رواية عصافير الغرام الجزء الثاني2 الفصل الحادي عشر11بقلم تسنيم محمود
سرعان ما التقطت نظراته الثاقبة طيف الفتاة تخرج من الكازينو حتى أسرع بإخراج السنجه وقام بضرب نفسه بالجنب فأغمض عيناه متحملا الألم وهو يرى نفسه ينزف بجنون
صرخ بعمد بعدما وقع على الأرض ليلفت انتباه الفتاة التي أسرعت إليه فحدقت عيناها بقوة... فاتسعت ابتسامته داخله دليل على نجاح خطته؛ فمن هو ليضع خطة وتفشل؟؟
تحدثت الفتاة بالعبرية: ماذا بك يا هذا؟ لما تصرخ هكذا؟
أيهم بألم شديد وهو يحدثها بالفرنسية: لا أعلم ماذا تقولين؟ ساعديني؟
انحنت الفتاة بجسدها الممشوق الفاتن نحوه قائله بعدم فهم: أهذه الفرنسية؟؟
هز أيهم رأسه بإيجاب وهو يتنفس بسرعة بالغة.. وبدأت تظهر عليه علامات التعب والإرهاق وأصبح لون وجهه بالازرق الحبري لتعض الفتاة على شفتاها بانزعاج: ماذا بك؟! لا أتحدث الفرنسية سوى القليل ولن افهمك؟
تحدث أيهم ببطء من شدة التعب والنزيف الذي وكأنه صنبور وفُتح: خذ.. ين.. ي؛ إلى الط.. بيب؟؟
نزف بشدة فبدأت أعينه تغلق عند هذا الحد فلاحظت الفتاة الدماء التي اندثرت منه فصدمت وهبت من مكانها فزعه ..
اقترب منها أحد حراس أمن الكازينو سائلا باستغراب: م.. ما هذا؟؟
الفتاة: لا أعلم أنه فرنسي المنشأ؟ لا يتحدث العبرية فلا أعلم ما هذا؟؟
انكمشت ملامح وجه الرجل بتعجب فجلس على أطراف أصابع رجله يقلب بأيهم حتى لمست يده شيء ما لزج فحدقت أعينه عند رؤية حجم الجرح: لقد ضربه أحدهم؟
الفتاة بصدمة: ماذا؟
الرجل: نعم سيدتي .. انظري ياله من جرح كبير للغاية؟
الفتاة بعجاله: هيا هيا احمله للسيارة
الرجل بذهول: ماذا؟ ألا تري ان الرجل جسده يشبه جسد أحد آلة الاغريق؟!
الفتاة بغضب: أيها الأحمق السخيف؛ وماذا عنك مثل الحائط؟
الرجل: دعكِ من هذا؛ سوف أحاول
.............
بمصر أم الدنيا .... في فيلا العسيلي
جلس على الكرسي الهزاز مغمض العينان يشعر وكأن قلبه سيخرج من مكانه من شدة ما يشعر به من قلق ورعب؛ لا يعلم لما يراوده هذا الشعور فهذه المره الأولى التي يكن في حالة مثل هذه؛ أكل هذا بسبب السكرتيره والعمل؟! كلما بدأ عقله التفكير في هذه النقطة ابتعد فعلم انه لا يشغل باله الشركة أبدا؛ لا يعلم لمَّ بداخله كل هذا القلق والتوتر .. لكن أيهم؛ بدأ قلبه ينبض بقوة عندما وصل به التفكير لتلك النقطة... يشعر بعصرة مريره داخل قلبه وكأن أخيه بخطر بالغ؛ ولكنه يعلم أن عمله كله شاق وخطر فلما خائف هكذا هذه المرة؟!
همس: زومي؟
لوى حمزة فمه بانزعاج: ايه؟؟
همس: مالك يا قلبي ليك تلات أيام من وقت سفر أيهم وانت على نفس الحالة؟؟
تنفس حمزة بعدم رضا ومازال شعور الألم يراوده؛ وليس ألم جسدي... بل يشعر بحزن عميق يمزق أوصاله فابتسمت له ثم وضعت يدها تزيل شعره عن عيناه: احكيلي يا حبيبي.. هسمعك؟
متضايق بشدة.. يود رؤية أخيه في هذه اللحظة أو حتى سماع صوته ليطمئن قلبه؛ لأنه عندما خفق قلبه بهذه الطريقة لمجرد ذكر إسمه تأكد بأنه ليس على ما يرام؛ لقد ابتعد عنه قبل ذلك سنة كاملة ألا تكفي؟
لقد سبق وكُلف بمهمة صعبة جعلته سنة بأكملها بعيد عن أهله وبيته وابن أخيه الذي كان قد جن جنونه وقتها؛ ولكن كان بداخله يقين تام بأنه حتما سيعود؛ حتى لو انقطعت اخباره فسيرجع؛ بينما هذه المره عقله لا يستطيع إسعافه واستبشار خير أبدا
همس بقلق: حمزة..، بيبي انت تعبان
وقف من مكانه وهو يشعر بخلو جسده من الروح .. خرج من التراس فدخلت هي خلفه
تحدثه كثيرا وهذه الثرثرة أكلت رأسه ولكنه يعلم قمة البراءة التي تتمتع بها طفلته وأنها لا تستطيع إدراك انه ليس بحاجة إلى حديث الآن؛ دائما ما يصدر عنها حديث لا تريده بعد أن كانت حكيمة عاقلة القول.. فها قد اكتشف حقيقتها وأنها ليس إلا طفلة مجنونة: ساكت ليه؟! اتكلم يا حمزة هسمعك صدقني؟ أنا آسفه لو كنت ضايقتك لما كنا بنتكلم اليوم اللي قبل أول امبارح؛ والله كنت عيزاك تفهم وجهة نظري مش أكتر؛ كنت عيزاك تحس اني بغير عليك ولما قولتلك حنيت للحب القديم والله مكنتش اقصد... لكن مقدرتش والله احس انك شاغل بالك بأمرها للدرجة دي فالغيرة أكلت في قلبي انا آسفه.. لو مش عايز تتكلم معايا علشان الموضوع ده فأحب أفكرك انك قولتلي مهما يحصل عمره ما هيأثر على علاقتنا؛ فأرجوك متكبرش الموضوع
غصب عنه شقت الابتسامة طريقها لوجهه فإن كان بحالة مزاجيه جيدة لكان انفجر ضاحك على قولها اليوم اللي قبل أول امبارح !
