رواية حوريه بين انياب شياطين الفصل الاول1الثاني2 بقلم خديجه السيد
المقدمه والفصل الاول والثاني
مختصره عن القصـه:- كان دائما يرتدي قناع الجمود والقسوة لأجل ظروفه الصعبه تخلي عنه والده لان جاء نتيجة علاقه محرمه مع والدته التي كانت تعمل خادمه في عمرها الـسابعه عشر ولم يعترف به والده حتي بعد وفاة والدته... ثم وضع في دار الايتام وعاش طفوله مشوهة ومرت عليه أيام صعبه ...
وفجاه بين ليله وضحاها تتقلب الموازين و يذهب والده إليه يحتاج إلي كليته لـ إنقاذ حياة احد ابنائه التوأم ..رغم قسوة القلب الذي شاهدها في عينيه ولده إلي أنه سوف يوافق مقابل صفقه مع ولده وياتري ماذا سوف يطلب منه مقابل أخذ كليته ؟!..
هي :- بريئه كـ الندي وجميله كـ القمر في بدره, يتيمه الاب وتعيش تحت سيطرة جدها الجاحد ويغصبها علي الزواج من شخص لا تحبه! لكن قدرها اوقعها في جحيم أخر وتفوق علي كابوس لعين! ..؟!"
_____________________________
الــمقدم ....."
هذه الحياة عباره عن مجموعة من الصراعات التي تحول كل شيء بنا تحول ارواحنا وضحكتنا و طفولتنا الي شخص جديد لا نعلم هوايته تحول كل شيء جميل الي ذكره تعيسه نعيش بها حتي تحولنا تماما الي شيطان له انياب لا يرحم من يقف امامه حتي ياتي الصراع الاخير حينما تاتي الحوريه التي تقف امام الشيطان ويعيشون في صراع سويا هل تستطيع تلك الحوريه ان ترجع الشيطان الي ما كان عليه ام ستظل في صراع بلا هدف وفي الاخير تظل بين انيابه.
الفصل الاول
___________________
أمام قصر وفي إحدى غرفه داخل مكتب كان جالس على مكتبه وظهره على المقعد وقدميه على سطح المكتب وعيناه تركزان على ما كان يفعله، كان يحمل في يده بعض الأوراق وبدأ في الرسم والتحضير للصفقة الجديدة الماسة الجديدة التي يعرضها في إحدى الدول الأوروبية في إيطاليا بعد أشهر من الانتهاء من تصنيعها كان يفكر فقط في جعل هذه القطعة في المقام الأول وجذب انتباه الجميع.
ليحافظ على اسمه ومهارته في التصنيع دائما كالعادة في المقام الأول ويكتب اسمه بامتياز بين الناس والصحافة - قاسم السيوفي
توقف فجاه عقله عن العمل، لـ إسترجاع ما مضى من سنوات عاش بها في جحيم، من قسوه قلب ،و جحود من الجميع و بالاخص من اهله الذي من المفترض عائله واحده يعلم أنه سيئة الحظ بالماضي -او مزال ! فالجميع لا يعرف ماذا قد مر به ولا ما بداخله من الألم صعبه الوصف رغم أن أصبح ناجح في عمله، من أغنياء رجال الأعمال
فهو ينام الان على ما يسمى فراش بتلك الغرفة الرديئة الواسعه بلا جناح بالاصل ،و على سطح البناية التي يقطن بها معه ليس سوء الخدم ! ليس يوجد أهل ولا أخوات ولا اصدقاء يحبونه ،أو بالاصل يوجد لكن يتمنون موته بشده؟. بعد مولوده قد عاش وشاهد قسوه من الجميع وماضي مؤلمه عن والدته..
لم يعيش و يتذوق الراحة والسعادة! ،فلا وجود للسعادة بحياته ورغم ذلك كان لابد أن لا يسعد ويعيش الوهم من البداية، فالجميع يعلم أن الوهم يتلاشى فجأة كالسراب وهذا الوهم قد كسر قلبه.
في الماضي- الرجوع للخلف سنوات.
بداخل قصر، أدمعت عيناها بحرقه تردده بحزن شديد علي ذلك الطفل الذي اصبح يتيم الام ،والجميع يرفض الاعتناء به لتقول" يا سعاده البيه ابوس ايدك خذ الولد مني وربي انت، هو دلوقت ما لوش حد غيرك بعد موت أمه الله يرحمها ،حتى اخواتها رفضوا ياخدوا مني وسابوا البيت وعزله بعد الفضيحه اللي عملتها نعمه، الله يسامحها ويرحمها بقى"
كان يقف طفل صغير ذات سبع سنوات، بملابس قديمه جدآ و مقطعه في بعض المناطق دليل على ارتدائها لفتره طويله لضيق حال والدته و صعوبتها في كسب المال قبل رحيلها عن الحياه، كان يخفض راسه بخجل شديد و يضغط على يده بتوتر وهو لا يفهم كل حديثهم جيدا، لكن تفصح نظرات الشابين الصغار الذي في نفس عمر تقريبا الذي يقفون على بعد راقب كلا من الموقف و تطلع فيه "التوامان" إليه اشمئزاز و قرف من منظره و هيئته، كانت صعبة جداً عليه تلك اللحظة المؤلمه الذي تبدأ تحفر في عقله! فهو منذ لحظات فقد والدته نتيجه مرضها الشديد ولم يتوفر اليها العلاج بسبب ضيق الحال عليهما و الآن والده يرفض أخذه، او الاعتراف به حتي!
صاحت ناريمان زوجته بشراسة تردد باستحقار" انتي اتجننتي يا وليه انتي ،ولد مين اللي نخدوا ابن الخدامه اللي كانت بتشتغل عندنا زمان قبل ما اشوفها نايمه في حضن جوزي؟. ده انا لو اطول وقتها كنت اخنقها بايدي هو و الزفته امه مطرح ماراحت مش هتردي لحظه واحده
أضاءت عيناها من الغضب مرة أخرى فجعدت حاجبيها وتأوهت تحت أسنانها وهي تكمل حديثها قائلة "شكلك نسيتي الهانم عملت ايه مع جوزي فضلت تلف حواليه وتدلع عليه لحد ما خليته يغلط معاها و تحمل منه عشان يتجوزها وتبقى هانم و تاخذ مكاني فاكره نفسها اذكى مني بس أهو احسن في الاخر ماتت ومطلتش حاجه"
هزت فاطمه راسها بيأس و حزن علي حال صديقتها المرحومه نعمه فـا فاطمة هي من وفرت لها عمل هنا حتي تعمل، كـ خادمة لتصرف نعمه علي نفسها وعلي اشقائها كانت ترسل إليهما مبلغ كل حين، لكن اوهمها نعمه عقلها أن تصبح في ليله صاحبه هذا القصر عندما تتزوج عصام الصريطي رجل الأعمال الكبير، لذلك اضطرت ان تتنازل و تبيع نفسها إليه مقابل أن يوفر اليها حياه كريمه، لكن عصام الصريطي قد اخلف الوعد عندما عرف أنها حامل! وطلب منها أن تجهض الطفل لكنها رفضت.
هتفت فاطمه بين دموعها بحسره" بالله عليكي يا ست هانم بلاش نجيب سيرتها بالوحش، اهي اخذتك جزئها ودفعت ثمن اللي عملته حضرتك ما تعرفيش بعد ما مشيتها من هنا اللي حصلها اخواتها كان هيموتوها لما عرفوا انها حامل في الحرام ومن غير جواز، وهي رفضت تقول مين ابو اللي في باطنها واخواتها كمان طرادوها زيكم، ويعيني بقيت لوحدها ومش عارفه تروح لمين ولا تعمل إيه، اتعذبت وشافت الويل وهي لوحدها عشان تشتغل وتصرف على ابنها، يا ست هانم انتي لو شفتي المكان اللي كانت ساكنه فيه هيصعب عليكي حالها وحال الولد غلبان ده!."
أجابت ناريمان ببرود وملامح صارمة" تستاهل هي اللي جابته لنفسها عشان تحرم بعد كده تبص لحاجه مش مقامها.. وبعدين احنا ايش ضمني ان الولد ابن عصام جوزي أصلا، ما هي اللي تغلط مع واحد سهل جدا تغلط مع غيره شكلها اصلا ما كانتش مظبوطه من الأول وانا ما كنتش مستريح لها من البدايه ما هي ماجايبك ،ممكن تكونوا اصلا كنتم متفقين مع بعض كل ده وانا المفروض اصدقك باماره ايه اصلا"
شهقت فاطمه بصدمه متحدثه" ايه اللي انتي بتقوليه ده بس يا ست هانم، ما يصحش كده ربنا وحده اللي عالم، انا ياما حذرتها و قلتلها كلي عيش وحافظي على لقمه عيشك احسن من اللي في دماغك بس هي للاسف الشيطان كان مالي دماغها ،ومن عشتها و اللي بتشوفه هنا وفي حياتها ضعفت مره ودفعت ثمن عمرها الغلطه دي.. ربنا اللي عالم اني ما حدش لمسها غير استاذ عصام وهي بنفسها كانت بتقول لي كل حاجه بتحصل ما بينهم"
توسعت ناريمان عيونها وهى تنظر إلى الطفل بنظرات اشمئزاز منه ومن فاطمه بغضب شديد" لا ده انتي باين عليكي اتهبلتي خالص ما تتصرف يا استاذ ولا انا هقعد اشيل قرفك و نزواتك وانت واقف تتفرج"
ابتلع عصام ريقه بارتباك ووجه شاحب قائلاً" آآ حاضر يا حبيبتي، فاطمه اطلعي بره انتي و الولد ده، ده مش ابني وما ليش علاقه بي يالا بره"
نظرت فاطمه بغضب من الجحود وقسوة القلب و قالت بجرأة وهي تقول بعيون لامعه" حرام عليك يا استاذ عصام انت عندك ولدين وما ترضاش بالظالم ..انا لولا اخويا وأمي حالفين عليا ما ليش علاقه بالموضوع كنت اخذت الولد يعيش معايا وربيته انا ،وبعدين لو مش مصدق أنت و الست هانم أن الولد يبقى ابنك اعمل التحليل اللي بيقولوا عليها دي، ولو مش ابنك خلاص ما لكش علاقه بي وبعدين من غير زعل بقى الغلط مش علي نعمه لوحدها ،هي مضربتكش على ايدك عشان تقرب منها وتحمل منك كمان، وهي كانت بتقول لي بنفسها انك ياما عشمتها بالجواز بدل المره اثنين وثلاثه"
جزت ناريمان علي أسنانها بعنف مما سمعته لتصيح بصوت عالي"عصاااااام "
انتفض عصام بخوف منها فهو يعلم جيدا زوجته انها قادره على اذيته ليقول بتلعثم
" ايوه يا حبيبتي نعم"
اقتربت زوجته منه تهتف بتحذير وقسوة وناظرت بحقد "دلوقتي حالا ابعت الامن اللي على البوابه يطلعها بره هي والـولـد ده ! لا إلي والله العظيم هاتصل لك بـ بابي واهلي ياجوا يتصرفوا وانت عارف كويس جدآ يقدروا عملوا ايه ..انا سامحتك مره وفوت عشان خاطر عيالك بس مش هاعملها ثاني فاهم ولا لا، واخر الكلام يانا يا الولد ده"
في المستقبل -الرجوع الي الوقت الحالي.
بالفعل وقتها كان الاختيار ناريمان كانت من اكبر كسره و أكثرها تعرض لها قاسم، أصبح قاسي و دون رحمة مع الجميع، منذ أن وضعته فاطمه صديقه والدته بداخل دار أيتام، ومن هنا تغير محور حياته، فالحياه ليست دائما عادله.
تنفس الصعداء بعدم راحه وهو يتحرك و توجه إلى الخارج بشموخ ليجد السائق الخاص به يقف بجانب السيد جمال يفتح له الباب الخلفي لسيارته ليقترب و يصعد بعد أن فتح أزرار سترته غير مهتم للصحافه الواقفه أمام المبني كعادتهم علي أمل أن يدير أحد منهم حوار صحفي شامل معه وهما يلتقون الصور إليه.
قاسم السويفي في مقتبل العمر الـ 30 عامآ شديد الوسامة ذو رجولة طاغية يتميز بالوسامة والجاذبية والجسد الرياضي ذو بشره برونزية وعيون سوداء حادة و شعر أسود فاحم ..و (الإبن الغير الشرعي لـ عصام الصريطي) رجل الأعمال و وزير سابق، لكن أمام العالم والناس قاسم ابن عصام الصريطي بتبني ولا أحد يعلم الحقيقة أنه ابنه من صلبه و اشقاؤه التوام اشقاء من ام مختلفة.
وقد نشاه وعاش وحيد يتيم الاب والام، رغم أن عصام الصريطي والده حي يرزق ! لكن لم يعطي اي اهتمام ولا يعترف به انه ابنه لو مره وحده في حياته، وقد وصنع قاسم حياته لوحده بدون مساعده من اهل الحقيقيين، بالرغم من انه عائلته واحده من الشركات المعروفه ،لكن هما لم يساعدوه ولا يعترفون به
كانت بدايه حياه قاسم صعبه و قاسيه جدا، من بدايه طفولته ام متهوره فعلت علاقه غير شرعيه مع عصام الصريطي ولم تهتم بالنتائج عندما حملت به، كانت تامل أن يتزوجها عصام وتصبح غنيه وصاحبه املاك ! لكن ناريمان زوجه عصام الصريطي لم تعطيها ذلك الفرصه، عندما علمت بالعلاقه بينهما غضبت بشده و طردت والدته خارج المنزل و هددتها أن عادت مره اخري سوف تؤذيها و تؤذي أهلها! وبالفعل خافت بشده وهربت خوف على ابنها، ولم يقدر عصام زوجها علي الحديث بسبب كشف زوجته الى خيانته.
و بعد سنوات من وفاه والده قاسم وهو بعمر السبع سنوات، ذهبت فاطمه الصديقه المقربه الى نعمه، الي عصام الصريطي لياخذ الطفل ويعتني به لأن أهل والدته تبرو منها ومن فعلتها وانها بصمه عار عليهم و انهم ليس لهم علاقه بها منذ ما فعلته، لكن عصام الصريطي ايضا رفض استقبال الطفل عنده خوفا من زوجته والفضيحه، لذلك اضطرت فاطمه ان ترسل قاسم الى ملجا ايتام !. و هناك بدات رحله قاسيه من نوع اخر علي قاسم!
عاش سنوات طويلة بداخل دار الايتام وكانت هذه الدار سيئه للغايه حتي أصبح شخص صامت و قليل الكلام قد راى عذاب لم يتخيله شخص كان الطعام و الشراب بمواعيد حتي دخول الحمام بمواعيد قد تعرض من ضرب و اهانه لذلك اصبح شخص عنيف جدآ شاهد وتعرض لاشياء لم يراها من قبل ولا يتخيلها حتي وهو في عمر السابع عشر تقريبا عرض عليه شخص ما في دار الايتام معه سيجاره بها مخدرات و ظل فتره يشرب هذه السموم وهو ياخذها بصدر رحب لعله ينسى الماضي المؤلم خصوصا انه كان وحيد ،وقد تحول لانسان اخر كاره الحياه و الجميع.
في الماضي- الرجوع للخلف سنوات.
في أحد الملاهى الليلية، جلست مجموعة من الشباب في عمر الثامنه عشر و يضم إليهما امرأتين ليس في نفس العمر لكن مظهرهم من ملابسهم الفاضحه يدل علي أنهما فتيات ليل وكان من ضمن الشباب الاخين التوام (جواد- وجاد) عصام الصريطي.
ولم تبذل جهد حتي تنجح كل المحاولات تلك الخليعة التي تقوم بها الراقصة أمامه لي الاسترضاء "جاد" فهو المعروف عنه وير نساء ولا يفوت سيده أو فتاه حتي يصاحبها لارضاء رغباته رغم صغر سنه، وكانت ترقص له وحده وكأنها لا ترى في الملهى سواه، و بالتاكيد هي تفعل ذلك حتى تحظى علي جزء من مال والده الذي يصرفه دائما على النساء.
