رواية طلاق بائن الفصل العاشر10والحادي عشر11بقلم ديانا ماريا
حينما استمع مالك للحوار الذي دار بين جالا وسعيد وما يخططون له اتصل على الفور بحسام وطلب مقابلته فوراً ورغم أن الوقت يتعدى ساعات عمل حسام إلا أنه وافق على مقابلته على أن يكون اللقاء في مكتبه في المنزل.
فتح له حسام الباب فدلف مالك باستحياء حتى لا يحرج زوجته، أشار له حسام وهو يسير: اتفضل المكتب من هنا.
حين جلسوا قال حسام باهتمام: أنا قلقت لما أتصلت بيا حصل حاجة جديدة؟
نظر مالك له وقال بنبرة جدية: أنا عرفت حاجة خطيرة جدا وكان لازم أبلغك بيها.
عقد حسام حاجبيه حاجبيه بانتباه: حاجة إيه؟
تردد مالك قبل أن يقول بصرامة: أنا هكرت تليفون بسام جوز حلا وده ساعدنا نعرف حاجات كتير منها أنه كان متفق مع واحد قبل كام سنة علشان يمثل دور حرامي قدامها وبسام ينقذها منه ودي الطريقة اللي دخل بيها حياتها ودلوقتي عرفت أنه رجع يتوصل مع نفس الشخص ده تاني، إسمه سعيد بلطجي ليه سوابق والمرة دي....
صمت والغضب يظهر بشكل واضح على وجهه فانتظر حسام حتى يتحدث.
قال بانفعال: اتفقوا معاه المرة دي يلبسوا حلا تهمة شرف.
نظر له حسام بصدمة: أنت متأكد!
زفر مالك بعمق: أيوا أنا مهكر تليفون بسام وقدرت أعرف.
نظر حسام أمامه مفكراً: المعلومات اللي معاك دي مهمة بس...
ثم أردف وهو يحدق إليه بتحذير: بس التهكير ده غير قانوني ويعتبر تجسس.
قال مالك بضيق: علشان كدة جايلك فيه حل يخليه قانوني ولا لا وده يبقى دليل عليهم؟
بعد أن فهم ما يُرمي إليه قال حسام: هحاول أشوف طريقة وأعمل كل جهدي، المهم لو عرفت أي حاجة جديدة تبلغني بيها.
أومأ مالك ثم نهض ليغادر فقال حسام بابتسامة: شكرا يا مالك المعلومات دي مهمة جدا لحلا.
نظر له مالك نظرة غريبة: أنا أعمل أي حاجة مفيدة لحلا بس ياريت محدش يأذيها.
صمت حسام وهو يحدق لعيون مالك وكأنه فهم ما يدور بداخله فربت على ذراعيه: متخافش بإذن الله محدش هيأذي حلا.
غادر مالك بينما جلس حسام بشرود أحس وكأنه يعود بالزمن لسنوات إلى الوراء لقد رأى في مالك نفسه منذ سنوات وذلك الألم الذي يسكن عينيه يعرفه جيداً لأنه اختبره من قبل.
في تلك اللحظة دخلت هديل باستغراب: إيه ده هو مشي؟ أنا كنت لسة هعملكم قهوة.
ابتسم حسام وهو يمد يده لها فأمسكت بيده وجلست على ساقه.
رفع وجهه لها: كان جاي في حاجة مستعجلة ومشي بسرعة بس معنديش مانع تعملي لي أنا قهوة.
ضحكت هديل بدلال: لا طالما كدة نعملها بمزاج.
نظر لها بتأمل ثم قبل جبينها: ربنا يحفظك ليا دايما.
وضعت رأسها على صدره بارتياح:وأنت كمان يارب يا حبيبي.
حضر سعيد كما طلبت منه في وقت متأخر من تلك الليلة فقال بتعجب: في إيه يا ست الكل مش إحنا اتفقنا على كل حاجة الصبح؟
ابتسمت جالا: وماله لما نتفق تاني؟ بس المرة دي الإتفاق هيعجبكم أوي.
حك رأسه بحيرة: إتفاق إيه؟
نظرت له حلا بمكر: ١٠٠ ألف جنيه.
نظر لها سعيد بعيون مفتوحة من الذهول: إيه!
أمالت رأسها جانباً: مش عجبك؟
قال بسرعة: لا لا عاجبني طبعا بس عايزة إيه؟
جلست بثقة: كدة تعجبني، أول حاجة تنسى الخطة بتاعت الصبح هنغيرها شوية، زي أنه مثلا بدل ما تدخل عليها وبسام يشوفكم تقتلها وبسام اللي يلبسها؟
فغر فاهه من الصدمة فتابعت بخبث: ومتخافش الخطة محبوكة أوي ومش هتتكشف وهتطلع منها بمكسب كبير كمان.
فكر سعيد فقد كان العرض مغري رغم المطلب الخطير: طب مش أنتِ وهو سوا؟
قالت جالا بصرامة: ملكش فيه المهم موافق ولا لا؟
ابتسم سعيد ابتسامة جانبية:موافق طبعا.
