رواية عصافير الغرام الجزء الثاني2 الفصل الثاني عشر12بقلم تسنيم محمود
لمست وجهه بأطراف أصابعها الناعمة تنظر لعيناه نظرة حزن يملأها الرجاء بألا يحطم قلبها مجددا.. فوجدت بعيونه - التي لازالت قوية لا تعرف طريقا لضعف ولا انكسار ولا حتى إعتراف بحبها - عتاب وكأن قلبه يصرخ بها مأنبا إياها بشدة لما فعلته به فأصبح فتات تزروه الرياح .. لكن لم يعد باستطاعته بناء جدار صلب يحمي قلبه مره أخرى؛ استجمعت قواها ثم هتفت بصوت متحشرج: لسه بتحبني يا أيهم؟؟!
بهدوء تام أبعد يدها عنها وضعها بجانبها فنظرت هي ليدها ثم نظرت له
صعد درجات السلم بهدوء وكأن شيئا لم يكن بعد أن تركها في صراع مع نفسها عندما سمعت منه " آسف معدش لينا الحق نوقف الوقفة دي " !
قلبه يبكي بحسرة وهو يرى الدمع لا يفارق عيناها أ مازالت تحبه كما يعشقها؟! ألن تعاتبه كما يعاتبه كل من يرى وجهه؟ ولكن لمَّ علىّ تحمل كلامهم السام؟ وهم يروا أن من يعاني هو أنا وليس هي..؛ هم استطاعوا كشف حزني بسبب بعدها عني ولم يرو نفس هذه النظرة بعيونها؛ أنا الذي أمامهم وليس هي... فلما يأتي الكل بصفها وأسمع أنا منهم فقط كلماتهم السامة؟! لم يبقى لي سوى حمزة الذي لا ينظر إلىّ نظرات مميته مثلهم؛ بقي هو الوحيد لآخر المطاف يدعمني ويخفف آلام قلبي .. لمَّ لا يكن مثلهم؟ لمَّ لم يتخلى عني حتى هذه اللحظة؟! لمَّ يتحمل تقلبات مزاجي؟ لمَّ حتى هذه اللحظة بقي سند وظهر لواحد ثاني غير أخيه الذي كان مسلم حقا وليس كلمة سطرت في بطاقته التي تحوى VIP؟ لمَّ لا يتبرى مني وكأنه لا يعرفني بسبب قذارة أفعالي؟؟ ماذا قدمت له أنا ليمنحني كل هذا الحب؟ هل لأحد قلب نقي كقلبه؟!
اصتدم بأحدهم فحدقت أعينه بقوة ثم همّس: دانيال؟
نظر له دانيال مستشفا معالم الصدمة باستغراب: ماذا بك؟ لكن ماذا كنت تفعل بالأسفل؟؟ ألم تخبرك مونيكا خطورة النزول؟
أيهم بصدمة اتقنها ببراعة: أخبرتني أن علينا سويا وضع البضائع الجديدة بالمخزن !
دانيال بغضب وقد صدر عن ضغطه على أسنانه صوت مزعج للغاية: ماذاااا؟
أيهم: ما عليك إهدأ فقط... سأحملهم
دانيال بتعجب: يا بني؟ أراك عصى الدمع شيمتك التضحية؟؟ ما الذي يجبرك على تنفيذ كل رغباتها!؟ منذ متى وهذا طبع إسرائيلي أصيل؟!
أيهم بابتسامة لعوبه: لا أحب أن أكون مثالا لشخصية رسمها لنا القدماء؟ أحب أن أكون فريد من نوعي... لا نسخة من أحد سبقني أو حتى معي الآن؟!
دانيال بإعجاب: يالك من شخصية قوية أيها الشاب؟ كم عمرك أنت؟!
أيهم: في نهاية العقد الثاني
هز دانيال رأسه بإيجاب: نعم؛ إذا أخبرني ألا تخاف من شيء؟!
أيهم بثقه لا متناهيه: مما أخاف يا هذا؟! تخاف الأرض مني !
دانيال بضحكه: يالك من مغرور... أغرب يا هذا شغلتني عن عملي
غادر دانيال الممر فمسح أيهم وجهه الذي تصبب عرقا عندما عبرت خلفه غزالته ولكنه استطاع إلهاء الرجل عنها فلم يلمح طيفها حتى: هتموتني ناقص عمر؛ دي غزل، غزل الطفلة الغبية اللي كانت بتعيط في حضنك لما جابت جيد جدا في مادة ! مستني منها ايه؟ تفكر بعقلها مره واحده؟؟ لا حاشا وكلا
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
في أم الدنيا مصر العربية الإسلامية.. بإحدى الأحياء الراقية حيث تقع الفيلا خاصتهم التي لا يجب أن تنعت باسم فيلا بلا إنها لقصر متكامل
جلس ببيت خشبي على جانب بعيد داخل الأرجوحة ممسكا بالايباد يرى صوره مع عمه يمد يده الصغيره ليقوم بعمل زووم على أنف عمه ثم وضع إصبعه عليها وهتف بصوت خافت للغاية: كاجول
ثم عاد يضع إصبعه على أنفه: بدله؟
أيهم ضاحكًا وهو يضع إصبعه على أنفه الصغيره: بدله !
تأفف أيهم بطريقة مسرحية ولمس أنفه مره أخرى: حمزة هينفخنا؟؟ كاجول؟
نفى الصغير عندما هز رأسه رافضا: بدله؟
أيهم: لا ياعم شوف التقليد برضو؟! خلاص نتفق اتفاق بسيط؟
الصغير بضحكات طفولية يعشقها أيهم كما يعشقه: لو عجبني اوك؟
أيهم: ايي وربي اللي كنت بعمله في حمزة بينعكس عليا؛ ماشي... هنجيب اللبس زي بعض ولو في اختلاف بسيط احنا الاتنين مش هنروح الحفلة تمام؟؟
الصغير بتفكير مصطنع: امممم هتلبس زيي ليه بقا؟
أيهم ببراءة مصطنعه: علشان انت مشهور يا حبيبي وانا غلبان مقصوف الجناحين.. يمكن أتشهر زيك؟!
كانت ضحكات الصغير التي تعالت هي من رسمت البسمة على وجه أيهم فحمله من رجله فأصبح معلقا على الهواء يمرجح يديه بقلة حيلة فانحنى أيهم وأبقى يده للأعلى فرأى الطفل وجه عمه المقلوب بالنسبة له فأخرج أيهم لسانه بطريقة فكاهية مضحكة للغاية
دخل حمزة في تلك الأثناء ينظر لكلاهما بصدمة حقيقة
حمزة بغضب: انت يا زفت ايه ده؟!
قفز أيهم حاملا ابنه بين يديه فأغمض الصغير عيناه بامتعاض مصطنع من شقلبته له وكأنه لعبة ولكنه يعترف أنه مهما فعل عمه فسيبقى بطله؛ سيبقى هو منبع الحنان واللعب ورسم البسمة على وجهه؛ سيظل حتى ولو بعد حين محور سعادته؛ لأنه حتما يحبه بجنون كما يعشقه أيهم !