كان توام جواد يشاهد ما يحدث من غراميات باينه و بين الراقصه وهو يشرب كاس الخمر بابتسامه ساخراً" على مهلك يا وحش دي مش قدك"
ظهر الغضب جليًا على وجه جاد وهو يدخن سيجارته في شراهة وقال بعصبية" هي مين دي اللي مش قدي انا ما فيش ست تقدر تقولي لا، فاهم قولي الزفت صاحب المخروبه دي خذ منك كام النهارده عشان يرضى يدخلنا"
أخذ جواد حبات ترمس بيده يقشرها وياكل منها وقال بضيق" اضعاف ما خد المره اللي فاتت إبن النصابه"
اتسعت عينا جاد بحده وقال" نهار ابوك اسود وانت ازاي توافق تديله المبلغ ده، ما كنا شفنا ملهي ثاني بيقبل يدخل شباب في السن صغير وريحنا نفسنا من نصبه "
هز رأسه جواد بخمول من آثار الخمر مرددا" قعد يقول لي ضرائب و انت عارف الحاجات كلها عماله تغلي، ويرغي كلامه زي كده رحت اديتهم لي وريحت نفسي.. وبعدين انت عارف اللي فيها ما فيش ملهي هيرضى ياخذنا كله هيسال على السن القانوني خلينا هنا وخلاص"
تنهيدة طويلة وهو يتجرع الكأس الذي أمامه دفعة واحدة وقال بضيق" طب يا فالح جبت لنا حاجه نعدل بيها مزاجنا، ولا لا، انا معيش فلوس ثاني ابوك منشفه علينا الايام دي من ساعه ما ساب الوزاره"
ضحك جواد قائلًا" جبت متقلقش قابل انت بس اللي جايه عليك"
انتهت ذلك الفتاه من الرقص واقتربت بميوعة لتسحب السيجارة من فمه و تلقي بها أعلي الطاولة في منفضة السجائر وهي تغمز له بعينيها غير مبالية بالمحيطين بها ولا بنظراتهم إليها ابتسم جاد ابتسامة لعوب" ايه يا قمر خلصتي نمرتك عشان نطلع علي بيتك نكمل السهره ولا لاء"
ابتعدت عنه قليلًا دون أن تكف عن النظر إليه والابتسام له وقالت بدلع" وحتى لو لسه ورايا حاجه افضى لك يا حبيبي هو انا عندي غيرك"
تطلع جاد فيها بنظرات راغبه ثم التفت إلي شقيقه جواد و رفاقه وقال" طب انا هاطير انا بقى مع نفسكم، يلا بينا يا قمر"
غمغم جواد بضيق قائلاً" انت رايح فين يا حيوان وسايبني انا جاي من غير عربيتي هاروح ازاي، جاد استني طب خذني في طريقك حتي"
لكنه لم يجيب عليه وقد أخذ تلك الفتاه الراقصه و ذهب إلى الخارج،هتفت إحدى المرأتين بابتسامه ساخراً" ريح نفسك مش هيعبرك هو اول ما بيشوفها بيقعد يسبل ليها وينسى اللي حواليه، مش عارفه عاجبه فيها ايه دي"
تأملها جواد قبل أن يجذبها من خصرها وقال مازحًا" طب ما تيجي انا يا قمر اشوف هيعجبني فيك ايه"
أطلقت الفتاه ضاحكه خليعه و بعدم مبالاه وهو يتجه بها إلى احد غرفة داخل البار وكأن شيئًا لم يكن.
كانت عقارب الساعة تشير إلى السابعه صباحًا، عندما استيقظ عصام الصريطي غاضبًا تتملكه رغبة عارمة في تحطيم الهاتف الذي لم يكف عن الرنين المتواصل منذ ما يقرب الساعة محاولًا تجاهله من دون جدوى، كانت تنام بجانب ناريمان الذي تقلبت أعلي الفراش بانزعاج وهتفت بضيق" في ايه يا عصام مش سامع التلفون ما ترد وتريحني عاوز انام"
فتح عيناه بسخط ونظر إليها بابتسامه متوتره" حاضر يا حبيبتي"
ثم وضع السماعة وغمغم ساخطًا وهو يتثاءب في كسل" ايوه خير في حد يتصل في وقت زي ده اتفضل يا اللي بتتصل عاوز ايه، ياريت يكون موضوع مهم بعد كل القلق ده "
جاء صوت ابنه جواد من الطرف الآخر بارتباك وقال" بابا انا جواد"
عقد عصام حاجبيه باستغراب وقال بضيق" جواد انت اتهبلت يالا بترن عليا وانت في الاوضه نايم جنبي"
صمت جواد قليلا باضطراب ثم قال بتلعثم"
بابا انا مش في الاوضه جنبك انا وجاد ما جئناش كل ده من بره و آآ جاد عمل حادثه بالعربيه وهو دلوقت في المستشفى ولازم تاجي"
مر شهرين وقد دخل جاد في غيبوبه مؤقتا فهو بعد التحاليل والاشاعات اثبت انه يحتاج إلى كليه اخرى فـا بسبب الحادثه قد تدهور احد كليتي ويحتاج في اسرع وقت الى متبرع يكون من نفس فصيله، بالطبع اول من عرضوا نفسهم للتبرع أهله لكن لم ينفع الأب و الأم بسبب كبر سنهم و بعد الامراض الذي لديهم مثلا السكر و الضغط و أما بالنسبة إلي جواد عندما عرض عليه والده التبرع الي أخيه.
اتسعت عينا جواد بتوتر وقال بضيق" نعم اتبرع لمين بكليتي ،طب وانا ما فكرتش فيا بعد العمليه هيحصل لي وبعدين انا ما انفعش"
جز عصام علي أسنانه بغضب وقال" هو ايه اللي ما تنفعش انت اكثر واحد تنفع فينا، وبعدين ما تقلقيش الدكتور هيتابع معاك و ان شاء الله مش هتحصل حاجه انت أخوه التوأم واقرب حد لي من نفس الفصيله"
تابع حديثه عصام في استحقار وقال" ده
بدل ما تيجي منك يا اللي ما عندكش دم اخوك بيموت لو في خلال شهر كمان ما لقيناش المتبرع لي، انت مش شايف حاله امك عامله ازاي واحنا واقفين زي العجزين مش عارفين نعمل له حاجه"
هز رأسه جواد برفض بسرعه وقال" لا ما هو أنا فعلا عملت تحليل قبلكم كلكم كمان، بس للاسف الدكتور قال لنا ما ينفعش"
رفع أحد حاجبيه باستغراب وقال بعدم تصديق" عملت فين ده انا كل ما اجي اقول لك تقول لي مش فاضي طب بكره وتهرب، انت بتكدب عليا"
نفخ جواد بضيق شديد وقال بانزعاج"
لا مش بكدب انا عملت فعلا بس ما قلتلكش
و ذي قلت لك الدكتور قاللي مانفعش زيكم، دور بقى علي حد غيري وريحني و ريح نفسك"
**
جلس جمال بغرفة مكتبه يراجع بعض الحسابات الخاصة بأعماله التي قام بها مؤخرًا في حين طرق عصام بابه وهو يبدو عليه التعب الشديد نهض بسرعه جمال واقترب منه قائلًا" اهلا يا استاذ عصام اخبار ابن حضرتك ايه دلوقتي يارب يكون بخير"
هز رأسه عصام برفض بحزن وقال" للاسف ما فيش جديد ومش لاقين متبرع لحد دلوقتي، الولد بيموت وانا مش عارف اعمل له ايه يا جمال"
نظر إليه جمال مساعده بقلق بالغ متحدث"
بعد الشر ما تقولش كده يا استاذ عصام، ان شاء الله يكون بخير وتلاقي متبرع بس انا مش فاهم لحد دلوقتي ازاي أخوه اللي من صلبه وتوام ومش نافع يتبرع لي ما تحاول ثاني مره تعملوا التحاليل ممكن يكون في غلط اكيد"
لوي عصام شفتيه ساخر داخله فهو متاكد ان جواد إبنه لم يفعل التحاليل من الاصل وقال ذلك لانه خائف على حياته، رفع بصره إليه يسأله" سيبك انت دلوقت من الموضوع ده انا عاوزه اطلب منك حاجه مهمه"
طوى أوراقه جانبًا ،ونظر إليه في اهتمام" اتفضل يا استاذ عصام تحت امرك"
غمغم دون أن يتطلع على النظر إليه" اكيد سمعت على الانتخابات البرلمانية انا عاوزه ارجع ارشح نفسي ثاني، بس المشكله دلوقت في البيه عاصم البنا اللي مرشح نفسه قصادي وحاولت اتكلم معه بالحسنى ومش راضي يسيبلي الانتخابات المره دي، انا سالت وعرفت ايه اكثر نقطه ضعف لي وهو ابنه الوحيد وانا عاوزك تشتغل على النقطه دي عشان مش هاكون فاضي الايام دي وانت عارف مشغول أوي مع ابني اللي في المستشفى"
نظر إليه جمال بدهشة عددا لحظات ثم قال باستنكار" مش فاهم يعني اعمل ايه"
هز رأسه بضيق وقال بقسوة"في إيه جمال مالك ما تشغل مخك اخطف الواد وهديته بي او ان شاء الله حتى تقتله المهم اعمل اي حاجه انا لازم اكسب الإنتخابات"
انصدم جمال من حديثه وقال بجدية"
اللي بتقوله بس ده يا استاذ عصام بلاش الطريقه دي انا عمري ما هعمل كده طبعا، و إزاي حضرتك تفكر في حاجه زي كده ،ده انت عندك ابن بين الحياه والموت"
جز عصام علي أسنانه بغضب وقال بحده
"من امتى بتقول لي لا يا جمال انت تنفذ وما لكش دعوه"
هتف جمال بإصرار"وانا اسف مستحيل اعمل حاجه ذي كده ضد مابادئي"
نظر إليه بابتسامه ساخراً وقال بصرامة"يبقي اعتبر النهارده اخر يوم ليك معايا يا جمال و أن انا رفضتك لو مش هتنفذ اللي انا عاوزه"
كان عصام متوقع أن يتراجع جمال و يوافق علي ما يريده فهو يعرف جيداً أنه لا يمتلك وظيفه ثانيه وأنه مجرد رجل بسيط و وحيد حتي زوجته توفت ولم ينجب اطفال لانه عقيم لكن تفاجئ حين قال جمال" تمام انا ماشي يا استاذ عصام عشان ربنا هو اللي بيرزق مش انت"
ظهر الغضب جليًا على وجه عصام وهو يشاهد جمال يخرج بعدم مبالاه ثم ضغط على هاتفه في شراهة وعصبية وقال" الو اسمعني كويس الزفت جمال خلاص مش هيشتغل هنا تاني، و عاوز كمان ما يشتغلش في اي مكان ولا شركه تقبله بعد كده و اي مكان يروحه عشان يشتغل فيه تتصل بصاحب الشركه وتقول له ان انا رفضت عشان اختلاس مني فلوس فاهم"
دخلت فجاه ناريمان زوجته وهي تصيح ببكاء بحرقه" انت هنا بتعمل ايه و سايب ابنك الولد كل يوم حالته بتدهور ابنك هيموت لو ما لقيناش في اسرع وقت متبرع"
اغلق الهاتف بسرعه واقترب يضمها بحنان مرددا" طب وانا في ايدي ايه و ما عملتوش يا
ناريمان حتى الحيوان ابنك خايف علي حياته ومش راضي يعمل التحاليل ويتبر لي اخوه"
ابتعدت عنه بعصبية وقالت بين دموعها" ما انا برده مش عاوزه اعالج واحد واموت الثاني ابنك برده ولازم نخاف عليه هو كمان، انت لازم تشوف احد يتبرع لي و ما يكونش من العيله انا مش عاوزه اخسر احد"
تطلع فيها عصام بضيق وقال" ودي اعملها لك ازاي ان شاء الله ،ما انتي سامعه الدكتور بنفسك بيقول لازم المتبرع يكون نفس الفصيله وما فيش حد غير انا وانتي وابنك اللي مش راضي"
شهقت ببكاء وقالت بصوت حاد"برده ما ليش دعوه اتصرف ،عايزك تشوف اي احد يتبرع بكليته و تديلي فلوس حتي او ان شاء الله حتى بالغصب تجيب اي حد من الشارع، انا مش هاسيب ابني يموت واقعد اتفرج"
صمت فجاه عصام وهلل وجهه وهمس" انا ازاي ما فكرتش في حاجه زي كده من الاول، ما فيش حد غيره ينفع"
اقتربت ناريمان منه بلهفة وقالت" فكرت في ايه قولي"
نظر إليها عصام وربت علي كتفها بابتسامه ثقه" ما تقلقيش ابنك في خلال اسبوع هيعمل العمليه انا عرفت هاجيب مين متبرع لي وهيكون نفس فصيلة كمان"
***
في مكان آخر نهضت سيده في عمر الأربعين وهي مشرفه دار الايتام وكانت عيناها تطلق سهام من الغضب و تتقدم نحوه بحده" وبعدين بقى يا قاسم هو انا كل شويه هيجي لي شكوى منك انت ياض مش عاوز تتادب وتتلم ليه، ويا ريت حتى نافع معاك اي عقاب، لا وكمان حرامي و بتشرب مخدرات"
ابتلع قاسم ريقه بارتباك فهو يرتعب منها هو والجميع هنا" انا ما سرقتش حاجه ولا اعرف حاجه عن المخدرات اللي لقيتيها في جيب البنطلون، اكيد حد حطها لي من العيال إللي معايا في الاوضه"
لوت شفتيها بسخرية وقالت" ما هو انا برده هاطلب العيال اللي كانوا معاك في الاوضه و احقق معاهم ما هم اكيد حد منهم برده هو اللي اداهالك مش كده"
هز رأسه ببطء برفض بخوف فجعدت حاجبيها وجزت علي أسنانها و صفعتة فجاه علي وجنتيه بعنف وتأوه بألم شديد وصاحت" ولد انا مش هاقعد اخذ ودي معاك في الكلام كثير اعترف حالا المخدرات دي اخذتها من مين وصلت لك ازاي؟. بدل اقسم بالله العظيم هتشوف مني اللي عمرك ما شفته"
وضع يده على وجنتيه وأغرقت عيناه بالدموع وقد شعر بالزل و الاهانه و تجمد لسانه ولا يعرف ماذا يقول أمسكته المشرفه من ثيابه بقوه تصيح بحده" ما هو انت هتتكلم يعني هتتكلم انطق حالا مش هاسيبك غير لما اعرف الحاجات دي وصلت ليك ازاي، انا مش ناقصه حد من لجنه حقوق الانسان لما يجي يزوره دار الايتام يشوفوا الحاجات دي وتجيبلي المشاكل اخلص و اتكلم بدل ما هاحبسك في الاوضه الظلمه لوحدك ومش هادخل لك ولا اكل ولا شرب"
اتسعت عينا قاسم بذعر وخوف شديد مرددا" لا بالله عليكي ما تدخلنيش الاوضه دي ثاني، انا معرفش حاجه عن الحاجات دي صدقني والله العظيم ما بكدب"
تركته بعنف حتي سقط ارضا وهو بيكي بشده لتهتف ببرود و قسوة" قالوا لي الحرامي احلف، طالما مش عاوز تتكلم انا هانده لك مسعود يجيب العصايه عشان تتمد على رجلك وسط الدار كلها وتكون عبره ليهم، يا مـســعـــود"
اغمض قاسم عينه بألم حاد وجسده يرتجف بعنف مما سوف تفعله فيه، وفجاءه دخل مسعود يركض بسرعه" الحقينا يا ست نوال في واحد بره باين عليه غني و من رجال الاعمال كده وبيسال عن الطفل قاسم ومصر يشوفه"
توترت المشرفه نوال وقالت بصوت حاد" قاسم! وهو هيعوز منه ايه ده من ساعه ما جاء هنا ولا حد بيسال عليه"
ثم أكملت بشك واظلمت عيناها بقسوة تنظر إلى قاسم الذي مزال ساقط بالارض يبكي" اوعي تكون يا زفت انت عملت حاجه ولا بلغت عننا،ده انا مش هاسيبك غير باموتك لو ده حصل"
***
بعد مرور ساعة، وقف قاسم وهو في مقتبل العمر السابع عشر في منتصف القصر بعد أن اخذه سائق عصام و أحضره الي هنا ظل يتأمل أركان المنزل في صمت، فالطبيعي أن تتسع عيناه بإعجاب و ذهول وهو يري كل ركن من أركان القصر فهو لم يعتاد على ذلك ولم يري في حياته مثل ذلك، اعتاد أن يكون في غرفه نوم بمساحه صغير بها أكثر من خمس اولاد معه يتقاسموا معه الغرفه ،لكن هو دائما أحدث حياته غير طبيعية منذ صغره! نظر حوله متأملا الصالة الفاخرة الأثاث ومعالم الثراء الموزعة في جميع زواياها.