اقتربت منه بشدة وهي تتحسس فمه بإبتسامتها الجميلة قائله بتوجس: دي.. دي ابتسامة؟ يعني انت مش زعلان مني صح؟
حمزة بهدوء: مش زعلان منك يا حببتي
شبت على أصابع أرجلها الصغيرة متعلقة برقبته بسعادة بالغة.. فقد صدق حقا قائل أن الانوثة تنتهي عن 160 سم: بحبك يا حمزة؟
حضنها أكتر... حضنها بجنون لأنه هو اللي محتاج حضنها ده مش هي؛ عايز قربها فدفن رأسه بعنقها حتى باتا كجسد واحد لتهمس همسته بضحك بعدما تألمت من ضغطه عليها: حمزة.. حبيبي؟
تدارك نفسه ففتح عيناه بهدوء وبعد عنها: آسف
ابتسمتله ابتسامة حنونه دخلت قلبه .. ابتسامتها قادره أنها تلون يومه كله؛ قادره تشيل عنه تعب وارهاق بيعانيهم طول اليوم في الشركة والشغل بطفولتها ودلعها عليه اللي بيزيد جنونه قادره تخليه يضحك من وسط ضيق وضغط مأثر على أعصابه مخليه مش مركز بريأكشن مجنون منها.. أبسط شيء لبسها الكرتوني اللي بتلبسه فبتبان كأنها بنته بالضبط؛ برسومات ميكي وتوني اللي بتلبسهم؛ ولا الكعكات اللي بتعملها في شعرها من أدام وتلبس سلوبت جينز وفى بوقها مصاصة فيبقى عايز يضربها لحد ما يموتها علشان منظرها كده بينرفزه؛ بس بيحبس غضبه منها وإلا هيتجنن عليها وتكون ضحية غضبه أو يكون هو ضحية جنونها لما تنزل فيه ضرب .. كانت بتشاورله ييجي في حضنها من جديد.. هتضمه لأنها حتى لو فيها كل تصرفات الأطفال دي مازالت عاقله وبتعرف امتى تبطل هزار وامتى تكون جدية وامتى تفضفض ليه وتشكيله وامتى لازم تسكت وتشيل عنه لأنه مينفعش أبدا يكون لوحده بيحارب وينحت في الصخر علشان سعادتهم وهي مبتقدرش؛ أما هو ما صدق ورمى نفسه في حضنها .. سند رأسه على جسمها وهي استغربت جدا؛ دي أول مره في حياتها تشوف جوزها تعبان بالمنظر ده بعد الحادث وضربه بالرصاص... من ساعتها هو رمز القوة ورمز الخطر فعلا زي ما أعداؤه بيصفوه، حمحمت بصوتها الرقيق سائله بتوجس عندما لم يصدر أي صوت ولا حركة وكأنه مكتفي بأنه بين يديها: ايه مضايقك يا حبيبي؟ احكيلي اللي جواك ولو مره واحده في حياتك؟! ليه تكتم جواك؟ اتكلم؛ فضفض؛ قول اي حاجه عايز تقولها حتى لو هيكون كلام مش راكب على بعضه المهم انها فضفضة؟ هو مش احنا أصحاب وانا بحكيلك الصغيرة قبل الكبيرة في حياتي؟! شاركني همومك.. هتفت بمرح لتخفف من حدة وسكون الجو: وانا والله والله هفيدك؛ اه انا مجنونة شويه بس عقلي كبير وبعرف اتكلم حلو اوي
حمزة بصوت مبحوح غير قادر على إخراجه: حسيتي بأيه لما عدي سافر؟ أو لما والدتك بعدته.. وراح الإصلاح؟
ابتلعت همس ريقها بصعوبة بالغة ودموع غزيرة تلألئت بداخل جفونها ولكنها لا تريد إزعاجه فضحكت: ورجع !
حمزة بضيق: تؤ .. مش ده اللي اقصده؛ اقصد احساسك وقتها كان عامل ازاي؟!
همس: كنت هتجنن لأنه وقتها كان أماني الوحيد بعد بابا الله يرحمه؛ مكنش ليا مجرد أخ زي ما كان صديق مخلص..، كنت انطوائيه جدا لكن مش زي مليكة المعقدة بتاعتك دي؛ مكنش عندي أصحاب غيره؛ كان بياخدني لحد المدرسة لما الباص يفوتني .. كنت بركب وراه العجلة عشان يشتريلي مصاصة زي ما انت بتعمل دلوقتي كده؛ بس للأسف مبنركبش عجلة بنركب عربية؛ المهم.. كنا مربيين أرنب ومات؛ فعملنا جنازة صغيرة وانا روحت عزمت عليها سمية بنت الجيران وحمادة ابن عمها كنا مسميينه بلية ..
حمزة بيحاول يستوعب: على ايه؟ جنازة الأرنب؟؟!
ضحكت همس بشدة: احم اه؛ استنى لما اكملك .. كان بيذاكرلي دروسي ومحدش خلاني عايزه أدرس الطب غيره؛ أول حفلة عيد ميلاد ليا كان هو عنده تقريبا أربع سنين وجابلي لعبة أدوات طبيعية... احتفظ بيهم لحد ما كملت تسع سنين وبدأت أفهم رجعهم ليا مره تانيه وخيطلي مريول أبيض... تخيل حد بيعمل كل ده علشان يرسملك حلم تتمسك بيه كل ما تبقى على حافة الغلط؛ على وشك تشيل مادة تفتكره وهو بيرسم كل ده .. فبالتالي ميهونش عليك تشوف نظرة حزن في عنيه بخسرانك وهدمك للي عمله؛ فطبيعي فراقه كان صعب اوي يا حمزة؛ عارف لما تبقى حتى مش عارف مكان حد كان هو محور حياتك؟ فراقه وبعده عني أول مره كان صعب بس في التانيه كان أصعب وأصعب عارف ليه؟ عشان كنت خايفه ميرجعش تاني ويبقى خسرناه للأبد... كنت عايزه الشعور ده يبعد عن تفكيري بأي شكل كان لكن في كل مره دي الحقيقة ولازم تظهر؛ هو ضابط شرطة ومهنته فلازم يكملها على أكمل وجه
حمزة: وانا زيك بالضبط؛ اتعود على أيهم وجنونه واحنا قريبين من بعض جدا زيكم بالضبط بس بجوده أقل؛ عدي بيحاول يرسملك طريق... إنما أيهم أخويا بيهد بس واهو طول الوقت قارفني في عيشتي..؛ لكن مش بزعل منه مهما عمل؛ اه ممكن يحصل كلاش بس مبيقدرش يحس اني زعلان وبعيد فهو بيقرب؛ فبالنسبالي وجعه بيوجعني ومبحبش اشوف نظرة الحزن في عنيه أبدا لأنه مش لايقله؛ ودلوقتي قلبي معصور وحاسس أنه مش بخير... تلات أيام مسمعتش صوته ولا حتى اعرف ايه أحواله
تعجبت همس بشدة من قوله فهتفت بعدم فهم: حبيبي أيهم بيسافر دايما وبيقفل تليفونه بإستمرار.. فليه كل القلق ده؟!
حمزة: كل سفرياته إلى حد ما مضمونه؛ إلا دي
همس بشك: ليه؟ وازاي سفرياته مضمونه؟ شغل أخوك كله صعب وكلنا عارفين؟
تجاهل حمزة السؤال وأغمض عيناه يحظى بالقليل من الهدوء... ليريح عقله قليلا من التفكير
............
فتح أعينه ببطء يقلبهم في غرفة المستشفى وبين المحاليل المعلقة بيده وانبوب التنفس الصناعي الذي يغطي وجهه .. فضحك
أيهم بسخرية: انا جرحت نفسي بسيف ولا ايه؟!