حمزة: الحفلة بالليل يا زفت منك ليه..، قاعدين بتعملوا ايه؟
أيهم: لسه صاحيين.. مجبناش لبسنا فبنسلي وقتنا على ما نتفق بدله ولا كاجول !
ضرب حمزة كفيه بنفاذ صبر: يا متخلف كاجول ايه اللي هتلبسه؟
أيهم: اووووف مبحبش البدل المقرفة دي وانت عارفني
حمزة: هم كام ساعة مش أكتر..
أيهم بضيق: ومين هيشهد للعروسه؟؟
حمزة: يابني هي كانت من باقي أهلي؟!
أيهم: خلاص يبقى اروح ليه؟ أنا واحد مبيحبش الحفلات اللي من النوع ده؛ مش هي اللي انا عايزو؟؟
حمزة: لا بجد يا أيهم فاضلك معايا تكه.. قوم يالا أنجز وقتك؛ اصل آخر حاجه تتوقعها انك مش هتروح
تنفس أيهم بغضب ثم هتف وهو يضغط على أسنانه: ماشي... بما انك نكدت عليا وعلى اللي خلفوني؛ تلعب يا زومي؟؟
حمزة: اه ألعب وماله؟ هنلعب ايه بقا سيادتك؟ ع الشناكل؟؟
انفجر أيهم ضاحكًا بجنون: كح.. كح لا ياعم؛ شايف البتاع اللي هناك ده؟
كان جيتار فنظر له حمزة بهدوء مميت فأعاد أيهم الجيتار مرة أخرى بهدوء مماثل فغادر حمزة جناحه متقضب الوجه من تصرفات أخيه التي ستصيبه بالجنون يوما ما؟
جلسا كلاهما على السرير على نفس الوضعيه يتأفف كلاهما بصمت
نظر أيهم لابن أخيه بتكشيرة طفولية تعلن عن عدم رضاه لما حدث: نكد علينا منه لله؟
الصغير ضاحكًا: اه .. اعزف يا هيما؟
أيهم بتكشيرة: مبعرفش ياخويا .. صغيره باستغراب: الآلات دي كلها بتاعت مين؟
أيهم: بتاعت حمزة أيام إيطاليا يا سيدي.. ابن اللذين عليه لحن، منك لله ياللي كنتي السبب
تعلق الصغير بأخر ما تفوه به فقفز على صدره فضمه أيهم بحب وحنان: بجد بابي بيعرف؟
ضحك أيهم: ايوا .. يلا ننزل خلينا نخلص من ام اليوم المقرف ده
أطلق تنهيدة مريره قائلا: أيهم؟!
خلع ابنه الهاند فري عن اذنه ثم نظر لوالده ولم ينطق بأي شيء فقط ينظر لعينه يرى مدى الشبه بين كلاهما ولكن الاختلاف هو الشيء الوحيد الذي استشفه.. فأيهم حبيبه وصاحبه قادر على إضحاك الصخر؛ ابتسامته له نابعه من قلبه وليست مصطنعه، فهو يأخذه لينام بحضنه، يلعب معه، يحكي له قصص أكشن جذابة؛ قصص الأطفال هذه دائما ما يرى أنها لا تناسبه فلا يجعله يتطرأ لقراءتها أبدا؛ ودائما ما يخبره بأنه قوي مثله ومثل أبيه وأنه في يوم من الأيام سيتحمل مسئولية هذه الإمبراطورية العريقة .. فلا يجب عليه الانشغال بكرتون الأطفال ورسومه المتحركة التي لا تجدي نفعا؛ فصنع له بروتوكول خاص مواعيد للنادي ومواعيد لا تتعارض مع موعد شغله يعلمه بها تدريبات قاسية؛ وعند بداية التدريب ينسى أنه عمه الذي يداعبه طول الوقت ويندمج كلاهما في التدريب الشاق وتبدو لهجته جافة كأنه لا يعرفه؛ هو فقط مدربي وأنا طالبه؛ يذهب كلاهما للسفر في عطلة نهاية الأسبوع لزيارة بلدان العالم المختلفة؛ يعلمه الرسم ويذاكر له دروسه ويوم بنهايته مخصص لسماع فيلم رعب.. يعامله وكأنه بلغ من العمر الشباب وليس طفلا مازال لم يتجاوز الرابعة !
حمزة بابتسامة جذابة: لقيت الاختلاف بيني وبين أيهم؟
أغمض الصغير عينه يلعن غبائه: حضرتك عرفت ازاي؟؟
حمزة: فراسة؟
ابنه بهدوء: عارف ليه في اختلاف؟! علشان هيما لما كنت بضايق ومش عايز اروح المدرسة بيلبس uniform ويدخل معايا؛ في أصعب المهام بيرن عليا يسألني انا عامل ايه؟ بيزعل لما مش بكلمه... بيفسحني ويعلمني حاجات كتير اوي..، إنما حضرتك لأ؛ حضرتك يا بابي بتفكر في الشركات ونجاحك في السوق وصل لحد فين؛ عارف حضرتك اسمك ايه؟؟ خطر.. لأنك كده فعلا؛ طول الوقت حضرتك في الشركة وسفرك لإيطاليا وغيرها كتير اوي.. تفتح فروع وتنجح دول أهم حاجة في حياتك؛ عايز العالم يذكر اسمك من أهم رجال الأعمال على مستوى العالم وبس؛ عايز العالم يذكر تقدمك ونجاحك وقبل ده كله لازم العالم يذكر انك بتعمل عمل الخير وتساعد الفقراء؛ عايز تقول للعالم أن حمزة العسيلي مش بس عايز الناس تشوفه طامع في الأموال لأ عايز تغير نظرتهم فيك بأنك أعلنت عن مؤسسة الفتح الخيرية العالمية؛ صح كده؟!