اتسعت ابتسامة جالا بارتياح فهي ستنال الثراء التي طالما حلمت به ولم تتمكن من تحقيقه حين تزوجت من رجل يكبرها لأنه طلقها ولم تنل منه غير هذه الشقة: كدة اتفقنا.
كانت حلا مازالت تبحث بإحباط عن مكان الأوراق حين فكرت أنه ربما قد وضعه عند جالا؟ ولكن كيف ستتأكد من ذلك؟
سمعت صوت الباب يُفتح فتصنمت مكانها وهي تنظر للفوضى التي أحدثتها كيف ستبرر له الآن سبب ما فعلته؟
فكرت بسرعة في حل فخرجت من الغرفة راكضة وهي تصرخ: فار يا بسام الحق فيه فار كبير في أوضة النوم!
نظر لها بسام بدهشة: فار! وده جه منين ده؟
أمسكته من ذراعه بخوف وهي تشير للغرفة: معرفش أنا كنت في الأوضة وسمعت صوت حاجة في الدولاب بتاعك لما فتحت لقيت فار كبير بعدين معرفش راح فين.
قال بسام بإشمئزاز: واشمعنا أختار الدولاب بتاعي ما الشقة واسعة!
نظرت له حلا باستهزاء خفي وسألته: هنعمل إيه دلوقتي لازم حد يخرجه.
أبتعد ولوح بيده: مش هعمل أنا نازل أبات تحت.
تحرك نحو باب الشقة ثم توقف: مش هتيجي معايا؟
قالت بشعور من خيبة الأمل منه لأنه ليس حتى قادراً على التصرف في مثل هذا الموقف البسيط: لا أنا هنام في الصالة.
قال بلامبالاة: براحتك بس نضفي الأوضة كويس بقى.
هزت رأسها بيأس منه وفكرت كيف يمكنها الإستفادة من مثل هذا الوضع؟
فجأة أتت فكرة جعلتها تضحك بدهشة وأسرعت لهاتفها حتى تتصل بإسراء.
قالت حلا بفرح: إسراء أنا جات لي فكرة علشان الورق بس لازم أكلم مالك!
الفصل الحادي عشر
سألتها إسراء بفضول: فكرة إيه قوليلي؟
قالت حلا بنفاذ صبر: مش وقته هتعرفي وقتها بس لازم شادي يكلم مالك ضروري مبقاش فيه وقت يا إسراء الأيام بتعدي.
قالت إسراء بروية: حاضر هقوله يكلمه يجي الصبح.
أغلقت معها الهاتف وهي تنتظر طلوع الصباح بفارغ الصبر، هبطت لأسفل فوجدت بسام يتناول الإفطار مع عمه ووالدته.
دعاها فهمي لتنضم لهم: تعالي افطري معانا يا بنتي واقفة عندك ليه.
ذهبت لتجلس بجانب بسام وبدأت تأكل في صمت فنقل فهمي بصره بينهما وقال بنبرة غامضة: صحيح أنا لقيت بسام نايم هنا امبارح حصل حاجة بينكم؟
ارتباك بسام وترك طعامه فإذا علم عمه أنه نام عندهم بسبب فأر فلن يتردد عن تحقيره.
نظرت حلا لبسام ثم حدقت لفهمي وقالت بثبات: امبارح كنت عصبية وحاسة بالضغط وبسام نزل يبات هنا علشان متحصلش بيننا مشاكل.
رفع فهمي حاجبه وهو يحدق لبسام كأنه لا يصدق ما يسمعه عن تصرفه ثم وجه نظراته لحلا وقال بحزم خفيف: على العموم يا بنتي لازم يبقى عندك حُسن تصرف أحسن من كدة مينفعش الراجل يبات برة بيته أبدا خصوصا لو فيه مشاكل.
تحكمت حلا في لسانها حتى لا تسأله بسخرية ماذا سيقول إذا عن الرجل الذي يقضي الليلة عند عشيقته!
نظر بسام لحلا من زاوية عينه وشعور من الامتنان يجعله يرغب في شكرها لأنها أنقذته مرة أخرى أمام عمه وتذكر معاملة جالا التي قللت من شأنه وشخصيته.
علمت حلا ما يفكر به ناحيتها لذلك بدأت في تناول طعامها بهدوء وابتسامة خفيفة تتكون على ثغرها، إنها تشعر أن الخطة التي تتبعها الآن هي أنجح من أي طريقة هجوم يمكن أن تُمارسها على بسام أبدا وهذا ما سيسهل لها الوصول لهدفها كثيراً.
كانت جالا جالسة تفكر بأنها يجب عليها مصالحة بسام ولا تترك له الفرصة ليفكر حتى لا ينقلب ضدها لذلك اتصلت به على الفور.
رن هاتفه بينما كان يأكل لذلك توقف وأخرجه، كاد الطعام يقف في حلقه حين رأى إسم جالا على الشاشة ونظر للأشخاص على الطاولة بتوتر، شعرت حلا بتوتره وأحست بأنها جالا من تتصل به لذلك نظرت له باستغراب مصطنع: في إيه يا بسام ما ترد.