دلف الطبيب متحدثا العبرية: كيف حالك الآن؟
أيهم بتعب: ماذا تقول؟
همهم الطبيب بملل: إذا أنت الشاب الفرنسي؟ ألا تستطيع تحدث العبرية؟ إنها سهلة.. هيا جرب؟
كان أيهم بمكانه سينفجر من الغضب فهو يفهم كل كلمة يتحدث بها ذاك الأبلى الذي يقف أمامه
الطبيب بيأس: حسنا حسنا يبدو أنك لا تستطيع؛ هل تعرف الانجليزية؟
أيهم: _____
أصدر الطبيب تنهيدة ثم هتف: انك الآن بصحة جيدة للغاية؛ ستبقى هنا حتى الساعة الرابعة مساءاً
خرج الطبيب من غرفته ليجد الفتاة قبال أعينه تسأله بلهفه: كيف حاله الآن؟
الطبيب: أنه بخير.. وجرحه التم سريعاً ولكنه لم يفهم شيئا؛ أنه مغفل حقا سيدتي.. لا يتحدث الانجليزية حتى؟
الفتاة بضجر: لا أعلم ما مصيبة الرأس هذا بوووف
الطبيب متعجبا: ولكن ما شأنك؟ لما انتِ متضايقه لهذا الحد؟ أليس حبيبك؟؟
الفتاة: لقد تعرفت عليه مساء الأمس فقط؛ لا أعلم من يكون؟ امضي لعملك.. امضي لعملك؛ اتركني وشأني
أخرجت هاتفها تتحدث لشخص ما: ماذا هناك؟
الفتاة: دانيال أين أنت؟
دانيال: اني بالوكالة ماذا بكِ؟
الفتاة: ...... قصت له كل ما حدث بالتفصيل حتى جاء إليها بالمشفى ودخل كلاهما لأيهم الذي أتقن تمثيل دور المريض .. هو حقا يتألم ولكن ليس لدرجة أنه لا يستطيع النطق فساعده الشاب بوضع وسادة خلف ظهره
دانيال: اي لغة يتحدث هذا؟
الفتاة بإعجاب: الفرنسية
دانيال يتحدث إلى أيهم: ما اسمك انت؟! وما الذي جاء بك إلى إسرائيل وانت حتى لا تفهم العبرية؟
أيهم: لقد أتيت لزيارة أهل زوجتي.. من أصول إسرائيلية؟
هز الآخر رأسه مقتنعا بحديثه: إذا وأين هي زوجتك؟ لما لم تذهب لمنزل أهلها بعد قدومك إلى هنا؟
أيهم كشر: لقد أرسلت إليّ بعض الرجال ضربوني كما ترى؟
الفتاة: ماذا يقول .. دانيال؟
التفت إليها دانيال وقد ظهر الذهول على قسمات وجهه: لقد أتى لزيارة زوجته وأهلها وهي من أطلقت عليه رجال ضربوه !
الفتاة بسعادة بالغة: حقا؟؟
لم يبدي أيهم اية تعبيرات وكأنه لم يفهم بما تفوهت؛ لكنها لا تعلم أنها حققت مراده بالضبط
دانيال بشك: ماذا تقصدين؟!
الفتاة وهي تقترب من أيهم قائله وهي تمسح على شعره بهيام: اوووه بيبي .. انت وسيم جدا؛ ما جسمك هذا؟
كان أيهم ينظر لها ثم يعاود النظر لدانيال: ماذا تقول هذه الجميلة؟
دانيال: انها تداعبك فقط..
الفتاة: أخبره دانيال أنه سيبقى معي..؛ يعمل لدينا كموديل لأنه حقا سيحقق لنا أرباح أضعاف مضاعفة.. بهذا الجسم الممشوق والعضلات المفتوله
لمعت أعين الشاب بطمع وأعجب بفكرتها مؤيدا بشدة: وليكن ذلك حقا؛ ما رأيك ب... قص له فكرتهم فتبسم أيهم: d'accord
...........
صباح يوم جديد أشرقت شمسه تدلي للعالم خيوطها الذهبية .. تحثهم جميعا على ضرورة النهوض بنشاط لبدء اليوم من أوله
ولكن ماذا عن الذين لم تذق أعينهم النوم كجميلتنا غزل
ممسكه بدفتر ذكرياتها تقرأ هذه الكلمات الذهبية التي كتبها لها أيهم.. وحتى الآن لم تفهم معنى كلمة واحدة منهم؛ كلمات رصت جانب بعضها لتكون عبارات غريبة يصبح من يقرأها في قمة التعجب من عدم فهمه لما تحوى .. رفض سرد المعنى ليكونوا سرا من أسراره تحمله هي فقط..، لتكن هذه الكلمات ما يميزها بالنسبة له .. كلمات كلما قرأها لها تبتسم من عدم فهمها لأي شيء ولكن لا تعلم لما تحمل هذه الكلمات شيء مميز يلامس جدران قلبها؛ لا تعلم لما تظهر ابتسامتها بدون إرادة عند قراءته لهذه الحروف التي لم تستطع تفسيرها .. تؤنسها ذكرياتها الجميلة مع حبيبها .. الذي تأكدت بعدما خسرته بأنه حتما يعشقها كما تعشقه؛ لكن هل سأعود لبلدي؟! هل سأعود لأرض وطني الحبيب؟ هل ستكون لي فرصة أخرى أم عليّ الاستسلام؟
تذكرت فيلم أولاد العم الذي سمعته مرارا وتكرار فشقت ابتسامة عريضة على وجهها: يعني انا هقوم بدور مني ذكي؟ وأيهم دور كريم عبد العزيز؟! يالهوووي؟ يعني احتمال كبير ييجي يرجعني بلدي؟ ليه احتمال ده اكيد هيحصل... هو بطلي وبطل روياتي اللي كنت ليل نهار بقرأهم وغرقانه في تخيلي أنه هو البطل وانا البطلة !! بس هو حقيقي بطل ومش مجرد تخيلات؟ مش مجرد تفكيري أنه بطل رواية سخيفه قرأتها؛ لا هو بطلي انا؛ بطل حكايتي انا وهو اللي هنكتبها بعد ما ينقذني وياخدني من هنا .. بطل شغله والكل بيهتف بالنقطة دي مش بس أهله وأخوه وأصحابه؛ My hero ..
دق قلبها بجنون العشق.. فها قد عادت تفكر بحبيبها؛ عادت تفكر بأن قلبها مازال حيا لم يمت .. مازال يعشق التنين؛ مازال الأسطورة هو محور حياته
بينما عقلها فكان الحزن يسيطر عليه عندما يتذكر الطريقة التي أبعدها بها عنه.. هذا يعني أنه حقا لا يحبني.. أ سيتفق كلاكما؟ أيهم مازال غارقا في بحور المعصية والذنوب يا غزل؛ مازال يشرب الاندرينا؛ مازال يذهب لأماكن مشبوهة ليس بها إلا العاهرات وفتيات الليل.. مازال النوم مع فتاة قذرة لا تحل له، شيء طبيعي ... كيف يحبك ويجرح مشاعرك لهذه الدرجة؟ كيف يحبك وهو لا يهمه شيء أو يخيفه بشر؟ كيف تقولين لنفسك يحبني وهو يسمح لنفسه بالذهاب لأخرى يرمي نفسه بحضنها لينسي التي كان يحبها مسبقا؟ كيف يحبك واستطاع البعد؟ كل ذلك يعني ان فراقي وبعدي عنه سيان؟
نفى القلب اندراجها ناحية التفكير المخطئ مره أخرى: غزل يا جميلتي.. هذا أيهم وهو مجنون حبك كما تحبيه لا؛ أنه يكن لكي حبا أكثر من حبك له بكثير... يشرب الاندرينا ليتحمل بعدك انتي عنه وليس لينسى التي أحبها مسبقا؛ هذا حديث كاذب لا أصل له ولا أساس.. هو فقط يعذب نفسه قبل أن يعذبكِ؛ كان يعلم أن أختك سترفضه بشدة وهو لا يحب أن يكون طامعا ولا أنانيا؛ لذا كتم بداخله.. كتم حزنه وتعبه لنفسه فهو لا يحب انشغال أحدهم بأمره؛ لا يحب أن يثير الجدل ولا إثارة الضوضاء والشوشره على الكل ليسعد هو؛ كتم حبك لنفسه حتى لا تتألمين حزنا إن ذهب ولم يرجع.. حتما
مهما قسى قلبه من وجهة نظرك فقلبه لا يعرف غيرك.. ولا عيناه ترى غيرك؛ انظري ياله من مجنونك حقا؛ إذا كان يستطيع الملل منك، أو لم يكن يحبك بجد فهل سيهدر وقته بصحبتك؟ هل جن ليبقى معك ثلاث سنوات بأكملهم وهو لا يحبك؟؟
بالنهاية انتصر القلب على العقل فدق الطبول ورفرف فرحا؛ على عكس ذاك صاحب القلب الصخري الذي دائما ما يهزم قلبه أمام عقله وينتصر عقله محذرا إياه كل مرة من خطر التعلق بها .. أو خطر التعلق بأنثى أيا تكن
لم تبقى له سوى أخته المجنونة الصغيرة التي يداعبها حتى أنه يذهب معها لشراء ملابسها وقت فراغه؛ فهي أيضا لا تكف عن متابعة الموضه والفاشون وشراء كل ما هو جديد وأنيق للغاية .. هذه الوحيده هي وابنة أخيه اللاتي لن يمل منهن أبدا ولا من التعلق بهن؛ بينما غزل شيء آخر فريد من نوعه لا يقارن بأحد .. فهي ممتلكاته الخاصة ولكن ما اتعبه حقا أنه أحس ولو بجزء بسيط من إنتهاك أحدهم لخصوصيته؛ اخترق أحدهم مملكته؟!