"هتفضل واقف كثير كده اتفضل أقعد؟"
انتبه قاسم لصوت نفس الرجل الهاديء الذي احضره الى هنا وهو لم يعرف حتى الان لماذا هو هنا وماذا يريد منه هتف متسائلا" هو انت مين وجايبني هنا ليه وقلت إيه لي المشرفه عشان ترضى تسيبني اروح معاك بسهولة كده"
أجابه الرجل بصوت هادئه مرددا"انا مجرد مرسال وما عنديش اجابه لي اسئلتك بس خلال ثواني هيجي البيه وهتعرف كل حاجه، اقعد استريح وما تقلقش احنا عاوزينك في حاجه لمصلحتك"
عقد حاجبيه باستغراب وقال باستهزاء"وانت هتعوز مصلحتي ليه، انتم مين اصلا"
أردف الرجل بنبرة بعدم ارتياح و هو يهتم بالرحيل"قلت لك ما عنديش اجابه لي اسئلتك عنذ اذنك"
التفت و رحل الرجل بينما جلس قاسم يتنهد في حيره قائلا بضيق" وبعدين بقي يا ترى هيكونوا عاوزين مني ايه، بس انا ليه حاسس ان انا جيت هنا قبل كده"
وفي خلال ثواني احتقن وجه قاسم في شدة في حين وجد عصام و خلفه ناريمان زوجته نظر إليه قاسم في سرعة وهو يهب من مقعده هاتف" هو أنت"
توتر وجه عصام فهو لم يتوقع أن يكون ما زال بعد كل هذه السنوات متذكر وجهه ومن يكون هو هتف" هو انت تعرفني"
قاطعه بلهجة بدت حادة رغماً عنه قائلا" الي اعرفك ده انا كل يوم بصحي على كابوس مزعج لما باشوفك في احلامي، دلوقت بس افتكرت انا جئت قبل كده هنا امتى عاوز مني ايه، بعت جبتني من دار الايتام بعد كل السنين دي ليه؟. ايه قلبك حن و افتكرت دلوقت بس انك ليك ابن وما تعرفش حاجه عني ورميه "
صمت عصام باضطراب بينما مطت ناريمان شفتيها قائلة ببرود" لا احنا بعتنا جبناك عشان مجرد خدمه عاوزينها منك وهنديك ثمنها لو عاوز، وبعد كده هنرجعك مكان ما جيت.. يعني بلاش تحلم باكثر من كده عشان عصام عمره ما هيعترف بيك انك إبنه"
اتسعت عينا قاسم في شدة وهو يحدق في وجه والده بذهول, الذي أخفض رأسه بارتباك حتى أن صوته حين بارح حلقه كان متحشرجا من فرط دهشته وألمه"و يا ترى إيه هي الحاجه دي إللي عاوزينها مني تخليكم تنزلوا واجي على بالكم حتي"
اشاره ناريمان إلي عصام بأنه يتحدث في حين تنهد عصام في عمق قائلاً بتردد فهو لا يعرف رده فعله" ابني جاد بين الحياه والموت وتعبان قوي و محتاج حد يتبرع بكليته لي, احنا دورنا كثير ومش لاقين حد لان لازم يكون المتبرع حد من اهله عشان يكون نفس الفصيله وما تقلقش هنديك الفلوس اللي انت عاوزها"
ساد الهدوء والصمت في المكان في حين أطلق قاسم ضحكات عاليه حتي تحولت بشكل هستيري مخيف مما أغضب ناريمان وقالت بحده" هو قال ايه يضحكك بالشكل ده شمتان طبعا فينا مش كده"
ظل فتره قصيره يضحك حتي أدمعت عيناه ثم توقف عن الضحك و ازداد انهمار دموعه وهو يقول بصوت مختنق" لا ابدا اصلك لسه من شويه بتقولوا انكم عمركم ما هتعترفوا بيا ان انا من عائلتكم ،وفي خلال ثواني غير كلامه عشان مصلحت البيه ابني"
لوت شفتيها قائلة باستفزاز "طب ما لازم اعمل المستحيل عشان ابني واقدر ابص في خلقتك من تاني بعد اللي امك عملته وفضلت وراء جوزي لاحد ما عمل معاها علاقه في الحرام كانت فاكره نفسها ممكن تاخذ مكاني وتبقى هانم"
ازداد احتقان وجه قاسم وعصبيته التي جعلته يغرس أظفاره في راحة يده قبل أن يتمالك أعصابه صارخ" وانتي مين قالك ان انا هاوافق علي طلبكم ده"
ابتلع عصام ريقه بارتباك وقال بضيق" ما لوش لازم الكلام ده دلوقت يا ناريمان وانت يا ابني احنا ممكن نديلك اي مبلغ تامن بي نفسك "
مالت إلى الأمام وقالت في تحفز" بالضبط كده انت مش هتفضل في الدار كثير سايبينك تقعد براحتك لحد سن معين هيمشوك أكيد، ده إذا كنت مرتاح فيها اصلا على الاقل وانت سايبها هيكون معاك مبلغ تصرف بيه بدل اللف في الشوارع وتبقى مع متشردين مش لاقي لك مكان ولا لقمه تاكلها"
أمسك دموعه بصعوبة شديدة فهي مفاجاه قاسيه اليه ثم تقدم بخطوات ثابتة الي ناريمان و تطلع فيها بتحدي وقال"ايه رايك بقى أن اللف في الشوارع والنوم من غير اكل افضل ميت مره من فلوسكم اللي مش عارفين تعلجوا بيها ابنكم شوفوا لكم حد غيري"
كاد أن يرحل بالفعل لكن جذبته بعنف من ذراعيه فقد لاحت رنة الغضب في صوتها وهي تقول بعصبية وصاحت بجنون وخوف علي ابنها أن تفقده" تعالي هنا رايح فين انت مش هتخرج غير لما توافق على اللي احنا عاوزينه، أبني لازم يعمل العمليه خلال اسبوع انا مش جايباك هنا عشان اتحايل عليك، طبعا ما هي فرصه وجئت لحد عندك عشان تنتقم مننا وتسيب ابني يموت بس ده مش هيحصل ومش هسمح بكده سـامـعنـي"
أبعدها بسرعه عصام وقال بضيق" بس يا ناريمان ايه اللي بتعمليه ده"
تركته والتفتت إليه بحركة حادة وقالت بثورة مكتومة"ما انت مش سامع البيه بنقدم له فرصه عمره ومش عاجبه كمان بيتامر علينا، باقول لك ايه يا ولد انت العمليه هتتعمل يعني هتتعمل بالذوق وبالعافيه هتتبرع لابني انا ما عنديش اي استعداد اخسره"
تنهد عصام بقلق وقال" يا ابني احنا هنعمل معك مجرد صفقه يعني زي ما هتساعدنا احنا كمان هنساعدك، بس لازم ابني يعمل عمليه في اسرع وقت ده بقيله شهرين و اكثر في الغيبوبه اكثر من كده خطر عليه"
تطلع قاسم فيهم بنظرات انكسار وهو يشاهد خوفهم علي ابنهما وهو الذي تعرض اضعاف ما يتعرض إليه اولاده لم يحظي حتي بقليل من الخوف والاطمئنان انطلقت زفرة ملتهبة حملت بعضاً من حزنه أعماقه وأقول بعضاً لأن زفرة واحدة مهما بلغت قوته الضعيفة لن تستطع حمل أكثر من عُشر ما يعتمل في نفسه وشعور الانكسار و الآلام الشديدة في حين تابع قائلاً بهدوء ما زال مشوباً برنة ألم" طب طالما مستعدين تعملوا اي حاجه اطلبها منكم مقابل انقذ ابنكم كده انا عاوز حاجه تانيه غير الفلوس!"
عقد عصام حاجبيه باستغراب هل يوجد شيئا اغلى من المال يعطي إليه بينما هزت راسها وخوفها وتوترها داخلها يتزايد وقالت بلهفة" اي حاجه هتطلبها هنعملها، اطلب عاوز إيه"
صمت ثواني ثم قال بجدية" انا عاوزك تكتبني على اسمك وتعلن ان انا ابنك للناس كلها "
"لا وألف لا ..مستحيل." هتفوا الاثنين معاً لهذا الكلمات برفض تام جز قاسم علي أسنانه بغضب وقال" تمام كده يبقى اللي انتم عاوزينه مش عندي"
التفت عصام إليه هاتف بانفعال" استنى ما تطلب طلبات اقدر احققه اللي انت بتقوله ده صعب جدآ أعمله انا رجل اعمال ولي اسمي في السوق بمجرد ما اعمل كده الناس كلها اما تصدق هتمسك لي غلطه"
هتف قاسم بضيق وقال" خلاص قول للناس أن انت كنت متجوزه امي في السر"
اكملت عنه ناريمان بصوت حاد عكست رفضها واستنكارها للأمر خاصة انه سوف يؤذيهم بهذا الطلب " وحتى لو عمل كده برده مش حل، انت مفكر نفسك في بلاد بره الناس هتعديها كله هيشك طبعا"
ثم تابعت حديثها قائلة ببرود و تحدي" وبعدين احنا لو عملنا كده انت اكتر وأحد هتتضر من الموضوع ده ساعتها الناس كلها هتبص لك نظره مش حلوه في حق امك و بكده هتفضحها، الاحسن لك تشوف طلبات ثانيه، احنا ممكن اخرنا نقول ان احنا اتبنيناك"
ضغط على يده بعنف شعر بهذه النقطة هي علي حق، فهو لا يعرف لماذا طلب ذلك رغم كره لذلك العائله جميعها لكن يمكن أن تعشم بزياده ان يصبح بهذه الطريقة لديه عائله، هتفت ناريمان علي مضض" هاه يلا أخلص عاوز إيه وريحنا عشان توافق تعمل العمليه"
رقمها وملامحه تشي بحديثها الشديد في حين قال بجمود" اخر كلام عاوز خمسه مليون و قصر زي اللي انا واقف في ده، ولو رفضتوا المره دي كمان طلباتي هامشي ومش هارجع ثاني مهما عملتوا"
تطلع كلا من عصام و زوجته ناريمان إلي بعض بغضب شديد وصمتوا قليلا في حيره حتي هاتفه هي قائله بعدم رضي" تمام موافقين"
هتف قاسم في حزم هذه المرة قائلا بجدية" الفلوس والقصر قبل اي حاجه انا مش واثق فيكم ولا ضمنكم"
بعد مرور أسبوع ،وقف قاسم في منتصف المستشفى رفع رأسه وتأمل بعينين خاليتين من التعبير المنظر الذي أمامه وهو يقف خلف زجاج غرفه جاد وهو يستند رأسه في حضن و الدته الذي أخذت تمسح على رأسه بحنان وفي عينها دموع فرح أنه أبنها أخير استيقظ من الغيبوبه وكان أمامه أعلي الفراش يجلس عصام والده يقبل يده بحنان و راحه تامه.
بينما هو قاسم عندما استيقظ منذ يومين بعد الانتهاء من العملية لم يأتي احد الى زياره يطمئن عليه حتي مجرد نظره عابره او تعبير عن الشكر ما فعله أخذت دموعه تهطل بغزارة فقد تألم عندما رآه ذلك المشهد أمامه و الجميع حول جاد شقيقه يحظي بكل الاهتمام
وهو لا.
افاق علي صوت احد الممرضين تقدمت اليه باستغراب وقالت" هو حضرتك واقف هنا عاوز حاجه"
هز رأسه برفض وهو يمسح دموعه بسرعه في حين قال" لا بس شكلي توهت بين الغرف و مش عارف اوضتي فين"
ابتسمت الممرضه بهدوء وقالت" طب ما فيش مشكله ممكن اوصل لحضرتك اتفضل معايا"
رفع نظره اخيره داخل غرفة جاد ثم تحرك معها يعود إلى غرفته أو بمعنى اوضح واصح الى وحدته الدائمه.
دلف قاسم غرفته في المستشفى مره ثانيه واغلق الباب خلفه بعنف لم يحتمل نظرات الشفقة التي ارتسمت في أعين الممرضين والدكاتره وهما يأتون كل ليلة يمارسون عملهم .. مما دفعه ليفتح باب المرحاض بقوه ويصفق الباب خلفه بعنف ،نظر إلى نفسه في المرأة لاهثة بأنفاسه ليجد نفسه لينظر إلى صورته بشرته التي كانت شاحبة وصفراء وعيناه كانتا ذابلتين وقد احاط بهما الهالات السوداء أغمض عينيه بقوة الي متي سوف يظل يكتم وخزة الألم في صدره.
يعرف ان لن ينفعه الحزن الآن ولن يساعده الألم على متابعة حياته القادمة يجب أن يتغلب على ذلك بأسرع وقت.
وعندما تذكر مره ثانيه مشهد تجمع الجميع حول جاد وهو وحيد رغم أنهما من نفس الأب بدون وعي منه التقطت إحدى زجاجات المعطر الثمينة المرصوفة على منضدة الحمام وألقي على الجدار بكل ما يملك من قوة غير مبالية بتحطمه وبالشظايا الصغيرة التي تناثرت في جميع انحاء الغرفة يحاول أن يبث غضبه فيها.
وفجاه انتبه الى اصوات عاليه الى الخارج تقدم وخرج حتى يري ما يحدث، كان يقف عصام يقول بنبرة ساخراً " اللي جابك دلوقت هنا فاكر بعد اللي عملته هارجع اشغلك ثاني لما لفيت وما لقيتش حد راضي يعبرك ويشغلك عنده"
هتف جمال بصوت غاضب" انا ولا جاي اشتغل ولا عاوز منك حاجه غير انك تسيبني في حالي وما لكش دعوه بيا وبطل تاذيني في لقمه عيشي مالك ومالي كل ما خلاص اشتغل في مكان ارجع اترفد منه ،ولما بسال بعرف ان انت السبب وكل ده عشان رفضت اشارك في جريمه معاك"
ابتسم عصام بانتصار وقال"تستاهل عشان تعرف تقف قدامي وتعمل نفسك شريف وتقول لي لا ويلا اتفضل من هنا"
جز جمال علي أسنانه بحده وقال" انا هامشي وحسبي الله ونعم الوكيل فيك وفي اللي زيك، ما تفكرش نفسك كده انتصرت عليا عشان في الاقوي منك وهو ربنا اللي هيجيب لي حقي منك"
عقد حاجبيه قاسم بعدم فهم وهو يتابع الحوار الدائر بينهما.