رد باضطراب ونسى أن فمه ملئ بالطعام: ااه اه هرد أهو.
نظر له فهمي بإشمئزاز بسبب الطعام الذي تناثر من فهمه على الطاولة وقال بعتاب: من أول ما الطفل بيبقى يفهن بنعلمه ميتكلمش والأكل في بوقه، شوف اللي أنت عملته دلوقتي.
نظر له بسام بضيق ونهض ليرد بينما نظرت حلا لفهمي وقالت برقة: معلش ياعمي اعذره أنت عارف أنه بسام عفوي شوية.
هز فهمي رأسه بيأس: وهيفضل لحد امتى!
قالت والدة بسام بدفاع: أنت شايفه بقاله فترة مش بيعمل حاجة تضايقك متبقاش قافش عليه أوي كدة يا حاج.
نظر لها فهمي بصرامة: أنا بعلمه علشان يبقى راجل، لو كان متعلم كان زماني ريحت نفسي من وجع القلب.
قال بسام ببرود: نعم عايزة إيه؟
ردت جالا بصوت باكي: بسام لو سمحت ممكن تيجي بسرعة؟
تعجب من نبرة صوتها وقال بقلق: فيه حاجة؟ مال صوتك؟
توسلته قائلة: تعالى الأول وهتعرف كل حاجة.
تنهد وأجاب: ماشي مسافة السكة وجاي.
استأذن منهم بسام وأخبرهم أنه ذاهب لصديق له لأمر عاجل ثم غادر فابتسمت حلا ببرود لأنها تعرف وجهته الحقيقية.
قال لها فهمي بتعاطف: والله يابنتي ربنا يعينك.
اتسعت ابتسامتها وهي تنهض حتى تغادر بدورها لبيت إسراء: يارب ياعمي بس صدقني بسام متغير كتير.
بينما تعطيه ظهرها أحست وكأنها تصل لهدفها فأمام فهمي والذي بلا شك سيخبر كل العائلة هي الزوجة المعطاءة التي تتفهم طيش زوجها وهذا أهم عامل أرادت تحقيقه.
وصل بسام لشقة جالا ففتحت له الباب وسحبته من ذراعه وهي تقول بسرعة: أدخل بسرعة يا بسام.
أغلقت الباب بقوة فنظر لها بسام بدهشة، استندت على الباب بابتسامة عريضة وقالت بدلال: وحشتني.
نظر لها بسام وتفحص مظهرها بدهشة فقد كانت ترتدي فستان جميل طوله فوق الركبة وتضع مساحيق التجميل بعناية ولا يدل مظهرها على حدوث شيء مقلق.
عقد حاجبيه باستغراب: أنا فكرت فيه حاجة.
اقتربت منه وتلاعبت بأزرار قميصه وهي تقول بعبوس: يعني فيه حاجة أكتر من أنك وحشتني وعايزاك معايا.
رفع حاجبه باستهزاء: امبارح مكنش عاجبك غبائي.
رفعت عيونها إليه بعبث محبب له: أنت عارف إني عصبية شوية لأني كنت خايفة خطتنا تبوظ وأحنا بقالنا سنين مستنيين.
ثم وضعت رأسها على صدره وتابعت: بس رجعت فكرت في غلطي مينفعش أسيبك تزعل مني أبدا أنا بحبك من سنين يا بسام.
شعر بالتشتت ثم لف ذراعيه حولها وابتسم: وأنا مقدرش أزعل منك أبدا.
لمعت عيونها بالنصر لنجاح خدعتها، جلس بسام براحة: طب بقولك فيه حاجة نشربها سوا؟
ضحكت جالا: عيوني كل اللي تطلبه.
ذهبت للمطبخ وأحضرت بعض المشروبات ثم عادت لتجده ممسك هاتفه ويقول بحنق: أنت إيه حكايتك أنا شكلي لازم أجيب تليفون جديد.
سألته بتعجب وهي تضع الصينية أمامه ثم تجلس بجانبه: فيه إيه؟
قال لها بسام بانزعاج: التليفون من امبارح مش عارف ماله فيه حاجة عمالة تختفي زي صور ومحادثات ومش لاقيه شكله هنج.
فكرت جالا فيما يمكن أن يكون الخطب ثم توسعت عيونها بذهول، اختطفت الهاتف من بسام على الفور وفتشت فيه للحظات قبل أن تنهض وتلقيه على الأرض، دعست عليه بقوة عدة مرات حتى تحطم لأجزاء.
نظر بسام بصدمة لما فعلته ثم نهض وقال بعصبية: إيه اللي عملتيه ده!
صرخت جالا في وجهه باهتياج: إيه اللي عملته! إيه اللي أنت عملته ده هتودينا في داهية! أنا أنقذتنا طالما طول عمرك هتفضل مستهتر تليفونك متهكر يا بيه!