كان مذهول من جراءة ابنه أو بالأحرى قلة ذوقه على الطريقة اللي بيتكلم بيها مع أبوه؛ هو لازم يفهم أنه والده مهما يحصل.. هو شايفه طماع؟ شايفه عايز ينجح ويكبر علشان العالم يسرد اسمه في سطور؟ شايفه بسوء التفاهم اللي حصل وأعلنوا عن المؤسسة بدون علمه أنه كدا بيظهر للعالم أنه كويس؟ هو ازاي شايفه بالبشاعة دي؟ طول عمره مبيفكرش ف نفسه وواهب عمره لعمل الخير وعمره ما أعلن عنه علشان عارف نتيجة ده .. فبص لابنه واستقبل كلامه ونقده ليه بابتسامة هادئة للغاية: حبيبي كل إنسان مننا عايز يكون ناجح؛ علشان كلنا عندنا أهداف وعايزين نحققها وإلا كنا اتخلقنا في الدنيا ليه؟! حبيبي انا لو بتعب وبفكر ف الشركات والشغل والعالم المحيط فده طبيعي عايز اجهزلك حياة كويسه تنشأ فيها؛ عمر تعب الإنسان وسعيه في الدنيا ما كان يدل على طمعه .. حبيبي ربنا كلفنا بالسعي وقال يا عبدي اسعى وانا أسعى معاك... ومش علشان انا الحمد لله ربنا وفقني في حياتي العملية ونجحت وحققت نجاح باهر من وجهة نظر أشخاص ومن وجهة نظر أشخاص تانيين ناجحين ده مش نجاح؛ يبقى اسمه طمع يا حبيبي لا.. عايز اقولك ان شغلك ده كريرك فيما بعد..؛ لو نجحت فيه حد هيتهمك بالطمع؟
أيهم: لأ
حمزة بتنهيدة: كده فهمتني ووصلك مرادي..، عارف حبيبي رسول الله صل الله عليه وسلم كان لما يتصدق بشيء ما في اليد اليمني فلا تراه اليسرى وده بالضبط اللي المفروض اننا نحييه من جديد ومش نعلن عن العمل الخير اللي بنقدمه وإلا ميبقاش اسمه عمل خيري..؛ اه المؤسسة تبعي بس الإعلان عنها كان بسبب سوء تفاهم في الشركة إنما المؤسسة مكنتش معروفه من لحظة ما تم افتتاحها إلا للعاملين فيها وأيهم وكوكي من أكتر من تسع سنين محدش يعرف عنها؛ بس للأسف سواء التفاهم كبر وكسر الحواجز.. المهم انا مش عايزك تشغل بالك بالأمور دي؛ بص لليوم اللي هتحقق فيه نجاح كبير اوي زي أيهم !
الطفل باستغراب: وليه مقولتش تحقق نجاح زي حضرتك؟!
تبسم حمزة باتساع ليردف قائلا بحنان: مش هجبرك تحقق نجاح زي مين فينا احنا الاتنين النهاردا وصلنا وحققنا أهدافنا؛ وانا شايف انك متعلق بأيهم وبتحبه اوي زي ما هو بيحبك، وفيك كتير منه فبالتالي أكيد هو بطلك ولما تكبر وتفهم معنى تحقيق حلم هتكون شايفه مثل أعلى ومش أنا؛ علشان كده ليك حرية الاختيار تحب تعمل ايه وتمشي في أنه طريق .. مش هجبرك تمشي في طريق انا سلكته انت ليك الحرية تدرس ايه وتعمل ايه؛ علشان انا عمري ما فكرت اني هتحكم فيك واصحح أخطائك لا؛ انت من حقك توقع وتقوم وتسند نفسك بنفسك عشان يوم ما تتحط في أصعب موقف.. متخافش وتكش؛ علشان ميكنش اعتمادك كله على والدك أو حتى عمك لأننا مش دايمين يا أيهم؛ المهم ان شعارك دايما يكون التفوق ومش مجرد نجاح فاهمني يا حبيبي؟
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
بإحدى الأحياء الراقية في أمريكا
كانت تحضر دروسها باندماج وتركيز عالٍ فها هي الأخرى لا تقل عن اخوتها الذين تحسبهم ليسوا من عالم البشر في معظم الأوقات؛ مذاكرتها جادة تأمل اليوم الذي سيهديها حمزة وكالة للفاشون كما وعدها مسبقا، لأنها مجنونته حقا
كانت ترفع شعرها كعكة فوضاوية تتمرد منها خصلات ناعمه على وجهها مما يجعلها تتأفف وتقوم بنفخه بعيدا عنها فهذا ليس وقت المزاح.. ترتدي بيجامة كرتونيه تكاد بلوزتها الفوقية تغطي خصرها فكانت فاتنه أكثر مما هي عليه
فتحت الباب بجهاز التحكم بغير وعي منها فهي حسبتها الداده لكن حدث ما لم تكن تتوقعه
بلم لما شافها بالمنظر ده... هو لسه فاكر ان ده لبسها في العادي وهو مدخلش غير لما أذنتله هز رأسه برفض قاطع وأخفض نظراته أرضا ينهر نفسه بجنون... مازالت طفلة بريئة يا سليم فوق وكفاية الوهم اللي انت عايش فيه؛ دي حتى لبسها كرتوني والمصاصة في بقها؟
هتفت مليكة باندماج مع الجهاز الذي أمامها تستذكر منه دروسها وتأرجح المصاصة يمينا ويسارا: ماذا بك يا داده؟ هل جئتِ لتتأكدي من الدواء؟ لم أفعل صدقيني لقد تناولته؛ دعوني وشأني ماذا بكم؟ لا تعرفون رؤية وجهي إلا للدواء الدواء لقد سئمت !
رق قلبه العاشق الولهان لحال هذه البريئة التي أفتك المرض بحياتها فأصبحت الأدوية جزء لا يتجزأ من حياتها
حمحم سليم باحراج: لوكا ده انا؟
مليكة بضحكه جميلة: اوووه اتحاولين إخافتي؟ لن يدخل سليم إلى هنا فلتلعبي....... صعقت بفزع عندما أدركت ما الذي حدث منذ ثوان فاستدارت بكرسيها ببطء تنظر له ببلاهة وجفونها ترمش مرات عدة
سليم باستغراب شديد: احم .. انتي كوي...
صرخت بغضب لا يناسبها أبدا ووشها اتصبغ باللون الأحمر ودموعها اتجمعت في عنيها وبتشاورله يخرج: اطلع براااا .. عيطت: يا داداااااااااا؟
سليم اتصدم ووقف مجمد زي اللي اندلق عليه جردل ميه متلجة مش فاهم ايه اللي حصلها فجأة صابها بالذعر للدرجة دي: مليكة اهدي .. مالك؟؟! اهدي حاضر حاضر هخرج
خرج من غرفتها بسرعة البرق عقب دخول الداده قائله برعب: لماذا تصرخ مليكة؟ ماذا فعلت يابني؟
سليم بتوتر: لم أفعل شيء صدقيني.. فقط فتحت لي الباب وعندما دخلت لاودعها حدث ما حدث
هزت الداده رأسها بتفهم: إهدأ حبيبي.. اطلب الطبيب
سليم بصدمة حقيقة: افندم؟ سأطلب الطبيب لأنها أصيبت بالذعر عندما رأتني داخل غرفتها؟
الداده بتوتر: لا أعلم اطلبه فحسب
هز سليم كتفيه مستسلم وانتظر عدة دقائق حتى جاءت الطبيبة وقامت بالكشف عليها وحقنتها إبرة مهدئه ثم خرجت وهي توزع أنظارها بين كلاهما بتوتر مماثل فها هي الأخرى لا تعلم ما أصابها وحتى أنهم لم يعطوها مبرر تبني عليه تشخيصها للحالة
سليم بخوف: كيف حالها الآن ما الذي أصابها؟؟!
الطبيبة: أعلم أن تشخيصي لحالتها قد يبدو معقدا بعض الشيء وقد يكون أيضا غير مطابق لما هي عليه الآن ولكن....