ظل يتردد السؤال بمخيلتها مرة بعد الأخرى: نسساني؟ إن شاء الله وحدث ما كانت تفكر به من قليل جعلها تبتسم كالمجنونة هل سيعود يحبني كما كان سابقا؟ أم أنه سيكره حتى النظر إليّ؟
...........
كاميليا بتعجب: تقصدي من ساعة ما سافروا مرنتش عليكي أبدا؟؟
شهد بقلق ينهش بأوصالها: اه يا كامي.. بحاول كتير ارن على غزل أو كارم ومفيش رد؛ تليفوناتهم مقفولة
كاميليا: عادي يا حبيبتي متقلقيش؛ ده هني مون وأكيد عايزين يبقوا براحتهم ومش عايزين إزعاج؟
شهد: لا .. في فرق أنهم مش عايزين حد يزعجهم أو يقفلوا تليفوناتهم نهائي؟؟ على الأقل كانوا يقولوا ناويين يقضوا الهني مون فين؟
كاميليا بضحك: يالهوي عليكي؟ يابنتي فكك انتي كنتي هتستفادي ايه لما تعرفي؟
دارت شهد بالغرفة متوترة للغاية..، وهي تفرك يديها بخوف لا تعلم مصدره: ربنا يجيبهالي بالسلامة
كاميليا بابتسامة: يارب
أسر: ماما .. يا ماما.. انتي يا وليه ياللي اتجوزها أبويا؟!
شهد بتنهيدة: ايه يا أسر وطي صوتك يا حبيبي
أسر بسخرية: ايه ده عندنا ضيوف؟ لامؤاخذه ما اخدتش بالي؟
تجاهلته كاميليا وكأنه لم يدخل للصالون أصلا وأكملت عبثها بالهاتف
شهد بضيق: أسر كفايه ..
أسر بمقاطعة: بااااس.. خلصنا ايه هنفرج علينا الخلق ولا ايه؟ المهم اسعفيني بأكل وانا سايبهالكم مخضرة
.............
مر سبع أيام بلياليهم وأيهم بدأ يتحسن وجرحه خف وبقى بيتحرك عادي.. وكانت لا تكف أعين الفتاة عن مراقبته ببلاهة؛ هو حقق مراده أنه قدر يصيب الهدف اللي هيوفرله مكان للعمل وراحة تامة وضد أي شكوك .. كان دانيال يعلمه العبرية والغريب أن سرعة استجابته فائقه فكان يتعلم بسرعة بالغة وذاك ما أثار إعجابهم
مونيكا: بيبي كيف حالك اليوم؟!
أيهم بابتسامة: أفضل بكثير من ذي قبل
مونيكا: حسنا إذا ستبدأ عملك في المساء
تبسم أيهم باتساع ليردف بعد أن رسم معالم الاستغراب ببراعة: هل لي أن أسأل سؤال؟!
اقتربت منه بشدة وهي تحسس على ذراعه القاسية وتنظر لعيناه بتوهان ظنا منها بأنه سيخطف أنفاسها بعد القليل من الوقت لأنها فاتنه ولا يستطيع أحدهم مجاراة جمالها أو مقاومته: تفضل يا حبيبي؟!
ابتعد أيهم عنها ثم هتف: وكالة ماذا التي تعملين بها؟!
اقتربت الفتاة مره أخرى بلا حياء ولا خجل مما تفعله وهتفت بين شفتيه بشيء من الخطر: انها مجلة عالمية صهيونيه خاصة بوالدتي .. والأن أصبحت أنا المالك الفعلي لها
أيهم: ألا ترين أن ما تحاولين فعله الآن يسمى بالجنون؟
مونيكا: لا يسمى هذا جنون بل أنت من ستصيبني بالجنون؛ ما أفعله الآن يسمى حبا عشقا ولها؟! ولكن أخبرني كيف استطعت مقاومة جمالي؟ اني فتنه يا هذا؟
أيهم: نعم أعلم
فقدت الفتاة كل ذرة عقل بها هي فقط تريده ألا يقلل من شأنها لهذه الدرجة ويندرج معها حتى يرضي غرورها: أخبرني أي نوع من الرجال أنت؟! ما كل هذه القوة والغرور الذي تتمتع بهم؟
أيهم مجيبا بكل بساطة: تماما كما تتمتعي انتي بهم؟
............
كل يوم بيمر وحمزة قلقه بيزيد وشعور غبي جواه حاسس ان في حاجة مش كويسه أو حاجة مش مضبوطه بتحصل وهو مش عارفها؛ بيحاول بشتى الطرق ينفض ويكبر دماغه بس مش قادر حتى شغله مبقاش بيشوفه كويس؛ وده بالضبط اللي أعداؤه عايزينه وهو عارف انهم بيضغطوا عليه علشان يبدأ يهمل وديونه تكتر فيضطر يفك زنقته ببيع الفرع وإلا هيشهر إفلاسه
ضغط على الجرس الذي صدح رنينه في مكتب السكرتيره
أغمض عيناه بهدوء وأراح ظهره للخلف.. دخلت السكرتيره بعد أن دقت الباب: اؤومرني يا فندم؟!
مازال على وضعه حتى أنه لم يفتح عينه ليرى وجهها: سامر فين؟
ابتلعت ريقها برعب: في مكتبه يا فندم؟
حمزة: عايزو ! وتكوني موجوده بعد ما ييجي.. مفهوم؟
السكرتيره بصدمة: نعم يا باشا؟
حمزة ببرود: طلبت منك عمرك ولا ايه؟!
السكرتيره: أمرك يا فندم.. عن اذن سيادتك .. بعد كام دقيقة كان اجتماع من ثلاث أفراد في مكتبه
سامر بخفوت: اهدي يا حمزة حرام عليك.. البنت هتموت
حمزة بغضب: ما تموت ولا تتحرق هي كانت من باقي أهلك؟ بتدافع عنها ليه؟
سامر: وربي ميروحش تفكيرك لبعيد؛ البنت قلبها هيوقف من نظراتك .. دا انا نفسي خايف منك؟
ابتعد سامر مهرولا بطريقة مرحة يجلس على مقربة من السكرتيره قائلا بهدوء: انجزي يابنتي لحسن هيكون في سفك لدمائي انا وانتي.. وانا عندي عيال والله؟!