بعد مرور أسبوعين، خرج قاسم من المستشفى رغم أنه مزال لم يتعافى كليا لكنه لم يقدر علي الاستمرار هناك، واول ما ذهب اليه عندما خرج كان؟ أستمع جمال الي طرقات علي باب منزله مما تعجب من الأمر فهو لم ياتي اليه احد منذ فتره طويله وعندما فتح تفاجئ به شاب أمامه لم يعرفه وقبل أن يتحدث هتف هو قائلا" الظاهر حضرتك غلطت في العنوان عندك فوق خمس ادوار فوقيه ثاني دور على اللي انت عاوزه"
نظر إليه قاسم باستغراب وقال" هو انا لسه قلت انا عاوز مين عشان تعرف انا غلطان في العنوان ولا لا"
أبتسم من زوايه فمه وقال ساخر" مش محتاجه اسال ما ليش حد بيسال عليا ولا عيل ولا اهل يبقى اكيد غلطان في العنوان عند أذنك "
وقبل أن يغلق الباب جمال هتف قاسم بسرعه وقال"مش انت جمال سليمان برضه"
صمت جمال ثواني ثم قال باستنكار"انت تعرفني منين؟"
حمحم قاسم ثم قال بتلعثم" ممكن ادخل وانا اقول لك كل حاجه مش هينفع نتكلم هنا"
نظر إليه جمال عدد لحظات ثم قال بعدم ارتياح" اتفضل اما نشوف حكايتك ايه انت كمان"
بعد فترة قصيرة بدا يقص قاسم عليه كل شيئا من البدايه وهو في عمره السبع سنوات لحد الآن، أنصدم جمال بشده وقال بعدم تصديق " يعني انت ابن عصام الصريطي وانت كمان اللي اتبرعت بكليتك لابنه"
هز رأسه بالايجابي بصمت ثم قال جمال بشك" وانت بتحكي لي كل ده ليه انت تعرفني اصلا انا مين, عشان تثق فيا كده وتحكي لي كل حاجه حتى تفاصيل الاتفاق اللي حصل ما بينكم"
تنهد قاسم متمتم قائلا" انا من اللي شفته بقيت ما بثقش في حد, ولا حتي فيه ولا بثق فيك بس مضطر امشي في الطريق ده، انا سمعت بالصدفه و انا في المستشفى انك كنت شغال مع عصام وسبته عشان ما كنتش عاوز تعمل جريمه هو طلبها منك، ده اللي انا فهمته"
تحول ملامح وجهه الي غضب وقال" ايوه فعلا حصل ورفدني لما رفضت و يا ريتها جاءت على كده كل وبس لا كمان مطلعه علي ان انا سارقته عشان ما حدش يراضي يشغلني ومن ساعه ما سبت الشغل وانا مش لاقي شغلانه.. كل بسبب ابوك"
هتف قاسم بحده مرددا" اولا ما تقوليش ابويا عشان انا من ساعه ما شفته وانا مش حاسس بناحيته باي حاجه غير كره وحقد بس، ده حتى بعد ما طلعت من المستشفى مجيش حد فيهم يطمئن عليا ولا يشكرني، وثاني حاجه انا عاوزك تشتغل معايا او مع بعض شوف انت عاوز تسميها ايه، بس المهم عاوزك جنبي"
عقد حاجبيه باستغراب وقال بعدم فهم" هشتغل معاك ايه انا مش فاهم حاجه، وانت هتشتغل ايه عشان اشتغل معاك اصلا"
صمت لحظات ثم قال بعمق"مش عارف بس انا محتار و تايه محتاج حد جنبي يساندني ويقول لي اعمل ايه، انا من ساعه ما اخذت منه الخمسه مليون وانا دفنهم في حته مقطوعه وخايف ياخذها مني في اي لحظه ويضحك عليا بعد ما ابنه عمل العمليه ومش عارف اعمل فيهم ايه ولا اتصرف ازاي، ومش هينفع طبعا احطهم في بنك وانا في السن ده وهيسالوا جبتهم منين، حتى القصر اللي كتبهلي باسمي من ساعه ما خرجت وانا ما عدتش فيه ولا ساعه علي بعضها"
ثم تابع حديثه قائلاً بتوضيح" ولما سمعتك وأنت في المستشفى بتتخانق معاه عشان مش عاوز تعمل حاجه غلط ومحتاج شغل، فكرت فيك ممكن تساعدني انت مش لاقي شغل وانا مش عارف اشغل فلوسي واستثمر فيها ازاي واكيد عندك خبره من شغلك معاه، قولت إيه؟"
لم يجيب عليه وكان شارد الذهن في حديثه ثم همس بحيره" هاه مش عارف ،هو انت بتدرسي"
حمحم قاسم باحراج وقال"ما كانوش بيهتموا في الدار اللي انا كنت فيها بالدراسه قوي بس أنا في تانيه ثانوي بس انت بتسال ليه الدراسه مش مهمه دلوقتي انا معايا فلوس اقدر اعمل بيها اي حاجه"
هز رأسه جمال وقال بجدية" اهي دي اكبر غلطه هتعملها، من غير الفكر والتعليم مش هتعرف تستثمر في نفسك صح و هتضيع كل حاجه عليك لازم تكون دارس كل خطوه كويس جدآ ،عشان كده لازم تتعلم الاول كويس"
فكر في حديثه وقال بضيق شديد"بس انا مش قوي في التعليم قلت لك ما كناش بيهتموا يعلمونا في الدار"
هتف جمال بصوت جاد" سهله وبسيطه هنجيبلك مدرسين لحد عندك يعلموك ويدرسوا لك لغات كمان"
عقد حاجبيه قاسم متسائلا باهتمام" افهم من كلامك انك خلاص هتبقى معايا"
تنهد جمال وقال بجدية" تمام هابقى معاك وجنبك هو انت اسمك ايه صحيح "
ابتسم قاسم بارتياح وقال" اسمي قاسم و في الدار ادوني اسم الاب قاسم السيوفي"
في المستقبل -الرجوع الي الوقت الحالي.
لم يترك جمال قاسم ابدا و ظل جانبه لسنوات طويلة يعلمه يراقبه باستمرار حتي نشات بينهما صداقه قويه و اصبح جمال بالنسبة إلي قاسم الأب الروحي.
وبالفعل كانت مرت عليه سنوات صعبه لكن قاسم حاول ان يبذل جهد كبير ليثبت نفسه وينشاء له اسم كبير في عالم رجال الأعمال، والآن أصبح يملك ويتحكم في مجموعة شركات كبيره للالماس.. وأكبر مصمم مشهور في صنع المجوهرات والماس ،بالطبع لم يحصل على ذلك بسهولة فقد واجه صعوبات كثير لكنه تعلم منها حتى يصبح كما هو الان!
توجهت السياره الي مكتبه مباشره بينما كان يجلس بالخلف وهو يقرأ التقارير التي أعطها له جمال بشأن الاجتماع الذي سيجريه بعد ساعة.
__________________________________
لا زلت اتذكر تلك الرجفة التي هزت قاع قلبي حين قالو لي ان سندك قد رحل.!
في قصر عتمان، زفرت السيده بدريه بتعب وهي تضع الطعام في الفرن حتى تقوم بتسخينه ،فـ اليوم يوجد عزومه مهمه من كبار الأعمال حتي يتم خطوبه ابنتها الكبرى حوريه، وذلك كان أمر من عتمان والد زوجها المتوفي،
ولم ياخذ حتى رايها ولا راي ابنتها في ذلك الزيجه.
رفعت بدريه عينيها تتابع منظر الأشجار والورود التي تطل على الشرفة بداخل المطبخ بشرود وحزن عميق داخلها.
الأمر بيدوا شاذ والكثير مما يدور في فيلا عتمان يبدو غريبا عليها وعلي عائلتها الصغيرة المكونه من شابه في مقتبل الثانيه والعشرون و صبي صغير عمره ثمن سنوات ،ومن الطبيعي أن ترغب بدري بعد موت زوجها أسامه أن تسكن في منزل لوحدها طالما هي مسئولا عنهما لكن عتمان كان لديه راي اخر؟.
في الماضي- الرجوع للخلف سنوات.
قد يبدو ان الوقت قد حان كي يتقابل مع والده في معركه فاصله مميته! كانت هذه كلمات يرددها أسامه عتمان عندما وقف أمام والده بعد سنوات قبل ان يعترف بحبه وعشقه الي زوجته بدريه التي تعرف عليها بالجامعة ودامت بينهما قصه حب اربع سنوات وعندما جاء الوقت حتى يتزوجها وطلب الحضور من والده ان ياتي معه الى اهلها لكنه رفض بشدة لأنها غير مستواهم وطلب عتمان منه أن يتزوج ابنه عمه بدل من بدريه لكن أسامه رفض ،مما أغضب والده بشده وقارنه بين الزواج من تلك الفتاه و ينسي انه لدي عائله وسوف يحرم من الميراث ام يختار يتزوج ابنه عمه ويظل جانبه وينسى بدريه، كان واثق عتمان بأنه ابنه سوف يختاره اكيد لكن ما حدث علي العكس تماماً.
لكن عشق أسامه فائز وترك اسامه عائلته وتزوج من بدريه وانجب منها فتاه وصبي وبعد سنوات جاء حتي يحاول ان يتصالح مع والده ويضم عائلته لي من جديد حتي أخذ معه ابنته الصغيره حوريه ليحن ويضعف والده حين يرى حفيدته لكن عتمان كان له راي اخر ليصيح غاضب" انت ايه اللي جابك هنا انا مش قلتلك لو اخترت انك تتجوز البنت دي ما اشوفش وشك ثاني غير بعد ما اموت"
هتف أسامه بصوت برجاء مردد" يا بابا حرام عليك هنفضل كده لحد امتى جايز اكون فعلا غلط ان حسبتها كده وكان لازم زي ما اصريت على حبي لي مراتي اصر برده على تمسكي بيك، واحاول اقنعه بدل ما احنا كده كل واحد فينا بقيله حياته وعايش بعيد عن الدنيا ما نعرفش عن بعض حاجه"
اتسعت عينا عتمان بعصبية وصاح" ده بدل ما تيجي تقول لي بعد السنين دي ان انا غلطان عشان اخترت اتجوز واحده زي دي واسيبكم لوحدكم جاي تقول لي كان لازم احول اقنعك بطريقه ثانيه هو انت لسه اللي في دماغك في دماغك ومصري تتمسك بيها"
أخفض رأسه وقال بياس" يا بابا هو انت مش عاوز تفهمني ليه انا بحبها وهي كمان بتحبني، والله بدريه انسانه كويسه حاول تديها فرصه وانت تتاكد بنفسك انها تستاهل اني افضل متمسك بيها، واحده غيرها ما كانتش قبلت هي واهلها اني اتجوزها وانا ما حلتش حاجه ولسه هبدا من جديد بوظيفه صغيره بعد ما حضرتك طردتني ورفضت تساعدني في اي شيء، وبعدين نيجي للاهم دلوقتي انا خلفت منها بنت وولد ودي بنتي يا بابا بصي لها ممكن تحن مش عاوز تشوف حفيدتك "
أمسكت حوريه يده والدها بقوه و خوف حين تطلع فيها عتمان جدها بنظرات غاضبه بشراسة وهتف ببرود" نسخه من امها اكيد، اسمعني كويس اخر كلام مش عاوز اشوف وشك غير وانت مطلق الست دي وجايب العيال نحاول نربيهم ونجوزك واحده تخلي بالها منهم، وانا احاول انسى اللي عملته قلت ايه ،دي فرصه لك يا اسامه عشان اسامحك"
صمت لحظات ثم أطلق تنهيده بعمق مرددا بإحباط"قلت لا اله الا الله يا بابا عاوزني احرم واحده من اولادها كل ذنبها عشان حبتني و وقفت جنبي، شكل فعلا انا اللي غلطان بس غلطان عشان فكرت اجي لحضرتك بعد كل اللي عملته فيا مش انا بس اللي ظالم يا بابا حضرتك كمان ظلمتني، وظلمتني كثير قوي"
يقسم عتمان انه في ذلك اللحظه لو كان بيده مسدس وأمامه بدريه التي لم يراها من قبل ولا مره لـي كان اطلق عليها عده رصاصات فهو اصبح غضبه وكرهه تجاها يزداد كلما في كل مره يقع الإختيار عليها، و يختار ان يظل ابنه معها ليقول بعدم تصديق بعنف" لثاني مره بتختار الست دي وبتفضلها على ابوك، امشي اطلع بره مش عايز اشوف وشك ثاني ما تجيش غير وانا ميت سامعني واياك حتى كمان تحضر جنازتي .. بـــــره"
مرت سنوات اخرى ولم يتقابلوا أسامه مع والده عتمان ولم يعرف عند شيئا حتى في ذاته ليله رن الهاتف الداخلي على طاولته ورفع السماعه الى اذنه" نعم"
كان رقم غريب ليقول في داخله لوكان المتكلم هو إبنه أسامه فسوف يرفض باصرار التحدث معه حتي يرجع اليه ويطلق تلك الفتاه واذا اصر فسوف يقفل الهاتف في وجهه، ولكن المتكلم هذه المرة كانت بدريه تتحدث بصوت مرتجف" الو ممكن اكلم استاذ عثمان لو سمحت"
عقد عتمان حاجبيه باستغراب وقال بعدم مبالاه" ايوه انا، انتي مين"
أدمعت بدريه عيناها ورددت" استاذ عتمان انا بدريه مرات أسامه ممكن حضرتك تشرفنا في اسرع وقت عندنا في البيت"
احمرت عيناه بسخط وقال" يا بجاحتك وكمان بتتصلي بيا يا خطافه الرجاله اسمعي يا بنت انتي ما تتصليش هنا ثاني وما لكيش دعوه بي كفايه سايبلك ابني بمزاجي"
أسرعت بدريه تقول بين دموعها بحسره"يا استاذ عثمان انت فاهم غلط ابن حضرتك أسامه تعبان قوي ومحتاج يشوف حضرتك ابوس يدك تعالي وانسى اي حاجه ما بيننا دلوقت، تعالي بص عليه ممكن تكون اخر مره ده هو طالب حضرتك بالاسم ومصري يشوفك"
ابتسم بسخرية واعتقد انها تقول ذلك حتي ياتي وقاطعها عتمان بنفاذ صبر" بقول لك ايه انا مش فاضي لوجع الدماغ بتاعكم ده أنا مشغوله جدا سلام"
واعاد السماعه مكانها بقوه مع ملاحظه ان يديه كان ترتجفان من الغضب عندما فكر أن يحدث بالفعل شيء سيء لابنه وهو بعيد عنه لكنه هز رأسه بعدم تصديق و جهد لتهدئه نفسه وقف عن طاولته وقطع الغرفه الى النافذه وهو ياخذ انفاس عميقه بطيئه فـ ابتعاد ابنه عنه لسنوات و ذلك الاحداث العريضه بدات تؤثر عليه والحقيقه انه لم يعرف كيف يتصرف حتى يرجع ابنه إليه وينسى ذلك الفتاه.
وابتسم عتمان بسخريه علي ما يحدث بعيد عن طبيعته كأنها لو كانت هذه الفتاه ساحره حتي يتمسك بها بشده وفجاه انفتح الباب بقوه و دخلت ميسون تصيح ببكاء"الحق يا بابا أسامه مات يا بابا مات"
التفت عتمان بسرعه وقلبه يقفز في داخله هذا الخبر الذي ارسل رعشه بارده في جسده ليصرخ بقهر" أســامــه.. أبــنــي لاااا"
اصبح الكره يتضاعف والغضب داخل عتمان تجاه بدريه حتى انه حملها نتيجه انه لم يرى ابنه الوحيد قبل موته اليها وانها كانت السبب في ذلك، وبعد دفن أسامه مباشره أخذها هي و اولادها رغم عنهما الي الفيلا لأنهما ليس لديهم احد يهتم ويصرف عليهم بعد موت والدهم وقد شاهدت بدريه و ابنتها حوريه اسوء معامله من الجميع ماعدا الطفل ساجد فـا عتمان كان يحبه ويراه فيه ملامح ابنه المرحوم لذلك كان له معامله خاصه عن باقي عائله أسامه.
و بدريه كانت صامته على ما يفعلوا معاها ومع ابنتها بقله حيله فهي اذا رحلت من هنا ليس ضامنا انها قادره على مصاريف اولادها و حمايتهم خصوصا بعد أن رفض عتمان أن يعطيها اي جزء من ورث اسامه بعد وفاة، لذلك استسلمت لوضعها.
فكلاهما شرير والشر اذا تحالف مع العقل يصبح قوه يحسب لها الف حساب فكثيرا ما تسببا لها في الام منذ ان جاءت هنا هي و اولادها والان هما في مكان واحد في المنزل لابد ان تحسب كل كبيره وصغيره حتى لا تهزم في هذه المعركه، رغم أن الأغلبية هي الخسارة لكنها تحاول الصمود لاجل اطفالها.