سليم بنرفزة: أهي بخير أم لا؟
الطبيبة: نعم إنها بخير لكن أبعدها عن أي شيء سيء رأته جعلها بحالة الذعر هذه
رنت في أذنه كلمة سيء ألهذه الدرجة أذنب ليكن بهذه الوحاشه بوجهة نظرها؟! سيغادر من هنا فورا ولن يتكرر ما حدث ولو صدفة.... سطر هذه الكلمات مودعا إياها قائلا: أنا آسف كانت نيتي صافيه صدقيني؛ كنت جاي اسلم عليكي لأني ماشي؛ مكنتش اقصد أبدا ادخل اوضتك ولا أكون متطفل.. على فكرة انا خبطت على الباب مره تانيه بعد ما فتحتيه بس تقريبا كنتي مندمجة؛ انا آسف جدا صدقيني اللي حصلك ده عمره ما هيتكرر تاني أبدا؛ استحالة أكون سبب في أذى ليكي انتي أختي الصغيرة يا لوكا ودلوقتي الوداع !
هبطت دمعتها الساخنة بحرقه عندما كانت تقرأ هذه الورقة التي تركها لها مع الداده
مليكة بدموع وصوت مبحوح للغاية: ناوليني هاتفي يا داده من فضلك
ناولتها الداده الهاتف ومسحت على شعرها برفق: تفضلي يا صغيرتي.. ولكن لا تهاتفي حمزة الآن وإلا سيقلق يا حبيبتي؟
مليكة بنفي: لا أستطيع.. أود سماع صوته بشدة
الداده بتنهيدة: يا حبيبتي أنه أخيك ولابد أنه مشغول الآن؟!
مليكة: لقد أخبرني أن أهاتفه وقت ما أشاء..؛ فهو لن يغضب مني
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
مرء اليوم هادئ بدون أحداث؛ حزين على البعض؛ تفكير دائم على البعض الآخر؛ وبالأخير سطعت شمس اليوم الجديد
مونيكا: ما رأيك بهذا التصميم لكِ؟؟
نظرت غزل لما بيدها ثم ابتلعت ريقها بصعوبة: آسفه لا ارتدي مثل هذه الأشياء؟
قامت مونيكا بسحب كرسي وجلست بالمقابل لها؛ مدت يدها تلتقط سيجارة تتنفس هواها المسمم باندماج: ألا تشعرين بأنك تخفين جمالك وتقتلين روح الفتاة التي بداخلك؟
غزل: هل روح الفتاة التي تتحدثين عنها ستحيا بالعري؟
رفعت مونيكا عيناها لغزل ترى كم القوة التي تحظى بهم الفتاة وأدركت كم الخطورة بوجود عربية مسلمة بينهم: كما تشائين لن أجبرك على شيء لا تودين فعله؛ لكن أود أن أسألك هل ممكن؟
غزل: نعم تفضلي؟
مونيكا: بما أنك حادة لهذه الدرجة ومتمسكه بدينك لمَّ تزوجتي إيثان؟!
غزل: أنه كاذب ومنافق؛ لقد تزوجني على أنه عربي مسلم؟ ترى ما الذي عليَّ فعله سوى أن أفكر بالهرب؟
ضحكت مونيكا بصخب: وعندما هربتي؟ هل استطعتي الوصول للسفارة المصرية؟!
غزل: لقد رأيتها مسبقا في فيلم عندما حاولت التملص من بين يدي المغتصب اليهودي ولم تستطع إيجاد السفارة المصرية فلم أفكر أني سأهرب بنفس الطريقة؟!
مونيكا بصدمة: عما تتحدثين أيتها البلهاء؟ هل تري نفسك من العمالقة الشداد؟؟
قطع كلامهن دخول أيهم فلا اراديا قفذ قلبها من السعادة وهدأ إضطراب عقلها ليشعر بالأمان المطلق بينما مونيكا فقد تبسمت له باتساع ليردف هو بهدوء: لقد جاءتك هذه الدعوة
أمسكت بذراعه بقوة فنظر لها بعدما قد رأى غزل وهي تغمض عيونها من القهر: ألن تأتي معي؟
تبسم أيهم: سأذهب معك بالطبع وبلا شك
خرجت غزل من مكتبها بحجة أنها تريد صلاة الظهر وهي لا تعلم أن كان ارتفع أذانه أو لا بعد أن استفسرت مونيكا سبب خروجها المفاجئ: سأذهب للمنزل لأداء صلاة الظهر؛ أنه قريب
ضربت مونيكا بيدها موضع قلبه قائله بدلال ودلع أنوثي: ألن يحن هذا؟!
أمسك أيهم يدها قائلا بهمس محطم لقلبها الهش: لن يحن هذا أبدا؛ أنه لشيء صعب الوصول إليه !
مونيكا: لمَّ؟؟
أيهم: حوله جدران مانعه .. دعيني أذهب لعملي حتى أستطيع الذهاب معك إلى حيثما تشائين
ابتعدت عنه مونيكا فخرج هو يلحق بهذه الحمقاء الصغيرة مر من جانبها فهمس لها: ادخلي من الباب الخلفي هتلاقيني هناك؛ يلا مفيش وقت
غزل بدموع: أيهم.. متسبنيش انا خايفه !
أيهم بجمود وبرود ليس له مثيل: قولتلك الوقفة دي متنفعش؛ انجزي
دخلت من الباب الخلفي زي ما قلها ودموعها متجمعه في عنيها ونفسها تصرخ وتلومه؛ لأنها عارفه انه هيستحملها زي ما كانت بتلومه على كل حاجه وبيسمعلها بمنتهى الهدوء.. ولما تهدى هترجع تعتذرله؛ عايزه بعلو صوتها تقوله أنها لسه بتحبه.. لسه عايزاه لسه عايزه قربه منها؛ هو وحشها بطريقة فظيعة؛ وحشها لدرجة مجنونة... درجة خطر؛ تلات شهور بالضبط زي تلات سنين.. لكن فرق شاسع التلات سنين دول كانوا فراقك وبعدك عني... والتلات شهور هم بس اللي قضيتهم معاك.. بص يا أيهم شهور البعد كتار اد ايه؟
بصلها عادي جدا وكأنها مش وحشاه ونفسه دلوقتي ياخدها في حضنه ويقولها لسه بحبك ومجنون بيكي
اتكلم بعد ما الصمت طال بينهم بكل جمود ووشه خالي من التعبيرات: خلاص هانت... النهاردا مثلي انك مريضه ومش هتروحي الحفلة اللي جوزك كمان مدعو عليها؛ وقت خروجه من باب الشقة هتلاقيني أدام عنيكي متخافيش .. اعرفي الحفلة كام ساعة علشان معنديش أدنى فكرة؛ ومينفعش استعلم عن كل اللي عايزو من مونيكا وإلا هتشك ان في حاجة مش طبيعية اوك؟؟!
غزل بدموع وصوت مبحوح: حاضر
أيهم بنرفزة: بطلي عياط.. اهدي
شهقت غزل بفزع عند سماع صوته الغاضب فارتعش جسمها برعب: آسفه
مسح وجهه بنفاذ صبر: اهدي خلاص مش هعلي صوتي
مسحت دموعها بظهر يدها كالطفلة: هترجعني مصر امتى؟!