كتم حمزة ضحكاته ليرسم ببراعة معالم الغضب والبرود في آن واحد
السكرتيره بدموع تلمع بعيونها: مش فاهمه عايز مني ايه سعادتك؟
سامر: لا يا قمر كده عيب؛ شغال زي الارجوز علشان اهدي الأخ دراكولا فبلاش تخليني أقلب أنا كمان.. اشطا؟ اشطا.. يبقى تجيبي اللي عندك وانجزي نفسك
السكرتيره برعب: والله مش فاهمه حضرتك بتقول ايه؟
حمزة: يابني انا قولتلك الناس دي تربية شوارع مبتجيش بالذوق؟
سامر: يابنتي انطقي وخلصينا؛ صدقيني تلاته زيك دلوقتي مرميين في السجن... ايه رأيك بقى؟ تحبي تحصليهم؟
السكرتيره: انطق اقول ايه؟؟
سحب نفس طويل اووووي وخرجه مره تانيه علشان يتحكم في أعصابه: ايه حوار بيع الشركة للشركة الصهيونية؟؟
وزعت الفتاة نظراتها الممتلئة بالدموع بينهم: شركة ايه؟
سامر بغضب: لا يا روح أمك فوقي معايا كده.. دا انتي بقيتي مشهورة أكتر من حمزة؟!؟
حمزة واقف بيبصلهم وساند بايده على الكرسي ومستني سامر يخلص وإلا ممكن يتجنن ويخنقهم هم الاتنين ويخلص منهم
السكرتيره بدموع وصوت مهزوز: صدقني معرفش بتتكلم عن ايه؟!
سامر وقف وبصلها بغضب: أقسم بالله العظيم لولا انك بنت مكنت منعت نفسي من سحب زمارة رقبتك
السكرتيره ببكاء: انا معملتش حاجه صدقوني؟!
أخرج الهاتف يلعن بها في سره ويسبها بأبشع الشتائم: دي مش سعادتك صح كده؟ اللي في الصورة دي مش انتي صح؟؟ ايه يا قمر فكرانا مغفلين منعرفش وسا'ختك؟ هنعيد عندليب الدقي من جديد يا حلوة؟؟؟
جلست مره أخرى وهي تضع وجهها بين كفيها تبكي بهستيريا
خبط حمزة كفيه بذهول: عارف انكم عباقرة تمثيل ولعب أدوار قذ'رة بس مش للدرجة دي؟
سامر: هتعترفي دلوقتي ولا أدام الشركة كلها والعالم وتبقى فضايح بفضايح بقى.. وخلي اللي ما يشتري يتفرج؟!
حمزة شاورله يسكت: استنى انت يا سيمو لحظة... الشركة الصهيونية اتسترت على خيانتك للبلد وتجارتك للأثار ولا كنتي بتاجري في ايه سعادتك؟ سوري مش فاكر؟؟
هزت الفتاة رأسها بجنون ودموعها بتنزل بتعب ويأس من الاتهامات اللي بتتوجهلها وفي نفس الوقت مش قادرة تنفي كلامهم وتكذبهم؛ بالعكس كل حرف بيقولوه صح؛ وغلط في نفس اللحظة؟
السكرتيره: مش انا مش انا والله؟!
قهقه سامر واغمض عيناه بقوة ثم أردف قائلا: كفايه كذب كفايه..!
حمزة: ناويه تكملي في رحلة كذبك وخيانتك أكتر ولا تعترفي وتنجزي؟
رفعت الفتاة رأسها له وهي ترجوه يرحمها: أرجوك يا حمزة بيه .. بلاش السجن أرجوك.. هعمل اي حاجه تطلبها مني بس بلاش الشرطة والسجن؛ ابويا مريض وملوش غيري أرجوك؟
سامر: بجد عين العقل اقترحي علينا سعادتك تحبي البلد تعمل فيكي ايه اصل السجن ده بتاع أبوكي..
السكرتيره بصراخ وبكاء هستيري: أقسم لك أني أشرف من أني أخون واخون مين بلدي؟؟ دي.. دي أختي توأمي !!!
وقعت بالأرض من هستيريا البكاء التي أصابتها فهي هتفت بالحقيقة ولم تكذب بحرف... الصمت خيم عليهم جميعا لا يسمع كلاهما سوى صوت نحيبها وحمزة غير قادر على استيعاب ما سمعته أذنيه فوقت ما كانت تتحدث كان كل تركيزه على أعينها وللأسف ما اتضح له بعدما أخبره أيهم كيف يتحقق من صدق حديث الذي أمامه ينظر لعينه؛ فإذا تحرك البؤبؤ حركة غير طبيعة فتيقن أنه يكذب... كان صحيح
أمسك هاتفه بتوتر فكانت زوجته المجنونة مسح وجهه ثم هتف: السلام عليكم
همس: وعليكم السلام؛ واقفه في إشارة قولت تسليني؟؟
حمزة بنفاذ صبر: حضرتك واقفه في إشارة من كام سنة؟
همس بضحكه مرحة: من تلات ثواني بالضبط؟
حمزة بتوتر: همس تعالي الشركة
همس باستغراب: سايبه سارة لداده من بدري؟؟
حمزة: متتأخريش مستنيكي... سلام
.............
في الكام يوم اللي فاتوا أيهم بيحاول يجمع معلومات عن صورة البنت اللي قاعد في شقه بعيدة عنها هي ادتهاله كهدية بدون مناسبة؛ وده طبعا اللي خلاه ضرب نفسه لأنهم في الإدارة عطوه صورتها؛ وهو كان محدد ساعة وصوله بعد مشيه تلات أيام علشان يقدر يدخل فلسطين المحتلة؛ كانت الساعة دي هي نفسها اللي البنت اتعودت تخرج فيها من البار .. اوك عندهم صورة للبنت لكن ميعرفوش عنها أي حاجة إلا انها كانت على علاقة بإيثان... تقابلا في حفلة كبيرة لعرض أجمل الأزياء وأغربها أقيمت في إسبانيا فعرفته عليها والدته؛ عادت هي لإسرائيل ولكن علاقتها به كصديق مازالت مستمرة؛ وهذا فقط ما لديهم من معلومات غير ذلك فعلى العبد لله جمعها؛ لعب هو على هذه النقطة فنجحت خطته بلا شك
اقتربت منه تلعب بأصبعها في خصلات شعره المتمرد على عينيه وبيدها تصميم ملبس تود تقديمه له لترى ما رأيه.. ولكن قبل أن تعطيه إياه هتفت: لما كذبت عليّ وأخبرتني أنك فرنسي المنشأ؟!
أزال أيهم يدها من شعره ثم طبع عليها برقة قبلة لا تناسبه أبدا: اوووه حبيبتي.. طبعا لأجعلك تتعاطفين معي؛ فقد استولت زوجتي المفترية على كل شيء أخبريني ماذا أفعل سوى اني أمازحك لأكسب ودك وأجعلك تحبيني كما أحببتك منذ أن وقعت نظراتي عليكِ؟؟
قدمت له مونيكا التصميم: وبالطبع فعلت... يالك من شرس
ألقى نظرة طويلة عليه ثم أردف: ألا ترين أن الألوان غير متناسقة أو ما شابه؟؟!
انعقدا حاجبيها بعدم فهم: كيف ذلك؟ ماذا تفهم أنت بالموضه لتتحدث عنها؟!
ضحك أيهم بخفة فلم تتجاوز الضحكة شفتيه: أفهم الكثير يا حلوتي.. لدي أخت مجنونة هكذا وتعشق الفاشون وكانت دائما تجبرني على الذهاب معها لشراء ما يلزمها؛ ما رأيك إذا؟
هزت الفتاة رأسها باقتناع تام..: إذا لنبدأ هيا بنا ؛ لأخبرك اليوم سنذهب لحفلة في تمام الساعة العاشرة مساءا فلتكن مستعدا ..
............
دق باب غرفتها وقد كانت هي تجلس على السرير غير عابئه به أبدا
إيثان برجاء: غزل افتحي الباب يا غزل؟
غزل: ابعد عني بقى انت عايز مني ايه؟؟
إيثان: افتحي الباب ونتكلم يا غزل.. اتكلمي معايا وافهمي وجهة نظري طيب؟
غزل بدموع: ملكش دعوه بيا خالص..؛ دمرتني ودمرت حياتي، عايز ايه تاني؟!