في المستقبل -الرجوع الي الوقت الحالي.
أفاقت بدريه بخضه فجاءه علي صوت ميسون الذي اقتحمت المطبخ تصيح بحده" جري ايه يا ست بدريه كل ده بتعملي الفطار شدي حيلك شويه بابا كده هيتاخر على الشغل وانتي عارفه زعله وحش"
مسحت دموعها ولم تنظر إليها وهي تقول بخفوت" حاضر قربت اخلص اهو"
لوت شفتيها بسخرية وقالت باستهزاء"
اما نشوف انا بره هاروح احضر السفره واصحي الاولاد تكوني خلصت"
لم تجيب عليها بدريه و أكملت ما تفعله و
ألتفتت ميسون بضيق شديد منها لتصطدم بوجه حوريه الذي ظهرت أمامها فجاه تألمت حوريه بخفه لتجز ميسون علي أسنانها" ما تفتحي انتي كمان وتبصي قدامك، قله ذوق وسعي كده من وشي"
جذبتها بعيد عنها وخرجت بينما هزت راسها حوريه بياس منها وتحولت ملامحها الي غضب حين رأت والدتها تعمل بدل الخدم منذ الصباح.
ثم نظرت إلى وجه أمها الحزين كانت تبدو أكبر من عمرها بسبب الحزن والمرض الذي لم يتركها منذ اكتشفت مرض زوجها الحبيب و فقدانه وبعدها جاءوا الى هنا ،تقدمت حوريه نحوه والدتها بخطوات حازمة قائلة" ماما انتي بتعملي إيه، كام مره قلتلك بلاش تدخلي المطبخ وتعملي لاحد حاجه احنا مش خدامين عندهم"
ألتفتت بدريه بسرعه قائلة بحزم" بس وطي صوتك لاحد يسمعك و تجيبيلنا مشاكل احنا مش ناقصين كفايه إللي احنا فيه، وبعدين جيدك بيحب ياكل الفطار من ايدي وهو اللي طلبوا مني عشان كده عملته"
هتفت حوريه فيها بعنف" وانا كمان برده طلب مني اعمل له قهوه لي هو و لي بقيت العيله وقال نفس الكلمه اصل بحب اشربها من إيدك، بس الحقيقه مش كده يا ماما هم بيقصدوا يعملوا كده عشان يذلونا ويهنونه دائما، بس احنا مش خدامين عندهم ولينا في البيت ده زي ما هم ليهم واكثر كمان"
وقبل أن تكمل حديثها صمتت لدى سماعها الصوت الرجالي الصادر من جهه الباب المطبخ خلفها التفتت حوريه بسرعه وقلبها يقفز في داخلها انها تعرف هذا الصوت الذي ارسل رعشه بارده في جسدها عندما نظر إليها عتمان بنظره مظلمه قائلا" سمعيني من شويه كنتي بتقولي ايه بقي يا بنت بدريه"
الفصل الثاني
___________________
بعد مرور ساعه بداخل فيلا عتمان زاهي كانت جميع العائلة مجتمعة لتناول طعام الإفطار جلس عتمان يتوسط الجلسه في المقام الأول ثم أخذ بجانب حفيده ساجد الذي أخذ يبتسم له بسعاده و يبلعبه بمشاكسه وهو يضحك معه بصوت عالي ثم تنهد عتمان بحزن داخله فهو ساجد نسخه مصغرة من المرحوم أسامه ليضع بصحنه بعضاً من الطعام فهو يهتم دائما بكل شيئا يخصه يحاول أن يعوضه علي فقدانه لي ابنه الذي لم يارا قبل موته بسبب زوجته بدريه الذي حتي الآن مزال يحملها الذنب ،لذلك دائما يريد أن يراه ضحكات حفيده ساجد ويعامله بحنان وحب عكس حوريه شقيقه ساجد يعلمها مثل والدتها بطريقه سيئه.
"كفاية يا جدو انا مش هقدر اكل كل ده"
قال هذه الكلمات الطفل ساجد ثم اشار عتمان برأسه نحو الصحن قائلاً بحزم" لا يا حبيبي لازم تاكل كل ده عشان تكبر وتبقى قوي واسمع الكلام بقى عشان احبك زي ما بتحبني، ولا انت مش بتحبني"
هتفت جومانه له بضيق و هى تتأمل هرم الطعام الذى وضعه بصحن الطفل ساجد وقالت بغيره" ايه يا جده هو انت ما بتشوفش غير ساجد على السفره و بتنسى اللي حواليك اول ما تشوفه"
اشاحت وجهها جومانه بانزعاج شديد فهي مثل الطفله الصغيره سريعه الغضب وبالذات نحوه تلك العائله تحقد عليهما ولا تريدهما بالمنزل، لوت شفتيها ميسون والدتها بسخرية فـ والدها بالفعل عندما يري ذلك الطفل يتحول 180 درجه الى شخص اخر وقالت بحزم" جومانه...كلى وبلاش دلع عشان تلحقي جامعتك، جدك لما بيقعد قصاد الولد ده بينسى نفسه انتي مش جديد عليكي اللي بيحصل"
ابتسم عتمان وقال بخبث" الله انتي غيرانه ولا ايه، طب افتحي بوقك اكلك من ايدي هو انا عندي اغلى منك"
وعلي الجانب الآخر تتابع حوريه ثرثرة الجميع من حولها دون محاولة الاشتراك بها ثم زفرت حوريه وهي تتلعب بالطعام دون شهيه وكانت تراقبها والدتها بدريه فهي تعرف ما بها لتتذكر قبل قليل حين دلف عتمان المطبخ وسمع الحوار الدائر بينهما وان لم تتدخل بدريه وتفصل بينهما في الوقت المناسب كان سوف يقوم عتمان باستفزازها حتي يحصل منها علي ردة فعل سريعه يستطيع وقتها الشكوي منها لتتم معاقبتها ليشفي غليله وحقده منها ومن والدتها كعادته، لكن ذهبت بدريه سريعه و جذبتها بعيد قائله بتوتر" ما كانتش بتقول حاجه يا عتمان بيه هي بس شافتني تعبانه شويه صعبت عليها، يلا يا حوريه عشان نلحق نجهز الفطار لسه العزومه إللي هنحضر لها"
تطلعت بدريه تجاه اهتمام وحنان عتمان نحوه جميع أحفاده ماعدا ابنتها حوريه تجلس بعيد عنهما وكأنها نقمه لتشعر بدريه بالاوجاع تتراكم عليها وبانها السبب في كل ما تعنيه ابنتها من سوء معاملة من اقرب الناس اليها فلو انها لم توافق فيما مضي علي هذة الزيجة من الابن الاكبر إلي عتمان زاهي دون موافقة أهله ماكان حدث ذلك ،لكن حينها حبها الشديد له كان أكبر من رفضها.
ثم بعد فترة نظر عتمان علي يمينه و اترتسم اللامبالاة فوق وجهه حتي التفت الي بدريه ينظر إليها نظرة ذاته مغزي وقال" اعملي حسابك يا بدريه العزومه كمان ساعتين تكون خلصت الناس على وصول مش عاوز اي غلطه وانتي يا حوريه تجهزي نفسك عشان الناس اللي هتيجي تخطبك النهاردة"
تخشب جسد حوريه ثم تساله بجمود" ناس مين دول"
رفعت ميسون يدها بحركة ترفع قائلة" ناس ما تعرفهمش من عيله كبيره اوي في السوق ابنهم شافك كام مره و اعجب بيك واهله كلموا جدو وهو وافق"
هز رأسه بالايجابي وقال بتحذير"ايوه ناس كويسين أوي وانا سالت عليهم، عاوزك بس ترفعي راسي قدامهم واياكي تعملي اي مشاكل"
نظرت إليها جومانه ترتسم فوق وجهها علامات الاستفزاز قائلة بتعالي موجهة الحديث الي حوريه" مبروك يا حوريه فرحتلك بجد بس حظك ايه جوازه ما كنتش تحلمي بيها، اصل انا اعرف أهل العريس هتتبسطي معاهم قوي "
اخذت حوريه تنظر إلي الجميع بغيظ ثم زفرت بحنق قائلة" ايوه بس انا مش موافقه مش بفكر في الجواز دلوقت"
ترك عتمان ما بيده ناظر إليها بحده"
نعم سمعيني قولتي ايه ثاني يا بنت بدريه يعني ايه مش موافقه انا اديت كلمه للناس"
تنهدت بضيق شديد مردده"معلش كنت مستنيه من حضرتك تعمل الأصول وتاجي تاخذ رايي، بس للاسف حضرتك ما عملتش كده وانا بقولها لك اهو انا مش موافقه"
بدأ عتمان بالتحدث مرة اخري بصوت خشن بث الرعب بداخلها"انتي قصدك ان انا ما بفهمش في الاصول لا امك عرفت تربيكي صح يا بنت بدريه"
صمتت لحظه باضطراب ثم همست حوريه بتوتر "انا ما قصدتش كده بس كان لازم تاخذ رايي انا اللي هتجوز يبقي لازم اختار "
ازاح عتمان ساجد من طريقه مقترباً إليها واندفع فجاءه نحوها يصفعها بقوة مما جعلها تفقد توازنها وتسقط علي الارض من شدة الصفعة صاح قائلاً وهو يصفعها علي وجهها مرة اخري" وبتعيديها ثاني يا زباله"
ركض ساجد بخوف يمسك بيده والدته لتصرخ بدريه بذعر"بـنـتـي"
ابتسمت جومانه باستماع وهي تراقب ما يحدث بينما صاحت ميسون تزيد الامر اشتعالاً "بنت قليله الادب وناقصه تربيه صحيح وطي صوتك وأنتي بتتكلمي مع جدك واتكلمي معاه بادب بقي انا ابويا مش بيفهم في الوصول ده لولا ان هو جابكم هنا كان زمانك مرميه في الشارع انتي و امك واخوك "
رفعت بدريه عينين مغشيتين بالحزن والالم تنظر الي ابنتها لتهتف حوريه بغضب شديد بين دموعها التي أخذت تتساقط" هو انتم جايبنا هنا عشان تذلوا فينا من ساعه ما جيت البيت ده وانا كل حاجه باعملها بامر حتي الجواز عاوزين تجوزني غصب عني"
انتفض عتمان يصرخ بعصبية" بدريه خذي بنتك من قدامي احسن و يمين بالله ما هخلي فيها حته سليمه، وفهميها ان كل حاجه هنا لازم تحصل بامر مني انا بس ،وما اتخلقش اللي يقولي لا"
اقتربت بسرعه بدريه تسند ابنتها لتنهض وترحل بيها لكنها رفضت وسحبت نفسها منها تصيح بهستريه منفعلة"وانا بقى بقول لك لا ومش هتجوز بالغصب احنا مش عبيد عندك انا انسانه وليه راي، لو كرهنا اوي كده ومش عاوزنا معاك سيبنا نمشي وادينا ورث بابا و.. "
وقبل ان تكمل جملتها انقض عليها عتمان يصفعها بقوة وهي تصرخ بألم حاد ثم يضع يده فوق فمها يكتم صوتها بيده وهو يتمتم بخفوت بصوت ارعبها"عارفه لولا الناس اللي جايين النهارده يشوفوكي كنت مخليت حته فيك سليمه، بعد المقابله ليا معاكي كلام ثاني"
انتفضت بدريه بخوف شديد علي ابنتها لتهتف" حقك عليا انا خلاص سيبها عيله صغيره مش فاهمه حاجه"
نظر إليها عتمان بنظره قاسيه وقال" عيله صغيره يبقى تربيها وتعرفيها الاوصول و خذي بنتك من وشي وعقليها"
أبعدها بقسوة عنه بينما نظرت حوريه بأعين دامعه باستعطاف إليه في محاولة منها لتلين تلك القسوة المرتسمة فوق وجهه لكنها لم تجد منه اي استجابة لتتنهد بخيبة امل لتغادر المكان تذهب الي الغرفة وهي تغلق الباب خلفها بقوة وعنف، ثم تحركت خلفها والدتها ليظل عتمان واقفا مكانه دون حراك لعدة دقائق تفور مشاعر النفور والاحتقار التي تثيره لديه كلما وقع نظره عليها هي أو بدريه ثم يزفر بقوة محاولا التخلص من تلك المشاعر الغاضبه وتحرك في خطواته باتجاه مكتبه ليستعد لتلك المقابله القادمة.
**
علي جانب آخر بداخل قصر عصام الصريطي وفي نفس ذلك الأرض الواسعة في جانب الخلف"جزء من القصر يمتلكه قاسم السيوفي" فـ عصام بائع إليه ذلك الجزء حتي يظل تحت اعينه مراقب له وهذا كان إقتراح ناريمان زوجته، الذي كانت تجلس أعلي المعقد لتتحول تفاصيل وجهها بغضب شديد وهي تحدف الجريده أعلي الطاولة بعنف انتفض عصام بخضه الذي كان يجلس جانبها متسائلا بقلق" في ايه يا حبيبتي مالك بس"
نظرت إليه ناريمان بغضب أعمي" بذمتك مش عارف مالي مش شايف اللي في الجرائد مرهمش سيره غير الزفت قاسم والمشاريع اللي بيعملها ونجاحه والعظيم واحنا.. واحنا فين شاف وصلنا لي ايه ،ده كان شحات ولا يسوى واحنا اللي خلاني حاجه بفلوسنا في الاخر هو اللي يعلي واحنا اللي ننزل، يا اخي بدل ما انت قاعد جنبي انت وعيالك كده شوف حل وخلي شركتك ترجع تشتغل زي زمان مش كفايه حتى الوزاره سبتها"
في نفس الوقت هبط جاد يركض علي السلالم بخطوات بسيطه و هو يصفر ويدندن بغناء وتوقف عندما سمع صوت والده يقول" وهم عيالك دول في منهم نافعه، هم وراهم حاجه غير السهر والفلوس اللي بيصرفوها وتجيء لهم على الجاهز"
عقد حاجبيه جاد باستغراب وقال بضيق" في ايه بس الخناق اللي على الصبح ده هو انتم لازم تحشرونا في كلامكم هو حد منين عمل لكم حاجه"
ألتفتت وهتفت بحده وغضب" ما يا ريتك بتعمل حاجه هو انت يا بيه لسه صاحي دلوقتي الظهر و ما رحتش الشركه انت واخوك ليه؟. ولا عاجبك الامبراطور قاسم اللي كل يوم والثاني اسمه بيعلى بره مصر وجوه واحنا بنرجع"
لوت شفتيه ابتسامة ساخراً وقال" الامبراطور قاسم مره واحده! في ايه بس يا ماما على الصبح ما تخليش الولد ده يعصبك ده ولا يسوى ولوله فلوسكم ما كانش زمانه حاجه ابن الخادمه"
جز عصام علي أسنانه بحده وقال بعصبية" ما هو ابن الخدامه ده يا فالح اسمه مسمع في السوق عنك أنت واخوك وفي خلال كام سنه بس عمل مجموعة كبيرة من الشركات بتصدر وبتعمل افخم الماظ، دول اهم الناس في العالم بتيجي له من بره لحد عنده مخصوص عشان يتفقوا معاه علي صفقه واحنا اللي شركتنا كانت قبل منه غطى عليها اول ما طلع"
تقدم جاد يجلس على المقعد أمامهم هاتف بجدية" وعمل كده بمساعده جمال اللي كان شريكك في كل حاجه وانت طردته مش كده"
احمرت ناريمان عيناها بقسوة شديدة وقالت بسخط" اللي حكيت جمال دي كمان اموت واعرف اللي جمع الاثنين على بعض ولا يعرفوا بعض اصلا ازاي و أمتي، كانت فكره منيله لما فكرنا ناخذ كليته منه ونعمل معه صفقه ونجيبوا لحد عندنا، عرف ابن الذين يلعبها صح علينا"
تنهد عصام بعمق وقال بجدية" اللي حصل حصل يا ناريمان مش هنقعد نتكلم في القديم، وانت يا بيه هتفضل قاعد لي قومي اتفضل صحي اخوك وتعالي الشركه نفسي اشوفكم مره قبليه هناك"
هز رأسه جاد بانزعاج وهتف بضيق وقال" شركه وشغل ايه دلوقت، انت نسيت النهارده هتروح تخطبلي ولا ايه"
**
كانت حوريه تقف امام خزانه ملابسها تحاول اختيار شئ مناسب ترتديه اثناء مقابله أهل العريس لتقلب بين الملابس بغضب شديد وتحاول العثور علي اي شئ مناسب ثم زفرت حوريه باحباط وهي تبتعد عن الخزانه قائله بضيق شديد" اله العربيه تعطل بيهم وما حدش يجي تولع الخطوبه علي صاحبه انا هقرف نفسي ليه، مش هنزل وخليهم يشوفوا هيخطبوا مين"
ثم تربعت على السرير واسندت راسها للخلف الوساده أغمضت عينيها بضعف أحست بضيق خلقها واحست ان جو الغرفه طابق على صدرها وفي خاطرها تريد أن تصيح من قلبها لكن القهر ان حتى دموعها رافضه السقوط ومعلقه في عيناها رافضه النزول حتي لتغسل همها وتريحه حتي لو قليلآ تريد الصراخ لتطلع كل ما في قلبها لكن هذي نعمه محرومه من كثر القهر والظلم الذي تعرضت له فــ حياتها لتردد بقهر"بس لازم انزل جده مش هيسكت"
تنهدت بضجر من حالها ثم دون ادراك منها وضعت يدها على رقبتها لتظهر سلسله فضيه بداخلها خاتم رجالي أزرق اللون كبير رائعه الشكل امسكتها دون شعور منها وهي مازالت تغمض عينيها لتتذكر كيف حصلت عليها؟.