أيهم: بكرا ان شاء الله
غزل بصدمة: مفيش خطر علينا؟! احنا مش أقوياء زيهم؟
أيهم اتنفس جامد .. سحب نفس طويل عشان يتحكم في نفسه بس في اللحظة دي حس نفسه مش طايق وجودها قدامه: حياتك مش في خطر أبدا متقلقيش يا مدام.. أما أننا مش أقوياء زيهم فده عقم تفكيرك .. أنا التنين الأسطورة لو فكراني ومش شهرين تلاته ينسوكي .. عن إذنك
مسكت ايده ودموعها بتنزل بقهر وحزن ملأ قلبها: آسفه مكنش قصدي اقولك كلمة زي دي؛ أيهم أنا غزل يا أيهم؟! بتكلمني كده كأنك متعرفنيش ولا عمرك شفتني وانا بالنسبالك مجرد مهمة؟ أنا غزل حبيبتك؛ أنا بحبك
قهقه أيهم بسخرية: بجد والله؟! عارفه الكلمة دي كنت بحتاجها منك في أصعب الأوقات اللي بتمر عليا في حياتي وكنتي بخلانه عليا بيها؛ لأسباب مش مقنعه بصراحة.. انتي كنتي ساكته وانا كنت ساكت عشان مجبور اسكت؛ عشان مش عايز اعذبك معايا واعيشك في عذاب وحتة انك أرمله من الأرامل تلاحقك زي ضلك بس مفهمتيش.. عارفه لو قولتيلي الكلمة دي من أول مره شفتك فيها كنت عملت فرح كبير وأعلنت حبي ليكي
اتنهدت وبعدها بصتله: مش هنتعاتب هنا يا سيادة المقدم
أيهم بضيق: مسميش زفت؛ اسمي راشاميم مفهوم؟!
غزل بدموع: مفهوم
الليل طلع وأيهم بدأ يلغي دور قلبه أكتر علشان دلوقتي وقت الجد؛ وقت أنه يبص لغزل اللي حياتها في خطر أكتر منه هو شخصيا وده اللي مش ممكن يسمح بيه؛ وقت ان مهمته خطر جدا ولازم يفكر بعقله
في شقته وبيلبس.. جهز نفسه وزودها بكل شيء هيحتاجه
أما هي فكانت في عالم تاني مليان حزن بس؛ خلاها معدتش غزل تايمته الوردة البيضاء الناعمة اللي في حياته
دق إيثان الباب: غزل.. جاهزه؟
غزل: لا ومش هروح معاك اي مكان تاني
إيثان بحنق: تمام... أنا ماشي؛ هتأخر
غزل بخفوت: اللهِ تروح ما ترجع... يلا سكة الندامة
في نفس اللحظة اللي اتقفل فيها الباب أيهم كان بيرمي حبل يقدر يتسلق بيه المبنى اللي ارتفاعه كان شاهق
مكنش فيه غير شباك التواليت اللي متاح بالنسبة له فتحه بمنتهى الهدوء فهي لما خرجت هو ضحك وهز رأسه مش مصدق .. وضحكه كله سخرية فرفعت حاجبها باستنكار؟
غزل: مالك؟؟
أيهم بضحك: لا أبدا مفيش... كان بيتكلم وبيقلب بعيونه يكتشف كل ركن في البيت شاورلها على أوضة ومصمص شفايفه بضيق فشل في كبته: امممم دي اوضته؟!!
انفجرت فيه من غيظها ووجعها وتعبها من إحساسها بالوحدة وهو مش حاسس بيها نهائي... مش حاسس بتعبها وأنها عايشه في سجن من أربع حيطان مبتشوفش غيرهم حتى فاطمة اللي بتخفف عنها مسمعتش صوتها من شهرين كاملين.. ولا أختها ولا حتى الحمقا صحبتها وابن أختها من اليوم المشئوم ده مسمعتش صوت حد: هو مش جوزي ومفيش بينا اي حاجه.. ولو شايف لبسي ده فأنا مغيرتوش من ساعة ما رجلي عتبت ه.....
أيهم حس بحاجة غريبة أو الباب هيتفتح فبسرعة اختفى من قدامها
وقف ورا التلاجة بجنبه فمكنش باين أبدا... ساعتها فعلا الباب اتفتح ودخلت أم إيثان اللي بصتلها بحيرة وقرف، اخدت جهاز غريب غزل مفهمتش هو بتاع ايه بالضبط فمتكلمتش لحد ما الباب اتقفل فهي اتنهدت
أيهم بغضب: هتفضحينا بصوتك المسرسع ده؛ معطهاش فرصة تتكلم ودخل الأوضة اللي لاحظ في ثانية دخوله الكاميرا الموجوده فيها؛ سحب الستارة التي تشبه الخشب من مقبضها فارتفعت لأعلى... ظهر أسفلها جزء مربع صغير للغاية فرفع حاجبه مستنكر لأنه ملوش حتى فتحه يادوب متحدد بقلم جاف أسود على شكل شباك
غزل بذهول وصدمة حقيقة حليفة قسمات وجهها البريء الذي خيم عليه الحزن: ايه ده؟! وانت عرفت ازاي أن في حاجة هنا؟؟
أيهم بهدوء: شايفه ديكور الأوضة؟ غلب جناحي آخر صيحة.. منظرها دخل قلبي اوي؟ لو ليا عمر هغير ديكور الجناح على الهيئة دي
غزل وهي تجز على أسنانها بغيظ: سيادتك بتهزر؟!
أيهم: سألتيني وانا بجاوبك بطريقتي... الأوضة كل حاجه فيها بتدل على الفخامة ماعدا الستارة دي من أيام جدي اللي معرفوش.. فطبيعي مش واحد زي إيثان يحب الحاجات الأثرية للدرجة دي
غزل باندماج معاه لأنه بدأ يجذبها لكلامه كالعادة: عادي يا أيهم.. انت مش شايف حاجه غير الحيطه؟!
أيهم: تعالي قربي.. بدأ يشاورلها على الخطوط المتقطعة اللي راسمه شكل الشباك اللي هو شايفه وده أكدله أن في حاجة تحته وجاحه مهمة اوي كمان
رفعت غزل رأسها له قائله بعدم استيعاب: المفروض عنيك زرقه يكون نظرك ضعيف عشان عندك نقص في صبغيات......
مقدرش يمنع نفسه من الضحك فهي جزت على أسنانها: رجعت لعجرفتك من تاني؟ رخم بصحيح
تمالك أيهم نفسه وكبت ضحكاته قائلا: نظري 36 على 6
غزل: وال30 دي من عندك ان شاء الله؟؟
أيهم: غبية؛ 36 على 6 فيها 6 برضو ... هاتي سشوار؟
غزل بعدم فهم وترقب ريإكشنات وجهه: هتعمل ايه؟!
