من جيبه أوراق فحص الدم التي تثبت أن حنين ورياض إخوة بالفعل. تمد حنين يدها المرتجفة لتأخذ الأوراق وتقرأها، وهي لا تصدق ما تقرأه، ثم تقول والكلمات تهرب منها: "طيب ليه؟ ليه سلوي عملت كل ده؟ وعلشان إيه تحرم أب من أولاده وأطفال من حنان أبوهم؟ إزاي قدرت تعمل كل ده في أخوها الوحيد وعياله؟"
عثمان بحزن: "يكفيكِ شر الحقد والطمع يا بنتي. سلوي مش عملت كل ده علشان كانت خايفة من اللي بيني وبينها ينكشف، لا، هي عاوزة كل حاجة باسم خالد تكون لنوران علشان هي الوارثة الوحيدة اللي هاتورث خالد. ولو كانت خايفة فعلاً من اللي بيني وبينها ينكشف، ما كانتش اتخلصت من رياض كمان."
حنين وهي تشعر بالدوار مما تسمع، وقد انكشفت الحقيقة أمامها، تردف قائلة: "معقولة في إنسانة بالحقد والجشع ده كله؟"
عثمان: "في يا بنتي أكتر من كده. ربنا يكفيكِ شر المستخبي. أنا هامشي دلوقتي علشان عندي موعد مهم مع الدكتور بتاعي، وانتِ فكري كويس وشوفي هاتعملي إيه."
حنين بدموع: "ممكن أسألك سؤال قبل ما تمشي؟"
عثمان: "طبعاً، اسألي زي ما انتي عاوزة."
حنين دون مقدمة: "ليه حضرتك قولت الحقيقة دي لي أنا، ومش قولتها لخالد بيه؟"
يرد عثمان بهدوء، على عكس علامات الدهشة التي ظهرت على وجهه مما سألته حنين ولم يتوقع هذا السؤال منها: "أول حاجة، في بيني وبين خالد بيه عداوة من سنين. ثاني حاجة، أكيد مش هيصدقني، ويكذب أخته. ثالث حاجة، أنا مش معايا دليل يثبت كل اللي أنا قولته ليكِ دلوقتي، غير تقرير تحليل الدم اللي في إيدك. ولو انتي عاوزة تقولي حاجة لخالد بيه، لازم يكون معاكي دليل قاطع يثبت كل حرف هاتقوليه. سلوي مش سهلة علشان تقع بسهولة. علشان كده، قبل ما تقولي أي حرف لخالد، لازم تخلي سلوي تعترف بنفسها قدامه. لو قدرتي تعملي كده، وقتها أقدر أقولك إنك هتتخلصي من كل مشاكل الحياة."
ثم ينظر إلى الساعة التي في يده: "أنا اتأخرت أوي على معاد الدكتور. لازم أمشي. أنا خلصت ضميري من ربنا وعرفتك كل حاجة. وانتِ حرة، عاوزة تصدقي صدقي، مش مصدقة دي حاجة ترجع ليكِ. سلام عليكم."
ثم يذهب عثمان بينما تقف حنين تنظر إلى أثر رحيله بذهول، وهي تسترجع كل شيء قاله لها منذ قليل.
----
**في الجامعة**
يدخل عاصي وهو مع نوران، بينما تحتضن نوران ذراع عاصي بإحكام أمام الجميع. ينظر عاصي إلى تلاميذه الذين ينظرون إليهم ويتغامزون مع بعضهم، ويردف قائلاً بهدوء على عكس ما بداخله: "نوران، سيبي دراعي، الناس بتتكلم علينا. عيب كده."
نوران ببرود: "ما اللي يتكلم يتكلم. أنت خطيبي."
عاصي بدهشة: "خطيبيك إيه؟ ده إحنا لسة حتى ما قريناش الفاتحة."
نوران بوقاحة: "وأنا بحبك وبعتبرك جوزي، مش خطيبي من دلوقتي."
عاصي بعصبية: "انتي بتخرفي؟ تقولي إيه؟"
تتجاهل نوران الرد على عاصي، وتقول بصوت عالٍ: "يا جماعة، أنا والأستاذ عاصي اتخطبنا وإن شاء الله الخطوبة الجمعة الجاية، وكلكم معزومين!"
ينظر عاصي بدهشة إلى نوران وهي تقول: "أنا بحبك أوييي!"
تجد نوران أنها لا تستطيع مقاومة عواطفها فتقوم باحتضان عاصي أمام الجميع دون خجل. وفي هذه اللحظة، تصل حنين إلى المكان وتشاهد كل ما يحدث. تقف حنين أمام عاصي، وأعينهم تتقابل، ليغرق كلا منهما في بحر لا نهاية له. في هذه اللحظة، تتذكر حنين المحادثة السرية التي حدثت بينها وبين عاصي بالأمس.
**فلاش باك:**
بعد أن عادت حنين مع خالد إلى المنزل، رأت المكان بعينين غارقتين في الذكريات، تتذكر كل شيء حدث عندما كان جدها مازال على قيد الحياة. شعرت حنين بالحزن وتردف قائلة، ودموعها تكاد تنهمر: "بعد إذنكم يا جماعة، عاوزة أرتاح شوية."
ينظر خالد إليها بقلق ويقول: "انتي كويسة يا حنين يا حبيبتي؟"
ترد حنين بتمثيل القوة: "أيوة الحمد لله، أنا في أحسن حال بس مرهقة شوية وعاوزة أنام."
ترد سلوي بخبث: "خلاص يا خالد، سبها ترتاح شوية. روحي يا حنين يا حبيبتي، نامي نوم العوافي يا قلبي."
تردف حنين قائلة بهدوء: "طيب، بعد إذنكم."
يرد كلا من خالد وسلوي بصوت واحد: "إذنك معاكِ يا حبيبتي."
تذهب حنين إلى غرفتها وتفتح باب الغرفة. تنظر حولها، وتلمح ملابس جدها التي ما زالت على الفراش. تتجه حنين نحو الفراش وتضم ثياب جدها بقوة، وتنهمر دموعها دون توقف.
استيقظت حنين من بكائها على صوت رنين الهاتف. تنظر إلى الهاتف لتجد رقمًا غريبًا، تتجاهل الرد في البداية، لكن الهاتف يستمر في الرنين. تقرر أخيرًا أن تجيب، ترد بصوت مخنوق من شدة البكاء: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مين معايا؟"
يرد المتصل قائلاً بهدوء: "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أنا آسف لو بزعجك في الوقت ده، بس في حاجة مهمة أنا عاوز أعترف لكِ بيها."
حنين بدهشة: "مين معايا الأول؟"
يرد المتصل قائلاً: "أنا عاصي يا حنين."