في الماضي- الرجوع للخلف ثلاث سنوات.
تنفست الصعداء للمرة التى لم تعد تعرف عددها و ارتجفت يدها بتوتر ليتها تتخلى عن خوفها الغبية تلك وتدلف الي الحفله منذ أكثر من ساعه وهي تقف بتردد و قلق فهي منذ ان سمعت بالصدفه من جدها عتمان زاهي أنه هو والعائله معزومين على حفله تنكريه من طرف رجل اعمال شهير و بالطبع تجاهل دعوتها هي و والدتها الي الحفل و أخذ معه ابنته و اولادها فقط.
لكنها وليتها تستطع التخلص من إصرار فضولها علي الذهاب إلى الحفل لتري كيف تكون نوعيه هذه الحفلات فذهبت بالفعل و تنكرت بقناع يخفي عينيها حتى لا يتعرف عليها جدها أو أحد غيره، ليتها عرفت ما كان ينتظرها هناك ! هل كان لها أن تتخيل أن تنقلب حياتها رأسا على عقب بمجرد أن تخطو بقدميها لتلك القاعة الفخمة المزدحمة؟.
قبل قليل طلب منها نادل الحفل إختيار قناع كانت الإقنعه راقيه اخذت واحد يناسب لون ثوبها حيث ارتديت فستان يصل إلى بعد ركبتيها ذا فتحه عنق واضحه من دون أكمام، ليقع عيناها علي جومانه ابنه عمتها تقف تضحك مع شاب ما بدلع لتهرب حوريه بسرعه الي جانب آخر بخطوات سريعة و طول الوقت و هى تدعو الله أن تتمكن من الصمود حتى النهاية دون أن يتعرف عليها احد من اهلها داخل القاعه.
علي الجانب الآخر يقف مرتدي حلته السوداء الأنيقة وقميصه الأسود فكما هو لون الأناقة والفخامة هو أيضا لون الغموض، كان يتنهد و الملل واضح علي وجهه فهو يقف هنا منذ قرابة الساعة يراقب ما يحدث حوله بنظرة ساخرة، ليقرر بينه وبين نفسه كان خطأه منذ البداية أن وافق على حضور هذا الحفل السخيف ولكن مجاملة إلي عصام الصريطي الذي اصر علي غير العاده أن يحضر هذه الحفله معه ،وهو احتفال بعيد زواجهما من ناريمان! لكن بطريقة غير اعتيادية وافق على الحضور على مضض لكنه تفاجئ بمنظر الحفله ذلك، وكان يقف هناك على باب القاعه نادل يحمل الاقنعه ويوزعها على جميع المعازيم بإصرار ليضطر أخذ قناع منه ويرتديه علي عينيه.
وكان الجميع حوله يرتدون مثله يا له المعنى الحقيقى للسخف والحماقة بأقنعتهم السوداء والذهبية ،تحرك بخطوات بسيطة ذاهب من تلك الحفله السخيف فقد اصابه الملل بشده لكن فجاه الأضواء خافتة والموسيقى تصدح ناعمة بمعزوفة عالمية والجميع يدور فى حلقة راقصة تسترعى انتباه وسخريته فى آن واحد ليري عصام يراقص زوجته فى حالة من الغرام المصتنع.
أدار رأسه ينظر حوله و هو يتنهد فى سأم عيناه مرتا فوق الجميع دون تحديد لم يكن يراهم بواضحه لكن عينيه توقفتا عندها هي لماذا؟ لا يعرف لكنه يعرف أن عينيه اختصتاه هو بلحظة تدقيق لحظة جعلت الزمن يتوقف من حوله و اختفى الجميع ماعداه هو وهي.
كانت تتقدم بهدوء وتدخل من باب المنزل المفتوح على مصراعيه وكأنه يرحب بها فستان أسود طويل يحدد رشاقة جسد فارع يقطع كالسيف فى مشيته شعرها أسود بلمحة بنية لامعة لم يستطع تحديد طوله لأنه ملقى بالكامل على ظهرها و ملامحها لا يستطيع رؤيتها فى الأضواء الخافتة خاصة وهى ترتدى قناعا فضيا يغطى عينيها ونصف وجهها بأناقة ،كان قلبه يعلو ويعلو آمرا إياه بفعل أدهشه من نفسه.
أخيرا توقفت هى لتنظر حولها وابتسامة صغيرة تزين ثغرها الوردى تنظر حولها وتتصفح المكان ومع تلفتها وهى تشاهد إندماج الراقصين رأته! حتي توقفت عيناها وقد تلاقت الأعين طويلة ارتعش قلبها بقوة و عيناها تصطدمان بعينيه اللتين لم تستوعب تلك العواصف العنيفة التى رأتها داخلهما نظرته لم تكن كهؤلاء الرجال اللذين لم يتوقفوا عن النظر إليها لم تحمل وقاحة تلك النظرات و لا قدرتها على إثارة نفورها و ضيقها كان بهما شئ آخر لكن حقا، لكن أخافها ذلك الشئ و جعل قلبها ينتفض ترقباً و قلقاً جعلها ترغب فى الهرب بعيداً جداً وقد ندمت أنها جاءت إلي هنا، لكن قدميها لم تطاوعا أوامر عقلها فاكتفت بأن أدارت عينيها بعيدا عنه بتوتر و تعود لتنشغل نظراتها حولها بوهمى كأنه كان شيئاً عابراً لا أهمية له.
لكن كان هو له رأي آخر؟ تقدم منها بهدوء قلبه يسوقه قبل قدميه ومع كل خطوة كان يعرف أنه يفعل أصح شئ فى حياته، اما هي توتر جسدها و قلبها يزداد إرتجافاً بين ضلوعها رفعت كفاً مرتجفة تتحسس عنقها و هى تزدرد لعابها بصعوبة تشعر به مازال يراقبها تشعر بعينيه تخترقان وجودها كله دون ان تراه رغبتها بالهروب إزدادت و روحها تستشعر ذلك الخطر الذى يمثله حتى و لو لم تفهم ما ذلك لحظتها الشعور و دون ادراك منها رفعت عينيها بفضول وانصدمت عندما رأته يقترب منها؟.
وتوقفت عيناها علي واسعها وتسارعت الأنفاس ببطء بعد أن كانت محبوسة أكمل تقدمه حتى وقف أمامها تماما ينظر لعينيها السوداوين الظاهرين من فتحت القناع و تعلي أصوات المعزوفة برقة أكبر ونعومة أكثر أو أنما هو توهم بذلك وقد أحب الأجواء بعد ان كان كرهها، تخطي اخر خطواته أمامها وبدون كلام يلتقط كفها ليشدها نحوه بقوة واضعا يده الأخرى على ظهرها برفق عجيب وكأنه يخشى الإحساس بها ليبدآ فى التمايل معا ببطء أخذهما الى عالم آخر.
وارتفعت يدها الحرة على كتفه بإرتعاش طفيف لم تكن تلامس كتفه تماما بيدها كانت لمسة خفة او ربما خوف شعرت به يشدد ذراعه حول خصرها ليقربها أكثر من صدره و إبتسامته تزداد أعلي وجهه المخفي نصفه بالقناع.
بينما يحيط خصرها باحد ذراعيه و يبدأ على أنغام الموسيقى الناعمة وهو يراقب ملامحها في حين فتح ثغرة للتحدث أو التعرف عليها، فجاه انقطعت جملته بشهقة قوية صادره منها وقبل أن يتساءل عن حدث تفاجئ بها تبعد عنه و تجذبه من ذراعيه بقوه بعيد وفي خلال ثواني اخترق صوت طلق ناري يمر من جانبه كده ان يصابه وينهي حياته لعله هي ابعادته.
توقفت الموسيقى وارتفع صراخ الجميع بخوف وذعر هما أيضا عندما سمعوا أصوات الطلق بينما التفت هو خلفه بغضب شديد ليري من اين اتي ذلك الطلق لكنه لم يجد احد لكن وجد شيء اخر نظرات تتابع الموقف بتوتر وحذر وهما عصام الصريطي و زوجته ناريمان والان فقط عرفت سبب الدعوه وهي انهاء حياته، سمع صوتها الرقيق هاتفه بقلق "حاسب انت بخير"
ذهب غضبه في لحظات وعادت ملامحه الهادئه عندما التفت اليها لم تكن قد ابتعدت سوى خطوتين حتى وجدت نفسها لترتطم بصدره القوى و كفها الحر يستقر فوق قلبه خافقه الذى كان فى هذه اللحظة يخفق بجنون استشعرته فارتجفت نبضاتها بقوة و عيناه تتسعان تفقدان ملامحها الجذابة ليقع أسيره عينيها العاصفتين كروحه تماماً.
أنزل يديه عنها وظل لحظات ينظر إليها اضاءت عينيه فى بسحر عينيها ليمتزجا و يضيئها برق هذه الساحرة أمامه رفع يده ليلامس طرف القناع لإزالته وهو يهمس شاردا " انتي مين؟."
لكنها أمسكت يده تبعدها عن القناع بسرعه قبل أن يزيل القناع عن عينيها وهي تشاهد الجميع يركضون من الحفل بخوف و بالطبع من ضمنهم جدها عند هذه النقطة انتفضت بذعر و استدارت بخطوات تغادر قبل ان يكتشف أحد من عائلتها اختفاءها من المنزل وقتها ستحدث مشكله كبيره لتقول بتوتر" انا لازم امشي حالا من فضلك سيبني"
ركض خلفها خطوتين وهتف بسرعه وقال" استني طب مش عاوزه مقابل مساعدتك ليا "
عقدت حاجبيها وقالت باستغراب" بس انا بساعد الناس من غير مقابل"
كانت عيناه تجاهد لسبر ملامحها فيشده الثغر الوضاء إليه لأول مرة يعرف قيمة الضوء أراد إنارة كل شئ حولها ليراها فقط يراها ليهمس "بس انا ما بحبش ابقى مديون لاحد"
تنهدت حوريه بعدم صبر تريد الرحيل من هنا قبل وصول جدها الي المنزل قبل منها، ثم لمحت في يده خاتم رجالي أزرق اللون كبير رائعه الشكل لتقول بصوت خافت" طالما مصر انا عاوزه الخاتم ده"
تطلع باستغراب في يده قائلاً "بس ده ما فيش منه غير نوع واحد وانا اللي مصنعه و.."
لم تنتظر هي أكمله حديثه لتسحب الخاتم من يده ثم ركضت بسرعه تحت انظاره المتفاجئ.
لقد رحلت بالفعل كما دخلت غادرت ولم تعود وظل هو يقف مشدوها ناظرا علي اثرها وهي ترحل وكأنها كانت مثل اميرات سندريلا ترحل وتأتي بوقت محدده! لكن في الحقيقه سندريلا هي من سقط منها حذائها وظل مع الامير يبحث عنها به، و ليس هو من سقطت روحه واخذتها معها.. و رحلت سندريلا الضائعه مثل الحلم، الحلم الذي يتمني أن يعوده مره ثانيه حتي لو في خياله!
في المستقبل -الرجوع الي الوقت الحالي.
شهقت حوريه بخفه عندما استمتعت الي صوت طرقات تضرب بعنف وجومانه تصيح من خلفها بحده" ما تخلصي يا هانم الناس وصلت تحت و جده عمال يسال عليكي، انا مش هطلع اخبط عليكي ثاني انا مش الخدام اللي جابتها أمك"
تنهدت حوريه بيأس وضيق هاتفه" حاضر"
**
بعد فترة قصيرة هبطت حوريه و اخذت نفس عميق قبل أن تدخل غرفة الجلوس وجدت الجميع يجلسون ويتحدثون وعندما دلفت ساد صمت رهيب احتل غرفة الجلوس منحها جدها إبتسامته بصعوبة بينما ابتسم البقية وقال" تعالي يا حوريه قربي و سلمى علي الموجودين مفيش حد غريب"
بعد كلمة الجد مضت لحظات و حوريه مازالت تقف بتوتر وتنظر بالأرض مثيرة إنتباه و تساؤل الجميع واحمر وجهها و قبل أن تنطق بأى كلمة جاءها صوته و هو يقول " ازيك يا آنسه حوريه"
"مهلا هذا الصوت ليس غريب لقد سمعته قبل سابق" هكذا حدثت نفسها قبل أن ترفع راسها ببطء ثم خلال ثواني اتسعت عيناها بقوة و نار الغضب بدأت تشتعل فى أعماقها تنفست بقوة و هى تحاول السيطرة على نفسها فقد عرفت ذلك الوقح من يكون وليس غيره "جاد عصام الصريطي" فليس اول مره تراه! كانت دائما تلمح طيفه دائما يقف امام جامعتها يتسامر مع الفتيات إذن هو العريس.
فهي أفضل أن تمضي عمرها كله بلا زواج على أن ترتبط بـ حيوان مثل جاد الصريطي هذا، فقد رأته قبل سابق وهو في سيارته لاستقبال رفاقه وعشيقاته اللواتي لا تخلو زيارة منهن حتي حاول معها هي أيضا يرافقها قبل سابق و رفضت بشده حينها و صرخت عليه وسط الجميع أن يبتعد عنها ولما حاول مره ثانيه تلقى منها صفعة قوية وسط الجميع نظر إليها وقتها بشر دفين ورحل بصمت ولم ترى مره ثانيه؟. لكن ماذا يفعل هنا هل هو بالفعل العريس ام شقيقه الذي يجلس جانبه.
تسمرت مكانها واحتبست أنفاسها بصعوبة فيما اقترب هو منهم دون أن يبعد عيناه عنها و هو يستوعب صدمتها له و الذى لم تخيله مداه عن ملامحها دارت عيناه بابتسامه ساخراً على ملامحها و التقطتا إحمرار وجهها ليبتسم فى سخريه أكثر و اقترب ليصافح مبتسما و يقول بثقة" اهلا بعروستي الجميلة"
ابتسمت ناريمان ضحكة حرجة مفتعلة " شوفي الولد مش عامل حتي حساب أننا قاعدين معلش يا عروسه شكله بيحبك أوي"
ضغطت على أسنانها بحده فقد عرفت أنه هو العريس و الوقح يغازل فيها أمام عائلتها دون حياء، قبضت على كفها أكثر رافضه أن تسلم يدها إليه لكنه البغيض أمسك يدها رغم عنها صافحها مبتسما قبل أن ينحنى ليقبل كفها أمام عينىِ جومانه الذي رسمت ملامحها بضيق شديد بينما سحبت يدها بسرعه حوريه و تراجعت للخلف بتوتر.