فتح صوابعه اللي عليها أثر لون البويا بتاع الحيطه: شايفه لما لمست المكان ده؟ ده اللي حصل... معنى كده ان هنا في أرقام وانا مش عارف أماكنهم لأنهم مدهونين ببويا ترابيه خفيفة يادوب بتضيف لون يظهر للي هيشوفه كأنه لون الحيطه وان موضوع الستارة ده طبيعي فاهمه؟! وبرضو لو مسحت بأيدي جايز ازيد الطينه بله إنما السشوار هيشيل اللون بس وهشوف الأرقام علشان هنا في خزنة
غزل بصدمة: لا أكيد انت مجنون أو مش طبيعي؟ هو في حد دماغه سم زيك؟
أيهم ببرود صاعقي: اه الأقوى مني..! كانت بتجبله السشوار وأول ما قال جملته دي اتعلثمت وكانت هتوقع فهو سندها واخد اللي في ايدها وفعلا زي ما فكر بالضبط ودلوقتي مهمته يعرف الباسورد اللي اتصدم لما مكانش أرقام وحروف عادية؛ بس ابتسامته الواسعة ظهرت لما عقله استوعب أن الحروف دي كتابة إسبانية وحروف اسمه واسمها هم الباسورد.. بس مرتبين بأي طريقة لا يعلم
كان في ايده جهاز كشف بصمات استعلم عنه قبل رحلة عذابه وتألمه في صمت مرر الجهاز على الحائط ليلقي بقعة حمراء داكنه على الأماكن التي سبق ولمسها أحدهم
غزل باستغراب: لحقت تحفظهم؟؟
أيهم: مالك انتي فقدتي ذاكرتك ولا ايه؟؟؟
ضغط بالضبط مكان ما دله جهاز البصمة فالحيطة دي فعلا انفتحت وكان وراها خزنة عليها علامة الموت وجنبها شكل يد مرفوع على رقم 2 بالسبابة والوسطى
فتح الخزنة بكل بساطة فغزل ساعتها اتكلمت وياريتها ما اتكلمت: أيهم؟ أنا حساك حرامي؟؟!!
لم يعايرها اي اهتمام لأنه إذا التفت لها سيقوم بفصل رأسها عن باقي أعضاء جسمها هذه المغفلة البلهاء
أخرج منها مثل أجهزة تسجيل صوت؛ أخذ كلاهما رافعا إحداهما على أذنه لسماع ما يدور بينهم فإذا هي رموز وشفرات خطيرة ستدمر الموساد الإسرائيلي بأكمله
أول خطوة قد مرت عليه بسلام... فهذا سيسهل عليه إختراق ما يريد...
أيهم بسرعة: دوري معايا على كارت دخوله مبنى الموساد.. انجزي معنديش وقت
في نفس اللحظة وقعت عيون أيهم على الخزنة اللي فيها ما يشبه جيب سري خطير: ششش متدوريش؛ هاتي صباعك
غزل بغيظ: اهو... وضعت إصبعها حيثما دلها فإذا بهذا الجيب السري يفتح فأخذ الكارت والابتسامة الخبيثة تزين وجهه: فين مسدسه؟؟
غزل بعدم فهم وهي بتناوله المسدس: ليه؟؟ وهو نازل شغله بيكون ده معاه
أيهم اتجاهل سؤالها: تمام.. مسك المسدس وفرغ الرصاص مسبش غير واحده بس واخد باقي الطلق في جيبه
غزل مسكت ايده ودموعها بتنزل بخوف؛ هي حاسه شعور غريب جواها وكأنها آخر مره هتقابله فيها: متقوليش انك هتدخل جهاز الموساد يا أيهم؟؟
بص فى عنيها وشاف اد ايه لسه بريئة؛ أد ايه حب بتكنه ليه موجود في عيونها واد ايه خوف بل رعب جواها هي بجد بتخاف عليه ولا ده واجبها تجاهه؟ لأنها مدينه ليه بحياتها وإنقاذها من البلد دي
أيهم: خلاص هانت هترجعي بلدك.. امسكي ده آسف في اللفظ منوم؛ حطيه لإيثان هينام لمدة 11 ساعة وده المطلوب بس .. عن إذنك
بسرعة خرج زي ما دخل ورجع شقته غير هدومه وراح لمونيكا زي ما وعدها هيروح معاها الحفل
...........
راح الحفلة بسرعة بيتجنب إيثان على اد ما يقدر لأنه عارفه؛ فغير لون أعينه ونظام اللوك لدرجة أن مونيكا معرفتوش.. الحفل بالنسبالة كان مهم جدا علشان يعرف إيثان وطريقته وازاي بيتعامل مع الطرف المعاكس والأحرى علشان يعرف ليه غزل؟ اشمعنا هي...
رجع بيته وفتح اللابتوب وحوار ساخن بينه وبين القيادة
أيهم مندمج جدا في فك شفرات الرموز الكلامية اللي كان مسجل وهو أخده من خزنة إيثان اللي كانت في بيته والمدير بيكلمه بيحذره من جنونه: متدخلش هناك يا أيهم؛ الشنطة مش في المبنى
قلم بيده ومش مركز غير في الورق اللي شيفاه عنيه وخريطة الخطة النظامية اللي عملها على الحيطة: واثق اوي سعادتك !
المدير بضيق: اوك يا أيهم مش واثق لكن اللي بتعمله ده هيهد كل شيء هيدمر تعبك لأنك مش هتقدر تنجح
أيهم بلامبالاة: للأسف الشديد هنجح...
المدير: وان شاء الله الكل مطمنلك؟!
أيهم: وانا مش عايز حد يطمن ده الهدف بالضبط.. أحب اقولك لحظة سحبي للشنطة *****
المدير اتفزع وبرق ووقف من مكانه من الصدمة اللي كأنها ألجمت لسانه.. وبعدها الإتصال انقطع وأيهم تركيزه زاد وبدأ واحده واحده يفك شفرة الحبر السري.. ويفهم الريكوردات اللي سرقهم .. حتى حلقت ابتسامة عريضة ثنايا وجهه.. بدأ بإختراق أجهزة الكومبيوتر المتصلة بالموساد مما أدى إلى حالة إضطراب وفزع لا مثيل لها
تاني يوم أيهم جهز نفسه هيدخل الموساد الإسرائيلي مستغل حالة التوتر والفوضى اللي سببهالهم امبارح تعبيرات وشه جامده اوي تفكيره هادي.. جفونه مش بترمش حتى والخوف ميعرفش لقلبه طريق
إتصال من القوات المسلحة المصرية: متحاولش؛ فاضل دقيقتين !
المدير رايح جاي في القاعة متوتر جدا وبيحاول يشتته عن اللي في دماغه وإلا هيكون ضحية جنونه اللي مش محسوب: عدنان معاك يا أيهم والقوات اللي معاه هيحموا ضهرك..
أيهم: الدقيقتين خلصوا .. عن اذن سعادتك
كان بيتكلم وهو واقف بكل ثقه قدام المبنى.. مد الكارت فتم الكشف عنه ثم دخل؛ وبدون أي شوشرة هو عارف ايه هدفه اللي مكنش صعب الوصول إليه وهو مكتب إيثان
أول ما دخل عنيه شافت كم التوتر اللي هم فيه؛ أعصابهم هشه مش مستحمله النفخ ..