إيثان: عايزك انتي.. انا جوزك افهمي بقا عشان مش هصبر عليكي كتير بعد كدا؛ انجزي وافتحي أم الزفت ده؟
غزل بغضب ودموعها بتنزل بقهر: مش هفتح، انت ايه مبتفهمش؟؟
تنهد إيثان وقرر الصمود وتأجيل حديثه ذاك لوقت أخر حتى تهدأ ويجد طريقة أفضل ليكسب عطفها وتصبح زوجته قولا وفعلا: بفهم صدقيني.. وانا آسف بس افتحي خلينا نتفاهم بهدوء
غزل: لاااااااااااااااااااااا.. مش عيزاك سيبني في حالي بقا
إيثان بهدوء: خدي نفسك براحة ممكن؟!
غزل سكتت شويه فهو قعد زي ما هي قاعده على الأرض والفاصل بينهم الباب الخشب: ليه كرهاني كده يا غزل؟! شوفتي مني ايه وحش عشان تكرهيني للدرجة دي؟؟
غزل: انت يهودي سبق وقولتلك ده السبب الكافي
إيثان: ليه شايفه اليهودي بالبشاعة دي؟! كل ده علشان حته أرض؟؟!
ضحكت غزل بهستيريا: حتة أرض؟ انت بتتكلم بجد؟؟ تعالى انا اعتدي علي بيتك ومقر إقامتك وأقولك دي حتة أرض ملهاش لزمه شوف الأهم في حياتك، وشوف هتعمل ايه؟؟!
إيثان: انا لسه واخد الجنسية الإسرائيلية قريب يا غزل وبعد عذاب... واحد بكفائتي ومكانتي من رابع المستحيلات يسمحلوله بالتخلي عن بلده؛ ويكون قتله هو الحل الأنسب عشان ميتخلاش عنهم بس عارفين انهم مش هيقدروا فأنا أعمل اللي عايزو محدش هيمنعني فاهمه؟ فمش عايز استخدم معاكي الأسلوب ده علشان متخافيش مني ونعيش بعد كدا حياة طبيعية
غزل: يعني سيادتك معترف ان كل اللي بيحصل في الفلسطينين ده طبيعي ومعروف على مستوى العالم وبتبرر لنفسك بإنك لسه واخد الجنسية قريب؟!
إيثان بصدمة حقيقة: نعم؟ ازاي بتفكري كده ان...
غزل بمقاطعة: لو هفضل باقي عمري جوا الأوضة دي وشي في وش الاربع حيطان اللي عنيا مبتشوفش غيرهم من ساعة ما خطفتني عمري ما هستسلم ليك ولا لطمعك؛ ولا هتخلى عن ديني علشان أكون معاك..
إيثان: طب نتفاهم بعدين على الموضوع ده؛ ايه رأيك تخرجي معايا حفلة بسيطة واوعدك مش هلمسك؟!
غزل بسخرية: مفيش أسهل من الكلام على ألسنتكم؛ ازاي توعدني وانت منافق وناقض للعهد والوعد؟
تبسم إيثان بحنو ثم هتف: ثقي فيا المرة دي ومش هتندمي.. بازايت هتكون موجوده واطمني هي لطيفة جدا؛ وايه رأيك عندي صديقه عزيزة اسمها مونيكا متأكد انك هترتاحي معاهم جدا.. جايز خوفك مني يقل، اوك حبيبي؟!
............
بمنى المخابرات المصرية
عدة من الضباط أمام أجهزة الكومبيوتر المتخصصة بمراقبة حركات أيهم وذاك الشيء الذي لم يخبروه به .. أجهزة تتبع زرعها جهاز الاستخبارات المصري ليعلموا تحركاته وتحركات الفتاة التي كُلف بإعادتها لأرض الوطن العربي الإسلامي الحبيب... ولكن يبدو بسبب عناده سيعيد الحقيبة فقط ولن يهتم لأمر الفتاة
كان المدير يعلم أنه يعكس أوامره فكلفه بالحقيبة فقط؛ فعاند أيهم حديثه متعمدا وأخبره بأنه سيعيد الفتاة أيضا فرفرف قلب المدير فرحا بنجاحه الذي ولابد أنه سيكسر إلى فتات بعد القليل من الوقت
أخيرا قررت تخرج وتشوف العالم بتاعهم العنصري المستبد ده عامل ازاي... اللي دفعها بقوة تاخد الخطوة دي كلام أيهم في مره اتقابلوا وكلمته عن موضوع استغرق منه التفكير قبل ما يجاوب حوالي ربع دقيقة بالضبط
فلاش باك
مساء يوم ما .. كان كلاهما يمشيان على الكورنيش وبأيديهم شاورما وبيبسي .. فهو يعلم أن الشاورما والبيتزا والكريب هي أكلاتها المفضلة
غزل: ولاا أيهم هات البيبسي ده ابلع
أيهم بسخرية: اللهِ توقف في زورك؛ امس...
غزل بتكح جامد وبتشهق من الضحك: كح كح ااه كح .. كح؟
أيهم بصدمة: هتموتي ولا ايه؟؟ امسكي اشربي
سحبت من يده الزجاجه بغضب ثم ارتشفت المياه بجنون: متخلف
أيهم: خير الرد على السفيه الصمت
غزل: تعال نقعد هناك انا تعبت من المشي
جلسا سويا ينظرا لما أمامهم بشرود حتى نظرت له واتسعت ابتسامتها الجميلة قائله بحب: أيهم؟ نفسي اشوفك مره وانت في شغلك؟؟ احكيلي ازاي بتتعامل بتفكر ازاي اي حاجه... انا متحمسه اوي؛ بجد انا طول الوقت بسمع عن مغامراتك وعايزه اسمع منك شخصيا؛ احكيلي بسرعة انقذ قلبي
ابتسم لها أيهم بحب وهو يرى الحماس في عيونها والحب اللامع بهم: بتعامل ازاي دي ترجع للأشخاص أو المهمة اللي مطلوب مني اتعامل معاها لأن طريقة التفكير والأهم كيفية التنفيذ بتختلف من مهمة للتانية على حسب الصعوبة بقى والخطط النظامية اللي بتتحط علشان تنفذي على أساسها .. طريقة تفكيري يمكن تكون عميقه شويه وده اللي بيميزني..؛ مش ببص تحت رجليا لا ببص لادام ويمكن اني مش سايب الدنيا تيجي زي ما تيجي وبحسب حركاتي قبل ما أخدها حتى في حياتي العادية ده بيتعبني جدا؛ لازم كل حركة تكون مدروسة ده بيتعب اوي
غزل باستغراب: ازاي... ده بالعكس لما تكون حركاتك وتصرفاتك انت اللي بتتحكم فيهم ده أحسن بكتير من تعاملك مع الناس بعشوائية
أيهم ابتسم بهدوء فهو كل لحظة وكل ثانية بيكتشف حاجه جديده حلوة في شخصيتها؛ حاجه جميلة مش عايزها تكون غير ليه وهو شايف فيها براءة وحب للحياة عايز الحاجات دي متختفيش من شخصيتها: مش في كل الأحوال بيكون التحكم في نفسك كويس؛ وغالبا بيضيع من بين ايدينا كل حاجه حلوة ممكن نحبها ونتعلق بيها .. فخليكي زي ما انتي واتعاملي مع الناس بطبيعتك بس مش اوي اوي برضو اوك؟؟
ضحكت غزل فهو ابتسم: طب قولي مبدأ ممكن يفيد وانت بتتعامل بيه في شغلك؟
أيهم: عارفه انك تتعاملي مع الناس بمبدأ إذا أردت أن تأمن شر قوم فاعرف لغتهم؟
غزل: ايوا؟
همَّس أيهم جانب أذنها: حطيه في بالك دايما..!
..
رنت في أذنها كلماته وكأنه كان يعلم أنه سيأتي يوما عليها تعاني بدونه؛ فأول من تذكره عقلها حديثه وليس أحد آخر.. فعزمت على الذهاب مع إيثان إلى حيث سيأخذها
............