وفي ذلك الوقت دلفت بدريه هى تدفع بطاولة تحمل مشروبات باردة لتنهض جومانه و هى تقول بأدب مصطنع جعل والدتها ميسون تنظر لها بذهول واستنكار من فعلتها و هى تسمعها تقول" تعبتي نفسك ليه يا طنط كنتي ناديتيني اساعدك"
عقدت بدريه حاجبيها بدهشة كبيرة قبل أن تهز رأسها بإبتسامة طيبه" ما فيش تعب ولا حاجه يا بنتي اقعدي وانا هقدم المشروبات للناس"
هزت راسها جومانه برفض ابتسمت لها و هى تأخذ العصير قائلة" لا عنك انتي يا طنط اقعدي وانا هقدم"
مره ثانيه انصدمت بدريه ثم تركتها تفعل ما تريده وجلست بينما تنهدت والدتها ميسون بضيق وهي تنظر إلى ابنتها حين تقدمت جومانه تقدم المشروبات للجميع و عندما وصلت إلى جاد ابتسمت جومانه لها بقوه و اصتنعت الخجل الشديد، ألتفت إليها و ابتسم جاد وهو يأخذ منها وقال" متشكر تسلم ايدك"
بينما أومأت برأسها جومانه قائلة و إبتسامة رقيقة" العفو"
أطلق جواد شقيقه ضاحكه ساخراً، لينظر إليه الجميع بتعجب ومن بينهم والده الذي تطلع فيه بتحذير ،حمحم جواد قائلًا يكتم ابتسامته " اسف ما كانش قصدي"
كانت مازالت حوريه تقف بصدمه وغضب حتي نادتها بدريه بصوتها الحنون الدافئ" حوريه حبيبتى اقعدي واقفه ليه"
نظرت حوريه إلى والدتها ثم رسمت إبتسامة صغيرة و هى تتحرك لتجلس بتشنج حين رأت جاد أقترب يجلس قربها تماما الوقح ألم يجد مكانا آخر سوي قربها اقترب منها أكثر ليهمس قرب أذنها" اخبارك ايه وحشتيني ايه اوعي تقولي مش فاكراني، على العموم ممكن افكرك باماره القلم اللي اديتهلي"
هزت ساقيها بتوتر و هى تشعر برغبة فى قتل أحدهم ليزداد وجهها إحمرارا وهي تهمس هي الآخر" طب كويس انك عارف ان انا هزقتك جاي هنا ليه"
جزت جومانه علي أسنانها وهي تراقب ذلك الهمس المنخفض ثم ابتسم جاد و هو يراه توترها ليقترب منها غير مبالٍ بمن حولهم و موجهه حديثه الي عتمان قائلا " مردتش عليا يا عتمان بيه ايه رايك نلبس الدبل النهارده زي ما قلت لك وان شاء الله هنعوضها في الفرح"
صمت عتمان قليلًا يفكر ثم هتف بابتسامه "ماشي ما فيش مشكله"
بعد كلمة الجد مضت لحظات و حوريه تحدق في جدها بعينين متسعتين و فم مفتوح صدمها بالقرار المفاجئ وكانت تتطلع نحو والدتها بوجه شاحب تحاول التحكم بصعوبة فى رجفة جسدها التى إزدادت لتري والدتها مصدومه مثلها وهزت راسها بقله حيله لتقول حوريه بتوتر" بس يا جده مش بسرعه كده"
رفع عتمان نظره نحوها بتجهم هتف بها من بين أسنانه متجهما بحب مصتنع" لا يا حبيبتي مش بسرعه ولا حاجه وبعدين مش هالاقي لك عريس مناسب ذي جاد ولا عيلته ذيهم"
هتف عصام بابتسامه" تشكر يا أستاذ عتمان، وبعدين ما انتم برده مش هتتجوزوا على طول هنحاول نطول فتره الخطوبه يا بنتي"
وقبل أن ينعقد حاجباها بتفكير في ذلك المازق أخذ جاد يدها ليضع بداخلها خاتم الخطوبة نظرت إليه بعينين تتسعان و هي تسمع جاد يقول بسخرية" مبروك يا عروسه ايه مش هتلبسيني دبلتي انا كمان"
تحرك شفتيها دون صوت بكلمتين كان قادرة على إلتقاطهما" عند اذنكم حاسه بصداع شويه"
**
صوت انفاس عاليه وهو اندفع يركض بجنون و هو يتلفت حوله برعب عبر المرجة باتجاه سور دار الايتام,ولم يكن هناك رصيف للطريق بل كانت منزلقة بسبب أوراق الشجرالمتساقطة المبللة مرة أو أكثر كاد يقع بشكل خطير ألقي نظرة سريعة الي خلفه يتخبط في الظلام الحالك الذي يلف كل شئ حوله ليرى بصعوبه امامه ارض صحراويه لا نهائيه وخاليه من اي بشر قد يحاول الاستنجاد به ليسمع فجاه اصوات قادمه من خلفه و عويل الكلاب وصوت المشرفه و مسعود يركضون خلفوا يصيحون بغضب شديد أن يرجع إليهما إلي سوف تترك الكلاب تركض نحوه وعندما لم تجد منه اي استجابة أطلقت الكلاب بالفعل نحوه.
ظل هو يركض دون توقف حتى لهث من شدة التعب وهو يحاول الهرب وجسده ينتفض رعبا وهو يستمع برعب لأصوات الكلاب الشرسه التي تطارده ،شعر باختناق انفاسه بداخله و هو يزيد من سرعة ركضه وانفاسه تتلاحق بسرعه ونبضات قلبه تعلو وتعلو حتى كاد قلبه ان يتوقف عن النبض من سرعة نبضاته واصوات الكلاب الشرسه تطارده بجنون و هو يركض بكل ما فيه بخوف شديد يتلفت حوله و تعالي انفاسه برعب.
ليسقط فجأه على ركبتيه بقوه ودموعه تنهمر بغزاره ثم ألتفت حوله ليجد الكلاب تركض بسرعه نحوه و بين وبينهما مسافه قريبه جدآ فحاول أن ينهض سريعا ليركض لكنه لم يقدر ليسقط مره اخرى بتعب شديد وفي خلال ثواني كانت الكلاب تهجم عليه ليصرخ برعب شديد وهو يستمع إلى أصوات قادمه من بعيد لم يفهمها جيداً.
"قاسم فوق انت بتحلم قاسم اصحي"
كان صوت جمال الذي اقتحم عرفته عندما أستمع الي أصوات صراخه ليعرف علي الفورا أنه صوت قاسم و قد اتي كابوس مزعج مثل العاده ،هز جمال كتفه الأيمن برفق حتي فتح عيناه علي اتساع وهو يشهق بعنف و فجاه احكم قبضته فوق عنقه جمال يعتصره بشده مما جعل عروق عنقه تنتفض من شدة غضبه.
اتسعت عينا جمال بصدمه و ذعر عندما بدأ قاسم يزيد من ضغط يديه حول رقبته حتي شعر جمال بالهواء ينعدم من حوله فلم يعد يتستطع التنفس فاخذ يضربه بقبضته فوق يده المحيطه بعنقه حتي جعله ان يبتعد عنه لكنه لم يتحرك من مكانه وظل يعتصر عنقه بقبضته القوية فلم يشعر قاسم بشئ مما يفعله حتي دخل رجال الحراس إلي الغرفه بسرعه يبعدون عنه و يمسكوا قاسم بقوه مكتف من ذراعيه حتي فاق اخيره ونظر حوله وهو يقول بتقطع وضعف" خلاص صحيت ابعدوا"
لكن ظلوا يمسكوا بيه بقلق حتي صاح بغضب شديد وهو يتنفس الصعداء" قلت ابعدوا خلاص"
نظروا الي جمال بتردد وحذر ،أخذ جمال أنفاسه بصعوبة شديدة وهو يردد" اطلعوا بره وسيبونا يلا"
تركوا بالفعل و ذهبوا الرجال الي الخارج رمي قاسم نفسه للخلف أعلي الفراش واغمض عيناه يتعب و إرهاق بينما تنهد جمال بضيق وقال" كابوس ذي كل مره قلتلك ريح نفسك واسمع كلامي مره، وروح لدكتور نفساني"
فتح عيناه وهتف بحده وغضب" قلت لك انا مش مجنون عشان اروح لدكاتره نفسيين"
نظر إليه جمال بقلق و أردف بحده" مش مجنون بس كنت هتموتني هي اول مره يا قاسم يجيلك كوابيس وتصحى وانت بالطريقه دي مش قادر تاخذ نفسك ولا حتي عارف تفرق مين قدامك حقيقه ولا حلم، اسمعها مني انا عاوز مصلحتك بدل ما تعمل مصيبه أعرض نفسك علي دكتور"
نظر إليه قاسم و هو يكاد ينفجر غضبا ثم هتف ببرود" انا كويس يا جمال ومش محتاج لدكاتره، وما تخافش على نفسك مني اوي كده وابقى بعد كده لما تسمع صوتي ما تجيش تصحيني"
نهض قاسم من أعلي الفراش ليجذبه جمال من ذراعيه بغضب" من امتى يا قاسم بيهمني نفسي عنك انا خايف عليك يا غبي انا فاهم كويس الكوابيس اللي بتيجي لك من اللي شفته في حياتك وفي الدار، عشان كده عاوز مصلحتك وعاوزك تتعالج"
نظر إليه قاسم عددا لحظات ثم ابعد يده و ذهب إلى المرحاض مغلق الباب خلفه ونظر إلى وجه بالمراه اصبح اكبر رجال الأعمال الوسيم الذى أصبح يمتلك شركات و أغني كان معتقد عندما يصبح يملك كل شيئا سيتخلص من جميع مأسى حياته ولكن يبدو ان القدر كان يخبأ له مفاجات اخرى، فوجد نفسه يتخلص من سطوه عذابه بداخل الدار ليقع تحت سطوته نفسه هو ذلك الانسان الذى لم يعرف سوى التسلط والتحكم بالآخرين وقلبه الذى لم يعرف سوى كراهيته الي الجميع لكنه لا يدرك ان هناك خيط رفيع بين الكراهيه والحب، ياتري ماذا سوف تخبي اليه الايام؟.
**
بعد مرور يومين، بداخل فندق خمس نجوم يجلس بداخل الكافيه قاسم ومعه جمال حيث يوقعونا صفقه ما جديده، وحين انتهاء نهض قاسم بخطوات بسيطة نحو عامل المشروبات الغازية وطلب منه قهوه وجلس أمامه أعلي مقعد في انتظاره وفي حين شعر بأحد يضع يده على كتفه قائلا" قاسم هنا بنفسه يا أهلا"
ألتفت بجمود عندما رآه جاد و جواد و معهم تالا ابنه عمهما، غمغم جاد بضيق قائلاً" اهلا يا قاسم بتعمل ايه هنا"
هز رأسه بعدم مبالاه وقال" ابدا شغل وأنتم"
ابتسم جواد وتحرك يجلس جانبه هاتف" ابدا اصلي تالا بنت عمنا كانت لسه واصله امبارح من امريكا وكانت بايته هنا في الفندق، وجينا ناخذها عشان تقعد معنا شويه"
رفع قاسم نظره ليري شابه في مقتبل من العمر الخامس والعشرين ذو جسد رفيع وبشره قمحاويه ملامحها جميله ذات شعر احمر قصير عيون عسليه،هز رأسه قاسم لها بدون حديث.
ابتسمت له وهي تراقب ملامحه جيدا ومدت يدها تصافح إياه" اهلا بيك سمعت عنك كثير وكان نفسي اشوفك انا تالا منصور"
لكن قاسم لم يتحرك أو يسلم عليها، عقدت حاجبيها بضيق بينما قال جواد مازحًا" ريحي نفسك و نزلي ايديك اصله مش بيسلم على بنات"
نظرت تالا إليه بدهشة كبيرة وقالت بسخرية" ليه متوضي"
ضحك جواد قائلًا" حاجه ذي كده، سيبك منه هو كده حتى في شغله قفل بقي هنعمل ايه"
ضحك الجميع ما عدا قاسم لم يجيب عليهما حتي بعد ثواني انتهاء العامل من عمل القهوه له ثم أخذها قاسم منه و نهض قائلا" عند اذنكم عشان عندي شغل هنا، اشوفكم بعدين"
نهض خلفه جاد وقف أمامه مانع إياه من التحرك توقف قاسم بضيق وهز رأسه بمعني ماذا يريد، أشعل جاد سيجارته ببرود وهو يقول" مش تبارك لي يا قاسم مش انا خطبت من يومين"
عقد حاجبيه قاسم وهز رأسه بنفاذ صبر" تمام مبروك"
أطلق بنظره طويلة إليه وأردف باستفزاز" انا ما عملتش خطوبه بس اكيد هعمل فرح واعزمك فيه اوعي ما تجيش، هزعل انت برده زي اخويا حتى لو بالتبني!"
ضغط قاسم على يده بعنف يكتم غضبه
وسادت بينهم فترة من الصمت حتى عاد جاد يقول بنبرة ساخراً" هستناك"
تحرك قاسم بخطوات سريعة بحده ولم يجيب عليه، بينما ضحك جواد قائلًا وهو بغمزه له"مش لازم تعدي حاجه انت "
بادله جاد الضحك بينما كانت تالا تنظر عليه وهو يرحل وقالت بإعجاب"غريب قوي قاسم ده"
جلس جاد على مضض بجانبهم ثم أجابها وهو ينفث دخان سيجارته في بطء"عادي ما فيهوش حاجه زياده عن أي حد"
ابتسمت تالا وهي تنظر إليه وأخذت السيجارة من فمه تضعها داخل فمها مردده" بس رجل اعمال كبير وناجح وشكله كمان محترم و النوعية ده نادره لما بالاقيها "
هتف جاد في ساخطة وغضب" طب يلا عشان نوصلك ونخلص"
**
تتعانق الاحزان مع حبات المطر فالقلب كالأرض الجافة التى كثرت فيه التشققات تريد الماء كى تتصل ببعضها مرة أخرى و القلب لا يفرق عنها شئ يريد الحنان والدفء كي يعود لسابق عهده بلا ذنوب يبحث عن الغفران، فما أن يحاول العوده كالسابق تأتي عاصفه اقوي من حيث لا ندرى تحطم بقايا الحيطام القلب وتكتم الأنفاس الأخيرة و أنه لا مفر ستظل كما هي.
بداخل قصر عتمان زاهي، بالتحديد داخل مزرعة الخيل جلست حوريه بجانب عشق الفرس الخاصة بها تشكي لها حالها الحزين، متي سوف ينتهي ذلك العذاب سالت نفسها ذاك السؤال مئات المرات في كل مرة تحاول ان تجد الاجابة لكن تجد روحها تائهة بين تلك المحادثة ،واذ بي تري طيفها يجيب على ذلك السؤال المعتاد لا لكن ستتعود! لم تأخذ من الدنيا سوى فتات من السعادة أما الحزن فأثقل ظهرها ولم تعد تستطيع حمله ولكنها تؤمن أن الله يخبئ إليها السعادة متى لا تعلم، لكنها بالتأكيد قادمه.
منذ صغرها وهي مختلفة, ليس لأجل عسليه عينيها الغامض ولا للشلال الحريري الفاحم الذي يتوج رأسها ولا لجمالها البريء ورقتها والجسد الممتلئ بعض الشئ امتلاء مناسب يلائم وجهها الأبيض الجميل ولا حتى لأصلها الطيب،ولكنها كانت مختلفة..فقط مختلفة.