في مبنى المخابرات المصرية الدنيا مقلوبة رأسا على عقب مش مستوعبين عدم تصديقه لخطورة الموقف؛ التوتر حليف الكل ضباط من كل الفئات وعساكر ولواءات والقاده الكل بيتكلم عن الحدث ده وخوفهم من أنهم يخسروه ده كان أصعب شيء في الموضوع؛ بيراقبوا حركاته بصمت ولحظة ما رجله خطت مكتب إيثان قلوبهم وقفت.. أيهم كان بيقلب الورق الموجود في المكتب لحد ما سمع صوت حد وراه واقف بيبتسمله ابتسامة سمجة .. فوقف وعلى وشه نفس الابتسامة
إيثان: كنت عارف انك جاي .. لكن اتمنى تكون لقيت اللي بتدور عليه؟
أيهم بلامبالاة: للأسف الشديد ملقتش حاجه !
إيثان بغضب: وحياة أمك يالا؟!
أيهم بهدوء: تؤتؤ ليه نغلط واحنا مش اد الغلط؟؟
بدأت الحرب عند هذه النقطة.. فإيثان مهاراته مقاربه لمهارات التنين
وجه إيثان مسدسه على رأس أيهم مباشرة ولكن على نفس البعد الذي بينهم وهو لأنه قناص بارع لم يكن بأوسع مخيلاته أنه يتفادى ضربته عندما قفز بحركة بارعة فأصابت الرصاصة الحائط من خلفه... فدرفع رجله مطيحا بمسدس إيثان أرضا
هب أيهم واقفا على قدميه ينظر لجميع من أحاطوه باستعداد وأيقن أن الهجوم خير وسيلة للدفاع
التفوا حوله وبينهم إيثان الذي كان يبحث عن مسدسه وعندما وجده كان قد انتهى الطلق منه
أيهم بابتسامة: فاكر نهايتي هتكون قريبة كده؟؟ متخلقش لسه اللي يفكر يلعب معايا ويطلع كسبان .. سوري ذكاءك موضحلكش ان دي ممكن تفوتني؟؟؟!
الكل اتلم حوليه بيحاولوا يصيبوه بخدش بس هو مكنش سايب لحد الفرصة لكمة كانت هتصيب وشه فمسك ايد الراجل اللي بدأ يصرخ من الألم وضغط عليها فوق كتفه فدراعه اتكسر فجأة رفعه أيهم ولفه بالهواء ثم ألقاه بعيدا يأخذ بوجهه كل من معه فسقط جميعهم على الأرض بعد اصتدام رؤوسهم بالحائط من خلفهم .. دفعوا الشاب وهبوا بالوقوف مرة أخرى.. حرك إيثان رأسه مزمجرا بغضب .. استطاع رجال إيثان تقييد حركة التنين فكانت حركاته عشوائية حتى يستطيع الفكاك من بين أيديهم؛ تقابلت أعينه التي احمرت وأصبحت تخرج لهبا كاللافا تعلن له بقرب نهايته فها هو يلعب مع التنين؛ ركل إيثان أيهم ركلة قوية جعلته يترنح يمينا ويسارا كالذي فقد صوابه من قوة الضربة
تركه الرجال الذين كانوا يقيدوه فوقع على ركبتيه ينظر للفراغ والدم يسيل من فمه وضحكات إيثان ورجاله الساخره تلاحق أذنيه
رفع إيثان رجله ليضرب أيهم ولكن وجد شيء من حديد يعوقه لفعل هذا .. رفع أيهم يده ممسكا برجله يسحبه فوقع على رأسه الذي فر الدم منه؛ مسح أيهم أنفه بشراسة.. ثم وقع عليه يبرحه ضربا .. مرة أخرى استطاع النهوض وكان لديه القدرة على مقاتلته مقاتلة مستميتة
الشجار بينهم كان صعب جدا لدرجة أن أيهم اتعلق في شباك وراه اتكسر وكان فاضل فيه الخشب بس وبيتلقى ضربات إيثان بكوعه متفاديا إياها بحركات التايكوندو؛ دفعه برجله فإيثان وقع وأيهم بص من الشباك وبعدها من غير تفكير قفز منه
الموساد كله اتقلب رأسا على عقب وبدأت الشرطة الإسرائيلية تنتشر في الشوارع والكل بيدور على أيهم والتوتر خيم على الكل
قائد إيثان: إذا كانت غايته هو زوجتك فلترسلها معه نحن لا نريدها؛ يجب عليك العثور عليه بأي ثمن؛ إلا الحقيبة
إيثان بصراخ: لن أسمح بذهابها معه أبدا؛ سأجده ولو سأحفر الأرض
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
عندما قفز أيهم من الشباك كان تحته حائط تسلقه بمهارة والقوات المصرية التي كانت تنتظره اشتبكت مع القوات الإسرائيلية وأيهم قدر يهرب بس للأسف الشديد إيثان كمان قدر يوصله
مهما كان شجاع بس الكثرة تغلب الشجاعة زي ما المثل بيقول.. كتفوه واخدوه لمكان ضلمه جدا وربطوه في كرسي مزود بأخطر أجهزة التعذيب
رفع المدير وجهه بيأس وهو بيتنهد وباقي الضباط قلوبهم وقفت عن النبض بيتفرجوا وبس.. بيتفرجوا على النهاية الحزينة لقائدهم اللي خلاص أكيد مش هينجو؛ بيتفرجوا على الاشتباكات المدمرة اللي شغاله أدام عنيهم .. والدنيا اللي بقت شبه خرابة
إيثان: عايز ايه يا أيهم؟!
أيهم ببرود: روحك
إيثان بقهقة وضحك ساخر: يعجبني فيك عدم انكسارك ده؛ لكن ايه رأيك في موقفك دلوقتي؟ يسمحلك تكون بارد كده؟
أيهم: وموقفك دلوقتي وانت خايف مني ايه؟؟
إيثان: عايز ايه؟؟
أيهم: غزل + الشنطة الدبلوماسية !
احمرت أعين إيثان بحمرة الغضب فاقترب منه وتقابل وجههم ونظراتهم المتحدية: ده بعدك... وغزل مبسوطه معايا وهتفضل معايا العمر كله فاااااهم؟؟
أيهم بضحك: مش فاهم
إيثان بغضب وقد كانت عيونه تشع جحيم: وديت الشنطة فين؟!
أيهم بصدمة حقيقة أتقنها ببراعة: ايه؟ أنا لسه بقولك عايزها؟! سألتني لقيت اللي بتدور عليه قولتلك لأ !! يبقى ايه؟
إيثان: مش ناوي تعترف مش كدا؟ أنا هخليك تعترف
يُغزر الطرف الأول لهذه الاداة تحت الذقن، بينما يغرز الطرف الثاني تحت الرقبة و يثبّت أعلى القفص الصدري و يُربط الحزام الجلدي حول الرقبة بإحكام وذلك حتّى يشلّ رأسه يمنعه من الحركة ويبقى يئنّ تحت وطأة الألم الشديد.