خفق قلبه بجنون.. وقلبه يسأل هل للشوق وزن؟ لا أعلم ولكن أشعر بأن قلبي يصبح بثقل الجبل كلما ازداد الشوق إليكي؛ دعيني أخبرك يا تايمة اني اشتقت لكي وهي ليست المرة الأولى؛ كنت اشتاق لك حتى وانتي معي؛ اشتاق لأن أضمك لاحضاني .. اشتاق لكي في كل لحظة فهي عادتي ولكن بصمت..؛ مر عليّ الآن ثلاث شهور ويومان وخمسة عشر ساعة وسبع دقائق أشعر بأني مفتقد صوتك الذي لو سمعته الآن أقسم لك سأشعر وكأني قد ولدت من جديد .. لا أعلم غير أن هذه اللحظة يراودني شعور عشوائي يؤلم وبشدة لا يطلب إذن من أحد قبل الدخول !
ماذا تتوقعوا سوى أن تكون حفلة تجمعهم في أحد الأماكن الليلية المظلمة؟؟
إيثان: مارين أخويا.. زوجتي غزل؟
نظرت لهم ثم قامت بوضع يدها خلف ظهرها متجنبه أن تصافح أحدهم
مارين بتعجب: ما بها؟؟
بازايت بضيق: دعك من هذا عزيزي؛ إنها عنصريه متمرده
مونيكا بجنون: إيثان... بيبي أين أنت؟؟
رحب بها إيثان بشدة فقبلت شفتيه وكذلك هو بادلها القبلة: اشتقت لكِ
نظرت مونيكا لغزل بتعجب: من هذه؟ وما هذه الملابس التي ترتديها؟ ثم إنها لما تغطي شعرها هكذا؟؟
إيثان: اتركيها على راحتها؛ فهي زوجتي... مصرية؟
رمشت عيون الفتاة بعدم تصديق: ماذاااا؟؟ هل جننت يا هذا لتتزوج مثل هذه؟؟
إيثان بابتسامة: لمَّ أهي ليست جميلة؟
مونيكا: لالالا لقد فقدت كل ذرة عقل تبقيت لك يا إيثان؟ أهذه ليست جميلة؟؟ ولكنها مصرية؟!...
مارين: هل ترقصين عزيزتي؟
بازايت: بالطبع هيا ..
مونيكا: أين ذهب هذا المجنون.. أ يتركني بمفردي في حفلة كهذه؟؟
غادر الكل وتركوهم بمفردهم لتنظر له غزل وجدته ينظر لها بابتسامته المستفزه: مفهمتيش هم قالوا ايه .. ممكن اترجمه....
غزل: شكرا لحسن تعاملك يا فندم... بعرف عبري كويس
إيثان بصدمة: نعم؟!.. طيب لازم يكون في سبب دفعك لتعلم العبرية لأنك بتكرهي اليهود بطريقة لا تعقل فليه اتعلمتي العبري؟؟
غزل: حرية شخصية..
تبسم لها إيثان بهدوء ثم أردف: بما انك بتعرفي عبري ايه رأيك تشاركي مونيكا؟!
رفعت غزل حاجبها دليل على عدم الفهم: القصد؟
إيثان: اقصد تخرجي من الأوضة يا حبيبي.. مونيكا صاحبة أكبر مجلة عالمية صهيونيه لتصميم الأزياء..، فايه رأيك تشتغلي معاها؟! تعرفي عادات وتقاليد الشعب الإسرائيلي جايز تعرفي ان حتة الأرض.. سوري مقصدش اضايقك؛ اقصد جايز تعرفي ان الأرض دي ملكه وهو مش مغتصب ولا مفرق للجماعات؟؟
غزل ضحكت: وربنا انتو نكته؛ بتحاولوا تثبتوا حاجه عكس اللي العالم كله شايفها وهي واضحة زي الشمس؟؟ العالم كله عارف حقيقة وسا'ختكم ومش بس احنا كعرب؟ الحقيقة اللي بتحاولوا تنكروها احنا مش مغفلين علشان نصدق إنكاركم ليها .. احنا عارفينها كويس
إيثان بهدوء: شوفي يا روحي لينا النهاردا شهرين بالضبط جايين هنا والصبح قولتلك صبري نفذ فراعي اني مش هصبر كتير.. فبلاش تستفزيني وكوني بارادتك
لم تكن تنظر له من الأساس فقط تنظر للفتيات الشبه عا'ريات واختلاطهم بطريقة مقززة حتى التقت نظراتهم ثم عند هذه اللحظة وقفت قلوبهم عن النبض.. فقط يدور حديث طويل بلغة العيون لا يفهمها سوى العشاق؛ تعلقت نظرات عينيه بعيونها التي فرت منها دمعه لا تعلم أهي فرحة عظيمة لاستجابة الله لدعائها أم قهر تشكوه له كما اعتادت؟
ابتلعه الاستدج يكمل رقصه مع مونيكا التي أمسكت بذراعه بقوة ساحبه إياه معها لإكمال جنونهم
وقفت غزل من مكانها بسرعة وهي تشعر بأنها على وشك الانهيار: التواليت؟
كان يشرب كأسه ويتحدث إلى أحد القيادات العليا فلم ينتبه لها؛ غادرت هي شاقه الطريق بحثا عن W.C حتى شعرت بدوار يفاجئها فوقعت بين يديه.. سرعان ما حملها للتواليت وأغلق بابه جيدا .. حضنها؛ خدها في حضنه جامد مش قادر يبعد نفسه عنها فأخيرا دي غزل دي مجنونتي وروحي وحياتي كلها هي؛ انا ابقى غبي لو فكرت لحظة اننا بعد ما نرجع مصر ونسيب فلسطين ما اتجوزكيش؛ لا احنا هنتجوز علشان انا لسه بعشقك يا تايمة ..
فجأة اخد باله انها مغم عليها ومش حاسه بشيء بس ريحته هو بتميزها ولو بين ملايين البشر.. وريحته هو شخصيا مش ريحة برفينومه اللي بتعشقها برضو.. حضنه ده هو الأمان والطمأنينة وبس؛ وعمرهم ما كانوا في أي مكان تاني .. مسكت فيه أكتر... ضمت ايدها على قميصه أكتر وصوت سحبها للنفس عالي فقرب منها علشان ريحة البرفينوم القوية تفوقها ولحظة اتنين تلاته بتفوق وهي بتهتف بإسمه: أ.. أي.. هم؟
مكنش عارف المفروض رد فعله يكون ايه؟ يقوم يحضنها ويطمئنها بوجوده ولا يكمل في قسوته وجبروته لحد ما يرجعوا؟
حرك يده أمام وجهها وهو بعيد تماما عنها فكانت كل ما تراه هو طيف شيء ما يتحرك بهدوء أمام أعينها التي أصبحت زرقاء من شدة البكاء والنحيب وسهر ليالٍ طوال بدون أن تذوق أعينها طعم النوم
اتضحت الرؤية أمامها أخيرا بعدما فاقت وأصبحت بكامل قواها العقلية بعد عدة ثوان عندما رأته فهتفت بهستيريا وهي تضحك وتبكي وتنظر له بسعادة ودموعها تهبط بجنون وشهقه تصدر بين الحين والآخر: أيهم انت معايا صح؟ انت جنبي دلوقتي؟ أنا ممكن اقوم افط في حضنك صح؟؟ انت جيت عشان عارف اني بموت من غيرك؟ جيت ترجعني مصر؟؟
أخيرا هينطق بس هي معطتهوش فرصة وحضنته.. حضنته بعدم وعي منها اتعلقت فيه جامد وهستيريا عياط صابتها وهي في حضنه: وحشتني اوي يا أيهم؟!