ابتسامة واسعة ارتسمت على شفتيه حازم عندما بلغ مسامعه همسات حوريه المدوية تتحدث مع نفسها أو مع الحصانة ليراقب تلك البائسة وهي تجلس وعقلها شارد يقفز قلبه بين ضلوعه فرحا عندما يراها ثم أقترب منها وقال بحب لم يستطع إخفاء" ازيك يا حوريه اخبارك، وليه قاعده هنا لوحدك"
انتبهت له واغتصبت حوريه ابتسامة لم تصل لعيناها وقالت بهدوء " ازيك يا حازم اخبارك ،أبدا زهقانه قلت أنزل اقعد مع عشق"
هز رأسه بتفهم ثم تذكر شيئا اطفاء سعادته وقال بألم" هو انتي صحيح يا حوريه هتتجوزي"
تنهدت حوريه بيأس قائلة " ايوه"
اعتلي الضيق ملامحه قائلا" بس انتي مش راضيه هتتجوزي غصب عنك عشان جدي صح، انا عرفت من جومانه ان ضربك ثاني عشان رفضتي حقك عليا أني مكنتش موجود جنبك و نقذتك منه"
تنهيدة معبأة بالهموم والحزن خرجت منها يليها بسمة حزينة علي شفتاها" مالوش لازمه يا حازم و ارجوك حاول تبعد عن مشاكلي مع جدي بالذات ،بلاش تجيب لنفسك مشاكل انت كمان معه، وبعدين هو ايه جديد يعني عاده ولا يشتريها انا ساعات بحس ما يقدرش يفوت يوم الا لما يطلع غضبه في انا أو في ماما ربنا يهدي"
أقترب منها بخطوات مترددة و لسانه معقوده غير قادر على الفصح ما بداخله ليقول بحزن" بلاش تعملي حاجه غصبا عنك يا حوريه وحاولي تفضلي مصر على موقفك لحد ما هو يزهق ويتراجع، بس بلاش تغصبي نفسك على حاجه ذي كده ده جواز"
تنهدت بحزن عميق ثم أضافت "يا ريت الموضوع يقف عليا انا بس يا حازم للاسف ماما كمان هتيجي في الرجلين، لازم اقبل واعمل له اللي هو عاوزه عشان يبعد عننا ويسيبنا في حالنا"
**
بعد مرور أسبوع،في قصر قاسم السيوفي أرجع رأسه للخلف وعلي ثغره أبتسم صغيره باستماع على نطاق واسع عندما أنهى رسمه ليُظهر صورة لفتاة جميلة بملامح رائعة وجذابة لم يكن يعرفها جيدًا أو لا يعرفها على الإطلاق لكن كانت عينيها تخفيها قناع الوجه لان اول و آخر مره رأيها فيها كانت ذلك ترتدي القناعه لذلك لم يري ملامحها جيدا لكن متذكر القليل منها.
المهم أنها تمتلك أجمل وأروع من الملامح الجميلة التي رآها لأول مرة ولم يستطع محو صورتها ولا صوتها من خياله بعد ذلك ولو للحظة الذي انقذته فيها وبعدها فرت هاربه! حاول البحث كثير عن تلك الفتاه التي لا يعرفها!.
لكنه فشل، إنه لا يعرف مكانها ولا اسمها ولا عنوانها إنه لا يعرف حتى لماذا يريد رؤيتها ملامحها ثابتة في ذهنه صورتها وهي في حضن في ثوب أسود وشعرها الطويل يطير من الهواء مما يعطيها إياها نظرة رائعة جدا ولكن عيناها في ذلك الوقت كانتا تحملان حزنًا شديدًا لا يعرف مصدره، فـ هي منفذته فـ الحياة كما يلقبها..أو سندريلا الضائعه.
ليسمع صوت صافره آفاق تخيلاته هاتف ساخراً "مين المزه الجامده دي يا قاسم، ده انا فاكرك قافله على نفسك الاوضه بتشتغل ادخل عليك الاقيك بترسم بنات يا خساره تربيتك فيك"
إتنفض قلب قاسم بغضب وهو يراه من يمدح فيها أمامه وقال بحده" في ايه يا جمال انت دخلت امتي وازاي تخش عليا كده من غير ما تخبط الباب"
سحب قاسم الصور إلي ضرك المكتب سريعا وابتسم جمال باستفزاز وقال" في ايه يا عم قاسم ما بالراحه عليا ما أنا خبط وما سمعتنيش .. وبعدين مين صوره البنت دي، ده انت من كثر ما بترفض البنات اللي بتترمي تحتك فكرتك مالكش فيها"
ليقول قاسم بغضب اكبر" ما تحترم نفسك يا جمال وبعدين عاوز ايه "
هز جمال كتفيه بعدم مبالاه واعطي إليه المجله ليقرأ ما بها عقد حاجبيه قاسم باستغراب وأخذ منه المجله بضيق شديد ليقع عيناه علي خبر عنه "أنه السيد قاسم السيوفي ابن عصام الصريطي بالتبني هناك اخبار متداوله عنه أنه لا يميل إلى الجنس الناعم حتي لم نلاحظ أن رافق فتاه في مره الي حفلاته وهناك شكوك حول ذلك أنه لا يميل إلى الجنس الآخر"
لم يكمل جملته واتسعت عيناه بعصبية وصاح" مين الحيوان اللي كتب الاخبار دي عني هو لازم كل مره امشي و اصاحب واحده عشان ما يشكوش فيا يا ولا *** انا يكتبوا عني كده"
ضحك جمال بشده وقال يغيظه" بصراحه انت برده ليك حاجات غريبه ده انا لولا معاك على طول كنت شكيت زيهم، ده انت حتى السلام ما بتسلمش على ستات ما لازم يشكو فيك، انا لو منك في اسرع وقت ادور على واحده و اتجوزها"
حدف المجله أعلي المكتب بانزعاج وهتف ببرود" عشان دول ما حدش يثق فيهم وبعدين جواز اللي بتتكلم عنه أنت عارف انا بافكرش في كده، انا دماغي في الشغل وبس"
تنهد جمال بعمق وابتسم وقال" طب مش نفسك يبقى عندك اولاد حتي يا قاسم العمر بيجري بعد كده هتندم انك ما عملتش كده، بلاش حتى تقفل الباب خالص بكره ان شاء الله تلاقي واحده تخليك تغير رايك وتحبها"
انفجر ضاحك فجاه قاسم بشده وجلس مكانه هاتف بعدم تصديق" يعني مش كفايه جواز لا كمان احب، انت مالك النهارده يا جمال بتقول كلام مستحيل يحصل "
عقد حاجبيه بدهشة وتعجب" وليه مستحيل يحصل انا مش بحب ازن عليك في الموضوع ده عشان مش عاوزك تتجوز اي جوازه والسلام، عشان الحل ليك ولي كل مشاكلك انك تحب يا قاسم"
احمرت عينيه و برزت عروقه بطريقة مخيفة جدا وهو ينظر إليه قائلاً "عشان بكل بساطه ما فيش قلب من حجر بيحب يا جمال، انا اللي ذيي الاحسن لي يفضل كده، مش ناقص وجع اكثر من اللي انا فيه"
شعر بحزنه والمه واشفق عليه، لكن حاول تغيير الموضوع حيث غمز جمال بطرق عينه وقال "اهو انا بقى متاكد ان هتجيء لك اللي تخلي الحجر ده يلين"
ابتسم قاسم فجاءه ابتسامة خطيرة وهو يرتشف القهوة من الكوب في يده وقال" خلاص ايدي على كتفك لو لقيت لي البنت اللي في الصوره دي و وصلت ليها اوعدك افكر في كلامك"
لم ينطق بحرف اخر ثم رحل قاسم خارج المكتب وهو يضحك بخفه بينما تحرك جمال من مكانه ووقف ينظر إلى الصور مره ثانيه كانت ملامح وجهها ليس واضحه مستغربا كلام صديقه وقال بضيق" انت بتصعبها عليا يا قاسم و بعدين مين اصلا"
**
اقتربت عقارب الساعة من الحادي عشر مساء بداخل قصر قاسم السيوفي، عندما وضعت العامله هاجر صينية تحمل فوقها بعض السندوتشات وكوبًا من المياه الغازية و فناجيل القهوة أعلي الطاولة رفع جمال رأسه بابتسامه حنونه" شكرا يا هاجر روحي انتي نامي خلاص مش هنعوز حاجه ثاني"
غمغمت هاجر وهي تبادله الابتسامه" العفو بالهناء ،عند اذنكم"
كان يقف قاسم ينظر من خلف الشباك علي الطبيعيه الخلاب بينما رحلت هاجر بهدوء،
تناول جمال أحد السندوتشات وهو يبتسم قائلًا" برده مش ناوي بتقول لي إيه حكايه الصوره اللي شفتها من شويه، قابلتها فين دي انا مش باسيبك تروح في مكان لوحدك على طول بفضل معاك"
تنهد بضيق وقال دون النظر إليه" وانت شاغل نفسك لي بيها"
ليقول جمال بخبث" مش ممكن الاقيها و الحظ يتفك على ايديها و تتجوزها، مش انت قلتلي لو لقيتها هتعيد حساباتك في الموضوع وتتجوزها "
استدار إليه قبل أن يقول ساخرًا" انا قلت ممكن افكر في موضوع الجواز، بس ما قلتش هاتجوزها اكيد"
تنهد جمال بعيظ و تحدث" طب تعالي كل واحكي لي شفتها فين"
تحرك بخطوات بسيطة وجلس جانبه ثم صمت لحظات وهتف بشرود" هي اللي انقذتني لما رحت حفله عيد جواز عصام ومراته لما كانوا عاوزين يموتوني، كان معاك حق لما قلتلي
ما تامنلهمش واكيد في حاجه بيدبروها ليك، بعدتني عن الرصاصه اللي كانت هتيجي فيا وكان ممكن أموت وبعدها طلبت منها اردلها مساعدتها ليا، بس هي قالتلي انا بساعد الناس من غير مقابل بس انا اصريت، عجبها وقتها الخاتم اللي صنعته في اول بداياتي وخذته مني واختفت بعد كده"
ضحك جمال وهو ينظر إلى قاسم متحدث بمكر"وانت بكل سهوله وافقت تديها الخاتم ده انت ما كنتش بترضى حد غيرك يلبسه ورفضت تعرضه في المزاد يتباع"
غمغم قاسم بصوت مرتبك"انا ما وافقتش هي ما اخذتش اذني أصلا، هي اخذته على طول ومشيت"
هز رأسه ببساطة وقال مستنكرًا"بس لو كنت عاوز تمنعها اكيد كنت هتقدر"
صمت قليلًا قاسم وعاد يقول بشرود"يمكن"
**
أمام فيلا عتمان زاهي لم يتوقف جاد عن قطع جنينه الفيلا ذهابا و إيابا و هو يغلي من الغضب لماذا تأخرت كل هذا الوقت؟ فهو منذ قليل اتفق مع جدها ياتي ياخذها حتى يخرجون سواء لكن منذ أكثر من نصف ساعة مازال ينتظرها وهي لم تأتي ولم يتوقف عن الضيق من تأخيرها.
اما في الداخل كانت حوريه تقف أكثر من نصف ساعة أمام جدها الذي ظل يحذرها قائلا" اياك تعملي اي حاجه ولا يجي يشتكي منك،و افردي وشك ده شويه انا عارف كويس حركاتك دي عشان يطفش ويسيبك بس الجوازه دي هتم يعني هتم طالما انا عاوز كده"
أغمضت عينها حوريه بعمق وقالت باستسلام" حاضر"
بعد فترة تنهد جاد بقوة وضيق حين خرجت حوريه اخيرا وكان خلفها ساجد شقيقها هتف بانزعاج" اتاخرتي ليه كل ده وكمان ده جاي يعمل معنا ايه"
نظر إليه ساجد ببغض قائلا"ما اسميش ده اسمي ساجد وجدو قاللي ما تسبهمش وما تبعدش عنهم، و أحكي كل حاجه هتحصل هناك "
ضغط على أسنانه بحده وقال" الكلام ده صح الولد ده جاي معنا"
هتفت حوريه ببرود وهي تهز رأسها بإبتسامة صفراء " انت سمعت بنفسك كلامه اكيد مش هنخرج مع بعض سواء لوحدنا، مش عاجبك يبقي يلا ندخل احسن وبلاش خروج"
صمت لحظات وهتف بضيق مكتوم" لا و على ايه اتفضلوا ، يلا يا استاذ ساجد عشان تنقل لجدك اللي هيحصل"
وصلوا إلى مطعم ورحلت حوريه وتركت ساجد شقيقها مع جاد يجلسون على الطاوله وذهبت هي تبحث عن المرحاض وعندما سألت النادل أجاب عليها أنه في الاعلي حيث المطعم مكون من طابقين تنهدت بضيق و صعدت السلالم وهي تفكر كيف تتخلص من هذه الزيجة و دون ادراك منها ضغطت بقدمها علي درج السلالم بخطوات سريعة و أتلوت قديمها تحتها شهقت حوريه بذعر وكادت أن تقع لكنها تجمدت في مكانها عندما شعرت بأحد يجذبها قبل أن تسقط لكنها سقطت بحضن شخص ما؟.
اتسعت عينا حوريه بشده وشعرت بأنفاس ساخنه تضرب عنقها و ابتعدت ببطء عنه لتري أمامها أعين سوداء مظلمة شعرت أنها في أي لحظة سيغمي عليها حتي سمعت صوته العميق يتكلم" خلي بالك"
رمشت بعينيها عددا مرات تخفي توترها و ابتلعت ريقها بصعوبة شديدة وهي تقول" ما اخذتش بالي شكرا"
افصح لها الطريق لتتحرك بخطوات ببطء شديد لترحل بسرعه داخل المرحاض كأنها تريد الاختفاء وبعد فترة خرجت تنظر حولها بحذر ولم تجد أحد تنهدت براحه و تحركت نحوه طاولة جاد و ساجد تجلس جانبهما.
جز جاد علي أسنانه بضيق وقال" اتاخرتي قوي كده ليه "
رفعت كفاً مرتجفة تتحسس عنقها وقالت بهدوء"عقبال ما دورت علي الحمام ولقيته"
هز رأسه جاد بانزعاج وهتف" تمام انا لما لقيتك اتاخرتي طلب اكل لينا، اتفضلي اتكلمي كنتي عاوزاني في ايه"
نظرت حوريه الي ساجد الذي مشغوله باللعب بالهاتف و حمحمت بتوتر قائله بعمق" جاد ممكن الكلام ده يبقى بيني وبينك وبلاش جدو يعرف عنه حاجه، خلينا نفكر علاقتنا قدام لو فضلنا مع بعض هتبقى شكلها عامل ازاي اكيد مش هتنجح ممكن اكون غلطت عشان ضربتك بالقلم وسط الناس بس انت اللي استفزتني في الاول ما كانش ينفع تطلب مني طلب زي ده وتقول لي تعالي نتصاحب ونخرج انا عارفه ان انت بتحاول ترد كرامتك لما تخطبني بس بعد كده هتندم عشان كده انا فكرت ان احنا ..."
كان يستمع جاد إليها ببرود ويهز رأسه بسخرية حتي قبل أن تكمل حديثها أستمع الي صوت يهتف بإسمه بخشونة" جاد"
رفع نظره جاد خلف ما تجلس حوريه ليجد قاسم يقف ينظر إليه عقد حاجبيه باستغراب وقال" قاسم انت بتعمل ايه هنا"
أقترب من بخطوات بسيطة وابتسم ابتسامه صغيره قائلا" شغل انت عارف بقي، لقيتك موجود هنا قلت اجي اسلم عليك"
تنهد جاد بضيق شديد وقال بانزعاج" أهلا، ده قاسم أخويا بالتبني ودي حوريه خطيبتي"
تحركت حوريه ثم نهضت ونظرت خلفها توقعت أن لا ينظر إليها لكنه تفاجات بنفس الشخص الذي اصطدمت به منذ قليل! تطلع فيها بهالة عربيه مظلمه قاتمه مخيفة كأنه سينقض عليها كانت نظرات مريبه للغايه، ابتلعت ريقها بتوتر ومدت يدها تصافح إياه، أبتسم جاد وهو يقول بنبرة ساخراً" نزلي ايدك يا حوريه ده مش بيسلم على ستات "
عقدت حاجبيها بعدم فهم لتنزيل يدها ببطء باحراج جانبها لكن تفاجئت حين اقترب أكثر و أمسك يدها قاسم وصافحها بقوه بشكل جاعلا منها غير قادره على الوقوف أكثر، حين امتزجت رائحه عطره القويه التي كانت مختلطه مع السجائر افقدتها صوابها.
يتبع