وبعد وقت طويل جدا مر عليه وهم مستمرين في تعذيبه هو ساكت ومش بينطق بحرف واحد يكون كمعلومة ليهم وسكوته ده مجنن إيثان لحد ما بدأ يموت فكده لا مفر هيخسره وده بالضبط اللي هو مش عايزو يحصل.. مجموعه من الضباط المصريين المنتشرين في إسرائيل لحمايته بس وقت دخوله الموساد مثلوا أنهم إسرائيليين واخدوا أيهم خرجوه .. فوقوه من الغيبوبة اللي صابته
أحد الضباط بتعلثم وارتباك شديد مش عارف يعمل ايه مع واحد زي أيهم في رتبته ومركزه: سيادة المقدم حضرتك بخير؟!
بيفتح عيونه ويرجع يغمضهم بتعب وبيكح جامد.. كأنه بيلفظ أنفاسه..، سحب الحقن اللي في ايده والمحاليل اللي متعلقاله: احمي ضهري..؛ لازم أخرج فورا
الضابط بخوف عليه: سعادتك...
أيهم بمقاطعة وجمود ولهجته الجافة كانت شبه مميته: مفهوم؟
الضابط باستسلام: أمر سيادتك
الضابط أمنه لحد ما خرج وهو بسرعة راح لغزل اللي كانت كاشه وقاعده على الأرض ضامه رجليها لصدرها كجنين ببطن أمه ودموعها بتنزل برعب
ضمها لحضنه جامد: غزل اهدي؛ حبيبي متخافيش !!
غزل ببكاء هستيري: ابعد عني.. ابعد عني متلمسنيش
ريح رأسها على صدره وهمسلها بعشق: غزل انا أيهم ! متخافيش يا قلبي هنرجع مصر خلاص
غزل بتعب ويأس: بجد يا أيهم؟؟
أيهم بعد ورفع وشها بأطراف أصابعه: طبعا يا قلب أيهم
خرجها من المكان المشئوم ده من باب سري في غرفة مخزن في شقة الوغد المدعو إيثان !
أيهم: اهربي يا غزل ومهما تشوفي ادامك متوقفيش أبدا؛ عربية سكودا لونها بني هتوقفلك بعدما توصلي عند الكوبري اللي قبل وكالة مونيكا اوك؟ اهربي يا غزل متنتظرينيش
عقلها رفض يصدق آخر كلامه ده معناه ايه؟ أنه مش هيرجع معاها؟!: لاااااا اوعى تسيبني.. لو مش هترجع معايا هموت هنا معاك
أيهم: عدي هيكون في انتظارك على الحدود وقت وصولك..؛ امشي يا غزل
غزل بصراخ وبكاء هستيري: مش هسيبك أبدا؛ فاهم؟؟
أيهم: انتي عارفه اني بحبك صح؟ يلا اسمعي الكلام؛ خليني مره واحده أحس إنك بتحبيني ولو بتحبيني بجد اسمعي كلامي
أقنعها وخلاها تنزل وهي حاسه من جواها أنها خلاص خسرته؛ خسرت حبيبها للأبد
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
فعلا ركبت العربية والضابط اللي كان مع أيهم خرجها من مكان سري بس للأسف هيروحوا فين من العقربة اللي كانت بترصد حركاتهم؟!
استغل حالة الفوضى وتمم مهمته وعمل اللي سبق وقال عليه لمديره خلاه يتنفض من الرعب
طيارتين بدون طيار استغلهم... وجههم ناحية أعلى برجين من أبراج إسرائيل اللي كل واحد فيهم ارتفاعه حوالي 178 متر.. سبب دمار شامل وثورة توتر ورعب دبها في أوصالهم
وهو واقف بيراقب انهيار البرجين من بعيد بصمت وابتسامته مش بتفارق وشه .. أرواح بريئة ومش بريئة ماتوا جوا الأبراج اللي اتهدت دي بسبب درجات الحرارة اللي ذبلت الحديد... فخسفت بهم الأرض
الموساد كله بيصرخ والبلد وقفت على قدم وساق والانفجار اللي حصل بعد كده زاد رعبهم.. هو مشي كأنه معملش حاجه؛ وصل المكان اللي هيتجمع فيه مع تلاميذه وأصحابه علشان يخرجوا من البلد غزل كانت قاعده على جنب لحد ما حد همس لها فصرخت لما لقيته إيثان !!!
إيثان بابتسامة: كنتي فاكره اني مش هعرف اوصلك؟!
صوت صفارة صدرت من أحدهم فالتفت إيثان لمصدر الصوت فأتته ركله قدم حديدية أطرحت به أرضا
سرعان ما هب واقفا متصيدا مسدسه موجها إياه على أيهم الذي لف قبضته بسلسلة حديد ودارت بينهم معركة عنيفة حتى استطاع أيهم ربطه جيدا بالسلسلة التي كانت بيده فلم يعد يستطيع التحرك
إيثان بتوسل ورعب: سيبني أعيش وسيبلي غزل واوعدك مش هقربلك تاني أبدا
أيهم ضربه بالبوكس في وشه: مش هتقربلي ومش هسيب غزل ومش هسيبك برضو... جذب إناء مليء بالبنزين وقام بإغراقه بأكمله ثم جلس على أطراف أصابع رجله يهمس له: قرب تعال اقولك سر؛ عارف الشنطة الدبلوماسية انا عملت فيها ايه؟! حرقتها ! زي ما هعمل فيك دلوقتي
إيثان بياخد نفسه بصعوبة: استفدت ايه؟
أيهم: اثبتلك انك حماااار.. عثرت على الشنطة وحولت كل الملفات اللي فيها على ده بص اتفرج؟... طلع ميكروفيلم وCD ايه رأيك بقى؟ ذكي أنا صح؟ استنى قبل ما تقول على الحياة يا رحمن يا رحيم ولو انك متعرفهمش... فتح جهاز يفرجه على حالة الفزع اللي سيطرت على إسرائيل كلها من الصغير حتى رئيس الدولة... والنيران الناشبه بكل جزء والبرجين وهم بيوقعوا واد ايه أعداد ضحايا الانفجار ده
أغلق اللابتوب ثم أشعل سيجارة سحب منها نفس واحد: كفاية اوي كده ... اشتعلت النيران تأكل به وغزل واقفه بتراقب الموقف بكل هدوء
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
خلاص رجعوا أرض الوطن العربي الحبيب.. عادوا لمصر العربية الإسلامية بسيارة عبرت بهم الحدود ومن ثم إلى بلدهم
أيهم: حمدا لله على سلامتك
غزل لحد هنا وكفاية.. هو بيستظرف وانا معدتش مستحمله استظرافه الزايد عن اللزوم فمسكت ياقة قميصه وقربته ليها بغيظ: احنا هنتجوز النهاردا فاهم؟ ومش بمزاجك؟ وهنتجوز في السفارة زي الأجانب !
انفجر أيهم ضاحك بهستيريا ثم غفلة حملها على ظهره فكانت رجليها تحيط خصره من الخلف