اتحرك وبعدها عنه براحة فهي بصتله وعنيها دمعت فهتف وهو يعطيها ظهره: وافقي على العرض اللي قدمهولك جوزك من 6 دقايق و38 ثانية يا مدام غزل.. عن إذنك
خرج من التواليت وقلبه بينزف من القهر اللي حاسس بيه
مونيكا: راشاميم ماذا بك؟ ألن تشرب معي كأس؟
أيهم بضيق: يكفي هذا الحد يا مونيكا... سأذهب؛ وداعا أراكِ غدا
ضربت مونيكا بقدمها على الأرض بضيق: الوداع
............
أيهم رجع المكان اللي ساكن فيه وهو حاسس ان في حد بيراقبه أو جاي وراه بس اتجنب الإحساس ده ودخل الشقة ثم ارتفع صوت الخبط على الباب فذهب يفتح فكان عدة شباب وبأيديهم عصي
رفع أحدهم يده ليهو ها على رأسه فانحنى أيهم للأسفل متفاديا الضربه.. لكن سرعة الشاب لم تكن قليله ليستطع التوقف فدخل الشقة فاصتدم رأسه بالحائط
بينما أيهم فقد ضرب الشاب بمقدمة رأسه عدة مرات واطرح بالبقية أرضا بعدما فر للأعلى وبمشط قدمه أصاب أحدهم بهذه الكرة التي لا تفقه شيئا فقط موضوعه للزينه فالتف حول نفسه حتى سقط من قوة الدوار الذي أصابه أخذا في وجهه درجات السلم
فتراجع الثالث عند رؤيته لما حدث لاصدقائه: أقسم لك لم أفعل شيء
أيهم باستنكار: ماذا كنتم تريدون يا هذا؟
الشاب: لقد طردتنا السيدة مونيكا منذ مجيئك فلم يعد لدينا مكان للعمل
أيهم بسخرية: اذهب من هنا يا هذا.. فقط انظر لذاك هل مات؟؟
سحب الذي اصتدم بزاوية الحائط من رجله وقام بإلقاءه خارج شقته وأغلق الباب وهو يطقطق رأسه برضا خالص
..........
عادت غزل من التواليت شبه فاقده لمزاق الحياة: عايزه امشي من هنا
إيثان: ماذا بكِ يا جميلتي؟
غزل: تعبانه... عايزه اروح
مونيكا: ماذا بك عزيزتي ألم يعجبكِ الحفل؟؟
لا تعلم غزل لما تشعر براحة وقلق في آن واحد تجاه هذه الفتاة فابتسمت ربع ابتسامة: لا ولكني تعبت... أود النوم
إيثان: إذا مونيكا سنذهب نحن.. نراكِ قريبا
مونيكا بابتسامة: زوروني غدا في الوكالة.. إيثان؟
إيثان: فلتأتي انت وتذهب معك إلى حيثما تشائين .. الوداع
رجعا منزلهم معا فانطلقت غزل نحو غرفتها تهرول إليها حتى دلفت للداخل وأغلقت الباب بإحكام وسمحت لنفسها بالانهيار
لقد رأيته حقا؟ سمعت صوته؟ لمسته بل حضنته؟ أ هذا الذي كنتي تقولين عنه يحبك أكثر مما تحبيه؟؟ هذا مازال أيهم الجبار.. الذي لا تعرف الرحمة طريقها لقلبه؟ هذا الذي يطلقون عليه مستشار إبليس.. القادر على اللعب بعقل الجن فكيف سيلعب بعقلك الذي بحجم النملة؟؟ لقد نعتني ب " مدام " !!
...........
صباح اليوم التالي
تناولت إفطارها معه لأول مرة في تاريخ حياتها ولكن لا يعلم لما يراوده الشك بأمرها منذ مساء البارحه
إيثان: بيبي انتي كويسه؟
غزل بابتسامة جميلة: اها كويسه اوي الحمد لله
إيثان بتعجب: يديمها الرب نعمة عليكي .. سأذهب الآن وخمس دقائق ستأتي مونيكا
هزت غزل رأسها بإيجاب ثم هتفت: اوك
...........
بعد القليل من الوقت... ذهبت إلى الوكالة الضخمة ذات المنظر الجذاب لكن هيئة الشركة التي كانت تعمل بها أروع بمراحل ..
مونيكا: راشاميم..، هل جئت بالبضائع؟!
أيهم: نعم لقد حملت كل الكراتين حتى انقسم ظهري
مونيكا: سلامة ظهرك حبيبي
أيهم ببسمة هادئة: لكن هناك واحده عليكي حملها؟
مونيكا بضحك: أهون عليك؟
أيهم: أيتها البكاشة... تبا لك سأحملها
خرج أيهم من المكتب عقب دخول غزالته للداخل فسحبها لسلم ينزل لمكان مظلم فدفن رأسها بصدره لتطمئنها رائحة برفانه بأنه هو وليس أحد آخر.. لأنها حتما سيغشى عليها بين يديه بسبب هذا الظلام الحالك
غزل برعب ودموع تنهمر بدون إرادة: أيهم؟؟
أشعل إضاءة المكان ثم أبعدها عنه: مطلوب منك تساعديني
غزل بدموع متحجرة: أيهم انت بتعمل معايا كده ليه؟؟
أيهم بصلها والبرود قاتله والجمود ونبرة جافة بيتكلم بيها حسستها أد ايه هي غلطانه وأنه خلاص هي وأيهم معدش فيه بينهم حاجه ولا حتى لو ذكريات هي حطمت كل حاجه لما حتى ما عطتهوش فرصة يتكلم ويبرر لنفسه موقفه.. دلوقتي هي حاسه بكره ليها؛ حاسه انه مش شايفها غير مدام زي ما قلها: أكيد دلوقتي الصورة وضحت وانك دلوقتي في موقف صعب مش محتاج هزار؛ غير كده انا مهمتي صعبة واحتمال نجاحها ضعيف.. هتمديني بالمعلومات اللي اطلبها منك بس لأننا حاليا في إسرائيل بجد ومش هزار
عقلها لسه رافض يصدق كلامه؛ هو بيتكلم يجد.. هيجندها؟؟
أيهم: أكيد مش لمصالحي الشخصية يا مدام ده أمن بلد؛ مصر بين ايدينا دلوقتي يا إما ويا إما؟؟!
غزل بعدم استيعاب لما يتفوه به لسان معشوقها: انا غزل يا أيهم؛ تايمة؟؟!
ضحك أيهم: مهمتي أولى.. كل يوم انا في نفس المكان المعلومة اللي اطلبها منك بس تنفذيها
كان هيخرج فهي مسكت ايده ودموعها بتنزل بقهر: هترجعني مصر؟
أيهم سحب ايده واتجنب يبصلها لأنه مش قادر يشوف نظرة الحزن دي في عنيها؛ هو مشتاق أكتر منها؛ مشتاق يضمها لحضنه ويقولها هرجعك وفي نفس اللحظة عقله يفوق وبيصرخ بنفي هي متجوزه؛ متجوزه حد غيرك حتى لو جوازهم لا يجوز معدتش غزل البنوته البريئة اللي حبيتها فاهم؟!
ابتسم يطمنها: هرجعك !
أغرقت الدموع وجهها ذو النحت الملائكي وهي ترجوه أن يتحدث إليها بحنان ولا يعاملها بكل هذا الجفاء وكأنه لا يعرفها فلمست وجهه بأطراف أصابعها: أيهم؟ كلمني أرجوك؟؟ متسبنيش كدا؟ انت لسه بتحبني؟!!
طلع الدرج بعدما نظر لها مطولا وهتف: آسف معدش لينا الحق نوقف الوقفة دي !!
وهو طالع اتخبط في حد أخر من كان يتوقع .. فالصدمة أخرست لسانه